تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : هنا الشعر الفصيح ومايتعلق به


الصفحات : 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 [18] 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 100 101 102 103 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 114 115 116 117 118 119 120 121 122 123 124 125 126 127 128 129 130 131 132 133 134 135 136 137 138 139 140 141 142 143 144 145 146 147 148 149 150 151 152 153 154 155

الحمدان
04-09-2024, 02:59 AM
كُلَيبُ لا خَيرَ في الدُنيا وَمَن فيها
إِن أَنتَ خَلَّيتَها في مَن يُخَلّيها

كُلَيبُ أَيُّ فَتى عِزٍّ وَمَكرُمَةٍ
تَحتَ السَفاسِفِ إِذ يَعلوكَ سافيها

نَعى النُعاةُ كُلَيباً لي فَقُلتُ لَهُم
مادَت بِنا الأَرضُ أَم مادَت رَواسيها

لَيتَ السَماءَ عَلى مَن تَحتَها وَقَعَت
وَحالَتِ الأَرضُ فَاِنجابَت بِمَن فيها

أَضحَت مَنازِلُ بِالسُلّانِ قَد دَرَسَت
تَبكي كُلَيباً وَلَم تَفزَع أَقاصيها

الحَزمُ وَالعَزمُ كانا مِن صَنيعَتِهِ
ما كُلَّ آلائِهِ يا قَومُ أُحصيها

القائِدُ الخَيلَ تَردي في أَعِنَّتَها
زَهواً إِذا الخَيلُ بُحَّت في تَعاديها

الناحِرُ الكومَ ما يَنفَكُّ يُطعِمُها
وَالواهِبُ المِئَةَ الحَمرا بِراعيها

مِن خَيلِ تَغلِبَ ما تُلقى أَسِنَّتُها
إِلّا وَقَد خَصَّبَتها مِن أَعاديها

قَد كانَ يَصبِحُها شَعواءَ مُشعَلَةً
تَحتَ العَجاجَةِ مَعقوداً نَواصيها

تَكونُ أَوَّلَها في حينِ كَرَّتِها
وَأَنتَ بِالكَرِّ يَومَ الكَرِّ حاميها

حَتّى تُكَسِّرَ شَزاراً في نُحورِهِم
زُرقَ الأَسِنَّةِ إِذ تُروى صَواديها

أَمسَت وَقَد أَوحَشَت جُردٌ بِبَلقَعَةٍ
لِلوَحشِ مِنها مِنها مَقيلٌ في مَراعيها

يَنفُرنَ عَن أُمِّ هاماتِ الرِجالِ بِها
وَالحَربُ يَفتَرِسُ الأَقرانَ صاليها

يُهَزهِزونَ مِنَ الخَطِّيِّ مُدمَجَةً
كُمتاً أَنابيبُها زُرقاً عَواليها

نَرمي الرِماحَ بِأَيدينا فَنورِدُها
بيضاً وَنُصدِرُها حُمراً أَعاليها

يارُبَّ يَومٍ يَكونُ الناسُ في رَهَجٍ
بِهِ تَراني عَلى نَفسي مُكاويها

مُستَقدِماً غَصصاً لِلحَربِ مُقتَحِماً
ناراً أُهَيِّجُها حيناً وَأُطفيها

لا أَصلَحَ اللَهُ مِنّا مَن يُصالِحُكُم
ما لاحَتِ الشَمسُ في أَعلى مَجاريها



الزير سالم

الحمدان
04-10-2024, 05:01 PM
ما مرَّ ذِكرُكَ إلّا وابتسَمتُ لهُ
كأنكَ العيدُ والباقونَ أيّامُ

أو حَامَ طيفُكَ إلا طِرتُ أتبعُهُ
أنتَ الحقيقةُ والجُلّاسُ أوهامُ

الحمدان
04-11-2024, 01:50 AM
حُشاشَةُ نَفسٍ وَدَّعَت يَومَ وَدَّعوا
فَلَم أَدرِ أَيَّ الظاعِنَينِ أُشَيِّعُ

أَشاروا بِتَسليمٍ فَجُدنا بِأَنفُسٍ
تَسيلُ مِنَ الآماقِ وَالسِمِ أَدمُعُ

حَشايَ عَلى جَمرٍ ذَكِيٍّ مِنَ الهَوى
وَعَينايَ في رَوضٍ مِنَ الحُسنِ تَرتَعُ

وَلَو حُمِّلَت صُمُّ الجِبالِ الَّذي بِنا
غَداةَ اِفتَرَقنا أَو شَكَت تَتَصَدَّعُ

بِما بَينَ جَنبَيَّ الَّتي خاضَ طَيفُها
إِلَيَّ الدَياجي وَالخَلِيّونَ هُجَّعُ

أَتَت زائِراً ما خامَرَ الطيبُ ثَوبَها
وَكَالمُسكِ مِن أَردانِها يَتَضَوَّعُ

فَما جَلَسَت حَتّى اِنثَنَت توسِعُ الخُطا
كَفاطِمَةٍ عَن دَرِّها قَبلَ تُرضِعُ

فَشَرَّدَ إِعظامي لَها ما أَتى بِها
مِنَ النَومِ وَاِلتاعَ الفُؤادُ المُفَجَّعُ

فَيا لَيلَةً ما كانَ أَطوَلَ بِتُّها
وَسُمُّ الأَفاعي عَذبُ ما أَتَجَرَّعُ

تَذَلَّل لَها وَاِخضَع عَلى القُربِ وَالنَوى
فَما عاشِقٌ مَن لا يَذِلُّ وَيَخضَعُ

وَلا ثَوبُ مَجدٍ غَيرَ ثَوبِ اِبنِ أَحمَدٍ
عَلى أَحَدٍ إِلّا بِلُؤمٍ مُرَقَّعُ

وَإِنَّ الَّذي حابى جَديلَةَ طَيِّئٍ
بِهِ اللَهُ يُعطي مَن يَشاءُ وَيَمنَعُ

بِذي كَرَمٍ ما مَرَّ يَومٌ وَشَمسُهُ
عَلى رَأسِ أَوفى ذِمَّةً مِنهُ تَطلُعُ

فَأَرحامُ شِعرٍ يَتَصِلنَ لَدُنَّهُ
وَأَرحامُ مالٍ لا تَني تَتَقَطَّعُ

فَتىً أَلفُ جُزءٍ رَأيُهُ في زَمانِهِ
أَقَلُّ جُزَيءٍ بَعضُهُ الرَأيُ أَجمَعُ

غَمامٌ عَلَينا مُمطِرٌ لَيسَ يُقشِعُ
وَلا البَرقُ فيهِ خُلَّباً حينَ يَلمَعُ

إِذا عَرَضَت حاجٌ إِلَيهِ فَنَفسُهُ
إِلى نَفسِهِ فيها شَفيعٌ مُشَفَّعٌ

خَبَت نارُ حَربٍ لَم تَهِجها بَنانُهُ
وَأَسمَرُ عُريانٌ مِنَ القِشرِ أَصلَعُ

نَحيفُ الشَوى يَعدو عَلى أُمِّ رَأسِهِ
وَيَحفى فَيَقوى عَدوُهُ حينَ يُقطَعُ

يَمُجُّ ظَلاماً في نَهارٍ لِسانُهُ
وَيُفهِمُ عَمَّن قالَ ما لَيسَ يَسمَعُ

ذُبابُ حُسامٍ مِنهُ أَنجى ضَريبَةً
وَأَعصى لِمَولاهُ وَذا مِنهُ أَطوَعُ

فَصيحٌ مَتى يَنطِق تَجِد كُلَّ لَفظَةٍ
أُصولَ البَراعاتِ الَّتي تَتَفَرَّعُ

بِكَفِّ جَوادٍ لَو حَكَتها سَحابَةٌ
لَما فاتَها في الشَرقِ وَالغَربِ مَوضِعُ

وَلَيسَ كَبَحرِ الماءِ يَشتَقُّ قَعرَهُ
إِلى حَيثُ يَفنى الماءُ حوتٌ وَضِفدَعُ

أَبَحرٌ يَضُرُّ المُعتَفينَ وَطَعمُهُ
زُعاقٌ كَبَحرٍ لا يَضُرُّ وَيَنفَعُ

يَتيهُ الدَقيقُ الفِكرِ في بُعدِ غَورِهِ
وَيَغرَقُ في تَيّارِهِ وَهوَ مِصقَعُ

أَلا أَيُّها القَيلُ المُقيمُ بِمَنبِجٍ
وَهِمَّتُهُ فَوقَ السِماكَينِ توضِعُ

أَلَيسَ عَجيباً أَنَّ وَصفَكَ مُعجِزٌ
وَأَنَّ ظُنوني في مَعاليكَ تَظلَعُ

وَأَنَّكَ في ثَوبٍ وَصَدرُكَ فيكُما
عَلى أَنَّهُ مِن ساحَةِ الأَرضِ أَوسَعُ

وَقَلبُكَ في الدُنيا وَلَو دَخَلَت بِنا
وَبِالجِنِّ فيهِ ما دَرَت كَيفَ تَرجِعُ

أَلا كُلُّ سَمحٍ غَيرَكَ اليَومَ باطِلٌ
وَكُلُّ مَديحٍ في سِواكَ مُضَيَّعٌ


المتنبي
العصر العباسي

الحمدان
04-11-2024, 01:50 AM
شَوقي إِلَيكَ نَفى لَذيذَ هُجوعي
فارَقتَني فَأَقامَ بَينَ ضُلوعي

أَوَ ما وَجَدتُم في الصَراةِ مُلوحَةً
مِمّا أُرَقرِقُ في الفُراتِ دُموعي

ما زِلتُ أَحذَرُ مِن وَداعِكَ جاهِداً
حَتّى اِغتَدى أَسَفي عَلى التَوديعِ

رَحَلَ العَزاءُ بِرِحلَتي فَكَأَنَّما
أَتبَعتُهُ الأَنفاسَ لِلتَشيّعِ


المتنبي

الحمدان
04-11-2024, 01:51 AM
بِأَبي مَن وَدِدتُهُ فَاِفتَرَقنا
وَقَضى اللَهُ بَعدَ ذاكَ اِجتِماعا

فَاِفتَرَقنا حَولاً فَلَمّا اِلتَقَينا
كانَ تَسليمُهُ عَلَيَّ وَداعا


المتنبي

الحمدان
04-11-2024, 01:51 AM
أَهوِن بِطولِ الثَواءِ وَالتَلَفِ
وَالسِجنِ وَالقَيدِ يا أَبا دُلَفِ

غَيرَ اِختِيارٍ قَبِلتُ بِرَّكَ بي
وَالجوعُ يُرضي الأُسودَ بِالجِيَفِ

كُن أَيُّها السِجنُ كَيفَ شِئتَ فَقَد
وَطَّنتُ لِلمَوتِ نَفسَ مُعتَرِفِ

لَو كانَ سُكنايَ فيكَ مَنقَصَةً
لَم يَكُنِ الدُرُّ ساكِنَ الصَدَفِ


المتنبي

الحمدان
04-11-2024, 01:51 AM
بِهِ وَبِمِثلِهِ شُقَّ الصُفوفُ
وَزَلَّت عَن مُباشِرِهِ الحُتوفُ

فَدَعهُ لَقىً فَإِنَّكَ مِن كِرامٍ
جَواشِنُها الأَسِنَّةُ وَالسُيوفُ


المتنبي

الحمدان
04-11-2024, 01:52 AM
وَمُنتَسِبٍ عِندي إِلى مَن أُحِبُّهُ
وَلِلنُبلِ حَولي مِن يَدَيهِ حَفيفُ

فَهَيَّجَ مِن شَوقي وَما مِن مَذَلَّةٍ
حَنَنتُ وَلَكِنَّ الكَريمَ أَلوفُ

وَكُلُّ وِدادٍ لا يَدومُ عَلى الأَذى
دَوامَ وِدادي لِلحُسَينِ ضَعيفُ

فَإِن يَكُنِ الفِعلُ الَّذي ساءَ واحِداً
فَأَفعالُهُ اللائي سَرَرنَ أُلوفُ

وَنَفسي لَهُ نَفسي الفِداءُ لِنَفسِهِ
وَلَكِنَّ بَعضَ المالِكينَ عَنيفُ



المتنبي

الحمدان
04-11-2024, 01:52 AM
أَعدَدتُ لِلغادِرينَ أَسيافا
أَجدَعُ مِنهُم بِهِنَّ آنافا

لا يَرحَمُ اللَهُ أَرؤُساً لَهُم
أَطَرنَ عَن هامِهِنَّ أَقحافا

ما يَنقِمُ السَيفُ غَيرَ قِلَّتِهِم
وَأَن تَكونَ المِئُونَ آلافا

يا شَرَّ لَحمٍ فَجَعتُهُ بِدَمٍ
وَزارَ لِلخامِعاتِ أَجوافا

قَد كُنتَ أُغنيتَ عَن سُؤالِكَ بي
مَن زَجَرَ الطَيرَ لي وَمَن عافا

وَعَدتُ ذا النَصلِ مَن تَعَرَّضَهُ
وَخِفتُ لَمّا اِعتَرَضتَ إِخلافا

لا يُذكَرُ الخَيرُ إِن ذُكِرتَ وَلا
تُتبِعُكَ المُقلَتانِ تَوكافا

إِذا اِمرُؤٌ راعَني بِغَدرَتِهِ
أَورَدتُهُ الغايَةَ الَّتي خافا



المتنبي

الحمدان
04-11-2024, 01:52 AM
لِعَينَيكِ ما يَلقى الفُؤادُ وَما لَقي
وَلِلحُبِّ مالَم يَبقَ مِنّي وَما بَقي

وَما كُنتُ مِمَّن يَدخُلُ العِشقُ قَلبَهُ
وَلَكِنَّ مَن يُبصِر جُفونَكِ يَعشَقِ

وَبَينَ الرِضا وَالسُخطِ وَالقُربِ وَالنَوى
مَجالٌ لِدَمعِ المُقلَةِ المُتَرَقرِقِ

وَأَحلى الهَوى ما شَكَّ في الوَصلِ رَبُّهُ
وَفي الهَجرِ فَهوَ الدَهرَ يُرجو وَيُتَّقي

وَغَضبى مِنَ الإِدلالِ سَكرى مِنَ الصِبا
شَفَعتُ إِلَيها مِن شَبابي بِرَيِّقِ

وَأَشنَبَ مَعسولِ الثَنِيّاتِ واضِحٍ
سَتَرتُ فَمي عَنهُ فَقَبَّلَ مَفرِقي

وَأَجيادِ غِزلانٍ كَجيدِكِ زُرنَني
فَلَم أَتَبَيَّن عاطِلاً مِن مُطَوَّقِ

وَما كُلُّ مَن يَهوى يَعِفُّ إِذا خَلا
عَفافي وَيُرضي الحِبَّ وَالخَيلُ تَلتَقي

سَقى اللَهُ أَيّامَ الصِبا ما يَسُرُّها
وَيَفعَلُ فِعلَ البابِلِيِّ المُعَتَّقِ

إِذا ما لَبِستَ الدَهرَ مُستَمتِعاً بِهِ
تَخَرَّقتَ وَالمَلبوسُ لَم يَتَخَرَّقِ

وَلَم أَرَ كَالأَلحاظِ يَومَ رَحيلِهِم
بَعَثنَ بِكُلِّ القَتلِ مِن كُلِّ مُشفِقِ

أَدَرنَ عُيوناً حائِراتٍ كَأَنَّها
مُرَكَّبَةٌ أَحداقُها فَوقَ زِئبَقٍ

عَشِيَّةَ يَعدونا عَنِ النَظَرِ البُكا
وَعَن لَذَّةِ التَوديعِ خَوفُ التَفَرُّقِ

نُوَدِّعُهُم وَالبَينُ فينا كَأَنَّهُ
قَنا اِبنِ أَبي الهَيجاءِ في قَلبِ فَيلَقِ

قَواضٍ مَواضٍ نَسجُ داوُودَ عِندَها
إِذا وَقَعَت فيهِ كَنَسجِ الخَدَرنَقِ

هَوادٍ لِأَملاكِ الجُيوشِ كَأَنَّها
تَخَيَّرُ أَرواحَ الكُماةِ وَتَنتَقي

تَقُدُّ عَلَيهِم كُلَّ دِرعٍ وَجَوشَنٍ
وَتَفري إِلَيهِم كُلَّ سورٍ وَخَندَقِ

يُغيرُ بِها بَينَ اللُقانِ وَواسِطٍ
وَيُركِزُها بَينَ الفُراتِ وَجِلِّقِ

وَيُرجِعُها حُمراً كَأَنَّ صَحيحَها
يُبَكّي دَماً مِن رَحمَةِ المُتَدَقِّقِ

فَلا تُبلِغاهُ ما أَقولُ فَإِنَّهُ
شُجاعٌ مَتى يُذكَر لَهُ الطَعنُ يَشتَقِ

ضَروبٌ بِأَطرافِ السُيوفِ بَنانُهُ
لَعوبٌ بِأَطرافِ الكَلامِ المُشَقَّقِ

كَسائِلِهِ مَن يَسأَلُ الغَيثَ قَطرَةً
كَعاذِلِهِ مَن قالَ لِلفَلَكِ اِرفُقِ

لَقَد جُدتَ حَتّى جُدتَ في كُلِّ مِلَّةٍ
وَحَتّى أَتاكَ الحَمدُ مِن كُلِّ مَنطِقِ

رَأى مَلِكُ الرومِ اِرتِياحَكَ لِلنَدى
فَقامَ مَقامَ المُجتَدي المُتَمَلِّقِ

وَخَلّى الرِماحَ السَمهَرِيَّةَ صاغِراً
لِأَدرَبَ مِنهُ بِالطِعانِ وَأَحذَقِ

وَكاتَبَ مِن أَرضٍ بَعيدٍ مَرامُها
قَريبٍ عَلى خَيلٍ حَوالَيكَ سُبَّقِ

وَقَد سارَ في مَسراكَ مِنها رَسولُهُ
فَما سارَ إِلّا فَوقَ هامٍ مُفَلَّقِ

فَلَمّا دَنا أَخفى عَلَيهِ مَكانَهُ
شُعاعُ الحَديدِ البارِقِ المُتَأَلِّقِ

وَأَقبَلَ يَمشي في البِساطِ فَما دَرى
إِلى البَحرِ يَمشي أَم إِلى البَدرِ يَرتَقي

وَلَم يَثنِكَ الأَعداءُ عَن مُهَجاتِهِم
بِمِثلِ خُضوعٍ في كَلامٍ مُنَمَّقِ

وَكُنتَ إِذا كاتَبتَهُ قَبلَ هَذِهِ
كَتَبتَ إِلَيهِ في قَذالِ الدُمُستُقِ

فَإِن تُعطِهِ مِنكَ الأَمانَ فَسائِلٌ
وَإِن تُعطِهِ حَدَّ الحُسامِ فَأَخلِقِ

وَهَل تَرَكَ البيضُ الصَوارِمُ مِنهُمُ
أَسيراً لِفادٍ أَو رَقيقاً لِمُعتِقِ

لَقَد وَرَدوا وِردَ القَطا شَفَراتِها
وَمَرّوا عَلَيها زَردَقاً بَعدَ زَردَقِ

بَلَغتُ بِسَيفِ الدَولَةِ النورِ رُتبَةً
أَثَرتُ بِها مابَينَ غَربٍ وَمَشرِقِ

إِذا شاءَ أَن يَلهو بِلِحيَةِ أَحمَقٍ
أَراهُ غُباري ثُمَّ قالَ لَهُ اِلحَقِ

وَما كَمَدُ الحُسّادِ شَيئاً قَصَدتُهُ
وَلَكِنَّهُ مَن يَزحَمِ البَحرَ يَغرَقِ

وَيَمتَحِنُ الناسَ الأَميرُ بِرَأيِهِ
وَيُغضي عَلى عِلمٍ بِكُلِّ مُمَخرِقِ

وَإِطراقُ طَرفِ العَينِ لَيسَ بِنافِعٍ
إِذا كانَ طَرفُ القَلبِ لَيسَ بِمُطرِقِ

فَيا أَيُّها المَطلوبُ جاوِرهُ تَمتَنِع
وَيا أَيُّها المَحرومُ يَمِّمهُ تُرزَقِ

وَيا أَجبَنَ الفُرسانِ صاحِبهُ تَجتَرِئ
وَيا أَشجَعَ الشُجعانِ فارِقهُ تَفرَقِ

إِذا سَعَتِ الأَعداءُ في كَيدِ مَجدِهِ
سَعى جَدُّهُ في كَيدِهِم سَعيَ مُحنَقِ

وَما يَنصُرُ الفَضلُ المُبينُ عَلى العِدا
إِذا لَم يَكُن فَضلَ السَعيدِ المُوَفَّقِ



المتنبي

الحمدان
04-11-2024, 01:53 AM
تَذَكَّرتُ ما بَينَ العُذَيبِ وَبارِقِ
مَجَرَّ عَوالينا وَمَجرى السَوابِقِ

وَصُحبَةَ قَومٍ يَذبَحونَ قَنيصَهُم
بِفَضلَةِ ما قَد كَسَّروا في المَفارِقِ

وَلَيلاً تَوَسَّدنا الثَوِيَّةَ تَحتَهُ
كَأَنَّ ثَراها عَنبَرٌ في المَرافِقِ

بِلادٌ إِذا زارَ الحِسانَ بِغَيرِها
حَصا تُربِها ثَقَّبنَهُ لِلمَخانِقِ

سَقَتني بِها القُطرُبُّلِيَّ مَليحَةٌ
عَلى كاذِبٍ مِن وَعدِها ضَوءُ صادِقِ

سُهادٌ لِأَجفانٍ وَشَمسٌ لِناظِرٍ
وَسُقمٌ لِأَبدانٍ وَمِسكٌ لِناشِقِ

وَأَغيَدُ يَهوى نَفسَهُ كُلُّ عاقِلٍ
عَفيفٍ وَيَهوى جِسمَهُ كُلُّ فاسِقِ

أَديبٌ إِذا ما جَسَّ أَوتارَ مِزهَرٍ
بَلا كُلَّ سَمعٍ عَن سِواها بِعائِقِ

يُحَدِّثُ عَمّا بَينَ عادٍ وَبَينَهُ
وَصُدغاهُ في خَدَّي غُلامٍ مُراهِقِ

وَما الحُسنُ في وَجهِ الفَتى شَرَفاً لَهُ
إِذا لَم يَكُن في فِعلِهِ وَالخَلائِقِ

وَما بَلَدُ الإِنسانِ غَيرُ المُوافِقِ
وَلا أَهلُهُ الأَدنَونَ غَيرُ الأَصادِقِ

وَجائِزَةٌ دَعوى المَحَبَّةِ وَالهَوى
وَإِن كانَ لا يَخفى كَلامُ المُنافِقِ

بِرَأيِ مَنِ اِنقادَت عُقَيلٌ إِلى الرَدى
وَإِشماتِ مَخلوقٍ وَإِسخاطِ خالِقِ

أَرادوا عَلِيّاً بِالَّذي يُعجِزُ الوَرى
وَيوسِعُ قَتلَ الجَحفَلِ المُتَضايِقِ

فَما بَسَطوا كَفّاً إِلى غَيرِ قاطِعٍ
وَلا حَمَلوا رَأساً إِلى غَيرِ فالِقِ

لَقَد أَقدَموا لَو صادَفوا غَيرَ آخِذٍ
وَقَد هَرَبوا لَو صادَفوا غَيرَ لاحِقِ

وَلَمّا كَسا كَعباً ثِياباً طَغَوا بِها
رَمى كُلَّ ثَوبٍ مِن سِنانٍ بِخارِقِ

وَلَمّا سَقى الغَيثَ الَّذي كَفَروا بِهِ
سَقى غَيرَهُ في غَيرِ تِلكَ البَوارِقِ

وَما يوجِعُ الحِرمانُ مِن كَفِّ حارِمٍ
كَما يوجِعُ الحِرمانُ مِن كَفِّ رازِقِ

أَتاهُم بِها حَشوَ العَجاجَةِ وَالقَنا
سَنابِكُها تَحشو بُطونَ الحَمالِقِ

عَوابِسَ حَلّى يابِسُ الماءِ حُزمَها
فَهُنَّ عَلى أَوساطِها كَالمَناطِقِ

فَلَيتَ أَبا الهَيجا يَرى خَلفَ تَدمُرٍ
طِوالَ العَوالي في طِوالِ السَمالِقِ

وَسَوقَ عَليٍّ مِن مَعَدٍّ وَغَيرِها
قَبائِلَ لا تُعطي القُفِيَّ لِسائِقِ

قُشَيرٌ وَبَلعَجلانِ فيها خَفِيَّةٌ
كَراءَينِ في أَلفاظِ أَلثَغَ ناطِقِ

تُخَلِّيهِمِ النِسوانُ غَيرَ فَوارِكٍ
وَهُم خَلَّوِ النِسوانَ غَيرَ طَوالِقِ

يُفَرِّقُ ما بَينَ الكُماةِ وَبَينَها
بِضَربٍ يُسَلّي حَرُّهُ كُلَّ عاشِقِ

أَتى الظُعنَ حَتّى ما تَطيرُ رَشاشَةٌ
مِنَ الخَيلِ إِلّا في نُحورِ العَواتِقِ

بِكُلِّ فَلاةٍ تُنكِرُ الإِنسَ أَرضُها
ظَعائِنُ حُمرُ الحَليِ حُمرُ الأَيانِقِ

وَمَلمومَةٌ سَيفِيَّةٌ رَبَعِيَّةٌ
يَصيحُ الحَصى فيها صِياحَ اللَقالِقِ

بَعيدَةُ أَطرافِ القَنا مِن أُصولِهِ
قَريبَةُ بَينَ البيضِ غُبرُ اليَلامِقِ

نَهاها وَأَغناها عَنِ النَهبِ جودُهُ
فَما تَبتَغي إِلّا حُماةَ الحَقائِقِ

تَوَهَّمَها الأَعرابُ سَورَةَ مُترَفٍ
تُذَكِّرُهُ البَيداءُ ظِلَّ السُرادِقِ

فَذَكَّرتَهُم بِالماءِ ساعَةَ غَبَّرَت
سَماوَةُ كَلبٍ في أُنوفِ الحَزائِقِ

وَكانوا يَروعونَ المُلوكَ بِأَن بَدَوا
وَأَن نَبَتَت في الماءِ نَبتَ الغَلافِقِ

فَهاجوكَ أَهدى في الفَلا مِن نُجومِهِ
وَأَبدى بُيوتاً مِن أَداحي النَقانِقِ

وَأَصبَرَ عَن أَمواهِهِ مِن ضِبابِهِ
وَآلَفَ مِنها مُقلَةً لِلوَدائِقِ

وَكانَ هَديراً مِن فُحولٍ تَرَكتَها
مُهَلَّبَةَ الأَذنابِ خُرسَ الشَقاشِقِ

فَما حَرَموا بِالرَكضِ خَيلَكَ راحَةً
وَلَكِن كَفاها البَرُّ قَطعَ الشَواهِقِ

وَلا شَغَلوا صُمَّ القَنا بِقُلوبِهِم
عَنِ الرِكزِ لَكِن عَن قُلوبِ الدَماسِقِ

أَلَم يَحذَروا مَسخَ الَّذي يَمسَخُ العِدا
وَيَجعَلُ أَيدي الأُسدِ أَيدي الخَرانِقِ

وَقَد عايَنوهُ في سِواهُم وَرُبَّما
أَرى مارِقاً في الحَربِ مَصرَعَ مارِقِ

تَعَوَّدَ أَن لا تَقضَمَ الحَبَّ خَيلُهُ
إِذا الهامُ لَم تَرفَع جُنوبَ العَلائِقِ

وَلا تَرِدَ الغُدرانَ إِلّا وَماؤُها
مِنَ الدَمِ كَالرَيحانِ تَحتَ الشَقائِقِ

لَوَفدُ نُمَيرٍ كانَ أَرشَدَ مِنهُمُ
وَقَد طَرَدوا الأَظعانَ طَردَ الوَسائِقِ

أَعَدّوا رِماحاً مِن خُضوعٍ فَطاعَنوا
بِها الجَيشَ حَتّى رَدَّ غَربَ الفَيالِقِ

فَلَم أَرَ أَرمى مِنهُ غَيرَ مُخاتِلٍ
وَأَسرى إِلى الأَعداءِ غَيرَ مُسارِقِ

تُصيبُ المَجانيقُ العِظامُ بِكَفِّهِ
دَقائِقَ قَد أَعيَت قِسِيَّ البَنادِقِ



المتنبي

الحمدان
04-11-2024, 02:38 AM
ومن البليَّةِ عذلُ من لا يرعوي
عن غيِّهِ وخطابُ من لا يفهَم!

وإذا أشارَ مُحدِّثًا فكأنَّــهُ
قردٌ يُقَهْقِهُ أو عجوزٌ تلطِــــمُ


المتنبي

الحمدان
04-11-2024, 02:38 AM
بقِيَّةُ قَومٍ آذَنُوا بِبَو
وأنْضاءُ أسفارٍ كَشَربِ عُقارِ

نَزلْنا على حكمِ الرِّياحِ بمَسجِدٍ
علينا لها ثَوبَا حَصىً وغُبارِ

خَليليَّ ما هذا مُناخاً لِمِثْلِنا
فَشُدَّا عَليها وارْحَلا بنَهَارِ

ولا تُنكِرَا عَصفَ الرِّياحِ فإنَّها
قِرَى كلّ ضَيْفٍ باتَ عِند سِوَار


المتنبي

الحمدان
04-11-2024, 02:38 AM
لَئِنْ تَكُ طَيِّءٌ كانتْ لِئَاماً
فألأمُهَا رَبِيعَةُ أوْ بَنُوهُ

وإنْ تَكُ طَيِّءٌ كانَتْ كِراماً
فَوَرْدانٌ لِغَيرِهِمِ أبُوهُ

مَرَرْنَا مِنْهُ في حِسْمَى بعَبْدٍ
يَمُجُّ اللُّؤمَ مَنْخِرُهُ وَفُوهُ

أشَذَّ بعِرْسِهِ عَنّي عَبيدي
فأتْلَفَهُمْ وَمَالي أتْلَفُوهُ

فإنْ شَقِيَتْ بأيديهِمْ جِيادي
لَقد شَقِيَتْ بمُنصُليَ الوُجُوهُ


المتنبي

الحمدان
04-11-2024, 02:48 AM
أمَا في هَذهِ الدُّنيا كَرِيمُ
تَزُولُ بِهِ عنِ القَلبِ الهُمومُ

أمَا في هَذهِ الدُّنيا مَكَانٌ
يُسَرُّ بأهْلِهِ الجارُ المُقيمُ

تَشابَهتِ البَهائِمُ والعِبِدّى
عَلينَا والمَوَالي وَالصَّميمُ

ومَا أدري إذَا داءٌ حَديثٌ
أصَابَ النَّاسَ أمْ داءٌ قَديمُ

حَصَلتُ بأرْضِ مِصرَ على عَبيدٍ
كَأنَّ الحُرَّ بَينَهُمُ يَتيمُ




المتنبي

الحمدان
04-11-2024, 02:48 AM
وَماذا بمِصْرَ مِنَ المُضْحِكاتِ
ولَكِنَّهُ ضَحِكٌ كالبُكَا

بهَا نَبَطيٌّ مِن أهْلِ السَّوَادِ
يُدَرِّسُ أنْسَابَ أهْلِ الفَلا

وَأسْوَدُ مِشْفَرُهُ نِصْفُهُ
يُقَالُ لَهُ أنْتَ بَدْرُ الدّجَى

وَشِعْرٍ مَدَحتُ بهِ الكَرْكَدَنَّ
بَينَ القَرِيضِ وبَينَ الرُّقَى

فَمَا كانَ ذَلِكَ مَدْحاً لَهُ
وَلَكِنّهُ كانَ هَجْوَ الوَرَى

وَقَدْ ضَلّ قَوْمٌ بأصْنَامِهِمْ
فأمَّا بِزِقّ رِيَاحٍ فَلا

وتِلكَ صُموتٌ وذا ناطِقٌ
إِذا حَرَّكوهُ فَسا أَو هَذى

وَمَنْ جَهِلَتْ نَفْسُهُ قَدْرَهُ
رَأى غَيرُهُ مِنْهُ مَا لا يَرَى


المتنبي

الحمدان
04-11-2024, 02:48 AM
فاغْفِرْ فِدىً لكَ واحبُني مِنْ بَعدها
لِتَخُصَّني بِعطِيِّةٍ مِنْها أنَا

وإنه المُشيرَ عَليكَ فيَّ بضِلَّةٍ
فالحُرُّ مُمْتَحَنٌ بأولادِ الزِّنَى

وإذا الفَتى طَرحَ الكَلامَ مُعَرِّضاً
في مجْلِسٍ أخذَ الكَلامَ اللَّذْ عَنى

ومَكايِدُ السُّفَهاءِ واقِعَةٌ بهِمْ
وعداوَةُ الشُّعَراءِ بِئسَ المُقْتَنى

لُعِنَتْ مُقارنةُ اللَّئيمِ فإنَّهَا
ضَيْفٌ يَجرُّ مِنَ النَّدامةِ ضَيفَنا

غَضَبُ الحَسُودِ إذا لَقيتُكَ راضِياً
رزءٌ أخَفُّ عليَّ مِن أنْ يُوزَنَا



المتنبي

الحمدان
04-11-2024, 02:49 AM
ومن البليَّةِ عذلُ من لا يرعوي
عن غيِّهِ وخطابُ من لا يفهَم!

وإذا أشارَ مُحدِّثًا فكأنَّــهُ
قردٌ يُقَهْقِهُ أو عجوزٌ تلطِــــمُ


المتنبي

الحمدان
04-11-2024, 03:25 AM
النصحُ أرخص ماباع الرجالُ فلا
ترددْ على ناصحٍ نُصْحًا ولا تَلُمِ

إِنَّ النصائحَ لا تخفَى مَناهِجُها
على الرجالِ ذوي الألبابِ والفهمِ


الأصمعي

الحمدان
04-11-2024, 03:26 AM
صَوْتُ صَفيرِ البُلْبُلِ
هَيَّجَ قَلْبِيَ الثَمِلِ

المَاءُ وَالزَّهْرُ مَعَاً
مَعَ زَهرِ لَحْظِ المُقَلِ

وَأَنْتَ يَاسَيِّدَ لِي
وَسَيِّدِي وَمَوْلَى لِي

فَكَمْ فَكَمْ تَيَّمَنِي
غُزَيِّلٌ عَقَيْقَلي

قَطَّفْتُ مِنْ وَجْنَتِهِ
مِنْ لَثْمِ وَرْدِ الخَجَلِ

فَقَالَ بَسْ بَسْبَسْتَنِي
فَلَمْ يَجُد بالقُبَلِ

فَقَالَ لاَ لاَ لاَ ثم لاَ
وَقَدْ غَدَا مُهَرْوِلِ

وَالخُودُ مَالَتْ طَرَبَاً
مِنْ فِعْلِ هَذَا الرَّجُلِ

فَوَلْوَلَتْ وَوَلْوَلَتُ
وَلي وَلي يَاوَيْلَ لِي

فَقُلْتُ لا تُوَلْوِلِي
وَبَيِّنِي اللُؤْلُؤَ لَي

لَمَّا رَأَتْهُ أَشْمَطَا
يُرِيدُ غَيْرَ القُبَلِ

وَبَعْدَهُ لاَيَكْتَفِي
إلاَّ بِطِيْبِ الوَصْلَ لِي

قَالَتْ لَهُ حِيْنَ كَذَا
انْهَضْ وَجِدْ بِالنَّقَلِ

وَفِتْيَةٍ سَقَوْنَنِي
قَهْوَةً كَالعَسَلَ لِي

شَمَمْتُهَا بِأَنْفِي
أَزْكَى مِنَ القَرَنْفُلِ

فِي وَسْطِ بُسْتَانٍ حُلِي
بالزَّهْرِ وَالسُرُورُ لِي

وَالعُودُ دَنْ دَنْدَنَ لِي
وَالطَّبْلُ طَبْ طَبَّلَ لِي

طَب طَبِ طَب طَبِ
طَب طَب طَبَ لي

وَالسَّقْفُ قَدْ سَقْسَقَ لِي
وَالرَّقْصُ قَدْ طَبْطَبَ لِي

شَوَى شَوَى وَشَاهِشُ
عَلَى وَرَقْ سَفَرجَلِ

وَغَرَّدَ القَمْرُ يَصِيحُ
مِنْ مَلَلٍ فِي مَلَلِ

فَلَوْ تَرَانِي رَاكِباً
عَلَى حِمَارٍ أَهْزَلِ

يَمْشِي عَلَى ثَلاثَةٍ
كَمَشْيَةِ العَرَنْجِلِ

وَالنَّاسُ تَرْجِمْ جَمَلِي
فِي السُوقِ بالقُلْقُلَلِ

وَالكُلُّ كَعْكَعْ كَعِكَعْ
خَلْفِي وَمِنْ حُوَيْلَلِي

لكِنْ مَشَيتُ هَارِبا
مِنْ خَشْيَةِ العَقَنْقِلِي

إِلَى لِقَاءِ مَلِكٍ
مُعَظَّمٍ مُبَجَّلِ

يَأْمُرُلِي بِخِلْعَةٍ
حَمْرَاءُ كَالدَّمْ دَمَلِي

أَجُرُّ فِيهَا مَاشِياً
مُبَغْدِدَاً للذيَّلِ

أَنَا الأَدِيْبُ الأَلْمَعِي
مِنْ حَيِّ أَرْضِ المُوْصِلِ

نَظَمْتُ قِطَعاً زُخْرِفَتْ
يَعْجَزُ عَنْهَا الأَدْبُ لِي

أَقُولُ فِي مَطْلَعِهَا
صَوْتُ صَفيرِ البُلْبُلِ


الأصمعي
العصر العباسي

الحمدان
04-11-2024, 03:56 AM
خَلَت بَعدَنا مِن آلِ لَيلى المَصانِعُ
وَهاجَت لَنا الشَوقُ الدِيارُ البَلاقِعُ
أَبيتُ وَجَنبي لا يُلائِمُ مَضجَعاً

إِذا ما اِطمَأَنَّت بِالجُنوبِ المَضاجِعُ
أَتاني مِنَ المَهدِيِّ قَولٌ كَأَنَّما

بِهِ اِحتَزَّ أَنفى مُدمِنُ الضِغنِ جادِعُ
وَقُلتُ وَقَد خِفتُ الَّتي لا شَوىً لَها

بِلا حَدَثٍ إِنّي إِلى اللَهِ راجِعُ
وَمالي إِلى المَهدِيِّ لَو كُنتُ مُذنِباً

سِوى حِلمِهِ الصافي مِنَ الناسِ شافِعُ
وَلا هُوَ عِندَ السُخطِ مِنهُ وَلا الرِضا

بِغَيرِ الَّذي يَرضى بِهِ لِيَ صانِعُ
عَلَيهِ مِنَ التَقوى رداءٌ يَكُنُّهُ

وَلِلحَقِّ نورٌ بَينَ عَينَيهِ ساطِعُ
يُغَضُّ لَهُ طَرفُ العُيونِ وَطَرفُهُ

عَلى غَيرِهِ مِن خَشيَةِ اللَهِ خاشِعُ
هَلِ البابُ مُفضٍ بي إِلَيكَ اِبنَ هاشِمٍ

فَعذرىَ إِن أَفضى بِيَ البابُ ناصِعُ
أَتَيت امرَأً أَطلَقتَهُ مِن وِثاقِهِ

وَقَد أُنشِبَت في أَخدَعَيهِ الجَوامِعُ
وَجَلّى ضَبابَ العُدمِ عَنهُ وَراشَهُ

وَأَنهَضَهُ مَعروفُكَ المُتَتابِعُ
فَقُلتُ وَزيرٌ ناصِحٌ قَد تَتابَعَت

عَلَيهِ بِإِنعامِ الإِمامِ الصَنائِعُ
وَما كانَ لي إِلّا إِلَيكَ ذَريعَةٌ

وَما مَلِكٌ إِلّا إِلَيهِ الذَرائِعُ
وَإِن كانَ مَطوِيّاً عَلى الغَدرِ كَشحُهُ

فَلَم أَدرِ مِنهُ ما تُجِنُّ الأَضالِعُ
وَقُل مِثلُ ما قالَ اِبنُ يَعقوبِ يوسِفُ

لإِخوانِهِ قَولاً لَهُ القَلبُ نائِعُ
تَنَفَّس فَلا تَثريبَ إِنَّكَ آمِنٌ

وَإِنّي لَكَ المَعروفَ وَالقَدرَ جامِعُ
فَما الناسُ إِلّا ناظِرٌ مُتَشَوِّقٌ




مروان بن أبي حفصه

الحمدان
04-11-2024, 03:56 AM
إِذا ما تَذَكَّرتُ النَظيمَ وَمُطرِقاً
خَنَنتُ وَأَبكاني النَظيمُ وَمُطرِقُ

تَحِنُّ قَلوصي نَحوَ صَنعاءَ إِذ رَأَت
سَماءَ الحَيا مِن نَحوِ صَنعاءَ تَبرُقُ

تَحِنُّ إِلى مَرعىً بِصَنعاءَ مُخضِبٍ
وَشربٍ رَواءٍ ماؤُهُ لا يُرَنذَقُ

وَقَد وَثِقَت أَن سَوفَ يَصبَحُ رَبَّها
إِذا وَرَدتَ أَحواضَ مَعنٍ وَيَغبُقُ

تَؤُمُّ شُرَيكِيّاً تأَلَّلَ بِالحَيا
مَخائِلُهُ لِلشّائِمينَ فَتَصدُقُ


مروان بن أبي حفصه

الحمدان
04-11-2024, 03:57 AM
إِعصِ الهَوى وَتَعَزَّ عَن سُعداكا
فَلَمِثلُ حِلمِكَ عَن هَواكَ نَهاكا

أَحيا لَنا سُنَنَ النّبِيِّ سَمِيُّهُ
قَدَّ الشِراكِ بِهِ قَرَنتَ شِراكا


مروان بن أبي حفصه

الحمدان
04-11-2024, 03:57 AM
أَسَلمَ بنَ عَمرٍ وَقَد تَعاطَيتَ خُطَّةً
تُقَصِّرُ عَنها بَعدَ طولِ عَنائِكا

وَإِنّي لَسَبّاقٌ إِذ الخَيلُ كُلِّفَت
مَدى مائَةٍ أَو غايَةً فَوقَ ذَلِكا

فَدَع سابِقاً إِن عاوَدَتكَ عَجاجَةٌ
سَنابِكُهُ أَو هَينَ مِنكَ سَنابِكا

رَأَيتَ اِمرَأً نالَ اللُها فَحَسَدتَهُ
فَلَم يَبقَ إِلّا أَن تَموتَ بِدائِكا

طَلَبتَ مِنَ المَهدِيِّ شَطرَ حِبائِهِ
فَقالَ لَكَ المَهدِيُّ لَستَ هُنالِكا

فَما أَعوَلَت أُمٌّ عَلى اِبنٍ وَلا بَكى
عَلى يوسُفٍ يَعقوبُ مِثلَ بُكائِكا

عَضَضتَ عَلى كَفَّيكَ حَتّى كَأَنَّما
رُزِئتَ الَّذي أُعطيتُ مِن صُلبِ مالِكا

حُبيتُ بِأَوقارِ البِغالِ وَإِنَّما
سَرابُ الضُحى ما تَدَّعي مِن حِبائِكا

وَما نِلت حَتّى شِبتَ إِلّا عَطِيَّةً
تَقومُ بِها مَصرورةً في رِدائِكا

وَما عِبتَ مِن قَسَمِ المُلوكِ لِشاعِرٍ
بِهِ خُصَّ عَفواً مِن أُولي وَأُولئِكا

فَأُقسِمُ لَولا اِبنُ الرَبيعِ وَرفدُهُ
لما اِبتَلَّتِ الدَلوُ الَّتي في رِشائِك


مروان بن أبي حفصه

الحمدان
04-11-2024, 03:57 AM
أَمسى المَشيبُ مِنَ الشَبابِ بَديلاً
ضَيفاً أَقامَ فَما يُريدُ رَحيلاً

وَالشَيبُ إِذ طَرَدَ السَوادَ بَياضُهُ
كَالصُبحِ أَحدَثَ لِلظَلامِ أُفولا

إِنَّ الغَواني طالَما قَتَّلنَنا
بِعُيونِهُنَّ وَلا يَدين قَتيلا

مِن كُلِّ آنِسَةٍ كَأَنَّ حِجالَها
ضُمِّنَّ أَحوَرَ في الكِناسِ كَحيلا

أَردَينَ عُروَةَ وَالمُرَقِّشَ قَبلَهُ
كُلٌّ أُصيبَ وَما أَطاقَ ذُهولا

وَلَقَد تَرَكنَ أَبا ذُؤَيبٍ هائِماً
وَلَقَد تَبَلنَ كُثَيِّراً وَجَميلا

وَتَرَكنَ لابنِ أَبي رَبيعَةَ مَنطِقاً
فيهِنَّ أَصبَحَ سائِراً مَحمولا

إِلّا أَكُن مِمَّن قَتَلنَ فَإِنَّني
مِمَّن تَرَكنَ فُؤادَهُ مَخبولا

لَو كانَ جَدُّكُمُ شُرَيكٌ والِداً
لِلَّناسِ لَم تَلِدِ النِساءُ بَخيلا


مروان بن أبي حفصه

الحمدان
04-11-2024, 03:58 AM
نَفَحتَ مُكافِئاً عَن قَبرِ مَعنٍ
لَنا مِمّا تَجودُ بِهِ سِجالا

فَعَجَّلتَ العَطِيَّةَ يا اِبنَ يَحيى
بِتَأدِيَةٍ وَلَم تُرِدِ المِطالا

فَكافَأَ عَن صَدى مَعنٍ جَوادٌ
بِأَجوَدِ راحَةِ بَذَلت نَوالا

بَني لَكَ خالِدٌ وَأَبوكَ يَحيى
بِناءً في المَكارِمِ لَن يُنالا

كَأَنَّ البَرمَكِيَّ بِكُلِّ مالٍ
تَجودُ بِهِ يَداهُ يُفيدُ مالا


مروان بن أبي حفصه

الحمدان
04-11-2024, 03:58 AM
تَشابَهَ يَومَا بَأسِهِ وَنَوالِهِ
فَما أَحَدٌ يَدري لأَيِّهِما الفَضلُ

شَبيهُ أَبيهِ مَنظَرا وَخَليقَةً
كَما حُذِيَت يَوماً عَلى أُختِها النَعلُ


مروان بن أبي حفصه

الحمدان
04-11-2024, 03:58 AM
إِذا أُمُّ طِفلٍ راعَها جوعُ طِفلِها
دَعتهُ بِإِسمِ الفَضلِ فَاِعتَصَم الطِفلُ

لِيَحيا بِكَ الإِسلامُ إِنَّكَ عِزُّهُ
وَإِنَّكَ مِن قَومٍ صَغيرُهُم كَهلُ


مروان بن أبي حفصه

الحمدان
04-11-2024, 03:58 AM
كَأَنَّ الَّتي يَومَ الرَحيل تَعَرَّضَت
لَنا مِن ظِباءِ الرَملِ أَدماءُ مُعزِلُ

تَصُدُّ لِمَكحولِ المَدامِعِ لابنٍ
إِذا خَلَّفَتهُ خَلفَها الطَرفَ يُعمِلُ

بَنو مَطَرٍ يَومَ اللِقاءِ كَأَنَّهُم
أُسودُ لَها في غيلِ خَفّانَ أَشبُلُ

هُمُ يَمنَعونَ الجارَ حَتّى كَأَنَّما
لِجارِهِمُ بَينَ السِماكَينِ مَنزِلُ

بَهاليلُ في الإِسلامِ سادوا وَلَم يَكُن
كَأَوَّلِهِم في الجاهِلِيَّةِ أَوَّلُ

هُمُ القَومُ إِن قالوا أًصابوا وإِن دُعوا
أَجابوا وَإِن أَعطوا أَطابوا وَأَجزَلوا

وَما يَستَطيعُ الفاعِلونَ فِعالَهُم
وَإِن أَحسَنوا في النائِباتِ وَأَجمَلوا

ثَلاثٌ بِأَمثالِ الجِبالِ حُباهُمُ
وَأَحلامُهُم مِنها لَدى الوَزنِ أَثقَلُ

تَجَنَّبَ لا في القَولِ حَتّى كَأَنَّهُ
حَرامٌ عَلَيهِ قَولُ لا حينَ تَسأَلُ

تَشابَهُ يَوماهُ عَلَينا فَأَشكَلا
فَلا نَحنُ نَدري أَيُّ يَومَيهِ أَفضَلُ

أَيَومُ نَداهُ الغَمرُ أَم يَومُ بِأسِهِ
وَما مِنهُما إِلّا أَغَرُّ مُحَجَّلُ


مروان بن أبي حفصه

الحمدان
04-11-2024, 03:59 AM
قاسَيتُ شِدَّةَ أَيّامي فَما ظَفَرَت
يَدايَ مِنها بِصابٍ وَلا عَسَلِ

وَلا أُغَيِّرُ شَيبي بِالخِضابِ وَهَل
في العَقلِ تَغييرُ شَيبِ الرَأسِ بِالحيلِ


مروان بن أبي حفصه

الحمدان
04-11-2024, 03:59 AM
أَلَم تَرَ أَنَّ الجودَ مِن لَدنِ آدَمٍ
تَحَدَّرَ حَتّى صارَ في راحَةِ الفَضلِ

إِذا ما أَبو العَبّاسِ راحَت سَماؤُهُ
فَيالَكَ مِن هَطلٍ وَيالَكَ مِن وَبلِ


مروان بن أبي حفصه

الحمدان
04-11-2024, 03:59 AM
صَحا بَعدَ جَهلٍ فَاِستَراحَت عَواذِلُه
وَأَقصَرنَ عَنهُ حينَ أَقصَرَ باطِلُه

