جينيس العرب وهموم الشعوب

جينيس العرب وهموم الشعوب

سعود عبدالرحمن الشمراني/ نجران/ saudsh155@hotmail.com

(دشنت شركة قطرية للتطوير العقاري أكبر "ثريا" في العالم يصل طولها إلى/5ر38/ متروعرضها 12 مترا فيما تحتوي على 55 ألف مصباح ويبلغ وزنها 20 طنا .. لتدخلبذلك موسوعة جينيس للأرقام القياسية(.
هذا من آخر أخبار هذه الموسوعة العالمية ــ على الأقل فيما بلغني ــ وجميل أن يتميز الإنسان فيأتي بما لم يأتِ به غيره، ولا يزال الناس يتسابقون إلى المراكز الأولى، بل إن الله تعالى أمر بالتسابق إلى الخير، وامتدح الذين يسارعون إلى نيل الدرجات العلى.
وبصرف النظر عن هذه الموسوعة وأهدافها وماذا يجني الفائزون حين يدخلونها، فإن مما يُسعِد المرءَ أن يجد دولنا العربية تنافس على دخول هذه الموسوعة، وهو في حد ذاته مطلب لكل محب للصدارة، ويجدر بنا أن ننافس على الأولوية في كل مجال، ويحق لنا أن نشارك العالم تسابقه المحموم نحو الأفضلية، أياً كانت هذه الأفضلية.
ومع إعجابنا لأفعل التفضيل التي هي رمز للتقدم إلا أن استعراضاً سريعاً للمنجزات التي أنجزتها دولنا العربية واستحقت بها دخول موسوعة جينيس يظهر أن تلك المنجزات لا تنطلق من هموم وحاجات الشعوب العربية، ولو أن منجزاتنا انبثقت من حاجاتنا وهمومنا لكان لنا في كل يوم رقم قياسي يحسدنا عليه العالم.
وباطلاع سريع للأرقام العربية في موسوعة جينيس يجد المواطن العربي نفسه أمام إنجازات لا تعنيه في شيء، ولا تهمه، فلا الإنجاز لبى رغباته، ولا هو حقق أحلامه، ولا هو راعى همومه واحتياجاته، بل ولم يسلم المواطن العربي من الغيظ والحنق حين يعلم أن تلك المنجزات أو بعضها كانت على حساب أشياء هي أهم بكثير في ميزان الأمم الحرة المتحضرة، ويزداد غيظه إذا تأكد بأن هذه الإنجازات كانت بميزانيات لو أنها صرفت فيما هو أفضل لكان أولى للوطن العربي والشعوب العربية.
وبنظرة إلى موقع الموسوعة على الإنترنت تلفت النظر عناوين هي إشارات إلى منجزات بعض الدول العربية ومن تلك الإشارات: (أضخم طبق بريانة، مغنّي الراي الأكثر مبيعًا، أضخم قبعة تخرّج، أكبر خاتم ذهبي وزنًا، أطول قطعة من حلوى المرزبان)، إلى غير ذلك من الإشارات التي كنا نتمنى أن ندخل جينيس بأفضل منها.
ولمعترض أن يعترض فيقول: لماذا لا تشجعون هذه الإنجازات بدل أن تنقصوا من قدرها في وقت قلّتْ فيه الإنجازات؟ فأقول إننا لا نعترض ولكننا نؤمل الأفضل، فنحن نطمع أن نكون على قدر قيمتنا الحضارية والتاريخية، فتكون مخترعاتنا على مستوى نظرتنا لأنفسنا، وعلى قدر نظرة الناس لنا، فمن العيب أن ينظر إليك الناس على أنك بلغت عالي الشاهقات، وتأبى أنت بتصرفاتك إلا أن تغير هذه النظرة الجميلة.
لقد أظهر تقرير صدر نهاية عام 2009 عن الجامعة العربية وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي أن 40% أي 140 مليون عربي يعيشون تحت خط الفقر، وأن معدل البطالة بين الشباب في الدول العربية هو الأعلى في العالم، وأوضح التقرير أنه لم يكن هناك أي انخفاض في معدلات الفقر بالمنطقة العربية على مدى السنوات العشرين الماضية، حسب موقع الجزيرة نت، وهذه تعتبر مشكلة من مشكلات العالم العربي وليست جميع مشكلاته، فلماذا لا تكون مخترعاتنا قائمة على حاجاتنا، ولماذا تهدر الأموال فيما لا يحل مشكلةً، ولا يُوجِدُ حلاًّ لمعضلة؟ أم أننا نهتم بأفعال التفضيل حتى ولو كانت هذه الأفعال هي: أفقر، وأشقى، وأجهل؟!!.

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .