![]() |
#1 | ||
مساعد للمدير العام ومستشار للمنتدى
![]() |
![]() الانهيار الناعم
كيف تفككت الأسرة من الداخل في زحمة الحياة الحديثة جرت تحت أقدامنا خطة محكمة لم نشارك في وضعها ولم نُستأذن حتى في تبنيها خطة صامتة وضعها إبليس ومعاونه لكنها فاعلة لا تُعلن عن نفسها لكنها تُحدث أثرًا مدوّيًا في بيوتنا وفي مستقبل أبنائنا ما الذي جرى كيف تم ومن المستفيد أولًا: تفكيك الحصن الأول العائلة الممتدة كانت الأسرة المسلمة تتكون من الجد والجدّة والأعمام والعمّات وأبناء العم وأبناء الخال في بيت واحد أو على صلة مستمرة هذا البناء كان يوفّر طبقات متعددة من الرقابة والخبرة والدعم والاحتواء فالأب لا يربّي وحده بل يعينه أخوه وأبوه وجاره وحتى إمام المسجد تم تفكيك هذا النسيج باسم الاستقلال والخصوصية فتحوّلت الأسر إلى وحدات صغيرة وعلاقاتها ببعضها شكلية وسلطة كبارها على صغارها مفقودة النتيجة: لم تعد هناك بيئة كافية لتنشئة متوازنة وترك الشاب وحيدًا أمام أعتى المؤثرات ثانيًا: غياب المربي واحتلال الشاشة التربية تحتاج وقتًا ومتابعة ونماذج حية الواقع الحالي: الأب مشغول والأم مرهقة فتقدّمت الشاشة لتملأ الفراغ رسوم متحركة مقاطع يوتيوب مشاهير منصات مسلسلات كلها تحمل رسالة واحدة افعل ما يحلو لك النتيجة: القيم تغرس في غياب الزارع الحقيقي والمبادئ الجديدة تكتسح دون مقاومة ثالثًا: تأخير الزواج بالعوائق الأسرية لا بالعجز الذاتي الزواج في الإسلام يُبنى على الدين والخُلق ويهدف لحفظ العفة أولاظثم بناء المسؤولية المشهد اليوم: الأب يرفض تزويج ابنه حتى ينجح ويؤسس حياته وقد يكون الشاب قد بلغ 28 عامًا دون زواج وفي المقابل يضع والد الفتاة شروطًا فوق طاقة الشباب بيت مستقل وظيفة مرموقة راتب مرتفع هذه العراقيل ليست دينية بل ثقافية واجتماعية ونتيجتها واضحة شباب وفتيات بلا زواج بلا حصانة في مجتمع مفتوح مغرٍ مليء بالبدائل المحرّمة رابعًا: نزع الهيبة من الحجاب وكسر الحاجز بين الجنسين الحجاب لم يكن مجرد لباس بل رمز للهوية الإسلامية وحدود وفاصل بين الحلال والحرام التحول سُمّيت هذه الحدود بالكبت وصُوّر الاختلاط على أنه نضج والخصوصية بين الجنسين على أنها رجعية ومن بقي على حجابه تعرض للتلوين والتطريز والتجميل حتى فقد قيمته الأساسية النتيجة: انكسر الحياء واختلطت الأصوات والأنظار وتداعت الحصون خامسًا: وهم الاستقلالية الأنثوية قُدّمت فكرة للفتاة مفادها أنتِ لا تحتاجين لأحد الرجل عائق الزواج عبودية الطلاق تحرر هذه الأفكار لم تُبنَ على تجارب بيئتنا ولا قيمنا بل استوردت من مجتمعات مادية فاشلة أسريًا النتيجة: فتاة تظن أن القوة في الوحدة لكنها تُترك عند أول أزمة بلا سند ولا ظهر سادسًا: إغراق الفتيان والفتيات بالمغريات الشوارع الإعلانات التطبيقات الدراما كلها تقدم الجنس والإثارة والموضة والتمرد بوصفها حرية وهوية وحياة النتيجة الكبرى شباب هشّ وهوية مشوشة ومستقبل مبهم ولكن حين نجمع هذه الحلقات ببعضها نكتشف أنها ليست أحداثًا معزولة بل خطة متكاملة لهدم البنية الأخلاقية والثقافية للمجتمع المسلم لتفريغه من الداخل دون رصاصة واحدة خاتما : دعوة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه لسنا في معركة جدل بل في معركة وجود لم نعد نملك رفاهية المراقبة والتأمل - نحتاج إلى ترميم الأسرة - نحتاج إلى إعادة سلطة الكبار والعقلاء لتوجيه الصغار - نحتاج إلى تزويج الشباب - لا فقط تدريبهم على الوظائف - نحتاج إلى إعلام يبني لا يسخر ولا يثير الغرائز. يا عقلاء الأمة لنعد ترتيب الأولويات قبل أن نستيقظ على جيل لا يعرف لماذا خُلق ولا كيف يعيش ولا أين يقف حتى لا نفقدهم في وقت نكون في أشد الحاجة إليهم وحتى يمكنوا من بناء حياة سعيدة في الحال والمآل د. محمد موسى الأمين ٢٠ صفر ١٤٤٧هـ
|
||
![]() |
![]() |
![]() |
|
|