المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هنا الشعر الفصيح ومايتعلق به


الصفحات : 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 [47] 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 100 101 102 103 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 114 115 116 117 118 119 120 121 122 123 124 125 126 127 128 129 130 131 132 133 134 135 136 137 138 139 140 141 142 143 144 145 146 147 148 149 150 151 152 153 154 155

الحمدان
08-03-2024, 05:40 PM
نَشَأت بِمَهدي رَفيع الذَرى
وَحَولي الظِبا وَأُسد الشَرى

وَنادَمت كُل سَخي الوُجود
يُطعم نيرانَهُ العَنبَرا

وَوالِدي الشَهم فَحل الرِجال
وَجدي الأَمير أَمير الوَرى

وَإِن يَمم الضَيف أَحياءَنا
بَذَلنا لَهُ الروح قَبل القَرى

وَلَكن أَناخَ عَلَينا الزَمان
وَخانَ عُهوداً لَنا وِاِفتَرى


الامير منجك باشا

الحمدان
08-03-2024, 05:40 PM
أَبادَت بَقايا الصَبر طارِقةُ الدَهرِ
وَعَهد التَصابي وَهِيَ رَيحانة العُمرِ

وَكَأسيَ فيها كانَ درديَ يسرة
مَحَت رَسمَهُ منّا مُنادَمةُ العُسر

وَطارَ بي البين المشت وَإِن لي
فِراخاً ضِعاف السَير عَن مفحص الوكر

كَفى حُزناً حالي وَما حالُ مُغرَم
يَبيت عَلى يَأس وَيُصبح في أَسر

لَئَن حارَ مَهجور سِوايَ بِأَمرِهِ
فَقَد حارَ بي مِما أُنازلهُ أَمري

كَأَني لَم أَصنَع بِجلَّق مِن يَدٍ
إِذا ذَكَرت أَشتَمُّ رائِحَة الشُكر

نَسوني وَلَو كانُوا مِن الناس ما عَموا
عَن القَمَر الساري وَلا جهلوا قَدري

تَرَكت بِهُم مِن كانَ يُؤنس وَحشَتي
إِذا سَئمت روحي وَضاقَ بِها صَدري

أَتى زائِري مِن بَعد حَول مُوَدِعاً
وَطَوق الدُجى قَد صارَ في قَبضة الفَجر

فَأَخجَلتُهُ بِالعَتَب حَتّى رَأَيتُهُ
يَزيح الثُرَيا بِالهِلال عَن البَدر

وَغَرّبت عَن أَهلي وَسارَ مشرِقاً
ولَستُ بِما يَجري القَضاءُ إِذاً أَدري


الامير منجك باشا

الحمدان
08-03-2024, 05:40 PM
إن رُمت تُبصر فالِحاً مِن فالحِ
يَمم جَناب أَبي المَواهب صالح

فَهُوَ الأَجل اِبن الأَجل وَمَن لَهُ
في العالَمين ثَناً كَمسك فائح

وَسَريرة قَد أَلبَستُهُ فَضائِلاً
لَم يَحصِها أَبَداً لِسان المادح

غَيري يُطيل المَدح فيهِ مطنباً
وَاللَيث لَيسَ زَئيرهُ كَالنابح


الامير منجك باشا

الحمدان
08-03-2024, 05:41 PM
عُذراً لِعَبدك قَد ماتَت قَرائِحُهُ
وَالدَمع أَشغَلَهُ في السجن طافحهُ

مُستَوحش لا حَبيب فيهِ يُؤنسهُ
وَإِن هَدى اللَيل لا وَرق تُطارحهُ

سَهران مِن بَعد ما قَد كانَ مُسعَفهُ
تَستَجلب النَوم لِلمضنى رَوائِحُهُ

كَما ذا يُعاند آمالي وَيَعكسها
بِفعلِهِ فَلَكٌ قَد جالَ رامحهُ

وَوَلت الناس لا برّ يُوازرهُ
مُرؤَة فَلِذا ضاعَت مَصالِحُهُ

لا خَير في بَلَد آسادها صغرت
قَدراً وَقَد عَظمت فيهِ نَوائحهُ

كَم اِدخرت لِهَذا اليَوم مِن رَجُل
فَلَم يكنهُ وَأَخلاقي تَسامحهُ

وَمِن خَليل وَلا برضيهِ غَير دَمي
غَضبان طَرفي عَلى روحي تُصالحهُ

وَكَم أَرانيَ لَيلاً مِن ذَوائِبِهِ
مولياً بِصَباحي ما أصابحهُ

تَهفو إِلى قدهِ الوَرقاء مِن طَرَب
لَكنما لَحظُهُ تُخشى جَوارحهُ

غَزالة الأُفق سَعدي حينَ قارنها
بِرَوعِها لِسَواد الحَظ ذابحهُ

كِتاب شَكوايَ مِما جَلَ أَيسَرَه
بحار قارئِه فيهِ وَشارحهُ

علّامة الدَهر مَولانا وَسيدنا
أَنتَ الَّذي كَثرت فينا نَصائِحهُ

أَنتَ الَّذي بِدُعاءِ الخَير أَدركنا
وَفازَ بِالعَفو عَن ذَنب مُصافحهُ

فَعش كَما شئت في عزوفي دعة
ثَناكَ كَالمسك قَد فاحَت فَوائحهُ

وَأَسلَم مَدى الدَهر نَفّاعاً أَخا كَرَم
فَرض عَلى كُلِ مَخلوق مَدائحهُ


الامير منجك باشا

الحمدان
08-03-2024, 05:41 PM
يا ربع كَم لَكَ مِن شَجيّ هالك
مغرى بِجؤذرك المَصون الهاتك

لَستَ المُلول وَإِن رَددت مَآربي
مَمنوعة وَهَواك لَيسَ بِتارِكي

أَوقفت دَمعي في عراصك بَعدَ ما
سَدّ الجَوى إِلّا إِلَيك مَسالِكي

عَهدي وَشَمل السَعد فيكَ منفداً
وَالعَيش يَبسم عَن ثَنايا ضاحك

وَعَلَيك مِن وَجه الأَمير بَشاشة
أَفديهِ مِن وَجه أَغَر مُبارَك

مَلك جَناحاً خَيلَهُ وَرِماحَهُ
يَوم الوَغى مِن فتية وَملائك

تَمشي الفَوارس تَحتَ طَي رِكابِهِ
طَوع القياد فَيا لَهُ مِن مالك

وَأَقل عَبد مِن شراءٍ هباتِهِ
مَأوى الطَريد وَمَقعد لِلسالك

في جودِهِ اِشتَرَكَ الأَنام وَأَنَّهُ
لا يَرتَضي في مَجدِهِ بِمُشارك

يا أَيُّها المَولى الَّذي قَد دَبَرَت
آراؤُهُ الدُنيا بِحُسن تَدارك

قَلدت أَعناق العِداة مَكارِماً
بِحُسامك الحَق الجَلي الباتك

وَمَحَوت مِن صُحُف الحَياة نُفوسَهُم
مَحو الصَباح ظَلامَ لَيلٍ حالك

وَشَفقت حَتّى كادَ سَيفَك راحِماً
يَبكيهم وَيَذُم فعل الفاتك

تَخذوا سِهامك في الجُسوم إِمارة
فَنَجوا بِيمن جِهادِها مِن مالك

لَم يَكفروا نَعماكَ لَكن ساقَهُم
قَدر الإِلَه لِوَرطة وَمَهالك


الامير منجك باشا

الحمدان
08-03-2024, 05:41 PM
سائق الظَعن بِالحدوج تَأَنّى
وَاِقطَع البيد وَالسَباسب وَهنا

لَيسَ يَشفي لَكَ الوَجيف غَليلاً
أَسلَمتُهُ إِلى فوادك لبنى

ذات صَد يُذيب كُل جَليدٍ
وَجَفاءٍ لَو عَنَّ لِلصَخر أَنّى

ما ثَناها العِتاب يَوماً لِعَطفٍ
وَهِيَ في العَين بانة تَنثني

أَودَعتَني لَدى الوَداع إِلتِهاباً
وَذرت أَدمُعي فِرادى وَمَثنى

يا سقت دارَها السَحائب عَني
إِنَّ هَذا البُكاءِ لِلدَمع أَفنى

طالَما قَد خَلست لَذة عَيشٍ
في ذراها وَنِلت ما أَتمَنى

وَلَثمت الثَغور فيها أَقاحاً
وَهَصرت القُدود غُصناً فَغُصنا

لَهف قَلبي عَلى مَضي لَيالٍ
في دُجاها نَبهت كاساً وَدَنّا

وَيَفض الحَديث فيهنَّ شادٍ
يَستَفز النُهى إِذا ما تَغَنى

لَستُ أَرضى لَها بَديلاً وَلَكن
مَدح هَذا الأَمير عَنهنَّ أَغنا

ماج بَحراً وَجالَ لَيث عَرينٍ
وَسَطا صارِماً وَأَقبَل لَدُنا

راقياً بِالفَخار كُل عَليٍّ
ساحِباً فَوقَ هامة الشُهب ردنا

يا مُفيد الأَنام رَفداً وَفَضلاً
وَمُعير البُدور نوراً وَحُسنا

قَد هَززناكَ في المَكارم عَضباً
وَاِستَلمناكَ في النَوائب رُكنا

وَوَجدناكَ أَرأف الناس بِالنا
س حَنوّاً وَأَكثَر الناس حُسنا

فتَّ طائيهم عَطاءً وَمَبنىً
وَبِطيب الثَنا جدَّك مَعنا

وَسَموَت العباد عَدلاً وَحُلماً
وَمَلَكتُ البَلاد سَهلاً وَحُزنا

وَهَديت الكُهول مِن كُلِ قُطر
لِلمَعالي وَأَنتَ أَصغَرُ سِنّا

لَو وَزَنّا بِكَ المُلوك اِمتِحاناً
في العَطايا لَكُنتَ أَرجَح وَزنا

مَن يَقيس بِكَ الشُموس بَهاءً
حاشَ لِلّه أَنتَ أَبهى وَأَسنا

قَسَماً بِاِبتِهاج وَجهِكَ في الحَرب
وَبيض الظِبا إِذا النَقع جَنّا

ما نُفوس العِداة عِندَكَ إِلّا
زَهرات بِحَدّ سَيفِكَ تَجنا

وَإِذا ما امرِءٌ تَغاضيت عَنهُ
غادَرَتهُ الخُطوب في الترب رَهنا

لِيَ قَلبٌ لَديك أَقرب شَيء
وَخُلوص إِذا تَباعَدت عَنا

أَنتَ ماءَ الأَماني أَخصَب وَاديهِ
وَرَقَت رِياضَهُ فَالتَجَأنا

كَيفَ نَرمي مِن الزَمان بُروع
وَلَنا في ظلال جاهِكَ سَكنى

لا وَهِيَ رُكنَك الَّذي صارَ لِلناس
مَلاذاً وَلا عَفا لَك مَغنا


الامير منجك باشا

الحمدان
08-03-2024, 05:42 PM
جُوزيت مِن رَب الهدى عَن خَلقِهِ
ماذا تَشا وَكَفيت سرّ الحَسَّدِ

أَبعدَتَهُم عَن كُل لَهو مُرشِداً
حَتّى اِهتَديت مَن لَم يَكُن بِالمُهتَدي

وَصحت بِكَ الدُنيا فَلَيسَ بِها يَرى
مِن مُسكر إِلّا لِحاظ الخرَّد


الامير منجك باشا

الحمدان
08-03-2024, 05:42 PM
مَن لي بِهِ وَالسحر ملئَ جُفونِهِ
رشأ يغار البدر مِن تَكوينِهِ

جَم المحاسن ما بدا في محفل
إِلّا وَاغضت مِنهُ أَعيُن عَينِهِ

يَكسي شَذاهُ الرَوض قَبلَ أَوانِهِ
وَيُعير لِلساري ضِياءَ جَبينِهِ

وَيُجرد الأَرواح مِن أَجسادِها
فَكَأَنَّما الآجال طَوع يَمينِهِ

يَهفو بِهِ مَرح الصِبا فَتخالَهُ
نَشوان مِن حَرَكاتِهِ وَسُكونِهِ

عاطَيتُهُ بِنت الدَنان وَقَد شَدا
قَمَريُّ رَوض اللَهو فَوقَ غُصونِهِ

وَاللَيل مُعتَكِرٌ وَمُعتَرك الحَيا
يَزهو بِوَفد زذاذه وَهتونِهِ

وَالبَرق في حلل الغَمام كَأَنَّهُ
عَضب تَقلبهُ أَكفُّ قيونِهِ

وَكَأَنَّما القَمَر المُنير ضِياءَهُ
مِن وَجه مخدوم العُلى وَخَدينهِ

مَن خَلقه الزاكي السَني وَوَصفُهُ
يَزري بَريّا المسك في دارينهِ

مَولى إِذا اِزدَحَمَ الوُفود بِبابِهِ
يَلقاهُم وَالجود نَصب عُيونِهِ

أَعِني بِهِ المَولى الأَجلّ أَبا البقا
مِن ظَنِهِ في الدَهر مثل يَقينِهِ

شَرس يَقدُّ الخَطبَ لينُ خِطابِهِ
وَالنَصلَ شدّةُ بَأسِهِ في لينِهِ

قَد أَودَع اللَهُ السِيادة وَالتُقى
في بُردتيهِ وَآدم في طِينِهِ

مَن ذا يَقيس بِهِ البَرية رفعَةً
أَن الزَمان وَأَهلَهُ مِن دُونِهِ

يَفنى الزَمان وَلَيسَ يَبلغ وَصفَهُ
شعرٌ وَلَو بالغت في تَحسينِهِ

يا أَيُّها الباني دَعائم سوددٍ
سامي الذَرى كَالطود في تَمكينِهِ

لَكَ عَزمة في النائِبات وَسودد
كَعُلى الكِرار في صَفينِهِ

وَلَدَيك مِن تِلكَ المَآثر وَالعُلى
ما أَعجَز الفَصحاءِ عَن تَبيينِهِ

أَسويت بَحراً بِالنَدى مُتَدفِقاً
وَبَدوت تَحكي البَدر غب دُجونِهِ

فَسَكنت مِن طَرفي سَواد سَوادِهِ
وَحَلَلت مِن قَلبي مَحَل ظُنونِهِ

أَقسَمت بِالبَيت العَتيق وَما حَوَت
بَطحاؤُهُ مِن حَجرِهِ وَحُجونِهِ

ما ضَمت الدُنيا كَقَصرك مَنزِلاً
كَلا وَلا سَمحت بِمثل قَطينِهِ

أَبقاكِ رَب العالَمين لِخَلقِهِ
كَهفاً وَصَمصاماً لِنَصرة دِينِهِ

وَأَراك في النَجل السَعيد كَما أَرى
هَرونَ في مَأمونِهِ وَأَمينِهِ


الامير منجك باشا

الحمدان
08-03-2024, 05:42 PM
يا وَحيداً لِلأَماني وَالمُنا
حَول ناديهِ اِستِلام وَالتِثام

أَنتَ لِلعَلياءِ وَجهٌ وَفَمٌ
وَكَلا نَجليك بَشَرٌ وَاِبتِسام

وَمَزاياك رِياض وَرباً
وَسَجاياك نَسيم وَغَمام


الامير منجك باشا

الحمدان
08-03-2024, 05:42 PM
مَن تَرى يَملك وَصفاً لامريء
قَلد المنة أَعناق السَماح

ذاكَ يَحى مَن بِهِ يَحيي العُلا
وَلِناديهِ غَدوّي وَالرَواحي

حامل نَشر ثَناهُ في الوَرى
عَنبر اللَيل وَكافور الصَباح


الامير منجك باشا

الحمدان
08-03-2024, 05:43 PM
سَقى الوَدق ما بَينَ الرِياض لَنا صرحا
سَفحت دُموعي في مَعالمه سَفحا

وَمِنيَ ما أَبقى فِراق قطينهِ
سِوى الكَبد الحَراءِ وَالمُقلة الجَرحا

وَعَهدي بِهِ وَالعَيش تُندي ظِلالَهُ
وَتَنفح ني رَيّا حَدائِقُهُ نَفحا

يُطارِحني ذكر الهَوى فيهِ شادِنٌ
بِكُل حَشىً عيداهُ قَد تُرِكَت جَرحا

يَميل عَلى النَدمان عَجَباً كَأَنَّهُ
أَراكة وادي الشَعب أَو يانة البَطحا

وَيُرسل مِن ظَلماءِ طرتِهِ الدُجى
وَيَطلع مِن لَألاءِ غُرَتهِ الصُبحا

تَهبُّ عَلى الواشين نَسمة وَدّه
وَتَضرب عَني كُلَّما خَطرت صَفحا

أُراعُ وَلَم أُذنب وَأَجفا وَلَم أَخُن
وَأَطلُب مِن قَبل المُحاربة الصُلحا

فَما تَرك الأَيّام مثل مُوَدِعي
بَخيلاً وَلا مثل الأَعزَ بِها سَمحا

مُحَمَد النَدب الَّذي لَو فَدينهُ
بِروحِيَ مِن دون الأَنام فَما الحا

بَليغ أَرانا اللَهُ كُل فَضيلة
تَجمَع فيهِ وَالهِداية وَالنُصحا

وَقَد بَلغ الفُرس الثُرَيا وَفاخَرت
بِهِ العَرب العَرباءُ وَاللغة الفُصحا

تُناط بِهِ الآمال وَالخَطب فَاغر
وَيَستَمطر الجَدوى إِذا الغَيث ما سَحا

تَبيت عُيون المَجد فيهِ قَريرَةٌ
وَيُصبح وَجه العز مُبتَهِجاً نَجحا

وَلَولاهُ ما جادَت يشعر فريحَتي
وَلا نظمت مِن درما اقترحت مَدحا

فَإِن اِمتِداحي غَير مَن هُوَ أَهلَهُ
حَيائِيَ مِن أَعضاي انزحها نَزحا

أَخا المَجد عُذراً فَالليالي خؤونَةٌ
تُبدل في عَيني مَحاسنها قُبحا

أَبادَت بَقايا الصَبر مني صَئولةٌ
فَما صَحبت سَيفاً وَلا اِعتَقَلت رُمحا

أَبيت وَلا أَلفٌ انثُّ شَكيتي
لَدَيهِ سِوى وَرَقاً تُجاوبني صَدحا

أَقطر مِن جفنيَّ روحيَ أَدمُعاً
وَأَطوي عَلى جَمر أَصعدهُ كَشحا

فَدُم مُؤلاً أَرجوك في كُل حادث
فَإِن ظلاماتي بِغَيرك لا تَمحا


الامير منجك باشا

الحمدان
08-03-2024, 05:43 PM
كَبِدٌ مِن سِنان لَحظِكَ جَرحى
وَعُيونٌ تَردِّد الدَمع سَفحا

وَحَنين إِلى الدِيار وَوَجد
يَستَفز النُهى وَشَوق الحا

يابن وَدي تَفديك مِن كُل سوء
مهج فيكَ لَيسَ تَقبل نُصحا

قُم بِنا نَجتَلي المَدامة بكراً
حَيثُ طابَ الهَوى وَنَسكُن صَرحا

في رِياض كَأَنَّما هِي خَدّا
كَبَهاء وَطيب صِدغَيك نَفحا

مَطلَعاً مِن ضِياء وَجهِكَ وَالفرع
ظَلاماً يَغشى العُيون وَصُبحا

سكر الكاس إِذ سَكرت بِعَينيك
فَكانَ المدام مني أَصحى

جلَّ مِن صاغ مِن لَواحظك النجل
حُساماً وَمِن قوامك رُمحا

قُل لِمَن لامَ في هَواك مُحبّاً
أَلف السُهد يا عَذولي تَنحا

وَاترُك الهَجر ساعَةً فَلَعلي
أَجِد القَلب مِن صُدودك صَحا

وَأَرى الهَجر ساعَةً فَلَعَلي
أَجد القَلب مِن صُدودك صَحا

وَأَرى القُربق عاقِداً بَينَ جِفني
وَمَنامي بَعدَ التَفَرُّق صلحا

وَأَحلي جيد الزَمان بعقد
نَظمتهُ يد القَريحة مَدحا

لِجَواد كُل الأَنام جسومٌ
وَهُوَ روح بِها تَصادف نَجحا

ذو خصال لَو أَن في كُل عُضو
لي فَماً واصِفاً لِأَعيتهُ شَرحا

بَدرُ أُفق العُلا وَشَمس المَعالي
وَغَمام النَدا إِذا الغَيث شَحا

ناثى الفَضل والمَكارم يَقظان
عَليم يَطوي عَلى الودّ كَشحا

حازم الراي لَيسَ تُبصر إِلّا
مِنهُ مَولى أَغَر أَروع سَمحا

لُذ بِهِ حِيثُما الزَمان إِلى الخسر
تَداعى تَنظر هُنالِكَ رِبحا

هَيجتَني رِياض أَخلاقِهِ الغُر
فَردَّت كَالحَمائِمِ صَدحا

وَسَقاني كاس الوِداد فَأَنشدت
مَديحاً حَوى قَوافِيَ فَصحا

غِب ما كُنت لا أَزال وَحَظي
عَن طَريق النَجاح يَضرب صَفحا

أَقطع اللَيل وَهُوَ أَسَود يَزيدُّ
كَقَلب الحَسود يَضمر قَبحا

وَأَرى اليَوم قانِياً فَكَأَني
مُودع مِنهُ في الحَشاشَةِ جَرحا

غَيرَ إِنّي لَما تَرأَيت صُبحاً
مِنكَ يَبدو جَلا عَن القَلب جَنحا

وَتَعوضت عَن بُكائي اِبتِساماً
وَعَن الحُزن بِامتِداحِكَ فَرحا

فَجَدير بِأَن أَكون شَكوراً
لِأَيادٍ تُسابق الوَدق سَحا

ما النِظام البَديع إِلّا مَديح
لِلكَريمي مُحَمد لَيسَ يَمحا


الامير منجك باشا

الحمدان
08-03-2024, 05:43 PM
تباشر النَجح لَما
رَأَيت وَجهَك طَلقا

وَقُلتُ هاكَ سُعوداً
مِن بَعدِها لَيسَ نَشقى

فَوَعد غَيرك كذباً
يَلقى ووَعدَكَ صِدقا

يا مالِكاً رق مَدحي
دونَ البَرية حَقا

أَثقلت كاهل شُكري
رِفقاً بِجودِكَ رِفقا


الامير منجك باشا

الحمدان
08-03-2024, 05:44 PM
فَخراً دِمَشق عَلى كُل البِلاد بِمَن
أَولى البَرية مَعروفاً وَعِرفانا

المَقريّ الَّذي في بَعض أَيسر ما
حَوى مِن الفَضل كُل راح حَيرانا

شَمس مِن الغَرب قَد كانَت مَشارِقُها
بَل دونَها الشَمس يَومَ الفَخر بُرهانا

أَغرّ ما أَحدقت أَيدي العِظام بِهِ
إِلّا وَأَضحى بِماءِ الفَضلِ رَيانا

تَكاد تَقرأ في لَالاءٍ غرتِهِ
مِن سورة العِزة القَعساء عُنوانا

لَهُ مِن الرَأي ما تَحنو لا يسره
ثَواقب الزهر إِرشاداً وَإِذعانا

وَسيرة مِن أَبي حَفص تَلقفها
إِلى وَقار يُضاهي هَدي سَلمانا

مُصاحب حسن فعل الخَير يِعشقهُ
مَراقب رَبِهِ سرّاً وَإِعلانا

يَقضي النَهار بِدَرس غَير مُندَرس
وَيَقطَع اللَيل تَسبيحاً وَقُرآنا

لِأَي وَرد نولي اليَوم وَجهِتنا
وَقَد غَدا بَحرِهِ الطاميُّ مُرجانا

لَأَن مَنَحنا يَلحَظ مِن مَواهبهِ
نِلنا الثُريا وَكانَ الخَير عُقبانا

شَفى يَدرس الشفا مَرضى درايتنا
لَما أَفادَ مَع الإِيضاح إِنقانا

هَيهات هَيهات مَن في القَوم يَشبَهَهُ
هَل السَراب يُباري الغَيث هِتانا

إِذا مَشى فَعلى الأَعناق مَشيَتَهُ
وَإِن رَأَيت رِجال الحَي رُكبانا

يا سَيد العُلَماءِ العاملين وَمَن
هُوَ الإِمام المُفَدا حَيثما كانا

أَبرَأت ذمة دَهر جاءَ يَمنَحَني
بَعدَ الإِساءَة مِن لُقياك إِحسانا

دَهرٌ يَقبّل آمالي وَأَوسَعَهُ
إِذ أَنتَ مِن أَهلِهِ حَمداً وَشُكرانا

فَطَأ كَما شئت لا تَنفك مُنتَصِراً
بِأَخمصيك مِن الأَعداء تيجانا

وَأَهنأ فَأَنتَ الَّذي وَلّاهُ خالَقهُ
مِن المَلائك أَنصاراً وَأَعوانا

وَاِستَحلها نَزهاً لَو أَنَّها رزقت
حَظّاً لَكانَت لِعَين الدَهر إِنسانا

وَاِسمَع لَها مِن قَواف لا يُماثلها
قَولٌ مِن الشعر إِلا قَول حَسانا


الامير منجك باشا

الحمدان
08-03-2024, 05:44 PM
قَمَرٌ إِذا فَكرت فيهِ تَعتبا
وَإِذا رَآني في المَنام تَحَجبا

صادَفتُهُ فَتَناوَلت لَحظاتُهُ
عَقلي وَأَعرض نافِراً مُتَحجبا

منورد الوَجنات خشية ناظر
أَضحى بِريحان العذار منقبا

ساوَمتُهُ وَصلاً فَأَعجَم لِفظُهُ
وَأَظنَهُ عَن ضد ذَلِكَ أَعرَبا

أَنا مِنهُ راضٍ بِالصُدود لِأَنَّني
أَجد الهَوان لَدى الهَوى مُستَعذِبا

شَيئان حَدّث بِاللَطافة عَنهُما
عَتب الحَبيب وَعَهد أَيّام الصِبا

وَثَلاثة حَدث بِطيب ثَنائِها
زَهر الرَبيع وَخَلق يُوسف وَالصِبا

عَلّامة الآفاق مِن أَشعارِهِ
لِعُلومِهِ أَضحت طِرازاً مُذهبا

مَن لَو أَصابَ البرا يَسر قَطرة
مِن راحَتيهِ عادَ رَوضاً مخصَبا

مَن لَو نَظمت الشُهب فيهِ مَدائِحاً
لَظنَنت فكري قَد أَساءَ وَأَذنَبا

ما نَسمة سحرية شَحرية
باتَت تَعل مِن الغَمام الأَعذَبا

نَشوانة ظلَّت تَجرر في الرُبا
ذَيلاً بمسكي الرِياض مطيبا

يَوماً بِأَحسَن مِن صِفات جَنابِهِ
أَنّى تَداولها اللِسان وَأَطيَبا

مَن ذا يُقاس بِماجد جعلت لَهُ
أَرضاً رِقاب الحاسِدين وَقَد أَبى


الامير منجك باشا

الحمدان
08-03-2024, 05:44 PM
مَن لِوَجدي وَحيرَتي وَالتِهابي
وَلَدمَعي الهامي وَقَلبي المُذابِ

وَلتَسآليَ الرُبوع وَلوعاً
بِالأَماني مِن غَير رَد جَواب

وَوقوفي بِكُل باب وَقَد كان
وُقوف العُلا عَلى أَبوابي

يَتمني الفَخار لَو كانَ طَرفاً
أَمتَطيهِ وَالمَجد لَثم رِكابي

وَإِذا ما جُهلتُ تنبئُ عَني
حَيث ما كُنت السن الأَحساب

لَم يَدَع لي تَجارُب الناس خلّاً
يُصطَفى لي أَو يُرتَجى لِمُصابي

فَإِذا ما عَتبتُ يَوماً فَقُل لي
أَعلى مَن يَكون فيهُم عِتابي

عَوضتَني بِالروم عَن جلق الشامِ
أُمور لِلدَهر ذات اِنقِلابِ

لا النَديم الَّذي أَراهُ نَديمي
في ذَراها وَلا الشَراب شَرابي

لاجيادي تَجول فيها وَلا تَضرب
يَوماً لِلظاعِنين قِبابي

غَير أَني اَعلل النَفس في وَصف
عُلا المُصطَفى الأَجل البابي

أَوحِدي الزَمان في النَظم وَالنَثر
شَقيقي في نِسبة الآداب

ذي السَجايا التي تَشاغل قَلبي
حينَ أَبصَرتَها عَن الأَحباب

قَد أَتَتني مِنهُ عَروس نِظام
آنستني ي وَحشَتي وَاغتِرابي

فَقَليل إِذا خَلعت عَلَيها
لا بِمنّ روحي وَبَرد شَبابي

حَيث لا تَملك النضار فَتذريهِ
يَميني في طرقها لِلتهاب

ساجَلتها مني الأَماني وَقالَت
هاكَ رقي وَدّاً وَهَذا كِتابي

وَأَتَتها لِتَرتَجي العَفو مِنها
بِنت فكري مِن خَجلة في نِقاب

لَيسَ حَسناءُ أَسفَرَت عَن جَمال
مثل شوها تَسترت بِحِجاب

وَلي العُذر حَيث لا أَحسَن الشعر
وَأَنّي أَخطَأت كانَ صَوابي

إِنَّما النظم عِندَ قَومي وَعِندي
هُوَ نَثر النُفوس فَوق الحِرابِ

وَاِصطِناع المَعروف في العُسر وَاليُسر
وَبَذل النَوال قَبل الطلاب

مَع أَني لَم أَخله مِن مَعان
هِيَ أَشهى مِن الثَنايا العذاب


الامير منجك باشا

الحمدان
08-03-2024, 05:44 PM
بِكَ إِرتَوى وَتَولى الجور وَالأَلَمُ
وَأَخصَب الدَهر وَاِنهَلَت بِهِ النِعَمُ

وَأَصبَحَ السَعد وَهُوَ اليَوم مُقتَبَلٌ
وَالشَمل مُجتَمع وَالصَدع مُلتَئم

وَاِستَبشَرَت بِكَ أَبناء الشآم وَقَد
آووا إِلى رُكن عزّ لَيسَ يَنَهدَم

فَما تَمدُّ إِلى غَير الدُعاءِ يَدٌ
وَلَيسَ يَفتَحُ إِلّا بِالثَناءِ فَم

أَنتَ الَّذي جَمَعَ اللَهُ القُلوب لَهُ
وَزادَهُ العلم حَتّى نطقُهُ الحكم

عَذب المَوارد فياض النَدى أَبَداً
سَمح الأَنامل لا منّ وَلا سَأَم

كِلتا يَدَيهِ العُلا حازَت فَباطنها
أَيدٍ وَظاهِرُها لِلناس مُستلم

تَغدو المَجادب مِن نَعماهُ مُخصبة
وَتَستَنيرُ لَنا مِن وَجهِهِ الظُلم

قاضي القُضاة وَناهيكُم بِهِ حُكماً
ما خابَ يَوماً بِهِ مِن راح يَعتَصم

عَين الولاة لَهُ في كُل جارِحَة
مِن الفَراسة طود راسخ علم

تَخشى المَوالي سَطاهُ خاضِعين لَهُ
كَأَنَّهُم في مَعالي عِزِهِ حشم

مَولايَ دَعوة عَبد عزّ ناصرهُ
إِلّا إِلَيكَ إِذا ما زَلّت القَدَم

يَشكو إِلَيكَ ذَوي ضغن وَإِن عَظموا
سيان عِندَهُم المَخدوم وَالخَدَم

قَوم إِذا جئت أَشكو ما دَهيت بِهِ
أَفهمت صُم الحَصى قَولي وَما فَهِموا

غَرَّتهُم ثَروة الدُنيا وَزينتها
وَإِنَّما جودَها الحِرمان وَالنَدَم

وَكَم تَحظى ذَوي الاحساب مُعتَدياً
وَضيعُ جَرثومة في أَنفِهِ شمم

عَساكَ تُنقِذني إِن جئت مُلتَجياً
مِن اللَيالي الَّتي في طَيِها نَقَم

أَبقى لَكَ اللَهُ نَجلاً طابَ محتده
مِن مَهدِهِ نَقَلتُهُ لِلعُلا هِمَم

مُهَذَّب الخَلق قَرَّت عِندَ رُؤيَتِهِ
عَينُ الكَمال وَراح الفَضل يَبتَسِمُ

مِن دَوحَة بِثِمار الفَضل يانِعَةٍ
وَرَوضة قَد تَولى سَقيِها الكَرَم

وَاِستجل دُر نِظام كادَ مِن طَرَب
إِلى مَعاليك قَبل النَظم يَنتَظم

بَل غادة مِن بَنات الفكر قَد ظغنت
بِها إِلى بابك الآمال تَحتَكم

إِن الهَدايا وَخَير القَول أَصدَقُهُ
تَفنى بَقيتَ وَتَبقى هَذِهِ الكَلم


الامير منجك باشا

الحمدان
08-03-2024, 05:45 PM
غَريب وَإِني في العَشيرة وَالأَهلِ
أَرى الخَصب مَمنوع الجَوانب مِن مَحلِ

