مشاهدة النسخة كاملة : هنا الشعر الفصيح ومايتعلق به
الحمدان
08-11-2024, 06:41 PM
مَضَىٰ عَجَبي مِن كُلِّ شَيءٍ رَأيتُهُ
و بَانَتْ لِعَينَيَّ الأُمورُ اللَّوابِسُ
وَ إنِّي رَأَيتُ الدَّهرَ في كُلِّ ساعَةٍ
يَسيرُ بِنَفسِ المَرءِ، وَ المَرءُ جَالِس
......
الحمدان
08-11-2024, 06:48 PM
بِوَدِّ الرَذايا أَنَّها في السَوابِقِ
وَكَم لِلعُلى مِن طالِبٍ غَيرِ لاحِقِ
وَفي شِدَّةِ الدَهرِ اِعتِبارٌ لِعاقِلٍ
وَفي لَذَّةِ الدُنيا غُرورٌ لِواثِقِ
أَرى العَيشَ أَيّاماً تَمُرُّ وَلَيتَنا
نُباعِدُ مِن أَحداثِها وَالبَوائِقِ
شَهِيٌّ إِلى الناسِ النَجاءُ مِنَ الرَدى
وَلا عُنقَ إِلّا وَهيَ في فِترِ خانِقِ
وَأَكثَرُ مَن شاوَرتَهُ غَيرُ حازِمٍ
وَأَكثَرُ مَن صاحَبتَ غَيرُ المُوافِقِ
إِذا أَنتَ فَتَّشتَ القُلوبَ وَجَدتَها
قُلوبَ الأَعادي في جُسومِ الأَصادِقِ
وَعِندي مِنَ الوُدِّ الَّذي لا يَشوبُهُ
لَحاظُ المُرائي أَو كَلامُ المُنافِقِ
أُغالِطُ نَفسي بَعدَ مَرأى وَمَسمَعٍ
وَلا أَنظُرُ الدُنيا بِعَينِ الحَقائِقِ
عَلى أَنَّني أَدري إِذا كانَ قائِدي
بَقائي فَإِنَّ المَوتَ لا شَكَّ سائِقي
وَما جَمعِيَ الأَموالَ إِلّا غَنيمَةً
لِمَن عاشَ بَعدي وَاِتِّهاماً لِرازِقي
تَنَفَّسَ في رَأسي بَياضٌ كَأَنَّهُ
صِقالُ تَراقٍ في النُصولِ الرَوانِقِ
وَما جَزَعي إِن حالَ لَونٌ وَإِنَّما
أَرى الشَيبَ عَضباً قاطِعاً حَبلَ عاتِقي
فَما لي أَذُمُّ الغادِرينَ وَإِنَّما
شَبابِيَ أَدنى غادِرٍ بي وَماذِقِ
تُعَيُّرُني شَيبي كَأَنّي اِبتَدَعتُهُ
وَمَن لِيَ أَن يَبقى بَياضُ المَفارِقِ
وَإِنَّ وَراءَ الشَيبِ ما لا أَجوزُهُ
بِعائِقَةٍ تُنسي جَميعَ العَوائِقِ
وَلَيسَ نَهارُ الشَيبِ عِندي بِمُزمِعٍ
رُجوعاً إِلى لَيلِ الشَبابِ الغُرانِقِ
وَما العِزُّ إِلّا غَزوُكَ الحَيَّ بِالقَنا
وَرَبطُ المَذاكي في خُدورِ العَواتِقِ
وَإِغمادُكَ الأَسيافَ في كُلِّ هامَةٍ
وَرَكزُكَ أَطرافَ القَنا في الحَمالِقِ
وَلا تَرتَضي أَن تُدنِسَ العِرضَ ساعَةً
وَمَشيُكَ في ثَوبٍ مِنَ الزَينِ رائِقِ
فَلِلعِزِّ ما أَدنى لِياني مِنَ القَنا
وَأَكرَهَ رُمحي في صُدورِ الفَيالِقِ
سَقى اللَهُ نَفساً ما أَضَرَّ بَقاؤُها
بِجِسمي وَأَغراها بِما كانَ عارِقي
تُكَلِّفُني سَيراً إِلى غَيرِ غايَةٍ
مُضِرّاً بِأَبناءِ الجَديلِ وَلاحِقِ
وَلَيلٍ كَعَينِ الظَبيِ إِلّا نُجومَهُ
قَطَعتُ وَلي مِن صُبحِهِ كَفُّ سارِقِ
جَريّاً عَلى الظَلماءِ حَتّى كَأَنَّني
أَراها بِأَلحاظِ الرَزايا الطَوارِقِ
وَرَكبٍ أَناخوا ساعَةً فَتَناهَبوا
ثَرى البيدِ في أَعضادِهِم وَالمَرافِقِ
وَساروا بِأَيدي العيسِ عَجلى كَأَنَّها
خَراطِمُ أَقلامٍ جَرَت في المَهارِقِ
وَما أَنا مِمَّن يُضجِرُ السَيرُ قَلبَهُ
وَتُذكِرُهُ الأَمواهُ حَرَّ الوَدائِقِ
وَلَكِن شَريكُ الوَحشِ في كُلِّ مَهمَهٍ
وَرِدفُ اللَيالي في الرُبى وَالأَبارِقِ
رَعى اللَهُ مَن فارَقتُ مِن غَيرِ رَغبَةٍ
عَلى الوَجدِ مِنّي وَالسِقامِ المُطابِقِ
يُباعِدُ عَنّي مَن غَرامي لِأَجلِهِ
وَيَقرُبُ مِن قَلبي لَهُ غَيرُ وامِقِ
إِذا شِئتَ أَن لا تَهجُرَ الهَمَّ فَاِغتَرِب
وَإِن شِئتَ أَن يَأتي الحِمامُ فَفارِقِ
فَكُلُّ غَريبٍ يَألَفُ الهَمُّ قَلبَهُ
وَلا سيَّما قَلبُ الغَريبِ المُفارِقِ
فَكَيفَ بِطَرفٍ لَحظُهُ لَحظُ مُدنَفٍ
سَقيمٍ وَجِسمٍ قَلبُهُ قَلبُ عاشِقِ
إِذا كُنتُ مِمَّن يَجحَدُ الشَوقَ في النَوى
فَكَم فاضَ دَمعي مِن حَنينِ الأَيانِقِ
وَكَم أَنا وَقّافٌ عَلى كُلِّ مَنزِلٍ
وَكَم أَنا مُرتاحٌ إِلى كُلِّ بارِقِ
أَحِنُّ إِلى مَن لا يَحِنُّ صَبابَةً
وَما واجِدٌ قَلبا مَشوقٍ وَشائِقِ
وَعِندي مِنَ الأَحبابِ كُلُّ عَظيمَةٍ
تُزَهَّدُ في قُربِ الضَجيعِ المُعانِقِ
تَعَطَّلَتِ الأَحشاءُ مِن كُلِّ أَنَّةٍ
فَلا القُربُ يُضنيني وَلا البُعدُ شائِقي
وَما في الغَواني مِن سُرورٍ لِناظِرٍ
وَلا في الخُزامى مِن نَسيمٍ لِناشِقِ
رَمى اللَهُ بي مِن هَذِهِ الأَرضِ غَيرَها
وَقَطَّعَ مِن هَذا الأَنامِ عَلائِقي
فَكَم فيهِمُ مِن واعِدٍ غَيرِ مُنجِزٍ
وَكَم فيهِمُ مِن قائِلٍ غَيرِ صادِقِ
يَظُنّونَ أَنَّ المَجدَ فيمَن لَهُ الغِنى
وَأَنَّ جَميعَ العِلمِ فَضلُ التَشادُقِ
وَفاءٌ كَأَنبوبِ اليَراعِ لِصاحِبٍ
وَغَدرٌ كَأَطرافِ الرِماحِ الزَوالِقِ
وَلَولا اِبنُ موسى لَم يَكُن في زَمانِنا
مَعاذٌ لِجانٍ أَو مَحَلٌّ لِطارِقِ
وَلا دَبَّرَت سُمرَ القَنا كَفُّ فارِسٍ
وَلا مُدَّ في رِزقِ المُنى باعُ رازِقِ
تَغَمَّدَنا مِن كُلِّ أَرضٍ بِنَفحَةٍ
وَأَمطَرَنا مِن كُلِّ جَوٍّ بِوادِقِ
إِذا هَمَّ لَم يَبعُد بِهِ زَجرُ زاجِرٍ
وَإِن ثارَ لَم يَعطِف بِهِ نَعقُ ناعِقِ
وَإِن رامَ أَملاكَ البِلادِ بِفَتكَةٍ
مَشى الذُلُّ في تيجانِها وَالمَناطِقِ
لَهُ العِزُّ وَالمَجدُ التَليدُ وِراثَةً
وَأَخذاً عَنِ البيضِ الظُبى وَالسَوابِقِ
وَمازالَ يَلقى كُلَّ غَبراءَ فَخمَةٍ
تُغالي بِأَطرافِ القَنا وَالعَقائِقِ
وَما بَرِحَت في كُلِّ عَصرٍ سُيوفُهُ
مَواضِعَ تيجانِ الرِجالِ البَطارِقِ
يُجَرِّدُها مِثلَ الأَقاحي عَلى الطُلى
وَيُغمِدُها مُحمَرَّةً كَالشَقائِقِ
تُبَلِّغُهُ أَقصى الأَماني رِماحُهُ
وَآرائُهُ وَالرَأيُ أَمضى مُرافِقِ
وَخَيلٍ كَأَطرافِ العَوالي جَريئَةٍ
عَلى الطَعنِ مُسقاةٍ دِماءَ المَوارِقِ
إِذا عَنَّ طَردٌ أَو طِرادٌ تَبادَرَت
طِرادَ الأَعادي قَبلَ طَردِ الوَسائِقِ
تُديرُ عُيوناً بَدَّدَ الرَوعُ لَحظُها
وَغَطّى مَآقيها غُبارُ السَمالِقِ
نَواصِبِ آذانٍ إِلى كُلِّ نَبأَةٍ
طَوامِحِ أَلحاظٍ إِلى كُلِّ مارِقِ
ذَواكِرَ لِلنَجوى بِيَومٍ طِعانُهُ
يُنَسّي رُؤوسَ الخَيلِ جَذبَ العَلائِقِ
تَروعُ جَنانَ اللَيثِ إِن لَم تَذُمَّهُ
وَتَطعَنُ في الأَقرانِ إِن لَم تُعانِقِ
هَنيئاً لَكَ العيدُ المُضاعَفُ سَعدُهُ
كَما ضاعَفَ الوَسميُّ نَبتَ الحَدائِقِ
وَكَم مِثلِ هَذا العيدِ قَضّيتَ فَرضَهُ
بِمَكَّةَ في ظِلِّ البُنودِ الخَوافِقِ
وَقُدتَ إِلَيهِ العيسَ عَجلى مَروعَةً
تَناهَزُ في أَنماطِها وَالنَمارِقِ
مُدَفَّعَةً تَحتَ السِياطِ كَأَنَّها
إِذا جَنَّتِ الظَلماءُ أَيدي النَقانِقِ
وَيُعنِتُها الحادونَ أَو تُوسِعَ الخُطا
إِلى قُربِ دارِ المَوقِفِ المُتَضائِقِ
وَأَيُّ مَقامٍ لِلوَرى تَحتَ ظِلِّهِ
مَهيبٍ يُطاطي مِن عُيونِ الحَدائِقِ
وَأَكثَرُ ما تَلقى بِهِ العَينُ أَو تَرى
إِفاضَةُ مَخلوقٍ إِلى قُربِ خالِقِ
ثَمانينَ أَعطَيتَ المُنى في مُرورِها
وَلَم تَرمِ عَن مَسراكَ فيها بِعائِقِ
وَأَكبَرُ ظَنّي أَن أَرى مِنكَ عارِضاً
يُؤَمِّمُها في مِثلِ تِلكَ البَوارِقِ
أَبا أَحمَدٍ هَذا طِلابي وَهَذِهِ
مُنايَ الَّتي أَمَّتكَ دونَ الخَلائِقِ
وَإِنّي لَأَرجو مِنكَ ما لا أُذيعُهُ
مَخافَةَ واشٍ أَو عَدوٍّ مُماذِقِ
وَلا بُدَّ مِن يَومٍ حَميدٍ كَأَنَّهُ
مِنَ النَقعِ في أَثناءِ بُردٍ شَبارِقِ
عَظيمِ دَويِّ الصَوتِ في سَمعِ سامِعٍ
بَعيدِ سَماعِ الصَوتِ مِن نُطقِ ناطِقِ
أَعُدُّ عَنايَ فيهِ رَوحاً وَراحَةً
وَكَم سَعَةٍ لِلمَرءِ غِبَّ المَضائِقِ
وَهَذا مَقالي فيكَ غَيثٌ وَرُبَّما
رَمَيتُ العِدى مِن وَقعِهِ بِالصَواعِقِ
إِذا أَنتَ يَوماً سِمتَنيهِ فَإِنَّما
تُكَلِّفُني قَطعَ الذُرى وَالشَواهِقِ
وَحَسبُكَ مِنهُ ما رَضيتَ اِستِماعَهُ
وَأَكثَرُ ما في الناسِ لَغوُ المَناطِقِ
الشريف الرضي
الحمدان
08-11-2024, 07:03 PM
قل للذين مقامهم في مقلتي
ما ضرنا إذ ناءت الأميـال
في كل يوم تكبرون بداخلي
كالزهر يورق في الحياة جمال
......
الحمدان
08-11-2024, 07:43 PM
بعض المواجع ننساها وندفنها
وبعضها في صميم القلب تكوينا
فإن أتتنا من الأغراب نهملها
وإن أتتنا من الأحباب تؤذينا
......
الحمدان
08-11-2024, 08:45 PM
عيناكِ ما أدراكِ ما عيناكِ
مُدنٌ منَ الألوانِ والأفلاكِ
انا احسدُ الاجفانَ ترمشُ فوقها
والكحلَ إذ يلهو بهِ رمشاكِ
......
الحمدان
08-11-2024, 08:54 PM
اذا ابتـلاك الله بـأمـر و تأذيـت
اصبر وربي يغفر الجهل والعمد
يا شينها لا قلت انا ويش سويت
ويا زينها لا قلت ربي لك الحمد
......
الحمدان
08-11-2024, 08:55 PM
اللهُ أَكْبَر مَا عَلَا صَوْتٌ بِهَا
عِنْدَ الأَذَانِ تَرَشَّفَتْهُ بِطَاحُ
اللهُ أَكْبَرُ مَا تَغَنَّىظ° حَافِظٌ
خَشَعَتْ لِعَذْبِ غِنَائِهِ الأَرْوَاحُ
اللهُ أَكْبَرُ مَا مَشَىظ° لِصَلَاتِهِ
مَاشٍ حَدَاهُ إِلَىظ° الفَلَاحِ فَلَاحُ
اللهُ أَكْبَرُ مَا بَكَتْ سُحُبٌ عَلَىظ°
خَدِّ الثَّرَىظ° فَانْسَابَتِ الأَفْرَاحُ
اللهُ أَكْبَرُ مَا زَهَا رَوْضٌ وَمَا
لَثَمَ الغُصُوْنَ عَبِيْرُهُ الفَوَّاحُ
اللهُ أَكْبَرُ مَا تَهَادَى مَرْكَبٌ
تَجْرِي بِهِ فَوْقَ العُبَابِ رِيَاحُ
اللهُ أَكْبَرُ كُلَّمَا رَدَّدْتُهَا
يَنْمُوْ لِمُشْتَاقِ الفُؤَادِ جَنَاحُ
......
الحمدان
08-11-2024, 09:50 PM
دعاني فتًى: (يا عمُّ)، دعوةَ ظالمٍ
وتلك التي تَسْتكُّ منها المسامعُ
وما كنت أرجو أن أُنادى بمثلها
فبيني وبين الشّيبِ جُرْدٌ بلاقعُ
ألستُ فتًى ما زال غُصْنُ شبابِهِ
وَرِيقًا وإنْ هزَّتْهُ يومًا زعازعُ؟
فإنْ طار عن وجهي الرُّواءُ، فإنَّ ذا
غرابُ شبابي فوق رأسيَ واقعُ
دعاني فتًى مثلي فضاعفَ غُمَّتي
ولو أنها حسناءُ فالعذرُ واسعُ
......
الحمدان
08-11-2024, 09:51 PM
أعدُّ اللياليَ ليلةً بعدَ ليلةٍ
وقدْ عشتُ دهرًا لَا أعدُّ اللياليَا
أرانِي إذَا صليتُ يممتُ نحوهَا
بوجهِي وإنْ كانَ المصلِّى ورائيَا
ومَا بِي إشراكٌ غيرَ أنَّ حبهَا
كعودِ الشجَى أعيَا الطبيبَ المداويَا
أحبُّ منَ الأسماءِ مَا وافقَ اسمهَا
أوْ شابههُ أوْ كانَ منهُ مدانيَا
قيس بن الملوح
الحمدان
08-11-2024, 09:53 PM
فكم من كُربةٍ أبكتْ عيونًا
فهوّنها الكريمُ لنا فهانتْ
وكم من حاجةٍ كانت سرابًا
أراد اللهُ لُقياها فحانت
وكم ذقنا المرارة من ظروفٍ
برغم قساوة الأيام لانت
هي الدنيا لنا فيها شؤونٌ
فإن زيّنتها بالصبر زانتْ
......
الحمدان
08-11-2024, 09:55 PM
تعلمت من سود الليالي حكَم ودروس
ولازلت أردد بيت شعرٍ على لساني
صديق المصالح لو شرى خوّتك بفلوس
طبيعي يبيعك لا قسى الوقت مجاني
......
الحمدان
08-11-2024, 11:23 PM
يا فاتن العينين جئتك مرهقا
من وحي حسنك راعني أن اقتلا
تلك العيون الناعسات فتكن بي
بالحظ ام بالكحل صرت مجندلا
.....
الحمدان
08-11-2024, 11:28 PM
واسْتَغْنِ مَا أغْناكَ ربُّكَ بالغِنَى
وإذَا تُصِبْك خَصَاصَةٌ فَتجَمَّلِ
واسْتَأنِ حِلْمَكَ فِي أمُوركَ كلِّها
وإِذا عَزَمْتَ عَلى الهُدى فَتَوكَّلِ
وإِذا تَشاجَرَ فِي فُؤادِكَ مَرَّةً
أمرَانِ فاعمِدْ لِلأعَفِّ الأجْمَلِ
......
الحمدان
08-12-2024, 09:44 AM
عادَ الصّباحُ بجيشِ النّورِ منبلجًا
حتّى استنار به من يرتجي فرجا
لله كم في وِهاد الأرض من كُرَبٍ
تكشّفتْ، ورسولُ السَّعدِ قد ولجا
فبدل الحال منْ ضيقٍ إلى رغدٍ
ورفرف اليُسرَ حتّىٰ تسعدُ المُهَجا
......
الحمدان
08-12-2024, 09:47 AM
ماذا تُؤَمِّلُ مِن قَومٍ إِذا غَضِبوا
جاروا عَلَيكَ وَإِن أَرضَيتَهُم مَلّوا
فَاِستَغنِ بِاللَهِ عَن أَبوابِهِم كَرَما
إِنَّ الوقوفَ عَلى أَبوابِهِم ذُلُّ
......
الحمدان
08-12-2024, 09:52 AM
وأخاف من ثقلي عليك فأنثني
عن طرق بابك، والفؤاد مولَّهُ
ضدّان شوقُك وافتعالُ كرامةٍ
نخفي الهوى والحبّ يعرف أهلهُ
......
الحمدان
08-12-2024, 09:57 AM
عُد للغياب فإنّ عيني لم تعُد
تلك التي تَبكيك حين تركتَها
فلكُلِّ قلبٍ في الحياة كرامةٌ
ولكلّ حبٍ لا يُراعى مُنتهى
ما عادت الذكرى تُكدّرُ خاطري
أكمِل غيابك فالحنينُ قد انتهى
......
الحمدان
08-12-2024, 02:52 PM
هَذِهِ جارِيَةٌ قَد أُنشِئت
بِيَدِ السّعْدِ على حُسنِ اِستَقامهْ
مِن دُفوفِ المَجدِ وَالعَلياءِ قَد
نَظَمت في حُسنِ سَمتٍ وَوَسامه
حَيثُ بانيها حُسَينٌ ذو الحِجى
أَحَدُ الحُذّاقِ مَن يَحوي الشّهامَه
حَيثُما البحرُ كَخَدٍّ بَهِجٍ
راقَ حُسناً وَهيَ تَبدو فيهِ شامَه
فَصَواريها تَسامَت لِلسَّما
فَتَراها لِلسّما صارَت دعامَه
كُلّما سارَت تَراها طاِئراً
أَو كَبَرقٍ قَد سَرى بِيَدي اِبتِسامَه
وَلَها الطّورُ وَأَرِّخ توأمٌ
وَعَلَيها كَتبَ اللَّهُ السّلامَه
عبداللطيف فتح الله
الحمدان
08-12-2024, 02:53 PM
زاحِم بِمَنكِبكَ الثّريّا واِجهَدِ
وَاِركُض بِرِجلِكَ في سماءِ الفَرقَدِ
وَطِئِ السّماكَ فَقَد وَصَلت إِلى العُلى
وَظَفِرتَ مِنها بِالمُنى وَالمَقصَدِ
وَاِشدُ ابنَ فَتحِ اللَّهِ في رَوضِ البَها
شَدوَ البَلابِلِ بِالمقيمِ المُقعِدِ
وَاِجرُرْ ذُيولَ التّيهِ يَرقُصُ كمُّهُ
وَاِلبَسْ إِذَن حُللَ المَكارِمِ وَاِرشدِ
تُوِّجتَ بِالمجدِ المُؤثَّلِ في الوَرى
وَكُسيتَ بِالشَّرفِ العَزيزِ المفرَدِ
وَاِزدانَ جيدُكَ غِبَّ أَصبحَ عاطلاً
في كلِّ عقدٍ بِالمَعالِ مُنضَّدِ
مِن كلِّ ما الدّرُّ اليتيمُ جُمانُهُ
يَسْبي العقولَ وَسِلكُه مِن عَسجَدِ
ذاكَ المُرادُ وَإِنّه لَإِجازَةٌ
غَرّاءُ تَحوي مُسنداً عَن مُسنَدِ
مِثلُ السّماءِ تَزيَّنت بِكَواكِبٍ
مِن كلِّ نَجمٍ فيهِ مِثلي يَهتَدي
مِن كلِّ حَبرٍ في الأنامِ أَخي تُقىً
مِن كلِّ أَورعَ في الأَثامِ وَأَزهَدِ
مِن كلِّ برٍّ في البريَّةِ صالِحٍ
مِن كلِّ قُطبٍ في الخليقَةِ مرشِدِ
مِن كلّ مُجتَهِدٍ إِمامٍ عارِفٍ
فيهِ الأَئِمّةُ وَالأَفاضِلُ تَقتَدي
مِن كلِّ عَدلٍ ضابِطٍ ثِقةٍ أَخي
حِفظٍ وَثَبتٍ فَضلُهُ لَم يجحَدِ
بُشرايَ فيها قَد حُبيتُ تَكرُّماً
مِن مُتقِنٍ فَردٍ إِمامٍ أَوحَدِ
مِن حافِظٍ فَذٍّ نَبيلٍ بارِعٍ
مِن حاذِقٍ توٍّ بَصيرٍ منقدِ
ثَبتٌ بُخاريُّ الزّمانِ بِعصرِهِ
جَمَعَ الصّحيحَ وَلَم يَكُن بِمقلِّدِ
الشّافعيُّ وَمَن غَدا لي مالَكاً
مَنْ خِلتُهُ في ذا الزّمانِ كَأَحمَدِ
السّيِّد المَهديّ قُطب زَمانِهِ
شَمس المَعارِفِ وَالعلومِ مُحمّدِ
مَنْ فيه أزهَرُهُ تبدّى مزهراً
متبسّماً طَلْقاً محيّاهُ النّدي
البحر في كلّ العلومِ ولا نَظيرَ
وكلُّ حَبْرٍ عِندَهُ كالمُبتَدي
مَنْ يَدَّعي مَثلاً لَهُ يا وَيلَه
هَل كانَ غَيرَ مُكذَّبٍ وَمُفنَّدِ
فَالشّمسُ فَردٌ في السّماءِ فَمثلُها
قَد جازَ لَكِن في الدُّنى لَم يُوجَدِ
يا أَيُّها المَولَى الهُمامُ اللوذَعي
مَنْ كان في ذا العصر خيرَ مجدَّدِ
طوَّقتَ جيدي مِنّةً أنعِمْ بها
تَربو وَتَعلو فَوقَ ما في مَقصِدي
آجزتَني بحرَ النّدى فيما حَوى
ثبتَ البَديرِيّ الإِمامِ المُفردِ
فَغَدوتُ مَعروفاً وكنتُ منكَّراً
وَلِيَ الأصابعُ قَد أَشارَت بِاليدِ
يا حَبَّذا تِلكَ الإِجازةُ إِنّها
شَرَفُ المَجازِ في ذا الزَّمانِ وَفي غَدِ
قَد أَلحَقَتني مِنّة في نِسبَةٍ
تَعلو عَلى الأَنسابِ مِثلَ الفَرقَدِ
تَسمو على نَسَبِ الأُبوّةِ في الوَرى
لَو كانَ خَيرَ مُؤثّلٍ وَمؤطّدِ
بَدأت كَما خَتَمت أَخي بِمُحمَّدٍ
وَمُحمَّدٌ خَيرُ الأنامِ السيِّدِ
عبداللطيف فتح الله
الحمدان
08-12-2024, 02:54 PM
يا دارَ مَجدٍ عَلى العَلياءِ قَد بُنِيَت
وَأُسِّست بِالتّقى لا نالَها تلَفُ
بِحِكمَةٍ أَلفَت تبنى مرصفةً
نَعم وجَانبَها التبذيرُ وَالسّرفُ
مِن جَوهَرِ العزِّ قَد صاغوا لَها لَبِناً
لَها الجَواهِرُ وَهيَ الدرّةُ الصّدفُ
كَقبّةِ الفلكِ العالي بِها اِرتَفَعَت
بُروجُ جاهٍ لَها العَلياءُ تَكتَنِفُ
قُصورُها مِن جِنانِ الخُلدِ قَد نُقِلَت
وَمِن جِنانِ الهَنا شيدَت لَها غُرَفُ
كَأَنّها الرّوضَةُ الغنّاءُ مزهرةٌ
تَميسُ أزهارُها إذ عمّها الترفُ
دارٌ بِها تُدرَكُ الآمالُ كامِلةً
وَعِندَها يَحصُلُ الإِكرامُ وَالتحفُ
وَعِندَها تَخضَعُ الآسادُ مُطرِقَةً
مِن شِدّةِ الخَوفِ خيلوا أَنّهم خَرفوا
تيهي عَلى الدورِ فَخراً حَيثُ كُنت على
مَبناكِ قَد يُحمَدُ الإِنفاقُ والكلفُ
وَكُنتِ في الدورِ بَدراً خيلَ منزلةً
لِشَمسِ مَجدٍ على الآفاق ينكشفُ
الضّيغَمُ الأسَدُ الرّئبالُ مُنفَرِداً
لَهُ الأُسودُ بِهذا الأَمرِ تَعتَرِفُ
عَليُّ قَدْرٍ وَجاهٍ كاِسمِهِ وذُرىً
وَهِمّةٍ بِجَميلِ العَزمِ تَتّصِفُ
لا زِلتِ عالِيَةً لا زِلتِ عامِرَةً
وَأَنتِ كَهفُ الرّجا لِلنّاسِ وَالكنفُ
وَطالَ بانيكِ عُمراً وَاِبنُهُ معهُ
وَدامَ سَعدكِ لا يُدرى لَهُ طَرفُ
وَدامَ فيكِ لِمِثلي ما يُسَرُّ بِهِ
وما بِهِ تُشتفى الآلامُ والدنفُ
وَكلُّ ما نَرتَجي أَرَّخت من مِنَحٍ
وَالمَجدُ فيكِ وَفيكِ العِزُّ والشرفُ
عبداللطيف فتح الله
الحمدان
08-12-2024, 02:54 PM
يا دارَ زَينَبَ بِالعَقيقِ تَبَسَّمي
مِنْ فِي السّرورِ وَبالعذيبِ تكلَّمي
دَارٌ لِغانِيةٍ كَشمسٍ وَجهُها
وَالبرقُ يَلمَعُ مِن خِلالِ المبسمِ
غَيداءَ بِنتُ الأُسدِ تَرتَعُ في الفَلا
وَهيَ الغَزالَةُ في الكناسِ المُحتمي
قَد أُولِعَت بِالصّيد غيرَ مَصيدَةٍ
وَمَصيدُها لبُّ الهِزَبرِ الضّيغَمِ
مِن كلِّ صمصامٍ تَقلَّد صارِماً
مِن كلّ مُعتقِل بِأَسمرَ لَهذَمِ
مِن كلِّ لَيثٍ في الكَريهَةِ صائلٍ
يَهوى المنيّةَ لَيسَ مِنها يَحتَمي
يُعطي وَيَأخُذُ في الكَريهَةِ ثابتاً
وَيَعودُ لَيسَ بِمُعدَمٍ بل معدمِ
يَعدو عَلى طِرْفٍ أَصيلٍ فارِهٍ
مثلِ النّسيمِ وَإِنّها لَم تلجَمِ
يَسطو عَلَيهِ غَضَنفَراً بِزَئيرِهِ
لَكِنّهُ لَو خَرّ مِثلَ الهَيثَمِ
لَو خاضَ في صفّ العِداةِ رَأَيتَهُ
بِجَوادِهِ قَد داسَ فَوقَ الديسَمِ
عَلَّقتها حَوراءَ خوطَة بانَةٍ
شَمساً تَلوح فلَيلُها لم يُظلمِ
كَحلاءَ تَبدو شامَةٌ في خَدِّها
زادَتهُ حُسناً كَالسّوار لِمَعصَمِ
هاتيكَ مِن دَمِها اِستَحالَت عَنبَراً
فَاِسْودَّ بعدُ وَكانَ مِثلَ العَندَمِ
وَالمِسكُ بَعضُ دَمِ الغَزالِ وَإِنّما
في المِسكِ مَعنىً لَيسَ يوجَدُ في الدمِ
يا زينَ إِنّي في هَواكِ مُتيّمٌ
أَصبَحت فيهِ بِذي الغَرامِ الأَهيمِ
جُبتُ الفَيافي لَستُ أَدري مَقصداً
تيهاً وَذا حالُ المحبِّ المُغرَمِ
أَحرَقتِ قَلبي بِالنّوى يا جَنَّتي
وَحَللتِ فيهِ وَإِنّه كَجَهنَّمِ
أَفَلا حَسستِ بِنارِهِ وَلَهيبِهِ
فَحبَوتِهِ بِتَرَأُّفٍ وترحُّمُ
قالَت بَلى اِستَحلَيت مُرَّ عذابهِ
كَالظّبيِ يَستَحلي مَذاقَ العلقمِ
يا زين هَل للصبِّ قُربٌ واِلْتِقا
فبُعادُه عينُ العَذابِ المُؤلمِ
لَيسَ البعاد عليك حَتماً لازِماً
وعليكِ وَصْلي لم يكن بمحرّمِ
أَسمَعتِ قَولَ اللائِمينَ وَعِذلِهم
يا زينَ بئسَ القولُ قولُ اللُّوَّمِ
يا لَهفَ قَلبي وَالغَرامُ أَذابَهُ
فَبَكيته دَمعاً جَرى كَالعَندَمِ
كَيفَ الخَلاصُ مِنَ الهَوى ما حيلَتي
وَمَذاقُهُ حُلوٌ لَذيذُ المَطعَمِ
وَلَقَد طُبِعتُ عَلى الهَوى وَاِعتَدتُهُ
وَتغيُّرُ العادات غيرُ مسلَّمِ
وَاِعتَدت طَبعاً مَدحَ أَكرمِ ماجدٍ
وأجلِّ شهمٍ في الأكارِمِ أفخمِ
لَيث العَرينِ وَشِبل قَسورَة الوغَى
مُردي الأسودَ وذاكَ شَأنُ الضّيغَمِ
شاكي السّلاح مُقذّفٌ مُتقدّمٌ
أَظفارُهُ حينَ الوَغى لَم تقلَّمِ
بَطلٍ إِذا رَكِبَ الجَواد رأيتَهُ
أَسَداً على طَوْدٍ رَفيعٍ شَيظَمِ
فَسلاحُهُ وَصهيل طِرفٍ تَحتَهُ
بَرقٌ وَرعدٌ في العَجاجِ الأقتَمِ
ذي الجاهِ بَل هوَ جاهُهُ وَقوامُهُ
لَولاهُ كانَ الجاهُ غير مقوَّمِ
ذي المَجدِ وَالعَلياءِ مَن قَد فاقَ في
حُسنِ الوَفا وَالعزّ مِثل محلَّمِ
بَحرُ المَكارِمِ وَالنّدى لا حاتمٌ
يَحكيهِ في جودٍ ولا بِتَكرُّمِ
طَلقِ المُحيّا في لِثامِ بَشاشَةٍ
وَوَسامَةٍ تَزهو ضحوكِ المَبسمِ
فَردٍ نَبيهٍ فاضِلٍ متأدّبٍ
فَخمٍ وَجيهٍ كامِلٍ ومكرَّمِ
قِسُّ البلاغَةِ كَم أَرى سَحبانها
يَبدو لَدَيهِ بالأرتِّ الأبكَمِ
يا ذا المَعالي وَالمَكارِمِ وَالتّقى
وَأَخا المَفاخِرِ وَالجَنابِ الأَكرَمِ
إِنّي اِمرُؤٌ مُهدٍ إِلَيكَ خَريدَةً
بِكراً مُهفهَفةً وَباسمةَ الفمِ
خوداً تَقَرطقُ بِالجَواهِر أُذنَها
ومِثالُه لنظيرها لم يُنظَمِ
وَتَقلّدَت أَحلى العقود بِنَحرِها
مِن كلّ دُرٍّ كَالجُمانِ منظَّمِ
عبداللطيف فتح الله
الحمدان
08-12-2024, 02:56 PM
سَلامٌ يَفوقُ الرّوضَ فيه الأزاهرُ
ويُزري بعِقد الدّرِّ فيه الجواهرُ
سَلامٌ يُحاكي المِسكَ عَرفاً وَنَفحَةً
بِه الكَونُ مَنفوحٌ بِهِ الكونُ عاطِرُ
سَلامٌ غَريبٌ في التّحايا وَبالِغٌ
نِهايَتَها القُصوى وَباهٍ وباهرُ
سَلامٌ بِهِ التوقيرُ أَصبَحَ حائِطاً
سَلامٌ بِهِ التعظيمُ وافٍ ووافرُ
سَلامٌ لِأَنواعِ المَحاسِنِ جامِعٌ
سَلامٌ بديعُ الحسنِ زاهٍ وزاهرُ
سَلام مَشوق لِلأَحبَّةِ في الهَوى
يَهيمُ الدّياجي وَالنجومَ يُساهرُ
سَلامُ مَشوقٍ تاهَ في مَهمَهِ الهَوى
وَصاحَبَ وَحشَ القَفرِ وَهو المسامرُ
سَلامُ محبٍّ صادقٍ في وِدادِهِ
وَفي كلِّ وَقتٍ للأحبّة ذاكرُ
سَلام محبٍّ مُغرمٍ بِحَبيبهِ
تَفوهُ بِه عندَ الحَواس المَشاعرُ
سَلامٌ بِهِ تَبدو التحيّاتُ أَنجُماً
وَذاكَ لَها بَدرٌ ولا غَروَ ظاهِرُ
سَلامٌ بِهِ تَغلو التحايا وَتَعتَلي
وفيه له عزّاً تتمُّ المفاخرُ
سَلامٌ بِهِ أَضحَت تُسَرُّ خواطرٌ
كَما أَصبَحَت فيه تقرُّ النواظرُ
سَلامٌ عَلى الخلِّ الوفيّ أَبي الوفا
ومَن هو للأزمان عينٌ وناظرُ
حُسين خَليلُ الحِذقِ وَالفهمِ والحِجى
خَليٌّ عَنِ الأَشباهِ أنّى النّظائرُ
بَليغٌ لَهُ تَبدو القَوافي خَوادِماً
تُطيعُ لِما يَنهى وَما هوَ آمِرُ
فَصيحٌ بِهِ سَحبانُ قَد عُدَّ باقِلاً
وَإِن قالَ أمّا بعدُ حين يناظرُ
بِنَغمَةِ داود بِصَوتِ رَخيمِهِ
بِهِ تبهجُ الأَبصارُ ثمَّ البَصائِرُ
إِذا ما شَدانا أَنعَشَ الجِسمَ وَالحَشا
فَيَرقص ما يَخفى وَما هوَ ظاهِرُ
فَيا أَيّها النّدبُ النبيلُ أَخو الذّكا
نَظَمت ثَمينَ الدُرِّ والدرّ فاخرُ
وَأَهديتَني مِنهُ عَروساً فَريدةً
وَخَيرُ الهَدايا النظمُ يُهديهِ شاعِرُ
فَلا زالَ مِنكَ الفكرُ يَصفو تَخيُّلاً
فَيبرزُ مِنهُ الدرُّ ثمَّ الجَواهِرُ
وَدُمْ بِأَمانِ اللَّهِ ما هَبَّتِ الصَّبا
وما ناحَ قُمريٌّ وَغَرَّدَ طائرُ
وَما كانَ مِن ذي الودّ خَتمُ كَلامِهِ
سَلامٌ يَفوقُ الرّوضَ فيهِ الأزاهُِ
عبداللطيف فتح الله
الحمدان
08-12-2024, 02:57 PM
الثّغرُ أَقاحٌ بِهِ السُّلافَةُ وَالراحْ
وَالخدُّ كَرَوضٍ بِهِ الورودُ وَتُفّاحْ
وَالوَجنَةُ شَمسٌ بَدَت تُضيء نَهاراً
وَالوَجهُ كَبَدرٍ عَلى المَحاسِنِ قد لاح
وَالطّرَّةُ تَعلو على الجَبينِ فَتَسبي
ما أَحسَن لَيلاً بِه تزاهر مِصباح
وَاللّحظُ حسامٌ أَراهُ يَلمَعُ سحراً
كَم سلَّ عُقولاً وَكَم تَناهَب أَرواح
وَالخالُ كَمِسكٍ يحلُّ وَردَةَ خدٍّ
ما أَعطَرَ وَرداً بِعرف مِسكِكَ تفّاح
وَالجيدُ عَمودٌ مِنَ الضّياءِ مُنيرٌ
سُبحانَ بَديعِ السّماءِ فالقِ الإِصباح
وَالقدُّ كَرُمحٍ يَميسُ خُوطةَ بانٍ
كَم أَخجَلَ غُصناً تُميله يدُ أَرواح
وَالعِشقُ كَسَعيرٍ تَحلّ مُهجَةَ صَبٍّ
إِن قسْتَ عَليها تَرى جَهنَّمَ ضَحضاح
يا روحَ قُلوبٍ وَيا حَياةَ نُفوسٍ
أَهلَكت مُعنّىً مِنَ التّباعد قَد ساح
وَالمَاءُ حَياةٌ وَكَم أَماتَ أُناساً
مَن لَيسَ بِسبّاحِهِ وَمَن هو سبّاح
أَسررتُ غَرامي ولا أبوحُ بِعشقي
لَكِن نُحولي أَذاعَهُ وَبِهِ باح
أَغدو بِهَيامي إِلى الغَرامِ وَأُمسي
ما أَصدق صبّاً غَدا لِحبّك أَو راح
في اللّيلِ سُهادٌ وَفي النَّهارِ هُيام
ذا حالٌ كئيبٌ لَوِ اِستَراحَ اِرتاح
ما بالُ عَذولي يَلومُ وَهوَ خَليٌّ
لا عاشَ عَذولٌ يَلومُ فيك وَلا لاح
لا تُصغِ لِعَذلٍ وَلا تُطِعْ لِعَذولٍ
فَالعَذْل مُضرٌّ وَمَن يَلوم كذرّاح
وَالوَصلُ حَميدٌ وَمَن وَصَلت سَعيدٌ
وَالقُرب حياةٌ لذي الغَرامِ وَإِصلاح
وَالهَجرُ مُبيدٌ وَمَن هَجَرت صَريعٌ
وَالبُعدُ عذابٌ بِهِ الهُمومُ وَأَتراح
يا بَدرَ جمالٍ جَعلتني كَخلالٍ
الغم بِوصالٍ لِمَن بِهَجرك قَد طاح
يا خُوطةَ بانٍ وَلَم يَُن لك ثانٍ
بَل كَم لَك ثانٍ مِنَ النّسيمِ وَأَرياح
أَفديك بِروحي وَطارِفي وتِلادي
لَو شَحَّ مُحِبٌّ بِروحِهِ لَكَ سمّاح
وَاِسلَم وَعِشِ الدّهرَ في أَجلِّ جمالٍ
في جَوهَر حسنٍ وَفي مَلابِس أَفراح
ما ناحَ حَمامُ على مَنابِرِ دَوْحٍ
ما البُلبلُ صُبحاً رقَى الغصونَ وَقَد صاح
ما هَبَّ نَسيمٌ وَما يُعربِد سُكراً
في الحبِّ نَديمٌ على السُّلافَةِ وَالراح
عبداللطيف فتح الله
الحمدان
08-12-2024, 02:57 PM
قَد كَسَتني بحلّةِ الأَوصابِ
مَنْ تَحَلَّتْ بِحلَةِ الإعجابِ
وَاِستَباحَت عذابَ صَبٍّ مُطيعٍ
مَنَعته مِن الشِّفاهِ العِذابِ
خَضَّبَت مِن دَمِ الكئيبِ بَناناً
لَيتَ روحي فِداءُ ذاكَ الخضابِ
حينَ حَكَّت خُدودَها بِبَنانِ
أَثمَرَ الوردُ أَحمَرَ العُنّابِ
أَسبَلَت سالِفاً فَجاءَ لِفيها
يَطلُبُ الشّربَ مِن طَهورِ الشّرابِ
فَسَقاهُ مِنَ الرّضابِ وأحلى ال
آسِ ما كان شارباً للرضابِ
حَدّثَتني بِريقِها عَن سُلافٍ
وَعَنِ السّكّرِ النباتِ المُذابِ
كُلّما أَسبَلَت لِثامَ المحيّا
تَتَوارى شَمسُ الضُّحى بالحجابِ
أَتَصابى بِها وَإِنْ كُنتُ شَيخاً
وَحَميدٌ مِن الشّيوخِ التّصابي
غادَةٌ تَجعَلُ النِّفارَ اِقتِراباً
يا بِعادي بِذَلكَ الاِقتِرابِ
يَنسِجُ السّحرَ لَحظُها كشباكٍ
لِاِصطِيادِ الأسودِ أسْدِ الغابِ
أَلبَسَتني جُفونُها وَهيَ مَرضى
مِن ثِيابِ النّحولِ أَردى الثيابِ
شَيَّبتني وَعارِضي كَغُرابٍ
بِبعادٍ وَجَفوةٍ وَاِغتِرابِ
وَمَشيبي لا شكّ كانَ مُحالاً
إِذ مِنَ المُستَحيلِ شيبُ الغرابِ
لَو حَبَتني بِوَصلِها بَعدَ شَيبي
عادَ بَعدَ المَشيبِ حسنُ شبابي
لَو ترى الصّبَّ بعد بُعدٍ وهجرٍ
أبصَرَتْه في ذلّةٍ وَاِكتِئابِ
وَرَأتهُ كَمَيّتٍ لا يُوارَى
وَعَليهِ دُموعُهُ في اِنسِكابِ
فَهيَ بَدرٌ وَإِنّها لَشهابٌ
تَأخُذُ الشّمسَ لَو بَدا في الغيابِ
مَن رَأى البدرَ كَوكباً من نجومٍ
كان في ذاك مُخطئاً للصوابِ
لَيسَ بَدراً مَن لَم يَكُن بشهابٍ
إِنّما البدرُ عَينُ ذاتِ الشّهابِ
أَحمَدُ البريرُ الإِمامُ المُفدّى
مُفردُ الوقتِ جُملةُ الأنجابِ
عَلَمُ الفَضلِ مَن يُشارُ إِلَيهِ
أَنَّه مُفردٌ بِغَيرِ اِرتِيابِ
ذي مَعالٍ عَلى دَعائِمِ عزٍّ
بُنِيَت وَهيَ عالِياتُ الجنابِ
يَتَغابى وَهوَ الفريدُ ذكاءً
وَحَميدٌ مِنَ الكِرامِ التّغابي
ذي كَمالٍ عَلى المَحاسِن يَطوى
طَيّب النّشرِ في الثّنا المُستَطابِ
وَهوَ فيهِ يُحيطُ ذاتاً وَفِعلاً
وَصِفاتٍ وَفي المَقالِ الصّوابِ
لَيسَ مِنهُ بِغَيرِه غَيرُ شيءٍ
نِيلَ مِنهُ تَكرُّماً بِاِكتِسابِ
النّبيهُ الفَصيحُ أَعلى بليغٍ
قد حوى حكمةً وفصلَ خطابِ
عبداللطيف فتح الله
الحمدان
08-12-2024, 02:57 PM
لِلحَمائِمِ لا تَكادُ تطيرُ
ما للأراضي بالأنام تَمورُ
ما لِلجبالِ الشّامِخاتِ تَدكْدَكَت
وأبو قُبيس قد هوى وثبيرُ
ما للنّفوسِ تَكادُ تَزهَقُ لَوعةً
وَلَها شَهيقٌ قَد عَلا وَزَفيرُ
ما لِلعُيونِ دُموعُها مَصبوبَةٌ
مِثلُ الدّماءِ عَلى الخُدودِ تَسيرُ
فَكأنّها حُمراً وسوداً أحرفٌ
لَكِنّها فَوقَ الخدودِ سُطورُ
ما بالُ قلبي قد تهلّب حُرقةً
مِن أَين فيهِ جهَنّمٌ وَسعيرُ
ما لِلنّجومِ غَربن وهيَ طوالعٌ
جنحَ الدّجى وَخسفن وَهيَ بُدورُ
ما لِلشّموسِ لَبِسنَ في رأَدِ الضّحى
ثَوبَ الكسوفِ وَما لَهنَّ ظُهورُ
ما لِلجِنانِ تَزخرَفَت ثمّ اِغتَدى
مِنها يَلوحُ مِنازلٌ وقصورُ
وَتَزيَّنَت وُلدانها وَتَقلَّدت
عِقْدَ الجَواهرِ في النّحورِ الحورُ
فَعَجِبت مِن هذا وَقُلنا حادِثٌ
في الكَونِ بانَ وَإنّه لَكَبيرُ
فَأُجبتُ لا تَذهل وَقيلَ لِيَ اِنتَبِه
فَاليومَ ماتَ العالِمِ النحريرُ
شَيخُ الجَهابِذِ وَالأفاضِلِ مُفرداً
نَجمُ العُلومِ الجَهبَذُ المَشهورُ
بَدرُ الشّريعَةِ وَالطّريقَةِ وَالهُدى
شَمسُ الحَقيقَةِ أَحمد البربيرُ
بَحرُ المَعارِفِ ما لَه مِن ساحلٍ
مِنهُ اِستَمدّت في الأنامِ بُحورُ
رَبُّ الفَطانةِ والفُهومِ مَع الذّكا
في طَوعِهِ التّحقيقُ والتحريرُ
عَنهُ الحَديث سَماعُهُ قَد يَنبَغي
وَالفِقهُ وَالتوحيدُ وَالتفسيرُ
وَكَذا الأصولُ وَكلُّ مَن يَنتمي
لِلنّقلِ أَو لِلعقلِ وَهوَ شَهيرُ
كَم قَلب علمٍ سَرّهُ تَأليفه
وَأَقرَّ منهُ طرفَهُ تَقريرُ
مَولَى القَوافي قَد تَملَّك أَمرَها
فَأَطاعَهُ المَنظوم وَالمَنثورُ
فيها تَصرَّفَ كيفَ شاءَ وَصاغَها
صَوْغاً عَلى الإِتقانِ ظلَّ يَدورُ
مِن كلِّ مَعنى لَيسَ مَسبوقاً لَهُ
كَلّا وَلا بسِواهُ فيهِ شُعورُ
مِن كلِّ مُختَرِعٍ يَسيلُ بَلاغَةً
وَيَكادُ في سِحرِ البيانِ يَطيرُ
ما البحتريُّ لَديهِ ما سَحبانُ ما
نَحو الفَرزدَق عِندَهُ وجريرُ
فيه أُصِبنا والمصائبُ جمّةٌ
منها العظيمُ كَمَوتِهِ وَحقيرُ
لا بِدْعَ إنْ ذهبَ الكرامُ فإنَّما
عمرُ الكِرامِ مِنَ الأنامِ قَصيرُ
يا لَيتَ أَعمارَ الكِرامِ مَديدةٌ
وَيَكونُ فيها الطولُ وَالتّأخيرُ
يا وَيحَ بَيروت وَقِلّةَ حظِّها
هَيهاتَ مِنها مِثلهُ وَنَظيرُ
لَكِنْ لَها فَخرٌ بِهِ لا يَنتَهي
يَفنى الزّمانُ وَما لَهُ تَغييرُ
أَرواحُنا لَو كانَ فيها يُفتَدى
جُدنا بِها وَبِها الفِداءُ يَسيرُ
لَكِن فناءُ الخَلقِ حُكمٌ نافِذٌ
لَم يَنجُ مِنه كَبيرُنا وَصَغيرُ
ما كانَ في الدّنيا خُلودٌ لِامرِئٍ
ظَنُّ الخلودِ جَهالَةٌ وَغرورُ
لَو كانَ فيها لَم يَمُت فيها اِمرِؤٌ
بَل لَم يَكُن لِلأنبِياءِ قبورُ
عبداللطيف فتح الله
الحمدان
08-12-2024, 02:58 PM
وَرَوضٍ أَرانا حسانَ الزّهورِ
وَنَرجِسُهُ الغَضُّ أَشهى لِنَفسي
فَكَم فيهِ نَرجِسةٌ قَد تَبدَّت
أَراها هِلالاً يدورُ بِشَمسِ
عبداللطيف فتح الله
الحمدان
08-12-2024, 02:58 PM
أَكرِم بِعُثمان وَالأَنوارُ ساطِعَةٌ
مِنهُ بِها تَستَنيرُ الدَّهرَ أَكوانُ
نورٌ بِجَبهَتِهِ نورٌ بِمُهجَتِهِ
وَدَّت بِمِثلِهما الجَوزاءُ تَزدانُ
يا مَن تَعجَّبَ مِن هَذا بِلا نَظَرٍ
لا تَعجَبَنَّ فَذو النورينِ عُثمانُ
عبداللطيف فتح الله
الحمدان
08-12-2024, 02:58 PM
مُحيّاهُ رَوضٌ مِنَ الحسنِ زاهٍ
وَكُلُّ جَمالٍ غَدا يَعتَليهِ
وَإِنّ المَحاسِنَ فيهِ أَقامَت
فَصارَ فَريداً بِدونِ شَبيهِ
وَبانَ لِطَرفي على وَردِهِ
وأرِّخ عذارٌ هو المسكُ فيهِ
عبداللطيف فتح الله
الحمدان
08-12-2024, 02:59 PM
قُدومٌ بِهِ الأفراحُ تحلو وتَعذُبُ
وَقامَت بِهِ الأرواحُ تَحيا وتطرَبُ
أَضاءَت بِهِ الأكوانُ من كلِّ جانبٍ
تَجرُّ ذُيولَ التيهِ بِشْراً وَتَسحَبُ
وَقامَ عَلى غُصنِ السّرورِ حمامُه
خَطيباً بِحُسنِ السّجع وَالصّدْح يَخطُبُ
وَغَنّى على دَوحِ الهناءِ هِزارُهُ
فَكانَ بِأَندى اللّحنِ يَشدو ويُطرِبُ
وَخِلْتُ نُجومَ اللّيلِ تَرقُصُ فَرحَةً
بِأَكمامِ أَنوارٍ بِها العقلُ يسلبُ
تَراها عَلى رَقصٍ بما يُدهِشُ الحِجى
إِلى الأَرضِ قَد صارَت تَجيءُ وَتذهَبُ
فَمِن كَوكبٍ ماشٍ وَمِن كَوكَبٍ عَدا
وَمِن كَوكَبٍ يَبدو وَلَم يَكُ يغرُبُ
تَمُدّ إِلَينا كَالخيوطِ شُعاعَها
فَخِلناهُ مِنّا كَالرِّماحِ تصوَّبُ
خُيوطٌ مِنَ الأنوارِ منها تَساقَطَت
كَما المَطرُ الهامي يسحُّ ويسكبُ
قُدومٌ بِهِ سلَّ السّرورُ حُسامَهُ
وَقامَ بِهِ في الغمِّ يَسطو وَيَضربُ
وَصالَ بِهِ فيه فَمَزَّقَ جَيشهُ
فَما شِمْتُهُ إِلّا يَفرُّ وَيَهرُبُ
بِعام ثَمانٍ بَعدَ ألفٍ لَقَد مَضى
كَذا مايتا عامٍ وَعُشرونَ تُحسَبُ
بِشَهرِ ربيعٍ بَعدَ شَهرٍ لِمَولدٍ
لِسَيّدنا الهادي النبيِّ المقرَّبِ
قُدومٌ لَقَد كنّا محالاً نعدُّهُ
وَلَيسَت لَهُ الأَفكارُ يَوماً تقرّبُ
قُدومٌ بِهِ جاءَ البشيرُ مبشّراً
لَنا مِن دِمَشق الشّامِ للبِشرِ يَصحَبُ
وَلَمّا أَتى فيهِ البشيرُ فَمَنكِبٌ
يُزاحِمُهُ مِنّا لِمَلقاهُ مَنكِبُ
قُدومٌ لِنَجلِ الكزبريِّ إِمامنا
إِمامِ دِمَشقَ مَنْ لَهُ الفضلُ يُنسَبُ
هُوَ الحَبرُ بَحرُ العلمِ وَهوَ فَقيهُها
مُحَدِّثها المَشهورُ وَهوَ المُهذّبُ
هُوَ العارِفُ النّسّاكُ ذو الزّهدِ وَالتّقى
هُوَ العالِمُ النحريرُ وَهوَ المؤدَّبُ
عَلى حُسنِ تَحريرٍ بِأَعذَبِ مَنطِقٍ
بِبَهجَةِ تَحقيقٍ يَعزُّ وَيغرُبُ
عَلى حُسنِ خَلقٍ بِالجَمالِ مُزيَّنٌ
على حسن خُلقٍ بِالكمالِ يهذّبُ
عَلى حُسنِ حِلمٍ لِلوقارِ مُقارِنٍ
بِإِتقانِ رأيٍ لِلأَناةِ يصحَبُ
بِعزَّةِ نَفسٍ تَمتَطي العزَّ وَالعُلى
