منتديات قبائل شمران الرسمية


منتدى نصره الرسول (صلى الله عليه وسلم ) نسأل الله أن يحشرنا في زمرة الأنبياء والعلماء والصالحين

 

 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع

قديم 08-28-2009, 04:49 PM   #1
محرر رابطة الكورة السعودية
 
الصورة الرمزية عبدالعزيز الساهري
 

عبدالعزيز الساهري is on a distinguished road
افتراضي سيرة خير هاذي الامه المصطفى صلى الله عليه وسلم..(1)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته



بدايتاً اسم الرسول وزوجاته وابنائه..
هو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، وعدنان من ذرية إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام

زوجات النبى صلى الله عليه وسلم


1- السيدة خديجة بنت خويلد رضى الله عنها



2- السيدة سودة بنت زمعة رضى الله عنها



3- السيدة عائشة بنت أبى بكر رضى الله عنها



4- السيدة حفصة بنت عمر بن الخطاب رضى الله عنها



5- السيدة زينب بنت خزيمة رضى الله عنها



6- السيدة أم سلمة ( هند بنت أمية ) رضى الله عنها



7- السيدة زينب بنت عمته رضى الله عنها



8- السيدة جويرية بنت الحارث بن أبى ضرار رضى الله عنها



9- صفية بنت حُيى بن أخطب رضى الله عنها



10- أم حبيبة رملة بنت أبى سفيان رضى الله عنها



11- مارية بنت شمعون القبطية رضى الله عنها



12- ميمونة بنت الحارث الهلالية رضى الله عنها



13- أسماء بنت النعمان رضى الله عنها



14- قتيلة بنت قيس رضى الله عنها





اولاد النبى صلى الله عليه وسلم


- رزق الحبيب صلى الله عليه و سلم بثلاثة ابناء من الذكور و هم :


1- القاسم رضى الله عنه



2- عبد الله رضى الله عنه



3- إبراهيم رضى الله عنه



- كما رزق صلى الله عليه و سلم بأربع بنات و هن :

5- السيدة زينب رضى الله عنها و كانوا يسمونها زينب الكبرى لأنها اول مولود لرسول الله و تمييزا لها عن زينب الحفيدة ابنة شقيقتها فاطمة الزهراء رضى الله عنها و بنت الأمام على و كرم الله تعالى وجهه .



6- السيدة رقية رضى الله عنها



7- السيدة أم كلثوم رضى الله عنها



8- السيدة فاطمة الزهراء رضى الله عنها




و قد ماتوا جميعاً فى حياة رسول الله عدا فاطمة الزهراء فهى التى ماتت بعد وفاته بستة أشهر و جميع أبناء الرسول من خديجة بنت خويلد رضى الله عنها , عدا إبراهيم ابنه من مارية القبطية فقط



ولدت هذه الأمة مع ميلاد الحبيب محمد (صلى الله عليه وسلم).سأحكي لكم قصة حياة حبيبنا مجمد، سأحكي عن النبي حياً وميتاً وستكون وفاته مؤثرة، وفي حياته ستشعر بمدى المصاعب التي واجهها، لكنني لن أحكي من أجل الحكاية ولكن من أجل الخروج بهدفين:
1_حبه صلى الله عليه وسلم حباً شديداً وشعور به جداً لدرجة ذرف الدموع عند ذكره .
2_ نقلده بشدة ,فسنة النبي غالية جداً .
هناك شخص واحد فقط في الكون كل جزئية في حياته تمس كل الناس بل وكل البشرية... لماذا؟ لأن ربنا جمع له في 23 سنة -وهي فترة بعثته- كل ما يحتاجه بنو آدم ليوم القيامة.... أي موقف وأي تصرف تصادفه في حياتك تجد له أصلاً في حياة النبي صلى الله عليه وسلم ,شاباً... عجوزاً... كبيراً... صغيراً... مسئولاً... ضعيفاً... قوياً.... فقيراً... غنياً... أي شيء تريد معرفته في حياتك ستجد له أصلاً في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، لأن الله جمع في مدة بعثته كل ما تحتاجه إلى يوم القيامة... كي لا يدع لشخص حجة أنه لم يتمكن من الإقتداء بحياة رسول الله صلى الله عليه وسلم...