وَأَصدق مِن أَصفيهِ وَدي مَداهن
وَمَلعب طوقي مِنهُ في قَبضة النَصل

وَإِني لَقَد جَرَبت دَهري وَأَهلَهُ
لَعُمريَ حَتّى صرت أَنفُر مِن ظلي

وَنازلت للأَيام كُل كَريهةٍ
شَدائدها الجَلّاء تَعجب مِن حَملي

بَليت بِأَقوام إِذا ما اختَبَرتُهُم
أَفضل مَشيي حافي الرَجُل عَن نَعلي

وَما كُنت أَدري أَنَّ لَيث عَرينة
يَخاف وَيَخشى البَطش مِن أَضعف النمل

وَما كانَ يَدنو الفُقر مني لَو أَنَّني
رَضيت كَما تَرضى الأَسافل بِالبُخل

لَئِن كانَ فَضلي مانِعي ما أَرومَهُ
هَدمت بِأَيدي الجَهل ما شادَهُ فَضلي

تَصول عَلَينا يا زَمان مُحارِباً
كَأَنَّك مِن قَتل الأَماجد في حلّ

أَقول وَما غَيري بِمُضع كَأَنَّني
عَلى صفحات الماءِ أَكتب ما أَمَلي

وَكَم مِن حَبيب ما ظَفَرت بِوَعدِهِ
إِذا لَم يُمُت بِالصَد يَقتل بِالذُل

وَإِن مَرَّ سَهواً بِالعُيون خَيالُهُ
أَبيت سَمير الهَجر في لَيلَةِ الوَصل

عَدمت زَماني حَيث يَلعَب بي كَما
يُريد وَلَم يُبصر بِأَبصر مِن مثلي

وَلَم يَدرِ أَنَّ العَدل حَلَّ بِجِلَقٍ
وَأَنسي مُزيل وَحشة الكُل بِالكُل

رَفيع الجَناب المُجتَبى وَأَبو النَدى
وَشَمس الهُدى الهادي إِلى أَقوم السُبل

أَقام كَسبح الأَمن فَاِنهَزَم الرَدى
وَأَصبَحَت الأَهوال في ربض الذُلّ

لَهُ الرُتبة العُليا عَلى كُل رُتبَةٍ
لَهُ النعمة العُظمى عَلى كُل مَن يُدلي

لَهُ خُلق يَحكي النَسيم وَراحة
عَلى الشُح وَالأَمساك تَحكم بِالقَتل

وَقَد عظمت مثلي رِجال بِبابِهِ
وَكَم مِن غَريب الدار عَن أَهلِهِ يُسلى

وَكانَ اِجتِماعي فيهِ بِالروم رفعة
أَسود بِهِ فَخراً عَلى كُل مِن قَبلي

تَمَلك رق الحَمد حَتّى رايَتُهُ
بِالسنة الإِجماع يَحمد بِالفعل

فَدامَ عَلى الدُنيا مُعَيناً لِأَهلِها
يفرّق لِلأَعدا وَيَجمَع لِلشَمل

فَذاكَ الَّذي يُرجى لِكُل مُلمَةٍ
فَيُعطى بِلا من وَيوسي بِلا كل


الامير منجك باشا

الحمدان
08-03-2024, 05:45 PM
وَفد الصَباح وَزالَت الأَحلاكُ
وَتَنصَلَت مِن نحسها الأَفلاكُ

وَاِنبُش وَجه النَجح بَعدَ عُبوسِهِ
فَرَحاً وَمُبتسم المُنى مضحاكُ

بِقُدوم مَولى بَعض أَيسَر ما حَوى
يَحتار فيهِ العَقل وَالإِدراكُ

وَإِذا أَشارَ مُخاطِباً فَكَلامُهُ
دُرَرٌ لَها أَفهامنا أَسلاكُ

هُو نُور إِيمان يَلوح لِمُبصر
وَظَلام قَلب حَسودِهِ أَشراكَ

جود بِحار الأَرض مِنهُ قَطرَةٌ
تَكفي فَلا منٌّ وَلا إِمساكُ

وَفضائل لَم يُحصِها عَدد وَلَم
يُدرك غُبار جِيادِها إِدراكُ

فَاِنظُر إِلَيَّ بِرَأفَة بَل رَحمة
أَنجوبها قَد مَسَني الأَهلاكُ

قَد كادَني الزَمَن الخُؤُن وَإِن لي
حَظّاً كَسيحاً لَيسَ فيهِ حِراكُ

إِني أَنا البازيُّ قَصَّ جَناحُهُ
فَعَسى يراش وَيَعتَريهِ فِكاكُ

إِني أَنا الذَهب الذَّي قَد شابَهُ
كَدر الرغام يُزيلُهُ الحِكاكُ

أَشكو إِلَيكَ مَعاشِراً قَد نَقَصوا
في زَعمهم قَدري إِذاً لِيحاكوا

قَوماً إِذا أَمعَنت فيهُم لَم تَجد
إِلّا الذُقون تَقلها الأَحناكُ

بَذَروا لَنا حُب الوُعود وَدونَهُ
نَصبت لَنا مِن خَلفِهم أَشراكُ

وَتَوازَعوا ما بَينَهُم أَوقافنا
حَتّى كَأَن جَميعَها أَملاكُ

لَو أَنَّهُم يَهجون كُنت هَجوَتِهم
بِقَصائد هِيَ صارم فَتّاكُ

يَتَشهد الكُفار مِن أَفعالِهم
مُتَهولين وَتَفسق النساكُ

لَولا العِناية وَالتَحجُب عَنهُمُ
أَكَلت لُحوم جُسومِنا الأَسماكُ

ما مِنهُم إِلّا فَتى مُتمشدق
مُتَعاظم في نَفسِهِ عُلاكُ

سَمج بِإِحدى راحَتَيهِ رَشوَةٌ
فَرح بِها وَبِأُختِها المِسواكُ

يا مَن يَلوذ بِبابِهِ وَجَنابِهِ ال
أَعراب وَالأَعجام وَالأَتراكُ

قُم فَاِنتَصر لِغَريب فَضل في الحِمى
يُنتاشُهُ الحجام وَالحَياكُ

وَاسلم عَلى مَرّ الدُهور مُقبِلاً
أَقدام سَعدِكَ في السَماءِ سَماكُ


الامير منجك باشا

الحمدان
08-03-2024, 05:45 PM
صَبر الفُؤاد عَلى فِعال الجافي
نَعم الكَفيل بِكُلِ أَمرٍ كافي

فَاحمل عَلى النَفس الصِعاب مُؤملاً
مِن فَضل رَبِكَ واسعَ الأَلطافِ

أَولَستَ مِن قَوم إِذ ذُكِرَ العُلى
كانوا لَهُ مِن أَشرَف الأَحلاف

شادوا الماجد وَالقُصور فَهَذِهِ
لِلعابِدينَ وَتِلكَ لِلأَضيافِ

لَيسَ الزَمان بِمُنقَص قَدري وَإِن
عَزَ النَصير بِهِ عَلى إِسعافي

إِني وَإِن كُنت القَليل ثَراؤُهُ
لَستَ المُقَصر عَن نَدى أَسلافي

كانَ الزَمانُ لَهُم مُطيعاً خاضِعاً
وَأراهُ مُنتَصِباً لِفعل خلاف

لَم تَبقَ لي الأَيام إِلا مَن لَهُ
أَسعى بِخَير وَهُوَ في أَتلافي

أَو مُحرِقاً كَبدي هَجير عِتابِهِ
وَعَلَيهِ مِن نَعمايَ ظلٌّ ضافي

أَو لَيسَ مَن أَدهى الأُمور تَخلفي
عَن مَجلس المَولى بِغَير خِلافِ

أَقضى قُضاة المُسلِمين وَقامع ال
قَوم البُغاة بِصارم الإِنصافِ

كَشاف أَسرار البَلاغة مَن غَدا
لِلناس مِن داءِ الجَهالة شافي

بَحر العُلوم الزاخر الطود الَّذي
أَمنَت دمشق بِهِ مِن الأَرجاف

مَن لَيسَ تُبلغ بَعضَ أَيسَرِ مَدحِهِ
إٍن أَسهَبَت أَو أُطنِبَت أَوصافي

شَمس الوجود أَبو الوفود معود
بِالجود رحب الصُدر وَالأَكناف

هُوَ كَعبة المَعروف أَضحى قاصِداً
بِالسَعي كَعبة رَبِهِ لِطَواف

اللَهُ جَل جَلالَهُ عَن خُلقِهِ
لِجَنابِهِ بِاللَطف مِنهُ يُكافي

مَولايَ شَعبان المُعَظم قَدرَهُ
أَنتَ الرَجاءُ لِكُل راج عافي

عُذراً لِعَبدٍ لَيسَ يَبلَغ بَعض ما
هَوُ واجب مِن حَقِ قَدرِكَ وافي

وَيَرى صِفاتك في النِظام قَد اِغتَدَت
بَينَ الوَرى كَالدُر في الأَصداف

إِن المَقال لَحال مَن هُوَ مُوَثق
بِعِقال أَرجاف الزَمان مُنافي

لَكنما الوَرقاءُ أَصدَح ما تَرى
عِندَ اِفتِقاد الرَوض وَالآلاف

وَأَنا الَّذي لَكَ ما حييت لِسانُهُ
رَطب بِأَنواع الثَناءِ مُوافي

أَبقاكَ رَبك لِلعِباد فَلَم تَزَل
لِتلافهم بيد النَدى مُتَلافي

وَأَسلم عَلى مَر الدُهور مُلاحِظاً
بِالعَون وَالإِسعاد وَالإِسعاف


الامير منجك باشا

الحمدان
08-03-2024, 05:46 PM
يابن الكِرام الأولى شادَت عَزائِمُهُم
بَيتاً جَليلاً كَبيت اللَهِ نَعرِفُهُ

أَنتَ الكَبير الَّذي لا العَزل يُنقِصُهُ
قَدراً وَلا المَنصب العالي يُشرِفُهُ

وَلَو سَعى جُهدَهُ المَعروف مُختَبِراً
لَم يَلف غَيرَك في الدُنيا فَيألفهُ

عَبيد نَعماكَ لا يَخشون مِن سَرَف
إِن أَتلَف الدَهر شَيئاً أَنتَ تَخلفُهُ


الامير منجك باشا

الحمدان
08-03-2024, 05:46 PM
يا مَن إِذا وَهَبَ الدُنيا فَيحسبها
بُخلاً وَحاشا عُلاهُ فَهُوَ مِفضالُ

أَهديكَ طرفاً وَمِن نَعماكَ كَم أَخَذَت
مثليَ مثل الَّذي أَهديت سُؤال

لَكن عُبَيدك يَخشى أَن يُقالَ لَهُ
لا خَيلَ عِندَكَ تَهديها وَلا مالُ

قُبولَكَ النعمة العُظمى عَليَّ وَلي
بِها مِن الدَهر أَكرام وَأَجلال


الامير منجك باشا

الحمدان
08-03-2024, 05:46 PM
فَضَح الشَمس بِالضِياءِ بَهاؤُه
بَدرٌ حَسَنٍ أُفْق الكَمال سَماؤُْ

مَن لَهُ المُكرَمات وَالعَدلُ وَالفَضل
صِفاتٌ تَسمو بِها أَسماؤُهُ

الوَليّ الوَليّ مَن غادَرَ الدَهر
رِياضاً تَصيبُها أَنواؤُهُ

اِستَمالَت قُلوبُنا وَاِستَرَقَت
لِذُراهُ رقّاً بِنا آلاؤُهُ

لا تَلُمني إِذا أَطَلَت مَديحي
عَشقتني في وَصفِهِ نَعماؤُهُ

لَو سَها عَن ثَنا عُلاهُ لِسانٌ
لِأمرء مجَّ حَملهُ أَعضاؤُهُ

مَن يَراهُ وَلَو بِلَمحة طَرف
فَسَعيدٌ صَباحُهُ وَمَساؤُهُ


الامير منجك باشا

الحمدان
08-03-2024, 05:47 PM
خَليليَّ مالي أُبصر الدَهر راضياً
وَحَظيَ مَوفوراً وَعَيشيَ صافيا

وَسالمني في الناس مَن كانَ دَأبُهُ
مُحارَبَتي جَهلاً وَأَصبَحَ وافيا

وَرُحتُ قَرير العَين مَليءُ جَوانِحي
سُرور وَفِكري باتَ بِالأَمس خاليا

وَعَهدي بِأَيام مضين كَأَنَّها
تَجرد مِن جفن الزَمان مَواضيا

إِذا طَلعت شَمس النهار وَأَشرَقَت
ظَنَنت حبال الذُر فيها أَفاعيا

أَواري ضَئيل الخاز باز مَهابَةً
وَأَخشى خَيالي حَيث شِمت خَياليا

عَلى أَن قَومي المنجكيين قَد بَنَت
عَزائِمهم فَوقَ الثُرايا مَكانيا

وَكَم شَهدت أَعدايَ فيَّ بِأَنَّني
نَشَأت بِمَهدي لِلمعالي مُناغيا

لَئِن فاتَني ادراك ما أُدرك الأُولى
فَأَنفذت أَيامي عَلَيهِ أَمانيا

لَقَد صَدَقت مِني الظُنون وَأَصبَحَت
تَفل جُيوش العَدل عَني الأَعاديا

بِمَقدَم قاضي الشام مُحيي رُبوعِها
فَحَمداً لِمَن أُحيي بِهِ الأَرض قاضيا

هَمام كَساهُ اللَهُ جَلَ جَلالَهُ
رِداءً مِن التَقوى بِنعماهُ زاهيا

لَهُ قَلَمٌ كَم صَدَّ بيضاً فَواتِكاً
بِقاطع أَحكام وَسُمراً عَواليا

وَحُسن ثَناهُ عَطر الأُفق نَشرَهُ
وَقَد فاحَ مِسكاً أَذفَراً وَغَواليا

فَلو عَذُبت كُل البُحور لَما اِرتَضَت
فَضائِلُهُ تِلكَ البُحور سَواقيا

وَمَهما اِرتَقى البَدر المُنير تَخالُهُ
لِدون مَقام حالُهُ اليَوم راقيا

وَنَدعوهُ لِلرَحمن عَبداً وَإِنَّهُ
لِيَكفيهِ فَخراً فاقَ فيهِ المَواليا

تَرفع شعري إِذ تَضَمَن وَصفُهُ
فَلا بدع أَن يَأبى النُجوم قَوافيا

فَيا لَيتَ إِن الفكر مِن كُل مُفكر
يُجيد بِهاتيك المَزايا مَعانيا

وَيا لَيتَ أَني النُور مِن كُل مُبصر
فَيُبصِرُني مَن كانَ وَجهَكَ رائِيا

أَتيتك مِن نُعماكَ مَولايَ شاكِراً
وَقَلبِيَ مِن رَيب الحَوادِثِ شاكيا

فَخُذ بِيَدي وَأَمنُن عَلَيَّ بِنَظرَةٍ
أَفز بِفَخار يَستَرق المَعاليا

فَلا زِلت رُكناً في القَضاءِ مَشيداً
يَفوق بِعُلياهُ عَلى الدَهر ساميا


الامير منجك باشا

الحمدان
08-03-2024, 05:47 PM
يا سَيداً لَهُ الزَمان كَالعَبدِ
مُمتثلاً لَم يَعد وَلَم يُبدِ

لَكَ البَنانُ الَّتي إِذا رَقمت
مَحت رُسوم الضَلال بِالرُشدِ

يودع في الطرس خَطَها فِقراً
ما هِيَ إِلّا كَواكب السَعد

لَو شامَ ذو الخال رقم أحرفها
لراحَ بِالكَف لامس الخَد

لَو لَم أَرد للانام مَكرُمةً
لَقُلت أَفديكَ غيرة وَحدي


الامير منجك باشا

الحمدان
08-03-2024, 05:47 PM
يا مَن إِذا عَثَرَ الزَمان أَقالَهُ
عَزماً وَيسبق سيبُهُ الآمالا

عَمت عَدالتك البَرية كُلَها
وَكَفَيتُها الأَوصاب وَالأَهوالا

لَولاكِ يا روح الزَمان وَأَهلُهُ
لَم نَحمد الأَسحار وَالآصالا

لِلّهِ دُرك مِن إِمام قائمِ
بِالقسط يَمحو بِالرَشاد ضَلالا

لَولا غَزارة عِلمِهِ لَم تَسطَع
الشَعراءُ مَدح جَنابِهِ إِجلالا


الامير منجك باشا

الحمدان
08-03-2024, 05:47 PM
صَنَعت جَميلاً فَوقَ ما يَصنَع الأولى
وَما شَكَرت مِنكَ الخُدود وَلا الطَلا

تَجَملت الدُنيا بِزُهدك وَاِزدَهَت
مَآثرك العُظمى وَأَيسَرَها العُلى

فَلو حَملت مِن بَعض جودِكَ قَطرَةً
سَحائب أَضحى الدرّ يُنبتهُ الكَلا


الامير منجك باشا

الحمدان
08-03-2024, 05:48 PM
إِن أَشهَروا السَيفَ وَإِن أَغمَدوا
عَنهُ لَدى الهَيجاءِ لا يَعدِلُ

مَنصبك الفَضل وَأَنتَ الَّذي
مِن ذاكَ في الدارين لا يَعزلُ


الامير منجك باشا

الحمدان
08-03-2024, 05:48 PM
آلى الزَمان عَلَيهِ أَن يواليكا
يَثني عَلَيكَ وَلا يَأتي بِثانيكا

فَإِن سَطا فَبِإِحكام تنفّذها
وَإِن سَخى فَبفضل مِن مَساعيكا

لِيهن ذا العيد حَظ مِنهُ حينَ غَدَت
عُلاهُ ثُمَ حُلاهُ مِن أَياديكا

هِلالهُ نالَ فَوقَ البَدر مَنزِلَة
مُستَقبلاً وَجهُهُ أَعتاب ناديكا

مُجملاً بِأَيادٍ مِنكَ فائِقَة
مُعَطِراً بِغوالٍ مِن غَواليكا

وافى يَهني بِكَ الدُنيا وَنَحنُ بِهِ
يا بَهجَة الدين وَالدُنيا نَهنيكا

مَن ذا يُضاهيكَ فَيما حُزت مِن شَرَف
وَمَن يُدانيكَ في حُكم وَيَحكيكا

فَالشَمس مَهما تَرقت فَهِيَ قاصِرَة
عَن بَعض أَيسر شَيء مِن مَراقيكا

وَالبُدرُ لَمحة نور مِنكَ نُبصِرُها
وَالبَحرُ قَطرة ماءٍ مِن غَواديكا

وَكُلُ طود تَسامى فَهُوَ مُحتقر
إِذا بَدَت وَهَدة مِن نحوِ واديكا

وَكُلُ مَجدٍ فَمِن عَلياغك مُكتسب
وَكُلُ فَخرٍ نَراهُ مِن حَواشيكا

وَما حَكى السَلَف الماضي وَحَدثنا
بِهِ مِن الفَضل بَعضٌ مِن مَعاليكا

تَعنو لِعفتك الزهاد مذعنة
وَيَحسد الفَلك الأَعلى مَعانيكا

يابنَ الحُسام الَّذي لِلدين نَصرتهُ
أَنتَ المُفدى فَكُلُ الناس تَفديكا

أَعيادُنا كُلَها يَوم نَراكَ بِهِ
وَلَيلة القَدر وَقت مِن لَياليكا


الامير منجك باشا

الحمدان
08-03-2024, 05:48 PM
لِذ بِمَولى مَن رامَ فَضلَ نَوالِه
أَثمَرَت بِالغِنى رُبى آمالِه

كَم تَمناهُ مَنصب فَتَغاضى
عَنهُ مُستَغنياً لِفَرط كَمالِه

شَغلتهُ العَلياء عَنهُ إِلى أَن
فَرَّ مِن غَيرِهِ لتحت ظلاله

قَد أَتاهُ مِن غَير وَعد وَوافى
لاثِماً لِلقُبول تُرب نِعالِهِ


الامير منجك باشا

الحمدان
08-03-2024, 05:48 PM
الناسُ أَنتَ وَما بالَغتُ في الكلم
وَالدَهرُ عِندَكَ مَحسوب مِن الخَدَمِ

قَد أَصبَحَت بِكَ دُنيانا عَلى ظَمأً
مِن الأَكارم في رَيٍّ مِن النِعَم

وَبش وَجه زَمان أَنتَ رَونَقَهُ
وَاِعتاضَ حسن شَباب مِنكَ عَن هَرَم

أَعيادُنا بِكَ أَعياد تُضيءُ سَنا
وَنور وَجهِكَ عَنا كاشف الظُلم

وَمَدح غَيرك خَسران لِسامِعِهِ
فَهُوَ الدويُّ الَّذي يَفضي إِلى الصَمم

يابن الحُسام المُرجى في شَدائِدُنا
وَالمُسبغ النعم العُظمى عَلى الأُمم

صَنائع لَكَ لا زالَت مَواقعها
بَرءاً عَلى سقم المَعروف وَالكَرَم


الامير منجك باشا

الحمدان
08-03-2024, 05:49 PM
جَفَّ رَوضي مِن الحَوادث لَكن
أَصبَحَ الآن مُثمِراً مِن هباتك

كانَ ذِكري مِن أَحمَد الذكر قَد
مات فَأَحييتهُ بِبَعض التفاتك

حَسَناتي كانَت تَرى سَيِئات
فَاِستَحالَت وَتِلكَ مِن حَسَناتك

لابن عَبد العَزيز وَقت تَقضي
وَهُوَ وَقت يعد مِن أَوقاتك

لَو مَسكَت المِرآة يا أَوحديٌّ
لَرَأَيتُ الجَميع في مِرآتك

كُلُ عَضو مِني بِمَدحك مُغرى
مُستَهاماً بِحُسن ذِكر صِفاتك

بِأَبيك الحُسام تَسمَع أُذني
وَكَأَني أَراهُ مِن سَطواتك

قَدَسَ اللَهُ طينَةً أَنتَ مِنها
مَتع اللَهُ خَلقُهُ بِحَياتك


الامير منجك باشا

الحمدان
08-03-2024, 05:49 PM
الناسُ كُلَهُم شِراءُ عَطائِهِ
وَالعيدُ وَالنُوروز مِن آلائِهِ

يَختالُ ذا بِالحلي مِن عَليائِهِ
شَرَفاً وَذا بِالوَشي مِن نَعمائِهِ

قَرَت بِهِ عَين الغَزالة فَاِغتَدَت
مَكحولة في أُفقِها بَضيائِهِ

ما أَنبَتَ الأَدواح بَعد ذُبولِها
إِلّا سُقوط الطَل مِن أَنوائِهِ

سلسالَها وَنَسيمُها مِن لُطفِهِ
وَعَبيرُها مِن بَعض طيب ثَنائِهِ

مَولى أَقل هِباتِهِ الدُنيا فَقُل
ما شِئت في مَعروفِهِ وَسَخائِهِ

عَدلٌ لَهُ ما زالَ يُورق عودَهُ
حَتّى اِستَظَلَّ الأَمن في أَفيائِهِ

غَيثٌ أَغاثَ بِهِ المُهيمن خلقهُ
مُتَفضِلاً وَقَضى لَهُ بِقَضائِهِ

نَجل الَّذي الأَفضال مِن أَلقابِهِ
وَحُسام دين اللَهِ مِن أَسمائِهِ

السَعدُ مِن خدامِهِ وَالعز مِن
أَتباعِهِ وَالمَجدُ مِن نَدمائِهِ

تَسعى المَواسم كُلَها لِركابِهِ
إِذ لا بَهاءَ لَها بِغَير بَهائِهِ


الامير منجك باشا

الحمدان
08-03-2024, 05:50 PM
مَدحي لِغَيرك في الوَرى تَقليدُ
هُوَ صورة وَجَنابك المَقصودُ

ظَمأي أَراني الناس ماءً سُغتَهُ
غَصصاً هِيَ التَكدبر وَالتَنكيدُ

وَغَدَوتُ أَستَسقي سَحاباً غَيثهُ
لا كانَ ذاكَ بَوارق وَرُعودُ

تَسبي خُدود الغَيد مَفقود الحجى
بِدَم يَجول وَإِسمَهُ تَوريدُ

لَكنَّ عُذري عِندَ غَيرك وَاضِحٌ
إِذ كانَ باب جئتُهُ مَسدودُ

يا بن الحُسام المُنتَضى قُم فَاِنتَصر
لا سَير بَينَ أَثقَلتُهُ قُيودُ

وَافيتُ سَدتك الَّتي مِن أُمِها
أَضحى يَقبَل راحَتيهِ الجود

كَم صُغت فيكَ مِن القَريض فَرائِداً
هِيَ في نُحور المُكرَمات عُقودُ

وَبِها فَخاري حَيثُ وَصفك ضِمنَها
وَيَبيت لِلعيوق وَهُوَ حَسودُ


الامير منجك باشا

الحمدان
08-03-2024, 05:50 PM
لِعُمرك ما الدُنيا العَريضة بِالدُنيا
إِذا ما نَأَت عَنكَ المُهفهفة اللميا

مُحَجَبة قَد أَقسَم البيض وَالقَنا
بِأَلحاظِها أَن لا تَزور وَلا رُؤيا

مرنحة الأَعطاف رَيمية الطَلا
فَما عَرفت قُلباً وَلا اِتَخَذت حليا

تَراءَت وَما بِالبَدر مِنها مُشابه
وَلا بِظبا الجَرعا وَلا البانة الريا

تَسائلني مَن أَنت وَهِيَ عَليمة
فَقُلت لَها مَيت يُعدّ مِن الأَحيا

فَقالَت وَمَن أَفتى بِهَذا وَما الَّذي
دَهاكَ وَما غادَرت في حُبِنا نَسيا

فَقُلت بَياض تَحتَ مسود سالف
لِقَتلي في دين الغَرام هُما الفُتيا

فَقالَت صهٍ مِن ذا مِن الضَيم يَشتَكي
وَقَد مَلأَ الدُنيا بِمَعروفِهِ يَحيى

أَتَمَّ وُلاة الحَق عِلماً وَهمة
وَأَشرَف مَن دانَت لِهِمَتِهِ العُليا

وَأَطوَلَهُم باعاً وَأَكمَلَهُم حجاً
وَأَنفَذَهُم قَولاً وَأَثقَبَهُم رَأَيا

فَما الرَوضة الزَهراءُ يَعبقَق نَشرَها
بِأَطيَب يَوماً مِن خَلائِقِهِ رَيا

وَلا المُزنة الوَطفاءُ تَهمي جُفونَها
بِأَغدَق مِن جَدوى أَنامِله سَقيا

فَلو أَن أُم الدَهر رامَت مُشابِهاً
لَهُ لَم تَلد إِلّا الخَسارة وَالأَعيا

فَيا مَن بِماضي الحَزم أَودى مظالِماً
وَأَورى زِناد العَزم في جلق وَرَيا

لَكَ اللَهُ أَرشدت الزَمان إِلى الهُدى
وَأَخمَدَت بِالعَدل الضَلالة وَالغَيا

جَزاكَ الَّذي اِسترعاكَ أَمر عِبادِهِ
بِنجلين نالا في الوَرى الغاية القُصيا

هُما غُصنا دَوح لِلمَآثر وَالنَدى
وَنِجما سَماء العِزّ بَل زَهرةُ الدُنيا

كَريمان مِن قَبل الفِطام تَحالَفا
عَلى أَن يَمُدا لِلسَخاءِ مَعاً يَديا

وَلا اِتَخَذا إِلّا الفَخار تَميمةً
وَلا اِرتَضعا إِلّا العُلى لَهُما ثَديا

وَدُونَكها مِن نَسج فكري حلة
مُنَمقة بِالحَمد قَد حسنت وَشيا

تَضوع مِن أَردانِها نفحة الثَنا
فَلو نَفَحت مَيتاً لَعادَ بِها حَيا

تَناهَبت الأَلحاظ حُسن اِنتِظامِها
وَقَد حَفت الأَسماع مِن لَفظِها الأَريا

أَلَذ مِن الماء القِراح عَلى الصَدا
وَأَعذَب مِن عَتب الحَبيب لَدى اللُقيا


الامير منجك باشا

الحمدان
08-03-2024, 05:50 PM
واهاً لِموقفنا بِبرقة تَهمدِ
بَينَ النَواهد وَالحسان الخُردِ

مِن كُل مخطفة الحَشا رَعبوبة
تَزري بِخوط البانة المتاوّد

طارَحتَها العُتبى وَقَد خاطَ الكَرى
جفنَ الحَوادث وَالزَمان الأَنكَدِ

وَاللَيل قَد رَقَت حَواشي بَردهُ
وَالوَقت صافي العَيش عَذب المورد

وَالزَهر في أُفق السَماءِ كَأَنَّها
عقد تَبَدد في فِراش زَبَرجَد

حَتّى اِنجَلى فَلق الصَباح وَراعَها
نَظر الوشاة تَزَحزحت عَن مَرقَد

فَطفقت أَسفح لِلتَنائي عبرة
كَالغَيث بَل كَنوال راحة أَسعَد

هُوَ بَهجة الدُنيا وَفَرقَدَها الَّذي
بِسَناهُ أَرباب البَصائر تَهتَدي

بِوجودِهِ شادَ المُهَيمن شَرعُهُ
وَبِهِ أَعَزَ اللَهُ دين مُحَمَد

لِلّهِ مِنكَ مَملَك فرع العُلا
فَاِنحَطَ عَن علياهُ كُل مسود

مُتفرد في العالَمين بِهمة
عُلوية آثارَها لَم تَجحد

وَبَداهة بِفَراسة عمريةٍ
حَتّى يَكاد يَقول عَمّا في غَد

في بَعض أَيرذَرَّةٍ مِن مَجدِهِ
يَومَ المَفاخر رَغمُ أَنف الحَسَد

وَكَأَنَّما الأَفلاك طوع يَمينهِ
كَالعيد ممتثِلاً لِأَمر السَيد

فَنحوس أَنجمها نَصيب عداتِهِ
وَسُعودِها أَبَداً لَهُ مُلك اليَد

يا أَيُّها المَولى الَّذي لِجَنابِهِ
جابَت أُولو الأَلباب عَرض الفَرقَد

عَمَت فَوائضك البَرية فَاِنثَنَت
طَوع العنان لَرائح وَلَمُغتَدي

لِي مِن مَنيع حِماك أَمضى صَعدة
وَأَتَم سابغة وَخَير مُهَنَد

لا تَنسَ عَبداً قَد رَماهُ دَهرَهُ
بِحَوادث لا تَنقَضي بِتَعَدُد

وَأَنا الَّذي أَلقا بِبابك رحلهُ
يَبغي النَجاح وَأَنتَ أَعظَم مَقصَد

وَأَجادَ فيكَ الشعر يَقطر حُسنَهُ
مِن كُل عقد بِالنُجوم منضد

مالي سِوى دَعوات قَلبٍ خاشع
وَبَليغ شعر بِالثَناءِ مشيد


الامير منجك باشا

الحمدان
08-03-2024, 05:51 PM
يعد عَليَّ أَنفاسي ذُنوباً
إِذا ما قُلت أَفديهِ حَبيبا

وَأَبعد ما يَكون الود مِنهُ
إِذا ما باتَ مِن أَمَلي قَريبا

حَبيب كُلَّما يَلقاهُ صَبٌّ
يَصير عَلَيهِ مَن يَهوى رَقيبا

يَعاف مَنازل العُشاق كَبراً
وَلَو فَرشت مَسالكها قُلوبا

فَلو حَمل النَسيم إِلَيهِ مِني
سَلاماً راحَ يَمنَعَهُ هُبوبا

أَغار عَلى الجَفا مِنهُ لِغَيري
فَلَيتَ جَفاهُ أَضحى لي نَصيبا

وَأَعشَق أَعيُن الرقباءَ فيهِ
وَلَو مَلَئت عُيونَهُم عُيوبا

لَقَد أَخَذَ الهَوى بِزِمام قَلبي
وَصَير دَمع أَجفاني صَبيبا

وَما أَملت في أَهلي نَصيراً
فَكَيفَ الآن أَطلبهُ غَريبا

وَأَقصِد أَن يَعيد رُوا شَبابي
زَمان غادر الولدان شِيبا

وَما خَفيت عَلَيَّ الناس حَتّى
أَروم اليَوم مِن رَخم حَليبا

أَذا ظَنَ الذُباب خَشيتُ مِنهُ
لِفَقد مُساعِدي يُلفى مُجيبا

وَهب أَني حَكيت الشاة ضُعفاً
فَما لي أَحسَب السُنور ذِيبا

عَسى يَوماً يَراش جَناح حَظي
فَأَغدو قاصِداً شَهماً وَهوبا

عَزيزاً مُستَفاداً مِن عَزيز
كَوَرد أَكسب الأَيام طيبا

لَئِن سَعدت وَلَو في النَوم عَيني
بِرُؤياهُ لِتلكَ العَين طُوبى

وَإِن ضَنَ السَحاب فَلا أُبالي
وَفَيض نَداهُ قَد أَضحى سَكوبا

وَهَل أَبغي وَفي النادي سَناهُ
طُلوع الشَمس أَو أَخشى المَغيبا

ظَفرت بِمَدحِهِ فَعَلَوت قَدراً
وَسَماني الزَمان بِهِ أَديبا

وَغادر رَوض أَفكاري جَنيّاً
وَصَبر غُصن آمالي رَطيبا

إِذا تُلِيَت مَآثرهُ بِأَرض
غَدا الفلك المُدار بِها طَروبا


الامير منجك باشا

الحمدان
08-03-2024, 05:51 PM
لَو كُنتَ أَطمَع بِالمَنام تَوهما
لَسالَت طَيفكَ أَن يَزور تَكَرما