وَقَد رَفَعَت شَأناً لَهُ المَجدُ منصبُ
لَقَد زارَ بَيروتاً وَشرَّفَ أَرضَها
فَقامَت عَلى الدُّنيا تَتيهُ وتعجَبُ
وَأَلبَسَها مَجداً وَأَحيا رُبوعَها
فَرَبعٌ غَدا يَزهو وآخرُ يُخصِبُ
وَحَلَّ بِها كالشَّمسِ حَلَّت سَماءَها
وَبي كَوكَبٌ لَم يَحكِهِ الدّهرَ كَوكَبُ
فَخِلتُ سَماءَ الشَّمسِ بَيروت موقناً
وَحاشايَ أَنّي في الّذي خِلتُ أَكذِبُ
وَزارَ بِها يَحيى الحَصورَ يسارُهُ
بِجامِعِها المَشهورِ بِالذّكرِ يُرغَبُ
كَذا الشّيخُ شَمسُ الدّين أَعني شَهيدها
بِزاوِيَةٍ تُعزى إِليهِ وتُنسَبُ
كَذا اِبنُ عِراقٍ وَالشّويخ الَّذي اِبنُهُ
غَدوت لَهُ سِبطاً يُعدُّ ويُحسَبُ
وَزارَ بِها شَيخاً يُضاف لِسربة
بِسورٍ عَلَيها لِلحِمايَةِ يُضربُ
وَزارَ الرِّجالَ الأَربَعينَ عَليهمُ
يُصَبّ مِنَ الرّضوانِ وَبْلٌ وصَيِّبُ
وَأُمّ حَرامٍ عَمّةٌ لِاِبن مالكٍ
خَديمِ رَسولِ اللَّه وَهوَ المُحبَّبَ
وَزارَ أَبا العبّاسَ أَعني مَقامَهُ
هوَ الخضِرُ الحيُّ النبيُّ المُقرّبُ
لَدى نَهرِها السلسالِ طابَ زُلالُهُ
وَسالَ لُجَيناً وَهوَ يَحلو وَيَعذُبُ
وَقَد زارَ أَوزاعيَّها العارِفَ الّذي
لَهُ قَد فَشا في الشَّامِ وَالغربِ مَذهَبُ
إِمامُ عَظيمٌ في الحَديثِ مُقدَّمٌ
لَهُ أَثبَتوا التقديمَ فيهِ وَأَوجَبوا
عبداللطيف فتح الله
الحمدان
08-12-2024, 02:59 PM
حَمَّلْتني مِنَناً عَجزتُ وَلي قُوى
عَن أَن أَقومُ بِشُكرِها المَفروضِ
وَلِسانُ نَثري لَو يَطولُ فَقاصِرٌ
عَن شُكرِها وَكَذا لِسانُ قَريضي
ما كانَ عِندي ما يُكافيها سِوى
قَولي حَباكَ اللَّهُ بِالتّعريضِ
عبداللطيف فتح الله
الحمدان
08-12-2024, 03:00 PM
خَلِّ عَنكَ الهَوى وَلوماً عَلَيهِ
لا أَراكَ الإِلهُ مثلَ هوانا
زادَ فينا حتّى اِكتَسَبناهُ ذُلّاً
وَالهَوى حَيثُ زادَ كانَ هَوانا
عبداللطيف فتح الله
الحمدان
08-12-2024, 03:00 PM
الحُكمُ للَّه العليِّ الكَبيرْ
عَليكَ بِالصّبرِ أَيا ذا الوَزير
وَاِصبِر جَميلاً فَإِلَه الوَرى
بِيَدِهِ الأمرُ إِلَيهِ المَصير
وَالصّبرُ أَولى فيكَ ثمّ الرّضا
بِما قَضى اللَّه العليمُ الخَبير
عبداللطيف فتح الله
الحمدان
08-12-2024, 03:00 PM
تَوَكَّل عَلى اللَّهِ العَظيمِ جَلالُهُ
وَسَلِّم إِلَيهِ الأَمرَ تَسلَمْ وَتغنَمِ
وَلا تشهدِ الأَسبابَ وَاِترُك شُهودَها
فَمَن شاهَدَ الأسبابَ لا شكَّ يَندَمِ
وَمَن شاهَدَ الأسبابَ إيفَ بَصيرةً
تَرى غَير مَوجودٍ وَغَيرَ مُسلّمِ
كَطرفٍ مَؤوفٍ قَد يَرى غَيرَ كائِنٍ
وَما لَيسَ مَوجوداً لمَحضِ تَوهُّمِ
وَشاهِد أَخا الإِدراكِ مُوجِدَها الّذي
تَقَدَّسَ تَعلمْ صِدقَ قَولي وَتَفهَمِ
أَلَم تَكُنِ الأَسبابُ مَخلوقَةً لَهُ
وَهَل خالِقٌ غَيرُ العَليمِ المُعَظَّمِ
تَفَرّدَ أَفعالاً وَوَصفاً كَذاتِهِ
فَلا مثلَ مَوجود بِوَهمٍ وَمزعَمِ
حَكيم بِما قَد شاءَ يَقضي بِحُكمِهِ
بِمَنعٍ وَإِعطاءٍ وَبُؤسٍ وَأَنعُمِ
وَلَيسَ بِمَسؤولٍ وَهَل سائِل لَهُ
تَعالى أَلَيسَ اللَّهُ رَبّي بِأَحكَمِ
وَكُن يا خَدينَ العَقلِ في الدَّهرِ راضِياً
بِما فيكَ شاءَ اللَّه رَبّي وَسلّمِ
فَإِن مَسَّكَ المَولَى بِخَيرٍ لَه اِشكُرَنْ
وَإِن كانَ في ضُرٍّ فَلا تَتَبرَّمِ
فَكَم أَعقَبَ البأساءَ سرّاءُ يا فتى
وَكَم جاءَ بَعدَ البُؤس نُعمى لِمعدمِ
وَكَم جاءَ بَعدَ الصّبرِ نِعم لِصابِرٍ
وَكَم جاءَ بَعدَ العُسرِ يُسرٌ بِمَغنَمِ
وَما زالَ لُطفُ اللَّهِ جَلَّ جَلالَهُ
تحفُّ بِه في كلّ وَقتٍ وموسمِ
وَصَلّى إِلهُ العَرشِ ربّي مُسلِّماً
عَلى خَيرِ رُسْلِ اللَّهِ طهَ المفخَّمِ
وَآلٍ وَأَصحابٍ مَدى الدَّهرِ وَالدُّنى
وَما أَبدَتِ الأَطيارُ حُسنَ تَرنُّمِ
عبداللطيف فتح الله
الحمدان
08-12-2024, 03:01 PM
أَراكَ غَفِلت أَلا تَذكُرُ
وَهَذي السَّماءُ أَلا تخطرُ
أَضاعَ حِجاكَ أَلا تبصرُ
دَواؤُكَ فيكَ وَلا تَشعُرُ
وَداؤُك فيكَ وَتَستَنكِرُ
فَهَل لَكَ في الخَلقِ يَوماً نَظيرُ
وَأَنتَ بِما فيكَ خَلقٌ كَبيرُ
تَظنّ بِأَنّكَ خَلقٌ حَقيرُ
وَتَزعُمُ أَنَّكَ جِسمٌ صَغيرُ
وَفيك اِنطَوى العالَمُ الأَكبرُ
عبداللطيف فتح الله
الحمدان
08-12-2024, 03:01 PM
نُعماكَ بَحرَ النّدى بَحرٌ غَرِقتُ بِهِ
وَصِرت أُدعى غَريقَ المنِّ والنِّعمِ
وَإِنّني عاجِزٌ عَن شُكرِ أَصغَرِها
وَكَلَّ عنهُ لِساني طائِلاً وَفَمي
أَنسَيتَني حاتماً ثمّ اِبنَ زائدةٍ
وَمَنْ غَدا مثَلاً في الجودِ وَالكَرمِ
لا زِلتَ تُعطي وَلا يُعطيكَ مِن أَحَدٍ
إِلّا الكريمُ كَفيلُ الرّزقِ لِلأُمَمِ
وَلَم تَزَل يَدُك العُليا ولا بَرِحَت
تُحيي الكِرامَ وَبيتَ الفَقر وَالعَدَمِ
عبداللطيف فتح الله
الحمدان
08-12-2024, 03:02 PM
مَشوقٌ كَساهُ البَينُ ثمّ التباعُدُ
ثِيابَ نحولٍ ماتَ فيها التّجالُدُ
وَأَسلَمَهُ بُعدُ الأَحبَّةِ لِلضّنى
يَموتُ بِهِ وَجداً وَيَحيا التّواجُدُ
وَهَل مُسعِفٌ تُطفى بِهِ جَمرَةُ النّوى
وَهَيهات هَيهات أَينَ المُساعِدُ
عَلى أَنّها تطفى العقولُ تحيلُهُ
بِدونِ تَلاقينا وَأَنّى أُشاهِدُ
وَلَو أَنّ ما أَلقى مِنَ البُعدِ وَالنّوى
عَلى جَبلٍ مِنهُ الصّخورُ الجَلامِدُ
لَذابَ وَلَم يُبقِ النَّوى أَثَراً لَهُ
وَأَصبَحَ لا رَسمٌ لَهُ وَمَعاهِدُ
أَحِبّةَ قَلبي عَن عُيوني نَأيتُمُ
وَكُلٌّ بِأَحشائي مُقيمٌ وَقاعِدُ
أَحِبّةَ قَلبي إِنَّ وَجدي بِحبّكُم
يَزيدُ وَيَحيا فيكُم وَهوَ خالِدُ
وَفِيَّ تَمادى الشّوقُ وَاِستَحكَمَ الضّنا
وَرَقَّ لأَحوالي عَدوٌّ وَحاسِدُ
فَإِنْ جاحِدٌ يَجحَدْ كَلامي فَقلبُكم
عَلى صِدْقِ دَعوانا دَليلٌ وَشاهِدُ
سَقَى اللَّهُ أَوقاتاً تَقَضَّتْ بِقُربِكُم
وَإِنّي عَلَيها الدّهرَ مُثْنٍ وَحامِدُ
شَرِبتُ بِها خَمرَ السّمارِ لَذيذَةً
بِكَأسِ الصّفا تَلتَذّ مِنها المَوارِدُ
فَلا أَوحشَ الرّحمنُ مِنكُم مَجالِساً
تَشرَّف مِنها لَو حَلَلتُم مَقاعِدُ
أَضاءَت بِكُم نوراً وَطابَت رَوائِحاً
وَزَيَّنها مِن دُرِّ فيكم فَرائِدُ
وَرَدَّ لَنا فيها اِجتِماعاً بِأُنسكُم
وَساعَد فيهِ فَهوَ نِعمَ المُساعِدُ
عبداللطيف فتح الله
الحمدان
08-12-2024, 03:02 PM
هَذي الرّبوعُ وَما بِها مِن مَنزلِ
فَاِذكُرْ عُهودكَ في الزَّمانِ الأوّلِ
أَيّامَ قَصفِكَ بِالصّبابَةِ والصِّبا
إِبّانَ وَجدِك بِالجَمالِ المُعتَلي
إِذ كُنتَ ريعانَ الشّبابِ وَشَرخَه
يُسقى المَحاسِنَ وَهيَ أَعذَبُ مَنهَلِ
إِذ كُنتَ تَرتَعُ في المِهادِ مَعَ المَها
سَكرانَ مِن خَمرِ الغَرامِ المُذهِلِ
مُتَعلّقاً غَيداءَ بِنتِ مَحاسِنٍ
تَدَعُ الشّموسَ كَواسِفاً لا تَنجَلي
حَوراء يَنسجُ لَحظها سِحرَ الهَوى
فَلَه العُقولُ تَقولُ ما شِئتَ اِفعَلِ
غَزّالةٌ مِن سِحرِهِ ثَوبَ الضّنى
تَكسو بِهِ جِسمَ المُولَّعِ وَالخَلي
حاكَتهُ مِن غَمزاتِها لِمُتيَّمٍ
قَد صَيّرَتهُ هائِماً لَم يعقلِ
إِنسانُهُ وَهوَ الضّعيفُ فَإِنَّه
يَقوى لِقَتلِ الضّيغَمِ المُستَبسِلِ
أَهدابُها تَبدو السّهامَ وَلَحظُها
سَيفٌ يَذوبُ لدَيهِ أَمضى صَيْقلِ
تَحمي بِه وَردَ الخُدودِ وَماءَها
أَحْصِنْ بِوَردٍ تَحتَ ظِلّ المِنْصَلِ
وَلَقَد سَرى في وَجهِها ماءُ الحَيا
وَالحسنِ فَاِمتزَجَ العقارُ بِسلسَلِ
فَبَدا بِهِ وَردٌ وَنِسرينٌ هُما
كُلُّ المَحاسِنِ في المُحيَّا الأَجمَلِ
وَبَدا اِنشِقاقُ البَدرِ لَمّا أَسبَلَت
سود السَوالِفِ مِثلَ لَيلٍ ألْيَلِ
خَتَمَ الجمالُ ختامَهُ في خَدِّها
فَخِتامُه مِسْكٌ وَفي هَذا فَلِ
لَمياءُ يَشرَبُ مِن سُلافِ رُضابِها
دُرٌّ وَياقوتٌ هُما أَغلى الحلي
تَفتَرُّ ثَغراً عَنهُما فَإِذا أَرى
بَرقاً مِنَ الشّفقِ البهيِّ يَلوحُ لي
هَيفاءُ ناعِمَةٌ بِجِسمٍ مُترَفِ
يُدميهِ منْ مِثلي أَقلُّ تخيُّلِ
خَوْدٌ رَداحٌ غادَةٌ رُعبولَةٌ
تَختَالُ في ثَوبِ الدّلالِ المسبِلِ
تَهتَزُّ عِطفاً وَالقناةُ قَوامُها
فَالاِعتِدالُ لِمَيلِها دَوماً يَلي
عَلِقتُها روداً دَقيقٌ إِطلُها
قَد قَلَّ طَوْداً مِثلُهُ لَم يحملِ
يَسري بِها ماءُ الشّبيبَةِ وَالبَها
جَرْيَ المُدامَةِ في مَجاري المِفْصَلِ
طارَحتُها بِحَديثِ وَجدي هائِماً
مِن كلِّ مُتّصِلِ الهَوى وَمسلسلِ
وَسَأَلتُها بِجَمالِها وَصَبابَتي
رَفعَ التجَنّي وَالسّماعِ لعُذَّلي
وَطَلَبتُ مِنها أَن تزوّلَ لَوعَتي
وَلَهيبَ أَحشائي وَقلتُ لَها صِلي
إِنّي اِمرُؤٌ مِن أَهلِ مَجدٍ أَسَّسوا
بُنيانَهُ فَوقَ السِّماكِ الأَعزَلِ
مِن أَهلِ عِزٍّ في الأَنامِ مُوطَّدٍ
مِن أَهلِ أَصلٍ في الأَنامِ مفضَّلِ
وَعَليِّ قَدرٍ ما العُلى إِلا لَهُ
إِذ لَم تَكُ العَلياءُ إِلّا في عَلي
سامي الذُّرى عالي الجنابِ قَدِ اِبتَنى
فَوقَ السّهى لِلمَجدِ أَرفعَ منزلِ
وَقَدِ اِمتَطى العَلياءَ وَهيَ يَقودُها
شَرفُ السّيادَةِ بِالفَخارِ الأَكمَلِ
عبداللطيف فتح الله
الحمدان
08-12-2024, 03:03 PM
سَلوا الأُسودَ الضّواري إِذ تُعاديهِ
في الحَربِ عمّا رَأى منهُ مُلاقيهِ
سَلوا الرِّماحَ العَوالي ما الَّذي شَرِبَت
فَقَد سَقاها دَماً أَحشا معاديهِ
سَلوا السّيوفَ المَواضي ما الَّذي طَعِمَت
فَقَد قَراها قُلوباً مِن أَعاديهِ
سَلوا الوَقائِعَ عمّا مِنهُ شاهدهُ
بَنو النُّصَيْرِ بِهِم تَشهَد مَغازيهِ
لَيثُ العَرينِ يَخوضُ الحَربَ هائِجَةً
عَلى اِنبِساطٍ بِلا قَبضٍ يُدانيهِ
يَصولُ بَينَ الأَعادي لا يَهابُهمُ
كَما إِذا صالَ بَينَ العَنزِ راعيهِ
وَلَم تَكُن كَثرَةُ الأَغنامِ ترهِبُهُ
أَيُرهب العنزَ لَيثُ الغابِ ضاريهِ
فَإِن رَأَوهُ وَلَو فَرّوا فَإِنّهمُ
جَيشُ العَصافيرِ إِذ يَلقاهُ بازيهِ
شِبْلُ الشّجاعَةِ رَضّاعاً أَصائِلها
وَلَيسَ عَنها فَطيماً إِذ تربّيهِ
لَو أَظلَمت بِمُثارِ النَّقعِ معركةٌ
فَنورُ أَسيافِهِ في النَّقعِ يَهديهِ
لا يتبعُ الفَشَلُ المِفرارُ يِقتلهُ
إِنّ الفرارَ لَعارٌ فيهِ يَكفيهِ
وَالقَتلُ عِندَ ذَوي الإِقدامِ أَهونُ مِن
عارِ الفِرارِ وَما أَضحى يُضاهيهِ
ما نازَلَته ضَراغيمٌ وَبارَزَها
إِلّا وَأَقواهمُ أَضحى يُناديهِ
يا أَيّها الضّيغَمُ الصّمصامِ أَعْطِ لَنا
أَمْناً فَحربك مِثلي لا يكافيهِ
قَد كِدتُ أَهلكُ مِن خَوفٍ وَمِن رعب
مِنَ الوَقارِ الَّذي يَعلوكَ زاهيهِ
وَالعَفو يُمدَحُ حقّاً عِندَ مَقدِرةً
إِذ تِلكَ تُثبِتُهُ وَالعَجزُ يَنفيهِ
نَجلُ المُروءَةِ في مَهدِ الفتوّةِ قَد
أَنشاهُ مَولاهُ رَبُّ الخَلْقِ باريهِ
شَمسُ العُلى مُصطَفى العَلياءِ مَنْ وَقَفَت
كُلُّ الأماجِدِ طُرّاً عند ناديهِ
بَنى مِنَ المَجدِ وَالعَلياءِ مَنزِلَهُ
وَكانَ فَوقَ سِماكِ العزِّ يبنيهِ
وَبِالرِّماحِ العَوالي وَالسّيوفِ عَلى
مَناكبِ الفَخرِ تَبنيهِ مَعاليهِ
فَأَصبَحَ الفلَكُ العالي عَلى شَغَفٍ
يَودُّ لَو بُنِيَت فيه مَغانيهِ
بَحرُ النّدى مَنْ نَداهُ عَمَّ قاصِدَه
فَكانَ يغرق حقّاً في مَجاريهِ
عَفُّ الإِزارِ وَإنَّ العَدلَ يَملأهُ
في حُسنِ حِلمٍ بِتَدبيرٍ يُوافيهِ
يا سَعدَ ذي العَقلِ إِذْ صافاهُ مُصطحِباً
إِنّ السّعيدَ سَعيدٌ مَن يُصافيهِ
يا وَيلَ ذي الجهّار إِذا عاداهُ من سَفهٍ
إِنّ السّعيد شَقيٌّ مَن يعاديهِ
بَنو نُصَيرٍ لَقَد تاهوا وَقَد رَكِبوا
مَطِيّةَ الغيِّ تَسري في فيافيهِ
وَكَحّلوا قَلبَهم في قُبحِ جَهلهمِ
فَكَحّلوهُ بِما لا شَكَّ يُعميهِ
ظَنّوا ظُنوناً وَظَنُّ المَرءِ يُكذبُهُ
كَما تُكذّبه خُلْفاً أَمانيهِ
وَصَمَّموا عَزمَهُم في حَربِهِم بَطلاً
ظَلَّت أُسودُ الشّرى خَوفاً تُراضيهِ
ساموهُ حَرباً وَظَنُّوا رِبحَ صَفقَتِهم
فَكانَ قَتلُهمُ ربحاً لهم فيهِ
عبداللطيف فتح الله
الحمدان
08-12-2024, 03:03 PM
بِربّةِ الخالِ وَالخلخالِ والحللِ
قَد هِمتُ وَلهانَ في سَهلٍ وفي جبلِ
رَماني السّحرُ مِن أَجفانِها سَحراً
في مَهمَهِ الوَجدِ لِلأَخطارِ وَالوَجلِ
أَكُلُّ سِحرٍ غَدا بِالصّبِّ يَفعلُ ذا
أَم ذا يُخَصُّ بِسِحرِ الجَفنِ والمُقَلِ
تَرنو لِحاظاً فَتَرمي النبلَ مقلتُها
مَكسورة الجَفنِ في كُحلٍ وَفي كَحلِ
فَمن أَصابَت صَريعٌ لا حياةَ له
وَكَم قَتيلٍ بِنبلِ الأعينِ النجلِ
لَو فَوَّقت نَبلَها نحوَ الخليِّ غَدا
يَهيمُ في عِشقِها وَلهانَ غير خلي
بِنتُ الجَمالِ وَذاتُ الحسنِ مُفردةٌ
وَالشّمسُ حسناً بِلا شبهٍ ولا مثلِ
فَحُسنها الجَوهَرُ المَكنونُ حَلَّ بِها
لَكنَّهُ عَرَضٌ في غَيرها فسلِ
كَالضوءِ في الشَّمسِ يَبدو غَيرَ مُنتقلٍ
وَفي الأَهِلَّةِ كَم يَبدو بمنتقلِ
وَلَيسَ يَنفكُّ عَنها الحُسنُ في زَمَنٍ
وَالشّمسُ صَدر النهارِ الشَّمس في الطَّفَلِ
لَعساءُ يُبدي لَنا ياقوتُ مَبسَمِها
درّاً وَريقاً غَدا يَشفي من العِللِ
في اللّونِ وَالذّوقِ ثمّ الطعمَ كانَ لَنا
مِثلَ الزُّلالِ ومثلَ الخَمرِ والعسَلِ
لَمياء في ثَغرِها الحالي يَطيبُ لَنا
عِندَ العِناقِ لَذيذَ اللّثمِ وَالقُبلِ
بِنتُ المُلوكِ أُسود الغابِ في شرَفٍ
وَهيَ الغَزالةُ تُردي مُهجَةَ البطلِ
وَفي ثُريّا العزِّ كانَ مَكنَسها
وَإِنّها الشّمسُ حَلَّت دارَة الحمَلِ
أَرْخَتْ سَوالِفَها كَاللَّيلِ حينَ سَجا
على خُدودٍ تثجي الشَّمسَ بِالخَجلِ
وَأَنفُها بَينَها مثلُ الحُسام بدا
بَرقاً فبرقاً تَوالى غَيرَ مُنفَصِلِ
وَجيدُها فَوقَه شَنفانِ مِن دُررٍ
في كلِّ أُذنٍ لَها شنف تَبيَّن لي
وَقَد تأمّلت فيها جَلَّ خالِقُها
أُجري التفكّرَ في ذا الحالِ وَهوَ جَلي
فَشِمتُ فَوقَ عَمودِ الصّبحِ أَربَعةً
مِنَ البدورِ وكلٌّ خَير مُكتملِ
وَفي كِلا جانِبي ذاكَ العَمودِ لَنا
بَدَت تَلوحُ ثريّا عَنه لم تملِ
عَلِقتُها غادةً خوداً مهفهفةً
حَوراءَ دعجاءَ تزري الغصنَ بالميلِ
تَجَسَّمت وَهيَ روحٌ لا اِرتِيابَ بها
مِن أَكمَلِ الحسنِ في حَلْيٍ وفي حللِ
هَيفاءَ وَهيَ كَخوطِ البانِ مائِسةً
وَقَدُّها الغصنُ في دِعصٍ مِنَ الكفلِ
نَحيلةُ الخصرِ عقدُ العشرِ مِن يَدِها
أَضحى يُمَنطِقهُ لَو غير منتحِلِ
لَو لَم يُعد ضوؤُها شَمسَ الضّحى لَغَدت
أَن لَو أَضاءَت فَمِنها الضّوءُ لَم يَصِلِ
بَليغَةُ اللّفظِ مِن عرباء عارِبَةٍ
وَلَفظُها الدّرُّ في بِدْعٍ ومبتذَلِ
فَلَو تَجَسَّم كانَ الدرّ مُنتَظِماً
وَلَم يَكُ الدّرُّ إِلّا لَفظها العَسلي
فَجَوهَرُ الحُسنِ مِنها كانَ مَنشأُهُ
وَلَم يَكُ الحسنُ فيها غَيرَ مُكتَمِلِ
عبداللطيف فتح الله
الحمدان
08-12-2024, 03:03 PM
أُثني عَلَيك كَأَنّي العَندليبُ إِذا
جاءَ الرّبيعُ فَأَبدى أَحسَنَ الصَّدْحِ
وَالزَّهرُ يُثني عَلى الرَّوضِ الأَريضِ بِهِ
بِأَلْسُنِ الطّيبِ مِن عَرْفٍ وَمِن نفْحِ
وَمِن ثَنائي غَدا يُثني عَلَيكَ مَعي
عِندَ الثَّناءِ لِسانُ الحَمدِ وَالمَدْحِ
عبداللطيف فتح الله
الحمدان
08-12-2024, 03:04 PM
وَما شُربُه لِلتّبغِ إِلّا دَلالةٌ
عَلى أَنَّه كرمٌ جسيمُ عطيّةِ
أَلَيسَ لِمَرءٍ في كَثيرِ دُخانِهِ
عَلى كَثرَةِ الضّيفانِ أَوضح حجّةِ
عبداللطيف فتح الله
الحمدان
08-12-2024, 03:04 PM
في خَدِّهِ مُذْ بَدا عِذارٌ
قَد دَخلَ اللّيلُ في النّهارِ
كِلاهُما في أَخيهِ يَجري
فَكانَ كلٌّ أَجلَّ جارِ
فَالبَدرُ في اللَّيلِ ظلّ يَسري
وَاللَّيلُ في البدرِ ظلَّ ساري
عبداللطيف فتح الله
الحمدان
08-12-2024, 03:04 PM
يُقارِنُ وَردُ الخدِّ نَرجسَ طَرفهِ
سَعيد قرانٍ يُستطابُ وَيحسنُ
وَفي وَجهِهِ شَمسٌ وَفي الأفقِ مِثلُها
وَلَكِن ما في الوجهِ أَبهى وَأَحسنُ
عبداللطيف فتح الله
الحمدان
08-12-2024, 03:04 PM
جَميلٌ تَودُّ الشّمسُ مثلَ جَمالِهِ
كَما ودَّ غُصنُ الرَّوضِ ليناً بعِطفِهِ
فَما فيهِ شَيءٌ مائلٌ غَيرُ عِطفِه
وَما فيه شيءٌ خارجٌ غيرُ رِدْفِهِ
عبداللطيف فتح الله
الحمدان
08-12-2024, 03:05 PM
عَلى خصرِهِ والرِّدفِ قد ماجَ شعرُهُ
فَأَوقعَ قَلبي في الطَّويلِ العريضِ
فَيا طَرفَهُ يَرمي السِّهامَ بِمُهجَتي
وَيجهدُ فيهِ النَّفسَ دونَ غموضِ
تَرفَّقْ بِقَلبي ثمَّ نَفسكَ إِنَّهُ
ضَعيفٌ وَما إِن أَنتَ غير مَريضِ
عبداللطيف فتح الله
الحمدان
08-12-2024, 03:05 PM
أَهلُ المَحاسِنِ كَالكَواكِبِ كَثرةً
مِنهُم حَبيبي ذو الرّضابِ الأعذبِ
وَالشَّمسُ مِن بَعضِ الكَواكب غيرَ أنْ
لِلشَّمسِ حسنٌ لا يكون لكوكبِ
عبداللطيف فتح الله
الحمدان
08-12-2024, 03:05 PM
إِذا ما سَقاني مِن زُلالٍ رُضابَهُ
فَمَوتي بِهِ ظَمآن لم يكُ يغربُ
وَإِنْ يَسقِني ماءَ الحَياةِ بِثَغرِهِ
وَمِتُّ بِهِ وَجْداً فَلا تَتَعجَّبوا
عبداللطيف فتح الله
الحمدان
08-12-2024, 03:05 PM
روحي فِداءُ عِذارٍ حَلَّ وَجنَةَ مَنْ
فاقَ الكَواكِبَ شَمساً ثمَّ أَقمارا
لَولا العِذار لَما اِسْطاعَتْ لَنا مُقَلٌ
إِلى مُحيّاهُ باهي الحُسنِ إِبصارا
كَالشَّمسِ لم تُطِق الأبصارُ رُؤيَتَها
لَولا سَحابٌ لِطيفٍ حَولَها دارا
عبداللطيف فتح الله
الحمدان
08-12-2024, 03:06 PM
بِروحِيَ أَنفٌ بَينَ خَدّيهِ فاصلٌ
فَكانَ كَنورٍ قَد بَدا بَينَ نورينِ
وَما هوّ إِلّا البَرقُ يَلمَعُ دائِماً
ضِياءً وَيَبدو فاصِلاً بَينَ بَدرينِ
عبداللطيف فتح الله
الحمدان
08-12-2024, 03:06 PM
أَزورُها أَيَّ وَقتٍ لم أُبالِ بِما
أَلقاهُ مِن قَومِها الآسادِ في الجبلِ
مِن ضَربِ سَيفٍ وَمِن رَمي السّهامِ ومِنْ
طَعنِ الرِّماحِ مِنَ العَسَّالَة الذّبُلِ
لا تعتبوني إِذا أَلقَيت في تَلفٍ
نَفسي فَإِنّي قَصيرُ العُمر والأجَلِ
فَمَن رَأى عاشِقاً بالحبِّ ماتَ بِلا
قَتلِ الهَوى أَو بِغَيرِ السّيفِ وَالأسَلِ
عبداللطيف فتح الله
الحمدان
08-12-2024, 03:06 PM
وَلَئنْ ذَهَبت لِمشرقٍ مِن مَغرِب
فيهِ أَقمتُ فَإِنّني لَم أجزعِ
أَبداً مِثالكَ لا يُفارِقُ مُقلَتي
وَلَذيذُ لَفظِكَ قاطِنٌ في مَسمَعي
وَحَميدُ ذِكرِكَ في لِساني دائِماً
وَلَقَد حَللتَ بِمُهجَتي وَبِأَضلُعي
أَين الفراقُ وَهَذِهِ حالاتنا
هَل مِن مَكانٍ لا تَكونُ بِهِ مَعي
عبداللطيف فتح الله
الحمدان
08-12-2024, 03:06 PM
فَبِئسَ الَّذي يُعطي بِمَنٍّ وَبِالأَذى
فَيبطلُ ما أَعطى وَيَفسُد ما أسدَى
تَصَدَّقْ وَلا تَمنن ولا تُؤذِ في العطا
وَإِنْ فاتَ مِنكَ المالُ تَكتسب الحَمدا
فَيبطلُ ما أَعطى وَيَفسُد ما أسدَى
تَصَدَّقْ وَلا تَمنن ولا تُؤذِ في العطا
وَإِنْ فاتَ مِنكَ المالُ تَكتسب الحَمدا
عبداللطيف فتح الله
الحمدان
08-12-2024, 03:07 PM
وَعَدتَ بِتَشريفي وَأُنس مَنازلي
وَوَعدُ الفتى دَيْنٌ بِدونِ تَوقّفِ
وَإِنّي اِمرُؤٌ لِلوَعدِ أَعلى مطالبٍ
وَأَنت اِمرُؤٌ في الدّهر أَكبرُ مَنْ يفي
عبداللطيف فتح الله
الحمدان
08-12-2024, 03:07 PM
رَوَينا مَزاياكَ نَقلاً وسَمعاً
وَصَحَّ الحَديثُ بِذاكَ لَدَينا
وَلَمّا رَأَينا المَزايا شُهوداً
رَأَينا قُصوراً بِما قَد رَوينا
رَأَيناهُ لَم يَفِ مِنها بعُشرٍ
وَلَم يُنقَلِ العُشرُ مِنها إِلَينا
فَلَيسَ الحَديثُ كَمثلِ العيان
ولا ما رَوينا كما قد رأينا
عبداللطيف فتح الله
الحمدان
08-12-2024, 03:08 PM
إِنَّ ربّي بِرفقهِ
مَنَّ فَضلاً برزقهِ
كَم أُنادي وَحقِّهِ
يا لَطيفاً بِخَلقِهِ
أَنتَ تُعطي وَتَمنَعُ
أَنتَ رَبّي وَمُوجدي
أَنتَ في الدَّهرِ مَقصِدي
فَخُذِ الدّهرَ في يَدي
يا إِلَهي وَسَيِّدي
دُلَّني كَيفَ أَصنَعُ
عبداللطيف فتح الله
الحمدان
08-12-2024, 03:08 PM
العَفوُ مِن شِيَمِ الكِرامْ
وَالصّفحُ مِن شَأنِ العِظامْ
وَأَخو الشّهامَةِ من عَفا
عَن قُدرةٍ على الاِنتِقامْ
لَيسَ الكَريمُ بِواجدٍ
وَالحِقدُ مِن طَبْعِ اللّئام
لَولا الجِنايَةُ ما حَلا
عَفوُ الفَتى بَينَ الأَنام
الخَوفُ يَكفي مَن جَنى
عَن ذَوقِهِ طَعمَ الحُسام
ذُلُّ الذُّنوبِ أَمَرُّ مِن
ذَوقِ المنيَّةِ وَالحِمام
وَرِداؤُها بِئسَ الرّدى
وَسخامُها بِئسَ السّخام
يا وَيحَ جانٍ قَد هَفا
مُتَرَدِّياً ثَوبَ اِحتِرام
وَالحرُّ يُقبَلُ عُذرُهُ
مِن غَيرِ صَدٍّ أَو مَلام
وَلَه يقابلُ مِنّةً
بِبَشاشةٍ ثمَّ اِبتِسام
وَإِلَيهِ ينظرُ مُقبِلاً
وَيَمنُّ في لينِ الكَلام
وَيَقولُ أَهلاً مَرحبا
وَلَهُ يُحيّي بِالسّلام
وَيَرى تَذلُّلَه لَهُ
فَوقَ العُقوبَةِ بِالسّلام
وَلَقد رَأيتُ أخا عُلىً
وَخَدينَ مَجدٍ وَاِحتِرام
في العَفوِ أَكرَم ماجدٍ
بِالصَّفحِ أَسنى ذي اِبتِسام
يَعفو بِحُسنِ تَفَضُّلٍ
لا عَجزَ فيهِ عَنِ اِنتِقام
يَلتَذُّ في عَفوٍ كَما
يَلتَذُّ في أَحلى الطَّعام
الضَّيغَمُ اللَّيثُ الَّذي
مِنهُ الضّياغمُ في اِنهِزام
بَدرُ المَعالي كامِلاً
عالي المَنازِلِ وَالمُقام
ذو الطالِعِ المَيمونِ في
فَلكِ السّعودِ عَلى الدَّوام
الجَوهرُ الفَردُ الَّذي
تَأبى مَحاسِنُهُ اِنقِسام
أَعني العَليَّ اِسْماً وَقَد
راً ثمَّ جاهاً لا يُرام
مَن لاذَ فيهِ فَإِنّهُ
بَينَ البريَّةِ لا يُضام
يا أَحنَفَ الحِلم الّذي
لي حِلمُه أَسنى مَرام
كُن عافِياً كُن صافِحاً
فَالصّفحُ أَليَقُ بِالكِرام
وَالمُؤمِنونَ فَغَيظُهم
كَالبَرقِ يَلمَعُ في الظَّلام
إِنّي رَجوتُكَ طامِعاً
فَاِقبَل رَجائي وَالسّلام
وَاِسلَم وَدُم في عيشَةٍ
تَأبى مُصاحَبَةَ السّقام
ما فيكَ طابَت مِدْحَتي
في حُسْنِ بدءٍ وَاِختِتَام
عبداللطيف فتح الله
الحمدان
08-12-2024, 03:09 PM
بِماذا أَضاءَ الكَونُ حتّى المَشارِقِ
وَمِمَّ هَذا النورُ هَل لاحَ بارِقُ
تَقَدَّم لي بَدرُ الكمالِ وَقال بي
فَقُلتُ لَهُ لا شكّ إِنّك صادقُ
عبداللطيف فتح الله
الحمدان
08-12-2024, 03:11 PM
شَكا الحِبُّ مِن بَعضِ أَسنانِه
وَتِلك اليتيمُ مِنَ الجَوهَرِ
فَجاءَ إِلى قَلعِهِ قالعٌ
فَسالَ سُلاف اللّمى السُّكري
فَبَادَرتُ لِلرّشفِ مُرتشفاً
سَكِرتُ وَمن قبلُ لم أسكرِ
فَيا قالِعُ اِرفقْ بحِبّي وبي
فَأَمّا اليتيمَ فَلا تَقهرِ
عبداللطيف فتح الله
الحمدان
08-12-2024, 03:12 PM
كَرامَةُ النّفسِ كَفَّتني عَنِ البخلِ
وَجُرأَةُ القلبِ حادَت بي عن الفشَلِ
وَقُوَّةُ العَقلِ تَهديني إِلى رشَدٍ
وَجودَةُ الرّأي تَنهاني عَنِ الخلَلِ
وَعِزّةُ النّفسِ تَأبى لِي مَذَلَّتها
وَرِفعَةُ القَدرِ تَسمو بي عَلى زحَلِ
وَحلَّةُ العِزِّ يَعلوني تَجمّلها
وَزينَةُ المَجدِ حلَّتني مِنَ العَطلِ
وَحليةُ العلمِ زانَتني بِجَوهَرهِ
فَما التزيّنُ في حَليٍ وفي حللِ
جاهي بِلا مَنصِبٍ جاهي يُصاحِبهُ
وَالشّمسُ لا برجُ عين الشّمسِ في الحَملِ
بَلى حينَ عَزليَ قَد يقوى ولا عَجبٌ
ما الشّمسُ رَأدُ الضّحى كَالشّمسِ في الطَّفلِ
فيمَ الإِقامَةُ بِالإِفتاءِ يَحبِسني
بِغَيرِ نَفعٍ وَلا عِلمٍ وَلا عمَلِ
لا سِفرَ أَنظُرهُ لا دَرسَ أَقرؤُهُ
لا شَيخَ أَسمَعُهُ لا بَحثَ يذكرُ لي
أَجلْ تباحِثُني الجهّالُ طالِبَةً
ما عَنهُ قَد نَفَرت نَفسي ولم تَمِلِ
لَم يَسأَلونِيَ إِلّا عَن وَقائِعِهم
كَالبيعِ وَالرّهنِ وَالتّطليقِ والحِيَلِ
أَصبَحتُ في ذاكَ صِفرَ الكفِّ خالِيَها
أُقلّب الكفَّ كَالثّكلى لَدى الثكلِ
فيهِ اِبتُليتُ بِكرهٍ مَع كراهِيةٍ
وَمَن يَكُن مُكرَهاً لم يُدْعَ بالبطلِ
فَلا نَصيرَ إِلَيهِ أَشتَكي نَصَبي
وَلا مُعينَ على التّخفيفِ لِلثقلِ
سَئِمتُ حتّى حَياتي فيه من ضجَرٍ
وَكِدتُ أَخرجُ عَن روحي مِنَ المَللِ
لَو كُنتُ أَضرِبُ في قَفرٍ لَما سَئِمَت
روحي وَلَو هِمتُ في سَهلٍ وفي جبلِ
وَالسَّعْدُ في الشّمس لِلتسيارِ حَلَّ بها
وَالنَّحسُ حَلَّ لِبطءِ السّيرِ في زُحَلِ
طالَ اِحتِمالِيَ ما أَلقاهُ مِن مِحَنٍ
وَطالَ أَسري بِهِ يا ضَيعَةَ الأَجلِ
أَمّلتُ مِنهُ خَلاصي ظَنُّ ذي وَهَمٍ
نَفح التمنّي فَضاعَ العمرُ في الأملِ
ما رُمتُ فيهِ سِوى نَشرِ الفَضائِلِ في
أَخذٍ ودرسٍ عَلى مكثٍ ومرتَحَلِ
ما رُمتُ بَسطَةَ كَفٍّ أَستَعينُ بِها
عَلى قَضاءِ حُقوقٍ لِلعلى قِبَلي
إِذِ العُلى مِن حُقوقي لا حُقوقَ لها
عَليَّ ذات حُلولٍ لا وَلا أَجَلِ
لَكِنَّما فيهِ آمالي قَدِ اِنعَكَسَت
وَالدَّهرُ يَعكِسُ آمالَ الفَتى الرّجلِ
مِن خَوفِيَ العكسَ لا أَرجوهُ يُقنِعُني
مِنَ الغَنيمَةِ بَعدَ الكدِّ بِالقَفلِ
وَذي ذَكاءٍ صَحيحِ الذّهنِ رائقِهِ
مُسدَّدِ الرّأيِ في سلمٍ وَفي جدَلِ
صَعبِ الجِدالِ وَسَهلِ السّلم قَد خَلَطت
بِصحَّةِ القَولِ مِنهُ قلَّةُ الخطَلِ
مَنَعت سكرَ الهَوى يَلهو بِمُقلَتِهِ
وَاللّيلُ أَجرى سُلافَ النّومِ في المقَلِ
وَالسُّهدُ كحلٌ وَاِسفِنط الكرى كَحَل
والكُحلُ يَغلِبُ أَحياناً على الكَحَلِ
وَالصّحب في الرّأيِ إِذ دارَت سُلافتُهُ
رَأيتهُم بَينَ ذي صَحوٍ وَذي ثمَلِ
عبداللطيف فتح الله
الحمدان
08-12-2024, 03:12 PM
طَروبٌ طُلاه الحبُّ والوجدُ قَرقفُهْ
وَمُدمِنُ عِشقٍ يَحتَسيهِ ويرشفُهْ
مَشوقٌ مُعنّىً مُغرمٌ مُتَولِّهٌ
كَئيبٌ نَحيلُ الجسمِ في الجِسمِ مُضعَفُه
رَشيدٌ سَفيهُ الحلمِ في الوَجدِ وَالهَوى
وَإِنَّ أَخا الإِصلاحِ في الحبِّ مُسرِفُه
تَناحلَ حتّى ذابَ قَلباً وَجثّةً
وَصارَ فَلا شَخصٌ يَعيهِ وَيَعرِفُه
فَلا روحَ فيهِ كَي تظنّ حَياتَهُ
وَلا نَفَسٌ يُبديهِ مِنهُ تَجوُّفُه
تَوَلّى وَإِن لَو كَالخيالِ رَأيتهُ
فَلَيسَ خَيالُ المَرءِ لَو زالَ يَخلُفُه
تَولَّع وَلهاناً تَعَسَّفَ هائِماً
وَدامَ عَلى التّهيامِ وَجداً تَعسُّفُه
عَلَيهِ يَجوزُ الحبُّ بِالبعدِ وَالنّوى
يُساعِدُهُ في الجَورِ دَهري وَيُسعِفُه
لِمَن يَشتكي جَورَ الزّمانِ وَفِعلَهُ
فَهَل حَكَمٌ يَقضي بِعَدلٍ وَيُنصِفُه
وَثن في الهَوى يَقضي بِقَلبي صَبابَةً
فَأَفضَلُ قاضٍ في الأَنامِ وَأَشرَفُه
يَرى مُوجباً قَتلي غَرامي بِشادنٍ
إِنِ البدرُ قَد يَبدو مُحيّاهُ يَخسِفُه
أَخو الشّمسِ أَعطاها مِنَ الحُسنِ شَذرةً
فَفَرّت بِها كَالخاطِفِ الشّيءَ يَخطِفُه
وَفي رابِعِ الأَفلاكِ عَنهُ تَباعَدَت
مَخافَةَ كَسفٍ مِن مُحيّاهُ تَكسِفُهْ
أَخو الفتكِ في الأَرواحِ وَالقَلبِ وَالحَشا
عَلَيها إِذا يَسطو فَمن ذا يَرأفُه
فَفي لَحظَةٍ إِن يُرْدِ أَلفاً بِفَتكِهِ
فَفي فَتكِهِ ذا الفتكُ لا شَكّ أَلطَفُه
فَقامَته رمحٌ كَذا الهُدبُ سَهمُهُ
يُراش لِرَميِ القلبِ وَاللّحظِ مُرهَفُه
تَقاوى عَلى الآسادِ إِنسانُ عَينِهِ
وَإِنسانُها في الخلقِ لا شكَّ أَضعفُه
عَلى أَسرِهم مِن بَعدِ خَطفِ عُقولِهِم
يُعاوِنُهُ بِالسّحرِ في الجفنِ أَوطفُه
لَحا اللَّهُ عُذّالي وَأَردَى مراقبي
بِهم في الهَوى كُلِّفت ما لا أُكلَّفُه
فَهُم كَلّفوني أَن أَبوحَ بِصَبوَتي
وَكِتمانُها مِمّا أُحِبُّ وَأَألَفُه
وَلَكِنّهم جُوزوا بِخَيرٍ مِنَ الجَزا
فَقَد عَرَّفوا المَحبوبَ ما لَيسَ يَعرِفُه
فَفي أَنّني في الحبّ يَعقوبه جَوى
لَقَد عَرَّفوهُ وَهوَ في الحُسنِ يوسفُه
رَماني بِسَهمِ البعدِ في مَهمَهِ الهوى
وَدامَ عَلى الهجرانِ وَالهجرُ مَألَفُه
عَلى أَنّهُ ظَبيٌ وَمِن طَبعِهِ الجَفا
وَدَيْدَنُهُ الهِجرانُ وَالوصلُ يَأنَفُه
وَما الوصلَ يَدري بَل وَلا يَعرِفُ اِسمهُ
وَلَم يَكُ بِاِسمِ الوصلِ شَيءٌ يَعرِفُه
رَضيتُ بِما يَرضى قَنِعت بِما اِرتَضى
فَلَستُ بِمَن يَلحاهُ أَو مَن يُعنِّفُه
جَميلٌ فَما يَقضي جَميلٌ كما اِرتَضى
فَسِيّانَ عِندي جَوْرُهُ وَتَعطُّفُه
فَلو كانَ حِبٌّ فِعلُه غَيرُ صالِحٍ
لَما كانَ قَلبُ الصَبِّ يَهوى وَيألَفُه
عبداللطيف فتح الله
الحمدان
08-12-2024, 03:13 PM
وَمِن عَجَبي أَنّ الصّوارمَ وَالقَنا
تَثورُ بِأَيدي القومِ حينَ تَصيرُ
لِإِكثارِها شُربَ الدّماءِ مِنَ العِدا
تَحيضُ بِأَيدي القَومِ وَهيَ ذُكورُ
وَأَعجَبُ مِن ذا أَنّها في أَكُفِّهم
وَإِنْ حَنَّ قَلبُ القَوم عطفاً تَجورُ
وَلا شَيءَ يُطفي الغَيظَ مِنها لِأنّها
تَأَجَّجُ ناراً وَالأَكفُّ بُحورُ
عبداللطيف فتح الله
الحمدان
08-12-2024, 03:13 PM
تَأَمَّل بِدارٍ تَسرُّ الحَشا
وَتَحكُم لِلرّوحِ أَن يَنعشا
وَتَقضي لِتَرصينِ بُنيانِها
لِمَن قَد يَراها بِأَن يدهشا
تسامي الثريّا وَرَأسَ السهى
وَتَعلو السّماكينِ ثمَّ الرَّشا
تَمَنَّتْ بُروجُ السّماءِ بِأَنْ
تَكونَ قُصوراً بِها تنتَشا
فَيُوسُف مَع صِنوِهِ عمرٍ
عَلى المَجدِ أَركانُها عرَّشا
وَقَد مَلَأ الحسنُ أَكنافَها
وَماءُ النّضارَةِ فيها مَشى
كَذا اليُمنُ أَرّخته نالَها
وَطيرُ السّعودِ بِها عَشعَشا
عبداللطيف فتح الله
الحمدان
08-12-2024, 03:13 PM
لا تَصحَبِ الدّنيا وَكُن يَقِظاً لها
لا يَخدَعَنْكَ تَودُّدٌ وَتَملُّقُ
تُبدي المَحبّةَ وَهيَ تُخفي بُغضَها
لا تَرجُها فَهيَ العَدوُّ الأزرقُ
عبداللطيف فتح الله
الحمدان
08-12-2024, 03:14 PM
فَإِن كُنتَ تَأتي بِالّذي قَد أُريدُهُ
فَأَنتَ بَليغٌ شاعرُ الدهرِ ماهرُ
وَإِن كُنتَ تَأتي بِالَّذي قَد تُريدُهُ
فَما أَنتَ بَينَ النّاس في الدّهرِ شاعرُ
عبداللطيف فتح الله
الحمدان
08-12-2024, 03:14 PM
عودوا إِلى سِلْمِ المُحبِّ وَصالِحوا
فَالصّلحُ خَيرٌ في الأَنامِ وَصالِحُ
ما ذا التّقاطُع وَالتدابُرُ وَالجفا
مَع أَنّهنَّ قبائِحٌ وَفَضائحُ
كَم في التّقاطُعِ إِن عَرَفتَ مَفاسِد
كَم في التّودُّدِ لَو عَلِمتَ مَصالِحُ
لَيسَ النّظامُ تَقاطُعاً وَتَدابُراً
إِنّ النّظامَ تَوافقٌ وَتَصالُحُ
يا أَهلَ وُدّي إِنّني بُذِلَتْ لَكُم
مِنّي مَواعِظُ في الهَوى وَنَصائِحُ
أَخلَصْتُكُم ودّي وَقَلبي حافِظٌ
لِودادِكم دَهري وَما هوَ طارِحُ
ما كُنتُ بِالغشّاشِ في ودّي لَكُم
وَبِخُبركم أَنّي الصّدوقُ النّاصِحُ
إِنّي المَشوقُ إِلى المَنازِلِ وَالحِمى
وُرْقُ الصّبابة في حشايَ صَوادِحُ
تِلكَ المَنازِلُ لِلأحَبِّةَ مشرقٌ
وَمَطالِعٌ في جِلَّقٍ وَمَطارحُ
إِذ كُنت في تِلكَ المَنازِلِ رائِياً
تِلكَ الأَحبَّة بِالحَديثِ أُطارحُ
إِذ كنت رَيعانَ الشَّبابِ وَإِنّني
مَملوءُ قَلبٍ بِالسّرورِ وَطافحُ
مُتَوطِّناً مِنها الرّبوعَ وَإِنّني
غادٍ إِلَيهِم في الصّباحِ وَرائِحُ
مُتَعطِّراً مِن مِسكِهِم مُتضَمِّخاً
مِن حَيثُ مِنهُم قَد تَفوحُ رَوايحُ
أَختالُ ما بَينَ الرّياضِ بِجلَّقٍ
وَتَجودُ منّي لِلسرورِ قَرائحُ
تُجلى عَلَيّ مِنَ السّرورِ عَرائِس
يَزهو بِهنّ الحسنُ وَهيَ صَبائِحُ
قَد مِسْنَ قدّاً بِالنَّسيمِ كَأَنّهُ
بِلَطافَةٍ قَد رَوَّحَته مَراوحُ
وَنَفَحْنَ طيباً كالعَبيرِ مُمسَّكاً
هَل في النوافِحِ كَالزّهورِ نَوافحُ
وَيَسرُّني شَدوُ الطّيورِ عَلى الرُّبى
مِنها الحَمائِمُ وَالهزارُ الصادحُ
تَأتي عَليَّ مِنَ الظِّباءِ شَوادنٌ
وَبِهِ تَلوحُ مِنَ المَهاةِ سَوانِحُ
تَأتي تُغازِلُني الحَديثَ لَطافةً
حَتّى تَسيلَ بِذا الحَديثِ أَباطِحُ
يَحيا بِها مِنّي وَينعش في الهَوا
روحٌ وَقلبٌ في الحَشا وَجَوارِحُ
فيها أُماسَى بِالغَبوقِ مِنَ الهَنا
وَمِنَ المَسرَّةِ بِالصّبوحِ أُصابحُ
وَبِها أعلَّلُ بِالنّسيمِ مِنَ الصَّبا
وَيَدُ النّسيمِ تَجسُّني وَتصافِحُ
إِذ كنتُ فيها لِلنّجومِ مشاهداً
وَضِياؤُهم بادٍ عَليَّ وَلائِحُ
إِذ كنتُ فيها وَالبدورُ طَوالِعٌ
بِذُرى العُلى وَالشّمس فيهم صالِحُ
العارِف النسّاك أَنورُ ناسِكٍ
وَالزّاهدُ الورعُ التّقيُّ الصالحُ
العالِمُ النحريرُ والعَلَمُ الّذي
ناداهُ بِالرّفعِ الحكيمُ الفاتِحُ
الجَهبَذُ الحبرُ الإِمامُ وَمَن لَهُ
بِتقدّم يَقضي الدّليلُ البادحُ
ربُّ العُلومِ أَبو الفهومِ أَخو الذّكا
خدنُ المَعارِفِ لَيسَ فيها قارِحُ
صِنوُ الشّريعَةِ وَالحقيقَةِ وَالهُدى
بِطَريقة تِلكَ الطّريق الواضحُ
هُوَ شافعيُّ زَمانِهِ إِذ مِنهُ قَد
جادَت بِتَخريجِ الفُروعِ قَرائِحُ
هُوَ سيبويهِ أَوانِهِ وَخليله
لَكنّه الزّجّاجُ وَهوَ الراجحُ
شَهِدَت لَهُ كلُّ العلومِ بِفَضلِهِ
وَهيَ العُدولُ وَلَيسَ فيها جارحُ
فَلَوِ اِمتَطى الفكرَ الصّحيحَ فَفكرهُ
طِرفُ الأدلَّةِ وَهوَ بَحرٌ سابِحُ
ما جالَ فيهِ لِلجِدالِ مُناظراً
إِلّا بَدا مِنهُ الهِزَبرُ السانِحُ
وَمِنَ الدّلائِلِ في يَديهِ إِذا سَطا
بيضٌ قَواطِع أُصلِتَت وَصَفائِحُ
كَم رَدَّ بِالإفحامِ فيها ضَيغَماً
وَكَساهُ بِالإِخراسِ وَهوَ الصائِحُ
المُعرِبُ اللَّسِنُ الغَريبُ بَلاغَةً
سِحر البيانِ خِلالها يَتَلامَحُ
بِسَلاسَةٍ وَجَزالةٍ وَمَحاسِنٍ
جَلَّت لَها مُقَلُ النّفوسِ طَوامِحُ
لَو قابَلَتهُ مَصاقِعُ الخطباءِ في
وَقتِ المَواسِمِ في عُكاظَ وَكافَحوا
لَرَأَيتَهم مِنهُ لَدَيهِ أُخرِسوا
لَم يَستَطيعوا أَنّهم يَتَفاصَحوا.