فلا يوجد في حياة أي شخص كافة التفاصيل التي يحتاجها ابن آدم، وحتى الأنبياء، فلا يوجد نبي من الأنبياء يمكن الإقتداء بكل جزئية من حياته... فعلى سبيل المثال يمكننا الإقتداء بسيدنا سليمان كغني شاكر... ملك عادل.. لكن، هل تستطيع أن تقتدي به كفقير محروم؟... لماذا؟ لأن هذه الجزئية غير موجودة في حياته! هل يمكن الإقتداء به كضعيف مقهور؟!هل تستطيع الأمة عندما تكون في حالة ضعف أو انكسار أن تقتدي بسيدنا سليمان؟ لا، لأن هذه الجزئية غير موجودة... وسيدنا عيسى.. يمكنك أن تقتدي به كشاب زاهد صابر بعيد عن المعصية، ولكن، هل من الممكن أن تقتدي به كأب أو جد؟ لا، لأنه لم يتزوج أصلاً!... لكن، من الوحيد الذي تجد لديه كل ما تريد في الدنيا؟ النبي (صلى الله عليه وسلم)...يمكنك أن تقتدي به غنياً وفقيراً... قوياً وضعيفاً... حاكماً ومحكوماً... زوجاً وجداً... زوجاً لأكثر من زوجة... زوجاً لامرأة لديها أطفال من رجل تزوجته قبله وترى كيف يعتني بهم... يمكنك أن تقتدي به والدنيا كلها مقبلة عليه... تقتدي به والدنيا كلها تفر منه... تقتدي به عندما تموت زوجته... تقتدي به عندما يتوفى سبعة من أولاده... يمكنك أن تقتدي به و هو مسالم و هو محارب... تستطيع أن تقتدي به في كل جزئية في حياته.لذلك فإن النبي هو الوحيد في الكون الذي لا توجد في حياته خصوصية أو سر.. لكي يكون قدوة... كيف يعامل زوجته و هي حائض... كيف يعاملها و هو صائم... كيف يغتسل مع زوجته... يقبل زوجته أم لا... وكيف ومتى يقبلها... وصف وضعه المالي... وضعه المالي عند الوفاة... فلا توجد خصوصية... فلم لا تقتدي به إذن؟ تحبه حباً شديداً؟ في يوم من الأيام، كان الرسول (صلى الله عليه وسلم) يمشي مع مجموعة من الصحابة ومنهم سيدنا عمر، أمسك يده بحنان وعطف فقال عمر من فرط الحلاوة التي شعر بها من يد الرسول (صلى الله عليه وسلم): والله يا رسول الله إني أحبك!فسأله النبي: "أكثر من أهلك يا عمر؟" فقال نعم يا رسول الله... فقال: "أكثر من ولدك يا عمر؟" قال: نعم... ثم قال: "أكثر من مالك يا عمر؟" فقال: نعم... قال: "أكثر من نفسك يا عمر؟" قال: لا يا رسول الله!..فقال الرسول: "لا يكتمل إيمانك يا عمر حتى أكون أحب إليك من نفسك وأهلك ومالك وولدك" ويحكي ابن عمر بن الخطاب –رضي الله عنهما- أن عمر بعد هذا الحديث جلس وحده يفكر، ثم رجع إلى الرسول وقال له أمام الصحابة: والله يا رسول الله لأنت الآن أحب إلي من نفسي... فقال له النبي: "الآن يا عمر الآن يا عمر"... فهو يقصد الآن اكتمل إيمانك. تعجب ابن عمر من أن أباه استطاع أن يغير قلبه بهذه السرعة، فسأله عن ذلك، فقال عمر: جلست يا بنى وسألت نفسي.. لمن تحتاج أكثر يا عمر؟ لنفسك أم لرسول الله؟ فوجدت أني كنت في الضلال فأخذ رسول الله بيدي إلى النور، فوجدته أفادني أكثر من نفسي...ووجدت أني آتي يوم القيامة فيدخلني الله الجنة إن شاء الله، ولكن أين لي بالفردوس الأعلى؟ فوجدت أني لا أدخل الفردوس الأعلى إلا بحبي لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) فوجدت أني أحتاجه أكثر من نفسي فأحببته أكثر من نفسي.
وندخل في الموضوع