حاشا صُدودك أَن تَذم فَإِنَّها
تَحلو لَدَيَّ وَإِن أُسيغَت عَلقَما

فَاِهجُر فَهَجرك لي التِفات مَودة
أَلقاهُ مِنكَ تَحنناً وَتَرَحُما

عَذب فُوادي بِالَّذي تَختارَهُ
لَو كُنتُ مَنسيّاً تَرَكتُ وَإِنَّما

لَو لَم تَكُن بِغُبار طَرفِكَ كَحلت
عَين الغَزالة صَدّها وَجه الدُما

عَيدي لِفَقدِكَ مَأَتم لَو صافَحت
فيهِ المَسَرة خاطِري لَتَأَلَما

هاتَ إِسقِني كَأس المَلامة عاذِلي
وَأدر عَليَّ حَديثُهُ مُتَرَنِما

فَإِذا ذَكرت ليَ الحَبيب يَكادُ مِن
طَربي يَقبل مَسمَعي مِنكَ الفَما

إِني لَأَعشَقُ في هَواهُ عَواذِلي
شَغَفاً بِهِ وَأَود فيهِ اللُوَّما

سَرق الرَسول بَلَحظِهِ مِن وَجهِهِ
حُسناً أَبى عَن ناظِري أَن يَكتما

دَعني أُسامر هَجرَهُ في خُلوة
فَكَفى لِمِثلي أَن يَراني مَحرَما

بَدرٌ مِن الأَتراك لَما أَن بَدا
تَرك البُدور تَرى لِعَينِكَ أَنجُما

تَسقي لَواحِظُهُ العُقول مُدامة
الصَحو مِنها لا يَزالُ محرّما

لَو بِتُ أَشكو ظُلمُهُ لَشَكَوتُهُ
لِمَليك هَذا الدَهر أَسما مَن سَما

مَلك مِن الإِيمان جَرد صارِماً
بِالحَق حَتّى الكُفر أَصبَحَ مُسلِما

قَد جَهَز السُفن الَّتي صادَمَت
رَضوى بِأَيسر لَمحة لِتهدَّما

وَتُلهب البَحر الخِضَم مَهابَةً
مِنهُ فَظَنَتهُ كَريتُ جَهَنَما

لَو شاهَدَ المَطرود سَطوةَ باسِهِ
في صُلبِ آدم لِلسُجود تَقَدَما

العَدل أَخرسَ كانَ قَبل زَمانِهِ
أَذنت لَهُ الأَيام أَن يَتَكَلَّما

يَذَر الدُجى بِالبَشر صُبحاً مُشرِقاً
وَالصُبح بِالإِرهاب لَيلاً مُظلِما

لَم تَخط آساد الفَلافي عَهدِهِ
بَينَ الشَقائِقِ خيفة أَن تَتَهما

عقد النثار عَلى العِداة سَحائِباً
لَولا الحَيا لَسقى السَما مِنها دَما

وَدَعَت ظُباهُ الطَيرَ حَتّى أَنَّهُ
قَد يَكادُ يَسقُط فَرحة نسر السَما

لَو يَرتَضي حَمل السِهام لَغارة
لَرَأَيتُهُ اِتَخَذَ الكَواكب أَسهُما

أَو شاءَ أَن يَهب المُلوك لِبَعض ما
في رِقِهِ مُستَحقراً لَتَبَرما

صِحت مِن السقم العُقول بِحِلمِهِ
وَبِظِلِهِ الدين القَويم قَد اِحتَمى

تَب يا زَمان فَإِن ذكرتك عِندَهُ
مِن قَبل أَن يَنهاكَ مُتَّ تَوَهُّما


الامير منجك باشا

الحمدان
08-03-2024, 05:51 PM
العَبد عَبدك يا مَن أَنتَ سَيدهُ
وَلَيسَ غَيركَ في الأَوصابِ يُنجدهُ

أَنتَ الَّذي لِسَبيل الخَير تُرشِدُهُ
مالي سَواكَ رَسول اللَهِ أَقصِدُهُ

وَمِن جَنابِكَ في الدارين مُلتَمسي
لا أَستَعين بِأَنصار وَلا عَدَد

وَلا بِجاه وَلا مال وَلا وَلَد
بَل أَنتَ أَنتَ الرَجا يا خَير مُعتَمَدِ

لَولاكِ ما خُلِقَت روحي وَلا جَسَدي
وَلا حَياتي وَلا نَفسي وَلا نَفسي

أَنت الَّذي حازَ رايات العُلى وَعَلى
مَتن البُراق إِلى السَبع الطِباق عَلا

ما خابَ قاصدك الراجي وَلا خَجَلا
حَططتُ رحل رَجائي في ذُراك فَلا

تَجعَل رَجائي بِمَردود وَمُنعَكِسِ
أَشكو إِلَيكَ تَباريحاً وَفَرط أَسى

مِن اعتِلال ذُنوب حارَ فيهِ أَسا
أَدرك بِلُطفك أَن الصَبر قَد دَرَسا

وَأَمطر عَلَيَّ سجالاً مِن نَداكَ عَسى
يَخضر مِن رَوض حَظي جانب اليَبسِ

آل النَبي خَذوا لي عِندَ جَدِكُم
مَكانة أَحتَمي فيها بِجَدِكُم

قَد لَذَ لي الشُكر في أَوصاف مَجدِكُم
أَوَد عِندَ إِدكاري خَير حَمدَكُم

عَن ذَلِكَ النُطق لَو عَوضت بِالخَرس


الامير منجك باشا

الحمدان
08-03-2024, 05:52 PM
مِن أَي مَولى اِرتَجي
وَلاي باب التَجي

وَاللَهُ حَيٌّ رازِقٌ
يُعطي الجَزيل لمُرتَجي

رَب جَواد لَم يَزَل
مِن كُل ضيقٍ مَخرَجي

إِن رُحت أَرجوغَيرَهُ
خابَ الرواح مَع المَجي

يا عَيس آمالي أَقصدي
باب الكَريم وَعَرجي

وَضَعي رِحالك وَاِرتَعي
فَالأُم حَمل المُزعجِ

وَتَوسَلي بِمُحمدٍ
وَبِآلهِ كَي تَنتجي

الهاشمي المُصطَفى
صج الهُدى المُتَبَلِجِ

وَبِشَيبة الصَديق صاحب
كل فَضل أَبهَجِ

وَالسَيد الفاروق مِن
بِسِوى الهُدى لَم يَلهجِ

وَبصنوه عُثمان ذي
الننورَين أَقوم مَنهَجِ

وَعَليٍّ الكرّار فاتح
كُل باب مُرتجِ

وَبَقية الصَحب الكِرام
أَولي الثَنا المُتَأرجِ

هُم أَبحر الفَضل الَّذينَ
بِغَيرِهُم لَم تُفرجِ

وَكَذا السَفينة إِن نَجَت
فَجَميع مَن فيها نَجي


الامير منجك باشا

الحمدان
08-03-2024, 05:53 PM
أَصبَحَ المُلك لِلَّذي فَطر الخَلقَ
بِتَقديرٍ للعَزيز العَليمِ

غافر الذَنب للمسيءِ بِعَفوٍ
قابل التَوب ذي العَطاء العَميمِ

مُرسل المُصطَفى البَشير إِلَينا
رَحمة مِنهُ بِالكَلام القَديمِ

رَبَنا رَبّنا إِلَيكَ أَنينا
فَأَجرنا مِن حَر نار الجَحيمِ

وَاكفِنا شَرّ ما نَخاف بِلُطفٍ
يا عَظيماً يَرجى لِكُل عَظيمِ

وَتَقبل أَعمالَنا وَاعفُ عَنا
وَأَنلنا دُخول دار النَعيمِ

بِنَبي بَعثَتهُ فَهَدانا
لِصِراط مِن الهُدى مُستَقيمِ

وَبِمَن نَحنُ في حِماهُ مَدى الدَهر
أَخيهِ يَحيى الحصور الكَريمِ

أَدرك أَدرك قَوماً أَتوا بافتقار
وَاِنكِسار وَمَدمَع مَسجومِ

شَهدت أَرواحَهُم أَنكَ اللَهُ
وَجاءوا بِكُل قَلبٍ سَليم


الامير منجك باشا

الحمدان
08-03-2024, 05:53 PM
ما ضَرَّ طَيفُهُم لَو زارَ مشبههُ
ذاكَ الَّذي ملَ مِنهُ اليَوم مَضجعهُ

وَالنَوم أَينَ وَباب الحُزن بَعدَهُم
عَلَيهِ كَف تَمَنى المَوت يَقرَعَهُ

المَوت لي أَطيَب ما يُجتَنى
إِن شَطت الدار وَطالَ الحِجاب

لا يدخل النار أَسير الهَوى
إِذ لا يَرى الجَنة أَهل العَذاب


الامير منجك باشا

الحمدان
08-03-2024, 05:53 PM
إِنعَم بِعَيشك وَاِغنَم ما حَييت بِهِ
فَالطيب يُنبيء عَنهُ حُسن مَخبره

لَم يَدر لذة نَعماهُ الشَحيح كَما
لَم يَدرِ عود نَبات طَعم سُكره


الامير منجك باشا

الحمدان
08-03-2024, 09:17 PM
لقد لامني لما بخلت بخاطري
عليه ولم آمن ضلالته فيه

فقال أتخشى أن يذيع لغفلتي
فقلت أجل قلب المغفّل في فيه


زكي مبارك

الحمدان
08-03-2024, 09:17 PM
وفاءً بعهدي أو تزولا على وعدي
وقفت أحيّى معشري وبني ودّي

وقفت أحيي عصبةً عربيةً
بها نستبين الرشد حقا ونستهدي

فأهلاً بكم في روضة الحب والصفا
وأهلا بكم عند المسرة أو عندي

وهيّجني في الرستمية شاعر
به مثل ما بي من أنين ومن سهد

به من هوى ليلى رسيسٌ من الهوى
وبي لهبٌ لا ينطفى من هوى هند

أماناً لها من داء وجدى فإنني
أخاف عليها أن داء الهوى يعدى

وذكّرني عهد الصبا في نشيده
سلامٌ على عهد الصبا في ربا نجد

هواه على أجراف دجلة وافدٌ
وأما هوى قلبي فللنيل والوفد

فلا تحسبوه شاردن الذهن وحده
ولا تحسبوني سادراً في الهوى وحدي

شهيدان هذا للترائي عينهُ
وآخر مطلولُ الوريد على الزند

قتيلان إما من لقاء مفاجئ
أتيح وإما من لقاء على وعد

فإما قتيلٌ من جنى الشهد يشتكى
وإما صريع يشتكى من جنى الورد

صريع الغواني لا تلمني فإنني
صريع أغاني أم كلثوم لا دعد

سلامٌ على تلك الأغاريد إنها
أغاريد من وحي الصبابة والوجد


زكي مبارك

الحمدان
08-03-2024, 09:18 PM
خلعتُ عليكم خلعة الحب حقبةً
وقلبى بأثواب الهوى يتصدّق

وقد خاب ظني في هواكم فليتني
لخلعة أشواقي عليكم أمزّق

أساطيرُ من حب تهاوت نجومهُ
فأصبح تاريخاً على الوهم يعشق

ولو أنكم متم لهانت فجيعتي
وكنت عليكم من أذى اللوم أشفق

ولكنكم في العائشين وحسنكم
يعيش بمصقول الخداع ويرزق

كفرت بروحي يوم همت بحسنكم
فحسنكم اللماح حسن مزوّق

تزاويق صغتم من سداها حبالةً
بأمراسها الصب المتيّم يشنَق

أمن خطواتٍ بين داري وداركم
أبلغ فيها الرمز حين أصفّق

ترون بأن البعد اصبح شاسعاً
وأن مجال اللوم في الهجر ضيّق

بخمسة أرقام تدار دعابة
يراكم حبيب هائم الروح شيّق

إذا صلصل الهتاف قلت لعلهم
إلى سمع صوتي بالغرام تشوقوا

فيسمعني الهتاف ما لا أريده
خومٌ بأصوات الكراهة تزعق

وما يصنع الهتاف والكون غابةٌ
بها الليث يضوى والحمام يطوّق

تعالوا أعينوني على وأد فتنةٍ
يمزق روحي ظلمها ويشقّق

إذا لم تغيثوني فإني لذاهبٌ
إلى أبدٍ فيه لمن ضميمَ موثق

تطول الليالي هل تطول فما رأى
بأني لشيءٍ بعدكم أتشوق

غرائبُ من دنيا الغرام رأيتها
فأنكرتها والقلب بالدم يشرق

وحلوان ما حلوان تلك مدينة
لها بفؤادي في الصبابة جوسَقُ

أقمت بها حيناً فطابت إقامتي
وكدت بأحلامي من الحب أغرق

إذا بلدُ العشّاق خان فإنني
بأمر هواه في الوفاء لمعرق

إذا جزت أشواقي إليه فإنني
أصافح أزهار المعادي وأنشق

أحبّ المعادي أرضها وسماءها
وصحراءها إني عليها لمشفق

يقيم بها جيلٌ من الناس أمرهم
غريبٌ كأمري في الغرام وأخفق

تجاور فيها الخلق من كل ملة
وقد غرّبوا فيما أرادوا وشرّقوا

ألا إنما مصر الجديدة دارنا
نرَدُّ إليها حالمين فنوثق

بها نهضت داري قبالة داركم
فأصبح منكم بالجمال وأغبق

تلوذون بالتاريخ تاريخ صبوتي
وهل يسمع التاريخ يوما فينطق

إذا لحاضر الوهاج خابت ظنونه
فأمر الهوى الماضي حديث ملفق

وما لي وللذكرى أعيش بروحها
ومن جيبها المعمور بالوهم أنفق

إذا ما الهوى قد صار ذكرى فإنني
عليه بأطياف الجوى أتصدّق

فلا تحسبوني سادراً في ضلالةٍ
أغرّبُ فيها تارة وأشرّق

لقد خلت الدنيا خلت من أحبتي
فيا لك من دنيا تضيم وترهق

ومن أنت يا دنيا لحا اللَه زوجة
بأيسر أسباب الخلاف تطلّق

أعندك يا دنيا دواءٌ لعاشق
يرى أن وأد العشق بالحر أليق

أحباء في السراء يرجى وصالهم
فإن غدر الدهر الغدور تفرّقوا

وفيّون في حبي لمالي فإن رأوا
سحابة فقرٍ أسرعوا فتمزقوا

لصحراء يوم البؤس أعددت حبهم
وقد يظمأ النبع الأصيل فيورق

أأسأل عنهم قد سألت فما الذي
أجابوا به إني عليهم لمشفق

سراعٌ إذا النعماء طاب رحيقها
فإن لمحوا ضرى بدهر يتعوّقوا

تعالوا تعالوا ما زماني بغادر
ولا أنا في سعي إلى المجد مخفق

أنا الأسد الضاري الذي تعرفونه
ومن صولتي يعيا الزمان فيحنق

تعالوا تعالوا قبل أن يخمد الجوى
فأنسى وقد أنسيت حبّي فصدّقوا

نسيت الذي قد كان بيني وبينكم
أفي الحق أني كنت أهوى وأعشق

أطابت ليالي العيد حيناً فلم تكن
سوى جمرة للهائم الصب تحرق

على ليلة العيد التي تذكرونها
سلامٌ وإن لم يبق للعيد موثق

لقد طاب ليل العيد ما طاب وانقضت
أحاديث نرويها فنأسى ونُطرق

أكانت لياليى العيد حلماً صنعته
بوهمي فاضحى وهو زورٌ مزوّق

ليالٍ قضيناها وكان يروضها
أزاهيرُ يرويها الغرام يتعبَق

ليالٍ قضيناها وللدهر غفوةٌ
وما كلّ ليل مقلة الدهر تأرق

طربنا وغنّينا وكان غناؤنا
وساوس يحكيها الشراب المروّق

تضجّ بنا النجوى فنخرس صوتها
ويبدو لنا طيف الجمال فنزعق

هتكنا حجاب السر في الحب دونه
نمائمُ بالقول الأثيم تلفّق

وما أثم الواشون هيهات إنهم
بآثامهم فينا أبرّ وأصدق

وما العيدُ عيد الناس فالعيد عيدنا
ونحن عليهم رحمة نتصدق

إذا فاز خلّ من خليل بنظرة
فعن أمرنا في الحب يحيا ويرزق

لقد ضاع ماضيكم لديّ أضعته
بأمري وأمري في الجحودين مطلق

إذا خاب ظني في حبيب هجرته
وأنكرته والغدر بالغدر يرشَق

لقد كذب الماضي ومان فخنتهُ
وصيرتُه أكذوبة تتفيهق

إلى النار صيروا أو على البحر فاذهبوا
فكل غدورٍ محرق أو مغرّق

أمثلى يرى منكم عقوقاً لحبه
وشعري بعد الله للحسن يخلق

سأذكر ليل العيد أني عشقتكم
ولم أك يوما لاعباً يتعشق

سأذكر ليل العيد ما كان من هوىً
نعمنا به والدهر كالصل مطرق

سأذكر ليل النحر والبدر يرتمى
بأمواجه والنور كالزهر يخنق

سأنحر قلبي في غد قد نحرتهُ
فلم يبق لي قلبٌ يميم فيوثق

سلامٌ على قلبي سلامٌ ورحمةٌ
وأنشودةٌ كالزهر أو هي أعبق

وهل كان لي قلبٌ أراجع عهده
وأزعم يوما أنه كان يخفق

وهل كنت أهواكم وأدخل داركم
أشبّب فيها بالجمال وأعشق

لقد تبت تاب القلب إني ذبحته
وصيرته بالدمع والدم يدفُق

إلى أين صرتم هل نزلتم بدارةٍ
لها من سناكم في دجى الليل مشرق

خبلتم فؤادي أو خبلتُ فؤادكم
ألا ليتني من محنتي أتحقق

أأنتم رحلتم عامدين كأنكم
مللتم جواري والملالة تصلق

أحاول نسيان الذي كان بيننا
أحاول أمراً ما أراه يوفق

أأنسى ولن أنسى لياليَ أُنسكم
وأنتم بقلب الصب أدنى وألصق

أعود إلى الذكرى أعود فإنها
بقية ما أبقى الفراق المفرّق

ستذهب أيام طوال وينقضى
زمان وقلبي من هواكم ممزّق

تنامون عني يغضب الحب غضبةً
عليكم وسهم الحب أمضى وأمرق

بكيت بقلبي لا بدمعي من النوى
وفي جوف قلبي جمرة تترقرق

تنامون عني كيف طاب نعاسكم
أجيبوا فإني لا أكاد أصدّق

تظنون أني سوف أبكي ودادكم
كما كنت أبكي والهوى البكر محرِق

تظنون والظنّ الأثيمُ ضلالةٌ
بأني بما أسرفت في الصدق أحمق

ألم تعلموا أني أريد خداعكم
خذوا الدرس عني إنني أتحمّق

سأسهر ليل العيد وحدي لعلني
أصدق أني من جوي الوجد معتق

سأنسى سأنسى قد نسيت صبابتي
وطلّقتها والعزم كالسهم يمرق

لمن أمركم بعدي وأين زمامكم
أضعتم زكيّا وهو أحنى وأرفق

إلى اليتم ما صرتم إليه بجهلكم
فذوقوا عذاب اليتم أو فتذوقوا

قتالُ الجمال السهل رأيٌ رأيتهُ
وأبصرتهُ إني امرؤ يتحقق

ستقضون ليل العيد في عضّ كربة
إذا بسمَت كانت جحيماً يطقطق

خذوا ليلة العيد الجديد بصرخة
يكاد لها غافٍ من الدهر ينطق

خذوها خذوها واشربوها صريحة
هي الدهر صرفاً وهي أدهى وأوبق

خذوا ليلة العيد السعيد بحسرة
تكاد بها الشم الشواهق تصعَقُ

خذوها خذوها إنني لا أريدها
وإن كان قلبي بالتوله يشمق

تظنون أني سوف أذكر عهدكم
وأحرم من طيب المنام وآرق

بهذا الخيال الحلو ضاعت حلومكم
لكل خيالٍ كاذب الوهم خيفق

أعاتبكم هيهات ما أنا عاتبٌ
ولا أنا بالحب الكذوب مصدّق

أعاتبكم من ذا أعاتب إنني
لأجهل من بالحب والعتب أرشق

أراجع أحلامي فأنسى عهودها
إلى بهرة النسيان سهمى يفوّق

فلا تسكتوا عني فما لي إطاقة
على لجة في مائها المر أغرق

تعالوا تعالوا إنني في بليةٍ
أكاد بها من رجفة الهول أصعق

يحاول أو شابٌ من الخلق صحبتي
ولى مهجة كالماس بالختل تسرَق

إلى أين صرتم آه إني أبحكم
ومن صدكم عني أخاف وأفرق

تعينون أيامي عليّ بصدكم
عفا الحب عنكم وهو بالحسن يرفق


زكي مبارك

الحمدان
08-03-2024, 09:19 PM
أيها الظالم الجميل سلامٌ
من أسيرٍ قيّدتهُ بجفاكا

كيف أصليتني من الهجر ناراً
وحرمت العيون من أن تراكا

ليت من شاء أن يطول أسانا
في سبيل الهوى أطال أساكا

سوف أنجو من الغرام وأغدو
مطلق النفس من قيود هواكا

فاسقني المرّ من صدودك واحكم
جائرَ الحكم في ظلالِ صباكا


زكي مبارك

الحمدان
08-03-2024, 09:20 PM
حسِبتُم هذه الدنيا
تضيق برحبها عنا

فصرتم كلما جئنا
نفرتم جهرةً منا

أسأتم إذ تبرّمتم
بهذا المغرم المضنى

وجرتم حين غيّرتم
بصدق ولائهِ الظنا

ولو أنصفتمو قلتم
أديبٌ يعبدُ الحسنا


زكي مبارك

الحمدان
08-03-2024, 09:20 PM
ولما صار ود الناس ختلاً
وأوحش ربعهم من بعد أنس

ولم أظفر على جهدي بحُرّ
تركت هواهمُ وصحبتُ نفسي


زكي مبارك

الحمدان
08-03-2024, 09:20 PM
هو الليل ما لليل من صبوةٍ بدّ
ولا لشجون الليل عن مهجتي ردّ

توهجت الحمّى وثار شرارها
وفي أضلع المحموم من نارها وقد

أصابرها حيناً وحينا أصدّها
بعزمة مشبوب الفؤاد فتنصدّ

تعجبت للحمّى تزور جوانحي
وليس لها عندي إذا وفدت ورد

أتأكل نارا وهي نار ولم تكن
بأخطر مني حين تطغى وتشتدّ

إلى مهدك المشئوم عودي ذميمة
فما لك في بيتي على رحبه مهد

أتمسى ضلوعي طعمة لغريمة
طفيلية يضرى بها الأسد الورد

وهل مات بالحمى الغضنفر مرة
وفي كل يوم من لظاها له عهد

توقد عينيه لهول أوارها
فتنفر خوفا من أذاه وترتد

خذي الدرس يا حمّى خذيه وأقلعي
ولا ترجعي إني إذا عدت قد أعدو

سأعدو وللعدوان مني عواقبٌ
يصاولها الحصن الأشمّ فينهدّ


زكي مبارك

الحمدان
08-03-2024, 09:21 PM
وصحب من البيض الثياب تطلّبوا
ودادى فلم يهمم بطردهمو مجدي

منحتهمو ودي فلما تملكوا
فؤادي هفوا هفو الذباب على الشهد

فما تركوا وفراً لديّ لمعتفٍ
يصان به عرضي ويورى به زندي

فلما تولّوا بالتليد وأبصروا
فتى الجود مثل السيف سل من الغمد

أباحوا حمى لا يقبل الضيم ربه
وتخشاه يوم الردع صائلة الأسد

لعمري لئن ولوا بوفري فاغتدوا
بطاناً وخانوا من سفاهتهم عهدي

لقد خدعوا شهماً يغرُّ على الندى
فيسخو بلا منّ ويعطى بلا وعد


زكي مبارك

الحمدان
08-03-2024, 09:21 PM
بروقٌ وأمطار فيا هول ما أرى
لقد جُنَّ هذا الكون من رؤيتي وحدي

أنيران قلبي تجعل الكون دمعة
تحول بها عيناي سهدا على سهد

ثعابين أرآها فماذا تريدهُ
وأشبال اساد فررن من المهد

فيا رب أنت اللَه جل ثناؤه
وأنت مجير الشوك من نفحة الورد

أجر هذه الدنيا بلطفك رحمة
بقوم سيلقون المكارة من بعدي

أمكةُ هل ذنبٌ إليك جنيتهُ
سوى الحب من قلب تجسّم في دمعي

أطوف به اسوان جذلان صادياً
واسقى ديار الحب ربعا إلى ربع

إذا طغت الريح العصوف زجرتها
فما ثمّ صوتٌ غير صوتك في سمعي

عليك سلام الحب يا خير دارةٍ
ولا تجزعي إن الفراق إلى رجع

فإن أنا لم أرجع إليك فإنني
سألقاك يوم الحشر في ذلك الجمع


زكي مبارك

الحمدان
08-03-2024, 09:21 PM
أهاجر وحدي آه كيف أهاجر
وأترك أصحابي وفيهم قساور

سأتركهم عمدا إلى اللَه وحده
وما أنا في هذا بعهدي غادر

هو اللَه إن الله يحفظ عهده
ويحرس في عهد الهدى من يصابر

إليكم تركت البيت نهبا لطغمة
صغيرهمو عند الضغينة كابر

ولكنهم في جمعهم وجموعهم
إذا قاتلوا وحي السماء أصاغر

خذوهم برفق لا تهينوا عصابة
لهم بيننا يوم الفخار أواصر

إذا ما اشتبكنا والسيوفُ حواكم
تقارب مأسور لدينا وآسر

برئت من الإسلام إن كنت أرتضى
إهانة مقهور يلاقية قاهر

دمٌ لا دمٌ لا سيف إني لهاجرٌ
بلادي إلى أن تستفيق من الشرك

تقدّم أصحابي يريدون قتلها
وتقتيلها والثأر يؤخذ بالسفك

فقلت لهم لا تزهقوها بعدلكم
فإن اتهام الأبرياء من الإفك

جدودٌ لنا كانوا يرون بفهمهم
بأن هوى الأوثان باب من النسك

زكي مبارك

الحمدان
08-03-2024, 09:22 PM
أقريبٌ أنت مني أم بعيد
أيها الجائدُ بالحب السعيد

أنت يا يوم إذا أقبلت عيد
يقبل القلب عليه من جديد

ظمئت روحي إلى ورد صفاك
ظمئت عيني إلى نور سناك

فاقترب اسرع فقد طال نواك
واستطار القلب حبّا في لقاك

يا غرامي إنه يوم الخميس
وهو في أيامنا البيض عروس

تتجلّى في بدور وشموس
وأزاهير من الروح الأنيس

إن تغب عني فهذى صورتك
تؤنس الروح وهذي طلعتك

محنتي إن غبت عني محنتك
وشقائي بالتجافي شقوتك

أنظرُ الصورة أستهدى رضاك
عن فؤاد يتنزّى من جفاك

وأناجي طيفك الثاوى هناك
فكأني حين أراه أراك

والخطابُ العذب ما هذا الخطاب
إنه اللوعة والوجد المذاب

كل سطر فيه صدرٌ من كعاب
أمره في فتنة الصب مجاب

نحن في يوليو وأحلام التصابى
واعداتٌ بنعيميى وعذاب

إن تكن أنت على الشوق ثوابي
كان بذل الروح في الحب جوابي

هذه الأشجارُ في هذي الحديقة
أصبحت من صدك الجاني حريقه

إن تعد عادت من الوصل وريقه
تونق العين بأزهار أنيقه

ليت أيامك يا بدر تعود
إنها أيامُ أنس وسعود

كل ما فيها جديد في جديد
وشرودٌ في التصابي وشرود

نقطع الليل عتاباً في عتاب
هو أحلى من أفاويق الرضاب

ولقلبينا سؤالٌ وجواب
لا تقل إنّا مع العتب غضاب

هذه الدنيا وما تحوى هباء
إن خلت من صفو أيام الصفاء

أنت من أهوى وإن طال الجفاء
كلّنا يا روح في الوجد سواء

يا جمالاً هو آياتُ الجمال
إن هجراً أنت تعنيه وصال

إن إسرافك في الهجر دلال
وهو في شرعيّة الحب حلال

مرّت الساعات والروح النبيل
يرقب النور من الروح الجميل

لا تقل إن انتظاري سيطول
أنا من خلفك للوعد عليل

أنا في دنياي بالوجد غريب
ما له في هذه الدنيا قريب

كل أيامي كروبٌ في كروب
وأعاصير من القلب الطروب

عائدٌ أنت لرمل اسكندرية
بأزاهير من الحسن جنيّه

وأغاريد من الوجد شجيّه
حين يطغى الموج في وقت العشيّه


زكي مبارك

الحمدان
08-03-2024, 09:22 PM
وأقسم ما قدّمتُ إلا أضالعي
يمزّقها حزني وينثُرها وجدي

فلا تحسبيني بعد أن خانك البلى
تخوّنت ما بيني وبينك من عهد


زكي مبارك

الحمدان
08-03-2024, 09:22 PM
جنَت عليّ الليالي غير ظالمةٍ
إني لأهلٌ لما ألقاه من زمني

فما رأيت من الأخطار عادية
إلا بنيتُ على أجوازها سكنى

ولا لمحتُ من الآمالِ بارقةً
إلا تقحّمتُ ما تجتاز من قُنَن

أحلتُ دنياي معنى لا قرار له
في ذمة المجد ما شرّدتُ من وسن


زكي مبارك

الحمدان
08-03-2024, 09:23 PM
أتبكي ماهراً وبه تراخت
إليك أعنّة الحكم الجموح

بكيت عليه من قلب طروب
بحفظ العهد للماضي شحيح

وما ذرفت عيونك قط دمعاً
على وطن بدولتكم جريح

جنودٌ من شباب المجد هاموا
هيام اللفظ بالمعنى الصحيح

فكان جزاؤهم طعنا وقتلاً
وتشريداً بأودية الجروح

أدولتكم تدوم وأنت فيها
قذاة العين في الوجه المليح

شباب لم ير البوليس فيهم
شباب المجد من عقل وروح

فطاردهم وأسرف في أذاهم
بأسلحةٍ من البغي القبيح

مئاتٌ من شباب المجد طاحوا
ألا إن العواقب للمطيح

في خاطر الوطن الغالي وذمّته
نواشيء في ثراه البكر أشبالُ

صاروا إلى حفرات سوف يجهلها
بعد الأسابيع أعمام وأخوال

لا باس لا باس إن المجد صورته
في أنفس الصيد أخطارٌ وأهوال

يا ذاهبين ولم اشهد جنازتهم
والدمع في القلب دفّاقٌ وهطّال

لا تحسبوا أنكم متّم فما خلقت
للموت روح بها الأمجاد تختال

يا زاحفين على الشبان في صلف
كأنكم في شعاب الحرب فرسان

بأمر من أعملت فيهم قواذفكم
وضارب الأخ للأرحام يختان

بإمر من صوّبت بغيا وموجدةً
إلى صدور الشباب الغض نيران

طرتم إليهم سراعاً في بواكركم
والسيف في يدكم جوعان ظمآن

عادوا وعدتم إلى دار تئن لكم
وحلقها بالشجا المكتوم غصّان

بوليس مصر شباب طامحون لهم
في غير هذا الطريق السهل ميدان

لا تقهروهم على تقتيل إخوتهم
فالربح في هذه الساحات خسران


زكي مبارك

الحمدان
08-03-2024, 09:23 PM
زمان الصبا هلّا عن الغيّ ناهيا
فترحلُ محمودا وتحمد ثاويا

صرفت نفوس الناشئين عن العلا
واوردتهم يمّا من الجهل طاميا

لقد كنت عهد الجد لو أبصر الفتى
فودع ريّاه وأصبح ساليا

ومن لم ينل عند الشبيبة حظه
من المجد لم يخضع له المجد ثانيا


زكي مبارك

الحمدان
08-03-2024, 09:23 PM
مصائبُ أشتاتٌ ينلن من الحشا
منال الرياح السافيات من الصخر