وَقالَ الغَواني قَد تَوَلّى شَبابُهُ
وَبُدِّلَ شَيبا بِالخِضابِ يُقاتِلُه

يُقاتِلُهُ كَيما يَحولَ خِضابُهُ
وَهيهاتَ لا يَخفى عَلى اللَحظِ ناصِلُه

وَمَن مُدَّ في أَيّامِهِ فَتَأَخَّرَت
مَنِيَّتُهُ فَالشَيبُ لا شَكَّ شامِلُه

إِلَيكَ قَصَرنا النِصفَ مِن صَلَواتِنا
مَسيرَةَ شَهرٍ بَعدَ شَهرٍ نُواصِلُه

فَلا نَحنُ نَخشى أَن يَخيبَ رَجاؤُنا
إِلَيكَ وَلكِن أَهنأُ الخَيرِ عاجِلُه

هُوَ المَرءُ أَمّا دينُهُ فَهوَ ما نِعٌ
صَئونٌ وَأَمّا مالَهُ فَهوَ باذِلُه

أَمَرَّ وَأَحلى ما بَلا الناسُ طَعمَهُ
عِقاب أَمير المُؤمِنينَ وَنائِلُه

أَبِيٌّ لِما يَأبي ذَوو الحَزمِ وَالتُقى
فَعولٌ إِذا ما جَدَّ بِالأَمرِ فاعِلُه

تَروكُ الهَوى لا السُخطُ مِنهُ وَلا الرِضا
لَدى مَوطِنٍ إِلّا عَلى الحَقِّ حامِلُه

يَرى أَنَّ مُرَّ الحَقِّ أَحلى مَغَبَّةً
وَأَنجى وَلَو كانَت زُعافاً مَناهِلُه

صَحيحُ الضَمريِ سِرُّهُ مِثلُ جُرِهِ
قِياسَ الشِراكِ بِالشِراكِ تُقابِلُه

فَإِنَّ طَليقَ اللَهِ مَن هُوَ مُطلِقٌ
وَإِنَّ قَتيلَ اللَهِ مَن هُوَ قاتِلُه

كَأَنَّ أَميرَ المُؤمِنينَ مُحَمَّداً
أَبو جَعفَرٍ في كُلِّ أَمرٍ يُحاوِلُه

كَفاكُم بِعَبّاس أَبي الفَضلِ والداً
فَما مِن أَبٍ إِلّا أَبو الفَضلِ فاضِلُه



مروان بن أبي حفصه

الحمدان
04-11-2024, 04:00 AM
طرقتكَ زائرةً فحيَّ خيالهَا
‏بيضاءُ تُخلِطُ بالحياءِ دلالَها

‏قادَت فُؤادكَ فاِستقادَ و مثلُها
‏قادَ القُلوبَ إلى الصِّبا فأمالَها

‏ مروان بن أبي حفصة
العصر الاسلامي

الحمدان
04-11-2024, 04:08 AM
أستخبرُ البدرَ عنكم كلّما طَلَعَا
وأسألُ البرقَ عنكم كلّما لَمَعَا

أبيتُ والشوقُ يطويني وينشُرُني
براحتَيْهِ، ولم أشْكُ له وَجَعَا

أحبابَ قلبي وإن طال المدى فلكُم
قد قطع الشوقُ قلبي بعدكم قِطَعَا

فلو مَنَنْتُم على طَرْفي برؤيتِكم
لَكان أحسَنَ شئٍ منكمُ وَقَعَا


البحتري

الحمدان
04-11-2024, 04:09 AM
تلك العيونُ قصائدٌ لو تُرجمت
‏لم يبـْقَ عند القائلينَ كـلامُ

‏فاقرأ على صُمِّ القلوبِ قصيدةً
‏واكتُب فَإنَّ مِدادهَا أنغامُ

الحمدان
04-11-2024, 04:11 AM
‏لا تسأل الركب بعد الفجر هل آبُوا
‏الرَّكبُ عاد وما في الركبِ أصحاب

‏تفرَّقوا في دروب الأرض وانتثرُوا
‏كأنَّه لم يَكنْ عهدٌ وأحبابُ

‏يا طارق الباب رفقًا حين تلمسه
‏لو كان في الدار خِلٌّ صفق الباب

‏بعض الدروب إلى الأوطان راجعةٌ
‏وبعضها في فضاء الله ينسابُ



‏ غازي القصيبي

الحمدان
04-11-2024, 09:39 PM
يا خَليلَيَّ قَرِّبا لي رِكابي
وَاِستُرا ذاكُما غَداً عَن صِحابي

وَاِقرَآ مِنّي السَلامَ عَلى الرَس
مِ الَّذي مِن مِنىً بِجَنبِ الحِصابِ

وَاِعلَما أَنَّني أُصِبتُ بِداءٍ
داخِلٍ في الضُلوعِ دونَ الحِجابِ

ثُمَّ صَدَّت بِوَجهِها عَمدَ عَينٍ
زَينَبٌ لِلقَضاءِ أُمُّ الحُبابِ

فَرَأى ذاكَ صاحِبايَ فَقالا
مَنطِقاً خابَ لَم يَكُن مِن جَوابي

إِنَّ مِنّي الفُؤادَ ذا اللُبِّ فيما
قَد يُرى ظاهِراً لَعينِ مُصابِ

فَرَدَدتُ الَّذي مِنَ الجَهلِ قالا
بِمَقالٍ قَد قُلتُهُ بِصَوابِ

إِن تَكونا كَتَمتُما اليَومَ دائي
فَذَراني فَقَد كَفاني ما بي

غَيرَ أَنّي وَدَدتُ أَنَّ عَذاباً
صُبَّ يَوماً عَلَيكُما مِن عَذابي

فَتَذوقانِ بَعضَ ما ذُقتُ مِنها
أَو تَدابانِ حِقبَةً مِثلَ دابي

لا تَنالانِ ذَلِكَ الوَصلَ مِنها
أَو تَنالا السَماءَ بِالأَسبابِ


عمر بن أبي ربيعة

الحمدان
04-11-2024, 09:39 PM
بِنَفسِيَ مَن أَشتَكي حُبَّهُ
وَمَن إِن شَكا الحُبَّ لَم يَكذِبِ

وَمَن إِن تَسَخَّطَ أَعتَبتُهُ
وَإِن يَرَني ساخِطاً يُعتِبِ

وَمَن لا أُبالي رِضا غَيرِهِ
إِذا هُوَ سُرَّ وَلَم يَغضَبِ

وَمَن لا يُطيعُ بِنا أَهلَهُ
وَمَن قَد عَصَيتُ لَهُ أَقرَبي

وَمَن لَو نَهانِيَ مِن حُبِّهِ
عَنِ الماءِ عَطشانَ لَم أَشرَبِ

وَمَن لا سِلاحَ لَهُ يُتَّقى
وَإِن هُوَ نوزِلَ لَم يُغلَبِ



عمر بن أبي ربيعة

الحمدان
04-11-2024, 09:40 PM
قَد نَبا بِالقَلبِ مِنها
إِذ تَواعَدنا الكَثيبا

قَولُها أَحسَنُ شَيءٍ
بِكِ قَد لَفَّ حَبيبا

قَولُها لي وَهيَ تُذري
دَمعَ عَينَيها غُروبا

إِنَّنا كُنّا لِهَذا
أَنصَحَ الناسِ جُيوبا

وَحَبَوناهُ بِوُدٍّ
لَم يَكُن مِنّا مَشوبا

فَجَزانا إِذ حَمَدنا
وُدَّهُ لي أَن يَغيبا

وَكَسانا اليَومَ عاراً
حينَ بِتنا وَعُيوبا

نَأيُها سُقمٌ وَأَشتا
قُ إِذا تَمشى قَريبا

لَيتَ هَذا اللَيلُ شَهرٌ
لا نَرى فيهِ غَريبا

مُقمِرٌ غَيَّبَ عَنّا
مَن أَرَدنا أَن يَغيبا

لَيسَ إِلّايَ وَإِيّا
ها وَلا نَخشى رَقيبا

جَلَسَت مَجلِسَ صِدقٍ
جَمَعَت حُسناً وَطيبا

دَمِثَ المَقعَدِ وَالمَو
طِئِ ثَريانا خَصيبا

أَفرَغَت فيهِ الثُرَيَّ
مِن ذَرى الدَلوِ سَكوبا

مُقنِعاً أَنبَتَ زَرعاً
وَمَعَ الزَرعِ خُصوبا


عمر بن أبي ربيعة

الحمدان
04-11-2024, 09:40 PM
طَرِبَ الفُؤادُ هَل لَهُ مِن مَطرَبِ
أَم هَل لِسالِفِ وُدِّهِ مِن مَطلَبِ

وَصَبا وَمالَ بِهِ الهَوى وَاِعتادَهُ
لَهوُ الصِبا بِجُنونِ قَلبٍ مُسهَبِ

فيهِ مِنَ النُصبِ المُبينِ زَمانُهُ
وَالحُبُّ مَن يَعلَق جَواهُ يَعطَبِ

عَلِقَ الهَوى مِن قَلبِهِ بِغَريرَةٍ
رَيّا الرَوادِفِ ذاتِ خَلقٍ خَرعَبِ

تُجري السِواكَ عَلى أَغَرَّ مُفَلَّجٍ
عَذبِ اللِثاتِ لَذيذِ طَعمِ المَشرَبِ

قالَت لِجارِيَةٍ لَها قولي لَهُ
مِنّي مَقالَةَ عاتِبٍ لَم يُعتِبِ

وَلَقَد عَلِمتُ لَئِن عَدَدتُ ذُنوبَهُ
أَن سَوفَ يَزعُمُ أَنَّهُ لَم يُذنِبِ

أَلمُخبِري إِنّي أُحِبُّ مُصاقِباً
داني المَحَلِّ وَنازِحاً لَم يَصقَبِ

لَو كانَ بي كِلفاً كَما قَد قالَ لَم
يُجمِع بِعادي عامِداً وَتَجَنُّبي

فَجَعَلتُ أُثلِجُها يَميناً بَرَّةً
بِاللَهِ حَلفَةَ صادِقٍ لَم يَكذِبِ

ما زالَ حُبُّكِ بَعدُ يَنمي صاعِداً
عِندي وَأَرقُبُ فيكِ ما لَم تَرقُبي



عمر بن أبي ربيعة

الحمدان
04-11-2024, 09:40 PM
عَجَباً ما عَجِبتُ مِمّا لَو أَبصَر
تَ خَليلي ما دونَهُ لَعَجِبتا

لِمَقالِ الصَفِيَّ فيمَ التَجَنّي
وَلِما قَد جَفَوتَني وَهَجَرتا

في بُكاءٍ فَقُلتُ ما ذا الَّذي أَب
كاكِ قالَت فَتاتُها ما فَعَلتا

وَلَوَت رَأسَها ضِراراً وَقالَت
إِذ رَأَتني إِختَرتَ ذَلِكَ أَنتا

حينَ أَثَرتَ بِالمَوَدَّةِ غَيري
وَتَناسَيتَ وَصلَنا وَمَلِلتا

قُلتَ لي قَولَ مازِحٍ تَستَبيني
بِلِسانٍ مُقَوِّلٍ إِذ حَلَفتا

عاشِري فَاِخبُري فَمِن سوءِ جَدّي
وَشَقائي عُوشِرتَ ثُمَّ خُبِرتا

فَوَجَدناكَ إِذ خَبَرنا مَلولاً
طَرِفاً لَم تَكُن كَما كُنتَ قُلتا

وَتَجَلَّدتَ لي لِتَصرِمَ حَبلي
بَعدَما كُنتَ رِثَّةً قَد وَصَلتا

فَاِذكُرِ العَهدَ بِالمُحَصَّبِ وَالوُد
دَ الَّذي كانَ بَينَنا ثُمَّ خُنتا

وَلَعَمري ماذا بِأَوَّلِ ما عا
هَدتَني يا اِبنَ عَمِّ ثُمَّ غَدَرتا

فَحَرامٌ عَلَيكَ أَن لا تَنالَ ال
دَهرَ مِنّي غَيرَ الَّذي كُنتَ نِلتا

قُلتُ مَهلاً عَفواً جَميلاً فَقالَت
لا وَعَيشي وَلَو رَأَيتُكَ مِتّا

وَأَجازَت بِها البِغالُ تَهادى
نَحوَ خَبتٍ حَتّى إِذا جُزنَ خَبتا

سَكَنَت مُشرِفَ الذُرى ثُمَّ قالَت
لا تَزُرنا وَلا نَزورُكَ سَبتا


عمر بن أبي ربيعة

الحمدان
04-11-2024, 09:41 PM
بِاللَهِ يا ظَبيَ بَني الحارِثِ
هَل مَن وَفى بِالعَهدِ كَالناكِثِ

لا تَخدَعَنّي بِالمُنى باطِلاً
وَأَنتَ بي تَلعَبُ كَالعابِثِ

حَتى مَتى أَنتَ لَنا هَكَذا
نَفسي فِداءٌ لَكَ يا حارِثي

يا مُنتَهى هَمّي وَيا مُنيَتي
وَيا هَوى نَفسي وَيا وارِثي


عمر بن أبي ربيعة

الحمدان
04-11-2024, 09:41 PM
نَأَت بِصَدوفَ عَنكَ نَوىً عَنوجُ
وَجُنَّ بِذِكرِها القَلبُ اللَجوجُ

غَداةَ غَدَت حُمولُهُمُ وَفيهِم
ضَحا شَخصٌ إِلى قَلبي يَهيجُ

سَكَنَّ الغَورَ مَربَعَهُنَّ حَتّى
رَأَينَ الأَرضَ قَد جَعَلَت تَهيجُ

وَصِفنَ بِهِ فَقُلنَ لَنا بِنَجدٍ
مِنَ الحَرِّ الَّذي نَلقى فُروجُ

فَعالَينَ الحُمولَ عَلى نَواجٍ
عَلائِفَ لَم تُلَوِّحها المُروجُ

غَدَونَ فَقُلنَ أَعواءٌ مَقيلٌ
لَكُم فَاِنحوا لِذاكَ وَلا تَعوجوا

وَرُحنَ فَبِتنَ فَوقَ البِئرِ حَتّى
بَدا لِلناظِرِ الصُبحُ البَليجُ

كَأَنَّهُمُ عَلى البَوباةِ نَخلٌ
أُمِرَّ لَها بِذي صَعبٍ خَليجُ

فَما يَدري المُخَبِّرُ أَيَّ جِزعٍ
مِنَ الأَجزاعِ يَمَّمَتِ الحُدوجُ



عمر بن أبي ربيعة

الحمدان
04-11-2024, 09:41 PM
بانَت سُلَيمى فَالفُؤادُ قَريحُ
وَدُموعُ عَيني في الرِداءِ سُفوحُ

وَلَقَد جَرى لَكَ يَومَ حَزمِ سُوَيقَةٍ
فيما يُعِفُّ سانِحٌ وَبَريحُ

أَحوى القَوادِمِ بِالبَياضِ مُلَمَّعٌ
قَلِقُ المَواقِعِ بِالفِراقِ يَصيحُ

حَسَنٌ لَدَيَّ حَديثُ مَن أَحبَبتُهُ
وَحَديثُ مَن لا يُستَلَذُّ قَبيحُ

الحُبُّ أَبغَضُهُ إِلَيَّ أَقَلُّهُ
صَرِّح بِذاكَ وَراحَةٌ تَصريحُ


عمر بن أبي ربيعة

الحمدان
04-11-2024, 09:42 PM
بَكَرَ العاذِلاتُ فيها صِراحا
بِسَوادٍ وَما اِنتَظَرنَ صَباحا

قُلنَ عَزَّ الفُؤادَ عَن أُمِّ بَكرٍ
بِعَزاءٍ قَدِ اِفتَضَحتَ اِفتِضاحا

قُلتُ ما حُبُّها عَلَيَّ بِعارٍ
إِن مُحِبٌّ يَوماً مِنَ الدَهرِ باحا

قَد أَرى أَنَّكُنَّ قُلتُنَّ نُصحاً
وَاِجتَهَدتُنَّ لَو أُريدُ صَلاحا

لَو دَويتُنَّ مِثلَ دائي عَذَرتُن
نَ وَلَكِن رَأَيتُكُنَّ صِحاحا

أَو تَحَبَّبنَ لا تَعُدنَ فَإِنّي
قَد أَريتُ الوُشاةَ مِنّي اِطِّراحا

إِنَّها كَالمَهاةِ مُشبَعَةُ الخَل
خالِ صِفرُ الحَشا تُجيعُ الوِشاحا

في مَحَلِّ النِساءِ طَيِّبَةُ النَش
رِ يُرى عِندَها الوِسامُ قِباحا

لَم تَزَل مِن هَوى قُرَيبَةَ تَهوى
مَن يَليها حَتّى هَوَيتَ الرِياحا

قَرَّبَتهُ المُقَرِّباتُ لِحينٍ
فَأَتى حَتفَهُ يَسيرُ كِفاحاً


عمر بن أبي ربيعة

الحمدان
04-11-2024, 09:42 PM
الريحُ تَسحَبُ أَذيالاً وَتَنشُرُها
يا لَيتَني كُنتُ مِمَّن تَحسَبُ الريحُ

كَيما تَجُرَّ بِنا ذَيلاً فَتَطرَحنا
عَلى الَّتي دونَها مُغبَرَّةٌ سوحُ

أَنّى بِقُربِكُمُ أَم كَيفَ لي بِكُمُ
هَيهاتَ ذَلِكَ ما أَمسَت لَنا روحُ

فَلَيتَ ضِعفَ الَّذي أَلقى يَكونُ بِها
بَل لَيتَ ضِعفَ الَّذي أَلقى تَباريحُ

إِحدى بُنَيّاتِ عَمّى دونَ مَنزِلِها
أَرضٌ بِقيعانِها القَيصومُ وَالشيحُ


عمر بن أبي ربيعة

الحمدان
04-11-2024, 09:42 PM
تَشُطُّ غَداً دارُ جيرانِنا
وَلَلَدّارُ بَعدَ غَدٍ أَبعَدُ

إِذا سَلَكَت غَمرَ ذي كِندَةِ
مَعَ الرَكبِ قَصدٌ لَها الفَرقَدُ

وَحَثَّ الحُداةُ بِها عَيرَها
سِراعاً إِذا ما وَنَت تُطرَدُ

هُنالِكَ إِمّا تُعَزّي الفُؤادَ
وَإِمّا عَلى إِثرِهِم يَكمَدُ

فَلَستُ بِبِدعٍ لَئِن دارُها
نَأَت فَالعَزاءُ إِذاً أَجلَدُ

صَرَمتُ وَواصَلتُ حَتّى عَلِم
تُ أَينَ المَصادِرُ وَالمَورِدُ

وَجَرَّبتُ مِن ذاكَ حَتّى عَرَف
تُ ما أَتَوَقّى وَما أَحمَدُ

دَعانِيَ مِن بَعدِ شَيبِ القَذا
لِ رِئمٌ لَهُ عُنُقٌ أَغيَدُ

وَعَينٌ تُصابي وَتَدعو الفَتى
لِما تَركُهُ لِلفَتى أَرشَدُ

فَتِلكَ الَّتي شَيَّعَتها الفَتاةُ
إِلى الخِدرِ قَلبي بِها مُقصَدُ

تَقولُ وَقَد جَدَّ مِن بَينِها
غَداةَ غَدٍ عاجِلٌ موفَدُ

أَلَستَ مُشَيِّعَنا لَيلَةً
تُقَضّي اللُبانَةَ أَو تَعهَدُ

فَقُلتُ بَلى قَلَّ عِندي لَكُم
كَلالُ المَطِيِّ إِذا تُجهَدُ

فَعودي إِلَيها فَقولي لَها
مَساءُ غَدٍ لَكُمُ مَوعِدُ

وَآيَةُ ذَلِكَ أَن تَسمَعي
إِذا جِئتُكُم ناشِداً يَنشُدُ

فَرُحنا سِراعاً وَراحَ الهَوى
إِلَيها دَليلاً بِنا يَقصِدُ

فَلَمّا دَنونا لِجَرسِ النِباحِ
إِذا الضَوءُ وَالحَيُّ لَم يَرقُدوا

نَأَينا عَنِ الحَيِّ حَتّى إِذا
تَوَدَّعَ مِن نارِها المَوقِدُ

وَناموا بَعَثنا لَنا ناشِداً
وَفي الحَيِّ بِغيَةُ مَن يَنشُدُ

فَقامَت فَقُلتُ بَدَت صورَةٌ
مِنَ الشَمسِ شَيَّعَها الأَسعَدُ

فَجاءَت تَهادى عَلى رِقبَةٍ
مِنَ الخَوفِ أَحشاؤُها تُرعَدُ

وَكَفَّت سَوابِقَ مِن عَبرَةٍ
عَلى الخَدِّ جالَ بِها الإِثمِدُ

تَقولُ وَتُظهِرُ وَجداً بِنا
وَوَجدي وَإِن أَظهَرَت أَوجَدُ

لَمِمّا شَقائي تَعَلَّقتُكُم
وَقَد كانَ لي عِندَكُم مَقعَدُ

عِراقِيَّةٌ وَتَهامى الهَوى
يَغورُ بِمَكَّةَ أَو يُنجِدُ



عمر بن أبي ربيعة

الحمدان
04-11-2024, 09:43 PM
هَل أَنتَ إِن بَكَرَ الأَحِبَّةُ غادي
أَم قَبلَ ذَلِكَ مُدلَجٌ بِسَوادِ

كَيفَ الثَواءُ بِبَطنِ مَكَّةَ بَعدَما
هَمَّ الَّذينَ تُحِبُّ بِالإِنجادِ

هَمّوا بِبُعدٍ مِنكَ غَيرِ تَقَرُّبٍ
شَتّانَ بَينَ القُربِ وَالإِبعادِ

لا كَيفَ قَلبُكَ إِن ثَوَيتَ مُخامِراً
سَقَماً خِلافَهُمُ وَحُزنُكَ بادي

قَد كُنتَ قَبلُ وَهُم لِأَهلِكَ جيرَةٌ
صَبّاً تُطيفُ بِهِم كَأَنَّكَ صادي

هَيمانُ يَمنَعُهُ السُقاةُ حياضَهُم
حَيرانُ يَرقُبُ غَفلَةَ الوُرّادِ

فَالآنَ إِذ جُدَّ الرَحيلُ وَقُرِّبَت
بُزلُ الجِمالِ لِطِيَّةٍ وَبِعادِ

وَلَقَد أَرى أَن لَيسَ ذَلِكَ نافِعي
ما عِشتُ عِندَكِ في هَوىً وَوِدادِ

وَلَقَد مَنَحتُ الوُدَّ مِنّي لَم يَكُن
مِنكُم إِلَيَّ بِما فَعَلتُ أَيادي

إِنّي لَأَترُكُ مَن يَجودُ بِنَفسِهِ
وَمُوَكَّلٌ بِوِصالِ كُلِّ جَمادِ

يا لَيلَ إِنّي واصِلي أَو فَاِصرِمي
عَلِقَت بِحُبِّكُمُ بَناتُ فُؤادي

كَم قَد عَصيتُ إِلَيكِ مِن مُتَنَصِّحٍ
خانَ القَرابَةَ أَو أَعانَ أَعادي

وَتَنوفَةٍ أَرمي بِنَفسي عَرضَها
شَوقاً إِلَيكِ بِلا هِدايَةِ هادي

ما إِن بِها لي غَيرَ سَيفي صاحِبٌ
وَذِراعُ حَرفٍ كَالهِلالِ وِسادي

بِمُعَرَّسٍ فيهِ إِذا ما مَسَّهُ
جِلدي خُشونَةُ مَضجَعٍ وَبِعادِ

قَمنٍ مِنَ الحَدَثانِ تُمسي أُسدُهُ
هُدءَ الظَلامِ كَثيرَةَ الإيعادِ

بِالوَجدِ أَغدَرُ ما يَكونُ وَبِالبُكا
وَبِرِحلَةٍ مِن طِيَّةٍ وَبِلادِ



عمر بن أبي ربيعة

الحمدان
04-11-2024, 09:43 PM
طالَ لَيلي فَما أُحِسُّ رُقادي
وَاِعتَرَتني الهُمومُ بِالتَسهادِ

وَتَذَكَّرتُ قَولَ نُعمٍ وَكانَ ال
ذِكرُ مِنها مِمّا يَهيجُ فُؤادي

يَومَ قالَت لِتِربِها سائِليهِ
أَيُريدُ الرَواحُ أَم هُوَ غادي

وَاِحذَري أَن تَراكِ عَينٌ وَإِن لا
قَيتِ بَعضَ المُكَثِّرينَ الأَعادي

فَاِجعَلي عِلَّةً كِتاباً لَكِ اِستُح
مِلَ في ظاهِرٍ مِنَ السِرِّ بادي

ثُمَّ قولي كَفَرتَ يا أَكذَبَ النا
سِ جَميعاً مِن حاضِرينَ وَبادي



عمر بن أبي ربيعة

الحمدان
04-11-2024, 09:43 PM
لَقَد أَرسَلَت في السِرِّ لَيلى تَلومُني
وَتَزعُمُني ذا مَلَّةٍ طَرِفاً جَلدا

تَقولُ لَقَد أَخلَفتَنا ما وَعَدتَنا
وَبِاللَهِ ما أَخلَفتُها طائِعاً وَعدا

فَقُلتُ مَروعاً لِلرَسولِ الَّذي أَتى
تَراهُ لَكَ الوَيلاتُ مِن أَمرِها جِدّا

إِذا جِئتَها فَاِقرَ السَلامَ وَقُل لَها
ذَرى الجَورَ لَيلى وَاِسلُكي مَنهَجاً قَصدا

تَعُدّينَ ذَنباً أَنتِ لَيلى جَنَيتِهِ
عَلَيَّ وَلا أُحصي ذُنوبَكُمُ عَدا

أَفي غَيبَتي عَنكُم لَيالٍ مَرَضتُها
تَزيديني لَيلى عَلى مَرَضي جَهدا

تَجاهَلُ ما قَد كانَ لَيلى كَأَنَّما
أُقاسي بِها مِن حَرَّةٍ حَجَراً صَلدا

فَلا تَحسَبي أَنّي تَمَكَّثتُ عَنكُمُ
وَنَفسي تَرى مِن مَكثِها عَنكُمُ بُدّا

وَلا أَنَّ قَلبي الدَهرَ يَسلى حَياتَهُ
وَلا رائِمٌ يَوماً سِوى وُدِّكُم وُدّا

أَلا فَاِعلَمي أَنّي أَشَدُّ صَبابَةً
وَأَحسَنُ عِندَ البَينِ مِن غَيرِنا عَهدا

غَداً يُكثِرُ الباكونَ مِنّا وَمِنكُمُ
وَتَزدادُ داري مِن دِيارِكُمُ بُعدا

فَإِن تَصرِميني لا أَرى الدَهرَ قُرَّةً
لِعَيني وَلا أَلقى سُروراً وَلا سَعدا

وَإِن شِئتِ حَرَّمتُ النِساءُ سِواكُمُ
وَإِن شِئتِ لَم أَطعَم نُقاخاً وَلا بَردا

وَإِن شِئتِ غُرنا نَحوَكُم ثُمَّ لَم نَزَل
بِمَكَّةَ حَتّى تَجلِسوا قابِلاً نَجدا


عمر بن أبي ربيعة

الحمدان
04-11-2024, 09:44 PM
تِلكَ هِندٌ تَصُدُّ لِلهَجرِ صَدّا
أَدَلالٌ أَم هَجرُ هِندٍ أَجَدّا

أَو لِتَنكا بِهِ كُلومَ فُؤادي
أَم أَرادَت قَتلي ضِراراً وَعَمدا

أَيُّها الناصِحُ الأَمينُ رَسولي
قُل لِهِندٍ مِنّي إِذا جِئتَ هِندا

يَعلَمُ اللَهُ أَن قَد أوتيتِ مِنّي
غَيرَ مَنٍّ لِذاكَ نُصحاً وَوِدّا

قَد بَراهُ وَشَفَّهُ الحُبُّ حَتّى
صارَ مِمّا بِهِ عِظاماً وَجِلدا

ما تَقَرَّبتُ بِالصَفاءِ لِأَدنو
مِنكِ إِلّا نَأَيتِ وَاِزدَدتِ بُعدا

قَد يُثَنّي عَنكِ الحَفيظَةُ حَتّى
لَم أَجِد مِن سُؤالِكِ اليَومَ بُدّا

فَاِرحَمي مُغرَماً بِحُبِّكِ لاقى
مِن جَوى الحُبِّ وَالحَفيظَةِ جَهدا


عمر بن أبي ربيعة

الحمدان
04-11-2024, 09:44 PM
قَضى مِنشِرُ المَوتى عَلَيَّ قَضِيَّةً
بِحُبِّكِ لَم أَملِك وَلَم آتِها عَمدا

فَلَيسَ لِقُربٍ بَعدَ قُربِكِ لَذَّةٌ
وَلَستُ أَرى نَأياً سِوى نَأيَكُم بُعدا

أُحِبُّ الأُلى يَأتونَ مِن نَحوِ أَرضِها
إِلَيَّ مِنَ الرُكبانِ أَقرَبُهُم عَهدا

فَما نَلتَقي مِن بَعدِ يَأسٍ وَهِجرَةٍ
وَصَدعِ النَوى إِلّا وَجَدتُ لَها بَردا

عَلى كَبِدٍ قَد كادَ يُبدي بِها النَوى
صُدوعاً وَبَعضُ الناسِ يَحسَبُني جَلدا


عمر بن أبي ربيعة

الحمدان
04-11-2024, 09:44 PM
أَبلِغ سُلَيمى بِأَنَّ البَينَ قَد أَفِدا
وَاِنبِئ سُلَيمى بِأَنّا رائِحونَ غَدا

وَقُل لَها كَيفَ أَن يَلقاكِ خالِيَةً
فَلَيسَ مَن بانَ لَم يَعهَد كَما عَهِدا

نَعهَد إِلَيكِ فَأَوفينا بِعَهدِنا
يا أَصدَقَ الناسِ مَوعوداً إِذا وَعَدا

وَأَحسَنَ الناسِ في عَيني وَأَجمَلَهُم
مِن ساكِنِ الغَورِ أَو مَن يَسكُنُ النَجدا

لَقَد حَلَفتُ يَميناً غَيرَ كاذِبَةٍ
صَبراً أُضاعِفُها يا سُكنَ مُجتَهِدا

بِاللَهِ ما نِمتُ مِن نَومٍ تَقَرُّ بِهِ
عَيني وَلا زالَ قَلبي بَعدَكُم كَمِدا

كَم بِالحَرامِ وَلَو كُنّا نُحالِفُهُ
مِن كاشِحٍ وَدَّ أَنّا لا نُرى أَبَدا

حُمِّلَ مِن بُغضِنا غِلّاً يُعالِجُهُ
فَقَد تَمَلّا عَلَينا قَلبُهُ حَسَدا

وَذاتِ وَجدٍ عَلَينا ما تَبوحُ بِهِ
تُحصي اللَيالي إِذا غِبنا لَنا عَدَدا

تَبكي عَلَينا إِذا ما أَهلُها غَفَلوا
وَتَكحَلُ العَينَ مِن وَجدٍ بِنا سَهَدا

حَريصَةٍ إِن تَكُفَّ الدَمعَ جاهِدَةً
فَما رَقا دَمعُ عَينَيها وَما جَمَدا

بَيضاءَ آنِسَةٍ لِلخِدرِ آلِفَةٍ
وَلَم تَكُن تَألَفُ الخَوخاتِ وَالسَدَدا

قامَت تَراءى عَلى خَوفٍ تُشَيِّعُني
مَشى الحَسيرِ المُزَجّى جُشِّمَ الصَعَدا

لَم تَبلُغِ البابَ حَتّى قالَ نِسوَتُها
مِن شِدَّةِ البُهرِ هَذا الجَهدُ فَاِتَّئدا

أَقعَدنَها وَبِنا ما قالَ ذو حَسَبٍ
صَبٌّ بِسَلمى إِذا ما أُقعِدَت قَعَدا

فَكانَ آخِرَ ما قالَت وَقَد قَعَدَت
أَن سَوفَ تُبدي لَهُنَّ الصَبرَ وَالجَلَدا

يا لَيلَةَ السَبتِ قَد زَوَّدتِني سَقَماً
حَتّى المَماتِ وَهَمّاً صَدَّعَ الكَبِدا


عمر بن أبي ربيعة

الحمدان
04-11-2024, 09:45 PM
أَمسى بِأَسماءَ هَذا القَلبُ مَعمودا
إِذا أَقولُ صَحا يَعتادُهُ عيدا
دا

أَجري عَلى مَوعِدٍ مِنها فَتُخلِفُني
فَما أَمَلُّ وَما تَوفى المَواعيدا

كَأَنَّ أَحوَرَ مِن غِزلانِ ذي بَقَرٍ
أَهدى لَها شَبَهَ العَينَينِ وَالجيدا

قامَت تَراءى وَقَد جَدَّ الرَحيلُ بِنا
لِتَنكَأَ القَرحَ مِن قَلبٍ قَدِ اِصطيدا

بِمُشرِقٍ مِثلِ قَرنِ الشَمسِ بازِغَةً
وَمُسبَكِرٍّ عَلى لَبّاتِها سُوَدا

قَد طالَ مَطلي لَوَ أَنَّ اليَأسَ يَنفَعُني
أَو أَن أُصادِفَ مِن تِلقائِها جودا

فَلَيسَ تَبذُلُ لي عَفواً وَأُكرِمُها
مِن أَن تَرى عِندَنا في الحِرصِ تَشديدا


عمر بن أبي ربيعة
العصر الاموي

الحمدان
04-11-2024, 09:45 PM
لَيتَ هِنداً أَنجَزَتنا ما تَعِد
وَشَفَت أَنفُسَنا مِمّا تَجِد

وَاِستَبَدَّت مَرَّةً واحِدَةً
إِنَّما العاجِزُ مَن لا يَستَبِد

زَعَموها سَأَلَت جاراتِها
وَتَعَرَّت ذاتَ يَومٍ تَبتَرِد

أَكَما يَنعَتُني تُبصِرنَني
عَمرَكُنَّ اللَهَ أَم لا يَقتَصِد

فَتَضاحَكنَ وَقَد قُلنَ لَها
حَسَنٌ في كُلِّ عَينٍ مَن تَوَد

حَسَدٌ حُمِّلنَهُ مِن أَجلِها
وَقَديماً كانَ في الناسِ الحَسَد

غادَةٌ تَفتَرُّ عَن أَشنَبِها
حينَ تَجلوهُ أَقاحٍ أَو بَرَد

وَلَها عَينانِ في طَرفَيهِما
حَوَرٌ مِنها وَفي الجيدِ غَيَد

طَفلَةٌ بارِدَةُ القَيظِ إِذا
مَعمَعانُ الصَيفِ أَضحى يَتَّقِد

سُخنَةُ المَشتى لِحافٌ لِلفَتى
تَحتَ لَيلٍ حينَ يَغشاهُ الصَرَد

وَلَقَد أَذكُرُ إِذ قُلتَ لَها
وَدُموعي فَوقَ خَدّي تَطَّرِد

قُلتُ مَن أَنتِ فَقالَت أَنا مَن
شَفَّهُ الوَجدُ وَأَبلاهُ الكَمَد

نَحنُ أَهلُ الخَيفِ مِن أَهلِ مِنىً
ما لِمَقتولٍ قَتَلناهُ قَوَد

قُلتُ أَهلاً أَنتُمُ بُغيَتُنا
فَتَسَمَّينَ فَقالَت أَنا هِند

إِنَّما خُبِّلَ قَلبي فَاِجتَوى
صَعدَةً في سابِرِيٍّ تَطَّرِد

إِنَّما أَهلُكِ جيرانٌ لَنا
إِنَّما نَحنُ وَهُم شَيءٌ أَحَد

حَدَّثوني أَنَّها لي نَفَثَت
عُقَداً يا حَبَّذا تِلكَ العُقَد

كُلَّما قُلتُ مَتى ميعادُنا
ضَحِكَت هِندٌ وَقالَت بَعدَ غَد


عمر بن أبي ربيعة

الحمدان
04-12-2024, 01:19 AM
ثُلُثٌ أخيرٌ خلوةٌ ودُعاءُ
ما شئتَ جلَّ عُلاكَ لا ما شاؤوا

يبدو الحريقُ على مسافةِ خيبةٍ
من مطمحي فإذا مَننتَ الماءُ



حذيفة العرجي

الحمدان
04-12-2024, 01:20 AM
إذا ما شربت الشايَ صِرفًا تفتّقَتْ
‏رتوقُ الهمومِ وانجلتْ غمرةُ الجَوى

‏وسبّحت للرحمن في كلّ رشفةٍ
‏تُعيدُ سُلامىظ° المرءِ ممرورةَ القُوى

‏فأشهدُ أن الله مُبدعُ حُسنِهِ
‏ومُبدعُ ما في الكون طُرًا وما حوى

‏وأن له عرشًا عظيمًا وأنه
‏عليه على رغم الأشاعرةِ استوى

الحمدان
04-12-2024, 01:21 AM
أقامنا الوَجْدُ بينَ الرّوحِ والأمْرِ
هذا سلامُكِ حتّى مطلعِ الفجرِ

وإذْ تأذّنَ قلبي أنْ يفارقَهــا
تأذّنَ اللهُ أن لا ينقضي أجري

فكم وشَتْ عن شهودِ القلبِ نافلةٌ
ونَمَّ دمعي على عيني ولم أدْرِ

يا ليلةً كلّما اسودّتْ لواحظُهـا
رأيتُ نوراً على أهدابها يسري

الحمدان
04-12-2024, 01:43 AM
يا من إذا عُدَّتْ فضائلُ غيرِه
رَجَحَتْ فضائلُه وكان الأفضلا

إني لأعذِرُ حاسديك على الذي
أولاك ربك ذو الجلال وفضلا

إن يحسِدوك على علاك فإنما
متسافلُ الدرجاتِ يحسِدُ مَن علا

الحمدان
04-12-2024, 02:13 AM
الْحَمْدُ للهِ مَوْصُولاً كَمَا وَجَبَا
فَهْوَ الَّذِي بِرِدَاءِ الْعِزَّةِ احْتَجَبَا

الْبَاطِنُ الظَّاهِرُ الْحَقُّ الَّذِي عَجَزَتْ
عَنْهُ الْمَدَارِكُ لَمَّا أَمْعَنَتْ طَلَبَا

عَلاَ عَنِ الْوَصْفِ مَنْ لاَ شَيءَ يُدْرِكُهُ
وَجَلَّ عَنْ سَبَبٍ مَنْ أَوْجَدَ السَّبَبَا

والشُّكْرُ للهِ فِي بَدْءٍ وَمُخْتَتَمٍ
وَاللهُ أَكْرَمُ مَنْ أَعْطَى وَمَنْ وَهَبَا

ثُمَّ الصَّلاَةُ عَلَى النُّورِ الْمُبينِ وَمَنْ
آيَاتُهُ لَمْ تَدَعْ إِفْكاً وَلاَ كَذِبَا

مُحَمَّدٌ خَيْرُ مَنْ تُرْجَى شَفَاعَتُهُ
غَداً وَكُلُّ امْرِيءٍ يُجْزَى بِمَا كَسَبَا

ذُو الْمُعْجِزَاتِ التِي لاَحَتْ شَوَاهِدُهَا
فَشَاهَدَ الْقَوْمُ مِنْ آيَاتِهِ عَجَبَا

وَلاَ كَمِثْلِ كِتَابِ اللهِ مُعْجِزَةً
تَبْقَى عَلَى الدَّهْرِ إِنْ وَلَّى وَإنْ ذَهَبَا

صَلَّ عَلَيْهِ الَّذي أَهْدَاهُ نُورَ هُدَىً
مَا هَبَّتِ الِّريحُ مِنْ بَعْدِ الْجَنُوبِ صَباً

ثُمَّ الِّرضَى عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعَنْ عُمَرٍ
بَدْرَانِ مِنْ بَعْدِهِ لِلْمِلَّةِ انْتُخِبَا

وَبَعْدُ عُثْمَانُ ذُو النُّورَيْنِ ثَالِثُهُمْ
مَنْ أَحْرَزَ الْمَجْدَ مَوْرُوثاً وَمُكْتَسَبَا

وَعَنْ عَلِيٍّ أَبِي السِّبْطَيْنِ رَابِعِهمْ
سَيْفِ النَّبِيِّ الَّذِي مَا هَزَّهُ فَنَبَا

وَسَائِرِ الأَهْلِ وَالصَّحْبِ الْكرَام فَهُمْ
قَدْ أَشْبَهُوا فِي سَمَاءِ الْمِلَّةِ الشُّهُبَا

وَبَعْدُ أَنْصَارُهُ الأَرْضَوْنَ إِنَّ لَهْمْ
فَضَائِلاً أَعْجَزَتْ مَنْ عَدَّ أَوْ حَسَبَا

آوَوْهُ فِي الَّروْعِ لَمَّا حَلَّ دَارَهُمُ
وَجَالَدُوا مَنْ عَتَا فِي دِيِنِهِ وَأَبَى

وَأَوْرَثُوا مِنْ بَنِي نَصْرٍ لِنُصْرَتِهِ
خَلاَئِفاً وَصَلُوا مِنْ بَعْدِهِ السَّبَبَا

وَلاَ كَيْوسُفَ مَوْلاَنَا الَّذِي كَرُمَتْ
آثَارُهُ وَبَنِيهِ السَّادَةِ النُّجَبَا

وَبَعْد هَذَا الَّذِي قَدَّمْتُ مِنْ كَلَمٍ
صِدْقٍ يُقَدِّمُهُ مَنْ خَطَّ أَوْ خَطَبَا

فَإِنَّنِي جُزْتُ مِنْ سَامِي الْخِلاَلِ مَدىً
أَجَلْتُ فِيهِ جِيَادَ الْفِكْرِ مُنْتَسِبَا

إِمَارَةٌ قَدْ غَدَا نَصْرٌ بِقُبَّتِهَا
عِمَادَ عِزٍّ وَكُنَّا حَوْلَهُ طُنُبَا

سَلَكْتُ فِيهَا عَلَى نَهْجِ الإِمَامِ أَبِي
وَطَالَمَا أَشْبَهَ النَّجْلُ الْكَرِيِمُ أَبَا

فَكَانَ أَوَّلُ مَا قَدَّمْتُ فِي صِغَرِي
مِنْ بَعْدِ مَا قَدْ جَمَعْتُ الْفَضْلَ وَالأَدَبَا

أَنِّي جَعَلْتُ كِتَابَ اللهِ معتمداً
لا تعرف النفس في تحصيله تعبا

كأنَّني كُلَّما رَدَّدتُه بِفَمِي
أَسْتَنْشِقُ الْمِسْكَ أَو اسْتَطْعِمُ الضَّرَبَا

حَتَّى ظَفِرْتُ بِحَظٍّ مِنْهُ أَحْكِمُهُ
حِفظاً فَيَسَّرَ مِنْهُ اللهُ لِي أَرَبَا

وَعَنْ قَرِيبٍ بِحَوْلِ اللهِ أَخْتِمُهُ
فَرُبَّمَا أَدْرَكَ الْغَايَاتِ مَنْ طَلَبَا

فَاللهُ يَجْزِي أَمَيِرَ الْمُسْلِمِينَ أبِي
خَيْرَ الْجَزَاءِ فَكَمْ حَقٍّ لَهُ وَجَبَا

وَأَنْعُمٍ غَمَرِتْنِي مِنْهُ وَاكِفَةٍ
وَأَنْشَأَتْ فِي سَمَاءِ اللُّطْفِ لِي سُحُبَا

قَيْساً دَعَانِي وَسَمَّانِي عَلَى اسْمِ أَبِي
قَيْس بْنِ سَعْدٍ أَلا فَاعْظِمْ بِهِ نَسَبَا

بِأَيِّ شُكْرٍ نُوَفِّي كُنْهَ نِعْمَتِهِ
لَوْ أَنَّ سحبانَ أَوْ قُسّاً لَهَا انْتُدِبَا

وَكَافَأَ اللهُ أَشْيَاخِي بِرَحْمَتِهِ
وَمَنْ أَعَانَ وَمَنْ أَمْلَى وَمَنْ كَتَبَا

وَالْحَمْدُ للهِ خَتْماً بَعْدَ مُفْتَتَحِ
مَا الْبَارِقُ الْتَاحَ أَوْ مَا الْعَارِضُ انْسَكَبَا


لسان الدين بن الخطيب

الحمدان
04-12-2024, 02:13 AM
لَكَ الْحَقُّ الَّذِي يَجِبُ
وَفَضْلُكَ لَيْسَ يَحْتَجِبُ

وَدُونَ عُلاَكَ مَا تُنْمَى
إِلَيْهِ السَّبْعةُ الشُّهُبُ

وَفَوْقَ ابْنِ الْبَتُولِ ابْنٌ
وَفَوْقَ ابْنِ الْبَتُولِ أَبُ

أَتَتْنِي مِنْكَ زَائِرَةٌ
يَقُودُ هَدِيَّهَا الأَدَبُ

زَرَتْ بِابْنِ الْحُسَينِ فَمَا
لَهُ فِي الْحُسْنِ مُنْتَسَبُ

وَنَادَتْ بالرَّضَيِّ لَقَدْ
حَكَيْتَ وَفَاتَكَ الشَّنَبُ

تَعَالَى اللهُ مَنْ يَهَبُ ال
كَمَالَ وَنِعْمَ مَا يَهَبُ

تُغَازِلُنِي مَعَانِيهَا
فَتُسْفِرُ ثُمَّ تَنْتَقِبُ

وَلَكِنْ نَغَّصَ الْمَسْرَى
وَدَهْرِي كُلَّهُ عَجَبُ

وَأَوْحَتْ عَنْكَ لِي وَصَبَا
تَخَطَّى مَجْدَكَ الْوَصَبُ

فَصِرْتُ كَصَاحِبِ الضلِّي
لِ دُونَ الدَّرْبِ أَنْتَحِبُ

فَإِنَّكَ ذُخْرِيَ الأَعْلَى
وَمَعْقِلُ عِزِّيَ الأَشِبُ

وَأَنْتَ جَميعُ أَسْبَابي
إِذَا مَا أَعْوزَ السَّبَبُ

وَجَدْتُكَ عُدَّتِي وَغِنَى
يَدِي إِذْ أَذْهِبَ الذَّهَبُ

فَلَوْلاَ أَنَّكَ اسْتَبْقَيْ
تَنِي وَالْعَقْلُ مُسْتَلَبُ

وبالدر النثير شعب
ت صدعاً ليس ينشعب

فدتكِ كَوَاكِبُ الْخَضْرَاءِ
لاَ عَجَمٌ وَلاَ عَرَبُ

وَدُمْتَ الدَّهرَ فِي سُحُبٍ
مِنَ الآلاءِ تَنْسَحِبُ



لسان الدين بن الخطيب

الحمدان
04-12-2024, 02:13 AM
أَبْدَى لِدَاعِي الْفَوْزِ وَجْهَ مُنِيبِ
وَأَفَاقَ مِنْ عَذْلٍ وَمِنْ تَأَنِيبِ

كَلِفُ الْجَنَانِ إِذَا جَرَى ذِكْرُ الْحِمَى
وَالْبَانِ حَنَّ لَهُ حَنِينَ النِّيبِ

وَالنَّفْسُ لاَ تَنْفَكُّ تَكْلَفُ بِالْهَوَى
وَالشَّيْبُ يَلْحَظُهَا بِعَيْنِ رَقِيبِ

رَحَلَ الصِّبَا فَطَرَحْتُ فِي أَعْقَابِهِ
مَا كَانَ مِنْ غَزلٍ وَمِنْ تَشْبِيبِ

أَتَرَى التَّغَزُّلَ بَعْدَ أَنْ رَحَلَ الصِّبَا
شَأنِي الْغَدَاةَ إِذِ الْمَشِيبُ نَسِيبِي

أَنَّي لِمْثِلِيَ بِالْهَوَى مِنْ بَعْدِ مَا
لِلْوَخْطِ فِي الْفَوْدَيْنِ أَيُّ دَبِيبِ

لَبِسَ الْبَيَاضَ وَحَلَّ ذِرْوَةَ مِنْبَرٍ
مِنِّي وَوَالَى الْوَعْظَ فِعْلَ خَطِيبِ

قَدْ كَانَ يَسْتُرُنِي ظَلاَمُ شَبِيبَتِي
وَالْيَوْمَ يَفْضَحُنِي صَبَاحُ مَشِيبِي

وَإِذَا الْجَديِدَانِ اسْتَجَدَّا أَبْلَيَا
مِنْ لِبْسَةِ الأَعْمَارِ كُلَّ قَشِيبِ

سَلْنِي عَنِ الدَّهْرِ الْخَؤونِ وَأَهْلِهِ
تَسَل الْمُهَلَّب عَنْ حُرُوب شَبِيبِ

مُتَقَلِّبُ الْحَالاَتِ فَاخْبُرْ تَقْلِهِ
مَهْمَا أَعَدْتَ يَداً إِلَى تَقْلِيبِ

فَكِلِ الأَمْورَ إِذَا اعْتَرَتْكَ لِرَبِّهَا
مَا ضَاقَ لُطْفُ الرَّبِّ عَنْ مَرْبُوبِ

قَدْ يَخْبَأَ الْمَحْبُوبَ فِي مَكْرُوهِهَا
مَنْ يَخْبَأَ الْمَكْرُوهَ فِي الْمَحْبُوبِ

وَاصْبِر عَلَى مَضضِ اللَّيَالِي إِنَّهَا
كَحَوَامِلٍ سَتَلِدْنَ كُلَّ عَجِيبِ

وَاقْنَعْ بِحَظٍّ لَمْ تَنلْهُ بِحِيلةٍ
مَا كُلُّ رَامٍ سَهْمُهُ بِمُصِيبِ

يَقَعُ الْحَرِيصُ عَلَى الرَّدَى وَلكَمَ غَدَا
تَرْكُ التَّسَبُّبِ أَنْفَعَ التَّسْبِيبِ

مَنْ رَام نَيْلَ الشَّيْءِ قَبْلَ أَوَانِهِ
رَامَ انْتِقَالَ يَلَمْلَمٍ وَعَسِيبِ

فَإِذَا جَعَلْتَ الصَّبْرَ مَفْزَعَ مُعْضِلٍ
عَاجَلْتَ عِلَّتَهُ بِطِبِّ طَبِيبِ

وَإِذَا اسْتَعَنْتَ عَلَى الزَّمَانِ بِفَارِس
لَبَّى نِدَاءَكَ مِنْهُ خَيْرُ مُجِيبِ

بِخَلِيفةِ اللهِ الَّذِي فِي كَفِّهِ
غَيْثٌ يُرَوِّضُ سَاحَ كُلِّ جَدِيبِ

ألْمُنْتَقَى مِنْ طِينَةِ الْمَجْدِ الَّذِي
مَا كَانَ يَوْماً صِرْفُهُ بِمَشُوبِ

يَرْمِي الصِّعَابَ بِسَعْدِهِ فِيقُودُهَا
ذُلُلاً عَلاَ حَسَبِ الْهَوَى المَرْغُوبِ

ويرى الحقائق من وراء حجابها
لا فرق بين شهادة ومغيب

مِنْ آلِ عَبْدِ الْحَق حَيْثُ تَوَشَّجَتْ
شُعَبُ الْعُلاَ وَرَبَتْ بِأَيِّ كَثيِبِ

أُسُدُ الشَّرَى سُرُجُ الْوَرَى فَمَقَامُهُمْ
للهِ بَيْنَ مُحَارِبٍ وَحُرُوبِ

إِمَّا دَعَا الدَّاعِي وَثَوَّبَ صَارِخا
ثَابُوا وَأمُّوا حَوْمَةَ التَّثْوِيبِ

شُهْبٌ ثَوَاقِبُ وَالسَّمَاءُ عَجَاجَةٌ
تَأَثِيرهَا قَدْ صَحَّ بِالتَّجْرِيبِ

مَا شئْتَ فِي آفاقِها مِنْ رَامِحٍ
يَبْدُو وَكَفٍّ بِالنّجيعِ خَضِيبِ

عَجِبَتْ سُيُوفُهُمُ لِشِدَّةِ بَأْسِهمْ
فَتَبَسَّمَتْ وَالْجَوُّ فِي تقْطِيبِ

نُظَمُوا بِلَبَّاتِ الْعُلَى واسْتَوسَقُوا
كَالرُّمْحِ أَنْبُوباً عَلَى أنْبُوبِ

تَرْوي الْعَوَالِي فِي الْمَعَالِي عَنْهُمُ
أَثَرَ النَّدَى الْمَوْلُودِ وَالْمَكْسُوبِ

عَنْ كُلِّ مَوْثُوقٍ بِهِ إِسْنَادُهُ
بِالْقَطْعِ أَو بِالوَضْعِ غَيْرَ مَعِيبِ

فَأبو عِنَانٍ عَن علِيّ غضَّةً
لِلنَّقْلِ عَنِ عُثْمَان عَنْ يَعْقُوبِ

جَاءُوا كَمَا اتَّسَقَ الْحِسَابُ أَصَالَةً
وَغَدَا فَذَالِكَ ذَلِكَ الْمَكْتُوبِ

مُتَجَسِّداً مِنْ جَوْهَرِ النُّورِ الَّذِي
لَمْ تُرْمَ يَوْماً شَمْسُهُ بِغُرُوبِ

مُتألِّقا مِنْ مَطْلَعِ الْحَقِّ الَّذِي
هُوَ نُورَ أَبْصَارٍ وَسِرُّ قُلوبِ

قُلْ لِلزَّمَانِ وَقَدْ تَبَسَّم ضَاحِكاً
مِنْ بَعْدِ طُولِ تَجَهُّمِ وَقُطُوبِ

هِيَ دَعْوَةٌ الْحَقِّ التَّي أَوْضاعُهَا
جَمَعَتْ مِنْ الآثَارِ كُلَّ غَرِيبِ

هِيَ دولة الْعَدْلِ الَّذِي شَمَلَ الْوَرَى
فَالشَّاةُ لاَ تَخْشَى اعْتِدَاءَ الذِّيبِ

لَوْ أَنَّ كِسْرَى الْفُرْسِ أَدْرَكَ فَارِساً
أَلْقَى إِلَيْهِ بِتاجِهِ الْمَعْصُوبِ

لَمَّا حَلَلْتُ بِأَرضَهِ مُتَمَلِّياً
مَا شِئْتُ مِنْ بِرٍّ وَمِنْ تَرْحِيبِ

شَمَلَ الرِّضَى فَكَأَنَّ كُلِّ أَقَاحَةٍ
تُومِي بِثغْر لِلسَّلاَمِ شَنِيبِ

وَأَتيتُ في بَحْرِ الْقِرَى أَمَّ الْقُرَى
حَتَّى حَطَطْتُ بِمَرْفَإِ التَّقْرِيبِ

فَرَأيْتُ أمْرَ اللهِ في ظِلِّ التُّقى
وَالْعَدْلَ تَحْتَ سُرَادِقٍ مَضْرُوبِ

وَرَأيْتُ سَيْفَ اللهِ مَطْرُورَ الشَّبَا
يَمْضِيِ الْقَضَاءُ بِحَدِّهِ الْمَرْهُوبِ

وَشَهدْتُ نُورَ اللهِ لَيْسَ بِآفِل
وَالدِّينَ وَالدُّنْيَا عَلَى تَرْتيبِ

وَوَرَدْتُ بَحْرَ الْعِلْمِ يَقدِفُ مَوْجُهُ
لِلنَّاسِ مِنْ دُرَرٍ الْهُدَى بِضُرُوبِ

للهِ مِنْ شِيَمِ كَأَزْهَارِ الرُّبَى
غِبَّ انْثِيَالِ الْعَارِضِ الْمَسْكوبِ

وَجَمَالِ مَرْأَى فِي رِدَاءِ مَهَابَةٍ
كَالسَّيْفِ مَصْقُولِ الْفِرنْدِ مهِيبِ

يَا جَنَّةً فَارَقْتُ مِنْ غُرُفَاتِهَا
دار القرار بما أقتضته ذنوبي

أَسَفِي عَلَى مَا ضَاعَ مِنْ حَظِّي بِهَا
لاَ تَنْقَضِي تَرْحَاتُهُ ونَحِيبِي

إن أشرقت شمس شَرِقتُ بِعَبرَتي
وَتَفِيضُ فِي وَقْتِ الْغُرُوبِ غُرُوِبي

حَتَّى لَقَدْ عَلَّمْتُ سَاجِعَةَ الضُّحَى
شَجْوِي وَجَانِحَةَ الأَصِيلِ شُحُوبِي

وَشَهَادةُ الإِخْلاَصِ تُوجِبُ رَجْعَتِي
لِنَعيمِهَا مِنْ غَيْرَ مَسِّ لَغُوبِ

يَا نَاصِرَ الثَّغْرِ الْغَرِيبِ وَأهْله
أَنْضَاءُ مَسْغَبَةٍ وَفَلُّ خُطُوبِ

حَقِّقْ ظُنُونَ بَنِيهِ فِيكَ فَإِنَّهُمْ
يَتَعَلَّلُونَ بِوَعْدِكَ الْمَرْقُوبِ

وَدَجَا ظَلاَمُ الْكُفْرِ فِي آفَاقِهِمْ
أَوَ لَيْسَ صُبْحُكَ مِنْهُمُ بِقَرِيبِ

فَانْظُرْ بِعَيْنِ الْعِزِّ مِنْ ثَغْرِ غَدَا
حَذَرَ الْعِدَا يَرنُو بِطَرْفِ مُرِيبِ

نَادَتْكَ أَنْدَلُسٌ وَمَجْدُكَ ضَامِنٌ
أَنْ لاَ تَخِيبَ لَدَيْكَ فِي مَطْلُوبِ

غَصَبَ الْعَدُوُّ بلاَدَهَا وَحُسَامُكَ الْ
مَاضيِ الشَّبَا مُسْتَرْجِعُ الْمَغْصُوبِ

أرِهَا السَّوَابِحَ فِي الْمَجَازِ حَقِيقَةً
مِنْ كُلِّ قُعْدَةِ مِحْرَبٍ وَجَنِيبِ

يَتَأَوَّدُ الأَسَلُ الْمُثّقَّفُ فَوْقَهَا
وَتُجِيبُ صَاهِلَةٌ رُغَاءَ نَجِيبِ

وَالنَّصْرُ يُضْحِكُ كُلَّ مَبْسِمِ غُرَّةٍ
وَالْفَتْحُ مَعْقُودٌ بِكُلِّ سَبِيبِ

وَالُّرومَ فَارمِ بِكُلِّ نَجْمٍ ثَاقِبٍ
يُذْكِي بِأَرْبُعِهَا شُوَاظَ لَهِيبِ

بِذَوَابِلِ السَّلْبِ التَّي تَرَكَتْ بَنِي
زَيَّأنَ بَيْنَ مُجَدَّلٍ وَسَلِيبِ

وَأَضِفْ إِلَى لاَمِ الْوَغَى أَلِفَ الْقَنَا
تَظْهَرْ لَدَيْكَ عَلاَمَةُ التَّغْلِيبِ

إِنْ كُنْتَ تَعْجُمُ بِالْعَزَائِمِ عُوَدَهَا
عُودُ الصَّلِيبِ الْيَوْمَ غَيْرُ صَلِيبِ

وَلَكَ الْكَتَائِبُ كَالْخَمَائِلِ أَطْلَعَتْ
زَهْرَ الأَسِنًّةِ فَوْقَ كُلِّ قَضِيبِ

فَمُرَنَّحُ الْعِطْفَيْنِ لاَ مِنْ نَشْوَةٍ
وَمُوَرَّدُ الْخَدَّيْنِ غَيْرُ مَرِيبِ

يَبْدُو سَدَادُ الرَّأيِ فِي رَايَاتِهَا
وَأَمُورُهَا تَجْرِي عَلَى تَجْرِيبِ

وَتَرَىَ الطُّيُورَ عَصَائِباً مِنْ فَوْقِهَا
لِحُلُولِ يَوْمِ فِي الضَّلاَلِ عَصِيبِ

هَذَّبْتَهَا فَالْعَرْضُ يُذْكِرُ يَوْمُهُ
عَرْضَ الْوَرَى لِلْمَوْعِدِ الْمَكْتُوبِ

وَهيَ الْكَتَائِبُ إِنْ تُنُوسِي عَرْضُهَا
كَانَتْ مُدَوَّنَةً بِلاَ تَهْذيِبِ

حَتَّى إِذَا فَرَضَ الْجَلادُ جدَالَهَا
وَرَأيْتَ رِيحَ النَّصْرِ ذَاتَ هُبُوبِ

قَدَّمْتَ سَالِبَةَ الْعَدْوّ وَبَعْدَهَا
أخْرَى لِغِزَِّ النَّصْرِ ذَاتُ وُجُوبِ

وَإذَا تَوَسَّطَ فَصْلُ سَيْفِكَ عِنْدَهَا
جُزْأَيْ قِيَاسِكَ فُزْتَ بِالْمَطْلُوبِ

وَتَبَرَّأَ الشَّيْطَانُ لَمَّا أَنْ رَأَى
حِزْبَ الْهُدَى مِنْ حِزْبِهِ الْمَغْلُوبِ

الأَرْضُ إِرْثٌ وَالْمَطَامِعُ جَمَّةٌ
كُلَّ يَهَشُّ إلَى الْتَمَاسِ نَصِيبِ

وَخَلاَئِفُ التَّقْوَى هُمُ وُرَّاثُهَا
فَإِلَيْكَهَا بِالْحَظِّ وَالتَّعْصِيبِ

لَكَأَنَّني بِكَ قَدْ تَرَكْتَ رُبُوعَهَا
قَفْراً بِكَرِّ الْغَزْوِ وَالتَّعْقِيبِ

وَأَقَمْتَ فِيهَا مَأتَماً لَكِنَّهُ
عُرْسٌ لِنَسْرٍ بالْفَلاَةِ وَذيِبِ

وَتَرَكْتَ مُفْلَتَهَا بِقَلْبٍ وَاجبٍ
رَهَباً وَخَدٍّ بِالأَمَسى مَنْدُوبِ

تَبْكِي نَوَادِبُهَا وَيَنْقُلْنَ الْخُطَى
مِنْ شِلْوِ طَاغِيَةٍ لِشِلْوِ صَلِيبِ

جَعَلَ الإِلاَهُ الْبَيْتَ مِنْكَ مَثَابةً
لِلْعَاكِفِينَ وَأَنْتَ خَيْرُ مُثِيبِ

فَإِذَا ذُكِرْتَ كَأَنَّ هَبَّاتِ الصَّبَا
فَضَّتْ بِمَدْرَجِهَا لَطِيمَةَ طِيبِ

لَوْلاَ ارْتِبَاطُ الْكَوْنِ بِالْمَعْنَى الَّذِي
قَصُرَ الْحجَا عَنْ سِرِّهِ الْمَحْجُوبِ

قُلْنَا لِعَالَمِكَ الَّذِي شَرَّفْتَهُ
حَسَدَ الْبَسِيطُ مَزيَّةَ التَّرْكِيبِ

وَلأِجْلِ قُطْرِكَ شَمْسُهَا وَنُجُومُهَا
عَدَلَتْ عَنِ التَّشْرِيقِ لِلتَّغْرِيبِ

تَبْدُو بِمَطْلَعِ أُفْقِهَا فِضِّيَّةً
وَتَغِيبُ عِنْدَكَ وَهْيَ فِي تَذْهِيبِ

مَوْلاَيَ أَشْوَاقِي إِلَيْكَ تَهْزُّنِي
وَالنَّارُ تَفْضَحُ عَرْفَ عُودِ الطٍّيبِ

بِحُلَى عُلاَكَ أَطَلْتُهَا وَأَطَبْتُهَا
وَلَكَمْ مُطِيلٍ وَهْوَ غَيْرُ مُطِيبِ

طَالَبْتُ أَفْكَاري بِفَرْضِ بَديِههَا
فَوَفَتْ بِشْرطِ الْفَوْرِ وَالتَّرْتِيبِ

مُتَنَبِّيءٌ أَنَا فِي حُلاَ تلكَ الْعُلَى
لَكِنَّ شِعْري فِيكَ شِعْرُ حَبيبِ

وَالطَّبْعُ فَحْلٌ وَالْقَرِيحَةُ حُرَّةٌ
فَاقْبَلْهُ بَيْنَ نَجِيبَة وَنَجيبِ

لَكِنَّني سَهَّلْتُهَا وَأَدَلْتُهَا
مِنْ كُلِّ وَحْشِيٍّ بِكُلِّ رَبِيبِ

هَابَتْ مَقَامَكَ فَاطَّبَيْتُ صِعَابَهَا
حَتَّى غَدَتْ ذُلُلاً عَلَى التَّدْرِيبِ

إِنْ كُنْتُ قَدْ قَارَبْتُ فِي تَعْديِلِهَا
لاَبُدَّ في التَّعْديِلِ مِنْ تَقْريبِ

عذري لتقصيري وعجزي ناسخ
ويجل منك العفو عن تثريب

عُذْري لَمْ يَدِنْ للهِ فِيكَ بِقُرْبَةٍ
هُوْ مِنْ جَنَابِ اللهِ غَيْرُ قَريبِ

وَاللهِ مَا أَخْفَيْت حُبَّكَ خِيفَةً
إِلاَّ وَأَنْفَاسِي عَلَيَّ تَشِي بِي


لسان الدين بن الخطيب

الحمدان
04-12-2024, 02:14 AM
مَوْلاَيَ يَا خَيْرَ مُلُوكِ الْوَرَى
وَنُخْبَةَ النَّصْرِ وَأَرْبَابِهِ

قُمْتَ بِأَمْرِ أَنْتَ أَهْلٌ لَهُ
فَلْتَأَتِ هَذَا الأمْرَ مِنْ بَابهِ

لاَ تُدْنِ مِنْ بَابِكَ شَخْصاً يَرَى
بأَنَّهُ فِي النَّاسِ أَوْلَى بِهِ

وَعِنْدَهُ مَالٌ وَمِنْ خَلْفِهِ
أيْدٍ تَعَلَّقْنَ بِأَهْدَابِهِ

لاَ سِيَّمَا مَنْ دَخَلتْ أُذْنُهُ
وَانْتَفَخَتْ مِنْ تَحْتِ أَثْوَابِهِ

وَخَافَ مِنْهُ الْمُلْكُ فِيمَا مَضَى
وَكَانْ يَنْويِ قَطْعَ أَسْبَابِهِ

قَدْ أَفْسدتُ أَقْوَالَ كُهَانِهِ
فِكَرتَهُ اليوم محسبهِ

يَنْظُرُ فِي الْمِرْآةِ مِنْ وَجْههِ
بَيْنَ مَوَالِيهِ وَأَحْزَابِهِ

عَرُوسَ مُلْكٍ طَالَمَا أُعْمِلَتْ
فِي عَقْدِهِ أَرْجُلُ خُطَّابِهِ

فَهَمُّهُ اْستِبْدَالُ قُوَّادِهِ
وَفِكْرُهُ اسْتِنْخَابُ كُتَّابِهِ

إِنْ نَامَ كَانَتْ حُلْمَ أَفْكَارِهِ
أَوْ قَامَ كَانَتْ نُصْبَ مِحْرَابِهِ

يَنْقُدُكَ الْغِيبَةَ مَهْمَا خَلا
مَا بَيْنَ أَهْلِيهِ وَأَصْحَابِهِ

وَيَجْذُبُ الْجُنْدَ إِلَى نَفْسِهِ
بِخَادِعِ الْقَوْلِ وَخَلاَّبِهِ

كَانَ بِهِ إِنْ لَمْ تَكُنْ حَازِماً
وَالْوَفْدُ يَبْغِي إِذْنَ حُجَّابِهِ

وَالآنَ قَدْ هَابَكَ فَاحْذَرْ فَمَا
يَبْدَأ فَتْكاً غَيْرُ هَيَّابِهِ

وَقَاطِعُ الدَّوْلَةِ مُسْتَقْبِلٌ
فَلْتَسْتَعِذْ مِنْ شَرِّ أَوْصَابِهِ

وَاللهُ يَكْفِيكَ شُرُورَ الْعِدَى
لا يَسْتَعِينُ الْعبْدُ إلاَّ بِهِ

وَالْمُلْكُ لَمْ يُقْصَرْ عَلَى أًمَّةٍ
وَإِنَّمَا الْمُلْكُ لِغُلاَّبِهِ

هَذَا ابْنُ هُودٍ بَعْدَ إِرْثِ الْعُلَى
فَازَ بَنُو نَصْر بِأَسْلاَبِهِ

لاَ يَسْتَلِذُّ الْعَيْشَ لَيْثُ الشَّرَى
حَتَّى يَذْودَ الأسْدَ عَنْ غابِهِ

وَإِنْ أَضَعْتَ الْحَزْمَ لَمْ تَنْفَلِتْ
مِنْ ظُفُر الْحَيْنِ وَمِنْ نَابِهِ

لاَ تَتَّهِمْنِي إِنَّنِي مُمْتَلٍ
مِنْ حِكَمِ الْمُلْكِ وَآدَابِهِ

وَعَقْلَكَ الْمَوْهُوبَ حَكِّمْهُ فِي
الأَحْوَالِ وَاشْكُرْ فَضْلَ وَهَّابِهِ

وَكُلُّ مَنْ أَدْلَلْتَهُ قَبْلَهَا
عَلِّمْهُ بِالْمُلْكِ وَأَلْقَابِهِ

لَمْ يُرَ مَلْكٌ فِي زَمَانٍ خَلاَ
قَامَ لَهُ رَسْمٌ بِأَتْرَابِهِ

مَنْ قُلْتَ يَا عَمِّ لَهُ مَرَّةً
ثِقْ بِتَعَاطِيهِ وَإِعْجَابِهِ

أَوْ سَيِّدي دَامَ يَرَى سَيِّدِي
حَقّاً لَهُ قُمْتَ بِإيجَابِهِ

وَابْسُطْ عَلَى الْخَلَقِ مِنَ الْعَدْلِ مَا
يَسْتَتِرُ الْخَلْقُ بِجِلْبَابِهِ

وَأَحْكِمِ السِّلْمَ لَهُمْ عَاقِداً
عُقْدَةَ غِرٍّ ظَاهِرٍ نَابِهِ

وَمَهِّدِ السُّلْطَانَ فِعْلَ امْرِىءٍ
يُخَلِّفُ الْمُلْكَ لأَعْقَابِهِ

وَبَعْدَ فَرْضِ الْحَجِّ لاَبُدَّ لِي
مِنْ دَارِ مَوْلاَيَ وَمِنْ بَابِهِ



لسان الدين بن الخطيب

الحمدان
04-12-2024, 02:14 AM
يَا طَلْعَةَ الشُّومِ التَّي مَهْمَا بَدَتْ
يَئِسَتْ عُفَاةُ النُّجْحِ مِنْ أَسْبَابِهِ

يَا وَقْفَةَ النَّاعِيِ بِمَقْتَل وَاحِدٍ
أَذْكَى عَلَى الأَحْشَاءِ حَرَّ مُصَابِهِ

يَا زَوْرَةَ الأَلَمِ الَّذِي مَهْمَا يُرَى
جَاءَتْ رِكَابُ الْمَوْتِ فِي أَعْقَابِهِ

يَا فُرْقَةَ السَّكَنِ الَّذِي لاَ تَرْتَجِي
يَوْمَ الْودَاع النَّفْسُ يَوْمَ إِيَابِهِ

يَا صِبْغَةَ الشَّيْبِ الْمُلِمّ بِعَارِض
زَجَرَتْ حَمَائِمُهُ غُرَابَ شَبَابِهِ

يَا مَوْقِعَ الْفَقْرِ الشَّدِيدِ عَلَى الْغِنَى
مِنْ ذِي ضَنىً تُغْرِي الْفَلاَ بِرِكَابِهِ

يَا وَقفةَ الَطُّلاَّبِ فِي بَابِ امْرِئٍ
تُخْزَى سِبَالُهُمْ لَدَى بَوَّابِهِ

يَا خَجْلَةً مِنْ ضَارِطٍ فِي مَحْفِلٍ
تَبْقَى غَضَاضَتُهَا عَلَى أَعْقَابِهِ

وَفَضِيحَةَ الْخَوَّانِ لَمَّا أَلْفِيَتْ
أَسْبَابُ مَنْ يَبْغِيهِ تَحْتَ ثيَابِهِ

يَا مَنْ تَشَكَّى عَصْرُهُ مِنْ عَارِهِ
يَا مَنْ تَبَرَّمَ دَهْرُهُ مِنْ عَابِهِ

يَا مَنْ يَغَصُّ بِهِ الزَّمَانُ نَدَامَةً
مِنْ كَفِّهِ وَتَرَاهُ قَارِعَ نَابِهِ

وَيَغُضُّ مِنْ فَرْطِ الْحَيَاءِ جُفُونَهُ
مِنْ سُوءِ مَا قَدْ جَاءَهُ وَأَتَى بِهِ

يَا مَنْ تَجَمَّلَ بِالْحَرَامِ وَإِنَّمَا
قَدْرُ الْفَتَى مَا كَانَ تَحْتَ إِهَابِهِ

هَلاَّ ذَكَرْتَ وَكَيْفَ وَهْيَ فَضِيلَةٌ
مَا إِنْ يَضُرُّ الْعَضْبَ لَوْنُ قِرَابِهِ



لسان الدين بن الخطيب

الحمدان
04-12-2024, 02:15 AM
جَوَانِحنَا نَحْوَ اللِّقَاءِ جَوَانِحٌ
وَمِقْدَارُ مَا بَيْنَ الدَّيَارِ قَرِيبُ

وَتَمْضِي اللَّيَالِي وَالتَّزَاوُرُ مُعْوِزٌ
عَلَى الرَّغمِ مِنَّا إِنَّ ذَا لَغَرِيبُ

فديتك عجلها العشي زيارة
ولو مثل مارد اللحاظ مريب

وَإِنَّ لِقَاءً جَلَّ عَنْ ضَرْبِ مَوْعِدٍ
لأَكْرَمُ مَا يُهْدِي الأَرِيبَ أرِيبُ


لسان الدين بن الخطيب

الحمدان
04-12-2024, 02:15 AM
وَأَبْيَضَ مِنْ ذَوي الأَشْجَارِ يَبْدُو
لَهُ خَدٌّ كَمِرْآةِ الْغَرِيبَهْ

وَرُبَّتَمَا تَلَوَّنَ بِاحْمِرَارٍ
لَهُ قَانٍ كَمُلْتَبِسٍ بِرِيبَهْ

وَرُبَّتَمَا يَكُونُ بِهِ مُصَلَّى
تَرَى الصُّفْرَ الْوُجُوهَ بِهِ مُنِيبَهْ

يَبُثُّ لَكَ الْمَسَائِلَ وَالْمَعَانِي
وَإِنْ يَسْأَلْهُ شَخْصٌ لَنْ يُجِيبَهْ

وَكَمْ ضَرْبٍ يُقَاسِي كُلَّ يَوْمٍ
إِذَا ضُرِبَتْ عَلَى قَوْمٍ ضَرِيبَهْ

وَيَحْوِي النَّحْوَ لاَ بَلْ كُلَّ عِلْمٍ
وَيَرِوْي الشَّعْرَ مِنْ مَدْحٍ وَغِيبَهْ


لسان الدين بن الخطيب

الحمدان
04-12-2024, 02:15 AM
بِنَفْسِي غَزَالٌ فِي ثَنَايَاهُ بَارِقٌ
وَلَكِنَّهَا لِلْوَارِدِيِنَ عِذَابُ

إِذَا كَانَ لِي مِنْهُ عَنِ الْوَصْلِ حَاجِرٌ
فَدَمْعِي عَقِيقٌ فِي الْجُفُونِ مُذَابُ


لسان الدين بن الخطيب

الحمدان
04-12-2024, 02:16 AM
تَوَلَّى ابْنُ صَفْوَانٍ فَلاَ رَبْعَ بَعْدَهُ
مِن اْلإِنْسِ إِلاَّ عَادَ وَهْوَ خَرَابُ

وَقَدْ كَانَ سَيْفاً فِي الْغَوَامِضِ مُنْتَضى
فَغطَّى عَلَيْهِ لِلصَّفِيحِ قِرَابُ

وَقَدْ كَانَ صَفْوَاناً عَلَيْهِ طُلاَوَةٌ
فَأَصْبَحَ صَفْوَاناً عَلَيْهِ تُرَابُ


لسان الدين بن الخطيب

الحمدان
04-12-2024, 02:16 AM
إِذَا ذَهَبَتْ يَمِينُكَ لاَ تُضَيِّعْ
زَمَانَكَ فِي الْبُكَاءِ عَلَى الْمُصِيبَهْ

وَيُسْرَاكَ اغْتَنِمْ فَالْقَوْسُ تَرْمِى
وَلاَ تَدْرِي أَرشْقَتُهَا قَرِيبَهْ

وَمَا بِغَرِيبَةٍ نُوَبُ اللَّيَالِي
وَلَكِنَّ النَّجَاةَ هِيَ الْغَرِيبَهْ


لسان الدين بن الخطيب
العصر المملوكي

الحمدان
04-12-2024, 02:16 AM
إِذَا فَكَّرْتَ فِي وَطَنٍ كَرِيمٍ
نَبَتْ بِكَ عَنْهُ نَائِبَةُ اغْتِرَابِ

وَعَوَّضَكَ الزَّمَانُ بِشرِّ دَار
وَسُكْنَى مَنْزِلٍ وَحْشِ الْجَنَابِ

فَأَبْدِ بِمَا انْتَقَلْتَ لَهُ اغْتِبَاطاً
وَفَكِّرْ فِي انْتِقَالِكَ لِلتُّرَابِ


لسان الدين بن الخطيب

الحمدان
04-12-2024, 02:16 AM
يَا غَزَالاً تَرَكَ الْقَلْبَ الْمُبَلَّى
حِينَ وَلَّى فِي خُفُوقِ وَكَآبَهْ

كَيْفَ يَشْكُو الْقَلْب مِنِّي خَفَقَاناً
وَدَوَاءُ الْمِسْكِ فِي تِلْكَ الذُّؤَابَهْ


لسان الدين بن الخطيب

الحمدان
04-12-2024, 02:17 AM
أَشْكُو إِلَى الصِّيدِ مِنْ أَبْنَاءِ يَعْقُوبِ
وَالنُّجْحُ مَا بَيْنَ مَضْمُونٍ وَمَرْقُوبِ

زَرَعْتً عُرْقْوبَ أَرْضِي مِنْ شَعِيرِكُمْ
جَاءَ الْجَرَادُ فَأَفْنَى زَرْعَ عُرْقُوبِي


لسان الدين بن الخطيب

الحمدان
04-12-2024, 03:38 AM
يا شاغِلاً بالحُسنِ قلبَ مُحبِّهِ
يا قاتِلاً باللّحظِ مَا أحلاكَ

يا زارِعًا في الرُّوحِ روضَ سَعادةٍ
من أي مُزنٍ يرتويهِ شَذاكَ؟

يا كوكبًا بالنورِ يَسطعُ في الدُّجى
وبفيضِ حُسنٍ خالقِي سَوّاكَ

يا باعِثًا في العُمرِ كُلَّ مَسرَةٍ
إنّي وربِّكَ هائمٌ أهواكَ

الحمدان
04-12-2024, 03:39 AM
صُبّي جَمالَكِ رُوحاً فَوقَ قافِيَتِي
يا قِبلةَ الشِعرِ فِي الماضِي وفِي الآتِي

كلُّ اتّجاهٍ إلى عَينَيكِ يأخُذُنِي
مِن أينَ أعبرُ يا كُلّ اتّجاهاتِي؟!

ضيّعتُ ذاتِي كأنّي لم أكُنْ أحَداً
حتّى وَجدتُكِ مِعراجاً إلى ذاتِي!

وقَبلَ لُقياكِ لم أعثَرْ عَلى امرَأةٍ
تُلوّنُ الأرضَ أَلوانَ السَماواتِ

خُرافَةُ العِشقِ أن نَحيا بِلا وَجَعٍ
ونَحنُ نَعشَقُ تَصدِيقَ الخُرافاتِ

الحمدان
04-12-2024, 03:40 AM
أَصِدقًا هل فُؤادُكِ يحتويني؟
وقلبي بالغرامِ قد احتواكِ

أم الأرواحُ عطشى لاقترابٍ
فَذَا سِجني و سجّاني هواكِ

فَـ يا سَكَني أما تدرينَ أنّْي
وَفيٌّ لا يحنُّ إلى سِواكِ

أراكِي في منامي حينَ أُمسي
و في صَحويِ على غيمٍ أراكِ

أُسامر في هواكِ كُلَّ عِشقٍ
وخطوي قد تعثَّر في خُطاكِ

الحمدان
04-12-2024, 03:41 AM
وَفِيكِ قرارُ عَينِي وَإنشراحِي
‏وَفِيكِ سكينةُ القَلب الكئيبِ

‏وَفِيكِ هدُوء نَفسِي وارتِياحِي
‏وَفِيكِ نهاية الوقت العصِيبِ

الحمدان
04-12-2024, 03:42 AM
يُساءُ فهمك بين الناس أحيانا
‏ فيخلقون لك الاوصاف ألوانا

‏قد تكون ملاكاً عند بعضهم
‏وقد تكون بعين البعض شيطانا

‏طبائع الناس شتىَ وهي أمزجةٌ
‏ ولن تطيق لها بالفهم إمكانا

‏فلا يغرك مدح لو أتوكَ بهِ
‏ولا يضرك ذم كيفما كانا

‏لايعرف النفس شخص مثل صاحبها
‏ فكن لنفسك في التقييم ميزانا



أبو العتاهية

الحمدان
04-12-2024, 03:43 AM
‏للناس عِيدٌ وَلي عِيدانِ في العِيدِ
‏إذا رأيْتُكَ يا ابن السَّادَةِ الصِّيدِ

‏إذا هُمُ عَيَّدُوا عِيديْن في سَنَةٍ
‏كانت بوجهك لي أيامُ تَعْييدِ

الحمدان
04-12-2024, 03:45 AM
‏وكلٌّ يدّعي وصلاً بليلى
‏وليلى لا تقرُّ لهم وِصالاً

‏أقبّلُ خدَّها والثغرُ أحلى
‏وعِرْنينًا تسامى واستمالا

‏وأسجدُ للطبيعةِ صُنعَ ربّي بِخلْقِكِ
‏كمْ تَفنّنَ كمْ تعالى

‏لقد سوّاكِ من نور تدلّى
‏وتهتِ عليَّ من عشقٍ دلالا

‏وقد عادَ الشبابُ أراهُ يرنو
‏بعينٍ أورقتْ تمحو محالا

الحمدان
04-12-2024, 03:45 AM
وحسنتَ في عَيني فلا حسَنُ
إلا كأنكَ ذلك الحَسنُ

لما انطَوى قَلبي على شجنٍ
يَوماً فكانَ سواءك الشجَنُ

رُعت العيونَ فكنتَ غايتَها
وزَهت بكَ اللذاتُ والفِتَن

وتَحيرت قبل الظنونِ بها
لحظاتكَ الأوهامُ والفِطَنُ

الحمدان
04-12-2024, 03:46 AM
العَينُ بَعدَكَ لَم تَنظُر إِلى حَسَنِ
وَالنَفسُ بَعدَكَ لَم تَسكُن إِلى سَكَنِ

كَأَنَّ نَفسي إِذا ما غِبتَ غائِبَةٌ
حَتّى إِذا عُدتَ لي عادَت إِلى بَدَني

علي بن الجهم

الحمدان
04-12-2024, 03:46 AM
غزالة شعر تختفي ثم تظهرُ
وفي كف ليلى للغزالة سكَّرُ

تقول لها طيري فتنكر قولها
فتلمسها ليلى برفق فتقدرُ


تميم البرغوثي

الحمدان
04-12-2024, 04:25 AM
أجل نحن الحجاز ونحن نجد
هنا مجد لنا وهناك مجد

ديها غطارفة وأسد
ونحن شمالنا كبر أشم

ونحن جنوبنا كبر أشد
ونحن عسير مطلبها عسير

ودون جبالها برق ورعد
ونحن الشاطئ الشرقي بحر
وأصداف وأسياف وحشد


غازي القصيبي

الحمدان
04-12-2024, 10:28 PM
أَصبَحتَ مُطَّرَحاً في مَعشَرٍ جَهِلوا
حَقَّ الأَديبِ فَباعوا الرَأسَ بِالذَنَبِ

وَالناسُ يَجمَعُهُم شَملٌ وَبَينَهُم
في العَقلِ فَرقٌ وَفي الآدابِ وَالحَسَبِ

كَمِثلِ ما الذَهَبِ الإِبريزِ يَشرَكُهُ
في لَونِهِ الصُفرُ وَالتَفضيلُ لِلذَهَبِ

وَالعودُ لَو لَم تَطِب مِنهُ رَوائِحُهُ
لَم يَفرِقِ الناسُ بَينَ العودِ وَالحَطَبِ


الشافعي

الحمدان
04-12-2024, 10:28 PM
خَبَت نارُ نَفسي بِاشتِعالِ مَفارِقي
وَأَظلَمَ لَيلي إِذ أَضاءَ شِهابُها

أَيا بومَةً قَد عَشَّشَت فَوقَ هامَتي
عَلى الرُغمِ مِنّي حينَ طارَ غُرابُها

رَأَيتِ خَرابَ العُمرِ مِنّي فَزُرتِني
وَمَأواكِ مِن كُلِّ الدِيارِ خَرابُها

أَأَنعَمُ عَيشاً بَعدَ ما حَلَّ عارِضِي
طَلائِعُ شَيبٍ لَيسَ يُغني خَضابُها

إِذا اِصفَرَّ لَونُ المَرءِ وَاِبيَضَّ شَعرُهُ
تَنَغَّصَ مِن أَيّامِهِ مُستَطابُها

فَدَع عَنكَ سَوآتِ الأُمورِ فَإِنَّها
حَرامٌ عَلى نَفسِ التَقيِّ اِرتِكابُها

وَأَدِّ زَكاةَ الجاهِ وَاِعلَم بِأَنَّها
كَمِثلِ زَكاةِ المالِ تَمَّ نِصابُها

وَأَحسِن إِلى الأَحرارِ تَملِك رِقابَهُم
فَخَيرُ تِجاراتِ الكِرامِ اِكتِسابُها

وَلا تَمشِيَن في مَنكِبِ الأَرضِ فاخِراً
فَعَمّا قَليلٍ يَحتَويكَ تُرابُها

وَمَن يَذُقِ الدُنيا فَإِنّي طَعَمتُها
وَسيقَ إِلَينا عَذبُها وَعَذابِها

فَلَم أَرَها إِلّا غُروراً وَباطِلاً
كَما لاحَ في ظَهرِ الفَلاةِ سَرابُها

وَماهِيَ إِلّا جِيَفَةٌ مُستَحيلَةٌ
عَلَيها كِلابٌ هَمُّهُنَّ اِجتِذابُها

فَإِن تَجتَنِبها كُنتَ سِلماً لِأَهلِها
وَإِن تَجتَذِبها نازَعَتكَ كِلابُها

فَطوبى لِنَفسٍ أُولِعَت قَعرَ دارِها
مُغَلِّقَةَ الأَبوابِ مُرخَىً حِجابُها



الشافعي

الحمدان
04-12-2024, 10:28 PM
إِذا سَبَّني نَذلٌ تَزايَدتُ رِفعَةً
وَما العَيبُ إِلّا أَن أَكونَ مُسابِبُه

وَلَو لَم تَكُن نَفسي عَلَيَّ عَزيزَةً
لَمَكَنتُها مِن كُلِّ نَذلٍ تُحارِبُه

وَلَو أَنَّني أَسعى لِنَفعي وَجَدتَني
كَثيرَ التَواني لِلَّذي أَنا طالِبُه

وَلَكِنَّني أَسعى لِأَنفَعَ صاحِبي
وَعارٌ عَلى الشَبعانِ إِن جاعَ صاحِبُه


الشافعي

الحمدان
04-12-2024, 10:29 PM
بَلَوتُ بَني الدُنيا فَلَم أَرى فيهُمُ
سِوى مَن غَدا وَالبُخلُ مِلءَ إِهابِهِ

فَجَرَّدتُ مِن غَمدِ القَناعَةِ صارِماً
قَطَعتُ رَجائي مِنهُمُ بِذُبابِهِ

فَلا ذا يَراني واقِفاً في طَريقِهِ
وَلا ذا يَراني قاعِداً عِندَ بابِهِ

غَنيٌّ بِلا مالٍ عَنِ الناسِ كُلِّهِم
وَلَيسَ الغِنى إِلّا عَنِ الشَيءِ لا بِهِ

إِذا ما ظالِمُ استَحسَنَ الظُلمَ مَذهَباً
وَلَجَّ عُتُوّاً في قَبيحِ اِكتِسابِهِ

فَكِلهُ إِلى صَرفِ اللَيالي فَإِنَّها
سَتُبدي لَهُ ما لَم يَكُن في حِسابِهِ

فَكَم قَد رَأَينا ظالِماً مُتَمَرِّداً
يَرى النَجمَ تيهاً تَحتَ ظِلِّ رِكابِهِ

فَعَمَّا قَليلٍ وَهُوَ في غَفَلاتِهِ
أَناخَت صُروفُ الحادِثاتِ بِبابِهِ

فَأَصبَحَ لا مالٌ لَهُ وَلا جاهٌ يُرتَجى
وَلا حَسَناتٌ تَلتَقي في كِتابِهِ

وَجوزِيَ بِالأَمرِ الَّذي كانَ فاعِلاً
وَصَبَّ عَلَيهِ اللَهُ سَوطَ عَذابِهِ


الشافعي

الحمدان
04-12-2024, 10:29 PM
ما في المَقامِ لِذي عَقلٍ وَذي أَدَبِ
مِن راحَةٍ فَدَعِ الأَوطانَ وَاِغتَرِبِ

سافِر تَجِد عِوَضاً عَمَّن تُفارِقُهُ
وَاِنصَب فَإِنَّ لَذيذَ العَيشِ في النَصَبِ

إِنّي رَأَيتُ وُقوفَ الماءِ يُفسِدُهُ
إِن ساحَ طابَ وَإِن لَم يَجرِ لَم يَطِبِ

وَالأُسدُ لَولا فِراقُ الأَرضِ مااِفتَرَسَت
وَالسَهمُ لَولا فِراقُ القَوسِ لَم يُصِبِ

وَالشَمسُ لَو وَقَفَت في الفُلكِ دائِمَةً
لَمَلَّها الناسُ مِن عُجمٍ وَمِن عَرَبِ

وَالتِبرُ كَالتُربِ مُلقىً في أَماكِنِهِ
وَالعودُ في أَرضِهِ نَوعٌ مِنَ الحَطَبِ

فَإِن تَغَرَّبَ هَذا عَزَّ مَطلَبُهُ
وَإِن تَغَرَّبَ ذاكَ عَزَّ كَالذَهَبِ



الشافعي
العصر العباسي

الحمدان
04-12-2024, 10:30 PM
ومن هابَ الرِّجال تهيبوهُ
ومنْ حقرَ الرِّجال فلن يهابها

ومن قضتِ الرِّجالُ لهُ حقوقاً
وَمَنْ يَعْصِ الرِّجَالَ فَما أصَابَا


الشافعي

الحمدان
04-12-2024, 10:30 PM
لَمَّا عَفَوْتُ وَلَمْ أحْقِدْ عَلَى أحَدٍ
أرحتُ نفسي من همَّ العداواتِ

إنِّي أُحَيي عَدُوِّي عنْدَ رُؤْيَتِهِ
لأدفعَ الشَّرَّ عني بالتحياتِ

وأُظْهِرُ الْبِشرَ لِلإِنْسَانِ أُبْغِضهُ
كما إنْ قدْ حَشى قَلْبي مَحَبَّاتِ

النَّاسُ داءٌ وَدَاءُ النَّاسِ قُرْبُهُمُ
وفي اعتزالهمُ قطعُ المودَّاتِ


الشافعي

الحمدان
04-12-2024, 10:30 PM
يالَهفَ نَفسي عَلى مالٍ أُفَرِّقُهُ
عَلى المُقِلّينَ مِن أَهلِ المُروآتِ

إِنَّ اِعتِذاري إِلى مَن جاءَ يَسأَلُني
ما لَيسَ عِندي لَمِن إِحدى المُصيباتِ


الشافعي

الحمدان
04-12-2024, 10:30 PM
اصْبِرْ عَلَى مُرِّ الْجَفَا مِنْ مُعَلِّمٍ
فَإِنَّ رُسُوبَ الْعِلْمِ فِي نَفَرَاتِهِ

وَمَنْ لَمْ يَذُقْ مُرَّ التَّعَلُّمِ سَاعَةً
تَجَرَّعَ ذُلَّ الْجَهْلِ طُولَ حَيَاتِهِ

وَمَنْ فَاتَهُ التَّعْلِيمُ وَقْتَ شَبَابِهِ
فَكَبِّرْ عَلَيْهِ أَرْبَعًا لِوَفَاتِهِ

وَذَاتُ الْفَتَى وَاللهِ بِالْعِلْمِ وَالتُّقَى
إِذَا لَمْ يَكُونَا لَا اعْتِبَارَ لِذَاتِهِ


الشافعي

الحمدان
04-12-2024, 10:31 PM
أُحِبُّ مِنَ الإِخْوَانِ كُلَّ مُوَاتِي
وَكُلَّ غَضِيضِ الطَّرْفِ عَنْ عَثَرَاتِي

يُوَافِقُنِي فِي كُلِّ أَمْرٍ أُرِيدُهُ
وَيَحْفَظُنِي حَيًّا وَبَعْدَ مَمَاتِي

فَمَنْ لِي بِهَذَا لَيْتَ أَنِّي أَصَبْتُهُ
فَقَاسَمْتُهُ مَا لِي مِنَ الحَسَنَاتِ

تَصَفَّحْتُ إِخْوَانِي فَكَانَ أَقَلَّهُمْ
عَلَى كَثْرَةِ الإِخْوَانِ أَهْلُ ثِقَاتِ


الشافعي

الحمدان
04-12-2024, 10:31 PM
إِذا رُمتَ المَكارِمَ مِن كَريمٍ
فَيَمِّم مَن بَنى لِلَّهِ بَيتا

فَذاكَ اللَيثُ مَن يَحمي حِماهُ
وَيُكرِمُ ضَيفَهُ حَيّاً وَمَيتا



الشافعي

الحمدان
04-12-2024, 10:31 PM
إِذا نَطَقَ السَفيهُ فَلا تَجِبهُ
فَخَيرٌ مِن إِجابَتِهِ السُكوتُ

فَإِن كَلَّمتَهُ فَرَّجتَ عَنهُ
وَإِن خَلَّيتَهُ كَمَداً يَموتُ



الشافعي

الحمدان
04-12-2024, 10:32 PM
ماذا يخبِّرُ ضيفُ بيتكَ أهلهُ
إن سيلَ كيفَ معادهُ ومعاجه

أيقولُ: جاوزتُ الفراتَ ولم أنل
ريَّاً لديهِ وقد طغت أمواجهُ

وَرِقِيتُ في دَرَجِ الْعلاَ فَتَضَايَقَتْ
عمَّا أريدُ شعابهُ وفجاجه

ولتخبرنَّ خصاصتي بتملُّقي
والماء يخبرُ عن قذاهُ زجاجةُ

عنْدِي يَوَاقِيتُ الْقَرِيضِ وَدُرُّهُ
وَعَلَيّ إكْلِيلُ الْكَلاَم وَتَاجُهُ

تربي على روضِ الرُّبا أزهارهُ
وَيَرُفُّ في نَادِي النَّدى دِيبَاجُهُ

وَالشَّاعِرُ المِنْطِيقُ أسْوَدُ سالخٌ
وَالشعْرُ مِنْهُ لُعَابُهُ وَمُجَاجُهُ

وَعَدَاوَةُ الشّعَرَاءِ دَاءٌ مُعْضِلٌ
وَلَقَدْ يَهُونُ عَلَى الْكَرِيمِ عِلاَجُهُ


الشافعي

الحمدان
04-12-2024, 10:32 PM
وَلَرُبَّ نازِلَةٍ يَضيقُ لَها الفَتى
ذَرعاً وَعِندَ اللَهِ مِنها المَخرَجُ

ضاقَت فَلَمّا اِستَحكَمَت حَلَقاتُها
فُرِجَت وَكُنتُ أَظُنُّها لا تُفرَجُ


الشافعي

الحمدان
04-12-2024, 10:32 PM
قالوا سَكَتَّ وَقَد خُوصِمتَ قُلتُ لَهُم
إِنَّ الجَوابَ لِبابِ الشَرِّ مِفتاحُ

والصمَّتُ عَن جاهِلٍ أَو أَحمَقٍ شَرَفٌ
وَفيهِ أَيضاً لِصَونِ العِرضِ إِصلاحُ

أَما تَرى الأُسدَ تُخشى وَهِيَ صامِتَةٌ
وَالكَلبُ يخسى لَعَمري وَهوَ نَبّاحُ


الشافعي

الحمدان
04-12-2024, 10:33 PM
فقيهاً وصوفياً فكن ليسَ واحداً
فَإني وَحَقِّ اللَّهِ إيَّاكَ أَنْصَحُ

فذلك قاسٍ لم يذق قلبه تقىْ
وهذا جَهولٌ كَيفَ ذو الجَهلِ يَصلُحُ


الشافعي

الحمدان
04-12-2024, 10:33 PM
قالوا تَرَفَّضتَ قُلتُ: كَلّا
مَا الرَّفْضُ دِيني وَلاَ اعْتِقَادِي

لكنْ تَوَلَّيتُ غير شكَّ
خيرَ إمامٍ وخيرَ هادي

إنْ كانَ حُبُّ الْوَلِيِّ رَفْضاً
فإنَّ رفضي إلى العبادِ


الشافعي

الحمدان
04-12-2024, 10:34 PM
لَيتَ الكِلابَ لَنا كانَت مُجاوِرَةً
وَلَيتَنا لا نَرى مِمّا نَرى أَحَدا

إِنَّ الكِلابَ لَتَهدي في مَواطِنِها
وَالخَلقُ لَيسَ بِهادٍ شَرُّهُم أَبَدا

فَاِهرُب بِنَفسِكَ وَاِستَأنِس بِوِحدَتِها
تَبقى سَعيداً إِذا ما كُنتَ مُنفَرِدا


الشافعي

الحمدان
04-12-2024, 10:34 PM
تَمَنّى رِجالٌ أَن أَموتَ وَإِن أَمُت
فَتِلكَ سَبيلٌ لَستُ فيها بِأَوحَدِ

وَما مَوتُ مَن قَد ماتَ قَبلي بِضائِري
وَلا عَيشُ مَن قَد عاشَ بَعدي بِمُخلِدي

لَعَلَّ الَّذي يَرجو فَنائي وَيَدَّعي
بِهِ قَبلَ مَوتي أَن يَكونَ هُوَ الرَدي


الشافعي

الحمدان
04-12-2024, 10:34 PM
ولَمّا أَتَيتُ الناسَ أَطلُبُ عِندَهُم
أَخا ثِقَةٍ عِندَ اِبتِلاءِ الشَدائِدِ