بدأت البعثة و هو في الأربعين من العمر، ولكنه قضى سنواته العشر بين الثلاثين والأربعين في التأمل في غار حراء، وهو في مكان وعر حتى أنه يصعب على الشاب الصعود له... ولكن عندما تصعد إلى غار حراء تجد المشهد الذي أمامك... فترى الكعبة جيداً وترى الكون فسيحاً أمامك... ولكن ماذا كان يفعل النبي في غار حراء؟ كان يتعبد... ولكن لم يكن هناك في ذلك الوقت صلاة أو صوم... فقد كان يمارس عبادة اندثرت الآن للأسف وهي عبادة التفكر في خلق الله... فكان ينظر في السماء... ويستشعر ويتأمل ويتفكر في خلق الله... لقد تعبد أياماً وشهوراً وسنين عبادةً أهلته لأن يكون نبياً... وفي ليلة من الليالي جاءه الملك، -فقد قال تعالى: "إنا أنزلناه في ليلة القدر"
يقول الرسول: "فبينما أنا في الغار فإذا بالملك يسد الأفق... كلما نظرت إلى ناحية في السماء وجدته يملؤها... يقول لي يا محمد أنت رسول الله وأنا جبريل... ثم قال لي: اقرأ... فقلت ما أنا بقارئ، فأخذني و ضمني حتى بلغ منى الجهد"... حتى ارتجف النبي و تسارعت دقات قلبه... "ثم أرسلني.. فقال: اقرأ... فقلت: ما أنا بقارئ، فأخذني وضمني وضغطني حتى ظننت أنه الموت، ثم أرسلني... وقال: اقرأ... فقلت: ما أنا بقارئ، فأخذني الثالثة وضمني وضغطني حتى ظننت أنه الموت... فقال لي: اقرأ... فمن شدة الخوف قلت: ماذا أقرأ؟ فقال: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ *... و اختفى الملك"يقول النبي: "فرجعت يرجف فؤادي"...
ومن يومها أخذ النبي الموضوع بجدية لمدة 23 سنة... فبالنهار دعوة إلى الله، وبالليل واقف بين يدي الله يصلي،وظل النبي هكذا، فلم يكن ينام إلا قليلاً... حتى قالت له السيدة خديجة: أفلا تنام يا رسول الله؟ فيرد علبها بالكلمة الجميلة التي نهديها للكسالى: "مضى زمن النوم يا خديجة"... الدنيا للعمل كي تحصل على المركز الأعلى في الجنة... وإذا رجعنا إلى القرآن، نجد الله يخاطب النبي قائلاً: "يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ قُمِ"... وأيضاً نفس الكلمة في: "يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّر قُمِ"...ويظل النبي هكذا 23 سنة يقوم بمجهود غير عادي، وينزل القرآن فيقول: "فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ" لكي يؤمنوا و كأن الله يقول له هون عليك... ها نحن نطلب من الناس أن تتحرك بينما يقول الله للنبي هون عليك... ويظل النبي 3 سنوات يكلم الناس سراً... وبعد 3 سنوات يصير عدد المسلمين 40 ... و كان أول 4 اتبعوه (سيدة السيدة خديجة )وطفلاً(على بن أبي طالب ) وصديقه (سيدنا أبو بكر)
تنزل الآية: " فاصدع بما تؤمر".. انتهت السرية..فيخرج النبي (صلى الله عليه وسلم) -وكل الأرض غير مسلمة- يعلن الإسلام... وليس لعدد ضئيل؛ بل للجميع وعلى أكثر الجبال شهرة.. جبل الصفا... فيقف النبي على الجبل، ويبدأ ينادي.. يا بني كذا.. يا بني كذا.. وينادي على القبائل، ثم قال: "أرأيتم إن أخبرتكم أن خلف هذا الجبل الصغير جيشاً يريد أن يغير عليكم.. أكنتم مصدقي؟"قالوا ما جربنا عليك كذباً قط... وهذا أهم شئ من أجل الدعوة.. الأخلاق... قالوا ما جربنا عليك كذباً قط... نصدقك حتى لو قلت أنه يوجد جيش خلف هذا الجبل الصغير... فقال لهم بمنتهى القوة و العزة: "فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد"... ومن يومها يبدأ الإيذاء و يتعرض الرسول لما لا تتخيله... إحدى المرات كان النبي يقف يصلي عند الكعبة، فأتى عقبة بن أبي معيص، وهو أكثر الناس افتراءً على النبي (صلى الله عليه وسلم).. وخلع عباءته وبرمها ولفها على رقبة النبي ليخنقه... ويقول النبي: "فسقطت على ركبتي"... أي أنه منع عنه الأكسجين... وفي إحدى المرات وهو يصلى أيضاً في الكعبة وهو ساجد أتاه عقبة بن أبي معيص وأتى بأمعاء جمل ميت ورماها على ظهر النبي (صلى الله عليه وسلم)... يقول النبي: "فما استطعت أن أقوم" حتى لا يمتلئ جسمه بالوسخ، فظل ساجداً ينتظر أحداً من المسلمين القلائل ليزيل الوسخ من عليه... فظل ساجداً مدة طويلة إلى أن أتت ابنته زينب فوجدت أباها ساجداً هكذا وقريش تضحك... فتأتي السيدة زينب تزيح الوسخ من على ظهر النبي وهي تبكى، فيقول الرسول (صلى الله عليه وسلم): "لا تبكي يا بنية إن الله ناصر أبيك"... وفي مرة كان يعبر إحدى الطرقات بمكة وينتظره أحدهم خلف حائط بجوال من الرمال، وعندما اقترب النبي سكب عليه الجوال فامتلأ جسده بالرمال... وينتظره أحدهم بتراب ليلقيه في وجه النبي عندما يعبر... فيعود إلى بيته ووجهه ممتلئ بالتراب فتبكي بناته وهن يزحن التراب عن وجه أبيهن فيقول: "لا تبكوا يا بنياتي فإن الله مع أبيكم"...بل وحدث أكثر من ذلك، حتى أنهم غيروا اسمه فلقبوه "مذمم" وكانوا يضحكون ويتهكمون عليه... وكان الصحابة يبكون... فيقول الرسول (صلى الله عليه وسلم): "دعوهم إنما يشتمون مذمماً وأنا محمد"...
ويظل هكذا عشر سنوات يعاني من إيذاءٍ ليس موجهاً له فقط وإنما له ولأصحابه... ويعمى من يعمى، وأول من يعمى سيدة وهي مهدية... فتفقد بصرها تحت وطأة الإيذاء...ويقتل من يقتل، وأول من قتل سيدة وهى سمية.ويظل أصحاب النبي يعانون من أشكال العذاب و هم صابرون صامدون... وتكتشف قريش بعد ذلك أنه لا فائدة فقد أبادوا قدر ما أبادوا و هم لا يزالون مصرين. ويستمر الإيذاء 10 سنوات... وتجد قريش أنها كلما زادت الإيذاء كلما ازدادوا قوة!... ما هذا الإصرار؟!...فقرروا تجربة أسلوب جديد... فعرضوا على النبي المفاوضات...وكانت المفاوضات على هيئة مساومة... فقالوا له: يا محمد.. إذا كنت تريد أن تكون غنياً نجمع لك أموالاً فتكون أغنى رجل بيننا ودعك من هذا الموضوع.. وإذا كنت تريد أن تكون ملكاً ننصبك علينا.. وإذا كنت تريد أن تكون رئيساً نجعلك رئيساً و يرجع لك الجميع قبل فعل أي شئ.. وإذا كنت تريد الزواج من أجمل فتاة لدينا نزوجك إياها.. ونلاحظ أدب الحوار في رد النبي عليهم..فقد قال: "قل يا أبا الوليد، أنا أسمع"، و لم يقاطعه النبي، وعندما انتهى الرجل، قال له النبي بهدوء: "أفرغت يا أبا الوليد؟" فقال: نعم.. قال: "فهل تسمع مني؟"ا؟وبدأ الرسول يرد عليه بالقرآن، فقرأ من سورة فصلت، وبدأ وجه الرجل يتغير من قراءة النبي وتأثر، فهو يقرأ من قلبه حتى تشعر, كأن الله يكلمك أنت... حتى وصل إلى "فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِّثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ" فوضع الرجل يده على فم النبي و قال له: ناشدتك أن تسكت!... خاف... تأثر... خاف من كلام النبي...إذن لم تنفع هذه الطريقة، فجربوا طريقة أخرى، فذهبوا لأبى طالب، وطلبوا منه أن يجعل ابن أخيه يسكت، فيهدئهم بكلمات طيبة ويقول لهم أنه سيخبره ذلك، ثم يدع النبي يفعل ما يريد، ولكنهم ذهبوا إليه مرة ومرتين وثلاثة، حتى يصير الأمر صعباً على أبي طالب، فذهب للنبي وقال له: لقد دافعت عنك كثيراً يا ابن أخي فدعك من هذا الموضوع، فلم أعد أقدر على الوقوف إلى جوارك أكثر من ذلك..ويقول النبي:"والله يا عمي.. لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في شمالي على أن أترك هذا الأمر ما تركته حتى يظهره الله أو أموت في سبيله"... إذن لم تنفع هذا الطريقة، فجربوا طريقة رابعة، حبسوا النبي والصحابة في منطقة تسمى شعب بني طالب، و هو مكان صحراوي يخلو من الزرع والمياه... حدث لهم كل ذلك على مدار عشر سنوات... فكيف لا تحب النبي؟!عندما وضعوهم في شعب بني طالب، لم يكن هناك ما يأكلونه، فأكلوا الزرع وورق الشجر وهم صحابة النبي وأهل الجنة والنبي معهم و لم تستثن قريش منهم إلا واحداً فقط وهي السيدة خديجة فلم ترض لها قريش هذا العذاب... ولكنها لم تقبل فقالت: أنا معهم... ولكنها لم تتحمل وماتت بعد ذلك بمدة قليلة... لقد أكلوا ورق الشجر حتى كانت مخرجاتهم كمخرجات البعير لأنهم كانوا يأكلون نفس طعامهم لمدة 3 سنوات بما في ذلك الرسول...
أولاً: مكان ولادته صلى الله عليه وسلم

ولد النبي -صلى الله عليه وسلم- بمكة على القول الصحيح الذي عليه الجمهور، واختُلف في مكانه من مكة على أقوال
:
أحدها: في الدار التي في الزقاق المعروف بزقاق المولد في شعب مشهور بشعب بني هاشم – وكانت بيد عقيل


