منتديات قبائل شمران الرسمية


الخواطر والقصص والروايات يهتم بالخواطر والقصص والنثر التي من نزف الأعضاء

 

 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع

قديم 03-24-2008, 10:14 PM   #1
 
الصورة الرمزية د.قصرغصاب
 

د.قصرغصاب is on a distinguished road
طارق على سفينة الأشواق (مشاهد و مشاعر ) - 1 -



المشهد الأول


تأليف/ د.قصر غصاب




نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة



سفينة الأشواق...ترتفع بها غضبة الأمواج نحو عنان السماء ... ثم تسخط بها مساحات الشتات نحو قاع البحر.... تغور في أعماقه وتلامس صخور قاعه.. ثم تثور بها الأمواج من جديد .. لتلامس قبة الأفلاك ... أصبحت تسير في كل الاتجاهات... ترتمي في كل المسارات .. تتقلبها الأبعاد الستة.... و كأنها نسيت وجهتها التي خاضت عباب البحر من أجلها ....

حلم لطالما اكتوى بعذاباته..راكب السفينة.. و دفع فاتورة حيازته من سنين راحته.... كان الطريق صعباً ... أجل كان صعباً لكن البعد عن الأحباب أصعب ... كأنه يقول: أن تموت في طريقك لأحبابك خيراً من أن تموت اشتياقاً لهم و أنت بعيدٌ عنهم.. هكذا هي لغة أهل الحب حديَّةً دائماً فإما الموت و إما الموت!! ....

رحلة شاقة ... و مخاطرة حقيقية ... فهل كانت تستحق كل هذا؟؟ ... في نظر راكب السفينة ..نعم كانت تستحق ذلك و أكثر .. كيف لا ... و الموت في حسه أن تبقى بعيداً عن الأحباب.. أن تدفن قلبك بين جنبيك كلما اعتصرته أكُف الذكريات..

في دفتر ذكرياته كان يختم كل صفحه فيه بعبارة صغيرة لكنها على قلبه أثيرة : "حيث تجد أحبابك تجد نفسك و حيث تفتقد أحبابك تفتقدك "

كان مولعاً بأحبابه حتى الجنون... بل حتى ما وراء الجنون ... حتى هو كان يقول : لا أدري كيف تركتهم و ابتعدت عنهم.. ثم يصمت قليلاً .. يرنو للأفق .. يبتسم و يتمتم بكلمات.... و لعله كان يقول: "حيث تجد أحبابك تجد نفسك و حيث تفقد أحبابك تفتقدك" ثم يلتفت مسرعاً للخلف و يترك المكان ....

نعم لقد رست سفينة الأشواق على الشاطئ... و كأنه حلم .. بل كان هو الحلم .. و لعله كان أعظم من الحلم .. رست السفينة بأشواقها الكبيرة على الشاطئ ... كانت الساعة الثانية ظهراً ... الشمس تلهب ظهر الأرض بسياط أشعتها .. و مساحات السراب ترسم الخداع هنا و هناك ... كانت الأجواء ملتهبة إلى حد المحرقة و السموم يبطش بالمكان دون أدنى مقاومة .. ما أشد الشمس .. ما أقساها حين تتربع في كبد السماء لقد فتكت بكل شيء امتدت إليه سطوتها دون أدنى رحمة ...لكن سفينة الأشواق هي الوحيدة التي تمردت على هذا المشهد فقد كانت تحمل بين جنبيها من الأنين و اللوعة و والوجد أضعاف ... أضعاف ذلك القيظ... كانت في كبد حرارة الولع بطول مفارقة المحبوب ... و هكذا المشاعر الصادقة ... تفعل بالمحب .. ما تعجز عن فعله الشمس بكل ما أوتيت ...

خرج من سفينة الأشواق طارق... ليطرق بقدمه مسافات الذكريات البعيدة.... وقف لحظة..نظر للبحر نضرت المولود من جديد .. أخذ بعض تراب الشاطئ الندي .. ضغط عليه بقوة .. ثم نظر إليه ملياً... اشتم رائحته و كأنه يشم رائحة الماضي الجميل .. اقترب بفمه منه و قبله بحنانه المعهود.. كم كان يتمنى أن لا تنتهي تلك القبلة التي سكنت في قلبه قبل أن تسكن بين شفتيه ... أعاد حفنة التراب من حيث أخذها ... و كأنه يقول لها ... يا ليتني كنت طيناً من طين هذا الشاطئ حتى أظل عليه ملايين السنين مثلك....

كانت عيناه تعانق كل شيء تقع عليه ... الرمال ... الأحجار... الشجيرات ... السماء...بشمسها و غيومها و زرقتها المسترسلة في الآفاق... كل (شيء) كان يعني له(كل شيء) ... امتدت اللحظة إلى ما قبل وجوده... و طارت تطوي به السنون إلى أبعد مما تسعفه به مخيلته التي أكلتها أحزان الغربة في بيداء اللأواء ...

قرر أن يتقدم لكن شيئاً ما كان يمنعه ... صوت من دخل قلبه يقول له توقف.. توقف.. لا تتقدم .... لكن نياط قلبه كانت تجره للأمام ... تجتذبه بكل قوة نحو الخطوة التي تليها... بكل عنف... و كأنها تنتزع روحه من على وسادتها المخملية من تحت شغاف القلب... لقد كان يعيش اللحظة و اللحظة المناقضة لها تماماً ... كان في قمة الأقدام وكان في قاع القهقرى... كان يرفع قدمه ليتقدم و يرفعها ليتأخر في نفس اللحظة ...حتى أنفاسه اللاهثة الضعيفة أصبحت تتلاعب به تارة للأمام و تارة للوراء...


فهل يستطيع أن يُقدِم ... أم سيتقهقر ... من يدري ؟؟؟؟


وللحديث بقية....





د.قصرغصاب غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس

 

مواقع النشر




ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى الردود آخر مشاركة
فيض القصيد ... بحر الأشواق ريهام خالد المنقولات الأدبية 4 07-03-2019 05:44 PM
سفينة نوح .. د/عبدالله مقالات الدكتور عبدالله العسكري الشمراني 3 10-04-2018 11:24 PM
معك بالأمانه بيت الأشواق لا ينهد عبدالله علي الشمراني ديوان الشاعر عبدالله بن علي الشمراني 22 03-21-2011 10:15 AM
« غزلية » لشاعر قطري تثير مشاعر السعوديين .. وشاعر سعودي ينبري للرد عليه ! سلطان الأكلبي الخواطر والقصص والروايات 5 02-09-2008 07:57 PM

Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc. Trans by
جميع الحقوق محفوظة لـ منتديات شمران الرسمية