هنا الشعر الفصيح ومايتعلق به

أَموتُ وَلا تَدري وَأَنتَ قَتَلتَني
فَلا أَنا أُبديها وَلا أَنتَ تَعلَمُ

لِساني وَقَلبي يَكتُمانِ هَواكُمُ
وَلَكِنَّ دَمعي بِالهَوى يَتَكَلَّمُ

وَلَو لَم يَبُح دَمعي بِمَكنونِ حُبُّكُم
تَكَلَّمَ جِسمٌ بِالنُحولِ يُتَرجِمُ

.....

أشتاقُ روحكَ أن تجيءَ جواري
وتلفَّ روحي في ندى النوّارِ

وأنام في حضنِ النسيمِ بلهفتي
وأدور فيكَ بغابةِ الأقمارِ

فصباحكَ الورديِّ كحّلَ مُقلتي
في لونهِ فتزاحَمتْ أزهاري

أنا واحةُ الطِّيبِ البريءِ يشمُّني
مَن كـان يسكنُ عتمتي ونهاري

.....

أضللتَ عهدَك أم غفلتَ عن المُنى
أم كنتَ توهِمُني بألفِ خِلالِ

يا من ظننتُك في الدُجى قِنديلاً،ط
فإذا بك الظلماءُ في أقبالي

كم كنتُ أُؤثِركَ الرُّؤى وأُقِيمُها
أهدابُ قلبي فوقَها مِثلالي

ونسجتُ من حُلمي غطاءَ مودّتي
فمزقتَه بيديْكَ دونَ مِثالِ

ووهبتُ من ذاتي صفاءَ جوانحي
فجحدتَ حتى طيفَها المتعالي

ألمحتَني في خافقيكَ زَمانَنا
أم كنتَ تمزحُ تحتَ سترِ خيالِ

ما كنتُ أطلبُ في هواكَ مقابِلاً
يكفينيَ الصدقُ الجميلُ الحالي

لكنكَ اخترتَ الفُتورَ وسُقمَهُ
وأدرْتَ ظهركَ عن صدى آمالي

يا من نطقتَ بحبِّنا مُترنّماً
ثم ارتكبتَ الصمتَ كالأثقالِ

قد كنتُ أحسبُ أن قلبَكَ نازفٌ
فإذا بهِ حجرٌ بغيرِ زوالِ

.....

وتَغَيِّرَت مِنكَ الطَّباعُ ولَمْ تَعْدُ
تحنو عليَّ وَبِي تُحِس وتُشعُرُ

أنكرت ما بيني وبينك في الهوى
أو مِثْلَ ما بيني وبينك يُنكر

.....

إنّي أنا البحرُ والرُّبّانُ مَن رَكِبوا
سيولَدونَ غَداً أو يكبرونَ غَدا

سيزرعونَ بأرضِ الشامِ غَيْمتَهم
ويَقرؤونَ وُجوهَ السّادةِ الشُّهَدا

ويَقرؤون: هُنا كانوا، هُنا هَتَفوا
هُنا أُريقوا دَماً كَي يُزْهِروا بَردى

لا شيءَ يُشْبِهُ مَوتاً باذِخاً عَطِراً
لا شيءَ يُقلِقُ طاغوتاً كَأنْ تَلِدا

هذي السّلاسلُ لم يُضرَبْ لها زَرَدٌ
لو كانَ في الأرضِ مَن لا يَقْبَلُ الزَّرَدا

واللهِ ما حُمِدَ المولى بمثلِ دَمٍ
يُراقُ حَتّى تُرى حُرّاً ولا عُبِدا

.....

وأبحثُ عنّي رويدًا رويدًا
ويغلقُ دوني سبيلُ التمنّي

ولازلتُ جَلدًا أخوضُ الحياةَ
وكم كان سهلًا سبيلُ التجنّي

فأُجرحُ يومًا وأَفرحُ يومًا
وأُكسرُ يومًا ويومًا أغنّي

وكانت أغانيّ لحنًا خفيّا
رسائلَ حبٍّ إليّ ومنّي

.....

تنسَّمْتُ خَفْقًا في جُفونِ تجرَّدِي
فأنكرَهُ سِرُّ الزَّوالِ المُذابا

وخُضتُ على أهدابِ وهميَ فُلوَةً
تُعاقِرُ في دَهماءِ رؤيايَ بابا

تجافَتْ يدايَ المُشتهى فتوغَّلتْ
بأعماقِ ما لم يُستَشفَّ ارتيابا

أسائلُ فَتقَ الغَيبِ عن فتنةِ الصدى
فلا يَرشَفُ الإيماضُ غيرَ التِهابَا

تَعمّدتُ إرهاقيَ حتى إذا اعتلى
عُسَيْلُ الظِّلالِ استبقتُ احتجابا

فلم تبقَ منّي غيرُ أصداءِ نَفْسِها
تُذبذبُ أنفاسيَ في مَنحَنى غابا

وشَكَّلتُ من سُهدِ التماهي ملامحًا
رأيتُ بها مَن لا يُرى إذ غابا

كأني أُبَخِّرُ في فُؤادي طِلْسِمًا
يُوشِّحُ عينيَّ سُهادًا مُذابا

تَجَلّتْ فغابتْ لا لتَهوينِي ولكنْ
لِتَترُكني فِيّ بلايَ غِيابا

وخلَّتْ يديّ وما خلَّفتْ في دمي
سوى أثرٍ يُتلى ولا يُستتابا

.....

طرفٌ يراعي النَّجم وهو مؤرَّقُ
وجوًى تكادُ به الجوانح تُحْرَقُ

ومع الذين أودّهم لي في الدُّجى
عتب يرقّ وعبرة تترقرق

.....

وَتَسهَرُ اللَّيلَ الطَّوِيلَ جَمِيلَتي
والسُّهدُ في تِلكَ العُيُونِ يُقِيمُ

يا نَومُ لا تَهجُرْ سَوَادَ عُيُونِها
فعُيونُها للعَاشِقِينَ نَعِيمُ

.....

يَا مَنْ لِقَاؤُكَ كَالْبَدْرِ إِذَا ابْتَسَمَا
وَثَغْرُكَ الْعَذْبُ كَالْأَنْهَارِ إِذَا انْسَجَمَا

قَبَّلْتُ شَفَتَيْكَ فَازْدَادَ الْهَوَى وَهَجًا
كَالنَّارِ تَشْتَعِلُ فِي الْأَضْلَاعِ وَالْحُلُمَا

فِي لَحْظَةِ الْقُبْلَةِ الْأُولَى تَنَاهَى هَوَايَ
وَصَارَ قَلْبِي بِحُبِّكَ دَوْمًا مُغْتَرِمَا

يَا مَنْ قُبَلُكَ تَسْقِي الرُّوحَ مِنْ ظَمَئٍ
فَتُصْبِحُ النَّفْسُ فِي دُنْيَاكَ مُنْسَجِمَا

أَقْسَمْتُ بِالرَّبِّ رَبِّ الْعَرْشِ ذِي شَرَفٍ
مَا ذُقْتُ قَبْلَكَ فِي الْأَحْلَاسِ مُبْتَسَمَا

.....