الماجِدُ الجحجاحُ وَالفَخمُ الّذي
تَزدانُ فيهِ أَماجِدٌ وَجحاجِحُ
ربُّ المَعالي في ثُريّا مَجدِها
عَن مِثلِها قصر السّماك الرَّامِحُ
ربّ العوالِ وَإِنّها أَقلامُه
وَلعينها بِذُرى المَعالِ مَطامِحُ
بِمَلافظٍ فيها المَنافعُ لِلوَرى
فَفَوائِدٌ وَمَواعِظٌ وَنَصايحُ
إِنْ يَجرِ في صَدرِ الكَواغِدِ شَرحها
فَهيَ اللّواتي لِلصّدورِ شَوارحُ
تَعنو لِهَيبَتِها الأَسنَّة وَالظُّبى
وَيَهابُها العضبُ الصقيلُ الذابِحُ
وَتُجِلُّها كلُّ الأَكاسِرِ في الدُّنى
حتّى الأَبيّ مِنَ الرّجالِ الجامِحُ
حَسَنُ الخَلائِقِ وَالطبائِعِ كلّها
وَمَحاسنُ الأَخلاقِ فيهِ سَجائِحُ
بَحرُ المَكارِمِ وَالنّدى بِعَطائِهِ
نُسِيَ اِبنُ مَعنٍ ذو السّخاءِ المانحُ
يَسري الحَياءُ بِراحَتَيهِ وَإِنّهُ
في وَجهِهِ الحسنُ الصبيحُ لَسايحُ
بِطَلاقَةٍ وَبَشاشَةٍ وَتَبسُّمٍ
وَبِمثلِ ذا حُمِدَ الجوادُ السامِحُ
يا أَيّها المَولى الهمامُ وَمَن لَهُ
فَوقَ المَعالِ مَقاعِدٌ تَتَفاسَحُ
وَمَنِ اِكتَسى ثَوبَ الكَمالِ وَإِنّه
مِن غَيرِ رَيْبٍ بِالكمالِ الطافِحُ
إِنّي إِلَيك لَباعِثٌ بِخَريدَةٍ
مِنها عَلى شَمسِ النّهارِ مَلامِحُ
بِكرٌ رَداحٌ غادةٌ فَجَمالُها
إِن لَو تَبَدَّت لِلكَواكِبِ فاضحُ
مِن مَدحِكَ السامي بعِقدٍ قُلِّدت
وَبِمثلها أَغلى العقودِ مدايحُ
مِن مِسكِهِ العطرُ الذكيُّ تَضَمّخَت
وَلَكَم لَهُ مِنها تَفوحُ رَوايِحُ
يا فَخرَها إِذ كنت مَمدوحاً بِها
وَلِأنّني في نَظمِها لَكَ مادِحُ
جاءَتكَ تَمشي وَالحياءُ يُميلُها
مَيلَ النّشاوَى وَهيَ رود بادحُ
فَليَلقَها مِنكَ القَبولُ فَإِنّه
لَأَجلُّ شَيءٍ أَنتَ فيه راشحُ
وَاِغضُض أَخا السترِ الجَميلِ نَواظِراً
عَن عَيبِها إِنّ العُيوبَ فَواضِحُ
وَاِصفَح أَخا الصّفحِ الجَميلِ إِذا هَفَت
هَفواً فَمِثلُكَ في البريّةِ صافحُ
بَل كُن كَريماً جائِداً بِسَماحِهِ
وَبِعَفوِهِ إِنّ الكريمَ مسامِحُ
أَيُّ القَصايِدِ هُذِّبت ما إِن لَها
إِن لَو نَقَدْتَ مَثالِبٌ وَقبايِحُ
وَاِسلَم وَدُم رَحبَ الجَنابِ رَفيعَهُ
وَرَغيد عَيشٍ أَنتَ فيهِ سادحُ
ما الشَّمسُ تُشرِقُ ما النّجومُ طَوالِع
ما البرقُ بادٍ بِالوميضِ وَلامِحُ
ما مالَ غُصنٌ بِالنّسيمِ إِذا سَرَت
ما قَد غَدا الغادي وَراحَ الرائِحُ
أَو ما المحبّ رَجا الأَحِبَّة قائِلاً
عودوا إِلى سِلم المحبِّ وَصالِحوا
عبداللطيف فتح الله
الحمدان
08-12-2024, 03:15 PM
تَصَبَّرْ فَإِنّ الصّبرَ أَجملُ بالحرِّ
وَأَليقُ بِالإِنسانِ في السرِّ وَالجهرِ
وَحَسبُ الفتى عِندَ المَصائِبِ صَبرهُ
فَإِنّ اِصطِبارَ المَرءِ أَدعى إِلى الأجرِ
وَلَم يَكُ فيما يَرتَدي المَرء حلَّةً
تُجَمِّلهُ أَسنى وَأَغلى مِنَ الصّبرِ
وَسَلِّمْ إِلى حُكمِ القَضاءِ فَإِنَّهُ
عَلى وفقِ ما قَد شاءَ ربّ الوَرى يَجري
وَكُن راضِياً فيما بِهِ اللَّه قَد قَضى
فَما لِسِوى مَولاكَ شَيءٌ مِنَ الأمرِ
لَهُ الحُكمُ وَالتّدبيرُ وَالأمرُ كلُّهُ
وَما شاءَ مِن نَفعٍ وَما شاءَ مِن ضرِّ
وَفي يَدِهِ الإِحياءُ وَالمَوتُ وَالفَنا
وَفي يَدِهِ التّقديرُ لِلخَيرِ والشرِّ
هُوَ الفاعِلُ المُختارُ جَلَّ جَلالَهُ
وَما هُوَ بِالمَجبورِ يَفعلُ بالجبرِ
فَيا أَيّها المَولَى الّذي قَلَّ مِثلُهُ
كَما لا بِشامٍ وَالعراقِ وفي مصرِ
تَجَمَّل بِحُسنِ الصّبرِ إِذ أَنتَ قُدوةٌ
بِها يَقتَدي مَن قَد يُصاب بِلا نكرِ
لَئِن كُنتَ مَولانا أُصِبتَ مُصيبةً
بِنَجلٍ صَغيرٍ فَاتَهُ فَسحَةُ العمرِ
فَفي اللَّهِ مُعطيهِ اِعتِياضٌ وَحَسبُنا
بِهِ عِوضاً عَن كلِّ شَيءٍ مَدى الدّهرِ
وَللَّهِ ما أَعطى وَما هُوَ آخِذٌ
وَحقٌّ لَهُ التّسليمُ في العُسْرِ وَاليُسْرِ
وَما أَخذُهُ إِيّاه إِلّا لِجَعلِهِ
لَكُم فَرطاً يجدي وَمِن أَنفَعِ الذّخرِ
فَأَحسَنَ رَبّي فيهِ عنهُ عَزاءَكُم
وَعَوَّضَكم خَيراً وَعظَّم لِلأَجرِ
وَأَفرَغَ منهُ الصّبرَ داخِلَ قَلبِكم
وَأَلبَسَكُم بِالصّبرِ مِن رِفعَةِ القدرِ
وَمَنَّ عَلَينا اللَّهُ في طولِ عُمرِكُم
بِخَيرٍ وَتَوفيقٍ عَلى السرِّ والجهرِ
وَدُمتَ بِعَينِ اللَّهِ في كَهفِ حِفظِهِ
تَجَمَّلُ بِالتّقوى وَتكنفُ بِالسّترِ
مَصوناً مِنَ الأَسواءِ نَفساً وَمُهجَةً
وَمالاً وَأَولاداً في راحَةِ السرِّ
مَدى الدّهر ما قَد لاحَ أَو غابَ كَوكَبٌ
وَما إِن بِأَمرِ اللَّهِ ريحُ الصَّبا تجري
وَما آيةُ اللّيلِ البهيمِ قَدِ اِنمَحَت
لَدى شِدّةِ الظّلماءِ مِن آيةِ الفَجرِ
عبداللطيف فتح الله
الحمدان
08-12-2024, 03:15 PM
لَقَد سَرى الكزبريّ النّدبُ مُمتَطِياً
مَطِيَّةَ العَزمِ ذات الحَزمِ لا الحُزُمِ
وَكانَ مَقصِدُه القدسَ الّتي شَرُفت
حَقّاً بِصَخرَتِها وَالمَسجِدِ الحرمِ
وَزارَ صَخرَتها الفُضلى وَمَسجِدَها
وَزارَ كُلَّ مكاٍن ثَمَّ محترمِ
وَزارَ كلَّ نَبيّ ثَمّ جُثّته
وَزارَ كلَّ وَليٍّ راسِخ القَدَمِ
وَعادَ مِنها وَأَنوارُ القَبولِ عَلَت
عَلى مُحيّاً لَهُ بِالحُسنِ مُتَّسِمِ
وَحَلَّ في جلّقٍ يَمحو جَهالتَها
كَما مَحا البدرُ لِلدّاجي مِنَ الظُّلمِ
لا ضَيَّع اللَّه سَعياً قَد سَعاهُ وَلا
أَراهُ في الدّهرِ مِن بُؤسٍ وَمِن نِقَمِ
عبداللطيف فتح الله
الحمدان
08-12-2024, 03:15 PM
ما أَحسَن اللّيل إِذ تَزهو كَواكِبهُ
وَالبدرُ قَد مالَ نَحوَ الغَربِ وَاِقتَربا
وَالبَرقُ مِن جَنبِهِ أَبدى تَلامعهُ
عَلى التوالي وَقَد هَبَّت نَسيم صبا
فَأَنجُمُ اللَّيلِ إِذ تَشدو الصَّبا رَقَصت
وَالغَربُ بِالسّيفِ ثمّ الترسِ قَد لَعِبا
عبداللطيف فتح الله
الحمدان
08-12-2024, 03:15 PM
لَنا مَعشَر الإِسلامِ أَشرَف سؤدَدٍ
وَأَعلى مَعالي المَجدِ بَينَ الأَكارِمِ
بِما أَنّنا أَتباعُ مَن جاءَ رَحمَةً
وَأَرسَلَهُ المَولَى لِكلِّ العَوالمِ
عبداللطيف فتح الله
الحمدان
08-12-2024, 03:16 PM
بيَ خالٌ بِخَدِّهِ قَد تَبدّى
وَدَنا مِن عِذارِهِ السندسِ
آخِذاً مِن تَحتِ اللّحاظِ مقاماً
قَد حَبانا بَهجَةَ الأَنفُسِ
قلتُ يا حُسنَهُ بِرَوضَةِ وَردٍ
مُستَظِلّاً بِالآسِ وَالنرجِسِ
عبداللطيف فتح الله
الحمدان
08-12-2024, 03:16 PM
أَرى الشّمسَ سُلطاناً لَقَد دامَ مُلكُه
وَما القَمَرُ المَعروفُ إِلّا وَزيرُهُ
يُوَلّيهِ حُكمَ اللّيلِ مِن أَجلِ راحَةٍ
وَيَحكُمُ فيما فيهِ يَبدو ظهورهُ
يُوَلّيهِ شَهراً ثمَّ ينصب غَيره
وَيَعزِلُهُ غَضبان ثمّ يُبيرُهُ
وَحينَ يُولِّيهِ يقوّيهِ راضِياً
إِلى أَن يَصيرَ البدرُ قّد تَمَّ نورُهُ
يَعودُ عَلَيهِ غَير راضٍ بِضَعفِهِ
وَسَلبِ الّذي أَولى فَتوهى أُمورهُ
وَعِندَ اِنقِضاءِ الشرّ يَحكُمُ بِالرّدى
فَيُرديهِ غَضباناً وَيَأتي نَظيرهُ
وَذا حالُ ذا السّلطان مِن حين ما اِنتَشا
وَأَوجدَهُ رَبٌّ إِلَيهِ مَصيرُهُ
عبداللطيف فتح الله
الحمدان
08-12-2024, 03:16 PM
أَيا حُسنَ رَوضٍ بِالشّقائِقِ قَد زَها
تَميلُ بِها الأَغصانُ مَيلَ التبختُرِ
وَقَد مُلِئَت بِالطلِّ عِندَ اِنفِتاحِها
صَباحاً فَسَرَّت كلّ قَلبٍ وَمَنظرِ
كُؤوسٌ مِنَ الياقوتِ فيها مدامَةٌ
وَأُلصِقَ فيها حَبُّ مِسكٍ وَعَنبَرِ
عبداللطيف فتح الله
الحمدان
08-12-2024, 03:17 PM
الحُكمُ للَّهِ يَبدو حُكمُه حَسَنا
الأَمرُ للَّهِ مَنْ عَمَّ الوَرى مِننا
ما غَيرُ رَبّي لَهُ شَيءٌ فَكُن فَطِناً
المُلكُ للَّهِ مَن يَظفر بِنَيلِ مُنى
يَرددهُ قَهراً وَيَضمَن بَعدهُ الدّرَكا
لَو غَيرُهُ نالَ حَقّاً ملكَ مَنفَعَةٍ
ما كُنت تُبصِرُ مِن مَيتٍ وَمَيّتَةٍ
فَلا شَريكَ لَهُ في مُلكِ مَملكَةٍ
لَو كانَ لي أَو لِغَيري مُلك أُنمُلَةٍ
فَوقَ البَسيطَةِ كانَ الأَمرُ مُشتَرِكا
عبداللطيف فتح الله
الحمدان
08-12-2024, 03:17 PM
حَنانيكِ ما ذا الهجرُ يا أُمَّ قاسِمٍ
فَرِفقاً بِوَلهانِ الفُؤادِ وَهائمِ
وَليني عَلى الوَلهانِ ذي الوَجدِ وَالجوى
فُؤاداً قَسا كَالصّخرِ لَيسَ براحمِ
فَما بالُهُ تَجفينَهُ وَهوَ سيّدٌ
كَريمٌ مِنَ الأَمجادِ عين الأكارمِ
نَسيبٌ عَريقُ الأَصلِ طابَ نِجارُهُ
بُنَيُّ كِرامٍ في الورى وكرائمِ
وَجيهٌ جَليلٌ في العُيونِ مُوقَّر
جَميلٌ وَسيمُ الوَجهِ لَيسَ بِجاهمِ
شُجاعٌ تَربّى في الوَغى وَهوَ ضَيغم
تَذِلُّ لَهُ خَوفاً أُنوفَ الضّياغمِ
يكرُّ عَلى الآسادِ لا يرهبُ الرّدى
وَيَسطو قَسيَّ القَلبِ سَطوةَ ظالِمِ
يَظنُّ إِذا ما كَرَّ أَن لَيسَ خلفهُ
طَريقٌ بِهِ يَبدو مفرّ لِهاجِمِ
وَيَنقَضُّ كالعقبانِ عندَ اِنقِضاضِها
فَيَرفَعُ كَفّيهِ بِأخذِ الجَماجِمِ
يُعادِلُ آسادَ الوَغى لَو تَجَمّعوا
بِلا الأَسَدِ الرّئبالِ مُردي الهَياضمِ
أَبي العِزِّ خدنِ المَجدِ فَخرُ بَني العُلى
عَلِيّ السّجايا بَعضها جود حاتِمِ
فَذاكَ هِزَبرٌ راجِحٌ لَو وَزَنتَهُ
مَدى الدّهرِ في الدّنيا بِكلِّ الضّياثمِ
هَصور مهيب يَقصِمُ الظّهرَ صيتهُ
وَما كلُّ صيتٍ لِلظهورِ بِقاصِمِ
تَخافُ بِهِ الأَطفالُ وَهيَ بِمَهدِها
وَتهلكُ مِن ذكراهُ حمسُ الجَهاضِمِ
فَيا سَعدَ مَن وافاهُ وَهوَ مُسالِمٌ
وَيا تَعس مَن وافاهُ غَير مُسالِمِ
يَسيرُ عَلى أَقدامِهِ نَحوَ حَتفِهِ
وَلَيسَ مِنَ الهَيجا يَعودُ بِسالِمِ
تَراهُ إِذا قَد رامَ حَربَ عِداتهِ
يَقومُ وثوباً مِثلَ وَثبِ الضراغمِ
وَيَنهَضُ ذا جدٍّ لأخذِ سلاحِهِ
بِجَزمِ أَخي عَزمٍ بِهمَّةِ حازمِ
وَيَلبَسُ دِرعاً مُحكَماً صنع نَسجها
وَمَغفرهُ المُزري بِلبسِ العَمائِمِ
فَيُصبِحُ في حِصنٍ حصينٍ فَما بِهِ
يُؤثّر مِن رمحٍ وَقُضبٍ قَواصمِ
وَيَحمِلُ أَنواعَ الرّماحِ جَميعِها
فَمِن حَربةٍ تُسقى بِسُمِّ الأَراقمِ
وَسُمرٍ عَوالٍ ثمّ لُدنٍ عَوارتٍ
يَقلُّ لَعمري مثلها في اللّهاذِمِ
وَجُعبَتُه ما إِن تعدّ سِهامها
وَما نَصلُها غير القُلوبِ بِطاعِمِ
وَيَحمِلُ أَصنافَ السّيوفِ جَميعها
فَمِن مُرهَفٍ ماضٍ رسوبٍ وَحاسمِ
وَمِن هندوانيٍّ وَعَضبٍ مُهنّدٍ
وإِصليتِ قُرضابٍ وَأَمضى الصّوارِمِ
يَخوضُ إِلى الهَيجاءِ بَحرَ كَريهَةٍ
بِمُعترك الأَبطالِ عِندَ التّصادُمِ
يَموجُ بِفُرسانٍ لُيوثٍ كَواسرٍ
وَما مِثلُهُ بِالمَوجِ مِن مُتَلاطِمِ
يَصولُ على طِرفٍ أَصيلٍ مُشذَّبٍ
مِنَ الرّيحِ مَخلوق مقودِ الشّكائِمِ
فَإِنْ يَعدُ شمتَ الريحَ مَسبوقةً بهِ
وَما غَيرُهُ قَد نالَ سَبقَ النَّسائِمِ
وَما خَيلُهُ إِلّا جيادُ أَصائِلٍ
صَوافن غرٍّ مِن هِجانٍ كَرائِمِ
عبداللطيف فتح الله
الحمدان
08-12-2024, 03:17 PM
ثَلاثُ بُحورٍ يا لَعَمري تَجَمَّعَت
بِعَيني أَراها وَهيَ تَبدو بِلا اِمتَرا
فَبَحرٌ غَزيرُ العِلمِ ماجَ معارفاً
إِمام إِلى الأَوزاعِ يُنسَبُ في الوَرى
وَبَحرٌ غَزيرُ الجودِ قَد فاضَ جودُهُ
فَأَخجَلَ وَبْلَ السّحبِ لا شَكَّ وَاِزدَرى
وَبَحرٌ هوَ المِلحُ الأُجاجُ وَإِنَّهُ
لَقَد راقَ لي ثَغراً كَما راقَ مَنظَرا
عبداللطيف فتح الله
الحمدان
08-12-2024, 03:18 PM
لِمَ اِسوَدَّتِ الدّنيا وَلَم يَكُ غاسِقُ
وَأَظلَمَتِ الآفاقُ حَتّى المَشارِقُ
خَليلي رَعاكَ اللَّه قُل ليَ ما الّذي
لَقَد صارَ في الدُّنيا فَإنّكَ صادقُ
فَهَل آنَ خِلِّي للقِيامَةِ وَقتها
وَنَفخٌ بِصورٍ ثمَّ يَصعَقُ صاعِقُ
وَبَعثُ الوَرى وَالحَشرُ ثَمَّ وَإِنّهُ
تَقومُ لِربِّ العالَمينَ الخَلايِقُ
أَرى الكَونَ مُسوَدّاً أَرى الشَّمسَ لَم تَبِنْ
أَرى البَردَ لَم يُسفِرْ وَما هُوَ شارِقُ
وَأَنّ نُجومَ الأُفقِ غَير طَوالعٍ
فَلَم يَبدُ مَسبوقٌ وَلَم يَبدُ سابِقُ
وَأَينَ السّما غَير الظّلام فَلا يَرى
وَلَو جَدَّ بِالتّحديقِ وَالومقِ وامِقُ
أَزالَت وَإِلّا بِالظّلامِ تَحَجَّبَت
فَما شَأنُها قُل لي فَصدرِيَ ضائِقُ
وَما لي أَرى الأَطوادَ لَيسَت بِحالِها
فَكَم قَد هَوَى طَودٌ وَكَم دُكَّ شاهِقُ
وَما لي أَرى الأَطيارَ خُرساً وَلَم يَكُن
عَنِ الصّدحِ وَالتَّغريدِ يَسكتُ ناطِقُ
وَما لي أَراها لا تَطيرُ وَإِنَّها
وَإِنْ هِيَ قَد قُصّت جَناحاً خَوافِقُ
فَما الخَبَرُ الشّافي خَليلي بِهِ اِشفِني
فإِنِّيَ بِالتَّحديثِ مِنك لَواثِقُ
فَأَنتَ أَبو الأَخبارِ يَروي صَحيحها
أَخو الثّقَةِ الثّبتُ الصّدوقُ المصادقُ
وَها لَم أَزَل فيهِ إِلى أَن أَجابَني
وَأَدمُعُه مِن مُقلَتَيهِ دَوافِقُ
بِصَوتٍ خَفِيٍّ قَد يدقّ سَماعهُ
إِجابَةَ باكٍ وَهوَ بِالدّمعِ شارِقُ
وَقالَ نَعَم أَودى خَليفةُ مالِكٍ
وَمالِكُ هَذا العَصرِ مَن لا يسابقُ
إِمامُ ذَوي التّحقيقِ قدّمَ فيهِمُ
وَتَقديمُهُ فيهِم عَلَيهِ تَوافَقوا
وَجيهِ أُولي التّدقيقِ وَهوَ أَميرُهُم
لَهُ نشرَت فيهِم لَديهِ البَيارِقُ
تَأَمَّر فيهِم بِالعلومِ وَضَبطِها
وَأَبرزَها كَيفَ اِقتَضَتها الحَقائِقُ
تَأَمَّر حتّى أَن تَسمّى الأمير في ال
وَرى وَعَلى التلقيبِ فيهِ تَصادَقوا
هُوَ الشّمسُ شَمسُ الدّين وَالهدى ضوؤها
فَكَم فيهِ أُفقٌ قَد أَضاءَ وَخافِقُ
وَكَم قَد مَحا جنحاً مِنَ الجَهلِ داجِياً
فَزالَ وَلَم يَظهَر مِنَ الجَهلِ غاسقُ
سَمِيُّ أَجَلِّ المُرسَلينَ محمّدٍ
عَلَيهِ صَلاة اللَّهِ ما لاحَ بارِقُ
هوَ البحرُ عِلماً عنهُ حَدِّثْ مُبالِغاً
فَأَنتَ عَلى التّحديثِ عنهُ مُوافَقُ
هُوَ الحَبرُ ينبوعُ المَعارِفِ رائِقاً
عَلى سَطحهِ ماءُ المَعارِفِ دافِقُ
هوَ العالِمُ النّحريرُ وَالجَهبذُ الّذي
عَلى كُلّ نحريرٍ سَما هوَ فائِقُ
هُوَ العَلَمُ المَشهورُ في كُلِّ جانِبٍ
فَلَيسَت تَفوقُ الغَرب فيهِ المَشارِقُ
وَخَيرُ شُهودِ المَرءِ بِالفَضلِ في الوَرى
وَعِندَهمُ فيِه اِشتِهارٌ يُطابِقُ
تَصَدَّرَ لِلتأليفِ مِن زَمَنِ الصِّبا
وَدانَت لَهُ فيهِ الصّعابُ الدقائِقُ
تَآليفُهُ جَلَّت وَتِلكَ بَديعةٌ
وَحَلَّت عَلى التّحقيقِ فيها الرّقائِقُ
فَلا فَنَّ إِلّا وَهوَ فيهِ إِمامُه
وَلا مُشكِلَ إِلّا لَهُ هُوَ سابِقُ
عَلى فَضلِهِ كُلُّ الأَفاضِلِ أَجمَعوا
وَمِنهُم بِدونِ الخلفِ تَمَّ التّوافقُ
وَقَد أَذعَنوا طُرّاً فَلَم يَأبَ مِنهُمُ
صَديقٌ صَدوقٌ أَو صَديقٌ مُنافِقُ
وَقَد أَجمَعوا أَن لا يُجارى مسابقاً
وَأَنْهُ يَحوزُ السّبقَ حينَ يُسابِقُ
وَقَد رَضِيَت مِنهُ سَجاياهُ كلّها
وَقَلَّ الّذي تُرضيكَ مِنهُ السّلائِقُ
وَطابَ بِحُسنِ الخلقِ وَالخلقِ سيرَةً
وَصيتاً كَما قَد طابَ مِنهُ الخَلائِقُ
كَجودٍ وَحلمٍ ثمّ حسنِ تَواضُعٍ
وَفي حُسنِ خلقٍ لِلأَنامِ يخالقُ
وَرَفعِ الأَذى وَالضرِّ وَالنّفعِ شَأنُهُ
وَقَد أُمِنَتْ في الدّهرِ منه البَوائِقُ
دَعاهُ إِلى الجَنّاتِ داعي إلَهه
فَلَبّى مُجيباً لَم تَعُقْه العَوائِقُ
وَسارَ يَجدُّ السّيرَ وَهوَ مَشوقُها
وَيا قُربَ مَقصودٍ لَهُ سارَ تائِقُ
وَقَد ساقَهُ رضوانُ مَولاهُ نَحوَها
وَيا فَوزَ مَنْ رِضوان مَولاهُ سائِقُ
وَسارَ إِلى الفِردَوسِ أَرِّخ بِجدّهِ
وَنالَ خُلوداً وَالنبيَّ يُرافِقُ
وَبُشراهُ بِالفَوزِ العَظيمِ وَإِنَّهُ
يُجاوِرُ مَولاهُ وَلَيسَ يُفارِقُ
وَلَكنّنا فيهِ أَصَبنا مُصيبَةً
تَجِلُّ كَما قَد عَظمتها الخَلائِقُ
بِها قُصِمَت مِنّا الظّهورُ وَقَد وَهَت
كَواهِلُنا عَن حَملِها وَعَواتِقُ
قِفا نَبكِهِ حتّى القيامة أَدمُعاً
تَسيلُ بِها الأَحداقُ وَهيَ زَواهِقُ
وَتَبدو بِها الأَرواحُ صاعِدَةً لَها
وَتَنزِلُ مِثلَ الودقِ وَالودقُ وادِقُ
وَحقّ عَلَينا أَن تُشَقّ قُلوبُنا
وَأَكبادُنا لا أَن تُشقّ البَنائِقُ
فَكَم شوهِدَت إِذْ ماتَ مِنهُ كَرامةٌ
عَياناً وَأَمرٌ لِلعَوائِدِ خارِقُ
فَبَسمَلَ عندَ الغَسلِ أَسمَعَ حاضراً
وَعِندَ نُزولِ القبرِ وَالنقلُ صادِقُ
فَيا لَيتَهُ يُفدى وَكنّا فِداءَهُ
وَأَنْ لَم يَكُن مِمّن لَهُ المَوتُ لاحِقُ
وَلَكِنَّما بِالمَوتِ رَبِّي قَد قَضى
وَمَن كانَ ذا نَفسٍ فَلِلمَوتِ ذائِقُ
وَإِنْ كانَ ذاقَ المَوتَ وَالقبرُ حازهُ
فَما زالَ حَيّ الدّهرَ ما بانَ شارِقُ
فَقَد خَلَّف الصيتَ الحَميدَ وَإِنَّهُ
لأذفَرُ مِسكٍ مالئ الكَونِ عابقِ
وَمَن عاشَ ذكراً فَهوَ حيّ حَقيقَةً
وَمَن لَم يَعِش ذِكراً فَذَلك وابِقُ
وَخَلّف فينا نَجلهُ الجهبذَ الّذي
عَلى فَضلِهِ أَهلُ العُلومِ تَطابَقوا
أَبو العِلمِ رَبّ الفَهمِ بَحر مَعارِفٍ
أَخو الحِذقِ يَبدو لا يُدانيهِ حاذِقُ
تَصَدَّرَ للتدريسِ وَالنّفعِ بَعدهُ
تَصدُّرَ كُفؤ وهوَ أَهلٌ وَلائِقُ
فَأَبدى مِنَ التَّحقيقِ كُلَّ عَجيبَةٍ
يَعزّ عَلى الأَفكارِ فيها الطرائِقُ
وَجاءَ بِما لَم تَستَطِعهُ أَوائِلٌ
وَكَم مِن أَخيرٍ لا يُدانيهِ سابِقُ
وَإِن حازَ فَضلاً مِن أَبيهِ فَإِنَّهُ
وَبُشراكُم سامٍ عَلَيهِ وفائقُ
وَلا غَروَ فَاِبنُ اللّيثِ لَيثُ غَضَنفَرٍ
وَلا عَجب فَاِبنُ البَواشِقِ باشِقُ
فَيا أَيّها المَولى الّذي قَلَّ مثلُهُ
فَكالشّمسِ لا مثلَ فَلا فَرق فارِقُ
لَئِن كُنتَ مَولانا أَصبتَ مُصيبَةً
عَلى هَولِها مِنّا تشيبُ المَفارِقُ
تَذَكَّر بِخَيرِ الرّسلِ أَعلى مُصيبَةٍ
يَقِلُّ لدَيك الخطبُ إِذْ أَنتَ ضائِقُ
وَصَبراً فَإِنّ الصّبرَ أَليَقُ بِالفَتى
وَعَن أَجرِهِ مَولايَ يَقصرُ ناطِقُ
وَفيكَ لَنا عَمّن أُصبت أَخا الحجى
بِهِ خَلف مِنهُ اِستطيبَ الخَلائِقُ
وَأَسأَلُ ربّي اللَّهَ حُسنَ عَزائِكم
وَإِعظامه أَجراً بِهِ الفضلُ حائِقُ
وَيُسكِنَهُ الفِردوسَ قُربَ جِوارِهِ
وَفيهِ لَهُ بالدّرِّ تُبنى الجَواسِقُ
وَيَسقِيَ قَبراً ضَمَّهُ غَيثُ رَحمَةٍ
يُقَلِّبُ فيه وَهوَ في ذاك غارِقُ
مَدى الدّهرِ ما هَبَّت رِياحٌ لَواقِحٌ
وَما أمطَرَت غبّ البروقِ البَوارِقُ
كَذا ما اِبنُ فَتحِ اللَّهِ يَسأَلُ قائِلاً
لِمَ اِسوَدَّت الدّنيا وَلَم يكُ غاسِقُ
عبداللطيف فتح الله
الحمدان
08-12-2024, 03:19 PM
بِروحي مُحيّا الحِبِّ يَحوي عَجائبا
مِنَ الحُسنِ لا تَخفى على أَيّ رائي
فَقنديلُ بِلّورٍ عَلَتهُ نَضارَةٌ
لَهُ الحسنُ ضَوءٌ في كَمالِ بَهاءِ
لَهُ الوجناتُ الحُمرُ أَبهى فَتيلَةٍ
تُضيءُ بِلا رَيبٍ بِماءِ الحَياءِ
عبداللطيف فتح الله
الحمدان
08-12-2024, 03:20 PM
مَن ظَنَّ صَفوَ الدّهرِ أَضحى مُخطِئاً
وَأَخا الجَهالَةِ عادِمَ الأَنظارِ
لا تَرجُ صَفوَ الدّهرِ يا خِدْنَ الحِجَى
فَالدّهرُ مَطبوعٌ عَلى الأَكدارِ
عبداللطيف فتح الله
الحمدان
08-12-2024, 03:20 PM
بَدا البدرُ في الظَّلماءِ وَالحِبُّ زائِري
وَطَرفي وطرف الحِبِّ لَيسَ بِغامِضِ
فَقُلتُ لَهُ ما أَجهل البدرَ إِذ بَدا
فَهَلّا اِختَشى مِنك الخُسوف فَلا يُضي
فَقَابله في شَمسِ الجَبينِ وغرَّةٍ
أَضاءَت وَفي مِسكِ العِذارِ وَعارِضِ
عبداللطيف فتح الله
الحمدان
08-12-2024, 03:20 PM
أَتيتُ في كلِّ ذَنب
وُكلُّ ذَنبي عَظيمُ
وَعَفوَ ربّيَ أَرجو
فَهوَ العفوُّ الكريمُ
وَزادَني حُسنَ ظَنٍّ
كَلامُ رَبّي القديمُ
نَبِّئ عِبادِيَ أَنّي
أَنا الغَفورُ الرّحيمُ
عبداللطيف فتح الله
الحمدان
08-12-2024, 03:20 PM
قَدِمتَ عِليَّ المَجدِ في حُسنِ مَوكِبٍ
بِهِ تُضرَبُ الأَمثالُ بَينَ المَواكِبِ
فَكُنتَ كَبدرٍ سارَ بَينَ كَواكِبٍ
وَلا شَيءَ مِثل البَدرِ بَينَ الكَواكِبِ
وَلَيث عَرينٍ بَينَ أسد ضَياغِمٍ
أَضاقَ بِمَن عاداهُ رَحب المَذاهِبِ
رَكِبت عَلى طِرفٍ أَغَرَّ مُحَجَّلٍ
عَجيبٍ تَراهُ مِن غَريبِ العَجائِبِ
بِحُسنِ تَقاطيعٍ بِلَون مؤرقٍ
بِحُسنِ نَياشينٍ بِخيرِ مصاحبِ
يَعدو يَفوقُ الرّيحَ لَو أَنّه عَدا
مِنَ الشّرقِ حالاً قَد يرى في المَغارِبِ
تَطولُ الثّريّا فَوقَهُ لَو طَلبتها
وَفيهِ الثّريّا لَم تَفُت كَفَّ طالِبِ
يَقولُ مِثالي قَلَّ في الخَيلِ أَنْ يرى
كَما قَلّ في فُرسانِها مثلَ راكِبي
لَهُ السّعدُ خدّام لَهُ اليمنُ صاحِبٌ
لَهُ العِزُّ قَوّادٌ لأَسنى المَراتِبِ
قَدِمتَ على بَيروتِنا خَيرَ مَقدَمٍ
فَسارَت بِها الأَفراحُ مِن كلِّ جانِبِ
وَقامَت مِنَ الأَفراحِ تَرقُصُ بِالهَنا
تَقولُ هَنائي اليومَ قَد جاءَ غائِبي
وَإِذ غِبتَ قَد أَوحَشتها أَيَّ وَحشةٍ
يَكادُ بِها يَبدو حُلول الغَياهِبِ
وَلَو لَم يَكُ المصباحُ فيها لأَظلَمَت
ظَلام الدّياجي مِن جَميعِ الجَوانِبِ
وَلَكنَّه إِذ نابَ عَنكُم أَضاءَها
وَقَد كانَ عَن شَمسِ العُلى خَير نائبِ
فَأَبقاهُ ربّي اللَّه بِالعزِّ وَالعُلى
وَرَقّاهُ مَولانا لأَعلى المَناصِبِ
وَمَنّ عَلينا اللَّه في طولِ عُمركُم
وَنَوَّلكم بِالخيرِ كلَّ المَطالِبِ
بِمَجدٍ وَجاهٍ لَيسَ في الدّهرِ يَنتَهي
وَأَرغدِ عَيشٍ مِنهُ صَفوُ المَشارِبِ
مَدى الدَّهرِ ما قَد لاحَ بَرقٌ وَما سرَتْ
نَسيمٌ وَما قَد سَحَّ وَبلُ السّحائِبِ
عبداللطيف فتح الله
الحمدان
08-12-2024, 03:21 PM
إِنّي مَشوقٌ إِلى رُؤيا الحَبيبِ وَقَد
طالَ البِعادُ فَزَادَت فيهِ أَشجاني
أَوَدُّ لَوَ اِنَّهُ يَوماً يُقَطِّعُني
مِن نَحوِ وَجهي وَلَو ما كنتُ بِالجاني
مُصَغِّراً قِطَعِي في مِديَةٍ صَدِئت
كَليلَةِ الحدِّ لَم تَقطَع بِجُثمانِ
وَأَن يديرَ لِظَهري حينَ يَقطَعُهُ
وَجهي وَأَنّي أَراهُ مِنهُ بِالدّاني
وَأَن يَطول في تَقطيعِهِ زمناً
عَساهُ يَملَأ مِن رُؤياهُ أَجفاني
عبداللطيف فتح الله
الحمدان
08-12-2024, 03:21 PM
لَنا نُفوسٌ بِكَسبِ العِزِّ مولَعَةٌ
فَلَو سَلَتْه لَكنّا قَد أَسَلناها
وَلَيسَ لِلعِزِّ مَأوى غير مَنزِلنا
كَالشّمسِ غَير السّما ما كانَ مَأواها
عبداللطيف فتح الله
الحمدان
08-12-2024, 03:21 PM
المَجدُ أَوصَى بِأَنّي لا أَصونُ دَمي
لَكِن بِصَونيَ ماءَ الوَجهِ أَوصانا
ما كُنتُ مِمَّن يَصونُ النّفسَ مِن تَلَفٍ
بَل كنتُ مِمَّنْ لِماءِ الوَجهِ قَد صانا
عبداللطيف فتح الله
الحمدان
08-12-2024, 03:22 PM
وَلَقَد ذَكَرتكِ وَالصُّفوفُ تَلاحمَت
وَتَبَارَزَ الفُرسانُ لِلفُرسانِ
وَتَضَارَبوا بِالمُرهَفاتِ وَبِالقَنا
وَتَجَندَلَ الأَبطالُ في المَيدانِ
مَا جَولَةٌ أَو طعنَةٌ أَو ضَربَةٌ
إِلّا وَفيها قُلتُ يا لَفُلانِ
عبداللطيف فتح الله
الحمدان
08-12-2024, 03:22 PM
وَإِنّي غَنيّ النّفسِ أَرضَى بِفاقَةٍ
وَإِنّ الرّضا فيها مِنَ المَجدِ وَالعزِّ
كَنَزتُ لِعزِّ النّفسِ كُلَّ قَناعَةٍ
وَلَيسَت تُعَزُّ النّفس إِلّا بِذا الكنزِ
عبداللطيف فتح الله
الحمدان
08-12-2024, 03:22 PM
تَدوسُ شَديدَ الدّوسِ في التُّربِ واطِئاً
وَمِنكَ بِتيهِ العجبِ يَشمَخُ معطسُ
رُوَيدَك ما هَذي بِتربٍ وَإِنَّما
جِباهٌ وَأَجسادٌ وَعَينٌ وَأَرؤُسُ
عبداللطيف فتح الله
الحمدان
08-12-2024, 03:22 PM
تَذكَّرتُ ليلَى وَالمَدامِعُ تُسكَبُ
وَتِذكارُها لِلصبِّ يَحلو ويَعذبُ
أُجنُّ بِها إِنْ جَنّ لَيلٌ وكلّما
بَدا كَوكَبٌ أَو غابَ في الغَربِ كَوكبُ
وَتُلهِبُ أَحشائي المَذوبَة بِالجَوى
وَتَخفِقُ روحي وَالشّرايينُ تضربُ
فَأِنّي لِقلبي أَن يُبَلَّ غَليلُه
وَفيه لَظَى الأشواقِ بِالوَجْدِ تثقبُ
وَأَنّى يَصحُّ الجسمُ وَهوَ عَليلُها
وَأَين نَعيمُ القَلبِ وَهوَ يعذِّبُ
وَما هيَ إِلّا الشّمسُ لَو أَنّها بَدَت
لَكانَت شُموسُ الأُفقِ تَخفَى وتغرُبُ
وَكُلُّ جَميلٍ في الأَماسي هوَ اِسمُها
وَتَحوي مِن الأَوصافِ ما هوَ أَطيبُ
فَإِن شِئتَ قُل ليلى وَإِن شِئتَ عَبلةٌ
وَإِن شِئتَ قُل سعدَى وَإِن شِئتَ زينبُ
تَميلُ كَغُصنِ الرّوضِ والغُصنُ لَيّنٌ
وَتبسَمُ مثلَ الرّوضِ وَالرّوضُ مخصبُ
وَتَرنو بِطرْفٍ يَأسِر الأُسْدَ وَالمَها
وَما هوَ إِلّا ذو الفقارِ المجرّبُ
تُراسِل قَلبي في سِهامِ جُفونِها
وَتَرقُم بِالهِنديِّ فيهِ وَتكتبُ
وَمِن حَبَّةِ القَلبِ الكَئيبِ تَنَقَّشت
وَمن دَمِهِ القاني غَدَت تَتَخضّبُ
وَإِنْ أَخَذَت قَلبي وَإِنّي رقيقُها
فذاكَ لها ملكٌ ولم تكُ تغصبُ
وَإِنّ اِنشِعارَ القلبِ بِالهَجرِ وَالجَفا
وَضَبَّته وَصلٌ كَذاكَ تقرُّبُ
فَذاكَ إِناءٌ لِلمَحبَّةِ وَالهَوى
وَكُلُّ إِناءٍ لِاِنشعارٍ يُضبَّبُ
وَكُلُّ الّذي تَقضي مِنَ الصدِّ وَالجَفا
فَعِنديَ سَهلٌ وَالتباعدُ يَصعُبُ
تَصابيت حَمْلاً ثمّ طفلاً وأَشيباً
وحسنُ التصابي حيثما المرءُ أشيبُ
وَإِنّ التّصابي مِن ذَوي الشّيبِ لائِقٌ
وَما هوَ أَولى بِالشّبابِ وَأَنسبُ
فَيا أَيّها اللّاحي بِماذا تَخلُّصي
مِنَ العِشقِ بَل فيمَ التَخلُّص يُكسَبُ
وَقَد كنتُ عالَجتُ الفُؤادَ عَلى الهَوى
لِيَخلَعَهُ تَركاً يَليهِ التّجنُّبُ
فَحارَبتُهُ عاماً بِجَيشٍ عَرمرَمٍ
مِنَ العَزمِ وَالتَّصميمُ في الحَربِ يُرغَبُ
فَكانَ لَهُ التّأييد في كُلِّ مَوطِنٍ
وَكانَ لَهُ حقّاً عَليَّ التغلّبُ
فَأيُّ فَتىً يَبغي مُحارَبةَ الهوَى
وَإِنَّ الهَوى يَقوى عَلَيهِ ويُغلَبُ
وَكُلُّ فتىً يَخلو مِنَ العِشقِ وَالهَوى
فَذاكَ بَهيمٌ لَيسَ في النَّاسِ يُحسَبُ
وَإِنّي اِمرُؤٌ مِن حبَّ لَيلايَ منشأٌ
نَعيمي بِهِ لَو كنت فيهِ أعذَّبُ
كَتَمتُ هَواها والنُحولُ يُذيعُه
وَتَشهدُ عَيني حينَما الدّمعُ يسكبُ
وَقَد قيلَ لي أَظهِرْ هَواها وَبُح بِهِ
فَقُلتُ اِسكُتوا إِنّ العَذول يكذِّبُ
وَكُمَّلُ أَهلِ العِشقِ مَن كَتَموا الهوَى
وَقَد حَيَّروا العُذّالَ فيهِ وأَتعبوا
رَأَت مُقلَتي شامَت مِنَ الشَّمسِ نَظرةً
فَحالاً بَدت تَغتاظُ منّي وَتغضبُ
وَقَد سَربَلَتني في قُيودٍ مِنَ الجَفا
وَقالَت تَأَمَّلْ ما عَلَيكَ يرتّبُ
وَقَد أَرسلَتْ بي نَحوَ قاضٍ مفخّمٍ
لَهُ في عُلومِ العِشقِ وَالحبِّ مذهَبُ
فَقالَت لَهُ هَذا بِحبّيَ محصَنٌ
وَقَد شامَ غَيري فَهوَ زانٍ يعذَّبُ
فَأَثْبِتْ عَلَيهِ الرجمَ بِالصدِّ وَالجَفا
وَمِن بَعدِ ذا رَأيي عَلى الجذعِ يُصلَبُ
فَقالَ لَها سَمعاً لِما تَأمُرينَهُ
فَإِنْ شِئت ضَربَ السَّيفِ بِالسَّيفِ أَضربُ
فَجَرَّدَ سَيفاً يَخطِفُ الرُّوحَ لَمعُهُ
وَمِن حَدِّهِ الماضي أَرى الحَتفَ يقرُبُ
فَأَوقَعَهُ في الجِسمِ وَالروحِ وَالحَشا
وَقالَ عَلى هَذا يَحقُّ التغرُّبُ
فَغَرَّبَني مِن بَعدِ مَوتي وَقِتلَتي
وَقالَ الَّذي يَجني بِهذا يؤدَّبُ
تَعجَّبتُ مِنهُ كَيفَ في ذاكَ حدَّني
وَعاملَني كَالحرّ مِن حَيثُ يذنبُ
أَلَم يَدرِ أَنّي عَبدُها الحرُّ في الهَوى
وَلَيسَ بِذا حَدّي وَلَستُ أغرّبُ
وَلَكن بِشرعِ العِشقِ ما كانَ مُخطئاً
وَلا عَن طَريقِ الحقِّ فيهِ تجنبُ
فَذلِكَ في فَصلِ الحُكومَةِ عادلٌ
وَلَست لَهُ مِمّن يَلومُ ويعتبُ
فَيمناهُ لا شُلَّت ولا فُضَّ فوهُ بَل
وَلا عاشَ مَن يَجفوهُ جَهلاً ويثلِبُ
فَقُم يا نَديمي نَدخُلِ الرّوضَ وَالرُّبى
وَنَرتَعُ في ظلِّ الغَرامِ وَنَلعبُ
وَنشطحُ عِندَ الزّهرِ بِالوجدِ والهوَى
صَباحاً وَأَذيالَ الخَلاعَةِ نَسحَبُ
وَكَرِّرْ حَديثاً مِن هَواها فَإِنَّهُ
عَلى صَفحَةِ القَلبِ المُتيَّمِ يكتبُ
وَهاتِ كُؤوساً مِن لُجَينٍ وَعَسجَدٍ
تَكادُ بِأَبصارِ المُولَّهِ تَذهَبُ
وَصُبَّ بِها خَمراً وَإِيّاكَ مَزجُها
بِغَيرِ لَمى لَيلى لَعلِّي أَشربُ
وَهاتِ سَلاماً يُنعِشُ الروحَ نَفحُها
وَتجبي إِلَيها العقلَ مِنّا وَتجلبُ
وَسَمِّ عَلَيها بِاِسمِ لَيلَى وَذِكرِها
فَعِندَ اِسمِها طيبٌ لِخَمرك طيّبُ
وَمِن بَعدِ ذا فَاِسمَع أَخا الودّ وَالوفا
بَلاغَةَ ذي مَدحٍ يبين ويُعربُ
أُشنِّف بِالتمداحِ أَسماعَ سامعٍ
فَيبهجُه مَدحي سُروراً ويطربُ
وَإِنّيَ مُثنٍ حامِدٌ ثمَّ شاكِرٌ
مَزايا كَريمٍ مَدحُهُ ليَ مَذهَبُ
إِمامٌ بِمِحرابِ العلومِ مُقدَّمٌ
يَؤمُّ مُلوكَ الفضلِ حَيثُ تكتَّبوا
خَطيبٌ لَهُ ذَلَّت خُضوعاً مَصاقِعٌ
عَلى مِنبَرِ التبيانِ إِذْ قامَ يَخطبُ
بَليغٌ لَدَيهِ ذو البَلاغَةِ مفحَمٌ
وَيخرَس سَحبانٌ وقسٌّ ويعرُبُ
كَريمٌ عَلى حُسنِ المَكارِمِ يَنطَوي
شَريفٌ عَلى كَسبِ المَحامِدِ يدأبُ
هوَ الجَوهَرُ الفردُ المَصونُ عَنِ الّذي
يُماثلُه وهوَ الطّرازُ المذهَّبُ
هوَ العالِمُ النحريرُ ذو الفَضلِ والتّقى
هوَ الجَهبَذُ النّدْبُ الهُمامُ المهذّبُ
هوَ الأسَدُ المِقدامُ في كلِّ مُشكلٍ
هوَ السيّدُ الشَّهمُ اللَّطيفُ المؤدّبُ
هُوَ العالَم العلويّ يَرقى إِلى العُلا
وَفي مَركَزِ السفلي أَرى الغير يرسُبُ
لَهُ الرايةُ البيضاءُ في مَوكِبِ العُلى
على عَلَم التّفخيمِ لا شكّ تُنصبُ
لَهُ السَّعدُ بُرجٌ وَالمَعالي مَنازِلٌ
لَهُ العزُّ جاهٌ وَالمَهابَةُ منصبُ
لَهُ الشّرفُ الأَعلى لَهُ النَسبُ العُلى
لَهُ الحَسَبُ الأَغلى النقيُّ المرجِّبُ
لَهُ الحِلمُ طَبعٌ وَاللَّطافَةُ ديدنٌ
لَهُ الصّفحُ شَأنٌ وَالبشاشَةُ مشربُ
لَهُ الحِذْقُ وَصفٌ وَالبَراعةُ شيمَةٌ
لَهُ الفَضلُ قَصدٌ وَالمَعارِفُ مطلَبُ
تَرَدّى بِحُسنِ الخُلقِ مِن حَيثُ أَنّهُ
تَحَلّى بِحُسنِ الخَلْق مِن حَيثُ يعذبُ
سَقَى جِلَّقاً صَوبٌ بِغَيرِ مَضرَّةٍ
مِنَ المُزْنِ سَهلُ الوَقعِ كَالطلِّ صَيِّبُ
فَتِلكَ سَماءُ السعدِ قَد أَظهَرت لَنا
مِنَ المَجدِ بَدراً لَيسَ في الدَّهرِ يغرُبُ
وَتاهَت بِهِ عِزّاً عَلى كُلِّ بَلدَةٍ
وَحازَت بِهِ مَجداً لَهُ الفَخرُ يصحبُ
تَطاوَلت في مَدحي جَميلَ صِفاتِهِ
وَإِنّيَ في التمداحِ لا شَكّ أرزبُ
فَيا أَيّها المَولى الَّذي أَنا عَبدُهُ
وَمَنْ أَنا في نعمائِهِ أَتَقلّبُ
وَمَنْ شُكرُهُ أَضحى عَلَيَّ مُحتَّماً
وتمداحُهُ عِندي يُسَنُّ ويُنْدَبُ
وَحَمدي لَهُ فَرضٌ عليَّ مؤكَّدٌ
وَذِكري لَهُ وِردٌ عليَّ مرتَّبُ
يَتيمَةُ درٍّ لا سِواكَ لَها أبٌ
أَتَتكَ بِجَدٍّ إِذ غَدَت فيك ترغبُ
لَقَد بَرَزت شَمساً مِنَ الخِدر والخِبا
وَكانَ لَها في شَرقِ فِكري تحجبُ
وَإِنَّكَ إِذ أصدقتَها بِقَصيدةٍ
أَتَتكَ عَلى اِستِحيائِها لَكَ تخطَبُ
إِلَيكَ لَقَد زفَّت عَروساً جَميلةً
تَتيهُ عَلى الأَمثالِ فَخراً وتُعْجَبُ
وَرُبَّ عَذولٍ رامَ عَيباً يُشينُها
فَيذكره فيها اِفتراءً وَيَكذبُ
فَأَعرِضْ رَعاكَ اللَّهُ عَن لَحظِ عَيبِها
فَمِثلُكَ سَتّارٌ وَلَيسَ يُعيِّبُ
ودُمْ في سرورٍ بالهناءِ مع الصَفا
مَدَى الدّهرِ ما قد لاحَ أو غابَ كوكَبُ
وَحَيثُ اِبنُ فَتحِ اللَّهِ أَضحى بِشِعرِهِ
بِمَدحِكَ يا مَولايَ أرَّختُ يُغرِبُ
وَما قَد غَدا صبٌّ يَقولُ لِوَجدِهِ
تَذَكَّرت لَيلى وَالمَدامِعُ تُسكَبُ
عبداللطيف فتح الله
الحمدان
08-12-2024, 03:32 PM
سهرتُ والليلُ أمسى للورى سكنا
فمن يدلُّ على أجفاني الوسنا
أرعى كواكِبها حتى إذا أفلتْ
ألقيتُ للطيرِ في تحنانها الأذنا
واسألِ الحبَّ عن روحي وعن بدني
فلا أرى لي لا روحاً ولا بدنا
وما نظرتُ لأعضائي وقد بليتْ
إلا حسبتُ ثيابها فوقَها كفنا
يا من يعزُّ على نفسي تدلله
كم ذا أكابدُ فيكَ الذلَّ والوهنا
دروا بما بي ولولا الدمعُ كانَ دما
لما تظنوهُ إلا عارضاً هتنا
وربَّ ذي سفهٍ قد هبَّ يعذلُني
فقالَ أنتَ الفتى المضنى فقلتُ أنا
وهل أخافُ على سرِّ الهوى أحداً
وقدْ خلقتُ على الأسرارِ مؤتمنا
فدع غرامكَ يطويني وينشرني
ودعْ عذولي يطوي جنبهُ الضغنا
من كان مثلي لم يحفلْ بمثلهمُ
ومن أحبَّ استلانَ المركبَ الخشنا
كأنما الحسنُ أمسى فيكَ مجتمعاً
فأينما نظرتْ عيني رأتْ حسنا
وإن تكنْ للعاشقينَ فما
يزالُ أمرُ الهوى في ما بيننا فتنا
فاسأل محياكَ كم أخجلتَ من قمرٍ
وسل قوامكَ ذا المياسِ كم غصنا
وكم يبيعكَ أهلُ العشقِ أفئدةً
وأنتَ لا عوضاً تعطي ولا ثمنا
فيمَ اقتصاصكَ في قلبي تعذبني
وما جنيتُ ولا قلبي عليكَ جنى
أما كفاني ما ألقاهُ من زمني
حتى أغالبَ فيكَ الشوقَ والزمنا
إني وإياكَ كالمنفيِّ عن وطنٍ
أيُّ البلادِ رأى لم ينسهِ الوطنا
وما أطافَ بقلبي في الهوى أملٌ
إلا بعثتَ عليهِ الهمَّ والحزنا
ليهنكَ اليومَ أني ممسكٌ كبدي
وإنها قطعٌ تجري هنا وهنا
وفي الجوانحِ شيءٌ لستُ أعرفهُ
لكنْ أهل الهوى يدعونهُ شجنا
يبيبتُ ينبضُ قلبي من تقلبهِ
حتى إذا ذكروا من هاجهُ سكنا
فهلْ رثيتَ لمن لو بثَّ لوعتهُ
معَ الصباحِ لأبكى الطيرَ والفننا
وهل تعللنا يوماً بموعدةٍ
وإن تكن لا تفي سرّاً ولا علنا
أوأن نفسي على كفيكَ لانحدرتْ
ولو دفنتُ لما باليتَ من دُفنا
وذو الشقاوةِ مقرونٌ بشِقْوَتهِ
أنى تقلبَ جرتْ خلفهُ المحنا
الرافعي
الحمدان
08-12-2024, 04:18 PM
ورجوتُ عيني أن تكفّ دموعها
يوم الوداع نشدتها لا تدمعي
أغمضْتُها كي لا تفيض فأمطرتْ
أيقنتُ أني لست أملك أدمعي
......
