هنا الشعر الفصيح ومايتعلق به

يا ربّ إنّك ذو منّ ومغفرة
بيّتْ بعافيةٍ ليل المحبّينا

الذّاكرين الهوى من بعدما رقدوا
السّاقطين على الأيدي المكبّينا

يا ربّ لا تسلُبنّي حبّها أبدًا
ويرحم الله عبدًا قال آمينا

مجنون ليلى

دَعا المُحرِمونَ اللَهَ يَستَغفِرونَهُ
بِمَكَّة شُعثًا كي تُمحّى ذُنوبها

وَنادَيت يا رحمن أوّل سؤلَتي
لِنَفسي لَيلى ثُمَّ أنتَ حسيبُها

فَإن أعطَ لَيلى في حَياتي لَم يَتُب
إِلى اللهِ عَبدٌ تَوبَة لا أَتوبُها

يُقَرُّ لعَيني قُربُها وَيَزيدُني
بِها كَلَفًا مَن كانَ عِندي يَعيبُها

وَكَم قائِلٍ قَد قالَ تُب فَعَصَيتُهُ
وَتِلكَ لَعَمري خلّةٌ لا أصيبها

وَما هَجَرَتْكِ النَّفس يا لَيل أنَّها
قَلَتْكِ وَلكِن قلَّ مِنكِ نَصيبُها

فَيا نَفسُ صَبرًا لَستِ وَاللَهِ فَاِعلَمي
بِأَوَّلِ نَفسٍ غابَ عَنها حَبيبُها

مجنون ليلى

بي ضجةٌ من وقع صمتٍ واقعٍ
بي مُشعِلٍ ما بي من الضوضاءِ

متصدعٌ رأسي بيأسي تَلغَطُ
أشياءُ بي من صامتٍ أو صاءِ

صورٌ وأصواتٌ يُواتي السمعَ مأ
تاها الخفيُّ ولا يراها الرائي

ولقد رأيتُ وليس بي سِنةٌ ولا
ألممتُ منذ سنين بالصهباءِ

مَلَكَيْنِ كُلٌّ بالنُّضار مؤجَّجٌ
ومدججٌ بالكُحلِ والحِنّاءِ

مَلَكَيْنِ لولا خلتُ أنَّ اللهَ لم
يخلق ملائكةً ذوي أثداءِ

لم أدرِ هل من ماءِ مَدْيَنَ عَطَّتا
أم حَطَّتا من معقِلِ الجوزاءِ

جاءت إليَّ وقد رأتني جالساً
إحداهُما تمشي على استحياءِ

حسناءُ تَغرَقُ حين تَعرَقُ هل رأى
أحَدٌ تَلَهُّبَ جمرةٍ في ماءِ

قالت أبي يدعوكَ فاستنفَرْتُ
آمالي العراضِ كعادةِ الشعراءِ

وقَبرتُ يأسي رغم أنَّ متاعب
المنفى أفادت عن وفاةِ رجائي

وذهبت أهذي والمَدى مستعذِبٌ
ما لا يعي من هينماتِ غِنائي

وكأنني غَيْلانُ شَيَّعَ زفرةً
مَيٌّ بحزوى وهو بالدهناءِ

"آ أنتِ ما بين النقا وجلاجلٍ
ضيعتِني يا ظبية الوعساءِ

لو كنتِ من قبل الضياع أوَيْتِ لي
ما كان بي ما كان من لأواءِ

فإذا بدا لكِ فيَّ من ندمٍ على
إشعالِ نارِ الوجدِ في أحشائي

فضعي بَنانَكِ فوق صدري إنه
لا شيء يُطفي النارَ مثلُ الماءِ

وَرَنَتْ فحدَّثني فتورُ لِحاظِها
عن بدعةِ الإحياءِ بالإيحاءِ

وعلمتُ أنَّ، وقد يَسُنُّ العشقُ
تفـسيراً ولم يتسَنَّ للعلماءِ

معنى ألم نجعل له عينينِ قد
يرمي إلى المرئيِّ ليس الرائي

ومفادُهُ والله أعلمُ جاءَ محـمولاً
على التحذيرِ لا الإغراءِ

فاحذر مُصابَكَ طعنةً نجلاءَ
تُورِدُكَ الردى من أعينٍ نَجلاءِ

فَمُلاعِبٌ حَوّاءَ سوف يَبيدُ أو
يُبدي مهارةَ لاعبٍ حَوّاءِ

وفهمتُ لأياً أن حلميَ تائهٌ
وعلى سبيلٍ لم يكن بسواءِ

ونأت ولم ينأَ الصدى عن خاطري
والطيفُ رغم تخاطر الأنواءِ

وبقيت ما إلا التأسي وحدهُ