وما قد قسا قلبي ولكن همتي
تعالت فلم تعبأ بغطرسة الدهر

فلا تحسبوا أن الزمان وإن عتا
سيحملني يوما على مركب وعر

أبى لي احتمال الضيم نفس أبيةٌ
لها ما لهذا الدهر من عنت الجور

فلا حمدت مسعاي آل مبارك
إذا لم أبت أعداء مصر على جمر

لعمر الليالي الدهم وهي شواهدٌ
ببأسى الذي أودى بما جئن من ذعر

لئن لم بين طوعا عن النيل غاصبٌ
نرى لبثه فينا اضر من الكفر

لأستمطرنّ الشعب سخطا ونقمة
على ما جنت يمناه في مصر من نكر

فيغضب مغوار ويعبس فاتك
ويفزع موتور إلى سفه الشر

ويمسى رجال النيل أسداً غواضباً
تخايل في بردٍ من الفتك والزأر

لقد خاب ظن القوم إن كان غرهم
جنوح البحور الطاغيات إلى الجزر

فقد تزفر الآساد وهي روابض
كما يزفر الماء المحجّب في القدر

الم يأتهم أن النجوم إذا هوت
تصير رجوماً لا تنهنه بالزجر

أبى الله أن نفنى وفينا بقية
يعزّ عليها أن نصفّد بالأسر

فكيف يسام الخسف شعب معزّر
له ما لأهل الغرب إن هبّ من أزر

فكفّوا بنى التاميز عن نهب أنفس
تحاول أن تحيا مع الأنجم الزهرِ


زكي مبارك

الحمدان
08-03-2024, 09:24 PM
لم تنسني فتنةُ الدنيا وزينتها
ما في شمائلك الغراء من فتن

أطوفُ بالحسن تصبيني بدائعهُ
كما يطوف معنّى القلب بالدمن

فلا تثير مغانيه ونضرتهُ
في ظل ذكراك غير الهم والحزن

آمنتُ بالحب لولا أنت ما جمحت
منى الضلوع إلى أهلٍ ولا وطن

يا من تحيّرتُ لا أدرى أيسعدني
غرامهُ أم هواهُ محنةُ المحن

ما ضرّ لو نعمت عيناي أو شقيت
قبل الفراق بمرأى وجهك الحسن

لولا مثالك في باريس ألمحهُ
في طلعة البدر أو في نضرة الفنَن

ما صافح النوم أجفاني ولا احتملت
جوانحي ما أثار البن من شجن

جَنت عليّ الليالي غير ظالمةٍ
إني لأهلٌ لما ألقاه من زمني

فما رأيت من الأخطار عادية
إلا بنيتُ على أجوازها سكنى

ولا لمحتُ من الآمالِ بارقةً
إلا تقحّمتُ ما تجتاز من قُنَن

أحلتُ دنياي معنى لا قرار له
في ذمة المجد ما شرّدتُ من وسن


زكي مبارك

الحمدان
08-03-2024, 09:24 PM
بقيةٌ من صباك الغضّ باقيةٌ
وجذوةٌ من غرامي وقدها باقي

تعال نحيي شهيد اللهو ثانية
ونصرع الهمّ بين الكأس والساقي


زكي مبارك
مصر

الحمدان
08-03-2024, 09:24 PM
رأيتُ ومن يعش ما عشت يشهد
خطوباً في عواقبها خطوبُ

رأيتُ النيل في هوج مخيف
تراع به المشاعر والقلوب

هديرٌ مزعج الصرخات ماض
إلى ما لا يرام ولا يطيب

يبيت الناس في جزع وخوف
سهارى ما تقر لهم جنوب

إذا سمعوا بوهم الوهم صوتا
تحيّر في قلوبهم الوجيب

فيا حابي أجبني أنت حابي
وأنت اليوم يا حابي شعوب

غدوت اليوم يا نهراً حبيباً
وما لك في مدائنا حبيب

يقول القائلون ولستُ منهم
بأنك فاتك الأنياب ذيب

تصول ولست في حاج لزاد
لئيم الطبع ليس له قريب

إلهاً كنت يا حابي قديماً
عظيم القدر ليس له ضريب

إلها ينثر الخيرات نثراً
تطيب به الفواكه والحبوب

فراعن جاهلون رأوك ربا
كريما لا يثاب وقد يثيب

لقد كذبوا على الأقدار جهلا
ألا إن الجهول هو الكذوب

ومن فرعون ما جدوى ثناه
على نهر محاسنه عيوب

يشح إذا رنا الوادي إليه
ويخنس لا يصيخ ولا يجيب

وحين يرى غنانا عن نداه
تضيق به الشوارع والدروب

أنهرٌ أنت أم خودٌ كعاب
وقاح الدل كاذبةٌ لعوب

لمن هذي الصواريخ المواضى
بصدر الجو مرماها عزيب

ولاة الأمر منطقهم عجيب
وهل في مصر يا قومي عجيب

أنهرٌ يأكل الخيرات أكلا
يقوم لمدحه ليلا خطيب

وقاضي الشرع يحضر في يديه
كتاب خطّه خطّ غريب

يرتل حجة لم يبق منها
سوى سطرين من قدم تذوب

خرافات سخيفات وعهد
من الأوهام مرتعه خصيب

بهذا العام يسقط كل حق
يقال له الخراج أو الضريب

طغى فالفلك تعثر في خطاها
وتمضى لا تعود ولا تؤوب

وكانت قبل هذا اليوم فلكا
تجوب من الغوارب ما تجوب

بكى عبد القوي غلت دموع
يجود بمثلها رجل أديب

مهندس مصر مكروبٌ حزين
تراجعه الحديث فلا يجيب

أسيت له يطوف بكل أرض
وفي ساقيه من تعب ندوب

تطيب له الخيام يبيت فيها
مبيتاً لا يريح ولا يطيب

طغى النهران في عام وفاضا
جيب يستجيب له حبيب

تراءت دجلة تطغى وتسعى
كما يسعى إلى الموت الطبيب

فثار النيل يسأل ما شجاها
وما عين لأدمعها تثوب

عراقيون في دارات ليلى
لهممن لطف أنفسهم ذنوب

وحسن الحسن في زمن المآسي
جمال نوره نور معيب

بنهر النيل تدهمنا الخطوب
وتشتجر الخفايا والغيوب

حريق في ضمير الماء يذكو
كما يذكو بأدمعنا اللهيب

حرائقُ من أمانات لطاف
وفي الكافور إن يحرق طيوب

غرائق نحن لا أهلا وسهلا
بعهد كل جدواه لؤوب

أفض يا نيل واسترفد صباحا
يؤمل حظه ذاك الغروب

أفض أغرق مزارعنا جميعا
فقد أعيت وأضناها اللغوب

ودع ما في بلادك من مآس
بهن الطفل من جزع يشيب

خلائق ضاحكون مع الليالي
ولو عقلوا لهدّهم النحيب

يغنّى الراد في مسي وصبح
غناء ذاك أم هذا نعيب

وصام الناس من جوع وصاموا
صيام الذئب تحبسه اللصوب

نناديهم فلا نلقى جوابا
نداء الحر ليس له مجيب

ثعالب في سياسيتهم موات
وموت الثعلبان له ضروب

تجلّى بعضهم أو جلنزوه
فأمسى وهو من جهل طروب

إذا فرحوا بنوم الدهر عنهم
فيوم ذهابهم يومٌ قريب

صباحُ العيد صبح غد سلامٌ
على عيد تصوم به القلوب

هو الطوفان يرمى الناس رمياً
فلا نومٌ هناك ولا هبوب

سلوا نوحا إذا شئتم سلوه
يجبكم ذلك الرجل الأريب

سفينته سفينتكم وأنتم
من الأمواج دمعكمو صبيب

تعالى النيل من ملك رحيم
غدا وشعاره الملك الغضوب

أقمتب أرض مصر أروض قلبي
على عيش هو الروض الجديب

أعيش بأرض مصر لأن داري
بها يا رب ما هذى الكروب

أفض يا نيل أغرقهم جميعاً
فما لي في ربوعهمو حبيب

وثبتُ عليهمو بالشعر إني
إذا ما شئت يرطبني الوثوب


زكي مبارك

الحمدان
08-03-2024, 09:25 PM
وقفت أبث الجسر ما بي فلم أكن
سوى نافث في أذن رقطاء صماء

وقفت أرجّيه ولم أدر أنني
أسطر أحلامي على ثبج الماء

إلى أين هذا التبر يجري وحوله
حرائق من أرض على الرى جدباء

أجبني يا صوب الغوادي فإنني
على علتي في الدهر أساء أدواء

تحدرت مختالا فلم تغن أمة
تشهّى لطول الجدب أوشال أنهاء

بكى حولك الماضون دهراً فهل رأوا
لدى موجك الصخاب لحظة إصغاء

تشكى العراق الجدب وارتعت أبتغى
نصيبي فلم أظفر لديك بإرواء

أعندك يا صوب الغوادي تحية
لناس على شطيك ذاوين أنضاء

تروح إلى البحر الأجاج سفاهة
على شوق أهل في العراق أوداء

أبوك السحاب الجود يرتاح جوده
إلى كل أرض في العراقين ميثاء

فعمّن أخذت البخل يا جار فتية
هم الجعفر المنساب في جوف بطحاء

شكا الزهر في شطيك فاخجل ونجّه
من الظمأ الباغي ومن حية الماء

جريت بلا وعي إلى غير غاية
محجلة بين المصاير غراء

فدعني أطل فيك الملام فلم أكن
سوى شاعر للحمد واللوم وشّاء

أأنت الذي يجفو الظماء لينضوى
على لجة في باحة البحر هوجاء

أأنت الذي يسقى البحار وحوله
أزاهير في سهل يفديه مظماء

وقفنا على شطيك نشكو أوامنا
على نبرات الدف والعود والناء


زكي مبارك

الحمدان
08-03-2024, 09:25 PM
طمعت بقرب دجلة قبل هذا
فلم أظفر بنائية المزار

ولكن الحوادث ذللتها
وقادتها فباتت في جواري

مشت تحت الظلام إليّ شوقاً
محمّلة بأنواع الدمار

فباتت وهي زاخرة بقربى
وبت ألوذ منها بالفرار

ولج بها الهوى كلفا فباتت
تهدّد باقتحام الموج داري


زكي مبارك

الحمدان
08-03-2024, 09:26 PM
ما على الغادرين نسكب دمعا
إن فجعنا بصدهم والفراق

غرّهم عطفنا عليهم فظنّوا
أن هجرانهم مرير المذاق

لا تعودوا ولا تمنّوا علينا
بالذي تمنحون يوم التلاقي

سوف نصحو وكل نشوة حبّ
سوف تودي بها الليالي البواقي

حبّكم أنجبته أيام حرب
صبحها في سناه ليل بهيم

لا يصون الحليم فيها نهاه
ساحة الحرب ليس فيها حليم

حبّكم صيغ من أمان وخوف
فهو نار يهفو عليها النسيم

حبكم خدعة السلام أشاعوا
قبل يومين أنها تسليم

كان ما كان وانقضت صبوات
ثائراتٌ في إثرها صبوات

كان عهد الهوى وثيقاً فأودى
بوثيق الوفاء هذا الشتات

قد سكبنا الدمع العزيز عليكم
وعلى القبر تسكب العبرات

أدمعي إن سكبتها في غرام
فهي في شرعة الهوى صلوات

أتروني عرفت ما كان منكم
وقصيدي في عتبكم تلميح

إن يومي بذلك الثغر يوم
أنا فيه مقاتل وجريح

مطرٌ هاطلٌ وبأسٌ شديدٌ
وقتالٌ ومدمعٌ مسفوح

لن تروني أموت ما مات قلبٌ
صادق في الهوى ولا مات روح

كذبٌ ما سمعت من صدق عهدي
ليس للثائر المجرّح عهد

إن أكن في هواك أخلفت وعداً
فلقد ضاع فيك وعد ووعد

خاتلٌ أنت فاحترس من عقابي
كل ختل له عقاب وردّ

محنتي فيك والجروح قصاصٌ
لم تُسَدّد ديونها السود بعد

ليلة الثغر ليلية كربتني
وليالي الجوى عناءٌ وكرب

كلما قلت غاب عني دجاها
أجّ من طيفها قتال وضرب

أعين الغيد لا تروم سلاماً
إن تسليمها المهذّب حرب

باطل باطل حديث أناس
زعموا أن شرعة الكون حبّ

أيّ عهد ترى وعندك أني
في حياة الغرام والوجد طفلُ

ليلة الثغر أفقدتني رشادي
إن بعض الجنون في الحب عقل

لن تراني إلا غريماً أثيما
وثبهُ في هواك خبل وقتل

لا تحاول ضلالةً في غرامي
ليس لي في الضلال والمكر مثل

أعلن الصلح واطمأنت سيوف
ظامئات إلى حمى الأغماد

واستطار الهوى فأعلن حربا
بين سود العيون والأكباد

حربنا لم تقف لميحة طرف
من قديم العصور والآباد

كل حرب لها بشائر صلح
غير حرب سعيرها في فؤادي

أنت من أنت لا أسميك رفقاً
بك يا سهد أعين الرقباء

أنت في خاطري خيال لطيف
كالخيال المكنون في الصهباء

لا تخل أنني جفوتك زهداً
في عذابي ولوعتي وعنائي

إنني قد كتمت حبك خوفا
من فضول العذال والسفهاء

أعلن الصلح بين قوم وقوم
أين صلح العيون صلح القلوب

دارت الحرب بين قلبي وحبي
إن حرب الهوى أمضّ الحروب

كل خطب يهون إلا خداعا
يصطليه متيّم من حبيب

أنا أذنبت في اشتياقي إليكم
إن صدق الغرام بعض ذنوبي

أقبل الصلح هكذا قال ناس
يلبسون الغروب ثوب الشروق

صلحهم خاتل ضميراً وعينا
كاشتمال العدو ثوب الصديق

إن يخونوا فما خيانة روح
سقطت سقطة الهوى في طريقي

مكرهم في هواي شارة حربٍ
تؤذن الروح بالتهاب الحريق

أنت من أنت والسياسة غيبٌ
هي رجم الظنون بعد الظنون

إنهم صوّروك نور ضميري
إنهم صوّروك نار شجوني

أين ألقاك أين لا أين إني
حائر الروح في شعاب الحنين

حبّنا مات فابك أنت عليه
غاض دمعي وغاب عني أنيني

قال قومٌ وقلت أنت سلاما
فعليكم تحيتي وسلامي

إنّ تسليمكم عليّ بشير
بالجميل النضير من أيامي

ليت ما قد سمعت يؤنس روحي
ويروّي الظمآن من أحلامي

ليتني أغتدي وأمري أمرى
في ودادي وفي مرير خصامي

يا جمال الجمال هذا رقيبٌ
أزرق العين يا جمال الجمال

لا تصدّق كلامه في اتهامي
إنه يمترى ضروع الخبال

أمر هذا الرقيب يلغيه أمرٌ
منك يا فتنة العصور الطوال

لم أجد قبل محنتي فيك ليثا
يأخذ الأمر عن عيون الغزال

مرأة الحرب كيدها أبديّ
من هنا قيل إنها هيجاءُ

مرأة الحرب أخطبوط عنيفٌ
كل أسنان ثغرها عوجاء

لم أجد مرأة حميدا جناها
في سبيل الفناء هذه النساء

حرّةٌ تلك إن سمعتم فقولوا
حرَّةٌ يعتلى عليها الإماء

أقبل الصلح أيّ صلحٍ أجبني
أبهذا الوجود يعقدُ صلحُ

أنا والحب يغتلي في فؤادي
من عتابي عليك وخزٌ وجرحُ

لست أنسى أمانياً فيك ضاعت
لا تصدّق إن قيل في الحب صفح

غافر الذنب ليس يغفر ذنبا
لحبيب جناه كيد وشُحُّ

أقبل الصلح إنهم سطّروه
في سجل مرقّم الصفحات

وتنادوا بأن عهداً جديداً
يأمر الناس بالذي هو آت

شبح الحرب لن يعود إليكم
فتناسوا ما كان من هنوات

واذكروا أنكم غدوتم جميعاً
في ظلال الخيرات والثمرات

شبحُ الحرب لن يعود فما لي
ألمح الحرب فوق كل مكان

آسرت شامتٌ يقهقه جهراً
وأسيرُ يغتابُ صرفَ الزمان

أمركم للهوى كما صار أمري
إن خوفي مُرُّ الجنى من أماني

أنا اسرفتُ في الرجاء فأمسى
خيب هذا الرجاء إحدى الأماني

يا جمال الجمال أنت قصيدٌ
من رحيق الصبا وهذا قصيد

لا تقل بالذي يقال حديثا
ليس في الكون سيد ومسود

كل عصر به ظلام وصبح
وظباء تسطو عليها أسود

لا تحاول فرارة من نبالي
أنت أشهى الصيود مما أصيد

أقبل الصلح ذاك قول عجيب
لم يؤشّر عليه ذاك الرقيب

قد شمتنا بكم شمتنا فتوبوا
وإلى مشرع الندامة ثوبوا

زملاء وهم لنا رقباءٌ
باسهم في قتالنا مرهوب

يلعن اللَه حقبة من زمان
عاش فيها الأديب وهو غريب

قلمي والحياة جزرٌ ومدّ
ومساءٌ يمضي فيأتي صباح

زمنُ الحرب ليس عهد كفاح
في عهود السلام يرجى الكفاح

زمن الحرب أمره لأناس
هم كشابٌ جهادُهنّ نطاح

قلمي أنت مشرط وزماني
طبّه من جواه هذا السلاح

يا فؤادي شهدت حربين فاقنع
بالذي قد شهدته من خطوب

وتعال استمع لآهات روح
هو من صدق حبه في كروب

إن عيشي تغتاله خطراتٌ
هي رمى العيون حبّ القلوب

أنا يا قلب لا أبالي زماناً
ضاع حظى منه وضاع نصيبي


زكي مبارك

الحمدان
08-03-2024, 09:27 PM
مضت أسابيعُ والهتّاف محتجبٌ
فما يبلّغني أصوات أحبابي

يجلجل الوجد في صدري فأكتمه
أين المذيع لأشواقي وأطرابي

ألاشتراك انتهى يا بئس ما زعمت
رسالة جدّدت في الصبح أوصابي

لو كنت قبل وزيراً لاتقى غضبي
من لا يبالي إذا ما رام إغضابي

لكنني في بني قومي أخو أدب
وذو بيان إلى الإبداع وثّاب

لذا أضام فما صبري على زمن
يكون ذنبي فيه نور آدابي

دار التليفون فيها فتية وصفوا
يوما بأنهمو من خير أصحابي

فكيف جاز لديهم أن يطوف بهم
طيف من الشك في مالي وإخصابي

أنا الغنِيُّ بفضل اللَه فاعترفوا
بأنني من زماني غير هيّاب

من أجل حبك يا روحا فتنت به
فكان وجهك ف نجواي محرابي

من أجل وجهك أرضى أن يكلفّني
هذا التليفون بعد العتب إعتابي

هذا هو الليل والهتّاف منطلق
كالدهر يقذفُ أرباباً بأرباب

فاسمع ندائي وأقبل كي أراك معي
رؤياي للراح في منضور أكوابي

سلك التليفون في شرع الهوى عجب
أليس فيه إلى الأحباب إسرائي

إن ظنّ أو رنّ ساقتني هواتفه
إلى فنون من الآمال زهراء

أقول هذا الجمال العذب ينشدني
ليسمع العذب من لحنى وإيحائي

الوحي وحيك ما شعري وما خبر
أرويه عن موحيات الحب دعجاء

دعني أحدثك فالهتّاف ينقلني
إليك إن شئت في صبحي وإمسائي

نروى حديث الهوى الفتّاك في ملح
كأنها الوحي في علياء سيناء

الهمس منك هديرٌ إنه قدر
يزيزل الكون في رمز وإيماء

والوعد منك نعيم إن موقعه
مصر الجديدة في يوم الثلاثاء

تخافُ ما موجبات الخوف لا فزعٌ
فدولة الحب قامت فوق أرصاد

إني سممتك من يوم إلى سنة
بشائكٍ لدماء القلب فصّاد

لا خوف لا خوف إن الفضح غايته
أن تغتدى في الهوى من بعض أجنادي

إني سممتك فانظر كيف تهجرني
وكيف تخلف يوم الوصل ميعادي

إني سممتك فانظر كيف تهجرني
وكيف تخلف يوم الوصل ميعادي

ما شارعٌ من كلوبترا به أثر
ومنزلٌ أنت فيه الآنس الغاني

يرعى مهادك فيه ساهرٌ يقظ
يخشى عليك صباباتي وأشجاني

ليقض ما شاء في أمرى فسوف يرى
أني لروضح نعم القاطف الجاني

ما الحب ما سحره يا نائماً سهرت
عليه في غفوات الليل أجفاني

يروعك الصمت من شعري فتسألني
عن سر صمتي سؤال العاطف الحاني

أجب إذا شئت عني إنني غرِدٌ
لا يحسن الشدو إلا فوق أفنان


زكي مبارك

الحمدان
08-03-2024, 09:27 PM
تهددني بالغدر ويحك إنني
لغدرك مشتاق فقل لي أتغدِرُ

دهتني الليالي في هواك فلم أقل
سلامٌ على حسن يصول فيأسرُ

هو العقل ينهاني فأسمع لحظة
ويسكرني ذاك الجمال فأسكر

هو الحب يدعوني إليك بلهفة
فأصدعُ مأموراً وإني لآمر

غرائب من حسن عزيز منعّم
له في حياة الوجد والمجد أسطر

جمال له في كل يوم ضحيّة
ومن خدّه هذي المدامة تعصر

سأرجع وحدى لا رحيقٌ ولا هوى
ولا زهرةٌ أستاف أنفاسها وحدي

سأرجع والدنيا تقول بأنني
أنا القاتل المقتول بالحسن والوجد


زكي مبارك

الحمدان
08-03-2024, 09:28 PM
غنّى المغنّون من حولى فما سمعت
روحي وإن راعت الألحانُ آذاني

إني بحبك مشغول تساورني
أطياف حسنك في أعماق وجداني

أصاحب الناس ترضيني خلائقُهم
لعلني أتناسى نار أشجاني

فما أشاهد في كل الوجود سوى
جمالك الفخم يهوى أسرَهُ العاني

لولا جمالك تصبيني فواتنُه
ما فقت في الشعر والتغريد أقراني

حنا الجمال على روحي يسامره
بشائق من أغنّ الصوت فتان

فقمت أرسل لحنى في ذوائبهِ
هوى يصول بأدواج وأفنان

إن راقك الشعر تسبيني عرائسُه
كالحور ترقص في أحلام رضوان

فمن جمالك وهو الدرُّ في نسق
كالشعر ينظم أنغاماً بأوزان

أصوغُ وحيَ فؤادٍ أنت ملهمُه
حتى غدا من جواهُ خير فنّان

يا وجد قلبي ويا حسنا أدين له
بالفاتن الجزل من شدوى وألحاني

جمال وجهك في تقسيمه عجبٌ
كأنه حليةٌ صيغت بميزان

لو كان وجهك في ماضي العصور بدا
لصار معبود أحبار ورهبان

أستغفر اللَه وهو المستجار به
من أن تصيرني عباد أوثان

يهفو إليك ضميرٌ أنت غايته
من جنة أنا فيها الغارس الجاني

غرست حسنك فاذكر بالجميل يدى
يا زهرةً نشأت في روض جنّان

لولا قصيدي ولولا ما هتفت به
ما صرت كالبدر في حسن وتحنان

عيونك السود والسحر المقيم بها
مما خلقت بألحاني وأشجاني

من أنت لا لن أسمى غافلا جهلت
أجفانه ما جرى من ماء أجفاني

سينقضي الدهر لا تدرون ما شغفي
إني أؤجِّجُ آلامي بكتماني

لو بحت يوما بأسرار الغرام بكم
بوح الجريح غفا عن جرحه الحاني

لطار طيفٌ رقيقٌ يفتدى ألمي
بأحور جاهل بالحب حيران

من أنت هذا كلامٌ أنت لا أحد
إنى أردّد ما يوحيه شيطاني

ما ساور الحبّ قلبي تلك مشكلةٌ
أثارها لاغتيابي بعض جيراني

من أنت إني أرى من أنت يا وثنا
أهدى له كل يومٍ ألف قربان

أنغامُ صوتك تشجيني سواجعها
فهل تكون على الأيام قرآني

ما رنّ صوتُك إلا قلت من طرب
هذا الذي نفثت اسجاع وجداني

صوتٌ كشعري رنينُ الروح مصدره
سبحان صوتك يا وحيى وسبحاني

من أنت يا ساحراً لحن الغرام به
لحن الخلود بذاك العالم الثاني

يبقيك شعرى بقاء لا فناء له
ما كان شعرى لهذا العالم الفاني

قد شاب رأسي بنار الحب موقدةً
والحبّ أقباسُ آلامٍ ونيران

قد شاب رأسي وما شاب الغرام بكم
إنى فتىً قد بناه الفاطر الباني

إن الكهولة لم تصدع فؤاد فتىً
يخافه الخلق من إنس ومن جان

قضيت دهري قتالا شبّه قلمى
غربا وشرقا بباريس وبغدان

أين النظير نظيري إنني رجلٌ
تخشى الأعاصير من طغيان طغياني

من أنت سوف ترى من أنت إن سمحت
روحي بقتل هوى بالشعر أحياني

تمضى الليالي طوالاً لا أذوق بها
غير المرارة من آلام حرماني

من أنت سوف ترى من أنت يوم ترى
أنى سأضني الذي بالصد أضناني

لو صح عندك أنى من أهيم به
لطرت تنشد صفحي ثم غفراني

يا أوحد الخلق في تنسيق صورته
ويا مثال السنا من نور تبياني

من أنت لا لن أسمى لن يبوح فمي
باسمٍ إذا قلته في السر أبكاني

يلوح طيفك أحياناً فتنقلني
إلى ديارك يا سحّار أشجاني

وأذرع الأرض أطويها وأنشرها
كالبرق يجتاز أكواناً لأكوان

فهل أراك كما كنا كان هوى
لو شئت صافحني يوما وناجاني

لا تنتهى فيك أشواق أصاولها
بجاحم من سعير الوجد سعران

ولا يجفف دمعي أن لي أملا
في عطف روحك إن أعلنت أحزاني

ما غاية العيش من دنيا أعيش بها
بخافق حائر الأحلام ظمآن

آهاً ولو كان في آه نجاة دمي
من قاتلين بأزهار وريحان

لقلت آها وآها واستعنت دما
هو المحجّب من أسرار وجداني

ما لي أجمجم خوفي منك يزعجني
هل كنت يا آسري بالحسن ديّاني

أأنت أنت أجب إني لأحسبني
أروى حديثك عن أحلام وسنان

لا أنت أنت ولا وجدى سوى كلف
من شاعر بنمير الحسن غصّان

كن كيف شئتَ وأنكر في الهوى شغفي
فسوق أدفع بهتاناً ببهتان

من أنت من شاعرٌ أدميت مهجتهُ
بأعين لك لم توهب لإنسان

من أنت إني أرى من أنت يا رشأ
من غدره سوف يسقى كأس كفراني

ستشرب النار من غدرى مصلصلةً
والدهر يرجم خوّاناً بخوان

عليك أعتب ما عتبى على قمر
قد نام عنى وخلّاني لأحزاني

أصوغ شعري حنيناً كي ترقّ له
من بعد صدّ وهجرانٍ وعصيان

فلا يكون جوابٌ منك من غزلي
إلا جواب كحيل الطرف نعسان

تراع حيناً بأنظاري أصوّبها
إلى جمالك من آن إلى آن

فتستجيب بروح باسم مرحٍ
كأنه الزهر في أيام نيسان

وتشتهي أن ترى أني بما سحرت
عيناك أنظم أشواقي بألحاني

لا لن أبوح بحبي لن أبوح به
إني لأنبت من أركان ثهلان

أكاتم القلب وجدا لو نطقت به
لثار يسأل ما خطبى وما شاني

يا قلب دعني لكتماني أنادمه
لم يبق لي من نديم غير كتماني

من أنت لا لن أسمّى من أهيم به
يكفى الذي قد مضى من فضح أشجاني

عشرون عاما وقلبي طائرٌ غرِدٌ
يساور الحسن من غسن لأغصان

قال الخليّون في شجوى مقالتهم
وجرّحوني بأظفار وأسنان

فليرجعوا وليكفّوا عن ضلالتهم
فما لغير الهوى للمرء عينان

أكان إثما عظيما أن أكون فتى
الحسن في شعره أزهار بستان

لا تسألوا أين شوقى ذلك علمٌ
لو قام من قبره يوما لحيّاني

إنى تحدّيتُه حيّا فآمن بي
أين الذي بمعانيه تحداني

قالوا ذوى الشعر في مصر فقلت له
إني سأجعله من بعض خلاني

ما ضاع من أنا راعيه وكالِئهُ
بحارسٍ أخضر العينين يقظان

للأعين الخضرِ سحرٌ قاهرٌ خضعت
له الفواتك من صلّ وثعبان

الأعين الزرق في باريس ترهبني
كالأعين السود في آطام بغدان

سأوقد الشعر في الوادي وأعلنه
إن كان في حاجة يوماً لإعلان

الشعر في مصر فليسكت أخو غرض
يقول إن حماه أرض لبنان

مصر التي رفعت للشعر رايته
وأيدته بأبطال وفرسان

لولا سنا مصر في لألاء طلعته
ما كان يوما تبدّى نجم مطران

الشعر في الشرق نحن الحارسون له
على الرياض يخاف الغارس الحاني

أسلافنا قد أعادوا نسج بردته
إلى أصالتها في عهد عدنان

ما رام ناظم شعر غير غايتنا
من أن يكون هدى يوحى بميزان

الجد والهزل في أشعارنا تحفٌ
الجد والهزل عند الشعر سيان

فإن عدلنا وأجحفنا فلا عجبٌ
العدل والظلم عند الشعر مئلان

عنّا خذوا العقل في طغيان ثورته
هدما بهدم وبنياناً ببنيان

لا تحسبونا صفحنا عن تطاولكم
لا صفح عن كافر من بعد إيمان

من أنت ما هالةٌ يسرى بها قمرٌ
مسرى الصبابة في أحلام ولهان

فتنتَ بالحسن آلافاً مؤلفة
يا أجمل الخلق من حور وولدان

إنى أغار فليت الناس ما خلقوا
أو ليتهم خلقوا من غير أجفان

إن لم يروك فصوت منك يسحرهم
يا ليتهم خلقوا من غير آذان

من أي روح عصوف أبدعتك يدٌ
من بدعها كان بالخلّاق إيماني

ما البدر في نوره الباهي وطلعته
إذا تألق في أعقاب أدجان

أدل منك على أن الوجود سنا
قد صاغه من سناه روح فتّان

لو يعبد اللَه يوما في بدائعه
لكنت يا ساحرا معبودنا الثاني

اللَه فيك أرى إني ليطربني
أن الوجود جميعاً روحه الغاني

أنت الجمال وروح الحسن خالدة
ما في الحدائق زهرٌ ذاهبٌ فان

إن الورود وإن لم يبق رائعها
يومين تضرب أزماناً بأزمان

إن العبير إذا طاح الذبول به
يبقى وليس عبير الحسن بالفاني

تلك المذاهب من غيّ ومن رشدٍ
ومن جنونٍ وعقل وحيُ أكفان

لو مات من مات حقاً لا نقضى أثرٌ
لذاهب لم يعش إلا بجثمان

ما نوحُ ما أمرهُ والفلك تنجده
من الغوائل طوفاناً لطوفان

هل كان نوح سوى رمزٍ عرفت به
أن لا فناء لروح أو لأبدان

من أنت سوف أسمى يوم تلهمني
ما لم يكن لي في وهم وحسبان

ويوم يصبح شعرى فيك معجزةً
تكون في سبحات الخلد برهاني

أقول هذا وإن لم يجترىء أحد
على المجاراة في الميدان ميداني

أروم شعراً كشعرى فيك يفتنني
كفتنتي بغرامي يوم تلقاني

هذه القصيدة وحيٌ منك أطربني
قل لي متى يتجلى وحيك الثاني

أنت الرسول رسول الحسن في زمن
أنا الأمير به من بعد حسان


زكي مبارك

الحمدان
08-03-2024, 09:34 PM
‏مَا عادَّ يحملُنِي الحنين فَإنني
‏أمسَيتُ مِن بعد الفُراق عليلا

قَلبِي على كَفِي وَهبتُك نبضهُ
‏ماكنتُ بالنبضِ البريء بخيلا

لو كُنتَ تسمعُ صوتَهُ لرحمتهُ
‏إنَّ المُتيم لايعِيشُ طويلا

خُذ مَاتشاء وعُد إليَّ فَإنني
‏سَأذوبُ حُزنًا إن رأيتُ بديلا

......

