المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هنا الشعر الفصيح ومايتعلق به


الصفحات : 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 [32] 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 100 101 102 103 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 114 115 116 117 118 119 120 121 122 123 124 125 126 127 128 129 130 131 132 133 134 135 136 137 138 139 140 141 142 143 144 145 146 147 148 149 150 151 152 153 154 155

الحمدان
07-05-2024, 09:36 PM
لَو يَنظِمونَ اللَآلي مِثلَ ما نُظِمَت
مُذ غِبتَ عَنّا عُيونُ الفَضلِ وَالأَدَبِ

لَأَقفَرَ الجيدُ مِن دُرٍّ يُحيطُ بِهِ
وَالثَغرُ مِن لُؤلُؤٍ وَالكَأسُ مِن حَبَبِ


حافظ ابراهيم

الحمدان
07-05-2024, 09:37 PM
قَصَرتُ عَلَيكَ العُمرَ وَهوَ قَصيرُ
وَغالَبتُ فيكَ الشَوقَ وَهوَ قَديرُ

وَأَنشَأتُ في صَدري لِحُسنِكَ دَولَةً
لَها الحُبُّ جُندٌ وَالوَلاءُ سَفيرُ

فُؤادي لَها عَرشٌ وَأَنتَ مَليكُهُ
وَدونَكَ مِن تِلكَ الضُلوعِ سُتورُ

وَما اِنتَقَضَت يَوماً عَلَيكَ جَوانِحي
وَلا حَلَّ في قَلبي سِواكَ أَميرُ

كَتَمتُ فَقالوا شاعِرٌ يُنكِرُ الهَوى
وَهَل غَيرُ صَدري بِالغَرامِ خَبيرُ

وَلَو شِئتُ أَذهَلتُ النُجومَ عَنِ السُرى
وَعَطَّلتُ أَفلاكاً بِهِنَّ تَدورُ

وَأَشعَلتُ جِلدَ اللَيلِ مِنّي بِزَفرَةٍ
غَرامِيَّةٍ مِنها الشَرارُ يَطيرُ

وَلَكِنَّني أَخفَيتُ ما بي وَإِنَّما
لِكُلِّ غَرامٍ عاذِلٌ وَعَذيرُ

أَرى الحُبَّ ذُلّاً وَالشِكايَةَ ذِلَّةً
وَإِنّي بِسَترِ الذِلَّتَينِ جَديرُ

وَلي في الهَوى شِعرانِ شِعرٌ أُذيعُهُ
وَآخَرُ في طَيِّ الفُؤادِ سَتيرُ

وَلَولا لَجاجُ الحاسِدينَ لَما بَدا
لِمَكنونِ سِرّي في الغَرامِ ضَميرُ

وَلا شَرَعَت هَذا اليَراعَ أَنامِلي
لِشَكوى وَلَكِنَّ اللَجاجَ يُثيرُ

عَلى أَنَّني لا أَركَبُ اليَأسَ مَركَباً
وَلا أُكبِرُ البَأساءَ حينَ تُغيرُ

فَكَم حادَ عَنّي الحَينُ وَالسَيفُ مُصلَتٌ
وَهانَ عَلَيَّ الأَمرُ وَهوَ عَسيرُ

وَكَم لَمحَةٍ في غَفلَةِ الدَهرِ نَفَّسَت
هُموماً لَها بَينَ الضُلوعِ سَعيرُ

فَقَد يَشتَفي الصَبُّ السَقيمُ بِزَورَةٍ
وَيَنجو بِلَفظٍ عاثِرٌ وَأَسيرُ

عَسى ذَلِكَ العامُ الجَديدُ يَسُرُّني
بِبُشرى وَهَل لِلبائِسينَ بَشيرُ

وَيَنظُرُ لي رَبُّ الأَريكَةِ نَظرَةً
بِها يَنجَلي لَيلُ الأَسى وَيُنيرُ

مَليكٌ إِذا غَنّى اليَراعُ بِمَدحِهِ
سَرَت بِالمَعالي هِزَّةٌ وَسُرورُ

أَمَولايَ إِنَّ الشَرقَ قَد لاحَ نَجمُهُ
وَآنَ لَهُ بَعدَ المَماتِ نُشورُ

تَفاءَلَ خَيراً إِذ رَآكَ مُمَلَّكا
وَفَوقَكَ مِن نورِ المُهَيمِنِ نورُ

مَضى زَمَنٌ وَالغَربُ يَسطو بِحَولِهِ
عَلَيَّ وَما لي في الأَنامِ ظَهيرُ

إِلى أَن أَتاحَ اللَهُ لِلصَقرِ نَهضَةً
فَفَلَّت غِرارَ الخَطبِ وَهوَ طَريرُ

جَرَت أُمَّةُ اليابانِ شَوطاً إِلى العُلا
وَمِصرٌ عَلى آثارِها سَتَسيرُ

وَلا يُمنَعُ المِصرِيُّ إِدراكَ شَأوِها
وَأَنتَ لِطُلّابِ العَلاءِ نَصيرُ

فَقِف مَوقِفَ الفاروقِ وَاُنظُر لِأُمَّةٍ
إِلَيكَ بِحَبّاتِ القُلوبِ تُشيرُ

وَلا تَستَشِر غَيرَ العَزيمَةِ في العُلا
فَلَيسَ سِواها ناصِحٌ وَمُشيرُ

فَعَرشُكَ مَحروسٌ وَرَبُّكَ حارِسٌ
وَأَنتَ عَلى مُلكِ القُلوبِ أَميرُ


حافظ ابراهيم

الحمدان
07-05-2024, 09:37 PM
هَجَعتَ يا طَيرُ وَلَم أَهجَعِ
ما أَنتَ إِلّا عاشِقٌ مُدَّعي

لَو كُنتَ مِمَّن يَعرِفونَ الجَوى
قَضَيتَ هَذا اللَيلَ سُهداً مَعي

يا مَن تَحامَيتُم سَبيلَ الهَوى
أُعيذُكُم مِن قَلَقِ المَضجَعِ

وَحَسرَةٍ في النَفسِ لَو قُسِّمَت
عَلى ذَواتِ الطَوقِ لَم تَسجَعِ

وَيا بَني الشَوقِ وَأَهلَ الأَسى
وَمَن قَضَوا في هَذِهِ الأَربُعِ

عَلَيكُم مِن واجِدٍ مُغرَمٍ
تَحِيَّةُ الموجَعِ لِلموجَعِ

لِلَّهِ ما أَقسى فُؤادَ الدُجى
عَلى فُؤادِ العاشِقِ المولَعِ

هَذا غَليظٌ لَم يَرُضهُ الهَوى
ما بَينَ جَنبَي أَسوَدٍ أَسفَعِ

وَذاكَ في جَنبَي فَتىً مُدنَفٍ
عَلى سِوى الرِقَّةِ لَم يُطبَعِ

وَأَغيَدٍ أَسكَنتُهُ في الحَشا
وَقُلتُ يا نَفسُ بِهِ فَاِقنَعي

نِفارُهُ أَسرَعُ مِن خاطِري
وَصَدُّهُ أَقرَبُ مِن مَدمَعي

وَخَدُّهُ لا تَنطَفي نارُهُ
كَأَنَّما يَقبِسُ مِن أَضلُعي

تَساءَلَت عَنّي نُجومُ الدُجى
لَمّا رَأَتني دانِيَ المَصرَعِ

قالَت نَرى في الأَرضِ ذا لَوعَةٍ
قَد باتَ بَينَ اليَأسِ وَالمَطمَعِ

يَئِنُّ كَالمَفؤودِ أَو كَالَّذي
أَصابَهُ سَهمٌ وَلَم يُنزَعِ

إِن كانَ في بَدرِ الدُجى هائِماً
أَما لِهَذا البَدرِ مِن مَطلَعِ

أَو كانَ في ظَبيِ الحِمى مُغرَماً
أَما لِهَذا الظَبيِ مِن مَرتَعِ

هَيهاتَ يا أَنجُمُ أَن تَعلَمي
مُثيرَ أَشجاني أَو تَطمَعي

إِنّي لَضَنّانٌ بِذِكرِ اِسمِهِ
ضَنّي بِوُدِّ الكاتِبِ الأَلمَعي

الضارِبِ الجِزيَةِ مُنذُ اِنتَشى
عَلى يَراعِ الشاعِرِ المُبدِعِ

وَالحامِلِ الأَقلامَ مَشروعَةً
كَأَنَّها بَعضُ القَنا الشُرَّعِ

إِذا دَعا القَولُ أَتى طائِعاً
وَإِن دَعاهُ العِيُّ لَم يَسمَعِ

صَحِبتُهُ دَهراً فَأَلفَيتُهُ
فَتىً كَريمَ الأَصلِ وَالمَنزِعِ

مَوَدَّةٌ كَالخَمرِ إِن عُتِّقَت
جادَت وَفَضلٌ باسِمُ المَشرَعِ

وَعَزمَةٌ لَو قُسِّمَت في الوَرى
باتوا مِنَ الشِعرى عَلى مَسمَعِ


حافظ ابراهيم

الحمدان
07-05-2024, 09:38 PM
تَراءى لَكَ الإِقبالُ حَتّى شَهِدناهُ
وَدانَ لَكَ المِقدارُ حَتّى أَمِنّاهُ

سُلَيمانُ ذَكَّرتَ الزَمانَ وَأَهلَهُ
بِعِزِّ سُلَيمانٍ وَإِقبالِ دُنياهُ

إِذا سِرتَ يَوماً حَذَّرَ النَملُ بَعضَهُ
مَخافَةَ جَيشٍ مِن مَواليكَ يَغشاهُ

وَإِن كُنتَ في رَوضٍ تَغَنَّت طُيورُهُ
وَصاحَت عَلى الأَفنانِ يَحرُسُكَ اللَهُ

وَكانَ اِبنُ داوُدٍ لَهُ الريحُ خادِمٌ
وَتَخدُمُكَ الأَيّامُ وَالسَعدُ وَالجاهُ

تَحُلُّ بِحَيثُ المَجدُ أَلقى رِحالَهُ
فَطاهِرَةٌ وَالبَيتُ وَالقُدسُ أَشباهُ

لَبِستَ الشِفا ثَوباً جَديداً مُبارَكاً
فَأَلبَستَنا ثَوباً مِنَ العِزِّ نَرضاهُ

وَكانَ عَلَيكَ الدَهرُ يَخفِقُ قَلبُهُ
فَلَمّا شَفاكَ اللَهُ أَهدَأتَ أَحشاهُ

وَهَنّا جَديداهُ الزَمانَ وَأَصبَحَت
تَسوقُ لَنا الأَيّامُ ما نَتَمَنّاهُ

وَباتَ بَنوكَ الغُرُّ ما بَينَ رافِلٍ
بِحُلَّةِ يُمنٍ أَو شَكورٍ لِمَولاهُ

سُلَيمانُ دُم ما دامَتِ الشُهبُ في الدُجى
وَما دامَ يَسري ذَلِكَ البَدرُ مَسراهُ

وَكُن لِعَلِيٍّ بَهجَةَ العُرسِ إِنَّهُ
بِعِزِّكَ في الأَفراحِ تَمَّت مَزاياهُ

وَلا تَنسَ مَن أَمسى يُقَلِّبُ طَرفَهُ
فَلَم تَرَ إِلّا أَنتَ في الناسِ عَيناهُ


حافظ ابراهيم

الحمدان
07-05-2024, 09:38 PM
أَعجَمِيٌّ كادَ يَعلو نَجمُهُ
في سَماءِ الشِعرِ نَجمَ العَرَبي

صافَحَ العَلياءَ فيها وَاِلتَقى
بِالمَعَرّي فَوقَ هامِ الشُهُبِ

ما ثُغورُ الزَهرِ في أَكمامِها
ضاحِكاتٍ مِن بُكاءِ السُحُبِ

نَظَمَ الوَسمِيُّ فيها لُؤلُؤاً
كَثَنايا الغيدِ أَو كَالحَبَبِ

عِندَ مَن يَقضي بِأَبهى مَنظَراً
مِن مَعانيهِ الَّتي تَلعَبُ بي

بَسَمَت لِلذِهنِ فَاِستَهوَت نُهى
مُغرَمِ الفَضلِ وَصَبِّ الأَدَبِ

وَجَلَتها حِكمَةً بالِغَةً
أَعجَزَت أَطواقَ أَهلِ المَغرِبِ

سائِلوا الطَيرَ إِذا ما هاجَكُم
شَدوُها بَينَ الهَوى وَالطَرَبِ

هَل تَغَنَّت أَو أَرَنَّت بِسِوى
شِعرِ هوغو بَعدَ عَهدِ العَرَبِ

كانَ مُرَّ النَفسِ أَو تَرضى العُلا
تَظمَأُ الأَفلاكُ إِن لَم يَشرَبِ

عافَ في مَنفاهُ أَن يَدنو بِهِ
عَفوُ ذاكَ القاهِرِ المُغتَصِبِ

بَشَّروهُ بِالتَداني وَنَسوا
أَنَّهُ ذاكَ العِصامِيُّ الأَبي

كَتَبَ المَنفِيُّ سَطراً لِلَّذي
جاءَهُ بِالعَفوِ فَاِقرَأ وَاِعجَبِ

أَبَريءٌ عَنهُ يَعفو مُذنِبٌ
كَيفَ تُسدي العَفوَ كَفُّ المُذنِبِ

جاءَ وَالأَحلامُ في أَصفادِها
ما لَها في سِجنِها مِن مَذهَبِ

طَبَعَ الظُلمُ عَلى أَقفالِها
بِلَظاهُ خاتَماً مِن رَهَبِ

أَمعَنَ التَقليدُ فيها فَغَدَت
لا تَرى إِلّا بِعَينِ الكُتُبِ

أَمَرَ التَقليدُ فيها وَنَهى
بِجُيوشٍ مِن ظَلامِ الحُجُبِ

جاءَها هوغو بِعَزمٍ دونَهُ
عِزَّةُ التاجِ وَزَهوُ المَوكِبِ

وَاِنبَرى يَصدَعُ مِن أَغلالِها
بِاليَراعِ الحُرِّ لا بِالقُضُبِ

هالَهُ أَلّا يَراها حُرَّةً
تَمتَطي في البَحثِ مَتنَ الكَوكَبِ

ساءَهُ أَلّا يَرى في قَومِهِ
سيرَةَ الإِسلامِ في عَهدِ النَبي

قُلتَ عَن نَفسِكَ قَولاً صادِقاً
لَم تَشُبهُ شائِباتُ الكَذِبِ

أَنا كَالمَنجَمِ تِبرٌ وَثَرىً
فَاِطرَحوا تُربي وَصونوا ذَهَبي


حافظ ابراهيم

الحمدان
07-05-2024, 09:39 PM
حَسبُ القَوافي وَحَسبي حينَ أُلقيها
أَنّي إِلى ساحَةِ الفاروقِ أُهديها

لاهُمَّ هَب لي بَياناً أَستَعينُ بِهِ
عَلى قَضاءِ حُقوقٍ نامَ قاضيها

قَد نازَعَتنِيَ نَفسي أَن أَوَفّيها
وَلَيسَ في طَوقِ مِثلي أَن يُوَفّيها

فَمُر سَرِيَّ المَعاني أَن يُواتِيَني
فيها فَإِنّي ضَعيفُ الحالِ واهيها


حافظ ابراهيم

الحمدان
07-05-2024, 09:39 PM
رَأَيتَ في الدينِ آراءً مُوَفَّقَةً
فَأَنزَلَ اللَهُ قُرآناً يُزَكّيها

وَكُنتَ أَوَّلَ مَن قَرَّت بِصُحبَتِهِ
عَينُ الحَنيفَةِ وَاِجتازَت أَمانيها

قَد كُنتَ أَعدى أَعاديها فَصِرتَ لَها
بِنِعمَةِ اللَهِ حِصناً مِن أَعاديها

خَرَجتَ تَبغي أَذاها في مُحَمَّدِها
وَلِلحَنيفَةِ جَبّارٌ يُواليها

فَلَم تَكَد تَسمَعُ الآياتِ بالِغَةً
حَتّى اِنكَفَأتَ تُناوي مَن يُناويها

سَمِعتَ سورَةَ طَهَ مِن مُرَتِّلِها
فَزَلزَلَت نِيَّةً قَد كُنتَ تَنويها

وَقُلتَ فيها مَقالاً لا يُطاوِلُهُ
قَولُ المُحِبِّ الَّذي قَد باتَ يُطريها

وَيَومَ أَسلَمتَ عَزَّ الحَقُّ وَاِرتَفَعَت
عَن كاهِلِ الدينِ أَثقالٌ يُعانيها

وَصاحَ فيهِ بِلالٌ صَيحَةً خَشَعَت
لَها القُلوبُ وَلَبَّت أَمرَ باريها

فَأَنتَ في زَمَنِ المُختارِ مُنجِدُها
وَأَنتَ في زَمَنِ الصِدّيقِ مُنجيها

كَمِ اِستَراكَ رَسولُ اللَهِ مُغتَبِطاً
بِحِكمَةٍ لَكَ عِندَ الرَأيِ يُلفيها


حافظ ابراهيم

الحمدان
07-05-2024, 09:39 PM
وَمَوقِفٍ لَكَ بَعدَ المُصطَفى اِفتَرَقَت
فيهِ الصَحابَةُ لَمّا غابَ هاديها

بايَعتَ فيهِ أَبا بَكرٍ فَبايَعَهُ
عَلى الخِلافَةِ قاصيها وَدانيها

وَأُطفِئَت فِتنَةٌ لَولاكَ لَاِستَعَرَت
بَينَ القَبائِلَ وَاِنسابَت أَفاعيها

باتَ النَبِيُّ مُسَجّىً في حَظيرَتِهِ
وَأَنتَ مُستَعِرُ الأَحشاءِ داميها

تَهيمُ بَينَ عَجيجِ الناسِ في دَهَشٍ
مِن نَبأَةٍ قَد سَرى في الأَرضِ ساريها

تَصيحُ مَن قالَ نَفسُ المُصطَفى قُبِضَت
عَلَوتُ هامَتَهُ بِالسَيفِ أَبريها

أَنساكَ حُبُّكَ طَهَ أَنَّهُ بَشَرٌ
يُجري عَلَيهِ شُؤونَ الكَونِ مُجريها

وَأَنَّهُ وارِدٌ لا بُدَّ مَورِدَهُ
مِنَ المَنِيَّةِ لا يُعفيهِ ساقيها

نَسيتَ في حَقِّ طَهَ آيَةً نَزَلَت
وَقَد يُذَكَّرُ بِالآياتِ ناسيها

ذَهِلتَ يَوماً فَكانَت فِتنَةٌ عَمَمٌ
وَثابَ رُشدُكَ فَاِنجابَت دَياجيها

فَلِلسَقيفَةِ يَومٌ أَنتَ صاحِبُهُ
فيهِ الخِلافَةُ قَد شيدَت أَواسيها

مَدَّت لَها الأَوسُ كَفّاً كَي تَناوَلَها
فَمَدَّتِ الخَزرَجُ الأَيدي تُباريها

وَظنَّ كُلُّ فَريقٍ أَنَّ صاحِبَهُم
أَولى بِها وَأَتى الشَحناءَ آتيها

حَتّى اِنبَرَيتَ لَهُم فَاِرتَدَّ طامِعُهُم
عَنها وَأَخّى أَبو بَكرٍ أَواخيها


حافظ ابراهيم

الحمدان
07-05-2024, 09:40 PM
وَقَولَةٍ لِعَلِيٍّ قالَها عُمَرٌ
أَكرِم بِسامِعِها أَعظِم بِمُلقيها

حَرَقتُ دارَكَ لا أُبقي عَلَيكَ بِها
إِن لَم تُبايِع وَبِنتُ المُصطَفى فيها

ما كانَ غَيرُ أَبي حَفصٍ يَفوهُ بِها
أَمامَ فارِسِ عَدنانٍ وَحاميها

كِلاهُما في سَبيلِ الحَقِّ عَزمَتُهُ
لا تَنثَني أَو يَكونَ الحَقُّ ثانيها

فَاِذكُرهُما وَتَرَحَّم كُلَّما ذَكَروا
أَعاظِماً أُلِّهوا في الكَونِ تَأليها


حافظ ابراهيم

الحمدان
07-05-2024, 09:40 PM
كَم خِفتَ في اللَهِ مَضعوفاً دَعاكَ بِهِ
وَكَم أَخَفتَ قَوِيّاً يَنثَني تيها

وَفي حَديثِ فَتى غَسّانَ مَوعِظَةٌ
لِكُلِّ ذي نَغرَةٍ يَأبى تَناسيها

فَما القَوِيُّ قَوِيّاً رَغمَ عِزَّتِهِ
عِندَ الخُصومَةِ وَالفاروقُ قاضيها

وَما الضَعيفُ ضَعيفاً بَعدَ حُجَّتِهِ
وَإِن تَخاصَمَ واليها وَراعيها


حافظ ابراهيم

الحمدان
07-05-2024, 09:40 PM
وَما أَقَلتَ أَبا سُفيانَ حينَ طَوى
عَنكَ الهَدِيَّةَ مُعتَزّاً بِمُهديها

لَم يُغنِ عَنهُ وَقَد حاسَبتَهُ حَسَبٌ
وَلا مُعاوِيَةٌ بِالشامِ يَجبيها

قَيَّدتَ مِنهُ جَليلاً شابَ مَفرِقُهُ
في عِزَّةٍ لَيسَ مِن عِزٍّ يُدانيها

قَد نَوَّهوا بِاِسمِهِ في جاهِلِيَّتِهِ
وَزادَهُ سَيِّدُ الكَونَينِ تَنويها

في فَتحِ مَكَّةَ كانَت دارُهُ حَرَماً
قَد أَمَّنَ اللَهُ بَعدَ البَيتِ غاشيها

وَكُلُّ ذَلِكَ لَم يَشفَع لَدى عُمَرٍ
في هَفوَةٍ لِأَبي سُفيانَ يَأتيها

تَاللَهِ لَو فَعَلَ الخَطّابُ فَعلَتَهُ
لَما تَرَخَّصَ فيها أَو يُجازيها

فَلا الحَسابَةُ في حَقٍّ يُجامِلُها
وَلا القَرابَةُ في بُطلٍ يُحابيها

وَتِلكَ قُوَّةُ نَفسٍ لَو أَرادَ بِها
شُمَّ الجِبالِ لَما قَرَّت رَواسيها


حافظ ابراهيم

الحمدان
07-06-2024, 12:06 AM
اليتيمه ...

هَل بِالطُلولِ لِسائِل رَدُّ
أَم هَل لَها بِتَكَلُّم عَهدُ

أبلى الجَديدُ جَديدَ مَعهَدِها
فَكَأَنَّما هو رَيطَةٌ جُردُ

مِن طولِ ما تَبكي الغيومُ عَلى
عَرَصاتِها وَيُقَهقِهُ الرَعدُ

وَتُلِثُّ سارِيَةٌ وَغادِيَةٌ
وَيَكُرُّ نَحسٌ خَلفَهُ سَعدُ

تَلقى شَآمِيَةٌ يَمانِيَةً
لَهُما بِمَورِ تُرابِها سَردُ

فَكَسَت بَواطِنُها ظَواهِرَها
نَوراً كَأَنَّ زُهاءَهُ بُردُ

يَغدو فَيَسدي نَسجَهُ حَدِبٌ
واهي العُرى وينيرُهُ عهدُ

فَوَقَفت أسألها وَلَيسَ بِها
إِلّا المَها وَنَقانِقٌ رُبدُ

وَمُكَدَّمٌ في عانَةٍ جزأت
حَتّى يُهَيِّجَ شَأوَها الوِردُ

فتناثرت دِرَرُ الشُؤونِ عَلى
خَدّى كَما يَتَناثَرُ العِقدُ

أَو نَضحُ عَزلاءِ الشَعيبِ وَقَد
راحَ العَسيف بِملئِها يَعدو

لَهَفي عَلى دَعدٍ وَما حفَلت
إِلّا بحرِّ تلَهُّفي دَعدُ

بَيضاءُ قَد لَبِسَ الأَديمُ أديم
الحُسنِ فهو لِجِلدِها جِلدُ

وَيَزينُ فَودَيها إِذا حَسَرَت
ضافي الغَدائِرِ فاحِمٌ جَعدُ

فَالوَجهُ مثل الصُبحِ مبيضٌ
والشعر مِثلَ اللَيلِ مُسوَدُّ

ضِدّانِ لِما اسْتُجْمِعا حَسُنا
وَالضِدُّ يُظهِرُ حُسنَهُ الضِدُّ

وَجَبينُها صَلتٌ وَحاجِبها
شَختُ المَخَطِّ أَزَجُّ مُمتَدُّ

وَكَأَنَّها وَسنى إِذا نَظَرَت
أَو مُدنَفٌ لَمّا يُفِق بَعدُ

بِفتورِ عَينٍ ما بِها رَمَدٌ
وَبِها تُداوى الأَعيُنُ الرُمدُ

وَتُريكَ عِرنيناً به شَمَمٌ
وتُريك خَدّاً لَونُهُ الوَردُ

وَتُجيلُ مِسواكَ الأَراكِ عَلى
رَتلٍ كَأَنَّ رُضابَهُ الشَهدُ

والجِيدُ منها جيدُ جازئةٍ
تعطو إذا ما طالها المَردُ

وَكَأَنَّما سُقِيَت تَرائِبُها
وَالنَحرُ ماءَ الحُسنِ إِذ تَبدو

وَاِمتَدَّ مِن أَعضادِها قَصَبٌ
فَعمٌ زهتهُ مَرافِقٌ دُردُ

وَلَها بَنانٌ لَو أَرَدتَ لَهُ
عَقداً بِكَفِّكَ أَمكَنُ العَقدُ

وَالمِعصمان فَما يُرى لَهُما
مِن نَعمَةٍ وَبَضاضَةٍ زَندُ

وَالبَطنُ مَطوِيٌّ كَما طُوِيَت
بيضُ الرِياطِ يَصونُها المَلدُ

وَبِخَصرِها هَيَفٌ يُزَيِّنُهُ
فَإِذا تَنوءُ يَكادُ يَنقَدُّ

وَالتَفَّ فَخذاها وَفَوقَهُما
كَفَلٌ كدِعصِ الرمل مُشتَدُّ

فَنهوضُها مَثنىً إِذا نَهَضت
مِن ثِقلَهِ وَقُعودها فَردُ

وَالساقِ خَرعَبَةٌ مُنَعَّمَةٌ
عَبِلَت فَطَوقُ الحَجلِ مُنسَدُّ

وَالكَعبُ أَدرَمُ لا يَبينُ لَهُ
حَجمً وَلَيسَ لِرَأسِهِ حَدُّ

وَمَشَت عَلى قَدمَينِ خُصِّرتا
واُلينَتا فَتَكامَلَ القَدُّ

إِن لَم يَكُن وَصلٌ لَدَيكِ لَنا
يَشفى الصَبابَةَ فَليَكُن وَعدُ

قَد كانَ أَورَقَ وَصلَكُم زَمَناً
فَذَوَى الوِصال وَأَورَقَ الصَدُّ

لِلَّهِ أشواقي إِذا نَزَحَت
دارٌ بِنا ونوىً بِكُم تَعدو

إِن تُتهِمي فَتَهامَةٌ وَطني
أَو تُنجِدي يكنِ الهَوى نَجدُ

وَزَعَمتِ أَنَّكِ تضمُرينَ لَنا
وُدّاً فَهَلّا يَنفَعُ الوُدُّ

وَإِذا المُحِبُّ شَكا الصُدودَ فلَم
يُعطَف عَلَيهِ فَقَتلُهُ عَمدُ

تَختَصُّها بِالحُبِّ وُهيَ على
ما لا نُحِبُّ فَهكَذا الوَجدُ

أوَ ما تَرى طِمرَيَّ بَينَهُما
رَجُلٌ أَلَحَّ بِهَزلِهِ الجِدُّ

فَالسَيفُ يَقطَعُ وَهُوَ ذو صَدَأٍ
وَالنَصلُ يَفري الهامَ لا الغِمدُ

هَل تَنفَعَنَّ السَيفَ حِليَتُهُ
يَومَ الجِلادِ إِذا نَبا الحَدُّ

وَلَقَد عَلِمتِ بِأَنَّني رَجُلٌ
في الصالِحاتِ أَروحُ أَو أَغدو

بَردٌ عَلى الأَدنى وَمَرحَمَةٌ
وَعَلى الحَوادِثِ مارِنٌ جَلدُ

مَنَعَ المَطامِعَ أن تُثَلِّمَني
أَنّي لِمَعوَلِها صَفاً صَلدُ

فَأَظلُّ حُرّاً مِن مَذّلَّتِها
وَالحُرُّ حينَ يُطيعُها عَبدُ

آلَيتُ أَمدَحُ مقرفاً أبَداً
يَبقى المَديحُ وَيَذهَبُ الرفدُ

هَيهاتَ يأبى ذاكَ لي سَلَفٌ
خَمَدوا وَلَم يَخمُد لَهُم مَجدُ

وَالجَدُّ حارثُ وَالبَنون هُمُ
فَزَكا البَنون وَأَنجَبَ الجَدُّ

ولَئِن قَفَوتُ حَميدَ فَعلِهِمُ
بِذَميم فِعلي إِنَّني وَغدُ

أَجمِل إِذا طالبتَ في طَلَبٍ
فَالجِدُّ يُغني عَنكَ لا الجَدُّ

وإذا صَبَرتَ لجهد نازلةٍ
فكأنّه ما مَسَّكَ الجَهدُ

وَطَريدِ لَيلٍ قادهُ سَغَبٌ
وَهناً إِلَيَّ وَساقَهُ بَردُ

أَوسَعتُ جُهدَ بَشاشَةٍ وَقِرىً
وَعَلى الكَريمِ لِضَيفِهِ الجُهدُ

فَتَصَرَّمَ المَشتي وَمَنزِلُهُ
رَحبٌ لَدَيَّ وَعَيشُهُ رَغدُ

ثُمَّ انثنى وَرِداوُّهُ نِعَمٌ
أَسدَيتُها وَرِدائِيَ الحَمدُ

لِيَكُن لَدَيكَ لِسائِلٍ فَرَجٌ
إِن لِم يَكُن فَليَحسُن الرَدُّ

يا لَيتَ شِعري بَعدَ ذَلِكُمُ
ومحارُ كُلِّ مُؤَمِّلٍ لَحدُ

أَصَريعُ كَلمٍ أَم صَريعُ ردى
أَودى فَلَيسَ مِنَ الرَدى بُدُّ


دوقله المنبجي
العصر العباسي

الحمدان
07-06-2024, 12:33 AM
ياقلبُ لا تبكي عليها إنها
‏تهوى الفِراق وبالمشاعِر تلعَبُ

‏يا قَلبُ لا ترضى علينا ذِلةً
‏إني عزيزٌ شامخٌ لا أُغلَبُ

‏أنت الذي أكرمت فقر شعورِها
‏وجعلت مِنها ثعلبًا يتقلبُ

‏حتى تمادت بالفراق كأنها
‏تراكَ شيئًا كأنه لا يُحسبُ

‏ونَسيتَ أنك مِن رجالٍ بأسهم
‏يلوي الحديد وبالصواعقِ يضربُ


......

الحمدان
07-06-2024, 12:49 AM
قَبيحٌ مِن الإنسانِ ينسى عيوبَهُ
وَ يَذكرُ عيبًا في أخيهِ قَدِ اختفى

وَ لو كانَ ذا عَقلٍ لما عابَ غيرهُ
وَ فيه عيوبٌ لو رآها بِهِ اكتفى

......

الحمدان
07-06-2024, 07:27 AM
إلىٰ اللّٰهِ مَا نَرجُوهُ فِي كُلِّ حَاجَةٍ
وَ عِندَ إلٰهِ الكَونِ تُقضَىٰ الحَوَائِجُ

إلىٰ اللّٰهِ حَبلٌ بِاليَقِينُ نَمُدُّهُ
إذَا قُطِعَت بِالأقرَبينَ الوَشَائِجُ

إلىٰ اللّٰهِ فِي فَجرٍ أتَىٰ بَعدَ ظُلمَةٍ
إلىٰ اللّٰهِ فِي حُزنٍ تَلِيهِ المَبَاهِجُ

إلىٰ اللّٰهِ فِي ضِيقِ الحَيَاةِ وَ عُسرِهَا
وَ مَن غَيرُ رَبِّي فِي المُلِمَّاتِ فَارِجُ!.

محمد المقرن

الحمدان
07-06-2024, 07:33 AM
قَبيحٌ مِن الإنسانِ ينسى عيوبَهُ
وَ يَذكرُ عيبًا في أخيهِ قَدِ اختفى

وَ لو كانَ ذا عَقلٍ لما عابَ غيرهُ
وَ فيه عيوبٌ لو رآها بِهِ اكتفى

......

الحمدان
07-06-2024, 12:38 PM
مما يروى عن ابن عباس أنه قال :
لكل شيءٍ أساس، وأساس الإسلام الخلق الحسن وكانَ يتمثل بشعرِ الأعشى :

ما كلّ من تـهوى يحبّك قلبـه
ولا كلّ من صاحبته لك منصـف

إذا المرء لم يحببك إلا تكلّفـا
فذره إذا مـا قلّ منه التعطف

فما الناس بالناس الذيـن عهدتهم
ولا الدار بالدارِ التي كنت تعرف

الاعشى

الحمدان
07-06-2024, 01:05 PM
وتشرق في فؤادي مثل شمسٍ
‏تشع النور مختلطًا وصافي

‏صباحك بين أضلاعي حنون ٌ
‏كوقع ِالغيث في فصل ِالجفافِ

‏صباح الخير ِللدنيا جميعًا
‏وصبحك َعن جميع الناس ِكافي

......

الحمدان
07-06-2024, 01:07 PM
أعظمُ الصبرِ صبرُ المرءِ يتبعُهُ
حمدٌ وشكرٌ وتسليمٌ لذي الكرمِ

كم من فقيرٍ صحيحٍ طابَ مرقدُهُ
وكم ثريٍّ من الأوجاعِ لم ينمِ

وكِسْرةُ الخبزِ في أكنافِ عافيةٍ
ألذُّ طعمًا من السلوى مع السقمِ

كم مِن لسانٍ بحلوِ القولِ يلسعُنا
كمَنْ يدسُّ نقيعَ السُّمِ في الدَّسمِ

مَنْ عاملَ الناس بالإحسانِ يملكُهم
إنّ النفوسَ لَتهوى كلَّ مُحترَمِ

ومَنْ أساءَ فمحقورٌ بأعينهم
من مَفرِقِ الرأسِ حتى أخمَصِ القدمِ

......

الحمدان
07-06-2024, 01:58 PM
بنور تجلى وجه قدسك دهشتي
وفيك على أن لا خفا بك حيرتي

فيا أقرب الأشياء من كل نظرة
لأبعد شيء أنت عن كل رؤية

ظهرت فلما أن بهرت تجليا
بطنت بطوناً كاد يقضي بردتي


فأوقعت بين العقل والحس عندما
خفيت خلافا لا يزول بصلحه

إذا ما أدعى عقل وجودك منكراً
على الحس ما ينفيه قال له أثبت

فمن ها هنا منشأ الخلاف ويص
عب الوفاق بخلف في اقتضاء الجبلة

فإنت قلت لم أبصرك في كل صورة
أراها أحالت ذاك عين بصيرتي

وإن قلت أني مبصر لك أنكرت
مقالي ولم تشهد بذلك مقلتي

تجليت مني في حتى ظهرت لي
خفيت خفاء دق عن كل فكرة

على أنه لم يبق لي جبل رأى
تجليك لي ألا ودك بصعقة

وناجيتني في السر مني فأصبحت
وقد طويت عما سواك طويتي

فما في فضل عنك يخطر فيه لي
سواك فوقتي فيك غير موقت

وديعة روح القدس نفسك ردها
فمن واجبات العقل رد الوديعة

وما ردها إلا بتكميلها بما
يليق بها من كسب كل فضيلة

فمهما تجلت من كدورات عالم
الطبيعة شفت جوهراً وتجلت

نصحتك جهدي أن قبلت فلا تكن
على حكم غشى حاملاً لنصيحة

وعابة مقدوري فقلت وإنما
قبولك مما ليس في وسعد قدرتي

وهل ممكن إسعاد من كل قد جرى
له قلم في اللوح يوماً بشقوة

يظن الفتى لذات دنياه نعمة
وما هي إلا نقمة في الحقيقة

ويبلغ منه الجهل ما ليس يبلغ
العدو بحد السيف عند الحضيضة

ونفسك فاحفظها وصنها فإنما
سعادتها في فعل كل مشقة

وخالف هواها ما استطعت فأنه
عدو لها يبغي لها كل نكبة

لعمري لقد أنذرت إنذار مشفق
وجاوزت في الإيضاح حد الوصية

فقم واسع وانهض واجتهد وابغ مطلقاً
بداك على ما فيك شر صنيعة

فإنك من نور مضيء وكظلمة
بما فيك من جسم ونفس نفيسة

تسوس الحياة الجسم وهي مسوسة
بما فيك من أسرار علم مصونة

فشيطان رجم أنت أو ملك بما
تعانيه من فعل قبيح وعفة

ألا أن لي بالنفس مني شاغلاً
به تم لي ما دمع من ملكية

جلت شبهة الأعراض عني بديهة
توقد كالمصباح في جوهريتي

رأيت بها النور الإلهي لائحاً
وراء ستور للأمور دقيقة

فحققت ما قد كنت فيه مشككاً
وعاينت ما قد كان في سر خفية

وأدركت ما المقصود من بدأتي وما
المراد بإحيائي وموتي ورجعتي

بمرآة نفس لاح في صقالها
المقابل للكونين كل حقيقة

ولم يبق عندي ريبة في الذي استرا
ب منه أناس في أمور كثيرة

فألقت عصاها النفس مني وأيقنت
بأن سفرت عن وجه نجعي سفرتي

يدل على ما قلته حالة الكرى
إذا ركد الإحساس منك برقدةٍ

فما شفيت نفس أطاعته رهبة
وما سعدت نفس عصته لرغبة

ولكن بنور العلم تسلم هذه
وتعطب جهلاً تيك أقبح عطبه

فيا عجباً ممن يروم لنفسه
خلاصاً ولم يرغب بها عن جريرة

ومن تائب من ذلة لا ترى له
دموع كأفواه الغمام المكبة

ومن مخبر لا يعجز اللَه قدره
عليه ولا يخشى بوادر نقمة

ومن أشرقت أنوار مرآة عقله
على ظلمات الطبع منه تجلت

وثبت غرس العقل في القلب مثمراً
لباغي الحيا استقباح كل رذيلة

وما وصلت نفس إلى عالم الصفا
بما دون تحصيل العلوم الجلية

وتمييزها عن نوعها بمعارف
يروجها في عالم البشرية

وقد يملأ الأناء فيمتلئ
به الماء حتى لا مزيد لقطرة

فأخرجتني عني بإدخال محنة
وأوحشتني مني بأنس محبة

وأسقيتني من خمر حبك شربة
خماري بها باق إلى يوم بعثتي

محاني بها سكري واثبتني معاً
فأعجب شيء أن ما حي مثبتي

وأقربتني من رمز طرسي أسطراً
فتمت بها تفصيل عقدك جملتي

وأقررتني مني على بأنني
صحيفة سر طيها فيه نشرتي

وأفشيت بي سري إلي فأصبحت
وقد أعربت إذ أفصحت عنه عجمتي

وأفهمتني مني بأن ليس موطني
مكاناً به في عالم الحس نشأتي

فأبهت ما أفهمت إذ ليس مدرك
لذلك إلا من خصصت بحكمة

ومن ذا الذي خصصت منك بحكمة
ولم تك قد عممت منك برحمة

فكم أظهرت تلك الإشارات خافيا
وإن عزبت عن فهم قومٍ ودقت

وما لاح ذاك البرق إلا ليهتدي
به الركب لكن ظلمة الجهل أعمت

لقد سمع الواعي وقل الذي وعى
لسكرٍ به أهوى أصمت فأصمت

وكم لك داع منك فيك مبصر
لعقلك لكن لست تصغي لدعوة

وكل مريض الجسم يمكن برؤه
ويعجز أن يشفى مريض البديهة

ويستبعد الجهال كوناً بموطن
إذ كان لا في جنب منبت شعبة

ولو علموا ما عالم العقل منهم
وأنهم بالحس في دار غربة

إذا ولد المولود سروا بفرحة
ومن حقه أن يبدلوها بترحة

ويبكونه عند الممات جهالة
ومن حقه أطهار كل مسرة

ولم يعلموا أن الولادة غربة
أبيحت له عن خير دار وأسرةد
وموتته عود له نحو أهله
وأوطانه الأصلية المستلذة

وأعجم من هذا مقال جميعهم
ترى عابدي الأوثان أجهل أمة

وما عظم الأوثان من كان قلبهم
كتعظيم أجسام لهم مضمحلة

فكل غدا معبوده الجسم فاستووا
ولكنهم لم يستووا عند نية

لقد وقعوا مع علمهم في ظلالة
إذا اعتبرت أربت على كل ضلة

فيا ليت شعري كيف صمت عقولهم
وداعيك فيهم مسمع من كل كل فطنة

وكل فعال لم أكن متقرباً
إلي به أعظمت فيه خطيتي

فقربي به بعد وربحي خسارة
وعزي به ذل ونفعي مضري

لأني فيه قمت غير موجه
لدى فعله وجهي إلى وجه وجهتي

فدنت بأمر حرمته شريعتي
وأحييت حكماً قد أماتته سنتي

فكانت بتركي في مناهيه غفلتي
نهاية تأديبي وفرط عقوبتي

تشتت عقلي فيك بعد تجمع
كما اجتمعت بلواي بعد تشتت

هوىً فيك لي لا منتهى لامتداده
لدي ولا منه خلاص بلوة

أزيد بلىً إذ يستجد ولم يكن
بتجديد صبري فيه أبىل بليتي

ويبدي أولا منه وآخر
فقد شف جسمي سر عودٍ وبدأةٍ

ألا لا تلمني أن شطحت فإنه
قليل لسكر حل بي منك شطحتي

ولا تنهني أن تهت سكراً معربداً
فأنت الذي استحسنت فيك هنيكتي

ولا تلحأن غنيت فيك تطرباً
فلو وجدت وجدي الجبال لغنت

ومن عجب حمل الجبال هوى به
طلعت وعن حملي قديماً تأبت

فمن قيس ليلى العامرية في الهوى
ومن قيس لبنى أو كثير عزة

إذا تليت ذكري فقابل ال
مجنون ذكري بالسجود لحرمتي

وأوجب كل منهم الوقف عندما
وسلم أن لا قصة مثل قصتي

فمن فضل كاسي شرب غيري ولم يكن
يقاس بسكري سكر شارب فضلتي

يبلبل بالي لا لنوح حمامة
وينهل دمعي لا لإيماض برقة

لو كنت محتاجاً للتنمم باعث
يحرك أشجاني لبانت نقيصتي

ولكنني مني وفي نواعش
تحركني في كل سرٍ وجهرة

فلا رقدة تغدو علي بفترةٍ
ولا يقظة تغدو علي بغفلة

فمن يشك يوماً في هواه فإنني
لي الشكر أولى في الهوى من شكيتي

تسترت جهدي في هواك وطاقتي
فلما منعت الصبر أبديت صفحتي

فأعلنت ما أسررت فيك فلم يكن
بقول ولا فعل سواك فضيحتي

فما لاشتياقي في افتضاحي مدخل
ولا لدموع فيك لي مستهلة

وقد كان لي في الصبر ستر على الهوى
بهتكك ستر الصبر أظهرت عورتي

فلا تذهب في الحب يشبه مذهبي
ولا ملة فيه تقاس بملتي

بكل لساني عن صفاتي وإنما
يعبر عني أنني ذات وحدة

فكل نعيم دون وصلي شقوة
وكل ملذ مؤلم عند لذتي

وكل سبيل ليس يفضي سلوكه
إلي فقد أفضى إلى كل خيبة

ولالا هوىً لي فيك يحملني على
حنوي لم أعهد إليك بلفظة

وكنت إذا زلت بك النعل هاوياً
أقول ألا فاذهب إلى حيث ألقت

ولكن ما ينجيك ينجي هويتي
كما أن ما يؤذيك نفس أذيتي

وهل أنا إلا أنت ذاتاً ووحدة
وهل أنت إلا نفس عين هويتي

ولولا اعتبار الجسم بالنسبة التي
إليه له ما صح عني سيرتيدي

ولست بذي شكل فيوجب كثرة
لذاتي ولا جزءاً فتمكن قسمتي

ويقع ما بيني وبينك نسبة
يظن بها غيري لموضع شبهة

وإني لم أهبط إلى الأرض يبتغي
بذلك وضعي بل هبوطي ورفعتي

وتقرير هذا أن دعيت خليفة
وما كنت أدعى قبل ذا بخليفة

وصير ملكي عالم الجسم محنة
لغاية تدبيري ومبلغ حلمتي

فإن أنا أحسنت الولاية أحسنت
إلى العالم العلوي عودي وعزلتي

وعاينت ما لا عاينت مقلة ولا
أحاطت به أذن وعت حس سمعة

وآثرت لذاتي ونيل مآربي
واتبعت نفسي كل شيءٍ أحبت

سددت على نفسي سبيل تخلصي
إلى الملأ الأعلى الذي هو نزهتي

وأوقعتها في أسر من لا يرى لها
مكاناً ولا يحنو عليها بعطفة

فلا ندم يجزي ولا حسرة يرى
بها فرج يرجى لكشف لشدة

فيا ويح نفس آثرت طيب زائل
على طيب باق لا يحد بمدة

يموت الفتى بالجهل من قبل موته
ويحيى بروح العلم من بعد ميتة

فما مات حي العلم يوماً ولم يكن
بحي ممات الجهل مقدار لحظة

وانظر أحوال الرجال وقوفهم
على برزخ ما بين نار وجنة

فأما إلى آلام نفس خبيئة
وأما إلى لذات نفس نفيسة

فآلام تلك الترك في دار غربة
ولذات هذا العود من بعد غربة

وهل حسرة في النفس أعظم غصة
من البعد عن أهل ودار وجيرة

كما أنه لا شيء أعظم لذة
لذي غربة من ملتقى بعد فرقة

كأني لم أحجب بها وكأنما
هي احتجبت بي فازدهى الناس عشقتي

وغودرت لا يثني على حسن فعلي ال
جميل ولا يلوي على حسن طلعتي

ولو قايسوا بالحسن بيني وبينها
لكانت لديهم لا تسام بحبة

وشق القلب الجاهلات التي بها
محبتها قالت بهم عن محبتي

وما ذاك شيء يسقط العذر لامرئ
أطاع الهوى وانقاد عبداً لشهوةٍ

وهل نافع شق الفؤاد ندامة
لذي قدمٍ زلت ولم تتشبت

فكيف يليق الوصل مني لمؤثر
على طيب وصل وصل من هي عبدتي

إذا رضيت عنه يهون عليه في
رضاها وأدنى ذاك تسهيل غصة

على أنها أعدى عداه ترتبت
له حيلة منها لا مكان فرصة

فهام بها عشقاً وآثر وصلها
فزل فنادمته إلى ألف لعنة

ولولا الشقا والجهل ما آثر العدى
رضاها وجانب طيب وصل الأحبة

وهل أمني بالفضل مثلي وإنما
بمثل طباع السوء نحو الدنية

وتأبى الطباع الفاضلات ارتكابها
الأمور التي تفضي إلى حط رتبة

فكم حسرات في نفوس يثيرها
بعادي إذا ما العيس للبين ذمت

وكم عبرة تجري علي تأسفاً
وقد فات ما لا يسترد بعبرة

وكم قارع سناً علي ندامة
وآخر مكوي بنيران حسرة

وكم أنةٍ تغدو علي ورنة
بروح إذا ما استشعر القوم فرقتي

وهل هاجري وجداً بغيري بالغ
رضاي لصب طالب دار هجرة

لشتان من بين المقامين إنما
المبرز من لاهمه غير عشرتي

ألم تر أني منتهي قصد مبدعي
ولم تبدع الأشياء إلا لخدمتي

وإن لإكرامي وتعظيم حرمتي
أشار إلى الأملاك نحوي بسجدة

وصير ما في عالم الكون كله
بحكم إراداتي وطوع مشيتي

فإن كنت في وصل دعيت فلا تمل
إلى وصل غيري واغتنم وصل صحبتي

وخذ جانباً من رفقة بك وكلوا
ببعدك عن وصلي وإثبات جفوتي

فعند ارتفاع الحجب ما بيننا ترى
محاسن وجه الغانيات وبهجتي

ولا عجنت إلا بحبك طينتي
ولا لهجت إلا بكذرك لهجتيدي

وردت ورود الهيم فيك من الهوى
شريعة حب هيجت لي غلتي

ولا عجب إن هيجت لي غلة
فما تملك منك أولا محنة

إذا كان بي أمر أرى فيه لي أذى
رضاك فما أحلاه في قلب ذلتي

لذاك ما أرضاك مني فعلته
ولو غضبت منه كرام عشيرتي

وما بعت فيك النفس إلا لعل أن
أفوز بوصلٍ منك تربح صفقتي

فإن أنت أمضيت التبايع بيننا
فبعت وإن لم تمض أكسدت سلعتي

وما قدر نفس لي لديك حقيرة
فأجعلها مهراً لأشرف وصلة

ولكن مقل بادل فيك جهده
أحق بوصل من أخي كل ثروة

توحشت من أبناء نوعي ولم يكن
لشيء سوى أنسي بقربك وحشتي

تغربت عن أهلي إليك وإنني
ليعذب لي في طيب أنسك غربتي

فكم خلوة قد فزت فيها بجلوة
خرجت بها عني إليك بفرحة

وطلقت فيها عالم الحس بتة
لتعلم أني لا أقول برجعة

وفارقت أوطاني وأهل وجيرتي
لتعلم أني باذل فيك مهجتي

ولولا دخولي في رضاك بكل ما أس
تطعت لعزت فيك عني خرجتي

وكان بودي لو قبلت تقربي
إليك ولكن لست أهلاً لقربة

وهل أنا ألا نطفة من سلالة
لطين وما مقدار قيمة نطفة

لعمري لقد حاولت أمراً مرامه
عزيز ولكن أنت أهل العطية

وليس اعترافي باتضاعي بمانعي
سؤالك أمراً دونه قدر قيمتي

وليس على قدر سؤال فإنني
أرى أن قدري دون مقدار ذرة

ولكن على مقدار إحسانك الذي
عممت به تخصيص كوني بخلقتي

ولا أنا مما يخجل الطرد وجهه
فيأنف من عود مخافة طردة

على كل ليس لي عنك مذهب
فيصرفني عن جعل بابك قبلتي

فما شئت فاصنع وارض عني فإنني
أرى كل صنع منك إسباغ نعمة

كفاني اعترافي توبة
وحسبي رضاً على قبولك توبتي

وهل أنا إلا دوحة قد غرستها
فإن لم يصبها وابل منك جفت

إذا حصلت لي كيف ما كان نسبة
إليك فلا أخشى ضياعاً لنسبتي

فيا حيرتي كم حيرة فيك لي غدت
مخصصة بي ما به منك عمت

وكم نعمة أسبغت من سر حكمة
أنرت بها من ناطق كل ظلمتي

وأحببت مني ما أماتت جهالتي
حياةً محال بموتتي

ومن حييت من موتة الجهل نفسه
بعلم نجت من قطع كل منية

وكم مرجة من بحر علم أثرتها
لدي بريح منك أجرت سفينتي

فمرت تشق الكون حين مهبها
ملححة حتى أفادت معيتي

وأدركت معنى آخراً دق فهمه
أريد بوضع الصورة الألفية

ومن لم يحط علماً بمعنى وصورة
له فبصير العين أعمى البصيرة

فزرع ولكن لم يفد حصد حبه
ومخض ولكن لم يفد مخض زبدة

إذا جهل الإنسان تحقيق أمره
فكيف بتحقيق الأمور الغريبة

فيا عجباً للمرء يجهل نفسه
ويطمع في فهم المعاني البعيدة

وما ناهض بالنفس يزداد رتبة
من العلم تسميها كوان مقوت

وما موقظ من رقدة الجهل عقله
لتحصيله تكميلها مثل ميت

إذا كملت نفس الفتى بصفاته ال
جميلة من قول وفعل ترقت

وأصبح يدعي عالم العقل عالماً
لها وتخطت نفسه كل خطة

وبالعلم بالنفس النفيسة يدرك ال
محصل فهم العلة الأولية

ومن لم يحط علماً بذاك فإنه
وإن كان حيا حكمه حكم ميت

وما الحي عن العقل من كان غالباً
على نفسه حكم القوى البدنية

ولكنه من شرفت قدره على
بني نوعه أوصاف نفس زكية

ففي العالم العلوي ذا ملك وذا
لدى العالم السفلي شيطان جنة

وما اختلفا بالنوع حتى يظن ما
به اختلفا فعلاً لخلق الغريزة

وكل أبوه آدم ويخص ذا
لذا خص ذا من سر معنى النبوة

ومن أعجب الأشياء فرعاً أرومة
وما اتحدا بالطبع في الثمرية

بأي لسان أوثر الشكر مثنياً
عليك بما أوليتني من فضلة

وأكملت من عقلي ووصفي وصورتي
وفهمي وأحشائي وحولي وقوتي

وصفحك عني أن عصيت تكرماً
ووعدك لي عن طاعتي بالمثوبة

وهل ممكن إحصاء ذرات كلما
على الأرض من كثبان رمل مهيلة

وأحصاء ما في البحر من كل قطرة
بحيث يحيط المحصي منها بعدة

وذلك أمر مستحيل وكلما اس
تحال فمنفي لحكم الضرورة

وما كل هذا لو أتيت بضعفه
من الشكر أدنى شكر أصغر حبة

فكيف بشكري كل عضو وقوة
جعلت لنفعي عند تأليف بنيتي

وشكر التي قد حجبت بي وأنها
لأظهر لي من نور شمس تبدت

بعيدة أطلال الديار قريبة
وأعجب شيء بعد دار قريبة

بها مثل ما بي من هواها وعندها
من الود ما ليس دون مودتي

وقد أدركتها رقة لي أطمعت
بنيل المنى لولا مخافة وفقتي

وقلت لها مني علي بنظرة
أنا بها من حسن وجهك منيتي

ألم تعلمي ما حل بي منك من جوى
وكابدت من أشجان قلب ولوعة

فإن الجبال الشم وهي رواسخ
لو احتملت بعض الذي بي لدكت

فأحزان قلبي لا تجود بسلوة
وأجفان عيني لا تسح بدمعةد
ولولا حنيني لم تحن مطية
ولولا نواحي لم تنح ورق أيكة

ولولا خطابي لم يقع عين عابد
علي لما مني الصبابة أبلت

فلا ماء إلا بعض فيض مدامعي
ولا نار إلا دون أنفاس زفرتي

فقالت بعيني ما لقيت وإنه
ليؤلم قلبي أن تشاك بشوكة

وإني على ما في من صلف لها
لراغبة في الوصل أعظم رغبة

ولكن وشاة السوء فيك كثيرة
وليست مع الواشين تمكن رؤيتي

وأنت فعغرى بالحسان وإنني
لأكره ما بي أن أرى وجه ضرتي

ومن لم يصني صنت وجهي ببرقه
وصور فيه صورة دون صورتي

ليمتحن الخطاب لي إذ يرونها
أيلهون عني أم يتمنون خطبتي

وما هي إلا عبدة لي جميلة
تظن وما أفعالها بجميلة

فما كان إلا أن رأى الناس وجهها
فهاموا بها في فج وجه ووجهة

ويعلم ما قد كان بالأمس والذي
يكون غداً أو كائن بعد برهة

ويخبر بالأمر المغيب مثل ما
يخبر عن ما كان منك بحضرة

ويعلم ما مفهوم معنى معبر
لسامعة عنه بوحي النبوة

وما الوحي إلا خلع نفس قوية
ملابس أحساس على العقل غطت

وأنى لها نحو المحيط بذاتها
على عالم العقل الذي عنه شبت

وإدراك ما يلقى إليها هناك من
إشارات رمز للعقول دقيقة

وأفهام أفهام النفوس لطائف ال
معاني التي ذاتها قد تهيت

وما أطرب الأرواح منا لدى الفنا
سوى نغمات أدركتها قديمة

وذلك أن النفس قبل اتصالها
بتدبيرها الجسم الذي قد تولت

وعى سمعها من طيب ألحان نغمة
ينغمها الأفلاك أعظم لذة

إذا أقبلت أجرامها بأصكاكها
يرجعها في قطعها كل ذروة

وشذت لبعد العهد عنها فلم تكن
تذكرها إلا بتجديد نغمة

فلما أحست بالسماع بمثلها
تذكرت العهد القديم فحنت

وحاولت التجريد عن عالم الفنا
إلى العالم الباقي الذي عنه شذت

فجاذبها الجسم الزمام وأقبلت
تجاذب فاهتزت لذاك برقصة

ولا شك في أن العقول محيلة ال
سامع والأبصار للحس رنتدت

فإن لم يكن في عالم العقل ما يرى
ويسمع كانت تلك غير مفيدة

وذلك تعطيل وليس بحكمة
يعطلها عماله قد أعدت

وقد يطرب الدولاب عند حنينه
فكيف حنين النغمة الفلكية

وناهيك أن الطفل عند بكائه
يغني فيغشاه سكينة سكتة

ويذهل عما كان فيه من الأذى
وتبدو لنا منه مخايل طربة

ولولا إدكار النفس منه لدى الغنى
عهوداً قديمات لها ما استلذت

وقد تطرب العجماء عند استماعها ال
غناء وتنسى عنده كل غمة

وإلا فما بال المطي إذا ونت
عن السير هيجت في الفلاة بحدوة

فتصغي بالحادي بأسماعها كما
يكون استماع العاقل المتنصت

وتوسع مد الخطو حتى كأنها
سفائن بحر مقلعات بلجة

ويرتاح بعض الطير عند سماعه
تجاوب أوتار إذا هي خشت

وما ذاك إلا أن أفلاكها على
مراكزها لما استدارت فعنت

فصارت بحكم الطبع تشتاق ما به
يخصصها من دون كل مصوت

فلا تحسب الأشياء مهملة كما
توهم أصحاب العقول الضعيفة

وللحوت بل للدود في العود بل لما
سوى ذاك أفلاك عليها أديرت

وفيها لها آفاق جو فسيحة
عليها نراها نحن غير فسيحة

فما خص نوع لا يتم سواه من
مراكز أفلاك وأوضاع هيئة

وكل له عقل يسدده إلى
مقاصد أفعال وترك شديدة

وما النحل في أوضاعها لبيوتها
مسدسة من حكمة بخيلة

وقد يعجز المرء المهندس وضعها
بآلاته الحكمية الهندسية

وجعل لعاب العنكبوت لصيده ال
ذباب شباكاً ليس إلا لخبرة

ويفهم بعض الذر مقصود بعضه
بقوة إدراك لنفس زكية

وحسبك ألف النوع بالنوع شاهد
بمعرفة في طبعه مستحثة

فإن ازدواج الشكل بالشكل مشعر
بقوة تمييز وصحة فطرة

ولو لم يكن ألا تفاهمها إذا
تناغت بأصوات لها أعجمية

لكان لنا فيه دليل يدلنا
على أن ذا لا عن نفوس بليدة

فمن ظن شيئاً غير هذا فإنه
لتقصيره عن فكرة مستقيمة

وقد شهد الذكر الحكيم بأنها
مسبحة والذكر أعظم حجة

وهل يصدق التسبيح من غير عاقل
ولكن عيون الجهل غير بصيرة

تأمل صلاة الشمس عند وقوفها
لدى الظهر في وسط السماء بخشية

وإثباتها وقت الزوال بركعة
وإتمامها عند الغروب بسجدة

كذا جملة الأفلاك راكعة بما
جرت سجدة للَه في كل طرفة

وما الذي أعمى عيون قلوبهم
ونورك فيهم مستطير الأشعة

لقد عظمت تلك الرزية موقعاً
لدى كل ذي عقل سليم وجلت

أرى كل ذي سكر سيصحو من الهوى
سواي فصحوي فيك علة سكرتي

فما اتفقت لي مذ عرفتك خلوة
بنفسي إلا همت فيك بجلوة

ولا عرضت لي في دجى الفكر هجمة
فأغفيت إلا فزت فيك بيقظة

ولا استغرقتني في المحاسن بهتة
فثارت بحسن غير حسنك بهتتي

ولا سنحت في باطن القلب خشية
فكانت لشيء غير هجرك خشيتي

ولا خضعت نفسي لأمر ترومه
فكانت لشيء غير وصالك خضعتي

ولا استقبلتني من جنابك نفحة
أسرت حديثاً عنك إلا وسرت

وأصغي إلى تحصيله في مسامع ال
مشاعر من كل منبت شعرة

وأحسست في نفسي بلطف دبيب ما
سقطت من محيا الحب لما تمشت

وهل شارب كأساً من الحب جاهل
بما أحدثت في عقله حين دبت

فقد حقق الدعوى القياس وأين من
كثافة جسم الخمر لطف المحبة

إذا غبت عني كنت عندك حاضراً
ومن عجب أن غيبتي فيك حضرتي

فيا با طناً ألقاه في كل ظاهر
ويا أولا ما زال آخر فكرتي

تشابه إعلاني وسري ومشهدي
وغيبي وستري في هواك وشهرتي

تجمع الأضداد في ولم يكن
بمستغرب لي في الهوى كل بدعة

فنوعي في شخصي لأني نتيجة
لشكل قياس عن ضروب عقيمة

ملأت جهاتي الست منك فأنت لي
محيط وأيضاً أنت مركز نقطتي

فصرت إذا وجهت وجهي مصلياً
فرايض أوقاتي فنفسي كعبتي

فصار صيامي لي ونسكي وطاعتي
ونحري وتعريفي وحجي وعمرتي

وحولي طوافي واجب وخلاله اس
تلامي لركني من مناسك حجتي

وذكري وتسبيحي وحمدي وقربتي
لنفسي وتقديسي وصفو سيرتي

ولو هم مني خاطر بالتفاتة
لم كان لي إلا ألي تلفتي

ولو لم أود الفرض مني ألي لم
يصح بوجه لي ولم تبر ذمتي

وكنت على أني أوحد ظاهراً
ففي باطني قد دنت بالثنوية

كذا من يكن قد صح عقد وداده
ولم يتهم يوماً بسقم عقيدة

وينفي اتصال النفس بالعقل واقفاً
على حس ما في عالم الحس أبلت

فإن قهرت فيه قوى الجسم ألحقت
بعالمها مملوءة بالمسرة

وتبقى كما قد جاء تهوى وليتها
هوت ما هوت ثم ارعوت واستقرت

ولكنها تبقى بنيران حسرة ال
بعاد تقاسي ضيق أغلال كرية

مذبذبة لا عالم العقل أدركت
ولا عالم الأجسام فيه تبقت

فترجع إلى أحدى الحنين حنينها
إلى عالم العقل الذي عنه صدت

وهيهات أن يطوي لسير حنينها
إلي الذي قد حال من بعد شقة

وأنى لها والحس قد حال بينها
وبين حماه أن تفوز بنظرة

إذا ذكرته هز هامس طائف
من الشوق لو هز الجبال لهدت

وما ذاك بالمدني إليه ولا الذي
إذا لم يكن يدني فربح بوقفة

أسى كلما قيل انقضت منه لوعة
أعيدت بأخرى مثلها مستحثة

تزول الجبال الشم وهي مقيمة
على حالة منكوسة مستمرة

وذلك أمر نسأل اللَه عصمة
منجية منه ومن كل حيرة

ألم يك فيما نال آدم عبرة
ومتعظ للعاقل المتثبت

على قربه من ربه واصطفائه
ومنحته إياه أعظم منحة

وإبعاده من بعد ذاك وصده
وتجريعه إياه أعظم غصة

ولم يأت ذنباً عامداً غير أنه
بأول حكم اللَه طالب رخصة

فأخطأ في التأويل جهلاً فحطمه
إلى الأرض من أعلى الجنان المنيفة

ولم يخف ما لا قى إذا انحط هابطاً
إلى الأرض من هول الأمور العظيمة

وما زال يدعو اللَه سراً وجهرةً
وحاول منه العفو عنه بتوبة

وكيف بمن يأتي ذنوباً كثيرةً
ويقضي وما وافى بتوبة مخبت

وكم جاهل لم يزدجر الذي جرى
على آدم من فعله كل خزية

لقد شمل الخير الوجود بأسره
فما كان من نشر فذاك لندرة

ولم يكن المقصود بالذات إنما
أتى بطريق الضمن والتبعية

ألم أن الغيث خير وأنه
ليحصل منه وكف بعض الأكنة

وإن لهيب النار المثوب محرق
ويحصل منه نضج كل معيشة

فقد يتبع الخير الكثير الذي نرى
لنا فيهما شر يسير المضرة

ولو روعي الضر الذي فيهما لنا
ولم يخلقنا لاختل نظم الخليقة

وكان هلاك الحرث والنسل عاجلاً
وذاك بلا شك خراب البسيطة

ولم يك إلا عالم الأمر وحده
ولم يخف ما في ذاك من نقص خلقة

وفي الحشرات الساقطات منافع
يحيط بها أهل العقول السليمة

ولو لم تكن ما عاش من نوعنا امرؤ
لفضل بخارات الهيولي الردية

فمن ذلك الفضل الردي تكونت
وفي مدخل الأوساخ في الأرض حلت

وغودر ما نلقيه منا غذاؤنا
لصفو الهوى من شوب كل أذية

لتنتعش الأرواح منا بطيبة
ويصفو لنا ورد الحياة الهنية

وقد ركب الأجسام منا وكل ما
تركب منحل ولو بعد برهة

وألبس منا كل جزء بحيز
لأركاننا الذاتية العنصرية

وما جمعنا بعد افتراق بمعجز
وهل آخر يخلو عن الأولية

وإن معاد الشيء بعد انعدامه
لأسهل من إنشاء إنشاء بدأة

ومطلع شمس النفس من مشرق الخلا
سيطلعها من مغرب العلمية

سبحان من يحيى بقدرته الذي
يميت كما أحياه أول مرة


الغزالي

الحمدان
07-06-2024, 01:59 PM
وما الدهر إلا دولتان فدولةٌ
عليك وأخرى نلت منها الأمانيا

فلا تك من ريب الحوادث آمناً
فكم آمنٍ للدهر لاقى الدواهيا



يحي بن زياد الحارثي

الحمدان
07-06-2024, 01:59 PM
ومن يأمن الأيام يوماً يرعنه
كما رنما قد كن روعاً فواجيا