-.
قال ابن الأثير -رحمه الله تعالى-: قيل إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- وهبها عقيل بن أبي طالب فلم تزل بيده حتى توفي عنها، فباعها ولده من محمد بن يوسف أخي الحجاج، وقيل: إن عقيل باعها بعد الهجرة تبعاً لقريش حين باعوا دور المهاجرين


.
الثاني: أنه - صلى الله عليه وسلم- ولد في شعب بني هاشم، حكاه الزبير


.
الثالث: أنه ولد - صلى الله عليه وسلم- بالرَّدم


.
الرابع: بعسفان


(1).
قال الدكتور محمد أبو شهبة: وقد صارت هذا الدار إلى محمد بن يوسف الثقفي أخي الحجاج، ذلك أن ابن عقيل بن أبي طالب باع دور من هاجر من بني هاشم ومنها هذه الدار، وقد أدخلها محمد بن يوسف هذا في داره التي يقال لها: البيضاء، ولم تزل كذلك حتى حجت الخيزران أم الرشيد، فأفردت ذلك البيت وجعلته مسجداً، وقيل: إن التي بنته هي السيدة زبيدة زوجته حين حجَّت وقد بقى هذا المسجد حتى هدم أخيراً(2).
ثانياً: زمان ولادته صلى الله عليه وسلم
لما أخذت أشهر الحمل بالسيدة الشريفة آمنة بنت وهب تتقدم وهي تترقب الوليد الذي حملته في بطنها تسعة أشهر، ولما بلغ الكتاب أجله، وبعد تسعة أشهر أذن الله للنور أن يسطع وللجنين المستكن أن يظهر إلى الوجود، وللنسمة المباركة أن تخرج إلى الكون، لتؤدي أسمى وأعظم رسالة عرفتها الدنيا في عمرها الطويل


.
قال الإمام الشامي: الصواب أنه - صلى الله عليه وسلم- ولد يوم الاثنين. روى الإمام أحمد ومسلم وأبو داود عن أبي قتادة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سئل عن يوم الاثنين فقال: (ذاك يوم ولدت فيه وأنزل عليّ فيه


).
وروى يعقوب بن سفيان عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: ولد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم الاثنين، واستنبئ يوم الاثنين، وتوفي يوم الاثنين، وخرج مهاجراً من مكة إلى المدينة يوم الاثنين وقدم المدينة يوم الاثنين ورفع الحجر الأسود يوم الاثنين


(3).
وروى الزبير بن بكار وابن عساكر عن معروف بن حزّبوذ - رحمه الله تعالى- قال: ولد رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يوم الاثنين حين طلع الفجر


.
وقال الحافظ أبو الفضل العراقي في المورد: الصواب أنه - صلى الله عليه وسلم- ولد في النهار وهو الذي ذكره أهل السير. وحديث أبي قتادة مصرح به


.
وعن سعيد بن المسيب - رحمه الله تعالى- قال: ولد رسول الله - صلى الله عليه وسلم- عند إبهار النهار وجزم به ابن دحية وصححه الزركشي في شرح البردة


(4).
ومن قال: كذلك أنه ولد يوم الاثنين ابن إسحاق وابن كثير وابن القيم وغيرهم كثير، والحق معهم للحديث السابق.
أما عن الشهر الذي ولد فيه وتاريخ هذا اليوم فقد اختلف فيه العلماء، فقال ابن إسحاق: ولد رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يوم الاثنين لاثنتي عشرة خلت من شهر ربيع الأول، عام الفيل


(5).
وقال ابن كثير: ولد -صلى الله عليه وسلم- يوم الاثنين لليلتين خلتا من ربيع الأول وقيل ثامنة، وقيل عاشرة، وقيل: لثنتي عشرة منه، وقال الزبير بن بكار ولد في رمضان وهو شاذ حكاه السهيلي في "الروض


"(6). وقيل في التاسع من شهر ربيع الأول(7).
أما العام: فقال ابن إسحاق - رحمه الله تعالى-: عام الفيل، قال ابن كثير وهو المشهور عند الجمهور، وقال إبراهيم بن المنذر الحزامي شيخ البخاري: وهو الذي لا يشك فيه أحد من العلماء، وحكاه خليفة بن الخياط وابن الجزَّار وابن دحية وابن الجوزي وابن القيم وغيرهم إجماعاً


(8).
وروى البيهقي والحاكم، عن ابن عباس -رضي الله عنه- قال: ولد رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يوم الفيل. يعني عام الفيل


(9).
وروى ابن إسحاق وأبو نعيم والبيهقي عن المطلب بن عبد الله بن قيس بن مخرمة عن أبيه عن جده قال: ولدت أنا ورسول الله - صلى الله عليه وسلم- عام الفيل كنا لِدَيْنِ


(10).
وسأل عثمان بن عفان قياث بن أشيم الكناني ثم الليثي: يا قياث أنت أكبر أم رسول الله - صلى الله عليه وسلم-؟ فقال: رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أكبر مني، وأنا أسن منه!! ولد رسول الله - صلى الله عليه وسلم- عام الفيل ووقفت بي أمي على خذق الفيل أخضر مُحِيلا


(11).
وعلى هذا فقيل: بعد الفيل بخمسين يوماً. قال ابن كثير وهو أشهر، وصححه المسعودي والسهيلي. وزاد أنه الأشهر والأكثر وقيل: بزيادة خمس. وقيل: بزيادة ثمان


.
وروى ابن مسعود ابن عساكر عن أبي جعفر الباقر -رحمه الله تعالى- قال: كان قدوم أصحاب الفيل في النصف من المحرم ومولد رسول الله - صلى الله عليه وسلم- بعده بخمس وخمسين ليلة


.
وصحح الحافظ الدمياطي هذا القول


.
وقيل بأربعين يوماً. وقيل بشهر وستة أيام، وقيل بعشر سنين، وقيل بثلاثين عاماً. وقيل بأربعين عاماً. وقيل بسبعين عاماً


(12).
وكان مولده -صلى الله عليه وسلم- لأربعين خلت من ملك كسرى أنو شروان، ويوافق ذلك العشرين أو الثاني والعشرين من شهر أبريل سنة 571 وقيل: 570


