قيد الصائد وصيد الآبد الحلقة الأولى (فلسفة الحب)

الفصل السابع والعشرون جاءني صاحبي بعد أمة فقلت مه يا أسير القوارير نسيتنا ولما تجف عليك الدموع ما فعل الله بك قال ليتني تزوجت من أمد لقد أزالت هذه الحورية عن قلبي كل كمد أنا في جنة من الجنان رحمة ومودة وأنس وسعادة وعلم وعبادة لكني قد أخطأت على هذه الكريمة حين أضمرت في قلبي ضميمة فهل عندك لي من عذر أبديه أو معروف إليها أسديه قلت له مداعبا : لقد علمتُ ما جاء بك إلا حاجة أحوجك إليها ما فيك من لجاجة حدثني ما الذي ضممته أسدل الله علي وعليك ستره ورحمته قال: سوف أخبرك وأشترط أن تكتم شأني عن أولي الطمع قلت: لك ما اشترطت فأنشأ يذكر لي خطبه على استحياء فلما سمعت ما قال هان علي الأمر وعلمت أنه عتب المحبين قلت يا هذا: أبشر بما يسرك بإذن باريك جئني في المساء تجد الدواء بإذن رب السماء فقال لقد أبعدت الأجل والقلب مني في وجل قلت لا حيلة لك إلا الصبر فإن الخراج بالضمان يداك أوكتا وعقلك جنح فخرج وهو يحوقل ويتحسب

الفصل الثامن والعشرون خرج صاحبي عني وخلوت بنفسي وعصفت ذهني فانداح الشعر بين يدي وتناثرت مفرداته وتسابقت عباراته وأخذت قلمي فكتبت لصاحبي قصيدة تناسب حاله وما أسر به فلما جاء المساء جاءني يطلب الدواء وقال ماذا لي لديك؟ قلت خذ هذه القصيدة بلا ثمن فألقها بين يديها فإن للغواني ولع بالاعتذار وحب للأشعار وأرجو أن تكون عذرك الليلة ولا تعد فتخطئ على صاحبتك واعلم أن شعرة معاوية قد أطاحت بكل خلاف فنظر في القصيدة وقال ما فهمت الكثير مما فيها قلت له لكن صاحبتك ستفهم؟ فخرج وهو يقول اللهم سلم سلم تقول القصيدة: ســلامٌ على أهل الوِداد مـرتلٌ يرتلــه قلبـي ولَحْظِي وأدمُعي سلام إلى حورية ليـــس غيرُها يُســايرني دربي ويجتـازه معي حَصَان أَبَتْ غيري ورامت مـودتي وقلبي أبا دعوى سواها فلـم يعِ دعاني إلى سوح الهوى كل صارخ فلم أر فيهم غير شـاكٍ ومـدعي عَتِبْتُم فلا والله ما خنت عهدَكـم وما كنت يوما في سنا حبِكم دَعِي وقلتم علمنا ما جرى منك كلَّـه فقلت علمتم بعد تَوْبِي ومَـرْجِعي ومن ذا الذي ترضى سجاياه كلُّها وهل أنا إلا من أولي النقص مَنْزِعي على أن لي في النفس عذرا كتمته وأخفـيه عن ذي رغبة وتطلـعِ فيا ربةَ الأخلاق والحسـن والحِجَا حَنَانَيْكِ رفقا بالحبيــب المولَّعِ فلو قد عـلمتي وجده وشُـفوفَه وما كان يلقى من عنـاً وتفجعِ لما غمضت عيناك بالنوم لحظــة وناديت يا روحاً عـليه توجعي فهاهو قلبي يا ابنةَ العلم حاضر حسير وقد كانوا يقولون ألمعي وهاهي روحي قد أتيتُ أزفُّــها إليك فصونيها عن الذلِّ أو دعي

