هنا الشعر الفصيح ومايتعلق به

‏كم لبس الخداع رداء ود
ستصدم عندما يلقى الرداء

زمان صار فيه الغدر طبعا
وعاش بغربة فينا الحـياء

تباع ظمائر وكذاك تشرى
لغير المال لا يعطى الولاء

وما ذمي لكل الناس حتما
فلن يفنـى وان قـل الـوفـاء

.....

كتب البارودي إلى صديقه وقد فرّقت بينهما الأيام
فقال :

لئن فرّقت ما بيننا شُقّةُ النّوى
لعمري وحالَتْ دوننا نُوَبُ الدّهرِ

فشَخْصُكَ في عيني وذِكْرُك في فمي
وحبُّكَ في قلبي وسِرُّك في صدري

عفا اللَهُ عَنكُم أَينَ ذاكَ التَوَدُّدُ
وَأَينَ جَميلٌ مِنكُمُ كُنتُ أَعهَدُ

بِما بَينَنا لاتَنقُضوا العَهدَ بَينَنا
فَيَسمَعَ واشٍ أَو يَقولَ مُفَنِّدُ

تَعالَوا نُخَلِّ العَتبَ عَنَّا وَنَصطَلِح
وَعودوا بِنا لِلوَصلِ وَالعَودُ أَحمَدُ

بهاء الدين زهير

عَتَبتُ وما العِتابُ سوى دليلِ
على حُبٍ يُوارى في القليلِ

كبرتَ فلكَ منّي كلُّ وُدٍّ
وما أنقصتُ قدركَ في قَولي الجليلِ

ولكنّي إذا ما الظلمُ جاءَ
وقفتُ بوجهِه صوتَ النّبيلِ

تُسَمّي ما كتبتُ "مُعلّقاتٍ"
وتضحكُ من شعوري في الدّخيلِ

كأنَّ البوحَ سُخريةٌ وهَزلٌ
وكأنّ الصدقَ يُؤذِيكَ طِيلِي

أنا ما كنتُ أهجوكَ اعتباطًا
ولا نُزْتُ العُلا دونَ السبيلِ

ولكنّ الكريمَ إذا تواضى
سمَا والعزُّ في الخُلُقِ الأصيلِ

فإن كنتَ استهزأتَ بما أقولُ
فما ضرّ الحقيقةَ قولُ نيلِ

سأبقى ما حييتُ أَفي لِقلبٍ
وأكتبُ ما أراهُ بلا مَيلِ

.....

يقول ابن القيّم رحمه الله في ميميّته :

‏
‏فَيا ساهِيًا في غمْرَةِ الجهلِ والهوى
‏صريعَ الأماني عن قريبٍ ستندمُ

‏وبالسُّنَّة الغرَّاء كن متمسِّكًا
‏هي العُروةُ الوُثقى التي ليس تُفْصَمُ

‏تمَسَّك بها مَسْكَ البخيلِ بمالِه
‏وعَضَّ عليها بالنواجِذِ تسلَمُ

‏ودَع عنك ما قد أحدثَ الناسُ بعدها
‏فمَرتعُ هاتيكَ الحوادثِ أوْخَمُ

فياليْتَ شِعري كيفَ حالكُ عندما
‏تطايَرُ كُتبُ العالمين وتُقسَمُ

‏أتأخذُ باليمنى كتابك أم تكُن
‏بأخرى وراء الظَّهرِ منك تُسلَّمُ

‏فبادِر إذًا مادام في العمر فُسحةٌ
‏وعدلُكَ مقبولٌ وصرفُكَ قيِّمُ

‏وجِدَّ وسارِع واغتنم زمن الصِّبا
‏ففي زمن الإمكانِ تسعى وتغنمُ

‏ولست أقول في دهري سلامٌ
إذا ما الحلم غاب وإن تغابى

كطيف الشّمع في الليل احتراقاً
وفي ضوء الشّموس سقى الترابَ

أمنّي النفس في حلمٍ كأنّي
على أبواب من حمل العتابَ

وأرفع رايتي وبها اشتياقي
كطفلٍ جاء يمتطر السحابَ

فصبراً يا فؤادي من زمانٍ
يصارع عشقه العذري سرابا

ولا تخجل ببوح الحبّ فيها
فقول الحقّ صدقاً لن يعابَ

.....

‏جاءَ الحبيبُ قائِلًا :
صبِّي عتابكِ في فمي تقبيلَ
ما ضرّ لو كان العتابُ جميلَ

‏تعالي نلتقي خلفَ القوافي
فبيتُ الشِّعرِ أضحى كالمنافي

فكم في صدرهِ مني اعترافٌ
وكان الصدرُ يهزأُ باعترافي

وفي عجز القصيدةِ كنتُ أمشي
وحيداً باردَ الأطرافِ حافي

تعالي من بلادِ الشعرِ نمضي
لأسكبَ في يديكِ الحبَّ صافي

فلا وزنٌ يُعكِّرُ بحرَ حبي
ولا بَوحي تُقَيِّدُهُ القوافي

.....

‏لا عيبَ في الحُبِّ لو صُنّا طهارتَهُ
عن عابثٍ ما وعَى للطهرِ إدراكا

الحُبُّ وَردٌ من الرحمنِ نَقطفُهُ
والعابثونَ بهِ يجنونَ أشواكا

.....

أَزَينَ نِساءِ العالَمينَ أَجيبي
دُعاءَ مَشوقٍ بِالعِراقِ غَريبِ

كَتَبتُ كِتابي ما أُقيمُ حُروفَهُ
لِشِدَّةِ إِعوالي وَطولِ نَحيبي

أَخُطُّ وَأَمحو ما خَطَطتُ بِعَبرَةٍ
تَسُحُّ عَلى القُرطاسِ سَحَّ غُروبِ

أَيا فَوزُ لَو أَبصَرتِني ما عَرَفتِني
لِطولِ شُجوني بَعدَكُم وَشُحوبي

وَأَنتِ مِنَ الدُنيا نَصيبي فَإِن أَمُت
فَلَيتَكِ مِن حورِ الجِنانِ نَصيبي

سَأَحفَظُ ما قَد كانَ بَيني وَبَينَكُم
وَأَرعاكُمُ في مَشهَدي وَمَغيبي

وَكُنتُم تَزينونَ العِراقَ فَشانَهُ
تَرَحُّلُكُم عَنهُ وَذاكَ مُذيبي

وَكُنتُم وَكُنّا في جِوارٍ بِغِبطَةٍ
نُخالِسُ لَحظَ العَينِ كُلَ رَقيبِ

فَإِن يَكُ حالَ الناسُ بَيني وَبَينَكُم
فَإِنَّ الهَوى وَالوِدَّ غَيرُ مَشوبِ

فَلا ضَحِكَ الواشونَ يا فَوزُ بَعدَكُم
وَلا جَمَدَت عَينٌ جَرَت بِسُكوبِ

وَإِنّي لَأَستَهدي الرِياحَ سَلامَكُم
إِذا أَقبَلَت مِن نَحوِكُم بِهُبوبِ

وَأَسأَلُها حَملَ السَلامِ إِلَيكُمُ
فَإِن هِيَ يَوماً بَلَّغَت فَأَجيبي

العباس بن الأحنف