منتديات قبائل شمران الرسمية


المنقولات الأدبية لكل ما هوا منقول من شعر وخواطر

إضافة رد

 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع

قديم 07-30-2024, 02:29 PM   #10581
مساعد للمدير العام ومستشار للمنتدى
 
الصورة الرمزية الحمدان
 

الحمدان is on a distinguished road
افتراضي رد: هنا الشعر الفصيح ومايتعلق به

طوى الموتُ ربَّ القوافي الغُرَرْ
وأصبحَ " شوقي " رهينَ الحُفَرْ

وأُلقِيَ ذاكَ التُّراثُ العظيمُ
لِثقلِ التّراب وضغطِ الحَجر

وجئنا نُعزّي به الحاضرين
كأنْ لم يكنْ أمسِ فيمن حضر

ولم يُنتجِ السُوَرَ الخالداتِ
من المُلحقاتِ بأمِّ السُّوَر

من اللاَّءِ يهتزُّ منها النديُّ
ويُطربُ إيقاعُهُنَّ السَّمر

برغمِ الشُعورِ يشُلُّ البِلى
لسانَكَ أو يعتريكَ الكدَر

وأن يقطعَ الموتُ ذاك النشيدَ
وأن يأكلَ الدودُ ذاكَ الوتَر

وأنَّا نعودُ بنفضِ الأكفِّ
عنكَ وأنتَ العظيمُ الخَطَر

فيا لكِ من عِبرةٍ يُستفزُّ
منها على كثرةٍ في العِبَر ..!

زمانٌ وفيٌّ بميعادهِ
فظُلماً يقالُ ليالٍ غُدُر

كما يُقْرعُ " الجَرْسُ " للناشئينَ
تأتي إلى الناس منه النُّذُر

ولكن يُريدُ الفتى أنْ يدوم
ولو دامَ سادَ عليه الضجر

ويأبى التنازعُ طولَ البقاء
وتأباهُ بُقْيا نفوسٍ أُخر

وقد يُهلكُ الناسَ فردٌ يعيشُ
حيناً فكيف إذا ما استمر!

فلّلهِ من شارعٍ لم يَعُقْهُ
حكمُ الضرورةِ أو ما ندَر

سواءٌ صليبُ الصفا والزجاجِ
كسراً بكفِّ القضا والقدَر

وبالدهرِ في الناسِ مثلُ الجُنون
فليس يُبالي بمنْ ذا عثر

وحتمٌ على الخفرِ الآنسات
والوحش حشرجةُ المْحْتَضَر

تجيءُ إلى الصدرِ تحتَ الحرير
كجيئتها الصدرَ تحتَ الوَبر

وكلُّ الفوارقِ بينَ اللغاتِ
وبينَ الطباعِ وبينَ الأْسَر

سيُوقِفها للردى زائرٌ
ثقيلُ الورودِ بغيضُ الصَّدر

فيا صُفرةَ الموتِ إنَّ الوجوهَ
تَساوى بها صَلَفٌ أو خَفَر

تحَيْرتُ في عِشةِ الشاعرين
أتَحْلو خُلاصتُها أم تَمَرّ

فقد جارَ " شوقي " على نفسهِ
وقد يقتُلُ المرءَ جَورُ الفِكَر

على أنَّه لم يعِشْ خالداً
خلودَ الجديدَينِ لو لم يَجُر

تتبَّعْتُ آثارَ " شوقي " وقد
وقفتمْ على من يقصُّ الأثر

لقد فاتَ بالسبقِ كلَّ الجيادِ
في الشعر هذا الجوادُ الأغرّ

ترسَّلَ لم يَرْتَبِكْ خَطوُهُ
عناءً .. ولا نال منه البَهَر

" شَكِسْبيرُ " أُمَّتِهِ لم يُصِبْهُ
بالعِيِّ داءٌ ولا بالحَصَر

وإن أصدُقَنَّ " فشوفي " لهُ
عيونٌ من الشعرِ فيها حَوَر

تعرَّضه من طلاءِ البيانِ
ومن زِبْرِج اللفظ دربٌ خطِر

ولو خافَ مثلَ سِواه العُبُور
لخابَ وزلَّ .. ولكنْ عَبَر

تمشَّى لمصطلحاتِ البديع
مُندسَّةً في البيانِ النَّخِر

فأفرغها من قوافيهِ في
قوالبَ مرصوصةٍ كالزُّبُر

فجاءَتْ كأنْ تنَلْها يدٌ
خلافَ يدِ الماهرِ المقتدِر

يُذلِّلُ من شارداتِ القريضِ
ما لو سِواهُ ابتغاهُ لَفَر

ويستنزلُ الشِعَر عذبَ الرُّواءِ
كصوبِ الغمامةِ إذْ ينحدِر

يُمَيِّزهُ عن سِواه الذَّكاءُ
وطولُ الأناةِ ، وبُعدُ النظَّر

وتبدو الرجولةُ في شِعره
منزَّهةً من صعىً أو صَعر

وفي كِبَرِ النَّفْس مندوحةٌ
عن الكبرِ ، شأنُ الضعاف الكبر

ولم يتخبَّثْ بهُجْر الكلام
ولم يتصيَّدْ بماءٍ عكر

وديوانُ " شوقي " بما فيه من
صنوفِ البداعةِ روضٌ نضر

فبيتٌ يكادُ من الارِتياحِ
واللطفِ من رِقَّةٍ يُعتْصَر

وبيتُ يكادً من الاِندفاعِ
يقدحُ من جانبيهِ الشَّررَ

وبيتٌ كأنَّ " رُفائيلَ " قد
كساهُ بكفَّيْهِ إحدى الصُوَر

تُحِسُّ الطبيعةَ في طيَّةِ
تَكشَّفُ عن حُسنها المستتر

كأنَّكَ تسمعُ وقعَ النَّدى
بتصويرهِ أو حفيفَ الشَّجر

وبيتٌ ترى " مصرَ " أسيانةً
تُناغي به مجدَها المندثر

ففي مصرعٍ يومُها المبتلى
وفي مرعٍ أمسُها المزدهر

و"فرعونُ " إذ ينطوي مُلْكُهُ
و " فرعونُ " في القبرِ إذ يَنْتَشِر

وديوانُ " شوقي " يُجِدُّ الشبابَ
لتأريخِ أُمتَّهِ المُختَصَر

ولولا المغالاةُ قلتُ : انطوى
بمنعاهُ عُنوانُها المُفَتخَر

فيا نجلَ مصرَ وفَتْ برَّةً
بذكراكَ " مصرُ " وأنتَ الأبَّر

مئاتُ الصحائفِ مسودةٌ
مُجلَّلةٌ بمئاتِ الصُور

ظهرتَ بها وجناحُ البيانِ
مهيضٌ ، وأسلوبُه مُحتقر

بقايا من الكَلِمِ الباقياتِ
تناقَلَها نفرٌ عن نفر

ولفظٌ هجينٌ ثوَتْ تحتهُ
معانٍ لِقلَّتها تًحتكر

وحسبُكَ من حالةٍ رثَّةٍ
بفرطِ الجمودِ الجمودِ لها يعتذر..!