تَقَلَّبتُ في دَهري رَخاءً وَشِدَّةً
وَنادَيتُ في الأَحياءِ هَل مِن مُساعِدِ

فَلَم أَرى فيما ساءَني غَيرَ شامِتٍ
وَلَم أَرَ فيما سَرَّني غَيرَ حاسِدِ


الشافعي

الحمدان
04-12-2024, 10:35 PM
إنِّي صَحِبْتُ أناساً مَا لَهُمْ عَدَدُ
وَكُنْتُ أَحْسبُ أنِّي قَدْ مَلأَتُ يدِي

لَمَّا بَلَوْتُ أخِلائي وَجَدْتُهُمُ
كالدَّهرِ في الغَدرِ لَم يُبقوا على أحدِ

إن غِبتُ فَشرُّ الناسِ يَشتُمُني
وَإنْ مَرِضْتُ فَخَيْرُ النَّاسِ لَمْ يَعُدِ

وإن رأوني بخيرٍ ساءهُم فَرحَي
وإن رأوني بِشَرٍّ سَرَّهم نَكدي


الشافعي

الحمدان
04-12-2024, 10:35 PM
تَغَرَّب عَنِ الأَوطانِ في طَلَبِ العُلا
وَسافِر فَفي الأَسفارِ خَمسُ فَوائِدِ

تَفَرُّجُ هَمٍّ وَاِكتِسابُ مَعيشَةٍ
وَعِلمٌ وَآدابٌ وَصُحبَةُ ماجِدِ

وَإِن قيلَ في الأَسفارِ ذُلٌّ وَمِحنَةٌ
وَقَطعُ الفَيافي وَاِكتِسابُ الشَدائِدِ

فَمَوتُ الفَتى خَيرٌ لَهُ مِن حَياتِهِ
بِدارِ هَوانٍ بَينَ واشٍ وَحاسِدِ


الشافعي

الحمدان
04-12-2024, 10:35 PM
إِن كُنتَ تَغدو في الذُنوبِ جَليداً
وَتَخافُ في يَومِ المَعادِ وَعيدا

فَلَقَد أَتاكَ مِنَ المُهَيمِنِ عَفوُهُ
وَأَفاضَ مِن نِعَمٍ عَلَيكَ مَزيدا

لا تَيأَسَنَّ مِن لُطفِ رَبِّكَ في الحَشا
في بَطنِ أُمِّكَ مُضغَةً وَوَليدا

لَو شاءَ أَن تَصلى جَهَنَّمَ خالِداً
ما كانَ أَلهَمَ قَلبَكَ التَوحيدا


الشافعي

الحمدان
04-12-2024, 10:35 PM
إِذا أَصبَحتُ عِندي قوتُ يَومي
فَخَلِّ الهَمَّ عَنّي يا سَعيدُ

وَلا تَخطُر هُمومَ غَدٍ بِبالي
فَإِنَّ غَداً لَهُ رِزقٌ جَديدُ

أُسَلِّمُ إِن أَرادَ اللَهُ أَمراً
فَأَترُكُ ما أُريدُ لِما يُريدُ


الشافعي

الحمدان
04-12-2024, 10:36 PM
وَلَولا الشِعرُ بِالعُلَماءِ يُزري
لَكُنتُ اليَومَ أَشعَرَ مِن لَبيدِ

وَأَشجَعَ في الوَغي مِن كُلِّ لَيثٍ
وَآلِ مُهَلَّبٍ وَبَني يَزيدِ

وَلَولا خَشيَّةُ الرَحمَنِ رَبّي
حَسِبتُ الناسَ كُلَّهُمُ عَبيدي


الشافعي

الحمدان
04-12-2024, 10:36 PM
أَرى راحَةً لِلحَقِّ عِندَ قَضائِهِ
وَيَثقُلُ يَوماً إِن تَرَكتَ عَلى عَمدِ

وَحَسبُكَ حَظّاً أَن تُرى غَيرَ كاذِبٍ
وَقَولَكَ لَم أَعلَم وَذاكَ مِنَ الجَهدِ

وَمَن يَقضِ حَقَّ الجارِ بَعدَ اِبنَ عَمِّهِ
وَصاحِبِهِ الأَدنى عَلى القُربِ وَالبُعدِ

يَعِش سَيِّداً يَستَعذِبُ الناسُ ذِكرَهُ
وَإِن نابَهُ حَقٌّ أَتَوهُ عَلى قَصدِ


الشافعي

الحمدان
04-12-2024, 10:36 PM
يا مَن يُعانِقُ دُنيا لا بَقاءَ لَها
يُمسي وَيُصبِحُ في دُنياهُ سَفّارا

هَلّا تَرَكتَ لِذي الدُنيا مُعانَقَةً
حَتّى تُعانِقَ في الفِردَوسِ أَبكارا

إِن كُنتَ تَبغي جِنانَ الخُلدِ تَسكُنُها
فَيَنبَغي لَكَ أَن لا تَأمَنَ النارا


الشافعي

الحمدان
04-12-2024, 10:37 PM
أَمطِري لُؤلُؤاً جِبالَ سَرَنديبَ
وَفيضي آبارُ تَكرورَ تِبرا

أَنا إِن عِشتُ لَستُ أَعدَمُ قوتاً
وَإِذا مُتُّ لَستُ أَعدَمُ قَبرا

هِمَّتي هِمَّةُ المُلوكِ وَنَفسي
نَفسُ حُرٍّ تَرى المَذَلَّةَ كُفرا

وَإِذا ما قَنِعتُ بِالقوتِ عُمري
فَلِماذا أَزورُ زَيداً وَعَمرا


الشافعي

الحمدان
04-12-2024, 10:37 PM
إِذا لَم أَجِد خِلّاً تَقِيّاً فَوِحدَتي
أَلَذُّ وَأَشهى مِن غَوِيٍّ أُعاشِرُه

وَأَجلِسُ وَحدي لِلعِبادَةِ آمِناً
أَقَرُّ لِعَيني مِن جَليسٍ أُحاذِرُه


الشافعي

الحمدان
04-12-2024, 10:37 PM
عَلَيَّ ثِيابٌ لَو تُباعُ جَميعُها
بِفَلسٍ لَكانَ الفَلسُ مِنهُنَّ أَكثَرا

فيهِنَّ نَفسٌ لَو تُقاسُ بِبَعضِها
نُفوسُ الوَرى كانَت أَجَلَّ وَأَكبَرا

ما ضَرَّ نَصلَ السَيفِ إِخلاقُ غِمدِهِ
إِذا كانَ عَضباً حَيثُ وَجَّهتَهُ فَرى


الشافعي

الحمدان
04-12-2024, 10:37 PM
تاهَ الأُعَيرِجُ وَاِستَعلى بِهِ الخَطَرُ
فَقُل لَهُ خَيرُ ما اِستَعمَلتَهُ الحَذَرُ

أَحسَنتَ ظَنَّكَ بِالأَيّامِ إِذ حَسُنَت
وَلَم تَخَف سوءَ ما يَأتي بِهِ القَدَرُ

وَسالَمَتكَ اللَيالي فَاِغتَرَرتَ بِها
وَعِندَ صَفوِ اللَيالي يَحدُثُ الكَدَرُ


الشافعي

الحمدان
04-12-2024, 10:38 PM
اقبَل مَعاذيرَ مَن يَأتيكَ مُعتَذِراً
إِن بَرَّ عِندَكَ فيما قالَ أَو فَجَرا

لَقَد أَطاعَكَ مَن يُرضيكَ ظاهِرُهُ
وَقَد أَجَلَّكَ مَن يَعصيكَ مُستَتِرا


الشافعي

الحمدان
04-12-2024, 10:38 PM
إِذا ما كُنتَ ذا فَضلٍ وَعِلمِ
بِما اِختَلَفَ الأَوائِلُ وَالأَواخِر

فَناظِر مَن تُناظِرُ في سُكونٍ
حَليماً لا تَلِحُّ وَلا تُكابِر

يُفيدُكَ ما اِستَفادَ بِلا اِمتِنانٍ
مِنَ النُكَتِ اللَطيفَةِ وَالنَوادِر

وَإِيّاكَ اللَجوجَ وَمَن يُرائي
بِأَنّي قَد غَلَبتُ وَمَن يُفاخِر

فَإِنَّ الشَرَّ في جَنَباتِ هَذا
يُمَنِّيَ بِالتَقاطُعِ وَالتَدابِر


الشافعي

الحمدان
04-12-2024, 10:38 PM
الدَهرُ يَومانِ ذا أَمنٌ وَذا خَطَرُ
وَالعَيشُ عَيشانِ ذا صَفوٌ وذا كَدَرُ

أَما تَرى البَحرَ تَعلو فَوقَهُ جِيَفٌ
وَتَستَقِرُّ بِأَقصى قاعِهِ الدُرَرُ

وَفي السَماءِ نُجومٌ لا عِدادَ لَها
وَلَيسَ يُكسَفُ إِلّا الشَمسُ وَالقَمَرُ


الشافعي

الحمدان
04-12-2024, 10:38 PM
لَقَد أَصبَحَت نَفسي تَتوقُ إِلى مِصرِ
وَمِن دونِها أَرضُ المَهامَه وَالقَفرِ

فَوَاللَهِ لا أَدري أَلِلفَوزِ وَالغِنى
أُساقُ إِلَيها أَم أُساقُ إِلى القَبرِ


الشافعي

الحمدان
04-12-2024, 10:39 PM
كُن ساكِناً في ذا الزَمانِ بِسَيرِهِ
وَعَنِ الوَرى كُن راهِباً في دَيرِهِ

وَاِغسِل يَدَيكَ مِنَ الزَمانِ وَأَهلِهِ
وَاِحذَر مَوَدَّتَهُم تَنَل مِن خَيرِهِ

إِنّي اِطَّلَعتُ فَلَم أَجِد لي صاحِباً
أَصحَبُهُ في الدَهرِ وَلا في غَيرِهِ

فَتَرَكتُ أَسفَلَهُم لَكَثرَةِ شَرِّهِ
وَتَرَكتُ أَعلاهُم لِقِلَّةِ خَيرِهِ


الشافعي

الحمدان
04-12-2024, 10:39 PM
إِذا المُشكِلاتُ تَصَدَّينَ لي
كَشَفتُ حَقائِقَها لِلنَظَر

لِسانٌ كَشَقشَقَةِ الأَرحَبي
ي وَكالحُسامِ اليَمانِيّ الذَكَر

وَلَستُ بِإِمَّعَةٍ في الرِجالِ
أُسائِلُ هَذا وَذا ما الخَبَر

وَلَكِنَّني مُدرَهُ الأَصغَرَينِ
جَلّابُ خَيرٍ وَفَرّاجُ شَرّ


الشافعي

الحمدان
04-12-2024, 10:40 PM
صَديقٌ لَيسَ يَنفَعُ يَومَ بُؤسِ
قَريبٌ مِن عَدوٍّ في القِياسِ

وَما يَبقى الصَديقُ بِكلِّ عَصرٍ
وَلا الإِخوانُ إِلّا لِلتَآسي

عَمَرتُ الدَهرَ مُلتَمِساً بِجُهدي
أَخا ثِقَةٍ فَأَلهاني اِلتِماسي

تَنَكَّرَتِ البِلادُ وَمَن عَلَيها
كَأَنَّ أُناسَها لَيسوا بِناسي


الشافعي

الحمدان
04-12-2024, 10:40 PM
قَلبي بِرَحمَتِكَ اللَهُمَّ ذو أُنُسِ
في السِرِّ وَالجَهرِ وَالإِصباحِ وَالغَلَسِ

ماتَقَلَّبتُ مِن نَومي وَفي سِنَتي
إِلّا وَذِكرُكَ بَينَ النَفسِ وَالنَفَسِ

لَقَد مَنَنتَ عَلى قَلبي بِمَعرِفَةٍ
بِأَنَّكَ اللَهُ ذو الآلاءِ وَالقُدسِ

وَقَد أَتَيتُ ذُنوباً أَنتَ تَعلَمُها
وَلَم تَكُن فاضِحي فيها بِفِعلِ مَسي

فَاِمنُن عَلَيَّ بِذِكرِ الصالِحينَ وَلا
تَجعَل عَلَيَّ إِذاً في الدينِ مِن لَبَسِ

وَكُن مَعي طولَ دُنيايَ وَآخِرَتي
وَيَومَ حَشري بِما أَنزَلتَ في عَبَسِ


الشافعي

الحمدان
04-12-2024, 10:40 PM
يا واعِظَ الناسِ عَمّا أَنتَ فاعِلُهُ
إِنَّ البَياضَ قَليلُ الحَملِ لِلدَنَسِ

كَحامِلٍ لِثِيابِ الناسِ يَغسِلُها
وَثَوبُهُ غارِقٌ في الرِجسِ وَالنَجَسِ

تَبغي النَجاةَ وَلَم تَسلُك طَريقَتَها
إِنَّ السَفينَةَ لا تَجري عَلى اليَبَسِ

رُكوبُكَ النَعشَ يُنسيكَ الرُكوبَ عَلى
ما كُنتَ تَركَبُ مِن بَغلٍ وَمِن فَرَسِ

يَومَ القِيامَةِ لا مالٌ وَلا وَلَدٌ
وَضَمَّةُ القَبرِ تُنسي لَيلَةَ العُرسِ


الشافعي

الحمدان
04-12-2024, 10:40 PM
لِقَلعُ ضِرسٍ وَضَربُ حَبسِ
وَنَزعُ نَفسٍ وَرَدُّ أَمسِ

وَقَرُّ بَردٍ وَقَودُ فَردِ
وَدَبغُ جِلدٍ بِغَيرِ شَمسِ

وَأَكلُ ضَبٍّ وَصَيدُ دُبٍّ
وَصَرفُ حَبٍّ بِأَرضِ خَرسِ

وَنَفخُ نارٍ وَحَملُ عارٍ
وَبَيعُ دارٍ بِرُبعِ فِلسِ

وَبَيعُ خُفٍّ وَعَدمُ إِلفٍ
وَضَربُ إِلفٍ بِحَبلِ قَلسِ

أَهوَنُ مِن وَقفَةِ الحُرِّ
يَرجو نَوالاً بِبابِ نَحسِ


الشافعي

الحمدان
04-12-2024, 10:41 PM
العِلمُ مَغرَسُ كُلِّ فَخرٍ فَاِفتَخِر
وَاِحذَر يَفوتُكَ فَخرُ ذاكَ المَغرَسِ

وَاِعلَم بِأَنَّ العِلمَ لَيسَ يَنالُهُ
مَن هَمُّهُ في مَطعَمٍ أَو مَلبَسِ

لا أَخو العِلمِ الَذي يُعنى بِهِ
في حالَتَيهِ عارِيا أَو مُكتَسي

فَاِجعَل لِنَفسِكَ مِنهُ حَظّاً وافِراً
وَاِهجُر لَهُ طيبَ الرُقادِ وَعَبسِ

فَلَعَلَّ يَوماً حَضَرتَ بِمَجلِسٍ
كُنتَ الرَئيسَ وَفَخرَ ذاكَ المَجلِسِ


الشافعي

الحمدان
04-12-2024, 10:41 PM
شَهِدتُ بِأَنَّ اللَهَ لا رَبَّ غَيرَهُ
وَأَشهَدُ أَنَّ البَعثَ حَقٌّ وَأَخلَصُ

وَأَنَّ عُرى الإيمانِ قَولٌ مُبَيَّنٌ
وَفِعلٌ زَكِيٌّ قَد يَزيدُ وَينقُصُ

وَإِنَّ أَبا بَكرٍ خَليفَةُ رَبِّهِ
وَكانَ أَبو حَفصٍ عَلى الخَيرِ يَحرِصُ

وَأَشهَدُ رَبّي أَنَّ عُثمانَ فاضِلٌ
وَأَنَّ عَلِيّاً فَضلُهُ مُتَخَصِّصُ

أَئِمَّةُ قَومٍ يُهتَدى بِهُداهُم
لَحى اللَهُ مَن إِيّاهُمُ يَتَنَقَّصُ


الشافعي

الحمدان
04-12-2024, 10:41 PM
إِذا لَم تَجودوا وَالأُمورُ بِكُم تَمضي
وَقَد مَلَكَت أَيديكُمُ البَسطَ وَالقَبضا

فَماذا يُرَجَّى مِنكُمُ إِن عَزَلتُمُ
وَعَضَّتكُمُ الدُنيا بِأَنيابِها عَضّا

وتَستَرجِعُ الأَيّامُ ما وَهَبَتكُمُ
وَمِن عادَةِ الأَيّامِ تَستَرجِعُ القَرضا


الشافعي

الحمدان
04-12-2024, 10:41 PM
يا راكِباً قِف بِالمُحَصَّبِ مِن مِنىً
وَاِهتِف بِقاعِدِ خَيفِها وَالناهِضِ

سَحَراً إِذا فاضَ الحَجيجُ إِلى مِنىً
فَيضاً كَمُلتَطِمِ الفُراتِ الفائِضِ

إِن كانَ رَفضاً حُبُّ آلِ مُحَمَّدٍ
فَليَشهَدِ الثَقَلانِ أَنّي رافِضي


الشافعي

الحمدان
04-12-2024, 10:42 PM
أُحِبُّ الصالِحينَ وَلَستُ مِنهُم
لَعَلّي أَن أَنالَ بِهِم شَفاعَه

وَأَكرَهُ مَن تِجارَتُهُ المَعاصي
وَلَو كُنّا سَواءً في البِضاعَه


الشافعي

الحمدان
04-12-2024, 10:42 PM
تَعَمَّدني بِنُصحِكَ في اِنفِرادي
وَجَنِّبني النَصيحَةَ في الجَماعَه

فَإِنَّ النُصحَ بَينَ الناسِ نَوعٌ
مِنَ التَوبيخِ لا أَرضى اِستِماعَه

وَإِن خالَفتَني وَعَصِيتَ قَولي
فَلا تَجزَع إِذا لَم تُعطَ طاعَه


الشافعي

الحمدان
04-12-2024, 10:42 PM
المَرءُ إِن كانَ عاقِلاً وَرِعاً
أَشغَلَهُ عَن عُيوبِ غَيرِهِ وَرَعُه

كَما العَليلُ السَقيمُ أَشغَلَهُ
عَن وَجَعِ الناسِ كُلِّهِم وَجَعُه


الشافعي

الحمدان
04-12-2024, 10:43 PM
حَسبي بِعِلمي إِن نَفَع

ما الذُلُّ إِلّا في الطَمَع

مَن راقَبَ اللَهَ رَجَع

ما طارَ طَيرٌ وَاِرتَفَع

إِلا كَما طارَ وَقَع

الشافعي

الحمدان
04-12-2024, 10:43 PM
تَعصي الإِلَهَ وَأَنتَ تُظهِرُ حُبَّهُ
هَذا مَحالٌ في القِياسِ بَديعُ

لَو كانَ حُبُّكَ صادِقاً لَأَطَعتَهُ
إِنَّ المُحِبَّ لِمَن يُحِبُّ مُطيعُ

في كُلِّ يَومٍ يَبتَديكَ بِنِعمَةٍ
مِنهُ وَأَنتَ لِشُكرِ ذاكَ مُضيعُ


الشافعي

الحمدان
04-12-2024, 10:43 PM
إِذا المَرءُ لا يَرعاكَ إِلّا تَكَلُّفاً
فَدَعهُ وَلا تُكثِر عَلَيهِ التَأَسُّفا

فَفي الناسِ أَبدالٌ وَفي التَركِ راحَةٌ
وَفي القَلبِ صَبرٌ لِلحَبيبِ وَلَو جَفا

فَما كُلُّ مَن تَهواهُ يَهواكَ قَلبُهُ
وَلا كُلُّ مَن صافَيتَهُ لَكَ قَد صَفا

إِذا لَم يَكُن صَفوُ الوِدادِ طَبيعَةً
فَلا خَيرَ في وِدٍّ يَجيءُ تَكَلُّفا

وَلا خَيرَ في خِلٍّ يَخونُ خَليلَهُ
وَيَلقاهُ مِن بَعدِ المَوَدَّةِ بِالجَفا

وَيُنكِرُ عَيشاً قَد تَقادَمَ عَهدُهُ
وَيُظهِرُ سِرّاً كانَ بِالأَمسِ قَد خَفا

سَلامٌ عَلى الدُنيا إِذا لَم يَكُن بِها
صَديقٌ صَدوقٌ صادِقُ الوَعدِ مُنصِفا


الشافعي

الحمدان
04-12-2024, 10:43 PM
لَقَد زانَ البِلادَ وَمَن عَلَيها
إِمامُ المُسلِمينَ أَبو حَنيفَه

بِأَحكامٍ وَآثارٍ وَفِقهٍ
كَآياتِ الزَبورِ عَلى الصَحيفَه

فَما بِالمَشرِقَينِ لَهُ نَظيرٌ
وَلا بِالمَغرِبَينِ وَلا بِكوفَه

فَرَحمَةُ رَبِّنا أَبَداً عَلَيهِ
مَدى الأَيّامِ ما قُرِأَت صَحيفَه


الشافعي

الحمدان
04-12-2024, 10:44 PM
كَيفَ الوصولُ إِلى سُعادٍ وَدونَها
قُلَلُ الجِبالِ وَدونَهُنَّ حُتوفُ

وَالرَجلُ حافِيَةٌ وَلا لي مَركَبٌ
وَالكَفُّ صِفرٌ وَالطَريقُ مَخوفُ


الشافعي

الحمدان
04-12-2024, 10:44 PM
اِرحَل بِنَفسِكَ مِن أَرضٍ تُضامُ بِها
وَلا تَكُن مِن فِراقِ الأَهلِ في حُرَقِ

فَالعَنبَرُ الخامُ رَوثٌ في مَواطِنِهِ
وَفي التَغَرُّبِ مَحمولٌ عَلى العُنُقِ

وَالكُحلُ نَوعٌ مِنَ الأَحجارِ تَنظُرُهُ
في أَرضِهِ وَهوَ مُرميٌّ عَلى الطُرُقِ

لَمّا تَغَرَّبَ حازَ الفَضلَ أَجمَعَهُ
فَصارَ يُحمَلُ بَينَ الجَفنِ وَالحَدَقِ


الشافعي

الحمدان
04-12-2024, 10:44 PM
سَهَري لِتَنقيحِ العُلومِ أَلَذُّ لي
مِن وَصلِ غانِيَةٍ وَطيبِ عِناقِ

وَصَريرُ أَقلامي عَلى صَفَحاتِها
أَحلى مِنَ الدَوكاءِ وَالعُشّاقِ

وَأَلَذُّ مِن نَقرِ الفَتاةِ لِدَفِّها
نَقري لِأُلقي الرَملَ عَن أَوراقي

وَتَمايُلي طَرَباً لِحَلِّ عَويصَةٍ
في الدَرسِ أَشهى مِن مُدامَةِ ساقِ

وَأَبيتُ سَهرانَ الدُجى وَتَبِيتُهُ
نَوماً وَتَبغي بَعدَ ذاكَ لِحاقي


الشافعي

الحمدان
04-12-2024, 10:45 PM
فَإِذا سَمِعتَ بِأَنَّ مَجدوداً حَوى
عُوداً فَأَثمَرَ في يَدَيهِ فَصَدِّقِ

وَإِذا سَمِعتَ بِأَنَّ مَحروماً أَتى
ماءً لِيَشرَبَهُ فَغاصَ فَحَقِّقِ

لَو كانَ بِالحِيَلِ الغِنى لَوَجَدتَني
بِنُجومِ أَقطارِ السَماءِ تَعَلُّقي

لَكِنَّ مَن رُزِقَ الحِجا حُرِمَ الغِنى
ضِدّانِ مُفتَرِقانِ أَيَّ تَفَرُّقِ

وَأَحَقُّ خَلقِ اللَهِ بِالهَمِّ اِمرُؤٌ
ذو هِمَّةٍ يُبلى بِرِزقٍ ضَيِّقِ

وَمِنَ الدَليلِ عَلى القَضاءِ وَحُكمِهِ
بُؤسُ اللَبيبِ وَطيبُ عَيشِ الأَحمَقِ

إِنَّ الَّذي رُزِقَ اليَسارَ فَلَم يَنَل
أَجراً وَلا حَمداً لِغَيرُ مُوَفَّقِ

وَالجَدُّ يُدني كُلَّ أَمرٍ شاسِعٍ
وَالجَدُّ يَفتَحُ كُلَّ بابٍ مُغلَقِ


الشافعي

الحمدان
04-12-2024, 10:46 PM
إِذا المَرءُ أَفشى سِرَّهُ بِلِسانِهِ
وَلامَ عَليهِ غَيرَهُ فَهُوَ أَحمَقُ

إِذا ضاقَ صَدرُ المَرءِ عَن سِرِّ نَفسِهِ
فَصَدرُ الَّذي يُستَودَعُ السِرَّ أَضيَقُ


الشافعي

الحمدان
04-12-2024, 10:46 PM
وَأَنزَلَني طولُ النَوى دارَ غُربَةٍ
إِذا شِئتُ لاقَيتُ أَمراً لا أُشاكِلُه

أُحامِقُهُ حَتّى تُقالَ سَجِيَّةٌ
وَلَو كانَ ذا عَقلٍ لَكُنتُ أُعاقِلُه


الشافعي

الحمدان
04-12-2024, 10:46 PM
لَم يَبقَ في الناسِ إِلّا المَكرُ وَالمَلَقُ
شَوكٌ إِذا لَمَسوا زَهرٌ إِذا رَمَقوا

فَإِن دَعَتكَ ضَروراتٌ لِعِشرَتِهِم
فَكُن جَحيماً لَعَلَّ الشَوكَ يَحتَرِقُ


الشافعي

الحمدان
04-12-2024, 10:47 PM
إِنَّ الغَريبَ لَهُ مَخافَةُ سارِقٍ
وَخُضوعُ مَديونٍ وَذِلَّةُ موثَقِ

فَإِذا تَذَكَّرَ أَهلَهُ وَبِلادَهُ
فَفُؤادُهُ كَجَناحِ طَيرٍ خافِقِ


الشافعي

الحمدان
04-12-2024, 10:50 PM
رَأيْتُ القنَاعَة َ رَأْسَ الغنَى
فصِرتُ بأَذْيَالِهَا مُمْتَسِكْ

فلا ذا يراني على بابهِ
وَلا ذا يَرَاني بهِ مُنْهمِكْ

فصرتُ غَنِيّاً بِلا دِرْهَم
أمرُّ على النَّاسِ شبهَ الملك


الشافعي

الحمدان
04-12-2024, 10:50 PM
عِلمي مَعي حَيثُما يَمَّمتُ يَنفَعُني
قَلبي وِعاءٌ لَهُ لا بَطنُ صُندوقِ

إِن كُنتُ في البَيتِ كانَ العِلمُ فيهِ مَعي
أَو كُنتُ في السوقِ كانَ العِلمُ في السوقِ


الشافعي

الحمدان
04-12-2024, 10:50 PM
لَو كُنتَ بِالعَقلِ تُعطى ما تُريدُ إِذَن
لَما ظَفِرتَ مِنَ الدُنيا بِمَرزوقِ

رُزِقتَ مالاً عَلى جَهلٍ فَعِشتَ بِهِ
فَلَستَ أَوَّلَ مَجنونٍ وَمَرزوقِ


الشافعي

الحمدان
04-12-2024, 10:51 PM
تَوَكَّلتُ في رِزقي عَلى اللَهِ خالِقي
وَأَيقَنتُ أَنَّ اللَهَ لا شَكَّ رازِقي

وَما يَكُ مِن رِزقي فَلَيسَ يَفوتَني
وَلَو كانَ في قاعِ البِحارِ العَوامِقِ

سَيَأتي بِهِ اللَهُ العَظيمُ بِفَضلِهِ
وَلَو لَم يَكُن مِنّي اللِسانُ بِناطِقِ

فَفي أَيِّ شَيءٍ تَذهَبُ النَفسُ حَسرَةً
وَقَد قَسَمَ الرَحمَنُ رِزقَ الخَلائِقِ


الشافعي

الحمدان
04-13-2024, 01:34 AM
إِقنَي حَياءَكَ في عِزٍّ وَفي كَرَمٍ
فَإِنَّما كانَ شَمّاسٌ مِنَ الناسِ

قَد كانَ حَمزَةُ لَيثَ اللَهِ فَاِصطَبِري
فَذاقَ يَومَإِذٍ مِن كاسِ شَمّاسِ


حسان بن ثابت
المخضرمون

الحمدان
04-13-2024, 01:34 AM
لَعَمري لَقَد شانَت هُذَيلَ بنَ مُدرِكٍ
أَحاديثُ كانَت في خُبَيبٍ وَعاصِمِ

أَحاديثُ لِحيانٌ صَلوا بِقَبيحِها
وَلِحيانُ جَرّامونَ شَرَّ الجَرائِمِ

أُناسٌ هُمُ مِن قَومِهِم في صَميمِهِم
بِمَنزِلَةِ الزِمعانِ دُبرِ القَوادِمِ

هُمُ غَدَروا يَومَ الرَجيعِ وَأَسلَمَت
أَمانَتُهُم ذا عِفَّةٍ وَمَكارِمِ

رَسولَ رَسولِ اللَهِ غَدراً وَلَم تَكُن
هُذَيلٌ تُوَقّى مُنكَراتِ المَحارِمِ

فَسَوفَ يَرَونَ النَصرَ يَوماً عَلَيهُمُ
بِقَتلِ الَذي تَحميهِ دونَ الحَرائِمِ

أَبابيلُ دَبرٍ شَمَّسٍ دونَ لَحمِهِ
حَمَت لَحمَ شَهّادٍ عِظامَ المَلاحِمِ

لَعَلَّ هُذَيلاً أَن يَرَوا بِمُصابِهِ
مَصارِعَ قَتلى أَو مَقاماً لِماتَمِ

وَنوقِعَ فيهِم وَقعَةً ذاتَ صَولَةٍ
يُوافي بِها الرُكبانُ أَهلَ المَواسِمِ

بِأَمرِ رَسولِ اللَهِ إِنَّ رَسولَهُ
رَأى رَأيَ ذي حَزمٍ بِلِحيانَ عالِمِ

قُبَيِّلَةٌ لَيسَ الوَفاءُ يُهِمُّهُم
وَإِن ظُلِموا لَم يَدفَعوا كَفَّ ظالِمِ

إِذا الناسُ حَلّوا بِالفَضاءِ رَأَيتَهُم
بِمَجرى سَبيلِ الماءِ بَينَ المَخارِمِ

مَحَلُّهُمُ دارُ البَوارِ وَرَأيُهُم
إِذا نابَهُم أَمرٌ كَرَأيِ البَهائِ


حسان بن ثابت

الحمدان
04-13-2024, 01:34 AM
هَل توفِيَنَّ بَنو أُمَيَّةَ ذِمَّةً
عَقداً كَما أَوفى جِوارُ هِشامِ

مِن مَعشَرٍ لا يَغدُرونَ بِجارِهِم
لِلحارِثِ بنِ حُبَيِّبِ بنِ سِحامِ

وَإِذا بَنو حِسلٍ أَجاروا ذِمَّةً
أَوفَوا وَأَدَّوا جارَهُم بِسَلامِ


حسان بن ثابت

الحمدان
04-13-2024, 01:35 AM
قَد عَفا جاسِمٌ إِلى بَيتِ راسٍ
فَالجَوابي فَجانِبِ الجَولانِ

فَحِمى جاسِمٍ فَأَبنِيَةِ الصُف
فَرِ مَغنى قَنابِلَ وَهِجانِ

فَالقُرَيّاتِ مِن بِلاسَ فَدارَي
يا فَسَكّاءَ فَالقُصورَ الدَواني

قَد دَنا الفِصحُ فَالوَلائِدُ يَنظِم
نَ سِراعاً أَكِلَّةَ المَرجانِ

يَتَبارَينَ في الدُعاءِ إِلى اللَهِ
وَكُلُّ الدُعاءِ لِلشَيطانِ

ذاكَ مَغناً لِآلِ جَفنَةَ في الدَي
رِ وَحَقٌّ تَصَرَّفُ الأَزمانُ

صَلَواتُ المَسيحِ في ذَلِكَ الدَي
رِ دُعاءُ القِسّيسِ وَالرُهبانِ

قَد أَراني هُناكَ حَقَّ مَكينٍ
عِندَ ذي التاجِ مَقعَدي وَمَكاني


حسان بن ثابت

الحمدان
04-13-2024, 01:35 AM
إِذا ما تَرَعرَعَ فينا الغُلامُ
فَما إِن يُقالُ لَهُ مَن هُوَه

إِذا لَم يَسُد قَبلَ شَدِّ الإِزارِ
فَذَلِكَ فينا الَذي لا هُوَه

وَلي صاحِبٌ مِن بَني الشَيصَبانِ
فَطَوراً أَقولُ وَطَوراً هُوَه


حسان بن ثابت

الحمدان
04-13-2024, 01:35 AM
أَلا أَبلِغ أَبا هِدمٍ رَسولاً
مُغَلغَلَةً تَخُبُّ بِها المَطِيُّ

أَكُنتُ وَلِيَّكُم في كُلِّ كُرهٍ
وَغَيري في الرَخاءِ هُوَ الوَلِيُّ

وَمِنكُم شاهِدٌ وَلَقَد رَآني
رُفِعتُ لَهُ كَما اِحتُمِلَ الصَبِيُّ


حسان بن ثابت

الحمدان
04-13-2024, 01:36 AM
أغَرُّ، عَلَيْهِ لِلنُّبُوَّةِ خَاتَمٌ
مِنَ اللَّهِ مَشْهُودٌ يَلُوحُ ويُشْهَدُ

وضمَّ الإلهُ اسمَ النبيّ إلى اسمهِ
إذا قَالَ في الخَمْسِ المُؤذِّنُ أشْهَدُ

وشقّ لهُ منِ اسمهِ ليجلهُ
فذو العرشِ محمودٌ، وهذا محمدُ

نَبيٌّ أتَانَا بَعْدَ يَأسٍ وَفَتْرَةٍ
منَ الرسلِ، والأوثانِ في الأرضِ تعبدُ

فَأمْسَى سِرَاجاً مُسْتَنيراً وَهَادِياً
يَلُوحُ كما لاحَ الصّقِيلُ المُهَنَّدُ

وأنذرنا ناراً، وبشرَ جنةً
وعلمنا الإسلامَ، فاللهَ نحمدُ

وأنتَ إلهَ الخلقِ ربي وخالقي
بذلكَ ما عمرتُ فيا لناسِ أشهدُ

تَعَالَيْتَ رَبَّ الناسِ عن قَوْل مَن دَعا
سِوَاكَ إلهاً، أنْتَ أعْلَى وَأمْجَدُ

لكَ الخلقُ والنعماءُ، والأمرُ كلهُ
فإيّاكَ نَسْتَهْدي، وإيّاكَ نَعْبُدُ



حسان بن ثابت

الحمدان
04-13-2024, 01:36 AM
جزى اللهُ ربُّ الناسِ خيرَ جزائِـهِ
رفيقيـنِ قالا خيمتِـيْ أُمّ معبَـدِ

هما نَزَلاها بالهُدى واهتـدَتْ بـهِ
فقَدْ فازَ مَنْ أمْسَى رَفيـقَ مُحَمـدِ

فَيَا لقُصـيٍّ مـا زَوَى اللهُ عنْكُـمُ
بِهِ من فَخـارٍٍ لا يُبـارَى وَسُـؤدَدِ

لِيَهْنِِ بَنِي كَعـْبٍ مَقـامُ فَتاتِـهمْ
وَمَقْعَدُهـا للمُؤمِنِيـنَ بمَـرْصَـدِ

سَلُوا أُخْتكُمْ عَن شاتـِها وإنائِهـا
فإنّكُمُ إنْ تَسْألـوا الشّـاةَ تَشْهـدِ

دَعَاهَا بشـاةٍ حَائـلٍ فتَحَلبـَتْ
لَهُ بِصريحٍٍ ضَـرّةُ الشّـاةِ مُزبِِـدِ

فَغَادَرَهَـا رَهْنـاً لَدَيْهـا لِحالـبٍ
يُرددُهـا فِـي مَصْـدرٍٍ ثُمّ مَـوردِ


حسان بن ثابت

الحمدان
04-13-2024, 01:57 AM
ألا مَن مُبلِغٌ عَنّي حُرَيثاً
مُغَلغَلَةً أَحانَ أَمِ اِزدَرانا

فَإِنّا قَد أَقَمنا إِذ فَشِلتُم
وَإِنّا بِالرِداعِ لِمَن أَتانا

مِنَ النَعَمِ الَّتي كَحِراجِ إيلٍ
تَحُشُّ الأَرضَ شيماً أَو هِجانا

وَكُلِّ طُوالَةٍ شَنِجٍ نَساها
تَبَدُّ بَدا المَعارِقِ وَالعِنانا

وَأَجرَدَ مِن فُحولِ الخَيلِ طِرفٍ
كَأَنَّ عَلى شَواكِلِهِ دِهانا

وَيَحمي الحَيَّ أَرعَنُ ذو دُروعٍ
مِنَ السُلافِ تَحسَبُهُ إِوانا

فَلا وَأَبيكَ لا نُعطيكَ مِنها
طِوالَ حَياتِنا إِلّا سِنانا

وَإِلّا كُلَّ أَسمَرَ وَهوَ صَدقٌ
كَأَنَّ الليطَ أَنبَتَ خَيزُرانا

وَإِلّا كُلَّ ذي شُطَبٍ صَقيلٍ
يَقُدُّ إِذا عَلا العُنُقُ الجِرانا

أَكَبَّ عَلَيهِ مِصقَلَتَيهِ يَوماً
أَبو عَجلانَ يَشحَذُهُ فَتانا

فَظَلَّ عَلَيهِ يَرشَحُ عارِضاهُ
يَحُدُّ الشَفرَتَينِ فَما أَلانا

وَلا نُعطي المُنى قَوماً عَلَينا
كَما لَيسَ الأُمورُ عَلى مُنانا

وَلا كُشُفٌ فَنَسأَمَ حَربَ قَومٍ
إِذا أَزَمَت رَحىً لَهُمُ رَحانا

يَسوقُ لَنا قِلابَةَ عَبدُ عَمرٍ
لِيَرمِيَنا بِهِم فيمَن رَمانا

وَلَو نَظَروا الصَباحَ إِذاً لَذاقوا
بِأَطرافِ الأَسِنَّةِ ما قِرانا

وَإِنّا بِالصُلَيبِ وَبَطنِ فَلجٍ
جَميعاً واضِعينَ بِها لَظانا

نُدَخِّنُ بِالنَهارِ لِتُبصِرينا
وَلا نَخفى عَلى أَحَدٍ بَغانا

فَإِن يَحتَف أَبو عِمرانَ عَنّا
فَإِنّا وَالثَواقِبِ لَو رَآنا

لَقالَ المُعوِلاتُ عَلَيهِ مِنهُم
لَقَد حانَت مَنِيَّتُهُ وَحانا


الاعشى

الحمدان
04-13-2024, 01:57 AM
بَني عَمَّنا لا تَبعَثوا الحَربَ بَينَنا
كَرَدِّ رَجيعِ الرَفضِ وَاِرموا إِلى السِلمِ

وَكونوا كَما كُنّا نَكونُ وَحافِظوا
عَلَينا كَما كُنّا نُحافِظُ عَن رُهمِ

نِساءِ مَوالينا البَواكي وَأَنتُمُ
مَدَدتُم بِأَيدينا حِلافَ بَني غَنمِ

فَلا تَكسِروا أَرماحَهُم في صُدورِكُم
فَتَغشِمَكُم إِنَّ الرِماحَ مِنَ الغَشمِ


الاعشى

الحمدان
04-13-2024, 01:57 AM
قالَت سُمَيَّةُ إِذ رَأَت
بَرقاً يَلوحُ عَلى الجِبالِ

يا حَبَّذا وادي النُجَيرِ
وَحَبَّذا قَيسُ الفَعالِ

القائِدُ الخَيلَ الجِيادَ
ضَوامِراً مِثلَ المَغالي

التارِكُ الكَسبَ الخَبيثَ
إِذا تَهَيَّأَ لِلقِتالِ


الاعشى

الحمدان
04-13-2024, 01:58 AM
أَتَصرِمُ رَيّا أَم تُديمُ وِصالَها
بَلِ الصَرمَ إِذ زَمَّت بِلَيلٍ جِمالَها

كَأَنَّ حُدوجَ المالِكِيَّةِ غُدوَةً
نَواعِمُ يَجري الماءُ رَفهاً خِلالَها

وَما أُمُّ خِشفٍ جَأبَةُ القَرنِ فاقِدٌ
عَلى جانِبَي تَثليثَ تَبغي غَزالَها

بِأَحسَنَ مِنهَ يَومَ قامَ نَواعِمٌ
فَأَنكَرنَ لَمّا واجَهَتهُنَّ حالَها

فَيا أَخَوَينا مِن أَبينا وَأُمِّنا
أَلَم تَعلَما أَن كُلُّ مَن فَوقَها لَها

فَتَستَيقِنا أَنّا أَخوكُم وَأَنَّنا
إِذا نُتِجَت شَهباءُ يَخشَونَ فالَها

نُقيمُ لَها سوقَ الضِرابِ وَنَعتَصي
بِأَسيافِنا حَتّى نُوَجِّهَ خالَها

وَكائِن دَفَعنا عَنكُمُ مِن عَظيمَةٍ
وَكُربَةِ مَوتٍ قَد بَتَتنا عِقالَها

وَأَرمَلَةٍ تَسعى بِشُعثٍ كَأَنَّها
وَإِيّاهُمُ رَبداءُ حَثَّت رِئالَها

هَنَأنا وَلَم نَمنُن عَلَيها فَأَصبَحَت
رَخِيَّةَ بالٍ قَد أَزَحنا هُزالَها

وَفي كُلِّ عامٍ بَيضَةٌ تَفقَهونَها
فَتَعنى وَتَبقى بَيضَةٌ لا أَخا لَها


الاعشى

الحمدان
04-13-2024, 01:58 AM
صَحا القَلبُ مِن ذِكرى قُتَيلَةَ بَعدَما
يَكونُ لَها مِثلَ الأَسيرِ المُكَبَّلِ

لَها قَدَمٌ رَيّا سِباطٌ بَنانُها
قَدِ اِعتَدَلَت في حُسنِ خَلقٍ مُبَتَّلِ

وَساقانِ مارَ اللَحمُ مَوراً عَلَيهِما
إِلى مُنتَهى خَلخالِها المُتَصَلصِلِ

إِذا اِلتُمِسَت أُربِيَّتاها تَسانَدَت
لَها الكَفُّ في رابٍ مِنَ الخَلقِ مُفضِلِ

إِلى هَدَفٍ فيهِ اِرتِفاعٌ تَرى لَهُ
مِنَ الحُسنِ ظِلّاً فَوقَ خَلقٍ مُكَمَّلِ

إِذا اِنبَطَحَت جافى عَنِ الأَرضِ جَنبُها
وَخَوّى بِها رابٍ كَهامَةِ جُنبُلِ

إِذا ما عَلاها فارِسٌ مُتَبَذِّلٌ
فَنِعمَ فِراشُ الفارِسِ المُتَبَذِّلِ

يَنوءُ بِها بوصٌ إِذا ما تَفَضَّلَت
تَوَعَّبَ عَرضَ الشَرعَبِيِّ المُغَيَّلِ

رَوادِفُهُ تَثني الرِداءَ تَسانَدَت
إِلى مِثلِ دِعصِ الرَملَةِ المُتَهَيِّلِ

نِيافٌ كَغُصنِ البانِ تَرتَجُّ إِن مَشَت
دَبيبَ قَطا البَطحاءِ في كُلِّ مَنهَلِ

وَثَديانِ كَالرُمّانَتَينِ وَجيدُها
كَجيدِ غَزالٍ غَيرَ أَن لَم يُعَطَّلِ

وَتَضحَكُ عَن غُرِّ الثَنايا كَأَنَّهُ
ذُرى أُقحُوانٍ نَبتُهُ لَم يُفَلَّلِ

تَلَألُؤُها مِثلُ اللُجَينِ كَأَنَّما
تَرى مُقلَتَي رِئمٍ وَلَو لَم تَكَحَّلِ

سَجُوّينَ بَرجاوَينِ في حُسنِ حاجِبٍ
وَخَدٍّ أَسيلٍ واضِحٍ مُتَهَلِّلِ

لَها كَبِدٌ مَلساءُ ذاتُ أَسِرَّةٍ
وَنَحرٌ كَفاثورِ الصَريفِ المُمَثَّلِ

يَجولُ وِشاحاها عَلى أَخمَصَيهِما
إِذا اِنفَتَلَت جالاً عَلَيها يُجَلجِلُ

فَقَد كَمُلَت حُسناً فَلا شَيءَ فَوقَها
وَإِنّي لَذو قَولٍ بِها مُتَنَخَّلِ

وَقَد عَلِمَت بِالغَيبِ أَنّي أُحِبُّها
وَأَنّي لِنَفسي مالِكٌ في تَجَمَّلِ

وَما كُنتُ أَشكي قَبلَ قَتلَةَ بِالصِبى
وَقَد خَتَلَتني بِالصِبى كُلَّ مَختَلِ

وَإِنّي إِذا ما قُلتُ قَولاً فَعَلتُهُ
وَلَستُ بِمِخلافٍ لِقَولي مُبَدَّلِ

تَهالَكُ حَتّى تُبطِرَ المَرءَ عَقلَهُ
وَتُصبي الحَليمَ ذا الحِجى بِالتَقَتُّلِ

إِذا لَبِسَت شَيدارَةً ثُمَّ أَبرَقَت
بِمِعصَمِها وَالشَمسُ لَمّا تَرَجَّلِ

وَأَلوَت بِكَفٍّ في سِوارٍ يَزينُها
بَنانٌ كَهُدّابِ الدِمَقسِ المُفَتَّلِ

رَأَيتَ الكَريمَ ذا الجَلالَةِ رانِياً
وَقَد طارَ قَلبُ المُستَخِفَّ المُعَذَّلِ

فَدَعها وَسَلِّ الهَمَّ عَنكَ بِجَسرَةٍ
تَزَيَّدُ في فَضلِ الزَمامِ وَتَعتَلي

فَأَيَّةَ أَرضٍ لا أَتَيتُ سَراتَها
وَأَيَّةُ أَرضٍ لَم أَجُبها بِمَرحَلِ

وَيَومِ حِمامٍ قَد نَزَلناهُ نَزلَةً
فَنِعمَ مُناخُ الضَيفِ وَالمُتَحَوِّلِ

فَأَبلِغ بَني عِجلٍ رَسولاً وَأَنتُمُ
ذَوُو نَسَبٍ دانٍ وَمَجدٍ مُؤَثَّلِ

فَنَحنُ عَقَلنا الأَلفَ عَنكُم لِأَهلِهِ
وَنَحنُ وَرَدنا بِالغَبوقِ المُعَجَّلِ

وَنَحنُ رَدَدنا الفارِسِيِّينَ عَنوَةً
وَنَحنُ كَسَرنا فيهِمُ رُمحَ عَبدَلِ

فَأَيَّ فَلاحِ الدَهرِ يَرجو سَراتُنا
إِذا نَحنُ فيما نابَ لَم نَتَفَضَّلِ

وَأَيَّ بَلاءِ الصِدقِ لا قَد بَلَوتُمُ
فَما فُقِدَت كانَت بَلِيَّةُ مُبتَلي


الاعشى

الحمدان
04-13-2024, 10:23 PM
تغلغل حبُّ عثمةَ في فؤادي
فباديه مع الخافي يسيرُ

أكادُ إذا ذكرتُ العهدَ منها
أطيرُ لو إنساناً يطيرُ

غنيّ النفس أنْ أزدادَ حُبّاً
ولكني إلى صِلةٍ فقيرُ

وانفذَ جارِحاكِ سوادَ قلبي
فأنتِ عليّ ما عشنا أميرُ

....

