هنا الشعر الفصيح ومايتعلق به

يا قِصَّــةَ الليلِ الحزينِ تَرَفَّقي
مَهْلاً فَإنَّ الشَّوقَ قّدْ أضْناني

الشَّوقُ أرَّقَني وَ أتلفَ ناظِري
وَالهَجْرُ مَـزَّقَ خاطِرَ الوجدانِ

وَالصَّبْرُ غادرني وَ قَلَّتْ حيلتي
وَالبُعْدُ أَعْقَدَ مُهْجَتي وَ لسَاني

أفْنَيتُ في فَصْلِ الغيابِ حِكايتي
وَالنَّـايُ أبْكـى شَـدْوةَ الألحـانِ

ما أن رَحَلْتِي وَ السُّباتُ يَعُمُّني
وَالبَرْدُ يَسْري خِلسةً أحضاني

كمْ ذا صَبَرتُ على الغروبِ وَ بأسهِ
وَاسْتَوطَنَتْ في صَمْتها أشجاني

وَ اسْتَعْمَرَ الصمتُ المخيفُ أزِقَّتي
وَاللّيلُ ينـــأى وَحْشَةَ الفُقْدانِ

هـِلِّي عَلَــيَّ كمَا الهِلال بِعِيدهِ
قَدْ طالَ صَومي في نَوَى الحرمانِ

لا أبْتَغي إلَّا الوِصَالَ فَـقَرِّبي
ما عُدْتُ أقوى لوعةَ الهِجْرانِ

رَاهَنْتُ صَبْري وَ الغِيابُ أذلَّني
يا ليْتني لَمْ أبْتَـــدِ بِرِهــاني

....

شوقي إليك قريب لا ينائيني
والصبر عنك بعيد لا يدانيني

تركتني في شجوني للورى مثلاً
يميتني الوجد والأشواق تحييني

....

كَيفَ لا أهواكِ وَهواكِ فَريضَةٌ
وإذا كَرِهتُ كُرِهتُ من الرَّحمنِ

وَكَيفَ لا أشتاقُ وَشَوقي قَداسَةٌ
وَكَتمُ الشَّوقِ والحُبِّ رِجْسانِ

فَسَّرتُ آيةً رُغمَ أُنوفِ العِدا
ما فُسِّرَ مِثلُها في الميزانِ

آياتُ وصفِك وإنْ أجدتُ شرحَها
جَهِلتُ فيها شيئًا من البُرهانِ

يا نَقِيَّةَ الوَصفِ يا أُمًّا قبلَ خَلٍّ
أنتِ توراتِي وإنجيلِي وقرآنِي

قدِ اتَّخذتُ مِنكِ للحياةِ منهجًا
وقد صِرتِ لي رَوحًا وَرَيحانِ

وَنامَ قَلبي فَوقَ قَلبِك مُتْعَبًا
وَطالَ العِناقُ على عَزفِ ألحانِ

وَلِلهوى يا صَغيرَتي صِرنا معًا
وَلِلحُبِّ نَبقى يا مَحضَ إيماني

....

بريقُ حرفكَ لي وردٌ وبستانُ
وهمسُ شِعري إلى عينِيكَ وجدانُ

نعم أُحبك يانبضي ويا كَبِدي
يا نجمةً بسناها الكونُ يزدانُ

نعم أُحبكَ حباً باتَ يغمُرني
وهل لحبٍ سما في القلب كتمانُ

ياقِبلةَ الروحِ يا محرابَ أمنيتي
يا رحلةَ النورِ والأيامُ ريحانُ

تعالَزنسبحُ في بحرِ الغرام هُنا
فالشوق في كبِدي نورٌ ونيرانُ

تعالَ نصنعُ منْ أشواقِنا لغةً
حروفُها من ورودِ الحُب ألوانُ

لما عرفتُكَ فرَُ الناسُ أجمعهم
هذا لأنكَ فوقَ القلبِ سلطان‎ُ

....

هَلْ مِنْ طَبِيبٍ لِدَاءِ الْحُبِّ أَوْ رَاقِي
يَشْفِي عَلِيلًا أَخَا حُزْنٍ وَإِيرَاقِ

قَدْ كَانَ أَبْقَى الْهَوَى مِنْ مُهْجَتِي رَمَقًا
حَتَّى جَرَى الْبَيْنُ فَاسْتَوْلَى عَلَى الْبَاقِي

حُزْنٌ بَرَانِي وَأَشْوَاقٌ رَعَتْ كَبِدِي
يَا وَيْحَ نَفْسِيَ مِنْ حُزْنٍ وَأَشْوَاقِ

أُكَلِّفُ النَّفْسَ صَبْرًا وَهْيَ جَازِعَةٌ
وَالصَّبْرُ فِي الحُبِّ أَعْيَا كُلَّ مُشْتَاقِ

لا فِي سَرَنْدِيبَ لِي خِلٌّ أَلُوذُ بِهِ
وَلا أَنِيسَ سِوَى هَمِّي وَإِطْرَاقِي

أَبِيتُ أَرْعَى نُجُومَ اللَّيْلِ مُرْتَفِقًا
فِي قُنَّةٍ عَزَّ مَرْقَاهَا عَلَى الرَّاقِي