فكنتَ وعِلَّتها كالطبيبِ
يُنْعش جسماً عراهُ الخَوَر

تُعَلِّمُها أنَّ للعبقريِّ
حكْماُ مُطاعاً إذا ما أمر

وأنَّ القوافي عِبِدَّى له
يُفَرِّقُ أشتاتَها أو يَذر

يصوغُ المعاني كما يشتهي
ويلعبُ باللفظِ لعبَ الأكر

" عُكاظُ " من الشعر تحتلّهُ
ويرعاهُ " حافظُ " حتى ازدهر

تلوذُ الوفودً بساحَيْكمُا
وتأتيهِ من كلِّ فجٍّ زُمر

تُبَجَّلُ فيه مزايا الشُعور
على حينَ في غيرهِ تًحتَقَر

وتًنسى الضغائنُ في ساحةٍ
بها كلُّ مكرُمةٍ تُدَّكر

وأنت كصمصامةٍ مُنتضىً
و " حافظُ " كالأبلقِ المشتَهَر

تمشَّى بإثْركَ في شِعره
وماتَ .. وأعقبتَهُ بالأثر

بقدْرِ اختلافِكما في النُبوغِ
كانَ اختلافُكما في العُمُر

فلا تَبعُدا إن شأنَ الزمانِ
أنْ يُعقِبَ الصفوُ منه الكَدَر

عزاءُ الكِنانة أنَّ القريضَ
تأمَّرَ دهراً بها ثمَّ فَر

بنجمينِ كانت تباهي السما
وما في السما من نجومٍ كُثُر

بشوقي وحافظَ كانت متى
تُنازلْ بمعركةٍ تَنتصِر

فها هي قد عَريتْ منهما
وها هي من وحشةٍ تَقْشَعِر

فلا تحسبنْ أنَّ طولَ البكا
يذودُ الأسى او نِثارَ الزَهر

خسرناكَ كنزاً إلى مثلِهِ
إذا أحْوَجَتْ أزمةٌ يفتقر

وما كنتَ من زمنٍ واحدٍ
ولكنْ نِتاجَ قُرونٍ عُقُر

مضى بالعروبةِ دهرٌ ولمْ
يَلُحْ ألمعيٌّ ومرت عُصُر

وإن النُبوغَ على ما يُحيطُ
بعيشِ النوابغِ أمرٌ عَسِر

يثيرُ اهتماماً أديبٌ يجد
كما قيلَ نجمٌ جديدٌ ظهر

قرونٌ مضتْ لم يسُدِّ العراقُ
مِن المتنبي مكاناً شَغَر

ولم تتبدلْ سماءُ البلادِ
ولا حالَ منها الثَّرى والنَّهر

ولم يتغيرْ عَروضُ الخليل
ولا العُربُ قد بُدلّوا بالتَتر

ولكِنَّما تُنْتُجُ النابهينَ
من الشاعرينِ دواعٍ أُخَر

فنْ فُقدَتْ لم يشعَ الأريبُ
الا ليخبو كلمحِ البَصَر


الجواهري



التوقيع


نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
الحمدان متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-30-2024, 02:30 PM   #10582
مساعد للمدير العام ومستشار للمنتدى
 
الصورة الرمزية الحمدان
 

الحمدان is on a distinguished road
افتراضي رد: هنا الشعر الفصيح ومايتعلق به

على سَعةٍ وفي طُنَفُ الأمان
وفي حَبّات أفئدةٍ حواني

بقرب أخيهِما كرماً ولطفاً
وثائرة يُسَرُّ الرافدانِ

فتى عبد العزيز وفيكَ ما في
أبيك الشْهمِ من غُررِ المعاني

لأمرّ ما تُحس منِ انعطافٍ
عليك وما ترى من مهرجان

تأملْ في السُّهول وفي الروابي
ومختلِف الأباطحِ والمغاني

ألستَ ترى ارتياحاً وانطلاقاً
يلوح على خمائلها الحسان

وفي شتى الوُجوه ترى انبساطاً
ولو في وجه مكتئب وعاني

وذاك لأن كلَّ بني سُعودٍ
لهم فضل على قاصٍ وداني

وأنّهُمُ الملاجيءُ في الرزايا
وأنَهُمُ المطامحُ والأماني

وأنك والذي أُفِدْتَ عنه
أباك ملاذةُ الحر المُهانِ

تسوسون الرعية بالتساوي
بفرط العدْل أو فرط الحنان

فلا مثلَ الجناة يُرى بريء
ولا بَدَلَ البريء يُعافُ جاني

لكم في ذمة الأحرار دَيْنٌ
وأكرِمْ بالمدُين وبالمُدان

أبوكَ ابن السعود أبو القضايا
مشرفةً على مرّ الزمان

ولمَحُ الكوكب المُلْقي شُعاعاً
على شُعَب الجْزيرة والمَحاني

ورمزُ العبقريةِ في زمان
به للعبقرية كلُّ شأن

لها كُتِبَ الخلودُ وما سواها
برغم دعاية الداعين ، فاني

ولم أر مثلَهُ إلا قليلاً
مهِيباً في السماع وفي العِيان

كأني منه بين يَديْ هِزبَرٍ
أخي لِبَدٍ على بُعدِ المكان

أقول الشعر محتفظاً وئيداً
كأني خائفٌ من أن يراني

وقى اللهُ الحِجزَ وما يليهِ
بفضل أبيك من غُصَصِ الهوان

ومتَّعَ ذلك الشعبَ الموقَّى
بسبع سنينَ شيقةٍ سِمان

على حينَ اصطلى جيرانُ نجد
بجمر لظىً وسمّ الأفعوان

وقد رقَّت لها حتى عِداها
لكابوس بها مُلقى الجِران

أرادَتْه اضطراراً لا اختياراً
وليس لها بدَفْعَتِه يدان

فليت الساهرين على دَماراً
فداءُ الساهرين على الكيِان

وما سِيانِ مشتملون حَزْماً
ومشتملون أحزمةَ الغواني

تُحاك له الدسائسُ تحت ليل
من الشحناء داجي الطَّيْلسان

على يد مصطلينَ بهِ غِضابٍ
على عليائه حرِدِي اللسان

وحُسّاد لذي شرف مَهيب
رَمَوْا منه بسُلٍّ واحتقان

من القوم الذين إذا استُجيشوا
ذكا لأُنوفهم أَرجُ الجِنان

مشى للناس وضّاحاً وجاءوا
إليهم تحت أقنعة القِيان

فقل لهُمُ رويداً لا يَطيشوا
ولا يَغُررْهُمُ فرطُ التواني

فبالمرصادِ صِلٌّ أرقميٌّ
شديدُ البطش مرهوبُ الجَنان

يُريهِمْ غفلةً حتى إذا ما
تمادَوْا في اللّجاجة والحِران

مشى لهم كأروعِ ما تراه
حديدَ الناب محتشدَ الدُّخان

وقال لشيخهم إن شئتَ ألّا
أراك ترفعاً أفلا تراني

إذا لم تَقْوَا أن تبنى فحايد
وكن شَهمْا يقدِّرُ صنعَ باني

مَشَيْتُمْ والملوكُ إلى مجالٍ
به أحرزتُمُ قَصَبَ الرِّهان

فجاء مقامُهُمْ عنكم وضيعاً
مقام الزَج زلَّ عن السِّنان

فلا تحسَبْ بأن دعاةَ سُوءٍ
تحرَّكُ من فلانٍ أو فلان

ولا شتى زحاريفٍ ركاكٍ
ولا شتى أساليبٍ هِجان

تَحَوَّلَ عَنْكُمُ مجرى قُلوب
موجهةٍ إليكم بِاتزان

يسُرُّ الناسَ أنَّ فتىً كريماً
يُسَرَّ ، كما يعاني ما يعاني

ترفع يا سرورُ عن القوافي
فانكَ لَلْغنيُّ عنِ البيان

وَهبني كنتُ ذا حَصَرٍ عِيِيّاً
وهبني كنت منحبسَ اللسان

فما قدْرُ العواطف والنوايا
إذا احتاجت لنقْلِه تَرجَمان


الجواهري



التوقيع


نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
الحمدان متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-30-2024, 02:30 PM   #10583
مساعد للمدير العام ومستشار للمنتدى
 