كعهدٍ أبي العباس في نور ملكه
يسوس أموراً ثم أصبح غاديا

صروف الليالي رمنه ففجعنه
بمهجة نفس كان عنها محامياً

عدون عليه وهو في دار ملكه
وكن على المغبوط قدماً عواديا


يحي بن زياد الحارثي

الحمدان
07-06-2024, 02:00 PM
فإن يك هذا الشيب جاء وأصبحت
لوائحه يشهقن منك الغواديا

فإني رأيت الموت أول رشقه
ولم أر مثل الدهر أصوب راميا

رمتني الليالي بالمشيب فأصبحت
لوائح هذا الشيب تبقى شبابيا

ومن يلتقص يبلغ دخيرة عمره
ولو عاش أعصاراً يعد اللياليا

كأني وهذا الشيب كنا بموعد
فلما أتى الميعاد جاء عوافيا

كأن المشيب جاءها وهو ساخط
علينا فانحنى بالملامة لاحيا


يحي بن زياد الحارثي

الحمدان
07-06-2024, 02:00 PM
وكل فتىً أخطأته الحتوف
له زمن سوف يختانه

فيوماً يروق الورى غصنه
ويوماً ستيبس أغصانه

أمورٌ تبيد وأخرى تفيد
وكل ستوحش أمطائه


يحي بن زياد الحارثي

الحمدان
07-06-2024, 02:01 PM
عنت واعدتني الليالي فلا أرى
لأهل نعيم غبطةً لم تضرم

قضى قبلنا قوم رجوا أن يقوموا
بلا تعب عيشاً فلم يتقوم

فكلهم لما رأى الدهر خانه
أقر على ذل فلم يترمرم

وما نحن إلا كالذي تفارطوا
وإن الذي يبقى لك المتقدم


يحي بن زياد الحارثي

الحمدان
07-06-2024, 02:01 PM
حلفت برب العيس تهدي بركبها
إلى حرم ما عنه للركب معدل

ولا بلغت أيدي المنيلين بسطةً
من الطول إلا بسطة الشكر أطول

ولا ثقلت في الوزن أعباءً منةٍ
على المرء إلا منة الشكر أثقل

فمن شكر المعروف يوماً فقد أتى
أخا العرف من جنس المكافأة من غل


يحي بن زياد الحارثي

الحمدان
07-06-2024, 02:01 PM
أقول لذي طربٍ ضاحكٍ
إذا مل ذو النسك من نسكه

دع النسك ويحك لا تبغه
وعاون أخاك على فتكه

ولا تقع الدهر في صاحب
وإن أكثروا فيه بل زكه

ولا تبكين على ناسكٍ
وإن مات ذو طربٍ فابكه

وبك من وجدت من العالمين
فإن الندامة في تركه


يحي بن زياد الحارثي

الحمدان
07-06-2024, 02:02 PM
إذا أنت خونت الأمين بظنةٍ
فتحت له باباً إلى الخون مغلقا

فإياك إياك الظنون فإنها
أو أكثرها كالآل لما ترقرقا


يحي بن زياد الحارثي

الحمدان
07-06-2024, 02:02 PM
نعى ناعياً عمرو بليل فأسمعا
فراعا فؤاداً لا يزال مروعا

وما دنس الثوب الذي زودوكه
وإن خانه ريب البلى فتقطعا

دفعنا بك الأيام حتى إذا أتت
تريدك لم نسطع لها عنك مدفعا

فطاب ثرىً أفضى إليك وإنما
يطيب إذا كان الثرى لك مضجعا

مضى فمضت علي به كل لذة
تقر بها عيناي فانقطعا معا

مضى صاحبي واستقبل الدهر صرعتي
ولا بد أن ألقى حمامي فأضرعا

وما كنت إلا السيف لاقى ضريبة
فقطعها ثم انثنى فتقطعا


يحي بن زياد الحارثي

الحمدان
07-06-2024, 02:02 PM
وإذا تخيرت الرجال لصحبةٍ
فالعاقل البر السجية فاختر

وإذا وزنتهم فاحكم وزنهم
وأعرف سجاياهم بقلبٍ مبصر


يحي بن زياد الحارثي

الحمدان
07-06-2024, 02:03 PM
تخالهم صماً عن الجهل والخنا
وخرساً عن الفحشاء عند التهاجر

ومرضى إذا لاقوا حياء وعفه
وعند الحفاظ كالليوث الخوادر

لهم ذل إنصافٍ وأنس تواضع
بهم ولهم ذلت رقاب المعاشر

كأن بهم وصماً يخافون عاره
وما وصمهم إلا اتقاء المعاير


يحي بن زياد الحارثي

الحمدان
07-06-2024, 02:03 PM
تهادى رجال إن مرضت بشارةً
بذاك وأي الناس سالمه الدهر

وإن امرءا بالموت أصبح شامتاً
لرهن به يوماً وإن غره العمر

فإن مت فاسدد ما سددت ولا تهن
إذا قيل يوماً من لهاتكيم الثغر

وإلا فلا يغممك أني ابن حرة
صبورٌ لريب الدهر إن فقد الصبر


يحي بن زياد الحارثي

الحمدان
07-06-2024, 02:03 PM
أعاذل ليت البحر خمر وليتني
مدى الدهر حوت ساكن لجة البحر

فأضحى وأمسي لا أفارق لجةً
أروي بها عظمي وأشفي بها صدري

طوال الليالي ليس عندي بناضبٍ
ولا ناقصٍ حتى أساق إلى الحشر


يحي بن زياد الحارثي

الحمدان
07-06-2024, 02:03 PM
ولما رأيت الشيب لاح بياضه
بمفرق رأسي قلت للشيب مرحبا

ولو خفت أني أن كففت تحيتي
تنكب عني رمت أن يتنكبا

ولكن إذا ما حل كثرة فسامحت
به النفس يوماً كان للكره أذهبا


يحي بن زياد الحارثي

الحمدان
07-06-2024, 02:35 PM
ما بال نفس تطيل شكواها
إلى الورى وهي ترتجي اللَه

يفسد إخلاصها شكايتها
ذاك الذي راعها وأرداها

لو أنها من مليكها اقتربت
وأخلصت ودُّها لأدناها

لكنها آثرت برتيه
عليه جهلاً به فأقصاها

أفقرها المورى ولو لجأت
إليه من دونهم لأعتاها

تشكو إلى خلقه كأنهم
قد ملكوا نفعها وضراها

لو فوضت أمرها لخالقها
وصححت صدقها وتكلاها

عرضها من همومها مزجاً
ولم يدعها يطول غماها

تسخطه في رضا بريته
تباً له ما أجل يلواها

لو أنها للعباد مسخطة
مرضية ربها لأرضها

لدي نفس أحب أنعتها
لتعرفوا نعتها وأسماها

فاسمع صفاتي لها لعلك أن
تفهم ذا اللب سر معناها

تسعى إلى اللهو وهو غايتها
يا ويلها ما أضر مسعها

أزجرها وهي لي مخالفة
كأنني لست من أوداها

تنظر في عيب غيرها سفهاً
وكم عيوبٍ لها فتنساها

قد ظلَمتني بسوء عثرتها
ولم تدع لي تقوى ولا جاها

كثيرة اللغو في مجالسها
قليلة الذكر في مصلاها

قليلة الشكر عند نعمتها
ضعيفة الصبر عند بلواه
ا
بطيئة السعي في مصالحها
سريعة الجري في بلاياها

كثيرة المطل في مواعدها
كذوبة في جميع دعواها

بصيرة بالهوى وفتنته
عمية عن أمور أخراها

نشيطة عند وقت لذتها
كاسلة عند وقت ذكراها

تؤومة العين عند صحتها
عظيمة الخوف عند ضراها

حليفة الكبر والرياء فقد
أفسدها كبرها وأطغاها

عظيمة المدح والثناء لمن
يرفع مقدارها ومثواها

مطيلة الذم بالقبيح لمن
عرفها قدرها وطغياها

تفرح في أكلها ومشربها
وحبها للمنام أغراها

ذاكرة للورى مساويهم
ناسية ما جناه كفراها

كم بين نفسي وبين نفس فتى
طهرها بالتقى ونقاها

علمها رشدها وبصرها
ثم بقوت الحلال غداها

أقامها في الدجى على قدم
فانهملت بالدموع عيناها

إذا اشتهت شهوة يعودها
بخوف معبودها فسلاها

وراضها بالصيام فانقمعت
بالرغم عن غيها ومغراها

ذاكرة للإله شاكرة
مخلصة سرها ونجواها

للَه نفس امرئٍ موفقة
آوت إلى ربها فآواها

شرفها ربها وكرمها
ومن مياه اليقين أرواها

سمت إليه بحسن فكرتها
ثم صافي ودادها فصفاها

تلك التي أن دعت لحاجتها
أجابها مسرعاً ولباها

إن بليت بالخطوب صبرها
أو سألت ما يريد أعطاها

ليست كنفسٍ لدي عاصية
آمرها جاهداً وأنهاها

وهي لأمر الإله عاصية
ويلي لما قد جنت ويلاها

كيف إلى ربها تنوب وقد
ذلت لشيطانها فأغراها

فكلما قلت نفس أزدجري
وراقبي في أمورك اللَه

صمت عن الحق وهي سامعة
كأنني ما أريد إياها

لو علمت بعض ما له خلقت
أحزنها علمها وأبكاها

لو تعرف اللَه حق معرفة
لصححت برها وتقواها

لكنها جهلها بخالقها
أغفلها رشدها وألهاها

يا ويح نفسي والويح حق لها
أن صدها ربها وأرداها

تغرها لذة الحياة وما
تدري إلى ما يكون عقباها

قد ضقت ذرعاً بها وأحبسها
لم أك أعصي الإله لولاها

إن أنا حاولت طاعت فترت
وأظهرت وحشة وأكراها

صرت مع النفس في محاربةٍ
تأمرني بالهوى وأنهاها

نحن كقرنين في معاركة
أدرع الصبر عند لقياها

وهي بجند الهوى مبارزتي
وأي صبر يطيق هيجاها

إن جبنت بالقتال شجعها
أو ضعفت في اللقاء قواها

أصرعها تراة وتصرعني
لكن لها السبق حين ألقاها

أحبها وهي لي معادية
كأنني لست من أحباها

عدوة لا أطيق أبغضها
يا ليتني أستطيع أنساها

سابحة في بحار فتنتها
جاثية في سدول ظلماها

أحسبها أن أبت موفقتي
خاسرة دينها ودنياها

يا رب عجل لها بتوبتها
واغسل بماء التقى خطاياها

إن تك يا سيدي معذبها
من ذا الذي يرتجي لرحماها

فألطف بها واغتفر خطيئتها
أنك خلاقها ومولاها


الغزالي

الحمدان
07-06-2024, 02:50 PM
مَرضى عَنِ الخَيراتِ في بَحرِ الرَّدَى
غَرقَى فَلاَ دَاعٍ لِنَهجٍ أَقوَمِ

شُغِفُوا بِكُلِّ رَذِيلَةٍ مَذمُومَةٍ
صَرَفَت وُجُوههم لِوَجهِ الدِّرهَم

نَامُوا عَنِ المَقصُودِ لم يَستَيقِظُوا
سَتَكُونُ يَقظَتُهُم لِخَطبٍ أعظَمِ


الغزالي

الحمدان
07-06-2024, 02:51 PM
مَرضى عَنِ الخَيراتِ في بَحرِ الرَّدَى
غَرقَى فَلاَ دَاعٍ لِنَهجٍ أَقوَمِ

شُغِفُوا بِكُلِّ رَذِيلَةٍ مَذمُومَةٍ
صَرَفَت وُجُوههم لِوَجهِ الدِّرهَم

نَامُوا عَنِ المَقصُودِ لم يَستَيقِظُوا
سَتَكُونُ يَقظَتُهُم لِخَطبٍ أعظَمِ


الغزالي

الحمدان
07-06-2024, 02:51 PM
أَأنثُرُ دُرّاً بَينَ سَارِحَةِ النَّعَم
فَأُصبِحُ مَخزُوناً بِرَاعِيَةِ الغَنَم

لأنَّهم أمسَوا بِجَهل لِقَدرِهِ
فَلا أنَا أُضحي أَن أُطوِّقه البَهَم

فَإن لَطَفَ الله اللَّطِيفُ بِلُطفِهِ
وَصَادَفتُ أهلاً لِلعُلُومِ وَلِلحِكَم

نَشَرتُ مُفيداً واستَقَدتُ مَوَدَّةً
وَإِلاَّ فَمَخزُونٌ لَدَيَّ وَمُكتَتَم

فَمَن مَنَحَ الجُهَّالَ عِلماً أضَاعَهُ
وَمَن مَنَعَ المُستَوجِبين فَقَد ظَلَ


الغزالي

الحمدان
07-06-2024, 02:52 PM
إذا ما كنت ملتمساً لرزق
ونيل القصد من عبدٍ وحر

وتظفر بالذي ترجو سريعاً
وتأمن من مخالفة وعذر

ففاتحة الكتاب فإن فيها
لما أملت سراً أي سر

تلازم درسها عقبى عشاء
وفي صبح وفي ظهر وعصر

وعقبي مغرب في كل ليل
إلى التسعين تتبعها بعشر

تنل ما شئت من عز وجاه
وعظم مهابة وعلو قدر

وستر لا تغيره الليالي
بحادثة من النقصان تجري

وتوفيق وأفراح دواماً
وتأمن من مخاوف كل شر

ومن عري وجوع وانقطاع
ومن بطش لذي نهي وأمر


الغزالي
العصر المملوكي

الحمدان
07-06-2024, 02:52 PM
لا تظنوا الموت موتاً أنه
لحياة وهي غاية المنى

أحسنوا الظن برب راحم
تشكروا السعي وتأتوا أمنا

ما أرى نفسي إلا أنتم
واعتقادي أنكم أنتم أنا


الغزالي

الحمدان
07-06-2024, 02:52 PM
إذا ولد المولودُ سروا بفرحةٍ
ومن حقهِ أن يبدلوها بترحةِ

ويبكونهُ عندَ المماتِ جهالَةً
ومن حقهِ إظهار كُلِّ مسرَّةِ

ولم يعلموا أن الولادَةَ غربة
أُبِيحَت لهُ عن خيرِ دارِ وأَسرتِ

ومؤتته عود لَهُ نحوَ أهلِهِ
وأَوطانِهِ الأصلية المستلذةِ


الغزالي

الحمدان
07-06-2024, 02:53 PM
فَإن كُنتَ فِي هَدي الأَئِمَّةِ رَاغِباً
فَوَطِّن عَلَى أَن تَنتَحِيكَ الوَقَائِعُ

بِنَفسٍ وَقَدرٍ عِندَ كُلِّ ملمَّة
وَقَلبٍ صَبُورٍ وَهُوَ في الصّورِ مَانعُ

لِسَانُكَ مَخزُونٌ وَطَرفُكَ مُلجَمٌ
وَسِرُّكَ مَكتُومٌ لَدى الرَّبِّ ذَائعُ

وَذِكرُكَ مَغمُورٌ وَبَالُكَ مُغلَقٌ
وَثَغرُكَ بَسّامٌ وَبَطنُكَ جَائِعُ

وَقَلبُكَ مَجروحٌ وَسُوقكَ كَاسدٌ
وَفَضلُكَ مَدفُونٌ وَطَيفُكَ شَائعُ

وَفِي كًلِّ نَومٍ أنتَ جَارعُ غصَّةً
مِنَ الدَّهرِ وَالإخوَانِ وَالقَلب طَائِعُ

نَهَارُكَ شُغلٌ وَالنَّاسُ مِن غَير مِنَّةٍ
ولَيلُكَ شَوقٌ غَابَ عَنهُ الطَّلاَئِعُ

فَدُونَكَ هَذَا اللَّيلُ خُذهُ ذَرِيعَةً
لِيَومٍ عَبُوسٍ عَزَّ فِيهِ الذَّرائِعُ


الغزالي

الحمدان
07-06-2024, 02:53 PM
أسعد بِبَالِ امرِئ يُمسي عَلَى ثِقَةٍ
أنَّ الَّذِي خَلَقَ الأرزاقَ يَرزُقُهُ

فَالعِرضُ مِنهُ مَصُونٌ لا يُدَنِّسُهُ
وَالوَجهُ مِنهُ جَديدٌ لَيسَ يُخلقهُ

إنَّ القَنَاعَةَ مَن يحلل بِسَاحَتِهَا
لَم يَلقَ في دَهرِهِ شَيئاً يُؤرقهُ


الغزالي

الحمدان
07-06-2024, 02:53 PM
قُل لِمَن يَفهَمُ عَنِّي ما أَقُولُ
قَصِّرِ القَولَ فَذَا شَرحٌ يَطُولُ

ثمّ سِرٌّ غَامِضٌ مِن دُونِهِ
قَصرت واللهِ أعنَاقُ الفُحولِ

أنتَ لا تَعرِف إيَّاكَ ولاَ
تَدري مَن أنتَ وَلاَ كَيفَ الوُصُولُ

لاَ وَلاَ تَدري صِفَات رُكِّبَت
فِيكَ حَارَت فِي خَفَايَاها العُقُولُ

أَنتَ أكل الخُبزِ لاَ تَعرِفهُ
كَيفَ يَجري مِنكَ أم كَيفَ تَبُول

أين مِنك الرُّوحُ في جَوهَرِهَا
هَل تَرَاهَا فَتَرَى كَيفَ تجولُ

أينَ مِنكَ العَقلُ والفَهمُ إذَا
غَلَبَ النَّومُ فَقُل لي يَا جَهُولُ

فَإذَا كانَت طَوَايَاكَ الَّتي
بَينَ جَنبَيكَ كَذَا فِيهَا ضَلُولُ

كَيفَ تَدري مَن عَلَى العَرشِ استوى
لاَ تَقُل كَيفَ استَوَى كَيفَ النُّزُولُ

فَهُوَ لاَ أَينَ وَلاَ كَيفَ لَهُ
وَهُوَ في كُلِّ النَّوَاحي لاَ يَزُولُ

جَلَّ ذَاتاً وَصِفَاتٍ وَسَمَا
وَتَعَالَى رَبّنَا عَمَّا تَقُولُ


الغزالي

الحمدان
07-06-2024, 02:58 PM
‏يا راحلين بعذب الذكريات قفوا
ردوا علي بقايا الروح وانصرفوا

لا تتركوني على الأعتاب منتظراً
وأنصفوني من الأشواق وانتصفوا

لي فيكم قصة في الحب دامية
وكلما قلت تمت عادني الشغف

أحيا بها شوق يعقوب ليوسُفه
لكنني بقميص الوهم ألتحف

هذا قليل من الأوجاع بحت به
وما أداريه عنكم فوق ما أَصف


......

الحمدان
07-06-2024, 03:00 PM
يَـا صَاحِـبِي ، رِفقًا بِقَلبِك مَا الَّذِي
زَرَع الأسَىٰ فِي مُقلتَيك وَ أدمَعَك

لِمَ مَـاتَت الآمَـالُ وَ انقَطَع الرَّجَـا
وَ مَخـاوفُ الأيَّام تَسكُنُ أضـلُعَك

عُـد للِحَـياة وَ كُـن لآخِـر لَحـظةٍ
مُتفَـائلًا ، فَلـطَائِف المَولىٰ مَعَك

أيَّـامُ عُمـرِك لَـن يطُولَ بَـلاؤهَـا
وَ غَدًا سَتنسَىٰ كلَّ هَـمٍّ أوجَعَك


......

الحمدان
07-06-2024, 03:02 PM
إذا طالتْ مسافاتُ التنائي
تلاقينا .. ولو عزَّ اللقاءُ

فلا تعني لنا الأبعاد شيئًا
وللأرواحِ وصْلٌ والتقاء

ونحيا الودَّ بل نحيا التداني
وفي الله المحبَّةُ والإخاءُ

ونذكركُم وأنتم تذكرونا
بظهْر الغيب يجمعُنا الدعاءُ


......

الحمدان
07-06-2024, 03:04 PM
يابحرُ قلْ لي متى الأمواجُ تحمِلُني
أنا الغريبُ فلا أهلٌ ولا وطنُ

قلبي هنالك لم يبرح مراتعَهُ
والحالُ أني كما الأمواتِ لي بدنُ

أمشي وطرفي كَلِيلٌ لا يرى أبدًا
غيرَ السوادِ فلا حُسْنٌ ولا حَسَنُ

العمرُ ضاع بذي الأسفارِ يا أسفي
والأصلُ ضاع وضاع المُهر والرسنُ

......

الحمدان
07-06-2024, 03:56 PM
لا تكوني عصبيَهْ!

لَنْ تثيريني بتلكَ الكلمات البربريَهْ

ناقشيني بهدوءٍ و رويَهْ

مَنْ بنا كانَ غبياً؟ يا غبيَهْ

إنزعي عنكِ ، الثياب المسرحيَهْ

و أجيبي ، مَنْ بنا كانَ الجبانا؟

مَنْ هو المسؤولْ عن موت هوانا؟

مَنْ بنا قَدْ باعَ للثاني ، القصورَ الورقيَهْ؟

من هو القاتلُ فينا و الضحيَهْ؟

مَن ترى أصبحَ منّا بهلوانا؟

بينَ يومٍ و عشيَهْ؟

إمسحي دمعَ التماسيحَ

و كوني منطقيَهْ

أزمة الشك التي نجتازها

ليسَ تنهيها الحلولَ العاطفيَهْ

أنتِ نافقتِ كثيرا

و تجبرتِ كثيرا

و وضعتِ النارْ في كل الجسور الذهبيَهْ

أنتِ منذ البدءْ ، يا سيدتي

لَمْ تعيشي الحبَّ يوماً ، كقضيَهْ

دائماً ، كنتِ على هامشهِ

نقطةً حائرةً في أبجديَهْ

قشةً تطفو ، على وجه المياه الساحليَهْ

كائناً ، من غير تاريخٍ و من غير هويَهْ

لا تكوني عصبيَهْ!

كل ما أرغبُ أنْ أسأله

منْ بنا كانَ غبياً ، يا غبيَهْ؟

نزار قباني

الحمدان
07-06-2024, 04:20 PM
أتيتُ نحوكَ لما الدّهر أتعبَني
‏فما لبثتُ و زادت بي جِراحاتي

‏إنّي أتيتُك بأشتاتي لتجمعها
‏ما لي أراكَ و قد شتّتَ أشتاتي

......

الحمدان
07-06-2024, 04:21 PM
‏لله در المتنبي لما قال:

أُريكَ الرضى لو أخفت النفس خافيا
وما أنا عن نفسي ولا عنكَ راضيا

الحمدان
07-06-2024, 04:33 PM
‏قالت ودمع العين أفسد كحلها
ان غبتَ عن عيني فعيني من لها

قلت أعذريني قبلها بتساؤلي
عيناكِ طينٌ أم ضياءٌ أصلها

فتبسٌَمَت خجلاً وأشرق ثغرها
واستحضرت بالحزن زهو جمالها

إن كان هذا حُسنـها في حزنُها
رباهُ عقلي في تمام دلالها

......

الحمدان
07-06-2024, 04:37 PM
عندما احب امرؤ القيس لم يقل احبها ولكن قال:


رجل وما استسلمْتُ قَبلُ لفارسٍ
مالي أمام عيونها مستسلِمُ

أأعودُ منتصِرا بكل معاركي
وأمام عَيْنيها البريئة أُهْزَمُ

أنا شاعرٌ ما أسعفتْه حروفه
الحبُّ من لغة المشاعر أعظمُ

لي ألف بيتٍ بالفصيح أجدْتُها
لكنني في حبها أتلعثمُ

الحمدان
07-06-2024, 04:40 PM
وتأنَسُ النّفسُ في نفْسٍ تُوافِقُها
بالفكرِ والطّبعِ والغاياتِ والقيمِ

لا تَألفُ الرُّوحُ إلَّا مَن يُلَاطِفُهَا
ويَهْجُرُ القَلبُ مَنْ يَقسُو وَيجْفَاهُ

عاشِر من الناسِ من تهوى طبيعتَهُ
وما عليكَ ملامٌ ... حين تندفعُ

الحُرّظ“ للحُرِّ ميّالٌ برغبتِهِ
والنّذلُ بالنّذلِ... مفتونٌ ومقتنعُ
وزينةُ المرء بين الناسِ منطِقهُ
‏نِصفُ الجمالُ بلين القولِ معقودُ

كل الذين لهم في القلب منزلةٌ
تُبنى منازلهم من جنس ما صنعوا

أُعاتبُ من أهوى على قدرِ ودِّهِ
ولا ودَّ عندِي للذي لا أعاتِبهُ

تجري الرياحُ بما شاء الله لها
لله نحن وموجُ البحرِ والسفنُ

......

الحمدان
07-06-2024, 04:44 PM
فضَائِلُ الْمَرءِ لَا تَبدُو بِمَظْهَرِه
فَكَمْ بَسِيطٍ سَقَانِي عَذْبَ كَوْثَرِهِ

فَتِّشْ عَنِ الرُّوحِ فَالأَجْسَادُ فَانِيَةٌ
قَدْ يُدرِكُ النُّورَ مَن يُؤذِي بِمَنظَرِهِ

......

الحمدان
07-06-2024, 04:51 PM
عُرِف في اللغة العربية أنّ تاء التأنيث : ساكنة ولا محل لها من الإعراب
سؤال طالما كان يستوقفني
لماذا وبالذات تاء التأنيث لا محل لها من الإعراب
فوجدت قصيدة لأمير الشعراء أحمد شوقي:
يقول أمير الشعراء شوقي مبيّناً انحياز اللغة العربية إلى تاء التأنيث:


الحرف بمحدوديته ذكر
واللغة بشمولها أنثى

والحب بضيق مساحته ذكر
والمحبة بسموها أنثى

والسجن بضيق مساحته ذكر
والحرية بفضائها أنثى

والبرد بلسعته ذكر
والحرارة بدفئها أنثى

والجهل بكل خيباته ذكر
والمعرفة بعمقها أنثى

والفقر بكل معاناته ذكر
والرفاهية بدلالها أنثى

والجحيم بناره ذكر
والجنة بنعيمها أنثى

والظلم بوحشيته ذكر
والعدالة بميزاتها أنثى

والتخلف برجعيته ذكر
والحضارة برقيها أنثى

والمرض بذله ذكر
والصحة بعافيتها أنثى

والموت بحقيقته ذكر
والحياة بألوانها أنثى

وتمضي القصيدة إلى تعدد انحياز العربية لتاء التأنيث حتى تختم بـ :
والشمس في عليائها أنثى

الحمدان
07-06-2024, 04:54 PM
‏بيضاءُ في حُمرِ الثِّيابِ كوردةٍ
بيضاءَ بينَ شقائقِ النُّعمانِ

تهتزُّ في غَيدِ الشبابِ إذا مشَت
مِثلَ اهتزازِ نواعمِ الأغصانِ

......

الحمدان
07-06-2024, 04:56 PM
الشَّوقُ قَنَّاصٌ وقلبي أعزلُ
‏لكنهُ يفنى ولا يتوسَّلُ

‏وأنا يُذوِّبُني الحَنينُ كشمعةٍ
‏لكن إذا حانَ الرَّحيلُ سأرحلُ

‏قلبي يعِزُّ علَيَّ لكِن عِزَّتِي
‏فوقَ اشْتياقي والمَذلَّةُ تَقتُلُ

‏وأنَا "أصُونُ كَرامتِي قبلَ الهَوى"
‏ولْتفعلِ الأشواقُ بي ما تفعلُ

......

الحمدان
07-06-2024, 05:02 PM
‏وتسألني أتعشقني
تخيل إنها تسألْ

بربك كيف اسمعها
ألا من نفسها تخجلْ

ألم تقرأ بأشعاري
بأني عشقها الأولْ

وأني دون عينيها
ضياع ضائع أعزلْ

ألم تلمح بكف الشمس
مكتوباً لها مرسلْ

ألم تلمح بعرض البحر
ديواناً بها منزلْ

يغازلها .. بلون السحر
يرسم وجهها الأجملْ


......

الحمدان
07-06-2024, 05:06 PM
خلقتُ من الحديدِ أشدَّ قلباً
وقد بليَ الحديدُ ومابليتُ

وفي الحَرْبِ العَوانِ وُلِدْتُ طِفْلا
ومِنْ لبَنِ المَعامِعِ قَدْ سُقِيتُ

وَإني قَدْ شَربْتُ دَمَ الأَعادي
بأقحافِ الرُّؤوس وَما رَويتُ

فما للرمحِ في جسمي نصيبٌ
ولا للسيفِ في أعضاي َقوتُ

ولي بيتٌ علا فلكَ الثريَّا
تَخِرُّ لِعُظْمِ هَيْبَتِهِ البُيوتُ

عنترة بن شداد

الحمدان
07-06-2024, 05:09 PM
أبحثُ عن وطنٍ لجبيني
عن شعر مرأة
يكتُبني فوقَ الجدرانِ ويمحيني

عن حبِّ امرأةٍ يأخذني
لحدودِ الشمسِ ويرميني

نوَّارةَ عُمري، مَروحتي
قنديلي فوحَ بساتيني

مُدّي لي جسراً من رائحةِ الليمونِ
وضعيني مشطاً عاجياً
في عُتمةِ شعركِ.. وانسيني

نزار قباني

الحمدان
07-06-2024, 05:31 PM
ما زال في قلبي رحيق لقاءنا
من ذاق طعم الحب.. لا ينساه

ما عاد يحملني حنيني للهوى
لكنني أحيا.. على ذكراه

قلبي يعود إلى الطريق و لا يرى
في العمر شيئا.. غير طيف صبانا

أيام كان الدرب مثل قلوبنا
نمضي عليه.. فلا يمل خطانا

فاروق جويده

الحمدان
07-06-2024, 05:37 PM
قالت العرب :

خذوا الخُلُقَ الرفيعَ من الصحاري
فإن النّفس يفسدها الزحامُ

وكم فقدت جَلالتَها قصورٌ
ولم تفقد مروءتَها خيامُ

الحمدان
07-06-2024, 05:44 PM
إِنَّ الغَنِــيَّ هُوَ الغَنِيُّ بِنَفسِهِ
وَلَوْ أَنَّهُ عاري المَناكِبِ حافِ

ماكُلُّ مافَوقَ البَسيطَةِ كافِياً
فَإِذا قَنِعتَ فَكُلُّ شَيءٍ كافِ

وَتَعافُ لي طَمَعَ الحَريصِ أُبُوَّتي
وَمُروءَتي وَقَنــاعَتي وَعَفافي


أبو فراس الحمداني

الحمدان
07-06-2024, 05:45 PM
زرني إذا بلغ اشتياقك حدّه
أو دع خيالك كي يزور خيالي

فما كنت مثل العابرين فإنهم
مروّا عليَّ وأنتَ سرت خلالي

......

الحمدان
07-06-2024, 05:58 PM
قولوا لها سبحان من سواها
روحي وعمري والعيون فداها

هي نسمةٌ تختال بين جوانحي
قولوا لها إني عشقت هواها

هي فوق ما تصفُ الحروفُ كَأنها
شَمْسٌ وهُنَّ كواكب بسماها

وهي الجمالُ وغيرُها ظِلٌّ لها
يَأبى الجمالُ تَشَبُّهاً بسِواها

يا زهرة في الروح حين تفتحت
قال النَّدى.. سبحان مَنْ أنشاها

خَطَفت صفاءَ البدر حين تَمامِهِ
فإذا الدُّجى مُتَمَنْطِقٌ بِسناها

يا نخلة شماء باسقة الهوى
ما كنتُ أبحرُ في الهوى لولاها

......

الحمدان
07-06-2024, 09:29 PM
خَفِّضْ عَلَيْكَ وَلا تَجْزَعْ لِنَائِبَةٍ
فَالدَّهْرُ يَعْتَرُّ بِالإِنْسَانِ أَحْيَانَا

فَكُلُّ نَاءٍ قَرِيب إِنْ صَبَرْتَ لَهُ
وَكُلُّ صَعْب إِذَا قَاوَمْتهُ هَانَا

البارودي

الحمدان
07-06-2024, 09:31 PM
تُغريكَ أنفاسي فـتحســبُ أنـنــي
حـيٌّ ولـكـن فــي هـــواك حـيـاتـي

إن غـبتَ عني فالـحيــاة مــريــرة
والدمعُ يوقدُ في الحشـا أهــاتــي

وتـجـمَّعـت كـل الهموم بخـافـقـي
يـالـوعــةً ضــاقــت بـهـا اوقـاتـي

إن شئت بُعداً فاعتنِ بـوصـيتـي
خذ إن رحلتَ القلبَ واعدم ذاتـي

تبقى وإن طال الغياب نـواظــري
تـرجـوك زهــراً لـلــربــيــع الآتـــي

ياطيف أحلامي وحرف قصيدتي
تحكيكَ عشقاً في الهوى ابـياتـي

......

الحمدان
07-06-2024, 09:33 PM
ألا يا نسيم الفجر سلم على فجري
فقد غاب في الليل الطويل من الهجر

تضيء الليالي بالنجوم وبدرها
وليل الجفا من غير نجم ولا بدر

وقفت وماذا أستطيع بوقفتي
حسيراً وأقدار الغرام بنا تجري

أدور بعيني نحو كل شعاعة
على الأفق في نجم أو الأرض في زهر

فيا ويح قلبي ماله حن كلما
تراءى له شبه انتسام على ثغر

......

الحمدان
07-06-2024, 09:38 PM
أجمل ما قيل بوصف العيون في شعر العرب ‌

قال ابن الرّومي:
نظَرَتْ فأقصدتْ الفؤاد بطرفـهـا
ثم انثنت عني فكدتُ أهيمُ

ويلاه إن نظرتْ وإن هي أعرضت
وقع السهام ونزعهنّ أليمُ


قال جرير :
إنّ العيونَ الّتي في طرفها حَوَرٌ
قتلننا ثمّ لم يحيين قتلانا

يصرعن ذا اللّبِّ حتّى لاحراكَ به
وهنّ أضعفُ خلقِ الله أركانا


قال صفي الدين الحلّي:
كفي القتال وفكي قيـد أسـراكِ
يكفيك مافعلتْ بالناس عيناكِ

كلت لحاظـك مماقـد فتكت بنا
فمن ترى في دمِ العشاق أفتاكِ

كملتْ أوصاف حسنٍ غير ناقصةٍ
لو أن حسنكِ مقرونٌ بحُسناكِ

قال أحمد شوقي :
و تعطّلت لغةُ الكلامِ وخاطَبَت
عينيَّ في لغة الهوى عيناكِ

وقيل أيضا:
و إذا العيونُ تحدّثت بلغاتها
قالت مقالا لم يقلهُ خطيبُ


قال إدريس جمّاع :
والسّيفُ في الغمد لا تُخشى مضاربهُ
و سيف عينيكِ في الحالينِ بتّارُ

الحمدان
07-06-2024, 10:09 PM
نظرتُ كأني من وراء زجاجة
إلى الدار من فرطِ الصبابة أنظرُ

فعيناي طوراً تغرقان من البكا
فأعشى وطوراً تحسرانِ فأبصرُ



عامر بن الحارث

الحمدان
07-06-2024, 11:10 PM
أَلا يَغُرَّنَ اِمرَأً نَوفَلِيَّةٌ
عَلى الرَأسِ بَعدي أَو تَرائِبُ وُضَّحُ

وَلا فاحِمٌ يُسقى الدِهانَ كَأَنَّهُ
أَساوِدُ يَزهاها لِعَينَيكَ أَبطَحُ

وَأَذنابُ خَيلٍ عُلِّقَت في عَقيصَةٍ
تَرى قُرطَها مِن تَحتِها يَتَطَوَّحُ

فَإِنَّ الفَتى المَغرورَ يُعطي تِلادَهُ
وَيُعطى الثَنا مِن مالِهِ ثُمَّ يُفضَحُ

وَيَغدو بِمِسحاحٍ كَأَنَّ عِظامَها
مَحاجِنُ أَعراها اللِحاءَ المُشَبِّحُ

إِذا اِبتُزَّ عَنها الدِرعُ قيلَ مُطَرَّدٌ
أَحَصُّ الذُنابى وَالذِراعَينِ أَرسَحُ

فَتِلكَ الَّتي حَكَّمتُ في المالِ أَهلَها
وَما كُلُّ مُبتاعٍ مِنَ الناسِ يَربَحُ

تَكونُ بِلَوذِ القِرنِ ثُمَّ شِمالُها
أَحُثُّ كَثيراً مِن يَميني وَأَسرَحُ

جَرَت يَومَ رُحنا بِالرِكابِ نَزُفُّها
عُقابٌ وَشَحّاجٌ مِنَ الطَيرِ مِتيَحُ

فَأَمّا العُقابُ فَهيَ مِنها عُقوبَةٌ
وَأَمّا الغُرابُ فَالغَريبُ المُطَوَّحُ

عُقابٌ عَقَنباةٌ تَرى مِن حِذارِها
ثَعالِبٌ أَهوى أَو أَشاقِرَ تَضبَحُ

عُقابٌ عَقَنباةٌ كَأَنَّ وَظيفَها
وَخُرطومَها الأَعلى بِنارٍ مُلَوَّحُ

لَقَد كانَ لي عَن ضَرَّتَينِ عَدِمتُني
وَعَمّا أُلاقي مِنهُما مُتَزَحزَحُ

هُما الغُولُ وَالسِعلاةُ حَلقي مِنهُما
مُخَدَّشُ ما بَينَ التَراقي مُجَرَّحُ

لَقَد عاجَلَتني بِالنِصاءِ وَبَيتُها
جَديدٌ وَمِن أَثوابِها المِسكُ يَنفَحُ

إِذا ما اِنتَصَينا فَاِنتَزَعتُ خِمارَها
بَدا كاهِلٌ مِنها وَرَأسٌ صَمَحمَحُ

تُداوِرُني في البَيتِ حَتّى تَكُبَّني
وَعَينِيَ مِن نَحوِ الهِراوَةِ تَلمَحُ

وَقَد عَلَّمَتني الوَقذَ ثُمَّ تَجُرُّني
إِلى الماءِ مَغشِيّاً عَلَيَّ أُرَنَّحُ

وَلَم أَرَ كَالمَوقوذِ تُرجى حَياتُهُ
إِذا لَم يَرُعهُ الماءُ ساعَةَ يَنضَحُ

أَقولُ لِنَفسي أَينَ كُنتِ وَقَد أَرى
رِجالاً قِياماً وَالنِساءُ تُسَبِّحُ

أَبِالغَورِ أَم بِالجَلسِ أَم حَيثُ تَلتَقي
أَماعِزُ مِن وادي بُرَيكٍ وَأَبطَحُ

خُذا نِصفَ مالي وَاِترُكا ليَ نِصفَهُ
وَبينا بِذَمٍّ فَالتَعَزُّبُ أَروَحُ

فَيا رَبِّ قَد صانَعتُ عاماً مُجَرَّما
وَخادَعتُ حَتّى كادَتِ العَينُ تُمصَحُ

وَراشَيتُ حَتّى لَو تَكَلَّفَ رِشوَتي
خَليجٌ مِن المُرّانِ قَد كادَ يُنزَحُ

أَقولُ لِأَصحابي أُسِرُّ إِلَيهِمُ
لِيَ الوَيلُ إِن لَم تَجمَحا كَيفَ أَجمَحُ

أَأَترُكُ صِبياني وَأَهلي وَأَبتَغي
مَعاشاً سَواهِمُ أَم أَقِرُّ فَأُذبَحُ

أُلاقي الخَنا وَالبَرحَ مِن أَمِّ حازِمٍ
وَما كُنتُ أَلقى مِن رُزَينَةَ أَبرَحُ

تُصَبِّرُ عَينَيها وَتَعصِبُ رَأسَها
وَتَغدو غُدُوَّ الذِئبِ وَالبومُ يَضبَحُ

تَرى رَأسَها في كُلِّ مَبدىً وَمَحضَرٍ
شَعاليلَ لَم يُمشَط وَلا هُوَ يُسرَحُ

وَإِن سَرَّحَتهُ كانَ مِثلَ عَقارِبٍ
تَشولُ بِأَذنابٍ قِصارٍ وَتَرمَحُ

تَخَطّى إِلَيَّ الحاجِزينَ مُدِلَّةً
يِكادُ الحَصى مِن وَطئِها يَتَرَضَّحُ

كِنازٌ عِفِرناةٌ إِذا لَحِقَت بِهِ
هَوى حَيثُ تُهويهِ العَصا يَتَطَوَّحُ

لَها مِثلُ أَظفارِالعُقابِ وَمَنسِمٌ
أَزُجُّ كَظُنوبِ النَعامَةِ أَروَحُ

إِذا اِنفَلَتَت مِن حاجِزٍ لَحِقَت بِهِ
وَجَبهَتُها مِن شِدَّةِ الغَيظِ تَرشَحُ

وَقالَت تَبَصَّر بِالعَصا أَصلَ أُذنِهِ
لَقَد كُنتُ أَعفو عَن جِرانٍ وَأَصفَحُ

فَخَرَّ وَقيذاً مُسلَحِبّاً كَأَنَّهُ
عَلى الكِسرِ ضِبعانٌ تَقَعَّرَ أَملَحُ

وَلَمّا اِلتَقَينا غُدوَةً طالَ بَينَنا
سِبابٌ وَقَذفٌ بِالحِجارَةِ مِطرَحُ

أَجَلّي إِلَيها مِن بَعيدٍ وَأَتَّقي
حِجارَتَها حَقّاً وَلا أَتَمَزَّحُ

تَشُجُّ ظَنابيبي إِذا ما اِتَّقيتُها
بِهِنَّ وَأُخرى في الذُؤابَةِ تَنفَحُ

أَتانا اِبنُ رَوقٍ يَبتَغي اللَهوَ عِندَنا
فَكادَ اِبنُ رَوقٍ بَينَ ثَوبَيهِ يَسلَحُ

وَأَنقَذَني مِنها اِبنُ رَوقٍ وَصَوتُها
كَصَوتِ عَلاةِ القَينِ صُلبٌ صَمَيدَحُ

وَوَلّى بِهِ رادُ اليَدَينِ عِظامُهُ
عَلى دَفَقٍ مِنها مَوائِرُ جُنَّحُ

وَلَسنَ بِأَسواءٍ فَمِنهُنَّ رَوضَةٌ
تَهيجُ الرِياضُ غَيرَها لا تَصَوَّحُ

جُمادِيَّةٌ أَحمى حَدائِقَها النَدى
وَمُزنٌ تُدَلّيهِ الجَنائِبُ دُلَّحُ

وَمِنهُنَّ غُلٌّ مٌقمِلٌ لا يَفُكُّهُ
مِنَ القَومِ إِلّا الشَحشَحانُ الصَرَنقَحُ

عَمَدتُ لِعَودٍ فَاِلتَحَيتُ جِرانَهُ
وَلَلكَيسُ أَمضى في الأُمورِ وَأَنجَحُ

وَصَلتُ بِهِ مِن خَشيَةٍ أَن تَذَكَّلا
يَميني سَريعاً كَرُّها حينَ تَمرَحُ

خَذا حَذَراً يا خُلَّتَيَّ فَإِنَّني
رَأَيتُ جِرانَ العَودِ قَد كانَ يَصلُحُ


جران العود النمري
العصر الأموي

الحمدان
07-06-2024, 11:11 PM
ذَكَرتَ الصِبا فَاِنهَلَّتِ العَينُ تَذرِفُ
وَراجَعَكَ الشَوقُ الَّذي كَنتَ تَعرِفُ

وَكانَ فُؤادي قَد صَحا ثُمَّ هاجَني
حَمائِمُ وُرقٌ بِالمَدينَةِ هُتَّفُ

كَأَنَّ الهَديلَ الظالِعَ الرِجلِ وَسطَها
مِنَ البَغى شِرّيبٌ يُغَرِّدُ مُتَرَفُ

يُذَكِّرنَنا أَيّامَنا بِعُوَيقَةٍ
وَهَضبِ قُساسٍ وَالتَذَكُّرُ يَشعَفُ

وَبيضاً يَصَلصِلنَ الحُجولَ كَأَنَّها
رَبائِبُ أَبكارِ المَها المُتَأَلِّفُ

فَبِتُّ كَأَنَّ العَينَ أَفنانُ سِدرَةٍ
عَلَيها سَقيطٌ مِن نَدى اللَيلِ يَنطُفُ

أُراقِبُ لَوحاً مِن سُهَيلٍ كَأَنَّهُ
إِذا ما بَدا مِن آخِرِ اللَيلِ يَطرِفُ

يُعارِضُ عَن مَجرى النُجومَ وَيَنتَحي
كَما عارَضَ الشَوكَ البَعيرَ المُؤَلَّفُ

بَدا لِجرّانِ العَودِ وَالبَحرُ دونَهُ
وَذو حَدَبٍ مِن سَروِ حِميَرَ مُشرِفُ

فَلا وَجدَ إِلّا مِثلَ يَومِ تَلاحَقَت
بِنا العيسُ وَالحادي يِشُلُّ وَيَعنُفُ

لَحِقنا وَقَد كانَ اللُغامُ كَأَنَّهُ
بِأَلحي المَهارى وَالخَراطيمِ كُرسُفُ

فَما لِحِقَتنا العيسُ حَتّى تَناضَلَت
بِنا وَقَلانا الآخِرُ المَتَخَلِّفُ

وَكانَ الهِجانُ الأَرحَبِيُّ كَأَنَّهُ
بِراكِبِهِ جَونٌ مِنَ اللَيلِ أَكلُفُ

وَفي الحَيِّ مَيلاءُ الخِمارَ كَأَنَّها
مَهاةٌ بِهَجلٍ مِن أَدَيمٍ تَعَطَّفُ

شَموسُ الصِبا وَالأَنسِ مَخطوفَةُ الحَشا
قَتولُ الهَوى لَو كانَتِ الدارُ تُسعِفُ

كَأَنَّ ثَناياها العِذابَ وَريقَها
وَنشوَةَ فيها خالَطَتهُنَّ قَرقَفُ

تُهينُ جَليدَ القَومِ حَتّى كَأَنَّهُ
دَوٍ يَئِسَت مِنهُ العَوائِدُ مُدنَفُ

وَلَيسَت بِأَدنى مِن صَبيرِ غَمامَةٍ
بِنَجدٍ عَلَيها لامِحٌ يَتَكَشَّفُ

يُشَبِّهُها الرائي المُشَبِّهُ بَيضَةً
غَدا في النَدى عَنها الظَليمُ الهَجَنَّفُ

بِوَعساءَ مِن ذاتِ السَلاسِلِ يَلتَقي
عَلَيها مِنَ العَلقى نَباتٌ مُؤَنَّفُ

وَقالَت لَنا وَالعيسُ صُعرٌ مِنَ البُرى
وَأَخفافُها بِالجَندَلِ الصُمِّ تَقذِفُ

وَهُنَّ جُنوحٌ مُصغِياتٌ كَأَنَّما
بُراهُنَّ مِن جَذبِ الأَزِمَّةِ عَلَّفُ

حُمِدتَ لَنا حَتّى تَمَنّاكَ بَعضُنا
وَأَنتَ اِمرُؤٌ يَعروكَ حَمدٌ فَتُعرَفُ

رَفيعُ العُلا في كُلِّ شَرقٍ وَمَغرِبٍ
وَقَولُكَ ذاكَ الآبِدُ المُتَلَقَّفُ

وَفيكَ إِذا لا قَيتَنا عَجرَ فِيَّةٌ
مِراراً وَما نَستيعُ مَن يَتَعَجرَفُ

تَميلُ بِكَ الدُنيا وَيَغلِبُكَ الهَوى
كَما مالَ خَوّارُ النَقا المُتَقَصِّفُ

وَنُلقى كَأَنّا مَغنَمٌ قَد حَوَيتَهُ
وَتَرغَبُ عَن جَزلِ العَطاءِ وَتُسرِفُ

فَمَوعِدُكَ الشَطُّ الَّذي بَينَ أَهلِنا
وَأَهلِكَ حَتّى تَسمَعُ الديكَ يَهتِفُ

وَتَكفيكَ آثاراً لَنا حَيثُ نَلتَقي
ذُيولٌ نُعَفّيها بِهِنَّ وَمُطرَفُ

وَمَسحَبُ رَيطٍ فَوقَ ذاكَ وَيَمنَةٍ
يَسوقُ الحَصى مِنها حَواشٍ وَرَفرَفُ

فَنُصبِحُ لَم يُشعَر بِنا غَيرَ أَنَّهُم
عَلى كُلِّ ظَنٍّ يَحلِفونَ وَنَحلِفُ

وَقالَت لَهُم أُمُّ الَّتي أَدلَجَت بِنا
لَهُنَّ عَلى الإِدلاجِ آنى وَأَضعَفُ

فَقَد جَعَلَت آمالُ بَعضِ بَناتِنا
مِنَ الظُلمِ إِلّا ما وَقى اللَهُ تُكشَفُ

وَما لِجِرانِ العودِ ذَنبٌ وَما لَنا
وَلَكِن جِرانُ العودِ مِمّا نُكَلَّفُ

وَلَو شَهِدَتنا أُمُّها لَيلَةَ النَقا
وَلَيلَةَ رُمحٍ أَزحَفَت حينَ نُزحِفُ

ذَهَبنَ بِمِسواكي وَقَد قُلتُ قَولَةً
سَيوجَدُ هَذا عِندَكُنَّ وَيُعرَفُ

فَلَمّا عَلانا اللَيلُ أَقبَلتُ خُفيَةً
لِمَوعِدِها أَعلو الإِكامَ وَأَظلِفُ

إِذا الجانِبُ الوَحشِيُّ خِفنا مِنَ الرَدى
وَجانِبِيَ الأَدنى مِنَ الخَوفِ أَجنَفُ

فَأَقبَلنَ يَمشينَ الهُوَينا تَهادِياً
قِصارَ الخُطا مِنهُنَّ رابٍ وَمُزحِفُ

كَأَنَّ النُمَيرِيَّ الَّذي يَتَّبِعنَهُ
بِدارَةِ رُمحِ ظالِعُ الرِجلِ أَحنَفُ

فَلَمّا هَبَطنَ السَهلَ وَاِحتَلنَ حيلَةً
وَمِن حيلَةِ الإِنسانِ ما يَتَخَوَّفُ

حَمَلنَ جِرانَ العَودِ حَتّى وَضَعنَهُ
بِعَلياءَ في أَرجائِها الجِنُّ تَعزِفُ

فَلا كِفلَ إِلّا مِثلُ كِفلٍ رَأيتُهُ
لِخَولَةَ لَو كانَت مِراراً تَخَلَّفُ

فَلَم أُرِ كِفلاً مِثلَ كِفلٍ رَأِيتُهُ
لَخَولَةَ لَولا وَعدُها ثُمَّ تُخلِفُ

فَلَمّا اِلتَقَينا قُلنَ أَمسى مُسَلَّطاً
فَلا يُسرِفَنَّ الزائِرُ المُتَلَطِّفُ

وَقُلنَ تَمَتَّع لَيلَةَ اليَأسِ هَذِهِ
فَإِنَّكَ مَرجومٌ غَداً أَو مُسَيَّفُ

وَأَحرَزنَ مِنّي كُلَّ حُجزَةِ مِئزَرٍ
لَهُنَّ وَطاحَ النَوفَلِيُّ المُزخَرَفُ

فَبِتنا قُعوداً وَالقُلوبُ كَأَنَّها
قَطاً شُرَّعُ الأَشراكِ مِمّا تَخَوَّفُ

عَلَينا النَدى طَوراً وَطَوارً يَرُشُّنا
رَذاذٌ سَرى مِن آخِرِ اللَيلِ أَوطَفُ

وَبِتنا كَأَنّا بَيَّتَتنا لَطيمَةٌ
مِنَ المِسكِ أَو خَوارَةُ الريحِ قَرقَفُ

يُنازِعنَنا لَذّاً رَخيماً كَأَنَّهُ
عَوائِرُ مِن قَطرٍ حَداهُنَّ صَيِّفُ

رَقيقُ الحَواشي لَو تَسَمَّعَ راهِبٌ
بِبُطنانَ قَولاً مِثلَهُ ظَلَّ يَرجُفُ

حَديثٌ لَو اِنَّ البَقلَ يولي بِنَفضِهِ
نَما البُقلُ وَاِخضَرَّ المُصَنِّفُ

هُوَالخُلدُ في الدُنيا لِمَن يَستَطيعُهُ
وَقَتلٌ لِأَصحابِ الصَبابَةِ مُذعِفُ

وَلَمّا رَأَينَ الصُبحَ بادَرَ ضَوءَهُ
دَبيبُ قَطا البَطحاءِ أَو هُنَّ أَقطَفُ

وَأَدرَكنَ أَعجازاً مِنَ اللَيلِ بَعدَ ما
أَقامَ الصَلاةَ العابِدُ المُتَحَنِّفُ

وَما أُبنَ حَتّى قُلنَ يا لَيتَ أَنَّنا
تُرابٌ وَلَيتَ الأَرضَ بِالناسِ تُخسَفُ

فَإِن نَنجُ مِن هَذي وَلَم يَشعُروا بِنا
فَقَد كانَ بَعضُ الخَيرِ يَدنو فَيُصرَفُ

فَأَصبَحنَ صَرعى في الحِجالِ وَبَينَنا
رِماحُ العِدا وَالجانِبُ المُتَخَوِّفُ

يُبَلِّغُهُنَّ الحاجَ كُلُّ مُكاتَبٍ
طَويلِ العَصا أَو مُقعَدٌ مُتَزَحِّفُ

وَمَكمونَةٌ رمداءُ لا يَجذَرونَها
مُكاتَبَةٌ تَرمي الكِلابَ وَتَحذِفُ

رَأَت وَرَقاً بيضاً فَشَدَّت حَزيمَها
لَها فَهيَ أَمضى مِن سُلَيكٍ وَأَلطَفُ

وَلَن يَستَهيمَ الخُرَّدَ البيضَ كَالدُمى
هِدانٌ وَلا هِلباجَةُ اللَيلِ مُقرِفُ

وَلا جَبِلٌ تِرعِيَّةٌ أَحبَنُ النَسا
أَغَمُّ القَفا ضَخمُ الهِراوَةِ أَغضَفُ

حَليفٌ لِوَطبى عُلبَةٍ بَقَرِيَّةٍ
عَظيمُ سَوادِ الشَخصِ وَالعودُ أَجوَفُ

وَلَكِن رَفيقٌ بِالصِبا مُتَبَطرِقٌ
خَفيفٌ ذَفيفٌ سابِغُ الذَيلِ أَهيَفُ

قَريبٌ بَعيدٌ ساقِطٌ مُتَهافِتٌ
فَكُلُّ غَيورٍ ذي فَتاةٍ مُكَلَّفُ

فَتى الحَيِّ وَالأَضيافِ إِن نَزَلوا بِهِ
حَذورُ الضُحى تِلعابَةٌ مُتَغَطرِفُ

يَرى اللَيلَ في حاجاتِهِنَّ غَنيمَةً
إِذا قامَ عَنهُنَّ الهِدانُ المُزَيَّفُ

يُلِمُّ كَإِلمامِ القُطامى بِالقَطى
وَأَسرَعُ مِنهُ لَمَّةً حينَ يَخطَفُ

وَأَصبَحَ في حَيثُ اِلتَقَينا غُدَيَّةً
سِوارٌ وَخَلخالٌ وَبُردٌ مُفَوَّفُ

وَمُنقَطِعاتٌ مِن عُقودٍ تَرَكنَها
كَجَمرِ الغَضا في بَعضِ ما يُتَخَطرَفُ

وَأَصبَحتُ غِرّيدَ الضُحى قَد وَمِقنَني
بِشَوقٍ وَلَمّاتُ المُحِبّينَ تَشعَفُ

ونلن سقاطاً من حديث كأنّه
جنى النحل في أبكار عودٍ نقطّفُ

وإن ظلام الليلُ ينكَبُ تحتَهُ
رجالٌ ويمضي الأحوذيُّ المثقَّفُ

وإنا ذحمنا كلّ نجدةٍ سيّدٍ
بطينٍ ولا يحزنك إلا المهَفهَفُ

ألا من لقلب لا يزالُ كأنّهُ
يدا لامعٍ أو طائرٍ يتصرّفُ

طفن بغطريف كأنّ حبّيهُ
بدارةٍ رمحٍ آخر الليل مصحفُ


جران العود النمري

الحمدان
07-06-2024, 11:11 PM
أَصبَحتُ قَد جَمَّحتُ في كِسرِ بَيتِكُم
كَما جَمَّحَ الضِبعانُ بَينَ السَخابِرِ

بِعَينَينِ مَلحاوَينِ أَخنى عَلَيهِما
مُرورُ اللَيالي كابِراً بَعدَ كابِرِ

أَطَعتُم بَني الكَنّاتِ حَتّى رَمَينَ بي
عَلى حَفَضٍ مُستَمسِكاً بِالمَشاجِرِ

وَأَلقَينَ فَوقي كُلَّ ثَوبٍ وَجَدنَهُ
مِنَ القُرِّ في لَيلِ الشِتاءِ الصَنابِرِ

وَقُلنَ أَبوكُم شِقوَةٌ لَحِقَت بِكُم
كَذَبنَ وَلَكِن هُنَّ إِحدى النَظائِرِ

وَلَكِن سَمِعنَ الشَيخَ قَد قالَ قَولَةً
عَلَيكُم إِذا ما رِبنَكُم بِالضَرائِرِ

وَلا تَأَمَنوا كَيدَ النِساءِ وَأَمسِكوا
عُرى المالِ عَن أَبنائِهِنَّ الأَصاغِرِ

فَإِنَّكَ لَم يُنذِركَ أَمراً تَخافُهُ
إِذا كُنتَ مِنهُ جاهِلاً مِثلُ خابِرِ


جروان العود النمري

الحمدان
07-06-2024, 11:11 PM
أَدِهقانُ حالَ النَأيُ دونَكِ وَالهَجرُ
وَجَمعُ بَني قَلعٍ فَمَوعِدُكِ الحَشرُ

أَلا لَيتَنا مِن غَيرِ شَيءٍ يُصيبُنا
بِتَهلُكَ لا عَينٌ تُحِسُّ وَلا كَرُ

بَعيداً مِنَ الواشينَ أَن يَمحَلوا بِنا
وَراءَ الثُرَيّا وَالسَماكُ لَنا سِترُ

أَلا لَيتَنا طارَت عُقابٌ بِنا مَعاً
لَها سَبَبٌ عِندَ المَجَرَّةِ أَو وَكرُ

أَلا طَرَقَت دِهقانَةُ الرَكبَ بَعدَما
تَقَوَّضَ نِصفُ اللَيلِ وَاِعتَرَضَ النَسرُ

فَقَد كانَتِ الجَوزاءُ وَهناً كَأَنَّها
ظِباءٌ أَمامَ الذِئبِ طَرَّدَها النَقرُ

فَلَمّا أَلَمَّت وَالرِكابُ مُناخَةٌ
إِذ الأَرضُ مِنها بَعدَ لَمَّتِها قَفرُ


جروان العود النمري

الحمدان
07-06-2024, 11:12 PM
أَيا كِبَداً كادَت عَشِيَّةَ غُرَّبٍ
مِنَ البَينِ إِثرَ الظاعِنينَ تَصَدَّعُ

عَشِيَّةَ مالي حيلَةٌ غَيرَ أَنَّني
بِلَقطِ الحَصى وَالخَطِّ في الأَرضِ مولَعُ

أَخُطُّ وَأَمحو الخَطَّ ثُمَّ أُعيدُهُ
بِكَفِّيَ وَالغِزلانُ حَولِيَ وُقَّعُ

عَشِيَّةَ ما في مَن أَقامَ بِغُرَّبٍ
مُقامٌ وَلا في مَن مَضى مُتَسَرَّعُ


جروان العود النمري

الحمدان
07-06-2024, 11:12 PM
وَذَكَّرَني الصِبا بَعدَ التَناهي
حَمامَةُ أَيكَةٍ تَدعو الحَماما

أَسيلاً خَدُّهُ وَالجيدُ مِنهُ
تَقَلَّدَ زينَةً خُلِقَت لِزاما

كَساهُ اللَهُ يَومَ دَعاهُ نَوحٌ
نِظاماً ما يُريدُ بِهِ نِظاما

أُتيحَ لَهُ ضُحىً لَمّا تَنَمّى
عَلى الأَغصانِ مُنصَلِتاً قَطاما

فَقَدَّ حِجابَهُ بِمُذَرَّباتٍ
يُرينَ الحائِناتِ بِهِ الحِماما

تَرى الطَيرَ الرَوائِدَ مُعصِماتٍ
حِذاراً مِنهُ بِالغيلِ اِعتِصاما

دَعَتهُ فَلَم يُجِب فَبَكَتهُ شَجواً
فَهَيَّجَ شَوقُها وُرقا تُؤاما

كَأَنَّ الأَيكَ حينَ صَدَحنَ فيهِ
نَوائِحُ يَلتَدِمنَ بِهِ التِداما

فَهَيَّجَ ذاكَ مِنّي الشَوقَ حَتّى
بَكَيتُ وَما فَهِمتُ لَها كَلاما


جروان العود النمري

الحمدان
07-06-2024, 11:12 PM
بانَ الخَليطُ فَما لِلقَلبِ مَعقولُ
وَلا عَلى الجيزَةِ الغادينَ تَعويلُ

أَمّا هُمُ فَعُداةٌ ما نُكَلِّمُهُم
وَهيَ الصَديقُ بِها وَجدٌ وَتَخبيلُ

كَأَنَّني يَومَ حَثَّ الحادِيانِ بِها
نَحوَ الإوانَةِ بِالطاعونِ مَتلولُ

يَومَ اِرتَحَلتُ بِرَحلي دونَ بِرذَعَتي
وَالقَلبُ مُستَوهِلٌ بِالبَينِ مَشغولُ

ثُمَّ اِغتَرَزتُ عَلى نِضوي لِأَبعَثَهُ
إِثرَ الحُمولِ الغَوادي وَهوَ مَعقولُ

فَاِستَعجَلَت عَبرَةٌ شَعواءُ قَحَّمَها
ماءٌ وَمالَ بِها في جَفنِها الجولُ

فَقُلتُ ما لِحُمولِ الحَيِّ قَد خَفِيَت
أَكَلَّ طَرفِيَ أَم غالَتهُمُ الغولُ

يَحفَونَ طَوراً فَأَبكي ثُمَّ يَرفَعُها
آلُ الضُحى وَالهِبِلّاتُ المَراسيلُ

تَخدي بِهِم رُجُفُ الأَلحي مُلَيَّثَةٌ
أَظلالُهُنَ لِأَيديهِنَّ تَنعيلُ

وَلِلحُداةِ عَلى آثارِهِم زَجَلٌ
وَلِلسَرابِ عَلى الحِزّانِ تَبغيلُ

حَتّى إِذا حَلَّتِ الشَهلاءُ دونَهُمُ
وَاِستَوقَدَ الحَرُّ قالوا قَولَةً قيلوا

وَاِستَقبَلوا وادِياً جَرسُ الحَمامِ بِهِ
كَأَنَّهُ نَوحُ أَنباطٍ مَثاكيلُ

لَم يُبقِ مِن كَبِدي شَيئاً أَعيشُ بِهِ
طولُ الصَبابَةِ والبيضُ الهَراكيلُ

مِن كُلِّ بَدّاءَ في البُردَينِ يَشغَلُها
عَن حاجَةِ الحَيِّ عُلّامٌ وَتَحجيلُ

مِمّا يَجولُ وِشاحاها إِذا اِنصَرَفَت
وَلا تَجولُ بِساقَيها الخَلاخيلُ

يَزينُ أَعداءَ مَتنَيها وَلَبَّتَها
مُرَجَّلٌ مُنهَلٌ بِالمِسكِ مُعلولُ

تُمِرُّهُ عَطِفَ الأَطرافِ ذا غُدَرٍ
كَأَنَّهُنَّ عناقيدُ القُرى الميلُ

هيفُ المُرَدّى رَداحٌ في تَأَوُّدِها
مَحطوطَةُ المَتنِ وَالأَحشاءِ عُطبولُ

كَأَنَّ بَينَ تَراقيها وَلَبَّتِها
جَمراً بِهِ مِن نُجومِ اللَيلِ تَفصيلُ

تَشفي مِنَ السَلِّ وَالبِرسامِ ريقَتُها
سُقمٌ لِمَن أَسقَمَت داءٌ عَقابيلُ

تَشفي الصَدى أَينَما مالَ الضَجيعُ بِها
بَعدَ الكَرى ريقَةٌ مِنها وَتَقبيلُ

يَصبو إِلَيها وَلَو كانوا عَلى عَجَلٍ
بِالشَعبِ مِن مَكَّةَ الشيبُ المَثاكيلُ

تَسبي القُلوبَ فَمِن زُوّارِها دَنِفٌ
يَعتَدُّ آخِرَ دُنياهُ وَمَقتولُ

كَأَنَّ ضَحكَتَها يَوماً إِذا اِبتَسَمَت
بَرقٌ سَحائِبُهُ غُرٌّ زَهاليلُ

كَأَنَّهُ زَهَرٌ جاءَ الجُناةُ بِهِ
مُستَطرَفٌ طَيِّبُ الأَرواحِ مَطلولُ

كَأَنَّها حينَ يَنضو الدِرعَ مَفصِلُها
سَبيكَةٌ لَم تُنَقِّصها المَثاقيلُ

أَو مُزنَةٌ كَشَّفَت عَنها الصَبا رَهَجاً
حَتّى بَدا رَيِّقٌ مِنها وَتَكليلُ

أَو بَيضَةٌ بَينَ أَجمادٍ يُقَلِّبُها
بِالمَنكِبَينِ سُخامُ الزِفِّ إِجفيلُ

يَخشى النَدى فَيُوَلّيها مُقاتِلَهُ
حَتّى يُوافى قَرنَ الشَمسِ تَرجيلُ

أَو نَعجَةٌ مِن إِراخِ الرَملِ أَخذَلَها
عَن إِلفِها واضِحُ الخَدَّينِ مَكحولُ

بِشُقَّةٍ مِن نَقا العَزّافِ يَسكُنُها
جِنُّ الصَريمَةِ وَالعَينُ المَطافيلُ

قالَت لَهُ النَفسُ كوني عِندَ مَولِدِهِ
إِنَّ المُسَيكينَ إِن جاوَزتِ مَأكولُ

فَالقَلبُ يُعنى بِرَوعاتٍ تُفَزِّعَهُ
وَاللَحمُ مِن شِدَّةِ الإِشفاقِ مَخلولُ

تَعتادُهُ بِفُؤادٍ غَيرِ مُقتَسِمٍ
وَدِرَّةٍ لَم تَخَوَّنَها الأَحاليلُ

حَتّى اِحتَوى بِكرَها بِالجَوِّ مُطَّرِدٌ
سَمَعمَعٌ أَهرتُ الشِدقَينِ زُهلولُ

شَدَّ المَماضِغَ مِنهُ كُلَّ مُنصَرَفٍ
مِن جانِبَيهِ وَفي الخُرطومِ تَسهيلُ

لَم يَبقَ مِن زَغَبٍ طارَ النَسيلُ بِهِ
عَلى قَرا مَتنِهِ إِلّا شَماليلُ

كَأَنَّما بَينَ عَينَيهِ وَزُبرَتِهِ
مِن صَبغِهِ في دِماءِ القَومِ مِنديلُ

كَالرُمحِ أَرقَلَ في الكَفَّينِ وَاِطَّرَدَت
مِنهُ القَناةُ وَفيها لَهذَمٌ غولُ

يَطوي المَفاوِزَ غيطاناً وَمَنهَلُهُ
مِن قُلَّةِ الحَزنِ أَحواضٌ عَداميلُ

لَمّا دَعا الدَعوَةَ الأولى فَأَسمَعَها
وَدونَهُ شُقَّةٌ ميلانِ أَو ميلُ

كادَ اللُعاعُ مِنَ الحَوذانِ يَسحَطُها
وَرِجرِجٌ بَينَ لَحيَيها خَناطيلُ

تُذري الخُزامى بِأَظلافٍ مُخَذرَفَةٍ
وَوَقعُهُنَّ إِذا وَقَّعنَ تَحليلُ

حَتّى أَتَت مَربِضَ المِسكينِ تَبحَثُهُ
وَحَولَها قِطَعٌ مِنها رَعابيلُ

بَحثَ الكَعابِ لِقُلبٍ في مَلاعِبِها
وَفي اليَدَينِ مِنَ الحِنّاءِ تَفصيلُ


جران العود النمري

الحمدان
07-06-2024, 11:13 PM
إِنّي وَرَبِّ رِجالٍ شَعبُهُم شُعَبٌ
شَتّى يَطوفونَ حَولَ البَيتِ وَالحَجَرِ

