هنا الشعر الفصيح ومايتعلق به

‏تجري على رِسلِها الدنيا ويتبَعُها
رأيٌ بتعليلِ مَجراها ومُعتقَدُ

أعيى الفلاسفةَ الأحرارَ جهلُهُمُ
ماذا يخبّي لهم في دَفَّتَيهِ غَدُ

طالَ التَّمحُّلُ واعتاصَت حُلولُهمُ
ولا تزالُ على ما كانتِ العُقَدُ


محمد مهدي الجواهري

قل لها

قل لها .. إنه تأمَّل في دنياه

حيناً فعاد يحضنُ دمعه

راعه أنَّ عمره يتلاشى

مثل ما تُخمد الأعاصير شمعةْ

وصباه يضيع منه .. كما ضاع

نداء.. تطوي المتاهات رجعه

قل لها .. إنّه يفيق على جرح

وتغفو سنينه فوق لوعهْ

سكب الدهر من أساه رحيقا

فتحساه جُرعة إِثْر جُرعهْ

قل لها .. إنه يهيم .. وأخشى

أن تواريه رحلة دون رجعهْ

غازي القصيبي

حسبي و حسبك !


لمي ضفائرك الشقراء و ابتعدي

أخشى عليك اللظى الموار في جسدي

أخشى عليك معاناتي.. مكابرتي

تمزقي.. يقظة الآلام في سهدي

تشردي في بلاد الله أذرعها

خطوي جريح.. و قلبي نابض بيدي

* * *

يا زهرة بطيوب الصبح عابقة

إني أتيت و ريح الليل في كبدي

يا ضحكة بالصبا الممراح ضاخبة

أما رأيت خيوط الدمع في كمدي؟

و يا حمامة دوح تستريح على

فخ من الشوق.. إن لم ترحلي تصدي

* * *

حسبي و حسبك حلم في تنفسه

ما في العوالم من طيب و من رغد

عشنا على راحتيه نشوة ضحكت

لنا.. و ما ابتسمت قبلا على أحد

ما كان يوما و لا يومين موعدنا

بل كان عمرا و عشناه الى الأبد

------------
غازي القصيبي

‏إنّ الأعَزّ أبانا كان قال لنا
أوصيكمُ بثلاثٍ إنّني تَلِفُ

الضيفُ أُوصِيكُمُ بالضيفِ إنّ لَهُ
حَقًّا عليّ فأُعطيهِ وأعتَرِفُ

وَالجارُ أُوصِيكُمُ بالجارِ إنّ لَهُ
يومًا منَ الدّهرِ يُثنيهِ فينصَرفُ

وقاتِلوا القَومَ إنّ القَتلَ مَكرُمَةٌ
إذا تَلوّى بكفّ المعصمِ العُرُفُ


الأعشى

أبو الأسود الدؤلي » يريد وثاق ناقتي ويعيبها


يُريدُ وَثاقٌ ناقَتي وَيَعيبُها
يُخادِعُني عَنها وَثاقُ بنِ جابِرِ
فَقُلتُ تَعَلَّم يا وِثاقُ بِأَنَّها
عَلَيكَ حِمىً أُخرى اللَيالي الغَوابِرِ
بَصَرتَ بِها كَوماءَ حَوساءَ جَلدَةً
مِنَ المولياتِ الهامِ حَدَّ الظَهائِرِ
فَحاوَلتَ خَدعي والظُنونُ كَواذِبٌ
وَكَم طامِعٍ في خِدعَتي غَير ظافِرِ

‏وَرَقّ نَسيمُ الريحِ حتّى حَسِبتُهُ
يَجيءُ بأنفَاسِ الأحِبّةِ نُعّمَا


البحتري

‏قال أبو حاتم سهل بن محمد بن عثمان السجزي
سمعت الأصمعي غير مرة يفضل النابغة الذبياني
على سائر شعراء الجاهلية، وسألته آخر ما سألته
قبيل موته:
من أول الفحول؟ قال:
النابغة الذبياني.. ثم قال:
ما أرى في الدنيا لأحد مثل
قول امرىء القيس:

وقاهم جدهم ببني أبيهم
وبالأشقَين ما كان العِقابُ

‏قال أبو حاتم:
فلما رآني أكتب كلامه فكر ثم قال:
بل أولهم كلهم في الجودة امرؤ القيس
له الحظوة والسبق
وكلهم أخذوا من قوله
واتبعوا مذهبه


