منتديات قبائل شمران الرسمية


المنتدي الاسلامي خــاص لاهل السنة والجماعة فقط .!

 

 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع

قديم 11-01-2020, 10:26 PM   #1
مشرف المنتدى الإسلامي
 
الصورة الرمزية ابو طلال*
 

ابو طلال* is on a distinguished road
Post أنتم الفقراء إلى الله



أنتم الفقراء إلى الله


نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
  • اسم الكاتب: د ياسر برهامي
إن الافتقار إلى الله سبحانه وتعالى من العبادات القلبية العظيمة التي لا بد أن يستحضرها المؤمن امتثالا لأمر الله سبحانه وتعالى لعباده، حيث قال: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ) (فاطر:15)

فالعبد ينبغي أن يكون مفتقرا إلى الله تعالى، لا إلى أحد من الناس، ولا إلى شيء من الدنيا، فهو قد نفض يديه من الدنيا، فلا يطمع ولا ينافس فيها، ولا يتعلق قلبه بها، لأنه مفتقر على الله وحده لا شريك له، وأكثر الناس قد افتقروا إلى الدنيا، إلى شهواتها ولذاتها، لا يفترون عنها، منهم من افتقر إلى المال، ومنهم من افتقر إلى الجاه، وعامة الناس، يفتقرون إلى الأهلين والأصحاب، ويضحون من أجلهم بدينهم في كثير من الأحيان.
كما قال إبراهيم عليه السلام، قال الله تعالى عنه: (وَقَالَ إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَاناً مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَاصِرِينَ) (العنكبوت:25)


،فهم كما قال الله تعالى: (فَلا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِمَّا يَعْبُدُ هَؤُلاءِ مَا يَعْبُدُونَ إِلَّا كَمَا يَعْبُدُ آبَاؤُهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِنَّا لَمُوَفُّوهُمْ نَصِيبَهُمْ غَيْرَ مَنْقُوصٍ) (هود:109).

فكثير من الناس يبيع ما فطره الله عليه من التوحيد لأجل ألا يفقد الروابط الاجتماعية، فهو مفتقر إلى هذه الروابط أشد من افتقاره إلى الله تعالى، ولذا كان الفقر إلى الله يستلزم نفض اليدين من الدنيا بأنواع الشهوات التي فيها: النساء والمال والجاه والعلاقات الاجتماعية والمساكن و التجارة التي يخشى كسادها وغير ذلك من متاع الدنيا، ونفض اليدين يكون بالتخلص من البخل ومن الحرص، فلا يبخل بها إذا وجدت، ولا يحرص عليها إذا فقدت، أما إن كان يتطلع إليها ويريد أخذ المزيد منها، فهو لم يتخلص منها، وأكثر الناس فقراء لكونهم متطلعين ، فقد يجمعون بين الفقر من جهة فقد الدنيا من أيديهم، وبين الفقر من جهة طلب الدنيا، فهم فقراء من الدنيا وإلى الدنيا، فقد ضاع منهم الأمران فلم يتمتعوا بشهواتها؛ لأنها مفقودة، وهذا الفقد أمر طبيعي أصلي؛ لأن الشهوات لا تتسع لينالها كل أحد، فالمُلْك مثلا لا يناله إلا آحاد الناس، فلا يمكن أن يكون هناك مَلك في كل بقعة، أو أن يكون كل إنسان مَلكا، وكذلك الغِنى، فالمال لا يكون في يد أكثر الناس، فالفقر أكثر من الغنى، والجاه مثله، فهذه أمور لا يستمتع أكثر الناس بشهواتهم فيها، ولكن المصيبة أنهم يحرمون تخلُّصَ قلوبهم منها، فيظلون متعلقين بها، يجرون وراءها وهم محرومون، ومن وُجدت في يده ولم ينفُضْ قلبَه منها، فهو يتطلع إلى المزيد، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: " لو أن لابن آدم واديا من ذهب أحب أن يكون له واديان ولن يملأ فاه إلا التراب"، وفي الرواية الأخرى: " لو أن لابن آدم واديا من مال؛ لابتغى إليه ثانيا، ولو كان له ثان؛ لابتغى إليه ثالثا، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب، ويتوب الله على من تاب".