جاءَت بِهِم قُلُصٌ فُتلٌ مَرافِقُها
قُبُّ البُطونِ مِنَ الإِدلاجِ وَالبُكَرِ

مِن كُلِّ قَراوَءَ مَعقودٍ فَقارَتُها
عَلى مُنيفٍ كُرُكنِ الطَودِ وَالضَفَرِ

يُمِرُّ مِرفَقُها بِالدَفِّ مُعتَرِضاً
مَرَّ الوَليدِ عَلى الزُحلوفَةِ الأَشِرِ

تَقاعَسَت كَتِفاها بِعدَها حُنِيَت
بِالمَنكِبَينِ رُؤوسُ الأَعظُمِ الأُخَرِ

قَضَينَ حَجّاً وَحاجاتٍ عَلى عَجَلٍ
ثُمَّ اِستَدرَنَ إِلَينا لَيلَةَ النَفَرِ

لَولا حُمَيدَةُ ما هامَ الفُؤادُ وَلا
رَجَّيتُ وَصَلَ الغَواني آخِرَ العُمُرِ

أَحبَبتُها فَوقَ ما ظَنَّ العُداةُ بِنا
حُبَّ العَلاقَةِ لا حُبّاً عَلى الخَبَرِ

حَتّى إِذا قُلتُ هَذا المَوتُ أَدرَكَني
صَبرُ الكِرامِ وَضَربُ الجَأشِ لِلقَدَرِ

وَلَن تُعَزِّيَ نَفساً حَرَّةً أَبَداً
إِلّا اِستَمَرَّت عَزوفاً جَلدَةَ الصَبِرِ

يا حَبَّذا نَسَمٌ مَن فيكِ يَمزُجُهُ
عودُ الأَراكِ جَلا عَن بارِدٍ خَصِرِ

هَل تَذكُرينَ مَقيلاً لَستُ ناسِيَهُ
بَينَ الأَبارِقِ ذاتَ المَرخِ وَالسَمُرِ

بِبَطنِ وادي سَنامٍ حَيثُ قابَلَهُ
وادٍ مِنَ الشُعبَةِ اليُمنى بِمُنحَدِرِ

لما أتيتُ على السبعين قلتُ له
يا ابن المسَحَّجِ هل تلوي من الكبرِ

شيخ تحنّى وأروى لحمُ أعظمِهِ
تحنّيَ النبعة العوجاء في الوتَرِ

كأن لمَّتَهُ الشعراء إذا طلعت
من آخر الليل تتلو دارة العمرِ


جران العود النمري

الحمدان
07-06-2024, 11:13 PM
أَلا أَبلِغ لَدَيكَ بَني كِلابٍ
وَإِخَوَتَها مُعاوِيَةَ بنَ بَكرِ

فَلَيتَ الناقِمِيَّةَ لَم تَلِدكُم
وَلَم تَحمِلكُمُ مِنها بِظَهرِ

فَإِنَّ سَوامَ ما صِرتُم إِلَيهِ
رِتاعٌ بَينَ أَوطاسٍ وَسِعرِ

حَماهُ مَن يُمَتِّعُهُ بِقودٍ
وَيَمنَعُكُم مَخافَةَ كُلِّ ثَغرِ

أَأَن غَضِبَت كِلابٌ في عِقارٍ
تَعُدُّ لَنا النَوابِغُ ذَنبَ صُحرِ

وَلَو أَنّا نَخافُ الحَيَّ نَصراً
لَدَعثَرنا دِيارَهُمُ بِمَجرِ

بِزُرقٍ في مُثَقَّفَةٍ حِرارٍ
تُقَوَّمُ في قَنا الخَطِّيِّ سُمرِ


جران العود النمري

الحمدان
07-06-2024, 11:13 PM
أَيا شِبهَ لَيلى جادَكِ الغَيثُ وَاِنبَرى
لَكِ الرُشدُ وَاِخضَرَّت عَلَيكِ المَراتِعُ

سَقاكِ خُدارِيٌّ إِذا عَجَّ عَجَّةً
حَسِبتُ الَّذي يَدنو أَصَمَّ المَسامِعِ

يَمانٍ عَلى نَجرانَ أَيُمنَ صَوبَهُ
وَمِنهُ عَلى سَلمى وَسَلمانَ لامِعُ

وَمِنهُ عَلى قَصرَي عُمانَ سَحيقَةٌ
وَبِالخَطِّ نَضَاحُ العَثانينِ واسِعُ

تَذودُ الصَبا رَيعانَهُ وَهوَ راجِحٌ
كَما ذيدَ حَومٌ عَن نَضيحٍ رَوابِعُ

تُزَحِّفُ أَعلاهُ الجَنوبُ بِراكِسٍ
كَما دَبَّ أَدفى مائِلُ الحِملِ ظالِعُ

يَكُبُّ طِوالَ الطَلحِ في حَجَراتِهِ
وَتَحيا عَلَيهِ المُسنِتاتُ البَلاقِعُ

ونار كسحر العَود رفع ضؤها
مع الصبح هبّاتُ الرياحِ الزعازعُ


جران العود النمري

الحمدان
07-06-2024, 11:14 PM
لَعَمرُكَ إِنَّ الذِئبَ يَومَ سَما لَنا
عَلى حاجَةٍ مِن جَوَّةٍ لَصَديقُ

بِأَسفَلِ شِعبٍ مِن عُرَيقَةَ قابِلٍ
يَكادُ بِأَيدي الناعِجاتِ يَضيقُ

عَشِيَّةَ كَرَّ الباهِلِيّانِ وِاِرتَمَت
بِرَحلىَ مِقدامُ العَشِيِّ زَهوقُ

وَما كانَ ذِئبٌ سانِحٌ لِيَرُدَّني
وَلا الطَيرُ في كَهفٍ لَهُنَّ نَعيقُ

وَآخِرُ عَهدي مِن حُمَيدَةَ نَظرَةٌ
وَقَد حانَ مِن شَمسِ النَهارِ خُفوقُ

بِبَرِّيَّةٍ لا يَشتَكي السَيرَ أَهلُها
بِها العيشُ مِثلُ السابِرِيِّ رَفيقُ


جران العود النمري

الحمدان
07-06-2024, 11:14 PM
بانَ الخَليطُ فَهالَتكَ التَهاويلُ
وَالشَوقُ مُحتَضَرٌ وَالقَلبُ مَتبولُ

يُهدى السَلامَ لَنا مِن أَهلِ ناعِمَةٍ
إِنَّ السَلامَ لِأَهلِ الوُدِّ مَبذولُ

إِنّي اِهتَدَيتُ بِمَوماةٍ لِأَرحُلِنا
وَدونَ أَهلِكِ بادي الهَولِ مَجهولُ

لِمُطرِقينَ عَلى مَثنى أَيا مِنِهِم
راموا النُزولَ وَقَد غارَ الأَكاليلُ

طالَت سُراهُم فَذاقوا مَسَّ مَنزِلَةٍ
فيها وُقوعُهُمُ وَالنَومُ تَحليلُ

وَالعيسُ مَقرونَةٌ لا ثوا أَزِمَّتِها
وَكُلُّهُنَّ بِأَيدي القَومِ مَوصولُ

سَقياً لَزَورِكَ مِن زَورٍ أَتاكَ بِهِ
حَديثُ نَفسِكَ عَنهُ وَهوَ مَشغولُ

يَختَصُّني دونَ أَصحابي وَقَد هَجَعوا
وَاللَيلُ مُجفِلَةٌ أَجازُهُ ميلُ

أَهالِكٌ أَنتَ إِن مَكتومَةُ اِغتَرَبَت
أَم أَنتَ مِن مُستَسَرِّ الحُبِّ مَخبولُ

بِالنَفسِ مَن هُوَ يَأتينا وَنَذكُرُهُ
فَلا هَواهُ وَلا ذو الذِكرِ مَملولُ

وَمَن مُوَدَّتُهُ داءٌ وَنائِلُهُ
وَعدُ المُغَيَّبِ إِخلافٌ وَتَأميلُ

ما أَنسَ لا أَنسَ مِنها إِذ تُوَدِّعُنا
وَقَولَها لا تَزُرنا أَنتَ مَقتولُ

مِلءُ السِوارَينِ وَالحِجلَينِ مِئزَرُها
بِمَتنِ أَعفَرَ ذي دِعصَينِ مَكفولُ

كَأَنَّما ناطَ سَلسَيها إِذا اِنصَرَفَت
مُطَوَّقٌ مِن ظِباءِ الأُدمِ مَكحولُ

تُجزى السِواكَ عَلى عَذبٍ مُقَبَّلُهُ
كَأَنَّهُ مُنهَلٌ بِالراحِ مَعلولُ

وَلِلهُمومِ قِرىً عِندي أُعَجِّلهُ
إِذا تَوَرَّطَ في النَومِ المَكاسيلُ

تَفريجُهُنَّ بِإِذنِ اللَهِ يَحفِزُهُ
حَذفُ الزِماعِ وَجَسراتٌ مَراقيلُ

يَحدوا أَوئِلَها رُحٌّ يَمانِيَةٌ
قَد شاعَ فيهِنَّ تَخذيمٌ وَتَنعيلُ

بينُ المَرافِقِ عَن أَجوازِ مُلتَئِمٍ
مِن طَيِّ لُقمانَ لَم تُظلَم بِهِ الجولُ

كَأَنَّما شَكُّ أَلحيها إِذا رَجَفَت
هاماتُهُنَّ وَشَمَّرنَ البَراطيلُ

حُمُّ المَآقي عَلى تَهجيجِ أَعيُنِها
إِذا سَمونَ وَفي الآذانِ تَأَليلُ

حَتّى إِذا مَتَعَت وَالشَمسُ حامِيَةٌ
مَدَّت سَوالِفَها الصُهبُ الهَراجيلُ

وَالآلُ يَعصِبُ أَطرافَ الصُوى فَلَها
مِنهُ إِذا لَم تَسِر فيهِ سَرابيلُ

وَاِعصَوصَبَت فَتَدانى مِن مَناكِبِها
كَما تَقاذَفَتِ الخُرجُ المَجافيلُ

إِذا الفَلاةُ تَلَقَّتها جَواشِنُها
وَفي الأَداوى عَنِ الأَخرابِ تَشويلُ

قاسَتِ بِأَذرُعِها الغولَ الَّذي طَلَبَت
وَالماءُ في سُدُفاتِ اللَيلِ مَنهولُ

فَناشِحونَ قَليلاً مِن مُسَوَّمَةٍ
مِن آجِنٍ رَكَضَت فيهِ العَداميلُ


جران العود النمري

الحمدان
07-06-2024, 11:14 PM
نادِ المَنايا، وقُل لِلرِّيحِ: يا رِيحُ
النَّاسُ في الحَربِ قَتْلَى أَو مَجَارِيحُ

يُسَارِعُونَ إِليها دُونَما سَبَبٍ
كَأنّهم حَطَبٌ لِلنَّارِ مَطروحُ

أَجسادُهُم فَوقَ صَدرِ الأَرضِ عاريةٌ
فَإِنْ تَجِدْ كَفَناً فَالأَثْلُ والشِّيحُ

إِلى متى يَتَخَلَّى الشَّعبُ عَن دَمِهِ
وليسَ يُسعِفُهُ (عِيسَى) ولا (نُوحُ)؟

لا العتْبُ يُوقِظُهُ.. لا السَّوطُ يُلهِبُهُ
ولا يُحَرِّكُهُ هَجْوٌ وتَجرِيحُ

تَجَمَّدَت كَلِماتُ اللهِ في فَمِهِ
وغَامَ في صَدرِهِ ذِكرٌ وتَسبيحُ

مَسَاجِدُ اللهِ في الأَسحارِ صامِتةٌ
تَجَمَّدَت في المَحَارِيبِ التَّراويحُ

القَلبُ مُنفَطِرٌ حُزناً ومُنكسِرٌ
والعَينُ دامِعةٌ, والرُّوحُ مَجرُوحُ

الضَّالِعُونَ الضَّحَايا بِئسَ ما اقتَرَفُوا
هُمُ الزَّنازِنُ فيها والمَفَاتِيحُ

ماذا تَبَقَّى لَهُم مِنهُم؟! ولَيسَ لَهم
في عالَمِ اليَومِ لا نَبضٌ ولا رُوحُ

تَكَاثَرَت في زَمَانِ الرُّعبِ آلِهَةُ الــ
ـفَوضَى جُزَافاً.. فقُل لِلرِّيحِ: يا رِيحُ


عبدالعزيز المقالح

الحمدان
07-06-2024, 11:15 PM
ما الشامُ مَقصدُنا كلّا ولا حلَبُ
لَكن لمكّة منّا ترحلُ النجُبُ

أمُّ القرى لستُ أَنسى إذ تقرّبني
وَالدمعُ من فرَحي في حجرها صببُ

منّت عليّ بِوصلٍ كالخيال مَضى
يهزُّني كلّما اِستحضرته الطربُ

ما العمرُ إلّا أُويقاتٌ ذهبنَ بها
صُفرٌ سِواها وهنّ الخالص الذهبُ

لَو لَم يَكن غير بعثِ المُصطفى سببٌ
لِمَجدها لكفاها ذلك السببُ

فاقَت جميعَ بلاد اللَّه تكرمةً
بهِ وَفاقت به سكّانَها العربُ

شمسُ الهُدى كلّ نورٍ منه مقتبسٌ
لكنّهُ للمعالي كلّها قطبُ

ما جارَ يَوماً زَماني فاِستجرتُ به
إلّا أَتى النصرُ واِنزاحت به الكربُ

لا ترجُ خُلقاً سواه للندى أبداً
فعندَ هذا المرجّى يَنتهي الطلبُ


يوسف النبهاني

الحمدان
07-06-2024, 11:20 PM
يا رُبَّ حُسَّانةٍ منهن قد فعلت
سوءًا وقد يفعلُ الأسواءَ حُسَّانُ

تُشْكِي المُحِبَّ وتُلقى الدهرَ شاكيةً
كالقوس تُصمي الرمايا وهي مِرنانُ



ابن الرومي

الحمدان
07-06-2024, 11:21 PM
‏إنّ الملوكَ إذا شابتْ عبيدُهم
في رقهم عتقوهُم عتق أبرار

وأنتَ يا خالقي ... أولى بذا كرماً
قد شبتُ في الرّق فاعتقني من النار



فارس المصري

الحمدان
07-06-2024, 11:22 PM
سَأُضمِرُ وَجدي في فُؤادي وَأَكتُمُ
وَأَسهَرُ لَيلي وَالعَواذِلُ نُوَّمُ

وَأَطمَعُ مِن دَهري بِما لا أَنالُهُ
وَأَلزَمُ مِنهُ ذُلَّ مَن لَيسَ يَرحُمُ

وَأَرجو التَداني مِنكِ يا اِبنَةَ مالِكٍ
وَدونَ التَداني نارُ حَربٍ تَضَرَّمُ

......

الحمدان
07-07-2024, 10:48 AM
أبدى شمائلَ جفوةٍ وبِعادِ
خِلٌّ عهدْناهُ أخا إسعادِ

وأطاعَ سُلطانَ الهوى ولطالما
أعيا نُهاهُ مكائدَ الحُسّادِ

وازورّ منه جانبٌ وتقلّصتْ
تلك الظلالُ وجفّ ذاك الوادي

وتكدرتْ تلك المناهلُ بعدما
صفتِ المياهُ بها على الإيراد

عفّى رسومَ مودةٍ قد شادها
قِدْماً برأي نُهًى وفرطِ سَدادِ

وا رحمتاه لواثقٍ بودادكم
خجِلٍ أضلّ مناهجَ الإرشادِ

ظنّ الزمانُ بمخلصٍ في ودّه
سمْجاً فضنّ وجاءَ بالمُعتادِ

عجباً لذاك البشْرِ عادَ تجهّماً
ومن المُحالِ نتائجُ الأضدادِ

أهملتُ حفظُكمُ مَعيني قانعاً
بتحمّلٍ بين العشيرةِ بادِ

فجبهتموني بالقبيح مِلالةً
هذا جزاءُ المُكثرِ المتمادي

ليستْ بأوّلِ وقفةٍ مذمومةٍ
خابتْ لديها صفقةُ الأمجادِ

ما كنتُ أولَ من تكلّفَ عِشرةً
تَسْبي برونقها نُهى المرْتادِ

دعوى التصابي في الأنامِ كثيرةً
لكنّ صدقَ الودّ في آحادِ

ما كنتُ بالزَيْف الرديّ وإنما
قلّتْ فديتُك خِبرةُ النُقّادِ

لا تُكرِهَنّ على المودةِ إنها
ليستْ تجودُ لعاشقٍ بقيادِ

هي شيمةٌ منه احتوتْ متغرِّباً
وصبَتْ لمؤثرِ هجرةٍ وبِعادِ

بدرٌ تجلّى للكُسوفِ وطالما
جلّى دياجي كلِّ خطب عادِ

وسراجُ هَدْيٍ كنتُ آنسُ قربَه
فخَبا سناهُ بعدما إيقادِ

شِمْتُ اعتزامُك بارقاً ومهنّداً
ذُخْراً ليومِ جَدا ويومِ جِلادِ

فانهلّ ذاك وما ظفِرْتُ ببَلّةٍ
منه لأشهرَ ذا عليّ أعادي

قلبي جَنى يا غادرين فما لكمْ
عذبتُمُ جَفْني بطول سُهادِ

أتنوحُ ورقاءُ الحَمام وإلفُها
يشدو بفرع أراكِها المُنآدِ

يبكي وما يطوي الضلوعَ على جوى
حُرَقٍ تلظّى في صميمِ فؤادي

وألوذُ بالصبرِ الجميلِ ولم أفُزْ
من عذْبِ خالصِ ودِّكُم بِبرَادِ

لا قرّ طرفي بالوصالِ ولا دَنا
بدُنوّ داركُمُ إليّ مُرادي

إن صنتُ دمعَ العينِ بعد عظيم ما
لاقيتُ من فَجْعي بأهلِ وِدادي


ابن قلاقس
العصر الاندلسي

الحمدان
07-07-2024, 01:12 PM
من علَّم القلبَ ما يُملى من الغَزَلِ
نوحُ الحمام له أَمْ حَنَّةُ الإبلِ

لا بل هو الشوقُ يدعو في جوانحنا
فيستجيبُ جَنانُ الحازم البطلِ

لكلِّ داء نِطاسىٌ يلاطفهُ
فهل شفاك طبيبُ اللوم والعذلِ

بيْنٌ وهجرٌ يَضيع الوصلُ بينهما
فكيف أرجو خِصام الحبِّ بالملَلِ

يُميت بثِّىَ في صدرى ويَدفِنه
أنى أرى النَّفث بالشكوى من الفشلِ

هن اللآلىء حازتها حمولُهمُ
وإنما أبدلوا الأصداف بالكِلل

ولستُ أدرِي أبا الأصداغِ قد كَحَلا ال
أجفان أم صبغوا الأصداغَ بالكَحَلِ

ما يستريب النقا أنَّ الغصون خطت
عليه لكن بأوراقٍ من الحُللِ

من يشهد الركبَ صرعىَ في محلّهِمُ
يدعوه رَمْسا ولا يدعوه بالطلل

قد أَلِفَ الحىُّ من مسراكِ طارقةً
تبيتُ أحراسُهم منها على وجلِ

أمسى شجوبى وإرهافي يُدلِّسنى
على الرقيب بسُمرٍ بينهم ذُبُلِ

لم يسألوا عن مقامي في رحالِهمُ
إلا أتيتُ على الأعذارِ والعِللِ

لله قومٌ يُبيحون القِرَى كرما
وينهرون ضيوفَ الأعينِ النُّجُلِ

لو عِدموا البيَض والخَطِّىَّ أنجدَهم
ضربٌ دِراكٌ ورشْقاتٌ من المُقلِ

كأنما بين جَفْنَىَ كلّ ناظرةٍ
ترنوِ كنانةُ رامٍ من بنى ثُعَلِ

لا روضُ أوجههم مَرعىَ لواحظنا
ولا اللَّمَىَ مَوردُ التجميش والقُبَلِ

تحكى الغمامةَ إيماضا مباسمُهم
وليس يحكينها في جَوْدها الهطِلِ

خافوا العيونَ على ما في براقعهم
من الجمال فشابوا الحسنَ بالبَخَل

يا رائد الركب يستغوى لواحظَهُ
برقٌ يلاعب ماءَ العارض الخَضِلِ

هذا جَمال الورى تُطفى مناصلُه
نارَ القِرَى بدماء الأينُق البُزُلِ

لا يسأل الوفدَ عمّا في حقائبهم
إن لم يوافوا بها ملأى من الأملِ

وما رعين المطايا في خمائله
إلآ سخَطن على الحَوْذانِ والنَّفَلِ

إنِ امتنعتَ حياءً من مواهبه
أولاكها بضروب المكرِ والحيلِ

قصَّرتِ يا سحبُ عن إدراك غايتهِ
فما بروُقك إلا حُمرةُ الخجلِ

ومصلح بين جدواه وراحته
يسعى ويكَدح في صلح على دَخَلِ

سيفٌ لهاشمَ مسلولٌ إذا خشُنتْ
له الضرائبُ لم يَفرَقْ من الفَلَلِ

في قبضة القائم المنصور قائمُهُ
وشَفرتاهُ من الأعداء في القُللِ

بيضُ القراطيس كالبِيِض الرِّقاق له
وفي اليراع غِنّى عن اسمرٍ خطِلِ

وطالما جدَّلَ الأقرانَ منطقُه
حتى أقرُّوا بأنّ القولَ كالعملِ

يوَدُّ كلُّ خصيم أن يعمِّمهُ
فضلَ الحسام ويُعفيه من الجدَلِ

ما البأس في الصَّعدة الصَّماَّء أجمعه
في القول أمضَى من الهندىِّ والأسلِ

ومستغرِّين بالبغيا مزجتَ لهمْ
كيدا من الصَّابِ في لفظٍ من العسلِ

ما استعذبت لَهَوَاتُ السمع مشربَهُ
حتى تداعت بناتُ النفسِ بالهبَلِ

أطعتَ فيهم أناةً لا يسوِّغها
حلمٌ وقد خُلق الإنسانُ من عجلِ

ثم اشتَمَلْتَهُمُ الصَّماَءَ فانشعبوا
أيدِى سَبَا في بطون السهل والجبلِ

ليس الرُّقَى لجميع الداء شافيةً
الَكُّى أشفَى لجلدِ الأجربِ النَّغِلِ

قل للُعريبِ أنيبى إنها دولٌ
والطعنُ في النحر دون الطعنِ في الدولِ

هيهات ليس بنو العباس ظلُّهمُ
عن ساحة الدين والدنيا بمنتقلِ

حَمَى حقيقتَهم مُرٌّ مَذاقَتُهُ
موسد الرأى بين الرَّيثِ والعجلِ

موطَّأُ فإذا لُزَّت حفيظتُه
تكاشر الموتُ عن أنيابهِ العُصُلِ

إيها عقيل إذا غابت كتائبُهُ
فُزتم وإن طلعتْ طِرتم مع الحَجَلِ

هلاَّ وقوفا ولو مقدار بارقةٍ
وما الفِرار بمنَجاةٍ من الأجلِ

فالهَىْ عن الرِّيف يا فَقْعاً بقَرقَرةٍ
وابغى النزولَ على اليَربوع والوَرَلِ

نسجُ الخَدَرنَقِ من أغلى ثيابكُمُ
وخيرُ زادِكُمُ دَهُريَّة الجُعَلِ

إن يعَهدوا العزَّ في الأطنابِ آونةً
فذا أوانُ حُلول الذلّ في الحُلَلِ

ترقَّبوها من الجُودى كامنةً
في نقعها ككمون الشمس في الطَّفلِ

إن عُطفتْ عنكُمُ يوما فإنَّ غداً
مع الصباح توافيكم أو الأُصُلِ

بكلّ مرتعدِ العِرنين ما عرَفَتْ
حَوْباؤه خُلُقَ الهيّابةِ الوَكَلِ

تدعُو على ساعديه كلَّمَا اشتملتْ
على حنِيتَّه الأرواحُ بالشَّللِ

في جَحفلٍ كالغمام الجَوْنِ ملتبسٍ
بالبرق والرّعد من لَمعٍ ومن زَجَلِ

يُزجِى قَوارحَ فاتت باعَ مُلجمِها
كأَنَّ راكبَها موفٍ على جبلِ

عوَّدها الكرَّ والإقدامَ فارسُها
فأنت تحسَبُها صدرا بلا كَفَلِ

أمَا سمعتم لبولاذٍ وأسرتِهِ
أحدوثةً شَرَدت فوضَى مع المَثَلِ

إذ حطَّه الحَيْنُ من صمَّاء شاهقةٍ
لايلحَق الموتُ فيها مهجةَ الوَعِلِ

فخرَّ للفمِ والكفَّين منعفراً
إنّ السيوفَ لمن يَعصيك كالقُبَلِ

تعافه الطيرُ أن تقتاتَ جثَّتَهُ
لعلمها أنه من أخبث الأُكُلِ

الأرضُ دارُك والأيامُ تُنفقها
على بقائك والأملاكُ كالخَوَلِ

متِّع لواحظّنا حتّى نقولَ لها
لقد رأيتِ جميعَ الناس في رجلِ


صدرد

الحمدان
07-07-2024, 01:13 PM
لا أعِذر المرءَ يصبو وهو مختارُ
الحبُّ يُجمَعُ فيه العارُ والنارُ

فعارُه سَفَه العذَّال إن هَجروا
ونارُه حُرَقٌ إن شطّت الدارُ

لولا كَهانة عينى ما درت كبِدى
أن الخِمارَ سحابٌ فيه أقمارُ

يُهوىَ بياضُ محيّاها وحُمرتُهُ
كما يروقك دِرهامٌ ودينارُ

إيهٍ أحاديث نَعْمانٍ وساكنه
إنّ الحديثَ عن الأحباب أسمارُ

يا حبذا روضُة ألأحوىَ إذا احتجَبتْ
عنّى الثغورُ حكاها منه نُوّارُ

وحبَّذا البانُ أغصانا كَرُمنَ فما
لهنَّ إلا الحمَامُ الوُرقُ أثمارُ

ظلِلتَ مُغْرىً بذي عينينِ تعذُله
وقبلَه قد تعاطى العشقَ بشّارُ

عند العذول اعتراضات ومَعنفةٌ
وفي العتاب جواباتٌ وأعذارُ

لا سنَحتْ بعدهم عُفرُ الظباء ولا
ترَّجحتْ في الغصون الخُضْر أطيارُ

كأننى يومَ سُّلمانَيْنِ قد علِقتْ
بِي من أُسَامةَ أنيابٌ وأظفارُ

أفِّتُش الريحَ عنكم كلَّما نفحتْ
من نحو أرضكم نكباءُ مِعطارُ

وأسأل الركبَ أنباءً فيكتمُنى
كأنّكم في صدورِ القوم أسرارُ

حتى الخيال بدا جنبى ليوهمَنى
قُربا ومن دونكم بيدٌ وأخطارُ

ما تطمئنُّ بكم دارٌ كانّ عَلا
ءَ الدِّين مطلبُه في حيِّكم ثارُ

هو الذي لو حمىَ مَرعىً لما سَرحتْ
سوائم الدهر إلا حيث يختارُ

ولو تُجاوره الأغصانُ ما خطَرت
ريحُ النُّعامىَ عليها وهي مغوارُ

يُحكَى له في المعالى كلُّ مأثُرةٍ
تُصبى القلوبَ وتُروَى عنه أخبارُ

عظَّمتُمُ مَن له في المجد مَكُرمةٌ
وأين ممَّن له في المجدِ آثارُ

أنَّى أقام فذاك الشَّعبُ منتجَعٌ
وكلُّ يومٍ يُحيَّا فيه مختارُ

لولا ضمانُ يديه رىَّ عالَمِهِ
لجاءت السُّحبُ من كفَّيه تمتارُ

يلقَى العُفاةَ ببشرٍ شاغلٍ لهمُ
عن السؤال وللأنواء أنوارٌ

وحظُّته في العطايا أنَّ راحتَه
بين العُفاةِ وبين الرِّفدِ سُمّارُ

أخو المطامعِ بلقاه بِذلَّتها
وينثنِى وهو في عِطفْيه نَظَّارُ

أفنىَ الرجاء فما للخيل ما نحتوا
من السروج ولا للعِيس أكوارُ

لا يَنهَبُ الشكرَ إلا من كتائبِه
يومَ التغاورِ أضيافٌ وزُوّارُ

إذا القِرَى عَقَرت أُمَّ الحُسوارِ له
رأيته وهو للآمال عَقَّارُ

لله مقتبلُ الأيام همّتهُ
لها من البأس والإقبال أنصارُ

ثِقْ بالنجاح إذا ما اجتاب سابغةً
لها الثرّيا مساميرٌ وأزرارُ

لا يتوارى ضميرِّ عن سريرته
كأنما ظنُّه للغيب مِسبارُ

من الورى هو لكن فاقهم كرما
كذلك الدرُّ والحصباءُ أحجارُ

بأىِّ رأىٍ أبو نصرٍ يجاذبه
حبلَ الخلاف وبعضُ النقضِ إمرارُ

أما رأى أنَّ ليثَ الغاب مجتمعٌ
لوثبةٍ وفنيقَ النِّيبِ هَدّارُ

ولا جُناحَ على مُرسٍ كلا كلَه
إذا تقدّم إعذارٌ وإنذارُ

بدأتَهُ بابتسامٍ ظنَّه خَوَرا
فاغتَّر والكوكبُ الصبحىّ غرَّارُ

الآن إذ كشفَتْ عن ساقها ورمت
قناعَها الحربُ والفُرسان أغمارُ

غدَا يمسِّح أعطافَ الردَى ندما
وكيف تنهضُ ساقٌ مُخُّها رارُ

يُغشِى السفائنَ نيرانَ الوغَى سفَها
والنارُ أقواتُها الأخشابُ والقارُ

إن كان للأجَم العادىِّ مدّرعا
فالليثُ بين يراع الخيس مِذعارُ

أو كان يغترُّ بالأمواه طاميةً
فإن بالقاعِ من كَفيْه تيّارُ

إذا ترنَّم حَولىُّ البعوضِ له
ترنَّمت في قسى الترُّكِ أوتارُ

أنجِزْ مواعيدَ عزمٍ أنتَ ضامنُها
ولا يُنهنِهْكَ إِردبٌّ وقِنطارُ

فإنما المالُ رُوحٌ أنت مُتلفُها
والذِّكرُ في فلواتِ الدهر سَياَّرُ

لا تتَّرِكْ نُهزَةً عنَّتْ سلَّمَةً
إلى علاك فإن الدهرَ أطوارُ

وما ترشحَّ يومُ المِهرَجانِ لها
إلا وللسعدِ إيراد وإصدارُ

لما رآك نوى نَذار يقومُ به
حتى أتاك وشهرُ الصوم مِضمارُ

وقد زففنا هداياه مُنمنَمةً
كأنّها في رقاب المجد تِقصارُ

ولستُ أرخصُ أقوالى لسائمها
إلا عليك وللأشعارِ أسعارُ


صدرد

الحمدان
07-07-2024, 01:13 PM
أَلَكم إلى ردِّ الشباب سبيلُ
أم عندكم لمشيبه تأويلُ

نُورٌ من الشعَراتِ ليتَ افولَه
فيها طلوعٌ والطلوعَ أفولُ

ما كان يشفع لى فجدَّد هِجرةً
فِقدانُهُ لكنّه تعليلُ

يا ليته جَنَبَ الغرامَ وراءه
فيقالَ لا غِرٌّ ولا معذولُ

ها تلك أشجانى كما خلَّفتها
لعبَ الزمانُ بها وليس تحولُ

يقتادُنى البرقُ اليمانِ كأنه
من عند إيماضِ الثغور رسولُ

وكأَنَّ قلبي والمهامهُ بيننا
جىٌّ على وادى العِضاهِ حُلولُ

تُفتِى براقِعُهم وما استفتيتُها
أنّ اللِّحاظَ إذا اختُلسنَ غُلولُ

اُنظر خليلى من قَرَارٍ هل ترى
قَطَنا فطَرفُ العامرىِّ كليلُ

وحلفتُ ما بَصِرى بأصدقَ منكما
نظرا ولكنَّ الغرامَ دليلُ

قالوا الديارُ وقد وقفت فزدانى
بثًّا رسومٌ رثَّةٌ وطلولُ

ونَشِقتُ خفّاقَ النسيم فما شفا
دائى وهل يشفِى العليلَ عليلُ

وكَرعتُ سَلسالَ الغدير وليس ما
بُلّ الشفاهُ به يُبَلُّ غليلُ

يا ضالة الوادى أَحُثّ مطيَّتى
أم عند ظبِيِك في الكناسِ مَقيلُ

عيناه أسلمُ لي ويُعجِبُ ناظرى
مُقَلُ كأن لحاظَهنُّ نُصولُ

مُقَلٌ لغِزلانِ الحِجازِ وسِحرُها
من بابلٍ مستجلَبٌ منقولُ

ولقد طرقتُ البيتَ يُكره ربُّه
والشوقُ ليس يَعيبه التطفيل

أيظُنُّ من عَقَر النجائبَ قومُها
الدماءَ جميعَها مطلولُ

من دون سفكِ مدامعى ما شئت من
حِلْم ودون دمىِ تغولك غولُ

وأنا امرؤٌ لو مُدَّ من غُلوَائه
نطقى لقيل كلامُه تنزيلُ

لا يطمع العظماءُ في مدحى ولا
طمَعى على أبوابهم معقولُ

ولو استطعتُ لما اغتبقتُ بشَربةٍ
مما يَمُدُّ فُراتُهم والنيلُ

وإذا تأملتُ الرجالَ تفاوتت
قِيَما وميَّز بينها التحصيلُ

بعضٌ همُ غُرر الجيادِ وبعضُهم
بين السنابك والصِّفاقِ حُجولُ

مِثل الِّحُلى دمالجٌ وخلاخلٌ
منه ومنه التاجُ والإكليلُ

لولاهُمُ غرَبتْ شموسُ محاسنٍ
وهوَى ببدر المكرمَات أُفُولُ

تبًّا لهذا الدهر لا مِيزانُه
قِسْطٌ ولا في قَسمه تعديلُ

جَوْرٌ يساوى عالما متعالمٌ
فيه ويُشبِهُ فاضلا مفضولُ

لا درَّ دَرُّ المرء يقطعُ دهرَه
رِخوَ الإزارِ وعزمُه مفلولُ

الَبيدُ تزرعُها المناسمُ وهي لا
تدرى أعرضُ شَوطُها أم طولُ

واليَعْمَلاتُ سياطُها وحذاؤها
نسبٌ نماه شَدقُم وجديلُ

فإذا كمالُ الملكِ سَحّ سحابُهُ
نبتَ الرجاءُ وأثمر المأمولُ

سبقت مواهبُه المديحَ فظنَّ مَن
عجِلتْ إليه أنها بِرطيلُ

عجِلٌ إلى المعروف يَحسبَ أنه
ظلٌّ إذا لم يغتنمه يزول

كثُر الكلامُ به وفي أمثالهم
من قبله أ الكرام قليلُ

وإذا جرى في غايةٍ شهِدت له
أن لا مخلِّقَ في مَداه رسيلُ

ضلَّتْ ركائبُ من يؤمُّ طريقَه
إنّ العلاءَ سبيلهُ مجهولُ

يتوارث المجدَ التليدَ بمعشر
أدنَتْ فروعَهمُ إليه أُصولُ

جازوا على عَنَت الحسودِ فلم يجد
عيبا وماذا في النجوم يقولُ

لهمُ إذا كرمُ الطباعِ هززْتَهُ
نصلٌ وأنت الرونقُ المحلولُ

وإذا انتهى نسبٌ إليك فإنه
فَلَقُ الصباح مع الضُّحى موصولُ

ولقد شددتَ وَثَاقَ كلِّ مُلَّمةٍ
يُلوَى عليها مُبَرمٌ وسحيلُ

وحمَيت أوطانَ الأمور وإنما
كانت غماما بالدماء تسيلُ

وإذا التقت حِلَقُ البِطان فإنما
يكفيك ثَمَّ رسالةٌ ورسولُ

بدلا من القُب العِتاق ضوامرٌ
رُقشُ المتونِ صريرُهن صهيلُ

يَنبُتنَ مثل الروض إلا أنّه
ترعاه أسماعٌ لنا وعقولُ

ومن الصِّفاح البِيض كل صحيفةٍ
لنزاعها بالراحتين صليلُ

سحَبت لكَ الأيامُ ردائها
مَرَحا يدوم بقاؤه ويطولُ

وتتابعت حِججٌ يؤرِّخ عصرَها
عُمرٌ به خُلدُ الزمان كفيلُ

ينتابك النوروز يجنُب إِثَرهُ
أعوامَ سعدٍ كلُّهن صقيلُ

هو خطةٌ همَّ المُصيفُ بقصدها
شوقا ونادى بالشتاء رحيلُ

أخذ الربيعُ زمامه حتى استوى
في عارضيه نبتُه المطلولُ

بك أشرقت إيّامه فكأننا
في عصِر كِسرَى يَزْدَجِرْدَ نُزولُ


صدرد

الحمدان
07-07-2024, 01:14 PM
حرامٌ علىَّ طُروقُ الديارِ
ما دام فيها الغزالُ الربيبُ

أشاهد في جانبيها هواىَ
لغيري وماليَ فيه نصيبُ

وقد كان فوضَى فكان المنى
تعللنى والتمنِّى كذوبُ

فلمَّا تصيَّده قانصٌ
ألدُّ على ما حواه شَغوبُ

تداويتُ من مرضٍ في الفؤاد
بيأسىَ واليأسُ بئسَ الطبيبُ

فقد وهبَ الثأرَ ذاك الحريصُ
ونام على الحقدِ ذاك الطلوبُ

ومن عزَّ مطلبُه مُهمَلا
فكيف به وعليه رقيبُ

فلا حظَّ فيه سوى لمحةٍ
تُنافس فيها العيونَ القلوبُ

وُجود الأمير بأمثاله
فكلُّ بعيدٍ عليه قريبُ

وهوب الجيادِ وبيضِ القِيا
ن والظبي يرتجُّ منه الكثيبُ

وعَقَّار كُومِ الصَّفايا إذا
تعذَّرَ عند الضُّروع الحليبُ

تَعيثُ الأخلاّءُ في ماله
كما عاث في جانب السِّربِ ذيبُ

وما يسحَرُ القولُ أخلاقَهُ
ولكنّه الكرمُ المستجيبُ

ظفِرتَ وويلُ امّها حُظوةً
ببدرٍ تُزرُّ عليه الجيوبُ

إذا رُدِّد الطَّرفُ في حسنه
أثار البديعَ وماج الغريبُ

عُبوسٌ يُولَّد منه السرورُ
ومن خُلُقِ الخندريسِ القُطوبُ

وتيهٌ كأَنْ ليس بدرُ السماء
يُلمُّ الكسوفُ به والغُروبُ

ولولا حياءٌ تقمَّصتُهُ
لأجلكَ حجَّ إليه النسيبُ

سأطوِى على لَهبٍ غُلَّتى
إلى أن يُعطَّلَ ذاك القَليبُ

وأعلمُ أنْ سيباحُ الحمى
إذا أظهر الشَعراتِ الدبيبُ

طِرازٌ ينمنُمِ في العارضيْن
يُزَّينُ منه الرداء القشيبُ

فما ذلك الحسنُ مستقبَحا
بشَعرٍ ولو لاح فيه المشيبُ


صدرد

الحمدان
07-07-2024, 01:14 PM
لَجاجةُ قلبٍ ما يُفيق غُرورُها
وحاجةُ نفسٍ ليس يُقضَى يسيرُها

وعينٌ إلى الأطلالِ تُزجِى سحابَها
إذا لوعةُ الأحشاءِ هبَّ زفيرُها

أكلَّفها هطلا على كلِّ منزلٍ
فلو أنها أرضٌ لغارت بُحورُها

وما تجمع العينُ التوسُّمَ والبكا
فهل تعرفانِ مقلةً أستعيرُها

وقفنا صفوفا في الديار كأنها
صحائفُ ملقاةٌ ونحن سطورُها

يقول خليلى والظّباء سوانحٌ
أهذى التي تهوى فقلت نظيرُها

لئن أشبهتْ أجيادُها وعيونُها
لقد خالفت أعجازُها وصدورُها

فيا عجبى منها يَصُدّ أنيسُها
ويدنو على ذُعرٍ إلينا نَفورُها

وما ذاك إلا أنَّ غِزلانَ عامرٍ
يثقنَ بأن الزائرين صُقورُها

ألم يكفِها ما قد جنتهُ شموسُها
على القلب حتى ساعدتها بدورُها

نكَصنا على الأعقاب خوفَ إناثها
فما بالها تدعو نَزالِ ذُكورُها

ووالله ما أدرى غَداة نظرنَنا
أتلك سهام أم كئوسٌ تديُرها

فإن كنَّ من نَبلٍ فأين حَفيفُها
وإن كنَّ من خمرٍ فأين سرورهُا

أيا صاحبىّ استأذنا لىَ خُمْرَها
فقد أذِنتْ لي في الوصول خدورُها

هباها تجافتْ عن خليلٍ يروعُها
فهل أنا إلا كالخيال يزورُها

وقد قلتما لي ليس في الأرض جَنّةٌ
أما هذه فوق الركائب حُورُها

فلا تحسَبا قلبي طليقا فإنما
لها الصَّدرُ سجنٌ وهو فيه أسيرُها

يعِزُّ على الهِيم الخوامسِ وِردُها
إذا كان ما بين الشفاه غديرُها

أراكَ الحمى قل لي بأَيّ وسيلةٍ
وصلتَ إلى أن صادفتك ثغورُها

ومالي بها علمٌ فهل أنت عالم
أأفواهها أولى بها أم نحورُها

يطيب النسيمُ الرطبُ في كلّ منزلٍ
وما كلُّ أرض يستطابُ هجيرُها

وأنَّ فروعَ البان من أرض بِيشَةٍ
حبيبٌ إلىّ ظلُّها وحَرورُها

أَلذُّ من الورد الجنىّ عَرارُها
وأحلىَ من الشهدِ المصفَّى بَريرُها

على رِسْلكم في الحبّ إنّا عصابةٌ
إذا ظفِرتْ في الحبِّ عفَّ ضميرُها

سَواءٌ على المشتاق والهجر حظُّه
أألقت عصاها أم أجدَّ بُكورُها

لعمرُك ما سحرُ الغوانى بقادرٍ
على ذات نفسي والمشيبُ نذيُرها

وما الشَعراتُ البيضُ إلا كواكبٌ
مطالعُها رأسى وفي القلب نُورُها

ضياءٌ هدانى فاهتديتُ لماجدٍ
سُهولُ المعانى طُرقُه ووُعورُها

أجابَ به اللهُ الخلافةَ إذ دعت
وزيرا فكان من أجنَّ ضميرُها

به غَصَّ ناديها وأشرقَ سعدُها
وأُفعمَ واديها وسُدّت ثُغورُها

تَباهَى به يومَ الرحيل خيامُها
وتُزهَى له يومَ المقام قصورُها

وقد خفيتْ من قبله معجزاتُها
فأظهرها حتى أقرّ كَفورُها

فما رأيه إلا سمُوطُ لآلىء
يرصَّع منها تاجُها وسريرُها

ولا عجبٌ أن تستطيلَ عِمادُها
وهذا الهمامُ الأريحىّ وزيرُها

فقل للّيالي كيف شئتِ تقلَّبي
ففي يدِ عبلِ الساعدينِ أمورُها

يدٌ عبِقت بالمكرُمات وضُمِّختْ
وما الطيبُ إلا مِسكها وعبيرُها

إذا كان خاتامُ الخلافةِ حَلْيَها
فأىّ افتخار يستزيد فَخورُها

وما صيغ لولا معصماهُ سِوارُها
ولا صين لولا مَنكِباه حريرُها

أمانىُّ في صدور الوزارةِ بُلغِّتْ
به كُنهَها حتى استحقَّتْ نُذورُها

لوتْ وجهها عن كلّ طالب مُتعةٍ
إلى خاطبٍ حِلٍّ عليه سُفورُها

ومن ذا كفخر الدولة اتامها له
وما كلُّ نجم في السماء منيرُها

اَلانَ رأينا في مجالس عزِّها
مجالسَ تُملاَ بالعَلاء صدورُها

كأنَّ على تلك الأرائك ضيغما
له نأَماتٌ لا يجابُ زئيرُها

إذا مَثَلَ ألأفوامُ دون عَرينهِ
تساوَى به ذو طيشها ووقورُها

تكاد لِما قد أُلبست من سكينةٍ
ترِفُّ على تلك الرؤوس طيورُها

دعوا المجد للرّاقى إلى كل قُلَّةٍ
يُشقُّ على العَوْدِ الذلول خُدورُه
ا
لذى الخطَراتِ المخبراتِ يقينَه
بمستقبَل الحالاتِ ماذا مصيرُها

ألم تعلموا أن النعائمَ في الثرى
وأن البُزاةَ في الشِّعاب وُكورُها

وقد علمت أبناءُ هاشمَ كلُّها
بأي ابن هَمٍّ قد أمِرَّ مَريرُها

بمكتهلِ الآراء لو زاحموا به
جبالَ شَروْرَى لارحَجنَّت صُخورُها

مقيم بأطرافِ المكارم سائل
ركابَ بنى الحاجات أين مسيرُها

جزى اللهُ ربُّ الناس خيرَ جزائه
ركائبَ تخَدِى بالمكارم عِيرُها

وأسقَى جيادا سِرنَ بالبأس والندى
من الساريات الغاديات غزيرُها

تناقلن من علياءِ دارِ ربيعةٍ
وبكرٍ بأنواءٍ يفيض نميرُها

تخطَّت شُعوبا من ذؤابة عامرٍ
لها العزُّ حامٍ والنجاحُ خفيرُها

وساعدها من آلِ جُوثَةَ عصبةٌ
إذا ثوّب الداعى يعزُّ نصيرُها

حماةُ السيوف والرماح حِمَامُها
وأحشاءُ ذؤبانِ الفلاة قبورُها

قِبابهم السمرُ الطوالُ عِمادُها
ومُقرَبَةُ الخيلِ العتاقِ ستورُها

وأفنيةٌ مثلُ الروابى جِفانها
ومثل الجبال الراسيات قدورُها

إذا طَرقَ الأضيافُ غنَّت طلابُها
وناحت بشجوٍ شاتُها وبعيرُها

فما خَطَت الجُودِى حتى تراجفتْ
إليهنّ آكام العراقِ وقُورُها

وكادت لها بغدادُ يوم تطلّعت
تسيرُ مغانيها وتَجمحُ دُورُها

فلم تك إلا هِجرةٌ يثربيَّةٌ
حقيقٌ على رهطِ النبىِّ شُكورُها

فلله شمسٌ مغربُ الشمسِ شرقُها
وفي حيثما شاءت طُلوعا ذُرورُها

أعدْتَ إلى جسم الوزارة رُوحَهُ
وما كان يُرجَى بعثُها ونُشورُها

أقامت زمانا عند غيرك طامِثًا
وهذا الزمان قُرءُها وطَهورُها

من الحقّ أن يُحبَى بها مستحقُّها
ويُنزَعَها مردودةً مستعيرُها

إذا ملك الحسناء من ليس كفؤها
أشار عليها بالطلاقِ مُشِرُها

أظنَّ ابنُ دارستَ الوزارةَ تَلعةً
بفارسَ قد عُدَّتْ عليه بُدورُها

وإن هضاب المجد ليست بمَزلَقٍ
لأحنفَ كابى الحافرين عُثورُها

ألمَّا يكن في نسجِ تُوَّجَ شاغلٌ
له عن تعاطى رتبةٍ لا يطورُها

أقول وقد واراه عنّا حِجابهُ
رويدَكَ دون الفاحشات سُتورُها

وأعلقه بابن الحُصيْن سفاهةٌ
ألا خابَ مولاها وساء عشيرُها

فأعدَى إليه رَأيَهُ فأباده
كما أهلك الزَّبَّاءَ يوما قَصيرُها

وهل نجمه الهاوى سوى دَبَرانها
وهل ريحُه الهوجاءُ إلا دَبورُها

وأطربه تحت الرِّواق نُهاقُه
وليس يروق الأُتْنَ إلا حَميرُها

وما كان طنّى أن للذئب وقفةً
وقد جرَّ أرسانَ الأمور هَصورُها

فأرضُ رُعاءِ البَهْمِ إلا تُقِرَّه
يُعقَّرْ بنابٍ لا يُبِلُّ عقيرُها

ولا تُلقيَنَّ البأسَ عند احتقارهِ
ألا ربما جر الخطوبَ صغيرُها

بودّىَ لو لاقيتُ مجدَك تالياً
مناقبَ أُسديها له وأَنيرُها

ولكننى أبعدتُ في الأرض مذهبى
لإعزاز نفسٍ قد جفاها عَذيُرها

وهجهجَ بي عن أرض بغدادَ ذِلةٌ
كوخز سنانِ السمهرىّ حُصورُها

لأمثالها تعلو الجيادَ سُروجُها
ويلتقم الحَرْفَ العَلَنداةَ كُورُها

فكدت بأن أنسى لذاك فصاحتى
سوى أنّ طبعا في الحمَام هديرُها

تركنا رُبَى الزوراء ينزو خِلالَها
جَنادبُ يعلو في الهجير صَريُرها

وقلتُ بلادُ الله رحبٌ فسيحةٌ
فهل معجزى أفحوصة أستجيرُها

وقد تترك الأسدُ البلادَ تنزُّهاً
إذا ما كلابُ الحيّ لجَّ هريرُها

أقامت بمثواك الليالي مُنيخةً
مكرَّرةً أيامُها وشُهورُها

يؤرَّخُ من ميلاد سعدك عَصْرُها
وتُحصَى بأعمار النسور دُهورُها

فدونكها للتاج يُبتاع دُرُّها
فَرزدقُها غَوَّاصها وجَريُرها

وقد زادها حسنا لعينيك أنها
على مسمعَىْ داود يُتلَى زَبورُها


صردر

الحمدان
07-07-2024, 01:14 PM
قالوا وزيرانِ هوَى نجمُ ذا
ونجمُ هذا قد علا طالعا

كذلك الدهرُ يُرَى خافضا
طورا وطورا قد يُرَى رافعا

قلتُ قياسٌ ويحْكم زِبْرِجٌ
جوهرُه لا يقبلُ الطابعا

هذا أتى من آمدٍ ساميا
وذا أتى من فارسٍ خاضعا

كم بين من وُلِّىَ من فوقها
فقرَّ في مركزها وادعا

وبين من رُقِّىَ من تحتها
فخرَّ من ذِروتها واقعا

نطَّرِحُ الباطنَ ما بيننا
ونستفيدُ الظاهر الذائعا

ابِن جَهيرٍ وابنُ دارسْتِكم
بأىِّ لفظٍ يُعجِبُ السامعا

أليس مطبوعا على قلبه
من ظنَّ تيسا أسدا رائعا


صدرد

الحمدان
07-07-2024, 01:15 PM
من رأَى المجدَ يُثير القِلاصا
والعُلا تُزجى العِتاقَ الخِماصا

والقِبابَ البيضَ قد وعَدُوها
بالمعالى فاستطالتْ خِراصا

بعميد الدولةِ الأرضُ تُطوَى
حين لا ترجو النجومُ خَلاصا

وفجِاجُ السعى بين يديه
تشترِى الآمالَ منه رِخاصا

مذ رأيناهُ سحابا عجِبنا
كيف يحتلُّ ويأوِى العِراصا

كرمٌ فاضَ فما اختصَّ أرضا
دون أرضٍ بنداه اختصاصا

من يحبّ العزّ يَدأبْ إليه
وكذا من طلب الدُّرَّ غاصا

قرّت الأعينُ بالقربِ منه
فأراد البعدُ منها القِصاصا

لو مَلكنا الأرضَ أو لو أطقنا
لسَددنا برُباها الخَصاصا

وعقَلنا الناجياتِ خلاءً
وربَطنا المُقْرَباتِ ارتهاصا

فهِمتْ ما حمَلتْ في ذُراها
من جمالٍ فارتقصنَ ارتقاصا

ماجدٌ إن خاف أسهمَ ذمٍّ
لبس الجودَ عليه دِلاصا

أدواتُ الفخرِ ألقَّنَ فيه
حسَبا عِداًّ وعِرقا مُصاصا

رُبَّ عزمٍ إ يُحَكَّمْ له لم
تجد الأقدارُ عنه مَناصا

ساهر القلب إذا رامَ عُظمَى
إن كَرى النومِ للأعينِ حاصا

قذفتْ منه الليالي بِقرنٍ
تنكُص ألأبطالُ عنه انتكاصا

محسنٌ بالرأي ضربا وطعنا
يُخجل البيضَ ويُخزِى الخِراصا

ساحر الألفاظ ولو شاء ظبيا
أسر الوحش بهنَّ اقتناصا

كلما أبصرَه حاسدوه
كُلِّلتْ تلك العيونُ حُصَاصا

كشعاع الشمسِ ترجِع عنه
مَضْرِحيّاتُ العيون عِماصا

ففداه كلُّ جَهم المُحيَّا
مانعٌ عسجدَه والرَّصاصا

كالشَّموسِ الصَّعبِ إن ذلَّلوه
زادهم ذُعرا ولَجَّ قِماصا

مستهامٌ بالغوانى إذا ما
صقَلتْ خداًّ وأرختْ عِقاصا

أين تبغى قد زحَمتَ الثريّا
في مَداها وانتعلتَ النَّشاصا

غايةٌ لو ذو جَناحٍ إليها
طار لاعتاصت عليه اعتياصا

أنتمُ آلُ جَهِيرٍ عديدٌ
لا رأتْ فيه البنانُ انتقاصا

كلّما قيل الرحيلُ قريبٌ
غَصَّ بالبادر حَلْقى اغتصاصا

وأرى قلبي سيقتصُّ إمّا
سرتَ آثارَ المطىِّ اقتصاصا

اِقْضِ في أمري بما أنتَ قاضٍ
فبأنعامك أرجو الخَلاصا

ردَّك الله إلينا سليما
بك أيامُ الزمان تَواصَى


صردر

الحمدان
07-07-2024, 01:15 PM
ودِدتُ التصابى فيك إذ كان عاذرى
وعاديتُ حلمى إذ غدا عنك زاجرى

ومالي سوى قلبٍ يضلّ ويهتدي
فإما الهوى فيه وإما بَصائري

وإني لأدرِي أنما الغُنْجٌ واللَّمَى
وبيضُ الطُّلَى هنّ القذى في المحاجرِ

ولكنّها نفسٌ تروضُ طباعَها
بما حملته من عذاب الجآذِرِ

عدِمتُ فؤادي يبتغي الآنَ رشدَه
فهلاّ قُبيل الحبّ كان مشاورى

فما بالنا نُعطَى الدنيَّة في الهوى
وفي الروع لا نعطَى ظُلامةَ ثائرِ

كأنا جميمُ الروض يقطُف نَوْرَه الظ
باءُ ولا يحلو لأُسْدٍ خوادرِ

وإنّ انقيادى طوعَ ما أنا كارهٌ
يدلُّك أنَّ المرءَ ليس بقادرِ

لواحظُنا تجنىِ ولا علَم عندَها
وأنفسُنا مأخوذةٌ بالجرائرِ

ولم أرَ أغبىَ من نفوسٍ عفائفٍ
تصدّق أخبارَ العيون الفواجرِ

ومن كانت الأجفانُ حُجَّابَ قلبهِ
أَذِنَّ على أحشائه للفَواقِرِ

إذا لم أفز منكم بوعدٍ فنظرَةٍ
إليكم فما نفعى بسمعى وناظرى

وما زال لي عند الظباء ظُلامةٌ
تُرَدُّ إلى قاضٍ من الحبّ جائرِ

لعمرُك ما بي في الصبابة حَيرةٌ
تقسِّم فكرى بين ناهٍ وآمرِ

تصاممتُ عن عذل العذول لأنه
احتجاجٌ لسالٍ واعتذارٌ لعاذرِ

وكيف بنسياني الذي حفِظ الصِّبا
وبات به طيفُ الخيال مسامرى

بلى إِنّ بَردَ اليأس يطفىءُ حُرقةً
ولو سُقيت منه قلوبُ الهواجرِ

وإِنّا إذا ضلَّت من الحَزْنِ نفحةٌ
فزِعنا إلى نِشدانها بالمناخرِ

أصعِّد أنفاسي إذا ما تمرّغت
على تُربه هوجُ الرياح الخواطرِ

وأذكرُ يوما قصَّر الوصلُ عمرَهُ
كأنا التقينا منه في ظلِّ طائرِ

متى غَنت الورقاءُ كانت مدامتى
دموعى وزفراتي حنينَ مَزاهِري

خليليَّ هذا الحُلُم قد أطلق الأسَى
وبثَّ حُبولَ الشوق بين الضمائر

ولم يبق في الأحشاء إلا صُبابة
من الصبر تجرِي في الدموع البوادرِ

فَلَيًّا بأعناقِ المطىِّ فربّما
أصبنا الأماني في صدور الأباعرِ

وإن لم يكن في ربّة الخِدر مَطمعٌ
قنَعنا بآثار الرسوم الدوائرِ

مَرابط أفراس ومَبرك هَجمةٍ
وملعب ولدان ومجلس سامرِ

وسُفعِ أئافىٍّ كانّ رَمادَها
حمائمُ لكن هنَّ غيرُ طوائرِ

ويا حبّذا تلك النُّئىّ وليتها
تروح خلاخيلي وتغدو أساورى

إذا أنتَ لم تحفَظ عهودَ منازلٍ
فلستَ لعهد النازلين بذاكرِ

سقاها الذي أضحت ينابيعُ فضلهِ
تَمُدُّ شآبيبَ الغيوثِ البواكرِ

فجودُ عميد الدولة العُشبُ والحيا
ومقتَرَحُ الراجى وازادُ المسافرِ

كُفيتَ به أن تطلبَ الرزقَ جاهدا
على زعمهم بالسعي أو بالمقادرِ

تظَلُّ قَلوص الجُود ترقُص تحتهُ
إذا حُديتْ يوما بنغمة شاكرِ

تحدَّثْ ولا تحرَجْ بكلّ عجيبةٍ
من البحر أو تلك الخلال الزواهرِ

فما ذاق طعمَ الرىِّ من لم تُسَقِّه
أناملُه من صوبها المتواترِ

وكم من كسير للّيالي قد التقت
عليه أياديه التقاءَ الجبائرِ

ومنتَهب الجدوى يُريك سحابُه
زمانَ الربيع السكبِ في شهر ناجرِ

يسابقُ بالفعلِ المقالَ كأنه
يرى الوعدَ فنًّا من مِطال الضمائرِ

فأنت تراه ماطرا غيرَ بارقٍ
ولست تراه بارقا غيرَ ماطرِ

مواهبُ سمّاها العفاةُ صنائعا
وهنّ نجومٌ في سماء المآثرِ

ملوم على بذل البضائع في الندى
وما تاجرٌ في المكرُمات بخاسِر

قَطوبٌ وأطرافُ القيانِ عوابثٌ
ضحوك وأطرافُ القنا في الحناجرِ

به ازدانت الدنيا لنا وتلفّتت
إلينا الليالي بالخدود النواضرِ

تعلَّمت الأيامُ منه بشاشةً
أعادت إلىّ الدهرَ حَشَّن المَكاسِر

يذيبُ السؤالُ شَحمةَ الرفِد عنده
وهل يجمُد العنقودُ في كفِّ عاصِر

أبَى أن تُهزَّ العُنجُهِيَّةُ عِطفَهُ
يقيناً بأنّ الكبرَ إحدى الكبائرِ

ولا عيبَ في أخلاقه غيرَ أنها
فرائد دُرّ ما لها من نظائرِ

وما الناسُ إلا كالبحور فبعضُها
عقيمٌ وبعضٌ معدنٌ للجواهرِ

فتعساً لأقدام السُّعاةِ وراءه
ألم ينتهوا عنه بأوّل عاثرِ

يُقِرُّ له بالفضل كلُّ منازع
إذا قيل يومَ الجَمع هل من مُفاخرِ

أخو الحزم ليست في نواحيه فرصةٌ
لنُهزةِ مغتالٍ ونَفثةِ ساحر

إذا ركَضتْ آراؤه خلفَ فائتٍ
تدارك منه غائبا مثل حاضرِ

متى تأتهِ مستشفعا بصنيعهِ
إليك فقد لاقيته بأواصرِ

تتبَّع أوساطَ الأمور مجانبا
تورُّطَ عجلان ووَنيةَ قاصِر

وقد علم النُّزَّاعُ أ ديارَه
إذا انتجعوها نِعم دارُ المُهاجرِ

تسلَّوا عن الأوطان بالأبطح الذي
يلائم مَرعاه لبادٍ وحاضرِ

يطاول بالأقلام ما تبلغ القنا
ويفضُل أفعالَ الظُّبَا بالمخاصرِ

من العصبةِ الغُرِّ الذين سعودُهم
بآرائهم لا بالنجوم السوائرِ

فوارسُ هيجاءٍ وقولٍ ركوبُهم
ظهورُ الجيادِ أو ظهورُ المنابرِ

يظن الضيوفُ أن دارهمُ مِنىً
ودهرَهُمُ عيدٌ لعُظَم المناحرِ

وما أوقدوا النيرانَ إلا ليفضَحوا
بها الليلَ إن أخفى مسالكَ زائرِ

وقد علمتْ تلك المكارم والعلا
وقد ولدتهم أنها غيرُ عاقرِ

أيا شرفَ الدين المشَرِّف عصرِه
ومن حلَّ فيه بالعطايا البواهرِ

تناولْ بنيروز الأكاسِرِ غبطةً
تضاحك أفواهَ ألأماني الفواغرِ

هو اليومُ لا في حُلَّة الصيف رافلٌ
ولا في سرابيل الشتاء بخاطرِ

يكاد لسانَا طِيبهِ واعتدالهِ
يُبينان أنّ الدهرَ ليس بجائرِ

ولما رأيتُ المال عندك هيِّنا
جعلتُ هداياه رياضَ الدفاترِ

فإنك من حمد الرجال وشكرِهم
كثيرُ الكنوزِ واللُّهَى والذخائرِ


صردر

الحمدان
07-07-2024, 01:15 PM
أبَى اللهُ إلا أن تجودَ وتُنعِما
خلائقُك اللائى تَفيضُ تكرُّما

لك المَثلُ الأعلى بكلِّ فضيلةٍ
إذا ملأ الراوى بها النَّجدَ أتهما

لآلىءُ من بحر الفضائلِ إن بدت
لغائِصها صلَّى عليها وسلَّما

ولو ملَكتْها الغانياتُ بحيلةٍ
لِزنَّ بها جِيدا وحَلَّين مِعصما

وكم لك في غُمّاتِها من عزيمةٍ
تُسابق بالنصر الخميسَ العَرمرَما

يُقلِّل حدَّاها الحسامَ مصمِّما
ويُخجِل عِطفاها الوشيج مقوَّما

وما الجودُ إلا ما قتلتَ به اللُّهَى
فلم تُبق دينارا ولم تُبق درهما

فما يتعاطاك السحابُ إذا همى
ولا البحرُ يحكىِ ضَفَّتيك وإن طما

وهل يقدِر الأقوامُ أن يتكلَّفوا
مكارمَ قد أعيتْ سِماكا ومِرزَما

نهضتَ بأثقالِ المعالي ولو دُعِى
إلى حملها العَودُ الدِّيافىُّ أرزما

فسيّان من يبغى عُلاك وطالبٌ
ليبلغَ أسبابَ السمواتِ سُلَّما

وما المدحُ مستوفٍ علاك وإنما
حقيقٌ على المنطيق أن يتكلَّما

ألم ترَ أنّ الأرضَ رحبٌ فسيحةٌ
ونحن نولِّيها قلائصَ سُهَّما

أتتني عميدَ الدولة المِنَّةُ التي
نفختَ بها رُوحا وأحييتَ أعظما

كأنّ الرسولَ المُسمِعِى نَغماتِها
رسولٌ تلا وحْياً من الله مُحكما

فأُلِبستُ منها صِحّةً هي جُنَّتىِ
إذا ما قِسِىُّ الدهرِ فوَّقنَ أسهُما

ودارتْ بها كأسُ الشفاء وعُلِّقتْ
علىَّ رُقىً منها تُداوِى المتيّما

فقد كدتُ في عَجزى عن الشكرِ إن أرى
لسانىَ مجروما وقلبي مُفحَما

ولكنّها ريحُ الثناءِ إذا جرت
بذكرِك لم أملِكْ لسانا ولا فما

وأفضالُك الروضُ الربيعىُّ إن دعا
بزَهرته وُرقَ الحمام ترنَّما

فلا ضحِك الإصباحُ إلا نَحلْتَهُ
ببهجِتك الغرّاءِ ثغرا ومبِسما

ولا دجتِ الظلماءُ إلا أعرتَها
شمائَلك الغُرَّ اللوامعَ أنجُما

تطيعك أيام الزمان مصيخَةً
بأسماعِها حتى تقول وتَرسُما

ستأتيك من مدحى قوافٍ بديعةٌ
ينافس فيها الجاهلىُّ المُخَضرَما

وإني بمنثورِ الكلام لعالِمٌ
ولكنَّ الدرّ في أن يُنظَّما


صردر

الحمدان
07-07-2024, 01:16 PM
أبَيْنا أن نطيعَكُمُ أبَيْنا
فلا تُهدوا نصيحتَكُم إلينا

