ورحـــلـــت أمــــــي

ورحلت أمي

لقد تغيرت الحياة بعد فراقك مباشرة فقد كنت أشعر أنني لا زلت طفلا في حياتك ولكن من اللحظة الأولى لفراقك اكتشفت أنني بلغت الخمسين من العمر .
ولقد كنت أشعر أن لكل شيء طعم خاص ومذاق لذيذ حينما كنت أحضر إليك فأخبرك بكل أموري ولكن بعد رحيلك لم يعد لتلك الأشياء أي معنى في حياتي حتى وإن كانت رائعة إلا أنني اشعر أنه لا مذاق لها وقد اكتشفت أنك من كان يعطي لكل شيء جماله .
أمي الحبيبة لقد تغيرت الحياة حقيقة فلم يعد للأمكنة جمال ولم يعد للزمان لذة وجدت أنني كنت في حضورك أملك كل شيء وبعد فراقك لا أملك شيء . لقد نظرت للأمكنة فذكرتني بتفاصيل علاقتي بك ووقفت مع الزمان فأخبرني بتلك اللحظات الجميلة التي عشتها معك لحظة بلحظة . نعم أنا مؤمن بقضاء الله وقدره ولا اعتراض على ما قدر وقضى ولكن هي مشاعر أعيشها بكامل تفاصيلها .
لقد فقدت دعواتك التي كنت أسعد بها كل يوم ولقد كنت أتشوق للحضور إليك حتى أسمع منك (أستودعك الله الذي لا تضيع ودائعه) ولقد كنت أشعر حينما تقولين هذه الكلمات براحة وطمأنينة لا يعلمها إلا من وهبها لي وبعد فراقك فمن يدعو لي بتلك الدعوات .
أمي الحبيبة : لقد اكتشفت بعد فراقك أنني لم أكن يوما بارا بك ولقد قلبت في صفحات علاقتي بك فلم أجد أنني عملت عملا يليق بمكانتك وحقك عليّ .
نعم وجدت بعد فراقك أن كل عمل عملته من أجلك لا يكافئك بلحظة واحدة ولكنني أعدك أن أبرك بعد مماتك أكثر من بري لك في حياتك لعل الله أن يغفر لي تقصيري في حقك .
ولكل من يقرأ كلماتي أقول سوف تجد أنك مهما بررت بوالديك فستشعر يوم فراقهم أنك لم تبرهم بشيء يذكر وما ذاك إلا لمكانتهم وعظيم حقهم عليك فكن في برهم مجتهدا حتى لا تشعر بالغبن يوم فراقهم .
وختاما ( اللهم اغفر لوالديّ وارحمهما كما ربياني صغير )