الصورة الرمزية الحمدان
 

الحمدان is on a distinguished road
افتراضي رد: هنا الشعر الفصيح ومايتعلق به

نَعوا إلى الشِعرِ حُراً كان يرعاهُ
ومَنْ يَشُقُّ على الأحرارِ مَنعاهُ

أخنى الزَّمانُ على نادٍ زها زَمناً
بحافِظٍ واكتسى بالحُزنِ مغناه

واستُدْرجَ الكوكَبُ الوضاءُ عن أُفُقٍ
عالي السَّنا يُحْسِرُ الأبصارَ مَرقاه

أعْززْ بأنَّا افتقَدناهُ فأعوزنا
وجهٌ طليقٌ وطَبعٌ خفَّ مجراه

وأنَّ ذاكَ الخفيفَ الروحِ يُوحشُه
بيتٌ ثقيلٌ على الأحياءِ مَثواه

ضيفٌ على رِمَمٍ شتَّى طبائعُها
ما كانَ يجمعُها حالٌ وإياه

أنَّ الذي هزَّ كلَّ الناس مَحضَرُهُ
لم يبقَ في الناس منه غيرُ ذكراه

نأت رعايَتُنا عنه وفارقَنا
فِراقَ مُحتَشمٍ فلْيَرْعَهُ الله

حوى التُرابُ لِساناً كُلُّهُ مُلَحٌ
ما كلُّ مُحتَرِفٍ للشِّرِ يُعطاه

للأريحيَّةِ مَنْشاهُ ومَصْدرُهُ
وللشَّجاوةِ والإيناسِ حَدّاه

جمُّ البَدائهِ سََهْل القولِ ريِّضُه
وطالما أعوزَ المِنطيقَ إبداه

جَلا القِراعُ الشبا منهُ ولطفَّهُ
طولُ التَّجارِبِ في الدُّنيا ونقَّاه

تخيَّر الكَلِمَ العالي فَسلَّطهُ
على القوافي فحَّلاها وحلاّه

ومَدَّها ببنَتِ الفِكرِ مُرسَلةً
تَرَسُّلَ السَّيلِ أدناهُ كأقصاه

من كلِّ مَعنىً لطيفٍ زاد رونَقَهُ
إبداعُ " حافِظَ " فيهِ فهو تيَّاه

فلو يُطيق القريضُ النُطقَ قابلةُ
بالشكرِ عن حُسن ما أسدى فأطراه

عرائسٌ من بنات الفكر حاملةٌ
مِن حافظٍ أثَراً حُلواً كسِيماه

وما الشُعورُ خيالُ المرءِ يَنْظِمهُ
لكنَّهُ قِطِعِاتٌ مِن سجاياه

أخو الحماسِ رقيقاً في مقاطعهِ
تكادُ تُلْمسُ نِيرانٌ وأمواه

وذو القوافي لِطافاً في تَسَلسُلها
ما شانَها عنَتٌ يوماً وإكراه

وابنُ السِنينَ نَقيَّاتٍ صحائفُها
أُُولاه فائضةٌ حُسناً وأُخراه

فانْ يكُنْ خُضِدت بالموتِ شوكتُهُ
أو نالَ وقعُ البِلى منهُ فعرّاه

فما تزالُ مَدى الأيامِ تُؤنسُنا
نظائرٌ مِن قوافيهِ وأشباه

شِعرٌ تُحِسُّ كأنَّ النفسَ تَعشَقُهُ
أو أنَّها اجتُذِبَتْ بالسِحر جرّاه

زانَتْ مواقِفَهُ جُنديَّةٌ كُسيَت
من الرزانهِ ما لمْ تُكْس لولاه

مشى بمصرَ فلم يَعثُر بها ورمى
مُحتلَّ مِصرَ فلم يُخطِئْهُ مَرماه

رِيعَ القريضُ بفذٍّ كانَ يملؤهُ
مِن الجميلينِ مَبناهُ ومَعناه

يُعطي لكلِّ مَقامٍ حقَّهُ ويَرى
حقّاً لسامعهِ لابُدَّ يَرعاه

قد يُوسِعُ الأمرَ تفصيلاً يُحتَّمُه
حالٌ وقد يَكتفي عنهُ بفَحواه

وقد يجيئُ بما لم يَجْرِ في خَلَدٍ
وقد يقولُ الذي لم تهوَ إلاّه

فمٌ من الذهب الابريزِ مَنطِقُهُ
جاءتْ تُعزّي به الأشعارَ أفواه

اليومَ يبكيهِ دامي القلبِ طارَحَهُ
بِدامياتِ قوافيهِ فواساه

وضيِّقُ الصدرِ بالأيام غالطَهُ
عنِ الحياةِ وما فيها فعزّاه

حَسْبُ الزمانِ وحِسبُ الناسِ مَنقصةً
أن طالَ من حافظٍ في الشِعر شكْواه

ما للزمانِ ونفسٍ ريعَ طائُرها
ألمْ تكنْ في غِنىً عنها رزاياه

ضَحيَّةَ الموتِ هل تهوى مَعاودَةً
لِعالمٍ كنتَ قَبلاً مِن ضَحاياه

يا ابنَ الكِنانهِ والأيامُ جائزةٌ
والدهرُ مُغْرَمةٌ بالحُرِّ بَلواه

لُقِّيتَ مِن نَكَدِ الدُّنيا ومحنتها
ما كنتَ لولا إباءٌ فيكَ تُكفاه

ما لذَّةُ العيشِ جَهلُ العَيشِ مَبدؤهُ
والهمُّ واسِطهُ ، والموتُ عُقباه

يا ابنَ الكِنانهِ ماذا أنتَ مُشتَمِلٌ
عليه ممَّا سَطا مَوتٌ فغَطَّاه

سِتّونِ عاماً أرتْكَ الناسَ كُنهَهَمُ
والدهرَ جوهرَهُ والعُمْرَ مَغزاه

وبَصَّرتكَ بأطباع يَضيقُ بها
صدرُ الحليم وتأباه مَزاياه

بَدا على نَفثَاتٍ منكَ خالدةٍ
عيشُ الأباة ونُعماهُ وغُمَّاه

وخَبَّرتنا القوافي عن أخي جَلَدٍ
صُلبِ الإرادةِ يُعْيي الدهرَ مأتاه

خاضَ الزمانَ وأبلاهُ مُمارسةً
لم يَخْفَ عنه خبيٌّ مِن ثناياه

وعَنْ مصارَعةِ الدُّنيا على نَشَبٍ
الحَالُ تُوجبهُ والنفسُ تأباه

وعن مواقفَ تُدمي القلبَ غُصَّتُها
لا المالُ يَدفعُ ذِكراها ولا الجاه

وعن أذايا يّهدُّ النفسَ مَحمِلُها
ويَستثَيرُك جانيها ومَرآه

إنَّا فَقدناهُ فقْدَ العيَنِ مُقلتها
أو فقْدَ ساعٍ إلى الهيجاءِ يُمناه

ما انفَكَّ ذِكرُ الرَّدى يجري على فمه
وما أمرَّ الرَّدى ، بل ما أُحيلاه

ومَنْ تُبَرِّحْ تَكاليفُ الحياةِ به
ويَلْمِسُ الرَّوْحَ في مَوتٍ تمنَّاه

إنّي تعشَّقتُ مِن قَبلِ المُصابِ به
بيتاً له جاء قبلَ الموتِ يَنعاه

ودَّعتُهُ ودُموعُ العينِ فائضةٌ
والنَّفسُّ جياشةٌ والقَلب أواه


الجواهري



التوقيع


نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
الحمدان متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-30-2024, 02:31 PM   #10584
مساعد للمدير العام ومستشار للمنتدى
 
