|
|
#1 | ||
|
مساعد للمدير العام ومستشار للمنتدى
![]() |
تهيّأ لشيخوختك من الآن
هناك حقيقة كبرى تحتاج أن تستيقظ في قلبك كل صباح : أن شيخوخة الإنسان لا تُبنى عندما يشيب شعره بل تُصاغ ملامحها في أيام عافيته وفي سنين قوته وفي صفحات شبابه فما أنت عليه اليوم … هو ما ستصبح عليه غدًا وما تغرسه الآن … هو ما ستحصده في زمن الضعف والانكسار فالعبد لا يتحول ـ هكذا فجأة ـ عند الكِبَر إلى مخبتٍ رقيق القلب ولا يُصبح بين ليلة وضحاها منعمًا بالقرآن والذكر والعبادات إن كان شطر عمره قد ذاب في اللهو والغفلة واستُنزفت طاقاته في التراخي والركون والتسويف الشيخوخة ليست مرحلة جديدة بل هي كشف حساب هي المرآة الصافية التي تعكس ما صنعته يدك في أيام قوّتك ثُمرة اجتهادك وصبرك … أو ثمرة غفلتك وتفريطك لقد رأينا ـ وترى أنت كذلك ـ شيوخًا تكسّرت قواهم لكن قلوبهم ما تزال معلّقة بالمجالس الفارغة والجلوس الطويل في الاستراحات ومتابعة الملهيات والغرق في القيل والقال وليس هذا ذنب شيبتهم بل هو مشروع طويل بدأوه منذ شبابهم حين أَلِفَت قلوبهم اللغو ولم تُدرَّب على الطاعة إنّ ما نراه اليوم فيهم إنما هو حصادُ زرعٍ قديم وفي الجهة الأخرى ترى شيوخًا ما إن أقبلت عليهم السنون حتى ازدادوا نورًا وسكينةً وصفاءً قلوب مطمئنة بالقرآن أرواح تتنعّم بالصيام أقدام تسابق إلى المساجد أعين تحِنُّ إلى قيام الليل وألسنة تسبّح الله آناء الليل وأطراف النهار كأنما قدوم الشيخوخة عليهم ربيع جديد لا يعرف الذبول هؤلاء لم تُنشئهم السنون بل ربّوا أنفسهم قبل ذلك بزمان وأعدّوا قلوبهم للطاعة حتى صارت الطاعات عليهم أحبَّ من أنفاسهم ولأجل ذلك كلّه … ابدأ الآن من هذه اللحظة في تشييد ملامح شيبتك القادمة إن لم تُكتب لك مغادرة الدنيا قبل بلوغها ابدأ اليوم … لأن الغد لن ينتظرك خطوات قليلة ولكن مفعولها عظيم ▪️ بادر إلى المسجد عند أول النداء … قبل أن تثقُل قدماك في الكِبَر ▪️ اجعل لك وِردًا ثابتًا من القرآن … ما بين جزء وجزئين كل يوم ليكون رفيقك حين يَهجرك الناس ▪️ لا تترك أذكار الصباح والمساء … فهي حِصن اليوم وغذاء الروح ▪️ حافظ على السنن الرواتب فهي سياج الفرائض ▪️ أقم لنفسك نصيبًا من قيام الليل .. ولو ركعتين ▪️ اعتنِ بجسدك … فالضعف يأتي سريعًا والرياضة عبادة إذا صلحت النية ▪️ وأبقِ لسانك رطبًا بذكر الله … فإنه أثبت الأعمال أثرًا في القلب وأيسرها على الجوارح إن أجمل ما يصنعه العبد لنفسه أن يستعدّ لرحيله قبل أن يُدعى وأن ينحت في شبابه صورة الشيخ الصالح الذي سيصبحه يومًا ما ولا بدّ ابدأ الآن … فالغد سيًظهر ما ستفعله اليوم ..!! بتصرف اللهم اهدنا لأحسن الأقوال والأعمال والأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت واجعلنا كما تُحب ويُرضيك د. مرضي العنزي
|
||
|
|
|
![]() |
|
|