ورؤىً تواسي وحدتي برياءِ

وقصائدٌ عُليا المقاصدِ صغتُها
عُليا الجمالِ شديدةَ الإغراءِ

لو لم يَلُحْ للقارئ اسمي فوقها
وبها شَجايَ وتحتها إمضائي

نُسبت إلى ابن أبي ربيعة أو إلى
الحسن بن هانئ أو إلى الوأواءِ

ألزمتُها لِبْسَ الحجاب تَعَفُّفاً
حتى عَنَسْنَ لِقِلَّةِ الأكفاءِ

أعليتُ قدرَ بناتِ أفكاري ولم
أنظر إلى البيضاءِ والصفراءِ

ولوَ انني أرخصتُهُنَّ لكنتُ قد
عَرَّضتُ عِرضَ الشِّعر للفحشاءِ

يا فاتِني إمّا وصالُك فاتَني
فأْذَنْ لطيفكَ في الكرى بلقائي

حُزني على حُزني فديتك واغتنم
مني الثنا واحفظ عليَّ ذَمائي

لو لم تكن في القلب كنتُ عرضتُهُ
لمنظماتِ تجارةِ الأعضاءِ


إبراهيم الأسود

إذا ساء فعلُ المرء ساءت ظنونُهُ
وصدّقَ ما يعتادُهُ من تَوَهُّمِ

المتنبي

أخ أنست به في جفوة الدهر
وصاحب خلقه ما شين بالغدر

إن شئت رقعة شطرنج ففارسها
أو شئت شعرا إليه منتهى الشعر

أو حكمة مثل نور الشمس واضحة
تضيء حالكة في الرزء والكدر

أو خفة الشارب السكران منتزها
أو رقة الصب أو عزمات ذي الثأر

كانت له وله ما لو يعد لما
أحصاه ممتدح في الشعر والنثر

....

عجبتُ وقد ودّعتُها كيف لم أمُتْ
وكيف انثَنَتْ بعد الوداع يدي معي

فيا مُقلتي العَبْرَى عليها اسكُبِي دمًا
ويا كبِدي الحَرَّى عليها تَقَطَّعي

الحَكَمُ المستنصِر بالله الأندلسي

لا تصحبِ الوغدَ السفيهَ ولا تقل
إن تختبره ليتني لم أفعلِ

تعس امرؤ لم يلقَ من أقرانه
شهمًا فأخلد للحضيض الأسفلِ

خالد أبو جعفر

‏قد هنت من طمعي حتى غدوت به
كالليث يقتات بعد اللحم بالورق!

وكنت ساحل منجاة لمن غرقوا
واليوم أعجب من حرصي على الغرق

....

‏ذهب الذين يَعُونَ ما أنا قاصدٌ
من كل بيت دون حاجة حاشيَةْ

سرعان ما يصلون آخرَ شطره
برويّ أعطية ونعمَ القافيَةْ

المكتفين بقولهم لعذولهم
إن عوتبوا في البذل دنيا فانيَةْ

....

يا من محبوك فيك قد حاروا
وللتخلي من الورى اختاروا

ساروا على الشوك ما بهم رهبٌ
من كل من هم سواك أغيارُ

الناس في ظاهر الجسوم هووا
وهم على باطن الهدى داروا

قد أبصروا نورك المبين على
ظلمة ما لا يراه إبصارُ

كم صاحبوا في الدجى ملائكةً
وهم بمرأى العيون أغمارُ

غارت بذكراك سود أعينهم
كمن تغشى عليه إسكارُ

عاش سكاراك في تلهّجهم
باسمك والغافلون قد باروا

ياحبذاه اسمك العظيم إذا
حبّره بالمديح ذكّارُ

ينبجس الصخرُ إن ذُكرتَ له
وفي صدور الأنام أحجارُ

يا مددي وحده وياسندي
إنيَ مني إليك فرّارُ


هذا ابتهالي إليك أرفعه
وأنت للمذنبين غفّارُ

في ساعةٍ تنزل السماءَ بها
صحّت بهذا السخاء أخبارُ

أعد يدي سمحةً أناملُها
ليس لها في العطاء أعذارُ

ويوم طي السجلّ خذ بيدي
حتى تولّى ورائي النارُ

....