الحمدان
08-12-2024, 05:05 PM
إن ضاقت الأرض كان الحب ياسعنا
مـعقولة أيـامنـا صارت مـن الماضـي
كل ما جلست بمكانٍ كان يجمعنا
يملاني الشوق من كرسيّه الفاضي
......
الحمدان
08-12-2024, 05:07 PM
يشبهني الليل في ثقلي وفي صمتي
وأشبه صباح الربيع بزحمة ألوانه
ㅤ
يامن سألني علامك مابعد نمتي
النوم فيني غريب وفاقدأوطانه
......
الحمدان
08-12-2024, 05:22 PM
يُهَندمني حديثكِ حدِّثيني
ولو كانَ الحديثُ بغير معنى
أحسُّ بهِ على أطرافِ قلبي
حَمَامَاتٍ وفي أذنيّ مغنى
يُطَوِّقُ صوتُكِ الذهبيُّ صمتي
كما لو أننا بالفعلِ كنّا
فتحتدُّ القصائدُ في عيوني
وتسقطُ دمعةُ الأشعار وزنا
أحبّكِ لا أحبّكِ لستُ أدري
وبينهما أموتُ أموتُ ظنّا
......
الحمدان
08-12-2024, 05:23 PM
وكأنّها لِبَهائها ولحُسنِها
خُلِقتْ مِن الياقوت والمَرجانِ
حارت حروفُ النور في وصفِ التي
أهوى وأَعجَزَ حُسنُها تِبْيَاني
......
الحمدان
08-12-2024, 07:32 PM
أقولُ وقد ذَمَّ الوزيرُ زمانَه
من الغيظِ ذَمَّ العاجِزِ المُتَحيِّرِ
تَذُمُّ زمانَ السّوء يا صدْرُ ظالِماً
ولولا زمانُ السّوء لم تَتَصدر
الأرجاني
الحمدان
08-12-2024, 07:32 PM
إلى ان تَؤوبَ الشَّمسُ لا يَغْرُبُ البَدْرُ
إذا كمُلَتْ فيه مع الأربَعِ العَشْرُ
فَنُبْ عن أبيكَ الدَّهْرَ ما غابَ شَخْصُه
فإنّك بَدْرٌ شَمسُه ذلك الصّدْر
ودُمْ لعيونِ الخَلْقِ عنه خليفةً
وقُلْ لحجابِ الغَرْبِ مَوْعِدُك الحَشر
وَجُدْ بنَدَى كفَّيكَ مَثْواهُ عامِداً
ففي السُّحبِ ما يُسقَى بأمطارِه البَحر
هو البَحرُ إلاّ أنّ أصدافَ جُودِه
مَدارِسُه والغُرُّ من أهلِها الدُّرّ
وذا العَبْدُ منهم دُرُّه غيرَ أنّه
له خاطِرٌ في ضمْنِه دُرَرٌ كُثر
بِكُم حازَها قِدْماً وفيكُم يَصوغُها
إذَنْ فهي النُّعمَى لكم وهي الشُّكر
بدائعُ لا المَعْنَى عَوانٌ أذالَه
سِوايَ ولا اللّفْظُ المَصوغُ له بِكر
فيا ماجداٍ أقطارُ ساحته حمىً
ويا جائداً أمطارُ راحته غُزر
ويا مَلِكاً أَعلامُ هِمّتِه عُلاً
ويا مَلِكاً أيّامُ دولتِه غُرّ
لِيَهْنِكَ ولْيَهْنِ الخليقةَ كُلَّها
تَجدُّدُ بُشرَى في الوجوه لها بِشر
مِن الآنَ حَلَّ المجدُ في مُستقَرِه
وألقَتْ عصاها عنده الهِمَمُ السَّفر
وأسمحتِ الأيّامُ بعدَ إبائها
ولانَتْ إلى الإنصافِ أعناقُها الصُّعر
وأضحَتْ من العدلِ البلادُ وقد هدَتْ
وأمستْ من الأمنِ العبادُ وقد قَرّوا
الأرجاني
الحمدان
08-12-2024, 07:33 PM
أيا غائبَ الشّخصِ عن ناظري
على أنّ نعمتَهُ حاضِرَهْ
إذا شئتُ نَزَّهتُ من دارِه
لِحاظيَ في جَنّةٍ ناضِره
ولكنّ عينيَ تشَتاقُ أن
تكونَ إلى رَبِّها ناظِره
الأرجاني
الحمدان
08-12-2024, 07:43 PM
يا خليل القلب قُـلي كيف اقـلّك
كيـف اقـلّك يا خليل القـلب قُلّي
قُـل لكلّي كيف كُـلّي حب كـلّك
كيف كُلّي حب كُـلّك قُـل لكلّي
كيف ضلّلته بضلّي قُـل لضلّك
قُل لضلّك كيف ضلّلته بضِلّي
قُل لعشقي كيف حلّك واستحلّك
كيف عشقك داخل الشريان حلّي
مـا نبـّض فـيني ورّيد إلا لأجـلك
مـا سكن روحك شـعور إلا لأجلي
هلّني في نبض نبضك ونت هلّك
نبض نبضي في محاريبك يصلّي
ليش مِـن دون الملأ مـا يوم ملّك
ليش عَـن كل الملأ مايل و ملّي
يا مخلـخل بالـتخلّـي قلب خِلك
قـلب خِـلّك ما تخلخل بالتخلّي
خلّـني يا خِـل خِلك ونت خَلّك
او تـخـلــيــنـا و لا خـــلّاك خِــلّي
يا خـليلي خَل خِـلّك في محلّك
ونت خَـلّك يا خلـيلي في محلّي
لو حـبـيب الـقـلـب عزّيتـه و ذلّك
هـو يـقـع تبـقـى مـعـه عَزي وذلّي
لو خـيـالك يا خليلي مِـستـغِـلّك
خَل خِلـخـالك على خالك يولّي
مـا تبقـى مِن عـسـاي إلا لعـلّك
كلـما شـحـت عـسـاك أجدب لعلّي
...................
الحمدان
08-12-2024, 09:42 PM
يقول الشافعي
وَعاشِر بِمَعروفٍ وَسامِح مَنِ اِعتَدى
وَدافِع وَلَكِن بِالَّتي هِيَ أَحسَنُ
ويقول البحتري
خَيرُ الخَليلَينِ مَن أَغضى لِصاحِبِهِ
وَلَو أَرادَ انتِصارًا مِنهُ لَانتَصَرا
و أنت مع من في قوليهما ؟!
الحمدان
08-12-2024, 10:05 PM
تواضع لرب العرش علّك تُرفع
لقد فاز عبد للمهيمن يخضع
وداو بذكر الله قلبك إنه
لأعلى دواء للقلوب وأنفع
وخذ من تقى الرحمن أمناً وعُدّةً
ليوم به غير التقى مروّع
وبالسنة المثلى فكن متمسكاً
فتلك طريق للسلامة مهيع
هي العروة الوثقى وحجة مقتد
نبُّت بها أسباب من هو مبدع
رأيت رسول الله أنصح مرشد
وأنجح ذي جاه كريم يشفع
وأصدق رؤيا المرء رؤياه إنها
لمن شبه الشيطان تُحمى وتمنع
فقبّلت فاه العذب تقبيل شيّق
وما كنت في تقبيل ممشاه أطمع
وقلت له هذا الفم الصادق الذي
بوحي آله العرش كان يمتّع
فبشّرني خير الأنام بميتتي
على سنة بيضاء بالحق تشرع
فها أنا تصديقاً لبشراه ثابت
عليها بحمد الله لا أتتعتع
بمعتقد الثبت الإمام ابن حنبل
أدين فهو الناقل المتورع
لئن لم أتابع زهده وتقاءه
فإني له في صحة العقد اتبع
أمرّ أحاديث الصفات كما أتت
على رغم غمر يعتدى ويشنع
فلا يلج التعطيل قلبي ولا إلى
زخارف ذي التأويل ما عشت أرجع
أقرّ بأن الله جلّ ثناؤه
آله قديم قاهر مترفع
سميع بصير ما له في صفاته
شبيه يرى من فوق سبع ويسمع
وخُلق الطباق السبع والأرض واسعٌ
وكرسيّه منهن في الخلق أوسع
قضى خلقه ثم استوى فوق عرشه
ومن علمه لم يخل في الأرض موضع
ومن قال إن الله جلّ بذاته
بكل مكانٍ جاهلٌ متسرع
إليه الكلام الطيب الصدق صاعدٌ
وأعمال كل الخلق تُحصى وترفع
فما لم يشاه الله ليس بكائن
وما شاءه في خلقه ليس يدفع
يُضلُّ ويهدي والقضاء بأمره
مضى نافذاً فيما يضرّ وينفع
وللشر والخير المهيمن خالق
وإبليس من أن يخلق الشرّ أوضع
ولكنه للشر أخبثُ محدث
بوسواسه في موبق الإثم يُوقع
علا عن مُعين ربُنا ومظاهر
على الملك أو كفوا على الغيب يُطلع
لقد برأ الخلق ابتداء من الثرى
بلا مسعد فيما يسوّى ويصنع
وقال لهم ذرّاً ألست بربكم
فقال بلى منهم عصىً وطيع
وسوف يناديهم جميعاً إذا أتوا
حفاةً عراةً في المعاد فيسمعوا
ويسمع سكان السموات وحيه
فهم لسماع القول صرعى وخضّع
وكلم موسى والكلام حقيقة
بتوكيده بالمصدر الخصم يقطع
ومعتقدي أن القرآن كلامه
قديم كريم في المصاحف مودع
وقد سبق الوعد المصدّقُ أنه
إذا جاءت الأشراط منها سيرفع
وأودع حفظاً في الصدور وإنه
لبالعين مرئٌ وبالأذن يُسمع
بالسنة القراء يُتلى وإنه
بحرف وصوت ضلّ من يتنطع
هو السور الهادي إلى الحق نورها
وآيات صدق للمنيبين تنفع
به نزل الروح الأمين مصدقاً
على قلب عبد كان بالحق يصدع
وليس بمخلوق ومن قال عكس ما
ذكرتُ له في الناس بالكفر يقطع
ولا محدث قد جاء عن سيد الورى
حديث لمعناه أسوق وأوضع
لقد قرأ الرحمن طه جميعها
ويس أيضاً والملائك تسمع
ولم يخلق السبع الطباق ولا الثرى
وهذا دليل ما لهم عنه مدفع
وقولهم خلق فظيع وقول من
يشير إليه بالعبارة أفظع
ومن كان فيه واقفياً محيراً
فذلك واللفظي كل مبدّع
وفي كتب الله القديمة كلها
أقول بهذا القول لا أتفزّع
ومعتقدي أن الحروف قديمة
وإن حار في قولي غويٌّ متعتع
تبارك ربي ذو الجلال صفاته
تجلّ عن التأويل إن كنت تتبع
يداه هما مبسوطتان تعالياً
عن المثل يعطى من يشاء ويمنع
وألواح موسى خطّها بيمينه
مواعظ تشفى من ينيب ويخشع
وكلتا يديه جلّ عن مشبه له
يمين إلى خير البرية يرفع
وينزل في الأسحار في كل ليلة
كما جاء في الأخبار والناس هجّع
ينادي أولي الحاجات والتوب طالباً
فهل راهب أو راغب متضرع
ومن قال إثبات الصفات شناعة
فجرأته إذ عارض النصّ أشنع
وينظره الأبرار يوم معادهم
ويحجب عنه من إلى النار يوزع
كما ينظرون الشمس لا غيم دونها
لقد خاب محجوب هناك ممنّع
ولم يرفى الدنيا من الناس ربّه
بعينيه إلا الهاشمي المشّفع
محمد المخصوص بالرؤية التي
غدا الطور إجلالاً لها يتقطّع
وإن نعيم القبر ثم عذابه
لحق فمسرور به ومروّع
يخالف ضيقاً بين أضلع من طغى
ويفسح فيه للتقى ويوسع
ويسأل فيه الميت الملكان عن
هداه فمرحوم وآخر يُقمع
ويعرف من في القبر من زاره وإن
يُسلم على الأموات في القبر يسمعوا
ومن يقرأ القرآن للميت مهدياً
يصله وبالإطعام والبر يُنفع
وقد يسأل الأموات من مات بعدهم
عن الأهل من منهم مقيم ومقلع
وربي أحصى خلقهم ويميتهم
ويبعثهم بعد الممات ويجمع
وينفخ إسرافيل في الصور نفخةً
فكل من الأجداث للحشر مُهطع
وتدعى البرايا للحساب جميعهم
فلا ظلم والميزان للعدل يوضع
وذلك يوم فيه نور نبينا
برفع لواء الحمد يعلو ويسطع
ويظهر فيه جاهه بشفاعة
إليها لكرب الموقف الخلق يهرع
وينقذ في يوم القيامة من لظى
من الأمة العاصين إذ هو يشفع
وينصب فيه حوضه كاشف الصدى
وذلك حوض بالروا العذب مُترع
وإن له فيه مقاماً مقرباً
ومقعد صدق نوره يتشعشع
ويسبق كل العالمين مبادراً
لحلقة باب المنزل الرحب يقرع
فيدخل والشعث الخماص كأنما
وجوههم شمس الضحى حين تطلع
وينزله الله الوسيلة رتبةً
له ليس فيها للخلائق مطمع
وقد خلق الله الجنان معدة
لأربابها فيها ظلال ومرتع
وحور حسان ناعمات كواعب
بها كل أوّابٍ حفيظ ممتع
وقد خلق الله الجحيم لأهلها
لبأس أذاها عنهم ليس ينزع
لهم ظلل منها عليهم وتحتهم
لأمعائهم شرب الحميم يقطع
وبعد التقاضي يّبح الموت بينهم
فمستبشر زاض وآخر يجزع
وأعتقد الإيمان قولاً مسدداً
وأعمال صدق في الصحائف تودع
يزيد بفعل الخير من كل مؤمن
وينقص بالعصيان فهو ممزع
وإيماننا بضع وسبعون شعبةً
حديث صحيح النقل لا يتضعضع
وإني إذا ما قلت إني مؤمن
ولا شك عندي بالمشيئة اتبع
وليس كبير الذنب مخلد مؤمن
بنار بلى فيه النبي مشفع
ولست أرى رأي الخوارج بل إذا
رعى أمرنا والٍ أطيع وأسمع
وإن جهاد المسلمين عدوهم
لفرض وقرن الشمس في الغرب يطلع
وأمسح فوق الخفّ والمسحُ سنة
إلى مدة معلومة ثم اخلع
وللسحر تأثير ولا باس بالرقى
بأم الكتاب أو دعاء يرفع
ولست لميت المسلمين بشاهد
أيُسقى رحيقاً أم حميماً يُجرع
بلى أرتجي للمحسنين سلامة
وأخشى على من يعتدي أو يضيّع
ولا ريب عندي في ثبوت كرامة ال
ولي ولي ولواضحي على الماء يُسرع
وبالحمد لله افتتاح صلاتنا
لما صح من نقل المحقين اتبع
ولا أر في الفجر القنوت ولا أرى
عليّ إذا أذنتُ أني أرجّع
وإن مرّ في شعبان عشرون ليلة
وتسع وغُمّ البرج بالصوم أقطع
ومذهبنا الوسطى هي العصر فاستفد
مسائل خمساً من فروع تفرّع
ولست لمن فيها يخالف مانعاً
ولكن خلاف في الأصول ممنّع
وما شاع فيه من خلاف لمسلم
فإني لمن يُفتى به لا أبدّع
وأشهد أن الأنبياء جميعهم
ومعجزهم حقٌ وذلك يُقنع
وأن رسول الله أحمد خيرهم
وأفصحهم عند البلاغ وأبرع
على عرشه خطّ اسمه ولقد عفا
لآدم إذا أضحى به يتضرع
وكان صفي الله آدم طينة
وفيه لأقمار النبوة مطلع
وأودعت التوراة غرّ صفاته
فمن نعته الأحبار آمن تبع
وأودعت الرهبان سلمان وصفه
فكان إلى أخباره يتطلع
فأبصر برهان العلامات عنده
فأضحي بجلبات الهدى يتلفع
وقد كان حملاً والجباه منيرةٌ
به وسمت أنواره وهو مرضع
تنكّست الأصنام عند ولاده
كما نكّستها منه في الفتح إصبع
وشبّ شباباً للنواظر ناضراً
وفيه لسر المجد مرأىً ومسمع
لقد شرحت منه الملائك صدره
وكان له من أبرك العمر أربع
وكان ابن خمس والغمام تظله
وفي العشر نور الشرح في الصدر يلمع
وفي الخمس والعشرين سافر تاجراً
بمال رزان للمفاوز يقطع
رأه بحيرا والغمامة فوقه
ومسيرةٌ والحرّ للوجه يسفع
وأبصرت الكبرى فتاة خويلد
ومن فوقه ظلل الغمام مرفع
إلى أن أرته الأربعون أشدّه
فأضحى بسربال الهدى يتدرّع
ولما تحلّى بالنبوة وانتهى
إلى مستوٍ عنه الملائك توزع
أتى وعلى عطفيه أفخر حلة
وتاجٌ بدرّ المكرمات مرصّع
رأى ليلة المعراج أمراً محققاً
ومنكر هذا الأمر يخفى ويردع
وفيها قُبيل الرفع أكمل صدره
بشرح منير نشره متضوّع
به أظهر الله المهيمن دينه
فأصبح وجه الدين لا يتبرقع
وأحكامه في الأمر والنهي والشرى
وفي البيع تبقى والجبال تصدّع
ومعجزة القرآن ظلت لحسنه
وترتيله في نخلة الجن تخضع
وللقمر المنشق نصفين معجزٌ
عزيز على من رامه متمنع
ونادى فلبته بمكة دوحةٌ
تخد إليه الأرض خداً وتسرع
ولما دنا منه سراقةُ طالباً
على فرس كادت له الأرض تبلع
فعاذ به مستأمناً فأجاره
وأطلقها حتى غدت تتقلع
وحنّ إليه الجذع عند فراقه
كما حنّ مسلوب القرين مفجع
وخرّ له الناب المهدّدُ ساجداً
وأجفانه خوفاً من النحر تدمع
فأطلقه من أهله فبجاهه
نجا من اليم الذبح هذا الجلنقع
فكيف بنا إذ نحن عذنا بجاهه
من الحادث المغرى بنا فهو مرجع
وخرّ له ساني الأباعر ساجداً
وكان شروداً فانثنى وهو طيّع
وعاذت به ريمٌ فقّك إسارها
فمرت على الخشفين تحنو وتُرضع
ومدّ يديه والرّبى مقشعرّة
فما رام إلا والسحائب تهمع
فدام الحيا سبعاً فمدّ لكشفها
يداً غمرت جوداً فظلت تقشّع
ودرّت له في الجدب عجفاء حائلٌ
وبكل على نزل الفحول تمنع
وقد كان من مدّ من التمر أو من الش
عير بجوع الجحفل الجم يشبع
ومن لبن في القعب أشبع كل من
حوت صُفة الإسلام والقوم جوّع
وآض أبو هرٍ وقد كان آيساً
من الرّي وهو الشارب المتضلع
ولما اشتكوا يوم الحديبية الصدى
غدا الماء من بين الأصابع ينبع
وقد أصبح الماء الأجاج بريقه
يروي غليل الظامئين وينقع
وساحت به بئر ومقلة حيدر
شفاها فلم يرمد لها الدهر مدمع
وكلّمة الصم الصوامت مثلما
يكلمه بادي الفصاحة مصقع
وكان على شهر له الرعب ناصر
وريح الصبا للنصر هو جاء زعزع
وإن رُمت من أخلاقه ذكر بعضها
فتلك من المسك المعنبر أضوع
اتته مقالي الكنوز فردّها
وقال أجوع اليوم والغد أشنع
فصحّ له الزهد الصريح بقدرة
وعلم فمن ذا منه أغنى وأقنع
وفي الحلم ما جاز مسيئاً بفعله
ألم يعف عمن للسّمام تُجرع
وعن ساحر جزيان رام بكيده
أذاه فلم يجزه بما كان يصنع
فقال لقوم عند دركلة لهم
رؤوه ففروا آل أرفدة أرجعوا
ليعلم أعداء الهدى أن ديننا
هو الحق فيه الأمر سهل موسع
ويستنشد الأشعار مستحسناً لها
وقد كان من حسّان للمدح يسمع
ولابن أبي سُلمى أجاز وقد دعا
على المدح للعباس نعم المشرع
وكان له حسن التواضع شيمةً
حباه به الرحمن لا يتصنع
ففي بيته قد كان يخصف نعله
وكان إذا ما انهج الثوب يرقع
ويجلس فوق الأرض لا فرش تحته
ومطعمه أيضاً على الأرض يُوضع
دعاه يهوديٌّ أجاب دعاءه
وعن دعوة الملوك لا يتمنّع
وفي الجود فاسئل عن خباء يمينه
أئمة أهل النقل يا متتبع
ألم يهب الشاء الكثيرة عدادها
لعافٍ أتاه يعتريه ويقنع
أما فضّها سبعين ألفاً بمجلس
فلم يبق منها درهم يتوقع
وفي البأس فاسأل عنه يوم هوزان
أما انهزموا وهو الكمّى السميدع
وما التقت الأقران يوم كريهة
على الطعن إلا وهو أقوى وأشجع
لهم منه يوم السلم شرع وسنة
وفي الحرب نصر والأسنة تشرع
وأمته خير القرون وخيرهم
صحابته أزكى الأنام وأورع
وخيرهم الصدّيق إذ هو منهم
إلى السبق في الإسلام والبرّ أسرع
وفي ليلة الغار افتداه بنفسه
حذاراً عليه من أراقم تلسع
وقاه من الرقش العوادي برجله
فبات يعاني السم والطرف تدمع
واتحفه بالبكر عائشة التي
براءتها في سور النور تُسمع
وكان له صهراً وصلّى وراءه ال
نبي صلاة الصبح والصحب أجمع
وردّ فريق الردّة الزائغ الذي
لفرض زكاة المال أصبح يمنع
إلى أن أقام الدين بعد اعوجاجه
وأضحى حمى التقوى به وهو ممرع
رضينا به بعد النبي خليفة
على عقده كل الصحابة أجمعوا
ومن بعده الفاروق مظهر ديننا
بإسلامه والأمر خافٍ مبرقع
هو العدويّ العبقريّ المفهّم
المبصر والباب الحديد الممنع
خلافته صحت بعقد خليفة
على فضله حزب الصحابة مجمع
ورؤيا النبي المصطفى أنه على
قليب غزير الماء بالغرب ينزع
وتأويل هذا ما سمعت فتوحه
وعدل له بين الأنام موزع
له العلم والحكم السديد وصحة
التوكل وصف والتقى والتورّع
وعن زهده فاسأل خبيراً ألم يقم
خطيباً عليهم والأزار مرقّع
ومن بعده عثمان من كان في الدجى
يرتّل آيات الكتاب ويركع
يرتله في ركعة وهو الذي
له كان في رقّ المصاحف يجمع
وزوجه الهادي ابنتيه كرامةً
ولو كنّ عشراً لم يكن بعد يمنع
وأعطاه سهماً يوم بدر ولم يكن
وبايع عنه نائباً حين بُويعوا
وسبّل بئراً ماؤها ينقع الصدى
وجهّز جيشاً وهو بالعسر مدقع
وقمّصه الرحمن ثوب خلافة
بوعد النبي المصطفى ليس يخلع
ومن بعده الهادي علي بقوله
السديد إذا ما أشكل الأمر يقطع
إذا ذكر الراوون صحب محمد
يكون له فيهم خصائص أربع
إخاءٌ مع المختار وهو ابن عمه
وسبطاه والزهراء فضل منوّع
وأعطاه خير الناس أشرف رأية
وكان له بالفتح والنصر مرجع
ولو شاء أن يرقى السموات إذ له
على كتف الهادي البشير ترفع
أمام بطين في العوم وإنه
من الشك والشرك الخفي لأنزع
ومن بعدهم خير الصحابة ستة
لهم بالجنان المصطفى كان يقطع
فذكرك منهم طلحة الخير شائع
وقولك فيه طلحة الجود أشيع
ويعرف بالفياض إذ جود كفه
أعمّ من البحر الخضم وأنفع
فكم مائتي ألف على الناس فضّها
عليهم بها في الضائقات يوسّع
ويمناه شلت يوم أحد لدفعه
بها عن نبي الله لا يتزعزع
وإن الزبير الفاتك الشهم منهم
أشد رجال الحرب بأساً وأمنع
وفارس بدر وابن عمة سيد ال
ورى والجواد المنفق المتطوّع
حواريّه وهو الذي باختياره
لرأيته العلياء في الفتح يرفع
ومنهم أمير الحرب سعد بن مالك
وأفضل من رامٍ عن القوس ينزع
وثلث أرباب الهدى ودعاؤه
إليه من الله الإجابة تسرع
وكان له خالاً وأول من رمى
بسهم له في عصبة الشرك موقع
ومنهم سعيد خصّه سيد الورى
وآخّره عذر عن الغزو يمنع
بسهمٍ وأجرٍ يوم بدر وقد غدا
كمن هو في بدر كمتىٌ مدرّع
وإن ابن عوف منهم المنفق الذي
بأنفس مال لم يزل يتبرع
ومنهم أمين الأمة الثبت عامر
فيا لفتىً فيه غناء ومقنع
وأبطال بدر فضلهم غير منكر
بأفخر ثوب في الجهاد تدرّعوا
وفي بيعة الرضوان فضل لأهلها
وتفضيل أهل البيت ما ليس يُدفع
وأزواجه في جنة الخلد عنده
بهن مع الحور الحسان يمتع
وللفضل أيضاً في معاوية أعتقد
ردافته تفضيلها لا يضيع
هو الكاتب الوحي الحليم وأخته
مع المصطفى في جنة الخلد ترتع
وكل صحابي رآه ففضله
على غيره في نيله ليس يُطمع
ولا أبتغي التفتيش في ذكر ما جرى
لأصحابه خاب الغوى المشنع
فيا طالباً أرض الحجاز إذا انطوى
له أجرعٌ منها تعرّض أجرع
يحاول أسباب العلى في طلابه
فيوجف في البيد الركاب ويوضع
إذا بلغت سلعاً مطاياك غدوةً
ولاح لها من أرض طيبة مرتع
فذلك مأوى العلم والحلم والهدى
وفيه لمكنون الحقائق منبع
لأن به خير الأنام محمداً
له كل الفضائل تجمع
فقل يا رسول الله أنت نصيرنا
على فتن في وقتنا تتقرع
بك السنة المثلى عرفنا وأنكرت
قلوب عليها بالغباوة يطبع
بتسليمنا فيها وعينا وفرقة ال
هوى قلّدوا فيها العقول فلم يعوا
فسل ربك الرحمن أن لا يزيلنا
عن السنة المثلى وأنت مشفع
عليك سلام الله ما أعقب الدجى
صباح وما لاحت بوارق تلمع
الصرصري
الحمدان
08-12-2024, 10:13 PM
وفي صبح وقفت أمام مرآتي
وقد بانت على وجهي خساراتي
أرى شخصا على المرآة يكرهني
وما أقساه كره الذات للذاتِ
واسترجعت بعضا من الأيام ذاكرتي
لتأخذني إلى أقسى محطاتي
إلى حب قديم في مدينتنا
إلى وقت به اختلفت قناعاتي
فما فارقت قرب الناس من عبثٍ
ولا أقوى على ملئ الفراغاتِ
لكن جرحاً من الاحبابِ أقنعني
أن القريبين أولى بالخساراتِ
وما يعني خروج الروح إن خرجت
فهذا الموت لا يعني النهاياتِ
فكم عندي من الأحياء أعرفهم
ولكنـــي أعــاملـهم كأمواتِ
إن الحقيقة تبقى حب والدتي
وحب الناس في عيني خرافاتِ
أنا شخص أراد العيش منعزلاً
وإن طالت فتبقى عزلتي خجلا
فمن صدقي أنا في عينهم ثملاً
فلا تحكى على صحو حكاياتي
فإن أفنى فحسن الخلق في كفني
ويغنيني عن كل احتياجاتي
وإن أبقى فضعفي لم يكن علناً
ومعتمدا على ثقتي بمراتي
أنا أمضي بلا أثر على جسدي
فقد كانت باحساسي جراحاتي
أرى وجهي بنفس الصبح يشكرني
وما أسماه شكر الذات للذاتِ
......
الحمدان
08-12-2024, 10:16 PM
موقعي عندكَ لا أعلمُهُ
آهِ لَو تعلمُ عندي مَوقِعَكْ
نامتِ الأَعيُنُ إِلّا مُقلةً
تسكُبُ الدمعَ وترعى مضجَعَكْ
أحمد شوقي
الحمدان
08-13-2024, 12:00 AM
رُدُّوا عَلَيَّ الصِّبَا مِنْ عَصْرِيَ الْخَالِي
وَهَلْ يَعُودُ سَوَادُ اللّمَّةِ الْبَالِي
مَاضٍ مِنَ الْعَيْشِ مَا لاحَتْ مَخَايِلُهُ
فِي صَفْحَةِ الْفِكْرِ إِلا هَاجَ بَلْبَالِي
سَلَتْ قُلُوبٌ فَقَرَّتْ في مَضَاجِعِهَا
بَعْدَ الْحَنِينِ وَقَلْبِي لَيْسَ بِالسَّالِي
لَمْ يَدْرِ مَنْ بَاتَ مَسْرُوراً بِلَذَّتِهِ
أَنِّي بِنَارِ الأَسَى مِنْ هَجْرِهِ صَالِي
يَا غَاضِبينَ عَليْنَا هَلْ إِلَى عِدَةٍ
بِالْوَصْلِ يَوْمٌ أُنَاغِي فِيهِ إِقْبَالِي
غِبْتُمْ فَأَظْلَمَ يَوْمِي بَعْدَ فُرْقَتِكُمْ
وَسَاءَ صُنْعُ اللَّيَالِي بَعْدَ إِجْمَالِ
قَدْ كُنْتُ أَحْسَبُنِي مِنْكُمْ عَلَى ثِقَةٍ
حَتَّى مُنِيتُ بِمَا لَمْ يَجْرِ فِي بَالِي
لَمْ أَجْنِ فِي الْحُبِّ ذَنْبَاً أَسْتَحِقُّ بِهِ
عَتْبَاً وَلَكِنَّهَا تَحْرِيفُ أَقْوَالِ
وَمَنْ أَطَاعَ رُوَاةَ السُّوءِ نَفَّرَهُ
عَنِ الصَّدِيقِ سَمَاعُ الْقِيلِ وَالْقَالِ
أَدْهَى الْمَصَائِبِ غَدْرٌ قَبْلَهُ ثِقَةٌ
وَأَقْبَحُ الظُّلْمِ صَدٌّ بَعْدَ إِقْبَالِ
لا عَيْبَ فِيَّ سِوَى حُرِّيَّةٍ مَلَكَتْ
أَعِنَّتِي عَنْ قَبُولِ الذُّلِّ بِالْمَالِ
تَبِعْتُ خُطَّةَ آبَائِي فَسِرْتُ بِهَا
عَلَى وَتِيرَةِ آدَابٍ وَآسَالِ
فَمَا يَمُرُّ خَيَالُ الْغَدْرِ فِي خَلَدِي
وَلا تَلُوحُ سِمَاتُ الشَّرِّ فِي خَالِي
قَلْبِي سَلِيمٌ وَنَفْسِي حُرَّةٌ وَيَدِي
مَأْمُونَةٌ وَلِسَانِي غَيْرُ خَتَّالِ
لَكِنَّنِي فِي زَمَانٍ عِشْتُ مُغْتَرِبَاً
فِي أَهْلِهِ حِينَ قَلَّتْ فِيهِ أَمْثَالِي
بَلَوْتُ دَهْرِي فَمَا أَحْمَدْتُ سِيرَتَهُ
فِي سَابِقٍ مِنْ لَيَالِيهِ وَلا تَالِي
حَلَبْتُ شَطْرَيْهِ مِنْ يُسْرٍ وَمَعْسرَةٍ
وَذُقْتُ طَعْمَيْهِ مِنْ خِصْبٍ وَإِمْحَالِ
فَمَا أَسِفْتُ لِبُؤْسٍ بَعْدَ مَقْدرَةٍ
وَلا فَرِحْتُ بِوَفْرٍ بَعْدَ إِقْلالِ
عَفَافَةٌ نَزَّهَتْ نَفْسِي فَمَا عَلِقَتْ
بِلَوْثَةٍ مِنْ غُبَارِ الذَّمِّ أَذْيَالِي
فَالْيَوْمَ لا رَسَنِي طَوْعُ الْقِيَادِ وَلا
قَلْبِي إِلَى زَهْرَةِ الدُّنْيَا بِمَيَّالِ
لَمْ يَبْقَ لِي أَرَبٌ فِي الدَّهْرِ أَطْلُبُهُ
إِلا صَحَابَةُ حُرٍّ صَادِقِ الْخَالِ
وَأَيْنَ أُدْرِكُ مَا أَبْغِيهِ مِنْ وَطَرٍ
وَالصِّدْقُ فِي الدَّهْرِ أَعْيَا كُلَّ مُحْتَالِ
لا فِي سَرَنْدِيبَ لِي إِلْفٌ أُجَاذِبُهُ
فَضْلَ الْحَدِيثِ وَلا خِلٌّ فَيَرْعَى لِي
أَبِيتُ مُنْفَرِدَاً فِي رَأْسِ شَاهِقَةٍ
مِثْلَ الْقَطَامِيِّ فَوْقَ الْمِرْبَإِ الْعَالِي
إِذَا تَلَفَّتُّ لَمْ أُبْصِرْ سِوَى صُوَرٍ
فِي الذِّهْنِ يَرْسُمُهَا نَقَّاشُ آمَالِي
محمود البارودي
الحمدان
08-13-2024, 12:01 AM
رَدَّ الْصِّبَا بَعْدَ شَيْبِ اللِّمَّةِ الْغَزَلُ
وَرَاحَ بِالْجِدِّ مَا يَأْتِي بِهِ الْهَزَلُ
وَعَادَ مَا كَانَ مِنْ صَبْرٍ إِلَى جَزَعٍ
بَعْدَ الإِبَاءِ وَأَيَّامُ الْفَتَى دُوَلُ
فَلْيَصْرِفِ اللَّوْمَ عَنِّي مَنْ بَرِمْتُ بِهِ
فَلَيْسَ لِلْقَلْبِ فِي غَيْرِ الْهَوَى شُغُلُ
وَكَيْفَ أَمْلِكُ نَفْسِي بَعْدَ مَا ذَهَبَتْ
يَوْمَ الْفِرَاقِ شَعَاعاً إِثْرَ مَنْ رَحَلُوا
تَقَسَّمَتْنِي النَّوَى مِنْ بَعْدِهِمْ وَعَدَتْ
عَنْهُمْ عَوَادٍ فَلا كُتْبٌ وَلا رُسُلُ
فَالصَّبْرُ مُنْخَذِلٌ وَالدَّمْعُ مُنْهَمِلٌ
وَالعَقْلُ مُخْتَبِلٌ وَالْقَلْبُ مُشْتَغِلُ
أَرْتَاحُ إِنْ مَرَّ مِنْ تِلْقَائِهِمْ نَسَمٌ
تَسْرِي بِهِ فِي أَرِيجِ الْعَنْبَرِ الأُصُلُ
سَارُوا فَمَا اتَّخَذَتْ عَيْنِي بِهِمْ بَدَلاً
إِلا الْخَيَالَ وَحَسْبِي ذَلِكَ الْبَدَلُ
فَخَلِّ عَنْكَ مَلامِي يَا عَذُولُ فَقَدْ
سَرَّتْ فُؤَادِي عَلَى ضَعْفٍ بِهِ الْعِلَلُ
لا تَحْسَبَنَّ الْهَوَى سَهْلاً فَأَيْسَرُهُ
خَطْبٌ لَعَمْرُكَ لَوْ مَيَّزْتَهُ جَلَلُ
يَسْتَنْزِلُ الْمَلْكَ مِنْ أَعْلَى مَنَابِرِهِ
وَيَسْتَوِي عِنْدَهُ الرِّعْدِيدُ وَالْبَطَلُ
فَكَيْفَ أَدْرَأُ عَنْ نَفْسِي وَقَدْ عَلِمَتْ
أَنْ لَيْسَ لِي بِمُنَاوَاةِ الْهَوَى قِبَلُ
فَلَوْ قَدَرْتُ عَلَى شَيءٍ هَمَمْتُ بِهِ
فِي الْحُبِّ لَكِنْ قَضَاءٌ خَطَّهُ الأَزَلُ
وَلِلْمَحَبَّةِ قَبْلِي سُنَّةٌ سَلَفَتْ
فِي الذَّاهِبِينَ وَلِي فِيمَنْ مَضَى مَثَلُ
فَإِنْ تَكُنْ نَازَعَتْنِي النَّفْسُ بَاطِلَهَا
وَأَطْلَعَتْنِي عَلَى أَسْرَارِهَا الْكِلَلُ
فَقَدْ أَسِيرُ أَمَامَ الْقَوْمِ ضَاحِيَةً
وَالْجَوُّ بِالْبَاتِرَاتِ الْبِيضِ مُشْتَعِلُ
بِكُلِّ أَشْقَرَ قَدْ زَانَتْ قَوَائِمَهُ
حُجُولُهُ غَيْرَ يُمْنَى زَانَهَا الْعَطَلُ
كَأَنَّهُ خَاضَ نَهْرَ الصُّبْحِ فَانْتَبَذَتْ
يُمْنَاهُ وَانْبَثَّ فِي أَعْطَافِهِ الطَّفَلُ
زُرْقٌ حَوَافِرُهُ سُودٌ نَوَاظِرُهُ
خُضْرٌ جَحَافِلُهُ فِي خَلْقِهِ مَيَلُ
كَأَنَّ فِي حَلْقِهِ نَاقُوسَ رَاهِبَةٍ
بَاتَتْ تُحَرِّكُهُ أَوْ رَاعِدٌ زَجِلُ
يَمُرُّ بِالْوَحْشِ صَرْعَى فِي مَكَامِنِهَا
فَمَا تَبِينُ لَهُ شَدّاً فَتَنْخَذِلُ
يَرَى الإِشَارَةَ فِي وَحْيٍ فَيَفْهَمُهَا
وَيَسْمَعُ الزَّجْرَ مِنْ بُعْدٍ فَيَمْتَثِلُ
لا يَمْلِكُ النَّظْرَةَ الْعَجْلاءَ صَاحِبُهَا
حَتَّى تَمُرَّ بِعِطْفَيْهِ فَتُحْتَبَلُ
إِنْ مَرَّ بِالْقَوْمِ حَلُّوا عَقْدَ حَبْوَتِهِمْ
محمود البارودي
الحمدان
08-13-2024, 12:02 AM
عَمَّ الْحَيَا وَاسْتَنَّتِ الْجَدَاوِلُ
وَفَاضَتِ الْغُدْرَانُ وَالْمَنَاهِلُ
وَازَّيَّنَتْ بِنَوْرِهَا الْخَمَائِلُ
وَغَرَّدَتْ فِي أَيْكِهَا الْبَلابِلُ
وَشَمِلَ الْبِقَاعَ خَيْرٌ شَامِلُ
فَصَفْحَةُ الأَرْضِ نَبَاتٌ خَائِلُ
وَجَبْهَةُ الْجَوِّ غَمَامٌ حَافِلُ
وَبَيْنَ هَذَيْنِ نَسِيمٌ حَائِلُ
تَنْدَى بِهِ الأَسْحَارُ وَالأَصَائِلُ
كَأَنَّمَا النَّبَاتُ بَحْرٌ هَائِلُ
محمود البارودي
الحمدان
08-13-2024, 12:02 AM
لأَمْرٍ مَا تَحَيَّرَتِ الْعُقُولُ
فَهَلْ تَدْرِي الْخَلائِقُ مَا تَقُولُ
تَغِيبُ الشَّمْسُ ثُمَّ تَعُودُ فِينَا
وَتَذْوَى ثُمَّ تَخْضَرُّ الْبُقُولُ
طَبَائِعُ لا تُغبُّ مُرَدّدَاتٍ
كَمَا تَعْرَى وَتَشْتَمِلُ الْحُقُولُ
فَسِيَّانِ الْجَهُولُ إِذَا تَنَاهَتْ
بِهِ الأَيَّامُ وَالْفَطِنُ الْعَقُولُ
يَزُولُ الْخَلْقُ طَوْرَاً بَعْدَ طَوْرٍ
وَتَخْتَلِفُ الْحَقَائِقُ وَالنُّقُولُ
فَمَا جَرَتِ الظُّنُونُ عَلَى يَقِينٍ
تَفِيءُ بِهِ وَلا صَحَّ الْمَقُولُ
محمود البارودي
الحمدان
08-13-2024, 12:03 AM
لا تَرْكَنَنَّ إِلَى الزَّمَانِ فَرُبَّمَا
خَدَعَتْ مَخِيلَتُهُ الْفُؤَادَ الْغَافِلا
وَاصْبِرْ عَلَى مَا كَانَ مِنْهُ فَكُلَّمَا
ذَهَبَ الْغَدَاةَ أَتَى الْعَشِيَّةَ قَاِفلا
كَفَلَ الشَّقَاءَ لِمَنْ أَنَاخَ بِرَبْعِهِ
وَكَفَى ابْنَ آدَمَ بِالْمَصَائِبِ كَافِلا
يَمْشِي الضَّرَاءَ إِلَى النُّوُسِ وَتَارَةً
يَسْعَى لَهَا بَيْنَ الأَسِنَّةِ رَافِلا
لا يَرْهَبُ الضِّرْغَامَ بَيْنَ عَرِينِهِ
بَأْساً وَلا يَدَعُ الظِّبَاءَ مَطَافِلا
بَيْنَا تَرَى نَجْمَ السَّعَادَةِ طَالِعَاً
فَوْقَ الأَهِلَّةِ إِذْ تَرَاهُ آفِلا
فَإِذَا سَأَلْتَ الدَّهْرَ مَعْرِفَةً بِهِ
فَاسْأَلْ لِتَعْرِفَهُ النَّعَامَ الْجَافِلا
فَالدَّهْرُ كَالدُّولابِ يَخْفِضُ عَالِياً
مِنْ غَيْرِ مَا قَصْدٍ وَيَرْفَعُ سَافِلا
محمود البارودي
الحمدان
08-13-2024, 12:03 AM
لا تَحْسَبِ النَّاسَ فِي الدُّنْيَا عَلَى ثِقَةٍ
مِنْ أَمْرِهِمْ بَلْ عَلَى ظَنٍّ وَتَخْيِيلِ
حُبُّ الْحَيَاةِ وَبُغْضُ الْمَوْتِ أَوْرَثَهُمْ
جُبْنَ الطِّبَاعِ وَتَصْدِيقَ الأَبَاطِيلِ
محمود البارودي
الحمدان
08-13-2024, 12:04 AM
أَلا إِنَّ أَخْلاقَ الرِّجَالِ وَإِنْ نَمَتْ
فَأَرْبَعَةٌ مِنْهَا تَفُوقُ عَلَى الْكُلِّ
وَقَارٌ بِلا كِبْرٍ وَصَفْحٌ بِلا أَذَىً
وَجُودٌ بِلا مَنٍّ وَحِلْمٌ بِلا ذُلِّ
محمود البارودي
الحمدان
08-13-2024, 12:04 AM
تَسَابَقْ فِي الْمَكَارِمِ تَعْلُ قَدْرَاً
فَسَبْقُ النَّاسِ لِلْخَيْرَاتِ نَضْلُ
إِذَا ذَهَبَ الْكِرَامُ فَلا رَجَاءٌ
وَإِنْ ذَهَبَ الرَّجَاءُ فَلَيْسَ فَضْلُ
محمود البارودي
الحمدان
08-13-2024, 12:05 AM
إِذَا سَتَرَ الْفَقْرُ امْرَأً ذَا نَبَاهَةٍ
فَلا بُدَّ يَوْماً أَنْ يُشِيدَ بِهِ الْفَضْلُ
فَإِنَّ لَهِيبَ النَّارِ مَهْمَا كَفَأْتَهُ
إِلَى أَسْفَلٍ قَسْراً فَلا بُدَّ أَنْ يَعْلُو
محمود البارودي
الحمدان
08-13-2024, 12:05 AM
لَعَمْرُكَ مَا الإِنْسَانُ إِلَّا ابْنُ يَوْمِهِ
وَمَا الْعَيْشُ إِلَّا لُبْثَةٌ وَزِيَالُ
وَمَا الدَّهْرُ إِلَّا دَفْتَرٌ فِي خِلالِهِ
تَصَاوِيرُ لَمْ يُعْهَدْ لَهُنَّ مِثَالُ
فَفِي صَفْحَةٍ مِنْهُ زَمَانٌ قَدِ انْقَضَى
وَفِي وَجْهِ أُخْرَى دَوْلَةٌ وَرِجَالُ
محمود البارودي
الحمدان
08-13-2024, 12:05 AM
طَهِّرْ لِسَانَكَ مَا اسْتَطَعْتَ وَلا تَكُنْ
خِبّاً يُقَرِّبُ لِلنُّفُوسِ ضَلالَهَا
إِنَّ الْوَقِيعَةَ لا تَعُودُ بِخِزْيَةٍ
أَوْ سُبَّةٍ إِلَّا عَلَى مَنْ قَالَهَا
محمود البارودي
الحمدان
08-13-2024, 12:06 AM
لَيْسَ الصَّدِيقُ الَّذِي تَعْلُو مَنَاسِبُهُ
بَلِ الصَّدِيقُ الَّذِي تَزْكُو شَمَائِلُهُ
إِنْ رَابَكَ الدَّهْرُ لَمْ تَفْشَلْ عَزَائِمُهُ
أَوْ نَابَكَ الْهَمُّ لَمْ تَفْتُرْ وَسَائِلُهُ
يَرْعَاكَ فِي حَالَتَيْ بُعْدٍ وَمَقْرَبَةٍ
وَلا تُغِبُّكَ مِنْ خَيْرٍ فَوَاضِلُهُ
لا كَالَّذِي يَدَّعِي وُدّاً وَبَاطِنُهُ
بِجَمْرِ أَحْقَادِهِ تَغْلِي مَرَاجِلُهُ
يَذُمُّ فِعْلَ أَخِيهِ مُظْهِراً أَسَفاً
لِيُوهِمَ النَّاسَ أَنَّ الْحُزْنَ شَامِلُهُ
وَذَاكَ مِنْهُ عِدَاءٌ فِي مُجَامَلَةٍ
فَاحْذَرْهُ وَاعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ خَاذِلُهُ
محمود البارودي
الحمدان
08-13-2024, 12:23 AM
عُد للغياب فإنّ عيني لم تعُد
تلك التي تَبكيك حين تركتَها
فلكُلِّ قلبٍ في الحياة كرامةٌ
ولكلّ حبٍ لا يُراعى مُنتهى
ما عادت الذكرى تُكدّرُ خاطري
أكمِل غيابك فالحنينُ قد انتهى
......
