زيارة بايدن ..

السلام عليكم ..

هذه قراءة سريعة موضوعية في زيارة السيد جوزيف بايدن للمنطقة ..

بايدن لم يكن ليزور المنطقة ومناطق نفوذ أمريكا الحصرية الا نتيجة لما يحدث من خلاف صغير جدا في أوكرانيا وما ربما ينتج عنه من تغيير جوهري في موازين القوى لصالح الشرق , روسيا والصين حتى لو على المدى البعيد , اذن لا بد من تحييد هذا الجزء من العالم عن الشرق ليكون جزءا من الغرب سياسيا واقتصاديا , بمعنى ان كل ما تنتجه هذه الدول من طاقة يجب ان يتجه الى الغرب حتى لو بأسعار اعلى من أسعار السوق , هذا هو محور الزيارة في هذا التوقيت ..

وبما ان هذه الزيارة للشرق الأوسط فلا يمكن تجاوز الولاية الأمريكية الصهيونية في المنطقة إسرائيل , هذا محال , ففي إسرائيل استمع لما يريدون واسمعهم ما يريدون بل وحقق لهم بعض ما يريدون , مثل التأكيد على يهودية النظام وضمان التفوق العسكري لهم على اعدائهم في الجوار وزاد على ذلك بأن امر بفتح الأجواء في جزيرة العرب كلها وليس في دولة واحدة امام الطيران الصهيوني , كما انه استجاب لطلبهم بأن يتم تأخير موضوع الجزر في رأس البحر الأحمر حتى يكتمل التطبيع ..

كما وحرص كثيرا على ترديد أسطوانة ايران وانها هي لوحدها بعبع الخليج وربما العرب متناسيا او متجاهلا ان إسرائيل هي الوحش الحقيقي والعدو الوحيد للخليج والعرب والمسلمين كلهم ..
زيارته لإسرائيل كما لاحظنا جميعا كانت حميمية وودية جدا وكان يتصرف وكأنه في داره , وعند انتهاء الزيارة لم يكن من اللائق لشخصية في حجم الرئيس الأمريكي ان يسافر الى جدة عن طريق دولة أخرى , هذا محال , فهذه أمريكا وهذا بايدن , فذهب مباشرة بعد ان تم تمهيد الأمور ببيان عن فتح الأجواء استنادا الى معاهدة شيكاغو عام 1944 م , وكأن هذه المعاهدة حدثت يوم امس ..!

زيارة بايدن لجدة , لم تكن جيدة تماما , فما تمكن من تحقيقه حققه قبل ان يصل الى جدة وبدون أي مشاورات ولا نقاشات وقد تحدثت عنه فيما سبق , إضافة طبعا الى وعد بزيادة انتاج النفط والغاز , وهذا يبدو انه سوف يحدث , وربما يحتاج الى نوع من التفاهم قبل تفعيله مع الصين وروسيا ..
ولكن ما فشل فيه كان واضحا جدا , فلم يتمكن من دمج إسرائيل في المنطقة ضد ايران وكان الرفض عاليا لأسباب هو يعرفها ونحن نعرفها , فإيران جزء من الإقليم ولا بد من التعايش معهم بسلام كضرورة وليس خيارا , بينما إسرائيل طارئة ومؤقتة في المنطقة , ولن تكون في يوم من الأيام جزء منها , لأنها دولة احتلال مؤقت وليست دولة استقرار دائم , كما انه لم يحصل على وعد قاطع بالتطبيع مع الكيان الصهيوني قبل حل الدولتين بموجب المبادرة العربية بخلاف ما كان يتردد على الأقل إعلاميا , كما ان ما سمعه من كل الحضور من التأكيد على محورية القضية الفلسطينية في وجدان الأمة لم يكن ليعجبه , بعد ان تجاهل هذا الأمر تماما في الدولة العبرية , وهو موقف جميل تجاوز حتى توقعاتنا نحن المراقبون عن بعد ..

وهناك نقطة أخيرة , لم يكن من الجيد ان يثيرها بايدن مع مضيفيه وهي ما تعلق بالشهيد جمال خاشقجي , وانا اعتقد انه من ابجديات الأدب الدبلوماسي ان لا يثير هذه القضية في مؤتمر صحفي عالمي تنقله شاشات العالم , ربما يكون السبب وعد انتخابي قاله في حملته الانتخابية ويريد ان يقول انه اوفى به , لقد كان باستطاعته ان يقول هذا خلف الكواليس وليس في العلن , خصوصا وان مضيفيه يؤكدون ان هذا الموضوع انتهى وتمت محاكمة الفاعلين , وهو يعلم هذا , وهذه حسب رأيي خطأ من السيد بايدن ..

عموما , زيارة بايدن لجدة لم تكن بذات الحميمية التي حدثت معه عند زيارته للكيان الصهيوني , وقد لاحظنا هذا في بعض لقطات الزيارة , فلننتظر ونرى نتائج الزيارة فعليا في المستقبل القريب ..