ركِبنا في الهوى خطَرا فإما
لنا ما قد كسَبنا أو علينا

فما تسآلُكم عن كلِّ صبٍّ
كأنَّ لكم على العشاق دَينا

ولو لم يَرضَ ربُّك ما رضينا
لَما أنشَا لنا قلبا وعينا

بنفسي رامياتٍ ليس تفنَى
نُصولُ سِهامنّ إذا رمينا

كأنّهمُ أعدوّا للرزايا
بكلِّ كحيلةٍ زِيرا وقَينا

تعوَّضنَ الخيامَ من المطايا
وحسبُك بالخيام قِلىً وبَيننا

ولوّينَ البنانَ فقلتُ زجرا
بمعيادي وآمالي لوَينا

عجائبُ في اصلبابة لو عقلَنا
نحبُّ محاسنا فتصير حَيْنَا

نسائلُ عن ثُمامات بُحزَوى
وبانُ الرمل يعلم مَن عَنَينا

وقد كُشِفَ الغِظاءُ فما نبالي
أصرَّحْنا بذكرِك أم كَنَينا

ولو أنى أنادي يا سُليَمى
لقالوا ما أردتَ سوى لبُيَنَى

ألآ لله طيفٌ منكِ يسقى
بكاسات الردى زُورا ومَينا

مطيَّته طَوالَ الدهرِ جفنى
فكيف شكا إليكِ وَجىً وأينا

فأمسينا كأنا ما افترقنا
وأصبحنا كأنا ما التقينا

ولولا نُورُ أزهرَ شمَّرِىٍّ
تبلَّج في الظلام لما اهتدينا

عميد الدولة المعِطى القوافي
رُهونَ سِباقهنَّ إذا جرَينا

فتىً يبنى على الغُلَواء بيتا
إذا نزل المقصِّر بينَ بينا

يقول لإبله مُوتى هُزالاً
ولا ترعَىْ بأكناف الهوَينَى

إذا ما السُّحبُ بالأمواهِ سَحَّتْ
تهلَّل عسجدا وهَمى لُجينا

بكلِّ قرارةٍ وبكلِّ ربع
رياضٌ من نداه قد انتشينا

غصونُ مكارم قيَظا وقُراًّ
نُصيب بها ثِمارا يُجتَنَينا

وما سلبَ الشتاءُ الأرضَ إلا
تسربلنَ المحامدَ فاكتسَينا

جَرى والسابُقون إلى المعالي
فجاء فُوَيقها وأَتَوا دُوَينا


صردر

الحمدان
07-07-2024, 01:16 PM
قد حصَلنا من الماش كما قيا
لقديما لا عطرَ بعد عَروسِ

ذهبَ القومُ بالأطايبِ منه
ودُعينا إلى الدّنىّ الخسيسِ

لا جميلٌ بمثله يحسُن الذكرُ
ولا عامرٌ خرابُ الكيِس

وإذا ما عِدمتُ في الأمر هذين
نفسيَّانِ نهضتى وجلوسي

عُرِضَت قبلَنا تَبالةُ للحجَّاج
فاعتافها بوجهٍ عَبوسِ

وتولَّى أمر العراقين صالٍ
نارَ حربٍ تُزْرى بحربِ البسوسِ

جلسةٌ في الجحيم أحَرى وأولى
من رحيل يُفضِى إلى تدنيسِ

ففرارا من المذلّة في آدَمَ
كان الفرارُ من إبليسِ

أتراني مزاحماً لأناسٍ
قُلِّدوها بالسيف والدبّوسِ

بين ذي عُجمة وآخرَ منقو
صٍ وذي جِنَّةٍ وذي تنميسِ

وبطينٍ وأبرصٍ وهمادا
ءانِ غضَّا من قدرِ كلّ رئيسِ

معشر ليس يبلغ الذمُّ فيهم
حدَّه وصفتهم بتيوسِ

غايةُ العلمِ عندهم وتمامُ ال
فضل حشنُ المركوب والملبوسِ

ما افتخار الفتى بثوبٍ جديدٍ
وهو من تحته بعِرضٍ لبيسِ

والغنىَ ليس باللُّجيْن وبالتِّبر
ولكن بعزّةٍ في النفوسِ

عادة للزمان يَجرِي عليها
أن تصير الأذنابُ فوق الرءوسِ

قد حويتُ الذي به ينجح السع
يُ فمن لي بحظىَ المنحوسِ

وإذا صحَّ لي هوى شرف الدي
ن تولَّى النعيمُ قتلَ البوسِ

قد توثَّقْتُ يا صروفَ الليالي
من اياديه فاحمُقى أو كِيسىِ

ليَ ما شئتُ روضةٌ وغديرٌ
ومِراحٌ من ربعهِ المأنوس


صردر

الحمدان
07-07-2024, 01:17 PM
لستُ أقضِى إذا رأيُتك نَذرا
غيرَ نثرى عليك حمدا وشكرا

وثناءً إذا تلقَّطه السمعُ
تحلُّى في موضع القُرط دُرَّا

مالىءٌ قلبَ من يواليك إطرا
با وأُذنَ الذي يعاديك وَقْراً

ليس لي من فضيلةٍ فيه إلا
أنني أُلبِس القلائدَ نحرا

أتلقَّى بحسن أخلاقك الغُرِّ
شبيابهنّ وجهاً أغرَّا

فكأني إذا تمضمضَ بالمد
ح لساني أديرُ في الفمِ خمرا

كلُّ هذا جَهدُ المقلِّ وما قصَّ
ر من يبتنى لمجدك ذِكرا

لا يزور الرقادُ عينا إذا سِرت
ولا يسكن الفؤادُ الصدرا

كيف لا تقشعِرُّ أرضٌ إذا أع
رضتَ عنها واستأنستْ بك أخرى

تستطيل الأوقاتَ حتى ترى السا
عةَ حَوْلا وتحسَب اليومَ شهرا

لو أطاقت سعيا إذا زُلتَ عنها
لغدت في أوائل الركب حسرى

أنت روحٌ لها ولا يعُمِر الجث
مانُ إلا ما دام للروح وَكرا

إنما تعدَم البِلادُ متى غبت
ضياءَ الآفاق شمساً وبدرا

وسحابا للجود يرعُد وعدا
ثم يَندىَ كفاًّ ويَبرُقُ بِشرا

فإذا ما أقمتَ أصبحنَ خُضرا
وإذا ماظعنتَ أمسين غُبرْا

نغفِرُ الصدَّ للحبيب ولانق
بلُ منه على التباعُد عُذرا

يتمنَّى المحبُّ قربا ووصلا
فإذا فاتَه فقربا وهَجرا

لا تُرعنا بُغربةٍ بعدُ إنَّا
ليس نُعطَى على التفرّق صبرا

إن سقانا إيابُك اليومَ حُلوا
فبما أسقت النوى أمسِ مُرّا

غيرَ أنَّا إذا السلامةُ حاطتك
وسِعنا الزمانَ عفوا وغَفْرا


صردر

الحمدان
07-07-2024, 01:17 PM
تفيض نفوسٌ بأوصابها
وتكتم عوَّادُها ما بِها

وما أنصفتْ مهجةٌ تشتِكى
هواها إلى غير أحبابها

ألا أرِنى لوعةً في الحشا
وليس الهوى بعضَ أسبابها

ومن شرفِ الحبِّ أن الرجالَ تشرِى أذاه بألبابها

وفي السِّرب مُثْرِيةٌ بالجمالِ
تُقسِّمه بين أترابها

فللبدر ما فوق أزرارها
وللغصن ما تحت جِلبابها

كأنّى ذَعرتُ بها في الخِباءِ
وحشيَّةً عند مِحرابها

أتبِّعها نظرا معجَلا
يعثِّر عينى بهُدّابها

متى شاء يقطِف وردَ الخدود
وقَتْهُ الأكفُّ بعُنّابها

كفانىَ من وصلها ذكرةٌ
تمرُّ على بَرْد أنيابها

وأن تتلألأ بروقُ الحمى
وإن أضرمتنى بإلهابها

وكم ناحلٍ بين تلك الخيام
تحسَبه بعضَ أطنابها

فمن مخبرٌ حاسدى أننى
وهبتُ الأمانى لطُلاّبها

فإن عرَضتْ نفسَها لم تجد
فؤادىَ من بعض خُطّابها

يُسرُّ الغطارفةَ الأكرمين
قَرعُ مديحى لأبوابها

فها هي من قبل رفع الحجاب
يضاحكنى بشرُ حُجّابها

أنزِّه قَعْبىَ عن خَلِّها
وآنَفُ من مخِض أوطابها

وأعلم أن ثيابَ العفاف
أجملُ زِىٍّ لمجُتابها

عدلتُ السرابَ بأوراقها
ولمعَ البروق بأذهابها

ولو شئتُ أرسلتُها غارةً
تعود إلىَّ بأسلابها

ولكننى عائفٌ شهدَها
فكيف أنافسُ في صابها

تذِلُّ الرجالُ لأطماعها
كذلِّ العبيد لأربابها

فلا تقطِفنّ ثمارَ المُنى
فبئسَ عُصارةُ أعنابها

وعُجْ بالأجلِّ أبي قاسمٍ
لتأتى المكارمَ من بابها

فنعمَ الرياضُ لمرتادِها
ونعمَ الديارُ لمنتابها

وأوديةٌ من يَرِدْ ماءَ هايرَ
السُّحبَ من بعض شُرّابها

إلى كعبة الجود من راحتيه
تُشدّ الرحالُ بأقتابها

مناقبُ مثلُ عِدادِ الرمالِ
تكُدُّ أناملَ حُسّابها

وتُتعبُ ألسنَ دُرَّاسِها
وتُفنِى قراطيسَ كُتَّابها

تجاوزتَ حدّ صفاتِ البليغ
فمادُحها مثلُ مُغتابها

يذُمُّ البضائعَ ما لم يُعِدَّ
من الشكر أوفرَ أكسابِها

تظُنُّ بأفواه مُدّاحهِ
عُقارا تدارُ بأكوابها

تُصافَحُ منه أكفُّ الرجاء
برطبِ الأنامل وَهَّابها

كأنّ الشؤالَ على رِفده
قِداحٌ تفوذ بأنصابها

إذا اشتكت الأرضُ داءَ المحولِ
داوَى رُباها بإخصابها

من العصبة المدركين العُلا
بأحسابها وبأنسابها

أجاروا على الدهر من صَرفِه
وجاروا على الأُسْد في غابها

وساسوا ولاءَ قلوبِ الرجال
بإرغابها ثم إرهابها

كنوزُ محامِدها والثناءِ
عليها ذخائرُ أعقابها

ولم تَلبَس الرَّيْطَ إلا رأيتَ
محاسنَها نقشَ أثوابها

تعجَّبُ من حُسن بهجاتها
إلى أن ترى حسنَ آدابها

وإنَّ مكارمَ أخلاقها
تقوم مقاماتِ ألقابها

تمَلَّ بأيّام هذا الزمان
تجرُّ ذلاذلَ جِلبابها

مقامَ السواد لأربصارها
ومثلَ النُّخاع لأصلابها

إذا أنت أفنيتَ أيّامَها
توالت عليك بأحقابها


صردر

الحمدان
07-07-2024, 01:20 PM
كلّ يومٍ خِلٌّ يُرحَّلُ عنّا
وديارٌ معطَّلاتٌ وَمغْنَى

وحبيبٌ فريسةٌ للمنايا
تجتويهِ كأنه ليس منّا

أعْلَمتْنَا مَصيرنَا حادثاتٌ
لو علمنا يوما بما قد علِمنا

هذه الأرضُ أمنُّا وأبونا
حملَتْنا بالكُرهِ ظَهرا وبطنا

إنما المرءُ فوقها هو لفظٌ
فإذا صار تحتها فهْو مَعنى

لو رجَعنا إلأى اليقين علِمنا
أنّنا في الدُّنا نُشيِّدُ سجنا

إنما العيشُ منزلٌ فيه بابَا
ن دخَلنا من ذا ومن ذا خرَجنا

مثلَما تسرَحُ السَّوامُ إلى المر
عَى وتُثْنَى عنه غَدونا ورُحنا

وضروبُ الأطيار لو طِرن ماطِر
نَ فلا بدَّ أن يراجِعنَ وَكْنا

يحسَبُ الهِمُّ عمرَه كلَّ حولٍ
فإذا استكثر الحسابَ تمنَّى

كلُّ شيء يُحصيه عدٌّ ولو كا
ن كئيبا من رملِ يبرينَ يفنى

والليالي لنا مطايا إذا خبَّ
ت بنا نحو غايةٍ بلَّغتنا

مبتدانا ومنتهانا سَواءٌ
فلماذا من الأخير عجِبنا

فوُجِدنا من بعد ما قد عُدمِنا
وعُدمنا من بعدِ ما قد وُجدنا

والأريبُ اللبيبُ من وعظْته
ألسنٌ في مواضع الموتِ لُكنا

قد رأينا وقد سمعنا لو أنّ النَّ
فسَ ترضَى عينا وتأمن أُذنا

وكأنّا لغير ذاك خُلقنا
أو سوانا بغير ذاك يُعنَى

كلَّما حُقّق الشفاهُ لفنٍّ
من سَقام الأيام أحدثنَ فَنّا

ليس ندرِى متى نُقاد لعَقرٍ
فبما تَعرِفُ الحُشاشاتُ أَمْنا

كلنُّا نجعلُ الظنونَ يقينا
ويقينُ الأمور يُجعَلُ ظنَّا

خُدَعاتٌ من الزمان إذا أب
كين عينا منهنّ أضحكن سنَّا

كلُّ يومٍ تأتي به يومُ نحرٍ
ومِنىً حيثُ شاء سهلا وحَزنا

ليس يُغنى عن النفوس فداءٌ
فضَياعٌ نَعُقُّ عنهنّ بُدْنا

والمليكُ الهمامُ بالحجفلِ المَجْ
ر لسمعِ الردَى يُقعِقع شَنَّا

لو درتْ هذه الحمائمُ ما ند
رى لما رجَّعتْ على الغصن لَحنا

طابِع الأسهم الصوائبِ لم يخ
لُقْ لأهدافهنّ عَمدا مِجَنَّا

نتوارى بالسابرىِّ وننسَى
من وراء الضلوعِ ضربا وطعنا

غَشِىَ الدهرُ أهلَه بجنودٍ
أسَرتْهُ وليس يعرِفُ مَنَّا

بين بلُقٍ منه يُغِير بها الصب
حُ وأخرَى دُهْمٍ توافيك وَهْنا

هو إما روحُ الحياة وإلا
فحياةٌ تظلُّ فيها مُعنَّى

وكأنّ المنونَ حادى ركاب
ردّ ظُعنْا عنه وقدَّم ظُعْنا

مَوردٌ غصَّ بالزحامِ فلولا
سبقُ من جاء قبلَنا لورَدنا

وأرَى الدهرَ مُفردا وهو في حا
لٍ يشُنّ الغاراتِ هَنَّا وهَنَّا

كصَفاةِ المسيلِ لا ترهَبُ اللي
ثَّ ولا ترحم الغزالَ الأغنَّا

ما عليهِ لو أنه كان أبقَى
من أبى نصرٍ المهذبِ رُكنا

والدا للصغير بَرًّا وللتِّر
بِ أخاً مشفقا وللأكبر ابنا

غُصُنٌ إن ذوَى فقد كان منه
ثمراتُ الخلائق الغُرِّتجُنَى

إن أَملناهُ بالمقالِ تلَوّى
أو هززناه للفَعال تثنَّى

من ذيولِ السحاب أطهرُ ذيلا
وقميِص النسيم أطيبُ رُدْنا

ما مشتْ في فؤاده قَدَم الغ
شِّ ولا أسكن الجوانح ضِغْنا

إن يكنْ للحياءِ ماءٌ فما كا
ن له غيرُ ذلك الوجه مُزْنا

لهفَ نفسي على حسام صقيلٍ
كيف أضحت له الجنادلُ جَفنا

وعتيقٍ أثار بالسَّبقِ نقعا
فغدا فوقه يُهال ويُبنَى

ونفيسٍ من الذخائر لم يؤ
مَن عليه فاستُودِع الأرضَ خَزْنا

أودعوا منه في الضرائح كافو
را ومِسكا ومندَليَّا ولبْنَا

أغمضِ العينَ بعده فغريبٌ
أن ترى مثلَه وأين وأنَّى

أيّ نور أَطفأتَ يا مُهَريقَ ال
ماء فوق الجسم الكلَّل حُسنا

ختمَ الضُّمَّر العِتاقَ وخلَّى
في الأَوراىِّ مُقرَفات وهُجْنا

عرفوا قدرَه كما تُعرفُ الش
مسُ ومقدارُها إذا الليلُ جَنَّا

ما رأينا طودَ الخلافةِ إلاّ
ووجدناه عادماً منه رَعْنا

فالقصورُ المشيَّداتُ تُعزَّى
والقبورُ المبَعثَراتُ تُهنَّا

ما عجِبنا كيفَ اشترته الليالي
بل عجِبنا كيف اختُدِعنا فبِعنا

ليتَه حين كان دَينا مع الفق
ر إليه بقبضه أجَّلَتنا

واستبدَّتْ بمن أرادت فداءً
واعتزاما وإن أحبَّت فرَهْنا

لو علِمنا أنَّ التفجُّعَ يُدني
ك بكينا دون النساءِ ونُحْنا

واختضبنا دمَ المحاجرِ صِرفاً
إن أماطَتْ بنانُهن اليَرَنَّا

ونزحنا الدموع سَحاًّ وبلاً
وأقمنا الضلوعَ وجدا وحُزنا

غَير أن الدارَ التي أنت فيها
منزلٌ من به أناخ أَبَنَّا

لا خَطَا تُربَك السحابُ المصرَّى
أو تؤدَّى فروضُه وتُسَنَّا

كلَّما أوسعتْ خُطاه النُّعامىَ
أثقلته أوساقُه فأُعنَّا

حسِبَ القَطرُ رعدَه نقرَ دُفٍّ
فتعاطَى على البسيطةِ زَفْنا

وقليلُ الجدوَى مقالىَ يا أط
لالُ حتى سُقيتِ رَبعاً ومَغنىَ

وعزيزٌ علىَّ أن صِرتَ في نظ
م القوافى تُسْمَى لنَدْبٍ وتُكنَى


صردر

الحمدان
07-07-2024, 01:21 PM
لا مِرَيةٌ في الردَى ولا جدَلُ
العمر دَيْنٌ قضاؤه ألأجلُ

للمرء في حتفِ أنِفه شُغُلٌ
فما تريد السيوف والأسلُ

يَفرِى الدجىَ والضّحى بأسلحةٍ
سِيّانِ فيها الدروعُ والحُلَلُ

فأنجمُ الليل كالأسنةِ والصُّ
بحُ حسامٌ له الورى خِلَلُ

يا ليت عمرَ الفتى يُمَدُّ له
ما امتدّ منه الرجاءُ والأملُ

مواردٌ هذه الحياةُ وما
نصدُرُ عنها إلاّ بنا غُلَلُ

نكرَعُ في حَوضها ونحن كما
تُذاد من بَعد خمسها الإبلُ

كأسٌ أدرَّت على لذاذتها
عُدّل فيها الزُّعافُ والعسلُ

كلٌّ إلى غايةٍ يصير ولا
تمييزَ إلا الإسراعُ والمَهَلُ

والناسُ ركبٌ يَهووْن حثَّهمُ
ولا يُسَرُّون أنّهم نزلوا

وسوفَ تُطوَى مسافةٌ ذَمَلتْ
بقاطعيها ركائبٌ ذُلُلُ

كيف يَعُدُّ الدنيا له وطنا
من هو ينأَى عنها وينتقلُ

نسْخوا بأعمارنا ونبخل بال
مال فتَبَّ السخاءُ والبَخَلُ

ونبتغى البرءَ من يُسرع السُّ
قمُ إليه وتَصرعَ العِللُ

أضاع راقي الداءِ العضالِ كما
ضُيِّع في سمعِ عاشقٍ عذَلُ

ولو نجا الهائبُ الجبانُ من ال
حتف تحامىَ إقدامَه البطلُ

ما أسلموا هذه النفوسَ إلى ال
أجداث إلا إذ ضاقت الحيلُ

ضرورةٌ ذلَّت القُرومُ لها
وقد تقودُ المَصاعبَ الجُدُلُ

وخفَّف الخطبَ بعد شدّته
أَنْ كُلُّ حىّ لأمِّه الهَبَلُ

ومن حِذارٍ تبوّأَ الكُديْةَ الض
بُّ وأوفىَ في الشاهقِ الوَعِلُ

لا الجوّ يُنجِى الشغواءَ حائمةً
ولا سبوحٌ في لُجّةٍ يئلُ

يُقتادُ في عزِّه الخُبَعْثِنةُ الض
ارِى ويُدهَى في ذلّه الجُعَلُ

والحافظو عَورِة العشيرةِ للدّ
هر إذا شنَّ غارةً عُزُلُ

أيّ ديارٍ تُحمَى وقد راع تا
جَ الدِّين خطبٌ أنيابهُ عُصُلُ

مستلِبا من يديه لؤلؤةَ ال
غوّاصِ أدنَى أصدافِها الكِلَلُ

ما كان يُدرَى من قبلِ ما غرَبتْ
أنَّ الثريّا إلى الثرى تصِلُ

يا بؤس للنائبات كيفَ أرت
أُخوّة الفرقديْنِ تنفصلُ

وإن عجِبنا منها فلا عجبٌ
للشمسِ وارَى جبينَها الطَّفَلُ

لم يرتد المجدُ إذ أصيبَ بها
ولا مشى العزُّ وهو منتعلُ

سليلَةٌ من سوابق دَرَجوا
أمامَها فاستخفَّها العجَلُ

من الخدورِ التي بها احتجبوا
إلى القبور التي بها نزلوا

تُنحرُ في مكّة العِشارُ ولا
تُنحرُ إلا عليهم المُقَلُ

مهلا فما يربح الحزينُ ولا
يخشرُ إلا غناءَه الجَذِلُ

وهل يُردُّ الأحبابَ إن رحلوا
على محبٍّ أن يُندَب الطَلُل

حُوشيتَ من جلسةِ العزاءِ وأن
يُضربَ في أسوةٍ لك المثلُ

كم قد هَوَى من سمائكم قمرٌ
وغار في الأرضِ منكُمُ جبلُ

فما سكبتم له ذنَوبا من الد
مع ونارُ الأحزان تشتعلُ

ودّعتُموه كأنكم شُمُتُ
أو العِدَى عنكُمُ قد ارتحلوا

إذا مَراثى أحبابكم تُليتْ
سمعتموها كأنها غَزلُ

فليس ندرِى من صخرةٍ نُحتتْ
قلوبُكم أم دموعُكم وَشَلُ

وأنتمُ هَجْمَة تقاربتِ ال
أسنانُ فيها فكلُّها بُزُلُ

فظاعنٌ عنكُمُ له خَلَفٌ
وذاهبٌ منكُمُ له بدلُ

للدهر نُعمى ومنَّةٌ ويدٌ
ما قام في الناس منْكُمُ رجلُ


صردر

الحمدان
07-07-2024, 01:21 PM
وسلافةٍ بُزلت فأبرزَ دَنُّها
ذهباً يرصَّعُ عَسجدا إِبريزا

خَبرَ النَّدامى فعلَها فإذا بِهِ
كالمال يرجِع بالذليل عزيزا

فتناهبوها غيرَ شكّ إنهم
وجدوا بها مِلءَ الدِّنان كنوزا


صردر

الحمدان
07-07-2024, 01:21 PM
بدا ضاحكا لا لأحظَى بما
تُسَرُّ به النفسُ من بِشره

ولكن رأى وجهَه مقمرا
فأبَدى كواكبَ من ثغره


صردر

الحمدان
07-07-2024, 01:22 PM
أضدَّانِ في جسدٍ واحدٍ
مقيمان قد جعلاه قَرارا

دموعٌ من العين فياّضةٌ
ووَقدٌ من القلب يَرمِى شَرارا

كأنِّى من السُّحُبِ الساريات
يَحمِلنَ فيهنَّ ماءً ونار


صردر .. العصر العباسي

الحمدان
07-07-2024, 01:22 PM
يا راحلينَ إلى منىً بقيادي
هيجتُمو يومَ الرحيل فؤادي

سرتم وسار دليلكم يا وحشتي
والعيس أطربني وصوت الحادي

حرمتمُ جفني المنام لبعدكم
يا ساكنين المنحنى والوادي

فإذا وصلتُم سالمينَ فبلّغوا
منّي السلام أهيلَ ذاك الوادي

وتذكّروا عند الطواف متيماً
صبّاً فني بالشوق والإبعادِ

لي من ربا أطلال مكّة مرغبٌ
فعسى الإلهُ يجودُ لي بمرادي

ويلوحُ لي ما بين زمزم والصفا
عند المقام سمعت صوت منادي

ويقول لي يا نائماً جدَّ السُرى
عرفاتُ تجلو كلّ قلبٍ صادي

تاللَه ما أحلى المبيت على منى
في يوم عيد أشرفِ الأعيادِ

الناسُ قد حجّوا وقد بلغوا المنى
وأنا حججتُ فما بلغتُ مرادي

حجوا وقد غفر الإلهُ ذنوبَهُم
باتوا بِمُزدَلَفَه بغيرِ تمادِ

ذبحوا ضحاياهُم وسال دماؤُها
وأنا المتَيَّمُ قد نحرتُ فؤادي

حلقوا رؤوسَهمو وقصّوا ظُفرَهُم
قَبِلَ المُهَيمنُ توبةَ الأسيادِ

لبسوا ثياب البيض منشور الرّضا
وأنا المتيم قد لبست سوادي

يا ربِّ أنت وصلتَهُم وقطَعتني
فبحقِّهِم يا ربّ حل قيادي

باللَه يا زوّارَ قبرِ محمّدٍ
من كان منكُم رائحٌ أو غادِ

لِتُبلغوا المُختارَ ألفَ تحيّةٍ
من عاشقٍ متقطِّع الأكبادِ

قولوا له عبدُ الرحيم متيِّمٌ
ومفارقُ الأحبابِ والأولادِ

صلّى عليكَ اللَهُ يا علمَ الهدى
ما سارَ ركبٌ أو ترنَّمَ حادِ


البرعي
العصر المملوكي

الحمدان
07-07-2024, 01:23 PM
يا أيها الحافظُ الذي بسَنا
طلعتِه الدهرَ يُطرَدُ الحلَكُ

مجلسُك الآن قد سما فلِذا
مجالسُ الغيرِ حازَها الدّرَكُ

حفّ بك الطالبونَ فاستمعوا
لفظاً لألبابهم هو الشّرَكُ

فهُمْ نجومٌ تلوح زاهرةٌ
وأنت بدر والمجلسُ الفلكُ


ابن قلاقس

الحمدان
07-07-2024, 01:23 PM
بك الإسلامُ قد لبسَ الشبابا
وكان سناه قد ولّى فآبا

وهزّ الملكُ عطفَيهِ بمَلْك
تقلّد أمره وكفى ونابا

ومذْ لبِسَتْ به الدنيا حِلاها
جلاها حُسنُها خَوْداً كَعابا

وما عطُلَتْ رِقابُ الدهرِ إلا
وحلاّها عقوداً لا سِخابا

فلو أنّ اللياليَ عُدْنَ غيداً
شجَتْ ليلى وتيّمتِ الرّبابا

وأحسبُ أن أنجُمَها كؤوسٌ
تكونُ لها مجرّتُها شرابا

ومَنْ للشمس أن تُكسى سَناه
فتُغشي الناظرينَ لها التهابا

ولو حيّا محيّاها بنورٍ
لما كان الظلامُ لها حِجابا

صباحٌ يملأُ الآفاقَ نوراً
يقيم إذا سنا الإصباحِ غابا

وغيثٌ بات يُردي المحلَ طوعاً
وليثٌ ينزِعُ المهجَ اغتصابا

وسعدٌ من بني سعدٍ تجلّى
وقد جعل الدروعَ لها سَحابا

ولم يُرَ قبلَهُ بحرٌ خضمٌّ
أفاضَ على معاطِفِه سَرابا

رسا طَوْداً وأسفرَ بدرَ تِمٍّ
وجادَ غمامةً وسَطا شِهابا

مَروضُ الحِلمِ طمّاح المواضي
إذا ساموهُ عفواً أو عقابا

وما صابَتْ سماءُ الحربِ إلا
سقى أبطالَها شرْياً وصابا

وكم زهِرَتْ رياضُ دمٍ تغنّى
ذُبابُ حُسامه فيها ذُبابا

يواصلُ شُرْبَ كأسِ البأسِ صِرْفاً
ويجتنبُ المُدامةَ والرّضابا

ويبتعدُ الأعارِب ناعماتٍ
ويستَدْني المُضمّرةَ العِرابا

وقالوا أطولُ الأبطالِ باعاً
فقلت نعمْ وأعلاهُم رِكابا

وأفصَحُهُم إذا نطقوا لساناً
وأفسَحُهُم إذا طُرِقوا جَنابا

وقد سمعوا رُقاهُ وجرّبوها
فلا ينسابُ كيدُهُمُ حُبابا

ولا يغْرُرْهُمُ عفوٌ لديه
فربّ عذوبةٍ نتِجَتْ عَذابا

سَلوا عنه بَني رُزّيكَ لما
أفادَ الحربَ منهم والحِرابا

وأقدَمَ نحوهُم أسَداً مُشيحاً
فولّوا بين أيديه ذئابا

فإن عمرَتْ جموعُهُمُ الفيافي
فقد تركوا رُبوعَهمُ خرابا

أهابَ بهم لسانُ الخوفِ حتى
أقامَهُمُ لراحتِه نهابا

ومنّتْهُم ظنونُهُم نجاةً
ورُبّ حجًى رأيَ خطأَ صوابا

فإن جعلوا الظلام لهم مطايا
فقد جعلَ النجومَ له رِكابا

فلا يهْنِ الذين نجوا هروبٌ
فلو آبوا لكان الملك يابى

ولو شاءَتْ صوارِمُهُ المواضي
أقامَتْ دونَهُم سوراً وبابا

ولم يُرسِلْ شفارَ ظُباه إلا
غدَتْ قُلَلُ الملوكِ لها جوابا

إذاً لأزارَهُم تيّارَ حربٍ
تكون له جماجِمُهُمْ حَبابا

وساقَ إليهمُ غرْباً ورُعْباً
يسمّيها الكتيبةَ والكتابا

وصدّعَ شعبَهُمْ بوميضِ عزمٍ
يروّي من دمائِهمُ الشِّعابا

وكم فتحٍ أبو الفتحِ اجتناهُ
بقُبٍّ في العُلى رفعَتْ قِبابا

ولما لم يجدْ رُزّيكُ عنه
الى غير الملاذِ به ذَهابا

أتاهُ ورهطُه في الهَوْنِ سعياً
وقد سُلِبوا الحميّةَ والثيابا

وقد قادوا الصواهلَ مُقرَباتٍ
فقُلْنَ لهم الى الذُلِّ اقترابا

وكم ملؤوا الدروعَ وليس تُغني
وقد مُلئَتْ قلوبُهُمُ ارتِعابا

وكم شاموا ظُباً بأكُفِّ غُلْبٍ
قضَتْ شؤماً عليهم أو غِلابا

وكم ركَزوا رماحَهُمُ كِناساً
وسمّوها وما صدَقوا غيابا

وخالوا أنّ راحَهمُ غمامٌ
فغادرَها مؤمِّلُهُم ضَبابا

فجازَهُمُ إليه المُلْكُ طوعاً
ومَنْ وصلَ الرؤوسَ جَفا الذُنابى

فحسّن رُتبةً قبُحَتْ لديهمْ
وكان التاجُ في الأرساغِ غابا

ليَهْنِ المُلكَ أن أمسى مَصوناً
عشيةَ راحَ عزُّهُمُ مُصابا

بأنّ الله أكرمَهُ بمَلْكٍ
أذلّ له الغطارفةَ الصِّعابا


ابن قلاقس

الحمدان
07-07-2024, 01:24 PM
طوبى لمن ترك اللذاتِ وازدجَرا
وكان لم يقضِ من جهل الصِّبا وطَرا

يا أيها المُذْنبُ العاصي ازدَجِرْ ودَعِ ال
لّهوَ المضرَّ وكنْ بالدهرِ معتبِرا

طوبى لعبدٍ أطاعَ الله خالقَهُ
وحجّ حجّاً زكيّاً ثُمّتَ اعْتَمَرا

يا أيها الناسُ ضجّوا بالدُعاءِ لمَنْ
إذا دعاهُ مُسيءٌ مذنبٌ غفَرا

ومن زمانِكُم كونوا على حذَرٍ
فطالما بسواكُمْ ويحَكُم غدَرا

طوبى لعبدٍ أراهُ الله جنّتَهُ
وويْحَ عبدٍ أراهُ ربُّه سقَرا

ما العيشُ إلا لمَنْ ما زالَ ليلتَهُ
جنْحَ الدُجى قائماً عن ذاك ما فتَرا

كالحافظِ العالِمِ الحَبْرِ الإمامِ ومَنْ
ما مثلُه الآن في هذا الزمان يُرى

سبْطُ البنانِ لراجيه الزّمانَ فلوْ
أرادَ قبضاً على الأموالِ ما قدِرا

لما رأى الصالحُ الملْكُ السّنيُّ إذا
علاّمةُ الدهرِ أعلى الناسِ إذ نظَرا

أعطاهُ منه على رغمِ العِدى لِبِنا
مدارسٍ حبّذاها هكذا بِدَرا

من في الملوكِ كمثلِ الصّالحِ الملِكِ
الذي يفوحُ نَثاهُ عنبَراً ذَفِرا

كالليثِ لكن ترى يومَ الكفاح له
في هامِ الاعْداءِ طُرّاً صارِماً ذكَرا

كالغيثِ لكنْ حَيا هذا لُهًى أبدا
فمِنْ هنا هوَ حقّاً فارقَ المَطَرا

كالبحرِ لكنه تصفو مواهبُه
والبحرُ لا بدّ أن يبدو لنا كدِرا

كالشمسِ بل لو بدا للشمس أخجلها
كالبدر بل هو حقاً يُخجِلُ القمرا

إذا ارتقى في أعالي الرأيِ لاح له
ما في العيونِ إذاً عن غيره استترا

من غابَ يشهدُ أنّ الله بجّلَهُ
وأنه أوحدُ الدنيا وإن حضَرا

يا أيها الحافظ الحبر الإمام ومن
إذا بدا للورى فالفضل قد ظهرا

أنت الذي فقت أهلَ الأرضِ قاطبةً
منا فدم فبِكَ الآن العُلى افتخرا

واسلَمْ متى طلعت شمس الضُحاءِ وما
لناظرٍ لاح في جِنْحِ الدجى قمرا


ابن قلاقس

الحمدان
07-07-2024, 01:24 PM
أُخيَّ دعِ البطالة والْهُ عنها
وجانِبْها فعُقباها الشّقاءُ

جمالُ المرءِ في الدنيا صلاحٌ
وخيرُ بضاعةِ الحرِّ الحياءُ

عجبتُ لمن يميل الى المعاصي
وتعجِبُه الملاهي والغِناءُ

وعقبى ذَينِ لو يدري شقاءٌ
يطولُ وبعده أيضاً عناءُ

تنبّهْ يا نؤومُ فلستَ تدري
عليك بما الذي سبقَ القضاءُ

وكِلْ لله أمرَك إنه في
جميع الخلق يفعلُ ما يشاءُ

ولُذْ بالحافظ الحَبْرِ المُرجّى
ففيه الفضلُ أجمع والوفاءُ

إمامٌ كل من في الأرض أرضٌ
إذا اختُبِروا وهمّتُهُ سماءُ

عليه من المفاخر والمعالي
لسواءٌ حبذا ذاك اللواءُ

أدام له البقا والعزّ ربّي
متى ما أعقبَ الصُبْحَ المساءُ


إبن قلاقس

الحمدان
07-07-2024, 01:25 PM
أبدى شمائلَ جفوةٍ وبِعادِ
خِلٌّ عهدْناهُ أخا إسعادِ

وأطاعَ سُلطانَ الهوى ولطالما
أعيا نُهاهُ مكائدَ الحُسّادِ

وازورّ منه جانبٌ وتقلّصتْ
تلك الظلالُ وجفّ ذاك الوادي

وتكدرتْ تلك المناهلُ بعدما
صفتِ المياهُ بها على الإيراد

عفّى رسومَ مودةٍ قد شادها
قِدْماً برأي نُهًى وفرطِ سَدادِ

وا رحمتاه لواثقٍ بودادكم
خجِلٍ أضلّ مناهجَ الإرشادِ

ظنّ الزمانُ بمخلصٍ في ودّه
سمْجاً فضنّ وجاءَ بالمُعتادِ

عجباً لذاك البشْرِ عادَ تجهّماً
ومن المُحالِ نتائجُ الأضدادِ

أهملتُ حفظُكمُ مَعيني قانعاً
بتحمّلٍ بين العشيرةِ بادِ

فجبهتموني بالقبيح مِلالةً
هذا جزاءُ المُكثرِ المتمادي

ليستْ بأوّلِ وقفةٍ مذمومةٍ
خابتْ لديها صفقةُ الأمجادِ

ما كنتُ أولَ من تكلّفَ عِشرةً
تَسْبي برونقها نُهى المرْتادِ

دعوى التصابي في الأنامِ كثيرةً
لكنّ صدقَ الودّ في آحادِ

ما كنتُ بالزَيْف الرديّ وإنما
قلّتْ فديتُك خِبرةُ النُقّادِ

لا تُكرِهَنّ على المودةِ إنها
ليستْ تجودُ لعاشقٍ بقيادِ

هي شيمةٌ منه احتوتْ متغرِّباً
وصبَتْ لمؤثرِ هجرةٍ وبِعادِ

بدرٌ تجلّى للكُسوفِ وطالما
جلّى دياجي كلِّ خطب عادِ

وسراجُ هَدْيٍ كنتُ آنسُ قربَه
فخَبا سناهُ بعدما إيقادِ

شِمْتُ اعتزامُك بارقاً ومهنّداً
ذُخْراً ليومِ جَدا ويومِ جِلادِ

فانهلّ ذاك وما ظفِرْتُ ببَلّةٍ
منه لأشهرَ ذا عليّ أعادي

قلبي جَنى يا غادرين فما لكمْ
عذبتُمُ جَفْني بطول سُهادِ

أتنوحُ ورقاءُ الحَمام وإلفُها
يشدو بفرع أراكِها المُنآدِ

يبكي وما يطوي الضلوعَ على جوى
حُرَقٍ تلظّى في صميمِ فؤادي

وألوذُ بالصبرِ الجميلِ ولم أفُزْ
من عذْبِ خالصِ ودِّكُم بِبرَادِ

لا قرّ طرفي بالوصالِ ولا دَنا
بدُنوّ داركُمُ إليّ مُرادي

إن صنتُ دمعَ العينِ بعد عظيم ما
لاقيتُ من فَجْعي بأهلِ وِدادي


ابن قلاقس
العصر الاندلسي

الحمدان
07-07-2024, 02:00 PM
سمع ابو تمام جارية تغني بالفارسية فشجاه صوتها فقال

ولم أفهمْ معانيها ولكن
شجت قلبي فلم أحملْ شجاها

فكنت كأنني أعمًى مُعنًّى
يحبُّ الغانياتِ ولا يراها

الحمدان
07-07-2024, 02:04 PM
ما الهمّ إلا كالغيوم تجمعتْ
سيزول همّك مثل غيمٍ أمطرَا

ستطيب من بعد العناءِ حياتنا
ونذوق من بعد المرارة سكّرَا


......

الحمدان
07-07-2024, 02:05 PM
ماذا سأقرأُ مـِن شِعري ومن أدبي
حوافِرُ الخيلِ داست عندنا الأدبا

وحاصرتنا، وآذتنا، فلا قلمٌ
قالَ الحقيقةَ إلا اغتيلَ أو صُلِبا

نزار قباني

الحمدان
07-07-2024, 03:02 PM
لِمَن حِلَلٌ تَهاداها البِقاعُ
كأنَّ بيوتَها إبلٌ رِتاعُ

أَراهُم حَيثُما حلُّوا استَقَلُّوا
فَفيما تَطمَئِنُّ بِهم تُراعُ

أتَدري ما دَهاكَ فَكيفَ تَدري
إذا كانَ اللِّقاءُ هو الوَداعُ

وبينَ بيوتِ هَذا الحَيِّ بَيتٌ
لَه عِندي حَديثٌ لا يُذاعُ

فحسبُكَ لا تُنازِعُني عَلَيه
وإِلا طالَ بي وبكَ النِّزاعُ

وقَد يُخشَى مِن القَول اتِّصالٌ
يَطولُ بِه من الوَصل انقِطاعُ

وفي الخَيماتِ ألحاظٌ بِطاءٌ
لفَترتِها وفَتكاتٌ سِراعُ

وغصنٌ خِفتُ خِفَّتَه بقَلبي
فثقلَه الذي لا يُستَطاعُ

كثيبُ نَقاً يزلُّ الثوبُ عَنه
لَه مِن حيثُ طُفت بهِ ارتِفاعُ

ولم أرَ قطُّ مَحجوباً كقَلبي
وراءَ الصَّدرِ ليسَ له امتِناعُ

وآلى لا تُمدُّ يَدٌ فتُثنى
لخَيبَتها كما آلى سِباعُ

رأى الدُّنيا وللتَبذيرِ فيها
عَلَى التدبيرِ أمرٌ لا يُطاعُ

فأرسَلَها ولو شَدَّت يَداها
شَكائِمَها لحلَّتها الطِّباعُ

إذا لَم يَبقَ إلا الذكرُ مِنها
فذاكَ الذِّكرُ أرخَص ما يُباعُ

لَه في كلِّ مَكرُمةٍ سُلوكٌ
ولِلباقي مِن الدُّنيا اتِّباعُ

يعد الغبنَ أن تَمضي الليالي
ولا يَمضي له فيها اصطِناعُ

ومَن يَزرَع لَه المَعروفُ مجداً
ويثبتُه يريعُهُ اليَراعُ

وقد سَلفَ الكرامُ بمِثلِ ماذا
خَلَفتَ بِه فَهَل ظَمِئوا وجاعوا

أَرى المِلَلَ التي افتَرقَت قَديماً
لَها فيما تُسَرُّ بِه اجتِماعُ

وذلكَ بعضُ مُكتَسَبِ الليالي
وما يَبني لكَ الخلقُ الوساعُ

يَخصُّ العيدُ قَوماً دونَ قَومٍ
ولَكِنَّ السرورَ بِه مُشاعُ



عبدالمحسن الصوري

الحمدان
07-07-2024, 03:02 PM
أَرى جَنباتِ الأرضِ باسمكَ ترجفُ
وأطرافُها من ذِكرِه تَتَخوَّفُ

وإلا فَما بالي أَرَى كلَّ مارقٍ
من البُعدِ تُلقيه إليكَ وتقذِفُ

كأنَّكَ سَيفٌ ضَيَّعَ السُّخطُ غِمدَهُ
فها هُو صَلتٌ في يَدِ اللَّهِ مُرهَفُ

يخافُ الطليقُ النازِحُ الدار حدَّه
كما يتَوقاهُ الأسيرُ المكَتَّفُ

لئِن كنتَ ذا الفَخرَين إنَّ رِفاعةً
ببأسِكَ ذا النارَينِ قَد صارَ يُعرَفُ

حَريقانِ في الدَّارَينِ يَعتَقِبانه
فمن مثله مُستأنِفٌ مُتَسلِّفُ

ومَن لَم يصدِّق بالجَحيمِ يردُّه
إلى قعرِها التكذيبُ عجلانَ يُقذفُ

وكان يَرى التَّكليفَ في الدين باطِلاً
فهَل هُو فيما مَسَّهُ متكلِّفُ

وفيكَ لنا في المارِقينَ بَقيَّةٌ
وإن غرَّهُم مِنها ومنكَ التوقُّفُ

وكَم غمةٍ لَو لَم تكُن لم يكُن لَها
سِواكَ ولا كانَت لغَيرِكَ تُكشَفُ

ويوماكَ في سلمٍ وحَربٍ كِلاهُما
سَواءٌ دمٌ قانٍ وحَمراء قرقفُ

ألَما بِلَونٍ واحِدٍ وتَفَرَّقا
ألا ربَّ لَونٍ واحِدٍ يتصرَّفُ

فللَّهِ كفٌّ جودُها مثلُ بأَسِها
تَحوزُ الندى في الحالَتَينِ وتُسرِفُ

ونفسٌ تَضيقُ الأرضُ عَنها وهمَّةٌ
تطِلُّ عَلَيها من عُلوٍّ وتُشرِفُ

وقلبٌ عَلى أَطرافِ كلِّ مَخوفَةٍ
وإن لَم يخِفها نازِلٌ مُتَطرِّفُ

وخَيلانِ خَيلٌ قادَها لمُلِمَّةٍ
إلى مَوقِفٍ مُرَّانُه يَتَقَصَّفُ

وخيلٌ نَهاها ذكرُهُ عَن لِقائِه
فراحَت كأنَّ الريحَ بالخَيلِ تَعصِفُ

بلَغتَ إِلى أَعلَى المَنازِلِ في العُلى
وكُلٌّ يُمنِّي نَفسَه ويُسوِّفُ

وأنتَ أَبو شبلَينِ يكشرُ عَنهُما
لكَي يَكبرا والجَيشُ بالجَيشِ يُوصَفُ

سَتَبقى لرَيبِ الدَّهرِ حتَّى تكفَّهُ
وويلٌ لرَيبِ الدَّهرِ مِما تُخلفُ

تَخلَّف ستبقي نِقمةً وسَحابَتَي
عطاءٍ وما تِلكَ الفراسة تُخلفُ

كَأنِّي إِذا ما قُلتُ أسمعُ كلَّ ما
أُشاهِدُه حَولي يَقولُ ويحلفُ

من الشعرِ ما قامَت براهينُ صدقهِ
ومنهُ حَديثٌ في سِواك يؤلفُ


عبدالمحسن الصوري

الحمدان
07-07-2024, 03:02 PM
ما يَنبَغي لكَ أن تُجري أخاكَ عَلى
مَجرى التجارِ بِما قالوا وما وَصَفوا

ما كانَ يَبقَى عَلى الإِملاقِ وهوَ يَرى
أموالَهم بينَهم تَسعَى وتَختلِفُ

لَو لَم يَكُن يَقتَضيها من مَؤونَتِه
إلا لتَحملَ بَينَ الناس والشّغفُ

بكلِّ أغيَدَ إن خُطَّت بِوَجنَتِه
لامٌ تعقَّبها من قدِّه ألِفُ

حتَّى إِذا حَصلَ الحَرفان لا يَئِسَت
منه النُّفوسُ إِلى أَن يَحصُلَ اللطَفُ

فأحسبُ القَوم لم يَأتوا زكاتَهم
فَما أخَذتُهُم إِلا بِما اقتَرفوا

فهَل تَراني عَيِيّاً عَن جَوابهمُ
دَعني أردُّ عَليهم كلَّما هَتَفوا

وأنتَ تَعرفُ إِنفاقي ومُكتَسَبي
وإنَّما مثلُ ذا من مثل ذا سرفُ

ولستُ أملكُ إِلا ما وَقَعتَ به
أرددهُ أنتَ إذا أفلستَ تَعتَكِفُ


عبدالمحسن الصوري

الحمدان
07-07-2024, 03:03 PM
شيمٌ يلوحُ عَلى مَكارِمها الشَّرف
كمُلَت فلَيسَ تُعابُ إِلا بالسَّرَف

يَبدو أَبو الفَضلِ الشَّريفُ لخَصمِها
فإذا تَناكرَها وأبصرَهُ اعتَرَف

ولَو استَقامَ عَلى الجحودِ لأَعرَبَت
عَنه شهاداتُ الشهودِ بِما اقتَرَف

لمَّا عَلَت سِنِّي عَلَت سنُّ النَّدى
فخشِيتُ يَشمَلُني وإِيَّاهُ الخَرَف

حتَّى رأَيتُك عانِياً بمكانِه
فعَلقتُ من تِلكَ العِنايَة بالطَّرَف

فكأنَّني لمَّا اعترَضتُكَ حائِمٌ
ظمآن مرَّ بِسَيلِ وادٍ فاغتَرَف

وأَرَى النَّوائِبَ قَد تمكَّنَ صَرفُها
وإِذا صَرفتُ إِليكَ همَّتها انصَرَف


عبدالمحسن الصوري

الحمدان
07-07-2024, 03:03 PM
إنَّما حامدٌ عَلى الحَمدِ وَقفُ
ليسَ بينَ الأنامِ في ذاكَ خُلفُ

يَنثَني رمحُهُ فَيُثنَى علَيهِ
ولَه في يَدَيهِ حطمٌ وقَصفُ

حَيثُ يلقى فَوارسَ الخَيلِ بالخَيلِ
فَتَهوى لِقاءهُ وهو حَتفُ

يتَلقَّى حُماتَها بالمَنايا
ثُمَّ يُبقي عَلى اقتِدارٍ ويَعفو

ثُمَّ يَأتي عَلَى المُدامِ بخلقٍ
مِثلها بالمِزاجِ لا وهيَ صِرفُ


عبدالمحسن الصوري

الحمدان
07-07-2024, 03:03 PM
إِذا ما تَولَّت نَكبةٌ مِن صُروفِه
أتَت نَكبةٌ أُخرى علَى الإثرِ تَقتَفي

ألَم تَرني لا جَورُهنَّ مُفارِقي
ولا أَحدٌ في الناسِ منهنَّ مُنصِفي

وها أَناذا في دَفعِهنَّ مُعوِّلٌ
عَلَيكَ ومُستَغنٍ بجودِكَ مُكتَفي

فَبادِر لَما يَبقى عَلَيكَ ثَناؤهُ
فَلَيسَ بِباقٍ غيرُه يا ابنَ يوسُفِ


عبدالمحسن الصوري

الحمدان
07-07-2024, 03:04 PM
نَحنُ يَوماً وَصلٌ ويَوماً فِراقُ
ما لَكُم ما لِعَهدِكُم ميثاقُ

صبرت مهجَتي لرقِّ هَواكُم
وهي كانَت مَعي وفيها إباقُ

واغتَرَرتُم بِذلكَ الفِعل مِنها
وهو مكرٌ مِنها بِكُم ونِفاقُ

فاسأَلوا عَن حَديثِها مَع سِواكُم
وإليكم ذاكَ الحديثُ يُساقُ

ووَداعٍ كشَفتُ فيه قِناعي
حينَ حمِّلتُ منه ما لا يُطاقُ

واستَوَت حَلبةُ الدُّموع فَفي
الشُهبِ سباقٌ والكمت فيها لحاقُ

ثمَّ أصبَحتُ أستَريحُ إِلى كَشفِ
حَديثي ويتعبُ العُشَّاقُ

وولَقَد أَطرُقُ الحَوانيتَ والمَه
مُومُ مثلي لمِثلِها طَرَّاقُ

مُستَجيراً بعانِسٍ ذات بَيتٍ
طالَما جُهِّزَت إِلَيه الزِّقاقُ

زُرتُها في عِصابَةٍ كلَّما
أَظلَمَ لَيلٌ بَدا لهُم إِشراقُ

فاستَثاروا مِن الهُمومِ بِكاساتٍ
دماءُ الهُمومِ فيها تُراقُ

صَبَحَتهم فأَسكَرَتهم وولَّت
ثمَّ عادَت بِها وهُم ما أَفاقوا

تَتبَعُ السّكرةُ أختَها فتَرى الأيَّامَ
تُطوى كأنَّها أوراقُ

في زمانٍ صَفا ورَقَّت حَواشيهِ
فَأضحى كأنَّه إِسحاقُ

كُلَّما زُرتُه وجدتُ المَعالي
شيدَ مِنها بَيتٌ ومُدَّ رِواقُ

مِنَنٌ أَصبحَت تجولُ عَلى الأَع
ناقِ حتَّى كأنَّها أطواقُ

وعُلاً دونَها السَّماءُ عُلوّاً
وثَناءٌ مِن دونِه الآفاقُ

ومَطايا مِن العَطايا ثِقال
كلَّفت حَملَها سَجايا رِقاقُ

ومَساعٍ أمَرنَه بِافتِخارٍ
فَنَهَتهُ عَن ذلكَ الأخلاقُ

فانتَهى طائِعاً لهنَّ وقَد
بانَ علَيه الحَياءُ والإطراقُ

يَتَخَفَّى بِفعلِهِ عِندَما يَظهَرُ
في الناسِ فِعلُهُ المِخراقُ

فَلأَفعالِه التمامُ وللأش
عارِ من قَبل وصفِهنَّ المِحاقُ

ربَّما تَكثُر الأَيادي الجَليلاتُ
فَلا تَنفَعُ المَعاني الدِّقاقُ


عبدالمحسن الصوري

الحمدان
07-07-2024, 03:04 PM
لئِن صدَقَت في وَعدِها أن سَنَلتَقي
فذاكَ لتَعجيلِ اجتِماعٍ مُفرِّقِ

ألَم تَرَ تَسليمَ الوَداعِ مُحَبَّباً
ويتبعُهُ ما لستَ تَبقى إِذا بَقي

أرَى دَمَ قَلبي فاضَ من قَبل عَبرتي
وإِنسانَ عَيني شابَ من قَبل مَفرقي

أطَلتِ احتِجاباً ضَرَّةَ الشَّمسِ في النَّوى
وإِن شِئتِ أَن تَعفي عَلى الشَّمسِ فاشرِقِ

لَعَمري لَقَد ألحَقتِ في حرقةِ البُكا
عَليَّ الغَواني بالحمامِ المطَوَّقِ

فإِن كُنتَ يا برقَ الثُّغورِ مُبَشِّراً
بِخَدَّيَّ من عَينَيَّ بِالغَيثِ فابرُقِ

وعاذِلَةٍ في الحُبِّ تُظهرُ غَيرَةً
وَوَجداً وتَأتِيني بِظاهِرِ مُشفِقِ

تَقسَّم وَجدي فيكِ بينَ مكذِّبٍ
بِه حينَ يَلقاني وبَينَ مُصدِّقِ

فيَعرفُه ذا باعتِرافِ مَدامِعي
ويُنكِرُهُ هَذا بإنكارِ مَنطِقي

وَما أَحدٌ لاقَى مِن الحبِّ لَوعَةً
رآني فَلَم أُشغِلهُ عَن ذِكرِ ما لَقي

كَما الحَمدُ قَد أَمسَت تواصلَ شُغلُه
بِها عَن جَميعِ الناسِ نُعمى أَبي التَّقي

إِذا ما رَأى السَّاعي إِلى المَجدِ سَعيَه
رأى طُرقاً من قَبله لَم تُطرقِ

أَخو هِمَّةٍ أَعلى مِن النَّجمِ مَنزِلاً
فإِن يَرم في أَمرٍ مَع النَّجمِ يَسبِقِ

تُغازِلُه العَلياءُ حينَ يَرومُها
سِواهُ فتَرميهِ برَأيٍ مُوفَّقِ

حَبيسُ المَعالي مُطلقُ المالِ بِالنَّدى
فأَصبَحَ وقفاً بينَ حَبسٍ ومُطلَقِ

فقُل لِليالي الرائِشاتِ إِذا غَدا
مِجَنِّي فَريشي ما استَطَعتِ وفَوِّقي

خَلائقُ هَذا نعتُها مُذ صَحبتَها
فقَد حَملَت عنكَ احتِمالَ التَّخلُّقِ

ويَنزِلُ أَحياناً إِلَينا بِحُكمِها
وطَوراً بِحُكمِ المَجدِ في الخَلقِ يَرتَقي

مكارِمُ يا آلَ المُعافى إِذا بَدَت
بَدا ذِكرُها ما بَينَ غَربٍ ومَشرِقِ

فإِن كانَ ثوبُ العزِّ أَصبحَ مُخلَقاً
عَليَّ فَما وَجدي عَلَيهِ بِمخلَقِ

ولي في زَماني إن تأمَّلتُ أَمرنا
مَعاني جَريرِ أَو هجاءُ الفَرزدَقِ


عبدالمحسن الصوري
العصر العباسي

الحمدان
07-07-2024, 03:04 PM
يا مَن إِذا عارِضٌ تعرَّضَ بي
بادَرَه جودُ كفِّه طَرقَه

لا فرجٌ في العُلى أبا فَرجٍ
ما لَم تكُن من عُلاكَ مُسترقَه

باكرتُ أشكُو المُباكِرينَ غَداً
في فِرَقٍ لِلسَّلامِ مُفتَرقَه

قد نَصبُوني لتَهنِياتِهم
أسَمعُ من كلِّ واحدٍ وَرقَه

مُرهُم بأَن يَقصُدوا سِوايَ بِها
فَغَيرُ عيدٍ عيدٌ بِلا نَفَقَه

عَوائدٌ لم تَزَل تُعاوِدُني
واليومَ جدَّت فشدَّت الطَّبَقَه


عبدالمحسن الصوري

الحمدان
07-07-2024, 03:04 PM
أَرأَيتَ بي من حادثٍ إِشفاقا
في الحبِّ إِلا أَن يَكونَ فِراقا

ذلُّ التَّهاجرِ كالتَّواصُلِ عندَما
لاقى مُحبُّكَ في الهَوى ما لاقى

وجفونِ غانِيَةٍ رَمَت فتَراهَنَت
أَرواحُنا لنِصالِها أَسباقا

لا يَعشقُ العُشاقُ من لَحَظاتِها
إِلا سقاماً يَعشَقُ العُشاقا

صَدَّت فَلَم أجزَع وقلتُ مُؤمِّلاً
سَيَردُّها من رَدَّ لي إِسحاقا

من بَعد ما قَد حالَ صَرفُكَ دونَه
يا أَيُّها الزَّمنُ الخَؤون وعاقا

وصبرتُ للعَيشِ الذي كدَّرتَه
حتَّى صَفا بالرَّغم منكَ وراقا

بفَتىً كأنَّ المَجدَ أَعطاهُ بأن
لا يَستَجيبَ لِغَيرِهِ ميشاقا

لا تعجَبنَّ لمَن يَراكَ وبعض ما
تأتي فظَنَّ بكَ الشآمَ عِراقا


عبدالمحسن الصوري

الحمدان
07-07-2024, 04:00 PM
نحن الذين نعانق الأفراحا
نصحو على ثغرالدنا إصباحا

نصحو كأنّا لم نكن في ليلنا
مثل اليتامى نادموا الأتراحا

وننفّض الآلام عنا بهجة
ونعبّ من شهدالهنا أقداحا

وندوس فوق جراحنا ما هزنا
يأس ونمضي لانمل كفاحا

فكأننا ما قد جرعنا مرّها
وكأنها ما أزهقت أرواحا


......

