هنا الشعر الفصيح ومايتعلق به

والحربُ والعشقُ ينجو من يخوضهما
وليس ينجو الذي في ذَينِ يحترزُ

تميم البرغوثي

سَيَنْجلي اللّيلُ والأسفارُ تُوقِظُنا
ويَذبَلُ الوَردُ قَسراً في البساتينِ

وينقضي الحالُ والأعمارُ تأخذنا
ويُصْبحُ الحالٌ رِفْقَاً بالمَساكينِ

ويَنْتَهي العُمْرُ والأجيالُ تَحمِلُنَا
فَيُكْتَبُ العُمْرُ حَرْفَاً في الدّوَاوِينِ

لِتُشْرِقَ الشَّمْسُ والنسيانُ يَترُكنا
بِموطنِ التُّربِ في دَفْنٍ وتَوطِينِ

نُودِّعُ الأهلَ والأكفانُ تَلْقفنــا
ويُصْبحُ القَصْرُ لَحْداً قاسِيَ الطّينِ

وينْهَشُ الدُّودُ اجْساداً تُزَيّننَا
وكفّةِ الأجـرِ عِنـوَانُ المَوَازيـنِ

فَيَنْطُقُ الكفُّ عما غابَ مِنْ عَمَلٍ
ويَشْهَدُ السَّمعُ والأجفانُ بالعينِ

ويُعْرَضُ العُمْرُ فيما كانَ منقضياً
ويَصْدُقُ القولُ في حَــقٍّ وتَظْنينِ

فَلَيـــْتَ في العُمْرِ أخبارٌ تُذَكْرُنا
فَسَاعَةُ الموتِ تَدْنو دون تَبْيينِ

وليتَ مَنْ غابَ أو مَنْ ماتَ أوعِظَنَا
نِهَايةَ الحَالِ في غُسْلٍ وتَكْفينِ

لنَتْركَ الحَقْدَ كي نحيا بِلا زَللٍ
وَنُبْرِئَ القَلبَ مِنْ غِـلِّ الشَّياطينِ

.....

مَنْ ذَا يُبَلِّغُ لِلَـذينَ نَودَّهُــــمْ
مِنِّي سَلامَاً بِالنُزُوعِ تَشَفَّعَــا

مَا نَامَ جَفْنٌ بَعْدَهُمْ وتَرَغَّدتْ
عَينٌ بِلَيلٍ والمَنَــــامُ تَمَنَّعَــا

يُلْقي السَّلامَ عَلى الدِّيارِ مُبَلِّغَـاً
ذُلَّ العَزيزُ بِقَومِهِ وتَضَعْضَعَا

والقَلْبُ يَشْكو فَقْدَهُــمْ بِمَرَارَةٍ
والدَّمْعُ أودَى بالخدودِ وفَرَّعَا

يَا قَاصِداً دار الاحبة قلْ لَهُمْ
في دَرْبِهِمْ ظَلَّ الهَوَى وَتَرَبَّعا

أبْلِغْ سَلامَاً للحَبيبِ وَعُدْ لَنا
فَالشّوقُ عِندي للجَوابِ تَلَوَّعا

.....

تَبسمت فَارتوى قَلبي بمبسَمها
كما إرتوى بزلالِ الماءِ ظمآنُ

تدرَي لماذا حروفي طعمها أحلى
وعقد شعري من الماس النقي أغلى

لا أكتب الشعر إلا حين يوحي به
في ظلمة الليل روح طاهر أعلى

تصغي اليه أحاسيسي فيتلوَه
فاحفظ البيت حالا حينما تتلى

تدرَي لما ذا خلقتُ الشعر مختلفا
في ثورة العصر عن أحقابه الاولى

لأن عيناك من أسلوبها اتخذت
قنص الشياطين لاقوسا ولا نَبلاَ

عصاة شعري إليك كل معجزتي
فلتحشرى سحركل الاعين النجلا

نظَمتُ عقدًا بها للرَّدعِ من شُهُبٍ
لمارِدِ السحر من أهدابك الكحلَى

.....

أمَا للشَوقِ من أحَدٍ سِوَانا
لِيَسكُنَهُ ويبعِدَ عن حِمَانا

لماذا اختارَ مَسكَنَه قلوبًا
تُقَاسِي الدَهرَ تَسألُه أمَانا

لماذا يَستَبِدُّ بِنَا لهِيبٌ
وللأوجَاعِ قَدْ أرخَى العَنَانا

أيا شَوقٌ تفَشَّى في ضُلوعٍ
تُؤرِّقُها وتُضنيهَا زمانا

وتَسقينا بكأسٍ من شُجونٍ
وما عَلِمَتْ شُجُونُك ما اعتَرَانا

فهذا الدمعُ قد أضحى سخينا
نُدافِعُهُ فَتُبدِيِهِ عَيانا

وتَعصِفُنا رياحكَ كلَّ حينٍ
تُبعثِرُنا وتَعبَثُ في خُطَانا

أراكَ ظَنَنْتَ يا شَوقِي بِأنِّي
سَأستَجدِيكَ كي أحظَى حَنَانا

أسَأت الظَنَّ ياشَوقِي فَدَعنِي
أريكَ العشقَ فينا كيف كانا

ألَم ْتَعلَمْ بأنَّ لَنَا قُلُوبًا
تُسَانِدُنا وماخَسِرَت رِهَانا

.....