كتاب فحولة الشعراء

إلى متى يا نفسِ أنت بما .. أحمد بن المأمون البلغيثي

إلى متى يا نفسِ أنت بما
يُلبِّسُ المبغِضُ ذاتُ اغتِرار
تُعامِلي الكُلَّ بطبعِ العًلا
حتى الذي مِن قومِ سوءٍ شِرار
تَجوُ فضلاً حيث لا ينبغي
والفضلُ لا يَحسُن في كلِّ دار
تَيقَّظي ولتَزرعي الفضلَ في
مَنبِتِه إذا انتخبتِ القرار
فالزرعُ في الأرضِ إذا أخبثَت
ضاعَ وعاد نفعُه بالضِّرار
والأصلُ إن كان رديئاً فإن
تُعزَّهُ كساكَ ثوبَ الصِّغار
فالجودُ في أمثالِ هذا سُدى
جَنِّبه لا تَكن له ذا جِوار
ولا تكن بعدُ على غِرَّةٍ
فالاغترار خوَرٌ وانكسار
ولا تُصاحب غيرَ شهمٍ يَرى
لكَ مقامَ عِزَّةٍ وافتخار
وجانِبنَّ كلَّ نَذلٍ له
صورةُ إنسٍ وطِباعُ الحمار
ولا يَغرَّنكَ من الغُمرِ ما
تَراه مِن سَمتٍ جميلِ الشَّوار
واختبِر الصاحبَ مِن قبل أن
تودعَهُ الأسرارَ خوفَ انتشار
فالتِّبرُ لا تَظهرُ أسرارُه
إلا بِحكٍّ والتِظا واختبار
ولا تثق قبل بُدُوِّ الصلاح
واحذَر وكن ذا عبرةٍ وافتكار
واعمَل بقول ناصحٍ خابرٍ
طبعُ خسيسٍ حازَ كلَّ الشَّنار
قد كِدتُ لولا وصفُ إسلامِه
ألعنُه لعناً يَسومُ البَوار
لكنَّه جاء على أصله
وهل يَحولُ أحدٌ عن نجار
لا يعذُبُ الحنظلُ يوما وإن
غَرَستَه وسط حُلوِ الثمار

إنّي ذكرْتُكِ، بالزّهراء، مشتاقا

إنّي ذكرْتُكِ، بالزّهراء، مشتاقا،
والأفقُ طلقٌ ومرْأى الأرض قد راقَا
وَللنّسيمِ اعْتِلالٌ، في أصائِلِهِ،
كأنّنهُ رَقّ لي، فاعْتَلّ إشْفَاقَا
والرّوضُ، عن مائِه الفضّيّ، مبتسمٌ،
كما شقَقتَ، عنِ اللَّبّاتِ، أطواقَا
يَوْمٌ، كأيّامِ لَذّاتٍ لَنَا انصرَمتْ،
بتْنَا لها، حينَ نامَ الدّهرُ، سرّاقَا
نلهُو بما يستميلُ العينَ من زهرٍ
جالَ النّدَى فيهِ، حتى مالَ أعناقَا
كَأنّ أعْيُنَهُ، إذْ عايَنَتْ أرَقى ،
بَكَتْ لِما بي، فجالَ الدّمعُ رَقَرَاقَا
وردٌ تألّقَ، في ضاحي منابتِهِ،
فازْدادَ منهُ الضّحى ، في العينِ، إشراقَا
سرى ينافحُهُ نيلوفرٌ عبقٌ،
وَسْنَانُ نَبّهَ مِنْهُ الصّبْحُ أحْدَاقَا
كلٌّ يهيجُ لنَا ذكرَى تشوّقِنَا
إليكِ، لم يعدُ عنها الصّدرُ أن ضاقَا
لا سكّنَ اللهُ قلباً عقّ ذكرَكُمُ
فلم يطرْ، بجناحِ الشّوقِ، خفّاقَا
لوْ شاء حَملي نَسيمُ الصّبحِ حينَ سرَى
وافاكُمُ بفتى ً أضناهُ ما لاقَى
لوْ كَانَ وَفّى المُنى ، في جَمعِنَا بكمُ،
لكانَ منْ أكرمِ الأيّامِ أخلاقَا
يا علقيَ الأخطرَ، الأسنى ، الحبيبَ إلى
نَفسي، إذا ما اقتنَى الأحبابُ أعلاقَا
كان التَّجاري بمَحض الوُدّ، مذ زمَن،
ميدانَ أنسٍ، جريْنَا فيهِ أطلاقَا
فالآنَ، أحمدَ ما كنّا لعهدِكُمُ،
سلوْتُمُ، وبقينَا نحنُ عشّاقَاž!

ابن زيدون

واختر خليلَ قلبك بحكمةٍ..
فليست كُلّ القلوب بالقلوب تليقُ..
‏واختر لنفسك شخصًا إذا قَست عليك الأيام
يكن لك فيه عشمٌ لا يخيب..