هنا الشعر الفصيح ومايتعلق به

مَن لَم يَمتْ بالغَدْرِ ماتَ بِجُوعهِ
هيهاتَ أن يَروَى الفتى بِدُموعِهِ

فاظْمأ فَدَيْتُكَ ساعةً ثُم انفجِرْ
موتًا يَلُوذُ الهالكون بِرُوعِهِ

فالقَوْمُ مَوْتَى أن تَمُوتَ فيُبْعَثوا
مَدَدًا يَنُوءُ قِيامُه بِرُكوعِهِ

د. محمد جمال صقر

لَا مُستَراحَ هُنا فَالقلــــــبُ في أَلَـمٍ
والرّوحُ مِثْلُ جناحِ الطَّيْرِ مَقصوصَة

إنَّ السّـــــــــلامَ بِدارٍ ما بِها كَـــــدَرٌ
تِلكَ الجِنانُ بِهَذا الشِّعرِ مَخصوصَة


.......

ورائِحة الشَّوقِ عِندَ اللِّقاء
كَرائِحَة الأرض بَعد المَطَرْ

لأنَّ حَياة الثَّرى بَعضُ ماء
وَتَحْيا القُلوب بِبَعضِ البَشَرْ


.......

أيا صاحبي ما لي تجور وأعدلُ
وأبذل في وُدِّيك ما ليس يبذلُ
فمن مبلغ عنّي مقالًا يُنخّلُ

(لعمرك ما أدري وإنّي لأوجلُ
على أيّنا تعدو المنيّة أوّلُ)


عذيرُكَ مِن أمرٍ أتيتَ ولم أخلْ
وإنّي وإنْ كنتَ المُبادِئَ لم أزلْ
حريصًا على ودٍّ بريمٍ وإن سَحَلْ

(وإنّي أخوكَ الدّائمُ العهدِ لم أحُلْ
إن ابزاك خصم أو نبا بك منزلُ)

تغابيتُ حتّى قيلَ صِنوُ غباوةٍ
فلمّا تجلَّتْ قيلَ بدرُ عمايةٍ
وأنضيتُ سيفًا عن قديمِ نضاوةٍ

(أحاربُ مَن حاربتَ مِن ذي عداوةٍ
وَأحبِسُ ماليْ إن غَرِمتَ فأَعقِلُ)

ومِن كلّ هذا النّاس تعلمُ أنَّني
أخِفُّ لحاجاتِ الصّحيبِ ولا أَنِي
فألحَمْتَني نابَ الأُحَيْقِرِ والدَّنِي

(ستَقطعُ في الدُّنيا إذا ما قطعتَني
يمينَكَ، فَانظرْ أيَّ كَفٍّ تَبَدَّلُ!)

فَما أنا بالمحزونِ إن شطَّ خاذلٌ
وإن كنتَ لا تدري فإنّكَ جاهلٌ
وليسَ بحبلٍ يا جهول، حبائلٌ

(وفي النّاس إن رثّتْ حبالكَ واصلٌ
وفي الأرض عن دارِ القِلى مُتحوّلُ)

أحرتَ بما تجني أخًا قد هجرتَهُ
تكدّر وصلًا طاب كنتَ متحتَهُ
وغيّرتَ قلبًا مالَ لمّا خذلتهُ

(إذا أنتَ لم تنصفْ أخاك وجدتَه
على طرفِ الهجرانِ إن كان يعقلُ)

وكانَ نقيَّ القلبِ بَرًّا سليمهُ
يرقُّ وفاءً، كيف يقلي نديمهُ
فإلّا تَثُبْ يمحو الحديثُ قديمَهُ

(ويَركبُ حَدَّ السَّيفِ مِن أن تَضيمَهُ
إذا لم يكنْ عن شَفرةِ السَّيفِ مَزحَلُ)

فَراجعْ ودادًا ليسَ إلّا وقد نَفَدْ
فَكم رُمتُ أمرًا لا يُطالُ فَلَمْ أحِدْ
وكم رِمتُ عن أمرٍ عزيزٍ فَلَمْ أعُدْ

(إذا انصرفتْ نفسي عن الشّيءِ لم تَكَدْ
إليهِ بوجهٍ آخرَ الدّهرِ تُقبِلُ)".

امرُؤُ العَرَب

إِلامَ طَماعِيَةُ العاذِلِ
وَلا رَأيَ في الحُبِّ لِلعاقِلِ

يُرادُ مِنَ القَلبِ نِسيانُكُم
وَتَأبى الطِّباعُ عَلى النّاقِلِ

وَإِنّي لَأَعشَقُ مِن عِشقِكُم
نُحولي وَكُلَّ اِمرِئٍ ناحِلِ

وَلَو زُلتُمُ ثُمَّ لَم أَبكِكُم
بَكَيتُ عَلى حُبِّيَ الزّائِلِ

أَيُنكِرُ خَدّي دُموعي وَقَد
جَرَت مِنهُ في مَسلَكٍ سابِلِ

أَأَوَّلُ دَمعٍ جَرى فَوقَهُ
وَأَوَّلُ حُزنٍ عَلى راحِلِ!

وَهَبْتُ السُّلُوَّ لِمَن لامَني
وَبِتُّ مِنَ الشَّوقِ في شاغِلِ

كَأَنَّ الجُفونَ عَلى مُقلَتي
ثِيابٌ شُقِقنَ عَلى ثاكِلِ



المُتنبّي

على قَدْرِ طُهرِ القلبِ تأتي المواجعُ
وتجري على قَدْرِ النقاءِ المدامعُ

ويجني مَرارَ العَيشِ من عاش صادقاً
ويظفَرُ بالعيشِ الهنيءِ المُخادِعُ

ويرقى إلى العلياءِ مَن باعَ نفْسَهُ
وقادَتْهُ نحوَ المُخزِياتِ المَطامِعُ

أبا الطيِّبِ ائذَنْ لي بتحريفِ خاطرٍ
فإنَّ زماني كَدّرتْهُ الفواجِعُ



.......

مَحاك الرّدى مِن رأي عَيني وَما مَحا
خَيالَك مِن قَلبي وَذِكرك مِن فِكري

فَما أَنسَ مِن شيء وَإِن جَلَّ قدره
فَإِنَّكَ مِنّي ما حَييتُ عَلى ذِكرِ

رحلتَ وَخَلَّفتَ الَّذينَ تَرَكتَهُم
وَراءَكَ بالأَحزانِ وَالهَمِّ وَالفِكرِ


.......

غابوا ولكنني ما زلتُ أحفَظُهم
أحِبَّةً ليسَ في قلبي لهم بدلُ

أنا المُحِبُّ الذي بالعهدِ ملتزمٌ
أنا الوفيُّ لهم حتى وإنْ رحلوا


.......

وطيُوف أحبابي تمرّ بخاطري
‏والْقلْب من شجَنٍ بهِ يتَصدّعُ

‏يا ليت من غابوا سلونا بعدهم
‏أو ليت من نبكيه يوماً يَرجعُ


.......

صادقُ الإيمانِ يحذوهُ الأمل!
ثابتُ الأقدامِ بين الناعقين

يحملُ الأمجادَ في راحاته
شامخٌ رغم المآسي والأنين

يقرأُ الآياتِ في صمتِ الدُّجى
في خشوعِ العابدين الآمنين

باعَ دُنياهُ بجنَّاتِ العُلى
همُّه في الله لا في العالمين


.......