هنا الشعر الفصيح ومايتعلق به

‏رأيتُ خنجره المسموم في يدهِ
وكنت أحسن ظني أي إحسانِ

وحينما قمت مشتاقا لأحضنَهُ
شعرت بالطعنة النجلاء تغشاني

كذّبتُ عيني لما سل خنجره
وقلت أهلا بمن بالورد حيّاني

حتى إذا ما جرى فوق الأديم دمي
سقطت منكسرا ما بين أحزاني

والله لم أبك من نزفي ولا ألمي
لا شيء لا شيء غير النُّبل أبكاني

....

يا مَن رَحلتُم وروحي بَعدَكُم ظَمئَت
مَن لي سِواكُم بماءِ الوَصلِ يرويها

أمسَت عهودكمُ الْخَضراءُ يابِسَة
مثل الهَشيمِ ورِيح الهَجرِ تذريها


....

‏فأين ودادك المألوف عني
وأين عتابك القاسي الرقيقُ

وأين حديثك المملوء عشقًا
وأين كلامك العذب الأنيقُ

وأين لقاؤنا يا نبض قلبي
وفي عينيك يسحرني البريق

عسى الرحمن يأذن في لقاءٍ
ويجمع بيننا يومًا طريقُ

....

أنا الغريبُ بأرضٍ لا أراكَ بها
الروحُ عندكَ إنْ ما سافر الجسدُ

في ضجّة الناس بات الشوقُ يعزلني
كأنني في بلادٍ ما بها أحدُ

....

بعيدانِ نحنُ ومهما افترقنا
‏فما زالَ في راحتيكِ الأمانْ

‏تغيبينَ عنِّي وكَم مِن قريبٍ
‏يغيبُ وإن كانَ مِلءَ المكانْ

‏فلا البُعدُ يعني غيابَ الوجوهِ
‏ولا الشَّوقُ يَعرِفُ قَيدَ الزَّمانْ


....

‏

أَطِلْ عليَّ من الأحضان والقُبَلِ
يا من رؤاكَ كماء العين للمُقلِ

ولا تَلُمْ لهفاتُ الشوقِ مُضْنِيَةٌ
وما على سكرات العشق من عذَلِ

غفرتُ فيك خَلاقاً لستَ تُدْرِكُهُ
إذا اشتهيتَ لقاءً غِبْتَ لم تَسَلِ

مهما كتمتَ هواكَ العينُ تفضحُهُ
إنّ العيون بريدُ اليأسِ والأملِ

....

إني خَبِرْتُ ضروب العشق أجمعها
كما يَلِمُّ خبيرُ الطب بالعللِ

وأنت ممَّا يهابُ البوحَ مَرْحمةً
لذاتِ نفسٍ تُمِيطُ الصدَّ بالخجلِ

ففيك قلبٌ على السُّلوان تُجبرُهُ
وفيك قلبٌ على التذكار لم يزلِ

ضِدَّانِ جاراَ على روحٍ تُهادنُهمْ
والعشقُ بينهما كأسٌ من العسلِ

....

‏فداؤكَ نفسي وكلّ البشرْ
ومن غابَ عنّا ومن قد حضرْ

فما قمرٌ في السماء يضاهى
ضياءكَ لو ذكروا لي القمرْ

ولا رقّة الماء تُغني فأنتَ
أرقّ وأنتَ رغيفُ البصرْ

....

حنَّ الفؤادُ إليكمُ واشتاقا
والبُعدُ طالَ وأضرمَ الأشواقا

إني وإنْ بِنْتُمْ تَضُمُّ طيوفَكُمْ
روحي ومنها لا تَمَلُّ عناقا

حالَتْ ظروفُ الوقتِ دونَ وصالِكُمْ
تالله ما رامَ المُحبُّ فراقا

....

أفَوْقَ البَدْرِ يُوضَعُ لي مِهَادُ
أمِ الجوْزاءُ تحْتَ يدِي وِسادُ

قَنِعْتُ فخِلْتُ أنّ النجْمَ دوني
وسِيّانِ التّقَنّعُ والجِهادُ

وأطْرَبَني الشّبابُ غَداةَ ولّى
فليْتَ سِنِيهِ صوْتٌ يُسْتَعادُ

....