الحب والتملك!❤️️

الحب والتملك!

طارق القرني

من يملك حبيبه لابد وأن يخسره، والحب لا يمكن قيامه إلا بالتملك، فالحب - إذاً - خسارة محققة!
أنت تشعر بأن محبوبك ملك لك لكنك لا تحب أو لا تجسر على الاعتراف بهذا، فتحتال بفعل ما يدل على التملك دون التصريح المباشر؛ تغار، وتغضب، وتكثر السؤال، وتقلق، وترفع صوتك حانقًا لأتفه الأسباب، بل إنك تبكي ليشعر محبوبك بعذاباتك، وكل هذا سلوك بديل عن التصريح بالتملك.
الحب إسقاط تاريخي مقصود، هدفه أخذ المحبوب إلى صندوق الذاكرة المغلق كي يغير أحداثه المؤلمة، ثم العودة معه للحظة الحاضر والأُنس بها معه، وهنا يبدأ التعلق، وهذا التعلق يزيد التملك المقرون بالخوف، فأنت تخاف أن تفقد المحبوب فتعود لما كنت عليه سابقًا من عذابات لا تقوى عليها، وكأن المحبوب أصبح عالمًا من الأمان النفسي المفضي إلى الحرية؛ الحرية من ذاكرة مثقلة بالمواجع.
لا تنس نصيبك من الحياة في لحظة الحضور الآنية، وتبقى مكبلًا بأوجاع الذاكرة عاملًا على كل نتائجها التي منها التملك، بل إن الصفاء من تلك الذاكرة أول مراحل الحب الحقيقي، لكنك إن وصلت لهذا المستوى فقد فقدت الحب! نعم، فالحب أوله القلق، ومساره كله قائم على العذاب، العذاب اللذيذ الذي تحتاجه النفس كي تسافر عبر الخيال إلى عوالم مثلى ليس فيها قانون الحياة اليومية الضاغط على كل رغبة تهواها النفس، ولعل الجاحظ قد تنبه لهذا فطالب بإعطاء النفس رغباتها دون الحيلولة بينها وبين مرادها، وحين تعطي نفسك مرادها فقد تحققت حريتك، لكن؛ هل يمكن أن تكون الحرية حقيقة؟!
طارق القرني