الحمدان
04-13-2024, 11:22 PM
رَماني بِالصُدورِ كَما تَراني
وَأَلبَسَني الغَرامَ وَقَد بَراني

وَوَقتي كُلُّهُ حُلوٌ لَذيذٌ
إِذا ما كانَ مَولائي يَراني

رَضيتُ بِصُنعِهِ في كُلِّ حالِ
وَلَستُ بِكارِهٍ ما قَد رَماني

فيما مَن لَيسَ يَشهَدُ ما أَراهُ
لَقَد غُيِّبتَ عَن عَينٍ تَراني


الحلاج

الحمدان
04-13-2024, 11:22 PM
فَلَيتَكَ تَحلو وَالحَياةُ مَريرَةٌ
وَلَيتَكَ تَرضى وَالأَنامُ غِضابُ

وَلَيتَ الَّذي بَيني وَبَينَكَ عامِرٌ
وَبَيني وَبَينَ العالَمينَ خَرابُ

إِذا نِلتُ مِنكَ الوُدَّ فَالكُلُّ هَيِّنٌ
وَكُلُّ الَّذي فَوقَ التُرابِ تُرابِ

فَيا لَيتَ شُربي مِن وِدادِكَ صافِياً
وَشُربِيَ مِن ماءِ الفُراتِ سَرابُ


الحلاج العصر العباسي

الحمدان
04-13-2024, 11:23 PM
والله لو حلف العشاق أنهمُ
موتى من الحب أو قتلى لما حنثوا

ترى المحبين صرعى في ديارهمُ
كفتية الكهف لا يدرون كم لبثوا

قومٌ إذا هجروا من بعدِ ما وصلوا
ماتوا وإن عاد وصل بعده بعثوا



الحسين الحلاج

الحمدان
04-14-2024, 07:31 PM
لا تَحسُنُ الوَفرَةُ حَتّى تُرى
مَنشورَةَ الضِفرَينِ يَومَ القِتال

عَلى فَتىً مُعتَقِلٍ صَعدَةً
يَعُلُّها مِن كُلِّ وافي السِبال


المتنبي

الحمدان
04-14-2024, 07:32 PM
ذي المَعالي فَليَعلَوَن مَن تَعالى
هَكَذا هَكَذا وَإِلّا فَلالا

شَرَفٌ يَنطِحُ النُجومَ بِرَوقيهِ
وَعِزٌّ يُقَلقِلُ الأَجبالا

حالُ أَعدائِنا عَظيمٌ وَسَيفُ
الدَولَةِ اِبنُ السُيوفِ أَعظَمُ حالا

كُلَّما أَعجَلوا النَذيرَ مَسيراً
أَعجَلَتهُ جِيادُهُ الإِعجالا

فَأَتَتهُم خَوارِقَ الأَرضِ ما تَحمِلُ
إِلّا الحَديدَ وَالأَبطالا

خافِياتِ الأَلوانِ قَد نَسَجَ النَقعُ
عَلَيها بَراقِعاً وَجِلالا

حالَفَتهُ صُدورُها وَالعَوالي
لَتَخوضَنَّ دونَهُ الأَهوالا

وَلَتَمضِنَّ حَيثُ لا يَجِدُ الرُمحُ
مَداراً وَلا الحِصانُ مَجالا
لا

أَلومُ اِبنَ لاوُنٍ مَلِكَ الرو
مِ
وَإِن كانَ ما تَمَنّى مُحالا

أَقلَقَتهُ بَنِيَّةٌ بَينَ أُذنَيـ
ـهِ
وَبانٍ بَغى السَماءَ فَنالا

كُلَّما رامَ حَطَّها اِتَّسَعَ البَنـ
ـيُ
فَغَطّى جَبينَهُ وَالقَذالا

يَجمَعُ الرومَ وَالصَقالِبَ وَالبُلـ
غَرَ
فيها وَتَجمَعُ الآجالا

وَتُوافِيهِمِ بِها في القَنا السُمـ
ـرِ
كَما وافَتِ العِطاشُ الصِلالا

قَصَدوا هَدمَ سورِها فَبَنوهُ
وَأَتوا كَي يُقَصِّروهُ فَطالا

وَاِستَجَرّوا مَكايِدَ الحَربِ حَتّى
تَرَكوها لَها عَلَيهِم وَبالا

رُبَّ أَمرٍ أَتاكَ لا تَحمَدُ الفُعـ
ـعالَ
فيهِ وَتَحمَدُ الأَفعالا

وَقِسِيٍّ رُميتَ عَنها فَرَدَّت
في قُلوبِ الرُماةِ عَنكَ النِصالا

أَخَذوا الطُرقَ يَقطَعونَ بِها الرُسـ
ـلَ
فَكانَ اِنقِطاعُها إِرسالا

وَهُمُ البَحرُ ذو الغَوارِبِ إِلّا
أَنَّهُ صارَ عِندَ بَحرِكَ آلا

ما مَضَوا لَم يُقاتِلوكَ وَلَكِنـ
ـن
القِتالَ الَّذي كَفاكَ القِتالا

وَالَّذي قَطَّعَ الرِقابَ مِنَ الضَرب
بِكَفَّيكَ قَطَّعَ الآمالا

وَالثَباتُ الَّذي أَجادوا قَديماً
عَلَّمَ الثابِتَينِ ذا الإِجفالا

نَزَلوا في مَصارِعٍ عَرَفوها
يَندُبونَ الأَعمامَ وَالأَخوالا

تَحمِلُ الريحُ بَينَهُم شَعَرَ الهام
وَتَذري عَلَيهِمِ الأَوصالا

تُنذِرُ الجِسمَ أَن يُقيمَ لَدَيها
وَتُريهِ لِكُلِّ عُضوٍ مِثالا

أَبصَرُا الطَعنَ في القُلوبِ دِراكاً
قَبلَ أَن يُبصِروا الرِماحَ خَيالا

وَإِذا حاوَلَت طِعانَكَ خَيلٌ
أَبصَرَت أَذرُعَ القَنا أَميالا

بَسَطَ الرُعبَ في اليَمينِ يَميناً
فَتَوَلّوا وَفي الشِمالِ شِمالا

يَنفُضُ الرَوعُ أَيدِياً لَيسَ تَدري
أَسُيوفاً حَمَلنَ أَم أَغلالا

وَوُجوهاً أَخافَها مِنكَ وَجهٌ
تَرَكَت حُسنَها لَهُ وَالجَمالا

وَالعِيانُ الجَلِيُّ يُحدِثُ لِلظَنن
زَوالاً وَلِلمُرادِ اِنتِقالا

وَإِذا ما خَلا الجَبانُ بِأَرضٍ
طَلَبَ الطَعنَ وَحدَهُ وَالنِزالا

أَقسَموا لا رَؤوكَ إِلّا بِقَلبٍ
طالَما غَرَّتِ العُيونُ الرِجالا

أَيُّ عَينٍ تَأَمَّلَتكَ فَلاقَتـك
وَطَرفٍ رَنا إِلَيكَ فَآلا

ما يَشُكُّ اللَعينَ في أَخذِكَ الجَيـش
فَهَل يَبعَثُ الجُيوشَ نَوالا

ما لِمَن يَنصِبُ الحَبائِلَ في الأَرض
وَمَرجاهُ أَن يَصيدَ الهِلالا

إِنَّ دونَ الَّتي عَلى الدَربِ وَالأَحـدَبِ
وَالنَهرِ مِخلَطاً مِزيالا

غَصَبَ الدَهرَ وَالمُلوكَ عَلَيها
فَبَناها في وَجنَةِ الدَهرِ خالا

فَهيَ تَمشي مَشيَ العَروسِ اِختِيالاً
وَتَثَنّى عَلى الزَمانِ دَلالا

وَحَماها بِكُلِّ مُطَّرِدِ الأَكـ
ـعُبِ جورَ الزَمانِ وَالأَوجالا

وَظُبىً تَعرِفُ الحَرامَ مِنَ الحِلـل
فَقَد أَفنَتِ الدِماءَ حَلالا

في خَميسٍ مِنَ الأُسودِ بَئيسٍ
يَفتَرِسنَ النُفوسَ وَالأَموالا

إِنَّما أَنفُسُ الأَنيسِ سِباعٌ
يَتَفارَسنَ جَهرَةً وَاِغتِيالا

مَن أَطاقَ اِلتِماسَ شَيءٍ غِلاباً
وَاِغتِصاباً لَم يَلتَمِسهُ سُؤالا

كُلُّ غادٍ لِحاجَةٍ يَتَمَنّى
أَن يَكونَ الغَضَنفَرَ الرِئبالا



المتنبي

الحمدان
04-14-2024, 07:32 PM
دُروعٌ لِمَلكِ الرومِ هَذي الرَسائِلُ
يَرُدُّ بِها عَن نَفسِهِ وَيُشاغِلُ

هِيَ الزَرَدُ الضافي عَلَيهِ وَلَفظُها
عَلَيكَ ثَناءٌ سابِغٌ وَفَضائِلُ

وَأَنّى اِهتَدى هَذا الرَسولُ بِأَرضِهِ
وَما سَكَنَت مُذ سِرتَ فيها القَساطِلُ

وَمِن أَيِّ ماءٍ كانَ يَسقي جِيادَهُ
وَلَم تَصفُ مِن مَزجِ الدِماءِ المَناهِلُ

أَتاكَ يَكادُ الرَأسُ يَجحَدُ عُنقَهُ
وَتَنقَدُّ تَحتَ الذُعرِ مِنهُ المَفاصِلُ

يُقَوِّمُ تَقويمُ السَماطَينِ مَشيَهُ
إِلَيكَ إِذا ما عَوَّجَتهُ الأَفاكِلُ

فَقاسَمَكَ العَينَينِ مِنهُ وَلَحظَهُ
سَمِيُّكَ وَالخِلُّ الَّذي لا يُزايِلُ

وَأَبصَرَ مِنكَ الرِزقَ وَالرِزقُ مُطمِعٌ
وَأَبصَرَ مِنهُ المَوتَ وَالمَوتُ هائِلُ

وَقَبَّلَ كُمّاً قَبِّلَ التُربَ قَبلَهُ
وَكُلُّ كَمِيٍّ واقِفٌ مُتَضائِلُ

وَأَسعَدُ مُشتاقٍ وَأَظفَرُ طالِبٍ
هُمامٌ إِلى تَقبيلِ كُمِّكَ واصِلُ

مَكانٌ تَمَنّاهُ الشِفاهُ وَدونَهُ
صُدورُ المَذاكي وَالرِماحُ الذَوابِلُ

فَما بَلَّغَتهُ ما أَرادَ كَرامَةٌ
عَلَيكَ وَلَكِن لَم يَخِب لَكَ سائِلُ

وَأَكبَرَ مِنهُ هِمَّةً بَعَثَت بِهِ
إِلَيكَ العِدى وَاِستَنظَرَتهُ الجَحافِلُ

فَأَقبَلَ مِن أَصحابِهِ وَهوَ مُرسَلٌ
وَعادَ إِلى أَصحابِهِ وَهوَ عاذِلُ

تَحَيَّرَ في سَيفٍ رَبيعَةُ أَصلُهُ
وَطابِعُهُ الرَحمَنُ وَالمَجدُ صاقِلُ

وَما لَونُهُ مِمّا تُحَصِّلُ مُقلَةٌ
وَلا حَدُّهُ مِمّا تَجُسُّ الأَنامِلُ

إِذا عايَنَتكَ الرُسلُ هانَت نُفوسُها
عَلَيها وَما جاءَت بِهِ وَالمُراسِلُ

رَجا الرومُ مَن تُرجى النَوافِلُ كُلُّها
لَدَيهِ وَلا تُرجى لَدَيهِ الطَوائِلُ

فَإِن كانَ خَوفُ القَتلِ وَالأَسرِ ساقَهُم
فَقَد فَعَلوا ما القَتلُ وَالأَسرُ فاعِلُ

فَخافوكَ حَتّى ما لِقَتلٍ زِيادَةٌ
وَجاؤوكَ حَتّى ما تُرادُ السَلاسِلُ

أَرى كُلَّ ذي مُلكٍ إِلَيكَ مَصيرُهُ
كَأَنَّكَ بَحرٌ وَالمُلوكُ جَداوِلُ

إِذا مَطَرَت مِنهُم وَمِنكَ سَحائِبٌ
فَوابِلُهُم طَلٌّ وَطَلُّكَ وابِلُ

كَريمٌ مَتى اِستوهِبتَ ما أَنتَ راكِبٌ
وَقَد لَقِحَت حَربٌ فَإِنَّكَ باذِلُ

أَذا الجودِ أَعطِ الناسِ ما أَنتَ مالِكٌ
وَلا تُعطِيَنَّ الناسَ ما أَنا قائِلُ

أَفي كُلِّ يَومٍ تَحتَ ضِبني شُوَيعِرٌ
ضَعيفٌ يُقاويني قَصيرٌ يُطاوِلُ

لِساني بِنُطقي صامِتٌ عَنهُ عادِلٌ
وَقَلبي بِصَمتي ضاحِكٌ مِنهُ هازِلُ

وَأَتعَبُ مَن ناداكَ مَن لا تُجيبُهُ
وَأَغيَظُ مَن عاداكَ مَن لا تُشاكِلُ

وَما التيهُ طِبّي فيهِمُ غَيرَ أَنَّني
بَغيضٌ إِلَيَّ الجاهِلُ المُتَعاقِلُ

وَأَكبَرُ تيهي أَنَّني بِكَ واثِقٌ
وَأَكثَرُ مالي أَنَّني لَكَ آمِلُ

لَعَلَّ لِسَيفِ الدَولَةِ القَرمِ هَبَّةً
يَعيشُ بِها حَقٌّ وَيَهلِكُ باطِلُ

رَمَيتُ عِداهُ بِالقَوافي وَفَضلِهِ
وَهُنَّ الغَوازي السالِباتُ القَواتِلُ

وَقَد زَعَموا أَنَّ النُجومَ خَوالِدٌ
وَلَو حارَبَتهُ ناحَ فيها الثَواكِلُ

وَما كانَ أَدناها لَهُ لَو أَرادَها
وَأَلطَفَها لَو أَنَّهُ المُتَناوِلُ

قَريبٌ عَلَيهِ كُلُّ ناءٍ عَلى الوَرى
إِذا لَثَّمَتهُ بِالغُبارِ القَنابِلُ

تُدَبِّرُ شَرقَ الأَرضِ وَالغَربِ كَفُّهُ
وَلَيسَ لَها وَقتاً عَنِ الجودِ شاغِلُ

يُتَبِّعُ هُرّابَ الرِجالِ مُرادُهُ
فَمَن فَرَّ حَرباً عارَضَتهُ الغَوائِلُ

وَمَن فَرَّ مِن إِحسانِهِ حَسَداً لَهُ
تَلَقّاهُ مِنهُ حَيثُما سارَ نائِلُ

فَتىً لا يَرى إِحسانَهُ وَهوَ كامِلٌ
لَهُ كامِلاً حَتّى يُرى وَهوَ شامِلُ

إِذا العَرَبُ العَرباءُ رازَت نُفوسَها
فَأَنتَ فَتاها وَالمَليكُ الحَلاحِلُ

أَطاعَتكَ في أَرواحِها وَتَصَرَّفَت
بِأَمرِكَ وَاِلتَفَّت عَلَيكَ القَبائِلُ

وَكُلُّ أَنابيبِ القَنا مَدَدٌ لَهُ
وَما يَنكُتُ الفُرسانَ إِلّا العَوامِلُ

رَأَيتُكَ لَو لَم يَقتَضِ الطَعنُ في الوَغى
إِلَيكَ اِنقِياداً لَاِقتَضَتهُ الشَمائِلُ

وَمَن لَم تُعَلِّمهُ لَكَ الذُلَّ نَفسُهُ
مِنَ الناسَ طُرّاً عَلَّمَتهُ المَناصِلُ




المتنبي

الحمدان
04-14-2024, 07:33 PM
إِن كُنتَ عَن خَيرِ الأَنامِ سائِلاً
فَخَيرُهُم أَكثَرُهُم فَضائِلا

مَن أَنتَ مِنهُم يا هُمامَ وائِلا
الطاعِنينَ في الوَغى أَوائِلا

وَالعاذِلينَ في النَدى العَواذِلا
قَد فَضَلوا بِفَضلِكَ القَبائِلا


المتنبي

الحمدان
04-14-2024, 07:33 PM
لَيَاليّ بَعْدَ الظّاعِنِينَ شُكُولُ
طِوالٌ وَلَيْلُ العاشِقينَ طَويلُ

يُبِنَّ ليَ البَدْرَ الذي لا أُريدُهُ
وَيُخْفِينَ بَدْراً مَا إلَيْهِ سَبيلُ

وَمَا عِشْتُ مِنْ بَعدِ الأحِبّةِ سَلوَةً
وَلَكِنّني للنّائِبَاتِ حَمُولُ

وَإنّ رَحِيلاً وَاحِداً حَالَ بَيْنَنَا
وَفي المَوْتِ مِنْ بَعدِ الرّحيلِ رَحيلُ

إذا كانَ شَمُّ الرَّوحِ أدْنَى إلَيْكُمُ
فَلا بَرِحَتْني رَوْضَةٌ وَقَبُولُ

وَمَا شَرَقي بالمَاءِ إلاّ تَذكّراً
لمَاءٍ بهِ أهْلُ الحَبيبِ نُزُولُ

يُحَرّمُهُ لَمْعُ الأسِنّةِ فَوْقَهُ
فَلَيْسَ لِظَمْآنٍ إلَيْهِ وُصُولُ

أما في النّجوم السّائراتِ وغَيرِهَا
لِعَيْني عَلى ضَوْءِ الصّباحِ دَليلُ

ألمْ يَرَ هذا اللّيْلُ عَيْنَيْكِ رُؤيَتي
فَتَظْهَرَ فيهِ رِقّةٌ وَنُحُولُ

لَقيتُ بدَرْبِ القُلّةِ الفَجْرَ لَقْيَةً
شَفَتْ كَبِدي وَاللّيْلُ فِيهِ قَتيلُ

وَيَوْماً كأنّ الحُسْنَ فيهِ عَلامَةٌ
بعَثْتِ بهَا والشّمسُ منكِ رَسُولُ

وَما قَبلَ سَيفِ الدّوْلَةِ اثّارَ عاشِقٌ
ولا طُلِبَتْ عندَ الظّلامِ ذُحُولُ

وَلَكِنّهُ يَأتي بكُلّ غَريبَةٍ
تَرُوقُ عَلى استِغْرابِها وَتَهُولُ

رَمَى الدّرْبَ بالجُرْدِ الجيادِ إلى العِدى
وَما عَلِمُوا أنّ السّهامَ خُيُولُ

شَوَائِلَ تَشْوَالَ العَقَارِبِ بالقَنَا
لهَا مَرَحٌ مِنْ تَحْتِهِ وَصَهيلُ

وَما هيَ إلاّ خَطْرَةٌ عَرَضَتْ لَهُ
بحَرّانَ لَبّتْهَا قَناً وَنُصُولُ

هُمَامٌ إذا ما هَمّ أمضَى هُمُومَهُ
بأرْعَنَ وَطْءُ المَوْتِ فيهِ ثَقيلُ

وَخَيْلٍ بَرَاهَا الرّكضُ في كلّ بلدةٍ
إذا عَرّسَتْ فيها فلَيسَ تَقِيلُ

فَلَمّا تَجَلّى مِنْ دَلُوكٍ وَصَنْجةٍ
عَلَتْ كلَّ طَوْدٍ رَايَةٌ وَرَعيلُ

على طُرُقٍ فيها على الطُّرْقِ رِفْعَةٌ
وَفي ذِكرِها عِندَ الأنيسِ خُمُولُ

فَمَا شَعَرُوا حَتى رَأوْهَا مُغِيرَةً
قِبَاحاً وَأمّا خَلْقُها فَجَميلُ

سَحَائِبُ يَمْطُرْنَ الحَديدَ علَيهِمِ
فكُلُّ مَكانٍ بالسّيوفِ غَسيلُ

وَأمْسَى السّبَايَا يَنْتَحِبنَ بعِرْقَةٍ
كأنّ جُيُوبَ الثّاكِلاتِ ذُيُولُ

وَعادَتْ فَظَنّوهَا بمَوْزَارَ قُفّلاً
وَلَيسَ لهَا إلاّ الدّخولَ قُفُولُ

فَخاضَتْ نَجيعَ القَوْمِ خَوْضاً كأنّهُ
بكُلِّ نَجيعٍ لمْ تَخُضْهُ كَفيلُ

تُسايِرُها النّيرانُ في كلّ مَنزِلٍ
بهِ القوْمُ صَرْعَى والدّيارُ طُلولُ

وَكَرّتْ فمَرّتْ في دِماءِ مَلَطْيَةٍ
مَلَطْيَةُ أُمٌّ للبَنِينَ ثَكُولُ

وَأضْعَفْنَ ما كُلّفْنَهُ مِنْ قُباقِبٍ
فأضْحَى كأنّ الماءَ فيهِ عَليلُ

وَرُعْنَ بِنَا قَلْبَ الفُراتِ كأنّمَا
تَخِرُّ عَلَيْهِ بالرّجالِ سُيُولُ

يُطارِدُ فيهِ مَوْجَهُ كُلُّ سابحٍ
سَواءٌ عَلَيْهِ غَمْرَةٌ وَمسيلُ

تَراهُ كأنّ المَاءَ مَرّ بجِسْمِهِ
وَأقْبَلَ رَأسٌ وَحْدَهُ وتَليلُ

وَفي بَطْنِ هِنريطٍ وَسِمْنينَ للظُّبَى
وَصُمِّ القَنَا مِمّنْ أبَدْنَ بَدِيلُ

طَلَعْنَ عَلَيْهِمْ طَلْعَةً يَعْرِفُونَها
لهَا غُرَرٌ مَا تَنْقَضِي وَحُجُولُ

تَمَلُّ الحُصُونُ الشُّمُّ طُولَ نِزالِنَا
فَتُلْقي إلَيْنَا أهْلَهَا وَتَزُولُ

وَبِتْنَ بحصْنِ الرّانِ رَزْحَى منَ الوَجى
وَكُلُّ عَزيزٍ للأمِيرِ ذَلِيلُ

وَفي كُلِّ نَفْسٍ ما خَلاهُ مَلالَةٌ
وَفي كُلِّ سَيفٍ ما خَلاهُ فُلُولُ

وَدُونَ سُمَيْساطَ المَطامِيرُ وَالمَلا
وَأوْدِيَةٌ مَجْهُولَةٌ وَهُجُولُ

لَبِسْنَ الدّجَى فيها إلى أرْضِ مرْعَشٍ
وَللرّومِ خَطْبٌ في البِلادِ جَليلُ

فَلَمّا رَأوْهُ وَحْدَهُ قَبْلَ جَيْشِهِ
دَرَوْا أنّ كلَّ العالَمِينَ فُضُولُ

وَأنّ رِمَاحَ الخَطّ عَنْهُ قَصِيرَةٌ
وَأنّ حَديدَ الهِنْدِ عَنهُ كَليلُ

فأوْرَدَهُمْ صَدْرَ الحِصانِ وَسَيْفَهُ
فَتًى بأسُهُ مِثْلُ العَطاءِ جَزيلُ

جَوَادٌ عَلى العِلاّتِ بالمالِ كُلّهِ
وَلَكِنّهُ بالدّارِعِينَ بَخيلُ

فَوَدّعَ قَتْلاهُمْ وَشَيّعَ فَلَّهُمْ
بضَرْبٍ حُزُونُ البَيضِ فيهِ سُهولُ

على قَلْبِ قُسْطَنْطينَ مِنْهُ تَعَجّبٌ
وَإنْ كانَ في ساقَيْهِ مِنْهُ كُبُولُ

لَعَلّكَ يَوْماً يا دُمُسْتُقُ عَائِدٌ
فَكَمْ هارِبٍ مِمّا إلَيْهِ يَؤولُ

نَجَوْتَ بإحْدَى مُهْجَتَيْكَ جرِيحةً
وَخَلّفتَ إحدى مُهجَتَيكَ تَسيلُ

أتُسْلِمُ للخَطّيّةِ ابنَكَ هَارِباً
وَيَسْكُنَ في الدّنْيا إلَيكَ خَليلُ

بوَجْهِكَ ما أنْساكَهُ مِنْ مُرِشّةٍ
نَصِيرُكَ منها رَنّةٌ وَعَوِيلُ

أغَرّكُمُ طولُ الجُيوشِ وَعَرْضُهَا
عَليٌّ شَرُوبٌ للجُيُوشِ أكُولُ

إذا لم تَكُنْ للّيْثِ إلاّ فَريسَةً
غَذاهُ وَلم يَنْفَعْكَ أنّكَ فِيلُ

إذا الطّعْنُ لم تُدْخِلْكَ فيهِ شَجاعةٌ
هيَ الطّعنُ لم يُدخِلْكَ فيهِ عَذولُ

وَإنْ تَكُنِ الأيّامُ أبْصَرْنَ صَوْلَهُ
فَقَدْ عَلّمَ الأيّامَ كَيفَ تَصُولُ

فَدَتْكَ مُلُوكٌ لم تُسَمَّ مَوَاضِياً
فإنّكَ ماضِي الشّفْرَتَينِ صَقيلُ

إذا كانَ بَعضُ النّاسِ سَيفاً لدَوْلَةٍ
فَفي النّاسِ بُوقاتٌ لهَا وطُبُولُ

أنَا السّابِقُ الهادي إلى ما أقُولُهُ
إذِ القَوْلُ قَبْلَ القائِلِينَ مَقُولُ

وَما لكَلامِ النّاسِ فيمَا يُريبُني
أُصُولٌ ولا للقائِليهِ أُصُولُ

أُعَادَى على ما يُوجبُ الحُبَّ للفَتى
وَأهْدَأُ وَالأفكارُ فيّ تَجُولُ

سِوَى وَجَعِ الحُسّادِ داوِ فإنّهُ
إذا حلّ في قَلْبٍ فَلَيسَ يحُولُ

وَلا تَطْمَعَنْ من حاسِدٍ في مَوَدّةٍ
وَإنْ كُنْتَ تُبْديهَا لَهُ وَتُنيلُ

وَإنّا لَنَلْقَى الحادِثاتِ بأنْفُسٍ
كَثيرُ الرّزايا عندَهنّ قَليلُ

يَهُونُ عَلَيْنَا أنْ تُصابَ جُسُومُنَا
وَتَسْلَمَ أعْراضٌ لَنَا وَعُقُولُ

فَتيهاً وَفَخْراً تَغْلِبَ ابْنَةَ وَائِلٍ
فَأنْتِ لخَيرِ الفاخِرِينَ قَبيلُ

يَغُمُّ عَلِيّاً أنْ يَمُوتَ عَدُوُّهُ
إذا لم تَغُلْهُ بالأسِنّةِ غُولُ

شَريكُ المَنَايَا وَالنّفُوسُ غَنيمَةٌ
فَكُلُّ مَمَاتٍ لم يُمِتْهُ غُلُولُ

فإنْ تَكُنِ الدّوْلاتُ قِسْماً فإنّهَا
لِمَنْ وَرَدَ المَوْتَ الزّؤامَ تَدُولُ

لِمَنْ هَوّنَ الدّنْيا على النّفسِ ساعَةً
وَللبِيضِ في هامِ الكُماةِ صَليلُ


المتنبي

الحمدان
04-14-2024, 07:33 PM
وَصَفتَ لَنا وَلَم نَرَهُ سِلاحاً
كَأَنَّكَ واصِفٌ وَقتَ النِزالِ

وَأَنَّ البَيضَ صُفَّ عَلى دُروعٍ
فَشَوَّقَ مَن رَآهُ إِلى القِتالِ

فَلَو أَطفَأتَ نارَكَ تالَدَيهِ
قَرَأتَ الخَطَّ في سودِ اللَيالي

إِنِ اِستَحسَنتَ وَهوَ عَلى بِساطٍ
فَأَحسَنُ ما يَكونُ عَلى الرِجالِ

وَإِنَّ بِها وَإِنَّ بِهِ لَنَقصاً
وَأَنتَ لَها النِهايَةُ في الكَمالِ

وَلَو لَحَظَ الدُمُستُقُ جانِبَيهِ
لَقَلَّبَ رَأيَهُ حالاً لِحالِ


المتنبي

الحمدان
04-14-2024, 07:34 PM
لَقيتَ العُفاةَ بِاّمالِها
وَزُرتَ العُداةَ بِآجالِها

وَأَقبَلَتِ الرومُ تَمشي إِلَيكَ
بَينَ اللُيوثِ وَأَشبالِها

إِذا رَأَتِ الأُسدَ مَسبِيَّةً
فَأَينَ تَفِرُّ بِأَطفالِها


المتنبي

الحمدان
04-14-2024, 07:34 PM
أَتَيتُ بِمَنطِقِ العَرَبِ الأَصيلِ
وَكانَ بِقَدرِ ما عايَنتُ قيلي

فَعارَضَهُ كَلامٌ كانَ مِنهُ
بِمَنزِلَةِ النِساءِ مِنَ البُعولِ

وَهَذا الدُرُّ مَأمونُ التَشَظّي
وَأَنتَ السَيفُ مَأمونُ الفُلولِ

وَلَيسَ يَصِحُّ في الأَفهامِ شَيءٌ
إِذا اِحتاجَ النَهارُ إِلى دَليلِ


المتني

الحمدان
04-14-2024, 07:34 PM
شَديدُ البُعدِ مِن شُربِ الشُمولِ
تُرُنجُ الهِندِ أَو طَلعُ النَخيلِ

وَلَكِن كُلُّ شَيءٍ فيهِ طيبٌ
لَدَيكَ مِنَ الدَقيقِ إِلى الجَليلِ

وَمَيدانُ الفَصاحَةِ وَالقَوافي
وَمُمتَحَنُ الفَوارِسِ وَالخُيولِ


المتنبي

الحمدان
04-14-2024, 07:34 PM
عِشِ اِبقَ اِسمُ سُد قُد جُد مُرِ اِنهَ رِفِ اِسرِ نَل

غِظِ اِرمِ صِبِ اِحمِ اِغزُ اِسبِ رُع زَع دِلِ اِثنِ نُل

وَهَذا دُعاءٌ لَو سَكَتُّ كُفِيتَهُ
لِأَنّي سَأَلتُ اللَهَ فيكَ وَقَد فَعَل


المتنبي

الحمدان
04-14-2024, 07:35 PM
أَقِل أَنِل أُن صُنِ اِحمِل عَلِّ سَلِّ أَعِد

زِد هَشَّ بَشَّ هَبِ اِغفِر أَدنِ سُرَّ صِلِ


المتنبي

الحمدان
04-14-2024, 07:35 PM
أَجابَ دَمعي وَما الداعي سِوى طَلَلِ
دَعا فَلَبّاهُ قَبلَ الرَكبِ وَالإِبِلِ

ظَلِلتُ بَينَ أُصَيحابي أُكَفكِفُهُ
وَظَلَّ يَسفَحُ بَينَ العُذرِ وَالعَذَلِ

أَشكو النَوى وَلَهُم مِن عَبرَتي عَجَبٌ
كَذاكَ كُنتُ وَما أَشكو سِوى الكَلَلِ

وَما صَبابَةُ مُشتاقٍ عَلى أَمَلٍ
مِنَ اللِقاءِ كَمُشتاقٍ بِلا أَمَلِ

مَتى تَزُر قَومَ مَن تَهوى زِيارَتَها
لا يُتحِفوكَ بِغَيرِ البيضِ وَالأَسَلِ

وَالهَجرُ أَقتَلُ لي مِمّا أُراقِبُهُ
أَنا الغَريقُ فَما خَوفي مِنَ البَلَلِ

ما بالُ كُلِّ فُؤادٍ في عَشيرَتِها
بِهِ الَّذي بي وَما بي غَيرُ مُنتَقِلِ

مُطاعَةُ اللَحظِ في الأَلحاظِ مالِكَةٌ
لِمُقلَتَيها عَظيمُ المُلكِ في المُقَلِ

تَشَبَّهُ الخَفِراتُ الآنِساتُ بِها
في مَشيِها فَيَنَلنَ الحُسنَ بِالحِيَلِ

قَد ذُقتُ شِدَّةَ أَيّامي وَلَذَّتَها
فَما حَصَلتُ عَلى صابٍ وَلا عَسَلِ

وَقَد أَراني الشَبابُ الروحَ في بَدَني
وَقَد أَراني المَشيبُ الروحَ في بَدَلي

وَقَد طَرَقتُ فَتاةَ الحَيِّ مُرتَدِياً
بِصاحِبٍ غَيرِ عِزهاةٍ وَلا غَزِلٍ

فَباتَ بَينَ تَراقينا نُدَفِّعُهُ
وَلَيسَ يَعلَمُ بِالشَكوى وَلا القُبَلِ

ثُمَّ اِغتَدى وَبِهِ مِن رَدعِها أَثَرٌ
عَلى ذُؤابَتِهِ وَالجَفنِ وَالخِلَلِ

لا أَكسِبُ الذِكرَ إِلّا مِن مَضارِبِهِ
أَو مِن سِنانٍ أَصَمِّ الكَعبِ مُعتَدِلِ

جادَ الأَميرُ بِهِ لي في مَواهِبِهِ
فَزانَها وَكَساني الدِرعَ في الحُلَلِ

وَمِن عَلِيِّ بنِ عَبدِ اللَهِ مَعرِفَتي
بِحَملِهِ مَن كَعَبدِ اللَهِ أَو كَعَلي

مُعطي الكَواعِبِ وَالجُردِ السَلاهِبِ وَال
بيضِ القَواضِبِ وَالعَسّالَةِ الذَبُلِ

ضاقَ الزَمانُ وَوَجهُ الأَرضِ عَن مَلِكٍ
مِلءِ الزَمانِ وَمِلءِ السَهلِ وَالجَبَلِ

فَنَحنُ في جَذَلٍ وَالرومُ في وَجَلٍ
وَالبَرُّ في شُغُلٍ وَالبَحرُ في خَجَلِ

مِن تَغلِبَ الغالِبينَ الناسَ مَنصِبُهُ
وَمِن عَدِيٍّ أَعادي الجُبنِ وَالبَخَلِ

وَالمَدحُ لِاِبنِ أَبي الهَيجاءِ تُنجِدُهُ
بِالجاهِلِيَّةِ عَينُ العِيِّ وَالخَطَلِ

لَيتَ المَدائِحَ تَستَوفي مَناقِبَهُ
فَما كُلَيبٌ وَأَهلُ الأَعصُرِ الأُوَلِ

خُذ ما تَراهُ وَدَع شَيئاً سَمِعتَ بِهِ
في طَلعَةِ الشَمسِ ما يُغنيكَ عَن زُحَلِ

وَقَد وَجَدتَ مَجالَ القَولِ ذا سَعَةٍ
فَإِن وَجَدتَ لِساناً قائِلاً فَقُلِ

إِنَّ الهُمامَ الَّذي فَخرُ الأَنامِ بِهِ
خَيرُ السُيوفِ بِكَفَّي خَيرَةِ الدُوَلِ

تُمسي الأَمانِيُّ صَرعى دونَ مَبلَغِهِ
فَما يَقولُ لِشَيءٍ لَيتَ ذَلِكَ لي

أُنظُر إِذا اِجتَمَعَ السَيفانِ في رَهَجٍ
إِلى اِختِلافِهِما في الخَلقِ وَالعَمَلِ

هَذا المُعَدُّ لِرَيبِ الدَهرِ مُنصَلِتاً
أَعَدَّ هَذا لِرَأسِ الفارِسِ البَطَلِ

فَالعُربُ مِنهُ مَعَ الكُدرِيِّ طائِرَةٌ
وَالرومُ طائِرَةٌ مِنهُ مَعَ الحَجَلِ

وَما الفِرارُ إِلى الأَجبالِ مِن أَسَدٍ
تَمشي النَعامُ بِهِ في مَعقِلِ الوَعَلِ

جازَ الدُروبَ إِلى ما خَلفَ خَرشَنَةٍ
وَزالَ عَنها وَذاكَ الرَوعُ لَم يَزُلِ

فَكُلَّما حَلَمَت عَذراءُ عِندَهُمُ
فَإِنَّما حَلَمَت بِالسَبيِ وَالجَمَلِ

إِن كُنتَ تَرضى بِأَن يُعطو الجِزى بَذَلوا
مِنها رِضاكَ وَمَن لِلعورِ بِالحَوَلِ

نادَيتُ مَجدَكَ في شِعري وَقَد صَدَرا
يا غَيرَ مُنتَحِلٍ في غَيرِ مُنتَحِلِ

بِالشَرقِ وَالغَربِ أَقوامٌ نُحِبُّهُمُ
فَطالِعاهُم وَكونا أَبلَغَ الرُسُلِ

وَعَرِّفاهُم بِأَنّي في مَكارِمِهِ
أُقَلِّبُ الطَرفَ بَينَ الخَيلِ وَالخَوَلِ

يا أَيُّها المُحسِنُ المَشكورُ مِن جِهَتي
وَالشُكرُ مِن قِبَلِ الإِحسانِ لا قِبَلي

ما كانَ نَومِيَ إِلّا فَوقَ مَعرِفَتي
بِأَنَّ رَأيَكَ لا يُؤتى مِنَ الزَلَلِ

أَقِل أَنِل أَقطِعِ اِحمِل عَلِّ سَلِّ أَعِد
زِد هَشَّ بَشَّ تَفَضَّل أَدنِ سُرَّ صِلِ

لَعَلَّ عَتبَكَ مَحمودٌ عَواقِبُهُ
فَرُبَّما صَحَّتِ الأَجسامُ بِالعِلَل
وَما سَمِعتُ وَلا غَيري بِمُقتَدِرٍ
أَذَبَّ مِنكَ لِزورِ القَولِ عَن رَجُلِ

لِأَنَّ حِلمَكَ حِلمٌ لا تَكَلَّفُهُ
لَيسَ التَكَحُّلُ في العَينَينِ كَالكَحَلِ

وَما ثَناكَ كَلامُ الناسِ عَن كَرَمٍ
وَمَن يَسُدُّ طَريقَ العارِضِ الهَطِلِ

أَنتَ الجَوادُ بِلا مَنٍّ وَلا كَدَرٍ
وَلا مِطالٍ وَلا وَعدٍ وَلا مَذَلِ

أَنتَ الشُجاعُ إِذا ما لَم يَطَأ فَرَسٌ
غَيرَ السَنَوَّرِ وَالأَشلاءِ وَالقُلَلِ

وَرَدَّ بَعضُ القَنا بَعضاً مُقارَعَةً
كَأَنَّهُ مِن نُفوسِ القَومِ في جَدَلِ

لا زِلتَ تَضرِبُ مَن عاداكَ عَن عُرُضٍ
بِعاجِلِ النَصرِ في مُستَأخِرِ الأَجَلِ



المتنبي

الحمدان
04-14-2024, 07:35 PM
أَيَقدَحُ في الخَيمَةِ العُذَّلُ
وَتَشمَلُ مَن دَهرَها يَشمَلُ

وَتَعلو الَّذي زُحَلٌ تَحتَهُ
مُحالٌ لَعَمرُكَ ما تُسأَلُ

فَلِم لا تُلومُ الَّذي لامَها
وَما فَصُّ خاتَمِهِ يَذبُلُ

تَضيقُ بِشَخصِكَ أَرجاؤُها
وَيَركُضُ في الواحِدِ الجَحفَلُ

وَتَقصُرُ ما كُنتَ في جَوفِها
وَتُركَزُ فيها القَنا الذُبَّلُ

وَكَيفَ تَقومُ عَلى راحَةٍ
كَأَنَّ البِحارَ لَها أَنمُلُ

فَلَيتَ وَقارَكَ فَرَّقتَهُ
وَحَمَّلتَ أَرضَكَ ما تَحمِلُ

فَصارَ الأَنامُ بِهِ سادَةً
وَسُدتَهُمُ بِالَّذي يَفضُلُ

رَأَت لَونَ نورِكَ في لَونِها
كَلَونِ الغَزالَةِ لا يُغسَلُ

وَأَنَّ لَها شَرَفاً باذِخاً
وَأَنَّ الخِيامَ بِها تَخجَلُ

فَلا تُنكِرَنَّ لَها صَرعَةً
فَمِن فَرَحِ النَفسِ ما يَقتُلُ

وَلَو بُلِّغَ الناسُ ما بُلِّغَت
لَخانَتهُمُ حَولَكَ الأَرجُلُ

وَلَمّا أَمَرتَ بِتَطنيبِها
أُشيعُ بِأَنَّكَ لا تَرحَلُ

فَما اِعتَمَدَ اللَهُ تَقويضَها
وَلَكِن أَشارَ بِما تَفعَلُ

وَعَرَّفَ أَنَّكَ مِن هَمِّهِ
وَأَنَّكَ في نَصرِهِ تَرفُلُ

فَما العانِدونَ وَما أَثَّلوا
وَما الحاسِدونَ وَما قَوَّلوا

هُم يَطلُبونَ فَمَن أَدرَكوا
وَهُم يَكذِبونَ فَمَن يَقبَلُ

وَهُم يَتَمَنَّونَ ما يَشتَهونَ
وَمِن دونِهِ جَدُّكَ المُقبِلُ

وَمَلمومَةٌ زَرَدٌ ثَوبُها
وَلَكِنَّهُ بِالقَنا مُخمَلُ

يُفاجِئُ جَيشاً بِها حَينُهُ
وَيُنذِرُ جَيشاً بِها القَسطَلُ

جَعَلتُكَ بِالقَلبِ لي عُدَّةً
لِأَنَّكَ بِاليَدِ لا تُجعَلُ

لَقَد رَفَعَ اللَهُ مِن دَولَةٍ
لَها مِنكَ يا سَيفَها مُنصُلُ

فَإِن طُبِعَت قَبلَكَ المُرهَفاتُ
فَإِنَّكَ مِن قَبلِها المِقصَلُ

وَإِن جادَ قَبلَكَ قَومٌ مَضَوا
فَإِنَّكَ في الكَرَمِ الأَوَّلُ

وَكَيفَ تُقَصِّرُ عَن غايَةٍ
وَأُمُّكَ مِن لَيثِها مُشبِلُ

وَقَد وَلَدَتكَ فَقالَ الوَرى
أَلَم تَكُنِ الشَمسُ لا تُنجَلُ

فَتَبّاً لِدينِ عَبيدِ النُجومِ
وَمَن يَدَّعي أَنَّها تَعقِلُ

وَقَد عَرَفَتكَ فَما بالُها
تَراكَ تَراها وَلا تَنزِلُ

وَلَو بِتُّما عِندَ قَدرَيكُما
لَبِتَّ وَأَعلاكُما الأَسفَلُ

أَنَلتَ عِبادَكَ ما أَمَّلوا
أَنالَكَ رَبُّكَ ما تَأمُلُ


المتنبي

الحمدان
04-14-2024, 07:36 PM
يُؤَمِّمُ ذا السَيفُ آمالَهُ
وَلا يَفعَلُ السَيفُ أَفعالَهُ

إِذا سارَ في مَهمَهٍ عَمَّهُ
وَإِن سارَ في جَبَلٍ طالَهُ

وَأَنتَ بِما نُلتَنا مالِكٌ
يُثَمِّرُ مِن مالِهِ مالَهُ

كَأَنَّكَ ما بَينَنا ضَيغَمٌ
يُرَشِّحُ لِلفَرسِ أَشبالَهُ


المتنبي

الحمدان
04-14-2024, 07:36 PM
بِنا مِنكَ فَوقَ الرَملِ ما بِكَ في الرَملِ
وَهَذا الَّذي يُضني كَذاكَ الَّذي يُبلي

كَأَنَّكَ أَبصَرتَ الَّذي بي وَخِفتَهُ
إِذا عِشتَ فَاِختَرتَ الحِمامَ عَلى الثُكلِ

تَرَكتَ خُدودَ الغانِياتِ وَفَوقَها
دُموعٌ تُذيبُ الحُسنَ في الأَعيُنِ النُجلِ

تَبُلُّ الثَرى سوداً مِنَ المِسكِ وَحدَهُ
وَقَد قَطَرَت حُمراً عَلى الشَعَرِ الجَثلِ

فَإِن تَكُ في قَبرٍ فَإِنَّكَ في الحَشى
وَإِن تَكُ طِفلاً فَالأَسى لَيسَ بِالطِفلِ

وَمِثلُكَ لا يُبكي عَلى قَدرِ سِنِّهِ
وَلَكِن عَلى قَدرِ المَخيلَةِ وَالأَصلِ

أَلَستَ مِنَ القَومِ الأُلى مِن رِماحِهِم
نَداهُم وَمِن قَتلاهُمُ مُهجَةُ البُخلِ

بِمَولودِهِم صَمتُ اللِسانِ كَغَيرِهِ
وَلَكِنَّ في أَعطافِهِ مَنطِقَ الفَضلِ

تُسَلّيهِمُ عَلياؤهُم عَن مُصابِهِم
وَيَشغَلُهُم كَسبُ الثَناءِ عَنِ الشُغلِ

أَقَلُّ بِلاءً بِالرَزايا مِنَ القَنا
وَأَقدَمُ بَينَ الجَحفَلَينِ مِنَ النَبلِ

عَزاءَكَ سَيفَ الدَولَةِ المُقتَدى بِهِ
فَإِنَّكَ نَصلٌ وَالشَدائِدُ لِلنَصلِ

مُقيمٌ مِنَ الهَيجاءِ في كُلِّ مَنزِلٍ
كَأَنَّكَ مِن كُلِّ الصَوارِمِ في أَهلِ

وَلَم أَرَ أَعصى مِنكَ لِلحُزنِ عَبرَةً
وَأَثبَتَ عَقلاً وَالقُلوبُ بِلا عَقلِ

تَخونُ المَنايا عَهدَهُ في سَليلِهِ
وَتَنصُرُهُ بَينَ الفَوارِسِ وَالرَجلِ

وَيَبقى عَلى مَرِّ الحَوادِثِ صَبرُهُ
وَيَبدو كَما يَبدو الفِرِندُ عَلى الصَقلِ

وَمَن كانَ ذا نَفسٍ كَنَفسِكَ حُرَّةٍ
فَفيهِ لَها مُغنٍ وَفيها لَهُ مُسلي

وَما المَوتُ إِلّا سارِقٍ دَقَّ شَخصُهُ
يَصولُ بِلا كَفٍّ وَيَسعى بِلا رِجلِ

يَرُدُّ أَبو الشِبلِ الخَميسَ عَنِ اِبنِهِ
وَيُسلِمُهُ عِندَ الوِلادَةِ لِلنَملِ

بِنَفسي وَليدٌ عادَ مِن بَعدِ حَملِهِ
إِلى بَطنِ أُمٍّ لا تُطَرِّقُ بِالحَملِ

بَدا وَلَهُ وَعدُ السَحابَةِ بِالرَوى
وَصَدَّ وَفينا غُلَّةُ البَلَدِ المَحلِ

وَقَد مَدَّتِ الخَيلُ العِتاقُ عُيونَها
إِلى وَقتِ تَبديلِ الرِكابِ مِنَ النَعلِ

وَريعَ لَهُ جَيشُ العَدُوِّ وَما مَشى
وَجاشَت لَهُ الحَربُ الضَروسُ وَما تَغلي

أَيَفطِمُهُ التَورابُ قَبلَ فِطامِهِ
وَيَأكُلُهُ قَبلَ البُلوغِ إِلى الأَكلِ

وَقَبلَ يَرى مِن جودِهِ ما رَأَيتَهُ
وَيَسمَعَ فيهِ ما سَمِعتَ مِنَ العَذلِ

وَيَلقى كَما تَلقي مِنَ السِلمِ وَالوَغى
وَيُمسي كَما تُمسي مَليكاً بِلا مِثلِ

تُوَلّيهِ أَوساطَ البِلادِ رِماحُهُ
وَتَمنَعُهُ أَطرافُهُنَّ مِنَ العَزلِ

نُبَكّي لِمَوتانا عَلى غَيرِ رَغبَةٍ
تَفوتُ مِنَ الدُنيا وَلا مَوهِبٍ جَزلِ

إِذا ما تَأَمَّلتَ الزَمانَ وَصَرفَهُ
تَيَقَّنتَ أَنَّ المَوتَ ضَربٌ مِنَ القَتلِ

هَلِ الوَلَدُ المَحبوبُ إِلّا تَعِلَّةٌ
وَهَل خَلوَةُ الحَسناءِ إِلّا أَذى البَعلِ

وَقَد ذُقتُ حَلواءَ البَنينَ عَلى الصِبا
فَلا تَحسَبَنّي قُلتُ ما قُلتُ عَن جَهلِ

وَما تَسَعُ الأَزمانُ عِلمي بِأَمرِها
وَلا تُحسِنُ الأَيّامُ تَكتُبُ ما أُملي

وَما الدَهرُ أَهلٌ أَن تُؤَمَّلَ عِندَهُ
حَياةٌ وَأَن يُشتاقَ فيهِ إِلى النَسلِ


المتنبي

الحمدان
04-14-2024, 07:36 PM
أَعلى المَمالِكِ ما يُبنى عَلى الأَسَلِ
وَالطَعنُ عِندَ مُحِبِّيهِنَّ كَالقُبَلِ

وَما تَقِرُّ سُيوفٌ في مَمالِكِها
حَتّى تُقَلقَلُ دَهراً قَبلُ في القَلَلِ

مِثلُ الأَميرِ بَغى أَمراً فَقَرَّ بِهِ
طولُ الرِماحِ وَأَيدي الخَيلِ وَالإِبِلِ

وَعَزمَةٌ بَعَثَتها هِمَّةٌ زُحَلٌ
مِن تَحتِها بِمَكانِ التُربِ مِن زُحَلِ

عَلى الفُراتِ أَعاصيرٌ وَفي حَلَبٍ
تَوَحُّشٌ لِمُلَقّي النَصرِ مُقتَبَلِ

تَتلو أَسِنَّتُهُ الكُتبَ الَّتي نَفَذَت
وَيَجعَلُ الخَيلَ أَبدالاً مِنَ الرُسُلِ

يَلقى المُلوكَ فَلا يَلقى سِوى جَزَرٍ
وَما أَعَدّوا فَلا يَلقي سِوى نَفَلِ

صانَ الخَليفَةُ بِالأَبطالِ مُهجَتَهُ
صِيانَةَ الذَكَرِ الهِندِيَّ بِالخَلَلِ

الفاعِلُ الفِعلَ لَم يُفعَل لِشِدَّتِهِ
وَالقائِلُ القَولَ لَم يُترَك وَلَم يُقَلِ

وَالباعِثُ الجَيشَ قَد غالَت عَجاجَتُهُ
ضَوءَ النَهارِ فَصارَ الظُهرُ كَالطَفَلِ

الجَوُّ أَضيَقُ ما لاقاهُ ساطِعُها
وَمُقلَةُ الشَمسِ فيهِ أَحيَرُ المُقَلِ

يَنالُ أَبعَدَ مِنها وَهيَ ناظِرَةٌ
فَما تُقابِلُهُ إِلّا عَلى وَجَلِ

قَد عَرَّضَ السَيفَ دونَ النازِلاتِ بِهِ
وَظاهَرَ الحَزمَ بَينَ النَفسِ وَالغِيَلِ

وَوَكَّلَ الظَنَّ بِالأَسرارِ فَاِنكَشَفَت
لَهُ ضَمائِرُ أَهلِ السَهلِ وَالجَبَلِ

هُوَ الشُجاعُ يَعُدُّ البُخلَ مِن جُبُنٍ
وَهوَ الجَوادُ يَعُدُّ الجُبنَ مِن بَخَلِ