الحمدان
08-03-2024, 10:09 PM
وَلَـكَمْ تَسَاءَلَ عَـاقِلِي لِمُغَيَّبي
مَابَالُكَ المُمْشِي لِمَنْ لَم يَحْتَبِ

وَإِلَى مَتَى تَرْجُو مَرِيضًا خَانَ مَن
كَـانَ المُعَالِجُ للأَدِيـمِ الأَجْرَبِ

وَإِلَـى مَتَى تعْفُو لَأَفْعَى عَضَّهَا
لِيَدٍ بِهَا كَانَـتْ أَحَـنُّ مِـنَ الأَبِ

وَلَـقَدْ صَمَتَّ لِـزَيفِهِ مُتَـرَفِّعًا
فَتَعَالِتِ الأَعْفَانُ رِيْـحَ الطَّيِّبِ

فَاحْذَرْ تَؤُولُ بِـنَا إِلَـى تَلْوِيكَنَا
فَمُّ السَّفِيهِ وَعِنْدَ دُونِ المَرْتَبِ

فَجَحِيمُ حُبِّ الصَّادِقِينَ.سَعَادَةٌ
وَنَعِيمُ حُـبِّ الكَاذِبِينَ ،كَمَكْرَبِ

وَدَعِ التَّمَسُّكَ بِـالغَرِيـقِ جَمالةً
وَارْسُو عَلَى شَاطِي الهُدَا بِالمَرْكِب

فَإذَا تُبَيَّنَ لِلمَـرِيـضِ عِـطَـابُـهُ
وَمَضَـى! ،فَمَــا بِطَبِيبِهِ لِمُثَـرِّبِ


محمد القرني " الأزدي"

الحمدان
08-03-2024, 10:14 PM
أبَعْدَ تزهُّدٍ تعتادُ ليلى
وتُمسي عن حبائِلها سَؤولا

دَنتْ بعد الجفاءِ فهل تُداني
من الخَفَرات مُعرَضةً خذولا

تُسائلني _وقد عَلِمَت_ أَبعدٌ
أحالكَ _يا فديتكمُ_ هزيلا

فقلتُ لها: زمانٌ فيه غدرٌ
يُعلّينا ويختتلُ النزولا

فغيّرَنا الزمانُ بغير هديٍ
فحُلنا من تقلُّبِهِ طلولا

وقمتُ وما بدا لي من تصابي
وفي الأكباد ما يأبى الخمولا



عبدالرحمن آل غوماندر
كاتب أدبي، من دَولة الفِلبين، وُلد عام ١٩٩٦م بالمدينة المنورة بالمملكة العربية السعودية

الحمدان
08-03-2024, 10:15 PM
إنِّي هَويتُ تعلُّمَ القانونِ
حُبَّاً زرعتُ بأرضهِ آمالي

وطَمحتُ أن أرقى العُلا بِنَواله
اخترته شَغفاً يَكونُ مَجالي

فبدأتُ نشرَ العِلمِ تِلك أمانةٌ
لا يَعذُرنَّ بِجهلها الجُهَّالِ

وأقمتُ وَحيَ اللهِ لي دُستوراً
هو حُجَّتي وبَيانُ صِدقِ مَقالي

حقّ النُّفوسِ تموتُ تحيا حُرةً
اللهُ كفَّلها بِلا إذلالي

اللهُ حرَّم قتلها إن أسرَفَتْ
إلا بحقٍ أو جَزاءِ قِتالِ

إنفاذُ حُكمٍ للجَريمةِ لازمٌ
والدَّينُ يُوفى حقُّهُ في الحالِ

فالعَقدُ شرعٌ لازمٌ فاعمَل به
واحذر خِلافَ العَهدِ والأقوالِ

وارعَ الأمانة كُن بِها مُتخلقا
والصِّدقُ يبقى سيدُ الأفضالِ

فضُّ النِّزاع مَهمةٌ وبدَورنا
فصلُ الخصومِ لتُقيةِ الإشكالِ

إلا إذا كان الحبيبُ مُخاصِمي
فالحُكم للأحبابِ دُونَ نِزالِ

ورِسالتي سَطَّرتُها بأناملي
دارت رِحاها في رُبى الأطفالِ

حقٌّ لهم عيشٌ كريمٌ آمنٌ
أرضُ الحُروب مَعاقِلٌ لرِجالِ

كيفَ الفَتى يلقَى النِّزالَ بصَدره
أينَ العدالةُ تحتَ وطءِ نبالِ

يا صاحِ قُم وارفع بِعدلكَ رايةً
تبقى تَرُفُّ على مَدى الأجيالِ


عبدالرحمن آل غوماندر

الحمدان
08-03-2024, 10:16 PM
وَإِذَا دَنَا لَكَ غُصْنُ سَعْدٍ بِالجَنَى
فَـعَمَتْكَ حُلْـو ثَمَــارهِ وَتَمَـكَّـنَ

فَظَنَنَّتَ أَنَّكَ قَدْ حَظَيتَ بِشَهْدِهِ
حِكْرًا ،يَفِيءُ لَكَ السَّعَادَةَ وَالمُنَى

وَنَسِيتَ أَنَّكَ ضَيفَهُ فِـي لَحْظَةٍ
كَانَـتْ لِغَيْرِكَ مَـرْتَـعًا وَمَوَاطِـنَ

وَعَلَى غُصُونِ حَيَاتِهَا كَمْ رُقِّصَتْ
بِلُحُونِهَا تَـغْـرِيْـدُ طَـيـرٍ ،لَـحَّـنَ

قَـدْ كَـانَ يَحْسَبُ لَحْنَهُ مُتَوَجِّبًا
بِدَوَامِهِ، فَـفَـنَا وَلَحْنَهُ قَـدْ فَـنَا

وَمَضَتْ تَغُرُّ المُحْدَثِينَ بِزَهْوِهَا
وَتُطِيحُ جِـيـلًا قَبْلَهُمْ ،وَكَـذَا بِنَا

نَتَطَارَدُ الأَوْهَـامَ نَـنْـسَـى أَنَّـنَـا
بِذَوَاتِنَا هَـلْكَـى وَيَهْلَكُ ذِكْـرُنَـا

وَنُسَابِـقُ الأَيَّـامَ نَـرْجُـوا مَـرَّهَـا
مَتَنَاسِيِينَ بِـأَنَّـهـا مِـنْ عُمْـرِنَـا

وَتَـقِـرُّ فِـي أَذْهَـانِـنَـا أَشْكُالُـنَـا
حَتَّـى نُـرَا عَـرَضًـا إِلَـى مِـرْآتِـنَـا

وَنُـرَمِّمُ الـدَّارَاتِ رَجْـوَ دَوَامِهَا
فَتَؤُولُ لِلأَطْلَالِ ،تَتْبَعُ مَـن بَـنَـا

وُنُـرَاكِـمُ الأَمْـوَالَ تَثْمِـيـنًا لَـهَـا
هَيْهَاتَ يَمْنَعُ مَوتنَا بَعْضُ الغِنَا

وَنَتِيـهُ مَـعْ رِتْـمِ الحَـيَـاةِ بِغَفْلَةٍ
وَنَـرَى تَناقُصَ عُمْرِنَـا فِـي آنِـنَـا

وَنُضِيعُ فِـي تَحْرِيصِنَا تَوْقِيتَـنَـا
كَمُرَاجِعٍ دَكْتُورَهُ ،مَحتُـومُ الفَـنَـا

وَنُعَقِّلُ الأَحْـزَانَ رَبْـطَ مُـحَـرِّصٍ
حَـتَّى تَحِـلَّ مُـرُوجُ مَـرْعَاهَا بِـنَـا

وَنُعَـارِكُ الضَّحِكَاتِ ،تَكْبِيلًا لَـهَـا
وَنَـظُنُّ حُمْقًا قَـدْ مَلَكْنَا سَمْتَـنَـا

وَنُعَكِّرُ الصَّـفْـوَ المُكَابَـد نَـقْـيُـهُ
وَنَـرَا بِشِـرْبِ صَفَـاءِهَـا تَعْكِيرَنَـا

وَنُـقَـدِّمُ التَّرْهِيبَ قَبْـلَ أَمَـانِـهِ
وَنُـحِـبَّ أَنْ نَحْيَى قَلِيـلَ كَثَيـرَنَـا

وَنُـمَانِـعُ التَّـرْفِـيهَ فِـي أَقْرَابِنـا
وَنَـجُـودُ بِـالأَفْـرَاحِ فِـي زُوَّارِنَـا

وَنُسَرْبِلُ الأَحْـلَامَ تَحْصِينًا لَـهَـا
فَتَعيشُ طِفْلًا لَمْ يَشِبْ بِمَشِيبِنَا

وَنُكَلِّفُ الفَضْفَاضَ ضِيقَ لِبَاسهِ
فَنُحِيلهُـا نُـظُـمًـا بِــهِ وتَـقَـنُّـنَ

وَنَرَى عَظِيمَ خَسَارنَا فِـي مَالِنَـا
حَتَّـى تَنَاسَينَا خَسَـارةَ عُـمْـرِنَـا

وَنُؤطِّرُ النَّشْوَاتَ فِـي زَمَكَانِهاَ
وَكَأَنَّهَا حُـدَّتْ كَمَكَّةَ مِـن مِنَى

وَنَعَيشُ مَاضَينَا وَنَنْسَى حَاضِرًا
فَنَهَيمُ بَـيـنَ عَـوَالِمٍ لَيسَتْ لَـنَا

وَنُمَـنِّـنُ النَّفْسَ الْتِقَاءً بَعْدَمَـا
عَاَشَتْ بِوِحْدَتِهَا ظَلَامًا مَا سَنَا

وَنُقَوْلِبُ الأَفْكَـارَ تَأْطِيرًا لَـهَـا
فَتَصِيرُ سَجَّانًـا لَـنَـا وَحُدُودَنَا

وَنَسِيرُ فِي صَفٍّ وَلَا نَدْرِي مَتَى
سَيَغِبُ عَـنَّـا قَـبْـلُـنَا ،فَنُأَبَّـنَـا

وَتَخَالُ سَعْدَكَ فِي سُعَادِكَ إنْ بَدتْ
فَتَصِيرُ جُـرْحًا لَـمْ يَطِبْ وَتَعَفَّنَ

وَيَـعُودُ دَومًـا ذِكْـرُهَا فَـكَـأنَّـهَا
قَـبْـرٌ لَـمَـكْـلُـومٍ بِـدِارهِ أُدْفِـنَـا

تَتَقَارَبُ السَّاعَاتُ فِي أَفْرَاحِنَا
وَتَطُولُ فِي أَذْهَانِنَا حِينَ العَنَا

فَكَأَنَّهَا لَحْظَاتُ قَصْفٍ رَوَّعَتْ
طِفْلًا بِدَارِهِ تَحْتَ أَنْقَاضِ البِنَا

وَكَأَنَّهَا فِي سرْعِهَا مَنْ بُشِّرَتْ
بِحَيَاةِ مَـوْلُـودٍ فَـعَـادَ مُكَفَّنَ

خَزَمَتْ أَحَاجِيُّ الحَيَاةِ أُنُوفَ مَن
كَانَوا حَدِيدَ العَقْلِ رُشْدًا فَانْثَنَى

كَـمْ ظَـنَّ سَـيـفُ مُبَارِزٍ بِصَلَابهِ
فَتَثَلَّمَ الصُّـلْـبُ القَدِيمُ وَلُـيِّـنَ

سَلَكَ الصِّعَابَ حَبَيُّ سَيرٍ مَبْدَأً
فَجَرَا يَرَا شَوْكَ الطَّريقِ ،أَحَنَّنَا

وَرَأَى قَلِيلَ جُرُوحَهُ حَـظٌّ لَـهُ
فَسَلَامَةُ الدُّنْيَا كَمُعْجِزَةٍ لَـنَـا

يَرْجُو حَدِيثَ العُمْرِ طُولَ بَقَائه
فَـيُـرَدُّ عَرْفَجَ قَفْرَةٍ مَـا مَــدَّنَ

وَيَغُمُّ صُبْحَ بَقَائه لَـيـلُ السُّرَا
وَيَـؤُوزُهُ تَـمْـكِـيـثُـهُ مَـا أَزْمَـنَ

فَـإذَا تَـقَـدَّر لِلصَّـبُـوحِ حِـلَابُـهُ
حَـكَـمَ التَّقَـادُمُ نَضْـرَهُ فَتَلَبَّـنَ

وَعَجِيبَة الـدُّنْـيَـا تَطَلُّعُ شَـائِـبٍ
رَمَق الحِمَامَ فَعَادَ يَرْنُـو مَا دَنَا

وَعَجِيبَةُ الـدُّنْـيَـا تَـأكُّـد خَطْبِهَا
فَنَنُوحُ حِـيـنَ وُقُوعهَا أَقْـدَارنَـا

وَعَجِيبَةُ الـدُّنْـيَـا تَقَهْقُهُ ضَاحِكٍ
كَـانَ الأَنِـيـنُ قَصِيدَهُ المُتَلَـحَّـنَ

وَعَجِيبَةُ الـدُّنْـيَـا بِدَايَةُ هَدْمِـنَـا
فِـي سَـاعَةِ المِيلَادِ حِينَ وِلَادنَـا

وَعَجِيبَةَ الـدُّنْـيَـا تَغَلُّبُ سَلْونَـا!
بمُصِيبَةٍ كَـانَـتْ بَـوَادِرَ مَـوْتِـنَـا

وَعَجَائِبُ الـدُّنْـيَـا تَزِيدُ تَوَحُّشًا
مَـا زَادَ عُمْرُك فِي الحَيَاةِ وَسَـنَّـنَ


محمد القرني " الازدي "

الحمدان
08-04-2024, 08:30 AM
عقَد الإِلفانِ عقدَ الفرقدين
يومَ تم العقدُ بين المهجتين

وحريٌّ بهما برجُ العلى
بعد أن حلا سماءَ المقلتين

غادةٌ هيفاءُ قد أَبدعَها
مَن براها آيةً للأَدبين

جَمَعت خلقاً سَلِساً
وكمالُ الحُسن جمعُ الحليتين

أَشربتها أمُّها حُبَّ العلى
وأَبوها قد سقاها الحِكمتَين

حِكمةَ التَّقوى وهل من حكمةٍ
مثلها تُسعِدها في العالمين

حكمةَ العلم الذي يرفُعها
بين أَرباب النُّهى في الخافقين

يا ابنَ بيتِ الفضل طِب نفساً بما
حزتَهُ من شِيمٍ لا من لجين

قد رشفتَ الجودَ من منبعهِ
والعُلى استصفيتها من معدنَين

وورثتَ العزَّ عن خير أبٍ
وإِباءَ النفسِ عن مأسدتين

ليس يُعلي المرءَ في الدنيا سوى
حسَبٍ قد ناله بالأَصغرين

كلُّ مجدٍ لم يقُم يوماً على
أُسِ فضلٍ كان واهي الجانبين

كان لي والدك البرُّ أباً
كاد يُنسيني حَنانَ الأبوين

ولأَنت اليوم لي أَوفى أخٍ
وكفانا أننا كالأخوين

فاحيَ يا ميشالُ في روض الهنا
أبداً مع أَمَلي كالزهرتين

إِنما لبنانُ يُزهى بكما
مثلما تُزهى السما بالنبرين

قد رأَى في صدره زنبقتين
ورأى في نحره لؤلؤتين

إِن تَباهى أو تهادى طرباً
بكما ما بين اهل المشرقَين

فالمعالي أَرخَتها يدهُ
وحلاه صاغ من جوهرتَين


بطرس البستاني

الحمدان
08-04-2024, 08:30 AM
بينَ عامٍ مضى وعامٍ جديدِ
مَوعظاتٌ تبدو لعين الرشيد

يصرفُ الغرُّ عمرهُ في الملاهي
وهو في قيد غَيهِ كالعبيد

وأمرُّ الأيام ما كان فيها
قدَمُ المرءِ في أَذل القيود

خل عنكَ الهوى وعِش عيشَ حرٍ
تحيَ بالذكر بين اهل الخلود

ايُّ ذكر يبقى لمن عاش ميتاً
وطواهُ الخمولُ قبل اللحود

إِنما العاقلُ الذي يتباهى
بالخلالِ الحسانِ لا بالنقود

وبنو الغزم فخرهم بجلاهم
لا بمجدٍ يروونهُ عن جدود

إِصنعِ الخيرَ ما استطعتَ فلاخ
يرَ كان قلبهُ كالحديد

وتعطف على أخي البؤس حتى
يتأسَّى عن حظه المنكود

كلُّ يومٍ يُقضَى بصُنعِ جميلٍ
فهوَ ابهى من عِقد دُرٍ نضيد

والذي يزرعُ العوارفَ يجني
في اوانِ الحصادِ خيرَ الحصيد

تتوالى الأعوامُ والناسُ صمٌّ
عن خطوبٍ دويُّها كالرُّعود

كلَّما أوعدَ الزمانُ بنيهِ
بملماته ازدروا بالوعيد

عبدوا المال وهو ربٌّ كذوبٌ
يجعلُ القلبَ كالشريدِ الطريد

ايَّ نفع يُجديهمِ يومَ يغدو
عابدُ المالِ بينَ اهل الوقود

يا عبيدَ الأهواء لا تتمادوا
في الهوى واتقوا تعدي الحدود

ان من يعصي من براهُ يقاسي
ما يُقاسي الشريدُ بعد الشُّرود

والذي يغمطُ الجميلَ كنودٌ
وأخسُّ الأخلاقِ خُلقُ الكنود

ايُّ خيرٍ ما استنزلتهُ البرايا
من سماء الرحمنِ ربّ الجود

افما جادَ بالوجودِ علينا
أَيُّ برٍ يفوقُ برَّ الوجود

هوذا العامٌ فاتحاً سفر فضلٍ
فأملأوهُ من كلّ مسعىً حميد

هالهُ ما رآهُ في كل قُطرٍ
من زحامٍ على النقودِ شديد

فعسى اللهُ أَن يمنَّ علينا
بسلامٍ بعد الحروبِ مديد

فقلوبُ الورى إلى السلمِ ظمأَى
وهي تصبو إلى وئامِ اكيد

تلكَ آمالنا عسى أن نراها
مُثمراتِ في عامِنا ذا الجديد


بطرس البستاني

الحمدان
08-04-2024, 08:32 AM
على صفحاتِ العمر خطت يدُ الدهر
عِظاتٍ لذي الذكرى تُسطرُ بالتبرِ

عرفتُ بها سرَّ الحياة وكنهها
وما تحتوي الدُّنيا من الحلوِ والمرِ

فما العمرُ إلا مرحلاتٌ نجوزُها
على الشوكِ أَحياناً وحيناً على الزَّهر

تَشيدُ لنا الأَحلامُ بُرجَ سعادةٍ
فتنسفُهُ الأيامُ بالنُّوبِ الحُمر

ومهدٍ به نامَ الصغيرُ مقمَّطاً
كأني به العصفورُ يرقُدُ في الوَكر

يُريد حراكاً والقماطُ يصدُّهُ
فيلبثُ مغلولَ اليدين على قسر

تُترجمُ عن لوعاتهِ عبَراتُهُ
فتنثرهُا عيناهُ دراً على النَّحر

إذا هزَّ صوتُ الطفل مهجة أمهِ
فبرقُ الهوى ما بين قلبيهما يجري

تُناغيه نشوى من ملامح وجههِ
فيُصغي إلى أَنغامها باسمَ الثغر

وتنشدُهُ شعرَ الهوى فيُعيدهُ
بلهجتِه العجماءِ سحراً على سحر

بمرآهُ يغدو السَّهدُ أَشهى من الكرى
اليها وجنحُ الليلِ ازهى من الفجر

تراه بمرآة الغرام كأنه
أَخو البدرِ أو ابهى ضياءً من البدر

وطوراً تخالُ الدهرَ ينضو حُسامَهُ
على غصنهِ الميَّاس في زهرة العمر

فيثقبُ سُوسُ الهمِ جِذعَ فؤَادها
ويَقذف من حوليهِ موجاً من الذُّعر

أَلا إِنَّ عيشَ الأُمِ مرٌّ مذاقُهُ
وعيشَ ابنها في المهد ضربٌ من الأسر

ويومٍ به طابت عن الناس مهجتي
فلم ارَ للسَّلوى سبيلاً سوى القفر

خرجتُ وفي صدري الهمومُ كأنها
رواسٍ ومن يقصي الرواسي عن صدري

فمذ اشرفت عيني على زهرة الرُّبى
وقد كللتها بالجُمانِ يدُ القطر

رأيتُ جيوشَ البشر شدَّت على الأسى
فلم تُبقِ للأتراح في الصَّدر من إِثر

هنالك نهرٌ تعقدُ الريحُ فوقَهُ
زُرودَ لُجينٍ او سلاسلَ من درَ

على ضَفَّتيهِ الدَّوحُ مدَّ ظلالهُ
لهُ نفحاتٌ أَينَ منها شذا العِطر

إِذا بفراشٍ مر يعدو وراءَه
صبيٌ ذكت في خدهِ جُذوةُ الحر

فلم يرَ غيرَ الدوحِ من ملجأ له
فلاذَ بهِ حرَّانَ من شدة الفر

وقد وقعت عينُ الفتى بعد ساعةٍ
على بيت نملٍ حول كدسٍ من البرِ

فدمَّرهُ ظلماً وشتت شملهُ
وأتلفَ ما فيهش من النمل والذخر

فقلتُ بنفسي هذهِ صورةُ الذي
يُذيقُ الورى كأساً أمرَّ من الصبر

متى ألفَ الأحداثُ أن ينزلوا الأذى
بأَعجز خلقِ الله شبُّوا على الغدر

نظرتُ إلى أهل الشَّبيبةِ نظرةً
تجلَّت بها شمسُ الحقائق في فكري

لهم عزَّةٌ قعساءُ تأبى صغارةً
وهمتهم من دونها همةُ النسر

يغوصون في بحر المفاخر جهدهم
ليستخرجوا الدر الثمين من القعر

أَسودٌ أباةُ الضيم في ساحة الوغى
لهم عزماتٌ لا تكل عن الصخر

وأَوطانُهم لا يُستباحث ذمارُها
يحامونض عنها بالمثقفةِ السمرِ

رعى الله أشبال العرين وأسده
وصانهم من عصبة الختل والمكر

وحيا مَغاوير الحروب تحيةً
تُرددها في غابها أُسدُ الخِدر

همُ عدةُ الأوطان يحمونَ عزها
ببأسٍ على حدِ الظبي ابداً يجري

ولا نالتِ الجلى الكهولَ فإِنهم
ليجنون زهر الرشد من فتنِ الخبر

لهم همةُ الفتيان لكن قلبهم
بصيرٌ بأَخلاق الورى سابرُ الدهر

فلا تستفزُّ المطرباتُ قلوبهم
وليسوا أَوانَ اللهوِ كالخود في الخدر

فهم بين حدي خفةٍ ورزانةٍ
نراهم بأَطوادٍ ولا شاربي خمر

إذا رزقَ الكهلُ البنينَ غذاهمُ
بآدابه الحسنى وأَخلاقهِ الغُر

يُلقنهُم في المهد حبَّ غذاهمُ
ويجعلهم من معشر السوءِ في حجر

ويحجزُ عن أسماعهم كلَّ لفظةٍ
تؤدي بهم يوماً إلى هوةِ الوَزر

ويحجبُ عن ابصارهم كلَّ مشهدٍ
يُثبتُ في الأذهانِ جرثومةَ الشَّر

إذا اعوجَّ غصنٌ فيهم هبَّ مُسرعاً
يثقفهُ غضا فينجو من الكسر

وإن بدرت منهم بوادرُ حدةٍ
يؤدِبهم باللحظ لا الضَّرب والهُجر

فلحظتُهُ أَمضى من السَّيف عندهم
وهيبتُهُ تُغني عن العُنفِ والزَّجرِ

وإِن صنعوا صُنعاً جميلاً جزاهمُ
جزاءً يُحلي عندهم عملَ البرِ

يُديرُ عليهم من رحيقِ حَنانه
كؤُوساً تُنسيهم مُعتقة الخمر

وأشرفُ ما يأتيه في جنبِ خيرهم
إِزاحةُ سِترِ الجهلِ عن ساحةِ الصدر

فينُفقُ في هذي السَّبيل نُضارَهُ
ولا ريبَ أَنَّ العلمَ خيرٌ من الدرِ

وشيخٍ جليلٍ كلَّلَ الشَّيبُ رأسهُ
كتكليل غُصنِ الروض بالنور والزَّهر

إِذا فلتِ الأيامُ غربَ مضائهِ
فآراؤهُ تُغنيكَ عن طلعةِ الزُّه

وإن جنَّ ليلُ المشكلات تألقت
له حكمةٌ أَزهى من الشهبِ الغُر

فلا تخطئُ المرمى سهامُ ظُنونه
ويقرأُ ما في صفحة الغيب بالفكر

تحفُّ به في كلّ نادٍ مهابةٌ
كما حُفَّتِ الأبطال بالمجد والنصر

ومجلسهُ منثورة في أديمهِ
عُقودُ جُمانس او شُذورٌ من للتبر

له مطلعٌ زانتهُ هالةُ حكمةٍ
كأَني بها من حولهِ هالةُ البدر

ألا إنَّ الشَّيخِ انفعُ للورى
من العضبِ في كفِ الفتى الباسلِ الغرِ

فكم نكبةٍ جلَّى الشيوخُ غيومها
ولولاهمُ ضاقت بها حيلُ القُطر

وكم غمرةٍ خاضوا على إِثر غمرةٍ
ولم يحفلوا يوماً بمدٍ ولا جزر

لقد صقلت كفُّ التجاربِ ذهنهم
وبالصقلِ يغدو الذهن أجلى من الفجر

فباتوا على خُبرٍ بأطوار دهرهم
وعلمٍ بما فيها من النفعِ والضُّرِ

إذا كر جيشُ العُسر جرد فكرهم
عليه من الآراء صَمصامةً تفري

على أنَّ عمرَ الشَّيخِ مُرٌّ ولو غدا
على عرشِ عز في سما النهي والأمر

تراهُ أَوانَ القرَّ يهتزُّ رعدةً
وان حلَّ فصلُ القيظ ذابَ من الحرِ

ينوحُ على عهدِ الشبيبةِ نادباً
قواهُ وقد خانتهُ في مغربِ العمر

فلا غروَ إِن يأُسف على زمن الصبا
فقد باتَ مثل القوس محدودبِ الظهر

وأَبصارهُ كلَّت واسنانهُ هوَت
وفي صدره همٌّ احرُّ من الجمر

يرى حولهُ أنَّ المنايا رواصدٌ
لتُنشبَ في احشائهِ مخلبَ الغدر

وفي يدها المنحاتُ تنحتُ قبرهُ
وتحفُرهُ كفُّ الردى ايما حفر

فليسَ يغيبُ الموت عن عين فكره
ولا تُصرفُ الأنظارُ عن لجةِ القبر

فتباً لدنيا يغمرُ الناسَ همها
ولذاتها فيها عصيرٌ من الصبر

إذا شئتَ ان تحيا حليفَ سعادةٍ
فأكثر من الحُسنى وأقِبل على البرِ

فخيرُ الورى من زانَ ايَّام عُمرهِ
بما يُبهجُ الأَلباب في موقفِ الحشر


بطرس البستاني

الحمدان
08-04-2024, 08:33 AM
صدركَ الرَّحبُ والمناقب فيه
زاهياتٌ مثل النجوم المضيه

قد أرانا منَ البيان شُعاعاً
ومن الفضل حُلةً سُندسُية

وسقانا من نثره سلسبيلاً
ومن النظم خَمرةً بابليه

إِنَّ صدراً رصعتهُ بالمعالي
لجديرٌ بالشارة الذهبية

وفؤَاداً ارويتهُ في صباهُ
من زُلال المعارف العصريَّه

لَحريٌّ بأن يكون مَناراً
وحقيقٌ بالتهنئات السنية

عرفتكَ البلادُ من ربُع قرنٍ
بلبلاً في ربوعها الأدبيه

مُطرباً مسمعَ العلى بقوافٍ
غردت فوق غصنها الشاعريَّه

حولكَ النشءُ يشربون نِميراً
من مجاري آدابكَ الكَوثريَّه

حملوا رايةَ الجهادِ ونالوا
قصبَ السَّبق في مجال الحميَّه

ان تكُن واحداً فحولك جيشٌ
دربتهُ اقوالكَ الحكمية

لغةُ العربِ قد حميتَ حماها
بيراعٍ أَمضى منَ المشرفيه

أَينما كنتَ ينشقُ الناسُ عَرفاً
مِن أَزاهيرِ أَصغريكَ الذكيه

وإذا كانتِ النفوسُ سكارى
بالتَّهاني تُهدى اليك نقيَّه

فالوسامُ الخطير يهتزُّ فخراً
فوقَ صدر تزينهُ الأريحيه

فهنيئاً لكَ الوسامُ وأَولى
بالتَّهاني آثارُك الوطنيه

كلُّ من يزرعُ الجميلَ كبيراً
يحصُدُ الشُّكرَ من قلوبٍ وفيه

يا فِرنَسا وأنتِ في كل عصرٍ
آيةُ الله في سما العَبقرية

علمينا كيف النُّبوغ يُجازى
فنراه في الأُمَة العربية


بطرس البستاني

الحمدان
08-04-2024, 08:33 AM
أيها القائد الكبير الخطيرُ
أَنت للسيف من صِباك سميرُ

أَقسم السيفُ أَن يكون أميراً
إِن نضاهُ على عِداهُ الأمير

سر بجو العلى إلى حيث تهوى
فالمعالي تسيرُ حيث تسير

ولك القلبُ أَينما كنت برجٌ
ولك الصَّدرُ منبرٌ وسرير

كنتَ في الحرب آية البأس حتى
هابكَ القرنُ وهو ليثٌ هصور

فسحقتَ الجيوشَ تلوَ جيوشٍ
وغدت تحتك الرَّواسي تمور

وحُصونٍ في رمسَ قامت جِبالاً
شاهقاتٍ تهابهُنَّ النُّسور

ما حمتها صحائفٌ من حديدٍ
بل حمتها من الجنود الصُّدور

قلبُ غورو والموتُ عذبٌ لديه
يومَ يدعو إلى الجهاد النفير

حمَّس الجند في المعارك حتى
باتَ كلٌّ إلى المنون يطيرُ

ما بناهُ الأَلمان في نصف قرن
زعزعتهُ من أسه كفُّ غورو

هي خطت والنصر طوعٌ لما خط
طت وربُّ النصر العزيزُ القدير

مَن عليه عوَّلت في كلّ خطبٍ
مستجيراً به ونعمَ المجير

أيها البوش لا توحوا فهذي
شيمةُ الدهر والحظوظُ تدور

قد سكرتم عُجباً وتهتم دلالاً
فانظروا اليومَ كيف كان المصير

كنتمُ سادةً فصرتم عبيداً
وعقابُ الشعب العتي النيرُ

يومَ طارت يمينُ غورو ترنَّح
تم سروراً وهل يليق السرور

كان ذا منكم غروراً وما يعل
ق إلا بالأَغبياءِ الغرور

إنَّ يمناهُ ان تطر يبقَ فيه
قلبُ ليثٍ على الليوث يُغير

أَوَ ما فيه همَّةٌ لا تسامى
أوَ ما فيه عزمةٌ لا تخور

كانتِ الحرب بالسلاح فأَمست
حرب فنٍ يفوز فيها الخبير

جئت غورو لبنان والأمنُ فيه
ضائعٌ والبلاءُ طامٍ غزير

جئت لبنانَ والعيونُ دوامٍ
وفؤادُ الفقير فيه كسير

فتدارك حشاشةً في بنيه
قبلَ أَن ينزل البلاءُ الكبير

إنَّ جيراننا استطالوا علينا
فصبرنا ولم يَرُعنا الزَّئيرُ

وربضنا حولَ العرين أُسوداً
ووقفنا والقلبُ فينا يفورُ

كيف نُغضي على الهوان وفينا
كلُّ حُرٍ به العدى تستجير

نحن قومٌ إلى الضَّياغمِ نُعزى
لم يهُلنا شرُّ العِدى الُمستطير

نحنُ لولا حبُّ السلامِ لَطِرنا
مثلما كنا للحروبِ نطير

نحن لولا هيامُنا بفرنسا
لجهلنا وما علينا نَكير

إِنَّ في صَدرنا نُفوساً كباراً
كلُّ خطبٍ في مُقلتيها صغير

فاذخرنا لحادثاتِ الليالي
فابنُ لبنانَ في الوغى مشهور

يا أبا الخرمِ عالجِ الداءَ فينا
إِنَّ داءَ الشقاقِ داءٌ مُبير

فرَّقَ التُركُ بيننا من قُرونٍ
فغدونا والغِلُّ فينا يَثور

إِن عينَ السماءِ ترعاكَ يقظى
وقلوبَ الأعوانِ حولك سورُ


بطرس البستاني

الحمدان
08-04-2024, 08:34 AM
أَنجمَ الكمال وبدر السَّداد
قليلٌ على القُطر لُبس الحِداد

