منتديات قبائل شمران الرسمية


الخواطر والقصص والروايات يهتم بالخواطر والقصص والنثر التي من نزف الأعضاء

إضافة رد

 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع

قديم 12-12-2015, 02:56 PM   #1
Photobucket
 

عبدالله سعد حوفان is on a distinguished road
افتراضي من قصص الجوع

من قصص الجوع

قصة إبراهيم بن عبدان البكري الشهري

اتمنى قراتها ....

من قرية الجهوة بقبيلة بني بكر ،
زمان الجوع قبل 75عام في النماص

كما ذكرها الشيخ د. عبدالله بن بلقاسم في خطبة الجمعة ..


يقول كنت طفلا صغيرا حين نشب خلاف بين أمي وأبي غادرت معه أمي بيتنا مصطحبة معها أخويّ الصغيرين ، وتركتني باعتباري أكبر منهما مع والدي ،
وتزوج أبي زوجة أخرى وأنجب منها طفلتين ..
وفي نحو سنة 1357 أجدبت ديارنا ، وشحت أرضنا ، وانتشر الجوع والفاقة ، وضاقت الأرض بما رحبت على أهلها ، حتى أكلوا أوراق الشجر وجلود الحيوانات ، حتى كان الرجل يبيع أرضه التي كانت أغلى من روحه من أجل وجبة عشاء يمنح بها نفسه وأهله فرصة أخرى* قصيرة للحياة ..
حينها شعر والدي بأنه يمثل عبئا على والده جدي وأنه لن يتمكن من الوفاء بحاجته وحاجة أطفاله، قرر الرحيل بنا ، وخرجنا حتى وصلنا إلى الشعف ( شعف النماص ) ..
فالتفت إلي والدي وطلب مني الرجوع لأبقى مع جدي وجدتي ، فاستجبت له ورحل ثم التفت يقول لي قبل الوداع : لعلنا لا نلتقى بعد هذه اللقاء أبدا يابني ،
إنها رحلة إلى المجهول ، سفر بلا وجهة ولا هدف سوى البحث عن لقمة تسد رمق الطفلتين وأمهما ..
وعدت مع جدي ، وازدات الأمور سوءا ، والجوع يخيم على المكان والزمان ، والناس تفر من البلد ، ولم يبق إلا كبار السن وبعض الصغار ..
وحين خاف جدي علي أن أموت جوعا ، أشار علي أن ألحق بأمي وأخويّ الصغيرين عند أهلها ..
فذهبت أمشي وأنا في حدود الثانية عشرة إلى أمي على بعد ثلاثين كيلا إلى الشمال من النماص وبقيت أمشى من الصباح حتى جاء المساء ووصلت إليها ففرحت بي فرحا عظيما واستقبلتني ، ورأيتها تبيع الحطب من أجل أن تسد رمق أخويّ الصغيرين ، فأضفت إليها عبئا جديدا ، ولم يمر وقت طويل حتى شعرت بأنها عاجزة عن إطعامنا ، وخافت أن يقتلنا الجوع ،* فقالت انزل يا بني إلى تهامة لعلك تجد والدك أو تجد شيئا تأكله وأرسلت معي أخي الذي يصغرني ، وتركت أصغرنا معها ، وصحبنا ابن خالتي الصغير أيضا ونزلنا إلى تهامة أقود رحلة الأطفال البؤساء حيث كنت أكبرهم إلى تهامة ، حيث تنتشر الملاريا والوباء والناس يموتون فرادى وجماعات من فتك المرض ، ولكن لا خيار لنا .. الموت جوعا أو وباء ، إنها خيارات متقاربة ، لابد من الركض إلى النهاية ، مضينا حيث لا نعرف طريقا ولا وجهة ، نقترب في المساء من البيوت لنؤنس وحشتنا ، ونأكل ما نجد في الطريق من الشجر*حتى وصلنا سوق الاثنين في المجاردة اليوم ، والناس يتبايعون الحبوب والتمر والزبيب ، فنستبق إلى حبة سقطت هنا أو هناك ، والناس لا يكترثون بمنظر الأطفال الجياع يبحثون عن الحبوب كالطير وذلك لأن الفاقة تضرب الجميع والجوعى كثر ..
تفرقنا في السوق فلما جاء المساء لم أجد اخي ولا ابن خالتي ..
بحثت عنهما طوال الليل فلم أجد أخي الصغير وعمره ثمان سنوات إلا في الصباح فضربته بعنف لشدة خوفي عليه وألمي من فراقه ليلة كاملة ، ثم ندمت ندما شديدا على ضربي إياه وهو الصغير الشريد الجائع ، فكنت أحتضنه طوال الليل وأبكي ندما ورحمة به ، ولم أجد ابن خالتي إلا في اليوم الثالث ، وجدته قد مات جوعا أو مرضا ..