يَعودُ مِن كُلِّ فَتحٍ غَيرَ مُفتَخِرٍ
وَقَد أَغَذَّ إِلَيهِ غَيرَ مُحتَفِلٍ

وَلا يُجيرُ عَلَيهِ الدَهرُ بُغيَتَهُ
وَلا تُحَصِّنُ دِرعٌ مُهجَةَ البَطَلِ

إِذا خَلَعتُ عَلى عِرضٍ لَهُ حُلَلاً
وَجَدتُها مِنهُ في أَبهى مِنَ الحُلَلِ

بِذي الغَباوَةِ مِن إِنشادِها ضَرَرٌ
كَما تُضِرُّ رِياحُ الوَردِ بِالجُعَلِ

لَقَد رَأَت كُلُّ عَينٍ مِنكَ مالِئَها
وَجَرَّبَت خَيرَ سَيفٍ خَيرَةُ الدُوَلِ

فَما تُكَشِّفُكَ الأَعداءُ مِن مَلَلٍ
مِنَ الحُروبِ وَلا الآراءِ عَن زَلَلِ

وَكَم رِجالٍ بِلا أَرضٍ لِكَثرَتِهِم
تَرَكتَ جَمعَهُمُ أَرضاً بِلا رَجُلِ

ما زالَ طِرفُكَ يَجري في دِمائِهِمِ
حَتّى مَشى بِكَ مَشيَ الشارِبِ الثَمِلِ

يا مَن يَسيرُ وَحُكمُ الناظِرينَ لَهُ
فيما يَراهُ وَحُكمُ القَلبِ في الجَذَلِ

إِنَّ السَعادَةَ فيما أَنتَ فاعِلُهُ
وُفِّقتَ مُرتَحِلاً أَو غَيرَ مُرتَحِلِ

أَجرِ الجِيادَ عَلى ما كُنتَ مُجرِيَها
وَخُذ بِنَفسِكَ في أَخلاقِكَ الأُوَلِ

يَنظُرنَ مِن مُقَلٍ أَدمى أَحِجَّتَها
قَرعُ الفَوارِسِ بِالعَسّالَةِ الذُبُلِ

فَلا هَجَمتَ بِها إِلّا عَلى ظَفَرٍ
وَلا وَصَلتَ بِها إِلّا عَلى أَمَلِ


المتنبي

الحمدان
04-14-2024, 07:37 PM
إِلامَ طَماعِيَةُ العاذِلِ
وَلا رَأى في الحُبِّ لِلعاقِلِ

يُرادُ مِنَ القَلبِ نِسيانُكُم
وَتَأبى الطِباعُ عَلى الناقِلِ

وَإِنّي لَأَعشَقُ مِن عِشقِكُم
نُحولي وَكُلَّ اِمرِئٍ ناحِلِ

وَلَو زُلتُمُ ثُمَّ لَم أَبكِكُم
بَكَيتُ عَلى حُبِّيَ الزائِلِ

أَيُنكِرُ خَدّي دُموعي وَقَد
جَرَت مِنهُ في مَسلَكٍ سابِلِ

أَأَوَّلُ دَمعٍ جَرى فَوقَهُ
وَأَوَّلُ حُزنٍ عَلى راحِلِ

وَهَبتُ السُلُوَّ لِمَن لامَني
وَبِتُّ مِنَ الشَوقِ في شاغِلِ

كَأَنَّ الجُفونَ عَلى مُقلَتي
ثِيابٌ شُقِقنَ عَلى ثاكِلِ

وَلَو كُنتَ في أَسرِ غَيرِ الهَوى
ضَمِنتُ ضَمانَ أَبي وائِلِ

فَدى نَفسَهُ بِضَمانِ النُضارِ
وَأَعطى صُدورَ القَنا الذابِلِ

وَمَنّاهُمُ الخَيلَ مَجنوبَةً
فَجِئنَ بِكُلِّ فَتىً باسِلِ

كَأَنَّ خَلاصَ أَبي وائِلٍ
مُعاوَدَةُ القَمَرِ الآفِلِ

دَعا فَسَمِعتَ وَكَم ساكِتٍ
عَلى البُعدِ عِندَكَ كَالقائِلِ

فَلَبَّيتَهُ بِكَ في جَحفَلٍ
لَهُ ضامِنٍ وَبِهِ كافِلِ

خَرَجنَ مِنَ النَقعِ في عارِضٍ
وَمِن عَرَقِ الرَكضِ في وابِلِ

فَلَمّا نَشِفنَ لَقينَ السِياطَ
بِمِثلِ صَفا البَلَدِ الماحِلِ

شَفَنَّ لِخَمسٍ إِلى مَن طَلَبنَ
قُبَيلَ الشُفونِ إِلى نازِلِ

فَدانَت مَرافِقُهُنَّ الثَرى
عَلى ثِقَةٍ بِالدَمِ الغاسِلِ

وَما بَينَ كاذَتَي المُستَغيرِ
كَما بَينَ كاذَتي البائِلِ

فَلُقّينَ كُلَّ رُدَينِيَّةٍ
وَمَصبوجَةٍ لَبَنَ الشائِلِ

وَجَيشَ إِمامٍ عَلى ناقَةٍ
صَحيحِ الإِمامَةِ في الباطِلِ

فَأَقبَلنَ يَنحَزنَ قُدّامَهُ
نَوافِرَ كَالنَحلِ وَالعاسِلِ

فَلَمّا بَدَوتَ لِأَصحابِهِ
رَأَت أُسدُها آكِلَ الآكِلِ

بِضَربٍ يَعُمُّهُمُ جائِرٍ
لَهُ فيهِمِ قِسمَةُ العادِلِ

وَطَعنٍ يُجَمِّعُ شُذّانَهُم
كَما اِجتَمَعَت دِرَّةُ الحافِلِ

إِذا ما نَظَرتَ إِلى فارِسٍ
تَحَيَّرَ عَن مَذهَبِ الراجِلِ

فَظَلَّ يُخَضِّبُ مِنهَ اللُحى
فَتىً لا يُعيدُ عَلى الناصِلِ

وَلا يَستَغيثُ إِلى ناصِرٍ
وَلا يَتَضَعضَعُ مِن خاذِلِ

وَلا يَزَعُ الطَرفَ عَن مُقدَمٍ
وَلا يَرجِعُ الطَرفَ عَن هائِلِ

إِذا طَلَبَ التَبلَ لَم يَشأَهُ
وَإِن كانَ ديناً عَلى ماطِلِ

خُذوا ما أَتاكُم بِهِ وَاِعذِروا
فَإِنَّ الغَنيمَةَ في العاجِلِ

وَإِن كانَ أَعجَبَكُم عامُكُم
فَعودوا إِلى حِمصَ مِن قابِلِ

فَإِنَّ الحُسامَ الخَضيبَ الَّذي
قُتِلتُم بِهِ في يَدِ القاتِلِ

يَجودُ بِمِثلِ الَّذي رُمتُمُ
فَلَم تُدرِكوهُ عَلى السائِلِ

أَمامَ الكَتيبَةِ تُزهى بِهِ
مَكانَ السِنانِ مِنَ العامِلِ

وَإِنّي لَأَعجَبُ مِن آمِلٍ
قِتالاً بِكُم عَلى بازِلِ

أَقالَ لَهُ اللَهُ لا تَلقَهُم
بِماضٍ عَلى فَرَسٍ حائِلِ

إِذا ما ضَرَبتَ بِهِ هامَةً
بَراها وَغَنّاكَ في الكاهِلِ

وَلَيسَ بِأَوَّلِ ذي هِمَّةٍ
دَعَتهُ لِما لَيسَ بِالنائِلِ

يُشَمِّرُ لِلُّجِّ عَن ساقِهِ
وَيَغمُرُهُ المَوجُ في الساحِلِ

أَما لِلخِلافَةِ مِن مُشفِقٍ
عَلى سَيفِ دَولَتِها الفاصِلِ

يَقُدُّ عِداها بِلا ضارِبٍ
وَيَسري إِلَيهِم بِلا حامِلِ

تَرَكتَ جَماجِمُهُم في النَقا
وَما يَتَخَلَّصنَ لِلناخِلِ

فَأَنبَتَّ مِنهُم رَبيعَ السِباعِ
فَأَثنَت بِإِحسانِكَ الشامِلِ

وَعُدتَ إِلى حَلَبٍ ظافِراً
كَعَودِ الحُلِيِّ إِلى العاطِلِ

وَمِثلُ الَّذي دُستَهُ حافِياً
يُؤَثِّرُ في قَدَمِ الناعِلِ

وَكَم لَكَ مِن خَبَرٍ شائِعٍ
لَهُ شِيَةَ الأَبلَقِ الجائِلِ

وَيَومٍ شَرابُ بَنيهِ الرَدى
بَغيضُ الحُضورِ إِلى الواغِلِ

تَفُكُّ العُناةَ وَتُغني العُفاةَ
وَتَغفِرُ لِلمُذنِبِ الجاهِلِ

فَهَنَّأَكَ النَصرَ مُعطيكَهُ
وَأَرضاهُ سَعيُكَ في الآجِلِ

فَذي الدارُ أَخوَنُ مِن مومِسٍ
وَأَخدَعُ مِن كَفَّةِ الحابِلِ

تَفانى الرِجالُ عَلى حُبِّها
وَما يَحصُلونَ عَلى طائِلِ



المتنبي

الحمدان
04-14-2024, 07:37 PM
نُعِدُّ المَشرَفِيَّةَ وَالعَوالي
وَتَقتُلُنا المَنونُ بِلا قِتالِ

وَنَرتَبِطُ السَوابِقَ مُقرَباتٍ
وَما يُنجينَ مِن خَبَبِ اللَيالي

وَمَن لَم يَعشَقِ الدُنيا قَديماً
وَلَكِن لا سَبيلَ إِلى الوِصالِ

نَصيبُكَ في حَياتِكَ مِن حَبيبٍ
نَصيبُكَ في مَنامِكَ مِن خَيالِ

رَماني الدَهرُ بِالأَرزاءِ حَتّى
فُؤادي في غِشاءٍ مِن نِبالِ

فَصِرتُ إِذا أَصابَتني سِهامٌ
تَكَسَّرَتِ النِصالُ عَلى النِصالِ

وَهانَ فَما أُبالي بِالرَزايا
لِأَنّي ما اِنتَفَعتُ بِأَن أُبالي

وَهَذا أَوَّلُ الناعينَ طُرّاً
لِأَوَّلِ مَيتَةٍ في ذا الجَلالِ

كَأَنَّ المَوتَ لَم يَفجَع بِنَفسٍ
وَلَم يَخطُر لِمَخلوقٍ بِبالِ

صَلاةُ اللَهِ خالِقِنا حَنوطٌ
عَلى الوَجهِ المُكَفَّنِ بِالجَمالِ

عَلى المَدفونِ قَبلَ التُربِ صَوناً
وَقَبلَ اللَحدِ في كَرَمِ الخِلالِ

فَإِنَّ لَهُ بِبَطنِ الأَرضِ شَخصاً
جَديداً ذِكرُناهُ وَهُوَ بالي

وَما أَحَدٌ يُخَلَّدُ في البَرايا
بَلِ الدُنيا تَؤولُ إِلى زَوالِ

أَطابَ النَفسَ أَنَّكَ مُتَّ مَوتاً
تَمَنَّتهُ البَواقي وَالخَوالي

وَزُلتِ وَلَم تَرى يَوماً كَريهاً
يُسَرُّ الروحُ فيهِ بِالزَوالِ

رِواقُ العِزِّ حَولَكِ مُسبَطِرٌّ
وَمُلكُ عَلِيٍّ اِبنِكِ في كَمالِ

سَقى مَثواكَ غادٍ في الغَوادي
نَظيرُ نَوالِ كَفِّكِ في النَوالِ

لِساحيهِ عَلى الأَجداثِ حَفشٌ
كَأَيدي الخَيلِ أَبصَرَتِ المَخالي

أُسائِلُ عَنكِ بَعدَكِ كُلَّ مَجدٍ
وَما عَهدي بِمَجدٍ عَنكِ خالي

يَمُرُّ بِقَبرِكِ العافي فَيَبكي
وَيَشغَلُهُ البُكاءُ عَنِ السُؤالِ

وَما أَهداكِ لِلجَدوى عَلَيهِ
لَوَ أَنَّكِ تَقدِرينَ عَلى فَعالِ

بِعَيشِكِ هَل سَلَوتِ فَإِنَّ قَلبي
وَإِن جانَبتُ أَرضَكِ غَيرُ سالي

نَزَلتِ عَلى الكَراهَةِ في مَكانٍ
بَعُدتِ عَنِ النُعامى وَالشَمالِ

تُحَجَّبُ عَنكِ رائِحَةُ الخُزامى
وَتُمنَعُ مِنكِ أَنداءُ الطِلالِ

بِدارٍ كُلُّ ساكِنِها غَريبٌ
طَويلُ الهَجرِ مُنبَتُّ الحِبالِ

حَصانٌ مِثلُ ماءِ المُزنِ فيهِ
كَتومُ السِرِّ صادِقَةُ المَقالِ

يُعَلِّلُها نِطاسِيُّ الشَكايا
وَواحِدُها نِطاسِيُّ المَعالي

إِذا وَصَفوا لَهُ داءً بِثَغرٍ
سَقاهُ أَسِنَّةَ الأَسلِ الطِوالِ

وَلَيسَت كَالإِناثِ وَلا اللَواتي
تُعَدُّ لَها القُبورُ مِنَ الحِجال

وَلا مَن في جَنازَتِها تِجارٌ
يَكونُ وَداعُها نَفضَ النِعالِ

مَشى الأُمَراءُ حَولَيها حُفاةً
كَأَنَّ المَروَ مِن زِفِّ الرِئالِ

وَأَبرَزَتِ الخُدورُ مُخَبَّآتٍ
يَضَعنَ النَقسَ أَمكِنَةَ الغَوالي

أَتَتهُنَّ المُصيبَةُ غافِلاتٍ
فَدَمعُ الحُزنِ في دَمعِ الدَلالِ

وَلَو كانَ النِساءُ كَمَن فَقَدنا
لَفُضِّلَتِ النِساءُ عَلى الرِجالِ

وَما التَأنيثُ لِاِسمِ الشَمسِ عَيبٌ
وَلا التَذكيرُ فَخرٌ لِلهِلالِ

وَأَفجَعُ مَن فَقَدنا مَن وَجَدنا
قُبَيلَ الفَقدِ مَفقودَ المِثالِ

يُدَفِّنُ بَعضُنا بَعضاً وَتَمشي
أَواخِرُنا عَلى هامِ الأَوالي

وَكَم عَينٍ مُقَبَّلَةِ النَواحي
كَحيلٌ بِالجَنادِلِ وَالرِمالِ

وَمُغضٍ كانَ لا يُغدي لِخِطبٍ
وَبالٍ كانَ يُفكِرُ في الهُزالِ

أَسَيفَ الدَولَةِ اِستَنجِد بِصَبرٍ
وَكَيفَ بِمِثلِ صَبرِكَ لِلجِبالِ

فَأَنتَ تُعَلِّمُ الناسَ التَعَزّي
وَخَوضَ المَوتِ في الحَربِ السِجالِ

وَحالاتُ الزَمانِ عَلَيكَ شَتّى
وَحالُكَ واحِدٌ في كُلِّ حالِ

فَلا غيضَت بِحارُكَ يا جَموماً
عَلى عَلَلِ الغَرائِبِ وَالدِخالِ

رَأَيتُكَ في الَّذينَ أَرى مُلوكاً
كَأَنَّكَ مُستَقيمٌ في مُحالِ

فَإِن تَفُقِ الأَنامَ وَأَنتَ مِنهُم
فَإِنَّ المِسكَ بَعضُ دَمِ الغَزالِ


المتنبي

الحمدان
04-14-2024, 08:27 PM
أَعْـلَنْتُ يَـوْمَ التَّأْسِيـسِ تَقْوِيـما
فيهِ الشُّهُـورُ تَزْهُو بِمَنْ حَـكَما

عَــهْـدٌ مِنَ السُّــعُـودِيَّةِ الأُولى
مِنَ الـقُــرُونِ ثَـلاثَــةٌ قِــدَما
حَقَّ

لَهُ في الـتَّـارِيخِ تَـكْـرِيما
يَوْمَ اعْتَلى في الدِّرْعِـيَّـةِ العَلَما

مِنْ بَعْدِ قَرْنَيْنِ صَاغَ مَـمْـلَكَةً
عَبْدُ العَزِيزِ بِالسَّـيْفِ قَدْ حَسَما

أَرْسَى بِها حُكْماً أَوْرَثَ النِّـعَما
نَجْـداً وَأَرْضَ الحِجازِ وَالحَرَما

كَـمْ أَكْـرَمُوا زائِـراً وَمُـقِــيما
أَوْفَى المُلُوكُ مِنْ بَعْـدِهِ ذِمَما

شَـيْخُ المُلُوكِ سَـلْمانُ ذا عَزْمٍ
بِالعَدْلِ قَدْ بَاتَ الكُلُّ يَحْـتَكِما

وَلِـيُّ عَـهْـدِهِ جَـاءَ مُـلْـتَـزِما فِي
رُؤْيَةٍ بِـها أَطْـلَـقَ الهِمَما

عَلَى النُّهُوضِ قَدْ زَادَ تَصْمِيما
فَاقَ الخَيَالَ وَالحُلْمَ فِي نُيُوما

وَكَمْ شَـهِـدْنا مِنْ قَـبْلِها
أُمَـما مِنْها الـمَـقَـرُّ وبَعْـدَها تَـيِـما

فِي الحِجْرِ أَرْسَى المَدائِنَ
قَوْمٌ مِنْهُمْ ثَـمُودُ وَالحالُ قَدْ عُـلِما

لِحْيانُ فِي العُلا نَقْشُهُمْ
رَسَما عَهْدًا وَفِيها الأَنْباطُ قَدْ حَـكَما

كِـنْدَةَ فِي الفَـاوِ كَانَ قَـدِيـما
مِنْهُـمْ أَتَى لَـنَا الشِّـعْرُ وَالكَلِما

حَضَارَةُ السُّعُودِيَّةِ أَسْمى
تَعْلُو عَلى الحَضاراتِ وَالأُمَما

قَدْ نَالَها مِـنَ اللهِ تَــكْـرِيـما
أَلَـيْـسَ فِـيها الـنَّـبِيُّ وَالحَرَما


الشاعر أبو إياد

الحمدان
04-14-2024, 08:27 PM
يخاطبني من الغيب فقال اما تخشى المنية و الزوال

يحذرني المنية و هي شر و ما انا بالمحب لها وصال

فيرفع صوته و انا سميع و يملأ نفسي الحيرى جلال

اما ترَ ان كل الناس هلكى و انك سوف تهلك لا محال

و ادرك ان ما تسعى اليه و تمسكه اذا ما مت زال

و خوف الفقد بعد الخير يقضي على ذي الحرص ان يحيى مذال

تحركه الُلقيمة خبط عشوا يظن بها لعمره قد أطال

و ان العمر لن يزداد يوما و لو ملك العمائر و الجبال

فعمر المرء في الدنيا مقدر و رزقه فيها انفاسا و مالا

فمن خاف المنية و هي حتم
فأمنه في رضاه بها مأال

فيشغل برهة العمر بخير يخلد ذكره حقبا طوال

بخير ليس تهزمه المنايا و لو فَعلت بصاحبه الفِعال

عليٍ لا تطاله قبضتاها كنسر يطلب الشمس منال

فيحيى بعد موته ما يشاء إله و يجزه جِزيا جزالا

ألا لبيك صوت العقل اني رضيت بها من الدنيا بدالا

سأزهد في نعيم ليس يبقى و اترك ما به الانسان عال

سأنشر دعوة الحق بقول كسيف قاطع ينهي الضلال

يقطع باطل الامم جميعا و ينشلها من البؤس انتشالا

سافديها بنفسي و حر مالي عسى الرحمن يقبلني تعالى

الا يا حق فارض على منيب
برغم ذنوبه يرجو انقبال


الشاعر مجاهد المومني

الحمدان
04-14-2024, 08:28 PM
هل من رجُوعٍ لربِيع أخاذُ
مرت عليه سُبُوتٌ و أحادُ

وأصبح كالزهر ِأصابهُ من صباحٍ
برد فأدمعت عينيهِ فغدا نيادُ

يبكي كبعل بليلة زفاف ٍبين ضِفافٍ
أو كخدود جارية عليها الكرى أشهادُ

تقول لصاحبها أويتُ بليلةٍ
أسكرُوها الجوى والبُعاد

دع عنك يا زهر التشبه بالصبا
لا مثلك الحصوات ُوالأوتادُ

يلُمُ به أبا الحن بين سواقي الربُى
لعشه بان ..بالطين تخلطه الأعوادُ

قال لما الشجرُ انحنى
هو كمثل الشهداءِ لم يبطئوا و عادُوا

وغريفُ الأحواضِ يلُمُ قعرهُ
في فاه كمثل جدة بذي آمادُ

بين درُوب ِالحقوُل أشجارٌ
لها أوراقُها المنطادُ

كرِيشٍ من غلمانِ كلبٍ
قامت تُدوِرُ صاحبها انفرادُ

وماء طويل جريه
تحسبه جيشُ قلاع نهوادُ

تساقطت به أوراقُ الصنوبر ِ
وجذوع اللُوتس وأعوادُ عبادُ

تسري عليها الخطوب ُ” يقظانة ً”
تمدحُ الحياة و الرُبى إنشادُ

لما حللت يا ربيع ُورُحت
ألست علينا قبل الرحِيلِ عيادُ

من ذا يدع الربيع يزهوا على ثراه
جوهره السرور لا الطير والأعواد

قلي يا محفل العشب
هل من عود لأشياء تشاد

برمت غاية المنى فمنك الهناء
ومنك من عرس الحقل أولاد

هن طير زقزق بين غريد
طفيلي جاء بغتة من سواد

عليه ريشه المصنع بوردي
ومنقار مرمري وقد له إسعاد

بين غصون البلوط والصفصاف
إلى شجيرات الفلين والأوتاد

يصفر تصفيره الذي له
يظل الحزين ولعا ونهاد

عليك يا أم الحياة ملومة
لم تصيري رغم اللوعة إنشاد

برية على الخطى والتقى
بجوك الصحو وليلك المداد


الشاعر احمد جريري

الحمدان
04-14-2024, 08:48 PM
إِذا ما خَلَوتَ الدَهرَ يَوماً فَلا تَقُل
خَلَوتُ وَلَكِن قُل عَلَيَّ رَقيبُ

وَلا تَحسَبَنَّ اللَهَ يُغفِلُ ما مَضى
وَلا أَنَّ ما يَخفى عَلَيهِ يَغيبُ

لَهَونا لَعَمرُ اللَهِ حَتّى تَتابَعَت
ذُنوبٌ عَلى آثارِهِنَّ ذُنوبُ

فَيا لَيتَ أَنَّ اللَهَ يَغفِرُ ما مَضى
وَيَأذَنُ في تَوباتِنا فَنَتوبُ

إِذا ما مَضى القَرنُ الَّذي كُنتَ فيهِم
وَخُلِّفتَ في قَرنٍ فَأَنتَ غَريبُ

وَإِنَّ امرَأً قَد سارَ خَمسينَ حِجَّةً
إِلى مَنهَلٍ مِن وِردِهِ لَقَريبُ

نَسيبُكَ مَن ناجاكَ بِالوِدِّ قَلبُهُ
وَلَيسَ لِمَن تَحتَ التُرابِ نَسيبُ

فَأَحسِن جَزاءً ما اجتَهَدتَ فَإِنَّما
بِقَرضِكَ تُجزى وَالقُروضُ ضُروبُ


ابو العتاهية

الحمدان
04-14-2024, 08:49 PM
أَذَلَّ الحِرصُ وَالطَمَعُ الرِقابا
وَقَد يَعفو الكَريمُ إِذا اِستَرابا

إِذا اِتَّضَحَ الصَوابُ فَلا تَدَعهُ
فَإِنَّكَ كُلَّما ذُقتَ الصَوابا

وَجَدتَ لَهُ عَلى اللَهَواتِ بَرداً
كَبَردِ الماءِ حينَ صَفا وَطابا

وَلَيسَ بِحاكِمٍ مَن لا يُبالي
أَأَخطَأَ في الحُكومَةِ أَم أَصابا

وَإِنَّ لِكُلِّ تَلخيصٍ لَوَجهاً
وَإِنَّ لِكُلِّ مَسأَلَةٍ جَوابا

وَإِنَّ لِكُلِّ حادِثَةٍ لَوَقتاً
وَإِنَّ لِكُلِّ ذي عَمَلٍ حِسابا

وَإِنَّ لِكُلِّ مُطَّلَعٍ لَحَدّاً
وَإِنَّ لِكُلِّ ذي عَمَلٍ حِسابا

وَكُلُّ سَلامَةٍ تَعِدُ المَنايا
وَكُلُّ عِمارَةٍ تَعِدُ الخَرابا

وَكُلُّ مُمَلَّكٍ سَيَصيرُ يَوماً
وَما مَلَكَت يَداهُ مَعاً تَبابا

أَبَت طَرَفاتُ كُلِّ قَريرِ عَينٍ
بِها إِلّا اِضطِراباً وَاِنقِلابا

كَأَنَّ مَحاسِنَ الدُنيا سَرابٌ
وَأَيُّ يَدٍ تَناوَلتِ السَرابا

وَإِن تَكُ مُنيَةٌ عَجِلَت بِشَيءٍ
تُسَرُّ بِهِ فَإِنَّ لَها ذَهابا

فَيا عَجَباً تَموتُ وَأَنتَ تَبني
وَتَتَّخِذُ المَصانِعَ وَالقِبابا

أَراكَ وَكُلَّما أَغلَقتَ باباً
مِنَ الدُنيا فَتَحتَ عَلَيكَ بابا

أَلَم تَرَ أَنَّ كُلَّ صَباحِ يَومٍ
يَزيدُكَ مِن مَنِيَّتِكَ اِقتِرابا

وَحَقَّ لِموقِنٍ بِالمَوتِ أَلّا
يُسَوِّغَهُ الطَعامَ وَلا الشَرابا

يُدَبِّرُ ما نَرى مَلِكٌ عَزيزٌ
بِهِ شَهِدَت هَوادِثُهُ وَغابا

أَلَيسَ اللَهُ مِن كُلِّ قَريباً
بَلى مِن حَيثُ ما نودي أَجابا

وَلَم تَرَ سائِلاً لِلَّهِ أَكدى
وَلَم تَرَ راجِياً لِلَّهِ خابا

رَأَيتُ الروحَ جَدبَ العَيشِ لَمّا
عَرَفتُ العَيشَ مَخضاً وَاِحتِلابا

وَلَستَ بِغالِبِ الشَهَواتِ حَتّى
تُعِدَّ لَهُنَّ صَبراً وَاِحتِسابا

فَكُلُّ مُصيبَةٍ عَظُمَت وَجَلَّت
تَخِفُّ إِذا رَجَوتَ لَها ثَوابا

كَبِرنا أَيُّها الأَترابُ حَتّى
كَأَنّا لَم نَكُن حيناً شَبابا

وَكُنّا كَالغُصونِ إِذا تَثَنَّت
مِنَ الرَيحانِ مونِقَةً رِطابا

إِلى كَم طولُ صَبوَتِنا بِدارٍ
رَأَيتُ لَها اِغتِصاباً وَاِستِلابا

أَلا ما لِلكُهولِ وَلِلتَصابي
إِذا ما اِغتَرَّ مُكتَهِلُ تَصابى

فَزِعتُ إِلى خِضابِ الشَيبِ مِنهُ
وَإِنَّ نُصولَهُ فَضَحَ الخِضابا

مَضى عَنّي الشَبابُ بِغَيرِ وُدّي
فَعِندَ اللَهِ أَحتَسِبُ الشَبابا

وَما مِن غايَةٍ إِلّا المَنايا
لِمَن خَلِقَت شَبيبَتُهُ وَشابا

وَما مِنكَ الشَبابُ وَلَستَ مِنهُ
إِذا سَأَلَتكَ لِحيَتُكَ الخِضابا


ابو العتاهية

الحمدان
04-14-2024, 08:49 PM
إِنَّ الطَبيبَ بِطِبِّهِ وَدَوائِهِ
لا يَستَطيعُ دِفاعَ مَكروهٍ أَتى

ما لِلطَبيبِ يَموتُ بِالداءِ الَّذي
قَد كانَ يُبرِئُ جُرحَهُ فيما مَضى

ذَهَبَ المُداوي وَالمُداوى وَالَّذي
جَلَبَ الدَواءَ وَباعَهُ وَمَنِ اِشتَرى


ابو العتاهية

الحمدان
04-14-2024, 08:50 PM
يا مَن يُسَرُّ بِنَفسِهِ وَشَبابِهِ
أَنّى سُرِرتَ وَأَنتَ في خُلَسِ الرَدى

أَهلَ القُبورِ لا تَواصُلَ بَينَكُم
مَن ماتَ أَصبَحَ هَبلُهُ رَثَّ القُوى

يا مَن أَقامَ وَقَد مَضى إِخوانُهُ
ما أَنتَ إِلّا واحِدٌ مِمَّن مَضى

أَنَسيتَ أَن تُدعى وَأَنتَ مُحَشرِج
ما إِن تَفيقُ وَلا تُجيبُ لِمَن دَعا

أَمّا خُطاكَ إِلى العَمى فَسَريعَةٌ
وَإِلى الهُدى فَأَراكَ مُنقَبِضَ الخُطا


الفرزدق

الحمدان
04-14-2024, 08:50 PM
مَنَ اَحَسَّ لي أَهلَ القُبورِ وَمَن رَأى
مَنَ اَحَسُّهُم لي بَينَ أَطباقِ الثَرى

مَنَ اَحَسَّ لي مَن كُنتُ آلَفُهُ وَيَأ
لَفُني فَقَد أَنكَرتُ بُعدَ المُلتَقى

مَنَ اَحَسَّهُ لي إِذ يُعالِجُ غُصَّةً
مُتَشاغِلاً بِعِلاجِها عَمَّن دَعا

مَنَ اَحَسَّهُ لي فَوقَ ظَهرِ سَريرِهِ
يَمشي بِهِ نَفَرٌ إِلى بَيتِ البِلى

يا أَيُّها الحَيُّ الَّذي هُوَ مَيِّتٌ
أَفنَيتُ عُمرَكَ بِالتَعَلُّلِ وَالمُنى

أَمّا المَشيبُ فَقَد كَساكَ رِداؤُهُ
وَاِبتَزَّ عَن كَفَّيكَ أَثوابَ الصِبا

وَلَقَد مَضى القَرنُ الَّذينَ عَهَدتَهُم
لِسَبيلِهِم وَلَتَلحَقَنَّ بِمَن مَضى

وَلَقَلَّ ما تَبقى فَكُن مُتَوَقَّعاً
وَلَقَلَّ ما يَصِفو سُرورُكَ إِن صَفا

وَهِيَ السَبيلُ فَخُذ لِذَلِكَ عُدَّةً
فَكَأَنَّ يَومَكَ عَن قَريبٍ قَد أَتى

إِنَّ الغِنى لَهُوَ القُنوعُ بِعَينِهِ
ما أَبعَدَ الطِبعَ الحَريصَ مِنَ الغِنى

لا يَشغَلَنَّكَ لَو وَلَيتَ عَنِ الَّذي
أَصبَحتَ فيهِ وَلا لَعَلَّ وَلا عَسى

خالِف هَواكَ إِذا دَعاكَ لِرَيبَةٍ
فَلَرُبَّ خَيرٍ في مُخالَفَةِ الهَوى

عَلَمُ المَحَجَّةِ بَيِّنٌ لِمُريدِهِ
وَأَرى القُلوبَ عَنِ المَحَجَّةِ في عَمى

وَلَقَد عَجِبتُ لِهالِكٍ وَنجاتُهُ
مَوجودَةٌ وَلَقَد عَجِبتُ لِمَن نَجا

وَعَجِبتُ إِذ نَسي الحِمامَ وَلَيسَ مِن
دونِ الحِمامِ وَإِن تَأَخَّرَ مُنتَهى

ساعاتُ لَيلِكَ وَالنَهارِ كِلَيهِما
رُسُلٌ إِلَيكَ وَهُنَّ يُسرِعنَ الخُطا

وَلَئِن نَجَوتَ فَإِنَّما هِيَ رَحمَةُ الـ
ـمَلِكِ الرَحيمِ وَإِن هَلَكتَ فَبِالجَزا

يا ساكِنَ الدُنيا أَمِنتَ زَوالَها
وَلَقَد تَرى الأَيّامَ دائِرَةَ الرَحى

وَلَكُم أَبادَ الدَهرُ مِن مُتَحَصِّنٍ
في رَأسِ أَرعَنَ شاهِقٍ صَعبِ الذُرى

أَينَ الأُلى بَنوا الحُصونَ وَجَنَّدوا
فيها الجُنودَ تَعَزُّزاً أَينَ الأُلى

أَينَ الحُماةُ الصابِرونَ حَمِيَّةً
يَومَ الهِياجِ لِحَرِّ مُجتَلَبِ القَنا

وَذَوُو المَنابِرِ وَالعَساكِرِ وَالدَسا
كِرِ وَالمَحاصِرِ وَالمَدائِنِ وَالقُرى

وَذَوُو المَواكِبِ وَالمَراكِبِ وَالكَتا
أَئبِ وَالنَجائِبِ وَالمَراتِبِ في العُلى

أَفناهُمُ مَلِكُ المُلوكِ فَأَصبَحوا
ما مِنهُمُ أَحَدٌ يُحَسُّ وَلا يُرى

وَهُوَ الخَفِيُّ الظاهِرُ المَلِكُ الَّذي
هُوَ لَم يَزَل مَلِكاً عَلى العَرشِ اِستَوى

وَهُوَ المُقَدِّرُ وَالمُدَبِّرُ خَلقَهُ
وَهُوَ الَّذي في المُلكِ لَيسَ لَهُ سِوى

وَهُوَ الَّذي يَقضي بِما هُوَ أَهلُهُ
فينا وَلا يُقضى عَلَيهِ إِذا قَضى

وَهُوَ الَّذي بَعَثَ النَبِيَّ مُحَمَّداً
صَلّى الإِلَهُ عَلى النَبِيِّ المُصطَفى

وَهُوَ الَّذي أَنجى وَأَنقَذَنا بِهِ
بَعدَ الصَلالِ مِنَ الضَلالِ إِلى الهُدى

حَتّى مَتى لا تَرعَوي يا صاحِبي
حَتّى مَتى حَتّى مَتى وَإِلى مَتى

وَاللَيلُ يَذهَبُ وَالنَهارُ وَفيهِما
عِبَرٌ تَمُرُّ وَفِكرَةٌ لِأُلي النُهى

حَتّى مَتى تَبغي عِمارَةَ مَنزِلٍ
لا تَأمَنُ الرَوعاتِ فيهِ وَلا الأَذى

يا مَعشَرَ الأَمواتِ يا ضيفانَ تُرب
ذذ الأَرضِ كَيفَ وَجَدتُمُ ذذذطَعمَ الثَرى

ذأَهلَ القُبورِ مَحا التُرابُ وُجوهَكُم
أَهلَ القُبورِ تَغَيَّرَت تِلكَ الحُلى

أَهلَ القُبورِ كَفى بِنَأيِ دِيارَكُم
إِنَّ الدِيارَ بِكُم لَشاحِطَةُ النَوى

أَهلَ القُبورِ لا تَواصُلَ بَينَكُم
مَن ماتَ أَصبَحَ حَبلُهُ رَثَّ القِوى

كَم مِن أَخٍ لي قَد وَقَفتُ بِقَبرِهِ
فَدَعَوتُهُ لِلَّهِ دَرُّكَ مِن فَتى

أَأُخَيَّ لَم يَقِكَ المَنِيَّةَ إِذ أَتَت
ما كانَ أَطعَمَكَ الطَبيبُ وَما سَقى

أَأُخَيَّ لَم تُغنِ التَمائِمُ عَنكَ ما
قَد كُنتُ أَحذَرُهُ عَلَيكَ وَلا الرُقى

أَأُخَيَّ كَيفَ وَجَدتَ مَسَّ خُشونَةِ الـ
ـمَأوى وَكَيفَ وَجَدتَ ضيقَ المُتَّكا

قَد كُنتُ أَفرَقُ مِن فِراقِكَ سالِماً
فَأَجَلُّ مِنهُ فِراقُ دائِرَةِ الرَدى

فَاليَومَ حَقَّ لي التَوَهُّعُ إِذ جَرى
قَدَرُ الإِلَهِ عَلَيَّ فيكَ بِما جَرى

تَبكيكَ عَيني ثُمَّ قَلبي حَسرَةً
وَتَقَطُّعاً مِنهُ عَلَيكَ إِذا بَكى

وَإِذا ذَكَرتُكَ يا أُخَيَّ تَقَطَّعَت
كَبِدي فَأُقلِقتُ الجَوانِحُ وَالحَشا


الفرزدق

الحمدان
04-14-2024, 08:51 PM
الحَمدُ لِلَّهِ عَلى ما نَرى
كُلُّ مَنِ احتيجَ إِلَيهِ زَها

يا أَيُّها المُبتَكِرُ الرائِحُ الـ
ـمُشتَغِلُ القَلبِ الطَويلُ العَنا

نِعمَ الفِراشُ الأَرضُ فَاقنَع بِهِ
وَكُن عَنِ الشَرِّ قَصيرَ الخُطا

ما أَكرَمَ الصَبرَ وَما أَحسَنَ الـ
ـصِدقَ وَما أَزيَنَهُ بِالفَتى

الخُرقُ شُؤمٌ وَالتُقى جُنَّةٌ
وَالرِفقُ يُمنٌ وَالقُنوعُ الغِنى

نافِس إِذا نافَستَ في حِكمَةٍ
آخِ إِذا آخَيتَ أَهلُ التُقى

ما خَيرُ مَن لايُرتَجى نَفعُهُ
يَوماً وَلا يُؤمَنُ مِنهُ الأَذى

وَاللَهُ لِلناسِ بِأَعمالِهِم
وَكُلُّ ناوٍ فَلَهُ ما نَوى

وَطالِبَ الدُنيا المُسامي بِها
في فاقَةٍ لَيسَ لَها مُنتَهى


الفرزدق

الحمدان
04-14-2024, 11:27 PM
أَلا مَن مُبلِغُ الأَحلافِ عَنِّي
فَقَد تُهدَى النَصيحة للنصيحِ

فأنَّكم وما تُزجُونَ نحوي
مِنَ القَولِ المُرَغَّى والصَريحِ

سَيَندَمُ بَعضُكُم عَجلاً عليه
وما أَثرى اللِسانُ إِلى الجَرُوحِ

ابت لي عفَّتِي وأَبى بَلائي
وأَخذِي الحَمدَ بالثَمَنِ الرَبِيحِ

وإِعطائي على المكروهِ مالي
وضَربي هامَةَ البَطَلِ المُشِيحِ

بِذي شطَبٍ كَلَونِ المِلحِ صافٍ
ونَفسٍ ما تَقر على القبيحِ

وقَولي كَلَّما جَشأت وجاشَت
مَكانَكِ تُحمَدِي أو تستريحي

لأَدفَعَ عَن مآثرَ صالحاتٍ
وأحمي بَعدُ عن عِرضٍ صَحِيحِ

أُهِينُ المالَ فيما بَينَ قَومِي
وأدفَعُ عَنهمُ سُنَنَ المَنِيحِ

ابت لي أَن أُقضِّي في فعالي
وأَن أُغضِي على أمرٍ قبيحِ

فأما رُحتُ بالشرفِ المُعلى
وإِما رُحتُ بالموتِ المُرِيحِ

قرَت أحسابُنا كرما فأَبدَت
لنا الضراءُ عن أُدُمٍ صحاحِ

ولم يُظهر لنا عُقراتِ سَوءٍ
جمودُ القطرِ أو بكءُ اللقاحِ
*


ابن الاطنابه

الحمدان
04-14-2024, 11:28 PM
أَرى كُلَّ مَعشوقَينِ غَيري وَغَيرُها
يِلَذّانِ في الدُنيا وَيَغتَبِطانِ

وَأَمشي وَتَمشي في البِلادِ كَأَنَّنا
أَسيرانِ لِلأَعداءِ مُرتَهَنانِ

أُصَلّي فَأَبكي في الصَلاةِ لِذِكرِها
لِيَ الوَيلُ مِمّا يَكتُبُ المَلَكانِ

ضَمِنتُ لَها أَن لا أُهيمَ بِغَيرِها
وَقَد وَثِقَت مِنّي بِغَيرِ ضَمانِ

أَلا يا عِبادَ اللَهِ قوموا لِتَسمَعوا
خُصومَةَ مَعشوقَينِ يَختَصِمانِ

وَفي كُلِّ عامٍ يَستَجِدّانِ مَرَّةً
عِتاباً وَهَجراً ثُمَّ يَصطَلِحانِ

يَعيشانِ في الدُنيا غَريبَينِ أَينَما
أَقاما وَفي الأَعوامِ يَلتَقِيانِ

وَما صادِياتٌ حُمنَ يَوماً وَلَيلَةً
عَلى الماءِ يُغشَينَ العِصِيَّ حَواني

لَواغِبُ لا يَصدُرنَ عَنهُ لِوِجهَةٍ
وَلا هُنَّ مِن بَردِ الحِياضِ دَواني

يَرَينَ حَبابَ الماءِ وَالمَوتُ دونَهُ
فَهُنَّ لِأَصواتِ السُقاةِ رَواني

بِأَكثَرَ مِنّي غُلَّةً وَصَبابَةً
إِلَيكِ وَلَكِنَّ العَدُوَّ عَداني


جميل بثينة

الحمدان
04-14-2024, 11:28 PM
شَهِدتُ بِأَنّي لَم تَغَيَّر مَوَدَّتي
وَإِنّي بِكُم حَتّى المَماتِ ضَنينُ

وَأَنَّ فُؤادي لا يَلينُ إِلى هَوى
سِواكِ وَإِن قالوا بَلى سَيَلينُ

فَقَد لانَ أَيّامَ الصِبا ثُمَّ لَم يَكَد
مِنَ الدَهرِ شَيءٌ بَعدَهُنَّ يَلينُ

وَلَمّا عَلَونَ اللابَتَينِ تَشَوَّفَت
قُلوبٌ إِلى وادي القُرى وَعُيونُ

كَأَنَّ دُموعَ العَينِ يَومَ تَحَمَّلَت
بُثَينَةُ يَسقيها الرِشاشَ مَعينُ

ظَعائِنُ ما في قُربِهُنَّ لِذي هَوىً
مِنَ الناسِ إِلّا شِقوَةٌ وَفُنونُ

وَواكَلنَهُ وَالهَمَّ ثُمَّ تَرَكنَهُ
وَفي القَلبِ مِن وَجدٍ بِهِنَّ حَنينُ

وَرُحنَ وَقَد أَودَعنَ قَلبي أَمانَةً
لِبَثنَةَ سِرٌّ في الفُؤادِ كَمينُ

كَسِرِّ النَدى لَم يَعلَمِ الناسُ أَنَّهُ
ثَوى في قَرارِ الأَرضِ وَهُوَ دَفينُ

إِذا جاوَزَ الإِثنَينِ سِرٌّ فَإِنَّهُ
بِنَثٍّ وَإِفشاءِ الحَديثِ قَمينُ

تُشَيِّبُ رَوعاتُ الفِراقِ مَفارِقي
وَأَنشَزنَ نَفسي فَوقَ حَيثُ تَكونُ

فَواحَسرَتا إِن حيلَ بَيني وَبَينَها
وَيا حَينَ نَفسي كَيفَ فيكِ تَحينُ

وَإِنّي لَأَستَغشي وَما بِيَ نَعسَةٌ
لَعَلَّ لِقاءً في المَنامِ يَكونُ

فَإِن دامَ هَذا الصَرمُ مِنكِ فَإِنَّني
لَأَغبَرِها في الجانِبَينِ رَهينُ

لَكَيما يَقولُ الناسُ ماتَ وَلَم يَمِن
عَلَيكِ وَلَم تَنبَتَّ مِنكِ قُرونُ

يَقولونَ ما أَبلاكَ وَالمالُ عامِرٌ
عَلَيكَ وَضاحي الجِلدِ مِنكَ كَنينُ

فَقُلتُ لَهُم لا تَعذِلونِيَ وَاِنظُروا
إِلى النازِعِ المَقصورِ كَيفَ يَكونُ


جميل بثينة

الحمدان
04-14-2024, 11:28 PM
أَلا مِن لِقَلبٍ لا يَمُلُّ فَيَذهَلُ
أَفِق فَالتَعَزّي عَن بُثَينَةَ أَجمَلُ

سَلا كُلُّ ذي وُدٍّ عَلِمتُ مَكانَهُ
وَأَنتَ بِها حَتّى المَماتِ مُوَكَّلُ

فَما هَكَذا أَحبَبتَ مَن كانَ قَبلُها
وَلا هَكَذا فيما مَضى كُنتَ تَفعَلُ

أَعِن ظُعُنِ الحَيِّ الأُلى كُنتَ تَسأَلُ
بِلَيلٍ فَرَدّوا عيرَهُم وَتَحَمَّلوا

فَأَمسوا وَهُم أَهلُ الدِيارِ وَأَصبَحوا
وَمِن أَهلِها الغِربانُ بِالدارِ تَحجِلُ

عَلى حينَ وَلّى الأَمرُ عَنّا وَأَسمَحَت
عَصا البَينِ وَاِنبَتَّ الرَجاءُ المُؤَمَّلُ

وَقَد أَبقَتِ الأَيّامُ مِنّي عَلى العِدى
حُساماً إِذا مَسَّ الضَريبَةَ يَفصِلُ

وَلَستُ كَمَن إِن سيمَ ضَيماً أَطاعَهُ
وَلا كَاِمرِئٍ إِن عَضَّهُ الدَهرُ يَنكُلُ

لَعُمري لَقَد أَبدى لِيَ البَينُ صَفحَةُ
وَبَيَّنَ لي ما شِئتَ لَو كُنتُ أَعقِلُ

وَآخِرُ عَهدي مِن بُثَينَةَ نَظرَةٌ
عَلى مَوقِفٍ كادَت مِنَ البَينِ تَقتُلُ

فَلِلَّهِ عَينا مَن رَأى مِثلُ حاجَةٍ
كَتَمتُكِها وَالنَفسُ مِنها تَمَلمَلُ

وَإِنّي لَأَستَبكي إِذا ذُكِرَ الهَوى
إِلَيكِ وَإِنّي مَن هَواكِ لَأَوجِلُ

نَظَرتُ بِبِشرٍ نَظرَةً ظَلتُ أَمتَري
بِها عَبرَةً وَالعَينُ بِالدَمعِ تُكحَلُ

إِذا ما كَرَرتُ الطَرفَ نَحوَكِ رَدَّهُ
مِنَ البُعدِ فَيّاضٌ مِنَ الدَمعِ يَهمِلُ

فَيا قَلبُ دَع ذِكرى بُثَينَةَ إِنَّها
وَإِن كُنتَ تَهواها تَضَنَّ وَتَبخَلُ

قَناةٌ مِنَ المُرّانِ ما فَوقَ حَقوِها
وَما تَحتَهُ مِنها نَقاً يَتَهَيَّلُ

وَقَد أَيأَسَت مِن نَيلِها وَتَجَهَّمَت
وَلَليَأسُ إِن لَم يُقدَرِ النَيلُ أَمثَلُ

وَإِلّا فَسَلها نائِلاً قَبلَ بَينِها
وَأَبخِل بِها مَسؤولَةً حينَ تُسأَلُ

وَكَيفَ تُرَجّي وَصلَها بَعدَ بُعدِها
وَقَد جُذَّ حَبلُ الوَصلِ مِمَّن تُؤَمِّلُ

وَإِنَّ الَّتي أَحبَبتَ قَد حيلَ دونَها
فَكُن حازِماً وَالحازِمُ المُتَحَوِّلُ

فَفي اليَأسِ ما يُسلي وَفي الناسِ خُلَّةٌ
وَفي الأَرضِ عَمَّن لا يُؤاتيكَ مَعزِلُ

بَدا كَلَفٌ مِنّي بِها فَتَثاقَلَت
وَما لا يُرى مِن غائِبِ الوَجدِ أَفضَلُ

هَبيني بَريئاً نِلتِهِ بِظُلامَةٍ
عَفاها لَكُم أَو مُذنِباً يَتَنَصَّلُ


جميل بثينة

الحمدان
04-14-2024, 11:29 PM
أَلَم تَسأَلِ الرَبعَ الخَلاءَ فَيَنطِقُ
وَهَل تُخبِرَنكِ اليَومَ بَيداءَ سَملَقُ

وَقَفتُ بِها حَتّى تَجَلَّت عَمايَتي
وَمَلَّ الوُقوفَ الأَرحَبِيُّ المُنَوَّقُ

بِمُختَلَفِ الأَرواحِ بَينَ سُوَيقَةٍ
وَأَحدَبَ كادَت بَعدَ عَهدِكِ تَخلُقُ

أَضَرَّت بِها النَكباءُ كُلَّ عَشِيَّةٍ
وَنَفخُ الصَبا وَالوابِلُ المُتَبَعِّقُ

وَقالَ خَليلي إِنَّ ذا لَصَبابَةٌ
أَلا تَزجُرُ القَلبَ اللَجوجَ فَيُلحَقُ

تَعَزَّ وَإِن كانَت عَلَيكَ كَريمَةً
لَعَلَّكَ مِن رِقّ لبَثنَةَ تَعتِقُ

فَقُلتُ لَهُ إِنَّ البعادَ لَشائِقي
وَبَعضُ بِعادِ البَينِ وَالنَأي أَشوَقُ

لَعَلَّكَ مَحزونٌ وَمُبدٍ صَبابَةً
وَمُظهِرُ شَكوى مِن أُناسٍ تَفَرَّقوا

وَما يَبتَغي مِنّي عُداةٌ تَعاقَدوا
وَمِن جِلدِ جاموسٍ سَمينٍ مُطَرَّقُ

وَأَبيَضَ مِن ماءِ الحَديدِ مُهَنَّد
لَهُ بَعدَ إِخلاصِ الضَريبَةِ رَونَقُ

إِذا ما عَلَت نَشزاً تَمُدُّ زِمامَها
كَما اِمتَدَّ جِلدُ الأَصلَفِ المُتَرَقرِقُ