(13).
ومن هنا نأتي على القول بأنه ولد في يوم الاثنين في شهر ربيع الأول لأول عام من حادثة الفيل هذا هو القول الذي عليه أغلب العلماء


.
وروى ابن سعد أن أم رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قالت: لما ولدته خرج مني نور أضاءت له قصور الشام


(14).
وقد روى أن إرهاصات بالبعثة وقعت عند الميلاد، فسقطت أربع عشرة شرفة من إيوان كسرى، وخمدت النار التي يعبدها المجوس، وانهدمت الكنائس حول بحيرة ساوة بعد أن غاضت روى ذلك البيهقي


(15).
قال الشيخ الألباني – رحمه الله- في كتابه : "صحيح السيرة النبوية" (14) ما نصه : " ذكر ارتجاس الإيوان وسقوط الشرفات وخمود النيران ورؤيا الموبذان وغير ذلك من الدلالات و ليس فيه شيء


".
قلت: ومراده –رحمه الله – أنه لم يرد فيه شيء صحيح.
ويقول الدكتور أكرم ضياء العمري – حفظه الله – في كتابه القيم: "السيرة النبوية الصحيحة" (1/98-101) ما نصه: "... وكذلك وردت روايات موضوعة حول هواتف الجان في ليلة مولده وتبشيرها به، وانتكاس بعض الأصنام في المعابد الوثنية بمكة. وحول ارتجاس إيوان كسرى، وسقوط شرفاته، وخمود نيران المجوس، وغَيض بحيرة ساوة، ورؤيا الموبذان الخيل العربية تقطع دجلة، وتنتشر في بلاد الفرس. كذلك وردت روايات ضعيفة عن إخبار يهود بليلة مولده، وإخبار الراهب عيصا بمر الظهران بمولده. وقول العباس عمه إنه رآه في المهد يُناغي القمر. ولكن ثمة أخباراً تَقوى ببعضها إلى الحسن احتفَّت بمولده منها ما يفيد أن آمنة رأت حين وضعته نوراً خرج منها أضاءت منه قصور بصرى من أرض الشام." اهـ
ولما ولدته أمه أرسلت إلى جده عبد المطلب تبشره بحفيده، فجاء مستبشراً ودخل به الكعبة، ودعا الله وشكر له، واختار له اسم محمد(16).
هذا ما كان في مولده -صلى الله عليه وسلم-، جعلنا الله من المتبعين لسنته، المهتدين بهديه، المقتفين أثره، إنه سميع قريب، والحمد لله رب العالمين


.
(


نشأته)
وقد نشأ - صلى الله عليه وسلم – يتيماً ، حيث توفّي والده عند أخواله في المدينة قبل مولده ، فتولى أمره جدّه عبد المطلب ، الذي اعتنى به أفضل عناية ، وشمله بعطفه واهتمامه ، واختار له أكفأ المرضعات ، فبعد أن أرضعته ثويبة مولاة أبي لهب ، دفع به إلى


حليمة السعدية ، فقضى النبي – صلى الله عليه وسلم – الأيّام الأولى من حياته في بادية بني سعد ، ليلقى من مرضعته حليمة كل عناية ، مع حرصها على بقائه عندها حتى بعد إكمال السنتين ، لما رأت من البركة التي حلّت عليها بوجوده – صلى الله عليه وسلم - ، حيث امتلأ صدرها بالحليب بعد جفافه ، حتى هدأ صغارها وكفّوا عن البكاء جوعاً ، وكانت ماشيتها في السابق لا تكاد تجد ما يكفيها من الطعام ، فإذا بالحال ينقلب عند مقدم رسول الله – صلى الله عليه وسلم – حتى زاد وزنها وامتلأت ضروعها باللبن ، ومن أجل ذلك تحايلت حليمة لإقناع والدة النبي – صلى الله عليه وسلم – بضرورة رجوعه إلى البادية بحجّة الخوف عليه من وباء مكّة .
وهكذا أمضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم – سنواته الأولى في صحراء بني سعد ، فنشأ قوي البنية ، سليم الجسم ، فصيح اللسان ، معتمداً على نفسه ، حتى كانت السنة الرابعة من مولده ، حين كان - صلى الله عليه وسلم – يلعب مع الغلمان وقت الرعي ، فجاءه جبريل عليه السلام مع ملك آخر ، ، فأمسكا به وشقّا صدره ، ثم استخرجا قلبه ، وأخرجا منه قطعة سوداء فقال جبريل : " هذا حظ الشيطان منك " ، ثم غسلا قلبه وبطنه في وعاء من ذهب بماء زمزم ، ثم أعاده إلى مكانه ، والغلمان يشاهدون ذلك كلّه ، فانطلقوا مسرعين إلى مرضعته وهم يقولون : " إن محمداً قد قُتل، وأقبل النبي – صلى الله عليه وسلم – وهو يرتعد من الخوف ، فخشيت حليمة أن يكون قد أصابه مكروهٌ ، فأرجعته إلى أمّه ، وقالت لها : " أدّيت أمانتي وذمّتي " ، ثم أخبرتها بالقصّة ، فلم تجزع والدته لذلك ، وقالت لها : " إني رأيت خرج مني نورٌ أضاءت منه قصور الشام " .
وبهذه الحادثة الكريمة ، نال -صلى الله عليه وسلم- شرف التطهير من حظ الشيطان ووساوسه، ومن مزالق الشرك وضلالات الجاهليّة ، مع ما فيها من دلالةٍ على الإعداد الإلهيّ للنبوّة والوحي منذ الصغر .
ومكث النبي – صلى الله عليه وسلم - في مكّة يتربّى في أحضان والدته ، ولما بلغ عمره ست سنين توفيت أمه في قريةٍ يُقال لها " الأبواء " بين مكّة والمدينة ، فعوّضه جدّه عبدالمطلب حنان والديه ، وقرّبه إليه وقدّمه على سائر أبنائه ، وفي يومٍ من الأيام أرسل عبدالمطلب النبي – صلى الله عليه وسلم – للبحث عن ناقة ضائعة ، فتأخّر في العودة حتى حزن عليه جدّه حزناً شديداً ، فجعل يطوف بالبيت وهو يقول :
رب رد إلي راكبي محمدا رده رب إلي واصطنع عندي يدا
ولما عاد النبي – صلى الله عليه وسلم – قال له : " يا بني ، لقد جزعت عليك جزعاً لم أجزعه على شيء قط ، والله لا أبعثك في حاجةٍ أبداً ، ولا تفارقني بعد هذا أبداً " .
واستمرّت هذه الرعاية طيلة سنتين حتى توفّي عبدالمطلب وللنبي – صلى الله عليه وسلم – ثمان سنين ، فكفله عمّه أبو طالب وقام بحقه خير قيام ، وقدمه على أولاده ، واختصّه بمزيد احترام وتقدير ، ولم يزل ينصره ويبسط عليه حمايته ، ويُصادق ويُخاصم من أجله طوال أربعين سنة ، حتى توفّي قبيل الهجرة بثلاث سنين .
ومن هنا نرى كيف توالت الأحزان في طفولة النبي - صلى الله عليه وسلم – وتركت أثرها في قلبه ، وهو جزءٌ من التقدير والحكمة الإلهيّة في إعداد هذا النبي الكريم ؛ حتى لا يتأثّر بأخلاق الجاهلية القائمة على معاني الكبر والاستعلاء ، فكانت تلك الأحزان سبباً في رقّة قلبه واكتسابه لمكارم الأخلاق ، حتى صدق فيه وصف خديجة رضي الله عنه : " يحمل الكَلَّ، ويكسب المعدوم ، ويُقري الضيف ، ويُعين على نوائب الحق " .
فترة شباب الحبيب صلى الله عليه وسلم.

