هنا الشعر الفصيح ومايتعلق به

خُلقتَ طَليقاً كَطَيفِ النَّسيمِ
وحُرًّا كَنُورِ الضُّحى في سَمَاهْ

تُغَرِّدُ كالطَّيرِ أَيْنَ اندفعتَ
وتشدو بما شاءَ وَحْيُ الإِلهْ

وتَمْرَحُ بَيْنَ وُرودِ الصَّباحِ
وتنعَمُ بالنُّورِ أَنَّى تَرَاهْ

وتَمْشي كما شِئْتَ بَيْنَ المروجِ
وتَقْطُفُ وَرْدَ الرُّبى في رُبَاهْ

كذا صاغكَ اللهُ يا ابنَ الوُجُودِ
وأَلْقَتْكَ في الكونِ هذي الحيَاهْ

فما لكَ ترضَى بذُلِّ القيودِ
وتَحْني لمنْ كبَّلوكَ الجِبَاهْ

وتُسْكِتُ في النَّفسِ صوتَ الحَيَاةِ
القويَّ إِذا مَا تغنَّى صَدَاهْ

وتُطْبِقُ أَجْفانَكَ النَّيِّراتِ عن الفجرِ
والفجرُ عَذْبٌ ضيَاهْ

وتَقْنَعُ بالعيشِ بَيْنَ الكهوفِ
فأَينَ النَّشيدُ وأينَ الإِيَاهْ

أَتخشى نشيدَ السَّماءِ الجميلَ
أَتَرْهَبُ نورَ الفضَا في ضُحَاهْ

ألا انهضْ وسِرْ في سبيلِ الحَيَاةِ
فمنْ نامَ لم تَنْتَظِرْهُ الحَيَاهْ

ولا تخشى ممَّا وراءَ التِّلاعِ
فما ثَمَّ إلاَّ الضُّحى في صِبَاهْ

وإلاَّ رَبيعُ الوُجُودِ الغريرُ
يطرِّزُ بالوردِ ضافي رِدَاهْ

وإلاَّ أَريجُ الزُّهُورِ الصُّبَاحِ
ورقصُ الأَشعَّةِ بَيْنَ الميَاهْ

وإلاَّ حَمَامُ المروجِ الأَنيقُ
يغرِّدُ منطلِقاً في غِنَاهْ

إلى النُّورِ فالنُّورُ عذْبٌ جميلٌ
إلى النُّورِ فالنُّورُ ظِلُّ الإِلهْ

أبو القاسم الشابي

وَاسمَح لِعَينَيكَ فَلتَذرِف مَواجِعَهَا
لَا تَحبسَ الدَّمع إنَّ الدَّمعَ غدَّارُ

.....

اَلْحُبُّ فَنٌّ وَالْقُلُوبُ تَوَائِمُ
وَالنَّفْسُ تَعْشَقُ مَنْ يَجُودُ وَيُكْرِمُ

وَتُحِبُّ مَا يَرْضَى الْكِرَامُ لِأَنَّهُمْ
أَصْلُ الْجَمَالِ وَكُلِّ شَيْءٍ يَبْسِمُ

مَا عَادَ قَلْبِي بَعْدَ مَوْتِكِ شَاعِرًا
يَهْوَى الْجَمَالَ وَفِي الصَّبَابَةِ يَحْلُمُ

مَا عُدْتُ أَشْعُرُ مَذْ رَحَلْتِ وَلَمْ أَعُدْ
لِلْحُبِّ أَطْلُبُ يَا بُكَيْسُ وَأَنْظُمُ

حَوَّلْتُ بَوْصَلَتِي إِلَى حَيْثُ الْقَنَا
وَجَعَلْتُ شِعْرِي فِي الْكَرِيهَةِ يُقْدِمُ

شَيَّعْتُ كُلَّ قَصِيدَةٍ لَكِ قُلْتُهَا
وَالْحُبُّ بَعْدَكِ يَا بُكَيْسُ سَيَحْرُمُ

وَالشِّعْرُ فِي حَقِّ النَّسِيبِ فَضِيلَةٌ
وَالشِّعْرُ فِي حَقِّ التَّفَاهَةِ مَغْرَمُ

وَأَنَا الَّذِي مَجَّ النِّفَاقَ وَلَمْ يَزَلْ
بِالْحَرْفِ يَشْنُقُ مَنْ يَجُورُ وَيَظْلِمُ

فَهَلُمِّي يَا رُوحِي لِتَسْمَعِي خَافِقِي
لِلسِّيدِ يَهْمِسُ مَا يُحِسُّ وَيَكْتُمُ

وَالسِّيدُ أَخْلَصُ مَنْ عَرَفْتُ مِنَ الْوَرَى
أَبَدًا يَخُونُ وَفِي الْوَفَاءِ مُعَلِّمُ

وَلِأَجْلِ ذَلِكَ لَا أَبُوحُ لِغَيْرِهِ
لَوْ نَابَنِي شَوْقٌ لِذِكْرِكِ يَفْهَمُ

فلْتَرْقُدِي فِي الْقَبْرِ حَيْثُ أَحِبَّتِي
أُمّي وَأُخْتِي وَهَا أَنَا أَأْلَمُ

وَالشَّوْقُ صَعْبٌ يَا بُكَيْسُ إِذَا دَرَى
طَيْفُ الْأَحِبَّةِ شَاخِصًا يَتَكَلَّمُ

وَالْمَوْتُ حَقٌّ وَالْحَيَاةُ قَصِيرَةٌ
وَالَّلهُ أَكْرَمُ يَا بُكَيْسُ وَأَرْحَمُ

.....

وَجهٌ عَليهِ مِنَ الحَيَاءِ سَكِينَـةٌ
وَمَحبَّـةٌ تَجـرِي مَــعَ الَأنفَـاسِ

وَإذَا أَحَـبَّ اللَّهُ يَومًـا عَبـدَهُ
أَلقَى عَليهِ مَحَبَّـةً في النَّـاسِ

.....

‏ظنَنتُ بِخالقي خيرًا وإنِّي
‏لأُوقِنُ أنَّ ربِّي عند ظنِّي

سبحانه

أنجو بعفوك لا أنجو بأعمالي

رأيت لطفك حتى حال معصيتي

فأيّ حمدٍ يُجازي فضلك العالي

.....

إني عشقت الصمت حتى صار لي
لغة ٌ وصارت وحدتي محرابي

وعرفت مذ آنست نار توجدي
أن التعلق بالرؤى أودى بي

في عزلة الأرواح سر ٌّ خالدٌ
نقشت حكايته على الأبواب ِ

فهناك حيث النفس تسمع صوتها
فتزاحم الأصوات محض عقابِ

وتعيش عن كل الضجيج بمعزل
وترى وجوه الأمس بعد غياب

إن كان يسكنني حنين صاخب ٌ
في جيئتي في وحدتي وذهابي

فالبعد حيث الشعر أصدق صاحب
هو ملجئي هو منقذي ومآبي

.....

وَلَوَ أَنَّ الحَياةَ تَبقى لِحَيٍّ
لَعَدَدنا أَضَلَّنا الشُجعانا

وَإِذا لَم يَكُن مِنَ المَوتِ بُدٌّ
فَمِنَ العَجزِ أَن تَكونَ جَبانا

المتنبي

لا تَعذليهِ فَإِنَّ العَذلَ يُولِعُهُ
قَد قَلتِ حَقًّا ولكن ليسَ يَسمَعُهُ

.....

وكانَ العمرُ في عينيك أمنًا
وضاعَ الأمنُ حينَ رحلتَ عنّي

فاروق جويدة