الحمدان
07-07-2024, 06:28 PM
يا راحلينَ وبي من قربهم أملٌ
لو أغنت الحيلتان القولُ والعملُ

سرتم وسار اشتياقي بعدكم مثلاً
من دونه السامران الشعرُ والمثلُ

وظلَّ يعذُلني في حبّكم نفرٌ
لا كانت المحنتان الحبُ والعذلُ

عطفاً علينا ولا تبغوا بنا بدلاً
فما استوى التابعان العطفُ والبدلُ

قد ذقتُ فضلكمُ دهراً فلا وأبي
ما طاب لي الأحمران الخمرُ والعسلُ

وقد هرمتُ أسى من هجركم وجوىً
وشبَّ مني اثنتان الحرصُ والأملُ

غدرتم أو مللتم يا ذوي ثقتي
لبئست الخصلتان الغدرُ والمللُ

قالوا كبرتَ ولمْ تبرح كذا غَزلاً
أزرى بك الفاضحان الشيبُ والغزلُ

لم أنسَ يوم نادوا للرحيل ضحىً
وقُرّب المركبان الطرفُ والجملُ

وأشرقت بهواديهم هوادجهم
ولاحت الزينتان الحليُ والحللُ

وودّعوني بأجفانٍ ممرضةٍ
تغضها الرقبتان الخوفُ والخجلُ

كم عفّروا بينَ أيدي العيسِ من بطلٍ
أصابه المضنيان الغنجُ والكحلُ

دارت عليهم كؤوس الحبِّ مترعةً
المسكران الخمرُ والمقلُ

وآخرين اشتفوا منهم بضمّهم
يا حبذا الشافيان الضمُّ والقبلُ

كأنما الروضُ منهم روضةٌ أنفٌ
يُزهي بها المثبتان السهلُ والجبلُ

من لمسترق الروابي والوهاد بهم
ما راقه المعجبان الخصرُ والكفلُ

يا حاديَ العيس خُذْني مأخذاً حسناً
لا يستوي الضدان الريث والعجلُ

لم يبق لي غيرُ ذكرٍ أو بكا طللٍ
لو ينفع الباقيان الذكرُ والطللُ

يا ليت شعري ولا أنس ولا جذل
هل يرفع الطيبان الإنسُ والجذلُ


مالك بن المرحل

الحمدان
07-07-2024, 06:28 PM
يَضعُ الناسُ صاحبَ الجاه فيهم
كلَّ يومٍ في كفّةِ الميزانِ

إن رأوه يوماً ترجّح وزناً
ضاعفوا البرّ فهو ذو رجحان

أو رأوا منهُ نقص حبّة وزنٍ
ماكسوهُ في حبّةٍ الجُلجلان


مالك بن المرحل

الحمدان
07-07-2024, 06:28 PM
نزلتُ بكم طالباً رفدكم
فلم تُنز لوني ولم ترفدوني

وجاورتكم عندَ جوْر الزمانِ
فما كانَ في القوم من قامَ دوني

وأحببتكُم حبَّ نفسي الحياةَ
فكانَ جزائي أن تقتلوني


مالك بن المرحل

الحمدان
07-07-2024, 06:29 PM
لا تَصحبنَّ سفيهاً ما حييتَ وكنْ
لذي التأدب والأفضالِ مُصطحبا

فكمْ أديبٍ كَساهُ خلُّه سفها
وكمْ سفيهٍ كساهُ خلُّه أدبا

فاخترْ لنفسك خِلاً لا تعُابُ به
لا خيرَ في صاحبٍ يستجلبُ الريبا


مالك بن المرحل

الحمدان
07-07-2024, 06:29 PM
جَديرٌ بأن يبكي على نفسه أسىً
فتى كلّما تُرجى له توبةُ تُرجا

جبَانٌ عن التقوى جَريءٌ على الهوى
قريبٌ من المهوى بعيدٌ عن الملجا

جَرَى في مجالِ اللهوِ ملءَ عنانه
إلى الآنَ ما ألقى لجاماً ولا سرجا

جنى ما جنى واستسهل الأمر في الصبا
فلما نهاه الشيبُ عن فعله لجّا


مالك بن المرحل

الحمدان
07-07-2024, 06:29 PM
يا طالبَ الدنيا طلبتَ غرورا
وقبلتَ منْ تلكَ المحاسِنِ زُورا

دُنياكَ إما فتنةٌ أو محنةٌ
وأراكَ في كلتيهما مَقْهورا

وأرى السنينَ تمرُّ عنك سريعةً
حتى لأحسبهنَّ صِرنْ شهُورا

بينا تُريكَ أهلَّة في أفقها
أبصرتها في إثر ذاك بُدورا

كانتْ قِسّيا ثم صِرنْ دوائراً
لا بدّ أن ترمي الورى وتدورا

يأتي الظلامُ فما يسوّد رقعة
حتى يرى مسطورها منثورا

فإذا الصباحُ أتى ومدَّ رداءَه
نفضَ المساءُ رداءه المنشورا

يتعاقبان عليكَ هذا ناشرٌ
مِسْكاً وهذا ناشرٌ كافورا

ما المسكُ والكافوُر إلا أن ترى
من فعلكَ الإمساكَ والتكبيرا

أمسى على فوْديكَ من لونيهما
سمةٌ تسومُ كآبةً وقصورا

حتى متى لا ترعوي وإلى متى
أو ما لقيتَ من المشيب نذيرا

أخشى عليكَ من الذنوب فربما
تُلْفي الصغيرَ منالذنوب كبيرا

فانظر لنفسك إنني لك ناصحٌ
واستغفرِ المولى تجدْه غفورا

من قبل ضجعتكَ التي تُلْقي لها
خدَ الصغار على التراب حقيرا

والهولُ ثم الهولُ في اليوم الذي
تجدُ الذي قدّمته مسطورا


مالك بن المرحل

الحمدان
07-07-2024, 06:29 PM
رأيتُ الفتى لا يملُ الأملْ
وإن عمل الخيرَ ملَّ العملْ

ويأمن دهراً يرى مكرَه
ويسمعُ عن فتكه بالأول

وهلْ طُررُ الصبحِ إلا ظبىً
وهلْ غُررُ الشهبِ إلا الأسلْ

أتحسبُ دنياكَ هذي عروساً
تهادىْ إليك وتهدى الجذلْ

وأن النجوم عليها حُلىً
وأن الدياجى عليها جُللْ

وإن أطلعتْ شفقاً خلته
على وجنتيها احمرار الخجلْ

وما شفق الأفق لو أشفقت
سوى مُهجٍ سفكها لم يزلْ

وذاكَ الغمامُ وتلكَ البروُق
دروع تُشُّق وقضبُ تُسلْ

إذا أحسنَ الدهر يوماً أساء
إليك وإن جدَّ يوماً هزلْ

نحبُّ الزمانَ ولا نتقي
سطاه وآباءنا قد قتلْ

رماهم عنالقوسِ رميَّ النجوم
بنبلِ مُطيح بها من نبلْ

وما حملَ الرمحَ هذا السماك
إلا لقوم عليهم حملْ

خليليَّ أينَ زمانُ الصبا
وأينَ الغزالُ وأينَ الغَزلْ

وهلْ كانَ إلا كطيف الكرى
ألمّ وما حلَّ حتى رحلْ

تذكرت أيامنا بالسروج
وقد غفل الدهرُ فيمن غفلْ

وقد طرحَ الحلمُ عنا العصا
فصارت لقى ورعيا هملْ

وإما نزلنا فَبينَ الظلال
وإما مشينا فتحت الظللْ

نرواحُ بينَ قيانِ الغصون
سمعاً وبينَ قيان الكِللْ

ونهصرُ قضبَ الأماني اعتناقاً
ونقطفُ زهرَ القبولِ قُبلْ

وقد كُنت أخشى الوغى خشية
على باذلِ الودِّ أن يبتذل

وما كُنت أحذر سمرَ القنا
كما كُنت أحذُر سمْر المُقلْ

وأين قدودٌ لها ناعماتُ
إذا قُويست من قدود النخلْ

قطعتُ الزمانَ بوصلِ الحسانِ
فليتَ زماناً قطعتُ اتصلْ

وقلتُ لعاذلتي في التصابي
محبُّ التصابي عدوُ العذلْ

فلما بدا الشيبُ نبهنني
بإعراضهن على ما نزلْ

فتاركتهن لأني رأيتُ
خلال المودّة فيها خللْ


كذاكَ الحقوقُ إذا لم توفَّ
فدعْها ولا تقتنع بالأقل

وصرتُ أعافُ الصبا والمجونَ
وربَّ طباع تعافُ العسل

وما زيَّن اللهوَ إلا الشبابُ
ولا حسّن الغيَّ إلا الثملْ

يدورُ الزمانُ كدور الرياح
فطوراً جنوباً وطوراً شمل

فيوماً يُعزُّ ويوماً يُذل
فكم قد أعزَّ وكم قد أذل

وما الناسُ إلا كمثل النجوم
وما طلعَ النجمُ إلا أفل

وما المرءُ إلا كمثل النبات
إلى النقص يرجع مهما اكتمل

فإن قلتَ هل للشباب ارتجاعٌ
فخلف من القول إن قلت هل

تعودُ الدياجى إلى لونها
وليسَ يعودُ شبابٌ نصل

ويبْلى على الروض ثوبُ الربيع
ولكنْ يُجدَّد من ذي قَبل

أجل أجَلُ الروض مستأنف
وما للصّبا بعد فوت أجل

وآمرةٍ باطّلاب الغنى
ولم تدر أن الغنى قد حصَل

أبعدَ القناعة أرضى القنوع
فحل فالقناعة حسبي فحل

وما ذاكَ إلا لبخل الزمانِ
فربَّ اقتناع جناه البخلْ

فإن قيلَ ذا كسلٌ قلْ نعم
إذا غلبَ اليأس كان الكسلْ

وما نكلتْ همتي إنما
تبيّن لي أن حظي نكل

وما كلُّ سائلة أعطيت
مناها ولا كلُّ مُعطى سألْ

ففي الرزق ساوى الذكي البكي
وفي الحين ساوى الجبان البطلْ

ولكنه لو تكون الحظوظ
بقدر العقول إذاً لم أُبلْ

على أنه إن تكن ناظراً
فدعوى العقول كلامٌ معلْ

يُعرّى عن العقل خلق كثير
الصنائع شتى الحيلْ

وتُعزى العقول إلى الناطقين
وباللّه أكثرهم ما عقلْ

فكمْ قايس منهم لم يقس
وكمْ ناقلٍ منهم ما نقلْ

ولولا النبوةُ ضلَّ الورى
ومَنْ لم ير النجم بالليل ضَلْ

وأحمدُ أحمد آتٍ أتى
بخير وخير خيار الرسل

هوَ المرتضى وهوَ المجتبى
هوَ المصطفى وهوَ المنتخل

فأعظم بملّته في الملل
وأكرم بدولته في الدول

لقد كانَ مولدهُ رحمةً
سقينا بها كلَّ وبل وطل

لقد كان مولده رحمةً
أقمنا بها بين نهرٍ وظلْ

له المعجزاتُ التي بيّنت
لعين البصير المُزاح العِلل

فمنْ قمرٍ شقّ حتى استبا
نَ من بين شقيه جرمُ الجبل

وإسراء روح وجسمٍ معاً
إلى حضرة القدس ذات الأزل

إلى حيثُ لا فلكٌ يستدير
إلى حيث لا ملكٌ يستقلْ

ولا سبق الدلو فيه الرشا
ولا تبع الثور فيه الحملْ

ولا المشتري في ذُراه اشترى
ولا زُحل في مداه زحَلْ

وقابله بالسلام الجمادُ
وأقبل يشكو إليه الجملْ

وحنَّ إليه غداة ارتقى
على المنبر الجدعُ حتى انتقلْ

وصدَّقه الذيبُ لما دَعاه
وقالَ أتشهد قال أجلْ

وأهدتْ إليه عجوز اليهو
دِ شاة شوتها فلما قبل

نهته الذراع وقالت له
سُمِمت فما ضرَّه أن أكل

وجادَله المزنُ لما دعا
ودرَّ له الضرعُ لما نزل

وراعَ قتادة من عاره
بأزرق زَاحَم منه الكَلل

فسالتْ على خدّه عينُه
ولكنّه ردّها في عجل

فكانت كما ذكرَ الواصفو
نَ أحسنَ عينيه لما استقل

وأعطى عليَّاً لواءَ الفتوح
وأبرأ عينيه لما تفل

وفي الغارِ كانتْ له آيةٌ
بنسج عناكبهِ اذْ دخل

وقد سُبلت عنه تلك الفجاجُ
وقد نفضتْ عنه تلك السبل

ومرَّ سراقةُ في إثره
فساخَ وما في الثرى من وحل

وما أنقذته سوى دعوةٍ
دعاها له بعدِ عهد وإل

وحسبُك أن له معجزاتٍ
تزيدُ على الألف فيما نقل

قبل ميلاده أخبرتْ
بذاك قريشٌ وعبد الأشل

فقومٌ بمكة قالوا عسى
وقومٌ بيثرب قالوا لعلْ

فمنْ قائِل نجمُه قد بدا
ومن قائلٍ عصرهُ قد أطل

وقد كانَ في الفرسِ من قبله
على عهدِ كسرى حديثٌ جللْ

وأخبر سيف به حدّه
وأكرم مثواه حتى انفصل

وكانوا إلى وجهه شيقين
يقولون ياليته قد أظل

فلما أتى كذّبته قريشٌ
وآذته في نفسه فاحتمل

وجاءهم بالكتاب المُبين
فقالوا افتراه وقالوا انتحل

فقل فيهم يوم بدر وقد
جزاهم بضرب الطلى والقُلل

وجدَّل فيهم أباجهلهم
وعقبةَ والنضر أهل الجدل

وسلْ فتح مكة عنهم وقد
أتاهمْ فماتوا لفرط الوجل

وقالوا هبلنا ولو شاء لم
يغن عنهم هُبل

ولكنّه منَّ من الكريم
وأعطاهم الأمنَ بعدَ الوهل

وسلْ عن هوازنَ إذ خادعوه
بوادي حُنين وضاقَ المسل

فجالتْ رجالٌ بها جولةً
وزالت بها أرجلٌ من زلل

قليلاً وهبت من النصر ريحٌ
لتسنيم في حافتيها بلل

ونادى فخف به الصابرون
ومرَّ النداءُ فعالت ثُلَل

قد اقتحموا عن ظهور المط
يّ وازدحموا في صدور الأسل

وطاروا إليه بشهب الرماح
كمثل الرياح تطيرُ الشعل

وعاق الزحامُ فألقوا بها
وسلُّوا السيوف وعقوا الخلل

فكمْ ممتطٍ تاركٍ ما امتطى
ومعتقلٍ تاركٍ ما اعتقل

وجاءوا إليه قليلاً فلمْ
يكنْ لهم بهم من قِبَلْ

كما صوبت أعصبٌ أبصرت
بضاح من الأرض سرب الحجل

وأقبل جبريلُ في لمّة
يَصُكُّ وجوهَهم مِن قَبل

جنود بهم نُصر المسلمون
فأمسى عدُّوهم قد خُذل

فمن هاربٍ باتَ يخشى البياتَ
ومن هالكٍ ظلَّ تحتَ الأَثل

وخلوّا ذراريهم للسبا
هناك وأموالهم للنفل

وطافَ بطائفهم جيشُه
وفلُّهم في الذرا قد وقل

فباتوا وقد سمر السيف من
ذيولهم حيثُ باتَ الوعل

وأصبحَ دينُ الهدى ظافراً
يُثير الترابَ بذيل رفل

ومن بعدها أقبلوا مصلحين
وقد أمَّلوه فنالوا الأمل

وردَّ إليهم ذراريهم
ولولا المقاسمُ ردَّ الإبل

فعال عطوف رؤوف رحيم
كريم إذا قال قولاً فعل

صفوحٌ إذا أذنبوا واصلٌ
إذا قطعوا مُحسن لا يمل

جوادٌ جريءٌ تهون عليه
الألوف إذا ما التقى أو بذل

وليسَ يجادلُ من مبطلٍ
وليس يجالده من بطل

وكمْ من غزاةٍ وبعث له
أذل بها اللّه من قد أضل

فأما اليهودُ فلم تألُ في
أذاه ولا قصّرت في حيل

فأنزل منهمْ بني قينقاع
بقاع وكانوا بأسنى محل

وأجلاهم فجلوا آمنين
لأجل شفيعهم المقتبل

وأما النضيرُ فلا نضرت
وجوهُهم أهل كيْدِ وغِل

تراموا إلى قتله عازمين
فعاجلهم بعد طول المهل

وأنزلهم من صياصيهم
وأزعجهم في هوانِ وذُل

وبالقرظيين حلَّ البلاءُ
وحقّ بهم حينها أن يحل

لأنهم ألّبوا المشركين
عليه فشدّوا إليه الرحل

وجاءوا إلى الحرب من أجل
ذلك فوقَ الصعاب وفوق الذلل

ففضّهم اللّه بعدَ اجتماع
وبدّد جمعَهم المحتفل

وجازى قريظة بالسيف لم
يفت من رجالهم من رحل

وأخبار خيبر معلومة
وإني خبير بها إن تسل

تولاهم بالحصار الشديد
فحلّت بهم عقدة لم تحل

فقالوا نقرُّ على أننا
لكم عاملون ولا ننتقل

ومن بعدَ هذا خلا وجهُه
لمكة اذ كان فيهم شُغل

فطاعَ له الشركُ طوعَ الشِراك
وصارتْ يهودٌ له كالخول

وأنجز ربُك ميعادَه
وأصبحَ دينُ الهدى قد كمل

ولم يبقَ في الأرضِ شرك بعهد
سوى السيف أو سنةِ تمتثل

وبلّغ عن ربّه مُنذراً
وفصّل للفهم تلك الجمل

ولم يبقَ للناس من حجّة
على من براهم تعالى وجل

فحينئذٍ خصّه ربُّه
بتخييره في رحيل وحَل

فما اختار إلا رفيقاً علا
ولا اعتام إلا جواراً فضل

فيا حسرةً حسرتْ عن ذراع
وصارعت الصبر حتى انجدل

ويا كربةً كربت أن تذوب
لها الراسياتُ بحر الغلل

ويا لوعةً أولعت بالقلوب
ولا قلبَ إلا بها يشتعل

ويا سيّدَ الناس أنت الشفيع
وأنت العماد إذا العبد زل

وأنت الرجاءُ غداة المخاف
وأنت الأمانُ غداةَ الوجل

فصلّى عليك إله السماءِ
صلاةً مُضاعفةً تتصل

وصلّى عليك إله السماء
صلاةً مدى الدهر لا تنفصل

صلاةً تطيبُ بها الشرفاتُ
إذا نفحت وتطيبُ الأُصُل


مالك بن المرحل

الحمدان
07-07-2024, 06:30 PM
شوقٌ كما رفعتْ نارٌ على علم
تشّبُ بين فروع الضال والسلم

ألفُّه بضلوعي وهو يُحرقها
حتى براني بريَّا ليس بالقلم

من يشتريني بالبشرى ويملكني
عبداً إذا نظرت عيني إلى الحرم

دعْ للحبيب ذمامي واحتمل رمقي
فليسَ ذا قدم من ليس ذا قدم

يا أهل طيبة طابَ العيشُ عندكم
جاورتم خيرَ مبعوث إلى الأمم

عاينتم جنّة الفردوس عن كثب
في مهبط الوحي والآيات والحكم

لنتركنَ بها الأوطانَ خاليةً
ونسلكن لها البيداءَ في الظلم

ركابنا تحملُ الأوزارَ مثقلة
إلى محط خطايا العرب والعجم

ذنوبنا يا رسول اللهِ قد كثُرت
وقد أتيناك فاستغفِر لمجترم

ذنبٌ يليه على تكراره ندمٌ
فقد مضى العُمر في ذنب وفي ندم

نبكي فتشغلُنا الدنيا فتضحكنا
ولو صدقنا البكا شبنا دماً بدم

يا ركبَ مصرَ رويداً يلتحق بكم
قومٌ مغاربةٌ لحم على وضم

فيهم عُبَيْد تسوق العيسُ زفرته
لم يلق مولاه قد ناداه في النسم

يبغي إليه شفيعاً لا نظير له
في الفضل والمجد والعلياء والكرم

ذاكَ الحبيبُ الذي تُرجى شفاعته
محمد خير خلق الله كلّهم

صلّى عليه إله الخلق ما طلعتْ
شمسٌ وما رُفعتْ نارٌ على عَلم


مالك بن المرحل

الحمدان
07-07-2024, 06:30 PM
أشفُّ الوجدِ ما أبكى العيوناَ
وأشفى الدمع ما نكأ الجفونا

فيا ابن الأربعين اركبْ سفينا
مِنَ التقوى فقد عُمّرت حينا

ونحْ إن كنتَ من أصحاب نوحٍ
لكي تنجو نجاة الأربعينا

بدا للشيبُ في فودْيك رقمٌ
فيا أهلَ الرقيم أتسمعونا

لأنتمُ أهل كهفٍ قد ضربنا
على آذانهم فيه سنينا

رأيتُ الشيبَ يجري في سوادٍ
بياضاً لا كعقل الكاتبينا

وقد يجري السواد على بياضٍ
فكان الحسنُ فيه مستبينا

فهذا العكسُ يؤذن بانعكاسِ
وقد أشعرتُمُ لو تشعرونا

نباتٌ هاج ثم يُرى حطاما
وهذا اللحظ قد شملَ العيونا

نذيرٌ جاءكم عريانَ يعدو
وأنتم تضحكون وتلعبونا

أُخَيَّ إلى متى هذا التصابي
جننتَ بهذه الدنيا جنونا

هيَ الدنيا وإن وصلت وبرت
فكم قطعت وكم تركت بنينا

فلا تخدعك أيام تليها
ليالٍ واخشها بيضاً وجونا

فذاك إذا نظرتَ سلاح دنيا
تعيدُ حراكَ ساكنها سكونا

وَبينَ يديكَ يومٌ أيُّ يومٍ
يدينك فيه ربُّ الناس دينا

فإما دارُ عزّ ليس يفنى
وإما دار هُون لن يهونا

فطوبى في غدٍ للمتقينا
وويلٌ في غدٍ للمجرمينا

وآهٍ ثم آهٍ ثم آهٍ
على نفسي أكررّها مئينا

أخي سمعتَ هذا الوعظ أم لا
ألا يا ليتني في السامعينا

إذا ما الوعظُ لم يُورد بصدق
فلا خسرٌ كخسر الواعظينا


مالك بن المرحل

الحمدان
07-07-2024, 06:31 PM
تمنّيتُ والإنسانُ يُولع بالمنى
بلوغاً إلى المبعوث في خير أمة

تمسّكت في أمري بذمّة حبَّه
وذمةُ خير الخلقِ أكرم ذمّة

تملّكني في حبّه أن حبِّه
أمانٌ لروحي في المعادِ ورمَّة

تمتعتُ في الدنيا بنعمى مديحه
فكمْ أزمة قد فرجتها وأسمة

تماديتُ في ذاكَ المدى بنجائب
رميتُ إليها فضلَ تلك الأزمة

تمائمُ أشعاري مدائحه التي
صحائفها يدفعن كلَّ ملمة

تمامُ مباني المعلوات محمد
به كملت تلك المعالي وتمّت

تمكَّن فيه المجد أيَّ تمكن
فخصت أياديه الكرام وعمت

تمهّد بالوحي المنزّل أمرُه
وبالسيف إن آذن عن الوحي صمَّت

تمَّلأ من فضلِ وطيب خلائق
ففاحتْ بريّاه البلادُ ونمّت


مالك بن المرحل

الحمدان
07-07-2024, 06:31 PM
هوى من غوى والغيُّ أن تتبع الهوى
فويلٌ لذي غُنِّي أطاع هواه

هَوَى هذه الدنيا هوانٌ وإنما
يَعزُّ الفتى بالرشد لا بسواه

هوانُك غبنٌ فاطلب الفوز بالتقى
فإن التُقى نهجُ تلوحُ صواه

هو الحقُّ والهادي إليه محمدٌ
وجبريلُ عن ربِّ العباد رواه

هواديك آيات الكتاب وإنها
لتشفى جوىً من يشتكي بجواه

هوائج أشواقي ركائبُ باكرتْ
إلى جدث بعد الحياة حواه

هوائمُ من حرِّ الهجير فلا ترى
سوى رمضٍ تشوي الرمال شواه

هوافٍ فمن ظمآن ظمّره الظما
هناكَ ومن طاوٍ طواه طواه

هويتُ باكتفا من من هوتْ به
فقرّبه ممن يحبُّ نواه

هوامي دموعي أو هوامي جوانحي
نَشَرنَ الذي كان العراء طواه


مالك بن المرحل

الحمدان
07-07-2024, 06:31 PM
يميناً لقد كانتْ وفاةُ محمدٍ
أسىً لم يدعْ في الأرض من رجفة حيا

يمينُ رسولِ اللّه كانتْ لهم حيا
فطوبى لمنْ ناجاه بالحسّ أو حيا

يحاربُها منْ كانَ في الأرض مُجدبا
فما تركتْ في الأرض شعباً ولا حيّا

يميدُ فؤادي حينَ يذكر فقده
فأدعو له بالصبر هي فلا حيا

يميلُ إليه الشوقُ غصناً ولا ترى
له من نحول الجسم ظِلاً ولا فيّا

يُمكّن في جسمي الضنا لوفاته
فيطويه بعد النشر في بُرْدِه طيّا

يُمثّل لي في كلِّ شيءِ فلا أرى
سواه كأن الشيءَ أصبح لاشيّا

يُمنّي به روحي فينشّقّ ريحُه
فما أحسنَ المرأى وما أعطر الريّا

يُماطُ الأسى عني بذكر لقائه
فيبردُ أحشائي ويغدو الظما ريّا

يموتُ فؤادي ثم يحيا بذكره
ولولا رجاءُ اللّه في القرب ما حيّا


مالك بن المرحل

الحمدان
07-07-2024, 06:31 PM
عجائب آيات النبي بدائعٌ
وأخباره في الخافقين شوائعُ

عليك بأن تصغي إليَّ فإنني
أُحدث عن مجدٍ فهل أنت سامع

عصى الخيبريّون الرسولَ فجاءهم
فلمْ تغنهم تلك الحصونُ الموانعُ

عفى منهم حصن الغموص فناعم
وأقفر حصنُ الصعب فهي بلاقع

عنى لِعليّ مَنْ عتا مِن حصونهم
فلا طائرٌ إلا غدا وهو واقع

عَرَى جفنه سقمٌ فعوجل برؤه
بنفثته في عينه وهو وادع

علا ولواءُ المصطفى بيمينه
فهبّت على تلك الحصون زعازع

عَدت بعد هذا الفتح زوج ابن مشكم
فجاءت بشاةٍ حشوها السُم ناقع

عطا حدةً منها ففاحتْ بسمّها
فألقى بها واللّه للضُّرِّ دافع

عَتَتْ فدكٌ حتى درت فتح خيبر
فدانتْ له واللّهُ للفتح جامع

عدَتْ خَيْلُه حتى أتت وادي القُرى
فأنزلهم بالقسْر والجيشُ راجع

عزائمُ منصورِ اللواءِ مُؤيّدٌ
براهينُه مثلُ السيوف قواطع

علاماته مثلُ النهارِ وحسبُه
ضياءٌ عليه للنبوءة ساطع

عفوٌّ وإن لم يبسط العذر مذنبٌ
جوادٌ وإن لم يبسط الكفَ قانع

عفا يومَ أكل السُمِّ عمن أتى به
ولو شاءَ لم يمنعْ من القتل مانع

عزيزٌ بتقوى اللّه فاللّه طالبٌ
وباللّه منصور وللّه خاشع

عمادُك في دنيا وأخرى محمدٌ
ففي هذه هادٍ وفي تلك شافع

عتادك تقوى اللّه ثمّ اتباعه
وحملةُ أعراض الزمان ودائع

عليه صلاةُ اللّه ماذرَّ شارق
وما سجعتْ في فرع أيكٍ سواجع


مالك بن المرحل

الحمدان
07-07-2024, 06:32 PM
ولما أراد اللّهُ إنفاذ حكمه
وآن لمنشور الرسالة أن يطوى

وحانتْ وفاةُ المصطفى بعدما وفى
بما سمعتْ أذناه في ليلة النجوى

وقد طبّق الدنيا بدعوة ربّه
وبلّغها حتى إلى الغاية القصوى

وأربى على الستين فازداد أربعاً
وقيل ثلاثٌ وهو أحسن ما يروى

وخُيّر فاختار الوفادة مُسْرعاً
على اللّه لم يخْتر متاعاً ولا مثوى

وهى عُمدُ الصبْر الجميل لموته
فلا أدمع ترقى ولا أضلُع تروى

ورى كلُّ زند حينَ واراه قبره
فصرّح من روّى وباح بما روّى

وفى بعهودِ المصطفى كلُّ مؤمنٍ
ومن لاذَ بالتقوى وبالسبب الأقوى

وقى اللّه أعلام الهُدى كلَّ فتنة
فما اجتمعوا إلا على البرّ والتقوى

وفاةُ رسولِ اللّه أوهتْ قواهم
غداة غدا ربعُ النبوّة قد أقوى

وداعُ رسول اللّه أودعهم جوىً
فكلُّهم يبكي ويعلنُ بالشكوى

ولا غروَ أن يبكوا عليه وقد بكتْ
ملائكةُ الرحمانْ كلُّهم شَجْوَا

وقوفاً يهيلون الترابَ برحمةٍ
ويدعونَ والرضوانُ قد سبق الدعوى

وداداً وحبّاً في رسول تشوّفت
إليه عيونُ الحورِ في جنة المأوى

وليٌّ صفيٌّ شرّف اللّه قدره
فأودعه العليا ورفّعهُ عُلوا

وفيٌّ حييٌّ وجههُ روضةُ الرضا
كريمٌ رحيمٌ كفُّه جدولُ الجدوى

وصولٌ عطوفٌ الحق للناسِ رحمةٌ
وقلّدهم منّاً وطوقهم عفوا

وهوبٌ فما تَسْلَون إلا بمنةٍ
فقد عرفوا من أجله المنَّ والسلوى

وسيلةُ هذا الخلق حبُّ محمدٍ
فمنْ يكُ ظمآنَ دلى معهم دلوا

وددتُ ولو أحيا بما قد وددْته
أتيتُ إلى قبر الرسول ولو حبوا


مالك بن المرحل

الحمدان
07-07-2024, 06:32 PM
يقرُّ بعيني أن أرى أرض طيبة
وذلكَ أقصى ما أحبُّ من الدنيا

يَحِنُّ فؤادي كلّما حنَّ راكبٌ
ففاحت على أزراره تلكم الريّا

يُحركني برقُ الحجاز إذا سَرَى
فأدعوا لأوطان الأحبّة بالسقيا

يقاودُ قلبي من وفاةِ محمدٍ
بتاريخ أشجانٍ ترى في الحشا وريا

يميناً لقدْ حنّت غداة وفاته
جبالُ حنين حينَ أسمعت النعيا

يلملمُ ملموم ويدبلُ دابلٌ
ورضوى بحزنِ الحزن لا يرتضى بقيا

ينادي ثبيرُ بالثبورِ تأسفاً
ولعييَ حرا وهو أحرى بأن يعيا

يمينُ رسول اللّه كانتْ غمامة
تفيض على الدنيا فتحسُبها ريّا

يدٌ ما بَدتْ إلا لتنزيل رحمةٍ
وتفريج كرْبٍ فالأنام بها يحيا

يسارُ الورى ما كانَ لولا يمينُه
ولولا نوالُ البحر لم يلبسوا حلْيا

يواقيتُ أسماط الكلامِ كلامُه
هو المنطقُ العلوي واللغة العليا

يقرّطُ أسماع الأنام بحلْيه
فكلُّهم تَستعْذبُ الأمر والنهيا

يحيّي فيستحيي ولم يرَ منظراً
بأحسنَ من وجه الحبيب إذا استحيا

يبوئي من يلقى جنانَ قبوله
ويَسْقيه منْ معسولِ ألفاظه أريا

يُلاقيه بالبشرى ويأتيه بالقرى
ويُسمعه الذكرى ويُقرئه الوحيا

يحقُ لأهل الأرض أن يجعلو البكا
عليه شعاراً والسراء لهم رأيا

يدُ الدهرِ ما ناحتْ حمامةُ أيكةٍ
تزيّتْ بطوقِ ما تزيد به زيّا

يودُّ المُعنَّى أن يعاينَ طيْبةً
ويقضى لهُ فيها المماتُ أو المحيا

يموتُ بعهدٍ أو يعيشُ بغبطةٍ
ففي كلِّ حالِ منهما نحمدُ السعيا

يقينٌ لعلَّ اللّه ينفعني به
فيبلغ ما يهوى إلى الغاية القصيا


مالك بن المرحل
العصر المملوكي

الحمدان
07-07-2024, 10:26 PM
أتسألين عن الخمسين ما فعلت
يبلى الشباب و لا تبلى سجاياه

في القلب كنز شباب لا نفاد له
يعطي و يزداد ما ازدادت عطاياه

فما انطوى واحد من زهو صبوته
إلاّ تفجّر ألف في حناياه

هل في زواياه من راح الصبا عبق
كلّ الرحيق المندّى في زواياه

يبقى الشباب نديّا في شمائله
فلم يشب قلبه إن شاب فوداه

تزيّن الورد ألوانا ليفتننا
أيحلف الورد أنّا ما فتنّاه

صادي الجوانح في مطلول أيكته
فما ارتوى بالندى حتّى قطفناه

هذا السلاف أدام الله سكرته
من الشفاه البخيلات اعتصرناه

جلّ الذي خلق الدنيا و زيّنها
يالشعر أصفى المصفّى من مزاياه

نحن الذين اصطفانا من أحبّته
فلو تدار الطلى كنّا نداماه

و شرّف الشعر لما صاغه ترفا
فكنت نعمته النشوى و معناه

و راح ينشدنا عصماء شفّة
و مقلة و جننّا فاستعدناه

روحي فدى و ثن ما كان أفقرنا
إليه في عزّة النعمى و أغناه

إن كان يذكر أو ينسى فلا سلمت
عيني و لا كبدي إن كنت أنساه

يا من سقانا كؤوس الهجر مترعة
بكى بساط الهوى لما طويناه



بدوي الجبل

الحمدان
07-07-2024, 10:27 PM
تمنّى الرّكب وجهك و الصباحا
فجنّ اللّيل من فجرين لاحا

وحنّ إلى ظلالك عبد شمس
يريح شجونه ظمأى طلاحا

حمى الله الكواكب من م
عدّ
وصانك بينها قمرا لياحا

و طمأن للجواري كلّ بحر
و بلّغها السعادة و النجاحا

بطاح القدس دنّسها مغير
فهل صانت كتائبنا البطاحا

و هل جبهت بحدّ السيف دعوى
كعرض القوم فاجرة وقاحا

و لم نغضب لها أيّام كانت
حمى نهبا و شعبا مستباحا

و لا صدّت سرايانا عدوا
و لا هاجت حمّيتنا كفاحا

و لا اهتزّت صوارمنا انتخاء
و لا صهلت صوافننا مراحا

نجابه باليهود دما و نارا
فنغضي لا إباء و لا طماحا

جلونا الفاتحين فلا غدوّا
نرى للفاتحين و لا رواحا

إذا انفصفت أسنّتنا وصلنا
بأيدينا الأسنّة الصفاحا

إذا خرس الفصيح فقد لقينا
من النيران ألسنة فصاحا

زماجر دكّت الطّغيان دكّا
و أخرست الزلازل و الرّياحا

و تعرف هذه الحصباء منّا
دما سكبا و هامات وراحا

و أشلاء مبعثرة تمنّت
على البيد الشقائق و الأقاحا

تتيه بها الرّمال و تصطفيها
من الفردوس ريحانا و راحا

يرفّ على خمائل غوطتيها
هوى بطل على الغمرات طاحا

فألمح في السّراب منى شهيد
تخيّل في الوغى الماء القراحا

فلا حرم الشهيد بروض عدن
على بردى غبوقا و اصطباحا

حمى دنيا أميّة أريحيّ
متين الأسر قد فرع الرّماحا

أبو حسّان إن طغت الرزايا
تحدّى الدّهر و القدر المتاحا

أشمّ الأنف أبلج سمهريّ
كأنّ على محيّاه صباحا

تمرّس بالخطوب فما شكاها
و لولا كبره لشكا وباحا

تذكّرت الشام أخاك سعدا
و من ذكر الحبيب فلا جناحا

أرقّ النّاس عاطفة و طبعا
و أعنفهم على الطّاغي جماحا

ينافح ، لا تروّعه المنايا
فإن شتم اللئيم فلا نفاحا

إذا بكت الشام أخاك سعدا
فقد بكت المروءة و السّماحا

زحمنا النجم منه على جناح
و فيّأنا مروءته و هوى صراحا

جراح في سريرتك اطمأنّت
لقد أكرمت بالصبر الجراحا

كأنّ الهمّ ضيفك فهو يلقى
على القسمات بشرا و ارتياحا

و قبلك ما رأت عيني هموما
مدلّلة و أحزانا ملاحا

و قد ترد الهموم على كريم
فترجع من صباحته صباحا

و يا دنيا أميّة لا تراعي
شبابك يغمر الرحب الفساحا

طلعت على العصور هدى و خيرا
غداة طلعت غزوا و اقتتاحا

و ما نبل الصّلاح على ضعيف
فبعض الذلّ تحسبه صلاحا

و علّمت الحضارة فهي فجر
على الأكوان ينساح انسياحا

و ربّ حضارة طهّرت و طابت
و ربّ حضارة ولدت سفاحا

و علّمت المروءة فهي عطر
من الفردوس يسكرنا نفاحا

و علّمت العروبة فهي عرض
لربك لن يهان و لن يباحا

أساح المجد حسبك لن تكوني
لغير شبابك المأمول ساحا

خذي ما شئت و اقترحي علينا
كرائم هذه الدنيا اقتراحا

أبا حسّان رفّ كريم ودّي
على نعماك فخرا و امتداحا

بلائي ما شهدت و ليس منّا
إذ عدّدتها غررا و ضاحا

إذا زحمتني الجلّى بروع
جمعت لها الإباء فلا براحا

و لو زحمت ثبيرا حين شدّت
عليّ لضجّ غاربه و زاحا

و أوجع من مصائبها خليل
أغار على المروءة و استباحا

يكتّم بغضه حقدا و جمرا
و يسمعني حنينا و التياحا

و يزعم كيده سرّا خفيّا
لقد جهر الزّمان به افتضاحا

تنكر و هو لو كشّفت عنه
أسفّ مجانة و هوى مزاحا

و ذلّ فلا نسمّيه عداء
و هان فلا نسمّيه نطاحا

و لو شئنا جزيناه و نرضي
شمائلنا فنوسعه سماحا

أتنكرني الشام و في فؤادي
تلقّيت الصوارم و الرماحا

إذا نسيت على الجلّى وفائي
فقد عذروا على الغدر الملاحا

و غنّيت الشام دما و ثأرا
فلا شكوى عرفت و لا نواحا

و أكرم عهدك الميمون شعري
فقلّده جواهري الصحاحا


بدوي الجبل

الحمدان
07-07-2024, 10:27 PM
حنا السراب على قلبي يخادعه
بالوهم من نشوة السقيا و يغريه

فكيف رحت و لي علم ببطاله
أهوى السراب و أرجوه و أغليه

ويح السراب على الصحراء تسلمه
رمالها السمر من تيه إلى تيه

يزوّر الماء للسقيا و لهفته
حرّى إلى منهل يحنو فيسقيه

جلا النمير و ما ابتلّت جوانحه
من النمير و لا ابتّلت مآقيه

أيّامه خدع الركب ضاحكة
سخرا و للعدم القاسي لياليه

صرعاه لو عرفوا الأسرار ما جزعوا
ممّا يعانون بل ممّا يعانيه

ألا يملّ السراب الغمر وحدته
ألا يحنّ إلى نعمى تندّيه

هيمان لهفان لا مأوى لوحشته
قلبي الذي وسع الأكوان يؤويه

أبكي لبلواه تحنانا و مغفرة
روح الألوهة روحي حين أبكيه

إذا خدعت فقد جازيت خدعته
بالعذر أبسطه و الذنب أطويه

ادعو السراب إلى روحي فقد حليت
بها اللبانات ترضيه و تغويه

لهفي عليه أسيرا في يدي قدر
يميته كلّ يوم ثمّ يحييه

يغيض قبل رفيف الجفن زاخرة
أقلبه جفّ أم جفّت سواقيه

ماء و لا ريّ يندي في شمائله
كأنّه القول فاتته معانيه

يزوّق الحسن ألوانا و ما عصفت
بروحه سورة للحسن تصيبه

هذي مراعيه عطل من بشاشتها
حنّت لشبّابة الراعي مراعيه

لو صعّد القصب الولهان زفرته
لنوّرت بيده و اخضلّ واديه

ما للسّراب دنا حتّى إذا اكتحلت
بسحر دنياه عيني شطّ دانيه

أنت السراب و لكني على ظمأي
بأنهر الخمر في الفردوس أفديه

محوت من قلبي الدنيا فما سلمت
إلاّ طيوف هوانا وحدها فيه


بدوي الجبل

الحمدان
07-07-2024, 10:27 PM
لا الأمس يسلبك الخلود و لا الغد
هيهات أنت على الزمان مخلّد

تتجدّد الدّنيا و قلبك وحده
دنيا تعيد شبابها و تجدّد

لك من خيالك عالم متناسق
بهج تعاود خلقه و تدوّد

أمّا البسيطة فهي فيه خميلة
ولع الرّبيع بها و رحت تغرّد

و سكبت في الأنغام قلبك دمعة
لا كالدّموع و رحمة تتنهّد

خلع الحياة على البلى فكأنّه
للبعث من قبل الأوان يمهّد

قيس و ليلى بعد طول كراهمت
ثغر يرفّ ووجنو تتورّد

بعثا كعهدهما القديم فمن رأى
تلك العيون يرفّ فيها الإثمد

في كلّ قلفية حياة تجتلى
و منى تضوع و زفرة تتردّد

صور الجزيرة ما جلوت من العلى
و الحسن لا ما أوّلته الحسّد

الحبّ و الخيم المنيفة و القرى
و لبانة عند الغدير و موعد

و سكينة الصحراء إلاّ هازجا
مرحا يعيد حداءه و يردّد

يا شاعر الدّنيا لقد أسكرتها
ماذا تغنّيها و ماذا تنشد

خفّت بزينتها إليك مشوقة
سكرى تعبّ كؤوسها و تعربد

و جلت على الشعراء قبلك حسنها
لكن أراك شهدت ما لم يشهدوا

الزاهدين بها ولو كشفت لهم
سرّ الحياة المجتلى لم يزهدوا

نظروا إلى خير الوجود و حسنه
شزرا كما نظر الضياء الأرمد

أطريت فتنتها فدع في غيّه
من راح يعذل حسنها و يفنّد

العبقريّة شعلة من نارها
حمراء ناضرة اللّظى تتوقّد

و الشّعر و النّغم الشجيّ و رحمة
تسع الوجود و نقمة تتوعّد

يا فتنة الدنيا يذمّك معشر
و الحقّ كلّ الحقّ في أن يحمدوا

ألهب نبوغك في الحياة و حبّها
و أنا الضمين بأنّه لا يخمد

الكنز بين يديك فانثر درّه
إنّي أراه يزيد حين يبدّد

ظلم الجمال أبا عليّ من رأى
أنّ الجمال غواية تتودّد

و سموت في صور النعيم تعدّها
من نعمة الله التي لا تجحد

الحقّ و الإبداع من نفحاتها
و الهير من أسمائها و السؤدد

حبّ الجمال عبادة مقبولة
و الله يلمح في الجمال و يعبد

يا شاعر الدّنيا نديّك حافل
و الجمع مصغ و المواكب حشّد

ينتظرون السّحر من جبّاره
هيهات دون السّحر باب موصد

يشكى إليك و أنت رهن منيّة
و تزار في عنت الخطوب و تقصد

و لقد يرجّى السيف و هو ملثّم
و لقد يهاب اللّيث و هو مصفّد

فاذهب كما ذهب الرّبيع على الرّبى
منه يد و على القلوب له يد

و لك الإمارة في البيان يقرّها
أمس الزّمان و لا يضيق بها الغد


بدوي الجبل

الحمدان
07-07-2024, 10:28 PM
أنا إن بعدت عن الدّيار فإنّني
يا ميّ قلبي في ديارك باقي

حبّي و إنّ شطّ النوى بمزاركم
حبّي و اشواقي لكم أشواقي

لا ترقبوا منّي تناسي عهدكم
إنّ الوفاء المحض من أخلاقي

أنا لست أخلف بالنوى ميثاقكم
أو تخلفون على النوى ميثاقي

و يريق أدمعي الصدود و إن يكن
دمعي لهول الموت غير مراق

أنا كالحسام إذا جلاه صاقل
يزداد إشراقا على إشراق


بدوي الجبل

الحمدان
07-07-2024, 10:28 PM
خلق الشاعر و البؤس معا
فهما خلاّن لم يفترقا

ذهب العمر و لم تمسك بدي
بين أترابي صفيّا أو خليلا

أنا في الكون شقيّ حائر
لا أرى نورا و لا أهدى سبيلا

أنا طير لم يغرّد فاسمعوا
بالدجى منه نواحا و عويلا

أنا إنسان غريب أمره
شرب السمّ و عاف السلسبيلا

أنا روح حرّة طائرة
رضيت بين البراري مقيلا

تومق الدنيا فتبكي جزعا
و تناجي أهلها جيلا فجيلا

شاركت في الحزن من ذاق الأسى
و أبت حين نوى الإلف الرحيلا

بورك الحبّ و ما أعدله
ملك الروح و لم ينس الهيولي

قد سرى في الكون حتّى لم يدع
في قلوب الناس قلبا مغلقا

هو حزن هادئ في غبطة
و هو لو ذقت نعيم في شقا

إيه يا موج سلاما هكذا
يرسل الصبّ مع الموج سلامه

أنا مظلوم فمن هذا الذي
يرفع الغمّة عنّي و الظلامه

مرّ بي الدهر فأدمى مقلتي
بعد أن اثبت في قلبي سهامه

لم يغيّرني سقاما و هوى
إن يكن غيّرني وجها و قامه

هات حدّثني عن العهد الذي
كان في ثغر لياليّ ابتسامه

لا أرى من بعد عشرين مضت
عجبا إن عاود القلب غرامه

ذكر الشام سقاها صيّب
طاهر المزن وحيّتها غمامه

لا تلمه حين يصفيها الهوى
إنّما الشام بوجه الدّهر شامه

كيف لم أقض حنينا ز أسى
يوم فارقت برغمي جلّقا

للّقا : قالت : و من أعلمها
أنّني أحيا إلى يوم اللّقا

أنشقي أزهار شعري غضّة
إنّني ألقيتها بين يديك

و اعذريني حين أبكي و اذرفي
دمعة طاهرة من مقلتيك

حرت في الحبّ إلى أن لاح لي
سرّه مجتجبا في ناظريك

قوّة قاهرة تجذبني
حيثما يمّمت مضطرّا إليك

هذه الموجة فرّت بعدما
قبّلت بالسرّ إحدى قدميك

لا تلوميها فما في قبلة
طهرت إثم عليها أو عليك

و نسيم الصبح ما أسعده
حين ترويه حميّا شفتيك

ويح شنفيك قد اهتزّا هوى
حينما شمّا الشذى من وجنتيك

كلّ ما في الكون يهواك فهل
حلية الزندين تهوى معصميك

إنّ في نهديك طيبا عبقا
أنشقي الشاعر هذا العبقا

و اذكري الشاعر و البؤس معا
فهما خلاّن لم يفترقا


بدوي الجبل
سوريا

الحمدان
07-07-2024, 10:29 PM
أملّت ضجيج الحياة ففرّت
تريد الحياة بظلّ السكون

تغاف القصور و جنّاتها
و تأوي إلى دوحة الزيزفون

فتشرب ماء الغدير نقيّا
و تسكر من أرج الياسمين

و تسمع لحن الطيور شجيّا
رقيقا على مائسات الغصون

فتذكر عالم قدس نمت
به حرّة بين حور و عين

هيولي تفيض ضياء مبينا
طليقا تراه جميع العيون

و تذكره عالما طاهرا
قضت في رباه ألوف السنين

تحنّ إليه و ماذا يفيد
بعيد الأحبّة طول الحنين

لقد ذكرته فما كفكفت
بيمنى يديها عقود الشؤون

بكت و هي في سجنها حرّة
و لا عجب من بكاء السجين

حنوت عليها و قد بكّرت
لتتلو كتاب الحياة القديم

فقلت لها : مزّقيه كتابا
يثير الشجون و يذكي الهموم

فإنّ الشقيّ يزيد شقاء
إذا راح يذكر عهد النّعيم

مقيّدة أنت صاغ القيود
ليمناك كفّ القضاء الأثيم

تريدين منّي نسيم عليلا
و هيهات عزّ علينا النسيم

تريدين منّي نسيم الجنان
نقيّا .. و هذا نسيم الجحيم

فلا تنشقيه ففيه سموم
الهجير و من ذا يطيق السموم

عذرتك فرّي من الأرض و ابغي
هناك المقام الرفيع الكريم

بقرب النجوم فإنّ الحياة
معطّرة الدنّ بين النجوم

و لا ترحمي الجسم فهو تراب
يعود لمعدنه بعد حين

غدا هو بين الربى زهرة
كستها الطبيعة لون الشروق

يقبّلها الصبح في ثغرها
و يلثم في شفتيها العقيق

و تسري الصّبا من بعيد إليها
و قد هوّن الحبّ حزن الطريق

إلى أن تمرّ عليها فتاة
فتنزعها نزع برّ رفيق

و تنزلها منزلا هانئا
على النّور لا يشتكى فيه ضيق

فحينا تقبّل نهدا و حينا
تقبّل خدّا يلون الشقيق

و تبعثها بعد ذاك رسولا
يؤدّي رسالة صبّ مشوق

فنعم الرسالة بين العشيقة
ذات الدلال و بيت العشيق

فيا روح من بين تلك النجوم
أطلي عليها و لا تنكريني

أطلّي عليها و قد أشرقت
على صدر خود عروس و ساما

أطلّي عليها و قد ألقيت
بقايا شذا ثمّ عادت رغاما

أطلّي عليها رفيقا قديما
و قولي سلاما تردّ السلاما

ألا و اذكري عهدنا و اذكري
زمانك في الأرض عاما فعاما

أأنكرت شكلا جديدا لجسم
غدا لك قيل الفناء مقاما

و أنكرت ألوانها جمّة
و عطرا نديّا كعطر لخزامى

فلا تعجبي إنّ هذا الذبول
بأوراقها كان فيّ سقاما

و ذا الاحمرار دموعي
و هذا الشذا كان فيّ غراما

و أفناني الدهر إلا شقاء
تأبى عليه و إلاّ هياما

تلاشيت في هذه الكائنات
و لم يتلاش إليك حنيني


بدوي الجبل

الحمدان
07-07-2024, 10:29 PM
بلبلي مات حبيسا باكيا
لوعة الشعر على ذاك الحبيس

فقد الصبح أناشيد الهوى
بعده و أنفرط العقد النفيس

عطّلوا المجلس يا سمّاره
و أريقوا يا نداماي الكؤوس

قد قضى اليوم جليسي و مضى
لا تطيب الخمر من غير جليس

ما لأغصان الرّبى من بعده
تتهادى عاريات و تميس

و عروس الزهر هل يضحكها
مشرق الشمس و قد مات العريس

ويل أمّ الظلم ثكلى دائما
فنيت طسم و لم تبق جديس

إنّما الدّنيا لمن كافحها
و مشى مستلئما وسط الخميس

بلبلي مات و لم تنج به
وصفه الرازي و لا طبّ الرئيس

كفّنوه بأزاهير الرّبى
و اغسلوه بالمدام الخندريس

و اصرفوا عنّي لميسا مالذي
أبقت الأحزان منّي للميس

عاش ما عاش طليقا بالربى
و الربى حسن و لون و عبير

يتغنّى بأناشيد الهوى
ناعما بالعمر و العمر قصير

يرسل الأشعار في الأيك كما
أرسل الشعر حبيب و جرير

فغدا اليوم أسيرا بعدما
كان حرا بين روض و غدير

إرحموه و اعطفوا ما شئتم
فأحقّ الناس بالعطف الأسير

هو يبكي و أنا أبكي أسى
و كلانا ذو شجون و شعور

من لباب البرّ قد أطعمته
و لقد أرشفته الماء النمير

و كسوت القفص الرحب الذرى
بالقباطيّ الموشّى و الحرير

غير أنّ الطير فاضت روحه
بين حزن و شهيق و زفير



بدوي الجبل

الحمدان
07-07-2024, 10:29 PM
أيا شاعر العرب الذي سار شعره
يدوّي فلا يثنيه برّ ولا بحر

تذكّر بثغر اللاذقيّة صاحبا
إذا دبّ فيه اليأس أنعشه الذكر

أمير الندى والأريحيّة والعلى
أحبّ من النعمى شمائلك الغرّ

بيانك لا عطر الجنان وسحرها
و طبعك لا الشهد المصفّى ولا الخمر

صحبتك من عشرين تجنع بيننا
من الأدب الأعلى الشمائل والفكر

وأنّا تحدّينا الطغاة فلم يضيق
بطغيانهم منّا كفاح ولا صبر

وأنّت اناخ الدهر حينا بعسفه
علينا فلم يسلس شكائمنا الدهر

وأنّا تقاسمنا الإمارة بيننا
لك النثر في آفاقها ولي الشعر

أقارب لا من أسرة أو عشيرة
فمن صور القربى الشمائل والنجر

وأهل على بعد الجدود وإنّما
أخو الحرّ في الدّنيا هو الماجد الحرّ

فدلّل وفائي ما قدرت فإنّه
و حقّك نعم الذخر إن فقد الذخر


بدوي الجبل

الحمدان
07-08-2024, 02:31 PM
ناظم الفضل النا قد غدونا
بعد رب السما عليك عيالا

ناطم العدل والمحامد أنا
مسنا الضر والظلوم استطالا

عاكف ليس يرقب الله فينا
خيب الله عاكفا حيث مالا

عاكف قد بغى وندعوك أن لا
تزد الظالمين إلا ضلالا


قسطاكي الحمصي

الحمدان
07-08-2024, 02:31 PM
يا ذوات الحسن ربات القناع
كل حسن لم يصن حقا يضيع

انما العاقل يخفي ما استطاع
كنزه بل كل ذي قدر رفيع

كلما زاد احتجابا عظما
فأجل المسك إما صنته

زاد عرفا وارتفاعا في الثمن
ونفيس الدر ما ضمنته

سفطا خشية غير المؤتمن
واعز السر سر كتما

زعمت جاهلة بين الحان
أن كشف الجسم غايات الجمال

فانجلت عن قامة كالخيزران
نصفها الأعلى عري كالنصال

تتهادى وهي تخفي الألما
هتكت والصون بالانثى خليق

فمن العري استحت أم البشر
خجلت من ذلك الزوج الشفيق

فارتدت حالا بلوراق الشجر
وهي لم تنظر رداء معلما

برزت تحكي بنات الملعب
غير مستور سوى بعض القوام

شعر إبطيها بدا كالغيهب
وترى النهدين منها بالتمام

يا لزي فاضح قد حكا
وأرتنا الظهر حتى العجز

فاستحت من ذلك المرأى عيون
قال ناس ذا تمام المعجز

لنبي الزي في فخر القرون
قلت بل طاعون زي وسما

ليت شعري ما الذي ابقين من
بعد هذا الهتك للبعل الحبيب

ثم أين الصون أم في أي سن
تستر الحسناء عن عين الغريب

ناعم الجسم ولما محرما
كم من الزي تردى بالشقاء

نسوة يعجزن عن كشف النهود
قد يكون العذر منهن الحياء

أو لما فيهن قد جاز الحدود
من دقيق الحجم أو حجم نمى

أو لضعف الجسم حتى لا يرى
غير جلد وعروق بارزات

أو للون لا تسل عما جرى
فوقه من سم تلك السائلات

فبدا تحسبه جيس الدمى
كل شيء ان غدا مبتذلا

هان قدرا في عيون العالمين
وإذا ما عز في العين حلا

وغلا كالتبر والدر الثمين
وحياء الغيد للحسن انتمى

يا ذوات الحسن ربات الخدور
بعض هذا الزي ادنى للأدب

فاتقين الله في هتك الستور
ليس هذا عندنا بالمستحب

لا تظنن التعري مغنما
سامح الله بلاد الغرب ما

اطلعت زيا على الحشمة جار
وسقاها غير أمطار السما

فلكم ادابها شادت منار
حسنات الغرب يطبقن الفما

ان تجد فيها أميرات الجمال
قد تبرجن إلى حد السرف

فلكم فيها لربات الحجال
من كتاب نال غايات الشرف

واختراع نفعه قد عظما
ولكم من فاضلات عالمات

بفنون حظنا منها أمل
ولكم من شاعرات كاتبات

والوف لا ترى زيا اجل
من شعار العلم يعلي القيما

فإذا شئتن بالغرب الشبه
فليكن بالفضل والعلم الصحيح

فإذا من بعده جاء التفه
شفع الأول بالعذر الصريح
ادب الانثى يرقي الأمما


قسطاكي الحمصي

الحمدان
07-08-2024, 02:32 PM
نظمت لي دررا أم صغت لي ذهبا
أم رحت تستنزل الأفلاك والشهبا

يا أكرم الناس عهدا لست مبتعدا
وودك مني ظل مقتربا

ملكت مني قلبا ليس يملكه
الا الأمين ابن حداد إذا انتسبا

لو انصفوك لسموك ان اشعرهم
أليس جدك ناصيف كرمت أبا

بل انت نظام در الشعر ان نسبا
بل انت منزل ايات إذا كتبا


قسطاكي الحمصي

الحمدان
07-08-2024, 02:32 PM
يا جنان الشام يا ذات البها
ضمخي زهرك اذكى عنبر

ثم قف يا بلبل الحي بها
كخطيب قد علا في منبر

واتل لحنا فيه طيب الأنفس
واقتلي يا شمس سلكا منك لي

حسنه يزري باسلاك الذهب
كي اصوغ اليوم من نظم علي

باهر الاكليل اوحاه الادب
فاحلي هامة الاكسرخس

خاطب الفضل قد استعلى على
منبر الابداع في القطر الجديد

في حمى أمة علم وعلا
قد جنت من كل فن ما تريد

فهي في العالم أنس الأنس
جذبت حدادنا من عندنا

وهي مغناطيس ارباب النهى
مذ رأته للمعالي معدنا

سوّدته بين اعلام الحجى
واحلته رفيع المجلس

صدره مجمع اشتات اللغات
فهو بحر نحوه تجري النهور

بل سماء زينها النيرات
وهي سبع مثل هاتيك تدور

بل شموس هزأت بالخنس
فكره جنة علم ازهرت

لألي الالباب اصناف الكنب
طرزت بل قلدت بل نورت

فبدا الياقوت منها كالشهب
وازدرى المرجان لون النرجس

نبت الابريز فيها والعقيق
وانجلى من طلعها الدر النفيس

وبنشر ضارع المسك الفتيق
تسكر الالباب سكر الخندريس

فهي تسقى ماء روح القدس
وهو برق إذ تراه كاتبا

وهو للدين عماد وبشير
وهو سيل ان تبدى خاطبا

وهو للفضل سمير ونصير
وهو في الشعر ذكي النفس

ان أنل في وصفه حظ السباق
فله الفضل وما من ينكر

قد جرت بي في معانيه العتاق
فلي النظم ومنه الجوهر

ولقد فزت بعز اقعس
فاخر الغرب به مشرقنا

وبه المشرق ما زال فخور
وليوحنا بتذكار النا

قد تشاركنا على آي الشكور
فيه نحن وهم في عرس


قسطاكي الحمصي

الحمدان
07-08-2024, 02:33 PM
يا حبيبي انت لي كل المراد
ته على قلبي بانواع الدلال

كل مر منك حلو في الفؤاد
ولك الحب بقلبي لن يزال

وبه يزدان شعري المبتكر
سوف اهواك وان بدلت من

شعري الاشقر يوما بالمشيب
وسأهواك وان عوضت عن

قدك المياس كالغصن الرطيب
بانحناء الظهر يوما والكبر

وسأجري معك في شوط الغرام
مثلما كنا فتاة وفتي

فنقيل الصيف في روض الخزام
فهو يروي ما جرى من مقلتي

عندما قبلتني أول مر
فإذا ما ادفأت شمس المصيف

برد اعضاء تولاها الرعش
رقص القلبان للحب الطريف

فتخيلنا الصبا منا انتعش
عائدا يروي لنا عهد الصغر

وترى رأسك ما بين يدي
وارى شعرك كالقطن البديع

وإذا حدقت بالعين الي
سترى من مبسمي خير شفيع

شافعا بالمثم في شيب الشعر
كم لذاذات سنلقى عندما

نشر المطويّ من ذاك القديم
فلكم من مرة قلت كما

قلت يا روحي وأنسي والنعيم
ومني نفسي ويا شطري الابر

وإذا ما كان ذا الحب الوطيد
كل يوم لك مني في ازدياد

فغدا اليوم على الأمس يزيد
وهو دون الغد يا ملك الفؤاد

فغضون الوجه ذنب مغتفر
وسنحكي في زمان الهموم

كل ما قد مر في عهد الشباب
وعلى مرج بسفح العلم

كم بثثنا من شكاو وعتاب
سوف نتلوها كما تتلى السور

وسيزداد غرامي بالوقار
وتناجيني بتذكار يطيب

فإذا همنا بذاك الاذدكار
نسج الذكر لنا بردا قشيب

فنعمنا بعد عين بالاثر
ولئن كنا سنمسي عاجزين

فسيزداد اعتصامي بيديك
وسيبدو كل شيء منك زين

لعيوني وصباباتي إليك
ليس بعرو صفوها يوما كدر
ولذا الحب وماضيه العزيز

وان اجتاز كطيف في المنام
في فؤادي ابدا حرز حريز

وسيحلو ذكره عاما فعام
لي كحمر عتقها يصفي العكر

فأنا أحرز ما أجمعه
من كنوز الحب احراز شحيح

أملا في حصد ما أزرعه
عندما يفضحنا الشيب الصريح

حيث استغني بهذا المدخر
فأرى عندي من عشق الصبا

عدة تنفع أيام الهرم
ويعيد الذكر عيشا ذهبا

لي بالأنس فيحيي ما انصرن
وتناديني بياكل الوطر


قسطاكي الحمصي

الحمدان
07-08-2024, 02:34 PM
لله رب العرش والأكوان
فكر تفوت تصور الإنسان

ولقد أتاه ذات يوم خاطر
رقصت له الجنات بالسكان

فأقام في أسمى قصور جنانه
عبدا له سجدت ذوو التيجان

ودعا إليه وهو أكرم من دعا
غيد الفضل زينة العمران

لكنه ساوى الجميع وربما
فاق الصغار الكبريات الشان

فلكن في لطف التحية مسلكا
يزري على النسيمات في الاغصان

وجميعهن جرين جري قرائب
وشقائق في طاعة الرحمان

ونهلن كاسات الولاء وقد تبا
دلن الحديث تبادل الاقران

لكن رب القصر جل جلاله
إذ كان ينظر نظرة العرفان

لمح اثنتين كأنما احداهما
لا تعرف الأخرى فتأتلفان

ولعلمه بطريقه البشر الألى
بلغوا من العمران خير مكان

مد اليدين اليهما متناولا
يد كل خود منهما بينان

وإلى اليمين اشار وهو يقول ذي
في الأرض تدعى ربة الإحسان

واشار للأخرى وقال وهذه
تدعى كذلك ربة الشكران

فتفرس الاختان كل منهما
في أختها كتفرس الحيران

إذا منذ خلق الله دنيانا إلى
ذا اليوم لم تتواجه الاختان


قسطاكي الحمصي

الحمدان
07-08-2024, 02:34 PM
سلام على شيخ المشايخ أحمد
سلام على الخل الحبيب المقدد

على مفرد الدنيا على معدن الذكا
على اصدق الاحباب في القرب والبعد

على ذلك الوجه المغسل بالحبا
وحامض فحم يزدري ابيض القند

على جامع اللطف الخفي وسدرة ال
وفا ومقر الوحي وحي ابن عجرد

على جبة ما قد تكفن قبله
بها ذو حياة ولاهو كالأسد الورد

على طاهر الأذيال ذيل قميصه
وتبانه والطيلسان مع البند


قسطاكي الحمصي

الحمدان
07-08-2024, 02:35 PM
برزت في مظهر الحسن لنا
آية انزلها رب الجمال

غادة في لحظها كل المنى
تفتن الناس بانواع الدلال

كم لها ما بيننا صب عميد
سلبت من صبها كل النهى

فهو منها هائم في كل واد
وهي تبغي كل يوم مشتهى

ولها الف مرام ومراد
أين منها ما يرجي ويريد

خال ان القلب منها مرتهن
في هواه فهي لن تبغي سواه

فرأى الطاعة من خير السنن
لقضاها فازدرى مالا وجاه

من طريق قد حواه وتليد
فهي يوما ثوب ديباج تروم

وهي يوما تشهي بعض الحلي
ولقد توشك ان تهوى النجوم

كل ممنوع بعينيها حلي
من مفيد كان أم غير مفيد

وهي حينا ذات صد ونفار
وهي حينا في الأماني تطمع

وترى حينا معاطاة العقار
وهو غي ليس عنه ترجيع

فيرى السكر وقد كان رشيد
وتقول اليوم ميعاد السباق

وبهذا الليل رقص ولعب
وغدا يوم اصطباح واغتباق

وماء الغد فيه ننتهب
حظ ساعات بعمر الدهر عيد

وإلى الالحان تصبو وهي في
ساعة الأنس تشير الولها

وإذا ما وعدت لي تفي
ولها بالصب مكر ولها

كل يوم مطلب غال جديد
وهو من سكر هواها فيجنون

ليس يثنيه كلام الناصحين
واليه حدقت كل العيون

وهي تستغوي عقول الناظرين
بابتسام أو بغفر من بعيد

قد جرى متبعا داعي الغرور
لا يرى في حبها عيبا يصم

حاسبا ان نهارا لا يدور
وهو بالساعد منها معتصم

يوم بؤس ما عليه من مزيد
ثم لما علمت ان الفتى

قد اضاع العرض فيها والذهب
غادرته ومضت قال متى

ترجع الظبية قالت ان وهب
ربك الثروة والعيش الرغيد

هكذا قد ودعته الغاويه
بعد أن بذر فيها ما ملك

صاح لنا أن رآها ناويه
من رأى ابليس في ثوب ملك

اتلفت مالي وها عقلي شريد
تركته في بكاه وعويل

ما رآه شامت الا بكى
ومضت تصطاد للوقت خليل

وتنادي ان من منا اشتكى
عد بين الناس مجنونا بليد

ظن هذا الغر غمزي بالعيون
وابتسامي من جراه وله

ليس يدري أن هاتيك الفنون
حيلة يحسب فيها وصله

قصدنا والمال مقصود وحيد
ليت شعري كيف نهوى ثم من

أين للغادات عهد وذمام
أو ثبات وإلى من نطمئن

ولنا في كل يوم مستهام
نتصباه ومملول طريد

نحن ربات الهوى ليس لنا
أرب إلا بلبس وقصوف

جاهل من ظل يرجو وصلنا
ورضانا بعد تبذير الألوف

وخلو الكيس من غنم جديد
وامرؤ يحسب أن الغاويات

قد بقي فيهن للحب شعور
ذاك مغرور فما بعد الممات

لحياة العشق يوما من نشور
وقلوب الغيد حقا من حديد

حكمة بل عبرة للمعتبر
صورت باللفظ في ثوب رقيق

تتجلى بالضياء المنتشر
لبصير تخذ الحق رفيق
وكفى بالعقل خلا ورشيد


قسطاكي الحمصي

الحمدان
07-08-2024, 02:36 PM
أنت من يا من على تلك الدمَن
يذرف الدمع ويستبكي الطلول