وَبيضٍ غَريراتٍ تُثَنّي خُصورَها
إِذا قُمنَ أَعجازٌ ثِقالٌ وَأَسوُقُ

غَرائِرَ لَم يَعرِفنَ بُؤسَ مَعيشَةٍ
يُجَنَّ بِهِنَّ الناظِرُ المُتَنَوِّقُ

وَغَلغَلتُ مِن وَجدٍ إِلَيهِنَّ بَعدَما
سَرَيتُ وَأَحشائي مِنَ الخَوفِ تَخفِقُ

مَعي صارِمٌ قَد أَخلَصَ القَينُ صَقلَهُ
لَهُ حينَ أَغشيهِ الضَريبَةَ رَونَقُ

فَلَولا اِحتِيالي ضِقنَ ذَرعاً بِزائِرٍ
بِهِ مِن صَباباتٍ إِلَيهنَّ أَولَقُ

تَسوكُ بِقُضبانِ الأَراكِ مُفَلَّجاً
يُشَعشِعُ فيهِ الفارِسِيُّ المُرَوَّقُ

أَبَثنَةُ لَلوَصلُ الَّذي كانَ بَينَنا
نَضا مِثلَما يَنضو الخِضابُ فَيَخلُقُ

أَبثنَةُ ما تَنأَينَ إِلّا كَأَنَّني
بِنَجمِ الثُرَيّا ما نَأَيتِ مُعَلَّقُ


جميل بثينة

الحمدان
04-14-2024, 11:29 PM
أَمِن مَنزِلٍ قَفرٍ تَعَفَّت رُسومَهُ
شَمالٌ تُغاديهِ وَنَكباءُ حَرجَفُ

فَأَصبَحَ قَفراً بَعدَما كانَ آهِلاً
وَجُملُ المُنى تَشتو بِهِ وَتُصَيِّفُ

ظَلَلتُ وَمُستَنٌّ مِنَ الدَمعِ هامِلٌ
مِنَ العَينِ لَمّا عُجتُ بِالدارِ يَنزِفُ

أَمُنصِفَتي جُملٌ فَتَعدِلَ بَينَنا
إِذا حَكَمَت وَالحاكِمُ العَدلُ يُنصِفُ

تَعَلَّقتُها وَالجِسمُ مِنّي مُصَحَّحٌ
فَما زالَ يَنمي حُبُّ جُملٍ وَأَضعُفُ

إِلى اليَوم حَتّى سَلَّ جِسمي وَشَفَّني
وَأَنكَرتُ مِن نَفسي الَّذي كُنتُ أَعرِفُ

قَناةٌ مِنَ المُرّانِ ما فَوقَ حَقوِها
وَما تَحتَهُ مِنها نَقاً يَتَقَصَّفُ

لَها مُقلَتا ريمٍ وَجيدُ جِدايَةٍ
وَكَشحٌ كَطَيِّ السابِرِيَّةِ أَهيَفُ

وَلَستُ بِناسٍ أَهلَها حينَ أَقبَلوا
وَجالوا عَلَينا بِالسُيوفِ وَطَوَّفوا

وَقالوا جَميلٌ باتَ في الحَيِّ عِندَها
وَقَد جَرَّدوا أَسيافَهُم ثُمَّ وَقَّفوا

وَفي البَيتِ لَيثُ الغابِ لَولا مَخافَةٌ
عَلى نَفسِ جَملٍ وَالإِلَه لَأُرعِفوا

هَمَمتُ وَقَد كادَت مِراراً تَطَلَّعَت
إِلى حَربِهِم نَفسي وَفي الكَفِّ مُرهَفُ

وَما سَرَّني غَيرُ الَّذي كانَ مِنهُمُ
وَمِنّي وَقَد جاؤوا إِلَيَّ وَأَوجَفوا

فَكَم مُرتَجٍ أَمراً أُتيحَ لَهُ الرَدى
وَمِن خائِفٍ لَم يَنتَقِصهُ التَخَوُّفُ

أَإِن هَتَفَت وَرقاءُ ظِلتَ سَفاهَةً
تبكي عَلى جُملٍ لِوَرقاءَ تَهتِفُ

فَلَو كانَ لي بِالصَرمِ يا صاحِ طاقَةٌ
صَرَمتُ وَلَكِنّي عَنِ الصَرمِ أَضعفُ

لَها في سَوادِ القَلبِ بِالحُبِّ مَنعَةٌ
هِيَ المَوتُ أَو كادَت عَلى المَوتِ تُشرِفُ

وَما ذَكَرَتكِ النَفسُ يا بثنَ مَرَّةً
مِنَ الدَهرِ إِلّا كادَتِ النَفسُ تُتلَفُ

وَإِلا اِعتَرَتني زَفرَةٌ وَاِستِكانَةٌ
وَجادَ لَها سَجلٌ مِنَ الدَمعِ يَذرِفُ

وَما اِستَطرَفَت نَفسي حَديثاً لِخلَّةٍ
أُسِرّ بِهِ إِلّا حَديثُكِ أَطرَفُ

وَبَينَ الصَفا وَالمَروَتَينِ ذَكَرتُكُم
بِمُختَلِفٍ وَالناسُ ساعٍ وَموجِفُ

وَعِندَ طَوافي قَد ذَكَرتُكِ مَرَّةً
هِيَ المَوتُ بَل كادَت عَلى المَوتِ تَضعفُ


جميل بثينة

الحمدان
04-14-2024, 11:30 PM
أَهاجَكَ أَم لا بِالمَداخِلِ مَربَعُ
وَدارٌ بِأَجراعِ الغَديرَينِ بَلقَعُ

دِيارٌ لِسَلمى إِذ نَحِلُّ بِها مَعاً
وَإِذ نَحنُ مِنها بِالمَوَدَّةِ نَطمَعُ

وَإِن تَكُ قَد شَطَّت نَواها وَدارُها
فَإِنَّ النَوى مِمّا تُشِتُّ وَتَجمَعُ

إِلى اللَهِ أَشكو لا إِلى الناسِ حُبَّها
وَلا بُدَّ مِن شَكوى حَبيبٍ يُرَوَّعُ

أَلا تَتَّقينَ اللَهَ فيمَن قَتَلتِهِ
فَأَمسى إِلَيكُم خاشِعاً يَتَضَرَّعُ

فَإِن يَكُ جُثماني بِأَرض سِواكُمُ
فَإِنَّ فُؤادي عِندكِ الدَهرَ أَجمَعُ

إِذا قُلتُ هَذا حينَ أَسلو وَأَجتَري
عَلى هَجرِها ظَلَّت لَها النَفسُ تَشفَعُ

أَلا تَتَّقينَ اللَهَ في قَتلِ عاشِقٍ
لَهُ كَبِدٌ حَرّى عَلَيكِ تَقَطَّعُ

غَريبٌ مَشوقٌ مولَعٌ بِاِدِّكارِكُم
وَكُلُّ غَريبِ الدارِ بِالشَوقِ مولَعُ

فَأَصبَحتُ مِمّا أَحدَثَ الدَهرُ موجِعاً
وَكُنتُ لِرَيبِ الدَهرِ لا أَتَخَشَّعُ

فَيا رَبِّ حَبِّبني إِلَيها وَأَعطِني
المَوَدَّةَ مِنها أَنتَ تُعطي وَتَمنَعُ

وَإِلّا فَصَبِّرني وَإِن كُنتُ كارِهاً
فَإِنّي بِها يا ذا المَعارِجِ مولَعُ

وَإِن رمتُ نَفسي كَيفَ آتي لِصَرمِها
وَرمتُ صدوداً ظَلَّتِ العَينُ تَدمَعُ

جَزِعتُ حِذارَ البَينِ يَومَ تَحَمَّلوا
وَمَن كانَ مِثلي يا بُثَينَةُ يَجزَعُ

تَمَتَّعتُ مِنها يَومَ بانوا بِنَظرَةٍ
وَهَل عاشِقٌ مِن نَظرَةٍ يَتَمَتَّعُ

كَفى حَزَناً لِلمَرءِ ما عاشَ أَنَّهُ
بِبَينِ حَبيبٍ لا يَزالُ يُرَوَّعُ

فَوا حَزَناً لَو يَنفَعُ الحزنُ أَهلَهُ
وَواجَزَعاً لَو كانَ لِلنَفسِ مَجزَعُ

فَأَيُّ فُؤادٍ لا يَذوبُ لِما أَرى
وَأَيُّ عُيونٍ لا تَجودُ فَتَدمَعُ


جميل بثينة

الحمدان
04-14-2024, 11:30 PM
أَغادٍ أَخي مِن آلِ سَلمى فَمُبكِرُ
أَبِن لي أَغادٍ أَنت أَم مُتَهَجِّرُ

فَإِنَّك إِن لا تَقضِني ثِنيَ ساعَةٍ
فَكُلُّ اِمرِئٍ ذي حاجَةٍ مُتَيَسِّرُ

فَإِن كُنتَ قَد وَطَّنتَ نَفساً بِحُبِّها
فَعِندَ ذَوي الأَهواءِ وِردٌ وَمَصدَرُ

وَآخَرُ عَهدٍ لي بِها يَومَ وَدَّعَت
وَلاحَ لَها خَدٌّ مَليحٌ وَمَحجِرُ

عَشِيَّةَ قالَت لا تُضيعَنَّ سرَّنا
إِذا غِبتَ عَنّا وَاِرعَهُ حينَ تُدبِرُ

وَطَرفكَ إِمّا جِئتَنا فَاِحفَظَنَّهُ
فَذيعُ الهَوى بادٍ لِمَن يَتَبَصَّرُ

وَأَعرِض إِذا لاقَيتَ عَيناً تَخافُها
وَظاهِر بِبَغضٍ إِنَّ ذَلِكَ أَستَرُ

فَإِنَّكَ إِن عَرَضتَ فينا مَقالَةً
يَزِد في الَّذي قَد قُلتَ واشٍ وَيُكثَرُ

وَيَنشُرُ سِرّاً في الصَديقِ وَغَيرِهِ
يَعِزُّ عَلَينا نَشرُهُ حينَ يُنشَرُ

فَما زِلتَ في إِعمالِ طَرفِكَ نَحوَنا
إِذا جِئتَ حَتّى كادَ حُبُّكَ يَظهَرُ

لأَهلِيَ حَتّى لامَني كُلُّ ناصِحٍ
وَإِنّي لأَعصي نَهيُهُم حينَ أزجرُ

وَما قُلتُ هَذا فَاِعلَمَنَّ تَجَنُّباً
لصَرمٍ وَلا هَذا بِنا عَنكَ يَقصُرُ

وَلَكِنَّني أَهلي فِداؤُكَ أَتَّقي
عَلَيكَ عُيونَ الكاشِحينَ وَأَحذَرُ

وَأَخشَى بَني عَمّي عَلَيكَ وَإِنَّما
يَخافُ وَيَتقي عِرضَهُ المُتَفَكِّرُ

وَأَنتَ اِمرُؤ مِن أَهلِ نَجدٍ وَأَهلُنا
تَهامٍ فَما النَجدِيُّ وَالمُتَغَوِّرُ

غَريبٌ إِذا ما جِئتَ طالِبَ حاجَةٍ
وَحَولِيَ أَعداءٌ وَأَنتَ مُشَهَّرُ

وَقَد حَدَّثوا أَنّا اِلتَقَينا عَلى هَوىً
فَكُلُّهُم مِن حَملِهِ الغَيظَ موقَرُ

فَقُلتُ لَها يا بَثنَ أَوصَيتِ حافِظاً
وَكُلُّ اِمرِئٍ لَم يَرعَهُ اللَهُ مُعوِرُ

فَإِن تَكُ أُمُّ الجَهمِ تَشكي مَلامَةً
إِلَيَّ فَما أَلقى مِنَ اللَومِ أَكثَرُ

سَأَمنَحُ طَرفي حينَ أَلقاكِ غَيرَكُم
لِكَيما يَرَوا أَنَّ الهَوى حَيثُ أَنظُرُ

أُقَلِّبُ طَرفي في السَماءِ لَعَلَّهُ
يُوافِقُ طَرفي طَرفَكُم حينَ يَنظُرُ

وَأَكني بِأَسماءٍ سواكِ وَأَتَّقي
زِيارَتَكُم وَالحُبّ لا يَتَغَيَّرُ

فَكَم قَد رَأَينا واجِداً بِحَبيبَةٍ
إِذا خافَ يُبدي بُغضَهُ حينَ يَظهَرُ


جميل بثينة

الحمدان
04-14-2024, 11:30 PM
يا صاحِ عَن بَعضِ المَلامَةِ أَقصِرِ
إِنَّ المُنى للِقاء أُمّ المِسوَرِ

وَكَأَنَّ طارِقَها عَلى علَلِ الكَرى
وَالنَجمُ وَهناً قَد دَنا لِتَغورِ

يَستافُ ريحَ مَدامَةٍ مَعجونَةٍ
بِذَكِيِّ مِسكٍ أَو سَحيقِ العَنبَرِ

إِنّي لَأَحفَظُ غَيبَكُم وَيَسُرُّني
لَو تَعلَمينَ بِصالِح أَن تُذكَري

وَيَكونُ يَومٌ لا أَرى لَكِ مُرسَلاً
أَو نَلتَقي فيهِ عَلَي كَأَشهُرِ

يا لَيتَني أَلقى المَنِيَّةَ بغتَةً
إِن كانَ يَومُ لِقائِكُم لَم يقدرِ

أَو أَستَطيعُ تَجَلُّداً عَن ذِكرِكُم
فَيفيقُ بَعضُ صَبابَتي وَتُفَكِّري

لَو تَعلَمينَ بِما أُجِنُّ مِنَ الهَوى
لَعَذَرتِ أَو لَظَلَمتِ إِن لَم تَعذِري

وَاللَهِ ما لِلقَلبِ مِن عِلمٍ بِها
غَيرُ الظُنونِ وَغَيرُ قَولِ المُخبِرِ

لا تَحسَبي أَنّي هَجَرتُكِ طائِعاً
حَدَثٌ لَعَمرُكِ رائِعٌ أَن تُهجَري

وَلَتَبكِيَنّي الباكِياتُ وَإِن أَبُح
يَوماً بِسِرِّكِ مُعلِناً لَم أُعذَرِ

يَهواكِ ما عِشتُ الفُؤادُ فَإِن أَمُت
يَتبَع صَدايَ صَداكِ بَينَ الأَقبُرِ

إِنّي إِلَيكِ بِما وَعَدتِ لناظِرٌ
نَظَرَ الفَقيرِ إِلى الغَنِيِّ المُكثِرِ

تُقضى الدُيونُ وَلَيسَ يُنجِزُ مَوعِداً
هَذا الغَريمُ لَنا وَلَيسَ بِمُعسِرِ

ما أَنتِ وَالوَعد الَّذي تَعِديني
إِلّا كَبَرقِ سَحابَةٍ لَم تُمطِرِ

قَلبي نَصَحتُ لَهُ فَرَدَّ نَصيحَتي
فَمَتى هَجَرتيهِ فَمِنهُ تَكَثَّري



جميل بثينة

الحمدان
04-14-2024, 11:31 PM
خَليلَيَّ عوجا اليَومَ حَتّى تُسَلّما
عَلى عَذبَةِ الأَنيابِ طَيِّبَةِ النَشرِ

فَإِنَّكُما إِن عُجتُما لِيَ ساعَةً
شَكَرتُكُما حَتّى أُغَيَّبَ في قَبري

أَلِمّا بِها ثُمَّ اِشفِعا لي وَسَلِّما
عَلَيها سَقاها اللَهُ مِن سائِغِ القَطرِ

وَبوحا بِذِكري عِندَ بُثنَةَ وَاِنظُرا
أَتَرتاحُ يَوماً أَم تَهَشَّ إِلى ذِكري

فَإِن لَم تَكُن تَقطَع قُوى الوُدّ بَينَنا
وَلَم تَنسَ ما أَسلَفتُ في سالِفِ الدَهرِ

فَسَوفَ يُرى مِنها اِشتِياقٌ وَلَوعَةٌ
بِبَينٍ وَغَربٌ مِن مَدامِعِها يَجري

وَإِن تَكُ قَد حالَت عَنِ العَهدِ بَعدَنا
وَأَصغَت إِلى قَولِ المُؤَنِّبِ وَالمُزري

فَسَوفَ يُرى مِنها صُدودٌ وَلَم تَكُن
بِنَفسِيَ مِن أَهلِ الخِيانَةِ وَالغَدرِ

أَعوذُ بِكَ اللَهُمَّ أَن تَشحَطَ النَوى
بِبَثنَةَ في أَدنى حَياتي وَلا حَشري

وَجاوِر إِذا ما متُّ بَيني وَبَينَها
فَيا حَبَّذا مَوتي إِذا جاوَرَت قَبري

عَدِمتُكَ مِن حُبٍّ أَما مِنكَ راحَةٌ
وَما بِكَ عَنّي مِن تَوانٍ وَلا فَترِ

أَلا أَيُّها الحُبُّ المُبَرِّحُ هَل تَرى
أَخا كَلَفٍ يُغرى بِحُبٍّ كَما أُغري

أَجِدَّكَ لا تَبلي وَقَد بَلِيَ الهَوى
وَلا يَنتَهي حُبّي بُثَينَةَ لِلزَجرِ

هِيَ البَدرُ حُسناً وَالنِساءُ كَواكِبٌ
وَشَتّانَ ما بَينَ الكَواكِبِ وَالبَدرِ

لَقَد فضّلَت حُسناً عَلى الناسِ مِثلَما
عَلى أَلفِ شَهرٍ فُضِّلَت لَيلَةُ القَدرِ

عَلَيها سَلامُ اللَهِ مِن ذي صَبابَةٍ
وَصَبٍّ مُعَنّىً بِالوَساوِسِ وَالفِكرِ

وَإِنَّكُما إِن لَم تَعوجا فَإِنَّني
سَأَصرِفُ وَجدي فَأذَنا اليَومَ بِالهَجرِ

أَيَبكي حَمامُ الأَيكِ مِن فَقدِ إِلفِهِ
وَأَصبِرُ ما لي عَن بُثَينَةَ مِن صَبرِ

وَما لِيَ لا أَبكي وَفي الأَيكِ نائِحٌ
وَقَد فارَقَتني شَختَةُ الكَشحِ وَالخَصرِ

يَقولونَ مَسحورٌ يُجَنُّ بِذِكرِها
وَأُقسِمُ ما بي مِن جُنون وَلا سِحرِ

وَأُقسِمُ لا أَنساكِ ما ذَرَّ شارِقٌ
وَما هَبَّ آلٌ في مُلَمَّعَةٍ قَفرِ

وَما لاحَ نَجمٌ في السَماءِ مُعَلَّقٌ
وَما أَورَقَ الأَغصانُ مِن فَنَنِ السَدرِ

لَقَد شُغِفَت نَفسي بُثَينَ بِذِكرِكُم
كَما شُغِفَ المَخمورُ يا بَثنَ بِالخَمرِ

ذَكَرتُ مَقامي لَيلَةَ البانِ قابِضاً
عَلى كَفِّ حَوراءِ المَدامِعِ كَالبَدرِ

فَكِدتُ وَلَم أَملِك إِلَيها صَبابَةً
أَهيمُ وَفاضَ الدَمعُ مِنّي عَلى نَحري

فَيا لَيتَ شِعري هَل أَبيتَنَّ لَيلَةً
كَلَيلَتِنا حَتّى نَرى ساطِعَ الفَجرِ

تَجودُ عَلَينا بِالحَديثِ وَتارَةً
تَجودُ عَلَينا بِالرُضابِ مِنَ الثَغرِ

فَيا لَيتَ رَبّي قَد قَضى ذاكَ مَرَّةً
فَيَعلَم رَبّي عِندَ ذَلِكَ ما شُكري

وَلَو سَأَلَت مِنّي حَياتي بَذَلتُها
وَجدتُ بِها إِن كانَ ذَلِكَ مِن أَمري

مَضى لي زَمانٌ لَو أُخَيَّرُ بَينَهُ
وَبَينَ حَياتي خالِداً آخِرَ الدَهرِ

لَقُلتُ ذَروني ساعَةً وَبُثَينَةً
عَلى غَفلَةِ الواشينَ ثُمَّ اِقطَعوا عُمري

مُفَلَّجَةُ الأَنيابِ لَو أَنَّ ريقَها
يُداوى بِهِ المَوتى لَقاموا بِهِ مِنَ القَبرِ

إِذا ما نَظَمتُ الشِعرَ في غَيرِ ذِكرِها
أَبي وَأَبيها أَن يُطاوِعَني شِعري

فَلا أُنعِمَت بَعدي وَلا عِشتُ بَعدَها
وَدامَت لَنا الدُنيا إِلى مُلتَقى الحَشرِ


جميل بثينة

الحمدان
04-14-2024, 11:31 PM
أَلَم تَسأَلِ الدارَ القَديمَةَ هَل لَها
بِأُمِّ حُسَينٍ بَعدَ عَهدِكَ مِن عَهدِ

سَلي الركبَ هَل عُجنا لِمَغناكِ مَرَّةً
صُدورَ المَطايا وَهيَ موقَرَةٌ تَخدي

وَهَل فاضَتِ العَينُ الشَروقُ بِمائِها
مِن اجلِكِ حَتّى اِخضَلَّ مِن دَمعِها بَردي

وَإِنّي لَأَستَجري لَكِ الطَيرَ جاهِداً
لَتَجري بِيُمنٍ مِن لِقائِكِ أَو سَعدِ

وَإِنّي لَأَستَبكي إِذا الركبُ غَرَّدوا
بِذِكراكِ أَن يَحيا بِكِ الركبُ إِذ يَحدي

فَهَل تَجزِيَنّي أُمُّ عَمروٍ بِودِّها
فَإِنَّ الَّذي أُخفي بِها فَوقَ ما أُبدي

وَكُلُّ مُحِبٍّ لَم يَزِد فَوقَ جُهدِهِ
وَقَد زِدتُها في الحُبِّ مِنّي عَلى الجُهدِ

إِذا ما دَنَت زِدتُ اِشتِياقاً وَإِن نَأَت
جَزِعتُ لِنَأيِ الدارِ مِنها وَلِلبُعدِ

أَبى القَلبُ إِلّا حُبَّ بَثنَةَ لَم يُرِد
سِواها وَحُبَّ القَلبِ بَثنَةَ لا يُجدي

تَعَلَّقَ روحي روحَها قَبلَ خَلقِنا
وَمِن بَعدِ ما كُنّا نِطافاً وَفي المَهدِ

فَزادَ كَما زدنا فَأَصبَحَ نامِياً
وَلَيسَ إِذا متنا بِمُنتَقَضِ العَهدِ

وَلَكِنَّهُ باقٍ عَلى كُلِّ حالَةٍ
وَزائِرُنا في ظُلمَةِ القَبرِ وَاللحدِ

وَما وَجَدَت وَجدي بِها أُمُّ واحِدٍ
وَلا وَجَدَ النَهدِيُّ وَجدي عَلى هِندِ

وَلا وَجَدَ العُذرِيُّ عُروَةُ إِذ قَضى
كَوَجدي وَلا مَن كانَ قَبلي وَلا بَعدي

عَلى أَنَّ مَن قَد ماتَ صادَفَ راحَةً
وَما لِفُؤادي مِن رَواحٍ وَلا رُشدِ

يَكادُ فَضيضُ الماءِ يَخدِشُ جلدها
إِذا اِغتَسَلَت بِالماءِ مِن رِقَّةِ الجِلدِ

وَإِنّي لَمُشتاقٌ إِلى ريحِ جَيبِها
كَما اِشتاقَ إِدريسٌ إِلى جَنَّةِ الخُلدِ

لَقَد لامَني فيها أَخٌ ذو قَرابَةٍ
حَبيبٌ إِلَيهِ في مَلامَتِهِ رُشدي

وَقالَ أَفِق حَتّى مَتى أَنتَ هائِمٌ
بِبَثنَةَ فيها قَد تُعيدُ وَقَد تُبدي

فَقُلتُ لَهُ فيها قَضى اللَهُ ما تَرى
عَليَّ وَهَل فيما قَضى اللَهُ مِن رَدِّ

فَإِن كانَ رُشداً حُبُّها أَو غِوايَةً
فَقَد جِئتُهُ ما كانَ مِنّي عَلى عَمدِ

لَقَد لَجَّ ميثاقٌ مِنَ اللَهِ بَينَنا
وَلَيسَ لِمَن لَم يوفِ لِلَّهِ مِن عَهدِ

فَلا وَأَبيها الخَير ما خُنتُ عَهدَها
وَلا لِيَ عِلمٌ بِالَّذي فَعَلَت بَعدي

وَما زادَها الواشونَ إِلّا كَرامَةً
عَلَيَّ وَما زالَت مَوَدَّتُها عِندي

أَفي الناسِ أَمثالي أَحَبَّ فَحالُهُم
كَحالي أَم اَحبَبتُ مِن بَينِهِم وَحدي

وَهَل هَكَذا يَلقى المُحِبّونَ مِثلَ ما
لَقيتُ بِها أَم لَم يَجِد أَحَدٌ وَجدي

يَغورُ إِذا غارَت فُؤادي وَإِن تَكُن
بِنَجدٍ يَهِم مِنّي الفُؤادُ إِلى نَجدِ

أَتَيتُ بَني سَعدٍ صَحيحاً مُسَلَّماً
وَكانَ سَقامَ القَلبِ حُبُّ بَني سَعدِ



جميل بثينة

الحمدان
04-14-2024, 11:32 PM
أَلا لَيتَ رَيعانَ الشَبابِ جَديدُ
وَدَهراً تَوَلّى يا بُثَينَ يَعودُ

فَنَبقى كَما كُنّا نَكونُ وَأَنتُمُ
قَريبٌ وَإِذ ما تَبذُلينَ زَهيدُ

وَما أَنسَ مِنَ الأَشياءِ لا أَنسَ قَولَها
وَقَد قُرِّبَت نَضوي أَمِصرَ تُريدُ

وَلا قَولَها لَولا العُيونُ الَّتي تَرى
لَزُرتُكَ فَاِعذُرني فَدَتكَ جُدودُ

خَليلَيَّ ما أَلقى مِنَ الوَجدِ باطِنٌ
وَدَمعي بِما أُخفي الغَداةَ شَهيدُ

أَلا قَد أَرى وَاللَهِ أَن رُبَّ عُبرَةٍ
إِذا الدار شَطَّت بَينَنا سَتَزيدُ

إِذا قُلتُ ما بي يا بُثَينَةُ قاتِلي
مِنَ الحُبِّ قالَت ثابِتٌ وَيَزيدُ

وَإِن قُلتُ رُدّي بَعضَ عَقلي أَعِش بِهِ
تَوَلَّت وَقالَت ذاكَ مِنكَ بَعيدُ

فَلا أَنا مَردودٌ بِما جِئتُ طالِباً
وَلا حُبُّها فيما يَبيدُ يَبيدُ

جَزَتْكِ الجَوازي يا بُثَينَ سَلامَةً
إِذا ما خَليلٌ بانَ وَهُوَ حَميدُ

وَقُلْتُ لَها بَيني وَبَينَكِ فَاِعلَمي
مِنَ اللَهِ ميثاقٌ لَهُ وَعُهودُ

وَقَد كانَ حُبّيكُم طَريفاً وَتالِداً
وَما الحُبُّ إِلّا طارِفٌ وَتَليدُ

وَإِنَّ عَروضَ الوَصلِ بَيني وَبَينَها
وَإِن سَهَّلَتهُ بِالمُنى لَكَؤودُ

وَأَفنَيتُ عُمري بِاِنتِظارِيَ وَعدَها
وَأَبلَيتُ فيها الدَهرَ وَهوَ جَديدُ

فَلَيتَ وُشاةَ الناسِ بَيني وَبَينَها
يَدوفُ لَهُم سُمّاً طَماطِمُ سودُ

وَلَيتَهُمُ في كُلِّ ممسىً وَشارِقٍ
تُضاعفُ أَكبالٌ لَهُم وَقُيودُ

وَيَحسَبُ نِسوانٌ مِنَ الجَهلِ أَنَّني
إِذا جِئتُ إِيّاهُنَّ كُنتُ أُريدُ

فَأَقسِمُ طَرفي بَينَهُنَّ فَيَستَوي
وَفي الصَدرِ بَونٌ بَينَهُنَّ بَعيدُ

أَلا لَيتَ شِعري هَل أَبيتَنَّ لَيلَةً
بِوادي القُرى إِنّي إِذَن لَسَعيدُ

وَهَل أَهبِطَن أَرضاً تَظَلُّ رِياحُها
لَها بِالثَنايا القاوِياتِ وَئيدُ

وَهَل أَلقَيَن سُعدى مِنَ الدَهرِ مَرَّةً
وَما رَثَّ مِن حَبلِ الصَفاءِ جَديدُ

وَقَد تَلتَقي الأَشتاتُ بَعدَ تَفَرُّقٍ
وَقَد تُدرَكُ الحاجاتُ وَهيَ بَعيدُ

وَهَل أَزجُرَن حَرفاً عَلاةً شِمِلَّةً
بِخَرقٍ تُباريها سواهِمُ قودُ

عَلى ظَهرِ مَرهوبٍ كَأَنَّ نَشوزَهُ
إِذا جازَ هُلّاكُ الطَريقِ رُقودُ

سَبَتني بِعَينَي جُؤذُرٍ وَسطَ رَبرَبٍ
وَصَدرٌ كَفاثورِ اللُجَينِ وَجيدُ

تَزيفُ كَما زافَت إِلى سَلِفاتِها
مُباهِيَةٌ طَيَّ الوِشاحِ مَيودُ

إِذا جِئتُها يَوماً مِنَ الدَهرِ زائِراً
تَعَرَّضَ مَنفوضُ اليَدَينِ صَدودُ

يَصُدّ وَيُغضي عَن هَوايَ وَيَجتَني
ذَنوباً عَلَيها إِنَّهُ لَعَنودُ

فَأَصرِمُها خَوفاً كَأَنّي مُجانِبٌ
وَيَغفلُ عَنّا مَرَّةً فَنَعودُ

وَمَن يُعطَ في الدُنيا قَريناً كَمِثلِها
فَذَلِكَ في عَيشِ الحَياةِ رَشيدُ

يَموتُ الهَوى مِنّي إِذا ما لَقيتُها
وَيَحيا إِذا فارَقتُها فَيَعودُ

يَقولونَ جاهِد يا جَميلُ بِغَزوَةٍ
وَأَيَّ جِهادٍ غَيرُهُنَّ أُريدُ

لِكُلِّ حَديثٍ بَينَهُنَّ بَشاشَةٌ
وَكُلُّ قَتيلٍ عِندَهُنَّ شَهيدُ

وَأَحسَنُ أَيّامي وَأَبهَجُ عيشَتي
إِذا هيجَ بي يَوماً وَهُنَّ قُعودُ

تَذَكَّرتُ لَيلى فَالفُؤادُ عَميدُ
وَشَطَّت نَواها فَالمَزارُ بَعيدُ

عَلِقتُ الهَوى مِنها وَليداً فَلَم يَزَل
إِلى اليَومِ يَنمي حُبُّها وَيَزيدُ

فَما ذُكِرَ الخلّانُ إِلّا ذَكَرتُها
وَلا البُخلُ إِلّا قُلتُ سَوفَ تَجودُ

إِذا فَكَّرَت قالَت قَدِ اِدرَكتُ وُدَّهُ
وَما ضَرَّني بُخلي فَكَيفَ أَجودُ

فَلَو تُكشَفُ الأَحشاءُ صودِفَ تَحتُها
لبَثنَةَ حُبٌّ طارِفٌ وَتَليدُ

أَلَم تَعلَمي يا أُمَّ ذي الوَدعِ أَنَّني
أُضاحِكُ ذِكراكُم وَأَنتِ صَلودُ

فَهَل أَلقَيَن فَرداً بُثَينَةَ لَيلَةً
تَجودُ لَنا مِن وُدِّها وَنَجودُ

وَمَن كانَ في حُبّي بُثَينَةَ يَمتَري
فَبَرقاءُ ذي ضالٍ عَلَيَّ شَهيدُ



جميل بثينة

الحمدان
04-15-2024, 10:02 PM
وثلج حلّ بنا غير ذاهب
*كضيف لا تحبه أراد المكوث

وإذا ذهبت الي سرير وجدته
*جوارك في السرير محبوس

ويلاه ما هذه من سقعيه
*ماذا حلً بالبلاد والنفوس

أهذا بلاء من الله نازل
فيا رب ثبتنا على


عبدالرحمن مصطفى محود

الحمدان
04-15-2024, 10:03 PM
لُغَةُ الكِتابِ خُلودُها إنشادي
لُغَتي لِسانُ الهاشمِيِّ الهادي

وَبِها المَلاحمُ وَالمآثرُ سُطِّـرَتْ
في الفِقهِ كانت لي صَدى الأجدادِ

جَمَعَـتْ قُلوبَ المُسلِمينَ بِرَبوَةِ الـ
قُـرآنِ وَالأشعارِ وَالإنشـادِ

لِفصاحةِ البُلَغاءِ سَيلٌ دافقٌ
مَجْـدُ الخليلِ زَها بِسِـرِّ الضَّــادِ

يا سائلًا عَـن سِـرِّ مَفتونٍ بِها
إعجازُها سِرُّ الجُنونِ البادي

يَمضي زَماني وَاللُّغاتُ تَخالُها
تَفْنى وَلي هي أصلُ خُلدي الشَّادي

نَزَلَتْ بِنَفسِ جَميعِ مَن هاموا بِها
في مَنزلِ الآياتِ كالأوتادِ

نَبعُ الفُنونِ بِها تَجَلَّى باسقًا
كُلٌّ سِواها آيلٌ لِنفادِ

لا لَم يَمُتْ شَعبٌ تَيَمَّمَ حَرفَها
هي لِلنُّهوضِ مِسلَّةُ الأجدادِ

لُغةٌ إذا يأتي الخَريفُ يَذوقُها
ما ذاقَ غيرَ رَبيعها المُتَمادي

كَحمامةٍ بَيضاءَ رَفرفَ نَحوُها
وَالصَّرفُ غارٌ في الهَوا مِنطادي

هل لِلمشاعرِ حُضنُ أمٍّ مِثلُها؟!
هي أغْدقُ الأثداءِ في الإمدادِ

( لُغةٌ إذا وَقَعَتْ على أسماعِنا )
كانت لُحونًا مِن عُلا وَجِهادِ

كُلُّ الدَّقائقِ أفرَغَـتْ مَكنونَها
إنْ زدتُ حَرفًا... في المَعاني الحادي

هي للفصاحةِ أوَّلٌ هي آخرٌ
عَسلًا تُقَطِّرُ في مِدادِ فُؤادي

إنْ قُلتُ " ذِي هِبَةٌ " تَلَفَّتَ بَعضُكُمْ
وَالبعضُ أثنى مِن عَطاءِ الهادي

وَحضارةٍ دامتْ قُرونَ مَحَبَّـةٍ
قُولوا: أفي التَّاريخِ قَـدْرُ عِمادي؟!

الكُلُّ مِن مِسكِ الخُلودِ أتى لَها
يا شأوَ مَن يَغْنى بِها وَيُبادي

ما أعذبُ الأصواتِ؟ قالوا: ضادُها
يا أمَّنا! ... هُزِّي إليكِ قِيادي

في كُلِّ يومٍ صُبحُها مُتَجَدِّدٌ
لِلشَّمسِ وَالأقمارِ أرضُ مَعـادِ

لُغةٌ على الألحانِ فاضَ مَعينُها
فَتَجَلَّتِ الأنغامُ نُطقَ جَمادِ

عِلمُ الوُقوفِ على الحُروفِ بَدِيعُها
ما غَيرها جرْسُ اللُّحونِ يُنادي

وَحَصادُ واردِها وُرودٌ عبَّقَتْ
صِيَغًا مُعَـبِّرةً لِسائلِ زادِ

لفظُ الغَريبِ إذا سَقَتْهُ ماءَها
صَوتًا وَوزنًا صارَ طفلَ الضَّادِ

يا أمَّتي يَكفي غُروبًا وَارْجِعي
هيَّا اقْصُدي شَمسًا وَخيرَ مِهادِ

أغضَتْ لُغاتُ الأرضِ مِنكُمْ طَرفَها
وَتَكَحَّلَتْ دَهشًا مِنَ الرُّوَّادِ

أنتُم لِذا الشَّـرعِ الحَنيفِ رَسولُـهُ
هي وَحيُ جِبريلٍ بِغارِ مِـدادِ


محمد إبراهيم الفلاح

الحمدان
04-15-2024, 10:03 PM
جفاني الشعرُ أم نفسي جَفَتني
كإفرادِ البعير لكَ المُعبَّدْ

على كبد ورت بجوى وحزنٍ
تردّدَ في ضلوعي ما تردّدْ

فهل حسناءُ تحييني بحُسنٍ
وقد يحيي ذبول القلب أغيدْ

تثنت بالثياب فقلتُ: بانٌ
وأبدت ما خفتكَ فقلتَ: عسجدْ

كتمثالٍ غدا النحاتُ يُجلي
مفاتنَهُ فدقّقَهُ وحدَّد


المعتصم بالله

الحمدان
04-15-2024, 10:03 PM
دَمّي عليَّ من الثرى يا غانية
بالأمس ما أبكاكِ قد أبكانِيَهْ

لصبيةٍ عمريّةٍ مضريّةٍ
أدركْتُ أسرارَ الثرى في ثانيَةْ

وقرعتُ أبوابَ السماءِ مُهلِّلاً
وهتَكْتُ أستار الملوكِ علانيَةْ

عَرَفَتْ ملوكُ الجنِّ ريحَ عِمامتي
ونَكَحْتُ منهم سبعةً وثمانيَةْ

ودفنتُ قرْطاً في صفيحةِ قرْمَدٍ
وشرِبْتُ من دمِ ذي الصواعِ بآنِيَةْ

ولقد نُصِرْتُ بدعوةٍ من والدي
شيخٌ على حبسِ الحِمى أسمانيَهْ

أو لم تكن تدري نُوارُ بأنّني
أُعْطي إذا ربُّ الملا أعطانيَهْ

أو لم تكن تدري نُوارُ بأنّني
أُسقي كؤوسَ المُرِّ من أسقانيَهْ

أو لم تكن تدري نُوارُ بأنّني
أُثني لكلّ عظيمةٍ أركانيَهْ

أو لم تكن تدري نُوارُ بأنّني
لا يشتكي ضرب الرقابِ سِنانيَهْ

أو لم تكن تدري نُوارُ بأنّني
أعلو إذا ودَقُ السحابِ علانيَهْ

أو لم تكن تدري نُوارُ بأنّني
أنِفٌ وعن ما لا يُعِزُّ حشانيَهْ

أو لم تكن تدري نُوارُ بأنّني
فكّاكُ خوْلةَ مجلسٍ تنخانيَهْ

أو لم تكن تدري نُوارُ بأنّني
مطلوبُ أوّلَةٍ ومطْلَبُ ثانيَةْ

مولودُ تاسعةٍ ووالدُ تاسعٍ
قطّاعُ قفرٍ لا يلينُ جنانِيَهْ

ليثٌ إذا عضَّ الزمانُ بنابِهِ
غيثٌ إذا هبّتْ عليّ يمانِيَةْ

أدنو لكلّ مجنّدٍ بمهنّدٍ
وتعارَفَتْ قُضُبُ السيوف بنانيَهْ

نزّالُ أودِيَةٍ تعجُّ سِباعُها
لا أرتضي في النائباتِ هوانيَهْ

متأبّطٌ يوم الكريهةِ صارماً
هضْبٌ إذا فَدْمُ الحِرابِ كسانيَهْ

وحجابُ عارِيِةٍ أجابِ لصوتِها
فخَضَبْتُ منه الروح حينَ دهانيَهْ

ولقد حضَنْتُ الموتَ دونَ حبيبتي
وكَرَرْتُ بين الطارقاتِ حِصانيَهْ

أقْدَمْتُ مُعتَمِداً على ذي عِزّةٍ
فحَمَى حصانيَ منهُمُ وحمانيَهْ

سبحانَ من خرّتْ لهَيبةِ مُلْكِهِ
جِنُّ البرابرِ وانْجَلَتْ أحزانيَهْ

فكأنني بالرمحِ أضرِبُ قائلاً
الأرضُ أرضي والزمانُ زمانيَهْ

نحن الفراعنةُ الشدادُ تخالُنا
من بأسِنا يوم اللقاءِ زبانيَةْ

شُعْثُ المفارقِ لم أكُنْ لأَسُودَهُمْ
لو لم يرَوْا سمَطَ الدُّخَانِ غشانيَهْ

من خيرِ عامِرَ كلّها في منسَبٍ
الأصلُ أصليَ والكيانُ كيانيَهْ

لي في عُلاَ عُليا سُبَيْعٍ منزِلٌ
أُفْضِي إليهِ إذا الزمانُ رمانيَهْ

وبنو عمومتنا السهولُ فإنهم
رفعوا من اللبناتِ كل مُدانيه

الدهرُ يومان فيومٌ فيه
ألقاني ويومٌ فيهِ ما ألقانيَهْ

أتُلامُ؟ نفسٌ في قناعَتِهَا وقد
أزِفَ الرحيلُ وكُلُّ نفسً فانيَةْ



ناصر الفراعنه

الحمدان
04-15-2024, 10:04 PM
سقيفة معبدٍ في أرض فارس
سقيفة صدر ابو فارس يفارس

على كتفي نقلت اليوم حتفي
ولي بالجنة العليا هجارس

بخدّ صَبيّةٍ من نسل هاشم
ورسني من بنات الجانّ وارس

ألا يا عيطموس الجانّ صيحي
ودقّي لي على صوت المهارس

وطيري بي لسبعٍ بعد سبعٍ
بأجنِحَةٍ كأجنحة النوارس

هجوسٍ يوم اهوجسها تشادي
رباعيّات رهبانٍ تجارس

انا العبد الذي صَبَأوا أليهِ
ذوي الملك الجبابرة الغطارس

أنا العبد الذي صلّوا عليهِ
بقفرٍ دمدم الآثار دارس

بعشرينٍ رأى ما لا رأى من
بني التسعين من دارسْ ومارس

لصيحَتِهِ تزلزل قصر مارد
ودهمٍ من بني بكرٍ تكارس

سبيعيّ وذو معنى ومبنى
صناديد الوغى الأسد العتارس

زيازيمٍ شغاميمٍ أشاوس
زحازيحٍ طحاطيحٍ أشارس

سلاطينٍ شياطينٍ صوارم
وإن حمي الوغى عُمْيٌ أخارس

ورثنا قيصراً في عرش روما
ومن كسرى ورثنا ملك فارس

تسلطنّا بنجد ألف عامٍ
وفي التاريخ تذكيرٌ لدارس

أقمنا دولةً في إثْر دولة
على مضَضِ وبرد الدهر قارس

جلينا ظلمة الأتراك حتّى
تصوّف ربّهم في شهر مارس

كسرنا شوكة الباشا محمّد
ضراب الترك أولاد البطارس

جعلناهم شعوبا في العراق
وفي مصر يلمّون السبارس

عسفنا كلّ عربيدٍ مدجّج
فما من ضربنا انجته المتارس

ندلّه إبلنا جوساً وقسرا
وترعى عنوةً عشب العضارس

تدرّسنا على روس الرماحِ
وليس سوى الحروب لنا مدارس

لنا في صفحة التاريخ مسهم
بأمّات الكتب ذات الفهارس

ولنا في الأنجم العليا مصلّى
وفي أقصى بلاد الأرض غارس

بعبدتنا سبينا ألف حرّة
وعبلة عشق عنترة الفوارس

فمنّا من تلاعب بالأسنّة
ومنّا من تلاعب بالأدارس

ومنّا حربةٌ في كل هيجا
ومنّا ضربةٌ في كل فارس

فإن كانوا كما كنّا وكنّا
كما كانوا فما للدهر حارس

ومن يستبدل الآيه بآيه
عليه انياب كلْ لاشٍ تضارس

رمانا الدهر في يد كل واطي
قلال الأصل أبناء الهدارس

زمانٍ به مماليك العبيدِ
بلحم أسيادها قامت تفارس

زمانٍ به سراحين الذيابة
خضاب كفوفها الداء النقارس





ناصر الفراعنه

الحمدان
04-15-2024, 10:04 PM
العـيـدُ عَـــادَ بأجْــمَــلِ الـنَّفـحَـات
فـبـهِ الحَـيَـاةُ تَـعُـــودُ بالخَــيـراتِ
*
فالعِيدُ من سُـنَنِ الرَّحِـيــمِ وفَضْله
يَـــأتـي بــأمْــــــر اللّهِ بالْــبَـــرَكَاتِ
*
بَـعْدَ الصّـيَامِ ؛ أتى يُجَـدّدُ رُوحَــنَـا
ويُعـيدُ فيـنـا الحُــبَّ والــبسَـــماتِ
*
يَـا عِـيـدُ أقْــبِـلْ بالبَـشَـــائر إنّــنـــا
نهْــفُــو لـعــيـدٍ رائـــقِ النّـسَــمـاتِ
*
اجعلْ بعِـيدِكَ للجَـمـيـع تـواصُـــلا
وانس الخـلافَ وسَــابقَ الهَفَـواتِ
*
وامْسحْ على قلبِ المريضِ ببسمةٍ
فيها النَّـــقــاءُ وصَـادِقُ الدَّعـَـواتِ
*
وصِــلِ الفَـقــيـرَ مَـودَّةً وتَـكـافُــلا
وابْـذُلْ لـهُ مِـن خَــالصِ الزّكــواتِ
*
وانْـشُـر بـدُنيـاكَ السَّمـاحَةَ والوَفَـا
واشْـكُر إلَـهَـكَ واهِــبَ الـرّحَـمَـاتِ
*


مديح ابو زيد

الحمدان
04-15-2024, 10:04 PM
قالوا: بداركِ أينع التفَّاحُ
وتنسَّمت بعبيره الأرواحُ

ماجت به الألوانُ... حتَّى احمرَّ
فاجتمع الغروبُ عليه والإصباحُ!

ريَّانُ من ماء الحياة منعَّمٌ
يجري بصفحته الندى ويُزاحُ

للهِ.. ما أشهى وأطيب جَنيَهُ
لو أنَّ موردَهُ الهنيَّ يُباحُ!



