هنا الشعر الفصيح ومايتعلق به

‏من أبدع التَّشبيهات في شِعر العرب
قول لبيد بن ربيعة العامري مختصراً حياة الإنسان في بيتٍ واحد:

وَما المَرءُ إِلّا كَالشِّهابِ وَضَوئِهِ
يَحورُ رَماداً بَعدَ إِذ هُوَ ساطِعُ

ولأبي الحسن التُّهامي في هذا المعنى بيت بديع بأرقِّ لفظ وأعجب معنى

فَالعَيشُ نَومٌ وَالمَنِيَّةُ يَقِظَةٌ
وَالمَرءُ بَينَهُما خَيالِ ساري

خَليلَيَّ صَبرًا راحَةُ الحرّ في الصَّبرِ
وَلا شَيء مِثل الصَّبرِ في الكَربِ لِلحُرِّ

فَلا تَيأَسا مِن فَرحَةٍ بَعدَ ترحة
وَأَن تَبأيا بِاليُسرِ مِن بَعد ماعُسرِ

....

دَعْ عنكَ ما قد كانَ في زمنِ الصِّبا
واذكُر ذنوبَكَ وابِكها يـا مُذنـبُ

واذكرْ مناقشةَ الحسابِ فإنه
لابَدَّ يُحصي ماجنيتَ ويَكتُبُ

لم ينسَهُ الملَكانِ حينَ نسيتَهُ
بل أثبتاهُ وأنتَ لاهٍ تلعبُ

....

استراحه القراء ....

البحتري

يقال لشعره سلاسل الذهب
وهو أحد الثلاثة الذين كانوا أشهر أبناء عصرهم المتنبي وأبو تمام والبحتري

قيل لأبي العلاء المعري: أي الثلاثة أشعر؟ فقال: المتنبي و أبو تمام حكيمان وإنما الشاعر البحتري.

ولد في منبج إلى الشمال الشرقي من حلب في سوريا ظهرت موهبته الشعرية منذ صغره انتقل إلى حمص ليعرض شعره على أبي تمام

أَرى الدُنيا سَتُؤذِنُ بِانطِلاقِ
مُشَمِّرَةً عَلى قَدَمٍ وَساق

فَلا الدُنيا بباقيةٍ لِحَيٍّ
وَلا حَيّ عَلى الدُنيا بِباقِ


علي بن أبي طالب

ما كان يوما هكذا ترتيبنا
لكن أقدار الزّمان تصيبُ

فنعيشُُ أحلاماً تفوقُ خيالنا
و تموتُ ٱمالٌ لنا و تخيبُ

إنّ الّذي رفعَ السّماءَ بلا عمد
يجري بأمرٍ من لدنه نصيبٰ

فارضٓ لحكمٖ اللّه في أمرٖ الدّنى
لا لن تفيدكَ عزلةٌ و نحيبٰ

لا لن يضيع دعاءَ قلبٍ صابرٍ
فالجأ لربّك خاضعاً فيجيبٰ

....

بَدءُ النِّهايةِ للإنسانِ مَولِدُهُ
فالعُمرُ يَنقُصُ مِن بَعدِ البِداياتِ

انظُر إلى الصُّبحِ يَفنَى بَعد مَولدِهِ
فهل رَأيتَ صَباحًا في المَسَاءَاتِ

وَرِحلةُ العُمرِ إن طالَتْ وإن قَصُرَتْ
كَطرفَةِ العَينِ أو أدنى المَسَافاتِ

أما الحَياةُ فَسَلنِي عن جَرَائرِها
لو زارَكَ السَّعدُ تأتي بالمَسَاءَاتِ

لايَخدَعَنَّك تِعدَادُ الأنَامِ بها
كُلُّ الذينَ تَرَى هُمْ مَحضُ أمْوَاتِ

لَو طالَ فِكرُكَ فيما ليسَ تُدرِكُهُ
لَمَا طَعِمتَ بها يَومًا مَلَذَّاتِ

دَعِ الأمُورَ إلى المَولى يُصَرِّفُها
هُو الخَبِيرُ بما يَجرِي وبالآتي

....

‏تَجِيشُ قُلُوبُنَا حُزنًا وَلَكِن
بِذِكرِ اللَّـه يَهدَأ مَا يَجِيشُ

وَمَا غَيرُ الدُّعَاءِ إذَا عَجَزنَا
فَإِنَّ سِهَامَهُ لَيسَتْ تَطِيشُ

....

إذا جفاك صديقٌ كنت تعرفهُ
فللقلوب ارتياحاتٌ وإغلاق

لاتفشِ سرّا ولو ضاعت محبته
إنّ المحبة كالأموال أرزاق

خض الخصومة في عز وفي شرفٍ
إنّ الخصومة أسلوب وأذواق

صُنِ النهايات واكتم ماجرى كرما
إنّ النهايات آدابٌ وأخلاق

....

لغز الموت ....

إن سر الموت يكمن في لغز النوم
لأن النوم هو نصف الطريق إلى الموت
نصف الإنسان الراقي يموت أثناء النوم شخصيته تموت عقله يموت و يتحول إلى كائن مثل الإسفنج و الطحلب يتنفس و ينمو بلا وعي و كأنه فقد الروح
إنه يقطع نصف الطريق إلى التراب و يعود مليون سنة إلى الخلف


د. مصطفى محمود