الحمدان
08-13-2024, 12:52 PM
إذ أخرَسُ الإِنسَانِ أكمَلُ حَالَةً
مِن ذَا الجَمَادِ بأوضَحِ البُرهَانِ
فَجَحَدتَ أوصَافَ الكَمَالِ مَخَافَةً التَّ
جسِيمِ والتَّشبِيهِ بالإِنسانِ
ووقَعتَ فِي تَشبِيهِ بِالجَامِداتِ
الناقِصَاتِ وذَا مِنَ الخُذلاَنِ
اللهُ أَكبَرُ هُتِّكَت أستَارُكُم
حَتَّى غَدَوتُم ضُحكَةَ الصِّبيَانِ
أوَليسَ قَد قَامَ الدَّليلُ بأنَّ
أفعَالَ العِبادِ خَليقَةُ الرَّحمنِ
مِن ألفِ وَجهٍ أو قِرِيبِ الألفِ
يُحصِيهَا الذِي يُعنَي بهَذَا الشَّانِ
فيكُونُ كلُّ كَلاَمِ هَذَا الخَلقِ عَينَ
كَلاَمِهِ سُبحَانَ ذِي السُّلطَانِ
إذ كَانَ مَنسُوباً إليهِ كَلاَمُهُ
خَلقاً كبَيتِ اللهِ ذِي الأركَانِ
هَذَا ولاَزِمُ قَولِكُم قَد قَالَه
ذُو الإِتحادِ مُصَرِّحاً بِبَيَانِ
حَذَرَ التَّنَاقُضِ إذ تَنَاقَصتُم ط
وَلَكِن طَردُهُ فِي غَايَةِ الكُفرَانِ
فَلَئِن زَعَمتُم أنَّ تَخصِيصَ القُراتِ
كَبيتِهِ وكِلاَهُمَا خَلقَانِ
فَيُقَالُ ذَا التَّخصِيصُ لا يَنفِي العُمُومَ
ولا الخصوصَ كربِّ ذِي الأكوَانِ
ويُقَالُ رَبُّ العَرشِ أيضاً هَكَذَا
تَخصِيصُهُ لإِضَافَةِ القُرآنِ
لاَ يَمنَعُ التَّعمِيمَ فِي البَاقِي وذَا
فِي غَايَةِ الإِيضَاحِ والتِّبيَانِ
ولَقد أتَى الفُرقَانُ بَينَ الخَلقِ وال
الصَّريحِ وذَاكَ فِي الفُرقَانِ
وَكِلاَهُمَا عِندَ المُنَازِعِ وَاحِدٌ
والكُلُّ خَلقٌ مَا هُنَا شَيئَان
والعَطفُ عندَهُمُ كعَطفِ الفَردِ مِن
نَوعٍ عَلَيهِ وَذَاكَ فِي القُرآنِ
فَيُقَالُ هَذَا ذُنو امتناعٍ ظَاهِرٍ
فِي آيةٍ التَّفريقِ ذُو تَبيانِ
فالله بَعدَ الخَلقِ أخبَرَ أنهَا
قَد سُخِّرَت بالأمرِ للجَرَيَانِ
وأبَانَ عَن تَسخِيرِهَا سُبحَانَهُ
بالأمرِ بَعدَ الخَلقِ بالتِّبيَانِ
والأمرُ إمَّا مَصدَرٌ أو كَانَ مَف
عُولاً هُمَا فِي ذَاكَ مُستويَانِ
مَأمُورهُ هُوَ قَابِلٌ للأمرِ كال
مَصنُوعِ قَابِلُ صَنَعةِ الرَّحمَن
فإذا انتفَى الأمرُ انتفَى المأمُورُ كال
مَخلُوقِ يُنفَى لانتِفَا الحِدثَانِ
وانظُر إلى نَظمِ السِّياقِ تَجِد بِهِ
سِراًّ عَجِيباً وَاضِحَ البُرهَانِ
ذَكَرَ الخُصُوصَ وَبَعدَهُ مُتَقَدِّماً
والوصفَ والتعمِيمَ في ذَا الثَّانِي
فأتى بِنَوعَي خَلقِه وَبِأمرِهِ
فِعلاً وَوصفاً مُوجِزاً بِبَيَانِ
فَتَدَبَّرِ القُرآنَ إن رُمتَ الهُدَى
فَالعِلمُ تَحتَ تَدَبُّر القُرآنِ
وَالله أخبَرَ فِي الكِتَابِ بأنَّهُ
مِنه وَمجرورٌ بِمِن نَوعَانِ
عَينٌ وَوَصفٌ قَائمٌ بالعَينِ فَال
أعيَانُ خَلقُ الخَالِقِ الرَّحمَنِ
والوَصفُ بالمجرُورِ قَامَ لأنَّه
أولَى بِهِ فشي عُرفِ كُُلِّ لِسَانِ
وَنَظِيرُ ذَا أيضاً سَوَاءً مَا يضَافُ
إليهِ مِن صِفَةٍ وَمِن أعيَانِ
فَإضَافَةُ الأوصَافِ ثَابِتَةٌ لِمَن
قَامَت بِهِ كإرادَةِ الرَّحمنِ
وإضافَةُ الاعيَانِ ثَابِتَةٌ لَهُ
مُلكاً وخَلقاً مَا هُمَا سِيَّانِ
فانظُر إلَى بَيتِ الإِلهِ وعِلمِهِ
لَمَّا أُضِيفَا كَيفَ يَفتَرِقَانِ
وَكَلاَمُهُ كَحَيَاتِهِ وكَعِلمِهِ
فِي هذي الإِضافَةِ إذ هُمَا وَصفَانِ
لَكِنَّ نَاقَتَهُ وَبَيتَ إلهِنَا
فكعَبدِهِ أيضاً هُمَا ذَاتَانِ
فَانظُر إِلَى الجَهمِيِّ لَمَّا فَاتَهُ ال
حَقُّ المُبِينُ وَوَاضِحُ الفُرقَانِ
كَانَ الجَمِيعُ لدَيه بَاباً واحِداً
والصُّبحُ لاَحَ لِمَن لَهُ عَينَانِ
وأتَى ابنُ حزمٍ بَعدَ ذَاكَ فَقَالَ مَا
لِلنَّاسِ قُرآنٌ وَلاَ إثنَانِ
بَل أربَعٌ كًلٌّ يُسمَّى بِالقُرآنِ
وذَاكَ قَولٌ بَيِّنُ البُطلاَنِ
هَذَا الذِي يُتلَى وآخرُ ثَابِتٌ
فِي الرَّسمِ يُدعَى المُصحَفَ العُثمَانِي
والثَّالِثُ المحفوظُ بَينَ صُدُورنَا
هَذِي الثَّلاَثُ خَلِيقَةُ الرَّحمَنِ
والرَّابِعُ المعنَى القَدِيمُ كعِلمِهِ
كُلٌّ يُعَبَّرُ عَنهُ بِالقُرآنِ
وأظنُّهُ قَد رَامَ شَيئاً لَم يَجِد
عَنهُ عِبَارَةَ نَاطِقٍ بِبَيَانِ
إنَّ المُعَيَّنَ ذُو مَرَاتِبَ أربَعٍ
عُقِلت فَلاَ تَخفَى عَلَى إنسَانِ
فِي العينِ ثمَّ الذِّهنِ ثُمَّ اللَّفظِ
ثُمَّ الرَّسمِ حِينَ تَخُطُّهُ بِبَنَانِ
وَعَلَى الجمِيعِ الإِسمُ يُطلَقُ لَكِنِ
الأولَى بِهِ الموجُودُ فِي الأعيَانِ
بِخِلاَفِ قَولِ ابنِ الخَطِيبِ فَإنَّهُ
قَد قَالَ إنَّ الوَضعَ لِلأذهَانِ
فَالشَّيءُ شَيءٌ وَاحِدٌ لاَ أربَعٌ
فَدَهَى ابنَ حَزمٍ قِلَّةُ العِرفَانِ
والله أخبَرَ أنَّهُ سُبحَانَهُ
مُتَكَلِّمٌ بِالوَحيِ والفُرقَانِ
وَكَذاكَ أخبَرَنَا بِأنَّ كَلاَمَهُ
بِصُدُورِ أهلِ العِلمِ والإِيمَانِ
وكذَاكَ أخبَرَ أنهُ المكتُوبُ فِي
صُحُفٍ مُطَهَّرَةٍ مِنَ الرَّحمنِ
وكَذَاكَ أخبَرَ أنهُ المتلُوُّ وال
مَقروءُ عِندَ تِلاَوةِ الإِنسَان
والكُلُّ شَيءٌ وَاحِدٌ لاَ أنَّهُ
هُوَ أربَعٌ وَثَلاَثَةٌ واثنَانِ
وَتِلاَوَةُ القُرآنِ أفعَالٌ لَنَا
وَكَذَا الكِتَابَةُ فَهيَ خَطُّ بَنَانِد
لَكِنَّمَا المتلُوُّ والمكتُوبُ وال
مَحفُوظُ قَولُ الواحِدِ الرَّحمنِ
والعبدُ يقرَؤهُ بصَوتٍ طَيِّبٍ
وَبِضِدِّهِ فَهُمَا لَهُ خَطَّانِ
أصوَاتُنَا وَمِدَادُنَا وأدَاتُنا
والرَّقُّ ثُمَّ كِتَابَةُ القُرآنِ
ولَقَد أتَى فِي نَظمِهِ مَن قَالَ قَولَ
الحَقِّ فيه وَهوَ غَيرَ جَبَانِ
إنَّ الذِي هُوَ فِي المَصَاحِفِ مُثبَتٌ
بأنَامِلِ الأشيَاخِ والشُّبَّانِ
هُوَ قَولُ رَبِّي آيُهُ وحُرُوفُهُ
وَمِدَادُنَا والرَّقُّ مَخلُوقَانِ
فَشَفَى وَفَرَّقَ بَينَ مَتلُوٍّ وَمَص
نُوعٍ وَذَاك حَقِيقَةُ العِرفَانِ
الكُلُّ مَخلُوقٌ وَلَيسَ كَلاَمَهُ
المَتلُؤُّ مَخلُوقاً هُمَا شَيئَانِ
فعلَيكَ بالتَّفصِيلِ والتَّمييزِ فال
إطلاقُ والإِجمَالُ دُونَ بَيَانِ
قَد أفسَدَا هَذَا الوُجُودَ وَخَبَّطَا
الأذهَانَ والآراءَ كُلَّ زَمَانِ
وَتِلاَوَةُ القُرآن فِي تَعرِيفِهَا
باللِّمِ قَد يُعنَى بِهَا شَيئَانِ
يُعنَى بِهَا المتلُوُّ فَهُو كَلاَمُهُ
هُوض غَيرُ مَخلُوقٍ كذِي الأكوَانِ
وَيُرادُ أفعَالُ العِبَادِ كصَوتِهِم
وأدَائِهِم وكِلاَهُمَا خَلقَانِ
هَذَا الذِي نَصَّت عَلَيهِ أئمَّةُ الإسلاَمِ
أهلُ العِلمِ والعِرفَانِ
وَهُوَ الذِي قَصَد البُخَارِيُّ الرِّضَى
لَكِن تَقَاصَرَ قَاصِرُ الأذهَانِ
عَن فَهمِهِ كَتَقَاصُرِ الأفهَامِ عَن
قَولِ الإِمَامِ الأعظَمِ الشَّيبَانِي
في اللَّفظِ لَمَّا أن نَفَى الضِّدَّينِ عَنهُ
واهتَدَى للنَّفيِ ذُو عِرفَانِ
فاللَّفظُ يًَصلُحُ مَصدَراً هُوَ فِعلُنَا
كَتَلَفُّظٍ بِتِلاَوَةِ القُرآنِ
وَكَذَاكَ يَصلُحُ نَفسَ مَلفوظٍ بِهِ
وَهُوَ القُرآنُ فَذَانِ مُحتَمِلاَنِ
فَلِذَاكَ أنكَرَ أحمَدُ الإِطلاَقَ فِي
نَفيٍ وإثبَاتٍ بِلاَ فُرقَانِ
وأتَى ابنُ سِينَا القُرمطِيُّ مُصَانِعاً
للمُسلِمِينَ بإفكِ ذِي بُهتَانِ
فَرَآهُ فَيضاً فَاضَ مِن عَقلٍ هُوَ
الفَعَّالُ عِلَّةُ هَذِهِ الأكوَانِ
حَتَّى تَلَقَّاهُ زَكِيٌّ فَاضِلٌ
حَسَنُ التَّخيُلِ جَيِّدُ التِّبيَانِ
فأتَى بِهِ للعَالَمِينَ خَطَابَةً
وَمَوَاعِظاً عَرِيَت عَنِ البُرهَانِ
مَا صَرَّحَت أخبَارُهُ بالحَقِّ بَل
رَمزَت إلَيهِ إشَارَةً لِمَعَانِ
وخِطَابُ هَذَا الخَلقِ والجُمهُورِ
بالحَقِّ الصَّريحِ فَغَيرُ ذِي إمَكانِ
لاَ يَقبَلُونَ حَقَائِقَ المعُقُولِ إلاَّ
فِي مِثَالِ الحِسِّ والأعيَانِ
وَمَشَارِبُ العُقَلاَءِ لاَ يَرِدُونَهَا
إلاَّ إذَا وُضِعَت لَهُم بأوَانِ
مِن جِنسِ مَا ألِفَت طِبَاعُهُمُ مِنَ
المَحسُوسِ فِي ذَا العَالَمِ الجُثمَانِ
فأتَوا بِتَشبِيهٍ وتَمثِيلٍ وتَج
سِيمٍ وتخييلٍ إلَى الأذهَانِ
ولِذَاكَ يَحرُمُ عِندَهُم تأوِيلُهُ
لَكِنَّهُ حِلٌّ لِذِي العِرفَانِ
فَإِذَا تَأوَّلنَاهُ كَانَ جِنَايَةً
مِنَّا وَخَرقَ سِيَاجِ ذَا البُستَانِ
لَكِن حَقِيقَةُ قَولِهِ أن قَد أتَوا
بِالكِذبِ عِندَ مَصَالِحِ الإِنسانِ
وَالفَيلَسُوفُ وَذَا الرَّسُولُ لَدَيهِمُ
مُتَفَاوِتَانِ وَمَا هُمَا عِدلاَنِ
أمَّا الرَّسُولُ فَفَيلَسُوفُ عَوَامِّهِم
وَالفَيلَسُوفُ نَبِيُّ ذِي البُرهَانِ
والحَقُّ عِندَهُم فَفِيمَا قَالَهُ
أتبَاعُ صَاحِبِ مَنطِقِ اليُونَانِ
وَمَضَى عَلَى هَذِي المَقَالَةِ أمَّةٌ
خَلفَ ابنِ سينَا فاغتَذُوا بِلِبَانِ
مِنهُم نَصِيرُ الكُفرِ فِي أصحَابِهِ
النَّاصِرينَ لِملَّةِ الشَّيطَانِ
فاسأل بِهِم ذَا خِبرَةٍ تَلقَاهُمُ
أعدَاءَ كُلِّ مُوَحِّدٍ رَبَّانِي
واسأل بِهِم ذَا خِبرَةٍ تَلقَاهُم
أعدَاء رُسلِ الله والقُرآنِ
صُوفِيُّهُم عَبَد الوُجُودَ المطلَقَ
المَعدُومَ عِندَ العَقلِ فِي الأعيَانِ
أو مُلحِدٌ بِالإتحَادِ يَدِينُ لاَ التَّوحِيدِ
مُنسَلخٌ مِنَ الأديَانِ
مَعبُودُهُ مَوطُوءُهُ فِيهِ يَرَى
وَصفَ الجَمَالِ وَمَظهَرَ الإحسَانِ
الله أكبَرُ كَم عَلى ذَا المذهَبِ
المَلعُونِ بَينَ النَّاسِ مِن شِيخَانِ
يَبغُونَ مِنهُم دَعوَةً ويقَبِّلُونَ
أيَادِياً مِنهُم رَجَا الغُفرَانِ
وَلَو أنَّهُم عَرَفُوا حقِيقَةَ أمرِهِم
رَجَمُوهُمُ لاَ شَكَّ بالصَّوَّانِ
فابذُر لَهُم إن كُنتَ تَبغِي كَشفَهُم
وَافرِش عَلَيهِم كَفًّا مِنَ الأتبَانِ
وَاظهَر بمَظهَرِ قَابِلٍ مِنهُم ولاَ
تَظهَر بِمَظهَرِ صَاحِبِ النُّكرَانِ
وَانظُر إِلَى أنهَأرِ كًفرٍ فُجِّرَت
وَتَهِمُّ لَولا السَّيفُ بِالجَرَيَانِ
وَأتَت طَوَائِفُ الاتِّحادِ بِمِلَّةٍ
طَمَّت عَلَى مَا قَالَ كُلُّ لِسَانِ
قَالُوا كَلاَمُ الله كُلُّهَذا
خَلقِ مِن جِنٍّ وَمِن إنسَانِ
نَظَماً وَنَثراً زُورُهُ وَصَحِيحُهُ
صِدقاً وَكِذباً وَاضِحَ البُطلاَنِ
فالسَّبُّ والشَّتمُ القَبِيحُ وَقَذفُهُم
لِلمُحصَنَاتِ وَكُلٌّ نَوعِ أغَانِ
وَالنَّوحُ والتَّعزِيمُ والسِّحرُ المُبِينُ
وَسَائِرُ البُهتَانِ والهَذَيَانِ
هُوَ عَينُ قَولِ الله جَلَّ جَلاَلُهُ
وَكَلاَمُهُ حَقًّا بلاَ نُكرَانِ
هَذَا الذِي أدَّى إليهِ أصلُهُم
وَعَلَيهِ قَامَ مُكَسَّحُ البُنيَانِ
إذ أصلُهُم أنَّ الإِلهَ حَقِيقَةً
عَينُ الوُجُودِ وَعَينُ ذِي الأكوَانِ
فَكَلاَمُهَا وَصِفَاتُهَا هُوَ قَولُهُ
وَصِفَاتُهُ مَا هَا هُنَا قَولاَنِ
وَكَذَاكَ قُالُوا إنَّهُ الموصُوفُ بالضِّدَّينِ
مِن قُبحٍ وَمِن إحسَانِ
وَكَذَاكَ قَد وَصفُوهُ ايضاً بالكَمَالِ
وَضِدِّهِ مِن سَائِرِ النُّقصَانِ
هَذِي مَقَالاَتُ الطَّوَائِفِ كُلِّهَا
حُمِلَت إليكَ رَخِيصَةَ الأثمَانِ
وأظُنُّ لَو فَتَّشتَ كُتبَ النَّاسِ مَا
ألفَيتَهَا أبداً بِذَا التِّبيَانِ
زُفَّت إِلَيكَ فإن يَكُن لَكَ نَاظِرٌ
أبصَرتَ ذَات الحُسنِ والإِحسَانِ
فَاعطِف عَلَى الجَهمِيَّةِ المغلِ الألى
خَرَقُوا سِيَاجَ العَقلِ والقُرآنِ
شَرِّد بِهِم مَن خَلفَهُم واكسِرهُمُ
بَل نَادِ فِي نَادِيهُمُ بأذَانِ
أفسَدتُمُ المنقُولَ وَالمعقُولَ وال
مَسمُوعَ مِن لُغَةٍ بِكُلِّ لِسَانِ
أيَصِحُّ وَصفُ الشَّيءِ بالمشتَقِّ
للمَسلُوبِ مَعنَاهُ لِذِي الأذهَانِ
أيَصِحُّ صَبَّارٌ وَلاَ صَبرٌ لَهُ
وَيَصِحُّ شَكَّارٌ بلاَ شُكرَانِ
وَيَصِحُّ عَلاَّمٌ وَلاَ عِلمٌ لَهُ
وَيَصَحُّ غَفَّارٌ بِلا غُفرانِ
وَيُقَالُ هَذَا سَامِعٌ أو مُبصِرٌ
وَالسَّمعُ والإِبصَارُ مَفقُودَانِ
هَذا مُحالٌ في العقول وفي النُّقولِ
وَفِي اللُّغَاتِ وَغيرُ ذِي إمكَانِ
فَلَئِن زَعَمتُم أنَّهُ مُتَكَلِمٌ
لَكِن بِقُولٍ قَامَ بِالإنسَانِ
أو غَيرِه فَيُقالُ هَذَا باطِلٌ
وَعَلَيكُمُ فِي ذَاكَ مَحذُورَانِ
نَفيُ اشتِقَاقِ اللَّفظِ للموجُودِ
مَعنَاهُ بِهِ وَثُبُوتُهُ للثَّانِي
أعنِي الَّذِي مَا قَامَ مَعنَاهُ بِهِ
قَلبُ الحَقَائِقِ أقبَحُ البُهتَانِ
وَنَظِيرُ ذَا أخَوَانِ هَذَا مُبصِرٌ
وَأخُوهُ مَعدَودٌ مِنَ العُميَانِ
سَمَّيتُمُ الأعمَى بَصِيراً إذ أخُوهُ
مُبصِرٌ وَبِعكسِهِ فِي الثَّانِي
فَلَئِن زَعَمتُم أنَّ ذَلِكَ ثَابِتٌ
فِي فِعلِهِ كَالخَلقِ لِلأكوَانِ
وَالفِعلُ لَيسَ بِقَائِمٍ بِإِلهِنَا
إذ لاَ يَكُونُ مَحَلُ ذِي حِدثَانِ
وَيَصِحُ أن يَشتَقُ مِنهُ خَالِقٌ
فَكَذَلِكض المُتَكَلِّمُ الوَحدَانِ
هُوَ فَاعِلٌ لِكَلاَمِهِ وَكِتَابِهِ
لَيسَ الكَلاَمُ لَهُ بِوَصفِ مَعَانِ
وَمُخَالِفُ المَعقُولِ وَالمَنقُولِ
وَالفِطرَاتِ وَا والمَسمُوعِ لِلإِنسَانِ
مَن قَالَ إنَّ كَلاَمَهُ سُبحَانَهُ
وَصفٌ قَديمٌ أحرُفٌ ومَعَانِ
وَالسِّينُ عَد البَاءِ لَيسَت بَعدَهَا
لَكِن هُمَا حَرفَانِ مُقتَرِنَانِ
أو قَالَ إنَّ كَلاَمَهُ سُبحَانَهُ
مَعنَى قَدِيمٌ قَامَ بِالرَّحمَنِ
مَا إن لَهُ كُل ولاَ بَعضُ وَلاَ
العَرَبِيُّ
حَقِيقَتُهُ وَلاَ العِبرَانِي
وَالأمرُ عَينُ النَّهيِ وَاستِفهَامُهُ
هُوَ عَينُ إخبَارٍ بِلاَ فُرقَانِ
وَكَلاَمَهُ كَحَيَاتِهِ مَا ذَاكَ مَق
دُوراً لَهُ بَل لاَزِم الرَّحمَنِ
هذََا الذِي قَد خَالَفَ المَعقُولَ وَال
مَنقُولِ والفِطرَاتِ للإِنسَانِ
أمَّا الذِي قَد قَالَ إنَّ كَلاَمَهُ
ذُو أحرُفٍ قَد رُتِبَت بَبيَانِ
وَكَلاَمَهُ بِمَشِِيئَةٍ وَإِرَادَةٍ
كَالفِعلِ مِنهُ كِلاَهُمَا سِيَّانِ
فَهوَ الذِي قَد قَالَ قَولاً يَعلَمُ ال
عُقَلاَءُ صِحَّتَهُ بِلاَ نُكرَانِ
فَلاَيِّ شَيءٍ كَانَ مَا قَد قُلتُم
أولَى وأَقرَبَ مِنهُ لِلبُرهَانِ
ابن قيم الجوزيه
الحمدان
08-13-2024, 12:53 PM
وَهُمُ فَقَالُوا لَم يَقُم باللهِ لاَ
فِعلٌ وَلاَ قَولٌ فَتَعطِيلاَنِ
لفِعَالِهِ وَمَقَالِهِ شَرٌّ وأب
طَلُ مِن حُلُولِ حَوَادِثِ بِبَيانِ
تَعطِيلُهُ عَن فِعلِهِ وَكَلاَمِهِ
شَرٌّ مِنَ التشنِيعِ بِالهَذَيَانِ
هَذِي مَقَالاتُ ابنِ كرَّامٍ وَمَا
رَدُّوا عَلَيهِ قَطُّ بالبرهَانِ
أنَّى وَمَا قَد قَالَ أقرَبُ مِنهُمُ
لِلعَقلِ وَالآثَارِ والقُرآنِ
لَكِنَّهُم جَاؤُوا لَهُُ بِجَعَاجِعٍ
وَفَرَاقِعٍ وَقَعَاقِعٍ بِشِنَانِ
وَالآخَرُونَ أولُوا الحَدِيثِ كأحمَدٍ
ومُحَمَّدٍ وأئمةِ الإِيمَانِ
قَالُوا بِأنَّ اللهَ حَقًّا لَم يَزَل
مُتَكَلِّماً بِمَشِيئَةٍ وَبَيَانِ
إنَّ الكَلاَمَ هُوَ الكَمَالُ فَكَيفَ يَخ
لُو عَنهُ فِي أزلٍ بِلاَ إمكَانِ
وَيَصِيرُ فِيمَا لَم يَزَل مُتَكَلِّماً
مَاذَا اقتَضَاهُ لَهُ مِنَ الإِمكَانِ
وَتَعَاقُبُ الكَلِمَاتِ أمرٌ ثَابِتٌ
لِلذَّاتِ مِثلَ تَعَاقُبِ الأزمَانِ
واللهُ رَبُّ العرشِ قَالَ حَقِيقَةً
حضم مَع طَهَ بِغَيرِ قِرَانِ
بَل أحرُفٌ مترتِّبَاتٌ مِثلَمَا
قَد رُتِّبت في مَسمَعِ الإِنسَانِ
وَقتَانِ في وَقتٍ مُحَالٌ هَكَذَا
حَرفَانِ أيضاً يُوجَدَا في آنِ
مِن وَاحِدٍ مُتَكَلِّمٍ بَل يُوجَدَا
بالرَّسمِ أو بَتَكَلُّمِ الرجُلاَنِ
هذَا هُوَ المعقُولُ أمَّا الإِقترَا
نُ فَلَيسَ مَعقُولاً لِذِي الأذهَانِ
وَكَذَا كَلاَمٌ مِن سِوَى مُتَكَلِّمٍ
أيضاً مُحَالٌ لَيسَ في إمكَانِ
إلاَّ لِمَن قَامَ الكَلاَمُ بِهِ فَذَا
كَ كَلاَمُهُ المعقُولُ فِي الأذهَانِ
أيكونُ حَيًّا سَامِعاً أو مُبصِراً
مِن غَيرِ مَا سَمعٍ وَغَيرِ عِيَانِ
وَالسَّمعُ والإِبصَارُ قَامَ بِغَيرِهِ
هَذَا* المُحَالُ وَوَاضِحُ البُهتَانِ
وَكَذا مُريدٌ وَالإِرَادَةُ لَم تَكُن
وَصفاً لَهُ هَذَا مِنَ الهَذَيَانِ
وَكَذَا قَدِيرٌ مَالَهُ مِن قَدرَةٍ
قَامَت بِهِ أوضَحِ البُطلاَنِ
واللهُ جَلَّ جَلاَلُهُ مُتَكَلِّمٌ
بِالنَّقلِ وَالمَعقُولِ والبُرهَانِ
قَد أجمعَت رُسلُ الإِلَهِ عَلَيهِ لَم
يُنكِرهُ مِن أتبَاعِهِم رَجُلاَنِ
فَكَلاَمُهُ حَقًّا يَقُومُ بِهِ وإلاَّ
لَم يَكُن مُتَكَلِّماً بِقُرآنِ
واللهُ قَالَ وَقَائلٌ وَكَذَا يَقُولُ
الحَقَّ لَيسَ كَلاَمُهُ بِالفَاني
وَيُكَلِّمُ الثقلَينِ يَومَ مَعَادِهِم
حَقًّا فَيَسمَعُ قَولَهُ الثَّقَلاَنِ
وَكَذَا يكلِّمُ حِزبَهُ في جَنَّةِ ال
حَيَوَانِ بِالتَّسلِيمِ والرِّضوَانِ
وَكَذَا يُكَلِّمُ رُسلَهُ يَومَ اللِّقَا
حَقًّا فَيَسالُهُم عَنِ التِّبيَانِ
وَيُراجِعُ التَّكلِيمَ جَلَّ جَلاَلُه
وَقتَ الجِدَالِ لَهُ مِنَ الإِنسَانِ
ابن قيم الجوزيه
الحمدان
08-13-2024, 12:54 PM
والشَّطرُ مَخلُوقٌ وَتِلكَ حُرُوفُهُ
نَاسُوتُهُ لَكِن هُمَا غَيرَانِ
فَانظُر إِلَى ذَا الإِتِّفَاقِ فَإِنَّهُ
عَجَبٌ وَطَالِع سُنَّةَ الرَّحمنِ
وتَكَايَسَت أخرَى وقَالَت إنَّ ذَا
قَولٌ مُحَالٌ وَهوَ خَمسُ مَعَانِ
تِلكَ التي ذُكِرَت ومَعنى جَامِعٌ
لِجَمِيعِهَا كالأسِّ للبُنيَانِ
فَيَكُونُ أنواعاً وعِندَ نَظِيرِهِم
أوصَافُهُ وهُمَا فمُتَّفِقَانِ
إنَّ الذِي جَاءَ الرسُولُ بِهِ
لَمَخلُوقٌ وَلَم يُسمَع مِنَ الدَّيانِ
والخُلفُ بَينَهُمُ فقيل مُحَمَّدٌ
أنشَاهُ تَعبِيراً عَنِ القُرآنِ
والآخرُونَ أبَوا وَقَالُوا إنَّمَا
جِبرِيلُ أنشَاهُ عَنِ المنَّانِ
وتكَايَسَت أخرَى وَقَالَت إنَّهُ
نَقلٌ مِنَ اللَّوحِ الرَّفِيعِ الشَّانِ
فاللَّوحُ مَبدَؤهُ وربُّ اللَّوحِ قَد
أنشَاهُ خَلقاً فِيه ذَا حِدثَانِ
هَذِي مقَالاَتٌ لُهُم فانظر تَرَى
فِي كُتبِهِم يَا مَن لَهُ عَينَانِ
لَكِنَّ أهلََ الحَقِّ قَالُوا إنَّمَا
جِبرِيلُ بلَّغَهُ عَنِ الرَّحمَنِ
ألقَاهُ مَسمُوعاً لَهُ مِن رَبِّهِ
للصَّادِقِ المَصدُوقِ بالبُرهَانِ
وَإِذَا أرَدتَ مَجَامِعَ الطُّرقِ الَّتِي
فِيهَا افتِرَاقُ النَّاسِ فِي القُرآنِ
فمَدارُهَا أصلاَنِ قَامَ عَلَيهِمَا
هَذَا الخِلافُ هُمَا رُكنَانِ
هَل قولُهُ بمشِيئَةٍ أم لاَ وَهَل
في ذَاتِهِ أم خَارِجٌ هَذَانِ
أصلُ اختِلاَفِ جَمِيعِ أهلِ الأرضِ في ال
قُرآنِ فَاطلُب مُقتضَى البُرهَانِ
ثُمَّ الألَى قَالُوا بِغيرِ مَشِيئَةٍ
وَإِرَادَةٍ مِنهُ فَطَائِفَتَانِ
إحدَاهُمَا جَعَلَتهُ مَعنًى قَائِماً
بالنَّفسِ أو قَالُوا بِخَمسِ مَعَانِ
وَاللهُ أحدَثَ هَذِهِ الألفَاظَ كَي
تُبدِيهِ مَعقُولاً إِلَى الأذهَانِ
وَكَذَاكَ قَالُوا إنَّهَا لَيسَت هيَ ال
قُرآنَ بَل مَخلُوقَةٌ دَلَّت عَلى القرآنِ
ولربَّما سُمِّى بِهَا القُرآنُ تَس
مِيَةَ المَجَازِ وذَاكَ وَضعٌ ثَانِ
وَكَذلِكَ اختَلَفُوا فقِيلَ حِكَايَةٌ
عَنهُ وقِيلَ عِبَارَةٌ لِبَيَانِ
إذ كَانَ مَا يُحكَى كَمَحكِّيٍّ وَهَذَا
اللَّفظُ والمعنَى فمختَلِفَانِ
ولذَا يُقَالُ حَكَى الحَدِيثَ بعَينِهِ
إذ كَانَ أولُهُ نَظِيرَ الثَّاني
فَلِذَاكَ قَالُوا لاَ نَقُولُ حِكَايَةٌ
وَنَقُولُ ذَاكَ عِبَارَةُ الفُرقَانِ
والآخَرُونَ يَرَونَ هَذَا البَحثَ
لَفظِيًّا ومَا فِيهِ كَبِيرُ مَعَانِ
وَالفِرقَةُ الأخرَى فَقَالَت إنَّهُ
لَفظٌ وَمَعنًى لَيسَ ينفَصِلاَنِ
واللَّفظُ كالمعنَى قَدِيمٌ قَائِمٌ
بالنَّفسِ لَيسَ بقَابِلِ الحِدثَانِ
ابن قيم الجوزيه
الحمدان
08-13-2024, 12:54 PM
مِن أرضِ طَيبَةَ مِن مُهَاجَرِ أحمَدٍ
بالحقِّ والبُرهَانِ والتِّبيَانِ
سافرتُ في طَلَبِ الإِلَهِ فَدَلَّني ال
الهَادِي عَلَيهِ ومُحكَمُ القُرآنِ
مَع فِطرَةِ الرَّحمَنِ جَلَّ جَلاَلُهُ
وَصَرِيحِ عَقلي فَاعتَلَى بِبَيَانِ
فَتَوَافَقَ الوَحيُ الصَّرِيحُ وَفِطرَةُ
الرَّحمنِ والمعقُولُ في إيمَانِ
شَهِدُوا بأنَّ اللهَ جَلَّ جَلاَلُهُ
مُتَفَرِّدٌ بِالمُلكِ والسُّلطَانِ
وَهُوَ الإِلَهُ الحَقُّ لاَ مَعبُودَ إلاَّ
وَجهُهُ الأعلَى العَظِيمُ الشَّانِ
بَل كُلُّ مَعبُودٍ سِوَاهُ فَبَاطِلٌ
مِن عَرشِهِ حَتَّى الحَضِيض الدَّاني
وَعِبَادَةُ الرِّحمنِ غَايَةُ حُبِّهِ
مَع ذُلِّ عَابِدِهِ هُمَا قُطبَانِ
وَعَلَيهِمَا فَلَكُ العِبَادَةِ دَائِرٌ
مَا دَارَ حَتَّى قَامَتِ القُطبَانِ
ومَدَارُهُ بالأمرِ أمرِ رسُولِهِ
لاَ بِالهَوَى والنَّفسِ والشَّيطَانِ
فَقِيَامُ دِينِ اللهِ بالإخلاَصِ وَال
إحسَانِ إنَّهُمَا لَهُ أصلاَنِ
لَم يَنجُ مِن غَضَبِ الإِلَهِ وَنَارِهِ
إلاَّ الَّذِي قَامَت بِهِ الأصلاَنِ
وَالنَّاسُ بَعدُ فَمُشرِكٌ بإلهِهِ
أو ذُو ابتِدَاعِ أو لَهُ الوَصفَانِ
واللهُ لا يَرضَى بِكَثرَةِ فِعلِنَا
لَكِن بِأحسَنِهِ مَعَ الإِيمَانِ
فالعَارِفُون مُرادُهُم إحسَانُهُ
والجَاهِلُونَ عَمُوا عَنِ الإِحسَانِ
وَكَذَاكَ قَد شَهِدُوا بأنَّ اللهَ ذُو
سَمعٍ وَذُو بَصَرٍ هُمَا صِفَتَانِ
وَهُوَ العلَيُّ يَرَى وَيسمَعُ خَلقَهُ
مِن فَوقِ عَرشٍ فَوقَ سِتِّ ثَمَانِ
فَيَرى دَبِيبَ النَّملِ في غَسَقِ الدُّجَى
وَيَرَى كَذَاكَ تَقَلُّبَ الأجفَانِ
وَضَجَيجُ أصوَاتِ العِبَادِ بِسَمعِهِ
وَلَدَيهِ لاَ تَتشَابَهُ الصَّوتَانِ
وَهُوَ العَلِيمُ بِمَا يُوَسوِسُ عَبدُهُ
فِي نَفسِهِ مِن غَيرِ نُطقِ لِسَانِ
بَل يَستَوِي في عِلمِه الدَّانِي مَعَ ال
قَاضِي وَذُو الإِسرَارِ والإِعلاَنِ
وَهُوَ العَلِيمُ بِمَا يَكُونُ غَداً وَمَا
قَد كَانَ وَالمعلُومُ فِي ذَا الآنِ
وَبِكُلِّ شَيءٍ لَم يَكُن لَو كَان كَيفَ
يَكُونُ موجُوداً لذِي الأعيَانِ
وَهُوَ القدِيرُ فَكُلُّ شَيءٍ فَهوَ
مَقدُورٌ لَهُ طَوعاً بِلاَ عِصيَانِ
وَعُمُومُ قُدرَتِهِ تَدُلُّ بِأنَّهُ
هُوَ خَالِقُ الأفعَالِ للحَيَوَانِ
هِيَ خَلقُهُ حَقًّا وأفعَالٌ لَهُم
حَقًّا وَلاَ يَتنَاقَضُ الأمرَانِ
لَكنَّ أهلَ الجَبرِ والتَّكذِيبِ بِال
أَقدَارِ مَا انفَتَحَت لهُم عَينَانِ
نَظَرُوا بِعَينَي أعوَرٍ إذ فَاتَهُم
نَظَرُ البَصِيرِ وَغَارَتِ العَينَانِ
فَحَقِيقَةُ القَدَرِ الَّذِي حَارَ الوَرَى
في شَأنِهِ هوَ قُدرَةُ الرَّحمنِ
ابن قيم الجوزيه
من نونيه ابن القيم
الحمدان
08-13-2024, 12:55 PM
في التِّرمِذِيِّ وَمُسنَدٍ وَسِوَاهُمَا
مِن كُتبِ تَجسِيمٍ بِلاَ كِتمَانِ
وَوَصَفتَهُ بِصِفَاتِ حَيٍّ فَاعِلٍ
بالإختِيَار وذَانِكَ الأصلاَنِ
أصلُ التَّفَرُّقِ بَينَ هَذَا الخَلقِ فِي ال
بَارِي فَكُن فِي النَّفي غَيرَ جَبَانِ
أو لاَ فَلاَ تَلعَب بِدِينِكَ نَاقِضاً
نَفياً بإثبَاتٍ بِلاَ فُرقَانِ
فَالنَّاسُ بَينَ مُعَطِّلٍ أو مُثبتٍ
أو ثَالِثٍ مُتنَاقِضٍ صَنعَانِ
وَاللهِ لَستَ بِرَابعٍ لَهُمُ بَلَى
إمَّا حِمَاراً أو مِنَ الثِّيرَانِ
فَاسمَح بإنكَار الجَمِيعِ وَلاَ تَكُن
مُتَنَاقِضاً رَجُلاَ لَهُ وَجهَانِ
أو لاَ فَفرِّق بَينَ مَا أثبتَّهُ
وَنَفَيتَهُ بِالنَّصِّ والبُرهَانِ
فَالبَابُ بَابٌ وَاحِدٌ في النَّفي وال
إثبَاتِ في عَقلٍ وَفي مِيزَانِ
فَمَتَى أقرَّ بِبعضِ ذَلِكَ مثبِتٌ
لَزِمَ الجَمِيعَ أو ائتِ بالفُرقَانِ
وَمَتَى نَفَى شَيئاً واثبتَ مِثلَهُ
فمجسِّمٌ مُتَنَاقِضٌ دَيصَانِ
فذَرُوا المِرَاءَ وَصَرِّحُوا بمذَاهِبِ ال
قُدَمَاءِ وانسَلِخُوا مِنَ الإِيمَانِ
أو قَاتِلُوا مَع إيمَّةِ التَّجسِيم
والتَّشَبِيهِ تحتَ لِوَاءِ ذِي القرآنِ
أو لاَ فَلاَ تَتَلاَعَبُوا بِعُقُولِكُم
وَكِتَابِكُم وَبِسَائِرِ الأديَانِ
فَجَمِيعُهَا قَد صَرَّحَت بِصِفَاتِهِ
وَكَلاَمِهِ وعُلُوِّهِ بِبَيَانِ
وَالنَّاسُ بَينَ مصَدِّقٍ أو جَاحِدٍ
أو بَينض ذَلِكَ أو شَبِيهُ أتَانِ
فَاصنَع مِنَ التَّنزِيه تُرساً مُحكَماً
وَانفِ الجَمِيعَ بِصَنعَةٍ وَبَيَانِ
وَكَذَاكَ لَقِّب مَذهَبَ الإِثبَاتِ بِالتَّ
جسِيمِ ثُمَّ احمِل عَلَى الأقرَانِ
فَمَتَى سَمَحتَ لَهُم بِوَصفٍ وَاحِدٍ
حَمَلُوا عَلَيكَ بِحَملَةِ الفُرسَانِ
فَصُرِعت صِرعَةَ مَن غَدَا متلَبِّطاً
وَسَطَ العَرِينِ مُمزَّقَ اللُّحمَانِ
فَلِذَاك أنكَرنَا الجَمِيعَ مَخَافَةَ التَّ
جسِيمِ إن ضِرنَا إلى القُرآنِ
وَلِذَا خَلَعنَا رِبقَةَ الأديَانِ مِن
أعنَاقِنَا فِي سَالِفِ الأزمَانِ
وَلَنَا مُلُوكٌ قَاوَمُوا الرُّسلَ الألَى
جَاؤُوا بإثبَاتِ الصِّفَاتِ كَمَانِ
في آلِ فِرعَونٍ وَقَارُونَ وَهَا
مَان ونُمرُودٍ وَجِنكِسخَانِ
وَلَنَا الأئمَّةُ كالفَلاَسِفَةِ الألَى
لَم يَعبَؤُوا أصلاً بِذِي الأديَانِ
مِنهُم أرسطُوا ثُمَّ شِيعَتُهُ إلَى
هَذَا الأوَانِ وعِندَ كُلِّ أوَانِ
مَا فِيهُمُ مَن قَالَ إنَّ الله فَوقَ
العرشِ خَارِجَ هَذِهِ الأكوَانِ
كلاَّ وَلاَ قَالُوا بِأنَّ إلهَنَا
مُتَكَلِّمٌ بالوَحيِ والقُرآنِ
وَلأجلِ هَذَا رَدَّ فِرعَون عَلَى
مُوسَى وَلَم يقدِر عَلَى الإِيمَانِ
إذ قالَ مُوسَى رَبُّنَا مُتَكَلِّمٌ
فَوقَ السَّمَاءِ وَإنَّهُ نَادَانَي
ابن قيم الجوزيه
الحمدان
08-13-2024, 12:55 PM
لَو قُلتَ مَا فَوقَ السَّمَاءِ مُدَبِّرٌ
وَالعَرشَ تُخلِيهِ مِنَ الرَّحمَنِ
واللهُ ليسَ مُكَلِّماً لِعبَادِهِ
كَلاَّ وَلاَ مُتَكَلِّماً بِقُرَآنِ
مَا قَالَ قَطُّ ولا يقولُ ولاَ لَهُ
قَولٌ بَدَا مِنهُ إِلَى إنسَانِ
لَحَلَلتَ طَلسَمَهُ وَفُزتَ بكَنزِه
وعَلِمتَ أنَّ النَّاسَ في هَذَيَانِ
لَكِن زَعَمتَ بأنَّ ربَّكَ بَائِنٌ
مِن خَلقِهِ إذ قُلتَ مَوجُودَانِ
وَزَعَمتَ أنَّ الله فَوقَ العرشِ
والكُرسِيُّ حَقًّا فَوقَهُ القَدَمَانِ
وَزَعَمتَ أنَّ الله يَسمَعُ خَلقَهُ
وَيَرَاهُمُ مِن فَوقِ سَبعِ ثَمانِ
وَزَعَمتَ أنَّ كلاَمَهُ مِنهُ بَدَا
وإلَيهِ يَرجِعُ آخرَ الأزمَانِ
ووصَفتَهُ بالسَّمعِ والبَصَرِ الذِي
لا يَنبَغِي إلا لِذِي الجُثمَانِ
ووصَفتَهُ بِإرَادَةٍ وَبِقُدرَةٍ
وكَرَاهَةٍ ومحبَّةٍ وَحَنَانِ
وزَعَمتَ أنَّ الله يعلَمُ كُلَّ مَا
في الكَونِ مِن سِرٍّ وَمِن إعلانِ
والعِلمُ وصفٌ زائِدٌ عَن ذَاتِهِ
عَرَضٌ يَقُومُ بغَيرِ ذِي جُثمَانِ
وَزَعَمتَ أنَّ الله كلَّمَ عَبدَهُ
موسَى فَاسمَعَهُ نِدَا الرَّحمَنِ
أفتسمَعُ الآذانُ غيرَ الحرفِ
وَالصَّوتِ الَّذِي خُصَّت بهِ الأذُنَانِ
وكَذَا النِّدَاءُ فَإنَّهُ صَوتق
بِإجمَاعِ النُّحَاةِ وَأهلِ كُلِّ لِسَانِ
لَكِنَّهُ صَوتٌ رَفِيعٌ وَهُوَ ضِدٌ
لِلنِّجَاءِ كَلاَهُمَا صَوتَانِ
فَزَعَمتَ أنَّ الله نَادَاه وَنَا
جَاهُ وَفِي ذَا الزَّعمِ مَحذُورَانِ
قُربُ المَكَانِ وَبُعدُهُ والصَّوتُ بَل
نَوعَاهُ مَحذُورَانِ مُمتَنِعَانِ
وَزَعَمتَ أنَّ مُحَمَّداً أسرَى بِهِ
لَيلاً إلَيهِ فَهوَ مِنهُ دَانِ
وَزَعَمتَ أنَّ مُحَمَّداً يَومَ اللِّقَا
يُدنِيهِ رَبُّ العَرشِ بالرِّضوَانِ
حَتَّى يُرَى المُختَارُ حَقًّا قَاعِداً
مَعَهُ عَلَى العَرشِ الرَّفِيعِ الشَّانِ
وَزَعَمتَ أنَّ لعرشِهِ أطاً بِه
كالرَّحلِ أطَّ بِراكِبٍ عَجلاَنِ
وَزَعَمتَ أنَّ اللهَ أبدَى بَعضُهُ
للطُّورِ حتَّى عَادَ كَألكُثبَانِ
لَمَّا تَجلَّى يَومَ تَكلِيمِ الرِّضَى
موسَى الكلِيمِ مُكلَّمِ الرَّحمنِ
وَزَعَمتَ للمعبُودِ وَجهاً بَاقِياً
وَلَهُ يَمِينٌ بَل زَعَمتَ يَدَانِ
وَزَعَمتَ أنَّ يَدَيهِ للسَّبعِ العُلَى
والأرضِ يَومَ الحشرِ قَابِضَتَانِ
وزَعَمتَ أنَّ يمينَهُ مَلأى مِنَ ال
خَيرَاتِ مَا غَاضَت عَلَى الأزمَانِ
وَزَعَمتَ أنَّ العدلَ في الأخرَى بِهَا
رَفعٌ وَخَفضٌ وَهوَ بِالميزَانِ
وَزَعَمتَ أنَّ الخَلقَ طُرّاً عِندَهُ
يَهتَزُّ فَوقَ أصَابِعِ الرَّحمنِ
وَزَعَمتَ أيضاً أنَّ قَلبَ العبدِ مَا
بَينَ اثنَتَينِ مِن الأصَابعِ عَانِ
ابن قيم الجوزيه
الحمدان
08-13-2024, 12:55 PM
وإليهِ قَد عَرجَ الرسُولُ فقُدِّرَت
مِن قُربِه مِن رَبِّه قَوسَانِ
وإلَيهِ قَد رُفِعَ المسِيحُ حَقِيقَةً
ولسَوفَ يَنزِلُ كَي يُرَى بِعِيَانِ
وإليه تصعَدُ رُوحُ كلِّ مُصَدِّقٍ
عِندَ المَمَاتِ فَتَنثَنِي بأمانِ
وإليهِ آمالُ العِبَادِ توجَّهَت
نَحوَ العُلُوِّ بِلاَ تَواصٍ ثَانِ
بَل فِطرةُ اللهِ التَي لَم يُفطرُوا
إلاَّ عَليهَا الخلقُ والثَّقَلاَنِ
وَنَظِيرُ هَذَا أنَّهُم فُطِرُوا عَلَى
إقرَارِهِم لاَ شَكَّ بالدَّيَّانِ
لَكِن أولُو التعطيلِ مِنهُم أصبَحُوا
مَرضَى بدَاءِ الجَهلِ والخُذلاَنِ
فَسألَتُ عَنهم رِفقَتي وأحبتي
أصحَاب جَهمٍ حِزبَ جِنكسخَانِ
مَن هؤلاءِ وَمن يُقالُ لهُم فقَد
جَاؤُوا بِأمرٍ مَالِىءٍ الآذَانِ
وَلَهُم عَلينَا صَولَةٌ مَا صَالَهَا
ذُو بَاطِلٍ بَل صَاحِبُ البُرهَانِ
أوَ مَا سَمعتُم قَولَهُم وَكَلاَمَهُم
مِثلَ الصواعِقِ لَيسَ ذَا لِجَبَانِ
جاؤوكُم من فَوقكُم وَأتَيتُم
من تَحتِهِم مَا أنتُم سِيَّانِ
جَاؤُوكُمُ بالوَحي لَكِن جِئتمُ
بِنُحَاتَهِ الأفكَارِ والأذهَانِ
قَالُوا مُشَبِّهَةٌ مَجَسِّمَةٌ فَلاَ
تَسمَع مَقَالَ مُجَسِّمٍ حَيَوَانِ
والعَنهُمُ لَعناً كَبيراً واغزُهُم
بِعَسَاكِرِ التَّعطِيلِ غَيرَ جَبَانِ
وَاحكُم بسَفكِ دِمَائِهِم وَبِحَبسِهِم
أو لاَ فشَرِّدهُم عَنِ الأوطَانِ
حَذِّر صِحَابَكَ مِنهُمُ فَهُمُ أضَلُّ
مِنَ اليَهُودِ وعَابِدِي الصُّلبَانِ
وَاحذَر تُجَادِلَهُم بقَالَ اللهُ أو
قَالَ الرسُولُ فَتَنثَني بِهَوَانِ
أنَّى وَهُم أولًى بِهِ قَد أنفَذُوا
فِيهِ قُوَى الأذهَانِ والأبدَانِ
فإذا ابتُلِيتَ بِهم فَغَالِطهُم عَلَى
التَّأويلِ للأخبَارِ وَالقُرآنِ
وكذَاكَ غَالِطهُم عَلَى التكذِيبِ
للآحَادِ ذَانِ لِصحبِنَا أصلاَنِ
أوصَى بِهَا أشيَاخَنا أشيَاخُهُم
فَاحفَظهُمَا بِيَدَيكَ والأسنَانِ
وإذا اجتَمعتَ وهم بمشهَدِ مَجلِسٍ
فَابدَر بإيرَادٍ وشُغلِ زَمَانِ
لا يَملِكُوهُ عَلَيكَ بالآثَارِ
والأخبَارِ والتفسِيرِ للفُرقَانِ
فَتَصِيرَ إن وَافَقتَ مِثلَهُمُ وإن
عَارَضتَ زِندِيقاً أخَا كُفرَانِ
وإذا سَكَتَّ يُقَالُ هَذَا جَاهِلٌ
فَابدَر ولو بِالفَشرِ والهذَيَانِ
هَذَا الَّذِي أوصَى بِهِ أشيَاخُنَا
في سَالِفِ الأوقَاتِ والأزمَانِ
فرجعتُ مِن سَفَرِي وقلتُ لصَاحِبي
وَمَطِيَّتِي قَد آذنت بِحِرَانِ
عَطِّل رِكَابَكَ وَاسترِح مِن سَيرِهَا
ما ثَمَّ غيرُ هذي الأكوَانِ
لَو كَانَ للأكوَانِ ربٌّ خَالِقٌ
كَانَ المُجَسِّمُ صَاحِبَ البُرهَانِ
أو كَان رَبٌّ بائنٌ عَن ذِي الوَرَى
كَانَ المُجَسِّمُ صَاحِبَ الإِيمَانِ
ابن قيم الجوزيه
الحمدان
08-13-2024, 12:55 PM
لاَ تَحكُمُوا بالفَضلِ لي أصلاً عَلى
ذِي النُّونِ يُونُسَ ذَلِكَ الغَضبَانِ
هَذَا يَرُدُّ عَلَى المُجَسِّمِ قَولَهُ
اللهُ فَوقَ العَرشِ والأكوانِ
وَيَدُلُّ أنَّ إلَهَنَا سُبحَانَهُ
وبِحَمدِهِ يُلقَى بِكُلِّ مَكَانِ
قَالُوا لَهُ بَيِّن لَنَا هَذَا فَلَم
يَفعَل فأعطَوهُ مِنَ الأثمَانِ
ألفاً مِنَ الذَّهَبِ العَتيقِ فَقَالَ في
تِبيَانِهِ فاسمَع لِذَا التِّبيَانِ
قَد كَانَ يُونُسُ في قَرَارِ البَحرِ تَحتَ
المَاءِ في قُبرِ مِنَ الحِيتَانِ
ومحَمَّدٌ صَعِدَ السَّمَاءَ وَجَاوَزَ
السَّبعَ الطِّبَاقَ وَجَازَ كُلَّ عَنَانِ
وَكِلاَهُمَا في قُربِهِ مِن رَبِّهِ
سُبحَانَهُ إذ ذَاكَ مُستَوِيَانِ
فَالعُلوُ والسُّفلُ اللَذانِ كِلاَهُمَا
في بُعدِهِ مِن ضِدِّهِ طَرَفَانِ
إن يُنسَبَا لِلَّهِ نُزِّه عَنهُمَا
بالإِختِصَاصِ بَلَى سِيَّانِ
فِي قُربِ مَن أضحَى مُقِيماً فِيهمَا
مِن رَبِّهِ فَكِلاَهُمَا مِثلاَنِ
فَلأجلِ هَذَا خَصَّ يُونُسَ دُونَهُم
بالذِّكرِ تَحقِيقاً لهَذَا الشَّانِ
فأتَى النِّثَارُ عَلَيهِ مِن أصحَابِهِ
مِن كُلِّ نَاحِيةٍ بِلاَ حُسبَانِ
فاحمَد إلهَكَ أيُّهَا السُّنِّيُّ إذ
عَافَاكَ مِن تَحرِيفِ ذِي بُهتَانِ
والله مَا يَرضَى بِهَذَا خَائِفٌ
مِن رَبِّهِ أمسَى عَلَى الإِيمَانِ
هَذَا هُوَ الإلحَادُ حَقًّا بَل هُوَ
التَّحرِيفُ مُحضاً أبرَدُ الهَذَيَانِ
واللهِ ما بُليَ المُجَسِّمُ قطُّ ذِي ال
بَلوَى وَلاَ أمسَى بِذِي الخُذلاَنِ
أمثَالُ ذَا التَّأويلِ أفسَدَ هَذِهِ ال
أديَانِ حِينَ سَرَى إلَى الأديَانِ
وَاللهِ لولاَ اللهُ حَافِظُ دِينِهِ
لتهدَّمت منهُ قُوَى الأركَانِ
وأتَى فَرِيقٌ ثُمَّ قَارَبَ وَصفَهُ
هَذَا وَزَادَ عَلَيهِ في الميزَانِ
قَالَ اسمَعُوا يَا قَومُ لا تُلهِيكُمُ
هَذِي الأمَانِي هُنَّ شَرُّ أمَانِي
أتعبتُ رَاحلَتي وَكَلَّت مُهجَتِي
وَبَذَلتُ مَجهُودِي وَقَد أعيَانِي
فَتَّشتُ فوقَ وَتحتَ ثُمَّ أمَامَنَأ
وَوَرَاءَ ثُمَّ يَسَارِ مَع أيمَانِ
مَا دلَّنِي أحَدٌ علَيهِ هُنَاكُمُ
كَلاَّ وَلاَ بَشَرٌ إليهِ هَدَانِي
إلاَّ طَوائِفُ بِالحَدِيثِ تَمَسَّكَت
تُعزَى مَذاهِبُهَا إِلَى القُرآنِ
قَالُوا الَّذِي تَبغِيهِ فَوقَ عِبَادِهِ
فَوقَ السَّمَاءِ وَفَوقَ كُلِّ مَكَانِ
وهو الَّذِي حَقًّا عَلَى العَرشِ استَوَى
لَكِنَّهُ استَولَى عَلَى الأكوانِ
وإلَيهِ يَصعَدُ كُلُّ قَولٍ طَيِّبٍ
وَإلَيهِ يُرفَعُ سَعيُ ذِي الشُّكرَانَِ
والروحُ والأملاَكُ مِنهُ تَنَزلَت
وإلَيهِ تَعرُجُ عِندَ كُلِّ أوَانِ
وإليه أيدِي السَّائِلينَ تَوجَّهَت
نَحوَ العُلُوِّ بِفِطرَةِ الرَّحمَنِ
ابن قيم الجوزيه
الحمدان
08-13-2024, 12:56 PM
قَالُوا وَلَم يَكُ مُنكِراً مُوسَى لِمَا
عَبَدُوهُ مِن عِجلٍ لِذِي الخَوَرانِ
إلاَّ عَلَى مَن كَانَ لَيسَ بعابِدٍ
مَعهُم وأصبَحَ ضَيِّقَ الأعطَانِ
وَلذَاكَ جَرَّ بِلحيَةِ الأخِ حَيثُ لَم
يَكُ وَاسِعاً فِي قَومِهِ لِبِطَانِ
بَل فَرَّقَ الإِنكَارُ منهُ بينَهُم
لَمَّا سَرَى فِي وَهمِهِ غَيرَانِ
وَلَقَد رَأى إبليسَ عارِفُهُم فَأهب
السُّجُودِ هُوِيَّ ذِي خَضعَانِ
قَالُوا لَهُ مَاذَا صَنَعتَ فَقَالَ هَل
غَيرُ الإِلَهِ وأنتُمَا عِميَانِ
مَا ثَمَّ غَيرٌ فاسجُدُوا إن شِئتُمُ
للشَّمسِ والأصنَامِ والشَّيطَانِ
فَالكُلُّ عينُ اللهِ عِندَ مُحَقِّقٍ
وَالكُلُّ مَعبُودٌ لِذي عِرفَانِ
هَذَا هُوَ المعبُودُ عِندَهُم فقُل
سُبحَانَكَ اللَّهُمَّ ذا السُّبحَانِ
يَا أمَّةً مَعبُودُهَا مَوطُءُهَا
أينَ الإِلَهُ وثُغرَةُ الطَّعَّانِ
يَا أمَّةً قََد صَارَ مِن كُفرَانِهَا
جُزءٌ يَسيرٌ جُملَةَ الكُفرَانِ
وَأتَى فَرِيقٌ ثُمَّ قالَ وَجَدتُهُ
بالذَّاتِ مَوجُوداً بِكُلِّ مَكَانِ
هُو كالهَواءِ بعينِهِ لا عينُهُ
مَلأ الخُلُوَّ ولا يُرَى بِعِيَانِ
والقَومُ ما صَانُوهُ عن بِئرٍ ولاَ
قَبرٍ ولاَ دَاخِلَ هَذِهِ الأبدَانِ
بَل مِنهُمُ مَن قَد رَأى تَشبِيهَهُ
بالرُّوحِ دَاخِلَ هَذِهِ الأبدَانِ
مَا فِيهُمُ مَن قَالَ لَيسَ بِدَاخِلٍ
أو خَارِجٍ عن جُملةِ الأكوَانِ
لَكِنَّهُم حَامُوا عَلَى هَذا وَلَم
يَتَجَاسَرُوا مِن عَسكَرِ الإِيمَانِ
وَعَليهِمُ رَدَّ الأئِمةُ أحمَدٌ
وَصِحَابُهُ مِن كُلِّ ذِي عِرفَانِ
فهُمُ الخُصُوم لِكُلِّ صَاحِبِ سُنَّةٍ
وهُم الخصُومُ لِمُنزِلِ القُرآنِ
وَلَهُم مقَالاَتٌ ذَكَرتُ أصولَهَا
لَمَّا ذَكَرتُ الجَهمَ فِي الأوزَانِ
وأتى فَرِيقٌ ثُمَّ قَارَبَ وَصفَهُ
هَذَا وَلَكِن جَدَّ في الكُفرَانِ
فأسَرَّ قَولَ مُعَطِّلٍ وَمُكَذِّبٍ
في قَالَبِ التَّنزيهِ للرَّحمَنِ
إذ قَالَ لَيسَ بداخِلٍ فِينَا وَلاَ
هُوَ خَارِجٌ عَن جُملَةِ الأكوَانِ
بل قَالَ لَيسَ ببائِنٍ عَنهَا وَلاَ
