هنا الشعر الفصيح ومايتعلق به

وَإِنِّي لَأَلقاها فَيَنطِقُ طَرفُها
لِطَرفي بِما يَخفي وَإِن لَم تَكَلَّمِ

وَتَبخَلُ عَنّي بِالسَّلامِ وَعَينُها
تُشيرُ بِهِ نَحوي وَإِن لَم تُسَلِّمِ

بِنَفسِيَ إِنسانٌ إِذا غابَ لَم أَزَل
أَلاحِظُ عَينَيهِ بِعَينِ التَوَهُّمِ

سُرورٌ وَحُزنٌ فيهِ يَعتَوِرانني
فَأَقطَعُ يَومي بِالبُكا وَالتَّبَسُّمِ

.....

وإني فتى صبر على الأين والوجى
إذا اعتصروا للَّوْح ماء فظاظها

إذا ضربوها ساعة بدمائها
وحل عن الكوماء عقد شظاظها

فإنك ضحاك إلى كل صاحب
وأنطق من قس غداة عكاظها

إذا اشتغب المولى مشاغب مغشمٍ
فعذره فيها آخذاً بكظاظها

.....

لا غرو أن لحن الداعي لسيدنا
وغص من هيبة بالريق والبهر

فمثل سيدنا حالت مهابته
بين البليغ وبين القول بالحصر

فإن يكن خفض الأيام عن دهش
من شدة الخوف لا من قلة البصر

فقد تفاءلت في هذا لسيدنا
والفأل نأثره عن سيد البشر

بأن أيامه خفض بلا نصب
وأن دولته صفو بلا كدر

.....

شاقَ الفُؤادَ وَما نَشتاقُ مِن أُمَم
أَطلالُ مَنزِلَةٍ أَقوَت وَلَم تَدُمِ

هِيَ الخَيالُ الَّذي أَهدى لَنا سَقَماً
إِذ زارَنا وَغَدا خِلواً مِنَ السَّقَمِ

ما زارَكَ الطَّيفُ مِن برٍّ تعَرّفهُ
لكِن تَمَنّيكهُ أَهداهُ في الحُلُمِ

بِتنا وَباتَ يُمَنِّينا وُيُؤنِسُنا
بُخلاً عَلَينا وَلَمّا يُؤتَ مِن عَدَمِ

.....

ظَلَّت عَلَيهِ سَماءُ اللَّهوِ هاطِلَةً
بِالسَّكبِ مِن قطرِها وَالوَبلِ وَالدِّيَمِ

ثابَت إِلَيهِ مِنَ اللَّذاتِ ثايِبَةٌ
وَقَد أمِيطَ الأَذى عَنهُ فَلَم يَقُمِ

ظَلَّت أَباريقُنا لِلكَأسِ ساجِدَةً
فيهِ كَما خَرَّت الكُفَّارُ لِلصَّنَمِ

.....

يا ظالِماً نَحَل الإِساءَة غيرَه
إِنِّي لِذاكَ وَإِن عَنَفتَ لَقابِلُ

أَمّا اللِّسانُ فَمُنصِفٌ مُتَبَدِّلٌ
وَضَميرُ قَلبِكَ فيهِ داءٌ داخِلُ

فَإِذا نَطَقتَ خَصَمتَني فَكَأَنَّني
لَكَ قاطِعٌ حَبلاً وَأَنتَ الواصِلُ

بِاللَّهِ رَبِّكَ هَل يَسُرُّكَ أَنَّني
أَصبَحتُ مَقتولاً وَأَنتَ القاتِلُ

.....

‏يُناديكَ الهوى فاقرأْ بريدي
حروفاً صاغَها نبْضُ الوريدِ

إذا أقبَلْتَ تزدهرُ القوافي
ويحلو العزْفُ يا نغَمَ القصيدِ

وكم أشتاقُ يا همْسَ الليالي
ويا تغريـدةَ الفجْــرِ الجـديدِ

.....

وإني أشتكي لله منّي
فيا ربي ويا سندي أعنّي

أَجرني من هوى نفسي فإني
أتوب إليك من طبع التمني

ولي طمعٌ بعفو منك عنّي
ومغفرةٌ تُجاوزُ حُسنَ ظني

آمين

قلبي الذي كان مثل الزهرِ ريّانا
ما بالُهُ صارَ بعد الحُبِّ ظمآنا

يُلَملِمُ النبضَ في جنبَيّ مُنكسِراً
حيناً وينبِضُ بالأشواقِ أحيانا

لا الليلُ يُطفئُ ما يطويهِ مِن ألمٍ
ولا الصباحُ يداوي فيهِ تِحنانا

أوّاهُ كم باتت الأشواقُ توجِعُني
ما أعذبَ الحبّ لولا أنهُ هانا

شُكراً لمن أشعلوا في القلبِ حُبّهُمُ
وقدّموهُ إلى النسيانِ قُربانا

وأيقظوا فيه نبضاً صادقاً ونَسَواْ
أنّ الذي يحمِلُ الإحساسَ إنسانا

سألتكُم بالذي أوهى مشاعِرَكُم
ردّوا إليّ هدوئي للذي كانا

.....

وطَفِقتُ أكتبُ قصةً بهواها
صَمَتَ اليراعُ بحُرقَةٍ ومحاها

وتناثرتْ حولي الحروفُ حزينةً
فسمعتُ منها نوحَها وبكاها

وكتمتُ في جوفي لهيبَ خواطري
وجلستُ أشكو للصُّخورِ جفاها

أوَمَا علمتَ بأنَّ قلبيَ مغرمٌ
ويغارُ إنْ مسَّ الهوا عيناها

خذني إليها رحمةً بمدامعي
فالرُّوحُ بين ضلوعِها مأواها

.....