ابن ظافر والشيخين الشاعرين

كلمة حق أقولها في الشاعر / محمد بن ظافر
هذا الشاعر عاصرت توهجه وفترته الذهبية وهي تقريبا فترة مابين 1400 و1404 وكان ذا حضورا متألقا في بيشة مع عمالقة الشعر حينئذ وفي مقدمتهم الشاعرين الكبيرين / مسفر بن مريط ابو زوايد شيخ قبيلة المزايده أكلب والشيخ الشاعر العملاق الملقب ( أسد بيشة ) محمد بن شافي الأكلبي شيخ قبيلة الجياهين أكلب ببيشة وكانت الحفلات آنذاك منظمة بشكل رائع وكان محمد بن ظافر متألقا وعلى وئام مع هذين الشاعرين الكبيرين وكان الكل متألقا وكان الجمهور يشد الرحال لحفلاتهم وكانوا إذا واجهوا شعراء آخرين من القبائل الأخرى يتحاموا ويفحموهم ،وقدلحق بهم آنذاك الشاعر الكبير / مفلح بن منيس بن مثاعي المعاوي ، وأذكر أن جمهور العرضة في بيشة وخاصة في قبائل أكلب والمحلف كان يرحب بابن ظافر كثيرا ويبتهج برؤياه حيث يحضى بمنزلة عالية لديهم كرجل ؛ فضلا عن شعره وعن معزة قبيلة شمران ورفقتهم ولأن الكلام هنا عن ابن ظافر وليس عن شعراء أكلب فإن ابن ظافر كان سريع البديهة والإرتجال وكان مجيدا جدا لمذهب الشقر( الجناس التام) دون تكلف وتعسف وكان صاحب حضور وشخضية جذابه ومن سماة شعره الإرتفاع عن المهاترات وشذب القبائل..
لكنه يلجم الشاعر المقابل إذا ما أساء الأدب وهو رجل بصيط ومتواضع كما عرفنا عنه في تلك الحقبه وخفيف دم وظل لاتمل مجالسته ولا الحوار معه
وأضفى على شاعريته وشخصيته من العلم سربالا
لاشك أن إنقطاع ابن ظافر عن ساحة العرضة كان خسارة كبيرة كما خسرت الساحة بسبب إنقطاع ابن مريط وابن شافي ، إن هؤلاء الثلاثة هجروا ميدان العرضة لما سخف وأصبح جمهور العرضة غير منظم حيث ترى الردية تلو الردية ( المزيفه ) بشكل مزعج ويحول دون الإستمتاع بحلاوة رقصة العرضة وحكمة وبيان الشعر فالكل يتناقز زرافات زرافات ، كذلك هجرو ميدان العرضة عندما أقتحم هذا الميدان شعراء لايجيدون الفتل والنقض والمحاورة ويلجأون الى المهاترات والحماقات وابن ظافر والشيخين الشاعرين لايليق بهم النزول لمستوى المهاترين والحمقى
لهذه الظروف ربما أبتعد شعراءنا الكبار عن ميدان العرضة فضلا عن ظروف ابن ظافر الصحية الخاصة وتقدم السن بالشيخين الشاعرين ابن مريط وابن شافي ، ولكني سمعت من ابن شافي نقلا شفويا إن ابتعاده عن العرضة كان بسبب تحول العرضة الى فوضى في الميدان في غالب الاحيان ونزول الشعراء للمهاترات الظاهرة حيث لم يعد أحدهم يحسن ابطان المعنى كما كان يفعل ابن شافي وابن ظافر وابن مريط وهذا نقلا عن الشاعر ابن مثاعي لي شخصيا .
في والقت الذي كان يتألق ابن ظافر والشيخين لم يكن للإعلام حضورا ، لاقنوات ولاصحافة ولا نت ورغم ذلك كانت كاسيتات التسجيل لحفلاتهم حامية البيع والكل يحرص على اقتناءها واشباع ذائقته منها وكان الكل يردد قصائدهم.
وأقولها بكل جرأة لو كان زمن ابن ظافر والشيخين الشاعرين الذهبي في هذا الوقت الذي ظهرت فيه القنوات الفضائية لصار بعض شعراء العرضة الذين نراهم ليل نهار على شاشاتها إلى الظل .
فسقيا لك يا زمان ابن ظافر وابن مريط وابن شافي كم كانت المتعة والطرب
والشعر الحقيقي والمعنى المبطن والصياغات الجميلة
لقد كان هؤلاء الشعراء كبارا فعلا ولن ينبئك عن قوة هممهم وبعد رميهم
وكبر نفوسهم وبعد هقاويهم خير من بيت لابن شافي وهوالبيت :

روابعي تطمر بي البحر واسلما ... واطلع وحتى غترتي مايبلّها

ختاما ... تقبل أخي القارىء تحياتي.