الصورة الرمزية الحمدان
 

الحمدان is on a distinguished road
افتراضي رد: هنا الشعر الفصيح ومايتعلق به

قلَّ صبري على زمانِ ألدِّ
وخُطوبٍ ألبَسَنْنَي غيرَ بُردي

وتقاليدَ لا تطاقُ وناسٍ
لا يُجيدون غيرَ لُؤمٍ وحِقْد

آنست مَنْ معي قوافٍ حِسانٌ
سوف تبقى أُنْسَ الشجييِّن بعدي

حملتْ همَّهُمْ ورُحْتُ غريباً
عنهمُ حاملاً هموميَ وحدي

أفرَشوني شوكَ القتاد وخصُّوا
بالرياحين كلَّ جِبْسٍ ووَغْد

وزَوَوْا كلَّ ما أودُّ احتكاراً
وأتوني بكل ما لم أودّ

وأجالوا أفراسَهُمْ في مَلاهٍ
ضربوا بينها وبيني بِسُدّ

ثم قالوا صفِ الحياةَ بلطفٍ
رغمَ أنَّ الحياةَ تجري بضدي

كيف يسطيعُ رسمَ شَكلِ المسرّاتِ
نزيلٌ في غرفة مثلِ لَحْد

تائه في حياته ليس يَدري
أيُّ بابٍ إلى السُّرورِ يُؤدّي

قد وصفتُ الشَّقاءَ أروعَ وَصفٍ
من بلاءٍ وخبرةٍ مستَمَدّ

وأرَيْتُ الناسَ الحياةَ جحيماً
قاذفاً أنْفُساً لطافاً بوقْد

فأروني رفاهةً ونعيماً
لأُريكم تصويرَ جنةِ خُلْد

صدماتُ الزمانِ تُبْقي خدوشاً
في أصَمٍّ من الجلاميدِ صَلدْ

أفتنجو من هذه الغَيرِ السودِ
خلايا دمٍ وقطعةُ جِلد

أكلتْ قلبيَ الهمومُ وهدّت
كلّ حولي واستنزفتْ كلَّ جهدي

فتراني وليس غيرُ اطِّلابٍ
لكفافٍ من المطاليبِ عندي

بدلاً من تقلُّبي في نعيمٍ
سابغ الظلِّ ذي أفانينَ رَغْد

هذه العيشةُ الرفيهةُ لا عركُ
زمانٍ ملآنَ بالنحس نَكْد

ما عسى تبلُغُ القناعةُ من نفس
طروبٍ لغيرِها مستعِد

أين من تستثيرُ طبعي بهزاتِ
التصابي منها وتقدَحُ زندي

من تشكي الغرامِ والوجدِ إني
ذو احتياج إلى غرامٍ ووجد

قد سئمتُ الجفافَ في العيش
لارشفةُ ثغرٍ ولا نعومةُ خدّ

وردةٌ من حديقةِ الشعرِ أُهديها
إلى مطعمي بقطفةِ ورد

ليس عندي أعزّ ُ منها وحسبي
أنني خيرُ ما تملكتُ أُهدي

اشتهي عُلْقةً بحبلِ غرامٍ
أوْجدِيها ولو بكاذبِ وعد

لست ادري فربّما كان نحسي
في غرامي وربّما كان سعدي

غيرَ أنيّ أُحسُّ أنَ شعوراً
تستفزينه بُقربٍ وبُعد

لا تَشِحّي ولا تجودي ولكنْ
اتركيني ما بين جَزْر ومَد

ثم قولي هاكَ الذي تبتغيه
ثم لمّا أقولُ هاتيه رُدّي

لوحةٌ مالها نظيرٌ وقوفُ العاشقِ
الصبِ بينِ أخذٍ وردْ

لا لأجلي لكنْ التّلهي
بقوافي حرّكي بعضَ وَجْدي

أَولا ترغبين أن يَتَغّنى
بمعانيكِ مُعْجَباً كلُّ فرد

رُبَّ جسمٍ يَبْلى به عبقريٌّ
لا يرى عن تَصْويرِهِ من مَردّ

حاشدِ الذهنً بالصبابةِ يأتي
من ضُروبِ البيان فيها بحشْد

وتراه عَفْوَ القريحةِ يَخْتارُ
أناشيدَ تُعْجِزُ المتصدِّي

سَهُلَتْ فهو مثلُ سيلٍ تَجارى
في مسيلٍ دَمْثٍ يُعيد ويُبدي

يَلمِسُ الشيخُ في قوافيه بُقيا
أثَرٍ من شبابهِ المسَتَردّ

ويُعيدُ الصِبا إليه وبلقى
في مريرِ الذكْرى حلاوةَ شُهْد

فهو يُسْدي إلى الوجودِ جميلا
وهو لولا الغَرامُ ما كانُ يُسْدي

ولقد تَضْمنُ البداعةَ في الفنِّ
وتخليدهِ بضاضةُ زند

ما عرفنا دعدّيةً تتصّبى
كلَّ نَفسٍ لولا تحكُّمُ دَعْد

لا جفافُ الحجاز أضرمَ تلك الروحَ
فيها ولا خشونةُ نجد

هي إلهامةٌ يَنِزّ لها الحبُّ
على الشاعرينِ من غير قَصْد


الجواهري



التوقيع


نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
الحمدان متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-30-2024, 02:32 PM   #10585
مساعد للمدير العام ومستشار للمنتدى
 
الصورة الرمزية الحمدان
 

الحمدان is on a distinguished road
افتراضي رد: هنا الشعر الفصيح ومايتعلق به

ذوى شبابيَ لم يَنْعَم بسرّاءِ
كما ذوى الغصنُ ممنوعاً عن الماءِ

سَدَّتْ عليَّ مجاري العيشِ صافيةً
كفُّ الليالي وأجرتها بأقذاء

فمِنْ عناءِ بَلَّياتٍ نُهكتُ بها
إلى عناء . ومن داءٍ إلى داء

ستٌ وعشرونَ ما كانت خُلاصتُها
وهي الشبابُ طريّاً غيرَ غمَّاء

وما الحياةُ سوى حسناءَ فارِكةٍ
مخطوبةٍ من أحبَّاء وأعداء

قد تمنعُ النفسَ أكفاءً ذوي شغفٍ
ورّبما وهبتها غيرَ أكفاء

ولا يزالُ على الحالينِ صاحبُها
معذَّبَ النفسِ فيها بيِّنَ الداء

فإنْ عجِبتَ لشكوى شاعرٍ طرِبٍ
طولَ الليالي يُرى في زِيِّ بّكاء

فلستُ أجهلُ ما في العيش من نِعمٍ
انا الخبيرُ بأشياءٍ وأشياء

ولا أحبُّ ظلامَ القبر يغمُرني
أنا الخبيرُ بأشياءٍ وأشياء

وإنَّما أنا والدُّنيا ومحنتُها
كطالبِ الماء لمَّا غَصَّ بالماء

أُريدُها لمسرّاتٍ ، فتعكِسُها
وللهناءِ ، فَتثنيهِ لايذاء

وقد تتبَّعتُ أسلافي فما وقعتْ
عيني على غير مشغوفِ بدُنياء

فانْ أتتكَ أحاديثٌ مُزخرَفةٌ
عن الذينَ رَوَوْها أو عن الللائي

يُشوِّهونَ بها إبداعَ غانيةٍ
فتَّانهٍ لم تكنْ يوماً بشوهاء

طوراً تُصوّرُ حِرباء وآونةً
كالأفعوان . وأُخرى كالرُّتَيْلاء

فلا تصدّقْ فما في العيشِ منقصةٌ
لولا أضاليلُ غوغاءٍ ودهماء

ذَمَّ الحياةَ أُناسٌ لم تُواتِهُمُ
ولا دَروا غيرَ دَرَّ الإبْل والشاء

وقلَّدَتْهُمْ على العمياء جَمهرةٌ
تمشي على غير قصدٍ خبطَ عشواء

ولو بدَتْ لهمُ الدُّنيا بزيِنتها
لقابلوها بتبجيلٍ وإطراء

لم تكفِني نكباتٌ قد أُخذتُ بها
حَتى نُكبتُ بأفكاري وآرائي

لي في الحياة أمانٍ لو جَهَرتُ بها
قُوبلتُ من سَفْسطيَّاتٍ بضوضاء

ولو أتاني بِبُرهانٍ يجادلُني
لقلتُ : أهلاً على العينين ِ مولائي

شِيدتْ قصورٌ على الأجراف جاهزةٌ
بكلِّ ما تشتهيهِ أعينُ الرائ
ي
فيهنَّ من شهواتِ النفس أفظعُها
فيها غرائبُ أخبارٍ وأنباء

فيها اللَّذاذاتُ والأفراحُ عاصفةٌ
بنفسِ ذاكَ المُرائي عَصفَ نكباء

حتى إذا قلتَ قولاً تستبينُ به
لُطفَ الحياةِ بتصريحٍ وإيماء

هاجوا عليكَ بإقذاعٍ ومفحشةٍ
وآذنوكَ بحربٍ جِدِّ شعواء

حُرِّيةُ الفكر ما زالتْ مهدَّدةً
في " الرَّافدين " بهمَّازٍ ومشَّاء

وبالنواميسِ ما كانتْ مُفسَّرةً
إلا لِصالحِ هيئاتٍ وأسماء


الجواهري



التوقيع


نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
الحمدان متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-30-2024, 02:33 PM   #10586
مساعد للمدير العام ومستشار للمنتدى
 