في أبحر الأحزان قلبي غارقٌ
متلوّعٌ متوجّعٌ مُرتابُ

في بعدهم ما للحياة حلاوةٌ
والدمع بعد رحيلهم ينسابُ

رحلوا فأظلمتِ الحياة ببعدهم
بِرَحيْلِهم تتفتَّتُ الأعصابُ

فمتى يكون لنا لقاءٌ بعدما
علِقت بروحي لهفةٌ و غِيابُ

يا ليتهم بعد الرحيل تذكّروا
أني بآلام البعاد مصابُ

يا ربّ لطفكَ في الغياب فإنه
يدمي القلوب وذكرهمْ غلّابُ

فارحم أيا ربّاه قلب متيّمٍ
فقدَ الأحبَّة فالفراقُ عذابُ

.....

‏مَلَلتُ أناجي البَدرَ وَ الليلَ وَ المَسَا
لِهَجرِكِ يَا نَجوايَ مَا عُدتُ قَادِرَا

أراكِ بِكلِّ النَاسِ صُبحَاً يَنوءُ بي
وَ في خَلَجاتِ الليلِ أمسَاً وَ حَاضِرَا

وَ إنَي لأخفي الدَمعَ عَن سَائرِ الوَرى
وَ غيركِ مَا نَادَمتُ خِلاً مُسَامِرا

وَ كنتُ عَصِيَّ الدَمعِ حَتّى بِوحدَتي
فَما كَشفَ الحسّادُ إلّايَ خَاسِرَا

عَجزتُ بأن أخفيكِ سِرّاً بِخَافقي
وَ كفَّ سَوادُ العينِ يَبكيكِ سَاهِرَا

تَعَالي وَ فكّي القيدَ عَن سِرِّ حُبّنَا
وَ قولي لكلِّ الناسِ أحببتُ شَاعِرَا

وَ بوحي فَما بِالحُبِّ لومٌ إذَا هَوى
فؤادُ فتاةٍ صَاحَ بالحبِ جَاهِرا

تَعَالي فَهذا الليلُ أمسى مُؤرّقي
وَ غيركِ دونَ النَاسِ مَا رُمتُ سَامِرَا

فَقَد رَبحَ العُذّالُ في كِسرِ خَاطِري
وَ لستُ أناجي اليومَ إلّاكِ جَابِرَا

.....

قِفْ فَوْقَ جُرْحِكَ صَابِراً مُتَفَائِلاً
فَالفَأْل ُ لِلعَيْش السَّعِيْد طَرِيْقُ

لَا تَأْس َ إِنْ ضَاقَتْ عَلَيْك َ فَإِنَّمَا
فَرَجُ الحَيَاةِ يَجِيْءُ حِيْنَ تَضِيْقُ

.....

حلمنا وما الأحلامُ إلا وسائدٌ
وتكتبنا الأقدار ما ليس يُحلَمُ

وهذي هي الدنيا رخاءٌ وشدةٌ
ولوحة رسام لهُ الفن ملهمُ

يزينها العشاقُ في ساحة اللقا
وفي الساحة الأخرى بكاءٌ يُترجمُ

أمرُّ على العشاق أبدِى مسرةً
وعندي من الأمواتِ يُتمٌ ومأتمُ

فلا أنا محزونٌ ولا أنا ضاحكٌ
ولا أنا ذو شَدوٍ ولا أنا مُغرمُ

فصولٌ هي الدنيا وإنا كحالها
بكاءٌ وأفراحٌ وغُنمٌ ومَغرمُ

لأنا تَرَكنا الدينَ للموتِ لعبةً
فلا الحربُ أنجتنا ولا السلم مُسلمُ

.....

وتركت أنسي بالحياة ولهوها
ولقيت كل الأنس في نجواكَ

ونسيت حبي واعتزلت أحبتي
ونسيت نفسي خوف أن أنساكَ

مالي وما للأغنياء وأنت
ياربي الغني ولا يحد غناكَ

مالي وما للأقوياء وأنت
يا ربي عظيم الشأن ما أقواكَ

إني أويت لكل مأوى في الحياة
فما رأيت أعز من مأواكَ

وبحثت عن سر السعادة جاهداً
فوجدت هذا السر في تقواك

.....