حينها قررت العودة إلى أمي في الحجاز وقد خسرنا في الرحلة ابن خالتي وصعدت بأخي الصغير إلى أمي وأعلمتها بوفاة صاحبنا ، فحزنوا إن كان بقي في قلوبهم حزن حينها ، وبكوا إن بقيت لهم عيون يبكون بها ..
وما إن وصلت حتى ارتفعت حرارة أخي الذي كان رفيقي في الرحلة لقد أصابته الملاريا هو الآخر، وظلت أمي وأنا نسهر معه طوال الليل ، وكنت أضمه إلى صدري وأبكي ، وحين بزغ الفجر أرادت أمي أن تذهب لتأتي بقربة ماء فناداها أخي المحموم بصوت خافت لا تذهبي إنني سأموت الآن قبل أن تعودي بالقربة ، وبالفعل مات .. شعرت أن أمي المسكينة لم يعد في قدرتها القيام بإطعامي مع أخي فعدت إلى جدي في النماص لعل الأوضاع قد تحسنت ، فإذا هي قد ازدات سوءا والجوع قد كلح بوجهه في كل الزوايا ، فاقترح علي جدي أن أنزل من جديد إلى تهامة إلى والدي في القرية الفلانية ..
فذهبت أمشى أربعة أيام في طريق المجهول ، أقترب من المزارع آكل منها وأمضي ، وفي ذات مرة اقتربت من بستان أقتات ما أستطيع منه فإذا بي أرى أبي فاحتضنني وبكيت بحرقة وأعلمته بوفاة أخي ، وأخبرني بوفاة زوجته ، وجعل يخفض من حزني ويقول سوف أعود فآخذ أمك وأخوك ونعود إلى النماص ويلتئم شملنا من جديد ..
فاجتاحني فرح أنساني كل أحزاني وبشرت أختي الصغيرتين وضممتها إلي وحدثتهما عن أحلامي وعودة أمي وكانوا في حجرة صغيرة تحت صخرة في وادي تهامة ، وقلت سأذهب أجتني لكم النبق وحين عدت بعد المغرب إذا أبي ينتفض من الحرارة فجعلت أرش عليه الماء وأضع النبق في فمه لعله يأكل لكن الأجل كان أسرع ومات أبي وحبات النبق في فمه لم يتمكن من بلعها ، وماتت الفرحة بسرعة وجاء الناس حولنا حين سمعوا صراخي مع الصغيرتين فدفنوا أبي ، ثم ذهبوا وتركونا في الغار وحدنا أنا مع أختيّ ، إحداهما في الثانية من عمرها والثانية في الرابعة ، وانضمت أجسادنا واجتمعت علينا الأحزان ، وتجاوبنا الدموع تلك الليلة الموحشة ، لنستيقظ في الصباح على موت أختي ذات الأربع سنوات ولحاقها بأبي ..
فدفنتها بجوار قبره ورحلت بالطفلة ذات العامين أسير في حر الشمس حتى وصلت إلى قرية في خاط ، حينها رأتني عجوز ورأت اختي على ظهري تصهرها الشمس قالت ياولدي اترك هذه الضعيفة معي فقد قتلتها الشمس ، واذهب لعلها تتعافى ثم تعود إليها أو تموت فتستريح فتركتها ، وذهبت إلى جدي في النماص وأعلمته بوفاة والدي وزوجته وأختي الصغيرة فبكاه بحرقة وظل يبكيه طويلا حتى فقد بصره ، ثم عدت بعد أيام ألتمس أختى عند العجوز فأخبرتني أنها ماتت بسرعة بمجرد فراقي لها ..
واستمر الجوع فترة ثم فرجها الله سبحانه ونزلت الأمطار على البلد وأغاث الله الخلق وكشف ما بهم ..
هذا ليس فصلا من رواية البؤساء ولا مقطعا من فيلم في الخيال ، إنها قصة إنسان هذه الأرض قبل سبعة عقود فقط ، قصة بقايا الآلام في وجوه الأحبة الذين ترونهم هنا في الثمانين والتسعين من أعمارهم ..
اقرؤوا تلك القصص في وجوههم ، دعوهم يحدثونكم عن ندوب التاريخ في وجوههم وأكفهم وقلوبهم ..
حدثوا أطفالكم عن معني المأساة والألم والأحزان والفاقة ..
كافحوا أيها الأحبة من أجل الحفاظ على النعم بالعبادة والطاعة وترك المعاصي
والتعاون على البر والتقوى ..
أكثروا من الدعاء والتواضع ، ودعوا الإسراف والكبر فإن الأيام دول ..
تراحموا وارحموا الضعفاء والبائسين والمساكين ..
اللهم إنا نعوذ بك من زوال نعمتك وتحول عافيتك وفجاءة نقمتك وجميع سخطك .