فِيهَا ولا هُوَ عَينُهَا بِبَيَانِ
كَلاَّ وَلاَ فَوقَ السَّمواتِ العُلَى
والعَرشِ مِن رَبٍّ وَلاَ رَحمَنِ
والعَرشُ لَيسَ عَلَيهِ معبُودٌ سِوَى ال
عَدَمِ الذي لاَ شَيءَ في الأعيَانِ
بَل حَظُّهُ مِن رَبِّهِ حَظُّ الثَّرَى
مِنهُ وحَظُّ قَوَاعِدِ البُنيَانِ
لَو كَانَ فَوقَ العَرشِ كَانَ كَهذِهِ ال
أجسَامِ سُبحَانَ العظِيمِ الشَّانِ
وَلَقَد وَجَدتُ لفاضِلٍ مِنهُم مَقَا
ماً قَامَهُ في النَّاسِ مُنذُ زَمَانِ
قَالَ اسمَعُوا يَا قَومُ إنَّ نَبِيَّكُم
قَد قَالَ قَولاً وَاضِحَ البُرهَانِ
ابن قيم الجوزيه
الحمدان
08-13-2024, 12:56 PM
تَعَرَّ مِن ثوبَينِ مَن يَلبَسهما
يَلقَ الرَّدَى بِمَذَمَّةٍ وَهَوانِ
ثوبٌ مِنَ الجَهلِ المُرَكَّبِ فَوقَهُ
ثَوبُ التّعَصُّبِ بِئسَتِ الثَّوبَانِ
وتَحلَّ بالإنصَافِ أفخَرَ حُلَّةٍ
زِينَت بهَا الأعطافُ والكَتِفَانِ
واجعَل شِعَارَك خَشيَةَ الرّحمَنِ مَع
نُصح الرّسُولِ فَحَبَّذَا الأمرانِ
وَتَمسَّكَنَّ بحبلِهِ وَبوَحيِهِ
وَتَوَكَّلَنَّ حَقيقَةَ التُّكلاَنِ
فالحَقُّ وَصفُ الرّبِّ وَهوَ صِراطُهُ ال
هَادِي إليهِ لصَاحِبِ الإيمَانِ
وهُو الصِّراطُ عَلَيهِ رَبُّ العَرشِ أي
يضاً وَذَا قَد جَاءَ في القرآنِ
والحَقُّ مَنصُورٌ ومُمتَحَنٌ فَلاَ
تَعجَب فَهَذِي سُنَّةُ الرَّحمَنِ
وبِذَاكَ يَظهَرُ حِزبُه مِن حَربِهِ
ولأجلِ ذَاكَ النَّاسُ طَائِفَتَانِ
ولأجلِ ذَاكَ الحَربُ بَينَ الرُّسلِ وال
كُفَّارِ مُذ قَامَ الوَرَى سِجلاَنِ
لَكِنَّمَا العُقبَى لأهلِ الحَقِّ إن
فَاتَت هُنَا كانَت لَدَى الدَّيَّانِ
واجعَل لقلبِكَ هِجرتَينِ وَلاَ تَنَم
فهُمَا عَلَى كُلِّ امرِىءِ فَرضَانِ
فالهِجرةُ الأولَى إِلى الرَّحَمنِ
بالإخلاصِ في سٍِّ وفي إعلانِ
فالقصدُ وَجهُ الله بالأقوَالِ
والأعمالِ والطَّاعَاتِ والشُّكرَانِ
فَبِذَاكَ يَنجُو العبدُ مِن إشراكِهِ
وَيَصِيرُ حَقًّا عَابِدَ الرَّحمنِ
وَالهِجرةُ الأخرَى إلى المبعوثِ
بالحَقِّ المُبِين وَوَاضِحِ البرهَانِ
فَيَدُورُ مَع قَولِ الرّسُول وَفِعلِهِ
نَفياً وإثبَاتاً بِلاَ رَوَغانِ
وُيحكِّمُ الوَحيَ المُبينَ عَلى الذِي
قَالَ الشُّيوخُ فَعِندَهُ حَكَمَانِ
لاَ يَحكُمانِ بِبَاطِلٍ أبَداً وكُلُّ
العَدلِ قَد جَاءَت بِه الحَكمَانِ
وَهُما كتابُ اللهِ أعدَلَ حاكِمٍ
فِيه الشِّفا وهِدايةُ الحيرانِ
والحَاكِمُ الثَّاني كَلامُ رَسُولِهِ
مَا ثَمَّ غيرُهُمَا لِذِي إيمانِ
فَإذَا دَعوكَ لغَيرِ حُكمِهمَا فَلا
سَمعاً لِدَاعِي الكُفرِ والعِصيانِ
قُل لاَ كَرَامةَ لاَ ولاَ نُعمَا وَلا
طَوعاً لِمَن يَدعُو إلى طُغيَانِ
وإذا دُعِيتَ إلى الرَّسُولِ فقل لَهُم
سَمعاً وَطَوعاً لستُ ذَا عِصيانِ
وإذا تَكاثَرَتِ الخصُومُ وَصيَّحُوا
فَأثبُت فَصَيحَتُهُم كَمِثلِ دُخَانِ
يَرقَى إلى الأوجِ الرَّفِيعِ وَبَعدَه
يَهوِي إلى قَعرِ الحَضِيضِ الدَّاني
هَذا وإنَّ قِتَالَ حِزبِ اللهِ بالأعمالِ
لا بِكَتَائِبِ الشُّجعَانِ
واللهِ مَا فَتَحوا البلادَ بكَثرَةٍ
أنَّى وأعدَاهُم بِلاَ حُسبَانِ
وَكَذَاكَ ما فتَحُوا القُلُوبَ بهذِهِ
الآراءِ بل بالعِلمِ والإِيمَانِ
وَشَجَاعَةُ الحُكَّامِ والعلماءِ زهدٌ
في الثَّنَا مِن كلِّ ذِي بُطلاَنِ
ابن قيم الجوزيه
الحمدان
08-13-2024, 12:56 PM
الشَّأنُ للأرواحِ بَعدَ فراقِهَا
أبدَانَها وَاللهِ أعظَمُ شَانِ
إمَّا عذَابٌ أو نَعِيمٌ دَائِمٌ
قَد نُعِّمت بِالرَّوحِ والرَّيحَانِ
وتصيرُ طيراً سَارِحاً مَع شكلِهَا
تجني الثِّمارَ بِجَنَّةِ الحَيَوانِ
وَتَظَلُّ وَاردَةً لأنهَارٍ بِها
حَتَّى تَعُودَ لِذَلِكَ الجثمَانِ
لَكِنَّ أرواحَ الذينَ استُشهِدُوا
فِي جَوفِ طَيرٍ أخضَرٍ رَيَّانِ
فلهُم بذَاكَ مزيَّةٌ في عَيشِهِم
ونَعِيمِهِم لِلرُّوحِ والأبدَانِ
بَذَلُوا الجُسُومَ لربِّهِم فأعَاضَهُم
أجسَامَ تلكَ الطَّيرِ بالإحسَانِ
وَلَهَا قَنَادِيلٌ إليهَا تَنتَهِي
مَأوَى لَهَا كَمَسَاكِنِ الإِنسَانِ
فالرُّوحُ بَعدَ الموتِ أكمَلُ حَالَةٍ
منهَا بِهَذِي الدَّارِ في جُثمَانِ
وَعذَابُ أشقَاهَا أشدُّ مِنَ الذِي
قد عَاينَت أبصَارُهَا بِعِيَانِ
والقَائِلُونَ بِأنَّهَا عَرَضٌ أبَوا
ذَا كُلَّهُ تَبًّا لِذِي نُكرانِ
وإذَا أرَادَ اللهُ إخرَاجَ الوَرَى
بَعدَ المَمَاتِ إِلى المَعَادِ الثَّانِي
ألقَى عَلَى الأرضِ التي هُم تحتها
واللهُ مُقتَدِرٌ وذُو سُلطَانِ
مَطَراً غَليظاً أبيضاً مُتَتَابِعاً
عَشراً وَعَشراً بَعدَهَا عَشرَانِ
فَتَظَلُّ تَنبُتُ منهُ أجسَامُ الوَرَى
وَلُحُومُهُم كَمَنَابِتِ الرَّيحَانِ
حَتَّى إذَا ما الأمُّ حَانَ وِلاَدُهَا
وتمخَّضَت فَنِفَاسُهَا مُتَدَانِ
أوحَى لَهَا ربُّ السَّما فتَشقَّقَت
فَبَدَا الجَنِينُ كَأكمَلِ الشُّبَّانِ
وتخلَّتِ الأمُّ الوَلُودُ وأخرَجَت
أثقَالَها أنثَى ومِن ذُكرَانِ
واللهُ يُنشِىءُ خَلقَهُ في نَشأةٍ
أُخرَى كَمَا قَد قَالَ في القرآنِ
هَذا الَّذِي جَاءَ الكتابُ وسنةُ ال
هَادِي بهِ فاحرِص عَلَى الإِيمَانِ
ما قَالَ إنَّ اللهَ يُعدِمُ خَلقَهُ
طُرّاً كقولِ الجاهلِ الحَيرَانِ
وَقَضَى بِأنَّ الله لَيسَ بفاعِلٍ
فِعلاً يَقومُ بِه بِلاَ بُرهَانِ
بَل فِعلُه المَفعُولُ خَارِجُ ذَاتِهِ
كَالوَصفِ غَير الذَّاتِ في الحُسبانِ
والجبرُ مَذهبُهُ الذِي قرَّت بهِ
عَينُ العُصَاةِ وشِيعةُ الشَّيطانِ
كانُوا عَلَى وَجَلٍ مِنَ العِصيانِ إذ
هُوَ فِعلهُم والذَّنبُ للإِنسَانِ
واللَّومُ لا يعدُوه إذ هُوَ فَاعِلٌ
بإرَادةٍ وَبِقَدرَةِ الحَيوَانِ
فَأراحَهُم جَهمٌ وَشِيعتُهُ مِنَ
اللومِ العَنِيفِ وَما قَضوا بِأمَانِ
لكنَّهم حَمَلوا ذُنُوبَهُمُ عَلَى
ربِّ العِبَادِ بِعِزَّةٍ وأمَانِ
وتبرَّؤوا مِنهَا وقالُوا إنَّهَا
أفعالُهُ مَا حِيلَةُ الإنسَانِ
مَا كَلَّفَ الجبَّارُ نَفساً وُسعَها
أنَّى وقَد جُبِرَت عَلَى العِصيَانِ
وَكَذا عَلَى الطَّاعَاتِ أيضاً قَد غَدَت
مَجبُورةً فَلَهَا إذاً جَبرَانِ
ابن قيم الجوزيه
الحمدان
08-13-2024, 12:57 PM
هَذا كِتابُ اللهِ أنَّى قَالَ ذَا
أو عَبدُهُ المبعُوث بالبُرهَان
أو صَحبُه مِن بعدِهِ أو تَابِعٌ
لَهمُ عَلى الإِيمانِ والإِحسَانِ
بَل صَرَّحَ الوحيُ المبينُ بأنهُ
حقًّا عَلى الإِيمانِ والإحسَانِ
بَل صَحبُه من بعدِه أو تَابشعٌ
لَهُم عَلى الإِيمانِ والإحسَانِ
بَل صَرَّحَ الوحيُ المبينُ بأنهُ
حقًّا مُغَيِّرُ هَذه الأكوَانِ
فَيَبَدِّلُ اللهُ السَّمواتِ العُلَى
والأرضَ أيضاً ذَاتَ تَبديلانِ
وهمَا كَتَبديلِ الجُلودِ لِسَاكِني
النِّ يرانِ عِندَ النُّضجِ مِن نِيرَانِ
وَكَذَاكَ يَقبِضُ أرضَهُ وَسَمَاءَهُ
بِيدَيهِ مَا العَدَمَانِ مقبُوضَانِ
وتُحدِّثُ الأرضُ التي كُنَّا بِهَا
أخبَارَها في الحَشرِ للرَّحمنِ
وتَظَلُّ تَشهَدُ وَهيَ عَدلٌ بِالذِي
مِن فَوقِهَا قَد أحدَثَ الثَّقَلاَنِ
أفيِشهَدُ العَدَمُ الذِي هُوَ كاسمِهِ
لا شيءَ هذا لَيسَ في الإِمكَانِ
لَكِن تُسَوَّى ثُمَّ تُبسَطُ ثُمَّ تَش
هَدُ ثم تُبدَل وَهِي ذَاتُ كِيانِ
وتُمدُّ أيضا مِثلَ مَدِّأدِيمِنَا
مِن غيرِ أودِيَةٍ ولا كُثبَانِ
وَتقيءُ يَومَ العَرضِ مِن أكبَادِهَا
كَالأُسطُوَانِ نَفائِسَ الأثمَانِ
كُلُّ يَرَاهُ بِعَينِهِ وعِيَانِهِ
مَا لاِمرىءٍ بِالأخذِ مِنه يَدَانِ
وَكَذا الجبالُ تُفَتُّ فَتًّا مُحكَماً
فَتَعُودُ مِثلَ الرَّملِ ذِي الكُثبَانِ
وتَكُونُ كالعِهنِ الَّذِي ألوَانُه
وصِبَاغُهُ مِن سائِرِ الألوَانِ
وَتُبَسُّ بَسًّا مِثلَ ذَاكَ فَتنثَنِي
مِثلَ الهَبَاءِ لِنَاظِر الإنسَانِ
وَكَذا البِحَارُ فَإِنَّهَا مسجورَةٌ
قَد فُجِّرَت تَفجِيرَ ذِي سُلطَانِ
وكذَلِك القَمَرَانِ يَأذَنُ رَبُّنَا
لَهُمَا فيجتَمِعَانِ يَلتَقِيَانِ
هَذِي مُكوَّرَةٌ وَهَذا خَاسِفٌ
وكِلاَهُمَا في النَّارِ مَطروحَانِ
وَكَوَاكِبُ الأفلاَكِ تُنثَرُ كُلَّهَا
كلآلِىءٍ نُثِرَت عَلَى مَيدَانِ
وَكَذا السَّمَاءُ تُشَقُّ شَقًّا ظَاهِراً
وَتَمورُ أيضاً أيَّمَا مَوَرَانِ
وتصيرُ بَعدَ الانشِقَاقِ كَمِثلِهَ
ذَا المُهلِ أو تَكُ وردةً كَدِهَانِ
والعَرشُ وَالكُرسيُّ لا يُفنِيهمَا
أيضاً وَإنَّهُمَا لَمخلُوقَانِ
والحورُ لا تَفنَى كَذلِكَ جَنَّةُ ال
مأوَى وَمَا فِيهَا مِنَ الوِلدَانِ
ولأجلِ هَذَا قالَ جَهمٌ إنَّهَا
عدَمٌ وَلَم تُخلَق إلَى ذَا الآنِ
والأنبِياءُ فَإنَّهُم تَحتَ الثَّرَى
أجسَامُهُم حُفِظَت مِن الدِّيدَانِ
ما للبَلى بِلُحُومِهِم وجُسومِهِم
أبَداً وَهُم تَحتَ التُّرَابِ يَدَانِ
وَكذاكَ عَجبُ الظَّهرِ لاَ يبلَى بَلَى
مِنهُ تُرَكَّبُ خِلقَةُ الإنسَانِ
وَكَذلِكَ الأروَاحُ لاَ تَبلَى كَمَا
تَبلَى الجُسُومُ وَلاَ بِلَى اللَّحمَانِ
ابن قيم الجوزيه
الحمدان
08-13-2024, 12:57 PM
الناسُ في الإِيمانِ شيءٌ واحدٌ
كالمِشطِ عِندَ تَماثُلِ الأسنَانِ
فاسأل أبا جَهلٍ وشيعتَهُ وَمَن
وَالأهُمُ مِن عَابِدِي الأوثَانِ
وسَلِ اليهُودَ وكُلَّ أقلَفَ مُشرِكٍ
عَبدَ المَسيحَ مُقَبِّلَ الصُّلبَانِ
وَاسأل ثَمُودَ وعادَ بل سَل قَبلَهُم
أعدَاءَ نُوحٍ أُمَّةَ الطُّوفَانِ
واسأل أبَا الجنِّ اللعينَ أتعرفُ ال
خَلاَّقَ م أصبَحتَ ذَا نُكرَانِ
وَاسأل شِرارَ الخلقِ أعني أُمَّةً
لُوطِيَّةً همُ ناكِحُو الذُّكرَانِ
وَاسأل كَذَاكَ إمَامَ كُلِّ مُعطَّلٍ
فِرعَونَ مَع قَارُونَ مَع هَامَانِ
هل كانَ فيهِم مُنكرٌ للخالِقِ
الرَّبِّ العظيمِ مكوِّن الأكوانِ
فليَبشِرُوا ما فيهِمُ مِن كافِرٍ
هُم عندَ جَهمٍ كَامِلو الإِيمانِ
وَقَضَى بِأنَّ اللهَ كَانَ مُعطَّلاً
والفِعلُ مُمتنِعٌ بلا امكَانِ
ثُمَّ استَحَالَ وَصَارَ مَقدُوراً لَهُ
مِن غَيرِ أمرٍ قَامَ بالدَّيَّانِ
بَل حَالُهُ سُبحَانَه في ذَاتِه
قَبلَ الحُدوثِ وَبَعدَهُ سِيَّانِ
وَقَضَى بِأنَّ النَّارَ لَم تُخلَق وَلاَ
جَنَّاتُ عَدنٍ بَل هُمَا عَدَمَانِ
فَإذَا هُمَا خُلِقَا ليومِ مَعَادِنَا
فَهُمَا عَلى الأوقَاتِ فَانِيَتَانِ
وَتلَطَّفَ العَلاّفُ مِن أتبَاعِه
فَأتى بِضِحكَةِ جَاهِلٍ مَجَّانِ
قالَ الفَنَاءُ يكونُ في الحركَاتِ لا
في الذَّاتِ وَاعجَباً لِذَا الهذَيانِ
أيَصيرُ أهلُ الخُلدِ في جَنَّاتهم
وجَحِيمِهِم كحِجَارَةِ البُنيَانِ
ما حَالُ مَن قَد كَانَ يَغشَى أهلَه
عِندَ انقضاءِ تحرُّكِ الحَيَوانِ
وكذاكَ مَا حَالُ الذي رَفَعَت يدَا
هُ أكلَةً مِن صَفحَةِ وخِوَانِ
فَتَنَاهَتِ الحركَاتُ قَبلَ وصُولِها
لِلفَمِّ عِندَ تفتُّح الأسنَانِ
وكذاكَ مَا حَالُ الذِي امتدَّت يَدٌ
مِنهُ إلى قِنوٍ مِن القِنوانِ
فَتنَاهَتِ الحَرَكاتُ قَبلَ الأخذِ هَل
يَبقَى كَذلِكَ سَائِرَ الأزمَانِ
تَبًّا لهَاتِيكَ العُقُولِ فَإنها
واللهِ قَد مُسِخَت على الأبدَانِ
تَبًّا لمِن أضحَى يُقَدِّمُهَا على ال
آثارِ والأخبَارِ والقُرآنِ
وَقَضَى بِأنَّ اللهَ يَجعَلُ خَلقَهُ
عَدَماً ويقلِبُهُ وُجُوداً ثانِ
العَرشُ والكُرسِيُّ والأرواحُ وال
أملاكُ والأفلاكُ والقَمَرَانِ
والأرضُ والبَحرُ المحيطُ وسائِرُ ال
أكوَانِ مِن عَرَضٍ وَمِن جُثمَانِ
كُلٌّ سَيُفنِيهِ الفنَاءَ المَحضَ لا
يَبقَى لَهُ أثَرٌ كَظِلٍّ فَانِ
ويُعِيدُ ذَا المَعدُومَ أيضاً ثانياً
مَحضَ الوجودِ إعَادَةً بِزَمَانِ
هذا المعادُ وَذلِكَ المَبدَا لَدَى
جَهمٍ وقد نَسَبُوه للقرآنِ
هَذا الذِي قَأدَ ابنَ سينَا والألَى
قَالُوا مَقَالَتَه إلى الكُفرَانِ
لَم تَقبَلِ الأذهانُ ذَا وتَوهَّمُوا
أنَّ الرَّسُولَ عَنَاهُ بِالإِيمان
ابن قيم الجوزيه
الحمدان
08-13-2024, 12:57 PM
وَرَدَت جِفَارَ الدَّمعِ وَهي غَزِيرَةٌ
فَلِذَاك ما احتَاجَت وُرُودَ الضَّانِ
وَعَلت عَلى مَتنِ الهَوَى وتزودَت
ذِكرَ الحبيبِ وَوَصلَهُ المَتدَانِ
وَعَدَت بِزَورَتِها فَأوفَت بِالذي
وعَدَت وَكَانَ بمُلتَقَى الأجفَانِ
لَم يَفجَأِ المُشتَاقَ إلا وَهي دا
خِلةُ السُّتُورِ بِغَيرِ مَا استئِذَانِ
قَالَت وَقَد كَشَفَت نِقابَ الحُسن ما
بالصَّبرِ لي عَن أن أرَاكَ يَدانِ
وَتَحدَّثَت عِندِي حَديثاً خِلتُه
صِدقاً وَقَد كَذَبَت بِه العينانِ
فَعجِبتُ مِنهُ وقُلتُ من فَرحِي بِه
طَمَعاً ولكنَّ المَنَامَ دَهَانِي
إن كًنتِ كَاذبَةَ الذي حَدَّثتِني
فَعلَيكَ إثمُ الكَاذِبِ الفَتَّانِ
جَهمِ بنِ صفوانٍ وشِيعَتِهِ الأُلَى
جَحَدُوا صِفاتِ الخالِقِ الديَّانِ
بل عَطَّلوا مِنهُ السَّمواتِ العُلَى
والعَرشَ أخلَوهُ مِنَ الرحمن
ونَفَوا كَلامَ الرَّبِّ جَلَّ جَلاَلُهُ
وَقَضَوا لَهُ بالخَلقِ والحِدثَانِ
قالوا وليس لِرَبِّنَا سَمعٌ وَلاَ
بَصَرٌ وَلاَ وَجهٌ فَكَيفَ يدان
وكذاك لَيسَ لربّنَا مِن قُدرةٍ
وَإرَادَةٍ أو رحمَةٍ وَحَنَانٍ
كلاَّ ولا وَصفٌ يقومُ به سِوَى
ذَاتٍ مُجَرَّدَةٍ بِغَيرِ معانِ
*
وحياتهُ هي نفسُه وكَلاَمُه
هوَ غيرُه فاعجَب لِذَا البُهتَانِ
وكَذاكَ قَالُوا مَا لَهُ مِن خَلقِه
أحَدٌ يَكُونُ خَلِيلَهُ النَّفسَانِ
وخَليلُهُ المُحتَاجُ عِندهُمُ وفي
ذَا الوصفِ يدخُلُ عابدُو الأوثانِ
فَالكُلُّ مفتقرٌ إليه لذاتِه
في أسرِ قَبضتِهِ ذَليلٌ عَانِ
وَلأجلِ ذَا ضَحَّى بجعدٍ خالدُ ال
قَسرِيُّ يَومَ ذَبائِحِ القُربَانِ
إذ قَالَ إبرَاهِيمُ ليسَ خِليلَهُ
كلا ولا مُوسى الكليمَ الداني
شكَرَ الضَّحِيَّةَ كُلُّ صاحِبِ سُنَّةٍ
للهِ درُّكَ مِن أخِي قُربَانِ
وَالعبدُ عندهُمُ فَليسَ بِفَاعلٍ
بَل فعلُهُ كَتَحرُّكِ الرَّجفَانِ
وهَبُوبِ ريحٍ أو تحرُّكِ نائمٍ
وتحرُّكِ الأشجَارِ للمَيَلاَنِ
واللهُ يُصليهِ على مَا لَيس مِن
أفعالِهِ حَرَّ الحَمِيمِ الآنِ
لَكِن يُعاقِبُهُ على أفعَالِهِ
فيهِ تعالَى اللهُ ذُو الإِحسَانِ
والظُّلمُ عِندَهُمُ المحالُ لذاتِهِ
أنيَّ ينزَّه عَنهُ ذُو السُّلَطانِ
ويكونُ مَدحاً ذَلِكَ التنزيهُ ما
هَذا بِمَعقولٍ لِذِي الأذهَانِ
وَكَذاكَ قالُوا مَا لَهُ مِن حِكمَةٍ
هي غَايَةٌ للأمرِ والإتقَانِ
ابن قيم الجوزيه
الحمدان
08-13-2024, 12:58 PM
حُكمُ المَحَبَّةِ ثَابتُ الأركَانِ
مَا للصُّدُودِ بِفَسخِ ذَاكَ يَدَانِ
أنَّى وَقَاضِي الحُسنِ نفَّذ حُكمَها
فَلِذَا أَقَرَّ بِذَلِكَ الخَصمانِ
وَأتَت شُهُودُ الوَصلِ تَشهَدُ أنه
حَقًّا جَرَى في مَجلسِ الإِحسانِ
فتأكَّدَ الحُكمُ العزيزُ فَلَم تَجِد
فَسخُ الوُشَاةِ إلَيهِ مِن سُلطَانِ
وَلأجلِ ذَا حُكمُ العَذُولِ تَدَاعت ال
أركانُ مِنهُ فَخَرَّ للأذقَانِ
وأتى الوُشاةُ فَصَادَفُوا الحُكمَ الذِي
حَكَمُوا به مُتَيَقَّنَ البُطلانِ
ما صَادَفَ الحُكمُ المَحَلَّ وَلا هُوَ اس
تَوفَى الشُروطَ فَصَارَ ذا بُطلاَن
فَلِذَاكَ قَاضِي الحُسنِ أَثبَتَ مَحضَراً
بِفسَادِ حُكمِ الهَجرِ والسُّلوانِ
وَحكَى لَكَ الحُكمَ المُحالَ وَنَقضَهُ
فاسمع إذاً يا مَن لَهُ أُذُنَانِ
حُكمُ الوُشَاةِ بِغيرِ مَا بُرهَانِ
إنَّ المحبَّةَ والصُدُودَ لِدَانِ
وَاللهِ ما هذَا بِحُكمٍ مُقسِطٍ
أينَ الغَرامُ وصَدُّ ذِي هِجرَان
شتَّان بين الحالتَينِ فَإِن تُرِد
جَمعاً فما الضِّدَّانِ يَجتَمعَانِ
يَا وَالِهاً هَانَت عَلَيهِ نَفسُهُ
إذ بَاعَهَا غَبناً بِكُلِّ هَوَان
أتَبِيعُ مَن تَهواهُ نَفسُك طِائِعاً
بالصَّدِّ والتَّعذيبِ والهِجرَانِ
أجَهِلتَ أوصَافَ المبِيعِ وقَدرَهُ
أم كُنتَ ذا جَهلٍ بِذِي الأثمَانِ
وَاهاً لِقَلبٍ لا يُفَارِقُ طَيرُه ال
أغصَانَ قَائِمةً عَلى الكُثبَان
وَيَظَلُّ يَسجَعُ فوقَهَا وَلِغَيرِهِ
مِنهَا الثِّمَارُ وكُلُّ قِطفٍ دَانِ
ويبيتُ يَبكِي والمواصِل ضَاحِكٌ
وَيَظَلُّ يشكُو وهو ذُو هجرانِ
هَذا وَلَو أنَّ الجَمَالَ مَعلَّقٌ
بالنَّجمِ هَمَّ إليهِ بالطَّيرانِ
لِلَّهِ زائِرَةٌ بِلَيلٍ لَم تَخَف
عَسَسَ الاميرِ وَمَرصَدَ السَّجَانِ
قَطَعَت بِلادَ الشَّامِ ثُمَّ تَيمَّمَت
مِن أرضِ طَيبَةَ مَطلعَ الإِيمان
وأتَت على وادي العَقيقِ فجاوزت
مِيقَاتَهُ حِلاًّ بِلا نُكرانِ
وَأتَت على وَادِي الأرَاكِ وَلَم يَكُن
قَصداً لَها فألاً بِأن سَتَرانِي
وأتَت عَلى عَرفَاتِ ثُمَّ مُحَسِّرٍ
وَمِنًى فَكَم نَحَرَته من قُربَانِ
وأتَت عَلى الجَمَراتِ ثُمَّ تَيمَّمَت
ذاتَ السُّتُورِ وَرَبةَ الأركَانِ
هَذَا وما طَافَت ولا استَلمت ولا
رَمَتِ الجمارَ ولا سَعت لِقِرَانِ
وَرَقَت على أعلَى الصَّفَا فَتَيمَّمَت
دَاراً هنالِكَ لِلمُحِبِّ العَانِي
أتَرَى الدَّلِيلَ أعَارَهَا أثوَابَهُ
والرِّيحَ أعطَتها مِنَ الخَفَقَانِ
واللهِ لَو أنَّ الدَّلِيلَ مَكَانَها
ما كانَ ذلِك مِنهُ في امكَانِ
هذا وَلو سَارَت مِسِيرَ الريحِ مَا
وصَلَت بِه لَيلاً إلى نُعمَانِ
سَارَت وَكان دَليلُها في سَيرِها
سَعدَ السُّعُودِ وَلَيسَ بِالدَّبَرَانِ
ابن قيم الجوزيه
الحمدان
08-13-2024, 01:14 PM
ما بال قلبي بحب اللهو يشتغل
والشيب في الراس والقودين يشتعل
وغصن جسمي ذوى من بعد نضرته
وحالفت عزمه الأسقام والعلل
واحدو دب الظهر من سقم ومن كبر
هيهات والله بعد الشيب يعتذل
وجدتي من صروف الدهر قد خلقت
من بعد ما كان لا يلوى بها الملل
وقيدتني يد الأيام واقتربت
خطايَ إن قمت أو حاولت أنتقل
فما احتيالي وكر الدهر صيرني
كالطفل في المهد لا حول ولا حيل
والضعف حالفني والعزم خالفني
لكن فؤادي بغل الغي معتقل
حتى متى ونجوم العمر قد أفلت
وكاد بالرغم مني ينتهى الأجل
يا نفس توبى عن الآثام واتعظى
بمن على الآلة الحدباء قد نقلوا
وفارقوا زهرة الدنيا وزينتها
وفي بطون الثرى والقبر قد نزلوا
أموالهم بعدهم بالرغم قد قسمت
وهم عن الذر والقطمير قد سئلوا
فكل ما قدموا في الصحف مستطر
مما أكنوا وما قالوا وما فعلوا
فقدّمى صالحا فالموت قد أزفت
أيامه وحديث الركب متصل
واستمسكي بكلام الله واعتصمى
بالدين فهو لنا حصن ومعتقل
ولازمى سنة الهادى وسيرته
فهو الأمان لمن في الحشر قد وجلوا
سر الوجود وروح الكون من أزل
بيمن مبعثه قد بشر الرسل
خير البرية من عمت رسالته
كل الخلائق فابيضت به السبل
بشرعه نسخ الأديان قاطبة
دين قويم وشرع كامل جلل
جاءت شريعته بالعدل ناطقة
وفي المكارم مضروب بها المثل
دعا إلى الله أقواما قلوبهمُ
قدت من الصخر بل من دونها القلل
فأذعنوا وأجابوا صدق دعوته
بعد العناد وفي الإسلام قد جخلوا
كم جادلوه ولكن خاب فألهم
هيهات حاشى وكلا ينفع الجدل
قوم هم اللسن إن قالوا وإن خطبوا
على البيان وحسن النطق قد جبلوا
أما البلاغة فيهم فهي ناصعة
لكن أمام كلام الله قد خجلوا
خروا له سجدا من حسن ما سمعوا
وعن سماء العلا والكبر قد نزلوا
وقد أقروا كما قرت شقاشقهم
بالعجز من بعد ما أعيتهم الحيل
فقام يوقظهم من نوم غفلتهم
ففاز بالعز من ضلوا ومن جهلوا
وقد علت برسول الله رايتهم
وواصلوا الجد حتى للعلا وصلوا
أما الملوك فهابت باس سطوتهم
فسالمتهم ملوك الكون والدول
قوم كأنهم للطعن قد خلقوا
فالسيف ديدنهم والرمح والأسل
تخالهم وسيوف الهند في يدهم
نار الصواعق في الأعداء تشتمل
شم صناديد في الهيجا غطارفة
هم الضراغم إن شدوا وإن حملوا
فما استكانوا الأعداء وإن كثروا
يوم النزال ولا فروا ولا فشلوا
إما المنايا وإما النصر غايتهم
وجنة الخلد إن ماتوا بها دخلوا
وإن هم ظفروا في الحرب وانتصروا
كان الجميع له من نصرهم جذل
كان النبي إذا ماجد جدهم
يوم الوغى لإله العرش يبتهل
فيرسل الله جندا من ملائكة
مسومين وفي أيديهم شعل
الحملاوي
الحمدان
08-13-2024, 01:15 PM
يا نفس حتى متى التسويف أخجلني
ألم يكن لك في الإقلاع تسويل
متى المتاب وفودي شاب مفرقه
والعمر ولى ولى قد حان ترحيل
وثوب جسمي بالعصيان في دنس
وثوب غيري من الآثام مغسول
يا رب عفوا عن الجاني وزلّته
فأنت وحدك بالغفران مسئول
حمّلت نفسي ذنوبا لست أحصرها
لكن قلبي على التوحيد مجبول
وحب خير الورى عندى وشيعته
حب قويّ وهذا القدر مقبول
من لي بأن رسول الله يشفع لي
يوم الحساب وفكر الكل مذهول
إذ ليس يجدى به مال ولا ولد
وما على نسب في الحشر تعويل
إن لم يكن في أمورى آخذا بيدى
دنيا وأخرى والإ ضاع مأمول
لكن لي منك ميثاقا بتسميتي
بأحمد وهو بالأحسان مشمول
الحب أنطقه بالمدح مقتبسا
أنوار وصفك كي تحلو التفاعيل
مالى سوى مدحك المحبوب مدّخرٌ
وللدح يبذل إما قلّ محصول
لعل مدحى وحسن الظن ينفعني
في شدّتي يوم لا تغنى المثاقيل
تابعت كعبا ولم أقصد معارضة
أنى يكون لمثلى ذلك القيل
وإن علا كعب كعب يوم بردته
فبردتي منه في الدارين تنويل
إن لم أنل حسن حظي في متابعتي
بانت سعاد فقلبي اليوم متبول
عليك صلى إله العرش ما سجعت
في الدوح ورق لها في السجع تهديل
والآل والصحب والأحباب قاطبة
والحمد لله بدء ثم تكميل
الحملاوي
الحمدان
08-13-2024, 01:16 PM
القلب بالحب مشغوف ومشغول
والجسم بالوجد منهوك ومهزول
والدمع خدد خدّى من تساقطه
والصبر منقطع والوجد موصول
يا عاذلي كف عن لومى وعن عذلى
فقلما قيل التأنيب معذول
وكيف أقبل والأشواق تنشرني
طورا وتطوى فؤادي وهو متبول
هم الأحبة إن حلوا وإن رحلوا
فالقرب والبعد مهما قلت موصول
بانوا فبت أناجي النجم مبتئسا
والطرف بالسهد مكلوم ومكحول
والقلب والهدب من دمعى ومن أرقى
بالوجد والشوق مفتون ومقتول
لا يمسك الجفن دمعا حين أذكرهم
إلا كما يمسك الماء الغرابيل
إني أحث ركاب الشوق أطلبهم
وخطوة الشوق في ليل السرى ميل
متى الوصول لربع فيه قد نزلوا
بالأنس والصفو معمور ومأهول
يا حادى العيس عرج نحو حبهم
فإن قلبي بأهل الحي مشغول
بالمنحنى نزلوا أو سفح كاظمة
أو للعقيق بهم سارت مراسيل
بالمنحنى نزلوا أو سفح كاظمة
أو للعقيق بهم سارت مراسيل
وإن ضللت طريقا حين تقصدهم
فالمندل الرطب للحيران مشعول
وإن وصلت مقام الحي في سحر
فانزل فأوجبههم فيه قناديل
وناد فينا وهل هاتوا بشائركم
فقد وصلتم وما في الوصل تخييل
وإن رأيت خياما فيه قد ضربت
وقت الهجير فقل يا صحبنا قيلوا
فالكل يوليك بالتبشير نائله
وكل ما تبتغي بالبشر مبذول
أنزلتنا منزلا جلت مناقبه
وزانه مع علو القدر تبجيل
هذى الربوع بهم طابت منازلها
فزهر دوحتها بالغيث مطلول
لأنها طيبة طابت بساكنها
منها عليها ستار النور مسدول
بها ثوى خير خلق الله من ضر
محمد من به الإساد مأمول
طابت بقبر رسول الله وارتفعت
قدرا وصار لها بالقبر تفضيل
قبر به النور لا تخبو أشعه
لايعتريها مدى الأزمان تأفيل
فيه النبي الذي لولاه ما غدقت
رحمى ولا فاز في القربان هابيل
فيه النبي الذي لولا نبوّته
ما كان للحقّ والقرآن تنزيل
المصطفى المجتبى المحمود سيرته
من كان خادمه بالوحى جبريل
من قبل مبعثه قد بشّرت صحف
وأيّد الصحف توراة وإنجيل
بأنه الصادق المصدوق في أزل
وأن صارمه في الكفر مسلول
وحدثت قومها الرهبان قائلة
بأن هذا به للرسل تكميل
وأن شرعته للكل ناسخة
ودينه لجميع الخلق معقول
حمى الإله حماه عام مولده
من العداة فخاب القال والقيل
ورد عن حرم بالكيد أبرهة
إذ دمّرت جنده الطير الأبابيل
فكان عاقبة الأقوام أن هلكوا
لهم عذابان سجين وسجّيل
ويوم مولده النيران قد خندت
وصرح كسرى بايدي الصدع مثلول
وماء ساوة قد جفت موارده
فما بها أثر بالماء مبلول
وقد تنكست الصبان وانصدعت
حزنا كما انصدعت فيه التماثيل
وكل مشترق للسمع قد رجمته
الشهب نارا فولى وهو مخذول
وأصبح الشرك في ذل وفي نكد
وحيد بيد المختار مغلول
واشرق الكون لما حان مولده
لأنه لصلاح الكون مأمول
فأخصبت مذ تبدى كل ناحية
إذ غيث طلعته من دونه النيل
وأصبحت بعد طول الفقر في سعة
حليمة وأتاها الطول والطول
ودر ضرع وكل الأتن قد سبقت
أتانها إذ عليها العز محمول
والمحل أدبر والدنيا لها ابتسمت
إذ سعدها بحبيب الله مكفول
سمح الخليقة من إبان نشأته
على الهدى وصفات الحلم مجبول
الحملاوي
الحمدان
08-13-2024, 02:00 PM
تَذَكَّرَ مِنها القَلبُ ما لَيسَ ناسِياً
مَلاحَةَ قَولٍ يَومَ قالَت وَمَعهَدا
فَإِن كُنتَ تَهوى أَو تُريدُ لِقاءَنا
عَلى خَلوَةٍ فَاِضرِب لَنا مِنكَ مَوعِدا
فَقُلتُ وَلَم أَملِك سَوابِقَ عَبرَةٍ
أَأَحسَنُ مِن هَذي العَشِيَّةِ مَقعَدا
فَقالَت أَخافُ الكاشِحينَ وَأَتَّقي
عُيوناً مِنَ الواشينَ حَولِيَ شُهَّدا
بثينه
الحمدان
08-13-2024, 02:00 PM
تَذَكَّرَ مِنها القَلبُ ما لَيسَ ناسِياً
مَلاحَةَ قَولٍ يَومَ قالَت وَمَعهَدا
فَإِن كُنتَ تَهوى أَو تُريدُ لِقاءَنا
عَلى خَلوَةٍ فَاِضرِب لَنا مِنكَ مَوعِدا
فَقُلتُ وَلَم أَملِك سَوابِقَ عَبرَةٍ
أَأَحسَنُ مِن هَذي العَشِيَّةِ مَقعَدا
فَقالَت أَخافُ الكاشِحينَ وَأَتَّقي
عُيوناً مِنَ الواشينَ حَولِيَ شُهَّدا
بثينه
الحمدان
08-13-2024, 02:00 PM
يُكَذِّبُ أَقوالَ الوُشاةِ صُدودُها
وَيَجتازُها عَنّي كَأَن لا أُريدُها
وَتَحتَ مَجاري الدَمعِ مِنّا مَوَدَّةٌ
تُلاحِظُ سِرّاً لا يُنادي وَليدُها
رَفَعتُ عَنِ الدُنيا المُنى غَيرَ وُدِّها
فَما أَسأَلُ الدُنيا وَلا أَستَزيدُها
بثينه
الحمدان
08-13-2024, 02:01 PM
أَلا يا غُرابَ البَينِ فيمَ تَصيحُ
فَصَوتُكَ مَشنِيٌّ إِلَيَّ قَبيحُ
وَكُلُّ غَداةٍ لا أَبا لَكِ تَنتَحي
إِلَيَّ فَتَلقاني وَأَنتَ مُشيحُ
تُحَدِّثُني أَن لَستُ لاقي نِعمَةٍ
بَعِدتَ وَلا أَمسى لَدَيكَ نَصيحُ
فَإِن لَم تَهِجني ذاتَ يَومٍ فَإِنَّهُ
سَيَكفيكَ وَرقاءُ السَراةِ صَدوحُ
بثينه
الحمدان
08-13-2024, 02:01 PM
إِلى القَرَمِ الَّذي كانَت يَداهُ
لِفِعلِ الخَيرِ سَطوَةَ مَن يُنيلُ
إِذا ما غالِيَ الحَمدِ اِشتَراهُ
فَما إِن يَستَقيلَ وَلا يُقيلُ
أَمينُ الصَدرِ يَحفَظُ ما تَوَلّى
بِما يَكفي القَوِيُّ بِهِ النَبيلُ
أَبا مَروانَ أَنتَ فَتى قُرَيشٍ
وَكَهلُهُم إِذا عُدَّ الكُهولُ
تَوَلّيهِ العَشيرَةُ ما عَناها
فَلا ضَيقُ الذِراعِ وَلا بَخيلُ
إِلَيكَ تُشيرُ أَيديهِم إِذا ما
رُموا أَو غالَهُم أَمرٌ جَليلُ
كِلا يَومَيهِ بِالمَعروفِ طَلقٌ
وَكُلُّ بِلائِهِ حَسَنٌ جَميلُ
تَمايَلَ في الذُؤابَةِ مِن قُرَيشٍ
ثَناهُ المَجدُ وَالعِزُّ الأَثيلُ
أُرومٌ ثابِتٌ يَهتَزُّ فيهِ
بِأَكرَمِ مَنبِتٍ فَرعٌ طَويلُ
بثينه
الحمدان
08-13-2024, 02:01 PM
أَشَوقاً وَلَمَّا تَمضِ بي غير ليلةٍ
رُوَيدَ الهَوَى حَتّى لِغبِّ لياليا
لَحا اللَّه أَقواماً يَقُولُون إِنَّنا
وَجَدنا طَوال النأيِ لِلحُبِّ شافِيا
بثينه
الحمدان
08-13-2024, 02:02 PM
قامَت تُودِّعُنَا وَالعَينُ ساكِبَةٌ
إِنسانُها بِقَضيضِ الدَّمعِ مُكتَحِلُ
ثُم استَدارَ عَلَى أَرجاءِ ساحَتِه
حَتَّى تَبادَرَ مِنها دَمعُها الهملُ
كأَنَّهُ حينَ جَدَّ المأقِيَان بِه
دُرٌّ تقطَّع منهُ السلك مُنسجلُ
بثينه
الحمدان
08-13-2024, 02:02 PM
ما هاجَ شَوقكَ مِن بِلَى الأَطلالِ
بِالبَرقِ مَرَّ صَبَا وَمرَّ شَمَالِ
لَعِبَت بِجِدَّتِها الشَّمالُ وَصابَها
نَوءُ السماكِ بِمُسبِلٍ هَطَّالِ
جَرَّت بِها هُوجُ الرِّياحِ ذُيُولها
جَرَّ النِّساءِ فَواضِلَ الأَذيالِ
فَصرنَ عَن دُهمٍ تقادَم عَهدُها
وَبقِينَ في حِقَبٍ مِن الأَحوالِ
وَذَكرتُ رَبعاً حلَّ أَهلونا بِهِ
إِذ نَحنُ فِي حَلَقٍ هُناكَ حِلالِ
نَقِفُ الحَديثَ إِذا خَشِينا كاشِحاً
ونَلِطُّ حينَ نَخافُ بالأَمثَالِ
حتَّى تَفرَّقَ أَهلُنا عَن نِيَّةٍ
قُذُفٍ وآذَنَ أَهلُنا بِزَوالِ
بَانُوا فَبَانَ نَواعِمٌ مثلُ الدُّمَى
بِيضُ الوُجُوهِ يَمِسنَ في الأَغيَالِ
حَفد الوَلائِد حَولَهُنَّ وأَسلَمَت
بأَكُفِّهنَّ أزِمَّةَ الأَجمالِ
زاحُوا مِنَ البَلقَاءِ يَشكُو عِيرهم
عُنفَ السِّياقِ مُرَفَّعَ الأَذيَالِ
جَعَلُوا أَقَارِحَ كُلَّها بِيَمينِهِم
وَهِضَابَ بُرقَةِ عَسعَسٍ بِشمَالِ
ولَقَد نَظَرتُ فَفَاضَ دَمعِي بَعدَما
مَضَتِ الظَّعَائِنُ واحتَجَبنَ بآلِ
عرضَ الجَباجِبِ مِن أُثال كَما غَدَت
رُجحُ السَّفينِ دُفِعنَ بِالأَثقالِ
أَفكُلُّ ذِي شَجوٍ عَلِمتَ مكانَه
تَسلُو مودَّتَهُ ولَستَ بِسَالِ
مِن غَيرِ إِصقَابٍ يَكونُ مِنَ النَّوى
إِلا اللِّمامَ وَلا كَبيرَ وِصَالِ
قَالَت بُثَينَةُ لا تُبَالِي صَرمَنا
جَهَلت بُثَينَةُ إنَّنِيَ لأُبَالي
وَالمُجرِمِينَ مخافَةً وتَعبُّداً
يَحدونَ كلَّ نَجيبَةٍ شِملالِ
غَصباً كأنَّ عُيونَهُنَّ مِن السُّرى
وَمِن الكَلالِ مَدَافِعُ الأَوشَالِ
إِنِّي لأكتُمُ حُبَّها إذ بَعضُهم
فِيمَن يُحِبُّ كناشِدِ الأَغفَالِ
أَبُثَينَ هل تَدرِينَ كَم جَشَّمتِني
من عَقرِ ناجِيَةٍ وحَربِ مَوالِ
وتعسُّف المَومَاةِ تعزِفُ جِنُّها
بعدَ الهُدوءِ بِعرمسٍ مِرقَالِ
ولَقَد أشَرت على ابنِ عِمِّك لاقحاً
من حَربنَا جَرباءَ ذَاتِ غِلالِ
حَرباً يُشَمِّصُ بالضَّعيفِ مِرَاسُها
لَقِحَت عَلى عُقرٍ وطُولِ حِيَالِ
أوَ لا تَراني مِن جَريرةِ حُبِّها
أمسي الدِّلاصَ مُقَلِّصاً سِربَالي
صَدَأُ الحَديدِ بِمنكِبَيَّ كأنَّنِي
جَونٌ يُغَشِّيهِ العَنِيَّةَ طَالِ
يا لَيتَ لذَّةَ عيشِنا رَجَعت لَنا
في مثلِ عَصرٍ قَد تَجرَّمَ خَالِ
فَنَبيعُ أَياماً خَلَت فيما مَضَى
قَصُرت بأَيَّامٍ عقبنَ طوالِ
وَإذا العَدوُّ مكَذّبٌ أنباؤُهُ
وَإذا النصِيحُ مصدَّقُ الأَقوالِ
مِن كُلِّ آنِسَةٍ كأنَّ نُيوبَها
بَرَدٌ مُسَقَّطُ روضَةٍ مِحلالِ
هَطِلٌ كغادِي السَّلمِ يجري صعدَهُ
فَوقَ الزّجَاجَةِ عَن أجبّ ثِقَالِ
مَن تُؤتِهِ أشفَى عَلى ما فاتَهُ
مِنهَا وَإن لَم تجزِهِ بِنَوالِ
وَمَناكِبٌ عرضَت وكَشحٌ مُضمَرٌ
جَالَ الوِشَاحُ عَلَيهِ كلَّ مجَالِ
وَعَجِيزَةٌ رَيَّا وسَاقٌ خَدلَة
بَيضَاءُ تُسكِتُ مَنطِقَ الخَلخَالِ
حَتَّى إِذا مَلَثَ الظلامُ وفُتنَنِي
غَلَبَ العَزاء وهُنَّ غيرُ أوالِ
بثينه
الحمدان
08-13-2024, 02:02 PM
يضمُّ عليَّ الليلُ أطباقَ حُبِّها
كَما ضَمَّ أَزرارُ القَميصِ البنَائِقُ
بثينه
الحمدان
08-13-2024, 02:03 PM
لعمر ابنة العُذريِّ بَثنَةَ إِنَّني
عنِ الشيءِ ولَّى مُدبِراً لَصبورُ
وَإِنِّي عَن الماءِ الذي يَجمَعُ القَذَى
إِذا كانَ طَرقاً آجِناً لصَدُورُ
بثينه
الحمدان
08-13-2024, 02:04 PM
لا تَصرِمي يا جُملُ حبلي فإنَّني
ورودٌ علَى سَكِّ الأُمور صَدُورُ
وَإِنِّي علَى سَفحِ الدموعِ التي تُرى
لَجَلدٌ عَلى بَين الحَبيبِ صَبورُ
وَإِني بنارٍ أَوقَدَتها بِذي الغَضا
عَلى ما بِعَيني مِن قَذَىً لَبَصِيرُ
أَضاءَت لَنا وَحشية غيرَ أنَّها
مَع الأُنسِ ترعى ما رعوا وتَسِيرُ
بثينه
الحمدان
08-13-2024, 02:04 PM
وليتَ الرياحَ الهوج في ذات بَيننا
بِما لا تَبُتُّ الكاشِحينَ بريدُ
فَيأتيكُم مِنّا جَنُوبٌ مُطلةٌ
وَتأتينا هَيفُ العَشِيّ برودُ
يَمانِيةٌ تزجي أغنَّ مهلهلاً
كأنّ النعام الرُّمدَ فيه يرودُ
تزجّيه لا نكباءُ وَانٍ هَبُوبُها
وَلا سفوانٌ للسحاب طرودُ
بثينه
الحمدان
08-13-2024, 02:04 PM
أَلا هَل لعَهدٍ مِن بُثَينَة قَد خَلا
وَأورثَ شَجواً لا يُريمُك مِن رَدِّ
وَهل أَنا مَعذورٌ فأَبكي مِن التِي
أَراها عَلَى الهِجرانِ يَنمِي لَها وُدّي
وَلَو حاوَلت هجرانَها النفسُ لَم يَعُد
إِلَى سلوَةٍ بَل زادَ وَجداً عَلى وَجدِ
فَما لامَ فيها لائِم لَو علمتها
مِنَ الناسِ إِلا زادَ في حُبِّها عِندِي
فَلا تُكثِرا لَومي فَما أَنا بِالذي
سَنَنتُ الهَوى في الناسِ أَو ذُقته وَحدِي
بثينه
الحمدان
08-13-2024, 02:05 PM
تَظَلُّ وَراءَ السِترِ تَرنو بِلَحظِها
إِذا مَرَّ مِن أَترابِها مَن يَروقُها
إِذا جَمَعَ الإِثنانِ جَمعاً رَمَيتُهُم
بِأَركانِها حَتّى تَخَلّى سَبيلُها
أَضَرَّ بِها التَهجيرُ حَتّى كَأَنَّها
بَقايا سُلالٍ لَم يَدَعها سُلالُها
بثينه
الحمدان
08-13-2024, 02:05 PM
جُذامٌ سُيوفُ اللَهِ في كُلِّ مَوطِنٍ
إِذا أَزَمَت يَومَ اللِقاءِ أُزامِ
هُمُ مَنَعوا ما بَينَ مِصرٍ فَذي القُرى
إِلى الشامِ مِن حِلٍّ بِهِ وَحَرامِ
بِضَربٍ يُزيلُ الهامَ عَن سَكَناتِهِ
وَطَعنٍ كَإيزاعِ المَخاضِ تُؤامِ
إِذا قَصَّرَت يَوماً أَكُفُّ قَبيلَةٍ
عَنِ المَجدِ نالَتهُ أَكُفُّ جُذامِ
بثينه
الحمدان
08-13-2024, 02:05 PM
صَدَعَ النَعِيُّ وَما كَنى بِجَميلِ
وَثَوى بِمِصرَ ثَواءَ غَيرِ قَفولِ
وَلَقَد أَجُرَّ الذَيلَ في وادي القُرى
نَشوانَ بَينَ مَزارِعٍ وَنَخيلِ
بَكُرَ النَعِيُّ بِفارِسٍ ذي هِمَّةٍ
بَطَلٍ إِذا حُمَّ اللِقاءُ مُذيلِ
قومي بُثَينَةُ فَاِندُبي بِعَويلِ
وَاِبكي خَليلَكِ دونَ كُلَّ خَليلِ
بثينه
الحمدان
08-13-2024, 02:05 PM
لَعَمرُكِ ما خَوَّفتِني مِن مَخافَةٍ
بُثَينَ وَلا حَذَّرتِني مَوضِعَ الحَذَر
فَأُقسِمُ لا يُلفى لِيَ اليَومَ غِرَّةٌ
وَفي الكَفِّ مِنّي صارِمٌ قاطِعٌ ذَكَر
بثينه
الحمدان
08-13-2024, 02:06 PM
أَبوكَ حُبابٌ سارِقُ الضَيفِ بُردَهُ
وَجَدِّيَ يا شَمّاخُ فارِسُ شَمَّرا
بَنو الصالِحينَ الصالِحونَ وَمِن يَكُن
لِآباءِ سَوءٍ يَلقَهُم حَيثُ سُيِّرا
فَإِن تَغضَبوا مِن قِسمَةِ اللَهِ فيكُمُ
فَلِلَّهُ إِذ لَم يُرضِكُم كانَ أَبصَرا
بثينه
الحمدان
08-13-2024, 02:06 PM
وَنَحنُ مَنَعنا يَومَ أولٍ نِساءَنا
وَيَومَ أُفَيٍّ وَالأَسِنَّةُ تَرعُفُ
وَيَومَ رَكايا ذي الجَداةِ وَوَقعَةٍ
بِبَنيانَ كانَت بَعضَ ما قَد تَسَلَّفوا
يُحِبُّ الغَواني البيضُ ظِلَّ لِواءَنا
إِذا ما أَتانا الصارِخُ المُتَلَهِّفُ
نَسيرُ أَمامَ الناسِ وَالناسُ خَلفَنا
فَإِن نَحنُ أَومَأنا إِلى الناسِ وَقَّفوا
فَأَيُّ مَعَدٍّ كانَ فَيءَ رِماحِهِم
كَما قَد أَفَأنا وَالمُفاخِرُ يُنصِفُ
وَكُنّا إِذا ما مَعشَرٌ نَصَبوا لَنا
وَمَرَّت جَواري طَيرِهِم وَتَعَيَّفوا
وَضَعنا لَهُم صاعَ القِصاصِ رَهينَةً
وَنَحنُ نُوَفّيها إِذا الناسُ طَفَّفوا
إِذا اِستَبَقَ الأَقوامُ مَجداً وَجَدتَنا
لَنا مِغرَفا مَجدٍ وَلِلناسِ مِغرَفُ
بَرَزنا وَأَصحَرنا لِكُلِّ قَبيلَةٍ
بِأَسيافِنا إِذ يُؤكَلُ المُتَضَعَّفُ
وَنَحنُ حَمينا يَومَ مَكَّةَ بِالقَنا
قُصَيّاً وَأَطرافُ القَنا تَتَقَصَّفُ
فَحُطنا بِها أَكنافَ مَكَّةَ بَعدَما
أَرادَت بِها ما قَد أَبى اللَهُ خِندِفُ
بثينه
الحمدان
08-13-2024, 02:09 PM
وَسَل الفِوأرسُ يُخبَروكِ بِهِمتيَّ
وَمِواقفيُ فِي الحُربِ حَينُ أطِاهُا
وَأزيدُها مِن نارِ حُربيَ شُعلِةً
وَأثيرُها حِتّى تِدورُ رُحاهِا
وَأكُرُّ فيهِم فِي لَهيبِ شُعاعهَا
......
الحمدان
08-13-2024, 02:11 PM
إلهي إنَّها أيَّامُ عِتقٍ
وحاشَا مَنْ أنابَ بها يَخِيبُ
أعِنْ نفسِي وأكرمْهَا بعَفوٍ
فإنَّ النَّفسَ أشقتْها الذُّنوبُ
......
