محاكمة القمر

في حَرَم المحكمةِ الكبرى


وقفَ القمرُ مُدان


خلف القضبان


تُهمتهُ أبداً لا تُغفَر


و قضيته نُشِرت في كل مكان


و احتلت من كل جريدة أبرزَ عنوان


حتى الأخبار.. أعلنت الخبر العاجل.. الآن .. الآن


القمر مُدان


لن ينفعَهُ إيُ استرحام


و سيحكم بالإعدام


في ساحة كون الأكوان


الكل


هنا


يترقب


الإنس ... الجان ...


حتى الحيوان ...


الكل


هنا


يترقب


يتساءل؟؟


بعد وفاة القمر.. كيف تضيء الأكوان ؟!!
***


وقف القمر مُدان


لم يرفع في الجلسة رأسه


لم يهمس حتى همسة


و أحسَ بكلِ هوان


فطأطأت العينان


و تصكصكت الأسنان


و تراجفت الساقان


و القلبُ بهِ خفقان


و استرجع بعد سماع الحكم


بالإعدام

***


فقضيتُهُ


-لا تُغفر أبداً-


كُتِبَت في صك التمييز:


في تاريخ اليوم الخامس بعد العاشر


مِن كل شهرٍ قمري


اُكتُشِفَ القمر متلبس


يتقمص شخصيتكِ


يحاول أن يظهر في صورتكِ


يقلدكِ


في حركتكِ

في بسمتكِ

في نظرتكِ

يحاكي حتى مشيتكِ

يتمايل مثل تمايُلكِ

يتغنج مثل تغنُجَكِ

يتدلل مثل تدللكِ

***


اعترف القمر


و قال:


ما نُسِبَ إليَّ صحيح


بلا زيفٍ أو نكران


حاولتُ.. أقلدها


لأبدو أجمل..


فقد كانت أحلى مني


كانت

سر جمال الأكوان


عيناها كالضبيان المكتحلان

نظرتها دَفئةُ نيسان

تحديقتها سوطان.. ملتهبان

و الشَعَرُ الأسود ليلٌ في ليلان

و الخد قِطافُ الرمان

و الشفتان ما الشفتان؟! فيها خَتْمُ سليمان

و البسمة سحر الثقلان..مجتمعان..

***


و قال القمر :


الكل كان يحدثني عنها


الشمس تحدثني عنها..


النجم يحدثني عنها..


السحب تحدثني عنها..


الليل يحدثني عنها..


الكل بها هيمان


الكل لها سهران


و أنا وحدي !

اتلفت كالحيران


نسيني الكل


و كأني ما كنت سمير الولهان


و كأني ما كنت حبيب الخلان


و كأني ما كنت جمال الحَدَثان


هي فعلاً أسطورة


ما أجملها..


ما أجملها..


ستضيء سماء الكون


بنور محياها


ببسمة شفتاها


بهالة خدَّاها


بعد رحيلي..


القمر... سيعدم


و الكل.... سيعلم



فمن يتجرأ

أن يتقمص

شخصيتها..

سيندم..

سيندم..

سيندم..