الصورة الرمزية الحمدان
 

الحمدان is on a distinguished road
افتراضي رد: هنا الشعر الفصيح ومايتعلق به

يدي هذه رهنٌ بما يَدَّعى فمي
لئن لم يحكِّمْ عقلَه الشعبُ يندمِ

هتفتُ وما أنفك أهتِف صارخاً
ولو حرّموا مسِّي ولو حلَّلوا دمي

ولو فتّشوا قلبي رأوا في صميمه
خلاصةَ هذا العالمِ المتألِّم

إذا تُرك الجُمهورُ يَمضي لشأنه
ويسلُك من أهوائه كلَّ مَخْرِم

وتنتابُهُ الأهواء من كلِّ جانبٍ
وترمي به شتى المهاوي فيرتمي

وتُنْشَر فيه كلَّ يوم دِعايةٌ
ويندسُّ فيها كلُ فكر مسمِّم

وتَقضي عليه فُرقة من مسدّر
وتُنْهكُه رجعيةٌ من معمَّم

ولم تلدِ الدنيا له من مؤدِّب
يهذب من عاداته ومقوِّم

فلا بد من عُقْبى تسوء ذوي النهى
وتَدمى بها سبابةُ المتندِّم

ولا بد أن يمشي العراقُ لعيشة
يشرَّفُ فيها أو لموت محتَّم

أقول لأوطانٍ تمشت جريئةً
يَمدُّ خطاها كلُّ أصيدَ ضيغم

وقرَّ بها مما تحاول أنها
رأت في اكتساب العزِّ أكبر مغنم

ألا شعلةٌ من هذه الروحِ تنجلى
على وطن ريانَ بالذُّل مُفْعَم

خذي كلَّ كذّاب فَسُلِّي لسانه
ومُرّي على ظُفر الدنيِّ فَقَلِّمي

ومُرِّي على هذي الهياكل أقبلت
عليها الجمْاهير الرُّعاع فحطِّمي

وإن كان لا يبقى على الحال هذه
سوى واحد من كل ألف فأنعم

فأحسنُ من هذي التماثيل ثُلّةٌ
تقوم على هذا البناء المرمَّم

فقد لعِبَت كفُّ التذبذب دورَها
به واستباحت منه كلَّ مُحرَّم

وقد ظهرت فيه المخازي جليةً
يضيق بها حتى مجالُ التكلُّم

وقد صيحَ نهباً بالبلادِ ومُزِّقت
بظفُرٍ وداسوها بخُفٍّ و مَنْسِم

وإني وإن لم يبق قول لقائل
ولم يتركِ الأقوامُ من متردمِّ

فلا بدَّ أن أُبكيكَ فيما أقصُّه
عليك من الوضع الغريب المذمَّم

ألا إن هذا الشَعبَ شعبٌ تواثَبَتََْ
عليهَ صروفُ الدهر من كل مَجْثم

مقيمٌ على البْلوى لِزاماً إذا انبرت
له نكبةٌ عظمى تَهون بأعظم

يجور عليه الحكمُ من متآمرٍ
وتمشي به الأهواءُ من متزعِّم

مساكينُ أمثالُ المطايا تسخَّرتْ
على غيرِ هدْيٍ منهمُ وتَفَهُّم

فلا الحكمُ بالحكم الصحيح المتمَّمِ
ولا الشعبُ بالشعب الرزين المعلَّم

تَحَدَّتْهُ أصنافُ الرزايا فضيَّقَت
عليه ولا تضييقَ فقر مخيِّم

فقد أُتخمت شمُّ البُنوك وأشرقت
بأموال نّهابٍ فصيحٍ وأعجم

تُنُوهِبْنَ من أقوات طاوٍ ضلوعَه
على الجْوع أو من دمع ثكلى وأيِّم

يُباع لتسديد الضرائب مِلْحَفٌ
وباقي رِتاج أو حصير مثلَّم

وما رفع الدُّستورُ حيفاً وإنما
أتونا به للنَّهْب ألطفَ سَلَم

ستارٌ بديعُ النسجِ حيكَ ليختفي
بها الشعبُ مقتولاً تضرَّجَ بالدم

به وجدت كفُّ المظالم مَكْمَناً
تحوم عليه أنَّةُ المتظلِّم

نلوذ به من صَوْلة الظلم كالذي
يفرِ من الرَّمضاءِ بالنار يحتمي

بضوء الدساتير استنارت ممالكٌ
تخبَّطُ في ليل من الجْهل مظلم

وها نحن في عصر من النور نشتكي
غَوايةَ دُستور من الغِش مبهم

هنالك في قَصْرٍ أُعدت قِبابه
لتدخينِ بطّالين هوجٍ ونُوّم

تُصَبُّ على الشعب الرزايا وإنما
يَصُبُّونها فيه بشكل منظَّم

مضت هَدرَاً تلك الدماءُ ونُصِّبَتْ
ضِخامُ الكراسي فوق هَامٍ محطَّم

ولما استَتَمَّ الامرُ وارتدَّ معشَرٌ
خلاءَ اكُفٍّ من نِهاب مقسَّم

ورُدَّت على الأعقاب زَحفاً معاشرٌ
تُحاولُ عَودْاً من حِطامٍ مركَّم

بدا الشر مخلوعَ القِناع وكُشِّفَت
نوايا صدورٍ قُنِّعت بالتكتُّم

وبان لنا الوضعُ الذي ينعَتُونَه
مضيئاً بشكل العابس المتجهِّم


الجواهري



التوقيع


نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
الحمدان متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-30-2024, 02:34 PM   #10587
مساعد للمدير العام ومستشار للمنتدى
 
