معجزة سنغافورة ..

السلام عليكم ..

انا من المتابعين وأشد المعجبين بالتجربة السنغافورية في التنمية لأنها بدأت تقريبا في نفس الفترة التي بدأنا نحن هنا برامج التنمية ..

سنغافورة ذهبت بعيدا وحققت كل ما حققت من تقدم ورقي وبدون أي موارد طبيعية , مما جعل العالم في دهشة ورغبة في معرفة السر خلف كل هذا النجاح في سنغافورة ..

سنغافورة جزيرة صغيرة كانت فيما مضى تعتبر جزءا من ماليزيا التي تخلت عنها حين الاستقلال باعتبارها جزء لا يحمل أي فائدة اقتصادية , فقامت ماليزيا حينها بإعطاء هذا الجزء البائس من أراضيها للأقلية الهندية الصينية حتى لا تستوعبهم داخلها ويؤثرون على التركيبة السكانية التي يدين غالبيتها بالإسلام , ولم يكن يدور بخلد الساسة الماليزيين ان سنغافورة ستتفوق عليهم في يوما من الأيام , وان السنغافوريين سيجعلون من هذه الجزيرة البائسة جنة على الأرض ..

استقلت سنغافورة وهي لا تملك تقريبا أي شيء الا العزيمة, وضع السنغافوريين نصب اعينهم الاقتصاد ورفاه المواطن وابتعدوا تماما عن السياسة , بينما كان بإمكانهم استخدام نظرية المؤامرة والتخويف من الاخرين خصوصا وانها دولة صغيرة بجانب دول كبرى قد تشكل تهديد لها خصوصا ماليزيا , الا انهم لم يلتفتوا لكل هذا وركزوا جل جهودهم على العلم والعمل , فأصبحت سنغافورة حديث العالم متفوقة على اغلب دول العالم ومنهم ماليزيا التي تخلت عنهم يوما ما ..

الجواز السنغافوري اليوم يتربع على قمة العالم من حيث عدد الدول التي يدخلها بدون الحاجة لفيزا , فكيف لدولة بحجم سنغافورة ان تتفوق على غالبية دول العالم ذات الثروات الطبيعية والمساحات الشاسعة وعدد السكان الكبير , ولماذا انتاج مواطن سنغافوري واحد يعادل تقريبا انتاج سبعة من غيره ..

انه العلم ولا شيء غيره, في سنغافورة تسن القوانين للارتقاء بالإنسان ورفاهيته, وفي غير سنغافورة توضع لاستدامة الأنظمة الحاكمة في غياب النظم الديموقراطية الصحيحة , وفي غير سنغافورة , القرارات الاقتصادية والاتفاقيات توضع وتعقد بناء على مدى التقارب الديني والسياسي مع الدول وليس من مبدا اقتصادي , وهذا ما جعل كثير من دول العالم تتأخر وسنغافورة تتقدم ولا زالت ..

الكثير من العرب والمسلمين مبهورين بتقدم ماليزيا مثلا , الا ان هذا التقدم لا يكاد يذكر عند المقارنة بسنغافورة , والحقيقة التي لن يعترف بها المسلمين والعرب وغيرهم هي ان التقدم والتحضر الموجود في ماليزيا ما هو الا نتيجة عمل الأقلية الصينية والهندية المتبقية بماليزيا , ولولاهم لما كانت ماليزيا ماليزيا , فرغم كل القوانين والتشريعات التي ضدهم الا ان الطائفة الصينية والطائفة الهندية هم من يملك الاقتصاد في ماليزيا وهم المسيطرين , ولو أعطوا الفرصة كاملة لجعلوا من ماليزيا سنغافورة الكبرى ..

اليوم سنغافورة عاصمة المال في العالم بدون منازع , وهي ان صحت التسمية " الجزيرة الفاضلة "