حكاية شنطة

نعرف النظام جيدا لكننا لانريد تطبيقه..فإذا ماوجدنا من يطبقه بالقوة اتبعنا النظام دون أدنى اعتراض, هذه مشكلتنا, فاقمها وجود دعوات لتغليب مبدأ النصح والتوعية!
قبل أيام كنت في رحلة خارج البلاد, وحينما ركبنا طائرة(السعودية) لفت انتباهي عدد من أفراد الطاقم يتوجهون إلى مؤخرة الطائرة ثم يعودون, يذهبون أفرادا ثم يعودون جماعة, يذهبون جماعة ثم يعودون أفرادا!!.
كانت هناك أشبه بطاولة مفاوضات مباشرة في الخلف, بدأ عدد المفاوضين يزداد, استمرت الحكاية ربع ساعة, أناس تذهب وأناس تعود, بعد قليل تغير نوع المفاوضين, تضمن وفد المفاوضات عدد من موظفي(السعودية) الأرضيين, كانوا كبارا في السن, اكتشفت أن المشكلة التي في المؤخرة تحتاج لمفاوضين ذوي خبرات قد لاتتوافر لدى غيرهم!
تأخر موعد الإقلاع نصف ساعة, خرج المفاوضون مرفوعي الرأس يكادون يلوحون بعلامة النصر, تأكدت لحظتها أن الوفد التفاوضي نجح في مهمته, تحركت الطائرة على المدرج, مرت جواري مضيفة حسناء ينطبق عليها قول الشاعر:" الله اللي عطاك وصورك بالجمال..فارقن بالبها والملح فرق بعيد"- سألتها عن الحكاية..فقالت أن هناك راكبا في الخلف رفض أن يضع شنطته في الأرفف المخصصة فوق المقاعد وكان يريد وضعها في الممر لكن استطاعوا(إقناعه) بأن ذلك خطر على الركاب وينبغي رفع الشنطة!
أوشكت الطائرة على الإقلاع حينما عاد السوبرفايزر من الخلف وتوجه إلى مقدمة الطائرة, لنفاجأ بقائد الطائرة يعلن أن الطائرة ستعود لإنزال الراكب الذي عاد ورفض اتباع التعليمات, عادت الطائرة وتوقفت وصعد المفاوضون مجددا, وبعد مضي خمسين دقيقة خرجوا وأغلقوا أبواب الطائرة ولم ينزل الراكب!!
مرت جواري"المملوحة"وسألتها فقالت إن الراكب اقتنع أخيرا ورفع الشنطة!
الخلاصة:والله لوكان هناك نظام صارم لما تجرأ الراكب على تأخير رحلة دولية أكثر من خمسين دقيقة, لكنه يدرك أن الأمور"حط بالخرج", انظروا كيف يتحول هذا وأمثاله إلى مايشبه الأرانب حينما يستقلون رحلات الخطوط الأجنبية.


(منقول) الكاتب المميز صالح الشيحي
صحيفة الوطن