الأسهم والعقار يرتفعان معاً للمرة الأولى.. ما الأسباب؟

الأحد 12 صفر 1443هـ 19 سبتمبر 2021م



الأسهم والعقار يرتفعان معاً للمرة الأولى.. ما الأسباب؟

حسين بن حمد الرقيب

الأسهم والعقار ضدان لا يلتقيان، أحدهما يصعد على حساب الآخر، ولكن في هذا العام صعدا معاً للمرة الأولى مخالفين بذلك سنوات عديدة من الجفاء، هذا الوفاق له أسباب نحاول الإجابة عليها، التضخم طال كل الأصول الاستثمارية والارتفاعات مستمرة والخوف من الفقاعة يثير قلق المستثمرين والعزوف عن الاستثمار ليس هو الحل، الفرص موجودة وقد لا تتكرر لعدة سنوات مقبلة، ولكن المخاطرة أصبحت أعلى، هذه المشكلة ليست خاصة بالسوق السعودية، ولكنها مشكلة الأسواق في معظم أنحاء العالم، جائحة كورونا لاشك أنها غيرت المشهد الاقتصادي فلا الدراسات الاستثمارية ولا التحليلات الاقتصادية أصبحت مصدر ثقة للمستثمرين، التناقض بين بيوت الخبرة زاد، وفجوة التقديرات اتسعت، والتوقعات أصبحت بعيدة عن الواقع، التغيرات الدراماتيكية السريعة في الاقتصاد العالمي لا يمكن التنبؤ بها، نحن الآن في مرحلة العودة إلى النمو بعد الانكماش والخروج من الأزمة بأقل الأضرار، يليها تقييم للآثار السلبية ووضع الحلول لتفادي أو التقليل من الآثار السلبية لأي أزمات مقبلة، الأزمة الاقتصادية دفعت البنوك المركزية إلى ضخ أموال ضخمة في شرايين اقتصاداتها لتفادي الانهيار، ولذلك ارتفعت السيولة مع قلة المنافذ الاستثمارية المجدية وليس لها طريق غير أسواق الأسهم التي ارتفعت إلى أرقام قياسية وخصوصاً في الأسواق المالية الأمريكية، وتحول جزء من السيولة الى أسواق العقار فارتفعت أسعار المنازل الحقيقية العالمية بنسبة 4.6 في المئة على أساس سنوي في الربع الأول 2021، وهو ما يمثل أسرع معدل نمو للعقارات تم تسجيله منذ الأزمة المالية 2008 ونمت أسعار المنازل في الولايات المتحدة بأكثر من 10 %، وفي السوق السعودية حدث نفس السيناريو، سيولة عالية جداً وصلت إلى أرقام تاريخية، وقروض استهلاكية ضختها البنوك بتكاليف منخفضة جداً، ودعم سكني لا محدود لتمليك المساكن للمواطنين، هذه محفزات جعلت الإقبال على شراء الأصول يزداد وارتفعت شهية المخاطرة، فتجاوز مؤشر الأسهم مستويات 11,400 نقطة، الطروحات الأولية زادت والإقبال عليها منقطع النظير، اكتتاب الشركة العربية لخدمات الإنترنت والاتصالات (solutions by stc) تمت تغطيته بأكثر من 130 مرة من قبل المؤسسات والصناديق الاستثمارية، وتحديد سعر الطرح النهائي عند 151 ريالاً وكانت الحصيلة النهائية للمؤسسات أكثر من 471 مليار ريال، وهي أعلى حصيلة في تاريخ الاكتتابات في السوق السعودية ولا زالت حصيلة اكتتاب الأفراد غير معروفة وقد ترفع الحصيلة النهائية للاكتتاب أعلى من 500 مليار ريال، هذه الحصيلة العالية بالرغم من أن معظمها جاء من التسهيلات إلا أنها تعبر عن إقبال شديد على الاكتتابات الجديدة، السيولة العالية قد تكون سلبية على الاقتصاد إن لم يكن لها منافذ استثمارية جديدة، تدخل البنك المركزي السعودي لخفض السيولة أحد الحلول مع زيادة التشديد في شروط القروض الاستهلاكية، مؤشر السوق العقاري ارتفع بنهاية الربع الثاني إلى مستويات 81.29 نقطة، وقد يصل إلى رقم سنة الأساس التي تم القياس عليها بـ100 نقطة في عام 2014 وهي السنة التي بلغت فيه أسعار العقار ذروتها، ولكنها تراجعت كثيراً في عام 2015 بعد تراجع أسعار النفط وحدوث عجز كبير في الميزانية العامة للدولة، وبدء تطبيق لوائح التمويل العقاري بضرورة سداد 30 % من القرض العقاري، وإلغاء صكوك لمساحات شاسعة من الأراضي، إلا أن التسارع الكبير في برامج الدعم السكني والاستعانة بالبنوك لمنح القروض السكنية في مدة زمنية صفر، كل ذلك ضخ سيولة عالية في السوق العقارية وتجاوزت قيمة القروض السكنية المقدمة من البنوك 220 مليار ريال منذ بداية عام 2020 وحتى نهاية شهر يوليو الماضي، وهذه بدون القروض المقدمة من شركات التمويل وكذلك التمويل الاستهلاكي الذي اُستخدم جزء منه في شراء الأراضي السكنية، هذا الضخ العالي للسيولة في السوق العقارية ساهم في رفع متوسط أسعار الأراضي بأكثر من 36 % على أساس سنوي والفلل حوالي 15 % والشقق حوالي 18 %، والاستمرار في الضخ المالي على قطاع الإسكان سوف يرفع أسعار العقارات إلى أرقام قياسية إن لم تتم معالجة هذا التضخم بضخ مساحات إضافية من الأراضي، لأن رسوم الأراضي أثبتت أنها غير مجدية مع تزايد أسعار الأراضي، تجار العقار لن يفرطوا في نمو أسعار الأرضي إن لم يكن الارتفاع أقل من 2.5 % وهي نسبة رسوم الأراضي، الحل الآخر تقليل التسارع في تقديم برامج الدعم السكني وخصوصاً أن المستهدفات تحققت بوتيرة أعلى من المخطط لها في رؤية 2030 وهذا من شأنه التحكم في معدلات تضخم أسعار العقارات وكذلك مواد البناء.





منقول