الحمدان
08-13-2024, 02:15 PM
وكنتُ إذا ما جئتُ جئتُ بعلةٍ
فأفنيتُ عِلاَّتي فكيف أقولُ
فَما كُلُّ يومٍ لي بِأَرضِكِ حاجَةٌ
وَلا كُلُّ يومٍ لي إِلَيكِ رَسولُ
......
الحمدان
08-13-2024, 02:16 PM
توهمت أني في المنام رأيتها
وقلت متى ألقاك في كف آملِ
فقالت: أنا مثل الثريا بعيدةٌ
وأين الثريا من يد المتناولِ
......
الحمدان
08-13-2024, 02:18 PM
وَاِصمُت فَإِنَّ كَلامَ المَرءِ يُهلِكُهُ
وَإِن نَطَقتَ فَإِفصاحٌ وَإِيجازُ
وَإِن عَجَزتَ عَنِ الخَيراتِ تَفعَلُها
فَلا يَكُن دونَ تَركِ الشَرِّ إِعجازُ
......
الحمدان
08-13-2024, 02:21 PM
أرح ركابكَ من أينٍ ومن عثَرِ
كفاك جيلانِ محمولاً على خطرِ
كفاكَ موحشُ دربٍ رُحتَ تَقطعهُ
كأنَّ مغبرَّهُ ليل بلا سحَرِ
......
الحمدان
08-13-2024, 02:22 PM
إذا كان يَجري الدهرُ عَكس مَرامِنا
فهل جِدُّنا يُجدِي أوِ الفِكرُ ينفَعُ
جلَسنا زماناً حائرينَ لأنَّنا
إلى العيشِ أبطأنا وللموتِ نسرِعُ
الخيّام
الحمدان
08-13-2024, 02:36 PM
رباعيات الخيام
سَمِعتُ صوتًا هاتفًا في السَّحر
نادى من الغيبِ غُفاةَ البَشَر
هُبّوا املأوا كأسَ المُنى قبل
أن تملأَ كأسَ العمرِ كَفَّ القَدَر
لا تُشغل البال بماضي الزمان
ولا بآتِ العيشِ قبلَ الأوان
واغنم من الحاضرِ لَذَّاتهِ
فليسَ في طَبعِ الليالي الأمان
غَدٌ بظهرِ الغيب، واليومُ لي
وكم يَخيبُ الظن في المُقبِلِ
ولستُ بالغافلِ حتى أرى
جمالَ دُنيايَ ولا أجتلي
القلبُ قد أضناه عشقُ الجمال
والصّدرُ قد ضاقَ بما لا يُقال
ياربُ هل يرضيكَ هذا الظّما
والماءُ ينسابُ أمامي زُلال
أولى بهذا القلبِ أن يخفِقَ
وفي ضِرامِ الحُبِّ أن يُحرَقَ
ما أضيَعَ اليومَ الذي مَرَّ بي
من غيرِ أن أهوى وأن أعشقَ
أفق خفيفَ الظلِ هذا السَّحَر
نادى دع النومَ وناغِ الوَتَر
فما أطالَ النومُ عمرًا ولا
قَصَّرَ في الأعمارِ طولُ السَّهر
فكم توالى الليلُ بعدَ النهارِ
وطالَ بالأنجمِ هذا المدارِ
فامشِ الهُوينا إنَّ هذا الثرى
من أعينٍ ساحرةِ الإحورار
لا توحِش النَّفسَ بخوفِ الظنون
واغنم من الحاضرِ أمنَ اليقين
فقد تساوى في الثّرى راحلٌ
غدًا وماضٍ من ألوفِ السنين
اطفئ لظى القلب بشهدِ الرِّضاب
فإنما الأيامُ مثلُ السّحاب
وعيشُنا طيفُ خيال فَنَل
حظك منه قبلَ فَوتِ الشباب
الخيام
الحمدان
08-13-2024, 02:36 PM
أظلت رياح الطارقات رواكدا
أم انطبقت منها جفوناً رواقدا
تحللت الأفلاك أم رأت دورها
فصرنا حيارى قد ضللن المراشدا
كأن النجوم السائرات توقفت
عن السير حتى ما بلغن المقاصدا
ففي قلب بهرام وجيب وروعة
وكيوان أعشى ليس يرعى المراصدا
لذاك تمادت دولة اللؤم وانبرت
بنو الترك يبغون السماء مصاعدا
الخيام
الحمدان
08-13-2024, 02:36 PM
إذا رضيت نفسي بميسور بلغةٍ
يحصلها بالكد كفي وساعد
أمنت تصاريف الحوادث كلها
فكن يا زماني موعدي أو مساعدي
أليس قضا الأفلاك في دورها بأن
تعيد إلى نحسٍ جميع المساعد
فيا نفس صبراً في مقيلك إنما
تحر ذراه بانقضاض القواعد
وهبني اتخذت الشعريين منازلي
وفوق مناط الفرقدين مصاعدي
متى ما دنت دنياك كانت مصيبةً
فوا عجباً من ذا القريب المباعد
إذا كان محصول الحياة منيةً
فشتان حالاً كل ساعٍ وقاعد
الخيام
الحمدان
08-13-2024, 02:37 PM
ولو أعطاني الدهر اختياري
بحس بالسر مني والطوية
لسرت على جفوني لدى
مغناك من عمري البقية
الخيام
الحمدان
08-13-2024, 02:37 PM
تدار لي الدنيا بل السبعة العلى
بل الفلك الأعلى إذا جاش خاطري
أصوم عن الفحشاء جهراً وخفيةً
عفافاً وإفطاري بتقديس فاطري
وكم عصبةٍ ضلت عن الحق فاهتدت
بطرق الهدى من فيضي المتقاطر
فإن صراطي المستقيم بصائر
نصبن على وادي العمى كالقناط
الخيام
الحمدان
08-13-2024, 02:37 PM
العقل يعجب في تصرفه
ممن على الأيام يتكل
فنوالها كالريح منقلبٌ
ونعيمها كالظل منتقل
الخيام
الحمدان
08-13-2024, 02:37 PM
زجيت دهراً طويلاً في التماس أخ
يرعى ودادي إذا ذو خلةٍ خانا
فكم ألفت وكم آخيت غير أخٍ
وكم تبدلت بالإخوان إخوانا
وقلت للنفس لما عز مطلبها
بالله لا تألفي ما عشت إنسانا
الخيام
الحمدان
08-13-2024, 02:38 PM
سبقت العالمين إلى المعالي
بصائب فكرةٍ وعلو همه
فلاح بحكمتي نور الهدى في
ليالٍ للضلالة مدلهمه
يريد الجاحدون ليطفئوها
ويأبى الله إلا أن يتمه
الخيام
الحمدان
08-13-2024, 02:38 PM
وما ساقني فقر إليك وإنما
أبي لي عُزوف النفس أن أعرف الفقرا
ولكنني أبغي التشرف إنه
سجية نفسٍ حرةٍ مُلئتْ كِبرا
الخيام
الحمدان
08-13-2024, 02:38 PM
متى ما تُخالِط عالَمَ الإنس لم يَزَلْ
بسمعِكَ وَقرٌ من مقالِ سفيهِ
إذا ما الفتى لم يَرُم شخصكَ عامدا
بكفيَه عن ضَغنِ رَمَاك بفيهِ
وقد علم الله اعتقادي وأنني
أعوذُ به من شر ما أنا فيهِ!
الخيام
الحمدان
08-13-2024, 08:40 PM
هل كان في عجزي عن المكتوبِ
إنّي قرأتُ الخطّ (بالشّقلوب)
فبدا الغروب مُشَرّقا في ناظري
وبدا الشروقُ معانقا لغروبي
نلقى المنيّةَ في عناقِ عدوِّنا
ونموتُ عشقا في هوى المحبوبِ
والحرُّ مثلُ الطير صار ملاحقا
في حضن جوٍّ خانقٍ مسلوبِ
هل نحنُ شرْذمةٌ وشر مذمّةٍ
صارت تقالُ بعقلنا المضروبِ
يا أمّةَ المليون جرحٍٍ أفلستْ
من فرط مدمعها عيون شعوبي
اشرف حشيش
الحمدان
08-13-2024, 08:40 PM
حلو الكلام يشيدُ قصرَ محبّةٍ
ويهدّ سقفَ ودادِنا الثرثارُ
إن كنتَ أكننتَ الضغينة َ يُبدِها
منك اللسانُ وتُكشَفُ الأسرارُ
كم ناقلٍ شرّا على أسماعنا
ذاق المرار وأحرقتْهُ النارُ
ما كان في حمل الضغائن هيبةً
إنّ المحبة هيبةٌ ووقار
ولو احتكمنا للوداد لحُررتْ
أوطاننا وتقهقر الأشرارُ
اشرف حشيش
الحمدان
08-13-2024, 08:41 PM
بالحرف قد نرقى وقد نتحدّرُ
وبه نضلّ سبيلَنا أو نُبصرُ
فالحرفُ مصباحٌ إذا أشعلتُهُ
نبضا. على وجه الصباح يُسطّرُ
والحرفُ ترياقٌ إذا أسقيْتُهُ
نبعَ الهوى في قلبِه ِيتفجّرُ
والحرف لي وطنٌ أبادل جرحه
لغتي وفي أحزانه أتصوّرُ
اشرف حشيش
الحمدان
08-13-2024, 08:41 PM
بحدِّ الوداد تسيلُ المُهَجْ
فما في انفعال العيون حرجْ
وصوتك لما طَلَبْتِ دَمِي
فؤادي من الصدر شوقاً خرجْ
عظيني بلادي بسيف هوى
يزفّ لروحي اقتراب الفرجْ
اشرف حشيش
فلسطين
الحمدان
08-13-2024, 08:42 PM
لم يحتملْ حرّ أشواقي ولهفتها
تبخّرَ الكأسُ بالأشواقِ وارتفعا
وعاد يذرفُ عنّي بعدما نضبتْ
دموعُ قلبي على الماضي الذي رجعا
هل زاغ غيمُ حنيني أم يزاولني
بكل عامٍ على ميعاده طَمَعا
اشرف حشيش
الحمدان
08-13-2024, 08:42 PM
وأنفِـقُ إخـلاصـا بحُـسـنِ إيـابـي
ويمسـكَُ نكرانـا بـسـوءِ غـيـابِ
وأنـصــفُــهُ ودّا بـجــنّــة رحـــمـــةٍ
ويظلمـنـي صـــدّا بـنــار عـــذابِ
وأرسلُ بوحَ القربِ عنه مُسائلا
فيرجِعُ صمتُ البُعدِ منه جوابي
اشرف حشيش
الحمدان
08-13-2024, 08:43 PM
وليت دمعَ فراقي كان ينسيني
وليتَ في البعدِ نسيانا لما كانا
قد كنتُ بالروحِ ولهانا إذا خفقَتْ
نسائمُ الشوقِ في أجواءِ لُقيانا
ما لي سوى الليل محفوفا بأسئلةٍ
يجيبُني الدمعُ بعد البَيْن هتّانا
النار والبرد في قهري قد اتّحدا
ضدانِ ضدّي لهيبٌ مدّ طوفانا
اشرف حشيش
الحمدان
08-13-2024, 08:43 PM
لو بعضُهم مَلَكَ الهـواءَ لـردّه
ولباعنـا الأنـفـاسَ بالتقسـيـطِ
أو طالبوا رئة المواطن خطّـة
والسحب بالإرشاد والتخطيـطِ
وبطاقـة للشحـن فـي بلعومـه
لـقـراءة الـعـدّاد عـبــر شـريــطِ
حتى إذا نفد الرصيد فمـا لـه
إلا ليخبطَ رأسَه في (الحيـطِ)
فعدالة التوزيع تقضي حصّة
مـن غيـر إسـراف ولا تـوريـطِ
اشرف حشيش
الحمدان
08-13-2024, 08:44 PM
تـورّط قـلبُها فـي شنّ حربِ
وزاد جـنـونها تـرحيبُ قـلبي
إذا قـصفتْ بـأعينها هدوئي
وقـرر لَـحْظُها الـفتاكُ ضربي
وحلّق سربُ أشواقٍ بجوّي
ليرصدَ لهفتي منها ..وقربي
وقـد عـبرَتْ مفاتنُها حدودي
ومرّتْ بالهوى من كلّ دربي
وضيّقتِ الخناقَ عليّ حتى
وجـدتُ الـقلب ممتثلا يلبي
يقول لها إذا انسكبت حنينا
بكأس هواه :زيديني وصبّي
اشرف حشيش
الحمدان
08-13-2024, 08:44 PM
أَ أَمِـنتِ يـا فـرسَ الهوى الفتّانِ
مـن أن يُـصابَ الـعقلُ بـالدورانِ
أَ أَمـنـتِ مـن قـلبي وردّة فـعله
وأمِـنتِ من وَلَعي ومن طغياني
قد خرّ سقفُ تصبّري من نظرةٍ
وتـصـدّعتْ مـن طَـرْفها أركـاني
مـا عـدْتُ مـلتزما بـوعي بـعدما
ضـاعتْ بـملعب حسنها العينانِ
راحــت تـثور خـواطري مـجنونةً
ويفيضُ عذب الشعر من وجداني
أسـرجتُ حـلمَ صـبابتي وركبته
وعـبرتُ مـع حـلمي لـكونٍ ثـانِ
اشرف حشيش
الحمدان
08-13-2024, 08:45 PM
سُرْعانَ ما بَرُدَتْ بُعيْدَ غيابي
حتى اكتوتْ ببرودِها أعصابي
قد آنَسَتْ ناري مرارا فاصطلَتْ
دفءَ الغرامِ وقد فقدتُ صوابي
ولَهَا بتعذيبي مآربُ جمّة
ويهونُ في صخب الحنين عذابي
في قلبها شوقٌ يترجم لهفتي
فأخطّ واشوقاه نبض كتابي
اشرف حشيش
الحمدان
08-13-2024, 08:48 PM
ورسمتُها شمسا تضيء بلا شحوبِ
لكنّها راحت تهددُ بالغروبِ
ظــنــت بــــأنَ فــراقـهـا سـيـذلّـنـي
وأنـا الـذي مـا ذلّـني وجـعُ الـخطوبِ
قـلـبي الــذي مـعـها يـروّضُ حـمقها
ويـعـيدها بـالـنور مــن عـتـم الـذنوبِ
مــن شُـرفتي هـذا الـضياء فـحاذري
ألا تَـمُـرّي يــا أصـيـلةُ فــي دروبــي
فـإذا مـررتِ كـما أحـبُّ بـخاطري
وعـقـدْتِ عـزمـا بـالـمودة أن تـتـوبي
تـجـدين قـلـبك نـابضا فـي أسـطري
ويـظلّ قـلبي فـي هـواك بـلا عـيوب
اشرف حشيش
الحمدان
08-13-2024, 08:49 PM
دعـيـنـي أكــسّـر كـــل الـمـرايا
وأغطس في سحر سود العيونْ
دعـيـني أسـطـر فـيـك جـنوني
وأغــرق فــي تـيه بـحر الـجنونْ
وسـلّـي رمــاح الـرموش بـلطفٍ
ومـــري بـقـلـبي مــرورا حـنـونْ
وكـوني حـديقة حـبي وعـطري
وإنـــي كــمـا تـشـتـهين أكــونْ
فــأنـت عـبـير حــروف قـصـيدي
وأنـــت الـبـهـاء وأنـــت الـفـتونْ
اشرف حشيش
الحمدان
08-13-2024, 08:50 PM
مـا أضـعف الـليثَ لـو فـي وجـهه نظرت
لــفــرّ مــــن عـيـنـهـا الــحــوراء لــلأبـد
وصـــارت الـغـيـد فــي الأمـثـال تـضـربه
غـزالـة الـحـسن قــد نـالت مـن الأسـدِ
قــــد طــوقـتـه بــطـرف الـعـيـن فـاتـنـةٌ
كــــأن نـظـرتـهـا حــبـلٌ مـــن الـمـسـدِ
فـــي كـــل ركـــن يــرى وهــي غـائـبة
ومـا سـواها يـرى فـي الـناس مـن أحد
ضــاقـت بــه الأرض وارتـجـت بــه ألـمـا
وراح يــهــربُ مــــن بــلــدٍ إلــــى بــلـدِ
ومــــن تــجــرع ســـم الــحـبّ يـعـرفـه
ويــبـصـر الــمــوت مــــرّاتٍ بـــلا عـــدد
لـمن سـأشكو وقـلبي رهـن مـن ذبحوا
والـنارُ تـأكل فـي عـظمي وفي عضدي
ويـغـمـر الــشـوق وجـدانـي إذا ذُكــرتْ
يـغرّد الـحرف فـي صـدري وفـي خَـلَدي
فــــلا تـلـمـنـي إذا ســبـحـت مـبـتـهلا
فــي مـعبد الـشوق بـالاشعار يـا ولـدي
إذا أقــامــوا صــــلاة الــحـب وانـتـظـروا
مَـن الإمـام لأهـل العشق في الشِّدَدِ
فـقـد تـقـدّمت فــي الـعـشاق مـفتخرا
وقـد سـجدتً سـجود الـسهو مـن كَمَدِ
حــتـى انـتـهيت أنـاجـي الله فــي أدبٍ
يــا سـيـد الـحب هـل لـلحب مـن مَـدد
يـا سـيدي الـحب سيف الشوق منتصرٌ
إنــــي أعــــدّ إلـــى مـيـدانـه عُـــددي
ألـقـيتُ تـرسي لـسهم الـعين يـقتلني
وأزهق السهم هذي الروح في جسدي
مـا دمـت ألـقاه فـي حلمي وفي أملي
أعــيـش ذكـــراه . إنـــي غــيـر مـنـفردِ
وإذ بــطــائــر أشـــواقــي يـطـمـئـنـني
عــلـيـك بـالـصـبـر والـسـلـوان والـجَـلَـدِ
مـهـمـا تــنـاءت دروبُ الـبـعـد وانـعـقدتْ
حــبـائـل الــشـوق بـالـهـجران والـعُـقَـدِ
لا بــــد مــــن ســنــدٍ لــلـود يـحـفـظه
وحـسـبـنـا الله خــيــر الــــود والـسـنـدِ
اشرف حشيش
الحمدان
08-13-2024, 08:50 PM
لك يا مصبّ النهر في قلبي الحزينْ
لك مهجة الأشواق فاضت بالحنينْ
لك أن تبوح بلهفةٍ بُحْنا بها
للنخل والدفلى وورد الياسمينْ
لك أن تظلّ خواطري تجري بنا
بالحب والتحنان من حين لحينْ
يا عشقُ إن قطعوا الدروب لنهرنا
فكأنما قطعوا عن القلب الوتين
ستظل حرّا أيها النهر الذي
يجري بوجداني على مر السنينْ
وتظل يا نهر المحبّة ثائرا
ويظل ذو الأطماع في وطني سجين
فغدا يزف الصبح فرحة نصرنا
وتبشّر الزوار بالنصر المبين
اشرف حشيش
الحمدان
08-13-2024, 08:51 PM
قالت : وفيٌّ . قلتُ :ذا طبعي
وهــل الـوفـاء تـخـلّفٌ رجـعـي
مــن خـان صـاحبه فـليس لـه
حـقٌ عـلى عـينيَّ أو سمعي
وطــويـتُ صـفـحتَهُ بــلا أمــلٍ
فـــي عــودةٍ لـتـدارُكِ الـوضـعِ
وتـحـوّل الـمـاضي إلـى طـللٍ
نـلـقـاه وا أســفـاه بـالـدّمع
كـيـف ارتـضيتِ الـغدر راغـبةً
وكــأنـه ضَــرْبٌ مــن الـشـرع
كُـفـي عــن الـهذيان أخـيلتي
وإذا جـنـحت فـهـدّئي روعــي
إنْ كــانــت الأغــصـان ذابــلـة
فالضعفُ في السيقان والجذع
وكـذا الـمحبةُ "بالوفا" حُفظتْ
إنْ الــوفــا لــلــود كــالــدرع
أيـخـونُ نـبـعَ الـحـب شـاربُه
مــا دام يـشـربُهُ مــن الـنـبع
والـفـرع ريــح الـشـر تـخـدعُه
شـتّـان بـيـن الأصــل والـفـرع
فــالأرض كـم أوفـى لـها بـطلٌ
مـترجلا فـي الـساح كـالسّبع
قـالت : يـراه الناسُ مصلحةً
ســتـعـود بـالأطـمـاع والـنـفـع
حـــتــى إذا نــالــوا مــآربـهـم
صـــدّوك بـالـهـجران والـقـطـع
فـالـمالُ أغـمض عـين صـاحبه
ورمــاه بـيـن الـطـرح والـجـمعِ
مـا لـي ورأي الناس لي شيمٌ
سـطّـرتها بـالـحبّ فـي ربـعي
سأعيش ما أوفيتُ في شرفٍ
لا تـمـلـكين لـعـزّتـي مـنـعـي
اشرف حشيش
الحمدان
08-13-2024, 08:52 PM
مـن بـسمة الـصبح مـن إشـراقةِ الأمل
مـن شـعلة الشوق في حلّي ومرتحلي
مــن صـرخـة الـحـر فــي مـيدان نـخوتنا
مـن وقـفة الـعز في سهلي وفي جبلي
أضـــاء قـنـديـلُ روحـــي فـــي روائـعـهـا
ورتّـل الـصيفُ ضوءَ الشمس في جُمَلي
مـن مـنبع الـودّ فـي قلبي ارتويتُ هوى
مـــن ضـــرع قـافـيـة صـهـبـاء كـالـعسل
يــا بـعـد أمــي إذا جـاشـت مـشـاعرها
راحـــت تـــداوي أنــيـن الـحـرف بـالـقُبَلِ
إن الـقـصـيدة عــيـنٌ قـــد بــصـرتُ بـهـا
فــهــل أرانــــي بـــلا شــعـرٍ ولا مُــقـلِ
هــل تـفطميني وأوجـاعي الـتي كـثرتْ
فـي دفء حـضنك لا أخـشى مـن العلل
كــم قـلـتُ أهـواكِ يـا نـبضي ويـا لـغتي
وردّ صــوتُـكِ : كـــم أهـــواك يــا بـطـلي
ما كان هجري حروف الشعر من شيمي
فــإن هـجـرتُ حــروف الـشـعر واخـجلي
فـــلا سـبـيـل إلـــى الأحــلام يـأخـذني
ســوى الـقصيدة مـا تـاهت بـها سـبلي
لــو يـعـزف الـقـلب ألـحـان الـهوى فَـرحا
يــعـرّشُ الـشـعـرُ بـسـتـانا مـــن الـغـزلِ
اشرف حشيش
الحمدان
08-13-2024, 08:52 PM
نهرانِ.. يا لبراعة الرحمن
رغم اختلاف اللون يلتقيان
تمتدُّ روح الودّ في مجريهما
مثل امتداد الروح في الأبدانِ
فكلاهما يحيا جوار حبيبه
مستأنسا بمحبةٍ وأمانِ
من قال أن اللون يفسد ودّنا
هل تفسدُ الأخلاق بالألونِ
فالنجم في حضن الدجى متلألئٌ
لولا الدجى ما ازدان باللمعان
اشرف حشيش
الحمدان
08-13-2024, 08:52 PM
مـنـها أنــا مــن طـيـنها
وتــشــدّنـي لـحـنـيـنها
ونـضـارتي مـن قـمحِها
وحــلاوتـي مــن تـيـنها
وقــصــائـدي فـــوّاحــةٌ
بـالـعطر مــن نـسرينها
ومـحـبّـتـي وتـلـهّـفـي
وتـرفُّـقي.. مــن ديـنها
وصـلابتي مـن صخرها
حِــمـمٌ عــلـى تـنّـيـنها
هــل تـذكـرون "دلالًـنا"
مــا أكـمـلت عـشرينها
قــد أشـعلتْ أشـواقها
حــبـا بـــدرب سـنـينها
ولـقـد حـفظتُ غـرامها
وكـتـبتُ عــن حـطّـينها
عن قوسها عن سيفها
مــتــألَــقـا بــيـمـيـنـهـا
قـلبي ونـبض خـواطري
والـــروح لـــو تـرضـينها
يــــا جــنّــة أمـهـرتـهـا
لـغـتـي ونـبـض يـقـينها
أبـطـالـنـا بـصـمـودهـم
قــــد غــيّـروا تـكـويـنها
فــتـعـلّـمـتْ أطــيــارُنــا
فــي جـوّها تـلحينها
اشرف حشيش
الحمدان
08-13-2024, 08:53 PM
صلّوا على الشهداء ما انبلج الضّحى
وإذا ســجـى لــيـلٌ عــلـى الاكَـمَـاتِ
فـالـفجر ســل الـضوء مـن أشـواقهم
وأنـــار فـــي لــجـجٍ مـــن الـظـلـماتِ
وكـــذا الـمـلائكة اصـطـفت أخـيـارها
وتـــلــت عــلـيـهـم أعــــذب الآيــــاتِ
والأرض وطّــنــت الــقـلـوب حـنـيـنـها
وبــنـت لـهـم فــي صـدرهـا الـغـرفات
أو مــا اكـتـفيتِ إذا شـربـتِ دمـاءَهُم
وصـنـعـتِ تــربَـكِ مـــن أديـــمِ رفــاتِ
ونــصـبـتِ لـلـصِـيـد الــرمــاة مــنــارةً
بــيــن الجــفــون ومــلـعـبِ الـحـدقـاتِ
ورفــعــتِ جــيــدكِ ظــبـيـة مـخـتـالة
تــتــألـقـيـن بـــأفــصــحِ الـــنــظــرات
يــا حــظّ هـذا الـطود أسـكره الـهوى
فــتـراقـصـتْ بــغــرامـه شــجــراتـي
مـــا هـبّـت الـذكـرى بـبـوح عـبـيرهم
إلا وحــدثــنــي بــمــســك فَــتــاتـي
لــكــم الــيــراعُ مــــداده أُســطــورة
فـرشـتْ كـصفصاف عـلى الـصفحات
لــكــم الـخـلـود يــزيـلُ عـــن أيـامـنـا
زيـــفَ الـعـصـورِ ومـشـهـد الـمـاسـاةِ
لــكـم الــوقـارُ يـنـامُ فــي أحـضـانكم
وإذا أفـــاق يــضـيء فـــي كـلـمـاتي
سـيـداسُ عـلـج الــروم فــي أوطـاننا
وســيـنـزلُ الــجـزارُ عـــن صـهـواتـي
وقـصـائـدُ الـزيـتـون ســـوف يـخـطّـها
زيـــتٌ أنـــار الـعـتـم فــي الـسـهرات
إنّـــا لــهـا يـــا أرضَــنـا يـــوم الـوغـى
فــلـتـزدهـي بـعـقـيـدتـي وصــلاتــي
اشرف حشيش
الحمدان
08-13-2024, 08:53 PM
تـطـاول لـيـلُ الـبعدِ واشـتد قـاسيا
ومــا أرجــع الـبـوحُ الـحـبيبَ الـنائيا
أنـا كـنتُ قـبل الهجر أشكو تلهّفي
ولا زلــتُ بـعد الـهجر يـا دارُ شـاكيا
وهـل تـبرئ الـشكوى جـراح مـبرّح
وهـل كـان دمـعي يا قصيدة شافيا
فـلا أغـمضت عـيني ولا لـذّ نـومها
ولا طــاب لــي حــرفٌ تـلـوّع بـاكـيا
ولـكـنـني مـنّـيـت قـلـبي رجـوعـها
فــيـا طـائـر الأشــواق بـلّـغ أمـانـيا
ومــا بـرحـتْ ودّي ولا خـنـتُ ودّهـا
كـلانـا بـعـهد الــودّ قــد ظــلّ بـاقيا
إذا حــالــت الـبـيـداء دون لـقـائـنا
وردّ جــــــدار الــغــادريـن رجــائــيـا
كـفتني جـنانُ الشعر تجري خلالها
أحـاديـث أنـهاري وتـسقي الـبواديا
أصـبّر نـفسي فـي انتظار حبيبتي
إلـى أن يُـقضّي الله مـا كان قاضيا
فليلاك في "تيماء" يا "قيسُ" دارها
ولـيلاي "واقـدساه" ضـاقت لـما بيا
اشرف حشيش
الحمدان
08-13-2024, 08:54 PM
الوجه الآخر للصياد
لهفي على الصيّاد ما أشقاه
عبستْ أمانيه .وساء هواه
ركب الكآبة مكرها في عُرْضِهِ
والخوف عن شط الرضا أقصاهُ
فضريبة العيش المرير ثمينة
كم مُبحرٍ . بحرُ الردى أرداهُ
من عاش صيّادا يظلّ مهددا
أوّاه من عثراته أوّاهُ
فانظر توجّس زوجه وعياله
وانظر بعطفك أمّه وأباهُ
نذروا الصيام عن الحديث ومثلهم
قد أطبقت في بحره شفتاهُ
اشرف حشيش
الحمدان
08-13-2024, 08:55 PM
أجمل بطلّته فما أبهاه
بسعادة الصيّاد إذ يلقاه
مُتألّقا ما لوّثت أنفاسَه
ريحٌ. وماء البحر قد صفّاه
يلقي التمني في شباك تفاؤل
ويردّها حبلى بطيب رضاه
متبسّما فرحا بوافر خيره
يا سعده مما جنته يداه
يتنفس الصعداء في إبحاره
وتقرّ بعد رجوعه عيناهُ
يا طيب مطعمه وطيب مذاقه
قد ناله بالكدّ في مسعاهُ
اشرف حشيش
الحمدان
08-13-2024, 08:56 PM
كفاني أن أغوص ببحر ودّي
تعالي واشربي التحنان عندي
فلا حدٌّ يحدُّ لنا حِراكا
ولا التيّار يربطني بقيد
أنا حرٌّ وفي بحري حياةٌ
وأنتم تخضعون لكل وغد
اشرف حشيش
الحمدان
08-13-2024, 08:57 PM
طـوبى لـعبلةَ مـجدها قـد سـطّرهْ
رجــلٌ مــن الـتاريخ يُـدعى عـنترةْ
مـا أعـظم الـماضي الـغني بـعزّنا
يـا خـزيَ حـاضر أمّـتي مـا أحقرهْ!
هل كان يعوي الخوف في أحلامنا
وتـهـددّ الـمـمحاةُ نـبـضَ الـمـحبرةْ
أو كـان يـبني الـوهم عرش خرافة
فــي أرضـنا مـتغطرسا بـالسيطرة
أو كـان يـهتكُ مـنطقي وفصاحتي
لَـحْنٌ تـفشّى فـي الحديث وعثّره
أو كـــان حـاخـامُ الـيـهود مـدنّـسا
بـحـذائه الأقـصـى ويـحـرق مـنبرَهْ
قد عضّ نهدَك في العراق حبيبتي
وأمـاط عـن جـسدي اللثام وصوّرَهْ
ســـدّوا نـوافـذ فـرحـتي لـوصـالها
لــم يـبق دربٌ لـلمنى كـي أعـبرَهْ
مـنعوا صـهيل الـنصر فـي أنفاسنا
كي لا نشمّ هوى الحروف معطّرةْ
فـغمدْتُ فـي الوجدان ما يندى له
مــن ذلّـنا وجـه الـسماء الـمقمرةْ
مــا اســودّتِ الأيـامُ يـا بـنة مـالكٍ
لـو كـان يـزأر فـي الـوقائع قـسورةْ
لا تـأمني فـي عبسَ عيشا بعدما
صـــارتْ لـعـزّتـها الـذبـيحة مـقـبرةْ
اشرف حشيش
الحمدان
08-13-2024, 08:57 PM
هـــل غــيّــر الــغــازي طـبـاعَــك
وأطــعــتـــه حــــتــــى أطــــاعَــــكْ
بـــالأمــــس أشـــرقــــتِ الـــمــــرا
كـــبُ تقـتـفـي هـديــا شـعـاعَــكْ
والــــيـــــوم ضــــلّـــــتْ مــثــلــمـــا
ضـلــوا ومــــا رفــعــوا شــراعــكْ
أغــمــضــتَ شـــطّـــك عـــامـــدا
وصممتَ عن سجني سماعَكْ
مــن باعـنـي يــا بـحـر فــي ال
منـفـى. إلــى الحـيـتـان بـاعــكْ
أقـــلـــعــــتَ عـــــنـــــي تـــــاركـــــا
ودّي لــتــمــنــحـــه قــــــلاعَــــــكْ
مــكّـــنـــتَ حــيـــتـــان الــــعــــدى
فـتـأهـبــتْ تـــهـــوى ابــتــلاعــكْ
ودّعـــــــتَ تــاريــخـــي الــــــــذي
يـشـكـو إلـــى الـدنـيــا وداعَــــكْ
ضــــاقــــت بــمـــركـــب عــــزنــــا
ضـاقـت . وضيّـقـت اتـسـاعَـكْ
اشرف حشيش
الحمدان
08-13-2024, 08:58 PM
تأسْبَنَتِ البلادُ وأسبنوها
وزوّجها لغاصبها بنوها
أحقّا حسنها قد جرّ عارا
وأوصلها إلى ما أوصلوها
خذوا عيني إليها كل ذكرى
لقافيةٍ على الماضي اذرفوها
اشرف حشيش
الحمدان
08-13-2024, 08:58 PM
ألم تأخذي مني كتابي وموثقي
وخطا بنبض القلب باح بمنطقي
إذا هُدّ سيفُ الودِّ بعد رحيلكم
ففي ظلّ هذا الردم كيف سنلتقي
تهشّم حصني بعد هجر أحبّتي
وجالتْ عيون الغادرين بخندقي
ولو عاد خلاني زرعتُ دروبهم
حروف ريحاني وأبيات زنبقي
فبالحب والإيمان تعمر دارنا
وبالأهل والأوطان نحيا ونرتقي
فإن شئتِ بعدا فالبعاد أذيّة
وإن شئت قربا فاصدقيني وصدّقي
بحور من الأشواق تهدر داخلي
متى نظرت فيها عيونك تغرقي
ونارٌ بحرف الشعر أذكي لهيبها
تراك متى حدقتِ فيها تحرقي
جمعت بيَ الضدين شوقا ولهفة
ثقي بعذابي في الغرام ألا ثقي
أما أن أن يطوى الخلاف بحبّنا
وتجمعُنا الأوطانُ بعد التفرق
اشرف حشيش
بحر الطويل
الحمدان
08-13-2024, 08:59 PM
ما عاد يجدي النصحُ في أدبٍ
لغليظِ طبعٍ قلبُهُ فظُّ
فهل استجابَ لنصحنا أحدٌ
أو ردّهُ عن حقده وعظُ
لن يسمع الظُّلام صرختنا
إنْ لم يكن بالمدفع اللفظُ
كم زهرة ماتت بموطنها
كمدا لأنّ ترابها غَلْظُ
كقصيدة قيلت بمكرمةٍ
لم يبتسمْ لحروفها حظُّ
اشرف حشيش
الحمدان
08-13-2024, 09:00 PM
أنـتِ فـي الـقلب غايتي ودليلي
بسمــــة الصبحِ وابتهالُ الأصيلِ
مــا اكـتـحالُ الـنـجومِ بـالضوء إلا
كـانعكاساتِ لَـحْظِكِ الـمستحيلِ
فـأحـيـلي الــغـرامَ عــطـرا ووردا
قــدْ تـلظّتْ خـواطري فـأحيلي
دونـكِ الـبوح حـلقي في خيالي
كــلـمـا تُــقـتِ لـلـغُـنا والـهـديـل
لــو تـنـزّهتِ فــي ريـاض فـتوني
أوتـجـوّلتِ فــي الـفـؤاد الـعـليل
لـتـمـنَّـيتِ أن تــصـيـري مـــدادا
يـرسم الـشوق شامخا كالنخيل
لا يـكـونُ الـجمالُ إن لـم تـكوني
لــوحـةَ الــفـنّ لـلـيراع الـجـميل
أو تـكـونـي حـكـايةً مــن حـكـايا
(شـهـرزادٍ) بـأُنـس لـيـلٍ طـويـل
أو تـكوني مليكةً في كيــــــاني
ويـــكــون الـقـصـيـد كـالإكـلـيـل
هـيبةُ الـقدس أنت وقت التجلي
عـزة الـنفس فـي جـبال الخليلِ
مَـن سـواها.. ولا بـديل سـواها
كــيـف يــرضـى مُـتـيّـمٌ بـالـبديل
ولــقــاء الــقـلـوب بــعـد فـــراق
كــدمـوع الـعـيون قـبـل الـرحـيلِ
يا فتيلَ السراج في كهف عمري
هـل يـضيء الـسراج دون فـتيل
اشرف حشيش
الحمدان
08-13-2024, 09:01 PM
لـــو خـاصـمـتني ســاعـة لـتـوقّفتْ
دفـقـاتُ وجـدانـي وشـرياني انـفجرْ
مـــن عـيـنـها الـدنـيـا تــطـلّ بـهـيّـةً
وبـغـيـر نـظـرتـها أعــيـشُ بــلا بـصـرْ
هــــــي آيــــــةٌ رتــلــتُـهـا بــتــأمّـلٍ
فـأجاب إحـساسي وقد صدق الخبرْ
أعــلـنـتُ إيــمـانـي بـحـبـك بـعـدمـا
قـستْ الـقلوبُ وقلبك القاسي كفرْ
لا أنـتـهـي مــا دام يـأمـرني هــوى
أو يـنـتـهـي وَلِــــهٌ إذا قــلــبٌ أمـــرْ
أذنـبـت عـشقا فـي هـواك أمـيرتي
والــذنـب لـلـعـشاق حـــقٌّ مـغـتـفر
يـــا بـــدء مــشـواري وآخــره الـتـي
مــن أجـلـها أحـيـا ولا أهــوى الأُخَـرْ
يــــا صــــورة شـكّـلـتها بـعـواطـفي
وأشـحـتُ بـالأنـظار عـن كـلّ الـصورْ
لـــو تـطـلـبين الــروح فـيـك رخـيصـة
وأمــوتُ قـبـلك لــو يـخـيّرني الـقـدرْ
يــا مـسـتقرّي فــي الـحياة ولا أرى
لي في الحياة سوى فؤادك مستقرْ
اشرف حشيش
الحمدان
08-13-2024, 09:02 PM
أنــا مــا رحـلـتُ عـن الـديار أُخـيّا
أنـــا سـاكـنٌ فـيـها..وتسكنُ فـيَّـا
أنـــا قـلـبُ إنـسـانٍ يــرفُّ بـحـبها
ويــظــلّ قــلـبـاً بــالـمـودّة حــيّــا
أنـــا سـائـحٌ فــي نـظـرة عـذريّـة
وأفـيـضُ مــن نـبـع الـهوى عُـذريّا
يــا وثـبـةَ الـصـبحِ الـتـي غـازلتُها
لـــولاكِ مـــا كــان الـصـباحُ نـديّـا
يـا دفـتري وخـواطري ومـشاعري
يــا مـسـكَ حــرفٍ لا يـزالُ شـذيّا
أغـويتني بـالحب مـنذ سـحرتني
فـضللتُ دربـي فـي الهوى منفيّا
ولـفـظـتني لـغـةً يـطـيرُ فـراشُـها
بــفـضـاء ألــــوان الــبـلاغـة زيّـــا
حتى امتطيتُ براق معراج الهوى
أعــلــو بــحـبـك راضــيـا مـرضـيّـا
مـا كـانت الفردوس أبلغَ منطقي
إنْ لــــم تــكــنْ بــزلالـهـا مــرويّـا
حـفّزتَ يـا وطـني صـهيل تمرّدي
فــــي أن يــظــلّ مــزلـزلا ثــوريّـا
مـنذ افـتتحنا فـي مـساء قـصيدة
سَــهَــرا تـــلألأ كـالـنـجوم بـهـيّـا
عـاهـدتُ أغـنـيتي الـتـي رتـلـتها
في رسم حسنك أن أعيشَ وفيّا
مــا كــان بـيـن الـعاشقين مـؤرّخٌ
بــالــودّ يــبـقـى خــالــدا أبــديــا
اشرف حشيش
الحمدان
08-13-2024, 09:02 PM
أفــاخــرُ فـــــي مـحـبـتــه أفــاخـــرْ
وفــــي طــيّــات أحــرفِــهِ أســافـــرْ
وفــي دنـيـاهُ جنـاتـي وروحــي
تـفــرّ إلـيــه مـــن دنـيــا التـنـاحُـرْ
وفــي بسـتـانـه قـــد طـــار قـلـبـي
يـبــوحُ بـعـطـر أزهـــار الـخـواطــرْ
إلى حلـو الحديـث يـرقّ سمعـي
وأرســـمُ فـــي مـحـيـاه المـشـاعـرْ
إلى صدر القصيدة فضتُ شوقا
وطاب الشُرْبْ مـن وجـدان ثائـرْ
إلى اللحـظ المغامـر فـي فتونـي
وتــرعــانــي بـلـهـفـتــه الــنــواظــر
أنــا فــي التـيـه ألقـانـي جـنـونـي
وفـي بحـر العيـون أنـا المُغامـرْ
إذا فـــــي حــبّـــه كـتّــمــتُ ســــــرّا
وعـدتُ إليـه مـن وَلَـهـي أُجـاهـرْ
فــــذاك لأنــنــي أوفــــى بـعـهــدي
وتـرجـعـنـي الــمـــودة لا أغـــــادر
ولــكــنّ الــــذي يـقـصـيـه هــجـــرٌ
ولا يوفـي بعهـد الـحـبّ غــادرْ
ولـــو أغـفــو ينبّـهـنـي ضـمـيـري
فـمـا أقـسـاه تأنـيـبُ الضّمـائـر
اشرف حشيش
الحمدان
08-13-2024, 09:03 PM
لم يلتئم جُرحي ولا جُرح الوطَنْ
برحيل عامٍ من سجلات الزمَنْ
ما الذنبُ ذنب "العام"حين أقلّنا
من مفرق الوهَن المذلّ إلى الوهَنْ
لم تنسج الأيامُ ثوب مذلّة
لعروبة تسختْ.. ودنّستْ البدنْ
فاضتْ روائحها الكريهة فتنةً
من رأس بغدادٍ إلى ساق اليمنْ
ما الذنبُ ذنب "العام" بل ذنب الذي
قتل المروءة والبراءة وامتهنْ
كم مرة نزل الرماة وخالفوا
ظهرَ الكرامة إذ تكشّفَ وانطعنْ
يتغوّل السفاح في شام الهوى
ويلفُّ وحش النيل أهلي في كفن
أيصير ذو الوجه القبيح منارة
ويصير كالثعبان ذو الوجه الحسنْ
قد قالها مثلا بُعيْدَ ندامة
هل تذكرون الصيف ضيّعتِ اللبن
اشرف حشيش
الحمدان
08-13-2024, 09:04 PM
لا حلّ للإخوان لا حلا
من حاقد قد مارس الغلا
قد كان منحلّا بخيبته
وبطيشه ما زال منحلّا
لو أحرقوا مُدنا على مدنٍ
أو كنّسوها للردى دحلا
أو دحرجوا منا جماجمنا
أو أمعنوا بنعالهم ركلا
سنظلّ للأجيال مفخرة
ونحارب التضليل والجهلا
ونضيءُ فكرتنا إلى الدنيا
ونعيشها بحماية المولى
بيقيننا ينهدّ طاغيةٌ
والصعب يصبح أمره سهلا
اشرف حشيش
الحمدان
08-13-2024, 09:04 PM
على بسـاط الـردى فـي غربتـي أمشـي
يقتادني الخوفُ بين الوحشِ والوحشِ
إذا تـرفّـق حـضــنُ الـثـلـج فـــي وجـعــي
ولـفّـنــي بـثـيــاب الــبــرد فـــــي نـعــشــي
فـقــد نـجــوتُ مـــن الإجـــرام يـــا وطـنــا
يستدفـئ النـار فـي حمـمٍ مـن البـطـش
بـيـنــي وبــيــن بــــلادي فــجــوةٌ فــجــرتْ
بـمـعـول الـخــزي والــخــذلان والـفُـحْــش
ولـــو دُفــنــتُ لــجــاء الـحـقــد يطـلـبـنـي
وعــــاد لـلـرمــس بالـتـخـريـب والـنــبــش
لـحــاكــم الــعـــار أن يــلــقــاك مـفـتــخــرا
في بسمة الوجه أو في نفخـة الكـرش
أو يشهـر الصبـح ذبحـا فـي مضاربـنـا
ويـحـرمُ الـحـرّ حـــق الـــرأي و الـعـيـش
يقـارع الظلـم كبـش الحـق فــي وطـنـي
وتـيــس بـاطـلـه يـقــوى عـلــى الـكـبـش
ويـــفــــرش الأرض أشــــــــلاء مــفـــرَّقـــة
بــغــيــر ســـقـــف ولا دفء ولا فـــــــرش
مــتـــى يـكــحّــل رمــشـــي ورد عـودتــنــا
أمـا كفانـي الأسـى مـن كحلـة الـرمـش
اشرف حشيش
الحمدان
08-13-2024, 09:05 PM
الــحـبُّ ســـرُّ الـشـعـر والإلـهـامِ
وبه اهتديتُ إلى المقام السامي
لـــولاه مــا غـفـر الـفـراقَ لـقـاؤنا
بــتـحـيـةٍ وبــبـسـمـةٍ وســـــلام
فــي غــار وجـدانـي تَـنَزَّلَ وحـيُهُ
ورويْـــتُ عــنـهُ بــلاغـة الأقـــلام
وبـلغتُ مـنزلة الـتدرج فـي الهوى
حـتى وصـلتُ إلـى جنون غرامي
أطـلـقتُ حـرف "الـبحتري" مـغرّدا
وأعــدْتُ لـلـفصحى أبــا تـمّـام
أســرجـتُ خـيـلَ تـفـاؤلي وثّـابـة
مــا كـلّـتْ الأقــدامُ مـن إقـدامي
ولأشـرفَ ابـتسمَ اليراعُ وأشرقتْ
شـمسُ الـحروف بـثغرِها الـبسّام
غـنّـيْتُ لـلـقدس الـشريف مُـحرّرا
مـــن طـغـمـة الأوغــاد والإجــرام
وتـلوْتُ فـي أهـل الـخيال روائعي
ألــقـا أكـحّـلُـهُ بـسـحـر كــلامـي
وتـبـشّر الـعـشاق بـعـد ضـلالـهم
رشــــدا يــقـود لـجـنّـة الأحـــلام
والنفسُ من فرط الخشوع تهذّبتْ
لــمّــا عــزفـت بـقـلـبها أنـغـامـي
إنْ كـان قـلبُ الصخر جاش غزارة
وانــشـقّ مـنـفعلا بـنـار ضـرامـي
وتـفـتّـحَ الــزهـرُ الــنـديُّ مــغـازلا
أطــيــاره مــــع رقــــة الأنــسـامِ
فعلام يبقى الصدّ يحرق مهجتي
والـنـار تُـكـوي بـالـفراق عـظامي
اشرف حشيش
الحمدان
08-13-2024, 09:06 PM
مَــن يـسـقني أدبــا فــلا أعـصيه أمـرا
طوعا شربتُ وما شربتُ الشعرَ قسرا
روحـــي الــتـي افـتـتنتْ بــراح حـنـينه
عـطشى وذوّبـها هوى الأوطان سُكرا
يـــا شــعـرُ كــيـفَ سـكـنـتني مـتـمكّنا
ومـلـكتَ سـطـر تـمـرّدي جـيـدا ونـحـرا
الـرشـفة الأولــى اسـتـفزّتْ مـهـجتي
وبـحـثتُ عـنّي بـعدها فـي الـتيه عُـمرا
والـرشـفة الأخـرى (الـعراق) ولـم يـزل
طعم القصيدة رغم عذب البوح مُرّا
و(الـشامُ) . أين الشامُ قيل وصيفة
قـرعتْ جـماجمَ خـمرِها بـبلاط كـسرى
و(الـنـيـلُ) مـــا شـــقّ الــبـلاد مـفـرّقـا
فـعـلام شـتـت شـمـلَها فـرعونُ مـصرا
أنــا لـو أطـيق كـسرتُ فـنجانَ الأسـى
وكـتـمتُ أشـواقـي عــن الـخلان قـهرا
الــشـعـر يـشـربـني كــمـا يـحـلـو لـــه
وأنـــا إذا ظَــمِـأ الـقـريـضُ أكــونُ بـحـرا
كـــالأرض لـــو ظـمـئـتْ يــبـوحُ بـحـبـها
دمُـنـا ويـلـفظ زهـرُهـا الأنـفـاسَ عـطـرا
كـدفـاتـر الـدمـع الـتـي احـتـفظت بـهـا
أمّــي وخـطّـتني بـعـين الـحـزن ذكـرى
غــيــم الـقـصـيد أســوقـه بـعـواطـفي
وأفـيض مـن شفة السحاب إليك بشرا
اشرف حشيش
الحمدان
08-13-2024, 09:06 PM
أيـــا قـلـبـيَ الـولـهـان جـئـتُك سـائـلا
إلــــيّ جــوابــا بـثّـنـي الـــردّ عــاجـلا
تـعـبّئ حـرفي خـمرة الـشعر والـهوى
وتـجـعلني فـي مـجلس الـبوح (نـادلا)
إذا فـاض إحـساسي بـعذب خـواطري
وأجــهـش وجــدانـي طــربـتُ تـمـايـلا
صـنـعتُ بـحـرف الـشـعر ثـورة عـاشقٍ
وحـــرّكــت بــالـحـرف الأبــــيّ (زلازلا)
وأسـقـيتُ ريـحـان الـتـفاؤل بـسـمتي
وأطـلقتُ فـيض الـحب يجري (جداولا)
أمــا كــان لـلأوطان حـقٌ عـلى دمـي
أردّ بـسـيـف الــحـرف عـنـهـا مـقـاتـلا
أسـائـلُ نـبضَ الـقلب..حسبي جـوابه
وعـهـدي بـنـبض الـقـلب غــرّد قـائلا
إذا لــم يـكـن وطـنـي غـرامَ قـصيدتي
فـمـا كـنـتُ مــن نـبـع الـمـودة نـاهـلا
كــأنـك يـــا وحـــي الـجـمـال مـفـارقٌ
فهون عليك الأمر لا تنأَ راحلا
حــروفـك فــي الأفـيـاء تـقـطر سُـكـرا
ويــدنـو عـبـيـر الــزهـر مـنـهـا مــغـازلا
وكـــم طــائـرٍ بـالـحـب يــعـزف لـحـنـهُ
فــصــار لــحـسـون الــصـبـاح مُــنــازلا
ودوحٌ بـــــلا طـــيــرٍ يــضــيـق بــنــازلٍ
إذا لم يكن ذو الحسن في الدوح ماثلا
اشرف حشيش
الحمدان
08-13-2024, 09:07 PM
هـي مـصـرُ والتـاريـخُ والإصــرارُ
من دونها قـد ضاقـت الأمصـارُ
إعصارُها الهدّار يُنذرُ مَن طغى
بالويل ..حين تحـرّك الإعصـارُ
والنـيـل عــذبٌ لا يُـعـكّـرُ صـفــوه
قــذرٌ .. ولا تُـلـقـى بـــه الأقـــذارُ
وعلى ضفاف النيـل أجمـلُ أمّـةٍ
قد غازلتهـا فـي الهـوى الأنهـار
لو خيّروها صرح بلقيـس الـذي
فـي حُسنـه قـد زاغــت الأبـصـارُ
قـالــت تُـفـاخـر : إنـنــي عـربـيّـةٌ
من غير حُسْـنِ النيـل لا أختـارُ
يــا أيـهـا المنـشـارُ إنَّ جـذوعـنـا
لا تـلـتـوي إنْ حــزّهــا الـمـنـشـارُ
لا تلتوي للريح إن عصفت بها
ريــحٌ وإن عـبـثـتْ بـهــا الأقـــدارُ
بلـبـاقـةٍ دمـنــا يـنـيــر مـحـدّثــا
من رحم جرحـي تسطـع الأنـوار
لــي رغـبـةٌ فـــي أن أراك معـلّـقـاً
لـكـنـه شـــرفٌ... وأنـــت الــعــارُ
كلّ الذين على المشانـق عُلّقـوا
يـرقــون فـوقــك حـيـنـمـا تـنـهــارُ
يكـفـيـك ذلا أن تـــداس بنـعـلـهـا
وكـــذا يُــــداسُ بنـعـلـهـا الــغــدارُ
أغـلـقـتَ غـــزةَ قـائــلا لـصـغـارهـا
مـوتـوا .. فـــإن ممـاتـكـم إيـثــارُ
أدبُ الهزائـم أنـتَ مــن سطّـرتـه
ووراء كـــل هـزيـمــةٍ ...مــزمــارُ
فاختـر لنفسـك ملجـأ فـي غربـةٍ
أنــتَ الغـريـبُ.. وأهلُـهـا أحـــرارُ
اشرف حشيش
الحمدان
08-13-2024, 09:08 PM
ويـرجـمـنـي بـالـسّـوء ظــنّـا ورغــبـةً
ولــسـتُ بــمـا ظــنّ الـحـقود مُـبـاليا
يــرانـي بـعـينٍ لــم تــرَ الـنـور بـرهـةً
وكـيف يـرى الـقلب الـوفيّ الـذي بـيا
فـــلا أحــبـط الـمـكرُ الـمـدبَّرُ غـايـتي
ولا جـــرّدتْ مــنّـي الـخـطوبُ أمـانـيا
تـحـفّزُ شـمسُ الـصبحِ نـبضَ تـحرري
ومـثـلـي عــلـى عـهـد الـتـحرر بـاقـيا
إذا أوصـــدوا دربـــي نــذرتُ فـضـاءَها
حــمــامـاتِ أفــــراحٍ تــحـلّـقُ عــالـيـا
لأهـــلــي وخــلانــي أزفُّ مــودتــي
وأرفـــعُ فـــي وجـــه الــعـدو حـذائـيا
فــمــا ســخّـرَ اللهُ الــسـلاح لـقـتـلنا
ومـا كـان كـفّ الـحر فـي الـحق عاريا
غـــدا يُـبـلِـغُ الأوغــادَ عـنـا حـسـامُنا
ولا يـعـصمُ الـقـصرُ الـمـحصّنُ طـاغيا
ألا بَـشّـر الـقـدسَ الـشـريفَ وأهـلَـها
وبـــشّــر صـبـاحـاتـي بــهــا ولـيـالـيـا
ونـخلا حـناهُ الـشوقُ يـحضنُ سورها
وقـطفا دنـا مـن شـرفة الشوق حانيا
أهــيـم خــيـالا فـــي تـرانـيـم طــائـرٍ
يــعـيـشُ بـوجـدانـي يـغـنّـي أغـانـيـا
خـذيني إذا اشـتعل الـحنينُ بخاطري
أشـمّ الـثرى الـقدسيّ أسـجدُ بـاكيا
خذيني إلى"سلوان" ل"لطّور" شعلةً
أضــيء ب"بــاب الــواد" أُبـصـر واديـا
بـنفسي فـداك الـروح يـا بـاب جـنتي
لــفــردوس أقــصـانـا سـنـعـبـر ثـانـيـا
اشرف حشيش
الحمدان
08-13-2024, 09:08 PM