كم تناديها ولو أصغت لمن
جاءها مستنطقا كانت تقول

عد عن جهلك يا هذا الغبي
كن سواراً أو قريطا أو جرير

أو زهيرا أو إياسا أو هلال
او أبا النشناش والجمع الغفير

من ملوك الشعر أرباب المقال
كلكم يفعل أفعال صبي

تندبون الربع أو بيت الشعر
أو خيالا زار ليلا ورحل

او حصانا أو بعيرا قد نفر
تضعون الدر في عنق الجمل

وخسيس الترب فوق الذهب
منذ ألفي سنة بل ضعفها

دأبكم ترديد هذا النغم
تلك حال حسبنا في وصفها

حال قوم سلكوا في الظلم
وأضاعوا وقتهم في اللعب

ذاك أو يقرب منه ما رواه
عنكم التأريخ في فن القريض

قد جريتم كل شوط في مداه
ولكم في نظمه جاهٌ عريض

من نسيب أو مديح كذب
وعن التنقيب أعرضتم سوى

ما أتى من مثل أو قافيه
وعظيم الكون مع ما قد حوى

من أعاجيب شؤون خافيه
لم يكن فيه لكم من سبب
فكفى التشبيب والفخر اللمل

ودعاوٍ عابها أهل الحلوم
واسمحوا أن يقتدي هذا المقل

ببني الإرنج أرباب العلوم
واسمعوا ما قاله في حلب

عزّ بين الأرض والجو الوئام
لاختلاف الراي في وضع الربيع

حين رامت أمه قبل التمام
وضعه إذ جاءها الطابق السريع

فبدا في الجوّ فرط الصخب
زعم الوالد أنّ الأمّ قد

مسّها العجز على مرّ السنين
ولفقد الصبر منها والرشد

قد سعت عمدا لإسقاط الجنين
فقضى حالا بشجب المذنب

قال هذا الطلق زورٌ ولذا
أرشقُ الحبلى بثلج وبرد

فيعوق الوضع منها وإذا
ما أصرّت هلكت قبل الولد

قتل من يقتل شرع الكتب
قالت الأم إلى كم تفتري

أيها الظالم والحقّ صريح
وبدت تروي صحيح الخبر

بلسان ينطق القول الفصيح
معرب عن أصل هذا اللجب

حدثت قد كنت من عهد عهيد
طفلة اسرح حول الوالده

ظاهري كالقلب في وقد شديد
جذوةٌ من قبل ألفي جامده

كرةٌ تسبح بين الشُهب
فتصباني ذا الجوّ الكنود

وبأحكام الهوى جار علي
فهو طورا نافرٌ عني شرود

وهو طورا هائمٌ يصبو إلي
وهو أحيانا شديد الغضب

منه لي بعلٌ كثير النزق
سيءُ الخلق شديد الفرعنه

وله منيَ ذات الملق
تلدُ الغرّان في كل سنه

مرضعٌ لم تشك مضّ النصب
والصبي ما زال لي نعم الرفيق

وجمالي زائدٌ عاما فعام
وعفافي منه بالحب خليق

لو على عهد الوفا حقّا أقام
أو وعى ما سنّ شرع الأدب

وفؤادي ما له غير الأنين
كلما أومض برقٌ من بعيد

وعيوني تطلق الدمع السخين
بعضها والبعض يجري كالجليد

لدواعي حزن أو طرب
وأنا احمل منه ذي الفعال

برضى شأن كرام الأنفس
ولئن خالف في هذا الدلال

ما قضى شرع الغرام الأقدس
باحتكام الغيد عند النجب

لم أبح يوما بتبريح هواه
لا ولم أشك الضنى الا اليه

وهو ما زال مجدا في جفاه
حاسبا أن حياتي في يديه

ساء ما ظن ورب الغلب
ثم صاحت بلغ السيل الزبى

وغدت ترجف من زلزالها
وبدت نثرا على تلك الربى

تقذف النيران من أجبالها
فهي تجري مثل سيل السحب

عند هذا نهضت أترابها
والدجى تخبر عن أسرارها

سبعةٌ قد شوهدت أسرابها
من بنات الشمس مع أقمارها

وفريقٌ من ذوات الذنب
درن حول الأم لكن بانكسار

قلن يا أمّاه ما هذا المصاب
أختنا الأرض عليها الجو جار

فانصحيه وانذريه بالعقاب
واسعفيها ببلوغ الأرب

فاستوت ذات الجمال المسفر
فوق عرش النور في برج الحمل

ثم خطّت بالشعاع الأنور
للتي قد سئمت طول الحبل

أن ضعي الطفل قبيل العطب
واعلمي أن التردي بالسخط

صبغةٌ يرغب عنها في الحسان
وهي عند الكل عيب وشطط

ليس في الطاعة للبعل هوان
وهي زينٌ لذوات الحسب

ثم قالت ايها الجوّ الجهول
أنت بالهجران أيضا مسرفُ

فقويّ النوع مطواعٌ حمول
للنسا إذ هنّ طبعا أضعف

ذاك فضلا عن حقوق النسب
قم فعانق عرسك المكتبئبه

فلقد أودى بها طولُ الشجن
وتدارك مهجة ملتهبه

منك ذاقت كل أنواع المحن
واسعدنها بانفراج الكرب

فحباها بنسيمات الصبا
وأتاها نادما عمّا مضى

وتدنّى خاشعاً منتحبا
يستميح العفو منها والرضى

بمجاري دمعه المنسكب
عند هذا برز المولود في

حلل تزري بأبهي سندس
وبدع سرّه لم يختف

صبغت حتى بدت كالأطلس
بضياء الشمس أم العجب

وغدا يبسم عن نور بدا
مثل درّ فتّ فيه الذهب

مذ رآه بلبل الحيّ شدا
بأغان ما شداها مطرب

فجلا من غمّة المكتئب
والهنا عمّ جميع الكائنات

فدَعت الشمس بالعمر المديد
بمعان ولغى مختلفات

لا يفيها وصفها إلا مجيد
ينظم الشعر بلفظ عربي


قسطاكي الحمصي

الحمدان
07-08-2024, 02:37 PM
يا عشير الصبا الكريم السجيه
لك عندي عهود ود قويه

كلما بت والكتاب سميري
أتهجى أيامنا المدرسيه

يا خليل إذا كر انت عهدا
لي على ذكره دموع سخيه

بعدت تلكم الليالي وحال ال
بين ما بيننا ولاحت ضحيه

بات ذاك الفتى أمس أبا شي
رين أو أختها الحديثي عليه

قد اتته عرائس منك كانت
تتهادى بكسوة عربيه

فغدت من كمال فضلك تزهو
بثياب غريبة اعجيه

لو رأى من به خوارزم باهت
حسنها قال هذه جبنويه

فلك الحمد حق صنعك هذا
فهو صنع الاديب ذي الالمعيه

وعليك السلام مني ما تر
جمت سفرا وما ذكرت هديه


قسطاكي الحمصي

الحمدان
07-08-2024, 02:38 PM
كل من فوق هذه الأرض يفنى
وسيبقى الاله رب الجلال

ليس للمرء بعد دنياه الا
ما اتاه من صالح الاعمال


قسطاكي الحمصي

الحمدان
07-08-2024, 02:39 PM
مثلكم فوق هذه الأرض كنا
أمس واليوم قد طوتنا القبور

فاخفضوا الطرف ان نظرتم الينا
فإلى ههنا تصير الأمور


قسطاكي الحمصي

الحمدان
07-08-2024, 02:39 PM
ظبي تهاب الأسد موقف طعنه
آجالنا سكنت بمرهف جفنه

سلب القوى بصدوده ونفوره
من مسعفي بوصاله وبأمنه

يا أيها الرشأ الذي من سحره
هاروت اصبح عاجزا في فنه

الرفق من شيم الملوك فلا تجر
يا مالكا كل القلوب بحسنه

حكم الغرام بمهجتي فأذابها
والشوق هد تصبري من ركنه

وجفاك فرق بين جفني والكرى
وسحاب جفني صب آخر مزنه

عطفا على صب صريع هواك إذ
قد كاد يقضي حسرة من حزنه

واسمح ولو بزيارة تطفي الجوى
وتحرق الواشي بخيبة ظنه


قسطاكي الحمصي
سوريا

الحمدان
07-08-2024, 02:40 PM
أي نجوى مخضلة النعماء
رددتها حناجر الصحراء

سمعتها قريش فا نتفضت غضبى
وضجت مشبوبة الأهواء

ومشت في حمى الضلال إلى
الكعبة مشي الطريدة البلهاء

وارتمت خشعة على اللات
والعزى وهزت ركنيهما بالدعاء

وبدت تنحر القرابين نحرا
في هوى كل دمية صماء

وانثنت تضرب الرمال اختيالا
بخطى جاهلية عمياء

عربدي يا قريش وانغمسي ما
شئت في حمأة المنى النكراء

لن تزيلي ما خطه الله للأرض
وما صاغه لها من هناء

شاء أن ينبت النبوة في القفر
ويلقي بالوحي من سيناء

فسلي الربع ما لغربة عبد الله
تطوى جراحها في العزاء

ما لأقيال هاشم يخلع البشر
عليها مطارف الخيلاء

انظريها حول اليتيم فراشا
هزجا حول دافق اللالاء

وأبو طالب على مذبح الأصنام
يزجي له ضحايا الفداء

هو ذا أحمد فيا منكب الغبراء
زاحم مناكب الجوزاء

بسم الطفل للحياة وفي جنبيه
سر الوديعة العصماء

هب من مهده ودب غريبَ
الدار في ظل خيمة دكناء

تتبارى حليمةٌ خلفه تعدو
وفي ثغرها افترار رضاء

عرفت فيه طلعة اليمن والخير
إذا أجدبت ربى البيداء

وتجلى لها الفراق فاغضت
في ذهول وأجهشت بالبكاء

عاد للربع أين آمنةٌ
والحب والشوق في مجال اللقاء

ما ارتوت منه مقلة طالما شقت
عليه ستائر الظلماء

يا اعتداد الأيتام باليتم كفكف
بعده كل دمعة خرساء

أحمد شب يا قريش فتيهي
في الغوايات واسرحي في الشقاء

وانفضي الكف من فتى ما تردى
برداء الأجداد والآباء

أنت سميته الأمين وضمخت
بذكراه ندوة الشعراء

فدعي عمه فما كان يغريه
بما في يديك من إغراء

جاءه متعب الخطى شارد الآمال
مابين خيبة ورجاء

قال هون عنك الأسى يابن عبد
الله واحقن لنا كريم الدماء

لا تسفه دنيا قريش تبوئك
من الملك ذروة العلياء

فبكى أحمد وما كان من يبكي
ولكنها دموع الإباء

فلوى جيده وسار وئيدا
ثابت العزم مثقل الأعباء

وأتى طوده الموشح بالنور
وأغفى في ظل غار حراء

وبجفنية من جلال أمانيه
طيوف علوية الإسراء

وإذا هاتف يصيح به اقرأ
فيدوي الوجود بالأصداء

وإذا في خشوعه ذلك الأمي
يتلو رسالة الإيحاء

وإذا الأرض والسماء شفاه
تتغنى بسيد الأنبياء

جمعت شملها قريش وسلت
للأذى كل صعدة سمراء

وأرادت أن تنقذ البغي من أحمد
في جنح ليلة ليلاء

ودرى سرها الرهيب علي
فاشتهى لو يكون كبش الفداء

قال : يا خاتم النبيين أمست
مكة دار طغمة سفهاء

أنا باق هنا ولست أبالي
ما ألاقي من كيدها في البقاء

سيروني على فراشك والسيف
أمامي وكل دنيا ورائي

حسبي الله في دروب رضاه
أن يرى فيّ أول الشهداء

فتلقاه أحمد باسم الثغر
عليما بما انطوى في الخفاء

أمر الوحي ان يحث خطاه
في الدجى للمدينة الزهراء

وسرى واقتفى سراه أبو بكر
وغابا عن أعين الرقباء

وأقاما في الغار والملأ العلوي
يرنو إليهما بالرعاء

وقفت دونه قريش حيارى
وتنزهت جريحة الكبرياء

وانثنت والرياح تجار والرمل
نثير في الأوجة الربداء

هللي يا ربا المدينة واهمي
بسخي الأظلال والأنداء

واقذفيها الله أكبر حتى
ينتشي كل كوكب و ضاء

واجمعي الأوفياء إن رسول الله
آت لصحبة الأوفياء

وأطلّ النبي فيضا من الرحمة
يروي الظماء تلو الظماء


عمر ابو ريشه

الحمدان
07-08-2024, 02:41 PM
وتلاقينا غريبين هنا
لم تكن أنتَ ولا كنتُ أنا

بدلت منا الليالي وانتهى
عبث الكأس وإغراء الجنى

موسم الورد أخذنا عطره
وتركنا فيه غصنا لينا

وافترقنا ونأى العهد بنا
ونسينا وتناستنا المنى

لا تثر ذكرى هوانا ربما
نفرت عن مقلتيّ الوسنا

آن للنعش الذي أودعته
كل أشلاء الصبا ان يدفنا

امض من دربي فما أحسبه
في خريف العمر إلا هينا


عمر ابو ريشه

الحمدان
07-08-2024, 02:42 PM
أصـبح الـسفح مـلعبا للنسور
فاغضبي يا ذرا الجبال وثوري

إن لـلجرح صـيحة فـابعثيها
فـي سـماع الدنى فحيح سعير

واطـرحي الكبرياء شلوا مدمى
تـحت أقـدام دهـرك السكير

لملمي يا ذرا الجبال بقايا النسر
وارمـي بـها صدور العصور

إنـه لـم يعد يكحل جفن النجم
تـيـها بـريـشة الـمـنثور

هـجر الوكر ذاهلا وعلى عينيه
شـيء مـن الـوداع الأخـير

تـاركا خـلفه مـواكب سحب
تـتهاوى مـن افـقها المسحور

كـم اكـبت عـليه وهي تندي
فـوقه قـبلة الضحى المخمور

هـبط السفح طاويا من جناحيه
عـلـى كـل مطمح مـقبور

فـتبارت عصائب الطير ما بين
شــرود مـن الأذى ونـفور

لا تـطيري جوابة السفح فالنسر
إذا مـا خـبرته لـم تـطيري

نـسل الـوهن مـخلبيه وأدمت
مـنـكبيه عـواصف الـمقدور

والـوقار الـذي يـشيع عـليه
فضلة الإرث من سحيق الدهور

وقـف الـنسر جـائعا يـتلوى
فـوق شـلو على الرمال نثير

وعـجـاف البغاث تـدفعه
بالمخلب الغض والجناح القصير

فـسرت فـيه رعشة من جنون
الـكبر واهـتز هـزة المقرور

ومضى ساحبا على الأفق الأغبر
أنـقـاض هـيـكل مـنخور

وإذا مـا أتـى الغياهب واجتاز
مـدى الـظن من ضمير الأثير

جـلجلت منه زعقة نشت الآفاق
حـرى مـن وهجها المستطير

وهوى جثة على الذروة الشماء
فـي حـضن وهجها المستطير

أيـها النسر هل أعود كما عدت
أم الـسفح قـد أمـات شعوري


عمر ابو ريشه

الحمدان
07-08-2024, 02:43 PM
قفي قدمي ! إن هذا المكان
يغيبُ به المرء عن حسه

رمالٌ وأنقاضُ صرحٍ هوت
أعاليه تبحثُ عن أُسه

أقلِّبُ طرفي به ذاهِلاً
وأسألُ يومي عن أمسِه

أكانت تسيلُ عليه الحياةُ
وتغفو الجفونُ على أنسه

وتشدو البلابلُ في سعده
وتجري المقاديرُ في نحسه

أأستنطقُ الصخرَ عن ناحِتيه
وأستنهضُ الميتَ من رمسه

حوافر خيل الزمان المشت
تكاد تُحدِّثُ عن بؤسه

فما يرضع الشوكُ من صدرهِ
ولا ينعبُ البومُ في رأسه

وتلك العناكبُ مذعورةٌ
تريدُ التفلُّتَ من حبسهِ

لقد تعبتْ منه كفُّ الدمار
وباتت تخاف أذى لمسهِ

هنا ينفض الوهمُ أشباحهُ
وينتحرُ الموتُ في يأسه


عمر ابو ريشه

الحمدان
07-08-2024, 02:44 PM
قالتْ مللتُكَ إذهبْ لستُ نادِمةً
على فِراقِكَ إن الحبَّ ليس لنا

سقيتُكَ المرَّ من كأسي شفيتُ بها
حقدي عليك ومالي عن شقاكَ غنى

لن أشتهي بعد هذا اليوم أمنيةً
لقد حملتُ إليها النعش والكفنا

قالتْ وقالتْ ولم أهمسْ بمسمعها
ما ثار من غُصصي الحرى وما سَكنا

تركْتُ حجرتها والدفءَ منسرحاً
والعطرَ منسكباً والعمر مُرتهنا

وسرتُ في وحشتي والليل ملتحفٌ
بالزمهرير وما في الأفق ومضُ سنا

ولم أكد أجتلي دربي على حدسِ
وأستلينُ عليه المركبَ الخشِنا

حتى سمعتُ ورائي رجعَ زفرتها
حتى لمستُ حيالي قدَّها اللدنا

نسيتُ مابي هزتني فجاءتُها
وفجَّرَتْ من حناني كلَّ ما كَمُنا

وصِحتُ يا فتنتي ما تفعلين هنا
البردُ يؤذيك عودي لن أعود أنا


عمر ابو ريشه

الحمدان
07-08-2024, 02:46 PM
أنا في موئل النبوة يا دنيا
أؤدي فرائض الأيمان

أسأل النفس خاشعا أترى
طهرت بردي من لوثة الأدران

كم صلاة صليت لم يتجاوز
قدس آياتها حدود لساني

كم صيام عانيت جوعي فيه
ونسيت الجياع من إخواني

كم رجمت الشيطان والقلب مني
مرهق في حبائل الشيطان

رب عفوا إن عشت ديني ألفاظا
عجافا ولم أعشه معاني

أنا من أمة تجوس حماها
جاهلياتها بلا استئذان

مزقت شملنا شعائر شتى
وقيادات طغمة عبدان

مرنتنا على الهزيمة والجبن
وبعض الحياة بعض مران

فاستكنا لا بارك الله في
صبر ذليل ولا بكاء جبان

يا بن عبد العزيز وانتفض العز
وأصغى وقال :من ناداني

قلت: ذاك الجريح في القدس
في سيناء في الضفتين في الجولان


عمر ابو ريشه

الحمدان
07-08-2024, 02:47 PM
لا تغني فإن حشرجة الميت
وجهش النعاة في مسمعيّا

أتغنين ذكرياتي وكانت
كوثرا في فم الزمان شهيا

يوم أسقى من راحة الوحي خمري
وأصوغ الحياة شعرا نديا

وأرى توبة الزمان بعينيك
فأنسى ما قد أساء إليّا

أسمعيني على أنين الأماني
من عثار الشباب لحنا شجيا

أوجوم فـيم الوجوم منى النفس
وفيم الذهول يكسو المحيا

أترامت عليك أشباح ذكرى
تترك الحب يا هلوك حييّا

حولي ناظريك عني فما أسطيع
أجلو سرا هناك خفيا

ويح نفسي ما للعواصف تخبو
ويفت الخذلان في ساعديّا

أنا طفل الحياة يا ضلة الروح
فعفوا إن جئت أمرا فريا

فبليني فقد شعرت بروحي
وثبت وارتمت على شفتيّا

لست أنت التي أضمك بل
دنيا فتون وعالما علويا

أتبسمت بعد صمت رهيب
كان يدوي في مسمعيا دويا

خدريني بنغمة تقتل اليأس
وتهمي بالمسكرات عليا

حسنا تفعلين غني أعيدي
اخفضي الصوت تمتميه إليّا

اتركيني على ذراعك أغفو
وأذيبي الأصداء شيا فشيا


عمر ابو ريشه

الحمدان
07-08-2024, 02:48 PM
أمتي هل لك بين الأمم
منبر للسيف أو للقلم

أتلقاك وطرفي .. مطرق
خجلا من أمسك المنصرم

ويكاد الدمع يهمي عابثا
ببقايا .. كبرياء ....الألم

أين دنياك التي أوحت إلى
وتري كل يتيم النغم

كم تخطيت على أصدائه
ملعب العز ومغنى الشمم

وتهاديت كأني ... ساحب
مئزري فوق جباه الأنجم

أمتي كم غصة دامية
خنقت نجوى علاك في فمي

أي جرح في إبائي راعف
فاته الآسي فلم يلتئم

ألاسرائيل .. تعلو ...راية
في حمى المهد وظل الحرم

كيف أغضيت على الذل ولم
تنفضي عنك غبار التهم

أوما كنت إذا البغي اعتدى
موجة من لهب أو من دم

كيف أقدمت وأحجمت ولم
يشتف الثأر ولم تنتقمي

اسمعي نوح الحزانى واطربي
وانظري دمع اليتامى وابسمي

ودعي القادة في أهوائها
تتفانى في خسيس المغنم

رب وامعتصماه انطلقت
ملء أفواه البنات اليتم

لامست أسماعهم ..... لكنها
لم تلامس نخوة المعتصم

أمتي كم صنم مجدته
لم يكن يحمل طهر الصنم

لايلام الذئب في عدوانه
إن يك الراعي عدوَّ الغنم

فاحبسي الشكوى فلولاك لما
كان في الحكم عبيدُ الدرهم

أيها الجندي يا كبش الفدا
يا شعاع الأمل المبتسم

ما عرفت البخل بالروح إذا
طلبتها غصص المجد الظمي

بورك الجرح الذي تحمله
شرفا تحت ظلال العلم



عمر ابو ريشه
سوريا

الحمدان
07-08-2024, 02:56 PM
هـي والدنيا وما بـينهما
غصصي الحرى وأهوائي العنيدة

رحـلة لـلشوق لـم أبـلغ بها
مـا أرتـني من فراديس بعيدة

طـال دربـي وانتهى زادي له
ومضى عمري على ظهر قصيدة

عمر ابو ريشه

الحمدان
07-08-2024, 02:57 PM
تنفس الصبح من شكواي بالسحرِ
وغاب بدر الدجى إذ مل من سهري

وفاض دمع الحيا لما رأى بدني
فاضت عليه سيول الدمع كالمطر

شوقاً لغانيةٍ درمٍ مرافقها
ضمت مناطقها قلباً من الحجر

ما كان ألينه في الزنبقية لي
أيام كنت من الشيب الشنيع بري

والكأس تطفح والأطيار تصدح وال
غادات تمرح بين الناي والوتر

صارت عهود هواها عند رؤيته
كحجة كتبتها الريح في الغُدُر

وأصبح الشمل بعد الوصل منبتراً
بصارمٍ من صدودٍ غير منبتر

مهند الحد ما حاكت مضاربه
إلّا ظبي راشد أمضى من القدر

والٍ يلاحظ سوريا بغيرته
فلا تطل عليها آفة الغيَر

فهو الهمام الذي تغني مهابته
عن الحسام فلم تترك ولم تذر

نالت دمشق أمانيها بقودته
من بعد قطع الرجا من كل مقتدر

فالعدل في فرحٍ والظلم في ترحٍ
والعلم في مرحٍ والجهل في كدر

يا فاتح السلط كم من جنة فتحت
أبوباها يدك البيضاء للبشر

وطاف حولك فيها كل ذي أملٍ
كما يطاف بذات الركن والحجر

فلا برحت عريض الجاه مقتدراً
تشق هام العدى بالصارم الذكر

ودمت كعبة آمالٍ تحج لها
مقاصد الناس من بدوٍ ومن حضر


سليمان الصولة

الحمدان
07-08-2024, 02:59 PM
للَه ليلتنا بجلق والدجى
من نور ربات الخدور نهارُ

وثغورهن كأنهن حدائق
تفتر بين زهورهن عقار
امتص منها الراح غير مقصرٍ

وأقول ساعات السرور قصار
ما خلتها واللَه إلّا ليلة ال
قدر التي تمحى بها الأوزار

فيها تمايل قدُّ مَيَّ وضمني
لنهودها فلقٌ عليه سوار

وبها حظيت براح ريق باردٍ
لولاه ما بردت لقلبي نار

باتت تعاطيني الكؤوس روية
وعلى الكؤوس من الرضاب نثار

حتى إذا اكتحلت بأميال الكرى
وجرى الذي حكمت به الأقدار

نبّهت منها للصبوح وما دنا
وقت الصباح رشاً عليه وقار

فتبسمت عجباً وقالت ويلتي
أين النهار فقلت أنت نهار


سليمان الصولة

الحمدان
07-08-2024, 03:00 PM
خالٌ بخدك أم سمندل نارِ
أضحى أسير جمالك الجبارِ

أم عبد رق صالح وكّلته
بالنور من خديك بالنوّار

فدّيت بالأحرار دار ملاحة
هو عيدها حتى بعيد الدار

فرشت له ورد الخدود وأسبلت
عوض الحرير عليه آس عذار

لكنه ما رام جرعة مرضبٍ
إلا سقاه الخد جرعة نار

يا أيها القمر الذي كتب اسمه
قلم الجمال بأوجه الأقمار

ما مثل خالك غير حبة عنبرٍ
بالنار تفحصها يد العطار

أو نقطةٌ سقطت من القلم الذي
مدح الأمير محمد العكّاري

أسدٌ إذا لمح الخميس خياله
حسد القطا وثعالب الأوكار

يفتر للحرب العوان كأنها
برزت له بكواعبٍ أبكار

وبكفه القبس الذي لا تلتظي
جمراته إلا على الأشرار

فترى الوجوه لديه تسجد مثلما
سجد المجوس لغير وجه الباري

وعلى عوامله الرؤوس كأنها
بعد انفجار مواضع الأفكار

ثمرٌ أصابته السهام ولم يزل
متماسكاً بذوائب الأشجار

أكرم به وبآله الغر الغضا
رفة الكرام خلائف الأنصار

الطاعنين بكل رمح خارقٍ
والضاربين بكل سيفٍ بار

والخائضين إلى الكتائب مثلها
بسلاهب مذخورة لضواري

من كل سابحةٍ كأن جبينها
من فضةٍ وأديهما من نار

ومطهم مثل العروس كأن من
علق النفوس عليه سيل نضار

لولاك ما صارت موارد مثله
أوداج كل غضنفر قمهار

يا من ذكا النادي بطيب حديثه
وترنم الحادي به والساري

وتشابهت أقواله وفعاله
كتشابه الدينار بالدينار

إني امتدحك طامعاً بولاك لا
بنواك مع مابي من الإعسار

فنداك مبذولٌ لكل مؤملٍ
كاسٍ بأثواب الحجى أو عار

إني لأرجو أن تتيه نفائسي
بيد النفيس على بني الأفكار

ليقول من عرف الجياد وغيرها
شتان بين مطهَّمٍ وحمار

فاقبل فدتك النفس خير خريدة
عذراء ذات رشاقةٍ ووقار

وافتك بين المشرفية والقنا
لم تخش هول ذوابلٍ وشفار

فلقد تهون على النفوس إذا صبت
نحو الفخار عظائم الأخطار

دامت تحييك القرائح بالدمى
ودم العدى هامٍ لديك وجار

وبقيت مرموق الجناب موفقاً
ما جن ليلٌ وانتهى بنهار


سليمان الصولة

الحمدان
07-08-2024, 03:01 PM
مولاي إن الفتى الشامي في مرضٍ
لو جاور الشمس ما أبقى لها نورا

حار الطبيب وحار الفيلسوف به
فكل من شامه ألفاه مسحورا

وكان ما بيننا ما لست تجهله
دامت علومك تحبو الناس تنويرا

فاليوم لما ابتغى مني مسامحةً
سامحته لا أراه اللَه تكديرا

وقد أتاني كتاب منه غادرني
خوفاً عليه بسيل الدمع ممطورا

يرجو بواسطتي الإسعاف من ملك
ساد الملوك كما ساد الهدى الزورا

دعاؤه والندى سيلان صوبهما
يمحو البوار ويحيى المربع البورا

فإن رأى خلف الهادي عيادته
وتلك سنة طه عاد مأجورا

وسيدي خير مختارٍ لسنته
أدامه اللَه محموداً ومشكورا


سليمان الصولة

الحمدان
07-08-2024, 03:01 PM
أبا حسنٍ طال انتظارُ عصَابةٍ
رَجَتكَ لما يُرجَى له الماجدُ الحرُّ

وقد حان بل قد هانَ لولا المطال أن
يحلَّ لهم عن وعدك الموثَقِ الأسرُ

وقد فاتهم من قربكَ الأُنسُ والمنى
وحَارَبَهُم فيك اختيارُكَ والدهر

فإن كنتَ قد عُوَّضتَ عنهم بغيرِهم
فَعَوَّضهم راحاً يزول بها الفكرُ

فأُنسُ الفتى في الدهرِ خِلٌّ مساعدٌ
وإن فاتَه الخِلُّ المساعدُ فالخمرُ

فإمَّا رسولٌ بالنبيذ مُبَادِرٌ
وإلا فلا تغضب إذا غضبَ الشِّعرُ


ابو الخير الطباع

الحمدان
07-08-2024, 03:02 PM
يا قُبلةً نِلتُها على دَهَشٍ
من ذي دلالٍ مُهَفهَفٍ غَنج

قد حيَّر الخِشفَ غُنجُ مُقلتهِ
والوَردُ توريدُ خَدِّه الضَّرج

إذا تثنِّى أو قام مُعتدلاً
قال له الغُصنُ أنت في حَرَج

قد قسَّمَ الحُسنُ مُقلَتيك أبا القا
سم بين الفُتور والدَّعجِ

قل لهما يَرفُقا بقلبِ فتىً
طَوَيتَ أحشاءَه على وَهَجِ

فمنهما لاعَدِمتَ ظُلمهما
سُقمُ فؤادي ومنهما فَرَجي


ابو الخير الطباع

الحمدان
07-08-2024, 03:03 PM
نعم الوليد لعمر الله أنت إذا
ما ذم بين الأنام الوالد الولدا

فإن مثلك من يرثي لحالته
فتى وان كان عن طرق الهدى بعدا

فكيف والدك الأدنى وأنت له
روح يصادف فيك الغي والرشدا

فمن أبوك الذي هذي سجيته
فما أظن عَلَى ما قلته أحدا


ابو الخير الطباع

الحمدان
07-08-2024, 03:03 PM
إذا رمت في الدنيا تعيش مهنئاً
وتغدو أمام الخلق شهماً مقدما

وتحيي حياة ملؤها المجد والعلا
ففرض عليك اليوم ان تتعلما


ابو الخير الطباع

الحمدان
07-08-2024, 03:04 PM
العقل يوجب والشريعة تحكم
شكر الذي يولي الجميل محتم

فلأشكرن الى الممات فتى سعى
بالعود لي حيث العقول تقوم

قد صرت من نحو الحضيض على شفا
جرف يكاد بغير شيء يهدم

فاعاد لي المجد المخلد ذكره
هذا الهمام الماجد المتقدم

احييتني وحياة مثلي في الدني
تحي بها روح الشعوب وتسلم

فلأنت أنت اخوا لكواكب رفعة
وانارة ولأنت أنت المنعم


ابو الخير الطباع

الحمدان
07-08-2024, 03:05 PM
تالله ان الذي قد جال في خلدي
ما حاكه قول ذي عذل وذي حسد

ولم يكن ذاك من وهم كما زعمت
بنات فكرك ان الزعم لم يفد

وان ودك اخشى أن تمزقه
يد الهواجس يا من وده كبدي


ابو الخير الطباع

الحمدان
07-08-2024, 03:05 PM
يا صاحبيَّ دعاني من دجى الجدل
فذا لودكما من أكبر العلل

واقبلا بي إلى بحث يكون لنا
ذكر به بين أهل العلم كالمثل

أنا المتيم في خود العلوم إذا
سواي قد تيمته ربة الحجل

يا صاحبيّ أجيبا ما بدا لكما
عن سائل ضل عنه واضح السبل

أضعت شرخ شبابي فالمراد إذاً
أإدراك ما فاتني في الأعصر الأُول

سلكت في النحو أعواماً احصله
فما حصلت على صاب ولا عسل

والآن قصدي طريق لستفيديها
في النحو برهة عام منتهى أملي


ابو الخير الطباع
سوريا

الحمدان
07-08-2024, 03:06 PM
لئن أخنى الزمان عَلى عكاظ
فأمسى وهو مندرس النواحي

فقد أضحى بمدرسة النجاح
رفيع الذكر مزدان المراح

لقد قام العلا فيها خطيباً
وقال العلم حيّ على الفلاح

واذن عَندَلِيبُ المجد لما
بدا من افقه نور الصباح

بمدرسة لها التمت المعالي
وآضت شمسها ذات اتضاح


ابو الخير الطباع

الحمدان
07-08-2024, 03:07 PM
أسفاً عليك لقد اضعت بما مضى
عمراً سويعته تفوق الجوهرا

تشري القليل وأنت مسرور به
أعجب بذا وبه العناء تصورا

لو كنت في الشيء اليسير من الدنى
ضيعت عمرك كان ذلك انضرا

إني أخال ولو أقول علمته
ما كنت في هذا المقال أخا افترا

إن قد قضيت نفائس الأوقات في
ذا السفر حتى في المنام تصورا


ابو الخير الطباع

الحمدان
07-08-2024, 03:07 PM
عليَّ اوجبتموا شكراً لما نسجت
منوال افكاركم من صنعة الأدب

يا للسرور اذا دام الطلاب كما
رأيته اليوم عادت نهضة العرب

هذي الطريقة لا تثني لطالبها
اعنة العزم هذي منتهى الطلب

لله در طريق تسلكون بها
لها السلاسة تزري بابنة العنب


ابو الخير الطباع

الحمدان
07-08-2024, 03:08 PM
سلني الذي شئت يا ذا الفضل والأدب
فليس غير العلا والمجد من ارب

أرجو وآمل اني انثني بثنا
يكون لي للمعالي أقرب السبب


ابو الخير الطباع

الحمدان
07-08-2024, 03:09 PM
هلمي انظري قبلات الربيع
على معطف السهل والرابيهْ

سَرَتْ في السموات أنفاسُه
فعطَّرتِ الحقلَ والساقيهِ

وآذار يلعب فوق المروج
كما تلعب الطفلة اللاهيه

يعانقها وهو جمُّ الحنين
فتغريه بالمقلة الرانيه

ويلقي عليها وشاح الخلود
وألوانه العذبة السابيه

ويبعث فيها شعاع الهوى
فتهتز من وجهه صابيه

تألقت الأرض من وشيه
فلم تبق زاوية خاليه

وقد زين الروض أفياءه
بأحلى مطارفه الكاسيه

خمائله من نسيج النعيم
تأرج بالنفحة الذاكيه

جواء من الطير طفاحة
تنغِّمَ رائحةً غاديه

كأن النسيم أخو سكرة
تعايا من الخمرة الهانيه

تعاشيب ناهلة بالطيوب
مفضضة الثوب والحاشيه

كأن على الأرض عرساً يقام
فتمشي إليه الدنا حابيه

تعالت إلى الله أفراحه
تمايد حافلة حانيه

وهَبَّتْ مواكبه الضاحكات
تجدد أعيادها الباهيه

رياحينها قد ملأن الفضاء
ولم تخل من عطرها ناحيه

ففي الجو ذابت أغاني الطيور
بهينمة النسمة الساليه

وفي الحقل ثار ضجيج القطيع
حنيناً لشبّابة الراعيه

تذوب من الحب أنغامها
فتخفت من ناره الصاليه

براها الهوى وطوت سره
فبان من النغمة الفاشيه

فيالك عرساً بهيَّ الإطار
جديد الرؤى والمنى الهانيه

هلمي افتحي كوة للربيع
لنشرب فرحته ثانيه

فقد ملت الروح عبء الظلام
وحنت إلى البسمة الضاحيه

أكان سجوك غير الرقاد
تغلغل في المقلة الساهيه

وأغفل بين شعاب الجفون
تصاوير من مهجة باكيه

يبين على صفحتيها الأنين
وتخشع فيها الرؤى جاثيه

توهّج من ماسها في العيون
روايات أحزانها الطاغيه

هلمي اقرئي خافيات الحظوظ
وما تضمر العيشة الباغيه

ونوحي على حلم مورق
تبدد في السكرة الغاشيه

سيمضي الشباب كأن لم يكن
سوى ذكرة حلوة ساجيه

تجدد أحلامه الغابرات
وترجع نشوته الماضيه

كأن له ملعباً ساحراً
تناسته أيامه الخاليه

تموج بأفيائه النعميات
وتلمع فيه المنى الغانيه

بدا والحياة على جانبيه
تنيه بأحلامها الغاويه

محفة آذار تلقي عليه
أزاهيرها الغضة الناديه

تعالي نوثق عهود الهوى
ونسرد حكاياتها النائيه

ونوقظ لياليها الغاليات
ولولا الهوى لم تكن غاليه

أقاصيص ملء الربا والوهاد
تناثرن من أكبد شاكيه

أرجن وعطرن هذا الفضاء
كما تأرج الزهرة الناميه

ولقنّ منه معاني الحياة
وأدركن من دائه ماهيه

رويدك ولنستمع سره
فإن له ألسناً حاكيه

وإن له سيراً جمة
تناقلها الأنفس الصاغيه

تعالي إلى الصدر تلقي به
شكايات أضلاعه الحانيه

وأوجاع خافقه المستهام
وإرنان أفيائه الواهيه

فلا البثُّ يهدئ تحتانه
فيرتاح من شجوه ثانيه

ولا الحب يوليه بعض المنى
فيفرح بالمنحة الراضيه

ويرسل أنغامه حلوة
فتحيا بها المهج الداميه

ولما اقتسمنا دموع العيون
تفردت بالدمعة القاسيه

فلا هي تسكن شعب الجفون
فتخفى ولا هي بالهاميه

أطلت رنوك نحو السماء
وأطرقت راهبة خاشيه

فهل تبحثين عن الغائبين
ومن غاص في اللجة الطاميه

فرابتك ضفة هذي الحياة
وخفت من الضفة التاليه

فنحت وصحت النجاة النجاة
وأين المفرّ من الهاويه

هنالك لا النور ضافي الجناح
ولا الطير صادحة شاديه

خلت من بهارج هذا الوجود
وأحلامه الحلوة الزاهيه

سوى موجة من بنات السماء
تحوم بأرجائها عاريه

يشع على جانبيها الخلود
وما ضم من صور ساميه

كأن عليها إطار النعيم
وغبطته اللذة الشافيه

حنانيك لا تسبحي في الدموع
ولا ترهبي الراحة الناجيه

فما إن تقي من إسار الردى
إذا حُمَّ يوم النَّوى واقيه

وليس ترد عليك الدموع
سوى حرقة مُرَّة واريه

ورُبَّتَ أمسية برّة
ترفّ بها الذِّكَر القاصيه

جلست على جنبات الغدير
أشيع أمواهه الجاريه

أردد أشعاريَ النائيات
وأستقبل الفكر الآتيه

وتشدو الطيور أغاريدها
فأختار من فمها القافيه

وددت من الغيب كل الوداد
لو اني لأشعارها راويه

ويوحي المساء إلى خاطري
هواجس غامضة خابيه

موشحة بطيوف العفاء
كأن بها جنة باديه

فأصغي إلى همسه المستطاب
وأسمع ألحانه الخافيه

أعب لذاذاته الطافحات
وأكرع سكرته الصافيه

وأنسى متاعب هذا الوجود
وعيشته الوحشة الجافيه

وغيبوبة مثل كهف النسور
تضيع بها الأنفس الرائيه

توشحها مائجات الغيوم
وأطياف أجنحها الضافيه

رقيت أعاليها مفرداً
وروحيَ سباقة حاديه

وخلفت جسميَ في الهامدات
تطيف به الصور الفانيه

وأطللت من فرجات الضباب
على عالم الرمم الباليه

تجردت من صفة الهالكين
ومتعت بالصفة الباقيه

وقد غبت عني كأن لم أكن
سوى نفحة سمحة عاليه

وأنسيت أني ابن هذا التراب
وضجعته المرة الباغيه

بكاء على أمل لامع
تطاير في الفينة الصاحيه

وغلغل في عالم غامض
أمانيه ساخرة هاذيه

هلمي افتحي كوة للضياء
لننسى بها الكوة الداجيه

فليس لنا أمل بالربيع
ونفحته العذبة الساريه

وما العمر غير ربيع الشباب
ربيع الهوى والرؤى الوافيه

تجوس به الذكريات العذاب
ويغمره الحبّ والعافيه

إذا طاح طاحت مسالي الوجود
وغابت مفاتنه الحاليه

وصار إلى عالمٍ موحش
كصحراء خالية خاويه

أسيت لعمر تولى سناه
كإيماضة الشعلة الوانيه

فيالك من عمر ضائع
كما تنثر الباقة الذاويه

هوى النجم من شرفات الحياة
فأمست على إثره هاويه

أفاتك أني جمّ الجروح
أعيش على يدك الآسيه

فوليت عني وخلفتني
أحن إلى الساعة القاضيه

أموت وقيثارتي ما تزال
تنوح على مهجتي الصاديه


أنور العطار

الحمدان
07-08-2024, 03:10 PM
خفقَ القلبُ فاذَّكرتُ بلادي
وبلادي الحقولُ والأدغالُ

وبلادي الأنهارُ تهتفُ فرحى
والنَّدى السمحُ والسُّلاف الحلال

والرّياضُ اللطافُ تعبقُ بالعطرِ
حلتْها الأفياءُ والأظلال

والينابيعُ حفُّلٌ بالأناشيد
تراخى فيها السَّنا والبِلال

لا يُروّعكِ مدمعي وهُيامي
أنا سرّ الهوى وأنتِ الجمال

تتراءى لناظري منكِ أرواحٌ
رقاقٌ يلذّ منها الوصال

فأناجي وما أملُّ المناجاةَ
وأصبو وللهوى استرسال

وبنفسي لحنٌ حبيبٌ يُسلّيني
وحلمٌ يهفو إليه البال

وتصاويرُ من رباعيَ شتّى
ما لَها الدَّهرَ في الوجودِ مثال

هيَ سلوايَ إنْ أظلّني الهمُّ
وسادَتْ بيَ الخُطوبُ الثِقال

نَهِلَ الحُبُ من مناعمها الزّهر
وضاءتْ بسحرها الأشكال

فهيَ في العينِ صورةٌ ليس تُمحى
نامَ عنها البلى وأغفى الزَّوالُ

وهي في القلبِ فرحةٌ تملأ القلبَ
فتطوى بُحلمهِ الآجالُ

يا رباعَ الخُلودِ عاشَ لكِ السّعدُ
ولا زالَ خِدْنُكِ الإقبالُ

أنتِ مني الحُلْمُ الذي أشتهيهِ
ومجنّي ومفزعي والمآلُ


أنور العطار

الحمدان
07-08-2024, 03:10 PM
ذكرتكِ والقلبُ نهبُ الفتونِ
رهينُ الرؤى الحلوةِ الوافيهْ

و "لبنان" يسبحُ في نشوةٍ
من السحرِ والحبّ والعافيهْ

توشَّحَ بالعبقِ المستطابِ
وغلغل في البهجةِ الضَّافيهْ

ونامَ على شرفاتِ الغمامِ
وطافتْ بهِ الخضرة الحاليه

تناثرُ فوقَ الروابي قُراهُ
كما تتناثرُ آماليه

على كلِّ مائسةٍ صادحٌ
وفي كل وارفةٍ شاديه

وتُصغي الوهادُ إلى قصَّةٍ
من الحبّ تسردها الساقيه

وقد أنصتَ الكونُ إلاّ صدى
يردّدُ أنسْودةَ الراعيه

تطلَّعُ في زهوها الراسياتُ
حنيناً إلى عودةِ الثاغيه

ونمَّ على الدربِ سحرُ الغناءِ
فأغفى على النغمةِ الصَّافيه

وظلَّ المساءُ يحومُ عليهِ
ويرعاهُ بالمقلةِ الرانيه

وفي خلوةِ الحقلِ نبعٌ حبيبٌ
يهدهدُ أوجاعهُ الباكيه

كأنَّ على النبع ِ قيثارةً
تنوحُ ملوَّعةً شاكيه

و (بيروتُ) نائمةٌ في السفوحِ
تُتَممُ أحلامها الزّاهيه

ترامتْ على البحرِ مأخوذةً
تُناجيهِ حانيةً صابيه

رأيتُكِ (لبنانيَ) المشتهى
وجنَّتهُ اللذةَ الشّافيه

وأبصرتُ وجهكِ يطفو عليهِ
ويغمرُ أرجاءهُ النائيه

فغابتْ مسارحهُ الغالياتُ
ولم يبقَ غيرُك يا (غاليه)


أنور العطار

الحمدان
07-08-2024, 03:11 PM
بردى المشتهى يفكرُ شعرا
وهو يحيا لحناً وينسابُ عطرا

في حناياهُ أضلعٌ تتناجى
وقلوبٌ من حرقة الحبّ حرّى

خبر العالمينَ جيلاً فجيلاً
ووعى الكائنات دهراً فدهرا

خط في مصحف الوجود سطوراً
باقيات تختالُ تيهاً وكبرا

معجباتٍ أنقى من الفن لألآءً
وأبهى من سطعةِ العلم فكرا

يتلوَّى زهواً كراقصةِ الحانِ
تنزّى وجداً وتقطرُ خمرا

مرَّ في الأرض كالربيع ائتلاقاً
وكأيامهِ صفاءً وبشرا

وكسا جلَّق الأنيقة ثوباً
عبقرياً من نعمةِ الفجر أطرى

أيّهذا النهرُ الحبيبُ إلى نفسي
ويا ملهمي إذا قلتُ شعرا

عشْ بقلبي لحناً على الدهر حلواً
واسرِ في خاطري فتوناً وسحرا


أنور العطار

الحمدان
07-08-2024, 03:12 PM
أحنُّ إليكم كلّما ذرَّ شارقٌ
وأبكيكمُ ما عشتُ في السرّ والجهرِ

أحبّايَ يا سؤلي ويا غاية المنى
طويتمْ ضلوعَ القلبِ مني على الجمرِ

وبتُّ أناجيكمْ وأهفو إليكمُ
وأصبو إلى لقياكمُ آخرَ الدهر

كأنّيَ لحنُ الحب قيثارة الهوى
أنوحُ على الأحبابِ بالأدمع الحمر

أصوغهم شعراً يفيضُ مواجعاً
وأنظمهمْ عقداً يتيه على الدرِّ

وأودعهمُ قلباً تقطّع حسرةً
عليهمْ، وعيناً دمعها أبداً يجري

فيا عهدهمْ لا زلتَ نضراً على البلى
ترفُّ رفيفَ النورِ في أضلع الزهر

ويا طيفهم زدني اشتياقاً ولوعةً
يزدكَ الهوى ما شئتَ من دامعِ الشعر

فيا أيُّها الغادون لا البينُ صدَّهمْ
ولا حجبتْ أنوارهمْ ظلمةُ القبر

جفونيَ مأواهمْ، ضلوعي قبورهم،
فيالقبورٍ خطَّها الحبُّ في صدري

سَلوا الجفنَ هل طافتْ به سنةُ الكرى
سلوا الليلَ هل دارتْ به مقلةُ الفجر

إلى اللهِ أشكو ما أقاسي من النَّوى
وما يتنزّى في الخواطر من ذكر

بروحيَ أنتم من محبينَ ودَّعوا
فودَّعتُ أفراحي وفارقني صبري

ولم تؤوني الأرضُ الفضاءُ كأنني
سجينٌ أقضّي العمرَ في النفي والأسر

بعيدٌ عن السلوانِ، صفرٌ من الألى
أشاعَ هواهم لذّةَ الشعر في ثغري

فهل علمَ الأحبابُ أنّ خيالهمْ
سميريَ في حُلوِ الحياةِ وفي المرِّ

إذا نسيَ الإنسانُ في اليسرِ صحبه
فلا خيرَ في التذكارِ في ساعة العُسر

أأيامنا لا زلتِ معسولةَ الجنى
كروضٍ شذيٍّ رفَّ في حللٍ خضر

أناجيكِ بالقلبِ اللهيفِ من الجوى
وأرعاكِ بالودِّ البريءِ من الغدر

وأسقيكِ دمعَ العينِ سقيا كريمةً
إذا ضنَّ جَفْنُ السحب بالساكب القطر

سلامٌ على تلك العهودِ فإنها
أمدَّتْ خريفَ العمر بالوارف النضر

وزانت أناشيدي ووشّتْ مدامعي
فمنْ لؤلؤٍ نظمٍ إلى لؤلؤٍ نثر

وما شئتَ من ظلٍّ رخيٍ ومن شذاً
وما شئتَ من طيرٍ يغنّي ومن نهر

أمانيُّ في زهو الحياةِ وفجرها
مرصعة الأفياءِ بالممتع المغري

أراكِ بعينٍ قد تنكّر دهرها
وما ألفتْ إلا الوفاءَ على النُّكر

وأصبو إلى ذكراكِ والذكر راحةٌ
لمنْ عاشَ في الهمّ المبرحِ والخسر

وأشتاق أُلافاً سقاني ودادهمْ
كؤوس الهوى حتى انتشيتُ من السكر

وحتى كأنَّ الدهرَ طوعُ أناملي
ينوّلني قصدي ويُبلغني أمري

إذا زرتني يا طيفهمُ في حمى الكرى
فقد زارني سعدي وعاودني بشري

وأشرقتِ الدنيا بعينيَّ وازدهتْ
لياليَّ بالأنوار والأنجم الزُّهر

وهوّن ما ألقاهُ من لاعج الضنى
وخفّف ما أشكوهُ من ثائرِ الفكر

مررتُ على الدارِ التي غالها البلى
وقوّضها حتى استحالتْ إلى قفر

فنازعني قلبٌ يذوبُ صبابةً
إليها، ودمعٌ لا ينهنهُ بالزَّجر

أطوفُ بها والروحُ يعصرها الشجا
ويغمرها بالبشرِ حيناً وبالذُّعر

هنا الأهلُ والأحبابُ والقصدُ والمنى
هنا الملتقى بعد القطيعةِ والهجر

هنا تجثمُ الذكرى، هنا ترقدُ الرُّؤى
هنا الموتُ يبدو في غلائله الصُّفر

هنا يقرأ الإنسانُ سفرَ حياتهِ
ويا هولَ ما يلقاهُ في ذلك السفر

صحائفُ إن قلّبتها ازددت حسرةً
على ما بها من غائل ِ الغدرِ والشر

هنا العبرةُ الكبرى التي دقَّ شأنها
وأعوزها سبْرٌ فأعيتْ على السّبر

هنا يخشعُ القلبُ الشجيُّ مردداً
كتابَ الرَّدى المحتوم سطراً إلى سطر

بنفسيَ أرواحٌ رقاقٌ حبيسةٌ
مضمّخةُ الأعطافِ مسكيةُ النشر

تأرَّجُ بالذكرى وتعبقُ بالهوى
كأنَّ بها عطراً أبرَّ على العطر

أعيشُ بها جذلانَ يسعدني الرضا
ويقنعني منها الخيالُ إذا يسري

سلامٌ على الأحبابِ إنّ طيوفهمْ
لتملأ هذا الفكرَ بالنائلِ الغمر

ولولاهمُ لم أجنِ ريحانةَ الهوى
ولولاهمُ ما شمتُ بارقةَ العمر

ولا صغتُ أنغاماً لطافاً شجيّةً
أرقَّ من النجوى وأصفى من الخمر

يرى المفردُ الحيرانُ فيها أليفهُ
وينسى بها دارَ الخديعةِ والمكر

عفاءٌ على الدنيا فما هي لذّةٌ
إذا كنتَ في شطرٍ وقلبكَ في شطر

ويا بؤسَ محيانا ويا طولَ غمّنا
ويا شدَّ ما نلقاهُ في الدهر من قسْر

ويا شوقنا للصحب في غمرةِ الرَّدى
وفي هدأة المثوى وفي رقدةِ العفر

نمرُّ خيالاتٍ يوشّحها الأسى
وننزع أثوابَ الحياةِ ولا ندري

ونطرحُ أياماً ثقالاً رهيبةً
براءً من الألوانِ خلواً من السحر


أنور العطار

الحمدان
07-08-2024, 03:13 PM
يا لياليَّ في الحِمى لستُ أَنْسَاكِ
على ما حملتِ من إقلاقِ

فكأنّا ما غاب عنا رؤاها
أو سقانا كأسَ المنيّة ساق

فارجِعي يا طيوفَها آمناتٍ
لا تخالي الردى سريعَ اللحاق

لا يُطيف السلوّ بالذاكر المُشْتَاقِ
والشوقُ مِيسم العشّاق

يا دياري التي حبَبَتُ ويا أَنْـفَسَ
ما قد ذخَرْتُ من أعلاق

يا أحبّايَ في ربوعي الغوالي
والمديدَ المديد من آفاقي

سدّد اللهُ في الحياة خُطاكم
وكفاكم مزالقَ الإخفاق

ورعاكم، وزانكم بسجايا
خالداتٍ على الليالي بواق

يومَنا المرتجى! تباركتَ يوماً
أنتَ في علم ربّنا الخلاّق

تتلاقى الأحبابُ في أفقكَ الرَّحْبِ
وتشفى من حُرقة الأشواق

هي في غمرة البقاء شَحارِيْـرُ
تغنّتْ بذكرياتٍ رِقاق

قد رَقَتْ في فضاء ربّيَ هَيْمى
وَهْيَ لمّا تزل تُحبّ المراقي

قد نزعنا ثوبَ الحياة قشيباً
وجرعنا الردى بكأسٍ دِهاق

وأفقنا وللصباح عبوسٌ
والدجى الوَحْف قاتمُ الأعماق

ملّتِ النفسُ صحوَها وكراها
واصطباحي من همّها واغتباقي

فمتى أستريح من عبئها القا
سي، وأنجو من سحرها البرّاق

يا مغيبَ الحياة أنسيْتَني النُّوْرَ
وأقصيْتَني عن الإشراق

ومحوتَ الوجودَ إلا رسوماً
أوثَقَتْها يدُ البِلى في وَثاق

نطقتْ بالمبين من مُحكَم القَوْلِ
وأفضتْ بسرّها المِغلاق

وجثتْ لا تردّ عنها العوادي
لا ولا تشتهي الخيالَ الراقي

آذنَتْنا أيامُنا بانقضاءٍ
وانطلقنا من قيدها الخنّاق

أعتقتنا المنونُ من أسرها الصَّعْبِ
ومِمّا حوتْ من استرقاق

ما انتفاعي بالبدر تِمّاً إذا كانَ هلالي تِرْبَ البِلى والمُحاق

رُبّ ليلٍ أمدّه القلبُ بالنُّوْرِ
وليلٍ محلولك الأَطباق

أنا من بعدكم حنينٌ وسُهدٌ
لستُ أخشى سُهدي ولا إفراقي

بين قلب على الأحبّة خَفّاقٍ
وطيفٍ على المدى طرّاق

ذلكم يا شقائقَ الروح والقَلْبِ سبيلي وتلكُمُ أخلاقي

فإذا غبتُ فالمعاد وشيكٌ
لمحبّ مُعذّبٍ مِقْلاق

وَدّعِ الصحبَ يا صريعَ الرزايا
ففراقُ الأحباب غيرُ مُطاق

وتأهّبْ فإنّما أنتَ ظلٌّ
راجف من تنقّل وانطلاق

والدياجي لا ترهب القاحمَ الفَرْدَ
ولا تستبدّ بالسبّاق

كلُّ غصنٍ إلى بِلىً وذبول
مثل رسمٍ مُهَدّمٍ أحذاق

كيف يعتاقني الحِمام عن الأَهْلِ
ولا يُرمض الحِمام اعتياقي

أنا في قبضة الإله وكم أَحْمَدُ
رقّي وكم أحبّ وَثاقي

فاذهبي يا حياةُ كَلَّ ذهابٍ
واطرحيني من ليلك الغسّاق

وخُذي ما أمضّني وعَناني
في ديار الإفقار والإملاق

تاقتِ النفسُ للخلاص من الأَسْرِ
وحنّتْ إلى المطاف الواقي

فمتى يا تُرى يتمّ انطلاقي
ومتى يا ترى يحين انعتاقي

قد كفتْنا الحياةُ همّاً وغمّاً
وشفتْنا المنونُ مما نلاقي

نتساقى كؤوسَنا مترعاتٍ
ولكم لذَّ في الجِنان التساقي

حِرتُ في الموت والحياة وأَعْيَا
نِيَ صحوي وطاب لي إغراقي

يا لَسُمٍّ نلذّه، وذُعافٍ
يحتسيه اللديغُ كالترياق

لا يحوم الشفاء حول مِهادي
والضّنى المرّ آخذٌ بالخناق

فاسترحْ أيها السقيمُ المعنّى
من فؤاد مُروَّعٍ خفّاق

نضبتْ أكؤسُ الهوى، وامّحى
البِشْرُ
ولاح الفراق خلف العناق

وتعرّتْ خيلُ الصّباء من الأُنْـسِ
وأَكْرِمْ بخَيْله من عِتاق

وطويتُ الشبابَ في ورق
العُمْرِ
وودّعتُه بدمعٍ مُراق

فارقدي يا حياةُ في كهفك الحاني
وفي مهدك الوثير الباقي


أنور العطار

الحمدان
07-08-2024, 03:14 PM
ونائحةٍ من بناتِ الهديلِ
تبثُّ إلى الروضِ أحزانها

عَراها من الدهرِ غُلْبُ الخطوبِ
فهبتْ تودعُ بستانها

وفي الصدرِ من وجدها حسرةٌ
تكادُ تفتتُ جثمانها

وعزًّ عليها فراقُ الغصونِ
وما يملكُ القلبُ هجرانها

ففيها مغارسُ عهدِ الهوى
سَقتها الغمائمُ هَتّانها

وفيها سريرُلصّبا ما يزالُ
يحنُّ فيرجِعُ ألحانها

فأذرَت مدامعَها الغالياتِ
وقد خضَّب الدمعُ أجفانها

وأهوتْ على النهرِ تُخفي الدموعَ
وتودعُ جنبيه تحنانها

أطافت بها زُمَرُ القانْصين
وأفقدها الدهرُ أعوانها

فضمتْ إلى صَدرها أفرُخاً
أثارَ التفرقُ إرنانها

وراحتْ تؤمُّ فسيحَ الغياضِ
وتبكي مدى العمر أوطانها


أنور العطار

الحمدان
07-08-2024, 03:15 PM
الخالدون جمال الأرض ما طلعوا
و الخالدون سنا الآباد ما همدوا

في العبقرية أحقابٌ لهم قُشُبٌ
و في البطولة آبادٌ له، م جُدُدُ

عاشوا جمال الدُّنا نَزَلَت
بهم مناياهُمُ بين الوَرَى خَلَدوا

كأنما يبدءونَ العُمُرَ ثانية ً
فإنْ هُمُ لَفَظوا أنفاسَهَم وُلِدُوا


أنور العطار

الحمدان
07-08-2024, 03:16 PM
أتسألين عن الخمسين ما فعلت
يبلى الشباب و لا تبلى سجاياه

في القلب كنز شباب لا نفاد له
يعطي و يزداد ما ازدادت عطاياه

فما انطوى واحد من زهو صبوته
إلاّ تفجّر ألف في حناياه

هل في زواياه من راح الصبا عبق
كلّ الرحيق المندّى في زواياه

يبقى الشباب نديّا في شمائله
فلم يشب قلبه إن شاب فوداه

تزيّن الورد ألوانا ليفتننا
أيحلف الورد أنّا ما فتنّاه

صادي الجوانح في مطلول أيكته
فما ارتوى بالندى حتّى قطفناه

هذا السلاف أدام الله سكرته
من الشفاه البخيلات اعتصرناه

جلّ الذي خلق الدنيا و زيّنها
يالشعر أصفى المصفّى من مزاياه

نحن الذين اصطفانا من أحبّته
فلو تدار الطلى كنّا نداماه

و شرّف الشعر لما صاغه ترفا
فكنت نعمته النشوى و معناه

و راح ينشدنا عصماء شفّة
و مقلة و جننّا فاستعدناه

روحي فدى و ثن ما كان أفقرنا
إليه في عزّة النعمى و أغناه

إن كان يذكر أو ينسى فلا سلمت
عيني و لا كبدي إن كنت أنساه

يا من سقانا كؤوس الهجر مترعة
بكى بساط الهوى لما طويناه



بدوي الجبل

الحمدان
07-08-2024, 03:17 PM
تمنّى الرّكب وجهك و الصباحا
فجنّ اللّيل من فجرين لاحا

وحنّ إلى ظلالك عبد شمس
يريح شجونه ظمأى طلاحا

حمى الله الكواكب من م
عدّ
وصانك بينها قمرا لياحا

و طمأن للجواري كلّ بحر
و بلّغها السعادة و النجاحا

بطاح القدس دنّسها مغير
فهل صانت كتائبنا البطاحا

و هل جبهت بحدّ السيف دعوى
كعرض القوم فاجرة وقاحا

و لم نغضب لها أيّام كانت
حمى نهبا و شعبا مستباحا

و لا صدّت سرايانا عدوا
و لا هاجت حمّيتنا كفاحا

و لا اهتزّت صوارمنا انتخاء
و لا صهلت صوافننا مراحا

نجابه باليهود دما و نارا
فنغضي لا إباء و لا طماحا

جلونا الفاتحين فلا غدوّا
نرى للفاتحين و لا رواحا

إذا انفصفت أسنّتنا وصلنا
بأيدينا الأسنّة الصفاحا

إذا خرس الفصيح فقد لقينا
من النيران ألسنة فصاحا

زماجر دكّت الطّغيان دكّا
و أخرست الزلازل و الرّياحا

و تعرف هذه الحصباء منّا
دما سكبا و هامات وراحا

و أشلاء مبعثرة تمنّت
على البيد الشقائق و الأقاحا

تتيه بها الرّمال و تصطفيها
من الفردوس ريحانا و راحا

يرفّ على خمائل غوطتيها
هوى بطل على الغمرات طاحا

فألمح في السّراب منى شهيد
تخيّل في الوغى الماء القراحا

فلا حرم الشهيد بروض عدن
على بردى غبوقا و اصطباحا

حمى دنيا أميّة أريحيّ
متين الأسر قد فرع الرّماحا

أبو حسّان إن طغت الرزايا
تحدّى الدّهر و القدر المتاحا

أشمّ الأنف أبلج سمهريّ
كأنّ على محيّاه صباحا

تمرّس بالخطوب فما شكاها
و لولا كبره لشكا وباحا

تذكّرت الشام أخاك سعدا
و من ذكر الحبيب فلا جناحا

أرقّ النّاس عاطفة و طبعا
و أعنفهم على الطّاغي جماحا

ينافح ، لا تروّعه المنايا
فإن شتم اللئيم فلا نفاحا

إذا بكت الشام أخاك سعدا
فقد بكت المروءة و السّماحا

زحمنا النجم منه على جناح
و فيّأنا مروءته و هوى صراحا

جراح في سريرتك اطمأنّت
لقد أكرمت بالصبر الجراحا

كأنّ الهمّ ضيفك فهو يلقى
على القسمات بشرا و ارتياحا

و قبلك ما رأت عيني هموما
مدلّلة و أحزانا ملاحا

و قد ترد الهموم على كريم
فترجع من صباحته صباحا

و يا دنيا أميّة لا تراعي
شبابك يغمر الرحب الفساحا

طلعت على العصور هدى و خيرا
غداة طلعت غزوا و اقتتاحا

و ما نبل الصّلاح على ضعيف
فبعض الذلّ تحسبه صلاحا

و علّمت الحضارة فهي فجر
على الأكوان ينساح انسياحا

و ربّ حضارة طهّرت و طابت
و ربّ حضارة ولدت سفاحا

و علّمت المروءة فهي عطر
من الفردوس يسكرنا نفاحا

و علّمت العروبة فهي عرض
لربك لن يهان و لن يباحا

أساح المجد حسبك لن تكوني
لغير شبابك المأمول ساحا

خذي ما شئت و اقترحي علينا
كرائم هذه الدنيا اقتراحا

أبا حسّان رفّ كريم ودّي
على نعماك فخرا و امتداحا

بلائي ما شهدت و ليس منّا
إذ عدّدتها غررا و ضاحا

إذا زحمتني الجلّى بروع
جمعت لها الإباء فلا براحا

و لو زحمت ثبيرا حين شدّت
عليّ لضجّ غاربه و زاحا

و أوجع من مصائبها خليل
أغار على المروءة و استباحا

يكتّم بغضه حقدا و جمرا
و يسمعني حنينا و التياحا

و يزعم كيده سرّا خفيّا
لقد جهر الزّمان به افتضاحا

تنكر و هو لو كشّفت عنه
أسفّ مجانة و هوى مزاحا

و ذلّ فلا نسمّيه عداء
و هان فلا نسمّيه نطاحا

و لو شئنا جزيناه و نرضي
شمائلنا فنوسعه سماحا

أتنكرني الشام و في فؤادي
تلقّيت الصوارم و الرماحا

إذا نسيت على الجلّى وفائي
فقد عذروا على الغدر الملاحا

و غنّيت الشام دما و ثأرا
فلا شكوى عرفت و لا نواحا

و أكرم عهدك الميمون شعري
فقلّده جواهري الصحاحا


بدوي الجبل

الحمدان
07-08-2024, 03:18 PM
حنا السراب على قلبي يخادعه
بالوهم من نشوة السقيا و يغريه

فكيف رحت و لي علم ببطاله
أهوى السراب و أرجوه و أغليه

ويح السراب على الصحراء تسلمه
رمالها السمر من تيه إلى تيه

يزوّر الماء للسقيا و لهفته
حرّى إلى منهل يحنو فيسقيه

جلا النمير و ما ابتلّت جوانحه
من النمير و لا ابتّلت مآقيه

أيّامه خدع الركب ضاحكة
سخرا و للعدم القاسي لياليه

صرعاه لو عرفوا الأسرار ما جزعوا
ممّا يعانون بل ممّا يعانيه

ألا يملّ السراب الغمر وحدته
ألا يحنّ إلى نعمى تندّيه

هيمان لهفان لا مأوى لوحشته
قلبي الذي وسع الأكوان يؤويه

أبكي لبلواه تحنانا و مغفرة
روح الألوهة روحي حين أبكيه

إذا خدعت فقد جازيت خدعته
بالعذر أبسطه و الذنب أطويه

ادعو السراب إلى روحي فقد حليت
بها اللبانات ترضيه و تغويه

لهفي عليه أسيرا في يدي قدر
يميته كلّ يوم ثمّ يحييه

يغيض قبل رفيف الجفن زاخرة
أقلبه جفّ أم جفّت سواقيه

ماء و لا ريّ يندي في شمائله
كأنّه القول فاتته معانيه

يزوّق الحسن ألوانا و ما عصفت
بروحه سورة للحسن تصيبه

هذي مراعيه عطل من بشاشتها
حنّت لشبّابة الراعي مراعيه

لو صعّد القصب الولهان زفرته
لنوّرت بيده و اخضلّ واديه

ما للسّراب دنا حتّى إذا اكتحلت
بسحر دنياه عيني شطّ دانيه

أنت السراب و لكني على ظمأي
بأنهر الخمر في الفردوس أفديه

محوت من قلبي الدنيا فما سلمت
إلاّ طيوف هوانا وحدها فيه


بدوي الجبل

الحمدان
07-08-2024, 03:18 PM
لا الأمس يسلبك الخلود و لا الغد
هيهات أنت على الزمان مخلّد

تتجدّد الدّنيا و قلبك وحده
دنيا تعيد شبابها و تجدّد

لك من خيالك عالم متناسق
بهج تعاود خلقه و تدوّد

أمّا البسيطة فهي فيه خميلة
ولع الرّبيع بها و رحت تغرّد

و سكبت في الأنغام قلبك دمعة
لا كالدّموع و رحمة تتنهّد

خلع الحياة على البلى فكأنّه
للبعث من قبل الأوان يمهّد

قيس و ليلى بعد طول كراهمت
ثغر يرفّ ووجنو تتورّد

بعثا كعهدهما القديم فمن رأى
تلك العيون يرفّ فيها الإثمد

في كلّ قلفية حياة تجتلى
و منى تضوع و زفرة تتردّد

صور الجزيرة ما جلوت من العلى
و الحسن لا ما أوّلته الحسّد

الحبّ و الخيم المنيفة و القرى
و لبانة عند الغدير و موعد

و سكينة الصحراء إلاّ هازجا
مرحا يعيد حداءه و يردّد

يا شاعر الدّنيا لقد أسكرتها
ماذا تغنّيها و ماذا تنشد

خفّت بزينتها إليك مشوقة
سكرى تعبّ كؤوسها و تعربد

و جلت على الشعراء قبلك حسنها
لكن أراك شهدت ما لم يشهدوا

الزاهدين بها ولو كشفت لهم
سرّ الحياة المجتلى لم يزهدوا

نظروا إلى خير الوجود و حسنه
شزرا كما نظر الضياء الأرمد

أطريت فتنتها فدع في غيّه
من راح يعذل حسنها و يفنّد

العبقريّة شعلة من نارها
حمراء ناضرة اللّظى تتوقّد

و الشّعر و النّغم الشجيّ و رحمة
تسع الوجود و نقمة تتوعّد

يا فتنة الدنيا يذمّك معشر
و الحقّ كلّ الحقّ في أن يحمدوا

ألهب نبوغك في الحياة و حبّها
و أنا الضمين بأنّه لا يخمد

الكنز بين يديك فانثر درّه
إنّي أراه يزيد حين يبدّد

ظلم الجمال أبا عليّ من رأى
أنّ الجمال غواية تتودّد

و سموت في صور النعيم تعدّها
من نعمة الله التي لا تجحد

الحقّ و الإبداع من نفحاتها
و الهير من أسمائها و السؤدد

حبّ الجمال عبادة مقبولة
و الله يلمح في الجمال و يعبد

يا شاعر الدّنيا نديّك حافل
و الجمع مصغ و المواكب حشّد

ينتظرون السّحر من جبّاره
هيهات دون السّحر باب موصد

يشكى إليك و أنت رهن منيّة
و تزار في عنت الخطوب و تقصد

و لقد يرجّى السيف و هو ملثّم
و لقد يهاب اللّيث و هو مصفّد

فاذهب كما ذهب الرّبيع على الرّبى
منه يد و على القلوب له يد

و لك الإمارة في البيان يقرّها
أمس الزّمان و لا يضيق بها الغد


بدوي الجبل

الحمدان
07-08-2024, 03:19 PM
أنا إن بعدت عن الدّيار فإنّني
يا ميّ قلبي في ديارك باقي

حبّي و إنّ شطّ النوى بمزاركم
حبّي و اشواقي لكم أشواقي

لا ترقبوا منّي تناسي عهدكم
إنّ الوفاء المحض من أخلاقي

أنا لست أخلف بالنوى ميثاقكم
أو تخلفون على النوى ميثاقي

و يريق أدمعي الصدود و إن يكن
دمعي لهول الموت غير مراق

أنا كالحسام إذا جلاه صاقل
يزداد إشراقا على إشراق


بدوي الجبل

الحمدان
07-08-2024, 03:21 PM
أملّت ضجيج الحياة ففرّت
تريد الحياة بظلّ السكون

تغاف القصور و جنّاتها
و تأوي إلى دوحة الزيزفون

فتشرب ماء الغدير نقيّا
و تسكر من أرج الياسمين

و تسمع لحن الطيور شجيّا
رقيقا على مائسات الغصون

فتذكر عالم قدس نمت
به حرّة بين حور و عين

هيولي تفيض ضياء مبينا
طليقا تراه جميع العيون

و تذكره عالما طاهرا
قضت في رباه ألوف السنين

تحنّ إليه و ماذا يفيد
بعيد الأحبّة طول الحنين

لقد ذكرته فما كفكفت
بيمنى يديها عقود الشؤون

بكت و هي في سجنها حرّة
و لا عجب من بكاء السجين

حنوت عليها و قد بكّرت
لتتلو كتاب الحياة القديم

فقلت لها : مزّقيه كتابا
يثير الشجون و يذكي الهموم

فإنّ الشقيّ يزيد شقاء
إذا راح يذكر عهد النّعيم

مقيّدة أنت صاغ القيود
ليمناك كفّ القضاء الأثيم

تريدين منّي نسيم عليلا
و هيهات عزّ علينا النسيم

تريدين منّي نسيم الجنان
نقيّا .. و هذا نسيم الجحيم

فلا تنشقيه ففيه سموم الهجير
و من ذا يطيق السموم

عذرتك فرّي من الأرض و ابغي
هناك المقام الرفيع الكريم

بقرب النجوم فإنّ الحياة
معطّرة الدنّ بين النجوم

و لا ترحمي الجسم فهو تراب
يعود لمعدنه بعد حين

غدا هو بين الربى زهرة
كستها الطبيعة لون الشروق

يقبّلها الصبح في ثغرها
و يلثم في شفتيها العقيق

و تسري الصّبا من بعيد إليها
و قد هوّن الحبّ حزن الطريق

إلى أن تمرّ عليها فتاة
فتنزعها نزع برّ رفيق

و تنزلها منزلا هانئا
على النّور لا يشتكى فيه ضيق

فحينا تقبّل نهدا و حينا
تقبّل خدّا يلون الشقيق

و تبعثها بعد ذاك رسولا
يؤدّي رسالة صبّ مشوق

فنعم الرسالة بين العشيقة
ذات الدلال و بيت العشيق

فيا روح من بين تلك النجوم
أطلي عليها و لا تنكريني

أطلّي عليها و قد أشرقت
على صدر خود عروس و ساما

أطلّي عليها و قد ألقيت
بقايا شذا ثمّ عادت رغاما

أطلّي عليها رفيقا قديما
و قولي سلاما تردّ السلاما

ألا و اذكري عهدنا و اذكري
زمانك في الأرض عاما فعاما

أأنكرت شكلا جديدا لجسم
غدا لك قيل الفناء مقاما

و أنكرت ألوانها جمّة
و عطرا نديّا كعطر لخزامى

فلا تعجبي إنّ هذا الذبول
بأوراقها كان فيّ سقاما

و ذا الاحمرار دموعي
و هذا الشذا كان فيّ غراما

و أفناني الدهر إلا شقاء
تأبى عليه و إلاّ هياما

تلاشيت في هذه الكائنات
و لم يتلاش إليك حنيني


بدوي الجبل

الحمدان
07-08-2024, 03:22 PM
أيا شاعر العرب الذي سار شعره
يدوّي فلا يثنيه برّ ولا بحر