صفة المفتقر إلى الله:

لكي يكون الإنسان مفتقرا إلى الله وحده لا شريك له ، لا بد أن يكون غافلا بقلبه عن قدر الدنيا، غير ملتفت إليها، فإنما قيمتها عنده كما أخبر عنها النبي صلى الله عليه وسلم : " كجَدْيٍ أَسَكّ"، أي: مقطوع الأذنين " ميت " ولذلك هو يسلم منها طلبا وتركا، يسلم من أن يطلبها، فهو سالم منها؛ لأنه يراها لا تساوي، ولا تستحق المنافسة، وإذا تركها لم يشعر أنه ضحى بشيء ذي قيمة ، فهذه رؤية مطلوبة لازمة للإنسان؛ لأن الله تعالى قال: (اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرّاً ثُمَّ يَكُونُ حُطَاماً وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ) (الحديد:20)

فالمؤمن سلم منها طلبا، فلا ينافس في عزّها، ولا يجزع من ذلها، ولا يأسى على ما فاته منها، ولا يفرح بما آتاه الله منها فرح العجب والغرور ونسبة الكمال للنفس ونسبة تحصيل الدنيا بنفسه، كمن قال : " إنما أوتيته على علم عندي"، وكمن قال : " هذا لي"، وكمن قال: " أنا أكثر منك مالا وأعز نفرا".

فهذه الألفاظ صدرت عن أناس وصلوا إلى الكفر بسبب هذا الفرح بالدنيا والعجب بها، أما المؤمن فإنه يفرح برحمة الله، يفرح بالله تعالى ويستغني به عز وجل، وهو عين الافتقار إليه، فهذه عبادات قلبية ضرورية ، الافتقار إلى الله والغنى به عن الخلق سبحانه وتعالى والفرح به تعالى ، فيجب أن تفرح بفضل الله وبرحمته وتفرح بنعمة الإسلام، وهو في الحقيقة سبب الاستغناء عن الخلق، و الافتقار إلى الله تعالى.
فالغرض المقصود أن يسلم الإنسان من الدنيا طلبا وتركا فلا ينافس فيها، فهو لم يبخل ولم يتطلع ولم ينافس، وعندما تركها لم يعظم تركها، لم يقل: أنا تركت شيئا غاليا، فهو يسلم منها حين يتركها.


الفقر إلى الإلهية:

ومن الافتقار إلى الله عز وجل أيضا الافتقار إليه في إلهيته سبحانه وتعالى أي: في التوفيق إلى الأعمال الصالحة، وهو الافتقار إليه في أمر الهداية وعدم حصول العُجب، كما عند أهل الدنيا، فأهل الدنيا يحصل لهم عجب وكبر وغرور بسبب حصول الدنيا، وأما أهل الدين فيدخل الشطيان إليهم مدخلا آخر؛ فهم يتمدحون بالجهاد، وبالكرم، وبالدعوة، وبالقراءة، وبأنواع المدائح الشرعية، فالعبد المؤمن مفتقر إلى الله تعالى، في عبادته ويعرف أن منازله التي يحصلها والعبادات التي يوفق لها هي محض توفيقه عز وجل ومنة منه تعالى، فيفتقر إلى الله في الهداية، لذلك يقول: " اهدنا الصراط المستقيم* صراط الذين أنعمت عليهم".


فهو يشهد نعمة الله عليه وعلى غيره، ويسأله الهداية ليل نهار، ويعلم أن التوفيق من عند الله تعالى وأنه لا يثبت على الخير بنفسه، بل يثبته الله عز وجل مقلب القلوب ومصرف القلوب سبحانه وتعالى، فهو لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا في أمر الدين، كما لم يملكه في أمر الدنيا، فيزول من قلبه إعجاب النفس بالأحوال والمقامات، ونسبة هذه الأعمال إلى نفسه والتمدح بها، فهذه الأمور في حقيقتها من الدنيا لكنها مغلفة بستار الدين، فطلب المدح بها أو طلب التعالي بها موجود عند أهل الطاعات كما هو موجود عند أهل الدنيا بالدنيا.



تابع



التوقيع

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

ابو طلال* غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس

 

مواقع النشر




ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى الردود آخر مشاركة
ولي العهد لمنسوبي مكافحة الفساد: “بيض الله وجيهكم أنتم اليوم فرسان المعركة الشرسة ضد الفساد” فتى بلاد شمران الصحافة المحلية والعالمية 1 09-19-2020 08:14 PM
الحجاج الفقراء يحتاجون مساعدتك فلماذا لاتحقق لهم أغلى أمانيهم ( صور ) ساكتون المنتدي الاسلامي 2 08-18-2014 10:58 AM
الحجاج الفقراء يحتاجون مساعدتك فلماذا لاتحقق لهم أغلى أمانيهم ( صور ) ساكتون المنتدي الاسلامي 5 10-09-2013 01:56 PM
الحجاج الفقراء يحتاجون مساعدتك فلماذا لاتحقق لهم أغلى أمانيهم ( صور ) ساكتون المنتدى العام 6 10-29-2011 07:16 AM
عشق الفقراء القلم المبدع الخواطر والقصص والروايات 4 10-27-2008 06:06 PM

Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc. Trans by
جميع الحقوق محفوظة لـ منتديات شمران الرسمية