سـأطلبُ الـودَّ مـن صخرٍ ومن حجر
هـما أرقُّ شـعورا مـن بـني الـبشرِ
فـكـم تـأذّيـتُ مـمـن خـلتهم بـشرا
ولــم أُمــسَّ مــن الـصـوّان بـالضررِ
فــــلا يــغــرّكَ إنــســانٌ بـمـنـطقه
ولا يـــغــرّكَ وجـــــهٌ لاح كــالـقـمـر
أمــا تـرى الـسُحُبَ الـبيضاء فـارغة
بـملعب الـريح فـي عُـريٍ بـلا مـطر
أمــا الـغـمامُ فـكـم هـلّت بـشائرُها
تـنساق شـوقا لـريّ الزهر والشجر
يــهـزُّك الـلـحـظ خــدّاعـا فـتـلـحقُهُ
وقــد يـقـودُك سـحرُ الـعين لـلخطر
فــلا يـقـاوم مـنـك الـشوق لـوعته
إذْ رحت ترسمها في أحسن الصورِ
مــن ذا يـحلّقُ فـي أجـواء عـاطفة
أودى بــه الـحـبُّ لـلـقيعان والـحُفَر
ونـفـحةُ الـغـدر إن رصـدتْ ضـحيّتها
فـكـيـف تــأخـذُ بـالأسـباب والـحـذر
فـــلا تــظـنّ بـقـرب الــورد مـنـفعةً
إنْ كـان يـربو عـلى مـستنقع القَذَرِ
اشرف حشيش
الحمدان
08-13-2024, 09:09 PM
أنــرتَ فــؤادا ضــاقَ بـالـصدر حـاملُهْ
وأنـشـدْتَ حـرفـا بـثّني الـحبّ قـائلُهْ
تـــعــال وداو الــقــلـب إنّ جــراحــه
بـكـل سـكـاكين الـعـذاب تـعـاجلُهْ
تــعـال بـسـيف الـعـز لـلـوطن الــذي
أضــاءتْ عـلـى مــر الـعـصور مـنازِلُهْ
إذا ألـهـمَـتْـهُ الــــروحُ طـــار مُـحـلّـقا
تـفـيـضُ بـتـريـاق الـحـنـينِ رسـائـلُـهْ
مــغـادرُ شــوقٍ.. زادُه الـحـزنُ كـلـما
أحـــبَّ بــلادا. مــا عـسـاها تـقـاتلُهْ
لـقـد أنـجـبتْهُ الأرضَ مـن رحـم ثـورةٍ
يـبـادلُـهـا الإبــــداع.. حـيـنـا تـبـادلُـهْ
فـيـشـتدّ مـــن دفء الـمـودة عــودُهُ
عـلى صـدرها يغفو.. وتصحو مناهلُهْ
وتـبـدو حــروف الـشعر طَـلْعَا مـنضّدا
إذا جاش بالفصحى... وخطّتْ أناملُهْ
وتــبـدو عـلـى الأعــداء نــارا يـحـيلُها
فـتغلي عـلى جـمر الـتحدي مراجلُهْ
إذا افـتـتـح الـمـيدانَ صـالـت خـيـولُهُ
ومــا مــن خـيـولٍ فـي الـنزال تـنازلُهْ
ومــا أحـنـتْ الأيــامُ هـامـةَ عـاشـقٍ
ســوى لـتـرابٍ عــاش دهــرا يـغازلُهْ
اشرف حشيش
الحمدان
08-13-2024, 09:10 PM
بـذلْتُ جـهدي .. فَـما أَرْضـاكُمُ جهدي
وصـار صـدقي بعين الغدر لا يجدي
فـتـحْتُ قـلـبي لـمـن شــاءوا مـحـبَّته
فــأحــرقـوهُ بــنــار الــظـلـمِ والــحـقـدِ
مَـنْ يُـبصرِ الحبَّ قيدا ..مَنْ سيُبْصِرُهُ
ســوى الـبـغيضِ رهـيـن الـذّل والـقيدِ
يــــــرى ورودكَ أشـــواكـــا بـمـقـلـتـهِ
ولا يُــفــرِّقُ بــيــن الــشــوكِ والـــوردِ
وإنْ بـــذلْــتَ حــنـانـا كــــي تــبـادلـهُ
روائـــــع الــبـوحبـالإخـلاص والــــودِّ
تـفـجَّر الـحـقدُ يــروي مــا بـداخـله
مــاءُ الـمـحبَّةِ لا يـنـسابُ مِـنْ عـندي
تـبدي لـه الصدقَ كي تحظى بنظرته
يـبدي لـك الـحقدَ غـيرَ الحقدِ لا يبدي
ويُـنـصِفُ الـقلبُ خـلا ..لـيسَ يُـنصِفُهُ
إلامَ تـطـلـبُ إنـصـافـا مـــن الــوغـدِ
يــظـنُّ حــبّـكَ ضـعـفـا حـيـنَ تـمـنحُهُ
فـــداو عــنـك غـلـيـظ الـطـبـع بـالـبُعدِ
وكـــم يــراك ضـريـرٌ
كـنـت تـحـسبُهُ
مــــن غــيــر نـــورٍ ولا رأيٍ ولا رشْـــدِ
أجـابـني الـقلبُ والإيـمانُ يـغمرني
طـبعي الـمحبةُ ..لا أقـوى على الصّدِ
قـبـل اتـهامي تـرووا واسـمعوا خـبري
سيف الحقيقة ..إذْ ينسلُّ من غمدي
يـطـيـحُ بـالـغـدرِ ..لا يـخـشـاه غـدرتـه
ويـظـهـرُ الــحـقُّ مــضّـاءً بـــه حـــدّي
كــالـبـدر يـحـتـملُ الـظـلـماءَ عـتـمـتَها
يـمـرُّ فـيـها مـضـيئا...ليس يـستجدي
أشرف حشيش
الحمدان
08-13-2024, 09:10 PM
أما كان غصنُ الشعر يا غصنُ مورقا
وكــــان إذا هـــبّ الـقـصـيدُ مُـصـفّـقا
وكـــان الـتـجـلّي والـجـمـالُ يـشـدّنا
ويـلـهـمُـنا الأشــعـارَ حــتـى نـحـلّـقا
فـكـيـف افـتـرقنا عــن (رواء) وأهـلـها
وكـيـف لـهـذا (الـفـيس) صـار مـفرّقا
لـنـا مـن قـطوف الـبوح فـيها شـهيّة
ومـــــا زال فــــي أفـيـائـهـا مـتـعـلّـقا
ولــيـس لــنـا حـــقٌّ بـهـجـر حـروفـها
ولـيـس لـنا فـي الـبعد رأيٌ ومـنطِقا
بـسـاتـينها الـغـناء تـحـكي عـطـورنا
وزهــــــر قــوافـيـهـا يـــبــوح مُــوثّــقـا
فــكــم كــاتـبٍ فـيـهـا تــوهّـج فــكـرُهُ
أضـــــاء لــيــالـي أنــســهـا مـتـألّـقـا
وكــم شـاعـر رســم الـجمالَ خـيالُه
وفــــاضَ غــرامــا بــالـهـوى مُـتـدفّـقا
حــنــانـيـك يـــــا دار الأحـــبــة إنـــنــا
تـركـنا بــك الإصـبـاح بـالروح مـشرقا
اشرف حشيش
الحمدان
08-13-2024, 09:11 PM
أقـيـمـي بـوجـداني وإن شـئـت غــادري
وكُــفّـي ظــنـون الــسـوء لــسـتُ بــغـادر
بـقـلبي اطـمـأنّ الـشـعرُ واخـتـال حـرفُـهُ
وهـامَ سـكارى الـحب فـي بـحر خاطري
وكـــم لان فــي كـفـي الـحـديد بـلـمسةٍ
وكم رقّ قاسي القلب من سحر ناظري
تــبــاشــرت الآفــــــاقُ حـــيـــن أضــأتــهـا
بــإشـعـاع إلـهـامـي وشــمـس دفــاتـري
إذا قـــلــتُ يــنــسـاقُ الــحـنـيـنُ بــلاغــة
مـعـطّـرة الأنــفـاس مـــن طــيـب شـاعـرِ
سـقيتُ عـطاش الـحب صـدق عواطفي
وأطــلــقــتُ لـــلأفـــراح مــلــيــون طـــائــر
حـملتُ عـلى الـطاغي سيوف قصائدي
وكــنـتُ صـــراخ الــحـق فـــي ركــب ثـائـر
أخــــفُّ عــلــى خــيــل الـتـفـاؤل حـالـمـا
بـــعـــودة مــاضـيـنـا لــنــجـدة حـــاضــري
وأحــمــلُ قــنـديـل الـيـقـيـن بـمـسـلكي
ومــــا خـــاب فـــيّ الــظـن بالله نــاصـري
فــكـيـف اسـتـفـزّتـني الــظّـبـاء بـمـكـرها
وهـــــل كــنــتُ مــنـقـادا لــنـظـرة مــاكــر
أقـــــول لــمــن طــــاب الــغــرام بـقـلـبـها
أنـا لـيس لـي في الحب..منّي فحاذري
اشرف حشيش
الحمدان
08-13-2024, 09:11 PM
أنـــا لــسْـتُ هــجّـاءً ولــسـتُ قـبـيحا
غـزلي تـجلّى فـي هـواكِ صـريحا
أ تــريْـنَ إحــسـاس الـمُـحِـبّ إســاءةً
والــشـوق مـفـتـعلا ولـيـس صـحـيحا
وقــصــائـدي كـــــم لــوّحــتْ رايــاتُـهـا
نــشــوى بــجـيـد حـبـيـبتي تـلـويـحا
فـظفرتُ حـين أصـابني سهم الهوى
ونــزلـتُ فـــي حــضـن الـغـرام ذبـيـحا
كـحّـلتُ مـنـها الـطرف سـحر روائـعي
قــلّـدتُـهـا حُـــلــلَ الــقـصـيـد مــديـحـا
غــازلـتُـهـا بـالـلـحـن حــيــن عــزفـتـه
نــغـمـا عــلـى وتـــر الــفـؤاد فـصـيـحا
أسـقـيـتُـها بــحــر الــمــودّة فــادّعــتْ
فــــي بــحـر ودّي..لا يـــزال شـحـيـحا
ما العيبُ في التغريد بل في مسمعٍ
قــد ظــنّ فـي صـوت الـمحبّ فـحيحا
بُــعْـدا لـقـلبيَ إنْ شـكـا ألــم الـنـوى
أو ظـــلّ مــن أســف الـفـراق جـريـحا
كــفّــنــتُ مــاضــيـهـا بـــآخــر نـــظــرةٍ
وشــقـقـتُ لــلـحـبّ الـمـريـر ضـريـحـا
اشرف حشيش
الحمدان
08-13-2024, 09:12 PM
كــــانَ بــلـفـورُ مــــن حـكـامِـنـا أقــســى
إنْ كـــانَ فــهـوَ عــدوُ الـعُـرْب . لا بـأسـا
فــوعــد بــلـفـور قــــد يُــنـسـى إذا ذكــــروا
وبــصـمـةُ الــعــار..لا تُــمـحـى ولا تُـنـسـى
إن كــان بـلفورُ أرسـى الـوعد فـي وطـني
فــــــإنّ حــكّـامـنـا أوفـــــوا بـــمــا أرســـــى
لــــم يـكـتـفـوا بــعـروس الـحـسـن راقــصـة
مــن خـمـرة الـنـهد تـسقي قـاتلي كـأسا
بــــل قــدّمــوا لــيـهـودٍ كــــل مـــا مـلـكـوا
الـــســاق والــفــخـذ والـنـهـريـن والــرأســا
لو أجهضوا الحمل قبل العرس ما انكشفوا
لــكـنّـهـم كُــشــفـوا إذْ أعــلــنـوا الــعــرسـا
عـلى الـصداق الـمسمّى (الـصلحُ) بينهمُ
تــمـكّـن الــوغـدُ مــنّـا وامـتـطـى الـقـدسـا
اشرف حشيش
الحمدان
08-13-2024, 09:12 PM
سمع الفضـاء شجونهـا فتحركـت
بـيـن الضـلـوع وخـافـقـي أشـواقــي
وفرشت في قمم الشموخ جناحها
حتى استطاب مع الرياح عناقـي
أبــت القصـيـدةُ أن تـحـطّ رحالـهـا
إلا بـأخـيـلــتــي وفـــــــي أوراقــــــــي
كم جاءنـي حرفـي المعـذّب راغبـا
فـي كــأس قافيـتـي وفــي تريـاقـي
أسـقـيـتُـهُ نــبــع الــمــودة فـارتــقــى
وتــبــســمــت بــرقـــيـــه أحــــداقـــــي
يا سائلي ..كيف القصيد لبستـه
حُـلــلا تـضــيء بسـحـرهـا الــبــراقِ
كيف اقتـدرتّ علـى أسنّـة قوسهـا
ورميتـهـا لتصـيـب فــي الأعـنــاق
كيف ائتلفت مع الطيور بسربهـا
طـبّـقــت فــــي الأرجــــاء والآفــــاق
يـا صاحبـي أنــا للقصـيـدة بـدرهـا
وتـحـفّــنــي الأقـــمـــار بـالـتــطــواق
فــدمـــي عــروبـــيٌّ وفــكـــري نــيّـــرٌ
وبـــــآل عُـــــذرةَ تـنـتـهــي أعــراقـــي
اشرف حشيش
الحمدان
08-13-2024, 09:13 PM
لـــي رغـبــة فــــي الله لــســت بــراغــبٍ
عـــــن عـــــروةٍ وثـقـى..بـهــا أتـمــسّــكُ
لـي صولـة فــي الـحـق ..أمْـلِـكُ جُــرْأَةً
وإذا افتـقـدْتُ الـحـقَ ..مـــاذا أَمـلــكُ؟؟
و الـشــوق يـدفـعـنـي أطــــوفُ بـبـيـتـه
طــيــفـــي عـــلــــى عـتــبــاتــه يــتـــبـــرّكُ
ســعــيـــا أهـــــــرولُ ذاكــــــــرا مــتـــذكِّـــرا
أُمّـــــاً تــهـــرولُ سـبــعــةً.. لا تـــشـــركُ
فـتـرى الـسـراب تـظــنُّ مـاءً..مــا تـــرى
وتــعــود فــــي أمــــرِ الــســراب تـشـكّــكُ
حـتـى إذا كـلّـتْ .. دنــتْ مــن طفلـهـا
فــرأتــه يـعـبــث فــــي الــتــراب ويــفــرُكُ
وإذا الــثــرى رطــــبُ ..وبــعــد هـنـيـهـةٍ
مـــاء تـدفّــق.. أيّ بــشــرى تُــرْبِــكُ ؟؟
دمـــع الـخـشـوع يـهــلّ مــــن نـظـراتـهـا
حـتــى اسـتــوى صـبــرا جـمـيـلا يـفـتِــكُ
قــم يــا صغـيـري وارتــوي مـــن رحـمــةٍ
قــــد أطــفــأتْ ظــمــأً بــصــدرك يـهـلــكُ
فــــــي غـــيـــر ذي زرعٍ بــــــوادٍ مــقــفــرٍ
الـقـاطـنــون دمــاؤهـــم.... لا تُـســفــكٌ
نــادى الـمـنـادي بالحـجـيـج ..رأيـتـهـم
كـالـمــوج.. لـلـبـلـد الـحـبـيـب تـحـرّكــوا
جــئــنــاك أثــقــلــت الـخـطــايــا دربـــنـــا
مـتـمــسّــكــيــن بــديــنـــنـــا لا نـــــتــــــركُ
وإذا تــشــتــتِ الــجــمـــوع ..فـجـمـعــنــا
غير الصراط على المدى... لا يَسْلُكُ
أدرك هـــــــداك الله فـــضــــل عــطـــائـــه
إن الصـحـابـة قبـلـنـا.... قـــد أدركــــوا
اشرف حشيش
الحمدان
08-13-2024, 09:14 PM
أردّ على الكرام جميل شكرٍ
ولم أحمل لأهل اللؤم ردّا
أنا ندٌّ لكل كريم أصل
أسابقُهُ إلى الخيرات ورِدا
وأعرضُ عن ذوي حقدٍ لئامٍ
فليس الحر للأنذال ندا
إذا انحرفَ القصيدُ إلى الدنايا
فما جدوى القصيدُ وما أعدّا
اشرف حشيش
الحمدان
08-13-2024, 09:14 PM
متى سيفهمُ الذي لا يفهمُ
أنّ الخصامَ جائرٌ مُحرَّمُ
ليس اعتذار الحر ذنبا إنما
تواضعٌ ورفعةٌ ومَغنَمُ
إنْ عاد للرشد فيا مرحبا
وإن أضلَّ رأيه سيندَمُ
يحدّثُ الناسَ ولا يصغي لهمْ
دون الأنام وحدهُ لهُ فمُ
اشرف حشيش
الحمدان
08-13-2024, 09:15 PM
ما عاش حرفٌ في وريد دفاتري
وتحـرّك الإحسـاسُ فـي وجـدانـي
إنْ كـــان يـأخـذُنـي لـــدرك مَـذلّــةٍ
ويـقــودنــي لـمـعـابــد الـسـلــطــانِ
إنّــي أبـيـعُ الــروحَ عـنـد كرامـتـي
طوعا.. وأرفضُ أن أبيعَ لسانـي
وأظــــل مــرفــوع الـجـبـيــن بــعـــزّة
وتـظـلّ نـاصـعـة سـطــور بـيـانـي
اشوف حشيش
الحمدان
08-13-2024, 09:15 PM
قــدْ يـنـذر الـقلمُ الـجريحُ صـيامَهُ
ويــمـوت قــبـل الـبـوح بـالأشـعارِ
قــدْ تـزهـدُ الأفـكـارُ فــي ألـبـابها
وَتَــمَــلُّ ألــبــابٌ مــــن الأفــكـارِ
ويـخاصمُ الـبحرَ الـلطيفَ نـسيمُهُ
ويـخـافُ نـورسُـهُ هــوى الإبـحـارِ
قــد يـصمتُ الـقيثارُ عـن أحـزانه
والــحــزن يـعـزفُـنـا بــــلا قــيـثـار
أوْ قـــد تـمـزّقـنا حـــرابُ خـلافِـنا
آلاف مــــــرّاتٍ بــغــيــر جــــــدارِ
وشـتـاء فـرقـتنا يـمارسُ طـقسه
بـخـشـوع بـــردٍ مـهـلكٍ وحـصـار
وإذا رجـونا الصيف نخوة شمسه
ألــقـى بـنـا وبـزهـرنا فــي الـنـارِ
فـتـبـاعدي وتـقـاربـي يــا أمـتـي
وتــحـركـي كــتـحـرّك الإعــصــارِ
يغلي على لهب المخاض تحرري
مــن طـغـمة الـحـكّام والأشــرارِ
ومـواكـب الـتـاريخ يـصهل خـيلها
والـشـوق يـرسـمها بـأجـمل دار
اشرف حشيش
الحمدان
08-13-2024, 09:16 PM
مـهـلا عـلى قـلبٍ ذبـحتِ ومـا شـكا
وبـكـيـتِ أنــتِ بـذبـحهِ حـتـى بـكـى
شــكـرا لـسـكـين الــغـرام بـنـصـلها
أيـقـنـتُ دمـعـا كـنـتُ فـيـه مُـشـكّكا
فــاغـفـرْ غــــرور الــلـحـظ إنَّ نـبـالـه
عـن قـوسها الـغزلي قـد غـمزتْ لـكا
وإذا تــخــيّــرَ بــالــفـراقِ وبــالــهـوى
فـالـحتفُ فــي هــذا _يـنـالُ_ وذلـكَـا
أيــــن الـمـفـر تـثـيـرني أنـفـاسُـه
والـقـلب فــي صــدري إلـيه تـحرّكَا
وجـــرتْ بـعُـرْضِ خـواطـري أشـواقُـه
وغــوايـة فـتـحـتْ بـقـلـبي مـسـلـكَا
هــل أدرك الـظـمآنُ شــوقَ تـلهفي
لــلـقـائـهِ أم أنّـــــه مـــــا أدركــــا
هل خاضني في الحب طيش مجرّبٍ
أم غـــره يـــا قــلـبُ مـــا قــد غـرّكـا
مـــا لـــي أراه مـذبـذبـا فـــي حـبّـه
أو مـؤمـنـا حـيـنـا وحـيـنـا مُـشـركـا
فــــإذا اقــتـربـتُ وجــدتُــه مــتــرددا
وإذا ابــتـعـدتُ وجـدتّـنـي مُـتـمـسّكا
الــسـرّ فـــي عــطـرٍ تـمـلّـكَ عــنـوة
فـأجـبـتُ عـطـر الــورد حـيـن تـمـلّكا
اشرف حشيش
الحمدان
08-13-2024, 09:16 PM
أرســلْ لـبُـرقةَ تـوقـيعي عـلـى كـتبي
بــأول الـسـطر إنّـي الـعاشقُ الـعربي
لــو أعـدمـوا الـضّـادَ و(الـمـختار) ثـانيةً
أظـــلُّ أنــقـشُ لـلأجـيـال مــن أدبــي
إن الــبــلادَ تــعـيـدُ الــيــوم عــزّتـهـا
لـو لـم يـظل سوى عودٍ من القصب
لــعـاد لـــلأرض يــروي عــن مـلاحـمها
ويـنـشقُ الـطـيبَ مــن قـارورةِ الـحِقَبِ
يــحـرّض الـمـجـدَ أن تُـبـنـى عـلاقـتـه
على التلاحم من (سرتٍ) إلى (حلب)
مــا عــدْتُ أمــلأ كــأس الـشعر قـافيةً
مـن الـعذاب.. لـيُروى الـليل من طربي
هــذا طــلاقٌ عــن الـرومـيّ فــي بـلدٍ
تــبــوّأ الــقـتـلُ فــيـهـا قــمّـةَ الــرُّتَـبِ
صفحا بلادي عن العشّاق ..قد صدقوا
ولــــم يـبـيـعـوكِ بــالــدولار والــذهــب
صـفحا بـلادي فـهذا الـطيب من دمهم
وإن تـمـنّـيـتِ لــلأحــرار. فـانـتـسبي
عــلـى الـمـشـانق يـعـلـو رأس قـاتـله
هــو ابــن بُـرْقَـةَ لا يـجثو عـلى الـركب
اشرف حشيش
الحمدان
08-13-2024, 09:17 PM
أغـــثْ قـلـبـي وبــشِّـرْ بـانـبعاثِ
وردَّ إلــــيَّ نـبـضـا مـــن غــيـاثِ
أمـــوتُ مـتـيّما ..وأمــوتُ غــدرا
وفي ساح الرّدى الموت الثلاثي
لـقد عـضّتْ كـلابُ الـغدرِ نهجي
ومــــا زالــــتْ تــهـددُ بـاجـتـثاثِ
أتــخـضـعُ أمّــــةٌ لــقــرار لـــصٍّ
ويـلـغى الـحقُّ بـالرأي الـحداثي
أغـــثْ قـلـبـا تـقـطّـعهُ هـمـومـا
ودمــعـا قـــد تــحـدّرَ بـالـمـراثي
عـلـى نَـسْـرٍ بـمصر غـدا ذبـيحا
فــيـا لـلـنَّسر يُـذبـحُ مــن بُـغـاثِ
ويـــا أسـفـا عـلـى مــاضٍ تـلـيدٍ
على الحقِّ المجيدِ..على التراثِ
عــلــى وطــــنٍ يــؤثّـثـه لــئـيـم
بــثــوب الــعــار يـمـنـعه أثــاثـي
يــورّثــه الـلـعـيـن إلـــى لـعـيـنٍ
وتـرجـع طـغـمةُ الـحكم الـوراثي
أصـــمُّ الـقـلـبِ لا يـعـنـيه أمـــرٌ
ولا أيــــدتْ رؤاهُ مــــن اكــتـراثِ
اشرف حشيش
الحمدان
08-13-2024, 09:17 PM
شَـرَّدْتَـني يــا حــرفُ فــي كــلِّ اتـجـاه
وأنـا الـمشرّدُ فـي الـهوى مـن غيرِ جاهْ
وغـــدا الـطـريـقُ إلـــيّ فــيـه ضــلالـةٌ
لا خــلّ فــي دنـيـاي تـرشـدُني خـطاهْ
شَــمَـتَ الـصـباحُ بـمـبسمي ولـطـالما
مـن ثـغرِ جـرحِ قـصيدتي نـطقتْ شفاهْ
وطـــيــور أحـــلامــي ظــلــلـت أبــثّـهـا
حين استبدَّ اليأسُ من طرب الحياةْ
كـيف اغـتربتُ ؟ أنـا الـمقيم وموطني
حــــلّــــي وتـــرحـــالــي أراه ولا أراهْ
لــخّـصـتُ أشــواقـي بـقـبـلة عــاشـق
حتى ارتسمتُ كما أريدُ على هواهْ
وثــقــتُــهُ دمـــعــا يُـــخــطُّ بـمـقـلـتـي
وتــلــوتُـهُ حـــزنــا وأغــرقـنـي بــكــاهْ
مـــذ جــئـتُ لـلـدنيا سـمـعتُ صـراخَـه
فـأنـا ارتــدادُ الـصـوت أنـزف مـن صـداهْ
شــجـرٌ مـــن الأشــواق يـفـرشُ ظـلّـهُ
يـصـطفُّ فــي درب الـحنين إلـى صـباه
قــــــد لـــوّحـــتْ أغــصــانُـه بـــحــرارة
مــر يــا حـبـيبَ الــدار يـا قـلبي فـداه
عــــاد الــفــؤاد قــصـيـدة شــعـريـة
وطـــنـــا نـــغــرّده وتــعـزفـنـا يـــــداه
اشرف حشيش
الحمدان
08-13-2024, 09:18 PM
يا قلبُ إن أزف اللقاء ولم تطبْ
فاعلمْ بأنك من غريمك لم تصبْ
هو ملعبُ الدنيا وقد يزهو به
من أحرز الهدف الجميل ومن لَعِبْ
ولربما خسر البطولة فارسٌ
وكبا بأول وثبةٍ ..ما إنْ ركبْ
ولربما اقتاد التوجس ناسكا
في مسلك الظن الكئيب ليحتطبْ
فقد الرشاد وشعلةٌ في كفه
فأضاع شوق خطاه في عتم الدّربْ
وأضاع جهد سنيّهُ في غفلة
مثل الذي ورد الغدير وما شربْ
أشرف حشيش
الحمدان
08-13-2024, 09:19 PM
سيف التحرر من سيف العدى أمضى
فكيف بالذلّ في أوطاننا ترضى
وكيف تستلُّ روحَ الحبِّ من بدني
وتزرع الموت والإجرام والفوضى
وكيف تمنعني قلبي ورقته
وكيف تمنعني يا صاحبي النبضا
أنا حملتُ إليك الودَّ في بلدي
وما حملتُ عليك الحقد والبغضا
فكيف خنتَ ودادا كنتُ أحمله
وكيف بعضُ بلادي يقتل البعضا
تلقي علي بكف الموت قبضته
أكنتُ ألقي على أمثالك القبضا
أ كنتُ في الحكم للإعلام منتهكا
وكنت أنتهك الأخلاق والعرضا
أ كنتُ أمنع شتما منك ترفعه
وأفرض الحزم في أوطاننا فرضا
من أين جئت ..ومن أرساك يا مرضا
به تفشّتْ ذئاب الغدر ..والمرْضى
إن كان حكمك إقصائي وتنحيتي
فعند ربك حكمٌ عادلٌ يُقضى
اشرف حشيش
الحمدان
08-13-2024, 09:19 PM
تخلّص الموتُ مني مثل أترابي
لأنّ وجهيَ يا أمّاه إرهابي
أما ترين عيوني كيف ترعبهمْ
وكيف تسرف في الإجرام أهدابي
وتحت جلدي كمينٌ كنت أزرعه
وأحبك النار من خيطان أثوابي
إذا تكلمتُ يعوي الذئبُ في بدني
وإنْ صمتُّ تهزُّ الأرض أعصابي
وإن لعبت مع الأصحاب في فرحٍ
فقد أُفجّرُ لغما بين أصحابي
فكم أكلتُ حقوق الناس في بلدي
وكم طحنتُ عظاما بين انيابي
تبرّئي الآن مني بعدما كشفت
عساكر الحكم تنظيمي ودولابي
اشرف حشيش
الحمدان
08-13-2024, 09:20 PM
يـمـضـي ويـحـتقبُ الـنـهارَ نـهـارُ
والــذكـريـات تـخـطّـهـا الأعــمــارُ
يـتوقّف الـشوط الـعبوسِ ببسمةٍ
لـــــو أنــهــا تـتـبـسّـم الأقــــدارُ
سأعودُ أغرفُ من نعيم شقاوتي
ويـعـيـدني لـطـفولتي الـمـشوارُ
وأهـيم في شلال شعر حبيبتي
وأطــيـر حــيـث تـقـلّني الأنـظـارُ
وأصــيـر لـحـنـا كـلـما حـنّـتْ لــه
رقــصـت عـلـى أوتــاره الأشـعـارُ
ألـقـيت قـلبي فـي بـحار عـيونها
مــــا ضــرّنـي بـعـيـونها الإبــحـارُ
مــا بـيـن أيـسـر طـرفـها ويـمينه
جــنــات عــــدنٍ كــلُّـهـا أســـرارُ
وإذا تـعـانق رمـشها مـع رمـشها
تــتـكـحّـلُ الــبـلـدانُ والأمــصــارُ
وإذا تـبـسّم فــي خـيالي ثـغرها
وتـــلألأت فـــي ثـغـرهـا الأزهــارُ
ثـارت كـواكب فـرحتي في جوّها
وتـحـرّكت فــي مـهجتي الأقـمارُ
أنـــا سـائـحٌ فــي نـظـرة غـزلـيّة
بـعـيـونـها لا تـنـتـهـي الأســفـارُ
كـم غرّدتني في المساء طيورُها
حـتى تـنفّس مـن فـمي الـقيثارُ
أنـا مـبحرٌ والـشوق يدفع مركبي
ويــشـدنـي لـعـيـونـها الإعــصـارُ
هل سرتُ يوما عكس تيار الهوى
أم ســار ضــدّ عـواطـفي الـتـيّار
هـيهات مـركب عـمرنا يمضي بنا
ويـشـيب فــي وجـدانـنا الإصـرارُ
غــدّارةٌ سـفـن الـقوافي أبـحرت
والـلـحظ يــا سـفن الـهوى غـدّارُ
اشرف حشيش
الحمدان
08-13-2024, 09:20 PM
الــيــوم أعــلــنُ أفــراحــي وأحـتـفـلُ
الـيـوم بـالطّيبِ حـرف الـشعر يـغتسلُ
الــيــوم تــنـطـقُ لـلـدنـيـا سـعـادتُـنا
أهـــــلُ الــغــرام ولا يـنـتـابـنا خَــجَــلُ
ونـكـتـب الـشـعـرَ ..والأشــعـار تـكـتبنا
ســطـور حـــبٍّ غـــزا أبـيـاتـها الـغـزلُ
ويـطـلبُ الـشـعر قـلـبي فــي دفـاتـره
يــطــاوع الــقـلـب أشـعـاري..ويـنـتقلُ
أجـابـنـي الـقـلـبُ والأشــواق تـغـمره
الـــيــوم يــــوم عـنـاقٍ...كـلُّـهُ قُــبَــلُ
الـــيــوم تــصــدح بـالـتـكـبير فـرحـتـنـا
نُــزَخْــرِفُ الــعـيـدَ أضــــواءً ونـكـتـحـلُ
وأُضـــرم الـنـار فــي حـزنـي فـأُطـفئه
وأشــعــل الأرض أفــراحــا فـتـشـتعلُ
لا نـصـفـحُ الـيـوم عــن دمــعٍ بـأعـيننا
ولا نــــغـــازل مــــأســـاةً ونــنــفــعـلُ
ولا نــغــار مــــن الــفـوضـى بـعـالـمنا
عــن الـجـريمة والـفـوضى سـننفصلُ
أعـاهد الـشوق..ما خـاصمتُ شـعلتهُ
ولا يــعــاهــدُ إلا الـــواثـــق الــبــطــلُ
الــيـوم أثــقـبُ خــزّان الأســى أمــلا
في هجر حزني..فصدري ليس يحتملُ
كـفـاك يــا هــمُّ.. مـثل الـظلّ تـصحبنا
إلــــى جـنـونـك..دعنا عــنـك نـرتـحِـلُ
أسـتـأذِنُ (الـعام) يـوما كـي تـفارقني
أنـــــا بــغــيـرك بـــــدرٌ...راح يـكـتـمـلُ
أسـتـأذِنُ الـشـعرُ لــو تـخـلو قـصـائدُه
مـن الـهموم الـتي فـي الشعر أرتجلُ
أسـتـأذنُ الـجرحَ لـو يـا جُـرْحُ تـمنحني
مــنـك الـهـدوء..جـراحاتي سـتـنـدملُ
اشرف حشيش
الحمدان
08-13-2024, 09:22 PM
صفي إيمان وصف العين قدسي
وزيدي من قريض الشعر زيدي
صفي إيمانُ وجه القدس إني
بوصفك قد أراها من جديد
صفي دربا سيأخذني إليها
وأبوابا تغلّق بالحديد
صفي أطيارها ترنو إلينا
ترحّب بالشهيدة والشهيد
صفي شجرا ينادينا هلموا
فرشتُ الظل للعيد السعيد.
صفي شيخا يرتل في خشوع
يرنّمه إلى الأفق البعيد
صفي بلحا تعلّق في هواها
ومدّ الودّ بالطلع النضيد
ومئذنة تردد في سماها
كتاب الله بالصوت المجيد
ومحرابا ترنّح في علاه
خطيبُ الحق بالرأي السديد
غدا سنعود يا إيمان قدسا
نغرّد في رباها بالقصيد
اشرف حشيش
الحمدان
08-13-2024, 09:22 PM
يا أمة الكسر في ضلعي وفي عضدي
رفقا بقلبٍ شكا من غصّة الكمدِ
قد كان حُبّك ميثاقا يوطّدني
وصار حبُّك يقصيني عن البلد
وكان ذكرُك قرب الشمس يرفعُني
وذكرُك اليوم جرّ العار للأبد
وقد بلغت مكانا ليس يبلغه
في ذروة المجد بين الخلق من أحد
يا أمة بكتاب العز نقرؤها
أكان زيفا بلا متنٍ ولا سند؟!!
قد كنت أبصر قدسي في تطلّعها .
واليوم أخجل من حيفا ومن صفدِ
يا أمّة الخيل عَز النصر مطلبه
إن شئت عزا ..فشدّي الخيل واجتهدي
اشرف حشيش
الحمدان
08-13-2024, 09:23 PM
عودي لقلبي واسمعي دقاته
تجديه محترقا بنار عذابي
وتنفسي عطري بكل قصيدة
وتأمّلي في وجهها الخلاب
ما كان مطويّا بصدري لو بدا
وتصفّحتْ عيناك نبض كتابي
لعلمتِ أنك في الهوى تلميذة
ظمآى لكأس مودتي وشرابي
يا من أضلّتْ في الغرام صوابها
إني بعشقك قد ملكتُ صوابي
ظمأى لنظرة عاشقٍ سكينُها
حكمتْ على الوجدان والالباب
لم تبلغي في الحب نبضي طالما
لم تستظلّي في ظلال شبابي
اشرف حشيش
الحمدان
08-13-2024, 09:23 PM
كأنَّ الحزنَ تابوت
بلحد القهر يرميني
نصوص الدمع ما بخلت
تشيّعني وترثيني
وسرب حروفها خفقت
على قبري لتأبيني
تطرّفت ابتساماتي
وفرّت من عناويني
فلاحقها ولاحقني
بسيف القهر يرديني
لماذا يا أخي العربي
تحشدُ في الميادين
تهددني تطاردني
وتذبحني بسكين
أنا المذبوح في وطني
وفي حقلي وفي ديني
أنا المذبوح منذ ولدت
سمّوني : فلسطيني
شممت الغاز في رحمٍ
يصبرني ويحميني
قبيل حلول ميلادي
على وحلٍ من الطينِ
قُبيلَ تفتّح الفصحى
زنابق في بساتيني
قُبيل تنشّقي عطرا
تسلل من رياحيني
سمعتُ الشمس في وطني
بإشعاعٍ تناديني
وترضعني معانيها
دلالاتٍ ..وتسقيني
يتلمذني ..يعلمني
مذاق اللوز والتين
فأنمو مثلما الصبار
في وطن الميامين
وأعشق طلعة الثوار
فجرا قُرب حطين
فإنّ الشمس تعرفني
وحب الشمس يكفيني
ولا أبكي على أطلال
مَنْ راحت تجافيني
اشرف حشيش
الحمدان
08-13-2024, 09:24 PM
إذا ودّعَ الولهانُ يوما مسافرا
فلا بد أن يلقاهُ حين يعودُ
وإنّ فرّق الأعداءُ بين قلوبنا
ستنبضُ ودّا أرضنا و نسودُ
فلا حال بين الحيّ والحيّ موطنٌ
ولا فرّقتْ بين الكرام حدودُ
وأمّا الذي وارى التراب حبيبه
فما كفّتْ العينان منه تجودُ
ولو ساءل الركبان في كل مهجرٍ
فما طمأنتْ منهم هواهُ ردودُ
وما كان ينسى العهد عند صلاته
وكيف تخون الذكريات عهودُ؟!
فيزدادُ من فرط البكاء خشوعه
وينبئ عن صوت النحيب.. سجودُ
إلى أين يا حزني الوفي تقودني
أما من سوانا للنحيب تقودُ
اشرف حشيش
الحمدان
08-13-2024, 09:24 PM
شهوةُ القتلِ لقتلي تدفعُهْ
ما تمنّى... بعد حينٍ يبلَعُهْ
نفخَ الثعبانُ أنفاسَ الردى
وفحيحا دونه لا أسمعُهْ
خدّرَ الخوفُ حراكي فبدا
مثقلا صمتا.. بقتلٍ يُفزعُهْ
كيف لي منه التحدي خائفا
وجناحِيْ مثبطٌ لا أرفعُه؟!
وأنا الناظر فيما لا أرى
غير حتفي وهلاكا يُبدعُهْ
كل هذا العنف قد أعددته
لصغيرٍ يا عدوي تجمعُهْ
لم يزل غضّا طريا عاجزا
ما اكتستْ يا وحشُ لحما أضلعُهْ
ليس يغني عنك من جوعٍ ولا
شبق الإجرامِ. طيرٌ ينفعُهْ
لو بوسعِ الدمعِ عنّي صدَه
قبلَ أنْ يرتدَّ طرفي أمنَعُهْ
بين فكيه ضحايا شُيِّعتْ
والذي يعبرُ ..مَنْ ذا يُرجِعُهْ؟
عالمي : قانون غابٍ سنّهُ
مجرمٌ يخدع بعضا يخدعُهْ
لن يطول البطشُ يا وحشُ بنا
كلّ ذي نابٍ ..سيأتي مصرعُهْ
اشرف حشيش
الحمدان
08-13-2024, 09:25 PM
إنَّ التخابر مع "حماسَ" جريمةٌ
أمّا العناقُ مع العدوِّ مباحُ
فحماسُ لطّختْ الوجوه بقبحها
ولها بمعترك الحوار سلاحُ
وحماسُ أهلكتْ الشعوب بحربها
وبقربها لا يُرتجى إصلاحُ
وحماسُ مهّدتْ القطيعة بيننا
كم أُزهقتْ بحرابها الأرواحُ
وحماس قدّمت البلاد هديّة
للطامعين ..وعارها فضّاحُ
وحماسُ إنْ حلّت بأرضٍ مسّنا
من دائها الطاعون والأتراحُ
لولا يهودٌ ما تطوّر شعبُنا
أو ما تحقق للبلاد نجاحُ
اشرف حشيش
الحمدان
08-13-2024, 09:27 PM
ما الحب إلا للذي في صدره
قلبي.. بغير هواه لم أتغزّلِ
وإذا نظرت إليه أغمض عينه
عمّن سواي ولم يخن بتحوّلِ
يا مَنْ حفلْتُ بقربه وبودّه
ها قد بثثتك عطر حرفي فاحفلِ
خذْ يا غزال الحسن طبع مودتي
وبحقل قافيتي الخصيب ألا انزلِ
إن لم تشمي عطر حرف قصيدتي
تتجاهلي يا بسمتي أو تجهلي
أترى يفوح الحرف دون وروده
أو ينطق الريحان منك بأمثلِ
أنت التي أوحيتِ للحرف الشذا
بفضاء قافية المحب تجوّلي
يا حاشديّ حشدتُ جيش عواطفي
لأجيشَ شعرا بالهوى في محفلي
الحبُّ عندي بالكرامة يُقتضى
لا أرتجي ودّا ولم أتسوّلِ
يا من يهددني بزيف حنينه
أنا ما خضعتُ فخذْ حنينك وارحلِ
اشرف حشيش
الحمدان
08-13-2024, 09:29 PM
سدِّدْ رصاصكَ في صدري وفي راسي
واطـلـبْ لـقـتليَ تـفـويضا مــن الـناسِ
لا تـبـصـرنِّي بـعـين الـعـطف يــا بـطـلا
ولـتـأخـذنّي بــكـفِّ الـبـطـشِ والـبـاسِ
واشــرب دمـائي عـلى أنـقاضها فَـرَحا
ثم اقرع الكأس نخب النصر في الكاسِ
حـرسـتَ مـنـي بــلادا كـنـتُ أحـرقـها
وكــنـتُ أنــفـخُ فـيـهـا نـــار أنـفـاسـي
والآن حــــق عـلـيـهـا أن أمـــوت بــهـا
وأن أقــــــدم طــاعــاتـي لــحــراسـي
مـــن الــظـلامِ شـديـدا..بردُهُ قـاسـي
شـتّـتـها بـقـفـار الـفـقـر مُـــذْ وُجــدَتْ
عــبــر الـسـنـيـن ..بـــإذلالٍ وإفـــلاسِ
لا يــصـلـحُ الـــذلُّ إن الــعـزّ مـسـلـكه
بـالـود والـحـبّ لا بـالـمنطق الـخاسي
هـــلا تـوقـفـتَ إن الـنـاس قــد فَـرَقـوا
بــيـن الـنـحاس وبـيـن الـتـبر والـمـاسِ
اشوف حشيش
الحمدان
08-13-2024, 09:30 PM
أهدي أحبائي ضياء العين
بحلول شهر النصر والتمكين
أهدي لهم بشرى يؤكدها دمي
ويزفّها للواثقين يقيني
ثقتي بمن نصر العباد بعدله
تغني عن التكرار والتلقين
إنْ كان يكفي الظالمين غرورُهم
فالله جلّ جلالُهُ يكفيني
أنا قلعة الصبر ارتقيتُ بهامتي
وصواعقُ الظُّلام لا تحنيني
فاقذفْ قلوبَ الماكرين بمكرهم
يا مَنْ أقرّ بعدله تكويني
أُهدي لكم قلبا توسّل حبّكم
في نبض قافيتي وشوق حنيني
في وثبة الشمس التي قد فجّرت
إشراقها.. لتبثّكم تلحيني
في آية القرآن في ترتيلها
في رشفة التسبيح إذ ترويني
في مطلع الشهر المهلّ بدمعةٍ
من مقلة النص الذي يبكيني
في مصرَ في أرض العراق وشامنا
في قدسنا صَرَخَتْ صلاحَ الدين
أبكيّ عليكِ هناك.. فابكيني هنا
هيَ نفسها النارُ التي تكويني
وسينتهي جُرحي وجُرحك حينما
ألقاك مبتسما كما تلقيني
اشرف حشيش
الحمدان
08-13-2024, 09:31 PM
يا قدسُ وردُ الشوقِ باح و شدّني
وطمعْتُ في نيل الغرام فصدّني
ما هزّني خوفي عليّ وإنما
خوفي عليك حبيبتي قد هزّني
سبلُ الوصال توحّشَتْ أنفاسُها
والدّربُ ضاقَ.. وكلبُه قد عضّني
وهواجسي شلّتْ خطى أشواقها
والصمتُ في أحشاء ليلٍ ضمّني
ذلّلتُ أشواك الخطى متبسما
لا عشتُ إنْ شوكُ الطريقِ أذلّني
لا عشْتُ بكّاءً بمنفى أدمعي
في غاب بؤسٍ بالكآبة حفَّني
ماذا تبقّى من دمي لأخطّهُ
غزلا كما دمك المطهّر خطّني
يا طير أخيلتي المحلّق فوقها
يا نبض قافيتي إليها حُضّني
يا شعلة الحلم التي أوقدتها
من نار أشواقي... هواها مَسّني
طوفي شوارعها بقلبي وانقلي
بعض الحنين أشمُهُ ويشمُني
بالبعد عنك أضيع فيك كأنما
عجز النوى عني إليك فردّني
اشرف حشيش
الحمدان
08-13-2024, 09:32 PM
قلمي لمحكمة الضمير دعاني
فأجبت دعوةَ ناطقٍ بلساني
وشكا لقلبٍ مُرهفٍ إحساسُهُ
فارتجَّ نبضُ القلبِ حين شكاني
أنظرْ إليّ غدوتُ بين أناملٍ
عضّتْ عليّ بقبضة الأحزانِ
يا سيّدي قلبي : بصدرك طائرٌ
ذرفَ الأسى من لوعة الحرمانِ
يا سيّدي قلبي : تمنّعَ صاحبي
عن لذّة التغريد والطيرانِ
لم يرضَ بالغزل الصريح لشعره
وأحال بين الشعر والألوانِ
فأنا اليراعُ وفي مدادي بلسمي
أسقي العليل بلاغتي وبياني
وقصائدي اختبرت مدادا من دمي
عطرته بالمسك والريحانِ
وعزفتها نغما يردده الهوى
إيقاعه مترنّم الألحانِ
(فالنص) فتانٌ زمرّدُ سحرِه
والحرف كالياقوت والمرجانِ
يتخطّف الأبصار في تصويره
وتدور في أقماره العينان
وإذا القوافي أبلغت أنفاسها
وتعتّقَ الإحساس في الوجدانِ
وانساب عذب البوح من شريانها
فارأف ببوحٍ سال من شرياني
فأنا لماء الشعر قطعةُ سُكّرٍ
أهفو إلى لقياه بالذوبان
اشرف حشيش
الحمدان
08-13-2024, 09:32 PM
أعطيتُك القوس ..فارم السهمَ عن كتفي
نحري فداك فخذْ من أحرفي ألفي
حصني أنا شرفٌ أوفيتُ مَنْعتَه
ولا أفرّطُ في الأخلاقِ والشّرفِ
إنّي تعلمتُ قبل الرمي تضحيةً
وطعنةُ الغدر لا تأتيك من طَرَفي
وللشهامةِ عنوانٌ يوحدنا
من الرباط إلى أسوان للنجفِ
أفدي الوفيَّ بروحي حين يطلبني
وينزف الحب من وجدان محترفِ
أمّا الخؤونُ فقد خاصمتهُ أبدا
وما تندّمت ..أو أبديت من أسفي
ما إنْ تعلمَ عني صقل حربته
أتى يهددني بالقتل في كَنَفي
حتى إذا أينعَتْ بالحرف ريشته
وقد بذلتُ على تعليمه هدفي
تراه يطعن جهرا في معلّمه
وينكر الفضل في زهوٍ وفي صَلَفِ
قصائدي تُحَفٌ ما كنتَ تبصرها
وقد أغاظك سحر النقش في تُحفي
الشهم لو مات يحيا في مآثره
والبغض يجعل بعض الناس كالجِيَفِ
اشرف حشيش
الحمدان
08-13-2024, 09:33 PM
قهوة اللفظ ترتويها المعاني
في صباحٍ بِسُكَّرٍ من بياني
قُربَ ريحانةٍ ترنَّمتُ شعرا
وتنفّستُ طيبها فرماني
قُربَ ريحانةٍ تعلّمَ قلبي
في هدوء بلاغة الخفقانِ
قربَ ريحانةٍ تذوّقتُ طعما
ما تذوّقتُ طعمهُ في زماني
للخفيف العليل أعذبُ لحنٍ
بحرهُ عندها بحبٍّ دعاني
يا خفيف البحور جئتُك شوقا
إننا يا خفيفها عاشقانِ
لا أعاني ريحانتي في لقاها
بل ببعدي أظلُّ حرفا يعاني
أتناسى بعطرها كلَّ همي
حالما في لقائها بالأماني
حالما قربها بأجمل نصرٍ
كي أزفَّ الحنينَ عذبَ التهاني
أبلغُ السعدَ قربها دون سعيٍ
أبصرُ الكون كلهُ من مكاني
أبلغ السعدَ قربها دون سعيٍ
أبصر الكونَ كلهُ من مكاني
اشرف حشيش
الحمدان
08-13-2024, 09:33 PM
يطارحُ الغيمُ شوقَ الأرضِ منهمرا
ويبذلُ المَهرَ في أنحائها مَطَرا
بَحْرٌ من الحبّ في الوجدانِ يحملُهُ
لكي ينالَ من المحبوبة الوَطَرا
مخاض بردٍ على آثاره وَضَعَتْ
ربيعَ عمرٍ بهيّا ..مشرقا نَضِرا
وأرضعتُهُ بماء الحبِّ فارتسمَتْ
على محياه عشقا حينما كُبُرا
فصارتِ الأرضُ بالمحبوبِ فاتنةً
يهيمُ فيها هوانا كلما نَظَرا
لولاه ما ارتفعت بالحب باسقة
ولا تغنّى هَزَارٌ واصفاً شجرا
وقد تروّتْ حنانا وهو يغمرها
أنعمْ به وَلِهَا للأرضِ قد غمرا
في صدرها ثمرٌ ألوانُهُ اختلفتْ
فهل يعيش الذي لا يشتهي الثمرا
إن الشتاء وفيٌّ حينما عَشِقَتْ
غيماتُه الأرضَ في أحضانها انتحرا
ولا يغيب محبٌ عاشقٌ رَغِبَا
لكنّه البعد فضّ القرب إذْ أمرا
مَنْ يبذل الروحَ إيمانا وتضحيةً
كما الشتاء ..فقد أبلى بما ظفرا
من بعد رحلته قد عاد ثانيةً
يبني لها في أعالي الجو مُختبرا
تفاعلَ الغيمُ في وجدانِه فغدا
برقاً يضيء ورعدا شوقُهُ انفطرا
حتى يعود لقلب الأرض دقّته
بنفحة الطيب يبقى ثغرها عَطِرا
اشرف حشيش
الحمدان
08-13-2024, 09:34 PM
بغداد يا جرحا يصيحُ على المدى
ويظلُّ يصرخُ نازفا ومضمّدا
ويظل يروي للنخيل قصيدةً
عطشتْ قوافيها على شطّ الردى
يروي المقامات الحسانُ بديعُها
يروي أحاديثَ ابنِ حنبلِ أحمدا
يروي الحماسة عن أبي تمّامها
يذكي بها للثائرين الموقدا
وبرؤية المنصور يبصر رأسها
يعلو وللمهزوم لن يتوددا
جاءوا لأخذ الثار من إشراقة
النور الذي في شمسكم قد زُوِّدا
جاءوا إليك بجند بوشَ وعصبةٍ
بشخوصهم صنم الخيانة جُسِّدا
حممٌ من الحقد الدفين تحركتْ
بعتاد أمريكا لكي تتسيّدا
فاسأل نوادي العلم عن علمائها
ما بين مفقودٍ وآخر شُرّدا
واسأل عن الأبحاث عن فرسانها
دار المعارف بابها قد أوصدا
يا منتدى العلماء صرت بعصرهم
للّطم والتخريب أبشع منتدى
عكست مرايا الخزي قبح وجوههم
والمالكيُّ من العفاف تجرّدا
فالأعظميةُ حين أبصرَ رمحُها
ظلماً تمادى في البلاد وعربدا
زأرت فردّدت الرماديْ خلفها
وعليه سامراءُ قد رفعتْ يدا
وتجنّد الفرسان في أنبارهم
والجرحُ والوجعُ القديمُ تَجَنَّدا
وإذا الرصافة رفرفتْ راياتُها
ودم الشهادة في شوارعها بدا
وإذا امتطى خيل الأماني واثقٌ
والشوق للماضي العريق تجددا
ستجوب أسراب العراق فضاءها
ليغرد القلم الحنين وينشدا
اشرف حشيش
الحمدان
08-13-2024, 09:36 PM
في رسم إحساسي بَذَلتُ فؤادي
فبدا الجمالُ بفنّه الوقادِ
وغدوتُ فنانا فضائي حالمٌ
ومغرّدٌ قلبي.. عليك ينادي
ومداد قلبي إذ يشكّلُ لوحةً
محفوفةً بالوردِ كي ترتادي
إني لأرسمُ بالمداد غزالةً
حوراء تمنعني لذيذ رُقادي
ورموشها إبرٌ تحفّ عيونها
ولحاظها هزمتْ جميعَ عتاديْ
صَدّقتُ رمحي في اصطياد غزالتي
حتى قُتلْتُ بحربة الصّيادِ
هي ظبيةٌ في واد حبٍّ لو رَعَتْ
عشب الغرام ..وقد سقاه مدادي
لتمكّنتْ من بسط سيطرة الهوى
ولأخصبتْ حبَّا حقولُ حصادِ
إنْ تذعني لنداء قلبك ظبيتي
أو تستجيبي للهوى..تزدادي
أوحى إليّ الصوت منك بصورة
فرسمتها بتلطّفي وودادي
لو لامس القلبَ الأصمَ حديثُها
أو كان هذا القلب مثلَ جمادِ
ستراهُ من شوقٍ يرتل صوتها
في معبد العشّاق كالزّهاد
اشرف حشيش
الحمدان
08-13-2024, 09:37 PM
كيف انسحبتِ بسرعةِ السّكينِ
وطعنتِ بالشَّكِ الأصَمّ يقيني
ووصلتِ قبلَ الغادرين بضربة
حرمَتْ فؤادَكِ مِن شراب حنيني
فأمنْتُ مكرَ اللّحظِ حين أرادني
صَيْداً..بكُحْل رموشهِ يغريني
وتلطّفتْ عيناي حتى لا أرى
الوجهَ الخجولَ مزيَّف التّلْوينِ
وسمعتُ قلبك.. يا له من ماكرٍ
مع كلِّ نبضٍ ...يرتوي تلحيني
لم تنضجي للمكرِ بعدُ ولمْ يزلْ
طِفْلا هواكِ بحاجةِ التّمرينِ
يحبو على كفِّ الهُيام مدللا
فترفّقي في قلبك المسكينِ
لا قدرةً لك في اللحاق ..فإنني
خيل الهوى هيهات أن تجديني
وسواعد العشّاقِ يا محبوبتي
عَجِزَتْ بسيف اللهو أنْ ترميني
قولي لمنْ تهوى النزالَ بأنني
صعبٌ ..وماء البحرُ لا يرويني
اشرف حشيش
vBulletin® v3.8.7, Copyright ©2000-2025, vBulletin Solutions, Inc Trans by mbcbaba
diamond