منتديات قبائل شمران الرسمية


الخواطر والقصص والروايات يهتم بالخواطر والقصص والنثر التي من نزف الأعضاء

 

 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع

قديم 07-07-2008, 10:42 PM   #1
 

الشمراني2 is on a distinguished road
من جديث الذكريات في القرية 2

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد ...
فأشكر لكل من مر على موضوعي الأول من حديث الذكريات ، ولقد سرني ما قرأت من تعليقات هي نابعة من القلب ، مما حدا بي للتفكير في عرض ثاني حلقات هذه السلسلة اليوم ، وأعلم علم يقين أنني كاسد البضاعة ضعيف الأسلوب ولكنكم رفعتم من معنوياتي فإليكم إخواني الأعزاء وأبناء قبيلتي الشرفاء أهدي الجزء الثاني وأعدكم بعده بقصيدة من نظمي لعلها تجد نحو قبولكم سبيلا:

من حديث الذكريات (2 )
أساليب تربوية ، وتعاملات وديّة ، وعلاقات أخوية ، وتبادل خبرات ، وإيصال الأفكار بأرق النبرات وألطف العبارات ، هذا ما نعيشه اليوم في العملية التعليمية التربوية ، لن أحدثكم عن الأسبوع التمهيدي لطلاب الصف الأول الابتدائي ، فأنتم تعلمون ما يدور فيه من ضيافة وحسن استقبال ، عصيرات ومعجنات ، وألعاب وحَلْوَيَات ؛ لكني سأحدثكم عن الأسبوع الأول من دراستي عام 1402هـ ، يوم كان الناس متحابين متآلفين ، يساعدون المحتاج ويطعمون الجائع، يتسامرون ويتعاونون ، قلَّتْ الدنيا في أيديهم فصفت نفوسهم وقويت أواصر المحبة بينهم ، عرفت ذلك ولمسته لأني عشت يتيمًا- رحم الله أبي وأسكنه فسيح جناته - كم كانت فرحتي غامرة بالحقيبة الجديدة والدفاتر الملونة ، وأنا أقف في الطابور الصباحي في المدرسة ، ولم ينغّص فرحتي إلا عدم رؤية صديق الطفولة ورفيق الدرب عبد الله عبد الرحمن في ذلك اليوم ، دخلت الفصل خائفًا ودلفتُ إليه وَجِلاً ، أخذ كلّ واحد منّا مكانه ثم جاء المعلّم وما كاد يستقرّ في الفصل حتى صاح به المستخدم نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة امكُتِبْ يا عبدالله ) ! تسلّمنا الكتب ثم عدنا للفصل نحمل أثقالاً مع أثقال خوفنا ، لاسيما بعد أن سمعنا من الطلاب المعيدين قصصًا تشيب لهولها مفارق الولدان ! وهم يصفون لنا بطش عبد الله منيع _ معلمنا- تحدّث المعلم عن حروف الهجاء ، وكتب على السبورة الطباشيرية حرف الألف ، وقرأه علينا ثم رسمه لكل واحد منّا في دفتره بالقلم الأحمر ، وطلب منّا كتابة خمس صفحات لحرف الألف في المنزل ! وما أشقها علينا وأتعبها لنا! توالت الحصص ومعها التهديد والوعيد حتى انصرفنا من المدرسة وفي قرارة كلٍّ منا أنه لن يعود للمدرسة مهما حدث ، خاصةً بعد أن تسلّط علينا الطالب حسن أحمد عريف الفصل . عدت إلى منزلنا في القرية المجاورة وأنا لا أفكّر إلا في غدٍ ، كيف أكتب الخمس صفحات وأنا لم أكتب قبلها لا مازحًا ولا جادًا فيما أعلم. ثمّ ماذا أصنع بما أنا مأمور به من الذهاب إلى المرعى بالضأن أعشّيها ؟ ولن أعود إلا قُبيل الغروب! ولا كهرباء تضيء القرية إنما هي سُرُجٌ تضاء ( بالقاز ) تسمى عندنا ( فوانيس ) ، تكتّمتُ على أمر الواجب حتى صلّى الناس العشاء واستعدوا للنوم ، عندها بدأت أبكي وأعوِلُ ! سألتني أمي ما الخطب ؟ فأجبت وما أكاد أبين من شدّة البكاء ما كتبتُ الواجب ! حوقلتْ وتحسّبتْ ، ثم قالتْ :كم صفحة ؟ قلتُ لها : خمسٍ ! تلفتتْ يمينًا وشمالاً ولم تَجدْ بُدّاً من إرسالي مع أختي الكبرى لأحد أبناء القرية ليكتبَ لي الخمس صفحات ، أخذت أختي الفانوس وانطلقنا في ليلٍ بهيم إلى شاب في طرف القرية يقال له إبراهيم، طرقنا الباب فخرجت أمّه لتخبرنا أنه نام ! تنقّلنا في أزقّة القرية نطرق الأبواب ولا مُجيب! عدنا للبيت ودموعي تصبّ صبّا، وقلبي يخفق خفقًا ، استقبلتنا أمي في باحة الدار واستشفّت الخَبر من دموعٍ تتلألأ على وجنتي ، أفكّر في غدٍ فالمعلم بالعصا من أمامي ، وأمي من خلفي لن تسمح لي بالغياب ، وليس لي والله إلاّ الضرب أو الضرب ! قطعتْ أختي حبل أفكاري عندما