بـوح الـقـصيد للشعراء الأعضاء يختص بالشعر الغير منقول للاعضاء المسجلين |
|
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع | انواع عرض الموضوع |
03-14-2024, 01:26 AM | #1 |
|
شعر الكسرات في مجتمع المدينة المنورة
شعر الكسرات في مجتمع المدينة المنورة أخذ من المدينة تقاليدها ومن البادية لهجتها فجمع الرقة والعذوبة وجزالة الصحراء الكاتب/ عبد الرحيم الأحمدي الكسرة شعر شعبي ظهر بهذا المسمى في قرى الحجاز فيما بين مكة المكرمة والمدينة المنورة، وأعتقد أنه تقليد ومحاكاة لما كان سائداً بين شعراء المدينة المنورة في مراسلاتهم وحواراتهم الشعرية التي كانوا يتبادلونها في الشكوى والمداعبة والدعوات للمناسبات الاجتماعية، والتي يغلب عليها الايجاز والتكثيف ولا تتجاوز البيتين، وهذا اللون الشعري معروف بالرباعيات وشعر البيتين «الدوبيت» منذ العصور القديمة، وسمي رباعيات لقيامه على أربعة أركان من صدري البيتين وعجزيهما، كما سمي مثنيات لتشكله من بيتين. وشعر الكسرة يأخذ من المدينة تقاليدها ومن البادية لهجتها فجاء بين رقة المدينة وعذوبة القرية وجزالة الصحراء. وعرف في القرية بشعر النخبة لدقة إبداعه. ونتيجة للتواصل بين المدينة والقرية من خلال الزوار والجمّالة والمتوسمين والعمالة القروية التي يستعين بها أهل البساتين والمزارع في المدينة المنورة، فوجد قبولاً حسناً من المجتمع الأدبي المدني لاجتماعية هذا اللون الشعري وظرفه وطرافته ودقة بنائه الفني ومناسبته للحوار والمداعبة، وبه ردت إلى شعراء المدينة بضاعتهم في ثوب لا يخضع لقواعد النحو مع احتفاظه بفنية الشعر وخصائص رباعياته ومثنياته. ولما كان أعيان المدينة يمتلكون مزارع وبساتين يقضون بها أيام الاعياد والاجازات، ويتخذون بها جزءاً لسكنهم أو لأوقات راحتهم، فيه من وسائل الراحة ما يميزهم ويشجعهم على المباهاة به ودعوة ضيوفهم وأصدقائهم لمجالسهم هناك. ويكلون خدمة هذه المزارع أو العزب، كما يسميها المصريون إلى عمالة محلية، ويبيعون الفائض عن حاجتهم من انتاجها. وفي هذا الجو الاجتماعي الجميل يتلذذون بثقافة القرية التي تجلبها العمالة والمتوسمون بشراء ثمر النخيل إلى هؤلاء الأعيان فتردد الكسرة غناء في أعناق النخيل من خلال خدمته عبر مراحل تطور ثمره إلى يوم جناه أو جذاذه (حصاده). وكانت المتعة بأحاديث القرويين محاكاة لما كان بين البصريين والكوفيين في علاقتهم بالبادية، هكذا يعتقد هؤلاء الأعيان. وفي مقالة لرائد من رواد الأدب السعودي الأديب عبدالحق نقشبندي في «الأعمال الكاملة له» التي أصدرها الوجيه الرائد في تكريم المثقفين الشيخ عبدالمقصود خوجة، ضمن مشروعه الرائد لخدمة الأدب والثقافة، يتحدث النقشبندي رحمه الله عن مجالس السمر في المدينة المنورة واهتمامها بالكسرة.. وأكثر ما تكون هذه المجالس في ظلال النخيل والليمون أو العرائش الظليلة بين زهور الورد والفل والياسمين والفاغية (زهر الحناء). وفي المقالة تأريخ لقيام الاندية الأدبية شبه الرسمية والخاصة، فكان لكل عاشق للأدب منتدى خاص يستضيف فيه أصدقاءه يتسامرون فيه ويتناولون فيه كثيراً من شؤون الحياة ويستمعون إلى بديع الشعر ويتطارحون الحوار فيه. وفي هذه المنتديات يمتزج الجد بما يروح عن النفس من الطرائف والشعر وبخاصة الغزل الذي منه: يا سِيد زاد الحلا نونك وَيْش السواد الذي في العين؟ يوم اسمع الناس يطرونك تجري دموعي على الخدين وكلمة سيد: سيد. نونك: إنسان العين أو الحدقة. يطرونك: يذكرونك. وقولهم: لا يا زَهَرْ لِيم جيتك ضَيْف كُبْ الجفا لا تجيب اعذار جسمي نَحَلْ والعضا وقَّيْف والقلب لولا ضلوعي طار. نحل: ضعف. العضا: (الأعضاء) الهيكل العظمي. وقيف: واقفة ثابتة. والليم من الحمضيات ذات الزهور العبقة. كب اترك. هذا مما يطرح في مجالسهم من كسرات قروية لا يعرف شعراؤها. أما ما أبدعه معاصروهم فيذكر النقشبندي كسرة للشاعر موسى النخلي وهو من أهل المدينة المزارعين: بين النّصَيْري وابو جيدان غزال يمشي على هونه ضرب فوادي برمش اعيان يا رب تحميه وتصونه النصيري وابوجيدان: مزرعتان متجاورتان ومتقابلتان. وتحديد المكان ربما يفصح عن الغزال المعني عند السمار. وسمعه الشريف ماجد من أشراف بني حسين فأعجب بالكسرة لتأدبها وتشكيلها المهذب فقال: موسى تَهيَّضْ من اللي شاف