تذكّر بثغر اللاذقيّة صاحبا
إذا دبّ فيه اليأس أنعشه الذكر

أمير الندى والأريحيّة والعلى
أحبّ من النعمى شمائلك الغرّ

بيانك لا عطر الجنان وسحرها
و طبعك لا الشهد المصفّى ولا الخمر

صحبتك من عشرين تجنع بيننا
من الأدب الأعلى الشمائل والفكر

وأنّا تحدّينا الطغاة فلم يضيق
بطغيانهم منّا كفاح ولا صبر

وأنّت اناخ الدهر حينا بعسفه
علينا فلم يسلس شكائمنا الدهر

وأنّا تقاسمنا الإمارة بيننا** *
لك النثر في آفاقها ولي الشعر

أقارب لا من أسرة أو عشيرة
فمن صور القربى الشمائل والنجر

وأهل على بعد الجدود وإنّما
أخو الحرّ في الدّنيا هو الماجد الحرّ

فدلّل وفائي ما قدرت فإنّه
و حقّك نعم الذخر إن فقد الذخر


بدوي الجبل
سوريا

الحمدان
07-08-2024, 03:24 PM
يا راحلينَ وبي من قربهم أملٌ
لو أغنت الحيلتان القولُ والعملُ

سرتم وسار اشتياقي بعدكم مثلاً
من دونه السامران الشعرُ والمثلُ

وظلَّ يعذُلني في حبّكم نفرٌ
لا كانت المحنتان الحبُ والعذلُ

عطفاً علينا ولا تبغوا بنا بدلاً
فما استوى التابعان العطفُ والبدلُ

قد ذقتُ فضلكمُ دهراً فلا وأبي
ما طاب لي الأحمران الخمرُ والعسلُ

وقد هرمتُ أسى من هجركم وجوىً
وشبَّ مني اثنتان الحرصُ والأملُ

غدرتم أو مللتم يا ذوي ثقتي
لبئست الخصلتان الغدرُ والمللُ

قالوا كبرتَ ولمْ تبرح كذا غَزلاً
أزرى بك الفاضحان الشيبُ والغزلُ

لم أنسَ يوم نادوا للرحيل ضحىً
وقُرّب المركبان الطرفُ والجملُ

وأشرقت بهواديهم هوادجهم
ولاحت الزينتان الحليُ والحللُ

وودّعوني بأجفانٍ ممرضةٍ
تغضها الرقبتان الخوفُ والخجلُ

كم عفّروا بينَ أيدي العيسِ من بطلٍ
أصابه المضنيان الغنجُ والكحلُ

دارت عليهم كؤوس الحبِّ مترعةً
المسكران الخمرُ والمقلُ

وآخرين اشتفوا منهم بضمّهم
يا حبذا الشافيان الضمُّ والقبلُ

كأنما الروضُ منهم روضةٌ أنفٌ
يُزهي بها المثبتان السهلُ والجبلُ

من لمسترق الروابي والوهاد بهم
ما راقه المعجبان الخصرُ والكفلُ

يا حاديَ العيس خُذْني مأخذاً حسناً
لا يستوي الضدان الريث والعجلُ

لم يبق لي غيرُ ذكرٍ أو بكا طللٍ
لو ينفع الباقيان الذكرُ والطللُ

يا ليت شعري ولا أنس ولا جذل
هل يرفع الطيبان الإنسُ والجذلُ


مالك بن المرحل

الحمدان
07-08-2024, 03:24 PM
يَضعُ الناسُ صاحبَ الجاه فيهم
كلَّ يومٍ في كفّةِ الميزانِ

إن رأوه يوماً ترجّح وزناً
ضاعفوا البرّ فهو ذو رجحان

أو رأوا منهُ نقص حبّة وزنٍ
ماكسوهُ في حبّةٍ الجُلجلان


مالك بن المرحل

الحمدان
07-08-2024, 03:27 PM
يا عروس المجد تيهي واسحبي
فـي مـغانينا ذيـول الـشهب

لـن تـري حـفنة رمل فوقها
لـم تـعطر بدما حـر أبـيّ

درج الـبـغي عـليها حـقبة
وهــو ى دون بـلوغ الأرب

وارتـمى كـبر الـليالي دونها
لـين الـناب كـليل الـمخلب

لا يـموت الـحق مهما لطمت
عـارضيه قـبضة المغتصب

مـن هـنا شـق الهدى أكمامه
وتـهادى مـوكبا فـي موكب

وأتـى الـدنيا فـرقت طـربا
وانـتشت مـن عبقه المنسكب

وتـغـنت بالمروءات الـتي
عـرفتها فـي فـتاها العربي

أصـيدٌ ضـاقتْ به صحراؤه
فـأعـدَّتهُ لأفــقٍ أرحــبِ

هـبَّ لـلفتح فـأدمى تـحته
حـافرُ الـمهر جـبينَ الكوكبِ

وأمـانيه انـتفاض الأرض من
غـيهب الـذلِّ وذلِّ الـغيهب

وانـطلاق الـنور حتى يرتوي
كـل جـفن بـالثرى مختضب

حـلم ولـى ولـم يُـجرح به
شـرفُ المسعى ونبلُ المطلب

يـا عروسَ المجد طالَ الملتقى
بـعدما طـال جوى المغترب

سـكرت أجـيالنا فـي زهوها
وغـفت عـن كـيد دهر قُلّبِ

وصـحـونا فــإذا أعـناقنا
مـثـقلات بـقيود الأجـنبي

فـدعوناكِ فـلم نـسمع سوى
زفـرة مـن صـدرك المكتئب

قـد عـرفنا مـهرك الغالي فلم
نـرخص الـمهر ولم نحتسب

فـحـملنا لك إكـليل الـوفا
ومـشينا فـوق هـام النوبِ

وأرقـنـاها دمــاء حــرة
فاغرفي ما شئت منها واشربي

وامـسحي دمع اليتامى وابسمي
والمسي جرح الحزانى واطربي

نـحن مـن ضـعف بنينا قوة
لــم تـلن لـلمارد الـملتهب

كـم لـنا مـن ميسلون نفضت
عـن جـناحيها غـبار التعب

كـم نـبت أسـيافنا في ملعب
وكـبت أفـراسنا فـي ملعب

مـن نـضال عاثر مصطخب
لـنـضال عـاثر مـصطخب

شرف الوثبة أن ترضي العلى
غُـلِبَ الـواثبُ أم لـم يُغْلَبِ

فـالتفِت من كوّةِ الفردوسِ يا
فيصلَ العلياءَ وانظرْ واعجبِ

أترى كيفَ اشتفى الثأرُ من
الــفاتـحِ المسترقِ المستلبِ

و طوى ما طالَ من راياته
في ثنايا نجمهِ المحتجـبِ

ما نسينا دمعـةً عاصيتَها
في وداعِ الأمـلِ المرتقـبِ

رجفتْ بالأمسِ سكرى ألمٍ
فأسلها اليومَ سكرى طربِ

يا لنعمى خفَّ في أظلالها
ما حملنا في ركابِ الحقبِ

أينما جالَ بنا الطرفُ انثنى
وطيوفُ الزهوِ فوقَ الهدبِ

هذه تربتُنا، لـن تزدهـي
بسوانا مـن حُماةٍ نُـدُبِ

فلنصنْ مَن حَرَمَ الملكَ لها
منبرَ الحقـدِ وسيفَ الغضبِ

و لنُسلْ حنجرةَ الشدوِ بها
بينَ أطلالِ الضحايا الغيّـبِ

ضلّت الأمّةُ إن أرختْ على
جرحِ ماضيها كثيفَ الحجبِ

مـا بلـغنا بعدُ من أحلامنا
ذلكَ الحلـمَ الكـريمَ الذهبي

أينَ في القدسِ ضلوعٌ غضّةٌ
لم تلامسها ذنابى عقـربِ

وقفَ التاريـخُ في محرابها
وقفةَ المرتجـفِ المضطـربِ

كم روى عنها أناشيدَ النّهى
في سماعِ العالمِ المستغـربِ

أيُّ أنشودةِ خزيٍ غصَّ في
بثّها بينَ الأسى والكـربِ

من لأبناءِ السـبايا ركبـوا
للأماني البيضِ أشهى مركـبِ

و متى هزّوا علينا رايـةً
ما انطوتْ بينَ رخيصِ السَّلَبِ

ومَنِ الطاغي الذي مدَّ لهم
من سرابِ الحقِّ أوهى سببِ

أو مـا كنّا لـه في خطبـهِ
معقلَ الأمن ِ وجسرَ الهربِ

مـا لنا نلمـحُ فـي مشيتهِ
مخلبَ الذئـبِ وجلدَ الثعلبِ

يا لذلِّ العهدِ إن أغضى أسىً
فوقَ صدرِ الشرفِ المنتحـبِ

يا روابي القدسِ يا مجلى السّنا
يا رؤى عيسى على جفنِ النبي

دونَ عليائكِ في الرحبِ المدى
صهلةُ الخيلِ ووهجُ القضـُبِ

لـمّتِ الآمـالُ مـنّا شملنا
ونمـتْ ما بيننا من نسـبِ

فإذا مصـرُ أغـاني جلّـقٍ
وإذا بغـدادُ نجـوى يثـربِ

ذهبـتْ أعلامُها خافـقـةً
والتقـى مشـرقُها بالمغـربِ

كلّما انقضَّ عليها عاصـفٌ
دفنتـهُ في ضلـوعِ السّحـبِ

بوركَ الخطبُ، فكم لفَّ على
سهمهِ أشتاتَ شعـبٍ مغضبِ

يا عروسَ المجدِ حسبي عزّةً
أن أرى المجدَ انثنى يعتـزُّ بي

أنا لولاهُ لمـا طوّفـتُ فـي
كـلِّ قفـرٍ مترامٍ مجـدبِ

ربَّ لحنٍ سالَ عن قيثارتي
هزَّ أعطافَ الجهادِ الأشـيبِ

لبـلادي ولـروّادِ الـسّـنا
كـلُّ ما ألهمـتِني من أدبِ


عمر ابو ريشه

الحمدان
07-08-2024, 04:53 PM
أبو قير والأمسُ لا يرجعُ
عفت فيك من بعدنا الأربعُ

وهُدَّت خيامُ المصيف فلا
ظلالَ بأكنافها يطمع

وقد طرد الناسَ عنك الخريفُ
فأَوحشكَ المؤنسُ المقلع

وأغضبِ بحرَكَ هجرانُنا
فجاش به الموجُ يستدفع

ورُوِّعَ حصنُك وهو الأشم
يحاذره البطلُ الأروع

ولم يخفق العلمُ المستطيلُ
عليك وحراسُه هجع

وقد صرتَ يأوي إلى شجراتك
وحشُ فلاةٍ بها يظلع

فجرَّت على وجهك الرامساتُ
ذيولاً هي الكفنُ المفجع

ليالي أبو قير أين الليالي
وأين النجومُ التي تلمع

وأين الهلالُ وكان مساءً
مُكَوِّنُ بهجته المبدع

وتسرح فوق الرمالِ الظباءُ
على شاطئ البحر تستتبع

عيونٌ تغازلها أعين
قدودٌ تطوقها أذرُع

نواعمُ كالأغصن الناعماتِ
فوائحُ كالعطر يَضَّوَّع

طوالعُ بع العشي شموساً
ترافقُها النجُم التبع

نواشرُ فوق المتونِ ليالي
الشعورِ وهنَّ الدجى الرُوَّع

جوالسُ فوق الصخور غصوناً
على الصخر نضرتُها تمرع

سوافرُ عن فاضحات البدور
ضواحكُ عن درر تسطع

سواحرُ لبٍ سواءٌ أخو
الهداية والعاشقُ المولع

سواهٍ لواهٍ بملكِ الجمالِ
لهن الخلودُ وما يتبع

وليل به بتُّ مستلقياً
على الرمل والجفنُ لا يهجع

تحيَّرُ فيه النجومُ كما
تَتَحيَّرُ في المقل الأدمع

يداعبُ وجهي نسيمُ المساءِ
وترمقني الخيم الخشع

بما علٌّقوا من سراجٍ منيرٍ
على بابها نورُه اسفع

وقد وقَفَ الحصن طوداً منيعاً
يؤَمِّنُ منن قلبُهُ يهلع

وساد السكوتُ كأَن البرايا
مظنّاتُ أنفاسها تنزع

فحدَّثني الصخرُ عما رأى
واسمعني الماءُ ما يسمع

حوادثَ ملءَ الزمان استقلَّت
على البحر أحرفُها تطبع

مسطرةً بالدماءِ خطوطاً
عصيٌّ بها الناظر الطيَّع

فتقراها في الظلام عيونُ
الفؤادِ وتضمَنُها الأضلع

أساطيل تحسدها الراسخاتُ
تسير الرياحُ بها الأربع

تَروع البحارَ إذا ما جرت
ففي قلبها الحوتُ مستفزع

تُقِلُّ جيوش المنايا استثارت
ومصرُ لنَسرِهم موقع

رمى بالمماليك حتى تشتت
شملُهم فهو لا يجمع

وجاءَته كلُّ وفودِ البلاد
تباعاً لإِمرته تخضع

ولكن كبارُ الرجال يرون
بأتباعهم صمماً أن دعوا

كذلك خالف أمرَ الكبيرِ
أميرُ المياه فما يسمع

وألقى مراسيه فيكَ لا
يبالي العدوَّ ولا يفزع

فيا يومَ فاجأه الإنكليزُ
على رأسه حُوَّمٌ شُرَّع

فدمدمَ في أفقيكَ الرصاصُ
وارعد في بحرك المدفعُ

وطبَّقَ في جانبيك الدخانُ
كأَنَّ الجهاتِ لُهى جُوَّع

فروّى بحارَك قاني النجيعِ
وإن العُطاشَ لها أنجع

وأطعمها من تجاليدهم
لحومَ الألوف وما تشبع

وأَخَّرَ نجدتهم جاهلٌ
من الخوف مهجتُه تخلع

فحلق الدمارُ بهم وكذلك
تهوي الجبالُ وتصَدَّع

شفى نفسهم أَنهم أَدركوا
بك الثأرَ والموتُ لا يقنع

أتى التركُ من بعد حولٍ لكي
يردّوا البلاد ويستنزعوا

عديدَ الرمالِ أتاهم بونابارتُ
والنارُ في قلبه تلذع

رماهم بموج الحديدِ قضاءً
عليهم وعنهم لا يدفع

فسل عن بسالتهم مصطفى
وقد جاءَ موراً به يشفع

رمى بطبنجته مصطفى
فتىً قلبه الصخر لا يهلع

فقطَّ أنامله بالحسام
موراً وجاء به يظلع

وأرسل فرسانه كالصقور
والخليل في شوطها تمزع

ومزَّق شملَ الجنودِ فما
تَبَقّى لهم أثرٌ يتبع

فكانوا طعامَك في الحالتين
لهم وعليهم بكَ المصرع

مضوا وبقيتَ تحدث عما
أتوه فلم ينضبِ المنبع

فقل لي هل يرجعُ الغائبون
وقل لي هل يفطم المرضع

يقولون عنك غداً بلعاً
على أن عمرهم البلقع

أرى الجامداتِ أطول عمراً
من العاقلات فما نصنع

وأنهم في المقال افتروا
بما لفقوه وما شنَّعوا

وأعجبهم طالعٌ مشرقٌ
وأعجبهم مورِقٌ مفرع

فراحوا وشاعرهم مفلقٌ
لهم وخطيبهم مِصقع

فماذا أفاداهم في الحياة
والدهر في سيره يسرع

وكلهم في البلى صائرُ
وذكرهم سُحُبٌ قشع

أبو قير أنت سمير الجليس
ووعظك أبلغ ما يسمع

ورغم العفاءِ أراك رياضاً
تسير بها النسم الضُوَّع

سماؤك صافيةٌ وهواكَ
يعيد الشباب ويسترجع

وبحرك أجملُ ما يجتلي
وماؤك أعذبُ ما ينبع

وحصنكَ عالٍ يرفُّ عليه
لواءٌ هو الشرفُ الأَمنع

فدم سارحاتٍ بكَ الظبياتُ
ودم كاملاً بدُرك المُبدَعُ

ودم وارفاتٍ عليك الظلالُ
وغُلَّةُ رائدها تنقع

تُرى راجعاتٍ لياليَّ فيك
أبو قير والأمسُ لا يرجع


خليل شيبون
سوريا

الحمدان
07-08-2024, 04:54 PM
وقالوا أن هذا العصر نورٌ
فهل سلمت من اللؤم الطباعُ

أو انجابت غيوم الغش يوماً
فلاح الصبح وابتسم الشعاع

وهل ساد الوفاءُ وماتَ غدرٌ
وزال الشكُّ وانحسر القناع

وإلا ما الذي يدعون نوراً
وبين عناصر الدنيا صراع

أكفرٌ كله سَفَةٌ وعابٌ
وإيمانٌ هو الشتم القذاع

وفلسفةٌ تقوم على جمادٍ
أشال نشوءَه القومُ الرعاع

بها انقادوا لما يرضي هواهم
كما ينقاد للريح الشراع

تُشاد لربة الفسق المغاني
ويَعمرُرُ في جوانبها النزاع

ويُبذَلُ كل احرش في حماها
أحقُّ به الأطيفال الجياع

لقد بكت الطهارة يوم ولّى
بنوها وانجلى عنها الوداع

في الحب السلامُ فما تَبَقَّت
سوى الشهوات يضرمها التياع

فتُقضي مثل شرب الماءِ فيهم
ولا سيفٌ يروع ولا يراع

زواجهم لمالٍ أو مقامٍ
يسوقهم إليه المستطاع

سماسرةٌ تتاجر بالغواني
لها الإعراضُ تشرى أو تباع

رمينا بالبناتِ لهم متاعاً
كأن بناتنا لهم متاع

عفاءً أيها الدنيا فإني
رأيتُ الناس قد ماتوا وضاعوا

إذا قلتم بأن العصر نور
يعززه ابتداع واختراع

فباسم العصر لا تبقوا على ما
يقال له التضامن والمشاع

وباسم العلم والعلما أَضِلُّوا
نفوساً قد تناولها الضياع

وباسم الدين والتقوى أميتوا
ضميرَ الناس وليحي الخداع

كلوا مال الأرامل واليتامى
وجدّوا في تطلبُّه وداعوا

ولا تحزنكم ثكلى أرنَّت
ولا طفلٌ نبا عنه الرضاع

ولا قومٌ أمضَّهم نواح
فمما أصغى لنوحهم سماع

وقولوا إن هذا العصر نورٌ
فقولكم هو الأمر المطاع

لحى اللَه السكوتَ وناصحيه
ولكن ليس في العذل اقتناع

تمديُنهم مصائبُ صائبات
يضيق ببعضها الصدر الوساع

مصائبُ كلما فكرتُ فيها
أرى رأسي ألم به صداع

فيا دهري وبيعي كان خسراً
لحاك اللَه هل مثلي يباع


خليل شيبون

الحمدان
07-08-2024, 04:55 PM
لا تقتدي بهم إذا شاهدتهم
الفوا صباغ الوجه أبيض أحمرا

لو أنهم يدرون عاقبة الطلا
فزعوا بأوجههم إلى رب الورى

خدعوك بالمثل القبيح كما هم
خدعوا به وغدوا مثالاً منكرا

هذي وجوههم انظريها كلها
لطخٌ نَبَت ذوقاً وساءَت منظرا

أنتِ الجميلةُ تفخرين عليهم
تيهاً كما فَخَرَ الشقيقُ العصفرا

أنتَ الشبيبةُ غَّة ضحّاكة
أفتقتلين بها الحياةَ تحسرا

والعاجُ أنتِ نقاوةً وطهارة
والفجرُ رفّافُ الجوانب نوَّرا

والظبي مَكحول النواظر ساحرٌ
والغصنُ مَلكُ الروضِ يزهو مزهرا

والشمس طالعةٌ تموَّجَ نورها
في المشرقين فكان لبهج ما يرى

لاي شيءٍ تعشقين غمائماً
ربداً تبرقعُ وجهك المتنورا

ولأي شيءٍ تطرحين أزاهر ال
غصن النضير لكي يجفَّ ويكسرا

ولأي شيءٍ تمنعين الظبي أن
يرنو كحيل الطرف أحوى احورا

ولأي شيءٍ تسترين الفجر بال
ميل البهيم مشوَّهاً ومكدرا

ولأي شيءٍ تخبئين العاج في
تربٍ فتختبئُ الثريا في الثرى

في المحاسن في عيونك محضةً
وتمتمي بالعيش عذباً أخضرا

الفرقُ ما بين الحرائِر والفوا
جر وجهُهُنَّ لناظرٍ لن يخبرا

فدعي التبرج والتحلي وابسمي
تستنزلي النجم الأغر الأزهرا

إن المليحة صنعةُ الرحمن لا
صنع السحوق مزوقاً ومزورا

خليل شيبون

الحمدان
07-08-2024, 04:56 PM
حبيبِ يا ثالثَ القمرين
وتاجاً على هامة الفرقد

وُلدتَ طهوراً وإن حمّلوكَ
خطيئةَ آدمَ في المولد

وروحُك أطهرُ من كل نور
وجسمُك أنقى من العسجد

لئن نصَّروك فهذا التطوُّعُ
ذكرى وريّا الفؤاد الصدي

نعيِّدُ فيه فدايةَ عيسى
ونكرمُ فاديك والمفتدي

بُعِثتَ من الماءِ كالشمس تُب
عثُ من بحرها فجرَ كلِّ غد

وزدتَ على بهجةٍ بهجةً
وفزتَ من الحسن بالأزيد

كما عَبٌقَ الزهرُ غِبَّ حياءٍ
وقام بثغرٍ نقيٍّ ندي

فدم يا حبيب القلوب حبيباً
تُهنَّأُ في العيش بالأرغد

وتنشأُ بين خيارِ الرجالِ
يا طيِّبَ الأَصل والمحتد


خليل شيبون

الحمدان
07-08-2024, 04:57 PM
ألا ليتني وحبيبة قلبي
في روضةٍ أُنُفٍ زاهره

فنمشي أُطوِّقُها بالذراعِ
وأنشُقُ أنفاسَها العاطره

نسيرُ كذلك جنباً لجنبٍ
وعيني إلى عينها ناظره

فأقرأُ في وجهها للطبيعةِ
أكبرَ آياتها الساحره

وتعقُد من فوق هاماتنا
مِظَلاّاتها الأغصنُ الناضره

ونلعبُ في المرج مستأنِسَين
بصوت عصافيره الطائره

تقبلُ أذيالَها الزهراتُ
وهي بتقبيلها فاخره

تداعبُ هذي الأزاهرَ لطفاً
وتجني أناملُها الماهره

وتصنعُ منها صفوفاً صفوفاً
لتكليل هامتها الزاهره

فتعقصها من هنا وهناك
ناظمةً جمعها ناثره

وترنو إليَّ كما تتألَّقُ
في جوها الأنجم السافره

فأفدي بروحي وأهلي ومالي
محاسِنَها الغَضَّة الباهره

وتقطفُ بعض ثمار الغصون
وتطعمني يدُها الطاهره

ونأتي إلى النبع نشرب في
الأكُفِّ من الجُرَعِ الفائره

ونجلسُ فوق الحصى نَتَحدَّث
عن كل واردةٍ صادره

وفي الليلِ نرعى نجومَ السماءِ
ونرقبُ أفلاكَها الدائره

نناجي الغرامَ وخلّاقَه
بأعماقِ أرواحنا الساهره

تباركنا الشمسُ كل صباحٍ
بنور أشعتها الفاتره

وننشقُ ملء الفؤادِ الهواء
فتُنعشنا النسمُ العاطره

وتبسم لي وتجيء بقربي
فتؤنسني الظبيةُ النافره

سعاد فريدةُ عقد الحياةِ
ودُرَّتُها الحرةُ النادره

إذا تَمَّ لي بعضُ أمنيتي
سمحتُ بدنياي والآخره


خليل شيبون

الحمدان
07-08-2024, 04:57 PM
أحب الضحى وأحب المساءَ
وأهوى الظلامَ وأهوى الضياءَ

ووقتاً ترفرفُ روحي فيه
يُنازعني من بقائي البقاءَ

معاني الحياة كأوقاتها
فما سُر سَر وما سيءَ ساءَ

إذا الشمسُ أرسلت النور لاحت
كنبع عقيقٍ تَدفَّقَ ماءَ

وسالَ كتبرٍ أُذيبَ وصُبَّ
على الكونِ يسقي الفضا والهواءَ

تَرقرَقَ مثل دموعِ العذاري
حسبتَ الخدود لهن إناءَ

وما البردُ في الليلِ إلا لجينٌ
يذوب سنى وينير السناءَ

كان الحسان لبسن الحدادَ
وأسفرنَ عن كل وجهٍ أضاءَ

وإن خيَّم الليلُ قام السوادُ
بهيماً كعقلٍ أضاعَ الذكاءَ

كأن الغواني نشرن الشعورَ
وستَّرنَ أوجُهَهُنَّ حياءَ

فشمسُ الصباح عقيقٌ يسيل
ونحنُ دعونا العقيقَ ذكاءَ

وبدرُ الظلام لجينٌ لذاك
يلألئُ نور اللجينِ صفاءَ

وليس الدجُنَّةُ إلّا فَناءٌ
إذا ما تراءَت لنا يتراءى

وما قولُنا الشمس وَالبدرَ والصبحَ
والليل في العمر إلا امتراءَ

وإن الحياة لَتُقضى كذا
طوراً ظلاماً وطوراً ضياءَ

وما اختَلَفَت غيرُ عينٍ تراها
شقاءً وعينٍ تراها هناءَ

وما النورُ إلّا الحياةُ فهذا
رآهُ صباحاً وذاك مساءَ


خليل شيبون

الحمدان
07-08-2024, 04:58 PM
قالَ الطبيبُ.. وقالَ اللهُ: اُدْعونِي
ما قالَهُ اللهُ يَكفِيني ويُرضِيني

أَقولُ ما قالَ إبراهِيمُ سيِّدُنا:
إذا مَرِضتُ فإنَّ اللهَ يَشفِيني

ما كنتُ أَقنَطُ مِن رَبِّي وَرحمَتهِ
اليأسُ كفرٌ، وَحُسْنُ الفألِ مِن دِيني

بالرُّوحِ والنفسِ وَالإيمانِ كُنتُ أَنا
وَليسَ بالجسمِ إنَّ الجسمَ مِن طِينِ

آمَنتُ باللهِ، سَوَّى الجِسمَ مِن عَدمٍ
وإنَّهُ بَعدَ مَوتي سَوفَ يُحْيِيني

ولَستُ بالعَيشِ مَشغُوفاً ولا دَنِفاً
مَا عِشتهُ فَوقَ وَجهِ الأَرضِ يَكفِيني

عَبَرتُها زائراً حِيناً على قَدَرٍ
تَروحُ تُضحِكُني آناً وتُبكِيني

وَالكونُ تَمتدُّ حَولي لا نِهايتُهُ
والدُّهرُ يَمتدُّ عُمراً بِالملايينِ

وقَد شَهِدتُ بها إبداعَ بَارئِها
حتَّى تمشَّى يَقِيني في شَرايِيني

وقَد رأَيتُ مِنَ الأسرارِ أَروعَهَا
وإنَّ أروعَهَا أَسْرارُ تَكوِيني

وكَيفَ جِئتُ إلى الدُّنيا، وكَيف نَمَتْ
مَطامِحي وارتَقَتْ عَن عَالمِ الدُّونِ

وكَيفَ حلَّقَ رُوحِي في مَعارجِهِ
كالصَّقرِ، أو كَيفَ أَحوِيهِ ويَحوِيني

تَجَلِّياتٌ مِن الرَّحمنِ يَكشِفُها
للعارِفينَ، بِلا دَرسٍ وتَلقِينِ

سِرُّ الحَياةِ وسِرُّ المَوتِ قد سَطَعا
كالشَّمس فِيها وطَابا كالرَّياحِينِ

وَالمُؤمِنونَ جِنانُ الخُلدِ مَوعِدُهُمْ
لَهُمْ مِنَ اللهِ أَجرٌ غَيرُ مَمنُونِ


سليم عبدالقادر

الحمدان
07-08-2024, 04:59 PM
غَرِيبٌ تَهُزُّ الْحَيَاةُ حَنِينِي
وَتَتْرُكُنِي غَارِقًا فِي شُجُونِي

فَأَصْرُخُ فِي وَجْهِهَا مُغْضَبًا
إِذَا كُنْتِ أُمِّي فَلاَ تُهْمِلِينِي

وَإِنْ كُنْتُ وَحْدِيَ سِرَّ الوُجُودِ
كَمَا تَزْعُمِينَ، فَجُلِّي ظُنُونِي

أَأَنْتِ الَّتِي عَلَّمَتْ أَهْلَهَا
بِأَنْ يَطْلُبُونِي لِكَيْ يَصْلِبُونِي

وَقَدْ كُنْتُ فِي دَرْبِهِمْ وَاحَةً
أَبُلُّ صَدَاهُمْ بِمَاءٍ مَعِينِ

وَرَوْضًا زَكِيًّا قَرِيبَ الثِّمَارِ
فَمَا أَزْمَعُوا غَيْرَ أَنْ يَحْرِقُونِي

وَنَايًا فَتِيَّ اللُّحُونِ فَجَاؤُوا
بِأَبْوَاقِ فِسْقٍ لِكَيْ يُخْرِسُونِي

وَشَمْسًا تُضِيءُ الدُّرُوبَ، وَلَكِنْ
أَرَادُوا وَهَيْهَاتَ أَنْ يُطْفِئُونِي

أَنَا يَا حَيَاةُ رَضِيتُ بِمَا قَدْ
دَرَ اللهُ لِي، وَبِهَمِّ السِّنِينِ

وَلَكِنْ لِمَاذَا نَثَرْتُ أَحِبَّا
يَ بَيْنَ شَرِيدٍ، شَهِيدٍ، سَجِينِ

وَفِي رُوحِ كُلِّ أَخٍ لِي حَيَاةٌ
أَمُوتُ إِذَا غَرَبَتْ عَنْ عُيُونِي

وَكَيْفَ تَكُونُ حَيَاةُ الْمُشَرَّدِ
فِي كُلِّ أَرْضٍ وَفِي كُلِّ حِينِ

تَبَسَّمَتِ الأُمُّ فِي رِقَّةٍ
وَقَالَتْ بِصَوْتٍ شَجِيِّ الرَّنِينِ

هُوَ الدَّرْبُ، دَرْبُ الهُدَاةِ الأُبَاةِ
مَلِيءٌ بِشَوْكِ الأَسَى وَالأَنِينِ

وَمَنْ كَانَ يَبْغِي جِنَانَ النَّعِيمِ
يَجِدْ سُكْرَهُ فِي كُؤُوسِ الْمَنُونِ

فَيَا عَاشِقَ الخُلْدِ، إِنِّي وَلَدْتُ
كَ حُرًّا، طَمُوحًا، فَسِرْ بِيَقِينِ

وَيَرْعَى خُطَاكَ الَّذِي سَيَّرَ الكَوْنَ
فِي بَحْرِ أَقْدَارِهِ كَالسَّفِينِ


سليم عبدالقادر

الحمدان
07-08-2024, 04:59 PM
خَجِلْتُ لِطُولِ مَا عَاهَدتُ رَبِّي
عَلَى التَّقْوَى، وَمَا جَدَّدْتُ تَوْبِي

أُعَاهِدُهُ دُجًى وَأَعُودُ ظُهْرًا
وَأَسْأَلُهُ دُجًى غُفْرَانَ ذَنْبِي

خَجِلْتُ، إِلاَمَ أَبْقَى وَالمَعَاصِي
كَمَوْجِ البَحْرِ فِي دَفْعٍ وَجَذْبِ

فَمَا مِنْ مَوْسِمٍ لِلْخَيْرِ وَلَّى
وَلَمْ يَعْجَبْ لِحَالِي أَيُّ عَجْبِ

إِذَا رَمَضَانُ أَقْبَلَ قُلْتُ: هَذَا
لَمَوْسِمُ تَوْبَةٍ وَهُدًى وَقُرْبِ

وَأَزْمَعُ أَنْ يَكُونَ النُّورُ رُوحِي
وَأَطْمَعُ أَنْ يَكُونَ الطُّهْرُ ثَوْبِي

وَفِي عَرَفَاتِ عَامًا بَعْدَ عَامٍ
أَتُوبُ، غَدَاةَ أَصْمُتُ، أَوْ أُلَبِّي

وَأَرْجِعُ بَعْدَهَا مِنْ حَيْثُ آتِي
إِلَى خَطَئِي وَزَلاَّتِي وَكَرْبِي

فَهَلْ كُلُّ الْمَوَاسِمِ كُنَّ بُورًا
وَلَمْ يُفْلِحْنَ فِي إِخْصَابِ جَدْبِي

أَلاَ إِنِّي لَأَعْلَمُ أَنَّ يَوْمِي
كَأَمْسِي، ضَاعَ فِي لَعِبٍ وَرُعْبِ

وَفِي أَشْوَاقِ رُوحٍ لاَ تُلَبَّى
تُبَعْثِرُهَا الرِّيَاحُ بِكُلِّ صَوْبِ

وَآمَالٍ عِذَابٍ قَدْ تَهَاوَتْ
كَمَا تَهْوِي المُنَى فِي صَدْرِ صَبِّ

وَلَكِنِّي أُعَزِّي النَّفْسَ أَنِّي
أَشُقُّ مِنَ الصُّخُورِ الصُّمِّ دَرْبِي

وَأُبْرِمُ بِالصَّغَائِرِ مِنْ ذُنُوبِي
وَأَجْتَنِبُ الكَبَائِرَ، وَهْيَ تَسْبِي

وَأَسْعَى نَحْوَ رَبِّي فِي ثَبَاتٍ
وَأَمْنَحُهُ بِحُبٍّ ذَوْبَ قَلْبِي


سليم عبدالقادر

الحمدان
07-08-2024, 05:00 PM
هَذَا الحِصَارُ الرَّهِيبُ المُتْعِبُ القَاسِي
حَتَّامَ يَضْرِبُ فِي جَنْبَيَّ كَالفَاسِ

هَذَا الحِصَارُ الَّذِي مَا زَالَ يَضْرِبُهُ
حَوْلِي العَبِيدُ بِأَوْهَامٍ وَأَمْرَاسِ

لَوْ كَانَ حَوْلَ الجِبَالِ الصُّمِّ لاَنْفَطَرَتْ
مِنْهُ الصُّخُورُ، وَخَرَّ الشَّامِخُ الرَّاسِي

لَوْ كَانَ حَوْلَ أُسُودِ الغَابِ لاَرْتَعَدَتْ
وَأَسْلَسَتْ بَعْدَ كِبْرٍ أَيَّ إِسْلاَسِ

هَذَا الحِصَارُ حِصَارٌ فَاجِرٌ شَرِسٌ
يُرِيدُ تَصْفِيَتِي، أَوْ كَتْمَ أَنْفَاسِي

إِنِّي أَرَاهُ يَقِينًا، حَيْثُمَا رَحَلَتْ
خَوَاطِرِي عَبْرَ آفَاقٍ وَأَجْنَاسِ

كَأَنَّنِي ضَائِعٌ فِي غَابَةٍ، طَمِعَتْ
بِهِ الوُحُوشُ، وُحُوشٌ دُونَ إِحْسَاسِ

فَمَا يُمَزِّقُ مِنْ حَوْلِي مَكَايِدَهُمْ
إِلاَّ الَّذِي فِيَّ مِنْ صَبْرٍ وَأَقْبَاسِ

فَيَرْجِعُونَ خَزَايَا، لاَ نَصِيبَ لَهُمْ
مِمَّا يُرِيدُونَ مِنِّي غَيْرَ إِفْلاَسِ

الغَدْرُ وَالفَقْرُ وَالتَّشْرِيدُ أَعْرِفُهَا
وَلَسْتُ لِلْقَهْرِ وَالأَغْلاَلِ بِالنَّاسِي

وَالأَهْلُ، وَالغَدُ، وَالأَطْفَالُ، إِنَّ لَهُمْ
رَبًّا يُوَاسِي، أَبَى أَمْ أَسْعَفَ الآسِي

إِنِّي لأَضْحَكُ مِنْ مَوْتِي وَأَرْقُبُهُ
بِغَيْرِ ذُعْرٍ، وَأَحْيَا مِثْلَ نِبْرَاسِ

زَهِدْتُ بِالأَرْضِ، هَذَا الزُّهُدُ أَرْعَبَهُمْ
وَعَافَهُمْ بَيْنَ وَسْوَاسٍ وَخَنَّاسِ

سَلَّ الخُيُوطَ جَمِيعًا مِنْ أَصَابِعِهِمْ
فَيَضْرِبُ القَوْمُ أَخْمَاسًا بِأَسْدَاسِ

لاَ أَزْدَهِي بِثَبَاتِي، إِنَّنِي رَجُلٌ
قُرْبِي مِنَ اللهِ أَغْنَانِي عَنِ النَّاسِ


سليم عبدالقادر

الحمدان
07-08-2024, 05:01 PM
لِمَاذَا تَخَافُونَنِي، لَسْتُ أَدْرِي
فَلَيْسَ لَدَيَّ قُصُورٌ وَجُنْدُ؟!

لِمَاذَا تَفُورُونَ غَيْظًا عَلَيَّ
وَلَيْسَ لَدَيَّ سُعَادٌ وَهِنْدُ

وَلاَ المَالُ يَرْقُصُ بَيْنَ يَدَيَّ
وَإِنْ كَانَ مَا عِنْدَكُمْ لاَ يُعَدُّ

وَلاَ الخَمْرُ، عِفْتُ الخُمُورَ لَكُمْ
صُنُوفًا بِأَوْصَالِكُمْ تَسْتَبِدُّ

وَعِفْتُ السَّلاَلِمَ لِلْمُغْرَمِينَ
وَعِفْتُ الكَرَاسِيَّ وَهْيَ تُشَدُّ

وَعِفْتُ المَسَارِحَ حَتَّى لَأَجْهَلُ
إِنْ غَابَ نَجْمٌ مَتَى كَانَ يَبْدُو

وَعِفْتُ البَرِيقَ، فَلَوْ قَدْ تَأَلَّهَ
كُلُّ العَبِيدِ، فَإِنِّيَ عَبْدُ

تَرَكْتُ لَكُمْ مُغْرَيَاتِ الحَيَاةِ
جَمِيعًا فَمَاذَا تُرِيدُونَ بَعْدُ؟!

أَمَا زِلْتُ فِي حَلْقِكُمْ شَوْكَةً
عَلَى رَغْمِ أَنْفِي، وَمَا لِيَ قَصْدُ

أَمَا زِلْتُ فِي دَرْبِكُمْ شَامِخًا
يُعِيقُ مَسِيرَتَكُمْ، أَوْ يَصُدُّ؟

أَمَا زَالَ حُبِّي لِرَبِّي، وَطُهْرِي
عَلَى بَعْضِكُمْ خَطَرًا لاَ يُرَدُّ؟!

كَأَنَّ الَّذِي بَيْنَ جَنْبَيَّ مِنْ
يَقِينٍ وَنُورٍ، رَدًى أَوْ أَشَدُّ

فَتَجْتَمِعُونَ حُشُودًا عَلَيَّ
يُؤَلِّفُهُنَّ ضَلاَلٌ وَحِقْدُ

فَحَشْدُ ذِئَابٍ، وَحَشْدُ ذُبَابٍ
وَحَشْدُ جَرَادٍ، وَحَشْدٌ، وَحَشْدُ

سَأَبْقَى نَهَارَ الحَيَاةِ الوَحِيدَ
أَرَادَ أَمِ احْتَجَّ عَمَرٌو وَزَيْدُ

سَأْبَقَى فَلاَ تَسْأَلُوا النَّائِبَاتِ
وَكَيْفَ عَلَى السَّادِرِينَ تَرُدُّ؟!

وَكَيْفَ يَعِي دَوْرَةَ الدَّهْرِ عُمْيُ الْ
بَصَائِرِ، مَهْمَا طَغَوْا وَاسْتَبَدُّوا

سَأُشْرِقُ فِي اليَوْمِ، أَوْ فِي غَدٍ
فَإِنَّ المَقَادِيرَ جَزْرٌ وَمَدُّ


سليم عبدالقادر

الحمدان
07-08-2024, 05:02 PM
ماضٍ وأعرف ما دربي وما هدفي
والموت يرقص لي في كل منعطف

وما أبالي به حتى أحاذره
فخشية الموت عندي أبرد الطرف

ولا أبالي بأشواكٍ ولا محنٍ
على طريقي وبي عزمي ولي شغفي

أنا الحسام ، بريق الشمس في طرفٍ مني
وشفرة سيف الهند في طرف

ورب سيل لحون سال من كلمي
ورب سيل جحيم سال من صحفي

أهفو إلى جنة الفردوس محترقاً
بنار شوقي إلى الأوفياء والغرف

يا دهر ! ماذا من الأيام أطمع
في سعودهن ؟ وما فيهن يطمع في

مضى الذين شغاف القلب يعشقهم
من الأحبة من حولي فوا لهفي

وصرت حقل هشيم غربة وأسىً
يجتاحني شرر التحنان والأسف

وا حر شوقي إليهم كلما هجست نفسي
ونفسي بهم مجنونة الكلف

إني سئمت هوى الدنيا وزهرتها
ومل قلبي ذرا روضاتها الأنف

وقد بلوت لياليها وأنهرها
فتىً وحزت لآليها من الصدف

فلم أجد غير درب الله درب هدىً
وغير ينبوعها نبعـاً لمغترفِ

فطرت أسعى إليه أبتغي تلفي به
ورب خلودٍ كان في تلفِ

والناس تصرخ أجحم والوغى نشبتْ
والله يهتف بي أقدم ولا تخفِ

ماضٍ فلو كنتُ وحدي والدنا صرختْ بي
قِفْ لسرتُ فلم أبطئ ولم أقِفِ


سليم عبدالقادر

الحمدان
07-08-2024, 05:03 PM
إنهم يطلعـون مـن كـلِّ أفْـقٍ
كلُّ وجـهٍ منهم كوجه الشِّهابِ

بجسومٍ فـوق الهضاب صِـلابٍ
وقلوبٍ تحـوم فـوق السَّـحابِ

يملؤونَ الوجـود حُبـاً وحـرباً
ويجـوبونه بخُضْر الثِّـيـابِ

يتحدُّونَ الجور بالسيف والموت
بإقـدامٍ والـهوى بالكـتابِ

إنهم قادمون أحنى من الطّـير
وأضرى من اللُّيوثِ الغـضابِ

كالقضاءِ المحتومِ فالفجر خلف الليل
كالشمس من سجوف الضَّبـاب

يرفعون الإسـلام نـوراً ونـاراً
في الدُّنـا بعد غـربةٍ وغـيابِ

فاحضنيهم يا أرض إن شئتِ خيراً
وانثـريهم مشـاعلاً في الرّوابي

أو فـصدِّي العُباب وهـو مُحالٌ
أو فميـدي وآذنـي بالخـرابِ


سليم عبدالقادر
سوريا

الحمدان
07-08-2024, 05:21 PM
ويحملني الحنين إليك طفلا
وقد سلب الزمان الصبر مني

وألقى فوق صدرك أمنياتي
وقد شقي الفؤاد مع التمني

غرست الدرب أزهارا بعمري
فخيبت السنون اليوم ظني

وأسلمت الزمان زمام أمري
وعشت العمر بالشكوى أغني

وكان العمر في عينيك أمنا
وضاع العمر يوم رحلت عني


فاروق جويدة

الحمدان
07-08-2024, 06:10 PM
عِلمِي بِقَلبِيَ ما لانَت قَساوَتُهُ
حَتّى تَصَدّت لَهُ عَيناكَ يا قاسِي

بِسِحرِ عَينَيك لَمّا أَستَطِع جَلَدًا
فَها أَنا الآن مِن صَبري عَلى ياسِ

دَعِ التَجَنّيَ إِنّي مُغرَمٌ كَلِفٌ
رَهِينُ وَجدٍ وَأَشواقٍ وَوَسواسِ

أَلا مَنَنتَ بِعَطفٍ مِنكَ يا أَمَلي
فَما عَلَيك فَدَتكَ النَفسُ مِن باسِ

لَقَد تَناهَت بِيَ الأَشواقُ فَاِشتَعَلَت
نِيرانُ قَلبي وَأَذكَت حَرَّ أَنفاسِي

لَولاك لَولاكَ لَم أَعرِف هَوىً أَبَدًا
فَحُبّكُم في فُؤادِي ثابِتٌ راسِ

هَذِي أَوائِلُ أَبياتي مُخَبّرَةٌ
باسمِ الَّذي حُبُّهُ رُوحِي وَإِيناسِي

عبدالمجيد الأزدي

الحمدان
07-08-2024, 06:13 PM
‏كان المتنبي يهوى خولة أخت سيف الدَّولة ، وكان يذكرها في شِعره تلميحاً لا تصريحاً ، ومن بديع ذلك قوله:

لِهَوى النُّفوسِ سَريرَةٌ لا تُعلَمُ
عَرَضاً نَظَرتُ وَخِلتُ أَنَّي أَسلَمُ

يا أُختَ مُعتَنِقِ الفَوارِسِ في الوَغى
لَأَخوكِ ثَمَّ أَرَقُّ مِنكِ وَأَرحَمُ

‏فقد جمع في بيتين فقط : الحِكمة والنَّسيب والمدح والشَّكوى ، بأوجز لفظ وأتمِّ معنى

الحمدان
07-08-2024, 06:15 PM
وَالهَمَّ يَختَرِمُ الجَسِيمَ نَحَافَةً
وَيَشِيبُ نَاصِيَةَ الصَّبِيِّ وَيُهرِمُ

ذُو العَقلِ يَشقَى بِالنَّعِيمِ بِعَقلِهِ
وَأَخُو الجَهَالَةِ فِي الشَّقَاوَةِ يَنعَمُ

المتنبي

الحمدان
07-08-2024, 06:17 PM
لكعب بن مالك الأنصاري قصيدةٌ في رثاء أسد الله وعم النبي حمزة بعدَ مَقتَلِهِ فقال:


بَكَتْ عَيْني وحُقَّ لَهَا بُكَاهَا
وَمَا يُغنِي البُكَاءُ ولا العَوِيلُ

عَلَى أَسَدِ الإله غَدَاةَ قالوا
أحمزةُ ذَاكُمُ الرّجُلُ القَتِيلُ

أُصِيبَ المُسْلِمُونَ بِهِ جميعًا
هُنَاكَ وَقَدْ أُصِيبَ بهِ الرّسُولُ

أبَا يَعْلَى لكَ الأَرْكَانُ هُدَّتْ
وأَنْتَ المَاجِدُ البَرُّ الوَصُولُ

عليكَ سَلاَمُ رَبِّكَ في جِنَانٍ
مُخالِطُهَا نعيمٌ لا يَزولُ

ألا يَا هَاشِمَ الأخيْيَارِ صَبْرًا
فكُلُّ فِعالِكُمْ حَسَنٌ جميلُ

رَسُولُ اللهِ مصطبرٌ كَرِيمٌ
بأمْرِ اللهِ ينطقُ إذْ يَقُولُ

ألاَ مَنْ مُبَلغٌ عنّي لؤيًّا
فَبَعْدَ اليومِ دَائِلَةٌ تَدُولُ

وقبلَ اليومِ ما عَرَفُوا وَذَاقُوا
وَقَائِعُنَا بِهَا يُشفَى الغَلِيلُ

نَسِيتُم ضَرْبَنَا بِقَلِيبِ بَدْرٍ
غَدَاةَ أَتَاكُمُ الموتُ العَجيلُ

غَدَاةَ ثَوَى أبو جهلٍ صَرِيعًا
عليهِ الطيرُ حَائِمةٌ تَجُولُ

وَعُتْبَةُ وابنُهُ خَرَّا جَمِيعًا
وَشَيْبَةُ عَضَّهُ السَّيْفُ الصَّقِيلُ

ومُتْرِكُنَا أُميّةَ مُجْلَعِبًّا
وَفِي حَيزُومِهِ لَدْنٌ نَبِيلُ

وَهَامُ بني رَبيعَةَ سَائِلُوهَا
فَفِي أسْيَافِنَا مِنْهَا فُلُولُ

ألا يا هندُ فابكِي لاَ تَمَلِّي
فَأَنْتِ الوَالِهُ العَبْرَى الهَبُولُ

ألا يا هِنْدُ لا تُبدِي شِماتًا
بحمزةَ إِنَّ عِزَّكُمُ ذَليلُ

الحمدان
07-08-2024, 06:20 PM
جريح السَّيف يُشفى بعد حين
فهل يشفى جريح باللِّسان

هي الكلمات تجرح دون حد
وتفعل فوق أفعال السِّنان


تذوَّق كلماتكَ قبل أن تنطقها

الحمدان
07-08-2024, 06:37 PM
يا فؤادي رحم الله الهوى
كان صرحاً من خيال فهوى

اسقني واشرب على أطلاله
واروِ عني طالما الدمع روى

كيف ذاك الحب أمسى خبراً
وحديثاً من أحاديث الجوى

وبساطا من ندامى حلم
هم تواروا أبداً وهو انطوى

يا رياحا ليس يهدا عصفها
نضب الزيت ومصباحي انطفا

وأنا أقتات من وهم عفا
وأفي العمر لناسٍ ما وفى

كم تقلبت على خنجره
لا الهوى مال ولا الجفن عفا

وإذا القلب على غفرانه
كلما غار به النصل عفا

يا غراما كان مني في دمي
قدراً كالموت أوفى طعمه

ما قضينا ساعة في عرسه
وقضينا العمر في مأتمه

ما انتزاعي دمعة من عينه
واغتصابي بسمة من فمه

ليت شعري أين منه مهربي
أين يمضي هارب من دمه

لست أنساك وقد أغريتني
بفمٍ عذبِ المناداة رقيق

ويد تمتد نحوي كيدٍ
من خلال الموج مُدّت لغريق

آه يا قِبلة أقدامي إذا
شكت الأقدام أشواك الطريق

وبريقاً يظمأ الساري له
أين في عينيك ذياك البريق

لست أنساك وقد أغريتني
بالذرى الشم فأدمنت الطموح

أنت روح في سمائي وأنا
لك أعلو فكأني محض روح

يا لها من قمم كنّا بها
نتلاقى وبسرّينا نبوح

نستشف الغيب من أبراجها
ونرى الناس ظلالاً في السفوح

أنتِ حسن في ضحاه لم يَزَل
وأنا عنديَ أحزان الطفَل

وبقايا الظل من ركب رحل
وخيوط النور من نجم أفل

ألمح الدنيا بعيني سئمٍ
وأرى حولي أشباح الملل

راقصات فوق أشلاء الهوى
معولات فوق أجداث الأمل

ذهب العمر هباء فاذهبي
لم يكن وعدك إلا شبحا

صفحة قد ذهب الدهر بها
أثبت الحب عليها ومحا

انظري ضِحكي ورقصي فرحا
وأنا أحمل قلباً ذبحا

ويراني الناس روحاً طائراً
والجَوى يطحنني طحن الرحى

كنت تمثال خيالي فهوى
المقادير أرادت لا يدي

ويحها لم تدر ماذا حطمت
حطمت تاجي وهدت معبدي

يا حياة اليائس المنفرد
يا يباباً ما به من أحد

يا قفاراً لافحاتٍ ما بها
من نجي يا سكون الأبد

أين من عيني حبيب ساحر
فيه نبل وجلال وحياء

واثق الخطوة يمشي ملكاً
ظالم الحسن شهي الكبرياء

عبق السحر كأنفاس الربى
ساهم الطرف كأحلام المساء

مشرق الطلعة في منطقه
لغة النور وتعبير السماء

أين مني مجلس أنت به
فتنَة تمت سناء وسنى

وأنا حب وقلب ودم
وفراش حائر منك دنا

ومن الشوق رسول بيننا
ونديم قدم الكأس لنا

وسقانا فانتفضنا لحظة
لغبارٍ آدمي مسنا

قد عرفنا صولة الجسم التي
تحكم الحي وتطغى في دماه

وسمعنا صرخة في رعدها
سوط جلاد وتعذيب إله

أمرتنا فعصينا أمرها
وأبينا الذل أن يغشى الجباه

حكم الطاغي فكنا في العصاه
وطردنا خلف أسوار الحياه

يا لمنفيين ضلا في الوعور
دميا بالشوك فيها والصخور

كلما تقسو الليالي عرفا
روعة الآلام في المنفى الطهور

طردا من ذلك الحلم الكبير
للحظوظ السود والليل الضرير

يقبسان النور من روحيهما
كلما قد ضنت الدنيا بنور

أنت قد صيرت أمري عجبا
كثرت حوليَ أطيار الربى

فإذا قلت لقلبي ساعة
قم نغرد لسوى ليلي أبى

حجبت تأبى لعيني مأربا
غير عينيك ولا مطلبا

أنتِ من أسدلها لا تدعي
أنني أسدلت هذي الحجبا

ولكم صاح بي اليأس انتزعها
فيرد القدر الساخر دعها

يا لها من خطة عمياء لو
أنني أبصر شيئاًَ لم أطعها

وليَ الويل إذا لبيتها
ولي الويل إذا لم أتبعها

قد حنت رأسي ولو كل القوى
تشتري عزة نفسي لم أبعها

يا حبيبا زرت يوما أيكه
طائر الشوق أغني ألمي

لك ابطاء الدلال المنعم
وتجني القادر المحتكم

وحنيني لك يكوي أعظمي
والثواني جمرات في دمي

وأنا مرتقب في موضعي
مرهف السمع لوقع القدم

قدم تخطو وقلبي مشبه
موجة تخطو إلى شاطئها

أيها الظالم بالله إلى كم
أسفح الدمع على موطئها

رحمة أنت فهل من رحمة
لغريب الروح أو ظامئها

يا شفاء الروح روحي تشتكي
ظلم آسيها إلى بارئها

أعطني حريتي أطلق يديّ
إنني أعطيت ما استبقيت شيّ

آه من قيدك أدمى معصمي
لمَ أبقيه وما أبقى عليّ

ما احتفاظي بعهود لم تصنها
وإلام الأسر والدنيا لديّ

ها أنا جفت دموعي فاعف عنها
إنها قبلك لم تبذل لحي

وهب الطائر عن عشك طارا
جفت الغدران والثلج أغارا

هذه الدنيا قلوب جَمَدت
خبت الشعلة والجمر توارى

وإذا ما قبس القلب غدا
من رماد لا تسله كيف صارا

لا تسل واذكر عذاب المصطلي
وهو يذكيه فلا يقبس نارا

لا رعى الله مساءً قاسياً
قد أراني كل أحلامي سدى

وأراني قلب من أعبده
ساخراً من مدمعي سخر العدا

ليت شعري أي أحداث جرت
أنزلت روحك سجناً موصدا

صدئت روحك في غيهبها
وكذا الأرواح يعلوها الصدا

قد رأيت الكون قبراً ضيقا
خيّم اليأس عليه والسكوت

ورأت عيني أكاذيب الهوى
واهيات كخيوط العنكبوت

كنت ترثي لي وتدري ألمي
لو رثى للدمع تمثال صموت

عند أقدامك دنيا تنتهي
وعلى بابك آمال تموت

كنت تدعونيَ طفلاً كلما
ثار حبي وتندت مقلي

ولك الحق لقد عاش الهوى
فيّ طفلاً ونما لم يعقل

ورأى الطعنة إذ صوبتها
فمشت مجنونة للمقتل

رمت الطفل فأدمت قلبه
وأصَابت كبرياء الرجل

قلت للنفس وقد جزنا الوصيدا
عجلي لا ينفع الحزم وئيدا

ودعي الهيكل شبت ناره
تأكل الركع فيه والسجودا

يتمنّى لي وفائي عودة
والهوى المجروح يأبى أن نعودا

لي نحو اللهب الذاكي به
لفتة العود إذا صار وقودا

لست أنسى ابداً
ساعة في العمر

تحت ريح صفقت
لارتقاص المطر

نوّحت للذكر
وشكت للقمر

وإذا ما طربت
عربدت في الشجر

هاك ما قد صبت الريح بأذن الشاعر
وهي تغري القلب إغراء

النصيح الفاجر
أيها الشاعر تغفو

تذكر العهد وتصحو
وإذا ما التام جرح

جد بالتذكار جرح
فتعلم كيف تنسى

وتعلم كيف تمحو
أو كل الحب في رأ

يك غفرانٌ وصفح
هاك فانظر عدد الرمل قلوبا ونساء

فتخير ما تشاء ذهب العمر هباء
ضل في الأرض الذي ينشد أبناء السماء

أي روحانية تعصر من طين وماء
أيها الريح أجل لكنما

هي حبي وتعلاتي ويأسي
هي في الغيب لقلبي خلقت

أشرقت لي قبل أن تشرق شمسي
وعلى موعدها أطبقت عيني

وعلى تذكارها وسدت رأسي
جنت الريح ونادته شياطين الظلام

أختاما كيف يحلو لك في البدء الختام
يا جريحا أسلم الجرح حبيبا نكأه

هو لا يبكي إذا الناعي بهذا نبأه
أيها الجبار هل تصرع من أجل امرأة

يا لها من صيحة ما بعثت
عنده غير أليم الذكر

أرقت في جنبه فاستيقظت
كبقايا خنجر منكسر

لمع النهر وناداه له
فمضى منحدراًللنهر

ناضب الزاد وما من سفر
دون زادٍ غير هذا السفر

يا حبيبي كل شيء بقضاء
ما بأيدينا خلقنا تعساء

ربما تجمعنا أقدارنا
ذات يوم بعد ما عز اللقاء

فإذا أنكر خل خله
وتلاقينا لقاء الغرباء

ومضى كل إلى غايته
لا تقل شيئاً وقل لي الحظ شاء

يا مغني الخلد ضيعت العمر
في أناشيد تغنّى للبشر

ليس في الأحياء من يسمعنا
ما لنا لسنا نغني للحجر

للجمارات التي ليست تعي
والرميمات البوالي في الحفر

غنّها سوف تراها انتفضت
ترحم الشادي وتبكي للوتر

يا نداء كلما أرسلته
رد مقهوراً وبالحظ ارتطم

وهتافاً من أغاريد المنى
عاد لي وهو نواحٌ وندم

رب تمثال جمالٍ وسنا
لاح لي والعيش شجو وظلم

ارتمى اللحن عليه جاثياً
ليس يدري أنه حسن أصم

هدأ الليل ولا قلب له
أيها الساهر يدري حيرتك

أيها الشاعر خذ قيثارتك
غن أشجانك واسكب دمعتك

رب لحن رقص النجم له
وغزا السحب وبالنجم فتك

غنّه حتى نرى ستر الدجى
طلع الفجر عليه فانهتك

وإذا ما زهرات ذعرت
ورأيت الرعب يغشى قلبها

فترفق واتئد واعزف لها
من رقيق اللحن وامسح رعبها

ربما نامت على مهد الأسى
وبكت مستصرخات ربها

أيها الشاعر كم من زهرة
عوقبت لم تدر يوماً ذنبها


ابراهيم ناجي .. مصر

الحمدان
07-08-2024, 07:20 PM
بِسَيفِكَ يَعلو الحَقُّ وَالحَقُّ أَغلَبُ
وَيُنصَرُ دينُ اللَهِ أَيّانَ تَضرِبُ

وَما السَيفُ إِلّا آيَةُ المُلكِ في الوَرى
وَلا الأَمرُ إِلّا لِلَّذي يَتَغَلَّبُ

فَأَدِّب بِهِ القَومَ الطُغاةَ فَإِنَّهُ
لَنِعمَ المَرَبي لِلطُغاةِ المُؤَدِّبُ

وَداوِ بِهِ الدولاتِ مِن كُلِّ دائِها
فَنِعمَ الحُسامُ الطِبُّ وَالمُتَطَبِّبُ

تَنامُ خُطوبُ المُلكِ إِن باتَ ساهِراً
وَإِن هُوَ نامَ اِستَيقَظَت تَتَأَلَّبُ

أَمِنّا اللَيالي أَن نُراعَ بِحادِثٍ
وَأَرمينيا ثَكلى وَحَورانَ أَشيَبُ

وَمَملَكَةُ اليونانِ مَحلولَةُ العُرى
رَجاؤُكَ يُعطيها وَخَوفُكَ يُسلَبُ

هَدَدتَ أَميرَ المُؤمِنينَ كَيانَها
بِأَسطَعَ مِثلِ الصُبحِ لا يَتَكَذَّبُ

وَمازالَ فَجراً سَيفُ عُثمانَ صادِقاً
يُساريهِ مِن عالي ذَكائِكَ كَوكَبُ

إِذا ما صَدَعتَ الحادِثاتِ بِحَدِّهِ
تَكَشَّفَ داجي الخَطبِ وَاِنجابَ غَيهَبُ

وَهابَ العِدا فيهِ خِلافَتَكَ الَّتي
لَهُم مَأرَبٌ فيها وَلِلَّهِ مَأرَبُ

سَما بِكَ يا عَبدَ الحَميدِ أُبُوَّةٌ
ثَلاثونَ خُضّارُ الجَلالَةِ غُيَّبُ

قَياصِرُ أَحياناً خَلائِفُ تارَةً
خَواقينُ طَوراً وَالفَخارُ المُقَلَّبُ

نُجومُ سُعودِ المَلكِ أَقمارُ زُهرِهِ
لَوَ اَنَّ النُجومَ الزُهرَ يَجمَعُها أَبُ

تَواصَوا بِهِ عَصراً فَعَصراً فَزادَهُ
مُعَمَّمُهُم مِن هَيبَةٍ وَالمُعَصَّبُ

هُمُ الشَمسُ لَم تَبرَح سَماواتِ عِزِّها
وَفينا ضُحاها وَالشُعاعُ المُحَبَّبُ

نَهَضتَ بِعَرشٍ يَنهَضُ الدَهرُ بِهِ
خُشوعاً وَتَخشاهُ اللَيالي وَتَرهَبُ

مَكينٍ عَلى مَتنِ الوُجودِ مُؤَيَّدٍ
بِشَمسِ اِستِواءٍ مالَها الدَهرَ مَغرِبُ

تَرَقَّت لَهُ الأَسواءُ حَتّى اِرتَقَيتَهُ
فَقُمتَ بِها في بَعضِ ما تَتَنَكَّبُ

فَكُنتَ كَعَينٍ ذاتِ جَريٍ كَمينَةٍ
تَفيضُ عَلى مَرِّ الزَمانِ وَتَعذُبُ

مُوَكَّلَةٍ بِالأَرضِ تَنسابُ في الثَرى
فَيَحيا وَتَجري في البِلادِ فَتُخضِبُ

فَأَحيَيتَ مَيتاً دارِسَ الرَسمِ غابِراً
كَأَنَّكَ فيما جِئتَ عيسى المُقَرَّبُ

وَشِدتَ مَناراً لِلخِلافَةِ في الوَرى
تُشَرِّقُ فيهِم شَمسُهُ وَتُغَرِّبُ

سَهِرتَ وَنامَ المُسلِمونَ بِغَبطَةٍ
وَما يُزعِجُ النُوّامَ وَالساهِرُ الأَبُ

فَنَبَّهَنا الفَتحُ الَّذي ما بِفَجرِهِ
وَلا بِكَ يا فَجرَ السَلامِ مُكَذِّبُ

حُسامُكَ مِن سُقراطَ في الخَطبِ أَخطَبُ
وَعودُكَ مِن عودِ المَنابِرِ أَصلَبُ

وَعَزمُكَ مِن هوميرَ أَمضى بَديهَةً
وَأَجلى بَياناً في القُلوبِ وَأَعذَبُ

وَإِن يَذكُروا إِسكَندَراً وَفُتوحَهُ
فَعَهدُكَ بِالفَتحِ المُحَجَّلِ أَقرَبُ

وَمُلكُكَ أَرقى بِالدَليلِ حُكومَةً
وَأَنفَذُ سَهماً في الأُمورِ وَأَصوَبُ

ظَهَرتَ أَميرَ المُؤمِنينَ عَلى العِدا
ظُهوراً يَسوءُ الحاسِدينَ وَيُتعِبُ

سَلِ العَصرَ وَالأَيّامَ وَالناسَ هَل نَبا
لِرَأيِكَ فيهِم أَو لِسَيفِكَ مَضرِبُ

هُمُ مَلَئوا الدُنيا جَهاماً وَراءَهُ
جَهامٌ مِنَ الأَعوانِ أَهذى وَأَكذَبُ

فَلَمّا اِستَلَلتَ السَيفَ أَخلَبَ بَرقُهُم
وَما كُنتَ يا بَرقَ المَنِيَّةِ تُخلِبُ