الصورة الرمزية الحمدان
 

الحمدان is on a distinguished road
افتراضي رد: هنا الشعر الفصيح ومايتعلق به

جهِلنا ما يُراد بنا فقُلنا
نواميسٌ يدبِّرها الخفاءُ

فلما أيقَظَتْنا من سُباتٍ
مكائدُ دبَّرتها الاقوياء

وليس هناكَ شكٌ في حياةٍ
تدوسُ العاجزين ولا مِراء

لجأنا للشرائعِ بالياتٍ
لتحمِينا وقد عزَّ احتماء

فكانتْ قوَّةٌ أخرى وداءُ
رَجَونا ان يكونَ به الدواء

حثيثٌ سيرُهنَّ إلى ضعيفٍ
تلقَّفُه وعنْ أشِرٍ بِطاء

تسيرُ وشأنَها حتى اذا ما
تصدَّتْ قوَّةٌ فبها التواء

وقام السيفُ يُرهِب دفَّتيها
تؤيِّدهُ ميولٌ وارتشاء

إذا لم تُرضِه منها سطورٌ
تولَّتْ محوَ ما فيها الدِّماء

فيا أضحوكةَ السيفِ المُدَّمى
تفايضَ مِن جوانبكِ الغباء

أتُصلِحُ ما الطبائعُ أفسدتَه
قوانينٌ مفسَّخةٌ هُراء

وماذا غيَّرتْ نظمٌ وهذي
حياتُكَ جُلُّ ما فيها شقاء

وما عُدِم الهناءُ بها . ولكنْ
تُنوزِعَ فيه فاحتُكِر الهناء

ولم تتفاوتِ الطبقاتُ إلاّ
لتنحصرَ الرَّفاهةُ والنَّماء

وما اختلفت عصورٌ عن عصورٍ
نعم غطَّى على الصُوَرِ الطِّلاء

فسوقُ الرِّق لم يكسُد ولكن
تبدَّلَ فيه بيعٌ أو شِراء

وقد قمتْ على التشريعِ سوقٌ
بها احتشدتْ عبيدٌ أو إماء

ولكنْ تحت أغطيةٍ وماذا
ترى عينٌ لو انكشفَ الغِطاء

ترى أبداً رعايا أذكياءً
تسوسُهمُ رُعاةٌ أغبياء

وأحراراً رجالاً أو نساءً
تُسخِّرهم رجالٌ أو نساءٌ

فتفتقرُ المواهبُ والمزايا
وتندَحرُ العزيمةُ والفَتاء

وتخمُد جذوةٌ لولا تردِّي
نظاماتٍ لألهبها الرَّجاء

يُزهِّد في المحامدِ طالبيها
يقينٌ أنَّ عُقباها هباء

فقد تأتي الفظيعَ ولا عقابٌ
وقد تُسدى الجميلَ ولا جزاء

وتتَّفقُ المجاعةُ والمزايا
وتلتئِم المحاسنُ والعراء

وفي التاريخِ أتعابٌ كِثارٌ
مضتْ هدَراً وطار بها الهواء

وأعمالٌ مشرِّفةٌ ذويها
تولاَّها فضيَّعها الخفاء

وأُخرى جرَّ مغنمَها دنيٌّ
فسرَّته ، وصاحبُها يُساء

تكون وقاحةٌ فيود مرءٌ
لو أنَّ مكانَها كانَ الحياء

فان وُجِدَ الحياءُ سطا عليه
فسخَّرهُ أناسٌ أذكياء

مزاحمةً كأنَّ دهاءَ مرءٍ
وطِيبةَ نفسهِ ذئبٌ وشاء

وكلُّ محسِّنينَ إذا استتمّا
فخيرُهما لشرِّهما الفداء

وإن أشرَّ ما يلقى أريبٌ
وأوجعَ ما يَحار به الدَّهاء

نفوسٌ هدَّها شرفٌ ونبلٌ
وأرهقها التمنُّعُ والإِباء

وقد عاشت إلى الأوباشِ تُعزى
وماتتْ وهي مُعدَمةٌ خَلاء

وأُخرى في المخازي راكساتٌ
كأصدق ما يكونُ الأدنياء

مشتْ في الناسِ رافعةً رؤوساً
تنصِّبُها كما رُفعَ اللواء

فلا الأرضونَ قد خُسِفت بهذي
ولا هذي أغاثتها السماء

أتعرف من هم الأوباشُ زَولا
يُريكهم ُ كأحسنِ ما يُراء

يُريكهمُ أُناساً لم يُلَصَّقْ
بهم غدرٌ ولم يُُنكر وفاء

تطيحُ بيوتُهمِ حِفظاً لبيتٍ
يضمُّهم وصاحبَه – الإِخاء

أتعرفُ " لانتييهِ " وما أتاهُ
من الشرفِ الذي فيه بلاء

وهل شرفٌ بلا نكَدٍ وضُرٍّ
يُتمِّمُ خِلقةَ الشرف العناء

تولَّت " لا نتييهِ " يدُ الرزايا
وأنشبَ فيهِ مِخلَبه القضاء

قضاء الله قلتُ ..وإنْ تُرِدْه
قضاء حكومةٍ فهما سواء

ودَهْورهَ الوفاءُ ونعمَ عقبى
الصداقةِ أنْ يدهوركَ الوفاء!

ومنْ يذهبْ بثروتهِ ضمانٌ
لصاحبهِ فقد حسُنَ الجزاء!

وقامتْ صيحةٌ من كلِّ بابٍ
تراجَع ْ " لانتييهِ " فلا نجاء

ستعلمُ أينَ أهلُ المرءِ عنه
وإخوتُه ، إذا ذهبَ الثراء

وقد صدَقوا فانَّ يديكَ تهزا
على رجليكَ إنْ نضبَ الرخاء

وقد كذِبوا . فـ "بايارٌ " لديه
وكانَ له بـ" بايار " العزاء

وكلُّ الناسِ من قاصٍ ودانٍ
لِمن واساكَ في ضيقٍ فداء

فجاءَ يَزين موقفَه لسانٌ
كحدِّ السيفِ أرهفه المُضاء

محاماةً مشرِّفةً وليستْ
محاماةً يُرادُ بها الرِّياء

صديقٌ ضامنٌ نجَّتْ صديقاً
ضمانتُه وقد عزَّ الأداء

وليسَ بمُنكرٍ دفعاً ولكنْ
مُقاسَطةً يحتِّمها اقتضاء

" فلانتييةٌ " له شرفٌ وجاهٌ
وأطفالٌ وأهلٌ أبرياء

ومعملُه تعيشُ بهِ مئاتٌ
سيُعوزِهُم – إذا سُدَّ – الغذاء

ولكنَّ " القضاء " أجلُّ مِن أنْ
يُصدِّقُ ما يقولُ الأصدقاء

فأصبح " لانتييه " وكلُّ ما في
يديهِ من نَثا الدُّنيا جُفاء

وبينا " لانتييه " يفيضُ بؤساً
ويطفحُ بالشقاءِ له إناء

إذا " بالعدل" يكبِسهُ ، لماذا
لانَّ العدلَ يكبس من يشاء

لأن " العدل " يُشغِلُه أناسٌ
همُ فوقَ " المنصَّةِ " أنبياء..!

وهبْ ذهبت ضحايا العدل ظُلماً
نفوسٌ من تظنِّيه بُراء

فلا لومٌ عليهِ وإنْ تلوَّثْ
سياط ٌ فوقَهم أو فارَ ماء..!

سيجلِدُهم إلى أنْ يُقنِعوه
بأنهم أناسٌ أبرياء..!

فان هلكوا وخلْفَهمُ بيوتٌ
خوتْ من بعدهم فله البقاء!


الجواهري



التوقيع


نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
الحمدان متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-30-2024, 02:35 PM   #10588
مساعد للمدير العام ومستشار للمنتدى
 