تَقَلَّدَتْ مِنْ جُمَانِ الشّهْبِ مِنْطَقَةً
مَعْقُودَةً بِوِشَاحٍ غَيْرِ مِقْلاقِ

كَأَنَّ نَجْمَ الثُّرَيَّا وَهْوَ مُضْطَرِبٌ
دُونَ الْهِلالِ سِرَاجٌ لاحَ فِي طَاقِ

البارودي

سافرتُ في كل القلوب فلم أجدْ
إلاك قلبا في ضلوعي أزهرا

فأنا الذي باع القلوبَ جميعَها
وأنا الذي لو شاء ما شاءَ اشترى

ولقد رأيتُ سِواك ِ كأسا فارغا
لمّا رأيتك في ضلوعي كوثرا

قد فرَّ صبحي في ليالي غربتي
لكنه من شمس حبك أسفرا

هذي القصائدُ بيننا من حولنا
ياخيرَ رَحْم بالقصيد تعطرا

لمّا توضأ مِنْ دمي أهلُ الهوى

وجدوك مِسْكا ً ذابَ فيه وعنبرا

....

صباح الوردِ يا وَردَاً تَهادَى
وَ بَثَّ النورَ في حُسْنٍ وَ أقْبَلْ

وَ فاحَ العِطرُ مِنْ خَدّيهِ يَشْذو
فَأسْقى الوردَ مِنْ خَمرٍ وَ أثْمَلْ

فَغَارتْ رِقَّةُ الأزهارِ حَيــرى
وَ ظَلّتْ عَنْ بَهاءِ الحُسْنِ تَسْألْ

وَ رَقَّ الزَهرُ وَ الأغصانُ خَجلى
فَغَنّى الصُــبحُ أشْعاراً وَ رَتَّـــلْ

صَباحُ الشوقِ يَا حُسْناً فَقَلبي
يُعاني الوَجْدَ مِنْ شوقٍ تَغَلْغَلْ

تَمَهّلْ أبتغي في بوحِ سِرّي
فداكَ الشعر يَا عُمري تَمَهَّلْ

....

وَماذَا بعدُ يا وَطني الجَريحُ
أنَزفُكَ يَنتَهي أم فيكَ روحُ

مُسَلسَلُ قَتلِكَ المشؤومُ أنّى
يغَادِرُ وَالمَقابِرُ تَستَـريحُ

أراكَ بذَنبِ يوسفهِم تَهيمَـاً
وَ طَـفُّـكَ سَرمَديٌ لا يَروحُ

فَقُل لي بعدَ موتِكَ ما سَيأتي
وَ أيُّ فَجيعةٍ أخرَى تَلــوحُ

ألا مِن نَاصرٍ نَكرتْ صَداهَا
سَماكَ وَشعبكْ مَا صِحتَ ريحُ

جَلالُكَ وَالجَمالُ تَخَطّـفـوهُ
تُراثُكَ وَالجَنائنُ وَالسفوحُ

....

سُبحَانَهُ الخَلّاقُ ذو المَلَكوتِ
إذ خَالَطَ النِسرينَ بالبَسكوتِ

وَ أمَازَ مِن بينِ النِساءِ صَبيّةً
إعجَازُها في شگلهَا المَنحوتِ

وَ أنا بِهذا الوَصفِ اوّلُ شَاعِرٍ
سَيُخاطِبُ الأعجَازَ في الّلاهوتِ

إذ ليسَ مِن أنثَى سِوَاهَا أجمَلَتْ
كُلّ الفتونِ بِمُنتَهى الجَبَروتِ

إذ لَيسَ مِن أخرَى سِوَاهَا إن غَفَتْ
يطغي على الشَفَتينِ لونُ التّوتِ

مِن أيِّ طينٍ يَا بَديعُ خَلَقتَها
وَ بأيِّ وَصفٍ صُغتَها وَ نُعوتِ

وَ بِأيِّ أنهَارِ الخُمورِ غَمَسْتَهَا
فَجَمَعتَ بينَ خَطيئةٍ وَ قُنوتِ

سُبْحَانكَ الّلهمَ كيفَ سَحَرتَهَا
فِي رَصعَتَينِ كَ حَبّتَي يَاقوتِ

وَ أخَذتَ مِن كُلِّ الجِنَانِ قُطَيعَةً
فَكَشَفتْ عن حُسنِ النِسَا المَكبوتِ

أنَا نَاسِكٌ لكنَّ سُؤلِي خَانَنِي
حَاشَاكَ يَا ذا المُلكِ وَ المَلَكوتِ

لكنّهَـــا أنثَـــى بِفَرطِ جَمَــالِهَا
خَرَجَتْ عَن المَألوفِ وَ المَثبوتِ

....

‏يا باحثًا عن سعد قلبك والهنا
‏آياتُ ربكِ قمّـةُ الأفـراحِ

‏هو راحـةٌ وحـلاوةٌ ونقـاوةٌ
وهو الشفـاءُ لعلةِ الأرواحِ