أَخَذتَهُمُ لا مالِكينَ لِحَوضِهِم
مِنَ الذَودِ إِلّا ما أَطالوا وَأَسهَبوا

وَلم يَتَكَلَّف قَومُكَ الأُسدُ أُهبَةً
وَلَكِنَّ خُلقاً في السِباعِ التَأَهُّبُ

كَذا الناسُ بِالأَخلاقِ يَبقى صَلاحُهُم
وَيَذهَبُ عَنهُم أَمرُهُم حينَ تَذهَبُ

وَمِن شَرَفِ الأَوطانِ أَلّا يَفوتَها
حُسامٌ مُعِزٌّ أَو يَراعٌ مُهَذَّبُ

مَلَكتَ سَبيلَيهِم فَفي الشَرقِ مَضرِبٌ
لِجَيشِكَ مَمدودٌ وَفي الغَربِ مَضرِبُ

ثَمانونَ أَلفاً أُسدُ غابٍ ضَراغِمٌ
لَها مِخلَبٌ فيهِم وَلِلمَوتِ مَخلِبُ

إِذا حَلِمَت فَالشَرُّ وَسنانُ حالِمٌ
وَإِن غَضِبَت فَالشَرُّ يَقظانُ مُغضِبُ

فَيالِقُ أَفشى في البِلادِ مِنَ الضُحى
وَأَبعَدُ مِن شَمسِ النَهارِ وَأَقرَبُ

وَتُصبِحُ تَلقاهُم وَتُمسي تَصُدُّهُم
وَتَظهَرُ في جِدِّ القِتالِ وَتَلعَبُ

تَلوحُ لَهُم في كُلِّ أُفقٍ وَتَعتَلي
وَتَطلُعُ فيهِم مِن مَكانٍ وَتَغرُبُ

وَتُقدِمُ إِقدامَ اللُيوثِ وَتَنثَني
وَتُدبِرُ عِلماً بِالوَغى وَتُعَقِّبُ

وَتَملِكُ أَطرافَ الشِعابِ وَتَلتَقي
وَتَأخُذُ عَفواً كُلَّ عالٍ وَتَغصِبُ

وَتَغشى أَبِيّاتِ المَعاقِلِ وَالذُرا
فَثَيِّبُهُنَّ البِكرُ وَالبِكرُ ثَيِّبُ

يَقودُ سَراياها وَيَحمي لِواءَها
سَديدُ المَرائي في الحُروبِ مُجَرِّبُ

يَجيءُ بِها حيناً وَيَرجِعُ مَرَّةً
كَما تَدفَعُ اللَجَّ البِحارُ وَتَجذِبُ

وَيَرمي بِها كَالبَحرِ مِن كُلِّ جانِبٍ
فَكُلُّ خَميسٍ لُجَّةٌ تَتَضَرَّبُ

وَيُنفِذُها مِن كُلِّ شِعبٍ فَتَلتَقي
كَما يَتَلاقى العارِضُ المُتَشَعِّبُ

وَيَجعَلُ ميقاتاً لَها تَنبَري لَهُ
كَما دارَ يَلقى عَقرَبَ السَيرِ عَقرَبُ

فَظَلَّت عُيونُ الحَربِ حَيرى لِما تَرى
نَواظِرَ ما تَأتي اللُيوثُ وَتُغرِبُ

تُبالِغُ بِالرامي وَتَزهو بِما رَمى
وَتُعجَبُ بِالقُوّادِ وَالجُندُ أَعجَبُ

وَتُثني عَلى مُزجي الجُيوشِ بِيَلدِزٍ
وَمُلهِمِها فيما تَنالُ وَتَكسِبُ

وَما المُلكُ إِلّا الجَيشُ شَأناً وَمَظهَراً
وَلا الجَيشُ إِلّا رَبُّهُ حينَ يُنسَبُ

تُحَذِّرُني مِن قَومِها التُركِ زَينَبُ
وَتُعجِمُ في وَصفِ اللُيوثِ وَتُعرِبُ

وَتُكثِرُ ذِكرَ الباسِلينَ وَتَنثَني
بِعِزٍّ عَلى عِزِّ الجَمالِ وَتُعجَبُ

وَتَسحَبُ ذَيلَ الكِبرِياءِ وَهَكَذا
يَتيهُ وَيَختالُ القَوِيُّ المُغَلِّبُ

وَزَينَبُ إِن تاهَت وَإِن هِيَ فاخَرَت
فَما قَومُها إِلّا العَشيرُ المُحَبَّبُ

يُؤَلِّفُ إيلامُ الحَوادِثِ بَينَنا
وَيَجمَعُنا في اللَهِ دينٌ وَمَذهَبُ

نَما الوُدُّ حَتّى مَهَّدَ السُبلَ لِلهَوى
فَما في سَبيلِ الوَصلِ ما يُتَصَعَّبُ

وَدانى الهَوى ما شاءَ بَيني وَبَينَها
فَلَم يَبقَ إِلّا الأَرضُ وَالأَرضُ تَقرُبُ

رَكِبتُ إِلَيها البَحرَ وَهوَ مَصيدَةٌ
تُمَدُّ بِها سُفنُ الحَديدِ وَتُنصَبُ

تَروحُ المَنايا الزُرقُ فيهِ وَتَغتَدي
وَما هِيَ إِلّا المَوجُ يَأتي وَيَذهَبُ

وَتَبدو عَلَيهِ الفُلكُ شَتّى كَأَنَّها
بُؤوزٌ تُراعيها عَلى البُعدِ أَعقُبُ

حَوامِلُ أَعلامِ القَياصِرِ حُضرٌ
عَلَيها سَلاطينُ البَرِيَّةِ غُيَّبُ

تُجاري خُطاها الحادِثاتِ وَتَقتَفي
وَتَطفو حَوالَيها الخُطوبُ وَتَرسُبُ

وَيوشِكُ يَجري الماءُ مِن تَحتِها دَماً
إِذا جَمَعَت أَثقالَها تَتَرَقَّبُ

فَقُلتُ أَأَشراطُ القِيامَةِ ما أَرى
أَمِ الحَربُ أَدنى مِن وَريدٍ وَأَقرَبُ

أَماناً أَماناً لُجَّةَ الرومِ لِلوَرى
لَوَ اَنَّ أَماناً عِندَ دَأماءَ يُطلَبُ

كَأَنّي بِأَحداثِ الزَمانِ مُلِمَّةً
وَقَد فاضَ مِنها حَوضُكِ المُتَضَرِّبُ

فَأُزعِجَ مَغبوطٌ وَرُوِّعَ آمِنٌ
وَغالَ سَلامَ العالَمينَ التَعَصُّبُ

فَقالَت أَطَلتَ الهَمَّ لِلخَلقِ مَلجَأٌ
أَبَرُّ بِهِم مِن كُلِّ بَرٍّ وَأَحدَبُ

سَلامُ البَرايا في كَلاءَةِ فَرقَدٍ
بِيَلدِزَ لا يَغفو وَلا يَتَغَيَّبُ

وَإِنَّ أَميرَ المُؤمِنينَ لَوابِلٌ
مِنَ الغَوثِ مُنهَلٌ عَلى الخَلقِ صَيِّبُ

رَأى الفِتنَةَ الكُبرى فَوالى اِنهِمالَهُ
فَبادَت وَكانَت جَمرَةً تَتَلَهَّبُ

فَما زِلتُ بِالأَهوالِ حَتّى اِقتَحَمتُها
وَقَد تُركِبُ الحاجاتُ ما لَيسَ يُركَبُ

أَخوضُ اللَيالي مِن عُبابٍ وَمِن دُجىً
إِلى أُفقٍ فيهِ الخَليفَةُ كَوكَبُ

إِلى مُلكِ عُثمانَ الَّذي دونَ حَوضِهِ
بِناءُ العَوالي المُشمَخِرُّ المُطَنَّبُ

فَلاحَ يُناغي النَجمَ صَرحٌ مُثَقَّبٌ
عَلى الماءِ قَد حاذاهُ صَرحٌ مُثقَبُ

بُروجٌ أَعارَتها المَنونُ عُيونَها
لَها في الجَواري نَظرَةٌ لا تُخَيَّبُ

رَواسي اِبتِداعٍ في رَواسي طَبيعَةٍ
تَكادُ ذُراها في السَحابِ تُغَيَّبُ

فَقُمتُ أُجيلُ الطَرفَ حَيرانَ قائِلاً
أَهَذى ثُغورُ التُركِ أَم أَنا أَحسَبُ

فَمِثلَ بِناءِ التُركِ لَم يَبنِ مُشرِقٌ
وَمِثلَ بِناءِ التُركِ لَم يَبنِ مَغرِبُ

تَظَلُّ مَهولاتُ البَوارِجِ دونَهُ
حَوائِرَ ما يَدرينَ ماذا تُخَرِّبُ

إِذا طاشَ بَينَ الماءِ وَالصَخرِ سَهمُها
أَتاها حَديدٌ ما يَطيشُ وَأَسرَبُ

يُسَدِّدُهُ عِزريلُ في زِيِّ قاذِفٍ
وَأَيدي المَنايا وَالقَضاءُ المُدَرَّبُ

قَذائِفُ تَخشى مُهجَةُ الشَمسِ كُلَّما
عَلَت مُصعِداتٍ أَنَّها لا تُصَوَّبُ

إِذا صُبَّ حاميها عَلى السُفنِ اِنثَنَت
وَغانِمُها الناجي فَكَيفَ المُخَيَّبُ

سَلِ الرومَ هَل فيهِنَّ لِلفُلكِ حيلَةٌ
وَهَل عاصِمٌ مِنهُنَّ إِلّا التَنَكُّبُ

تَذَبذَبَ أُسطولاهُمُ فَدَعَتهُما
إِلى الرُشدِ نارٌ ثَمَّ لا تَتَذَبذَبُ

فَلا الشَرقُ في أُسطولِهِ مُتقى الحِمى
وَلا الغَربُ في أُسطولِهِ مُتَهَيَّبُ

وَما راعَني إِلّا لِواءٌ مُخَضَّبٌ
هُنالِكَ يَحميهِ بَنانٌ مُخَضَّبُ

فَقُلتُ مَنِ الحامي أَلَيثٌ غَضَنفَرٌ
مِنَ التُركِ ضارٍ أَم غَزالٌ مُرَبَّبُ

أَمِ المَلِكُ الغازي المُجاهِدُ قَد بَدا
أَمِ النَجمُ في الآرامِ أَم أَنتِ زَينَبُ

رَفَعتِ بَناتَ التُركِ قالَت وَهَل بِنا
بَناتِ الضَواري أَن نَصولَ تَعَجُّبُ

إِذا ما الدِيارُ اِستَصرَخَت بَدَرَت لَها
كَرائِمُ مِنّا بِالقَنا تَتَنَقَّبُ

تُقَرِّبُ رَبّاتُ البُعولِ بُعولَها
فَإِن لَم يَكُن بَعلٌ فَنَفساً تُقَرِّبُ

وَلاحَت بِآفاقِ العَدُوِّ سَرِيَّةٌ
فَوارِسُ تَبدو تارَةً وَتُحَجَّبُ

نَواهِضُ في حُزنٍ كَما تَنهَضُ القَطا
رَواكِضُ في سَهلٍ كَما اِنسابَ ثَعلَبُ

قَليلونَ مِن بُعدٍ كَثيرونَ إِن دَنَوا
لَهُم سَكَنٌ آناً وَآناً تَهَيُّبُ

فَقالَت شَهِدتَ الحَربَ أَو أَنتَ موشِكٌ
فَصِفنا فَأَنتَ الباسِلُ المُتَأَدِّبُ

وَنادَت فَلَبّى الخَيلُ مِن كُلِّ جانِبٍ
وَلَبّى عَلَيها القَسوَرُ المُتَرَقِّبُ

خِفافاً إِلى الداعي سِراعاً كَأَنَّما
مِنَ الحَربِ داعٍ لِلصَلاةِ مُثَوِّبُ

مُنيفينَ مِن حَولِ اللِواءِ كَأَنَّهُم
لَهُ مَعقِلٌ فَوقَ المَعاقِلِ أَغلَبُ

وَما هِيَ إِلّا دَعوَةٌ وَإِجابَةٌ
أَنِ اِلتَحَمَت وَالحَربُ بَكرٌ وَتَغلِبُ

فَأَبصَرتُ ما لَم تُبصِرا مِن مَشاهِدٍ
وَلا شَهِدَت يَوماً مَعَدٌّ وَيَعرُبُ

جِبالَ مَلونا لا تَخوري وَتَجزَعي
إِذا مالَ رَأسٌ أَو تَضَعضَعَ مَنكِبُ

فَما كُنتِ إِلّا السَيفَ وَالنارَ مَركَباً
وَما كانَ يَستَعصي عَلى التُركِ مَركَبُ

عَلَوا فَوقَ عَلياءِ العَدُوِّ وَدونَهُ
مَضيقٌ كَحَلقِ اللَيثِ أَو هُوَ أَصعَبُ

فَكانَ صِراطُ الحَشرِ ما ثَمَّ ريبَةٌ
وَكانوا فَريقَ اللَهِ ما ثَمَّ مُذنِبُ

يَمُرّونَ مَرَّ البَرقِ تَحتَ دُجُنَّةٍ
دُخاناً بِهِ أَشباحُهُم تَتَجَلبَبُ

حَثيثينَ مِن فَوقِ الجِبالِ وَتَحتِها
كَما اِنهارَ طَودٌ أَو كَما اِنهالَ مِذنَبُ

تُمِدُّهُمُ قُذّافُهُم وَرُماتُهُم
بِنارٍ كَنيرانِ البَراكينِ تَدأَبُ

تُذَرّى بِها شُمُّ الذُرا حينَ تَعتَلي
وَيَسفَحُ مِنها السَفحُ إِذ تَتَصَبَّبُ

تُسَمَّرُ في رَأسِ القِلاعِ كُراتُها
وَيَسكُنُ أَعجازَ الحُصونِ المُذَنَّبُ

فَلَمّا دَجى داجي العَوانِ وَأَطبَقَت
تَبَلَّجَ وَالنَصرَ الهِلالُ المُحَجَّبُ

وَرُدَّت عَلى أَعقابِها الرومُ بَعدَما
تَناثَرَ مِنها الجَيشُ أَو كادَ يَذهَبُ

جَناحَينِ في شِبهِ الشِباكَينِ مِن قَنا
وَقَلباً عَلى حُرِّ الوَغى يَتَقَلَّبُ

عَلى قُلَلِ الأَجبالِ حَيرى جُموعُهُم
شَواخِصُ ما إِن تَهتَدي أَينَ تَذهَبُ

إِذا صَعَدَت فَالسَيفُ أَبيَضُ خاطِفٌ
وَإِن نَزَلَت فَالنارُ حَمراءُ تَلهَبُ

تَطَوَّعَ أَسراً مِنهُمُ ذَلِكَ الَّذي
تَطَوَّعَ حَرباً وَالزَمانُ تَقَلُّبُ

وَتَمَّ لَنا النَصرُ المُبينُ عَلى العِدا
وَفَتحُ المَعالي وَالنَهارُ المُذَهَّبُ

فَجِئتُ فَتاةَ التُركِ أَجزي دِفاعَها
عَنِ المُلكِ وَالأَوطانِ ما الحَقُّ يوجِبُ

فَقَبَّلتُ كَفّاً كانَ بِالسَيفِ ضارِباً
وَقَبَّلتُ سَيفاً كانَ بِالكَفِّ يَضرِبُ

وَقُلتُ أَفي الدُنيا لِقَومِكِ غالِبٌ
وَفي مِثلِ هَذا الحِجرِ رُبّوا وَهُذِّبوا

رُوَيداً بَني عُثمانَ في طَلَبِ العُلا
وَهَيهاتَ لَم يُستَبقَ شَيءٌ فَيُطلَبُ

أَفي كُلِّ آنٍ تَغرِسونَ وَنَجتَني
وَفي كُلِّ يَومٍ تَفتَحونَ وَنَكتُبُ

وَما زِلتُمُ يَسقيكُمُ النَصرُ حُمرَهُ
وَتَسقونَهُ وَالكُلُّ نَشوانَ مُصأَبُ

إِلى أَن أَحَلَّ السُكرَ مَن لا يُحِلُّهُ
وَمَدَّ بِساطَ الشُربِ مَن لَيسَ يَشرَبُ

وَأَشمَطَ سَوّاسِ الفَوارِسِ أَشيَبُ
يَسيرُ بِهِ في الشَعبِ أَشمَطُ أَشيَبُ

رَفيقاً ذَهابٍ في الحُروبِ وَجيئَةٍ
قَدِ اِصطَحَبا وَالحُرُّ لِلحُرِّ يَصحَبُ

إِذا شَهِداها جَدَّدا هِزَّةَ الصِبا
كَما يَتَصابى ذو ثَمانينَ يَطرُبُ

فَيَهتَزُّ هَذا كَالحُسامِ وَيَنثَني
وَيَنفُرُ هَذا كَالغَزالِ وَيَلعَبُ

تَوالى رَصاصُ المُطلِقينَ عَلَيهِما
يُخَضِّلُ مِن شَيبِهِما وَيُخَضِّبُ

فَقيلَ أَنِل أَقدامَكَ الأَرضَ إِنَّها
أَبَرُّ جَواداً إِن فَعَلتَ وَأَنجَبُ

فَقالَ أَيَرضى واهِبُ النَصرِ أَنَّنا
نَموتُ كَمَوتِ الغانِياتِ وَنُعطَبُ

ذَروني وَشَأني وَالوَغى لا مُبالِياً
إِلى المَوتِ أَمشي أَم إِلى المَوتِ أَركَبُ

أَيَحمِلُني عُمراً وَيَحمي شَبيبَتي
وَأَخذُلُهُ في وَهنِهِ وَأُخَيِّبُ

إِذا نَحنُ مِتنا فَاِدفِنونا بِبُقعَةٍ
يَظَلُّ بِذِكرانا ثَراها يُطَيِّبُ

وَلا تَعجَبوا أَن تَبسُلَ الخَيلُ إِنَّها
لَها مِثلُ ما لِلناسِ في المَوتِ مَشرَبُ

فَماتا أَمامَ اللَهِ مَوتَ بَسالَةٍ
كَأَنَّهُما فيهِ مِثالٌ مُنَصَّبُ

وَما شُهَداءُ الحَربِ إِلّا عِمادُها
وَإِن شَيَّدَ الأَحياءُ فيها وَطَنَّبوا

مِدادُ سِجِلِّ النَصرِ فيها دِماؤُهُم
وَبِالتِبرِ مِن غالي ثَراهُم يُتَرَّبُ

فَهَل مِن مَلونا مَوقِفٌ وَمَسامِعٌ
وَمِن جَبَلَيها مِنبَرٌ لي فَأَخطُبُ

فَأَسأَلُ حِصنَيها العَجيبَينِ في الوَرى
وَمَدخَلُها الأَعصى الَّذي هُوَ أَعجَبُ

وَأَستَشهِدُ الأَطوادَ شَمّاءَ وَالذُرا
بَواذِخَ تُلوي بِالنُجومِ وَتُجذَبُ

هَلِ البَأسُ إِلّا بَأسُهُم وَثَباتُهُم
أَوِ العَزمُ إِلّا عَزمُهُم وَالتَلَبُّبُ

أَوِ الدينُ إِلّا ما رَأَت مِن جِهادِهِم
أَوِ المُلكُ إِلّا ما أَعَزّوا وَهَيَّبوا

وَأَيُّ فَضاءٍ في الوَغى لَم يُضَيِّقوا
وَأَيُّ مَضيقٍ في الوَرى لَم يُرَحِّبوا

وَهَل قَبلَهُم مَن عانَقَ النارَ راغِباً
وَلَو أَنَّهُ عُبّادُها المُتَرَهِّبُ

وَهَل نالَ ما نالوا مِنَ الفَخرِ حاضِرٌ
وَهَل حُبِيَ الخالونَ مِنهُ الَّذي حُبوا

سَلاماً مَلونا وَاِحتِفاظاً وَعِصمَةً
لِمَن باتَ في عالي الرِضى يَتَقَلَّبُ

وَضِنّي بِعَظمٍ في ثَراكِ مُعَظَّمٍ
يُقَرِبُهُ الرَحمَنُ فيما يُقَرِّبُ

وَطِرناوُ إِذ طارَ الذُهولُ بِجَيشِها
وَبِالشَعبِ فَوضى في المَذاهِبِ يَذهَبُ

عَشِيَّةَ ضاقَت أَرضُها وَسَماؤُها
وَضاقَ فَضاءٌ بَينَ ذاكَ مُرَحِّبُ

خَلَت مِن بَني الجَيشِ الحُصونُ وَأَقفَرَت
مَساكِنُ أَهليها وَعَمَّ التَخَرُّبُ

وَنادى مُنادٍ لِلهَزيمَةِ في المَلا
وَإِنَّ مُنادي التُركِ يَدنو وَيَقرُبُ

فَأَعرَضَ عَن قُوّادِهِ الجُندُ شارِداً
وَعَلَّمَهُ قُوّادُهُ كَيفَ يَهرُبُ

وَطارَ الأَهالي نافِرينَ إِلى الفَلا
مِئينَ وَآلافاً تَهيمُ وَتَسرُبُ

نَجَوا بِالنُفوسِ الذاهِلاتِ وَما نَجَوا
بِغَيرِ يَدٍ صِفرٍ وَأُخرى تُقَلِّبُ

وَطالَت يَدٌ لِلجَمعِ في الجَمعِ بِالخَنا
وَبِالسَلبِ لَم يَمدُد بِها فيهِ أَجنَبُ

يَسيرُ عَلى أَشلاءِ والِدِهِ الفَتى
وَيَنسى هُناكَ المُرضَعَ الأُمُّ وَالأَبُ

وَتَمضي السَرايا واطِئاتٍ بِخَيلِها
أَرامِلَ تَبكي أَو ثَواكِلَ تَندُبُ

فَمِن راجِلٍ تَهوي السِنونُ بِرِجلِهِ
وَمِن فارِسٍ تَمشي النِساءُ وَيَركَبُ

وَماضٍ بِمالٍ قَد مَضى عَنهُ وَألُهُ
وَمُزجٍ أَثاثاً بَينَ عَينَيهِ يُنهَبُ

يَكادونَ مِن ذُعرٍ تَفُرُّ دِيارُهُم
وَتَنجو الرَواسي لَو حَواهُنَّ مَشعَبُ

يَكادُ الثَرى مِن تَحتِهِم يَلِجُ الثَرى
وَيَقضِمُ بَعضُ الأَرضِ بَعضاً وَيُقضِبُ

تَكادُ خُطاهُم تَسبِقُ البَرقَ سُرعَةً
وَتَذهَبُ بِالأَبصارِ أَيّانَ تَذهَبُ

تَكادُ عَلى أَبصارِهِم تَقطَعُ المَدى
وَتَنفُذُ مَرماها البَعيدَ وَتَحجُبُ

تَكادُ تَمُسُّ الأَرضَ مَسّاً نِعالُهُم
وَلَو وَجَدوا سُبلاً إِلى الجَوِّ نَكَّبوا

هَزيمَةُ مَن لا هازِمٌ يَستَحِثُّهُ
وَلا طارِدٌ يَدعو لِذاكَ وَيوجِبُ

قَعَدنا فَلَم يَعدَم فَتى الرومِ فَيلَقاً
مِنَ الرُعبِ يَغزوهُ وَآخَرَ يَسلُبُ.
ظَفِرنا بِهِ وَجهاً فَظَنَّ تَعَقُّباً
وَماذا يَزيدُ الظافِرينَ التَعَقُّبُ

فَوَلّى وَما وَلّى نِظامُ جُنودِهِ
وَيا شُؤمَ جَيشٍ لِلفَرارِ يُرَتِّبُ

يَسوقُ وَيَحدو لِلنَجاةِ كَتائِباً
لَهُ مَوكِبٌ مِنها وَلِلعارِ مَوكِبُ

مُنَظَّمَةٌ مِن حَولِهِ بَيدَ أَنَّها
تَوَدُّ لَوِ اِنشَقَّ الثَرى فَتُغَيَّبُ

مُؤَزَّرَةٌ بِالرُعبِ مَلدوغَةٌ بِهِ
فَفي كُلِّ ثَوبٍ عَقرَبٌ مِنهُ تَلسِبُ

تَرى الخَيلَ مِن كُلِّ الجِهاتِ تَخَيُّلاً
فَيَأخُذُ مِنها وَهمُها وَالتَهَيُّبُ

فَمِن خَلفِها طَوراً وَحيناً أَمامَها
وَآوِنَةً مِن كُلِّ أَوبٍ تَأَلَّبُ

فَوارِسُ في طولِ الجِبالِ وَعَرضِها
إِذا غابَ مِنهُم مِقنَبٌ لاحَ مِقنَبُ

فَمَهما تَهِم يَسنَح لَها ذو مُهَنَّدٍ
وَيَخرُج لَها مِن باطِنِ الأَرضِ مِحرَبُ

وَتَنزِل عَلَيها مِن سَماءِ خَيالِها
صَواعِقٌ فيهِنَّ الرَدى المُتَصَبِّبُ

رُؤىً إِن تَكُن حَقّاً يَكُن مِن وَرائِها
مَلائِكَةُ اللَهِ الَّذي لَيسَ يُغلَبُ

وَفِرسالُ إِذ باتوا وَبِتنا أَعادِياً
عَلى السَهلِ لُدّاً يَرقُبونَ وَنَرقُبُ

وَقامَ فَتانا اللَيلَ يَحمي لِواءَهُ
وَقامَ فَتاهُم لَيلَهُ يَتَلَعَّبُ

تَوَسَّدَ هَذا قائِمَ السَيفِ يَتَّقي
وَهَذا عَلى أَحلامِهِ يَتَحَسَّبُ

وَهَل يَستَوي القِرنانُ هَذا مُنَعَّمٌ
غَريرٌ وَهَذا ذو تَجاريبَ قُلَّبُ

حَمَينا كِلانا أَرضَ فِرسالَ وَالسَما
فَكُلُّ سَبيلٍ بَينَ ذَلِكَ مَعطَبُ

وَرُحنا يَهُبُّ الشَرُّ فينا وَفيهِمُ
وَتَشمُلُ أَرواحُ القِتالِ وَتَجنُبُ

كَأَنّا أُسودٌ رابِضاتٌ كَأَنَّهُم
قَطيعٌ بِأَقصى السَهلِ حَيرانَ مُذئِبُ

كَأَنَّ خِيامَ الجَيشِ في السَهلِ أَينَقُ
نَواشِزُ فَوضى في دُجى اللَيلِ شُزَّبُ

كَأَنَّ السَرايا ساكِناتٍ مَوائِجاً
قَطائِعُ تُعطى الأَمنَ طَوراً وَتُسلَبُ

كَأَنَّ القَنا دونَ الخِيامِ نَوازِلاً
جَداوِلُ يُجريها الظَلامُ وَيُسكَبُ

كَأَنَّ الدُجى بَحرٌ إِلى النَجمِ صاعِدٌ
كَأَنَّ السَرايا مَوجُهُ المُتَضَرِّبُ

كَأَنَّ المَنايا في ضَميرِ ظَلامِهِ
هُمومٌ بِها فاضَ الضَميرُ المُحَجَّبُ

كَأَنَّ صَهيلَ الخَيلِ ناعٍ مُبَشِّرٌ
تَراهُنَّ فيها ضُحَّكاً وَهيَ نُحَّبُ

كَأَنَّ وُجوهَ الخَيلِ غُرّاً وَسيمَةً
دَرارِيُّ لَيلٍ طُلَّعٌ فيهِ ثُقَّبُ

كَأَنَّ أُنوفَ الخَيلِ حَرّى مِنَ الوَغى
مَجامِرُ في الظَلماءِ تَهدا وَتَلهُبُ

كَأَنَّ صُدورَ الخَيلِ غُدرٌ عَلى الدُجى
كَأَنَّ بَقايا النَضحِ فيهِنَّ طُحلُبُ

كَأَنَّ سَنى الأَبواقِ في اللَيلِ بَرقُهُ
كَأَنَّ صَداها الرَعدُ لِلبَرقِ يَصحَبُ

كَأَنَّ نِداءَ الجَيشِ مِن كُلِّ جانِبٍ
دَوِيُّ رِياحٍ في الدُجى تَتَذَأَّبُ

كَأَنَّ عُيونَ الجَيشِ مِن كُلِّ مَذهَبٍ
مِنَ السَهلِ جُنَّ جُوَّلٌ فيهِ جُوَّبُ

كَأَنَّ الوَغى نارٌ كَأَنَّ جُنودَنا
مَجوسٌ إِذا ما يَمَّموا النارَ قَرَّبوا

كَأَنَّ الوَغى نارٌ كَأَنَّ الرَدى قِرىً
كَأَنَّ وَراءَ النارِ حاتِمَ يَأدِبُ

كَأَنَّ الوَغى نارٌ كَأَنَّ بَني الوَغى
فَراشٌ لَهُ مَلمَسُ النارِ مَأرَبُ

وَثَبنا يَضيقُ السَهلُ عَن وَثَباتِنا
وَتَقدُمُنا نارٌ إِلى الرومِ أَوثَبُ

مَشَت في سَراياهُم فَحَلَّت نِظامَها
فَلَمّا مَشَينا أَدبَرَت لا تُعَقِّبُ

رَأى السَهلُ مِنهُم ما رَأى الوَعرُ قَبلَهُ
فَيا قَومُ حَتّى السَهلُ في الحَربِ يَصعُبُ

وَحِصنٌ تَسامى مِن دُموقو كَأَنَّهُ
مُعَشِّشُ نَسرٍ أَو بِهَذا يُلَقَّبُ

أَشُمُّ عَلى طَودٍ أَشَمَّ كِلاهُما
مَنونُ المُفاجي وَالحِمامُ المُرَحِّبُ

تَكادُ تَقادُ الغادِياتُ لِرَبِّهِ
فَيُزجي وَتَنزُمُّ الرِياحُ فَيَركَبُ

حَمَتهُ لُيوثٌ مِن حَديدٍ تَرَكَّزَت
عَلى عَجَلٍ وَاِستَجمَعَت تَتَرَقَّبُ

تَثورُ وَتَستَأني وَتَنأى وَتَدَّني
وَتَغدو بِما تَغدي وَتَرمي وَتَنشُبُ

تَأبّى فَظَنَّ العالِمونَ اِستَحالَةً
وَأَعيا عَلى أَوهامِهِم فَتَرَيَّبوا

فَما في القِوى أَنَّ السَماواتِ تُرتَقى
بِجَيشٍ وَأَنَّ النَجمَ يُغشى فَيُغضِبُ

سَمَوتُم إِلَيهِ وَالقَنابِلُ دونَهُ
وَشُهبُ المَنايا وَالرَصاصُ المُصَوَّبُ

فَكُنتُم يَواقيتَ الحُروبِ كَرامَةً
عَلى النارِ أَو أَنتُم أَشَدُّ وَأَصلَبُ

صَعَدتُم وَما غَيرُ القَنا ثَمَّ مَصعَدٌ
وَلا سُلَّمٌ إِلّا الحَديدُ المُذَرَّبُ

كَما اِزدَحَمَت بَيزانُ جَوٍّ بِمَورِدٍ
أَوِ اِرتَفَعَت تَلقى الفَريسَةَ أَعقَبُ

فَما زِلتُمُ حَتّى نَزَلتُم بُروجَهُ
وَلَم تَحتَضِر شَمسُ النَهارِ فَتَغرُبُ

هُنالِكَ غالى في الأَماديحِ مَشرِقٌ
وَبالَغَ فيكُم آلَ عُثمانَ مَغرِبُ

وَزَيدَ حَمى الإِسلامَ عِزّاً وَمَنعَةً
وَرُدَّ جِماحُ العَصرِ فَالعَصرُ هَيِّبُ

رَفَعنا إِلى النَجمِ الرُؤوسِ بِنَصرِكُم
وَكُنّا بِحُكمِ الحادِثاتِ نُصَوِّبُ

وَمَن كانَ مَنسوباً إِلى دَولَةِ القَنا
فَلَيسَ إِلى شَيءٍ سِوى العِزِّ يُنسَبُ

فَيا قَومُ أَينَ الجَيشُ فيما زَعَمتُمُ
وَأَينَ الجَواري وَالدِفاعُ المُرَكَّبُ

وَأَينَ أَميرُ البَأسِ وَالعَزمِ وَالحِجى
وَأَينَ رَجاءٌ في الأَميرِ مُخَيَّبُ

وَأَينَ تُخومٌ تَستَبيحونَ دَوسَها
وَأَينَ عِصاباتٌ لَكُم تَتَوَثَّبُ

وَأَينَ الَّذي قالَت لَنا الصُحفُ عَنكُمُ
وَأَسنَدَ أَهلوها إِلَيكُم فَأَطنَبوا

وَما قَد رَوى بَرقٌ مِنَ القَولِ كاذِبٌ
وَآخَرُ مِن فِعلِ المُحِبّينَ أَكذَبُ

وَما شِدتُمُ مِن دَولَةٍ عَرضُها الثَرى
يَدينُ لَها الجِنسانِ تُركٌ وَصَقلَبُ

لَها عَلَمٌ فَوقَ الهِلالِ وَسُدَّةٌ
تُنَصُّ عَلى هامِ النُجومِ وَتُنصَبُ

أَهَذا هُوَ الذَودُ الَّذي تَدَّعونَهُ
وَنَصرُ كَريدٍ وَالوَلا وَالتَحَبُّبُ

أَهَذا الَّذي لِلمُلكِ وَالعِرضِ عِندَكُم
وَلِلجارِ إِن أَعيا عَلى الجارِ مَطلَبُ

أَهَذا سِلاحُ الفَتحِ وَالنَصرِ وَالعُلا
أَهَذا مَطايا مَن إِلى المَجدِ يَركَبُ

أَهَذا الَّذي لِلذِكرِ خُلَّبُ مَعشَرٌ
عَلى ذِكرِهِم يَأتي الزَمانُ وَيَذهَبُ

أَسَأتُم وَكانَ السوءُ مِنكُم إِلَيكُمُ
إِلى خَيرِ جارٍ عِندَهُ الخَيرُ يُطلَبُ

إِلى ذي اِنتِقامٍ لا يَنامُ غَريمُهُ
وَلَو أَنَّهُ شَخصُ المَنامِ المُحَجَّبُ

شَقيتُم بِها مِن حيلَةٍ مُستَحيلَةٍ
وَأَينَ مِنَ المُحتالِ عَنقاءُ مُغرِبُ

فَلَولا سُيوفُ التُركِ جَرَّبَ غَيرُكُم
وَلَكِن مِنَ الأَشياءِ ما لا يُجَرَّبُ

فَعَفواً أَميرَ المُؤمِنينَ لِأُمَّةٍ
دَعَت قادِراً مازالَ في العَفوِ يَرغَبُ

ضَرَبتَ عَلى آمالِها وَمَآلِها
وَأَنتَ عَلى اِستِقلالِها اليَومَ تَضرِبُ

إِذا خانَ عَبدُ السوءِ مَولاهُ مُعتَقاً
فَما يَفعَلُ الكَريمُ المُهَذَّبُ

وَلا تَضرِبَن بِالرَأيِ مُنحَلَّ مُلكِهِم
فَما يَفعَلُ المَولى الكَريمُ المُهَذَّبُ

لَقَد فَنِيَت أَرزاقُهُم وَرِجالُهُم
وَليسَ بِفانٍ طَيشُهُم وَالتَقَلُّبُ

فَإِن يَجِدوا لِلنَفسِ بِالعَودِ راحَةً
فَقَد يَشتَهي المَوتَ المَريضُ المُعَذَّبُ

وَإِن هَمَّ بِالعَفوِ الكَريمِ رَجاؤُهُم
فَمِن كَرَمِ الأَخلاقِ أَن لا يُخَيَّبوا

فَما زِلتَ جارَ البِرِّ وَالسَيِّدَ الَّذي
إِلى فَضلِهِ مِن عَدلِهِ الجارُ يَهرُبُ

يُلاقي بَعيدُ الأَهلِ عِندَكَ أَهلَهُ
وَيَمرَحُ في أَوطانِهِ المُتَغَرِّبُ

أَمَولايَ غَنَّتكَ السُيوفُ فَأَطرَبَت
فَهَل لِيَراعي أَن يُغَنّي فَيُطرِبُ

فَعِندي كَما عِندَ الظُبا لَكَ نَغمَةٌ
وَمُختَلِفُ الأَنغامِ لِلأُنسِ أَجلَبُ

أُعَرِّبُ ما تُنشي عُلاكَ وَإِنَّهُ
لَفي لُطفِهِ ما لا يَنالُ المُعَرِّبُ

مَدَحتُكَ وَالدُنيا لِسانٌ وَأَهلُها
جَميعاً لِسانٌ يُملِيانِ وَأَكتُبُ

أُناوِلُ مِن شِعرِ الخِلافَةِ رَبَّها
وَأَكسو القَوافي ما يَدومُ فَيُقشِبُ

وَهَل أَنتَ إِلّا الشَمسُ في كُلِّ أُمَّةٍ
فَكُلُّ لِسانٍ في مَديحِكَ طَيِّبُ

فَإِن لَم يَلِق شِعري لِبابِكَ مِدحَةً
فَمُر يَنفَتِح بابٌ مِنَ العُذرِ أَرحَبُ

وَإِنّي لَطَيرُ النيلِ لا طَيرَ غَيرُهُ
وَما النيلُ إِلّا مِن رِياضِكَ يُحسَبُ

إِذا قُلتُ شِعراً فَالقَوافي حَواضِرٌ
وَبَغدادُ بَغدادٌ وَيَثرِبُ يَثرِبُ

وَلَم أَعدَمِ الظِلَّ الخَصيبَ وَإِنَّما
أُجاذِبُكَ الظِلَّ الَّذي هُوَ أَخصَبُ

فَلا زِلتَ كَهفَ الدينِ وَالهادِيَ الَّذي
إِلى اللَهِ بِالزُلفى لَهُ نَتَقَرَّبُ


احمد شوقي

الحمدان
07-08-2024, 10:15 PM
لمست غبار البيت ثم شممتهُ
فما زال من ريح الأحبَّة زاكيا

وقلت يا دار جئتك عاتبًا
فقد سافر الاحبابُ دون وداعيا

إلى أين سارُوا واللَّيالي مطِيرة
إلى أين فرُّوا حاملين فؤادِيا

فيا ليتني طير يَفر مغربا
ولكن سيف البعد قص جناحيا

فهل تشرب الأيام نبع مدامعي
فيرجع أحبابي ويصفو زمانيا


......

الحمدان
07-09-2024, 11:53 AM
لا تَحزَنَنَّ وَقيتَ الحُزنَ وَالأَلَما
وَلا عَدِمتَ بَقاءً يَصحَبُ النِعما

أَلَيسَ قَد قيلَ فيما لَستَ تُنكِرُهُ
في مَكرُماتِ الفَتى تَقديمُهُ الحُرَما

يا شَمِتاً بِبَني وَهبٍ وَقَد فُجِعوا
لا تَفرَحَنَّ بِنَقصٍ زادَهُم كَرَما



ابن المعتز .. العصر العباسي

الحمدان
07-09-2024, 01:13 PM
يا ساريَ الليل ما يُغْنيك عن قَبَسٍ
هل العَمِيُّ كَمنْ في قلبه بصر

لا تركب الريح ما يدريك إنْ جَمَحَتْ
لجامها الموت، مرهونٌ بها الخطر

خيرُ المطايا التي غٌُّر فوارسها
إن اعتلوها وجابوا الأرضَ ما عثروا

قمْ للحضارةِ وابحث عن مراكبها
هلاّ قرأتَ من الأسفارِ ما سَطَروا؟

فالعلم بحْرٌ ولكنْ لا أُجاج به
ولا التَنَقُّل في أرجائه سَفَرُ

لكنها الريح إنْ خاضَتْهُ ماجَ لها
فيَغضب البحرُ والشطآنُ تندثر


ناديه الخطيب

الحمدان
07-09-2024, 01:13 PM
وقفتُ بالباب يا شهباءُ ضُمّيني
وكفكفي الشوق قد فاضت شراييني

يا أختَ”بادان”حين الهجرُ لوّعني
أرسلتِ منكِ نُسيماتٍ تواسيني

إليك فرّ فؤادي نابضاً وجعي
أما أتاك صبيبَ النزف يشكوني؟

أني أضمّ جراحَ العمر رابطةً
جأشي عليها فيغدو النزفُ تكويني

أما وشى بيَ أني كنتُ أثقِله
وكان يركعُ في حِجري ويرجوني؟

كم كنتُ أجهدُ في تكبيل قافلةٍ
من التناهيد أذكيها فتكويني

وكان عذريَ أني لا أريدُ هوىً
يدميه يوماً إذا ولّى ويدميني

فليس آمن من صدري له سكناً
وليس أرحمَ من كفّي وسِكّيني

ما أظلمَ الشوق والأيامُ سافرةٌ
أهكذا الوجدُ يلهو بي ويضنيني؟

لهْوَ الرياحِ إذِ الأشجارُ عاريةٌ
والبردُ يجترحُ العُرْيَ الكوانيني

شهباء، كيف الذي يجري بأوردتي
هواه جريَ دمي فيها يجافيني؟

ما بين جمر الوفا والنازفات دمي
قد ضلّ رُشدي أيا شهباء دُليني

هل كنتُ أبرأ من عيني إذا رمدتْ
أو أستعينُ بعِيّ لا يداويني؟

صمتي ملاذي وصبري بعضُ أسلحتي
لمن سأشكو وهل شكوايَ تشفيني؟

إن ضاق بيتي فلا سُكنى ولا سكنٌ
ولا إخالُ بيوتَ الناس تؤويني

وإنْ تفتّقَ جِلدي كيف يجمعني
إليّ شيءٌ وهل إلاه يحويني؟

شهباءُ إنْ خلت الدنيا فليس سوى
بعض التراب حَريّاً أن يواريني


ناديه الخطيب

الحمدان
07-09-2024, 01:14 PM
لا تسأل الناس إنْ أعطوك ما كفّوا
مَنَّاً عليك وإن صَدّوك ما ستروا

إنْ هُم أساؤوا فحق أن تسامحهم
دون اعتذارٍ وإنْ أذنبْتَ ما غفروا

تغدو حديثا لهم إن كنتَ ذا خطأٍ
وإن أصبت فما اهتموا وما ذكروا

للمرءِ وجهان، وجهٌ حين تنظره
يبدو جليّاً، ووجهٌ حين تختبر

فإن تجلّى جمال الأنفس ارتفعتْ
وإن تولّى دنت لو أنّها القمر


ناديه الخطيب

الحمدان
07-09-2024, 01:15 PM
علّقتُ روحي على صدري بسلسالِ
وبتّ أشفق من وجدي على حالي

أخذتُ نفسي بذنبٍ فيه مقتلُها
والعفوُ أوجعُ من تقطيع أوصالي

ما لي وللنار قد أسكنتُها كبدي؟
ما لي وما لعذابات الجوى ما لي؟

ما لي وللشوق؟ لم أسلم إليه يدي
فكيف أغرقني في موجه العالي؟

ها بتّ كالظبي يهفو حيث مورده
يصطاده الموت وهو الغافل السالي

يا قلب كنتَ رصيناً لا يُشَقّ له
نبضٌ، أبياً، وكم حيّرتَ عُذالي

ماذا دهى الصبرَ هل أقوت مرابعُه؟
فأقفرتْ من حصاد الصبر آمالي

قد أوردَ النفسَ كأساً، في تجَرّعه
قتلي، وفي ردّه قهري وإذلالي

كزهرة الشمس أضحى القلبُ متجهاً
يرنو إلى نوره الأبهى بإجلالِ

لو قَدّ جُرحاً ففي قلبي أطرّزُه
حتى العذاب الذي يسخو به غالي

أو شاءَ هجراً فحتى لا يعاتبه
دمعي أعاجل أجفاني بإسبالِ

أحببتُ نفسي لمّا بات يسكنها
وبينما الناس في فقرٍ غدا مالي

بأحرف النور هذا الحب أنقشه
هي الحضارة إمضاءاتُ أجيالِ

يا نفس قرّي، فما لي توبة أبداً
عن الحياة وعن عشقي لها ما لي


ناديه الخطيب

الحمدان
07-09-2024, 01:16 PM
ماذا أتى بكَ؟ قال: الوجدُ والولهُ
فطرتُ زهواً وخلت الكون لي ولهُ

وكيف تُقبل، والأيامُ غاديةٌ
عليّ تحمل طيفَ العمر أولَه؟

أبعْدَ هذا الفراق المرّ تذكرني؟
مَن أبرمَ الوعدَ في حينٍ وأجّله؟

يا خِلُّ طيفك لم يبرح ذرى أملي
وكلما مسَّ قلبي اليأسُ أمّلهُ

أين الخصورُ إذا ما الصبح زنّرها؟
ونُضرة الفل حين الطَّل بلّلهُ؟

حقلٌ من الغيد لونَ العيد منتشياً
لكلّ قدٍّ هوىً في البال ميّله

وكل خدٍّ بوهج الشوق ملتهبٌ
يزداد ذَوباً إذا المحبوب قبّله

الريح تلعب بالأذيال قاصدة
وكلما اشتد فعل الريح أخجله

إن أبطأ النّسمُ والأفنانُ ناعسةً
تراهُ هبّ رفيفاً كي يُعجّله

يُصابح الزنبقَ الغافي فيوقظه
يطوفُ بالذّكْرٍ حيثُ السّحْرُ أذهلهُ

يظَلُّ بالوردِ مفتوناً يظِلُّ بهِ
وإنْ سَقَتْه عيونُ الورد ظلّلهُ

فيرشفُ العمرَ من تلك اللُمى عبقاً
سبحان مَن صبّه خمراً وحلّله

ما كان يبرحُ في الأكمام موردهُ
إلا إذا العبق المكنون أثملهُ

دعوتُه نحتسي الإصباحَ مُؤتلقاً
وبالزنابق قد زيّنتُ منزلهُ

بادَأتُه الشّدوَ حتى شفه خَدَرٌ
فراح يرقص جذلاناً وأكملهُ

تلا عليّ حديث الروح، ثم إذا
صمتُّ أبحرُ في معناهُ رتّله

آيٌ: وأيُّ جلالٍ في تأمّلهِ
قد أجملَ الكونَ في سطرٍ وفصّله

كقبضة القلب لولا الريش همَّ بهِ
نحوَ الفضاءِ وذاك الهمُّ أثقلَهُ

كفُسحة العين والإدهاشُ أوسعَها
وكرّ نجمٌ بذيل الليل كحّله

حين ارتدى خُضرةَ الأفنانِ دُكْنتَها
توشّحَ الظِلّ أعطافاً وأسدله

يفرّ كالآه إمّا الوجدُ أطْلقها
يرفّ كالقلبِ إمّا العِشْقُ سربله

يَرقي جراحي فلا ألقى لها أثَراً
كم علَّ قلبيَ في لمْحٍ وعلله

الوقتُ أرسلَ قُرصَ الشمس يوقظُنا
فأسدلَ الليلُ أستاراً وأغفَله

فعُدتُ أسألُ علّي لستُ حالمةً
ماذا أتى بك؟ قال: الوجدُ والولهُ


ناديه الخطيب

الحمدان
07-09-2024, 01:16 PM
يا دارَ غزة أقوتْ نخوةُ العَرَبِ
مَن ضَيّقوا الأرضَ في ميدانها الرحِبِ

لو كان في الحيّ مَن تشتدّ غضبتُه
لكنهم مُوّتوا من سالف الحِقَبِ

فكيف تهنأ للغافين نومتُهم؟
وكيف تهتزّ فيهم نشوةُ الطرَبِ؟

أدري بأنّ كلامَ الشعر ليس يفي
في فورة الدمِ ما يطغى على اللهبِ

لكنّها زفرةٌ لو كُتّمَتْ قَتَلتْ
وليس في بوحها التفريجُ للكُرَبِ

ما بالُ غزة والأطفالُ بيدَرُها؟
كأنّ كل رضيعٍ مرسلٌ ونبي

أم أنهم صِبْيَةٌ إن خُلّفوا هَدَموا
مُلكَ الفراعنةِ المذكور في الكتب؟

هل كان موسى سوى طفلٍ أحاطَ به
يمّ فراحَ يشق الحَجْبَ للحُجُبِ؟

فرعونُ كان رحيماً عندما قتلَتْ
يداهُ عاماً وخلّى القتلَ في العقِبِ

وكان هتلرُ نبراسا ومدرسةً سِرْتم على نهجه حَرْقاً فلم يَغِبِ

تُرى أتمَّ رضيعُ الليل رضعتَه؟
أم طاف حُلمٌ على الأجفان والهُدُبِ؟

فإن وهبتم هدايا الموت في غسَقٍ
فلتجعلوها بلا نارٍ ولا لَجَبِ

لا توقظوهُ لعلّ الفجرَ يُدركُه
قبل انطمار بقايا المهد في التُرَبِ

لا تفرحوا فلئن ناحت مُثَكّلةٌ
واسترجعتْ، فعليكم شرّ مُنقلَبِ

تُراكَ عُدتَ غداةَ القتل مُنتشياً؟
إلى بنيكَ تُناغي ناعمَ الزغَبِ

أوثِقْ قِماطَ الذي في المهد واهدِ لهُ
وعداً توَلاهُ بالتعقيب والطلبِ

ألمْ يسؤكَ إذِ اغتلتَ البراءة أنْ
تُدعى بلثغته وهو البرئُ أبي؟

لقد مددتَ له كفاً مُلطَخةً بها
وَشمْتَ على تاريخه الخَرِبِ

فقل له قد زرعتُ اليومَ سُنبلةً
من ألف حقدٍ غداً تجنيه فارتقِبِ

أما ادّكَرْتُم هباء العِجلِ مُحترقاً؟
بوءوا إذن بجحيمٍ ساجر اللهبِ

هذي البلادُ لنا حتى وإن غُصٍبَتْ
فالحُرّةُ الحقّ لا تعنو لمُغتصِبِ

حتى حجارتُها من قلبها قفزتْ
تهوي عليكم بنيرانٍ كما الشُهبِ

وقد كسرتم عصا موسى فليس لكم
في هَوْجة البحر مِن شَقّ ولا سَرَبِ

فإنّ لله عيناً ليس غافلةٌ
وإنّ للحق وعداً ليس ذي كذبِ


ناديه الخطيب

الحمدان
07-09-2024, 01:17 PM
بلى أشتاق لكن أيُّ جدوى
إذا ما الأمرُ باتَ بحُكم كانا؟

ألم تتقطّع الأسبابُ حتى
كأنّ العمرَ ولّى والزمانا؟

وما أصلُ الخلاف جنوحُ قلبٍ
ولا عهدٌ أُخِلّ به فهانا

ولم يمسس وفائيَ أيُّ شينٍ
وما استعديتُ روحاً أو جَنانا

وقلبي إذ يُطارحُه رزاني
فلم يَقصُر حنيناً أو حنانا

ولكنّا عجَزنا أن نُغنّي
على ليلٍ يَقرُّ به كلانا

وما عُدنا نؤَمّنُ إن دعَونا
وما كنّا نحجُّ إليه بانا

إذا الألبابُ باتت في اغترابٍ
فأنّى تستظلُّ بها رؤانا؟

حَرَثنا عمرَنا والغيثُ أروى
وأزهرت الخُزامى في لقانا

حقولٌ رائعاتُ الحُسن لولا
غلالُ الوُدِّ خالطت الزؤانا

فطبْعُ النفس ضَربٌ من هواها
والاستئثارُ بعضٌ من هوانا

لئن أمسيتَ مني طوقَ جيدي
فإني رُمتُه حُرّاً جُمانا

وما آليتُ هجرَكَ غيرَ أني
طرَقتُ فلم تجد روحي مكانا

أتذْكرُ عندما بكت الدوالي
إذ الأطيارُ فارقت الجِنانا؟

هُرعتُ إليك أبحث فيك عني
وعمَّن كنتَه قدراً وشانا

وعن قلبٍ بحجم أبي وأمي
وعن روحٍ تلفِّعني أمانا

وعن حبٍ بلون جِنان أهلي
فأين تُراكَ كنتَ وأين كانا


ناديه الخطيب

الحمدان
07-09-2024, 01:18 PM
لماذا توصدُ الأبوابَ دوني
وتنساني، فيقتلني حنيني

أفرّ إليك من وجع الليالي
وقد أدمت ضراوتُها سنيني

فبي شوقٌ إلى همْس الدوالي
وبي وجدٌ يطارحه جنوني

يُحيطُ الموتُ، والأيام نشوى
تضجّ بنا فنغرق في السكون

أتنتحل المُنى شكلَ المنايا؟
وتمتشقُ الرؤى لونَ العيون؟

أزمّ بي النوازف أحتويها
فتضرب في العروق وتحتويني

فكيف تذودُ عني بعض طيفي؟
وكيف تقيمُ في ذاتي بدوني؟

أما أودعتُ نبضكَ في عروقي؟
وخطّ الله وعدَك في جبيني؟

فتصحو إذ يؤذن ديكُ قلبي
وتغضي عندما تغفو جفوني

ونقتسم الرؤى صحواً ونوماً
وفي عينيك قد نامت شجوني

وتنبئني بما تخفيه نفسي
وتشتف الحقائق من ظنوني

وإني حين يظمأ فيك عرقٌ
أصُبّ الروح علك ترتويني

فلا والله لستَ شقيق روحي
ولا نصفي اليسارَ ولا يميني

ولكن يا فديتك أنت روحي
وإني إذ فديتك أفتديني


ناديه الخطيب

الحمدان
07-09-2024, 01:19 PM
هل جادك الوجدُ والأشواقُ تحترقُ
وأمعنَ السّهدُ في عينيكَ والأرَقُ

فدّيتَ مِن عاشقٍ لا يستقيمُ لهُ
إلاّ التباريحَ في الأضلاع تختفقُ

لزفرة الآه نارٌ فطّرتْ كبدي
وباتَ منها الحشا يغلي ويستلقُ

لملمْ جراحَكَ فالأيامُ سادرةٌ
بالبين تُسلطُه سيفاً وتمتشقُ

فلا التّعَطّفُ يُجدي في توَدّدِها
ولا التماسُ الأماني حينَ نرتفقُ

بيداءُ بَيْدَ بها الأمواجُ صاخبة
جرداءُ يُحكِمُ في أنوائها الغرَقُ

يمتدّ حُزنٌ على أطرافِ بهجتنا
نمسي نُكفكفه فينا وينهرقُ

له جناحان كالغربان يفردها
تنضمّ فوقَ أمانينا وتفترقُ

يُطِلّ مثلَ فضوليٍّ يُماحِكُنا
تطاولَ الصدرُ والكتفان والعُنقُ

ومعوَلُ الصبر كم ينبو ونشحذه
فهل عليه صخورُ الهمّ تنفلقُ

دنيا نلوذُ بأثواب الرجاء بها
والثوبُ منها رقيقٌ واهنٌ خَلِقُ

فكلما راحت الأحلامُ ترتقه
وهماً تضاحك منّا وهو ينفتقُ

نعدو تكلّ بنا الأعمارُ لاهثة
وقد تمازجَ منّا الدمعُ والعَرَقُ

نرتدّ نبحثُ عن ماضٍ تُنازعُنا
ذكرىً يفيضُ بنا مِن طيفها عَبَقُ

تستوطنُ الشمسُ شيباً في ذوائبنا
وفي العيون لهاتيكَ اللظى شَفقُ

فما التّرَقّبُ والدنيا على سَفرٍ
وما التريّثُ والأعمارُ تستَبِقُ

وما الترَجّلُ والأيامُ عاديةٌ
دهماءَ تَصهَلُ إيذاناً وتنطلقُ

تظلّ تضبحُ لا تلوي على سَكَنٍ
مضمارُها الأرضُ والدنيا لها أفُقُ

أيا الشفيقُ هي الأيامُ نافرة
مَن ذا يُلَجْلِجُها شَكّاً ومن يَثِقُ

هل جادَكَ الوجد؟ هَدْهِدْ بعضَ ثورَتهِ
فالهَدأةُ الحقّ حينَ الروحُ تنعَتِقُ

هناكَ لا بينَ نخشى أن يُداهِمَنا
ولا يقضّ تدانينا بها فَرَقُ

نرتادُ في زمرة الأحباب صفوتنا
مَن عاهدوا الله أبراراً وقد صَدَقوا

فافرح لَعَمْرِ الذي سوّاكَ إنّ لنا
فيها حياةً من النعماء تنبثقُ

قد كان قلبُكَ نبعاً لا يغيضُ به
وُدّ فيقصدهُ الظامي ويَغتبِقُ

وباتَ ذكركَ زهراً نادياً عَبِقاً
يضفي على الشعر إيناقاً ويأتلقُ

كم جادك الوجد؟ هل كتّمتَهُ جَلَدَاً
فالصابرونَ لهم في المُرتقى فلَقُ


ناديه الخطيب

الحمدان
07-09-2024, 01:20 PM
أغوصُ إلى مكمن الدر فيه
أسامرُ أصدافه الوادعاتْ

أغني فترقص حورية
تصَفق للمشهد الكائنات

وأشعل قنديله كي يراني
ويبصر ما يشتهي من صفات

فيفرح كالطفل في يوم عيدٍ
ويوقظ فيّ صدى الأمنيات

يطوف بيَ الوقت بين الثواني
يُنقّلني بين ماضٍ وآت

ويُلبسني حلةً من نضارٍ
ويمنحني الطيب والطيبات

فأنهل كالهيم عند الهجير
إذا وردت مورداً من فرات

فتغمرني نشوةٌ من بهاءٍ
وتأخذه سَكرةٌ من سبات

يسوق إلى الأمس يوماً رغيداً
ويأخذ كل المنى الغاليات

فليس بمبقٍ سوى لوعةٍ
وقلبٍ يلجلج بالذكريات

يدوّن تاريخه في الجبين
ووشماً يمَوّه كل السّمات

وينشر لون الرماد الكئيب
ويتلف أثوابيَ الزاهيات

يغلف بالثلج نار السنين
ويعكس في النفس شكل الجهات

فقد كنت أشدو لعمرٍ سيأتي
وقد بت أبكي إذ العمر فات

أيا عمرُ إني أحِبّ الحياة
لماذا تغُذ الخطى للممات

أتغفل عن عنفوان الجمال
وتنكر أيامه الرائعات

تغرّر بي في اغتباش الضياء
تؤمّلني هُدنة من ثبات

كما البحر أنت على غير حالٍ
ففيك الهلاك وفيك النجاة

ولهوٌ وجِدٌ وجزرٌ ومدٌ
ونسعى إليك حفاةً عراة

فيلفظنا الموتُ عند الغروب
بعيداً وقد فارقتنا الحياة


ناديه الخطيب .. الاردن
العصر الحديث

الحمدان
07-09-2024, 01:21 PM
تعاتبُ حيث ذابَ القلبُ همَّا
فكم جرحٍ غدا في الروح وشما

تحسّسْ في ضلوعك كم حريقٍ
أحال نضارة الأحلام فحما

ألا يا صاح هل شاهدتَ يوماً
يتيماً راضياً يختار يُتما؟

فليس ثرى البلاد لنا وطاءً
ولكني أراه أباً وأما

تسائلها وتدري أي جرحٍ
نكأتَ، وما سَلتْ عيناك يوما

ألستِ من البلاد ومِن ثراها؟
فردّ فؤادها: روحاً وعظما

ولو أنّ الحنين له مقاسٌ
لكان بقدر قلب الأم حجما

فلو شاءت لنا الأقدارُ جمعاً
لأشبعتُ الثرى والصخر لثما

تنادي القدسُ ذاكرة الخوالي
غدا التاريخ نَسّاءً أصَمّا

صلاحَ الدين قد كبَت القوافي
حنانكَ إن ضمَرتَ الآهَ لوما

ويا الفاروقُ فرّقنا التنائي
وأبدِلَ عدلُك المعهودُ ظُلما

سعَينا نشتهي كأساً فراتاً
فأسقتنا صروفُ الدهر سُمّا

هُرعنا للرّقاة فأدركونا
وقد غامتْ نواياهم بحُمّى

قضينا الليلَ نستهدي خُطانا
ولكنا وجدنا الفجرَ أعمى

أيا أرضَ الرّباط إليكِ عهدي
نذرتُ اليوم للرحمن صوما

بيوم الحشد أعراسُ المنايا
ولن نرضى بحكم الله حكما

فللأقصى ربوعٌ نفتديها
ومي فوقها غيثاً ونظما

لعمري إنّ صونَ النفس سامٍ
ولكنْ بذلها بالحق أسما

إذا عاف الأبيّ الحر عيشاً
فيا للموت ما أشهاه طعما



ناديه الخطيب

الحمدان
07-09-2024, 01:22 PM
في غفلة العمر لا حُزنٌ ولا ألمُ
ولا ابتهاجٌ بإنجازٍ ولا ندمُ

ولا يمرّ بنا طيفٌ فنذكرَه
ولا يلوذُ بنا وجدٌ ويضطرمُ

نمضي كأنّ خيوط الوقت عابثةٌ
تعلو بنا الريحُ حيناً ثم نرتطمُ

باتت تُغالبنا الدنيا فتغلبنا
عيشٌ ضروسٌ به نكبو ونقتحمُ

تجتاحُنا لججُ الإحساس مجمرةً
بين الجفون وفي أضلاعنا حممُ

نُكيلُ أعمارَنا للخاطرات ولا
نُقيمُ وزناً لمن شَحّوا ومن كرُموا

لليل حَدّ كحدّ الموت بيدَ له
غمدٌ من الشمس عند الفجر يندغمُ

الميتتةُ الصُغرى تلهو بهدءته
ويستفيقُ على أجفانه الحُلُمُ

من ذا يرد إلى الأنفاس جذوتها
إمّا استحالت إلى ميقاتها الذممُ؟

نغفو ونذهلُ عنا حين يُدركنا
عضّ البنان وعنا تذهل الهممُ

نرجو المتاهات والأنواءُ مشرعة
بالوادِ يوم هجوم السيل نعتصمُ

وحين تفتتحُ الأيامُ زهوتها
نبكي لقِلّتنا فيها ونختتمُ

كلّ الفضاءات سَدّتها عوارضنا
وكل سَدٍ بناه الوهمُ ينهدمُ

إلا الذين لهم في النفس كُوّتُها
فالنورُ عند صراعات الدّجى الحَكَمُ

والعزمُ والصبرُ والإيمانُ عُدّتُهم
والسيفُ مُتّكأ الأمجادِ، والقلمُ



نبيله الخطيب

الحمدان
07-09-2024, 02:19 PM
‏يا رب هذا الليل أَسدل سـترهُ
وغفت عيون الناس بالأسحار

لكن ذنبي قد أَقض مضـاجعي
وبكيتُ خـوفاً من سعير النـار

و علمـت أن الله يقبـل توبتـي
فملأت هذا اللـيـل باستغفـاري

وسجدت للرحمن أطلب عفوه
و دعــوتــه بمــذلــةٍ و صغـــار

يا ربُّ سامح من أتاڪ مهرولاً
فــلأنت أكــرم خـالــقٍ جـبـــار

......

الحمدان
07-09-2024, 02:20 PM
‌يا ليلُ هيّجْتَ بي شوقاً أُداريهِ
فسلْ فؤادي وما أمسى يُقاسيهِ

وسلْ عيوني فكم من أدمعٍ ذَرَفتْ
والجرحُ دامٍ ولا طبٌّ يُداويهِ

ما عادَ لي في الهوى صبرٌ ولا جَلَدٌ
وكيفَ لا والجوى بانتْ دواعيهِ

يا ليلُ طالَ النَّوَى والسُّهْدُ أرّقني
وليسَ إلّاكَ من خِلٍّ أُناجيهِ

......

الحمدان
07-09-2024, 02:22 PM
مولايَ قد مَرّ هذا العُمْرُ ما دمعتْ
مَـحَـاجِري، وفؤادي الفَظُّ ما لَانَا

‏صَلّيتُ لكنْ بـرُوحٍ غيرِ خَـاشِـعةٍ
وصُمْتُ لكنْ شَرِبتُ اللهوَ ألوانا

‏طيشُ الـغَـوايةِ يـدعُـوني فَـأتبَعُهُ
‏وإن دعاني الهُدَى أبديتُ عِصيَانَا

‏والآنَ عبدُكَ باكي الـعَينِ منكسِرٌ
يشكو الهوانَ ويرجو منكَ غُفرَانَا

فواز اللعبون

الحمدان
07-09-2024, 02:24 PM
‌دعـني أقـص عليكَ بعـض مواجعـي
يا ليلُ، وارحم عـبرتي ودمـوعي

ما ضقتُ ذرعا بالحـياة وإنمـا
ضاقتَ بأنات الحنين ضلوعي

يا ليلُ من يطـوي المسافة بينـنا
ويُعيد لـي بعد الضجـيج هجوعي

غير الذي أهـوى فليتَ خيالهُ
يأتي ليصبح في المنـام ضجيعـي

......

الحمدان
07-09-2024, 02:26 PM
‌أنتم سروري وأنتم مُشتكى حَزَني
وأنتم في سَواد الليل سُمَّاري

أنتم وإن بَعُدت عنَّا منازلكم
نوازلٌ بين أسراري وتذكاري

فإن تكلمتُ لم أَلْفِظْ بغيركُمُ
وإن سكتُّ فأنتم عَقْدُ إضماري

الله جارُكُم مما أحاذرُه فيكم
وحبي لكم من هجركم جاري

......

الحمدان
07-09-2024, 02:28 PM
‌والله إن الشوق فاق تحّملي
يا شوق رفقًا بالفؤاد ألا تعي

حاولت أن أخفي هواك وكلّما
أخفيته بالقلب فاضت أدمعي

سُرُوري أن أراكَ وَ أن تَراني
وأن يَدنُو مكانكَ مِن مَكاني

......

الحمدان
07-09-2024, 02:29 PM
اتركْ قليلًا جُمُوعَ الناسِ كلّهمُ
‏وقِفْ بِبابِ الذي سَوَّى لكَ القَدَرا

‏قد يَعجزُ الناسُ أن يُؤتوكَ أصغرَها
‏واللهُ يُؤتيكَ ما تَدعو ولو كَبُرا

‏فالجنُّ والإنسُ والأيّامُ شاهدةٌ
‏إذا قضى اللهُ أمرًا غائبًا حَضَرا

‏كم أنقذَ اللهُ أقوامًا فأدهشَهُم
‏قالوا مُحالٌ ولكن ربّنا جَبَرا

......
ٖ

الحمدان
07-09-2024, 02:31 PM
‏على زَمنٍ ولّّى إلى غَير رَجعَةٍ
‏أعضُّ بناني إصبعاً تلو إصبعِ

‏أُخبّئُ مابين الحشاشات لوعتي
‏وألجمها كي لايرى الناس أدمُعي

‏أَغُضُّ عن الذكرى لأنسى مرارةً
‏تقضُّ إذا ما خيّم الليل مضجعي


زكي الياسري

الحمدان
07-09-2024, 02:33 PM
‏تغيبينَ عني وكمْ من قريبٍ
‏يغيبُ وإنْ كان ملء المكان

‏فلا البعد يعني غيابَ الوجوه
‏ولا الشوق يعرفُ قيدَ الزمان.

‏فاروق جويدة