هنا الشعر الفصيح ومايتعلق به

‏لا يخفى على احد أنَّ المتنبي كان متعالياً على الناس
شديد الاعتداد بنفسه ولعلَّه كان محقّاً في ذلك
وإلا لما شُغِلَ الناس به إلى يومنا هذا
يقول في إحدى قصائد صباه:


لا بِقَومي شَرُفتُ بَل شَرُفوا بي
وَبِنَفسي فَخَرتُ لا بِجُدودي

إِنْ أَكُنْ مُعْجَباً فَعُجْبُ عَجِيبٍ
لَمْ يَجْدِ فَوْقَ نَفْسِهِ مِنْ مَزِيدِ

أَنا تِربُ النَدى وَرَبُّ القَوافي
وَسِمامُ العِدا وَغَيظُ الحَسودِ

أَنا في أُمَّةٍ تَدارَكَها اللَهُ
غَريبٌ كَصالِحٍ في ثَمودِ


لكن كثرة أسفاره ومفارقة أحبابه وفراق المحبوب
هو الموت أو أخو الموت تظهر منه جانباً من الضعف
الإنساني الشديد الذي يدعوك إلى التعاطف معه
كمثل قوله:


أحَيا وَأَيسَرُ ما قاسَيتُ ما قَتَلا
وَالبَينُ جارَ عَلى ضَعفي وَما عَدَلا

وَالوَجدُ يَقوى كَما تَقوى النَّوى أَبَداً
وَالصَّبرُ يَنحَلُ في جِسمي كَما نَحِلا

لوَلا مُفارَقَةُ الأَحبابِ ما وَجَدَت
لَها المَنايا إِلى أَرواحِنا سُبُلا

يُجَنُّ شَوقاً فَلَولا أَنَّ رائِحَةً
تَزورُهُ في رِياحِ الشَرقِ ما عَقَلا

‌‎قُل للفؤادُ وقد تمادى غمّهُ
مالي اراكَ مُسهدًا مهموما

او ما علِمتَ بأن ربكُ قائلٌ
صلو عليهِ وسلمو تسليما

فبِها يفرجُ كُل كربٍ فادح
وتكون ذخرًا للمعادِ عظيما

.....

وما عبَّر الإنسان عن فضل نفسه
بمثل اعتقاد الفضل في كل فاضل

وليس من الإنصاف أن يدفع الفتى
يد النقص عنه بانتقاص الأفاضل

.....

‏وإن كبُرَتْ همومكَ لا تُبالِ
‏فلُطفُ اللهِ في الآفاقِ أكبرْ

‏ومن غيرُ الإلهِ يُريحُ قلباً
‏تخطّفَهُ الأسى حتى تكدّر

‏سيأتيكَ الذي ترجوهُ يوماً
‏فلا تعجَل عليهِ وإنْ تأخّرْ

‏ولا تجزعْ وقُل يا نفسُ صبراً
‏فرحمنُ السماءِ قضى وقدّر

‏سيلطفُ بالقلوبِ ويحتويها
‏ويجبرُ في الحنايا ما تكسّرْ

.....

لا خيرَ في حُسن الجُسُوم وطولهَا
‏إن لم يَزِنْ حسْن الجُسومِ عُقولُ

‏الفرزدق

سُبحان من سوّى الجَمال بوجهِهَا
‏وتقاسم الباقون ثُلثَ جمالِها

.....

‏وليتَ وجهُ أبي ما شاخ مَنظرهُ
ولا انحنى ظهرُهُ من خطوة القدمِ

وليت أُمِّي ما شاخت مَلامِحُها
ولا ذوى جسمُها من لوعةِ السَّقمِ

وليت أجدادُنا ظلُّوا ببسمتهم
على الحياةِ فهُم من أعظم النّعمِ

ياربّ حُسن حَياة في معيشتنا
وحُسنُ ذِكرٍ وأيضًا حُسن مُختَتمِ

.....

‏فَانْظُرْ إِلَى عَقْلِ الفَتَى لا جِسْمِهِ
فَالْـمَرْءُ يَكْبُرُ بِالْفِعَالِ وَيَصْغُرُ

فَلَرُبَّمَا هَزَمَ الْكَتِــيبَةَ وَاحِدٌ
وَلَرُبَّمَا جَلَبَ الدَّنيئَةَ مَعْشَـر

.....

احفظ لسانك لا تبح بثلاثة
سنٌّ ومالٍ ما استطعت ومذهبٍ

فعلی الثلاثة تبتلی بثلاثةٍ
بمکفّـــرٍ وبحاسدٍ وبمکذّبِ


محمد الأنصاري

‏وكنت أحكي لها ماكان يفزعني
فيصبح الخوف في أحضانها سكنا

وإن ضللت طريقًا عدت أتبعها
وأن أردت مقامًا كانت الوطنا

وأستريح بعينيها إذا تعبت
روحي وأنسى لديها الهم والحزنا

أُحبها لو ملكت الكون أجمعه
ماكان يبلغ في حبي لها ثمنا

من عاش ليس له أنثى تظلله
حباً فما ذاق في تلك الحياة هنا

.....