الصورة الرمزية الحمدان
 

الحمدان is on a distinguished road
افتراضي رد: هنا الشعر الفصيح ومايتعلق به

إذا خانتكَ مَوهبِةٌ فحقُّ
سبيل العيشِ وَعْرٌ لا يُشَقُّ

وما سهلٌ حياةُ اخي شُعورٍ
من الوجدان ينبُضُ فيه عِرق

أحلَّتْهُ وداعتُه محيطاً
حَمَتْه جوارحٌ للصيد زُرق

تفيض وضاحةً والعيشُ غِشٌ
سلاحك فيه أن يعلوك رَنْق

وتحمل ما يحلّ من الرزايا
قُواكَ وقد تخورُ لما يَدِقّ

يظُن الناسُ أنّك عُنجهُيُّ
وأنتَ وَهُم بما ظَنّوا مُحِقّ

قليلٌُّ عاذروكَ على انقباضٍ
أحب الناسِ عند الناسِ طَلْق

ووجهٍ تُقطُر الأحزانُ منه
على الخُلَطاء مَحمِلُه يشِقّ

شريكُكَ في مِزاجك من تُصافي
له شِقٌ وطوعُ يديك شِق

وقبلاً قال ذو أدَب ظريفٍ
قِرى الأضياف قبلَ الزاد خُلْق

وعذرُك أنت آلامٌ ثِقالٌ
لهنَّ بعيشةِ الأدباء لَصق

أحقُّ الناس بالتلطيف يغدو
وكل حياتِه عَنَتٌ وزَهْق

تسير بك العواطفُ للمنايا
وعاطفةٌ تسوءُ الظُفرَ حُمق

وحتى في السكوت يُرادُ حزمٌ
وحتى في السلامِ يُرادُ حِذق

يريد الناسُ أوضاعاً كثاراً
وفيك لما يُريدُ الناسُ خَرق

خضوعُ الفرد للطبقاتِ فَرضٌ
وقاسيةٌ عقوبةُ من يَعِقّ

نسيجٌ من روابطَ محكماتٍ
شذوذُ العبقريةِ فيه فَتْق

وعندّكَ قوَّةُ التعبير عما
تُحسُّ ، وميزةُ الشُعَراء نُطْق

حياتُك أن تقولَ ولو لهاثاً
وحُكمٌ بالسكوت عليك شَنْق

فما تدري أتطلق من عنان
القريحةِأم تُسفُّ فتُستَرَقّ

فان لم تُرضِ أوساطاً وناساً
ولم تكذِبْ وحُسْنُ الشعرِ صِدق

ولم تقلِ الشريفُ أبو المعالي
وتَعلَمُ أنه حمَقان مَذْق

ولم تمدحْ مؤامرةً وحُكما
بأنهما لميلِ الشَعب وَفق

دُفِعتَ الى الرعاع فكان شتمٌ
ورحتَ إلى القضاء فكان خَنْق

بقاءُ النوع قال لكلِّ فرد
أُحطُّ شمائلي عَدل ورِفق

قلوب صِحابتي غُلْفٌ ووِرْدي
لمن لم يعرف التهويش طَرْق

وصارمةٌ نواميسي وعندي
لمن لا يسحَقُ الوجدانَ سَحق

وإني لاحبٌ بالظلم سهلٌ
ومنحدِرٌ لصافي القلب زَلْق

غريبٌ عالم الشعراء تقسو
ظروفهم والسنُهم تَرِق

كبعضِ الناس هُمْ فاذا استُثيروا
فبينهم وبين الناس فَرْق

شذوذُ الناس مُختَلَق ولكنْ
شذوذُ الشاعر الفَنّان خَلْق

وإن تعجَبْ فمن لَبِقٍ أريبٍ
عليه تساويا سَطْحٌ وعُمْق

تضيق به المسالكُ وهو حُرٌّ
ويُعوِزُهُ التقلُّب وهو ذَلْق

وسرُّ الشاعرية في دِماغٍ
ذكيٍ وهو في التدبير خَرْق

تَخبَّط في بسائِطهِ وحَلَّت
على يَدهِ من الأفكار غُلْق

مشاهيرٌ وما طَلَبوا اشتهاراً
مَشَتْ بُرُدٌ بهم وأُثيرَ بَرق

ومَرموقونَ من بُعدٍ وقُربٍ
لَهمْ أُفُقٌ وللقمرين أُفْق

ومحسودونَ إن نَطَقوا وودُّوا
بشَدق منهُمُ لو خِيطَ شَدْق

يُعينُ عليهُمُ رَشْقُ البلايا
من التنقيد والشتَمات رَشق

فاما جَنْبةُ التكريم منهم
فبابٌ بعضَ أحيان يُدَقّ

متى تُحسِن مدائحَهُمْ يَجِلّوا
كما اشتُريِتَ لحُسن اللحن وُرْق

وإلا غُودِروا هَمَلا ضَياعاً
كما بَعدَ الشرابِ يُعاف زِقّ

ورب مُضيَّع منهم هباءاً
يَشيدُ بذكرهِ غَرب وشَرق

تَزيَّنُ في الندى له دوَاةٌ
ويُعرَض في المتاحف منه رَق

فيا عجباً لمنبوذٍ كحَق
يقدَّر من بديع نَثاه عِلْق

وفي شتى البلاد يُرى ضريحٌ
عليه من نِثار الوَرد وَسق

يُجل رفات أحمدِه فرات
وتَمسح قبرَ أحمدها دمشق

ومفرق ذاك شُجَّ فلم يُعقِّب
وُروعٌ ذا وسد عليه رزق


الجواهري



التوقيع


نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
الحمدان متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-30-2024, 02:35 PM   #10589
مساعد للمدير العام ومستشار للمنتدى
 
الصورة الرمزية الحمدان
 

الحمدان is on a distinguished road
افتراضي رد: هنا الشعر الفصيح ومايتعلق به

عتَبْتُ وماليَ مِن مَعتبِ
على زَمَنٍ حُوَّلٍ قُلَّبِ

أُنلصِقُ بالدهر ما نجتوي
ونختصُّ نحن بما نجتبي

كأنَّ الذي جاء بالمَخْبثاتِ
غيرُ الذي جاء بالطَّيب!

وما الدهرُ إلا أخو حَيدةٍ
مُطلٌ على شرَفٍ يرتبي

يُسجّلُ معركةَ الكائناتِ
مثلِ المُسجّل في مَكتب

فما للزمانِ وكفّي إذا
قَبضتُ على حُمةَ العقرب؟!

وما للَّيالي ومغرورةٍ
تُجَشِّمُني خَطرَ المركب؟

بِنابيَ، مِن قبلِ نابِ الزمان
ومن قبل مِخلبه مِخلبي

تَفَرَّى أديميَ ، لم أحَترِس
عليه احتفاظاً ولم أحدَب!

بناءٌ أُقيمَ بجَهد الجُهود
وَسهرةِ أُمٍّ ورُعْيا أب

وأضْفَتْ عليه الدروسُ الثِقالُ
لوناً من الأدب المُعْجِب

عَدوتُ عليه فهدَّمتُه
كأن ليس لي فيه من مطلب!

يداي َ أعانت يدَ الحادثات
فَرُنِّقَ طوع يدي مشربي

أجِد وأعلمُ عِلمَ اليقين
بأني من الدهر في ملعب!

وأنّ الحياةَ حَصيدُ الممات
وان الشروقَ أخو المغرب!

وإني على قدْر ما كان
بالفُجاءاتِ مِن قَسوةٍ كان بي

بَعثْنَ البَواعثَ يَصْطَدنَني
وأبصرتُ مَنجى فلم أهرب!

وثارتْ مُخّيلتي تَدَّعي
بأنَّ التَنزُّلَ مَرعى وبي

وأن الخيانةَ ما لا يجوزُ
وأنَّ التقلّبَ للثعلب

وأنْ ليس في الشرِّ من مغنم
يُعادِلُ ما فيه مِن مَثْلَب

ولما أُخِذْتُ بها وانثنيتْ
نزولاً على حُكمها المُرهِب

ووَطَّنْتُ نفسي ، كما تشتهي
على مَطْعمٍ خَشِنٍ أجْشَب

مشى للِمثالبِ ذو فِطنةٍ
بقوَّةِ ذي لِبد أغلب

جَسورٍ رأي أنّ مَن يَقتحمْ
يُحكَّمْ، ومن يَنكمشْ يُنْهَب

وأفرغَها من صُنوفِ الخِداعِ
والغشَّ في قالبٍ مُذْهَب

فرفَّتْ عليه رَفيفَ الأقاح
في مَنبِت نَضرٍ مُعشِب

تُسمَّى خَلائقَ محمودةً
ويُدعَ ى أبا الخُلُقِ الأطيب!

وراحَ سليماً من الموبقات
ورُحتُ كذي عاهةٍ أجرب!

ولم أدرهِها عِظَةً مُرَّةً
بأني متى أحَترِسْ أُغلَب

ولكنْ زَعمتُ بأن الزمانَ
دانٍ يُسفُّ مع الهيدَب

ويومٍ لَبستُ عليه الحياةَ
سوداء كاللَّيلة الَغْيهَب

أرى بَسمةَ الفجرِ مثلَ البُكاء
وَشدْوَ البَلابل كالمَنْعب!

وبِتُّ عكوفاً على غُمَّتي
حريصاً على المنظر المُكْرِب!

وَبعثرتُ هاجعةَ الذكريات
أُفَتّشُ عن شَبَحٍ مُرعِب!

حَملتُ همومي على مَنكِبٍ
وهمَّ سوايَ على مَنكِب

ولاشيتُ نفسيَ في الأبعدين
أُفكّرُ فيهمْ ، وفي الأقرب!

ولمَّا فَطَنتُ على حالة
تَليقُ بمنتحِرٍ مُحرِب..

نسيتُ بأني اقَترفْتُ الذنوبَ
وانصَعتُ أبحثُ عن مُذنِب!

أخذتُ بمخنَق هذا الزمان
لم يفتَكِرْ بي ولم يحسِب!

ويومٍ تَنَعَّمْتُ مِن لَذَّةٍ
متى لم أُنعَّمْ بها تذهب

ولمَّا انطوتْ مثلَ أشباهِها
وكلُّ مَسيلٍ الى مَنضَب..

تَخيَّلتُ حِرصاً بأن الزمان
عدوُّ اللُبانةِ والمأرَب

وأنّ الطبيعةَ والكائناتِ
ما يَستبينُ وما يَختبي

تألبنَ يَسلُبْني فُرصةً
من العُمْرِ إنْ تنألا تَقْرُب!

وأن الزمانَ مشى مُسرعاً
يُزاحمُ مَوكُبهُ مَوكبي !

وأن الكواكبَ طُرّاً سعُدْنَ
ولم يَشْقَ منها سوى كوكبي

وأنيَ لو كنت في غَمرةٍ
مِن الفكر أو خاطرٍ مُتعِب

لقَلَّلَ من خَطوةِ جاهداً
كمشْيَةِ مُثْقلةٍ مُقرب!

ورُحتُ أُشبِّهُ ما فاتني
من العيش بالبارق الخُلَّب

مُغاَلطَةً ، إنّ شرَّ العَزاءِ
تعليلُ نفسك بالمُكذَب!