أَفلتَ فغابت نجومُ العُلى
وتمتَ فنامت أماني البلاد

عَهدناكَ أحنى الأنام فؤاداً
وأرعاهمُ لذمام الوَداد

وأَرثاهُمُ للعيون الدوامي
وأَشعرهم بالخطوب الشِداد

فِلم بنتَ عنَّا فأَدميت منَّا
القلوبَ فرقَّ لهُنَّ الجماد

رحلتَ ونحن أشدُّ افتقاراً
إِليك فكيف نُطيقُ البِعاد

فبتنا حيارى حِيالَ الرزايا
وبتنا كأنا نهيم بواد

ولو كنتَ تُفدى لكُنتَ المفدى
بألفَي هُمام وألفي جَواد

نزَلتَ ضريحاً دَجيَّ الحواشي
ولو انصفوا انزلوك الفؤاد

بلى أنت في كلِ قلبٍ مُقيمٌ
وحبكَ يبقى ليوم المعاد

سيذكركَ الناسُ ذِكراً يسودُ
كما ذكرُ يوسفَ في مِصرَ ساد

فيوسفُ صدَّ المجاعة حيناً
وليسَ لفضِلكَ فينا نفاد

لقد كان ذِكركَ ملء البلاد
يُشيدُ به كلُّ شادٍ وحاد

وقد كان فضلك صافي الزُّلال
يحوم على ورده كلُّ صاد

وقد كان رأيُكَ في المشكلات
إذا ما دجونَ شعاعَ السداد

فمُذ غبتَ ذُبنا أَسىً والتياعاً
ولم تذقِ العينُ طعمَ الرُّقاد

وكيف تطيق العيون الكرى
وفيها من الخطب شوكُ القتاد

عزيزٌ علينا المصابُ بنجمٍ
مُنيرٍ هوى من سماءِ الرشاد

عزيزٌ على الدين أن يُبتلى
بحبر خطيرٍ رفيع العِماد

فيا دهرُ كن آمناً فالذي
تهاب مضاه إِلى الله عاد

فتكت بهِ في الدجى غِيلةً
كذاك الأُسود اغتيالاً تُصاد

فكيف جرحت قلوب الورى
وأَوريت للحزن فيها الزناد

أليسَ من الجوران تُجتنى
السَّنابلُ قبل بلوغ الحِصاد

فما كان أَفجعَ خطباً أَرانا ان
قضاض الصواعق في كلِّ ناد

سمعنا لهُ في البلاد دويا
كقصف الرُّعود ببطن الوهاد

سمعنا له في قلوب الأعادي
رنين السهام ووقعَ الحِداد

إذا الرُّزءُ أدمى قلوب العدى
يكون الفقيدُ فقيدَ العباد

ألبنانُ سُحَّ الدُّموعَ غزاراً
وشارك نجومَ الدُّجى في السُّهاد

وأجرِ المناحات في كلّ صوبٍ
ولا تخلعنَّ ثيابَ السَّواد

ألبنان شقَّ الفؤادَ على
حكيم به قد بلغت المراد

أَلبنان خطَّ المصابَ الجسيم
على القلب بالدَّمع لا بالمِداد

بلِ أحفرهُ في الصدر واجعل له
إِطار الأَسى من نجيع السَّواد

أَلبنان وجداً على والدٍ
فقدت به في البلايا العتاد

فمن للمشاكل إِن اعضلت
ومن يُصلح الدهر وقت الفساد

ومن للخطُوب إذا استحكمت
ومن للقضاء إذا العدل باد

فيا لهفَ قلبي على راحلٍ
فَقدنا به السيف وقت الجِلاد

إذا الصبر عزَّ لمصرعه
فسُوق الهنا اصبحت في كساد

أضهال الإله على رمسهِ
عِهاداً من العفو تلو عهاد

وبوأَه في جِنان العلى
مقاماً عليًّا جزاء الجهاد


بطرس البستاني

الحمدان
08-04-2024, 08:34 AM
أَنشب الداءُ مخلبَيهِ بقلبي
وأَمضُّ الأَدواءِ داءُ الفؤَادِ

ويحَ طرفي فأَي ذنبٍ جناهُ
فيقاسي السُّهادَ تلوَ السُّهاد

ناوأَتني الأيامُ حتى دهتني
بخطوبٍ تفتُّ قلبَ الجماد

من مجيري من وحشتي ومُعيذي
من سقامٍ به أضعتُ رشادي

فكأَن النهارَ ليلٌ بهيمٌ
أَو كأني في ظلمة الألحاد

كلُّ نورٍ في مقلتيَّ ظلامٌ
كلُّ أُنسٍ عليَّ صعبُ المقاد

عيلَ صيري وأَيُّ صبرٍ لمضنى
زادهُ الهمُّ وهو اخبثُ زاد

فإذا الجوُّ بالغمام تغشى
صحتُ يا جوّث لا تعذب فؤَادي

لعبت بي الغمومُ حتى كأني
كرةٌ في يد الدواهي الشداد

وكأني بمقلتي وهي حَيرى
في لجاج الدجى الشديد السواد

كلما ساور الكرى محجريها
شردتهُ بلابلُ السُّهاد

كم ليالٍ طويتُها وفؤادي
فوق جمر الغضا وشوك القتاد

أرقبُ النجمَ وهو مثلي مغشى
بغمامٍ ارسى من الأطواد

لا انيسٌ به أداوي كلومي
لا سميرٌ يروي فؤادي الصادي

كنتُ في غزلتي كأني بسجنٍ
او كأني أهيم في كل واد

ما صفا لي في علتي قطُّ عيشٌ
وحرمتُ الجفونَ طعم الرُّقاد

كيف تقوى على الهجود عيوني
والمنايا تطوف حول مهادي

لم يرعني طيفُ الردى نصب عيني
كفراقي للحافظين ودادي

ضربَ الدهر يننا فافترقنا
مدةً خلتُها من الآباد

حالَ بعدُ الديار دون التلاقي
واطرادُ الأَنواء اي اطراد

تابعَ الجوُّ غيثهُ نحو شهرٍ
فتشكت حتى النفوسُ الصوادي

وذعرنا من الرعود غضاباً
ومللنا المقام في كل ناد

يا رعي الله من رعى عهد حبي
من كرامِ الزوار والعُواد

قد أعانوا على الشفاءِ فؤَادي
وهمُ منهُ في مقام السواد

لو جَفوني كما جفاني سواهم
لرأَيت الجحيم تحت وساديد

إِنَّ بُعدَ الأحباب افجعُ خطبٍ
والعليل المهجور اشقى العباد

فإِذا ما نضرتُ بعد ذبولي
فنضوري من جود تلك الغوادي

وإذا ما حييتُ كانت حياتي
من طبيبي المدور المجواد

كان لي في السقام أمرَ آسٍ
وبعيَدَ السقام اقوى عماد

فجزاهُ الإِلهُ خير جزاءِ
وأنال الخُلان كلَّ مُراد


بطرس البستاني

الحمدان
08-04-2024, 08:34 AM
كتبَ اللهُ لي البقاءَ مديدا
واللغاتُ الحسان تهوى الخلودا

ما جفاني من نشأتي قطُّ ولدي
بل كسوني من العلاءِ بُرودا

أيُّ نحرٍ بين اللغات كنحري
قلدته يدُ القريضِ عُقودا

أيُّ صدرٍ يحوي الكنوز كصدري
ويُريكَ الجمان فيه نضيدا

في الفيافي نشأتُ لكنَّ بُردي
راقَ وشياً ولا يزالُ جديدا

شُعرائي قد أَخرسوا بالقوافي
كلَّ شادٍ يُسكتُ الغريدا

حَلقوا في العلى نُسوراً وصادوا
ما رأَوهُ منَ المعاني فريدا

ولكم رنَّح المنابرَ فخراً
خُطبائي وارقصوا الجلمود

فتصفَّح أَسفارهم إنَّ فيها
حِكماً تجعلُ الضَّلول رشيدا

كلُّ ندبٍ يخوض بحر بَياني
لا يُحلي بغير درُي الجيدا

وإذا ما تلا تراجم قومي
أَبصرَ الأسد والأباة الصِيدا

ورأى الذوقَ في الفلا حضَرياً
ورأى اللطف كيف يأوي البيدا

قد طويتُ الزمان عصراً فعصراً
وملأت الزمان عزا وجودا

وتفردَّت بالبلاغة حتى
رفعَ العُجمُ في الرُّبى لي بُنودا

عجزَ الناسُ عن لحاقِ غُباري
وتجاوزت في السباق الحدودا

إنَّ حفظ الذمام قد بات عندي
سُنَّة لا أُطيقُ عنها مَحيدا

أيُّ عهدٍ قطعتهُ كان منه
حولَ عُنقي القيودُ تعلو القُيودا

وإذا ما وعدتُ انجزت وعدي
وكثيرون ينكثون العهودا

أنَّ نفسي تطيب إِن يقضِ يوماً
في سبيل الوفا وحيدي شهيدا

والمعالي تطيب إِن يقضِ يوماً
هيَ كانت على كمالي شُهودا

نخرةٌ في حَماسةٍ في إِباءٍ
لا ترى في الحلى لهنَّ نديدا

وجِواري للخائفين ملاذٌ
يجعلُ المحتمي به صنديدا

كيف أَخشى العدى وحوليَ سورٌ
من قلوبٍ بها أَفلُّ الحديدا

كيف اخشى غارات ريب الليالي
وامامي لبنان يُدمي الأُسودا

كيف اخشى ذُبولَ روضي وعندي
منهلٌ طابَ مصدراً وورودا

معهدٌ قد لقيتُ في جانبيه
عَطفَ أُمٍ على الوليدِ وحيدا

يُرضعُ النشءَ من ثدَيَّ حليباً
فيشبُّ الفتى حُساماً حديدا

يا بني العُربِ عزّزوني فتحيوا
أَذيعوا في الأرض ذكري الحميدا

وانشروا في الملا مآثر قومي
وتحدوا بالمكرمات الجدودا

كانت العربُ في الخيام ملوكاً
أتكونون في القصورِ عبيدا

كانت العُربُ ارحبَ الناس صدراً
ولدى الضَّيم اصلبَ الناس عُودا

لا يرونَ الوفاقَ إلا نعيماً
ويرونَ الشقاقَ خطباً شديدا

فانبذوا منكمُ التنافر حتى
تجعلوا العزَّ في البلاد وطيدا

وتباروا في ما يُفيدُ فلاحاً
وابذلوا في العلوم جهداً جهيدا

انما الشَّرقُ في الجهالة عبدٌ
فارفعوهُ بالعلم حتى يسودا


بطرس البستاني

الحمدان
08-04-2024, 08:35 AM
فَتحُوا السماءَ وطاردوا العقبانا
وجروا على متن الهوا فُرسانا

والجوُّ ودَّع عزَّهُ وهناءهُ
مذ صيَّروهُ لخيلهم ميدانا

والريحُ قد سلُست مقادتها لهم
حتى غدت مثل الذَّلُول ليانا

لله درُّهمُ إذا ما أَطلقوا
للمركبات السابحات عِنانا

فَتخالها عند الهبوط صواعقاً
وإذا تعالت خِلتها بيزانا

تَحكي الطيور بشكلها لكنها
أمضى جناحاً بل اشدُّ جَنانا

لو حاولَ النسر الفتيُّ لحاقها
لارتدَّ خوارَ القُوى عَيانا

أوَ لستَ تحسبها وقد طاروا بها
كالبرق آناً والسهام أَوانا

أمَّا جَناحاها فلا تطويهما
حتى يكونا للهوا مِيزانا

فإذا ارتقت قُبب السحاب وحَلَّقت
وقف العقابُ إِزاءَها ولهانا

ما كان أَبدع مشهداً عاينتُهُ
يسبي القلوب ويفتنُ الأَذهانا

شاهدت فدرين الجريءَ محلقاً
كالنسر يسبح في السما جَذلانا

من فوق مركبةٍ يحركها كما
يهوى فتخفق تحته خفقانا

لما دنا وقت الرحيل سَمعت من
أَحشائها ما يبعث الأَشجانا

زفَراتِ مصدورٍ تُصدِعه النَّوى
فَتشبُّ في اضلاعه نِيرانا

حتى إذا حِميتَ مراجلُها جرت
كالليث يزأرُ في الفلا غضبانا

قالوا بساطُ الريح وهمٌ كاذبٌ
فإذا بهم قد شاهدوهُ عيانا

مَن كان يحلم أنَّ أَطباق السما
سَتضمُّ في رحبائها سُكَّانا

مَن كان يحسب أن مضمار الهوا
سَيصيرُ يوماً بالورى غَصانا

فالأَرضُ لم تُشبع مطامعَ أهلها
فَبنَوا لهم في جورهم أوطانا

إِخفض جناحك أيها النَّسر الذي
مَلك الرقيع ببأسِه أَزمانا

قد كنت تزعم انَّ ملكك خالدٌ
لا يُحرزُ الإنسانُ فيه مَكانا

فإذا به والمركباتُ سوابحٌ
في الجو تحملُ فوقها الرُّكبانا

لا تأخذنَّك حيرةٌ مما جرى
فالله خوَّل آدمَ السُّلطانا

أَين المفرُّ من الأنام فإِنهم
خرقوا السماءَ وسخَّروا الأَكوانا

ما كنت تخشى في حماك مُزاحماً
حتى رأيت بجوك الإِنسانا

فلقد مضت يا نَسرُ دولتُك التي
هدمت لها ايدي الورى الأَركانا

ومضى زمانٌ كنت فيه مُمنَّعاً
تطوي الرقيعَ وتنثني نَشوانا

يا شرقُ مالك خاملاً والغربُ في
أَوج النباهة ينشرُ العمرانا

أَفلا تراهم يُحدثون غرائباً
يَقفُ اللبيبُ أَمامها حَيرانا

من كل مُعجزةٍ نكاد نَعدُّها
سِحراً ونحسبُ ربَّها شيطان
ا
لا ليس من سحر هُناكَ وانما
تَلدِ العلومُالمعجزَ الفتانا

سقياً لصدركِ يا فرنسا إِنهُ
يقي الصدورَ من العلوم لِبانا

ايُّ اكتشافٍ لم تكوني أُمَّهُ
او لم تزيدي صنعهُ إِتقانا


بطرس البستاني

الحمدان
08-04-2024, 08:35 AM
سوادُ العينِ يا وطني فداكا
وقلبي لا يوَدُّ سوى عُلاكا

نشأتُ على هواكَ فتى وفياًُّ
وما عَودتَني إِلا وفاكا

فكم عززتني ورفعتَ شأني
وكم أَجهدتَ في مَددي قواكا

وكم أَنزلتَ من وحيٍ جميلٍ
على فِكري الُمحلقِ في سماكا

أَيا وطنَ الأُسودِ فدتك نفسي
وخيرُ الناس من ماتوا فِداكا

رضِعتُ مع الحليب هواكَ صرفاً
فعززني وشرَّفني هواكا

سأبذل مُهجتي ودمي وقلبي
فدى شرفٍ تسلسلَ في دِماكا

وأرعى عهدَ حُبك كلَّ عمري
وأَبقى في الضريح على ولاكا

فما لي في سِواك حمى منيعٌ
وهل يَحمي بنيك سوى حماكا

لقد أَبقيتَ لي شرفي مَصُوناً
وليس يذودُ عن شرفي سواكا

إذا ما انتابني داءٌ عُضالٌ
شفاني الأَرزُ ينفحُ في ربُاكا

وكيف يُلمُّ بي داءٌ وبيلٌ
وقد نشق الفؤادُ شذا ثراكا

لأَنتَ حديقتي ونعيمُ روحي
وحسبي نعمةً أني أراكا

سأنشرُ في الورى ذكراك حتى
يفوحَ بكل ناحيةٍ شذاكا

وأَجعلُ في الفؤَاد هواك ديناً
وأَجري طِبق ما يهوى عَلاكا

لأنت سقيتني علماً زُلالاً
وأَنت أنرتَني بَسنا هُداكا

وأنت جعلتَني في كل خَطبٍ
حُساماً في يديك على عداكا

فصرتُ فتاكَ في كل الدواهي
وحسبي عِزَّةً أني فتاكا

أَكُرُّ على العدى ليثاً هصُوراً
إذا ما حاولوا يوماً أذاكا

ولي قلبٌ جريءٌ لا يُبالي
ببذل الروح إِن خطبٌ دهاكا

وكيف أخافُ غاراتِ الأعادي
وفوقي بات خفَّاقاً لواكا

جعلتُكَ بعد ربي خيرَ ربٍ
وما ضلَّ الأُلى عبدوا بهاكا

ولم يخطئ بنوكَ وهم سكارى
بحبك بعد أن نَشقوا هواكا

ستُدركُ مهجتي غُررَ الأماني
متى أدركتَ في العليا مَداكا

وأرشفُ في الحياة أَلذَّ كأسٍ
متى استوفيتَ حظكَ من هناكا

فكم أنجبتَ من مولى خطيرٍ
بنى للمجد صرحاً في ذُراكا

وكم أنبتَّ من بطلٍ كميٍ
أنالكَ ما تعذر من مُناكا

وكم نشأت من حرٍ أبيٍ
كساكَ من المفاخر ما كساكا

عليك وقفتُ يا وطني حياتي
وما أشهى المنيةَ في رضاكا

إذا ما متُّ فاحفر لي ضريحاً
حيالَ الأَرز تُؤنسني صَباكا

ولا تجعل لجسمي يومَ دفني
سوى كفَنٍ تُطرزهُ يداكا


بطرس البستاني

الحمدان
08-04-2024, 08:35 AM
مَهْلاً عَلَى القَلْبِ إِنَّ القلبَ قدْ لُسِبَا
إِذْ قِيلَ حَبْرَ الْهُدَى عَلَيَّ قَدْ عَتَبَا

حَبْرَ الْجَزَائِرِ لَا تَنْفَكُّ مُحْتَجِبأ
عَمَّنْ يَمُدُّ إِلَى تَنْكِيدِكُمْ سَبَبَا

لَا وَحَيَاتِكَ يَا ابْنَ الأَكْرَمِينَ أَباً
مَا كَانَ مَا فَاتَ مِنَّا عَنْ قِلىً عَجَبَا

لَكِنْ طَرِبْنَا بِمَا أَبْدَيْتَ مِنْ نُكَتٍ
نَفِيسَةٍ أَوْرَثَتْنِي ضَحِكاً طَرَبَا

وَقَدْ فَهِمْنَا فَهْمَنَا بِالذِي شَرِبَتْ
أَفْكَارُنَا مِنْ عُقَارٍ حَكَتِ الضَّرَبَا

وَمَنْ يَكُنْ بِعُقَارِ الْعِلْمِ مُصْطَحِباً
أَجْدِرْ بِهِ أَنْ يُرَى مِنْ سُكْرِهِ طَرِبَا

هَبْنَا زَلَلْنَا أَمَا لِلْحِلْمِ أَرْدِيَةٌ
سَابِغَةٌ تَرْتَدِيهَا زَلَّةُ الْغُرَبَا

إِنْ كَانَ هَذَا الذِي أبْدَيْتُهُ كَذِباً
فَلاَ قَضَى وَطَرِيمِنْ عِلْمِكُمْ أَرَبَا

وَلاَ رَكِبْتُ جِيَادَ الْعِلْمِ مُسْرَجَةً
وَلاَ اقْتَدَيْتً بِمَنْ هَامَ بِهَا وَصَبَا

وَلاَ ظَفِرْتُ بِمَا أَرْجُوهُ مِنْ وَطَرٍ
وَلاَ بَرِحْتُ أُعَانِي الْكَدَّ وَالْوَصَبَا

وَلاَ حَنَنْتُ إِلَى فَاسٍ وَجِيرَتِهَا
وَلاَ دَعَانِي إِلَى تِطْوَانَ عَرْفُ صَبَا


ابن زاكو

الحمدان
08-04-2024, 08:35 AM
يَا خَيْرَ مَنْ أَمَّ الرِّكَابْ
مِنْهُ الْهُدَى بَيْنَ الْهِضَابْ

مِنْ أَيِّ ذَنْبٍ أُهْمِلَتْ
عَرِّجْ بِمُنْعَرِجِ الْهِضَابْ

وَهْيَ التِي أَرْبَتْ عَلَى
رَيَّاوَزَيْنَبَ وَالرَّبَابْ

وَالطَّبْعُ مَجْبُولٌ عَلَى
بُغْضِ الْمُسِنَّةِ لاَ الْكَعَابْ

فَاعْدِلْ لَهَا يَا رَبَّهَا
فَالْعَدْلُ أَوْجَبَهُ الْكِتَابْ

وَأَزِحْ لَنَا عَنْ وَجْهِهَا
قَيْدَ النُّهَى فَضْلَ النِّقَابْ

إِنَّ الْفُؤَادَ وَحَقِّكُمْ
مِنْ أَجْلِ ذَلكَ فِي اكْتِئَابْ

أَبْقَى الإِلَهُ لَنَا بِكُمْ
سَمْشَ الرشَادِ بِلا سَحَابْ

وَالْبَحْرَ بَحْرَ حَقِيقَةٍ
وَشَرِيعَةٍ طَامِي الْعُبَابْ


ابن زاكو

الحمدان
08-04-2024, 08:36 AM
هَنِيئاً هَنيئاً بَعْدَمَا عَزَّ مَهْنَأُ
وَهَبَّاتُ لُطْفِ اللهِ بِالرَّوْحِ تَطْرَأُ

بِعَوْدِكَ يَا شَمْسَ العُلاَ بِالْحُلَى الأُلَى
عَهِدْنَا لبُرْجِ السعْدِ بلْ أَنتَ أَضْوَأُ

بِضَوْءِ طُلوعِ الشمسِ بعْدَ غُروبِهَا
وَرَوْنَقِ صَقْلٍ لِلظُّبَى حِينَ تَصْدَأُ

هَنِيئاً بِعَوْدٍ وَهْوَ أَحْمَدُ عِنْدَ مَنْ
هَوَاهُ نَظِيرِي سُورَةَ الْحَمْدِ يَقْرَأُ

فَلاَ تَعْذِلُونِي إِنَّما اسْمِيَ هَانِئٌ
لأَِهْنَأَ لاَ أَنْفَكُّ دَهْرِي أُنْشِئُ

فَأحْمَدُ إِمَّا يَقْتَضي الْحَمْدَ مُقْتَضٍ
وَأَشْكُرُ أَلْطَافاً لِذِي اللُّطْفِ تَطْرَأُ

فَإِنْ أَنَا أَمْسَى بَابُ شُكْرِيَ مُرْتَجىً
وَكُنْتُ كَمَنْ أضْحَى حَقِيراً وَيَنْتَأُ

فَلِمْ قَدْ قَطَفْتُ القَوْلَ وَهْوَ مُنَوَّر ٌ
وَلِمْ قد عَلِمْتُ كَيْفَ أُنْهِي وَأَبْدَأُ


ابن زاكو
العصر العثماني

الحمدان
08-04-2024, 08:39 AM
لله ما أنا فيهِ
من الجبينِ وفيه

وحاجبيه قسيٌ
سهامها مقلتيهِ

رمى فأدمى فؤادي
واستأسرتهُ يديهِ

فمُثّل العشق عندي
دومًا حنيني إليهِ

باهِ المحيّا بنورٍ
يشعّ من وجنتيه

أضاء كلّ سمائي
فغرتُ منهُ عليهِ




نايف الهذلي

الحمدان
08-04-2024, 08:41 AM
رحلُوا وما أبقى الرَّحيلُ متاعا
تركُوا الحنينَ معَ الأنينِ مشاعا

يا ليتهم قبل الرَّحيلِ تريَّثوا
حتَّى نُعانِقَ أو نقولَ وداعا

......

الحمدان
08-04-2024, 08:44 AM
قَبيحٌ مِن الإنسانِ ينسىظ° عيوبَهُ
وَ يَذكرُ عيبًا في أخيهِ قَدِ اختفىظ°

وَ لو كانَ ذا عَقلٍ لما عابَ غيرهُ
وَ فيه عيوبٌ لو رآها بِهِ اكتفىظ°

......

الحمدان
08-04-2024, 08:45 AM
ونصمُتُ ليسَ يعني أنْ رضِينا
‏ولكنْ ليسَ يُجْدي ما نقولُ

‏وليت الصمت يُجدي إنْ صمتنا
‏فلا صمتٌ يُفيد ولا حُلولُ

......

الحمدان
08-04-2024, 08:46 AM
بِنا من الحزنِ ما تبكي له مدنٌ
وينحني الصخر عطفًا كي يواسينا

وما لنا في اجتناب الحزن مقدرةٌ
يا رحمة اللهِ في جنبيكِ ضمّينا

......

الحمدان
08-04-2024, 08:47 AM
وفيكِ مِنَ الجمالِ دلالُ طفلٍ
‏وحيدٍ ، بعد عُقمِ الوالديْنِ

‏وفيكِ من الجلال مشيبُ شيخٍ
‏توضَّأ بالدموعِ لركعتيْنِ

‏وفيكِ من السلاحِ سهامُ هدبٍ
‏ورمحُ القدِّ ، قوسا حاجبيْن

‏وفيكِ من السلام هدوءُ أمٍّ
‏لطفلٍ نامَ بين الرضعتيْنِ

‏ختمتُ بكِ القصيدة فاقرئيني
‏ك بسمِ اللَّهِ بين السورتيْنِ

.....

الحمدان
08-04-2024, 08:49 AM
وحلفتُ أني لن أمُرَّ بدارها
‏فإذا الحنين يخونني ، فأمُرُّ

‏وأدقُّ باباً بالعيون ، لعلني
‏أجِدُ الجواب للهفتي فتقِرُّ

‏ويَقِرُّ قلبٌ ، من مرارِ حنينه
‏عجباً أراه ، إلى الجمَادِ يُسِرُّ

......

الحمدان
08-04-2024, 08:52 AM
عجيبٌ أَنْ أَرَاكَ وَأَنْ تَرَاني

وَنَحْنُ عَنِ الْهَوَى مُتَبَاعِدَانِ

وَنَنْظُرُ خِلْسَةٌ عَنْ بُعْدِ فِينَا

فَنَعْجَبُ كَيْفَ عَاشَ المَيْتَانِ

وَيَدْفَعُنَا الْحَنِينُ إلَى وَصَالٍ

فَنَذَكُرُ أَنَّ وَصْلَ الْحُبِّ فَانِ

وَتَرْجِعُ بَيْنَ حَالَتِنَا ببؤُسٍ

نُعَزي حَالَنَا مِمَّا نُعَانِي

فَلَيْسَ لَنَا هَنَاءٌ فِي التَّنَائِي

......

الحمدان
08-04-2024, 09:00 AM
تَذكرتُ أيامَ الوصالِ بِقربكُم
فهيّجَ قلبي في الغرامِ لهيبُ

فَواللهِ مَا فَارقتكمْ بِإرادَتي
لَكنّ تَصريفَ الزمانٍ عَجيبُ

فإن غبتُمُ عنّي جَفا النومُ نَاظرِي
وَعيشٌ بِلا الأحبابِ كيفَ يَطيبُ

......

الحمدان
08-04-2024, 09:01 AM
تَغَنَّ في كُلِّ شِعرٍ أَنتَ قائِلُهُ
إِنَّ الغِناءَ لِهَذا الشِّعرِ مِضمارُ

يَميزُ مُكفَأَهُ عَنهُ وَيَعزِلُهُ
كَما تَميزُ خَبيثَ الفِضَّةِ النارُ


حسّان بن ثابت

الحمدان
08-04-2024, 09:03 AM
لن أبرَحَ السَّعْيَ في نَهْجِ العُلا أبَدًا
حتى وإن بُؤْتُ في مَسْعَايَ بالفَشَلِ

حَسْبِي إذا لَمْ أنَلْ ما أبْتَغِي شَرَفًا
أنِّي اجتَهَدتُ، وَلَمْ أَخْلُد إلى الكَسَلِ


عزت المخلافي

الحمدان
08-04-2024, 09:05 AM
عنايةُالله صانتني عن الخطلِ
ودينهُ الحق نجاني من الزللِ

وحفظه لي من الأ خطار محدقة
ولطفه بي وإرشادي إلى السبلِ

إذاأتى فضله أوزادني نعماً
عجزتُ عن شكره دوما فياخجلي

هدايةٌ من إلهي جاءت على مهلٍ
تجمعت في خلايا النفس والمقلِ

وماأتتْ لي على علم ولاعمل
لكنها وافقت قلبابلا دغلِ

أراقبُ النفسَ دوما بل أحذرها
وأخبتُ الناسِ من أمسى على وجلِ

فياإلهي أنا عبدٌ به ألمٌ
فعافني ياحبيبي أنت لي أملي

وجدبرزقٍ لعبدأنت تعلمه
فأنت تعطي عطاءالمنعمِ الجزلِ

......

الحمدان
08-04-2024, 09:08 AM
يا أيّها النّاسُ إنّي قَد غفرتُ لَها
أواخِرَ القَــسوَةِ العَــميا وأوَّلَــها

بدونِ أن تطلبَ الغفرانَ عانَقَها
منّي الخيالُ وفوقَ الزهرِ قبَّلَها

وفي الحقيقةِ أنّي متُّ منتَظِرًا
حنانَها فاتِحًــا عَيــني لتَــدخُلَها

وذابَ صَبري على الأشواقِ واتسَعتْ
دَقائِــقي ويكَــأَنَّ الهــجرَ طَــوَّلَــها

وهــا أنا الآنَ قــرَّرتُ الإيــابَ إلى
تلكَ الّتي غرسَت في القلبِ مِنجَلَها

وجِئتُها طالبًا مِن جُودِ مِعــزَفِها
لحنًا حَنونًا يميتُ البعدَ والوَلَها

ومُنهكًا عدتُ والأحــلامُ أنهَكَــها
مِثلي المسيرُ فظَهري ما تَحمَّلَها

أنثايَ أبخلُ من كفّ البلادِ على
عبدٍ منيبٍ على الجنّاتِ فضَّلَها

بخيـلةٌ هيَ مِن بينِ الأنــامِ ومِن
بينِ الجَميلاتِ أنثى لا شريكَ لَها

......

الحمدان
08-04-2024, 09:10 AM
أَنامُ وَما قَلبي عَنِ المَجدِ نائِمُ
وَإِنَّ فُؤادي بِالمَعالي لَهائِمُ

وَإِن قَعُدَت بي عِلَّةٌ عَن طِلابِها
فَإِنَّ اِجتِهادي في الطِلابِ لَقائِمُ

يَعِزُّ عَلى نَفسي إِذ رُمتُ راحَةً
بِراحٍ فَتُثنيني الطِباعُ الكَرائِمُ

وَأَسهَرُ لَيلي مُفكراً غَيرَ طاعِمٍ
وَغَيري عَلى العِلّاتِ شَبعانُ نائِمُ

يُنادي اِجتِهادي إِن أَحَسَّ بِفَترَةٍ
أَلا أَينَ يا عَبّادُ تِلكَ العَزائِمُ

فَتَهتَزُّ آمالي وَتَقوى عَزائِمي
وَتُذَكِرُني لذَاتِهُنَّ الهَزائِمُ


المعتمد بن عباد

الحمدان
08-04-2024, 09:11 AM
حَدِيثُهُ أَو حَدِيثٌ عَنهُ يُطرِبُنِي
هَذَا إِذَا غَابَ أَو هَذَا إِذَا حَضَرَا

كِلَاهُمَا حَسَنٌ عِندِي أُسَرُّ بِهِ
لَكِنَّ أَحلَاهُمَا مَا وَافَقَ النَّظَرَا


ابن الفارض

الحمدان
08-04-2024, 09:13 AM
لا جزى اللهُ دمعَ عيني خيرًا
وجزى اللهُ كلَّ خير لساني

نمَّ دمعي فليسَ يكتمُ شيئا
ورأيتُ اللسانَ ذا كِتْمانِ

كنت مثلَ الكتاب أخفاهُ طيٌّ
فاستدلوا عليه بالعُنْوانِ

......

الحمدان
08-04-2024, 09:13 AM
وَتَرى الشَّوكَ في الوُرودِ وَتَعمىٰ
أَن تَرى فَوقَها النَّدىٰ إِكليلا!

