الربط والرجبية !

لاأحد من أهل القرية يعرف على وجه التحديد من أين أتت عادة الربط والرجبية فقد توارثتها الأجيال جيلاً بعد جيل من دون أن يتم السؤال عن مصدرها أو حتى عن مدى شرعية ممارستها .
وكثيراً ماكانت تمارس هذه العادات في أوقات معينة من السنة وقد أصبحت مع مرور الوقت سلوكاً اجتماعياً محبباً يقبل الجميع على ممارسته بكل تفاني وإخلاص .
ولقد كان الربط في نظر أهل القرية عبارة عن عادة اجتماعية ودينية مهمة جداً نظراً لإرتباطها حسب اعتقادهم بصحة قبول الأضحية فقد كانت تمارس هذه العادة في اليوم الثامن من ذي الحجة حيث يقوم أهل القرية بذبح الخراف في هذا اليوم وكانوا يطلقون على الخروف الذي سيتم ذبحه اسم الربط .
أما أهمية هذه العادة فتأتي من أن البعض كان يعتقد أن عدم ذبح خروف الربط سيؤثر على ثواب الأضحية وأن هذا الثواب لن يكتمل إلا إذا تم ذبح الربط قبل الأضحية ، وقد ظلت هذه العادة مستمرة إلى وقت قريب جداً .
أما الرجبية فهي أيضاً عادة سنوية مافتئ أهل القرية يمارسونها في شهر رجب من كل عام حيث يقومون بذبح الخراف في هذا الشهر وتناول لحومها ولاتكاد تجد بيتاً من بيوت القرية في تلك الليلة إلا وقد علتها سحبٌ كثيفة من الدخان المنبعث من المواقد .
لم يعد هناك من يسأل لما هذه العادة وما الأسباب الكامنة وراءها وكل ماهنالك أن الكثيرين أصبحوا يترقبون قدوم هذه المواعيد ويحرصون على ذبح أسمن الخراف وأكبرها عند حلولها .
كان الصغار أكثر الجميع فرحاً بهذه المناسبات السنوية فهي لاتعني لهم سوى احتفالية شواء لذيذة تتم في الهواء الطلق فالرأس والآذان والمقادم وذيل الخروف كلها ستشوى مع شيئاً من الكبد وسينال كل صغير من هؤلاء حصته من هذا الشواء في غالب الأحيان .
وفي الغالب فإن هذه الذبائح يتم أكلها في وجبة واحدة ولايتم الاحتفاظ منها بشيء نظراً لعدم القدرة على حفظها لأيام عديدة مع أن البعض من أهل القرية كان يحاول التغلب على هذه المعضلة بالقيام بغلي اللحم ثم تمليحه وتعليقه داخل البيت حتى يجف وقد يستمر حفظه بهذه الطريقة لبضعة أيام فقط وكثيراً ماكانوا يسارعون إلى طبخه وتناوله قبل انقضاء هذه المدة خوفاً من أن يتعفن - أكرمكم الله - وخصوصاً إذا طالت مدة حفظه!

ملحوظة ...
القرية التي يدور حولها الحديث في هذا المقال ليست سوى مجرد رمز فقط لكل قرى شمران وخصوصاً شمران تهامة حيث كانت تنتشر هذه العادة .