منتديات قبائل شمران الرسمية


منتدى الثقافة العامة و ( سوق الاسهم) يتناول كل معرفة وعلم نافع في شتى مجالات الحياة

 

 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع

قديم 03-04-2024, 02:00 AM   #1
مراقب عام وأداري للمنتديات
 
الصورة الرمزية ريحانة شمران
 

ريحانة شمران is on a distinguished road
Arrow المرجلة / أ.د. ياسر عبدالعزيز حادي🌹🍀

المرجلة
======

أ.د. ياسر عبدالعزيز حادي


المرجلةُ صفةٌ امتنَّ اللهُ بهَا على مَن يشاءُ مِن عبادِهِ، ويُعنى بهَا الاقتداءُ بهادِي البشريَّة -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم- في جميعِ ما تحملهُ الحياةُ من أمورٍ. وهي تجعلُ الرجلَ كبيرًا في صغرِهِ، غنيًّا في فقرِهِ، قويًّا في ضعفِهِ، يُعطي قبلَ أنْ يأخذَ، يؤدِّي واجبَهُ نحوَ ربِّهِ وأهلِ بيتِهِ وجميعِ مجتمعِهِ.

والمرجلةُ -بإيجازٍ- قوَّةُ الخُلُقِ، والبُعْدُ عن الميوعةِ، ولمْ يكنْ ضعفُ البنيةِ وصغرُ السنِّ قادحًا فيهَا، فكمْ من شابٍّ في مقتبلِ العمرِ، ترَى الرجولةَ المبكِّرةَ في خُلُقِهِ وقولِهِ وعملِهِ وتفكيرِهِ، قالَ الرسولُ -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ-: "إِنَّهُ لَيَأْتِي الرَّجُلُ الْعَظِيمُ السَّمِينُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يَزِنُ عِنْدَ الله جَنَاحَ بَعُوضَةٍ! وَقَال: اقْرَأُوا: (فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا).

ولمْ يكنْ الرسلُ الذين بُعثُوا إلى أقوامِهم إلَّا رجالًا: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالًا نُّوحِي إِلَيْهِم)، ولمْ يكنْ مَن بداخلِ المساجدِ إلَّا رجالًا: (لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ، فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُواْ وَاللهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ). ويصفُ اللهُ مَن يسبِّحُونه ويذكرُونَه وحدَه بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ بالرِّجالِ:
(يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ الله وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ)، يبيعُونَ ويشترُونَ، ولكنْ إذَا سمعَ أحدهُم النِّداءَ وميزانَهُ في يدِهِ خفضَهُ وأقبلَ إلى الصلاةِ. لم يغلقُوا محلاتِهم ويجلسُوا على الأرصفةِ لينتظرُوا متى تنتهِي الصلاةُ، أو يدخلُوا في حجرٍ مخفيَّةٍ ويتركُوا نداءَ اللهِ، بل تركُوا بضاعتَهُم وأمتعتَهُم وذهبُوا إلى المسجدِ، قدَّمُوا مرادَ اللهِ على مرادِ أنفسِهِم، وآثرُوا طاعةَ اللهِ والاستجابةِ للنداءِ الربانيِّ، "حيَّ علَى الصَّلاةِ، حيَّ علَى الفلاحِ"، على نداءِ النَّفسِ الأمَّارةِ بالسُّوءِ.

لقدْ فقدتْ المرجلةُ اليومَ الكثيرَ من معانيهَا، فترَى البعضَ مَن يزعمُ أنَّه رجلٌ، ويردِّدُ: أنَا رجلٌ، ولكنْ ماذَا تنطوِي لديهِ المرجلةُ؟ ومَا هُو مضمونهَا؟ فهلْ المرجلةُ فتلُ الشواربِ، وتربيةُ الشَّنباتِ، أم الأخذُ بالثَّاراتِ وقتلُ الأبرياءِ، أم السفرُ لخارجِ المملكةِ مع أصحابِ السُّوءِ والعبثِ بالمحرَّماتِ، وانتهاك حدودِ اللهِ، أمْ التقليد الأعمَى من تعاطٍّ للمسكراتِ والمخدراتِ ومخالفة سُنَّة رسولِ اللهِ ظاهرةً وباطنةً؟

إنَّ المرجلةَ مجاهدةُ النَّفسِ والثَّباتُ على المنهجِ الربانيِّ الذي أنزلهُ اللهُ: (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ)، ولها معانٍ ساميةٌ وحقائقُ علويَّةٌ، وصفاتٌ وشمائلُ وسجايَا ذكرَهَا اللهُ ورسولُهُ، وليسَ كمَا يظنُّ البعضُ أنَّها رفعُ الصَّوتِ والصِّياحِ وفرضِ الرَّأي على المستخدمِينَ في البيتِ من سائقٍ وخادمةٍ، أو على العاملِين في الإدارةِ أو المؤسسةِ التي يعمل بها، فيطردُ مَن يشاءُ، ويبقِي مَن يشاءُ. هل نفعت المرجلةُ أولئكَ الذين قالَ اللهُ عنهم:
(وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الْإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا)، بل إنَّ الإسلامَ ينادِي أتباعَهُ ويهتفُ بهم كمَا هتفَ لوطٌ بقومِهِ: (أَلَيْسَ مِنكُمْ رَجُلٌ رَّشِيدٌ)، ليقيمَ شرعَ اللهِ في نفسِهِ وبيتِهِ ومجتمعِهِ. اللهمَّ اجعلنَا رجالًا مِن أهلِ الحقِّ وأعوانِهِ، ومن جندِكَ وأتباعِ نبيِّكَ محمدٍ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم-.
======================================



التوقيع

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

ريحانة شمران متواجد حالياً   رد مع اقتباس

 

مواقع النشر




ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc. Trans by
جميع الحقوق محفوظة لـ منتديات شمران الرسمية