الفصل التاسع والعشرون ذهب عني صاحبي وغاب وكنت شديد التطلع لعوده والإياب فلما طال علي انتظاره ذهبت إلى ربوعه أسأل عن أخباره طرقت باب الدار وإذا هو من خلفي يحيي بي أكثر الترحاب وأكثرت له العتاب ولما دلفنا إلى داره استنشقت في بيته نسمات العبادة وأحسست في جوانحي بارتياح غريب بيت هادئ لا تسمع فيه لغوا ولا عزفا لا زخرف ولا ما يصرفك عن همك الأكبر حانت مني التفاتة فرأيت قصاصة عليها أبيات من الشعر قادني الفضول للنظر فيها وإذا هي أبيات في غاية الجمال فلما جاء صاحبي بقراه سألته عن هذه الأبيات قال أو قد رأيتها سامحك الله يا ضيفي لقد كنت أود أن أجعلها لك مفاجأة فقلت ما قصتها قال هذه أبيات نظمتها صاحبتي بالجنب ردا على أبياتك التي كتبتها لي فقلت له هل تأذن أن أرويها قال ذلك لناظمتها قلت استأذنها فإن هذه الأبيات قد نالت إعجابي الشديد ولعل أن يكون في نشرها نفع وفائدة فذهب وعاد مبتسما قال وافقت بعد لأي قلت الحمد لله أخي القارئ هذه أبيات القصيدة فلعل أن تعجبك كما أعجبتني ألا أيُّ هذا الطالبُ العفوَ مرحبـاً وأهلا بمن أَضْحَى إلى الوصْل مائلا أتيتم وقد ضاقت بنا الأرضُ كلُّها وكانت علينا قبلُ رحْبَاً وسلْسلا فإنا بحمـد اللـه نحلـم إن بـدا من الخِلِّ إقبالٌ وإن قال أو قلى فمَا بَيْنَنَا من صـادق الـود شافعٌ ومـيثاق ربي زانَ هذا وأكـملا وما قد كتمتم من مـرادٍ ورغبـةٍ علمنـاه من لَحْنِ الكلام مكمَّلا وأَعْلمُ أن اللـهَ قد زانَ شرعَـه وأحكمه سبحان ذي العزِّ والعلا ولكنني يا كلَّ مـا لي من الورى غداً في قيام الناس أُدْعى وأُبْتَـلَى فأخشى على نفسي إذا كان كائن بأن لا أصـون الوُدَّ أو أن أُبَدِّلا وأخشى من الحساد أن يشـمتوا بنا وأخشى على الأنجال أن يَذهبَ الوَلا ولي غيرة كالنار يُذْكِي وَقُودَهـا هواكُم وذكراكُم وعهدٌ بكم خلا فرفقا بقلب لم يزل في إِسـارِكم وآت ذوي قرباك حقاً مُسَـجَّلا رعـاه رسـول الله في أم زينـب ولم يرض للزهراء هـماً ولا بـلا فلم يكُ في هـذا من اللـه مُعْتَـباً ولم يعـصِ في هـذا الكتابَ المنَزَّلا وما كلُّ ما في النفس أَسْطِيْعُ قولَـه ودمـعي وكيلي أن يوافي بما تـلا وأَختـِم قولي بالصلاة على النَّبـي وآلٍ وأصـحابٍ وتَبْـعٍ على الوَلا

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية

و انتظر مزيدك

مشكور اخي على الموضوع

نشكرك شيخنا الفاضل فلعلك تغير مفهوماً خاطئاً عن الدين والمتدينين
فالدين يحثنا على انقتاء الألفاظ التي من شأنها أن تزيد الألفة بين القلوب وبالأخص بين الزوجين ويجيز لنا
الغزل العفيف وملاطفة الزوجات دون فُحش أوفجور، ومثل هذا ما كان يفعله بعض الشعراء في الجاهلية وبعد الإسلام،
وهو أنهم يسطرون في بعض قصائدهم شيئاً من الغزل العفيف كقول زهير بن أبي سلمى:

بانَتْ سُعادُ فَقَلبي اليومَ مَتْبولُ
مُتَيَّمٌ إثْرَها لم يُفْدَ مَكْبولُ

وما سعادُ غَداةَ البيْنِ إذ رَحَلوا
إلاّ أَغَنُّ غَضيضُ الطَّرْفِ مَكْحولُ

تَجْلو عَوارِضَ ذي ظَلْمٍ إذا ابْتَسَمَتْ
كأنّهُ مُنْهَلٌ بالرَّاحِ مَعْلولُ
إلى اخر القصيده ، وقد ذكرها زهير في حضرة النبي صلى الله عليه وسلم


ولو تسمح شيخي أن أدرج هنا بعضاً من أبيات للخليفة يزيد بن معاوية صنفها الأدباء ضمن أشهر ماقيل في الغزل العفيف :

نالت على يدها مالم تنله يدي ......... نقشاً على معصم واهت به جلدي

كأنه طرق نمل في أنا ملها ............. أو روضة رصعتها السحب بالبرد

خافت على يدها من نبل مقلتها .......... فألبست زندها درعاً من الزرد

مدت مواشطها في كفها شركاً ........... تصيد قلبي به من داخل الجسد

إنسية لو رأتها الشمس ماطلعت .......... من بعد رؤيتها يوم على أحد

سألتها الوصل قالت: لا تغر بنا ........... من رام منا وصالاً مات بالكمد

فكم قتيل لنا بالحب مات جوى .............. من الغرام ولم يبدي ولم يعد

فقلت أستغفر الرحمن من زلل ........ إن المحب قليل الصبر والجلد

قد خلفتني طريحاً وهي قائلة: ....... تأملوا كيف فعل الظبي بالأسد

وأمطرت لؤلؤ من نرجس وسقت ......... ورداً وعضت على العناب بالبرد

والله ما حزنت أخت لفقدأخٍ ................ حزني علية ولا أم على ولد

أخوي
أبو عزة
عبد الهادي
شكرا على التعقيب

بني العزيز أبا سليمان مرحبا بك وبرقمك ورسمك أنت الذي تسايرني دربي وتجتازه معي ردودك ردود حامل هم وشريك قضية بني المبارك أرجو الله أن ينفع بهذه الكلمات فلقد خيم على كثير من البيوت شبح الجفاف العاطفي بل خيمت عليه سحب الخلاف والشقاق لما ترك الناس ميثاق الله الغليظ الذي جعله بين الزوجين كن معي يا ابن شقيقتي لا همت عليك عين ولا توجع عليك محب

طال السفر

والهجر بانت مواريه

بني العزيز أبا سليمان سفر صاحبك فيه الله سفر جميل العصمة بالله راحة لكل مكلوم أستأذنك أيها الموقر للدخول للفصل التالي