![]() |
#1 | ||
مساعد للمدير العام ومستشار للمنتدى
![]() |
![]() لا تَأْسَفَنَّ عَلَى الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا
فَالمَوْتُ لا شَكَّ يُفْنِينَا وَيُفْنِيهَا وَمَنْ يَكُنْ هَمُّهُ الدُّنْيَا لِيَجْمَعَهَا فَسَوْفَ يَوْمًا عَلَى رُغْمٍ يُخَلِّيهَا لا تَشْبَعُ النَّفْسُ مِنْ دُنْيَا تُجَمِّعُهَا وَبُلَغَةٌ مِنْ قِوَامِ العِيْشِ تَكْفِيهَا اعمل لِدَارِ البَقَا رِضْوَانُ خَازنُهَا الجَارُ أحْمَدُ والرَّحْمَنُ بَانِيهَا أَرْضٌ لَهَا ذَهَبٌ والمِسْكُ طِينَتُهَا وَالزَّعْفَرانُ حَشِيشٌ نَابِتٌ فِيهَا أَنْهَارُهَا لَبَنٌ محْضَّ وَمِنْ عَسَلٍ والخَمْرُ يَجْرِي رَحِيقًا في مَجَارِيهَا وَالطَّيْرُ تَجْرِي عَلَى الأَغْصَانِ عَاكِفَةً تُسَبِّحُ اللهَ جَهْرًا في مَغَانِيهَا مَنْ يَشْتَرِي قُبَّةً في العَدْنِ عَالِيةً في ظَلِّ طُوبى رَفِيعَاتٍ مَبَانِيهَا دَلّالُهَا المُصْطَفَى واللهُ بَائِعُهَا وَجِبْرَئِيل يُنَادِي في نَوَاحِيهَا مَنْ يَشْتَرِي الدَّارِ في الفِرْدَوْسِ يَعْمُرَهَا بِرَكْعَةٍ في ظَلامِ اللَّيْلِ يُخْفِيهَا أَو سَدِّ جَوْعَةِ مِسْكِينٍ بِشِبْعَتِهِ في يَوْم مَسْغَبَةٍ عَمَّ الغَلا فِيهَا النَّفْسُ تَطْمَعُ في الدُّنْيَا وَقَدْ عَلِمَتْ أَنَّ السَّلامَةَ مِنْهَا تَرْكُ مَا فِيهَا وَاللهِ لَو قَنِعَتْ نَفْسِي بِمَا رُزِقَتْ مِنَ المَعِيشَةِ إِلاّ كَانَ يَكْفِيهَا وَالله واللهِ أَيْمَانٌ مُكَرَّرَةٌ ثَلاثَةٌ عَنْ يَمِينٍ بَعْدَ ثَانِيهَا لَوْ أَنْ في صَخْرَةٍ صَمَّا مُلَمْلَمَةٍ في البَحْر رَاسِيَةٌ مِلْسٌ نَوَاحِيهَا رِزْقًا لِعَبْدٍ بَرَاهَا اللهُ لانْفَلَقَتْ حَتَّى تُؤدِّي إِلَيْهِ كُلَّ مَا فِيهَا أَوْ كَانَ فَوْقَ طِباقِ السَّبْعِ مَسْلَكُهَا لَسَهَّلَ اللهُ في المَرْقَى مَرَاقِيهَا حَتَّى يَنَال الذِي في اللَّوحِ خُطَّ لَهُ فَإِنْ أَتَتْهُ وإِلاّ سَوْفَ يَأْتِيهَا أَمْوَالُنَا لِذَوِي المِيرَاثِ نَجْمَعُهَا وَدَارُنا لِخَرَاِب البُومِ نَبْنِيهَا لا دَارَ لِلْمَرْءِ بَعْدَ المَوتِ يَسْكُنُهَا إِلا التي كانَ قَبْلَ المَوْتِ يَبْنِيهَا فَمَنْ بَنَاهَا بِخَيْر طَابَ مَسْكَنُهُ وَمَنْ بَنَاهَا بِشرِّ خَابَ بِانِيهَا وَالنَّاسُ كَالحَبِّ والدُّنْيَا رَحَا نَصُبِتْ لِلْعَالمِينَ وَكفُّ المَوْتِ يُلْهِيهَا فَلا الإِقَامَةُ تُنْجِي النَّفْسَ مِنْ تَلَفٍ وَلا الفِرَارُ مِنَ الأَحْدَاثِ يُنجِيهَا ولِلنُّفُوسِ وَإَن كَانَتْ عَلَى وَجَلٍ مِن المنية آمَالٌ تُقَوِّيهَا فَالمَرْء يَبْسُطُهَا والدَّهْرُ يَقْبِضُهَا وَالبِشْرُ يَنْشُرهَا وَالمَوْتُ يَطْوِيهَا وَكُلُّ نَفْسٍ لَهَا زَوْرٌ يُصَبِّحُهَّا مِنَ المَنِيَّةِ يَوْمًا أَوْ يُمَسِّيهَا تِلْكَ المَنَازِلُ في الآفَاقِ خَاوِيَةٌ أَضْحَتْ خَرَابًا وَذَاقَ المَوْتَ بَانِيهَا كَمْ مِن عَزيزٍ سَيَلْقَى بَعد عِزّته ذُلاً وضَاحِكَةٍ يَوْمًا سَيُبْكِيهَا وَلِلْمَنَايَا تُرَبِّي كُلُّ مُرضِعَةٍ وَلِلْحِسَاب بَرَى الأَرْواحَ بارِيهَا لا تَبْرَحُ النَّفْسُ تَنْعَى وهي سَالمةٌ حَتَّى يَقُومَ بِنَادِ القَومِ نَاعِيهَا وَلَنْ تَزَالَ طِوَالَ الدَّهْرِ ظَاعِنَةً حَتَّى تُقِيْمَ بِوَادٍ غَيْرِ وَادِيهَا أَيْنَ المُلوكُ الَّتِي عَنْ حَظِّهَا غَفَلَتْ حَتَّى سَقَاهَا بِكَأسِ المَوْتِ سَاقِيهَا أَفْنَى القُرونَ وَأَفْنَى كُلَّ ذِي عُمُرٍ كَذَلِكَ المَوتُ يُفْنِي كُلَّ مَا فِيهَا فَالمَوتُ أَحْدَقَ بِالدُّنْيَا وَزُخْرُفِهَا وَالنَّاسُ في غَفْلَةٍ عَنْ كُلَّ مَا فِيهَا لَوْ أَنَّهَا عَقَلَتَ مَاذَا يُرَادُ بِهَا مَا طَابَ عَيْشٌ لَهَا يَوْمًا وَيُلْهِيهَا تَجْني الثَمَارَ غَدًا في دَارِ مَكْرُمَةٍ لا مَنَّ فِيهَا وَلا التَّكْدِيرُ يَأْتِيهَا فِيهَا نَعِيمٌ مُقِيمٌ دَائِمًا أَبَدًا بِلا انْقِطَاعٍ وَلا مَن يُدَانِيهَا الأُذْنُ وَالعَيْنُ لَمْ تَسْمَعْ وَلَمْ تَرَهُ وَلَمْ يَدْر في قُلُوبِ الخَلْقِ مَا فِيهَا فَيَا لَهَا مِنْ كَرَامَاتٍ إِذَا حَصَلَتْ وَيَا لَهَا مِنْ نُفُوسِ سَوْفَ تَحْوِيهَا وَهَذِهِ الدَّارُ لا تَغْرُرْكَ زَهْرَتُهَا فَعَنْ قَرِيْبٍ تَرَى مُعْجِبكَ ذَاوِيهَا فَارْبَأ بنَفْسُكَ لا يَخْدَعكَ لامِعُهَا مِنَ الزَّخَارِفِ وَاحْذَرْ مِنْ دَوَاهِيهَا خَدَّاعَةٌ لَمْ تَدُمْ يَوْمًا عَلَى أَحَدٍ وَلا اسْتَقَرَّتْ عَلَى حَالٍ لَيَالِيهَا فَانْظُرْ وَفَكِّرْ فَكَمْ غَرَّتْ ذَوي طَيَشٍ وَكَمْ أَصَابَتْ بِسَهْم المَوْتِ أَهْلِيهَا اعْتَزَّ قَارُون في دُنْيَاهُ مِنْ سَفَهٍ وَكَانَ مِنْ خَمْرِهَا يَا قَوْمُ ذَاتِيهَا يَبِيْتُ لَيْلَتَهُ سَهْرَانَ مُنْشَغِلاً في أَمْرِ أَمْوَالِهِ في الهَمِّ يَفْدِيهَا وَفي النَّهَارِ لَقَدْ كَانَتْ مُصِيبَتُهُ تَحُزُّ في قَلْبِه حَزًّا فَيُخْفِيهَا فَمَا اسْتَقَامَتْ لَهُ الدُّنْيَا وَلا قَبِلتْ مِنْهُ الودَادَ وَلَمْ تَرْحَمْ مُجِبِّيهَا ثُمَّ الصَّلاةُ عَلَى المَعْصُومِ سَيِّدِنَا أَزْكَى البَرِّيةِ دَانِيهَا وَقَاصِيهَا إبراهيم بن العباس الصولي
|
||
![]() |
![]() |
|
|