عبدالله سعد حوفان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-14-2015, 04:45 PM   #2
المدير العام لمنتديات قبائل شمران الرسمية
 
الصورة الرمزية حسن بن عبدالله
 

حسن بن عبدالله is on a distinguished road
افتراضي رد: من قصص الجوع

معاناه وقصه محزنه فنحمد الله على هذه النعمه
عبدالله بن سعد حياك الله
وشكرآ لك على حضورك المميز
فبارك الله فيك



التوقيع

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة




( ابوحوفان )

حسن بن عبدالله متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-14-2015, 06:59 PM   #3
اداري عام المنتديات
 
الصورة الرمزية بكرعلي
 

بكرعلي is on a distinguished road
افتراضي رد: من قصص الجوع

الحمدلله على مانحن فيه من نعم وشكرا لك



بكرعلي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-17-2015, 06:16 AM   #4
نائبآ أول للمدير العام ومستشار عام للمنتدى والصحيفة
 
الصورة الرمزية سعد عبدالرحمن
 

سعد عبدالرحمن is on a distinguished road
افتراضي رد: من قصص الجوع

اللهم لك الحمد حتى ترضا ولك الحمد بعد الرضا

نعم هذه القصة وغيرها كانت كثيرة بعهود الاجداد ونسأل الله ان لا تعود


شكرا لك وأكثر



سعد عبدالرحمن غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس

إضافة رد

مواقع النشر




ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى الردود آخر مشاركة
ماحد يموت من الجوع ؟؟؟؟؟ شمس الحقيقة المنتدى العام 4 04-13-2013 01:14 AM
خلايا الدماغ تلتهم نفسها عند الجوع ُ فوائد الطب والحياة 3 05-28-2012 12:11 AM
لا حول ولا قوة الا بالله بكثرة الجوع في افريقيا ياكولون الفيلة ام ليان المنتدى العام 3 05-30-2010 11:37 AM
تلويحة الجوع .. تركي آل غريب الخواطر والقصص والروايات 4 09-02-2009 03:21 PM
في الجوع عشر فوائد كلمة حب الطب والحياة 6 08-05-2009 06:05 PM

Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc. Trans by
جميع الحقوق محفوظة لـ منتديات شمران الرسمية