وَالَّذي نَفسُهُ بِغَيرِ جَمالٍ
لا يَرى في الوُجودِ شَيئًا جَميلا

فَتَمَتَّعْ بِالصُّبحِ ما دُمتَ فيهِ
لا تَخَف أَن يَزولَ حَتّى يَزولا

وَتَعَلَّمْ حُبَّ الطَّبيعَةِ مِنها
وَاتْرُكِ القالَ لِلوَرىٰ وَالقيلا


إيليا أبو ماضي

الحمدان
08-04-2024, 09:14 AM
يَا وَاعِظَ النَّاسِ عَمَّا أَنْتَ فَاعِلُهُ
يَا مَنْ يُعَدُّ عَلَيْهِ الْعُمْرُ بِالنَّفَسِ

اِحْفَظْ لِشَيْبِكَ مِنْ عَيْبٍ يُدَنِّسُهُ
إِنَّ الْبَيَاضَ قَلِيلُ الْحَمْلِ لِلدَّنَسِ

كَحَامِلٍ لِثِيَابِ النَّاسِ يَغْسِلُهَا
وَثَوْبُهُ غَارِقٌ فِي الرِّجْسِ وَالنَّجَسِ

......

الحمدان
08-04-2024, 09:16 AM
هي لمْ تَقلْ يَوماً: أحبُّكَ بينَما
‏حكتِ العيون بِـ كل ما أبغيهِ

‏ما كان أجملَ كبرها وعنادَها
‏الحب أجملُه الذي تخفيهِ

‏إن أنكر العشاقُ فيك صَبابتي
‏فأنا الهوى وإبنُ الهوىظ° وأخيهِ


......

الحمدان
08-04-2024, 09:18 AM
مدنيـة الألحـاظ مكيـة الحشـى
هلاليـة العينيـن طائيـة الـفـم
ِ
وممشوطة بالمسك قد فاح نشرهـا
بثغـر كـأن الـدر فيـه منـظـم ِ

أشارت بطرف العين خيفـة أهلهـا
إشـارة محـزون ٍِ ولــم تتكـلـم ِ

فأيقنت أن الطرف قد قـال مرحبـا
وأهـلا وسهـلا بالحبيـب المتيـم

......

الحمدان
08-04-2024, 09:21 AM
أيّها العابرون على جسدي
لن تمرّوا ، أنا الأرض فى جسد

لن تمرّوا ، أنا الأرض فى صحوها
لن تمرّوا ، أنا الأرض

يا أيّها العابرون على الأرض فى صحوها
لن تمرّوا ، لن تمرّوا ، لن تمرّوا


محمود درويش

الحمدان
08-04-2024, 09:27 AM
صَدرِي مناجمُ فحمٍ في حرائِقها
‏فكيفَ أكتبُ نصًا يُثلجُ الصّدرا؟

لا شيءَ عندي سِوى جرحٍ أُرتِّلهُ
‏يُصفِّقُ الناسُ لي والجرحُ لا يبرا


......

الحمدان
08-04-2024, 10:46 AM
يا متعباً بنقوشِ الخَطِّ أَنملَه
وَساهرَ اللّيلِ لَم يَرقُد وَلَم يَنَمِ

دَع عَنكَ ما راحَت الأَقلام تنقشُهُ
في صَفحةِ السيفِ ما يُغني عنِ القلمِ


ابن معصوم

الحمدان
08-04-2024, 10:47 AM
مَن لِصبٍّ شَفَّه جورُ النَوى
كلَّما أَوجعَه التذكارُ أَنّا

وإذا هبَّت صَبا نَجدٍ صَبا
قَلبُه شَوقاً إلى نَجدٍ وحَنّا


ابن معصوم

الحمدان
08-04-2024, 10:47 AM
فارقتُ مكّةَ والأقدارُ تُقحِمُني
وَلي فؤادٌ بها ثاوٍ مَدى الزَمنِ

فارقتُها لا رضىً منّي وقد شهدَت
بذاكَ أَملاكُ ذاك الحِجر والرُكُنِ

فارقتُها وبودّي إذ فَرَقتُ بها
لَو كانَ قد فارَقت روحي بها بَدَني


ابن معصوم

الحمدان
08-04-2024, 10:47 AM
يا قَهوةً قِشريَّةً
حَكَت النُضارَ بلَونِها

وَلَكم حباكَ حَبابُها
بخَلاصِها ولُجَينِها

جُليَت عليَّ مصونةً
بِزفافِها وبصَونِها

وَكأَنَّ كُلَّ حَبابَةٍ
تَرنو إليَّ بِعَينِها


ابن معصوم

الحمدان
08-04-2024, 10:47 AM
قامَت تُديرُ سُلافاً من مُراشِفها
حَبابُها لؤلؤ الثَغرِ الجمانيِّ

في لَيلَةٍ من أَثيثِ الشعر حالكةٍ
منها دَجا حندسُ اللَيل الدَجوجيِّ

تُريك إِن أَسفرَت غرّاءَ مائسةً
بدرَ السماء على أَعطافِ خَطيِّ

من أَينَ للظَبي أَن يَحكي ترائِبَها
وَلَو تشبَّه ما حاكٍ بمحكيِّ

كَم لَوعَةٍ بتُّ أُخفيها وأُظهِرُها
فيها وسِرُّ التَصابي غيرُ مَخفيِّ

أَما وَصَعدَةِ قدٍّ مِن مَعاطِفها
وعَضبِ لَحظٍ نضَتهُ هِندوانيِّ

ما إِن عذلت على حُبّي الفؤادَ لها
إلّا وَجاءَ بعُذرٍ فيه عُذريِّ

وافَت فأَذكَت هُموماً غير خامدة
وأذكرتني عَهداً غيرَ مَنسيِّ

يا حبَّذا نظرةً هام الفؤادُ بها
أَزرَت وعينيكَ بالظَبي الكناسيِّ

لَقَد نعمتُ بِوَعدٍ منك مُنتَظَرٍ
وَنائِلٍ مِن نظامِ الدين مَقضيِّ


ابن معصوم

الحمدان
08-04-2024, 10:48 AM
قصر بدا روض الحبور أخاه
نسباً ومعمود السرور أباه

زرناه نجلي للصدا أو نجتدي
أنس التهاني من رحاب فناه

ولذاك لما أن شكى قلبي الضنا
أرحت إيوان الخلاص شفاه


إلياس إده

الحمدان
08-04-2024, 10:48 AM
أمنذرٌ ملكٌ قد جاء للبشر
أم طالع السعد وافى داحض الكدر

أم ضوء صبحٍ يلاشي ظلمةً دهمت
أم البشير أتى في أطيب الخبر

أم ذا طبيبٌ دنا يشفي لعلتنا
أم أقبل الحبر جبرائيل بالظفر

العالم العامل الفرد الذي سطعت
فيه فضائل ما جمعن في بشر

ومذ أضاءت به الشهباء وافتخرت
فيه ومن رشده أمست على حذر

فأصبحت جنة مما أفاض بها
من حسن منطقه بالمعنى مبتكر

ومن جلا لظلام الجهل حين دجا
بالعزم والحزم شبه الصارم الذكر

حلال مشكلةٍ كشاف معضلةٍ
نقاد عاطلةٍ بالذوق والنظر

القائل الفصل لم تخطئ روايته
والفاضل المخلص الصافي من الكدر

مذ أصبحت للورى أعتاب سدته
ملجا العفاة ومنجي الخلائف الحذر

يلقاك طلق المحيا وهو مبتسمٌ
بمنطقٍ خلته أبهى من الشذر

له مزايا كزهر الروض مقصرةً
فشأن مثلك ينفي العيب بالعذر

واستر قاني تركت الشعر من زمنٍ
لشاغلٍ عنه غشى مقلة الفكر

وإن تكن من بليغ القول عاطلةً
فقد تحلت بعقد المدح كالدرر


إلياس إده

الحمدان
08-04-2024, 10:49 AM
براعتي في امتداحي منهل النعمِ
قد استهلّت بديع النظم كالعلمِ

قد هام قلبي بتركيب الغرام فقل
بي ما تشا مطلقاً لم تقتصر هممي

كم ضلَّ لاحٍ بلفظٍ ظل ينشدهُ
والقلب ما مال لمَّا لام للندمِ

في المنهل العذب لا يختار منع ظما
مضنىً بتلفيق ما يرويه من عظم

مذ صاح داعي الهوى تممت دعوتهُ
وزد أيا صاحِ تطريفي ولم أُلَم

ان ذيل الحبُّ حبل الوصل منه بلا
فصل لحقتُ بنيل الجود والكرم

وقد تصحف حبُّ الغيد عندي كما
تحرّف القلب عن ذا القسم بالقسم

وملت نحو ابن نون المعنوي عسى
يصير لي كابن رعدٍ أو أبي الأُمم

مستطرداً خلفه خيل الغرام ولم
أخشَ النكال ولو فيه يراق دمي

وحرتُ في حبه والافتتان بهِ
انعى زماناً مضى هدراً بغيرهم

وقد تخيَّرت موتي في محبتهم
ولو طلبتُ سواهُ متُّ من ندمي

صدر المعالي لهم ترتدُّ راجعة
كردّ عجز مناويهم لصدرهم

قد اوجبوا القول اني عن محبتهم
قد ملت قلت الى الاتلاف والعدم

وطال تذييل سهدي في الغرام وقد
نام الخليّ ومضنى الحبَّ لم ينم

ومذ ناوا عن عياني عدت ملتفتاً
سيروا الهوينا بقلبي وارحموا سقمي

ساروا بخيل غرامي عندما استعرت
نار الجوى في ضميري يوم بينهم

واستخدموا في الدجى نجماً ليرشدهم
وقد رعتهُ ضحى انعام سربهم

وما اكتفيت بتمهيد الطريق لهم
بل رمت تشتيت منها شمل كل كمي

طابقتُ ان بدلوا قربي ببعدهم
ولا اطابق ان شحُّوا بوصلهم

ناقضتهم ان نووا هجري ولو بدلت
حالي وعدت رضيعاً غير منفطم

قابلت ذلي وفقري شقوتي نَعمي
بعزّهم والغنى والسعد والنعم

صبرت في الحب حتى قلت ممتثلاً
من حاول الكيَّ فليصبر على الأَلم

جعلت حبَّهم في الناس ملتزمي
وعن هوى غيرهم أعدو كمنهزمِ

بهم تشابه أَطراف حلت بهم
بهم أَهيم ولو طال المدى بهم

قال المناوي تناسَ حبهم رسلاً
فقلت مستدركاً لكن على ضرم

واربتُ مذ لامني اللاحي وقلتُ لهُ
حُييتَ يا سمج الأَخلاق والشيم

بالجدّ هازَلَني صحبي بقولهمِ
يهنيه أخصب جسماً مذ رأوا ورمي

وأَبهم النصح عذالي بشقشقةٍ
وليت شقَّ الحشى من قبل نصحهم

لما اختبرتُ أُموراً منهمُ صدرت
نزَّهتُ قلبي بحق عن ودادهم

يهجو بمعرض مدحٍ عاذلي شرفي
يقول سدتم بحمل الذلّ والتِّهم

فقلت متهكماًُ للمبتغي شرفاً
قد عشتَ معتبراً بُشراك بالندم

تغايروا في مديح الجاه وافتخروا
وكم رمى أهلهُ بالذل والنقم

فلا افتخار بغير الفضل ان به
سولةً تجعل الشان الوضيع سمي

اعمل صلاحا اهمل كل صالحةٍ
ودع كلام عدوَ الله كالع

جمع الكلام اذا ما لم يفد أدباً
لم تكتسب من جناه لذة الحكم

كلم اخا دعةٍ تعد اخا ملك
فيستوي منك قلبٍ غير منسقم

إن شكَّكت عينك اليمنى فإقلعَها
والقها تقتبس نوراً وأَنت عمي

فمن توجه نحو الله منتصباً
بكسرة القلب يبنيه كما العلم

اذا تزاوج ذنبي واعترفت لهُ
نفى عذابي وكافانيعلى الندم

وما رجعت الى نفسي أُؤبنها
نعم رجعت ولكن عند منهرمي

يا نفس اصغي لعتبي واقبليه كفى
كم تلزميني بفعل غير محتشم

فهل يبررني تسليم خدعتك
فلا لعمري ولو عدت الى العدم

لا كنتُ حياً ولا بُلغت نيل مُنًى
ان كنت اُصغي لدعواكِ وذا قسمي

حتى استعين على حسن التخلص مم
ما قد جنيت بمدحي معدن الكرم

يسوع بكر الاله ابن البتولة نجلُ
الأنبياءِ وربٌّ في اطّرادهم

نور الوجود وجود النور منهُ بدا
في الكون يا عكس شعب عن سناهُ عمي

فردٌ بهِ كل اجزاء الورى انحصرت
وذاته علة الاكوان من عدم

طبعٌ تثلَّث والتفسير جاءَ أبٌ
وابنٌ وروح إلهٍ غير منقسم

فالأب أولدهُ والروح أيَّدهُ
والخلق تعبدهُ مماثلي الخدم

ومذهبي في كلامي عن تجسده
لو لم يكن ما تخلَّصنا من النقم

لمَّا بدا لاح تشريع الخلاص لنا
حزنا الفدا وهدانا أوضح اللقم

شيئان قد اشبها شيئين حين بدا
وجودهُ في الدنى كالنور في الظلم

ناسوتُه طاهرٌ والبُّر ناسبهُ
لاهوتهُ ظاهرٌ والسرُّ كالعلم

وافى لينقذ حوَّا من خطيئتها
وتمم الفضل اذ أَوفى عن الامم

قد ردَّ مجد أَبيه في ولادتهِ
وقد رضي الله بعد الغيظ والندم

فهو الجليل وفي أرض الجليل بدا
جليل ترديده في غاية الحكم

تعليمهُ عذب ما شانهُ كذبٌ
تنبيك عن حكمٍ تشطير محتكم

ومن اشارتهِ في وعظهِ رجعت
جمع الخلائق عما في نفوسهم

قد أَوغل السير بالتبشير مجتهداً
على هدى شعبه بل سائر الامم

تؤلف الوزن والمعنى بشارُتهُ
لأَنها قد أَتت في غاية الحكَم

توشيع آياتهِ مذ اعلنت فضحت
ضلالة الملحدين ابليس والصنم

تقسميهُ معجزات في ذوي عللٍ
كالبرص والصمّ والعميان والبكم

ايجاز أوصاف ما اَبدت يداهُ يُرى
في الارض والبحر والافلاك والنسم

نوادر الجود فاضت من يديه ولم
تكف حتى الدما اَجرتها كالديم

وقد تعوَّد بسط الكف مبتهجاً
حتى على العود أَعطاها بلا ندمِ

جمعٌ تقسَّم في آلامهِ قِسماً
فالنفس في نعمٍ والجسمب في ألمِ

وجسمهُ من نحولٍ كالخلال غدا
وقد تشبه نور الوجه بالظلم

حتى تجاهل فيه الناس معرفةً
قالوا بهِ سقمٌ أم بالنبال رُمي

وقد توارى جمال الوجه مستتراً
لما عراهُ الحيا في ضيقة الرجم

في موتهِ قد تساوى في الأنام وفي
نهوضهِ أَظهر اللاهوت كالعلم

جلَّت قيامتهُ بالانتصار وقد
عزت قلوباً من التوهيم في غمم

صعودهُاخترع النهج القويم لنا
كي نرتقيه بجنحي البرّ والنعم

رقىعلى السحب بل فوق الكواكب بل
فوق السماء باضرابِ عن الاكم

وأرسل الروح من تلقاهُ منسجماً
على تلاميذه كالسن الضرم

وقال سيروا أَنا معكم بلا جزعٍ
تسهموا الأرض وادعوا سائر الأمم

فمنتركتم خطاياه لهُ تركت
ومن عقدتم عليه الحرم ينحرم

فارقوا كلَّماوى الحب وانعطفوا
نحو الذي مات حباً في خلاصهم

تمكنوا في وصاياه وقد طفقوا
يسعون بين الذباب الخطف كالغنم

توزعوا منزعين العجز وانتزعوا
باعِلزَبولاً وعزَّتهُ بعزمهم

الباذلو الحب بذل النفس يوم وغى
مستتبعين الهدى بالحفظ للذمم

مذ اودعوا الحب قد لذت نفوسهم
في ما النفوس تراهُ غاية الأَلم

دماهمُ رشت البيداء مذ نزعوا
رواية الكفر في تصحيح قولهم

غطوا السماءَ بدمع بالدما اشتركا
سما الربى لا سما الاجرام والديم

كم صرَّعوا حاسديهم في رواتهم
كم ابرأوا قاصديهم في صلاتهم

فالفضل مؤتلف منهم ومختلفٌ
لأن بطرس يسمو فوق كلهم

قد قام منهم امامٌ فاق اخوتهُ
وهو الصفا موضح الاشكال للامم

ايمان بطرس عين الحق معتقدي
نكت على من عصا بل عن سناهُ عمي

من يخسر العمر والدنيا بهم ربح
الدارين في حبه حسن اتباعهم

أو يعطف القلب يوماً نحو حبهم
يتعطفون بهِ في يوم دينهم

تؤلف اللفظ والمعنى رسالتهم
تألُّف الوعظ بالآيات والحكم

كم رصعوا حِكَماً من درّ وعظهم
كم فرَّعوا نعماً من برّ لفظهم

فاللفظ كالدرّ والعقيان مؤتلف
باللفظ فيهم كمنثور ومنتظم

سمّط عقودهمُ وارفع بنودهمُ
واخمد حسودهمُ بالذل والغمم

فما الملائك في بر وفي ثقةٍ
يوماً باطهر من تفريع برّهم

طهر النفوس اتساع الرأي خُصَّ بهم
بيض القلوب حسان الخلق والشيم

نحل الجسوم قريحو الجفون وهي
تكني عن النسك والاسهار والندم

تنسيق مجدهم تتميق مدحهم
توفيق سعدهم بنبي عن العظم

تلقى الهياكل في اعيادهم عقدت
فرائد الدرّ من ألحان مدحهم

تألف الوزن بالألفاظ جانسهُ
حسن النشائد بالإحسان والنعم

سجعي بمدحهم قد صار من قسمي
اذ فيه مغتنمي في موقف الحكم

جزَّيت من كلمي روَّيت من قلمي
ابديت من حكمي اهديت كل عمي

مدحي بمعرض ذمٍ قد يخص بهم
لا عيب فيهم سوى إكرام ربهم

من قد أعدَّ لهم ملكاًب وكمّلهُ
مذ خصَّهم أن يدينوا سائر الأمم

مخلّص رام تخليص العباد وقد
وافى وخلَّصهم بعد انشقاقهم

قد أبدع العدل في شرعٍ سما فنما
واينع الفضل فرعاً في حماهُ حمي

وفلك نوحٍ اتت عنوان بيعتهِ
فمن يلجها نجا من لجة العَرَم

كم هدَّ ركن ضلال حين أسسها
وكم ترشح منها الخير كالديم

تمليح انوارها أمست مشعشعة
ضاهت وَرَشليمهُ العلياءَ في الظلم

وحيدة جمعت قدس الرسالة في
ترتيب انذارها للعرب والعجم

لي منهلٌ من ينابيع الحياة بها
يطفي أُوامي بتجريدي من النقم

أهل الهدى قد أطاعوا شرع بيعتهِ
وقد عصاه العدى من فرط كفرهمِ

ما رام بالسيف يحمي حقّ مذهبهِ
ولا تعرَّض للإِلزام والرغمِ

وداعةٌ واتضاعٌ مع تقى ونقا
قد جمعتهم سجاياه مع الكرم

تعديد أَوصافهِ ربَّ الوجود سما
مولى عظيماً الهاً بارىء النسم

طيٌ ونشرٌ وتقريب بهِ وجفا
للغدر والودّ والافضال والامم

لو لم يُقم أُمَّهُ ملجا لأُمتهِ
لما تعلَّل انقاذي من النقم

بها مجازي الى دار النعيم وهي
باب السماء وبيت الحق والحكم

وهي النجاة لكل المؤمنين وقل
كل الانام وان بالغت لم تُلَم

فلو ترى توبة الشيطان ممكنةً
لأغرقتُه بتيار من النعم

كادت تردُّ زماناً فيه قد سقطت
كل الانام لكي تغلو بحفظ

قالوا هي العرش والتفريق
العرش موطى وهي ترقاه بالقدم

تأديب سيرتها الحسناء يخبرنا
عن حسن تهذيبها للطبع والشيم

فان توشحت الاكرام لا عجبٌ
لأنها أُم عين الجود والكرم

من كان نسبتهُ نعتاً لأُمتهِ
فتلك أَنصاره حسب اتفاقهم

شغلي بتطريز مدحي فيه مغتَنَمي
يا خير مغتنمٍ يا خير مغتنِمي

يداهُ كالبحر في تفريق ما جمعت
وفيضهُ البحر كم روَّى فؤاد ظمي

يعطي بشحٍّ وسحٍ ثم يوضحهُ
شحٍّ لمستغنم سحٍّ لذي كرم

حلٌّ وغلٌّ لهُ للمعنيين غدا
تالف نحو مأسورٍ ومحتكم

لا ينتفي منه ايجاب الجميل ولا
يعطي بشحٍ ومن يقصدهُ يغتنم

كرّر وسل شيم المستحسن الشيم
المستحسن الشيم المستحسن الشيم

وابكِ ونح وانتحب وامنح وجُد وأنل
فوّف وسرَّ وابتهج واطلب وسل ورُم

واصغي لقولي اذا حاجيت ملتفتاً
من جاز بحراً فهل يحصيه بالقدم

واعطِ ليومك ما يحتاج من اسف
واطرح لما فيه تلقَ حلَّ لغزهم

من شام تلويح إلهام وجدَّ على
تحصيله وجد السلوان في الغمم

لقد تبَّين لي حسن البيان وقد
تظاهر الحق والبرهان كالعلم

مذ شام طرفي بروقاً من سناه أَضت
راعى النظير بدمع فاض كالديم

وابيض اسود خطي حين دَّبج في
صفر الخدود مجاري مدمعي العتم

لذاك قد جيت يا مولاي معترفاً
بما تفضَّل من ذلي ومجترمي

فلو سمحت بعتقي لستُ معترضاً
حزت النجاة وكم سامحت ذا وصم

سلبت نعماك عدلاً من ذوي كسلِ
وزدت محترساً فضلاً على النعم

تُشاكل الخير خيراً والمسيءَ اسى
والشر شرَّاً وذا الاحسان بالكرم

فاعضد بنيك ولو ابقيت مندمجاً
بذلتي غير جود قط لم أرم

سلبت كل رجاءٍ في الانام وقد
أوجبت فيك الرجا يا عين مغتنمي

غادرت كلاًّ وما استثنيت من أحدٍ
الاَّك يا منقذي في يوم محتكمي

فاحنن عسى القلب يحظى قبل غايته
بعاطف منك لولا نورهُ لعمي

أنا الطبيب المرجي عف ذنبيَ
ابراهيم مستشهد دمعي على الندم

أرجوك من بعد مدحي والتخلُّص من
تاريخه ان تنجيني من الضرم

براعتي اظهرت ما فيَّ من طلب
فلا احتياج الى التصريح بالكلم

من قبل بدء حسابي يوم محتكمي
ارجو الخلاص وأُعطي حسن مختتمي


إبراهيم خيكي

الحمدان
08-04-2024, 10:49 AM
براعتي في امتداحي منهل النعمِ
قد استهلّت بديع النظم كالعلمِ