لا شك أن فترة الشباب مهمة في حياة كل إنسان إذ هي في العادة تطلعه على كثير من أمور الحياة، وهي فترة الانطلاق والاندفاع، ونحن في دراستنا لسيرة النبي صلى الله عليه وسلم ليهمنا كثيرا الاطلاع على فترة شبابه، إذ أنها تعطينا فكرة عن شخصيته عليه الصلاة والسلام كما أنها تعتبر مدخلا لبعثته عليه الصلاة والسلام وسنعرض لتلك الفترة عبر العناصر التالية: عمل النبي صلى الله عليه وسلم وسفره عمل النبي صلى الله عليه وسلم في صغره برعي الغنم لأهل مكة فقد روى أبو هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من نبي إلا وقد رعى الغنم قالوا وأنت يا رسول الله؟ قال نعم كنت أرعاها على قراريط لأهل مكة. أخرجه البخاري وأما سفره عليه الصلاة والسلام فقد كان لكسب الرزق والتجارة إلا أنه لما لم يكن له مال كان يتاجر في أموال قومه فخرج يتاجر بمال خديجة - وكانت ذات مال عظيم - في الشام على أجر تعطيه له. وإن كان الذهبي قد ضعف هذا الخبر فالله أعلم بالصواب. الحكمة في رعي الأنبياء للغنم : قال ابن حجر: قال العلماء: الحكمة في إلهام الأنبياء من رعي الغنم قبل النبوة أن يحصل لهم التمرن برعيها على ما يكلفون به من القيام بأمر أمتهم لأنه بمخالطتها يحصل لهم الحلم والشفقة لأنهم إذا صبروا على رعيها وجمعها بعد تفرقها في المرعى ونقلها من مسرح إلى آخر ودفع عدوها عنها من سبع وغيره وعلموا اختلاف طبائعها وشدة تفرقها مع ضعفها واحتياجها إلى المعاهدة ألفوا من ذلك الصبر على الأمة. في هذا العمل بيان بترفع النبي صلى الله عليه وسلم عن أن يكون عالة على غيره إذ أنه بمجرد أن آنس من نفسه القدرة على العمل والكسب سارع إليه للتخفيف عن عمه الذي كان يكفله ويرعاه فيه بيان أنه لن يكون لأصحاب الدعوات قيمة معتبرة عند الناس إذا كان كسبهم من عطايا الناس وصدقاتهم ولذا فإن صاحب الدعوة أحرى الناس بالاعتماد على نفسه وجهده الشخصي في معيشته حتى لا يكون لأحد عليه منة أو فضل في دنياه فيعيقه ذلك عن أن يصدع بكلمة الحق في وجهه. أن هذا العمل من النبي صلى الله على شرفه وعلو منزلته دعوة لكل للناس بأن لا يتكبر أحد منهم عن العمل وكسب الرزق فشرف الإنسان لا يتحقق له وهو عالة على غيره يستجديهم ويطلب عطفهم فأين هذا من أولئك الذين نشاهدهم صباح مساء في المساجد والطرقات يسألون الناس ويستجدونهم ولا يكلفون أنفسهم عناء عمل شريف يحفظ لهم كرامتهم ومكانتهم. مشاركة النبي صلى الله عليه في بعض الأحداث الحاصلة لقومه: المشاركة في بناء الكعبة السبب في إعادة قريش بناء الكعبة أن امرأة دخلت الكعبة لتطيبها فطارت شرارة من مجمرتها في ثياب الكعبة فأحرقتها فعزمت قريش عند ذلك على بنائها إلا أنهم كانوا يهابون هدمها وقد صادف ذلك أن البحر بجدة قذف بسفينة من الشاطئ فتحطمت فاجتمعت قريش وعقدوا أمرهم على بناء الكعبة وأخذوا خشب هذه السفينة وأعدوه لتسقيفها وجمعوا من أموالهم ما كان حلالا لبنائها ولم يدخلوا فيها مالا حراما وكان عندهم نجار قبطي فكلفوه ببنائها ثم قاموا بهدمها عن آخرها حتى بلغوا أساس الكعبة الذي بناه إبراهيم عليه السلام فإذا هو حجارة خضر آخذ بعضها ببعض ثم قاموا بنقل الحجارة لها من ضواحيها والنبي صلى الله عليه وسلم ينقل معهم فقد روى جابر رضي الله عنه قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ينقل الحجارة للكعبة مع قريش وعليه إزار فقال له عمه العباس: يا بن أخي لو حللت إزارك فجعلته على منكبك دون الحجارة ففعل ذلك فسقط مغشيا عليه فما رؤي بعد ذلك اليوم عريانا. ولما بلغت قريش في بنائها إلى الحجر الأسود اختصموا فيمن يضعه وحرصت كل قبيلة على ذلك حتى تواعدوا للقتال ومكثوا على ذلك أربعة أيام ثم إنهم اجتمعوا في المسجد وأشار عليهم أبو أمية بن المغيرة وكان في ذلك الوقت أسن قريش أن يحكموا أول داخل عليهم من باب المسجد فكان أول داخل عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما رأوه قالوا هذا الأمين رضينا به فلما انتهى إليهم أخبروه الخبر فقال: هاتوا لي ثوبا فأتي به فأخذ الحجر فوضعه فيه ثم قال لتأخذ كل قبيلة بناحية من الثوب ثم رفعوه جميعا ففعلوا حتى إذا بلغوا به موضعه وضعه هو بيده ثم بني عليه. الدروس والعبر: أن موافقة قريش على تحكيم النبي صلى الله عليه وسلم بينهم ووصفهم له بالأمين دليل على المكانة العالية التي كان يتمتع بها النبي صلى الله عليه وسلم بين قومه قبل البعثة وهذه المكانة لم ينلها بمال ولا بسن وإنما نالها بحسن خلقه وأمانته وتواضعه حتى عرف واشتهر ذلك بين قومه فحري بنا الاقتداء به عليه