شادي الحسن

الحمدان
04-15-2024, 10:05 PM
قالوا: بداركِ أينعَ الكرزُ
عِقداً تُنظَّمُ وسطَه الخَرَزُ

من كلٍّ زوجٍ طاب جمعُهما
كالشعر حلَّى صدرَهُ العَجُزُ

وتشقَّقتْ حبَّاتُهُ ترفاً
وبضمنِها الياقوتُ مُكتنَزُ

طُوبَى لمن روَّى ظَماهُ به
لو لم تَحُل من دونه الحُجُزُ
*


شادي الحسن

الحمدان
04-15-2024, 10:05 PM
قالوا: بداركِ أينع الرمَّانُ
وترنَّحت بثمارهِ الأغصانُ

واحمرَّ بعد شحوبهِ واخضلَّ بعد
ضموره، وزها به البستانُ

فعلا وريثُ الجلَّنار مفاخراً
وأصابَهُ من حسنِه طغيانُ

لكنَّ أهلكِ ما أباحوا قطفَهُ*
فنصيبه من زهوه الحرمانُ!
*


شادي الحسن

الحمدان
04-15-2024, 10:05 PM
العِيدُ هَلَّ والدُّمُوعُ تَنَاثَرَتْ*
*أَسَفَاً عَلَى غَزَّةَ نَارِي أُشْعَلَتْ

يَا أُمَّةُ الإِسْلَامِ مَسرَى المُصطَفَى
* *القُدْسُ نَادَتْ أَينَ غِيرَتَكُمْ بَدَتْ

جَمَعَتْ حُشُودُ الشِّركِ كُلَّ حَاقِدٍ
* وَجُمُوعُكُم يَا مُسْلِمِينَ قَدِ اخْتَفَتْ

أَينَ صَلَاحُ الدِّينِ أَينَ الفَاتِحُ
* *أَينَ السَّلَاطِينُ وَأَمجَادٌ مَضَتْ

أَينَ أُسُودَ الغَابِ أَينَ حَمْزَةً
* *يَا مُسلِمِينَ دِمَاءُ أَهلِي نَزَفَتْ


شادي الحسن

الحمدان
04-15-2024, 10:06 PM
بِعِيدِ فِطْرٍ أُنَادِي اللَّهَ مَولَانَا
* تَقَبَّلَ الصَّومَ يَا قَيُّومُ وَارعَانَا

اعتِقْ رَقَابَاً وَطَهِّرنَا مِنَ الدَّنَسِ
* جِئنَاكَ بِالمُصطَفَى مَن زَانَ دُنيَانَا

وَاجعَل لَنَا الفَوزَ بِالأُخرَى بِصُحبَتِهِ
* *بِالعِيدِ جُدْ بِعَطَاءٍ مِنكَ يَغشَانَا


شادي الحسن

الحمدان
04-15-2024, 10:06 PM
أعوامُ تمضي و في الأعوامِ أَصْداءُ
صوتٍ ينادي أما في الأذْنِ إصغاء

منادياً إسْمَ من تسكن في ذهني
غابت و ما بقيَتْ للغير أسماءُ

فإن تكلمتُ كنتُ الإسمَ أخفيهِ
أخاف أن تعتري قولِيَ اخطاءُ*

أُخبىء السر في قلبي و في جسدي
و أَتعَبَ الروحَ لِيْ للسرِّ إخفاءُ

أُهدي إلى قلبكِ الأشواقَ حانِيةً
و صورةٌ منكِ في الوجدان إهداءُ

أعوامُ تمضي و في آذانِيَ اللَّجَبُ
و يَقتلُ السعيَ إبطاءٌ و إرخاءُ

صبراً جميلاً فيا من أنتِ أُمنيتي
يومٌ سيأتي فهل للوصلِ إيفاءُ

شادي الحسن

الحمدان
04-15-2024, 10:06 PM
إلهي هَبْ لنا للرزق باباً
ليحلو العيشُ لو كَثُرَ المريرُ

و يسّر أمرنا في كل وقتٍ
إلى أنْ ينجلي عنا العسيرُ

دعاءُ المرء في كربٍ عظيمٍ
بعين الخالقِ الكربُ صغيرُ

فإن يَعْظُمْ بعيْنَيْكَ الخلاصُ
بحوْلِ القادر المَنجى يسيرُ

يلبي للدعاء بكنْ يكونُ
بحال العبد من خلْقٍ بصيرُ

و لا تَقْنَعْ بأنك خيرُ علماً
اذا ما كان ما شئتَ المصيرُ

فمَنْ غيرُ الإلهِ بنا عليمٌ
يحيط بعلمه الدنيا قديرُ*

بأقدارٍ مقسّمةٍ و أنتَ
بعلمِ الغيبِ إن تبُصرْ


شادي الحسن

الحمدان
04-15-2024, 10:06 PM
سقيتِ وقد تسقى القلوب من الوَجْدِ
قليبي بشرب الود فاتحة الرعد

فبالله والأملاك والرسل كلهم
بفاتحة الأعراف فاسق من الوجد

وإلا فإنَّ القلب منك بذا الصدّ
بفاتحة للبكر نيل بلا بُعْدِ

وفاتحة الأحقاف والستِّ قبلها
غياثاً غياثاً يا تمام بلا وعد


ماء العين
موريتانيا

الحمدان
04-15-2024, 10:07 PM
جريت مع الأشواق من بعد أهلها
فخلفتها عني وجئت على مهل

على مهل للحب حتى وصلته
سقاني من التعليل من بعدها نهل

الحمدان
04-15-2024, 10:07 PM
جرى الحب في قلبي كما العلو في الأرض
وأُبدي من بعضي وأُخفي في بعضي

ولو قسَّمَ الأكوانُ ما فيَّ من هوى
لأُفْعِمَتِ الأكوانُ في العلو والأرض

الحمدان
04-15-2024, 10:07 PM
لِأَنوارِ نورِ النورِ في الخَلقِ أَنوارُ
وَلِلسِرِّ في سِرِّ المُسِرّينَ أَسرارُ

وَلِلكَونِ في الأَكوانِ كَونُ مُكَوِّنٍ
يُكِنُّ لَهُ قَلبي وَيُهدي وَيَختارُ

تَأَمَّل بِعَينِ العَقلِ ما أَنا واصِفٌ
فَلِلعَقلِ أَسماعٌ وُعاةٌ وَأَبصارُ

الحمدان
04-15-2024, 10:08 PM
عَقدُ النُبُوَّةِ مِصباحٌ مِنَ النورِ
مُعَلَّقُ الوَحيِ في مِشكاةِ تَأمورِ

بِاللَهِ يَنفُخُ نَفخَ الروحِ في خَلَدي
لِخاطِري نَفخَ إِسرافيلَ في الصورِ

إِذا تَجَلّى بِطَوري أَن يُكَلِّمَني
رَأَيتُ في غَيبَتي موسى عَلى الطورِ

الحمدان
04-15-2024, 10:08 PM
لا تَلُمني فَاللَومُ مِنّي بَعيدُ
وَأَجِر سَيِّدي فَإِنّي وَحيدُ

إِنَّ في الوَعدِ وَعدكَ الحَقُّ حَقّاً
إِنَ في البَدءِ بَدءَ أَمرى شِديدُ

مَن أَرادَ الكِتابَ هَذا خِطابي
فَاِقرَؤوا وَاِعلَموا بِأَنّي شَهيدُ

الحمدان
04-15-2024, 10:08 PM
فَما لِيَ بَعدَ بُعدِكَ بَعدَما
تَيَقَّنتُ أَنَّ القُربَ وَالبُعدَ واحِدُ

وَإِنّي وَإِن أُهجِرتُ فَالهَجرُ صاحِبي
وَكَيفَ يَصِحُّ الهَجرُ وَالحُبُّ واحِدُ

لَكَ الحَمدُ في التَوفيقِ في بَعضِ خالِصٍ
لِعَبدٍ زَكِيٍّ ما لِغَيرِكَ ساجِدُ


ابن الحلاج

الحمدان
04-15-2024, 11:59 PM
ويومِ الدجن يسري كل غيمٍ
بإبهاجِ الفؤاد المستهامِ*

كأن الدجن أبصر ما بقلبي
فحن عليّ من جود الغمامِ*

فمرت كل سحماءٍ هَبوبٍ
تراها مثل تركاض النعامِ*

دهتنا فجأةً حتى ادلهمت
كأن الصبحَ فرّ من الظلامِ*

كأن الأرض من سيل تداعى
لها صوت كإرنان السهامِ


المعتصم بالله

الحمدان
04-16-2024, 12:00 AM
صرمَت ظليمةُ خُلّتي ومراسلي
وتباعدَت ضنّاً بزاد الراحلِ

جهلاً وما تدري ظليمة أَنّتي
قد أستقلُّ بصرم غير الواصِلِ

ذُلُلٌ ركابي حيثُ شئتُ مُشَيّعي
أنّي أروعُ قطا المكانِ الغافلِ

أَظليمَ ما يُدريكِ رُبّة خُلّةٍ
حسنٌ ترغَّمُها كَظَبي الحائلِ

قد بِتُ مالكَها وشاربَ قهوةٍ
درياقةٍ روّيت منها وَاغلى

بيضاءَ صافيةٍ يُرى مِن دونه
قعرُ الأناء يُضيء وجه الناهلِ

وسرابَ هاجِرةٍ قطعتُ إذا جرى
فوقَ الأكام بذاتِ لونٍ باذلِ

أُجُدٌ مراحُلها كأَنَّ عِفاءه
سقطانِ من كتفي ظليم جافلِ

فَلَنأكُلَنَّ بناجزٍ من مالن
وَلنَشربنَّ بدَينِ عام قابلِ

إِنّي مِنَ القومِ الذين إذا انتَدو
بدأوا بِبِرّ اللَهِ ثمَّ النائلِ

المانعين مِنَ الخنا جيرانّهم
والحاشدين على طعَامِ النازلِ

والخالطينَ غنيّهم بفقيرهم
والباذلينَ عَطاءَهم للسائلِ

والضاربينَ الكبشَ يبرُقُ بَيضُهُ
ضربَ المهنّدِ عن حياضِ الناهلِ

والعاطفين على المصافِ خيولَهم
والمُلحقينَ رماحَهم بالقاتلِ

والمدركينَ عدوّهم بذُحُولهم
والنازلينَ لضربِ كلّ مُنازلِ

والقائلين معاً خُذُوا أقرانَكُم
إِنَّ المنيّة من وراء الوائلِ

خُزرٍ عيوُنُهُم الى أعدائِهم
يمشونَ مشي الأُسدِ تحت الوابِلِ

ليسوا بأنكاسٍ ولا ميلٍ اذ
ما الحربُ شُبّت اشعلوا بالشاعلِ

لا يطبعون وهم على أحسابهم
يشفون بالأَحلامِ داءَ الجاهلِ

والقائلين فلا يعابُ خطيبُهم
يومَ المقالةِ بالكلامِ الفاصلِ



ابن الاطنابه

الحمدان
04-16-2024, 12:00 AM
أَلا مَن مُبلِغُ الأَحلافِ عَنِّي
فَقَد تُهدَى النَصيحة للنصيحِ

فأنَّكم وما تُزجُونَ نحوي
مِنَ القَولِ المُرَغَّى والصَريحِ

سَيَندَمُ بَعضُكُم عَجلاً عليه
وما أَثرى اللِسانُ إِلى الجَرُوحِ

ابت لي عفَّتِي وأَبى بَلائي
وأَخذِي الحَمدَ بالثَمَنِ الرَبِيحِ

وإِعطائي على المكروهِ مالي
وضَربي هامَةَ البَطَلِ المُشِيحِ

بِذي شطَبٍ كَلَونِ المِلحِ صافٍ
ونَفسٍ ما تَقر على القبيحِ

وقَولي كَلَّما جَشأت وجاشَت
مَكانَكِ تُحمَدِي أو تستريحي

لأَدفَعَ عَن مآثرَ صالحاتٍ
وأحمي بَعدُ عن عِرضٍ صَحِيحِ

أُهِينُ المالَ فيما بَينَ قَومِي
وأدفَعُ عَنهمُ سُنَنَ المَنِيحِ

ابت لي أَن أُقضِّي في فعالي
وأَن أُغضِي على أمرٍ قبيحِ

فأما رُحتُ بالشرفِ المُعلى
وإِما رُحتُ بالموتِ المُرِيحِ

قرَت أحسابُنا كرما فأَبدَت
لنا الضراءُ عن أُدُمٍ صحاحِ

ولم يُظهر لنا عُقراتِ سَوءٍ
جمودُ القطرِ أو بكءُ اللقاحِ
*


ابن الاطنابه

الحمدان
04-16-2024, 12:00 AM
أَلا مَن مُبلِغُ الأَحلافِ عَنِّي
فَقَد تُهدَى النَصيحة للنصيحِ

فأنَّكم وما تُزجُونَ نحوي
مِنَ القَولِ المُرَغَّى والصَريحِ

سَيَندَمُ بَعضُكُم عَجلاً عليه
وما أَثرى اللِسانُ إِلى الجَرُوحِ

ابت لي عفَّتِي وأَبى بَلائي
وأَخذِي الحَمدَ بالثَمَنِ الرَبِيحِ

وإِعطائي على المكروهِ مالي
وضَربي هامَةَ البَطَلِ المُشِيحِ

بِذي شطَبٍ كَلَونِ المِلحِ صافٍ
ونَفسٍ ما تَقر على القبيحِ

وقَولي كَلَّما جَشأت وجاشَت
مَكانَكِ تُحمَدِي أو تستريحي

لأَدفَعَ عَن مآثرَ صالحاتٍ
وأحمي بَعدُ عن عِرضٍ صَحِيحِ

أُهِينُ المالَ فيما بَينَ قَومِي
وأدفَعُ عَنهمُ سُنَنَ المَنِيحِ

ابت لي أَن أُقضِّي في فعالي
وأَن أُغضِي على أمرٍ قبيحِ

فأما رُحتُ بالشرفِ المُعلى
وإِما رُحتُ بالموتِ المُرِيحِ

قرَت أحسابُنا كرما فأَبدَت
لنا الضراءُ عن أُدُمٍ صحاحِ

ولم يُظهر لنا عُقراتِ سَوءٍ
جمودُ القطرِ أو بكءُ اللقاحِ
*


ابن الاطنابه

الحمدان
04-16-2024, 12:01 AM
وثلج حلّ بنا غير ذاهب
*كضيف لا تحبه أراد المكوث

وإذا ذهبت الي سرير وجدته
*جوارك في السرير محبوس

ويلاه ما هذه من سقعيه
*ماذا حلً بالبلاد والنفوس

أهذا بلاء من الله نازل
فيا رب ثبتنا على


عبدالرحمن مصطفى محمود

الحمدان
04-16-2024, 12:01 AM
لُغَةُ الكِتابِ خُلودُها إنشادي
لُغَتي لِسانُ الهاشمِيِّ الهادي

وَبِها المَلاحمُ وَالمآثرُ سُطِّـرَتْ
في الفِقهِ كانت لي صَدى الأجدادِ

جَمَعَـتْ قُلوبَ المُسلِمينَ بِرَبوَةِ الـ
قُـرآنِ وَالأشعارِ وَالإنشـادِ

لِفصاحةِ البُلَغاءِ سَيلٌ دافقٌ
مَجْـدُ الخليلِ زَها بِسِـرِّ الضَّــادِ

يا سائلًا عَـن سِـرِّ مَفتونٍ بِها
إعجازُها سِرُّ الجُنونِ البادي

يَمضي زَماني وَاللُّغاتُ تَخالُها
تَفْنى وَلي هي أصلُ خُلدي الشَّادي

نَزَلَتْ بِنَفسِ جَميعِ مَن هاموا بِها
في مَنزلِ الآياتِ كالأوتادِ

نَبعُ الفُنونِ بِها تَجَلَّى باسقًا
كُلٌّ سِواها آيلٌ لِنفادِ

لا لَم يَمُتْ شَعبٌ تَيَمَّمَ حَرفَها
هي لِلنُّهوضِ مِسلَّةُ الأجدادِ

لُغةٌ إذا يأتي الخَريفُ يَذوقُها
ما ذاقَ غيرَ رَبيعها المُتَمادي

كَحمامةٍ بَيضاءَ رَفرفَ نَحوُها
وَالصَّرفُ غارٌ في الهَوا مِنطادي

هل لِلمشاعرِ حُضنُ أمٍّ مِثلُها؟!
هي أغْدقُ الأثداءِ في الإمدادِ

( لُغةٌ إذا وَقَعَتْ على أسماعِنا )
كانت لُحونًا مِن عُلا وَجِهادِ

كُلُّ الدَّقائقِ أفرَغَـتْ مَكنونَها
إنْ زدتُ حَرفًا... في المَعاني الحادي

هي للفصاحةِ أوَّلٌ هي آخرٌ
عَسلًا تُقَطِّرُ في مِدادِ فُؤادي

إنْ قُلتُ " ذِي هِبَةٌ " تَلَفَّتَ بَعضُكُمْ
وَالبعضُ أثنى مِن عَطاءِ الهادي

وَحضارةٍ دامتْ قُرونَ مَحَبَّـةٍ
قُولوا: أفي التَّاريخِ قَـدْرُ عِمادي؟!

الكُلُّ مِن مِسكِ الخُلودِ أتى لَها
يا شأوَ مَن يَغْنى بِها وَيُبادي

ما أعذبُ الأصواتِ؟ قالوا: ضادُها
يا أمَّنا! ... هُزِّي إليكِ قِيادي

في كُلِّ يومٍ صُبحُها مُتَجَدِّدٌ
لِلشَّمسِ وَالأقمارِ أرضُ مَعـادِ

لُغةٌ على الألحانِ فاضَ مَعينُها
فَتَجَلَّتِ الأنغامُ نُطقَ جَمادِ

عِلمُ الوُقوفِ على الحُروفِ بَدِيعُها
ما غَيرها جرْسُ اللُّحونِ يُنادي

وَحَصادُ واردِها وُرودٌ عبَّقَتْ
صِيَغًا مُعَـبِّرةً لِسائلِ زادِ

لفظُ الغَريبِ إذا سَقَتْهُ ماءَها
صَوتًا وَوزنًا صارَ طفلَ الضَّادِ

يا أمَّتي يَكفي غُروبًا وَارْجِعي
هيَّا اقْصُدي شَمسًا وَخيرَ مِهادِ

أغضَتْ لُغاتُ الأرضِ مِنكُمْ طَرفَها
وَتَكَحَّلَتْ دَهشًا مِنَ الرُّوَّادِ

أنتُم لِذا الشَّـرعِ الحَنيفِ رَسولُـهُ
هي وَحيُ جِبريلٍ بِغارِ مِـدادِ


محمد إبراهيم الفلاح

الحمدان
04-16-2024, 12:02 AM
جفاني الشعرُ أم نفسي جَفَتني
كإفرادِ البعير لكَ المُعبَّدْ

على كبد ورت بجوى وحزنٍ
تردّدَ في ضلوعي ما تردّدْ

فهل حسناءُ تحييني بحُسنٍ
وقد يحيي ذبول القلب أغيدْ

تثنت بالثياب فقلتُ: بانٌ
وأبدت ما خفتكَ فقلتَ: عسجدْ

كتمثالٍ غدا النحاتُ يُجلي
مفاتنَهُ فدقّقَهُ وحدَّد


المعتصم بالله

الحمدان
04-16-2024, 12:02 AM
دَمّي عليَّ من الثرى يا غانية
بالأمس ما أبكاكِ قد أبكانِيَهْ

لصبيةٍ عمريّةٍ مضريّةٍ
أدركْتُ أسرارَ الثرى في ثانيَةْ

وقرعتُ أبوابَ السماءِ مُهلِّلاً
وهتَكْتُ أستار الملوكِ علانيَةْ

عَرَفَتْ ملوكُ الجنِّ ريحَ عِمامتي
ونَكَحْتُ منهم سبعةً وثمانيَةْ

ودفنتُ قرْطاً في صفيحةِ قرْمَدٍ
وشرِبْتُ من دمِ ذي الصواعِ بآنِيَةْ

ولقد نُصِرْتُ بدعوةٍ من والدي
شيخٌ على حبسِ الحِمى أسمانيَهْ

أو لم تكن تدري نُوارُ بأنّني
أُعْطي إذا ربُّ الملا أعطانيَهْ

أو لم تكن تدري نُوارُ بأنّني
أُسقي كؤوسَ المُرِّ من أسقانيَهْ

أو لم تكن تدري نُوارُ بأنّني
أُثني لكلّ عظيمةٍ أركانيَهْ

أو لم تكن تدري نُوارُ بأنّني
لا يشتكي ضرب الرقابِ سِنانيَهْ

أو لم تكن تدري نُوارُ بأنّني
أعلو إذا ودَقُ السحابِ علانيَهْ

أو لم تكن تدري نُوارُ بأنّني
أنِفٌ وعن ما لا يُعِزُّ حشانيَهْ

أو لم تكن تدري نُوارُ بأنّني
فكّاكُ خوْلةَ مجلسٍ تنخانيَهْ

أو لم تكن تدري نُوارُ بأنّني
مطلوبُ أوّلَةٍ ومطْلَبُ ثانيَةْ

مولودُ تاسعةٍ ووالدُ تاسعٍ
قطّاعُ قفرٍ لا يلينُ جنانِيَهْ

ليثٌ إذا عضَّ الزمانُ بنابِهِ
غيثٌ إذا هبّتْ عليّ يمانِيَةْ

أدنو لكلّ مجنّدٍ بمهنّدٍ
وتعارَفَتْ قُضُبُ السيوف بنانيَهْ

نزّالُ أودِيَةٍ تعجُّ سِباعُها
لا أرتضي في النائباتِ هوانيَهْ

متأبّطٌ يوم الكريهةِ صارماً
هضْبٌ إذا فَدْمُ الحِرابِ كسانيَهْ

وحجابُ عارِيِةٍ أجابِ لصوتِها
فخَضَبْتُ منه الروح حينَ دهانيَهْ

ولقد حضَنْتُ الموتَ دونَ حبيبتي
وكَرَرْتُ بين الطارقاتِ حِصانيَهْ

أقْدَمْتُ مُعتَمِداً على ذي عِزّةٍ
فحَمَى حصانيَ منهُمُ وحمانيَهْ

سبحانَ من خرّتْ لهَيبةِ مُلْكِهِ
جِنُّ البرابرِ وانْجَلَتْ أحزانيَهْ

فكأنني بالرمحِ أضرِبُ قائلاً
الأرضُ أرضي والزمانُ زمانيَهْ

نحن الفراعنةُ الشدادُ تخالُنا
من بأسِنا يوم اللقاءِ زبانيَةْ

شُعْثُ المفارقِ لم أكُنْ لأَسُودَهُمْ
لو لم يرَوْا سمَطَ الدُّخَانِ غشانيَهْ

من خيرِ عامِرَ كلّها في منسَبٍ
الأصلُ أصليَ والكيانُ كيانيَهْ

لي في عُلاَ عُليا سُبَيْعٍ منزِلٌ
أُفْضِي إليهِ إذا الزمانُ رمانيَهْ

وبنو عمومتنا السهولُ فإنهم
رفعوا من اللبناتِ كل مُدانيه

الدهرُ يومان فيومٌ فيه
ألقاني ويومٌ فيهِ ما ألقانيَهْ

أتُلامُ؟ نفسٌ في قناعَتِهَا وقد
أزِفَ الرحيلُ وكُلُّ نفسً فانيَةْ



ناصر الفراعنه

الحمدان
04-16-2024, 12:02 AM
سقيفة معبدٍ في أرض فارس
سقيفة صدر ابو فارس يفارس

على كتفي نقلت اليوم حتفي
ولي بالجنة العليا هجارس

بخدّ صَبيّةٍ من نسل هاشم
ورسني من بنات الجانّ وارس

ألا يا عيطموس الجانّ صيحي
ودقّي لي على صوت المهارس

وطيري بي لسبعٍ بعد سبعٍ
بأجنِحَةٍ كأجنحة النوارس

هجوسٍ يوم اهوجسها تشادي
رباعيّات رهبانٍ تجارس

انا العبد الذي صَبَأوا أليهِ
ذوي الملك الجبابرة الغطارس

أنا العبد الذي صلّوا عليهِ
بقفرٍ دمدم الآثار دارس

بعشرينٍ رأى ما لا رأى من
بني التسعين من دارسْ ومارس

لصيحَتِهِ تزلزل قصر مارد
ودهمٍ من بني بكرٍ تكارس

سبيعيّ وذو معنى ومبنى
صناديد الوغى الأسد العتارس

زيازيمٍ شغاميمٍ أشاوس
زحازيحٍ طحاطيحٍ أشارس

سلاطينٍ شياطينٍ صوارم
وإن حمي الوغى عُمْيٌ أخارس

ورثنا قيصراً في عرش روما
ومن كسرى ورثنا ملك فارس

تسلطنّا بنجد ألف عامٍ
وفي التاريخ تذكيرٌ لدارس

أقمنا دولةً في إثْر دولة
على مضَضِ وبرد الدهر قارس

جلينا ظلمة الأتراك حتّى
تصوّف ربّهم في شهر مارس

كسرنا شوكة الباشا محمّد
ضراب الترك أولاد البطارس

جعلناهم شعوبا في العراق
وفي مصر يلمّون السبارس

عسفنا كلّ عربيدٍ مدجّج
فما من ضربنا انجته المتارس

ندلّه إبلنا جوساً وقسرا
وترعى عنوةً عشب العضارس

تدرّسنا على روس الرماحِ
وليس سوى الحروب لنا مدارس

لنا في صفحة التاريخ مسهم
بأمّات الكتب ذات الفهارس

ولنا في الأنجم العليا مصلّى
وفي أقصى بلاد الأرض غارس

بعبدتنا سبينا ألف حرّة
وعبلة عشق عنترة الفوارس

فمنّا من تلاعب بالأسنّة
ومنّا من تلاعب بالأدارس

ومنّا حربةٌ في كل هيجا
ومنّا ضربةٌ في كل فارس

فإن كانوا كما كنّا وكنّا
كما كانوا فما للدهر حارس

ومن يستبدل الآيه بآيه
عليه انياب كلْ لاشٍ تضارس

رمانا الدهر في يد كل واطي
قلال الأصل أبناء الهدارس

زمانٍ به مماليك العبيدِ
بلحم أسيادها قامت تفارس

زمانٍ به سراحين الذيابة
خضاب كفوفها الداء النقارس





ناصر الفراعنه

الحمدان
04-16-2024, 12:03 AM
العـيـدُ عَـــادَ بأجْــمَــلِ الـنَّفـحَـات
فـبـهِ الحَـيَـاةُ تَـعُـــودُ بالخَــيـراتِ
*
فالعِيدُ من سُـنَنِ الرَّحِـيــمِ وفَضْله
يَـــأتـي بــأمْــــــر اللّهِ بالْــبَـــرَكَاتِ
*
بَـعْدَ الصّـيَامِ ؛ أتى يُجَـدّدُ رُوحَــنَـا
ويُعـيدُ فيـنـا الحُــبَّ والــبسَـــماتِ
*
يَـا عِـيـدُ أقْــبِـلْ بالبَـشَـــائر إنّــنـــا
نهْــفُــو لـعــيـدٍ رائـــقِ النّـسَــمـاتِ
*
اجعلْ بعِـيدِكَ للجَـمـيـع تـواصُـــلا
وانس الخـلافَ وسَــابقَ الهَفَـواتِ
*
وامْسحْ على قلبِ المريضِ ببسمةٍ
فيها النَّـــقــاءُ وصَـادِقُ الدَّعـَـواتِ
*
وصِــلِ الفَـقــيـرَ مَـودَّةً وتَـكـافُــلا
وابْـذُلْ لـهُ مِـن خَــالصِ الزّكــواتِ
*
وانْـشُـر بـدُنيـاكَ السَّمـاحَةَ والوَفَـا
واشْـكُر إلَـهَـكَ واهِــبَ الـرّحَـمَـاتِ
*


مديح ابو زيد

الحمدان
04-16-2024, 12:03 AM
قالوا: بداركِ أينع التفَّاحُ
وتنسَّمت بعبيره الأرواحُ

ماجت به الألوانُ... حتَّى احمرَّ
فاجتمع الغروبُ عليه والإصباحُ!

ريَّانُ من ماء الحياة منعَّمٌ
يجري بصفحته الندى ويُزاحُ

للهِ.. ما أشهى وأطيب جَنيَهُ
لو أنَّ موردَهُ الهنيَّ يُباحُ!



شادي الحسن

الحمدان
04-16-2024, 12:11 AM
الا هبي بدفئك في القلوب

فقد زادوالهبوب من الشمالي

وكوني خير مكنون لشخص
بوصل الحب منك ولا تبالي

وشدي لحنكوالشاجي إلينا
على لحن الصبا لحن الكمالي

فأنت الكل والكل كمال
وأنتودرة من بحر غالي

يسير القلب والدنيا فجاج
ويختار القريب منوالوصالي

سقى الله الحوالي والتوالي
وأيام نسميها الخوالي


عبدالرحمن الجربوع

الحمدان
04-16-2024, 12:11 AM
الا هبي بدفئك في القلوب
فقد زاد الهبوب من الشماي

وكوني خير مكنون لشص
بوصل الحب منك ولا تبالي

وشدي لحنك الشاجي إلينا
على لحن الصبا لحن الكما ي

فأنت الكل والكل كمال
وأنت درة من بحر غالي

يسير القلب والدنيا فجاج
ويختار القريب من الوصا ي

سقى اللهةالحوالي والتواي
وأيام نسميها الخوالي



عبدالرحمن الجربوع

الحمدان
04-16-2024, 12:47 AM
تُرافِقِني حتَّى المماتِ مِنَ المَهْدِ
رنا يا قريني باعثَ اللهوِ في وجدي

أشيطانةَ الأشواقِ أمًّا و طفلها
فسادَ دلالٍ و الدَّلالُ مِنَ العهْدِ

تُوَسْوِسُ لي زِدْ في الصَّبابةِ و الضَّنى
و زِدْ في الهَوى عامًا فإنَّكَ لي وحدي

أقتَّالةَ الأسنانِ و الغمدُ شِفَّةٌ
تعالي و لا تُخفي بريقًا ورا الغمْدِ

فإنَّا بكيْدِ العاذلينَ لِبَعضِنا
و إنْ نَكُ محسُوبَيْنِ مِنْ رمَّةِ اللحدِ

فقبلُكِ لا أنثى عشقْتُ مُقتَّلًا
و بَعدُكِ لا أنثى فتُلْهِمُني



عمر الكاشف

الحمدان
04-16-2024, 12:48 AM
ويسألني لماذا قد غدونا
أذلَّاءً وقد كنَّا أعزَّةْ ؟

فقلتُ لهُ أتسألني لماذا؟!
وجيشُ الغدرِ يذبحُ أهلَ غزَّةْ*


د . وائل جحا

الحمدان
04-16-2024, 12:48 AM
لا شَيءَ أقبَحُ مِن قَولٍ بِلا عَمَلِ
أَو مِن صَديقٍ يَدُسُّ السُّمَّ في العَسَلِ

إنّي أُفَكِّرُ في دَهري وَعِلّتِهِ
ولا يُفَكِّرُ دَهري فيَّ، أَو عِلَلِي

ماذا جَنَيتُ مِنَ التَّفكيرِ في سَبَبٍ
يُعِيبُني بَعدَهُ التَّفكيرُ بِالفَشَلِ؟

سُبحانَ مَن جَعَلَ الضِّدَّينِ في هَدَفٍ
فَاليَأسُ واجِبُ مَن يَسعى إلى الأَمَلِ


محمد العيسوي

الحمدان
04-16-2024, 12:48 AM
لَا تَضحَكُ الأيَّامُ فِي وَجهِ امرِئٍ
إلَّا وَقَدْ أبكَتهُ طُولَ زَمَانِ

وَلَقَدْ يَوَدُّ المَرءُ أحيَانَاً لِمَا
يُشقِيهِ، دُونَ العِلمِ وَالحُسبَانِ

وَلَقَدْ يَفِرُّ المَرءُ مِنْ شَرٍّ يَرَىظ°
فِيهِ المَهَالِكَ، وَهْوَ خَيرٌ دَانِ


محمد سيد بخيت

الحمدان
04-16-2024, 01:19 AM
وَنائِحَةٍ أَوحَيتُ في الصُبح سَمعَها
فَريعَ فُؤادي وَاِشمَأَزَّ وَأَنكَرا

فَخَفَّضتُ جَأشي ثُمَّ قُلتُ حَمامَةٌ
دَعَت ساقَ حُرٍّ في حَمامٍ تَنَفَّرا

وَمَقرونَةٍ شِمالُها بِيَمينِها
أُجَنَّبُ بَزّي ماؤُها قَد تَقَصَّرا

وَنَعلٍ كَأَشلاءِ السُمانى تَرَكتُها
عَلى جَنبِ مَورٍ كَالنَحيزَةِ أَغبَرا

فَإِن لا تَزُرني حَتَفتي أَو تُلاقِني
أَمَشّي بِدَهوٍ أَو عِدافٍ بَنَوُّرا

أُمَشّي بِأَطرافِ الحَماطِ وَتارَةً
تُنَفَّصُ رِجلي بُسبُطاً فَعَصَنصَرا

أُبَغّي بَني صَعبِ بنِ مُرٍّ بِلادَهُم
وَسَوفَ أُلاقيهِم إِن اللَهُ أَخَّرا

وَيَوماً بِذاتِ الرَسَّ أَو بَطنِ مِنجَلٍ
هُنالِكَ نَبغي القاصِيَ المُتَغَوَّرا



الشنفره

الحمدان
04-16-2024, 01:20 AM
وَلا تَقبُروني إِنَّ دَفني مُحَرَّمٌ
عَلَيكُم وَلَكِن أَبشِري أُمَّ عامِرِ

إِذا ضَرَبوا رَأسي وَفي الرَأسِ أَكثَري
وَغودِرَ عِندَ المُلتَقى ثَمَّ سائِري

هُنالِكَ لا أَرجو حَياةً تَسُرُّني
سَجيسَ اللَيالِي مُبسَلاً بِالجَرائِرِ

لَقُلتُ لها قَد كانَ ذَلِكَ مَرَّةً
ولَستُ على ما قَد عَهدتُ بِقادِرِ


الشنفره

الحمدان
04-16-2024, 01:20 AM
أُونِس ريحَ المَوتِ في المكاسِر
لا بُدَّ يَوماً من لِقاء المقادِر

هذا أَواني أَسَدَ بن جابِر
بِنَبعَةٍ وأَسهُمٍ طَوائِر

وَمُرهَفٍ ماضِي الشَّباةِ باتِر
وابناهُ في الرّيبةِ والتَّحابر

أَخطَأتَ ما أَمَّلتَ يا ابنَ الغادِر
لَستُ بِورَّادٍ ولا بِصادِر


الشنفره

الحمدان
04-16-2024, 01:21 AM
لَيسَ لِوالِدَةٍ هَوءُهَا
وَلا قَولُها لاِبنِها دَعَدعِ

تَطوفُ وَتَحذَرُ أَحوالَهُ
وَغَيرُك أَملَكُ بِالمَصرَعِ

تُوَلوِلُ أَن غالَها دَهرُها
بِريبِ المَكارِهِ بِالأَروعِ

وَكلُّ فتىً عاشَ في غِبطَةٍ
يَصيرُ إِلى الجَدَثِ الأَسفَعِ

فَأقسِمُ أَبرَحُ في غارَةٍ
مُغَزَّرةِ النَّفسِ بالمُكرِعِ


الشنفره

الحمدان
04-16-2024, 01:21 AM
وَمَرقَبَةٍ عَنقاءَ يَقصُرُ دونَها
أَخو الضِروَةِ الرِجلُ الحَفِيُّ المُخَفَّفُ

نَعَبتُ إِلى أَدنى ذُراها وَقَد دَنا
مِنَ اللَيلِ مُلتَفُّ الحَديَقةِ أَسدَفُ

فَبتُّ عَلى حَدَّ الذِراعَين مُجذِياً
كَما يَتَطَوّى الأَرقَمُ المُتَعَطَّفُ

وَلَيسَ جِهازي غَيرُ نَعلَينِ أُسحِقَت
صُدورُها مَخصورَةً لا تُخَصَّفُ

وَمِلحَفَةٍ دَرسٍ وَجَردِ مُلاءَةٍ
إَذا أَنهَجَت مِن جانِبٍ لا تُكَفَّفُ

وَأَبيَضُ مِن ماءِ الحَديدِ مُهَنَّدٌ
مُجِذٌّ لِأَطرافِ السَواعِدِ مِقطَفُ

وَحَمراءُ مِن نَبعٍ أَبِيٍّ ظَهيرَةٌ
تَرِنُّ كَإِرنانِ الشَجِيّ وَتَهتِفُ

إِذا آلَ فيها النَزعُ تَأبى بِعَجزِها
وَتَرمي بِذَروَيها بِهِنَّ فَتَقذِفُ

كَأَنَّ حَفيفَ النَبلِ مِن فَوقِ عَجزِها
غَوارِبُ نَحلٍ أَخطَأَ الغارَ مُطنِفُ

نَأَت أُمُّ قَيسِ المَربَعَين كِلَيهِما
وَتَحذَرُ أَن يَنأى بِها المُتَصَيَّفُ

وَإِنَّكِ لَو تَدرينَ أَن رُبَّ مَشرَبٍ
مَخوفٍ كَداءِ البَطنِ أَو هُوَ أَخَوفُ

وَرَدتُ بِمَأثورٍ يَمانٍ وَضاَّلةٍ
تَخَيَّرتُها مِمّا أُريشُ وَأَرصُفُ

أَرَكَّبُها في كُلَّ أَحمَرَ غاثِر
وَأَنسِجُ لِلوِلدانِ ما هُوَ مُقرِفُ

وَتابَعتُ فيهِ البَريَ حَتّى تَرَكتُهُ
يَرِنُّ إِذا أَنزَفتُهُ وَيُزَفزفُ

بِكَفَّيَ مِنها لِلبَغيضِ عُراضَةٌ
إِذا بِعتُ خُلاًّ مَالَهُ مُتَعَرَّفُ

وَوادٍ بَعيدِ العُمقِ ضَنكٍ جُماعُهُ
بَواطِنُهُ لِلجِنَّ وَالأُسدِ مَألَفُ

وحوشٍ يُرى بادِ الذِّئابِ مَضلّة
بَواطِنُه لِلجنِّ والأُسدِ مَألَفُ

تَعَسَّفتُ مِنهُ بَعدَما سَقَطَ النَدى
غَماليلَ يَخشى عَيلَها المُتَعَسَّفُ

وَإنَي إذا خامَ الجَبانُ عَنِ الرَدى
فَلي حَيثُ يَخشى أَن يُجاوِزَ مِخشَفُ

وَإِنَّ اِمرَأً قَد جارَ سَعدَ بنَ مالِكٍ
عَلَيَّ وَأَثوابِ الأُقَيصَر يَعنُفُ


الشنفره

الحمدان
04-16-2024, 01:21 AM
نَحنُ الصَعاليكُ الحُماةُ البُزَّلُ

إِذا لَقينا لا نُرى نُهَلَّلُ


الشنفره

الحمدان
04-16-2024, 01:22 AM
أَلا لَيتَ شِعرِيَ وَالتَلَهُّفُ ضَلَّةٌ
بِما ضَرَبَت كَفُّ الفَتاةِ هَجينَها

وَلَو عَلِمَت قُعسوسُ أَنسابَ وَالِدي
وَوالِدِها ظَلَّت تَقَاصَرُ دونَها

أَبي اِبنُ خِيارِ الحُجر بَيتاً وَمَنصِباً
وَأُمّي اِبنَةُ الأحرَارِ لَو تَعرِفينَها

إِذا قُلتُ بَعضَ القَولِ بَيني وبَينَها
تَؤُمُّ بَياضَ الوَجهِ مِنِّي يَمينَها



الشنفره

الحمدان
04-16-2024, 01:22 AM
ولا عَيبَ في اليَحمومِ غَيرُ هُزالِهِ
عَلَى أَنَّهُ يَومَ الهِياجِ سَمينُ

وكَم مِن عظيمِ الخَلقِ عبلٍ مُوثَّقِ
حواهُ وفيهِ بَعدَ ذاك جُنونُ



الشنفره

الحمدان
04-16-2024, 01:23 AM
أَقيموا بَني أُمّي صُدورَ مَطِيَّكُم
فَإِنّي إِلى قَومٍ سِواكُم لأمْيَلُ

فَقَد حُمَّت الحاجاتُ واللَيلُ مُقمِرٌ
وَشُدَّت لِطِيّاتٍ مَطايا وَأَرُحلُ

وَفي الأَرضِ مَنأى لِلكَريمِ عَنِ الأَذى
وَفيها لِمَن خافَ القِلى مُتَعَزَّلُ

لَعَمرُكَ ما في الأَرضِ ضيقٌ عَلى اِمرئٍ
سَرى راغِباً أَو راهِباً وَهوَ يَعقِلُ

وَلي دونَكُم أَهلَونَ سيدٌ عَمَلَّسٌ
وَأَرقَطُ زُهلولٌ وَعَرفاءُ جَيأَلُ

هُمُ الرَهطُ لا مُستَودَعُ السِرَّ ذائِعٌ
لَدَيهِم وَلا الجاني بِما جَرَّ يُخذَلُ

وَكُلٌّ أَبِيٌّ باسِلٌ غَيرَ أَننَّي
إِذا عَرَضَت أُولى الطَرائِدِ أَبسَلُ

وَإِن مُدَّتِ الأَيدي إِلى الزادِ لَم أَكنُ
بِأَعجَلِهِم إِذ أَجشَعُ القَومِ أَعجَلُ

وَما ذاكَ إِلاّ بَسطَةٌ عَن تَفَضُّلٍ
عَلَيهِم وَكانَ الأَفضَلَ المُتَفَضَّلُ

وَلي صاحِبٌ من دونِهم لا يَخونني
إِذا التبسَت كفِّي بِهِ يَتَأكّلُ

وَإِنّي كَفانِي فَقدُ مَن لَيسَ جازِياً
بِحُسنى وَلا في قُربٍه مُتَعَلَّلُ

ثَلاثَةُ أَصحابٍ فُؤادٌ مُشَيَّعٌ
وَأَبيَضُ إِصليتٌ وَصَفراءُ عَيطَلُ

هَتوفٌ مِنَ المُلسِ المُتونِ يَزينُها
رَصائِعُ قَد نيطَت إلَيها وَمِحمَلُ

إِذا زَلَّ عَنها السَهمُ حَنَّت كَأَنَّها
مُرَزَّأَةٌ عَجلى تُرِنُّ وَتُعوِلُ

وَأَغدو خميصَ البَطنِ لا يَستَفِزُّني
إِلى الزاد حِرصٌ أَو فُؤادٌ مُوَكّلُ

وَلَستُ بِمِهيافٍ يُعَشّي سَوامَهُ
مُجَدَّعَةً سُقبانَها وَهيَ بُهَّلُ

وَلا جَبأَ أَكهى مُرِبٍّ بِعِرسِهِ
يُطالِعُها في شَأنِهِ كَيفَ يَفعَلُ

وَلا خَرِقٍ هَيقٍ كَأَنَّ فُؤادَهُ
يَظَلُّ بِهِ المُكَّاءُ يَعلو وَيَسفِلُ

وَلا خالِفٍ دارِيَّةٍ مُتَغَزَّلٍ
يَروحُ وَيَغدو داهِناً يَتَكَحَّلُ

وَلَستُ بِعَلٍّ شَرُّهُ دونَ خَيرِهِ
أَلَفَّ إِذا ما رُعتَهُ اِهتاجَ أَعزَلُ

وَلَستُ بِمِحيارِ الظَلامِ إِذا اِنتَحَت
هُدى الهَوجِل العِسّيفِ يَهماءُ هَوجَلُ

إِذا الأَمَعزُ الصُوّانُ لاقى مَناسِمي
تَطايَرَ مِنهُ قادِحٌ وَمُفَلَّلُ

أَديمُ مِطالَ الجوعِ حَتّى أُميتَهُ
وَأَضرِبُ عَنهُ الذِكرَ صَفحاً فَأَذهَلُ

وَأَستَفُّ تُربَ الأَرضِ كَيلا يَرى لَهُ
عَلَيَّ مِنَ الطَولِ اِمُرؤ مُتَطَوَّلُ

وَلَولا اجتِنابُ الذَأم لَم يُلفَ مَشرَبٌ
يُعاشُ بِهِ إِلّا لَدَيَّ وَمَأكَلُ

وَلَكِنَّ نَفساً مُرَّةً لا تُقيمُ بي
عَلى الذَأمِ إِلّا رَيثما أَتَحَوَّلُ

وَاَطوي عَلى الخُمصِ الحَوايا كَما اِنطَوَت
خُيوطَةُ مارِيٍّ تُغارُ وَتُفتَلُ

وَأَغدو عَلى القوتِ الزَهيدِ كَما غَدَا
أَزَلُّ تَهاداهُ التَنائِفُ أَطحَلُ

غَدا طاوِياً يُعارِضُ الريحَ هافِياً
يَخوتُ بِأَذنابِ الشِعابِ وَيَعسَلُ

فَلَمّا لَواهُ القوتُ مِن حَيثُ أَمَّهُ
دَعا فَأَجابَتهُ نَظائِرُ نُحَّلُ

مُهَلهَةٌ شِيبُ الوُجوهِ كَأَنَّها
قِداحٌ بِكَفَّي ياسِرٍ تَتَقَلقَلُ

أَو الخَشرَمُ المَبعوثُ حَثحَثَ دَبرَهُ
مَحابيضُ أَرداهُنَّ سامٍ مُعَسَّلُ

مُهَرَّتَهٌ فوهٌ كَأَنَّ شُدوقَها
شُقوقُ العِصِيَّ كَالِحاتٌ وَبُسلُ

فَضَجَّ وَضَجَّت بِالبَراح كَأَنَّها
وَإِيّاه نوحٌ فَوقَ عَلياءَ ثُكَّلُ

وَأَغضى وَأَغضَت وَاِتَّسى وَاِتَّسَت بِهِ
مَراميلُ عَزّاها وَعَزَّتهُ مُرمِلُ

شَكا وَشَكَت ثُمَّ اِرعَوى بَعدُ وَاِرعَوَت
وَلَلصَّبرُ إِن لَم يَنفَع الشَكوُ أَجمَلُ

وَفاءَ وَفاءَت بادِراتٌ وَكُلُّهَا
عَلى نَكَظٍ مِمّا يُكاتِمُ مُجمِلُ

وَتَشرِبُ أَسآرِيَ القَطا الكُدرُ بَعدَما
سَرَت قَرَباً أَحناؤُها تَتَصَلصَلُ

هَمَمتُ وَهَمَّت وَاِبتَدَرنا وَأَسدَلَت
وَشَمَّرَ مِنّي فارِطٌ مُتَمَهَّلُ

فَوَلَّيتُ عَنها وَهَي تَكبو لِعَقرِهِ
يُباشِرُهُ مِنها ذُقونٌ وَحَوصَلُ

كَأَنَ وَغاها حَجرَتَيهِ وَحَولَهُ
أَضاميمُ مِن سِفرِ القَبائِلِ نُزَّلُ

تَوافَينَ مِن شَتّى إِلَيهِ فَضَمَّها
كَما ضَمَّ أَذوادَ الأَصاريمِ مَنهَلُ

فَعَبَّت غِشاشاً ثُمَّ مَرَّت كَأَنَّها
مَعَ الصُبحِ رَكبٌ مِن أُحاضَةَ مُجفِلُ

وَآلَفَ وَجهَ الأَرضِ عِندَ افتِراشِها
بِأَهدَأ تُنبيهِ سَناسِنُ قُحَّلُ

وَأَعدِلُ مَنحوضاً كَأَنَّ فُصوصَهُ
كِعابٌ دَحاها لاعِبٌ فَهيَ مُثَّلُ

فَإِن تَبتَئِس بِالشَنفَرى أُمُّ قَسطَلٍ
لَما اِغتَبَطَت بِالشَنفَرى قَبلُ أَطوَلُ

طَريدُ جِناياتٍ تَياسَرنَ لَحمَهُ
عَقيرَتُهُ لأَيَّها حُمَّ أَوَّلُ

تَنامُ إِذا ما نامَ يَقظى عُيونُها
حِثاثاً إِلى مَكروهِهِ تَتَغَلغَلُ

وَإِلفُ هُمومٍ ما تَزالُ تَعودُهُ
عِياداً كَحُمّى الرَبعِ أَو هِيَ أَثقَلُ

إِذا وَرَدت أَصدَرتُها ثُمَّ إِنَّها
تَثوبُ فَتَأتي مِن تُحَيتٍ وَمِن عَلُ

فَإِمّا تَرَيني كَاِبنَةِ الرَملِ ضاحِياً
عَلى رِقَّةٍ أَحفى وَلا أَتَنَعَّلُ

فَإِنّي لَمَولى الصَبرِ أَجتابُ بَزَّهُ
عَلى مِثلِ قَلبِ السِمعِ وَالحَزمَ أَفعَلُ

وَأُعدِمُ أَحياناً وَأَغنى وَإِنَّما
يَنالُ الغِنى ذو البُعَدةِ المُتَبَذَّلُ

فَلا جَزعٌ مِن خَلَّةٍ مُتَكَثَّفٌ
وَلا مَرحٌ تَحتَ الغِنى أَتَخَيَّلُ

وَلا تَزدَهي الأَجهالُ حِلمي وَلا أَرى
سِؤولاً بِأعقابِ الأَقاويلِ أَنمُلُ

وَلَيلَةِ نَحسٍ يَصطَلِيَ القَوسَ رَبُّها
وَأَقطُعَهُ اللاتي بِها يَتَنَبَّلُ

دَعَستُ عَلى غَطشٍ وَبَغشٍ وَصُحبَتي
سُعارٌ وَإِرزيزٌ وَوَجرٌ وَأَفكُلُ

فَأَيَّمتُ نِسواناً وَأَيتَمتُ آلَدَةً
وَعُدتُ كَما أَبدَأتُ وَاللَيلُ أَليَلُ

وَأَصبَحَ عني بِالغُمَيصاءِ جالِساً
فَريقانِ مَسؤولٌ وَآخَرُ يَسأَلُ

فَقالوا لَقَد هَرَّت بِلَيلٍ كِلابُنَا
فَقُلنا أَذِئُبٌ عَسَّ أَم عَسَّ فُرغُلُ

فَلَم تَكُ إِلّا نَبأَةً ثُمَّ هَوَّمَت
فَقُلنا قَطاةٌ ريعَ أَم رِيَعَ أَجدَلُ

فَإِن يَكُ مِن جِنٍّ لَأَبَرحُ طارِقاً
وَإِن يَكُ أُنساً ماكَها الأُنسُ تَفعَلُ

وَيَومٍ مِنَ الشِعرى يَذوبُ لَوابُهُ
أَفاعيهِ في رَمضائِهِ تَتَمَلمَلُ

نَصَبتُ لَهُ وَجهي وَلا كِنَّ دونَهُ
وَلا سِترَ إِلّا الأَتُحَمِيَ المُرَعبَلُ

وَضافٍ إِذا هَبَّت لَهُ الريحُ طَيَّرَت
لَبائِدَ عَن أَعطافِهِ ما تَرَجَّلُ

بَعيدٌ بِمَسَّ الدُهنِ وَالفَليُ عَهدُهُ
لَهُ عَبَسٌ عافٍ مِنَ الغِسلِ مُحوِلُ

وَخَرقٍ كَضَهرِ التِرسِ قَفرٍ قَطَعتُهُ
بِعامِلَتَينِ ظَهرُهُ لَيسَ يُعمَلُ

وَأَلحَقتُ أولاهُ بِأُخراهُ موفِياً
عَلى قُنَّةٍ أُقعي مِراراً وَأَمثِلُ

تَرودُ الأَراوِيَ الصُحمُ حَولِي كَأَنَّها
عَذارى عَلَيهنَّ المُلاءُ المُذَيَّلُ

وَيَركُدنَ بالآصالِ حَولِي كَأَنَّني
مِنَ العُصم أَدفى يَنتَحي الكَيحَ أَعقَلُ



الشنفره
العصر الجاهلي

الحمدان
04-16-2024, 03:08 AM
قَد عَمَّتِ النَّعمَاءُ سَعداً وَعِكَب

وَالخالِدينَ قَد قذفنا بِالنَّشَب

وَقَد وَصَلنا ثَعلَبَيهم بِالنَّسَب

أَخوالُنا مِن خَيرِ أَخوالِ العَرَب

قَد كانَ ذا مِنكُم قَديماً لا كَذِب


ابو اجأ التغلبي