وإني على أن هذا المزاج
رمانيَ بالمُرهِق المُنْصِب

وكنتُ على رُغم عُقْمِ الخليِّ
أهوى حياةَ خليٍّ غبي

لأحمِلُ ، للفُرَص السانحاتِ
وللأرْيحيَّة، نفْسَ الصبي

طليقاً من التَبِعات الكثارِ
حُرَّ العقيدة والمذهب

طَموحاً وأعرفُ عُقْبى الطُموح
فلا بالدَّعِيِّ ولا المُعْجَب

تَمَتَّعْتُ في رَغدٍ مُخصِب
وهُذّبتُ في يَبَسٍ مُجدِب

و أفضَلُ من رَوَحاتِ النعيم
على النفس مَسغبَةُ المُترِب

فانْ جِئتُ بالمُوجعِ المشتكي
فقد جئتُ بالمُرقِص المُطرِب!

دَع الدهرِ يذهبْ على رِسْلهِ
وسرْ أنتَ وحدكَ في مَذهب

ولا تَحتفِل بكتاباتهِ
أرِدْ أنت ما تشتهي يُكتب !

فانْ وَجَدَتْ دَرَّةً حُلوةً
يداك ، فدُونَكَها فاحلِب

فانَّ الحماقةَ أنْ تَنثني
مع الواردينَ ولم تشرَب

تَسَلَّحْ بما اسطعتَ من حيلةٍ
إلى الذئبِ تُعزَى ، أو الأرنب

وإنْ تَرَ مَصلحةً فاصدقنَّ
وإنْ لم تَجِدْ طائلاً فاكذب!

ولا بأسَ بالشرِّ فاضرِبْ به
إذا كان لابُدَّ من مَضرَبَ


الجواهري



التوقيع


نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
الحمدان متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-30-2024, 02:36 PM   #10590
مساعد للمدير العام ومستشار للمنتدى
 
الصورة الرمزية الحمدان
 

الحمدان is on a distinguished road
افتراضي رد: هنا الشعر الفصيح ومايتعلق به

لو أنَّ مقاليدَ الجَماهير في يدي
سَلَكتُ بأوطاني سبيلَ التمرُّدِ

إذن عَلِمَتْ أنْ لا حياةَ لأمّةٍ
تُحاولُ أن تَحيا بغير التجدُّد

لوِ الأمرُ في كَفِّي لجهَّزتُ قوّةً
تُعوِّدُ هذا الشعبَ ما لم يُعوَّد

لو الأمرُ في كفِّي لاعلنتُ ثورةً
على كلِّ هدّام بألفَي مشيِّد

على كُلِّ رجعيٍّ بألفَي منُاهضٍ
يُرى اليوم مستاءً فيبكي على الغد

ولكننَّي اسعَى بِرجلٍ مَؤوفةٍ
ويا ربَّما اسطو ولكنْ بلا يَد

وحوليَ برّامونَ مَيْناً وكِذْبَةً
متى تَختَبرهُم لا تَرى غيرَ قُعدد

لعمرُكَ ما التجديدُ في أن يرى الفَتى
يَروحُ كما يَهوَى خليعاً ويغتَذي

ولكنَّه بالفكر حُرّاً تزَينهُ
تَجاريبُ مثل الكوكَبِ المُتَوقِّد

مشَتْ اذ نضَتْ ثَوبَ الجُمود مواطنٌ
رأت طَرْحَهُ حَتماً فلم تَتردَّد

وقَرَّتْ على ضَيْم بلادي تسومُها
من الخَسف ما شاءَتْ يدُ المتعبِّد

فيا لك من شعبٍ بَطيئاً لخيرِه
مَشَى وحثيثاً للعَمَى والتبلُّد

متى يُدْعَ للاصلاح يحرِنْ جِماحُه
وان قيد في حبل الدَجالةِ يَنْقد

زُرِ الساحةَ الغَبراء من كل منزلٍ
تجد ما يثير الهَمَّ من كلِّ مَرقد

تجد وَكرَ أوهامٍ ، وملقَى خُرافةٍ
وشَتّى شُجونٍ تَنتهي حيثُ تَبتدي

هم استسلموا فاستعبَدتْهم عوائدٌ
مَشت بِهمُ في الناس مشيَ المقيَّد

لعمْركَ في الشعب افتقارٌ لنهضةٍ
تُهيِّجُ منه كل اشأمَ أربد

فإمّا حياةٌ حرّةٌ مستقيمةٌ
تَليقُ بِشَعبٍ ذي كيان وسؤدُد

وإمّا مماتٌ ينتهَي الجهدُ عِندَهُ
فتُعذَرُ ، فاختر أيَّ ثَوْبيَك ترتدي

وإلا فلا يُرجى نهوضٌ لأمّةٍ
تقوم على هذا الأساس المهدَّد

وماذا تُرَجِّي من بلاد بشعرة
تُقاد ، وشَعب بالمضلِِّّين يَهتدى

اقول لقَومٍ يجِذبون وراءهُم
مساكين أمثالِ البَعير المعبَّد

اقاموا على الأنفاس يحتكرونها
فأيَّ سبيلٍ يَسلُلكِ المرءُ يُطردَ

وما منهمُ الا الذي إنْ صَفَتْ له
لَياليه يَبْطَر ، او تُكَدِّرْ يُعربِد

دَعوا الشعبَ للاصلاح يأخذْ طريقَه
ولا تَقِفوا للمصلحينَ بمَرْصَد

ولا تَزرعوا اشواككم في طريقه
تعوقونه .. مَن يزرعِ الشوكَ يَحصِد

أكلَّ الذي يشكُو النبيُّ محمدٌّ
تُحلُونَه باسم النبيِّ محمّد

وما هكذا كان الكتابُ منزَّلاً
ولا هكذا قالت شريعةُ لَموعد

اذا صِحتُ قلتُم لم يَحنِ بعد مَوعد
تُريدون إشباعَ البُطون لمَوعد

هدايتَك اللهمَّ للشعب حائراً
أعِنْ خُطوات الناهضين وسدِّد

نبا بلساني أن يجامِلَ أنني
أراني وإنْ جاملتُ غير مُخَلَّد

وهب أنني أخنَتْ عليَّ صراحتي
فهل عيشُ من داجَي يكون لسرمَد

فلستُ ولو أنَّ النجومَ قلائدي
أطاوع كالأعمى يمين مقلدي

ولا قائلٌ : اصبحتُ منكم ، وقد أرى
غوايَتكم او انني غير مهتدي

ولكنني ان أبصِرِ الرشد أءتمرْ
به ومتى ما احرزِ الغي أبعد

وهل انا الا شاعر يرتجونَه
لنصرة حقٍ او للطمةِ معتدي

فمالي عمداً استضيمُ مواهبِي
وأورِدُ نفساً حُرَّةً شرَ مَورد

وعندي لسانٌ لم يُخِّني بمحفِلٍ
كما سَيْف عمروٍ لم يَخنُه بمشْهَد


الجواهري



التوقيع


نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
الحمدان متواجد حالياً   رد مع اقتباس

إضافة رد

مواقع النشر




ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى الردود آخر مشاركة
طريقة تحضير طاجين الفسيخ الفلسطيني شمرانية الروح المطبخ والغذاء الصحي 7 05-28-2021 07:34 PM
الشاعر محمد ابو شراره الشمراني يشارك في فعاليات شرفة الشعر بأكادمية الشعر العربي أبو شريح الشمراني منتدى الشاعر محمد ابوشرارة الشمراني 1 02-10-2021 05:24 PM
مالا تعرفه عن صلاة الجنازة ومايتعلق بها ‏‏( معلومات غائبة عن الكثير ) ساكتون المنتدي الاسلامي 7 04-07-2012 04:45 PM
قـصــة زواج الـسيد بـيـبـسي والـسـيدة مـيرنـدا بالصور خوفو الضحك والفرفشة 0 08-26-2010 06:05 PM
نرجع لموضوع (((الشيعة))) وفي هذا اليوم نقدم لكم ~-{المتعة ومايتعلق بها}-~ كركر المنتدي الاسلامي 4 02-09-2008 08:17 AM

Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2025, vBulletin Solutions, Inc. Trans by
جميع الحقوق محفوظة لـ منتديات شمران الرسمية