الصلاة والسلام والتأسي بأخلاقه. أن الاقتراح الذي توصل إليه الرسول صلى الله عليه وسلم لحل هذه الأزمة كان بتوفيق من الله تعالى له ليلفت أنظار الناس إلى ما سيختاره له الله من القيام بأمر أكبر من هذا لتوحيد الناس... وهو الإسلام. مشاركة النبي صلى الله عليه وسلم في حرب الفجار وحلف الفضول وقعت حرب الفجار في سوق عكاظ بين قبائل قريش وكنانة من جهة وبين قبائل قيس عيلان من جهة أخرى وكان عمر النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك الوقت عشرين سنة وقد حضر معهم هذه الحرب وكان يجهز النبل ويناوله لأعمامه وقد سميت هذه الحرب بحرب الفجار لأنهم انتهكوا حرمة حرم مكة والشهر الحرام وقد قتل في هذه الحرب عدد من القتلى من الجانبين ثم اصطلحوا على أن يحصوا القتلى من الجانبين فمن وجد قتلاه أكثر أخذ دية الزائد ووضعوا الحرب وِأنهوا ما كان بينهم من العداوة والشر. حلف الفضول وفي شهر ذي القعدة على إثر هذه الحرب تم حلف الفضول بين خمسة بطون من قبيلة قريش وهم بنو هاشم وبنو المطلب وبنو أسد وبنو زهرة وبنو تيم وسببه أن رجلا من زبيد جاء بسلعة إلى مكة فاشتراها منه العاص بن وائل السهمي وحبس عنه حقه فاستعدى عليه ببني عبد الدار وبني مخزوم وبن جمح وبني سهم وبني عدي فلم يكترثوا له فعلا جبل أبي قبيس وذكر ظلامته في أبيات ونادى من يعينه على حقه فمشى في ذلك الزبير بن عبد المطلب حتى اجتمع الذين مضى ذكرهم في دار عبد الله بن جدعان رئيس بني تيم وتحالفوا وتعاقدوا على أن لا يجدوا بمكة مظلوما إلا قاموا معه حتى ترد إليه مظلمته ثم قاموا إلى العاص بن وائل السهمي فانتزعوا منه حق الزبيدي ودفعوه إليه. وقد حضر النبي صلى الله عليه وسلم هذا الحلف مع أعمامه وقال بعد أن شرفه الله بالنبوة لقد شهدت في دار عبد الله بن جدعان حلفا ما أحب أن لي به حمر النعم ولو أدعى به في الإسلام لأجبت. الدروس والعبر ينبغي على الداعية أن لا يكون في معزل عن الأحداث التي تلم بقومه وعشيرته بل عليه أن يكون متفاعلا معهم يشاركهم همومهم ومشاكلهم ويعين على نصرتهم ما لم يكن هذا التعاون والتفاعل فيه ارتكاب لمحرم أو خرما لمروءة فالداعية المؤثر هو الذي تجده في شاهدا متفاعلا مع الأحداث لا يهرب عند الشدائد ويتنصل من المهام الصعبة. في الدور الذي قام به الزبير في هذا الحلف دليل على مروءة رجال البيت الهاشمي وبيان فضلهم على غيرهم في مثل هذه المواطن وحسبهم فضلا وشرفا أن الرسول صلى الله عليه وسلم منهم. ما عصمه الله من أمر الجاهلية لقد عصم الله نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم من الانزلاق في العادات والتقاليد الباطلة التي كانت مسيطرة على قومه في الجاهلية فمما عصم الله به نبيه من أمر الجاهلية أن قريشا كانوا يسمون الحمس - يعني الأقوياء الأشداء وكانوا يقفون في الحج بمزدلفة يفعلون ذلك رياسة وكبرا وخالفوا بذلك شعائر إبراهيم عليه السلام في جملة ما خالفوا به روى البخاري ومسلم عن جبير بن مطعم قال أضللت بعيرا لي يوم عرفة فخرجت أطلبه بعرفة فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم واقفا مع الناس بعرفة فقلت هذا من الحمس فما شأنه هاهنا. (يعني لماذا يقف في عرفة مع سائر الناس مع أنه من قريش) وروى ابن إسحاق بإسناده عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ما هممت بقبيح مما يهم به أهل الجاهلية إلا مرتين عصمني الله قلت ليلة لفتى من قريش: أبصر لي غنمي حتى أسمر هذه الليلة بمكة كما تسمر الفتيان قال: نعم فخرجت حتى جئت أدنى دار من دور مكة فسمعت غناء وصوت دفوف ومزامير فقلت: ما هذا قالوا: فلان تزوج فلهوت بذلك حتى غلبتني عيني فنمت فما أيقظني إلا مس الشمس فرجعت إلى صاحبي ثم فعلت ليلة أخرى مثل ذلك فوالله ما هممت بعدها بسوء مما يعمله أهل الجاهلية حتى أكرمني الله بنبوته. وذكر ابن سعد في الطبقات عن ابن عباس قال: حدثتني أم أيمن قالت: كان بوانة صنما تحضره قريش تعظمه وتنسك له النساك ويحلقون رؤوسهم عنده ويعكفون عنده يوما في السنة وكان أبو طالب يكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يحضر ذلك العيد فيأبى حتى رأيت أبا طالب غضب ورأيت عماته غضبن يومئذ أشد الغضب وجعلن يقلن: إنا نخاف عليك مما تصنع من اجتناب آلهتنا فلم يزالوا به حتى ذهب فغاب عنهم ما شاء الله ثم رجع إلينا مرعوبا فقلن: ما دهاك قال: إني أخشى أن يكون بي لمم، فقلن: ما كان الله ليبتليك بالشيطان وفيك من خصال الخير ما فيك فما الذي رأيت؟ قال: إني كلما دنوت من صنم منها تمثل لي رجل أبيض طويل يصيح وراءك يا محمد لا تمسه، قالت: فما عاد إلى عيد لهم حتى نبئ. الدروس والعبر : أن الله إذا أراد لعبد أن يوجهه لدعوة الخير والإصلاح ألقى في قلبه كره ما عليه مجتمعه من ضلال وفساد. أن استقامة الداعية في شبابه وحسن سيرته أدعى إلى نجاحه في دعوته إلى لله وإصلاح الأخلاق ومحاربة المنكرات إذ لا يجد في الناس من يغمزه في سلوكه الشخصي قبل قيامه بالدعوة وكثيرا ما رأينا أناسا قاموا بدعوة الإصلاح وبخاصة إصلاح الأخلاق كان من أكبر العوامل في إعراض الناس عنهم ما يذكرونه لهم من ماض ملوث وخلق غير مستقيم فالداعية المستقيم في شبابه يظل دائما مرفوع الرأس ناصع الجبين لا يجد أعداء الإصلاح سبيلا إلى غمزه بماض قريب أو بعيد. تزوج النبي صلى الله عليه وسلم من خديجة : كانت خديجة بنت خويلد امرأة ذات شرف ومال تستأجر الرجال في مالها وتضاربهم إياه بشيء تجعله لهم فلما بلغها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يبلغها من صدق حديثه وعظم أمانته وكرم أخلاقه بعثت إليه فعرضت عليه أن يخرج في ما ل لها إلى الشام تاجرا وتعطيه أفضل ما كانت تعطي غيره من التجار مع غلام لها يقال له ميسرة فقبله رسول الله صلى الله عليه وسلم منها وخرج في مالها ذلك وخرج معه غلامها ميسرة حتى قدم الشام فنزل النبي صلى الله عليه وسلم في ظل شجرة قريبا من صومعة راهب من الرهبان فاطلع الراهب إلى ميسرة فقال من هذا الرجل الذي نزل تحت هذه الشجرة قال له ميسرة هذا رجل من أهل الحرم فقال له الراهب ما نزل تحت هذه الشجرة قط إلا نبي. ثم باع النبي صلى الله عليه وسلم سلعته التي خرج بها واشترى ما أراد أن يشتري ثم أقبل قافلا إلى مكة باعت خديجة ما جاء به فبلغ الضعف أو قريبا وحدثها ميسرة عن قول الراهب وكانت لبيبة حازمة فبعثت إليه تقول يا بن عمي إني قد رغبت فيك لقرابتك وأمانتك وصدقك وحسن خلقك ثم عرضت عليه نفسها فقال ذلك لأعمامه فجاء معه حمزة حتى دخل على خويلد فخطبها وأصدقها النبي صلى الله عليه وسلم عشرين بكرة وكان الذي ألقى خطبة النكاح عمه أبو طالب فحمد الله وأثنى عليه ثم ذكر شرف النبي صلى الله عليه وسلم وفضله ثم ذكر كلمة العقد وبين الصداق وكان عمر النبي صلى الله عليه وسلم عند زواجه منها خمساً وعشرين سنة وكان عمر خديجة أربعين سنة وهي أول أزواجه عليه الصلاة والسلام ولم يتزوج عليها حتى ماتت. وقد ولد له منها القاسم والطيب والطاهر وماتوا صغارا رضعا قبل المبعث ورقية وزينب وأم كلثوم وفاطمة رضي الله عنهم فأما رقية وأم كلثوم فقد تزوجهما عثمان بن عفان واحدة بعد الأخرى وزينب تزوجها أبو العاص بن الربيع وفاطمة زوجة علي بن أبي طالب رضي الله عنهم أجمعين. الدروس والعبر : في إبداء خديجة رغبتها في الزواج من النبي صلى الله عليه وسلم مع امتناعها من الزواج بكبار قريش وأشرافها دليل على ما كان يتميز به النبي صلى الله عليه وسلم من أخلاق عالية. أنه لا غضاضة في أن تبدي المرأة الصالحة رغبة الزواج من الرجل الصالح كما فعلت خديجة عندما خطبت محمدا إلى نفسها رغبة فيه لصلاحه. أن زواج النبي صلى الله عليه وسلم من خديجة دليل على عدم اهتمامه عليه الصلاة والسلام بالمتعة الجنسية ومكملاتها فلو كان مهتما بذلك كبقية أقرانه من الشباب لطمع بمن هي أقل منه سنا أو بمن ليست أكبر منه على أقل تقدير أو بمن ليست ثيبا. ويتجلى لنا أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما رغب فيها لشرفها ونبلها حتى إنها كانت تلقب بالعفيفة الطاهرة. في زواج النبي صلى الله عليه وسلم من خديجة وإنجابه منها مكرمة من الله أكرم بها نبيه عليه الصلاة والسلام ليظل في مكانة اجتماعية مرموقة لا مطعن فيه

يتبع



عبدالعزيز الساهري غير متواجد حالياً  

 

مواقع النشر




ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى الردود آخر مشاركة
$$$ إحياء السنة النبوية للحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم $$$ ولد صقران منتدى نصره الرسول (صلى الله عليه وسلم ) 4 06-15-2009 08:55 AM
سيرة الرسول ((صلى الله عليه وسلم)) vipالشمراني المنتدي الاسلامي 3 08-27-2008 05:52 PM
شجرة الرسول صلى الله عليه وسلم عايض الشمراني منتدى نصره الرسول (صلى الله عليه وسلم ) 33 04-06-2008 08:34 PM
مائة وسيلة لنصرة المصطفى صلى الله عليه وسلم( ارجو التثبيت) حہہہسہہہہآيہہف!! منتدى نصره الرسول (صلى الله عليه وسلم ) 14 03-19-2008 02:48 AM

Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc. Trans by
جميع الحقوق محفوظة لـ منتديات شمران الرسمية