من لا يشكر الناس لا يشكر الله
الكاتب/صالح محمود عبدالله
هناك نوع من المجتمعات، تتأصَّل فيها جذور القيم والفضائل، من خلال العقيدة، وقوَّة الإيمان، فلا تزيدها الثَّروة إلَّا إقبالًا على الله، بمزيدٍ من فعل الخير، والسَّعي له، وشكره على نعمه وآلائه.
وهذه الظَّاهرة نراها ونلتمسها -بفضل من الله وكرمه- لأهل هذه البلاد المباركة (حكومةً وشعبًا) الذين يجودون بالإحسان سرًّا، ساقني لهذه المقدِّمة ما حصل لي، حيث تعرَّضتُ لوعكةٍ صحيَّةٍ نُقلتُ على إثرها لمستشفي الملك فهد بجدَّة، ذلك الصَّرح العظيم، رغم مرور 40 عامًا على تأسيسة -بفضل من الله تعالى وجهد القائمين من وزارة الصحة- يقف شامخًا كالطَّود الأشمِّ، وما أنْ وطئِت قدماي المبنى إذا بي محاطٌ بكتيبةٍ من الجيش الأبيض، الكلُّ يعمل بهمَّة ونشاط وابتسامة تعلو الوجوه، هذا يسحبُ عيِّنات من الدَّم، وتلك تغرسُ المحلولَ الوريديَّ، وآخر يضعُ كمَّامة الأوكسجين في الأنف، أحد عشر يومًا وأنا محاطٌ بقوَّة من الجيش الأبيض، متسلِّحين بالعلم والقيم والمُثل والأخلاق، تقودهم أركان حربهم الدكتورة حورية اخصائيَّة الصدر والباطنيَّة، إنسانة خلوقة مثابرة، تحبُّ عملها، لا تترك صغيرةً أو كبيرةً إلَّا مستفسرة عنها، ويوم أمس سقطتْ منِّي دمعةٌ حثيثةٌ عندما أخبرتني إحدى كريماتي أنَّها تلقَّت اتِّصالًا من الدكتورة حورية للاطمئنان عن أحوالي، هنا تجسَّدت الإنسانيَّة في أسمى معانيها، وهذا الموقف أكَّد لي أنَّ النَّاس معادنٌ، وأنَّ الذَّهب بأصالته لا يمكن أن يتحوَّل إلى صفيحٍ، وإنَّما يظلُّ دائمًا ذهبًا، شكرًا إدارةً وعاملِينَ وكلَّ أركانِ حربِ مستشفى الملكِ فهد، وحكومة وشعب المملكة العربيَّة السعوديَّة لوقفتكم الكريمة مع أشقائكم السُّودانيِّين، ونسأل اللهَ -سبحانه وتعالى- أنْ يكونَ حبلُ الودِّ موصولًا بيننا، مادام الودُّ باقيًا في نفوس النَّاس.