وانا تهيَّضْت من كَسْرة ربَّك خلقنا من الأشراف ما حَطْ في قلوبنا حَسْرة وانصراف الشريف عن الغزال إلى الكسرة إشادة بالشاعر وغزله وتجرد من الغزل. وكلمة تهيض تعني أثاره جمال الغزال. وحط حسرة: وضع أسى، أي أغنانا. ومن المساجلات الشعرية التي جرت بين رواد المنتدى قول الشاعر سليمان يخاطب الشاعر محمد القين: يا القَيْن دَوِّرْ لنا رَهْوان العربجي باع فَيْتونه أبغى اتمشّى على البستان واشاهد الخوخ في غصونه وكانت الدواب هي وسائل المواصلات بين داخل المدينه وأطرافها، ورهوان من هذه الوسائل. وكانت المزارع تخدم بواسطة مزارعين من قرى المدينة يقيمون وأهلهم في المزارع وقد شغل الشاعر بمن يشتاق لرؤيته هناك فاشتكى إلى صديقه القين الذي حذره من هذا الاهتمام بالكسرة التالية: أخاف إن رحت يا سليمان اللي بَغَيْتَه يدسّونه ويدخّلونك مع البقران والغَرْب فوقك يشدّونه والبقران عليها يشد الغرب (الدلو الكبير) لاستخراج الماء من الآبار بواسطة السواني. وهي دعابة أخوية مثل التصريح بما يهوى سليمان، وكل ذلك من نوافل الشعر ومداعبات الأصدقاء. لكن في ذلك مضامِن لقيم اجتماعية حدثت عبر التأريخ الاجتماعي للعلاقة بين البادية والحاضرة. ويقول الشريف ماجد أيضا مخاطباً جار الله الحيدري ومحمد القين وكلاهما مبدعان في شعر الكسرة: حلّفتكم بالولي يا اثنين وايضا أوكّد بجاه الله المعرفة حزتها يا القين والا انتحت يم جار الله؟ وقد أجابه محمد القين المتوفى عام 1338ه قائلا: أما أنا كل فعلي زين والميز في روس خلق الله ورفَيِّقى مبحلق العينين يحكي على ما هداه الله ومن كسراتهم محاورة بين الليم والليمون وهما من الحمضيات التي يستخدم الحجازيون أوراقها الغضة النامية، ويضعونها في أقداح الشاي لطيب نكهتها، فصوروا جزع الشجرتين في الشكوى والاجابة التاليتين: شكوى الليم: الليم يشكى على الليمون قطف النوامي سَقَمْ حالي العود مبري وانا المسقوم يا رب تشفق على حالي وكثير من الشعراء لا يرى نشازاً بين النون والميم في القافية. إجابة الليمون كما وردت في المقالة: أجاب الليمون يا خالي تشكى من السقم يا خالي انا المقطوف منى الوف وتراني صابر على حالي ومن المؤكد أنها غير ذلك، ولكنه اجتهاد أديب غير ملم بفن الكسرة. وعلى العموم فإن الطباق والجناس مما تتميز به الكسرة فالليم والليمون هنا غير من يشكو ومن يشكى إليه وكلاهما ضحية القطف، وتلك ضريبه الجمال. ويورد النقشبندي كسرة للشاعر القين ويذكر أنها آخر كسراته رحمه الله: يا اهل الهوى بعتكم قَسْمي ونزّلت سومه مع الدلال مسحت من دفتره اسمى ما بعد هذا المشيبِ خبال وهي من الكسرات التي تفصل بين حياتي الشبابة والانابة. كان المتفضل الأول بنقل هذه المقالة الأخ اللواء عبدالعزيز عبد ربه الحازمي نقلا عن مقابلة أجرتها مجلة المنهل مع الأديب الرائد، وزدت تأكداً من الكتاب المشار إليه من إصدارات الرائد الخوجة. ولما كان الشيء بالشيء يذكر فقد تلقيت منذ سنتين رسالة من الأخ إبراهيم القين فيها ترجمة للشاعر محمد القين رحمه الله ذاكرا فيها بعض كسرات القين وقصصه قد نتناولها مستقبلا، وأسرة القين من الأسر العريقة في المدينة المنورة. وأهل المدينة مغرمون بالكسرات وتخونهم حضريتهم في كتابتها لسيطرة لهجتهم الحضرية. |
03-14-2024, 03:01 PM | #2 | ||
مراقب عام وأداري للمنتديات
|
رد: شعر الكسرات في مجتمع المدينة المنورة
مشااركة رائعة
شكرا على مجهودك الطيب بارك الله فيك وفي عملك ودمت بخير
|
||
03-15-2024, 12:12 AM | #4 | ||
مشرف
|
رد: شعر الكسرات في مجتمع المدينة المنورة
شكرا على المشاركة والمتابعة
جزاك الله خيرا خالص تقديري لك
|
||
03-15-2024, 04:06 PM | #5 | ||
مشرفه عامه
|
رد: شعر الكسرات في مجتمع المدينة المنورة
شكرا على الطرح الرائع دام لنا عطائكم المميز تحياتي الوردية ... لكـ خالص احترامي
|
||
03-16-2024, 05:29 PM | #6 | ||
مشرف المنتدى الإسلامي
|
رد: شعر الكسرات في مجتمع المدينة المنورة
شكرا على المشاركة المميزة
اثابك الله الأجر واسعد قلبك في الدنيا والاخره دمت بحفظ الرحمن
|
||
03-18-2024, 12:28 AM | #7 | ||
مشرفة منتديات قبائل شمران
|
رد: شعر الكسرات في مجتمع المدينة المنورة
شكرا على المشاركة
تسلم يداك لاحرمنا الله من نورك قوافل التحايا لسموك
|
||
|
|