المعلم , موزع الجرائد ..

ذكرتني هذه القصة الواقعية في بغداد بالزعيم الأسطوري لسنغافورة لي كوان , الذي عندما سألوه عن سبب نهضة سنغافورة الخرافية قال :
السبب هو المعلم , فعندما منحناه حصانة السفير وراتب الوزير , انتج كل هذا في سنغافورة ..
طبعا الكل يعلم ان سنغافورة وصلت الى ما وصلت اليه دون ان تملك قطرة بترول واحدة ..!
ونعود الى القصة التي قرأتها وحدثت في بغداد , فبعد غياب طويل عن بغداد وعراق الرافدين حضر اليها طبيب القلب الشهير وكبير الإستشاريين في المستشفى الملكي بلندن , الدكتور ضياء كمال الدين من اجل حضور حفل تكريمه ..
وعند مدخل القاعة استوقفه منظر بائع جرائد كبير السن مفترشاً الرصيف من اجل بيع جرائده كما يفعل يوميا , اغلق الدكتور عينيه ثم فتحهما ليتذكر ملامح هذا الرجل العجوز المحفورة في ذهنه منذ الصغر , جرجر نفسه ودخل القاعة ثم جلس غير ان ذهنه بقي مع بائع الجرائد ، وعندما نودي على اسمه لدى حلول فقرة تقليده وسام الابداع قام من مكانه ، بيد انه لم يتوجه الى المنصة بل توجه الى خارج القاعة , راح الكل ينظر اليه في ذهول , اما هو فقد اقترب من بائع الصحف وتناول يده فسحب البائع يده وقد فوجئ وقال : عوفني يا ابني ماراح افرش هنا مرة اخرى ..!
رد عليه بصوت مخنوق : انت اصلاً ماراح تفرش مرة اخرى ، أرجوك بس تعال معي شوي ..!
ظل البائع يقاوم والدكتور يمسك بيده وهو يقوده الى داخل القاعة , تخلى البائع عن المقاومة وهو يرى عيون الدكتور تفيض بالدموع وقال : ما بك يا ابني ..؟
لم يتكلم الدكتور وواصل طريقه الى المنصة وهو ممسك بيد بائع الجرائد والكل ينظر اليه في دهشة ثم انخرط في موجة بكاء حارة واخذ يعانق الرجل ويقبل رأسه ويده ويقول : انت ما عرفتني يا استاذ "خليل " ..!!
قال : لا والله يا ابني العتب على النظر , فرد الدكتور وهو يكفكف دموعه :
انا تلميذك "ضياء كمال الدين" في الاعدادية المركزية فقد كنت الاول دائماً , وكنت انت من يشجعني ويتابعني , حتى وصلت الى ما وصلت له , ونظر الرجل الى الدكتور واحتضنه , تناول الدكتور الوسام وقلده للاستاذ وقال للحضور :
هؤلاء هم من يستحقون التكريم , والله ما ضعنا وتخلفنا وجهلنا إلا بعد إذلالنا لهم وإضاعة حقوقهم وعدم إحترامهم وتقديرهم بما يليق بمقامهم وبرسالتهم السامية ..!!!
هذا سيداتي , سادتي الاستاذ " خليل علي " احد فطاحلة اللغة في العراق ومن تخرج على يديه الاف الأطباء والمهندسين والمعلمين في العراق وخارجها ..
---------
قصة حقيقية فيها عبرة وفيها رد اعتبار لمن نذر نفسه لخلق جيل من العلماء والاطباء لخدمة المجتمع وليس لأولئك العابثين بمقدرات الشعوب ..!!!
قصة حقيقية تصور واقعاً عربياً مقيتاً , فإن أمة لا تقدر معلميها اقرأ عليها السلام ..!!!

الدكتور الفاضل عبد الله عسكري الشمراني
قصة قيمة رغم المرارة والالام الذي لا نستطيع بثها سوى بالتميز
رائع ماتقدموه من ابداع جميل
ننتظر المزيد منكم
لكم مودتي

يا سيدتي , لن ترتقي الأمة الا بتكريم من يستحق من شعبها , والا فسيتحولون الى ساكنين في الوطن بدلا من ان يكونون جزءا منه ..

الدكتور القدير عبد الله
المقال جد رائع وهو يحكي للاسف واقعنا المر نخجل احيانا من سماع هكذا وضعيات من الذي يعيشه المعلم
فهناك كثير من الكلام يقال بخصوص هذا الموضوع لكن سوف اقتصر على ان المعلم هو يمثل نهضة الوطن والاجيال الصاعدة
وهو منبع القيم والاخلاق والمعرفة في دور تنمية الابناء له الفضل طبعا في تقدم الامة والمجتمع
لذالك اقل شيئ في حقه هو ان يكون بعد تقاعده يتوفر على سكن مريح ومصدر للعيش حتى لايظطر للعمل من جديد في سن لايسمح له بذالك

تحياتي لك وتقديري على مقالكم الجميل
لكم كل الود وعبير الورد

قال أحمد شوقي:
قُم للمعلِّمِ وفِّهِ التَبجيلا
كادَ المعلِّمُ أَن يكونَ رَسولا
أَعَلِمتَ أَشرَفَ أَو أَجَلَّ مِنَ الَّذي
يَبني وَيُنشِئُ أَنفُساً وَعُقولا

شكرا استاذنا القدير عبد الله على طرحكم هذا المقال المفيد
ففضل المعلم كبير جدا ولايمكن تقييمه باي عمل اخر

حتى الأن سيدة ريحانه , لم نفهم دور المعلم ونعتقد انه مجرد موظف يؤدي وظيفة فقط لا غير , فضاع المعلم وضاع الطلاب بين هذا وذاك ..

صحيح اخي نسيم , ولكن هذا الفضل لا يدرك فقط مجتمعبا بل رسميا ايضا ..