قالت : سأرسم لك في دفترك مثل ( كَتْبْ ) المدرّس ! بريتُ قلم الرصاص – وهي هوايتي المفضلة – وسلّمته لها ، بدأتْ الكتابة في خمس صفحات لا تسل عن نظافة الدفتر ولا عن استقامة الخط ولا عن صحّة الكتابة ! عَجَبٌ من العَجَب ! كتَبَتْ شيئًا لا يُقرأ وإن قُرئ لا يُفهم ! نمتُ وفي الصباح حملتُ أسفاري إلى المدرسة ، دلَفتُ إلى الفصل ... يا للهول ! أغلب الطلاب يبكون ... لأنهم لم يكتبوا الواجب ! شَعرتُ بالفخر والخيلاء فأنا كتبتُ . دخل المعلم ومعه عصاً يهزّها تارةً ويثنيها تارةً أخرى ، طلب الواجب فتسابقنا إليه ويا ليتني ما فَعلتُ! تأمّل دفتري ثم قال : من كتب لك ؟ قلت : أنا ولم أعلم أنّ حبل الكذب قصير كما يقولون ، فأعطاني طبشورة وطلب منّي كتابة حرف ( أ ) على السبورة ، فتجَمّدتُ أمامها وكأني أول مرة أسمع بحرف الألف ! ومن سوء حظي أني لم أشاهد ما كُتِب في الدفتر إلا في الليل على ضوء خافت ، لم يتبين لي شكله ولم تتضح لي هيئته ، انتظر وانتظر ثمّ صاح بي من كتب لك ؟ فانهرتُ باكيًا وقلتُ : أختي فاطمة ! تسمّرتُ في مكاني وكأن رِجْلِي جبل عظيم ، حاولت الحركة فلم أستطع ! فجذبني إليه كأني أعمى يتلمّس طريقه يقوم ويَقَع ، أخذ يشتمني ويدعو على أختي بالويل والثبور ، ثم صاح بسالمٍ وسعيد القوطة امسكوه فشداني إلى طاولة أحدهم ولَوَى المعلّم عليّ ثوبي ثم انهال ضربًا باليمين حتى ... ولن أكمل ، عدت بعدها إلى مقعدي فلم أستطع الجلوس من حرِّ ما أجد ، آهٍ ما أشدّ ألم تلك العصوات التي ما زلتُ أذكرها إلى الآن ، قضيت ما بقي من الحصة الأولى باكيًا أكفكف دموعي بكمّّ ثوبي،وأنظر إلى الطلاب وهم يتلوّون بين يدي المعلِّم ، منهم من يستغيث بأمّه ومنهم من يتلمّض ولا فائدة ، حتى رأيتُ شقوقَ أرضيّة الفصل مترعةً بما ليس المقام مناسبًا لذكره... ، ولم تكن الحصة الثانية بأحسن حالاً من سابقتها ، فليس هناك إلا الضرب والعنف الذي يهون أحيانًا عند تَنَدُّر عريف الفصل بي ، بل ربما ضربني وقال لي : ( ياناااااااه أبوك مات) فأبكي لأني يتيم ، وأبكي لأني لا أستطيع أن أنتصر لنفسي ، فكان ينتصر لي منه سعيد القوطة لقرابة بيننا أو لرحمة تدركه وشفقة تأتيه عندما يرى دموعي ! فجزاه الله كل خير ، وإني لأذكر له هذا الجميل وغيره ، حيث كان يكتب لي مالا أستطيع كتابته في الحساب والهجاء ، فضلاً عن مؤانسته لي في الفسحة ومدافعته عني أمام أبناء الخؤولة من قبيلة بلقرن ، فهم متعصبون لقبيلتهم ضد قبيلتنا ، ولكَم سمعنا من هنا وهناك هتافات تردد أننا جبناء، وقد فعلوا بنا وفعلوا أيام الجاهلية ، ترانا قلّةً مستضعفين في زاوية المدرسة ، نسير كتلةً واحدة ، نفطرُ معًا في الفسحة ، ونخرجُ من المدرسة كذلك ، نتضاعفُ حتى نخرج من أرضهم إلى قريتنا، فإذا وصلنا وشعرنا بالأمان قذفناهم بأقذع السباب وأشد الشتائم متناسين مثولنا بين يديهم في الغدّ ، وربما كان من بيننا أباةٌ للضَيم يشتبكون معهم في معارك دامية ، تجتمع فيها المدرسة بعيدًا عن أعين المعلمين ، ولعلّ حديثًا أسوقه عنها في مستقبل الأيام ، هذا عن أسبوعي التمهيدي الذي نقلتُ لكم غيضًا من فيضه.

:gif_6:



الشمراني2 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس

 

مواقع النشر




ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى الردود آخر مشاركة
الذكريات هل هي نعمة ام نقمة؟؟؟ بنت رجال النقاشات الـجــــــاده 17 01-10-2012 03:31 PM
الذكريات هم ... حكيم البادية المنتدى العام 9 02-10-2010 09:55 AM
جلد الذات بسياط الذكريات حكيم البادية المنتدى العام 8 12-09-2009 11:39 PM
من حديث الذكريات في القرية1 الشمراني2 الخواطر والقصص والروايات 9 07-06-2008 06:37 AM
101 سلم ...وهمس الذكريات !! hasan الشمراني الخواطر والقصص والروايات 4 04-05-2008 06:09 PM

Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc. Trans by
جميع الحقوق محفوظة لـ منتديات شمران الرسمية