هنا الشعر الفصيح ومايتعلق به

عدوُّكَ من صديقك مستفادٌ
فلا تستكثرنَّ من الصِّحابَ

فإن الداءَ أكثرَ ما تراهُ
يحولُ من الطعام أو الشرابِ

إذا انقلبَ الصديقُ غدا عدواً
مُبيناً والأمورُ إلى انقلابِ

ولو كان الكثيرُ يَطيبُ كانتْ
مُصاحبةُ الكثير من الصوابِ

ولكن قلَّ ما استكثرتَ إلّا
سقطتَ على ذئابٍ في ثيابِ

فدعْ عنك الكثير فكم كثيرٍ
يُعافُ وكم قليلٍ مُستطابِ

....

مُرّي على وَجعي وَ صيري البَلسَمَا
فَمنونُ هَجرِكِ في الحشاشَةِ قَد نَمَا

مُرّي كمَا مَرَّ الكِرامُ وَ غادِري
فَقَليلُ وَصلِكِ مُبرِئٌ مَا اسْقَمَا

مُرّي فقد بهتَ الوجودُ بمقلَتي
عودي بَصيصًا للحياةِ وَ مُلهِمَا

....

للآنَ أجهلني وَ عُمري لَم يَزَلْ
مَا بينَ تَقويمِ الصِبَا مُتَلعثِمَا

أبتَاعُني مِن غُربتي وَ أبيعُني
لِمَهازِلِ الشيبِ الهَزيلِ مُحطّمَا

حَتّامَ يَتبعُني سَرابُ كُهولتي
حَتّامَ يجعلُني انتظارُكِ مُبهَمَا

شَبعتُ أحلامًا بِصبرِ شموعِنَا
وَ شَطَبتُ آلافَ القصائِدِ مُرغَمَا

وَ بقيتُ أقرأها رسَائـلَ حُبّنَا
وَ أشمُّ عطرَكِ في السطورِ مُتَيّمَا

يا أوّلَ الأحلامِ في دربِ الهَوى
داوي كسيرًا مُدنفًا مُتهشّمَا

عودي فَوَقْعُ الذكرياتِ أحالَني
عَصْفًا مِنَ اللاشيء خَارَ مُسَلِّمَا

....

دَاوِني قبلَ أن ترومَ اعتِزَالي
وَ اقتلِ الحبّ مثلَما تَبتَديهِ

مِثلَما جِئتَ صُدفَةً في طَريقي
كُن ظلوماً بِخافقٍ كُنتَ فيهِ

لا تَقلْ كُنتَ صادِقَاً في وِدَادي
لا يُجَافي المُحبّ مَن يَصطَفيهِ

نَزوَةً كنتُ وَ انتَهى عَهدُ قَلبي
بَعدَ ما خُنتَ من تُرَى قَد يَليهِ

مَاهِرَاً كُنتَ حينَ مَثّلتَ دَورَاً
وَ انتهى الدورُ كيفَما تَشتَهيهِ

بِعْتَ ذِكرايَ بَاخِسَاً فيكَ صَدقي
ها أنا اليوم نَادِماً أشتريهِ

عَقّني الصبرُ وَ اكتفى عَن جِرَاحي
وَ أتى الجمرُ بَلسَماً أكتويهِ

فَتَناسيتُ مَا مَضى كانَ صِدقَاً
آخرُ الطبِّ كيُّ ما أشْتَكيهِ

....

من اجمل ما قيل في الصبر
بدع الـمـتنبي حـيـث قال :

كـالخيلِ يـمنعُنا الشّمُوخُ شِكايةً
و تـئِنُ مـن خـلفِ الـضلوعِ جـروحُ

كــم دمـعةٍ لـم تـدرِ عـنها أعـينٌ
و نـزيـفها شـهـدتْ عـلـيهِ الـروحُ


ويـقول غـازي الـقصيبي قـريب
من هذا الــمــعــنـى:

تـبكي الـجيادُ إذا تـرجَّل فـارسٌ
ومن الصهيل تـوجّعٌ وَعَـذابُ

أرأيت دَمعَ الخيلِ كم من عبرةٍ
في الروحِ لم تعلم بها الأهدابُ

كم من مهيب يواري خلف هيبته
قلب تعيث به الاحزان مكسورا

أيّ وصفٍ تُرى يليقُ وَ شِعرٍ
أنتِ أنثى تَهابُهَا الأشعَــارُ

وَحدهَا رصعةُ الخدودِ تُساوي
مَا تَغَنّى مِنَ القَصيدِ نِزارُ

لوحةٌ أنتِ مِنْ مَعاجِزِ رَبّي
لِلنِسَا أنتِ بَدأةٌ وَ اختِصارُ

وَ أنا الشَاعِرُ الذي تاهُ مِنهُ
بينَ حَرفينِ عَقلُهُ وَالقَرارُ

....

دقـاتزقـلبي فـي هـواك مـواقد
وإلـيك مـا أخـفي وما أنا وأجد

لـهفي عليك يكاد يكسرزأضلعي
ولـديك شـوقي راكـع أو ساجد

صلني حبيبي إن عشقي صادق
بل الف عشق بي وقلبي واحد

....

حتى وإن بدت السماءُ بعيدةً
أن الذي فوقَ السماءِ قريبُ

فأرفع يديكَ إلئ الاله مناجياً
إن الجروحَ مع الدعاءِ تطيبُ

ما ضرنا بعد السماءِ وإن علت
ما دمت يا رب السمــاءِ قريبُ

....

و يـلفُّنِي وَجَـعُ الـحَنِينِ وَ أدَّعِي
صَـبرًا وَ جَـوفِي بِـالأَسَى يَتَقَطَّعُ

وَ أَذُوبُ مِــن شَـوقِي لَـهُم لَـكِنَّنِي
مِـن فَـرطِ حُـزنِي أَعـيُنِي لَا تَدمَعُ

يَـا لَـيتَ مَـن غَـابُوا سَـلَونَا بَعدَهُم
أو لَيتَ مَن نَبكِيه يَومًا يَرجِعُ

....

إِنّ الْقُلُوبَ وَإِنْ طَالَ الْبِعَادُ بِهَا
يَوْمًاً سَتُرْجِعُهَا الذِّكْرَى لِمَاضِيهَا

تَعُودُ فِي لَهْفَةٍ وَالشَّوْقُ يَغْمُرُهَا
وَلَوْعَةُ الْحُبّ تَسْرِي فِي مَآقِيهَا

رِفْقًاً بِهَا لَا تَلُومُوهَا عَلَى زَمَنٍ
مَضَى بِآلَامِهِ فَالّلَّوْمُ يُؤْذِيهَا

لَوْلَا الْوَفَاءُ وَحُسْنُ الظَّنّ مَا رَجَعَتْ
عَطْشَى تَحِنّ لِمَنْ يَحْنُو وَيَرْوِيهَا

مَاقِيمَةُ الْحُبّ إِلّا فِي مُسَامَحَةٍ
تَشْفِي الْقُلُوبَ وَتُحْيِي كُلّ مَافِيهَا

....