قد هام قلبي بتركيب الغرام فقل
بي ما تشا مطلقاً لم تقتصر هممي

كم ضلَّ لاحٍ بلفظٍ ظل ينشدهُ
والقلب ما مال لمَّا لام للندمِ

في المنهل العذب لا يختار منع ظما
مضنىً بتلفيق ما يرويه من عظم

مذ صاح داعي الهوى تممت دعوتهُ
وزد أيا صاحِ تطريفي ولم أُلَم

ان ذيل الحبُّ حبل الوصل منه بلا
فصل لحقتُ بنيل الجود والكرم

وقد تصحف حبُّ الغيد عندي كما
تحرّف القلب عن ذا القسم بالقسم

وملت نحو ابن نون المعنوي عسى
يصير لي كابن رعدٍ أو أبي الأُمم

مستطرداً خلفه خيل الغرام ولم
أخشَ النكال ولو فيه يراق دمي

وحرتُ في حبه والافتتان بهِ
انعى زماناً مضى هدراً بغيرهم

وقد تخيَّرت موتي في محبتهم
ولو طلبتُ سواهُ متُّ من ندمي

صدر المعالي لهم ترتدُّ راجعة
كردّ عجز مناويهم لصدرهم

قد اوجبوا القول اني عن محبتهم
قد ملت قلت الى الاتلاف والعدم

وطال تذييل سهدي في الغرام وقد
نام الخليّ ومضنى الحبَّ لم ينم

ومذ ناوا عن عياني عدت ملتفتاً
سيروا الهوينا بقلبي وارحموا سقمي

ساروا بخيل غرامي عندما استعرت
نار الجوى في ضميري يوم بينهم

واستخدموا في الدجى نجماً ليرشدهم
وقد رعتهُ ضحى انعام سربهم

وما اكتفيت بتمهيد الطريق لهم
بل رمت تشتيت منها شمل كل كمي

طابقتُ ان بدلوا قربي ببعدهم
ولا اطابق ان شحُّوا بوصلهم

ناقضتهم ان نووا هجري ولو بدلت
حالي وعدت رضيعاً غير منفطم

قابلت ذلي وفقري شقوتي نَعمي
بعزّهم والغنى والسعد والنعم

صبرت في الحب حتى قلت ممتثلاً
من حاول الكيَّ فليصبر على الأَلم

جعلت حبَّهم في الناس ملتزمي
وعن هوى غيرهم أعدو كمنهزمِ

بهم تشابه أَطراف حلت بهم
بهم أَهيم ولو طال المدى بهم

قال المناوي تناسَ حبهم رسلاً
فقلت مستدركاً لكن على ضرم

واربتُ مذ لامني اللاحي وقلتُ لهُ
حُييتَ يا سمج الأَخلاق والشيم

بالجدّ هازَلَني صحبي بقولهمِ
يهنيه أخصب جسماً مذ رأوا ورمي

وأَبهم النصح عذالي بشقشقةٍ
وليت شقَّ الحشى من قبل نصحهم

لما اختبرتُ أُموراً منهمُ صدرت
نزَّهتُ قلبي بحق عن ودادهم

يهجو بمعرض مدحٍ عاذلي شرفي
يقول سدتم بحمل الذلّ والتِّهم

فقلت متهكماًُ للمبتغي شرفاً
قد عشتَ معتبراً بُشراك بالندم

تغايروا في مديح الجاه وافتخروا
وكم رمى أهلهُ بالذل والنقم

فلا افتخار بغير الفضل ان به
سولةً تجعل الشان الوضيع سمي

اعمل صلاحا اهمل كل صالحةٍ
ودع كلام عدوَ الله كالع

جمع الكلام اذا ما لم يفد أدباً
لم تكتسب من جناه لذة الحكم

كلم اخا دعةٍ تعد اخا ملك
فيستوي منك قلبٍ غير منسقم

إن شكَّكت عينك اليمنى فإقلعَها
والقها تقتبس نوراً وأَنت عمي

فمن توجه نحو الله منتصباً
بكسرة القلب يبنيه كما العلم

اذا تزاوج ذنبي واعترفت لهُ
نفى عذابي وكافانيعلى الندم

وما رجعت الى نفسي أُؤبنها
نعم رجعت ولكن عند منهرمي

يا نفس اصغي لعتبي واقبليه كفى
كم تلزميني بفعل غير محتشم

فهل يبررني تسليم خدعتك
فلا لعمري ولو عدت الى العدم

لا كنتُ حياً ولا بُلغت نيل مُنًى
ان كنت اُصغي لدعواكِ وذا قسمي

حتى استعين على حسن التخلص مم
ما قد جنيت بمدحي معدن الكرم

يسوع بكر الاله ابن البتولة نجلُ
الأنبياءِ وربٌّ في اطّرادهم

نور الوجود وجود النور منهُ بدا
في الكون يا عكس شعب عن سناهُ عمي

فردٌ بهِ كل اجزاء الورى انحصرت
وذاته علة الاكوان من عدم

طبعٌ تثلَّث والتفسير جاءَ أبٌ
وابنٌ وروح إلهٍ غير منقسم

فالأب أولدهُ والروح أيَّدهُ
والخلق تعبدهُ مماثلي الخدم

ومذهبي في كلامي عن تجسده
لو لم يكن ما تخلَّصنا من النقم

لمَّا بدا لاح تشريع الخلاص لنا
حزنا الفدا وهدانا أوضح اللقم

شيئان قد اشبها شيئين حين بدا
وجودهُ في الدنى كالنور في الظلم

ناسوتُه طاهرٌ والبُّر ناسبهُ
لاهوتهُ ظاهرٌ والسرُّ كالعلم

وافى لينقذ حوَّا من خطيئتها
وتمم الفضل اذ أَوفى عن الامم

قد ردَّ مجد أَبيه في ولادتهِ
وقد رضي الله بعد الغيظ والندم

فهو الجليل وفي أرض الجليل بدا
جليل ترديده في غاية الحكم

تعليمهُ عذب ما شانهُ كذبٌ
تنبيك عن حكمٍ تشطير محتكم

ومن اشارتهِ في وعظهِ رجعت
جمع الخلائق عما في نفوسهم

قد أَوغل السير بالتبشير مجتهداً
على هدى شعبه بل سائر الامم

تؤلف الوزن والمعنى بشارُتهُ
لأَنها قد أَتت في غاية الحكَم

توشيع آياتهِ مذ اعلنت فضحت
ضلالة الملحدين ابليس والصنم

تقسميهُ معجزات في ذوي عللٍ
كالبرص والصمّ والعميان والبكم

ايجاز أوصاف ما اَبدت يداهُ يُرى
في الارض والبحر والافلاك والنسم

نوادر الجود فاضت من يديه ولم
تكف حتى الدما اَجرتها كالديم

وقد تعوَّد بسط الكف مبتهجاً
حتى على العود أَعطاها بلا ندمِ

جمعٌ تقسَّم في آلامهِ قِسماً
فالنفس في نعمٍ والجسمب في ألمِ

وجسمهُ من نحولٍ كالخلال غدا
وقد تشبه نور الوجه بالظلم

حتى تجاهل فيه الناس معرفةً
قالوا بهِ سقمٌ أم بالنبال رُمي

وقد توارى جمال الوجه مستتراً
لما عراهُ الحيا في ضيقة الرجم

في موتهِ قد تساوى في الأنام وفي
نهوضهِ أَظهر اللاهوت كالعلم

جلَّت قيامتهُ بالانتصار وقد
عزت قلوباً من التوهيم في غمم

صعودهُاخترع النهج القويم لنا
كي نرتقيه بجنحي البرّ والنعم

رقىعلى السحب بل فوق الكواكب بل
فوق السماء باضرابِ عن الاكم

وأرسل الروح من تلقاهُ منسجماً
على تلاميذه كالسن الضرم

وقال سيروا أَنا معكم بلا جزعٍ
تسهموا الأرض وادعوا سائر الأمم

فمنتركتم خطاياه لهُ تركت
ومن عقدتم عليه الحرم ينحرم

فارقوا كلَّماوى الحب وانعطفوا
نحو الذي مات حباً في خلاصهم

تمكنوا في وصاياه وقد طفقوا
يسعون بين الذباب الخطف كالغنم

توزعوا منزعين العجز وانتزعوا
باعِلزَبولاً وعزَّتهُ بعزمهم

الباذلو الحب بذل النفس يوم وغى
مستتبعين الهدى بالحفظ للذمم

مذ اودعوا الحب قد لذت نفوسهم
في ما النفوس تراهُ غاية الأَلم

دماهمُ رشت البيداء مذ نزعوا
رواية الكفر في تصحيح قولهم

غطوا السماءَ بدمع بالدما اشتركا
سما الربى لا سما الاجرام والديم

كم صرَّعوا حاسديهم في رواتهم
كم ابرأوا قاصديهم في صلاتهم

فالفضل مؤتلف منهم ومختلفٌ
لأن بطرس يسمو فوق كلهم

قد قام منهم امامٌ فاق اخوتهُ
وهو الصفا موضح الاشكال للامم

ايمان بطرس عين الحق معتقدي
نكت على من عصا بل عن سناهُ عمي

من يخسر العمر والدنيا بهم ربح
الدارين في حبه حسن اتباعهم

أو يعطف القلب يوماً نحو حبهم
يتعطفون بهِ في يوم دينهم

تؤلف اللفظ والمعنى رسالتهم
تألُّف الوعظ بالآيات والحكم

كم رصعوا حِكَماً من درّ وعظهم
كم فرَّعوا نعماً من برّ لفظهم

فاللفظ كالدرّ والعقيان مؤتلف
باللفظ فيهم كمنثور ومنتظم

سمّط عقودهمُ وارفع بنودهمُ
واخمد حسودهمُ بالذل والغمم

فما الملائك في بر وفي ثقةٍ
يوماً باطهر من تفريع برّهم

طهر النفوس اتساع الرأي خُصَّ بهم
بيض القلوب حسان الخلق والشيم

نحل الجسوم قريحو الجفون وهي
تكني عن النسك والاسهار والندم

تنسيق مجدهم تتميق مدحهم
توفيق سعدهم بنبي عن العظم

تلقى الهياكل في اعيادهم عقدت
فرائد الدرّ من ألحان مدحهم

تألف الوزن بالألفاظ جانسهُ
حسن النشائد بالإحسان والنعم

سجعي بمدحهم قد صار من قسمي
اذ فيه مغتنمي في موقف الحكم

جزَّيت من كلمي روَّيت من قلمي
ابديت من حكمي اهديت كل عمي

مدحي بمعرض ذمٍ قد يخص بهم
لا عيب فيهم سوى إكرام ربهم

من قد أعدَّ لهم ملكاًب وكمّلهُ
مذ خصَّهم أن يدينوا سائر الأمم

مخلّص رام تخليص العباد وقد
وافى وخلَّصهم بعد انشقاقهم

قد أبدع العدل في شرعٍ سما فنما
واينع الفضل فرعاً في حماهُ حمي

وفلك نوحٍ اتت عنوان بيعتهِ
فمن يلجها نجا من لجة العَرَم

كم هدَّ ركن ضلال حين أسسها
وكم ترشح منها الخير كالديم

تمليح انوارها أمست مشعشعة
ضاهت وَرَشليمهُ العلياءَ في الظلم

وحيدة جمعت قدس الرسالة في
ترتيب انذارها للعرب والعجم

لي منهلٌ من ينابيع الحياة بها
يطفي أُوامي بتجريدي من النقم

أهل الهدى قد أطاعوا شرع بيعتهِ
وقد عصاه العدى من فرط كفرهمِ

ما رام بالسيف يحمي حقّ مذهبهِ
ولا تعرَّض للإِلزام والرغمِ

وداعةٌ واتضاعٌ مع تقى ونقا
قد جمعتهم سجاياه مع الكرم

تعديد أَوصافهِ ربَّ الوجود سما
مولى عظيماً الهاً بارىء النسم

طيٌ ونشرٌ وتقريب بهِ وجفا
للغدر والودّ والافضال والامم

لو لم يُقم أُمَّهُ ملجا لأُمتهِ
لما تعلَّل انقاذي من النقم

بها مجازي الى دار النعيم وهي
باب السماء وبيت الحق والحكم

وهي النجاة لكل المؤمنين وقل
كل الانام وان بالغت لم تُلَم

فلو ترى توبة الشيطان ممكنةً
لأغرقتُه بتيار من النعم

كادت تردُّ زماناً فيه قد سقطت
كل الانام لكي تغلو بحفظ

قالوا هي العرش والتفريق
العرش موطى وهي ترقاه بالقدم

تأديب سيرتها الحسناء يخبرنا
عن حسن تهذيبها للطبع والشيم

فان توشحت الاكرام لا عجبٌ
لأنها أُم عين الجود والكرم

من كان نسبتهُ نعتاً لأُمتهِ
فتلك أَنصاره حسب اتفاقهم

شغلي بتطريز مدحي فيه مغتَنَمي
يا خير مغتنمٍ يا خير مغتنِمي

يداهُ كالبحر في تفريق ما جمعت
وفيضهُ البحر كم روَّى فؤاد ظمي

يعطي بشحٍّ وسحٍ ثم يوضحهُ
شحٍّ لمستغنم سحٍّ لذي كرم

حلٌّ وغلٌّ لهُ للمعنيين غدا
تالف نحو مأسورٍ ومحتكم

لا ينتفي منه ايجاب الجميل ولا
يعطي بشحٍ ومن يقصدهُ يغتنم

كرّر وسل شيم المستحسن الشيم
المستحسن الشيم المستحسن الشيم

وابكِ ونح وانتحب وامنح وجُد وأنل
فوّف وسرَّ وابتهج واطلب وسل ورُم

واصغي لقولي اذا حاجيت ملتفتاً
من جاز بحراً فهل يحصيه بالقدم

واعطِ ليومك ما يحتاج من اسف
واطرح لما فيه تلقَ حلَّ لغزهم

من شام تلويح إلهام وجدَّ على
تحصيله وجد السلوان في الغمم

لقد تبَّين لي حسن البيان وقد
تظاهر الحق والبرهان كالعلم

مذ شام طرفي بروقاً من سناه أَضت
راعى النظير بدمع فاض كالديم

وابيض اسود خطي حين دَّبج في
صفر الخدود مجاري مدمعي العتم

لذاك قد جيت يا مولاي معترفاً
بما تفضَّل من ذلي ومجترمي

فلو سمحت بعتقي لستُ معترضاً
حزت النجاة وكم سامحت ذا وصم

سلبت نعماك عدلاً من ذوي كسلِ
وزدت محترساً فضلاً على النعم

تُشاكل الخير خيراً والمسيءَ اسى
والشر شرَّاً وذا الاحسان بالكرم

فاعضد بنيك ولو ابقيت مندمجاً
بذلتي غير جود قط لم أرم

سلبت كل رجاءٍ في الانام وقد
أوجبت فيك الرجا يا عين مغتنمي

غادرت كلاًّ وما استثنيت من أحدٍ
الاَّك يا منقذي في يوم محتكمي

فاحنن عسى القلب يحظى قبل غايته
بعاطف منك لولا نورهُ لعمي

أنا الطبيب المرجي عف ذنبيَ
ابراهيم مستشهد دمعي على الندم

أرجوك من بعد مدحي والتخلُّص من
تاريخه ان تنجيني من الضرم

براعتي اظهرت ما فيَّ من طلب
فلا احتياج الى التصريح بالكلم

من قبل بدء حسابي يوم محتكمي
ارجو الخلاص وأُعطي حسن مختتمي


إبراهيم خيكي

الحمدان
08-04-2024, 10:50 AM
ثَلاثَةٌ مَنَعَتها عَن زيارَتِنا
خَوفُ الرَقيبِ وَخَوفُ الحاسِد الحَنِقِ

ضَوءُ الجَبينِ وَوسواسُ الحَلي وَما
تَحوي مَعاطِفُها مِن عَنبَر عَبِق

هَبِ الجَبينَ بِفَضلِ الكُمّ تَستُرُهُ
وَالحَليَ تَنزَعُهُ ما حلَةُ العَرَق


المعتمد بن عباد

الحمدان
08-04-2024, 10:50 AM
أَغائِبَةَ الشَخصِ عَن ناظِري
وَحاضِرَةً في صَميمِ الفُؤادِ

عَلَيكِ السَلامُ بِقَدرِ الشُجون
وَدَمع الشُؤونِ وَقَدرِ السُهادِ

تملكتِ مِنّي صَعبَ المَرامي
وَصادَفتِ ودّي سَهلَ القيادِ

مُراديَ لُقياكِ في كُلِّ حين
فَيالَيتَ أَنّي أَعطى مُرادي

أَقيمي عَلى العهدِ ما بَينَنا
وَلا تَستَحيلي لِطولِ البِعادِ

دسَستُ اِسمَكِ الحُلوَ في طيّ شِعري
وَألّفتُ فيهِ حُروفَ اِعتِمادِ


المعتمد بن عباد

الحمدان
08-04-2024, 10:50 AM
تَظُنُّ بِنا أُمُّ الرَبيع سآمَةً
أَلا غَفَرَ الرَحمنُ ذَنبا تُواقِعُهْ

أَأَسأمُ ظَبيا في ضُلوعي كِناسهُ
وَبَدرَ تَمامٍ في فُرادي مَطالِعُهْ

وَرَوضَةَ حُسنٍ أَجتَني مِن ثِمارِها
وَبارِدَ ظَلمٍ لَم تُكَدّر شَرائِعُهْ

إِذا سَئِمَت كَفّي نَوالاً تُفيضُهُ
عَلى مُعتَفيها أَو عَدُوّا تُقارِعُهْ


المعتمد بن عباد

الحمدان
08-04-2024, 10:50 AM
القَلبُ قَد لجَّ فَما يُقصَرُ
وَالوَجدُ قَد جَلّ فَما يُستَرُ

وَالدَمعُ جارٍ قَطرهُ وابِلٌ
وَالجِسمُ بالٍ ثَوبُهُ أَصفَرُ

هَذا وَمَن أعشَقُهُ واصِلٌ
كَيفَ بِهِ لَو أَنَّهُ يَهجُر

لَكِن عَدَتني نائِباتُ النَوى
في دَوحِهِ وَالشادنُ الأَحوَرُ

وَالكَوكَبُ الوَقّاد تَحتَ الدُجى
في أُفقهِ وَالقَمَرُ الأَزهَرُ

وَالنَرجِسُ الفَوّاح غَبَّ النَدى
في رَوضهِ وَالمَندَلُ الأَذفَرُ

قَد خُبِّرَت عَنّيَ أَنّي امرؤٌ
فيهِ شُحوبٌ وَظَنّي يَظهَرُ

فَأَبدِتِ الاشفاقَ مِن حالَتي
وَمِثلُ ما تُبديهِ ما تُضمرُ

واِستفهمت إِن كُنتُ ذا علةٍ
أَو ذا اِشتياقٍ نارُهُ تُسعَرُ

سيدتي لَم تُنصِفي عاشِقاً
أَضحى كَما أَخَبرَكِ المُخبِرُ

إِذ قُلتُ هَل مِن أَلَمٍ طائِفٍ
ما بِكِ أَو شوقٌ فَما تَصبُرُ

ظَلَمتِ بالشك هَوايَ الَّذي
يَعرِفُهُ الغُيّبُ وَالحَضَّرُ

وَاللَهِ ما سُقميَ إِلّا هَوىً
كُلَّ هَوىً في جَنبِهِ يَصغُرُ

غيّرَ جِسمي فاِعلَمي أَنَّني
أَرومُ لُقياكِ وَلا أَقدِرُ

فاِستَغفِري اللَهَ مِن الظلمِ لي
فَإِنَّ مَن يَظلم يَستَغفِرُ


المعتمد بن عباد

الحمدان
08-04-2024, 10:51 AM
دارىَ الغَرامَ وَرامَ أَن يَتَكَتَّما
وَأَبى لِسانُ دُموعِهِ فَتَكَلَّما

رَحَلوا وَأَخفى وَجدَهُ فَأَذاعَهُ
ماءُ الشُجون مُصرّحا وَمجمجما

وَسايَرَتُهُم وَاللَيلُ غُفلٌ ثَوبُهُ
حَتّى تَراءى لِلنَواظِرِ مَعلما

فَوَقفتُ ثَمَّ محيّراً وَتسلّبت
مِني يَدُ الاصباحِ تِلكَ الأُنجُما


المعتمد بن عباد

الحمدان
08-04-2024, 10:51 AM
عَفا اللَهُ عَن سِحرٍ عَلى كُلِّ حالَةٍ
وَلا حوسِبَتْ عَمّا بِها أَنا واجِدُ

أَسِحرٌ ظَلَمتِ النَفس وَاِخترتِ فُرقَتي
فَجَمَّعتِ أَحزاني وَهُنَّ شَوارِدُ

وَكانَت شُجوني بِاقتِرابِكِ نُزّحاً
فَها هُنّ لَمّا ان نأيت شَواهِدُ

فان تَستَلَذّي بَردَ مائِكِ بَعدَنا
فَبَعدَكِ ما نَدري مَتى الماءُ بارِدُ


المعتمد بن عباد

الحمدان
08-04-2024, 10:51 AM
حرَّمَ النَومَ عَلَينا وَرَقَد
وَاِبتَلانا بِهَواهُ ثُمَّ صَدْ

يا هِلالا حُسنَ خدّ يا رَشا
غُنجَ لَحظٍ يا قَضيباً لينَ قَدْ

بِوادي لَكَ بِالشَوق الَّذي
في فُؤادي لا تدَعني لِلكَمدْ

لَستُ أَرضى عَن زَماني أَو أَرى
مِنكَ حُسنا لا أَراهُ مِن أَحَدْ


المعتمد بن عباد

الحمدان
08-04-2024, 10:51 AM
حَسَدتُ كِتابي عَلى فَوزِهِ
بإِبصارهِ الغُرّةَ الزاهِرَهْ

فَيالَيت شَخصي يَكون الكِتاب
فَتلحَظُهُ المُقلَةُ الساحِرَهْ


المعتمد بن عباد

الحمدان
08-04-2024, 10:52 AM
مِن عاشِقٍ يَشكو صَباباتِهِ
إِلى مَحبٍّ هائِمٍ مِثلِهِ

كِلاهُما صَبٌّ إِلى إِلفِهِ
حَرّانُ ظَمآنُ إِلى وَصلِهِ

يا رَبّ عَجّل جَمعَ هَذا بِذا
وَقَرّب الشَكلَ إِلى شَكلِهِ


المعتمد بن عباد

الحمدان
08-04-2024, 10:52 AM
قامَت لِتَحجُبَ قُرصَ الشَمسِ قامَتُها
عَن ناظِري حُجِبَت عَن ناظِرِ الغيرِ

عِلماً لَعَمرُكَ مِنها أَنَّها قَمَرٌ
هَل تَحجُبُ الشَمسَ إِلّا صَفحَةُ القَمَرِ


المعتمد بن عباد

الحمدان
08-04-2024, 10:52 AM
يا هَلالاً إِذا بَدا لي تَجَلّت
عَن فُؤادي دُجُنَّة الكُرُباتِ

وَغَزالاً لِمُقلَتَيهِ بِقَلبي
فَتَكاتٌ كَأَنَّها فَتَكاتي

تِهتَ إِذ حُزتَ بِالوِصال وَبالهَجرِ
حَياتي تَمَلُّكاً وَمَماتي

فَتَرَفَّق بِمُدنَفٍ أَنتَ مِنهُ
في سَواد القُلوب وَالحَدَقاتِ

أَنا أَخشى عَلَيكَ يا ساكِنَ القَلبِ
المُمَلّى بِالصَدِّ مِن نَغَراتي


المعتمد بن عباد

الحمدان
08-04-2024, 10:52 AM
لَكِ اللَهُ كَم أودَعتِ قَلبيَ مِن أَسى
وَكَم لَكِ ما بَينَ الجَوانِحِ مِن كَلْمِ

لَحاظُكِ طولَ الدَهرِ حَربٌ لِمُهجَتي
أَلا رَحمَةٌ تُثنيك يَوما إِلى سَلمي


المعتمد بن عباد
العصر الاندلسي

الحمدان
08-04-2024, 11:26 AM
غَشيتُ لِلَيلى رَسمَ دارٍ وَمَنزِلا
أَبى بِاللِوى فَالتِبرِ أَن يَتَحَوَّلا

تَكادُ مَغانيها تَقولُ مِنَ البِلى
لِسائِلِها عَن أَهلِها لا تَغَيَّلا

وَقَفتُ بِها لا قاضِياً لِيَ حاجَةً
وَلا أَن تُبينَ الدارُ شَيئَاً فَأَسأَلا

سِوى أَنَّني قَد قُلتُ يا لَيتَ أَهلَها
بِها وَالمُنى كانَت أَضَلَّ وَأَجهَلا

بَكَيتَ وَما يُبكيكَ مِن رَسمِ دِمنَةٍ
مُبِنّاً حَمامٌ بَينَها مُتَظَلِّلا

عَهَدتُ بِها الحَيَّ الجَميعَ فَأَصبَحوا
أَتَوا داعِياً لِلَّهِ عَمَّ وَخَلَّلا

عَهِدتُ بَها فِتيانَ حَربٍ وَشَتوَةٍ
كَراماً يَفُكّونَ الأَسيرَ المُكَبَّلا

وَكَم دونَ لَيلى مِن فَلاةٍ كَأَنَّما
تَجَلَّلَ أَعلاها مُلاءً مُعَضَّلا

مَهامِهَ تِيهٍ مِن عُنَيزَةَ أَصبَحَت
تَخالُ بِها القَعقاعَ غارِبَ أَجزَلا

مُخَفِّقَةٌ لا يَهتَدي لِفَلاتِها
مِنَ القَومِ إِلّا مَن مَضى وَتَوَكَّلا

يُهالُ بِها رَكبُ الفَلاةِ مِنَ الرَدى
وَمِن خَوفِ هاديهِم وَما قَد تَحَمَّلا

إِذا جالَ فيها الثَورُ شَبَّهتَ شَخصَهُ
بَجَوزِ الفَلاةِ بَربَرِيّاً مُجَلَّلا

تَقَطَّعَ جونِيُّ القَطا دونَ مائِها
إِذا الآلُ بِالبيدِ البَسابِسِ هَروَلا

إِذا حانَ فيها وَقعَةُ الرَكبِ لَم تَجِد
بِها العيسُ إِلّا جِلدَها مُتَعَلَّلا

قَطَعتُ إِلى مَعروفِها مُنكَراتِها
إِذا البيدُ هَمَّت بِالضُحى أَن تَغَوَّلا

بِأَدماءَ حُرجوجٍ كَأَنَّ بِدَفِّها
تَهاويلَ هِرٍّ أَو تَهاويلَ أَخيلا

تَدافَعُ في ثِنيِ الجَديلِ وَتَنتَحي
إإِذا ما غَدَت دَفواءَ في المَشيِ عَيهَلا

تَدافُعَ غَسّانِيَّةٍ وَسطَ لُجَّةٍ
إِذا هِيَ هَمَّت يَومَ ريحٍ لِتُرسِلا

كَأَنَّ بِها شَيطانَةً مِن نَجائِها
إِذا واكِفُ الذِّفرى عَلى اللَيتِ شُلشِلا

وَتُصبِحُ عَن غِبِّ السُرى وَكَأَنَّها
فَنيقٌ تَناهى عَن رِحالٍ فَأَرقَلا

وَتَنجو إِذا زالَ النَهارُ كَما نَجا
هِجَفٍّ أَبورَ أَلَينِ ريعَ فَأَجفَلا

كَأَنّي كَسَوتُ الرَحلَ أَخنَسَ ناشِطاً
أَحَمَّ الشَوى فَرداً بِأَجمادِ حَومَلا

رَعى مِن دَخولَيها لُعاعاً فَراقَهُ
لَدُن غُدوَةً حَتّى تَرَوَّحَ موصِلا

فَصَعَّدَ في وَعسائِها ثُمَّتَ اِنتَمى
إِلى أَحبُلٍ مِنها وَجاوَزَ أَحبُلا

فَباتَ إِلى أَرطاةِ حِقفٍ تَلُفُّهُ
شَآمِيَّةٌ تُذري الجُمانَ المُفَصَّلا

يُوائِلُ مِن وَطفاءَ لَم يَرَ لَيلَةً
أَشَدَّ أَذىً مِنها عَلَيهِ وَأَطوَلا

وَباتَ وَباتَ السارِياتُ يُضِفنَهُ
إِلى نَعِجٍ مِن ضائِنِ الرَملِ أَهيَلا

شَديدَ سَوادِ الحاجِبَينِ كَأَنَّما
أُسِفَّ صَلى نارٍ فَأَصبَحَ أَكحَلا

فَصَبَّحَهُ عِندَ الشُروقِ غُدَيَّةً
أَخو قَنَصٍ يُشلي عِطافاً وَأَجبُلا

فَلَمّا رَأى أَن لا يُحاوِلنَ غَيرَهُ
أَرادَ لِيَلقاهُنَّ بِالشَرِّ أَوَّلا

فَجالَ عَلى وَحشِيَّهِ وَكَأَنَّها
يَعاسيبُ صَيفٍ إِثرَهُ إِذ تَمَهَّلا

فَكَرَّ كَما كَرَّ الحَوارِيُّ يَبتَغي
إِلى اللَهِ زُلفى أَن يَكُرَّ فَيُقتَلا

وَكَرَّ وَما أَدرَكنَهُ غَيرَ أَنَّهُ
كَريمٌ عَلَيهِ كِبرياءُ فَأَقبَلا

يَهُزُّ سِلاحاً لَم يَرَ الناسُ مِثلَهُ
سِلاحَ أَخي هَيجا أَدَقَّ وَأَعدَلا

فَمارَسَها حَتّى إِذا اِحمَرَّ رَوقُهُ
وَقَد عُلَّ مِن أَجوافِهِنَّ وَأُنهِلا

يُساقِطُ عَنهُ رَوقُهُ ضارِياتِها
سِقاطَ حَديدِ القَينِ أَخوَلَ أَخوَلا

فَظَلَّ سَراةَ اليَومِ يَطعُنُ ظِلَّهُ
بِأَطرافِ مَدرِيَّينِ حَتّى تَفَلَّلا

وَراحَ كَسَيفِ الحِميَرِيِّ بِكَفِّهِ
نَضا غِمدَهُ عَنهُ وَأَعطاهُ صَيقَلا

وَآبَ عَزيزَ النَفسِ مانِعَ لَحمِهِ
إِذا ما أَرادَ البُعدَ مِنها تَمَهَّلا


ضابئ البرجمي

الحمدان
08-04-2024, 11:27 AM
مَن يَكُ أَمسى بِالمَدينَةِ رَحلُهُ
فَإِنّي وَقَيّارٌ بِها لَغَريبُ

فَلا تَجزَعَن قَيّارُ مِن حَبسِ لَيلَةٍ
قَضِيَّةَ ما يُقضي لَنا فَنَؤوبُ

وَما عاجِلاتُ الطَيرِ تُدني مِنَ الفَتى
رَشاداً وَلا عَن رَيثِهِنَّ يَخيبُ

وَرُبَّ أُمورٍ لا تَضيرُكَ ضَيرَةً
وَلِلقَلبِ مِن مَخشاتِهِنَّ وَجيبُ

فَلا خَيرَ فيمَن لا يُوَطِّنُ نَفسَهُ
عَلى نائِباتِ الدَهرِ حينَ تَنوبُ

وَفي الشَكِّ تَفريطٌ وَفي الحَزمِ قَوَّةٌ
وَيُخطِئُ في الحَدسِ الفَتى وَيُصيبُ

وَلَستَ بِمُستَبقٍ صَديقاً وَلا أَخاً
إِذا لَم تَعَدَّ الشَيءَ وَهوَ يَريبُ


ضابئ البرجمي

الحمدان
08-04-2024, 11:27 AM
تجشَّم نَحوي وَفْدُ قُرحانَ شُقَّةً
تَظَلُّ بها الوَجناءُ وهي حَسِيرُ

فزوّدتُهم كلباً فراحوا كأنما
حَباهم بتَاجِ الهرمزان أميرُ

وقلدتهم ما لو رميت متالعاً
به وهو مغبر لكاد يطير

فيا راكباً إما عرضت فبلغن
أمامة مني والأمور تدور

فأمَّكم لا تتركوها وكلبَكم
فإنَّ عقوقَ الوالداتِ كبيرُ

فإنك كلب قد ضريت بما ترى
سميع بما فوق الفراش بصير

إذا عَثّنَتْ من آخر الليل دُخْنة
يبيت له فوقَ السرِيرِ هَرِيرُ


ضابئ البرجمي

الحمدان
08-04-2024, 11:27 AM
وقائِلَة لا يُبْعِدُ اللّهُ ضابئاً
إِذا القِرْنُ لَمْ يُوجَدْ له مَنْ يُنازلُهْ

هَمَمْتُ ولمْ أَفعلْ وكِدْتُ وليتَني
تركْتُ على عُثْمانَ تَبْكي حَلائِلُهْ

فلا يُعْطِيَنْ بَعْدِي امْرُوءٌ ضَيْمَ خُطَّة
حِذارَ لِقاءِ المَوْتِ والموتُ قاتِلُهْ

وما ألفيتك ما أمرت فيه ولا الذي
تحدث من لاقيت أنك فاعله

وما الفتك إلا لامرئ ذي حفيظة
إذا هم لم ترعد عليه خصائله


ضابئ البرجمي

الحمدان
08-04-2024, 11:28 AM
استغفر اللَه من قول ومن عمل
ونية واعتقادات على الريقِ

وما مدحت فمن شيخ ولا ملك
ومن أمير وسلطان ومن سُوَق

وكان ما لم يَجُز في الأَصل مدحُهُمُ
فَإِنني تائب منه على نَسَق

وهم أَحق وَأَولى بالهجاء هم
أَهل السَفاهة والتوبيخ والحمق

هم أَهل مظلمة اصحاب مشأمة
أنجاب ملأمة أَرباب مختلق

أَرجو بإغضابهم أَرضي الإِله ومن
ذمي لهم شكر أَخلاقي على خلق


اللواح

الحمدان
08-04-2024, 11:28 AM
هو الرزء حتى كل قلب به جمر
وليس لعين لم يفض ماؤها عذر

هو الحزن حتى لا عزى قط بعده
هو الغم حتى ليس ينسخه الصبر

لقد وقع الكسر المهيض وما له
على دول الأَيام ما بقيت جبر

وليست به خصت سدوس وآلها
جديلة بل عمت به البدو والحضر

ففي كبد الجوزاء منه حرائق
وكادَ به أَن تخسف الشمس والبدر

أَبعد الأَمير السابقيّ محمد
سرور وهل يرجى لنائبة ذخر

وهل دول الأَيام من بعد موته
يحق لها الفتح المؤيد والنصر

فقبر الندى والحَمد والمَجد والعُلا
وحسن المَساعي والأَيادي له قبر

لئن كان ودي ما دَنا من أَشده
فإِن الكريم الحر ليس له عمر

سيبكي عليك الدَهر يا ابن ربيعة
خلافك لا عيش هنيّ ولا دهر

ويبكي عليك الدَهر والوَفد والقِرى
إِذا الليلة المشتاة أَثلجها القطر

وتبكي عليك اليعملات إِلى العُلا
ويبكي عليك الخيل والرعف والبتر

وتبكي عليك السمر والبيض في الوَغى
ويبكي عليك الجحفل اللجب الجر

وتبكيك أَعمام كرام عمائم
طعامهمو وخض وضربهم هبر

وتبكي عليك اليوم حُزناً مجالس
لبذل القِرى والعرض منك بها وفر

خمشن العميريات بعدك أَوجها
عليك وفي أَكتافها نُثِلَ الشعر

وشققن أَثواباً عليك ستيرة
وبعدك لا يبقى حياء ولا ستر

فكم حرة حُزنا عليك تبلهت
وقد كانَ واقيها عن الأَعين الخدر

تذكرنَ منك المنع عن كُل غارة
ومنك فقد يغني عن الخبر الخبر

فقد كُنت حاميها وسائد قومها
كأَنك منهم في بني حارث عمرو

فمن لعمان بعدك اليوم حامياً
حِماها وهاديها إِذا أَرتكم الكفر

حلال عَلى قاداتها الحُزن والأَسى
عليك وأَما الصبر عنكَ هوَ الحجر

أَعزيكمو يا آل مذكور في امرئ
يزين به في المشهد النظم والتبر

فأَنتُم كِرام والكِرام إِذا ابتلت
فإِنكم في العالم الأَنجم الزهر

وما مِنكمُ إِلا حياة لنسله
ويحييه فيكم من محامده الذكر

وهيهات ما مات امرؤ بقيت له
صنائع مثل القطر أَو دونَها القطر

وما هو إِلا واحد من جماعة
فأَصغرهم فيه عن العتب الكبر

لئن عاش مولانا عليّ وحمير
وراجحُ فالأَمر العسير بهم يسر

أال عمير أحسنوا الصبر والعزا
عن الميت الباقي له بكم الفخر

فأَنتُم جبال الأَرض فوق جبالها
رسوبا وفي الجدوى فأَعسركم بحر

ويا نعم سلطان الأَمير خليفة
ريعة ذاكَ الخير الفطن الذمر

بقي ما بقي نوح النبي بدولة
عميرية في حكمها النهي والأَمر

يقومون إرثا في مقام أَبيهمو
فلا سوحهم خال ولا ربعهم قفر

وكلكمو إِلا له فهو والد
بكم عامهم يوم وأَعوامهم شهر

سقت قبر ذي الحسنى الأَمير محمد
وجادت قبوراً حوله الديم الغزر

سجالاً سجالاً لا تزال كأنها
إِذا ما سقت إِلا أَنامله العشر

وزارته أَلطاف اللطيف بقبره
توقيه ما يخشى إِذا وقع الحشر

صلاة وتسليماً من اللَه دائماً
محمد مخصوص بها المصطفى الطهر


اللواح

الحمدان
08-04-2024, 11:28 AM
أَلا مبلغ عني بشير بن جمعة
نصيحة من لا زال لله ينصح

عليك بطرق المفلحين وسعيهم
لعلك في داريك بالفوز تفلح

دع الشغل من دنياك في شغل غيرها
فشغلك بالأَخرى أَجلّ وأَربح

إِذا رمت في الدنيا صلاحاً معجلا
فجمعك للأَخرى الصلاح فأَصلح

أَقُرَّة عيني أَنني باك مشفق
وعن سر قلبي مذودي فيك يفصح

فصاحب بنات الدَهر بالعلم والتُقى
وَدع عنكَ ما تدني الأَماني وتُنزح

فما يا لهوينا يدرك المرء ما ارتضى
فداء الهوينا لهو داء مبرِّح

وما العلم مدروكاً بحتى ولا عسى
وعلّ ومهما سوف أُمسي وأَصبح

فللطالب العلم الشريف أَدلة
تدل عليه وهي كالشمس توضح

فبغض لجمع المال فوق معاشه
وحب لشرح الكتب من حيث تشرح

وهجران طيب النوم والليل أَليل
ووصل الضحى بالليل تقرا وتصلح

فلا يبلغ العليا ولا يدرك المنى
فتى جنبه فوق المطارح يطرح

بلا من له همّ يسوس وهمة
بتطلابه هام السماكين تنطح

على الشمس تقرا والدجى في سراجه
إِذا جنحت ظلماء للسرج تجنح

فتمنحه الآثار ما في بطونها
ومن صدره يعطي الفضول ويمنح

ويصطنع الاخوان في اللَه إنها
لاغلاق أَبواب المسائل تفتح

وإِن خُلُوَّ البال في كل خلوة
مع الأخوة الأَبرار من حيث ينتح

وفي اللَه كن للعلم بالجد طالباً
فإِن المجد الطالب الشيء منجح

ولا تهلك الدُنيا بكدحك فانيا
فإِنك فإن فان والَّذي أَنتَ تكدح

أَخاف إِذا ما غص بالقوم محفل
وسوئلت عن جُل المسائل تكلح

يكلفك الشيخ المؤيد جمعة
تحمل أَمرٍ ما له عنك منزح

أَترضى بأَن العلم والحلم والتقى
وجم الندى من بعد جمعة يصرح

وأَنتَ ابنه والغيث يعقب بعده
على الروض نبت الزهر والغُدر تطفح

كفى ببني مدّاد في الدَهر عبرة
لمن عقله كالطود أَو هو أَرجح

فمن مزج الدين الحنيفي بالهوى
غدا عبرة الدارين والعرض كسح

عليك بجاه الوالدين تطيعيني
فحاشا لشرواك امرؤ في يطفح

فخذ في طلاب العلم جهدي واتكل
على من عليه الاتكال المنجح

نصحتك يا برد الفؤاد فإِنني
لأجدر من في طاعة اللَه ينصح

تظن بي الأَقوام خيراً وإِنني
أَشرّ بني حوا لديني وأَقبح

على الباقيات الصالحات مجانب
وللمهلكات الاسمحيات أَجنح

مضى عُمري لا العلم علماً ولا نهى
أَروح مراح السائمات وأَسرح

إِذا لم يكن لي العفو في العلم سابقاً
من اللَه عن ذنبي فحمدي مقبح

فيا رب عفواً للملوح وابنه
وإِن لم يكن عفواً فبش الملوح


اللواح

الحمدان
08-04-2024, 11:29 AM
نصحتك لو طاوعت من لك ينصح
وكل إِناء بالَّذي فيه يرشح

وحذرتك الدهياء قبل وقوعها
وأَوضحتها والحازم الرأي الَّذي يوضح

فحقرت أَفعال الرجال استهانة
وطببت آن السم في الماء ينفح

ولم تدر أَنم السد هدته فارة
ومن غصن بان جمرة النار تقدح

بجيدك أَصل الحبل صار وطرفه
عدوك يجريه عليك ويمتح

وقد قتل الكندي في حي قيصر
بخدعته الطماح والخب يطمح

وكل امرئ يعصي المحب ويرعوي
لشانيه يلقى ما يسوء ويترح

أَناشدك اللَه الَّذي جل ذكره
لتسمع مني ما أَقول وأَشرح

فلا تأمن الأَفعى وَإِن لان جلدها
ففي نابها سم وداء مُبرح


اللواح

الحمدان
08-04-2024, 11:29 AM
أَنا الغريب فلولا المجد والحسب
والمنقذان لعمري العلم والأَدب

ولا يكون غريباً من تكون له
أَم العلا أمه والمجد فهو أَب

فلا تغربت عن أَهل وعن وطن
فقلت كل غريب فهو مغترب

لا أَصطفي من بني الأَيام غير صَفٍ
ولست أَرضى بدوني حيث أَصطحب

قد نفَّرتني السجايا الغُرُّ عن زَمني
أَنا الصحيح ومن فيه بهم جرب

وإِن أَكن كنت منهم عشت دهرهم
إِن التراب نما من أَصله الذهب

وذا الزَمان ومن فيه على جدة
كانوا على مذهبي لو وقفوا ذهبوا

فالناس أَجناس أَصناف مصنفة
كالطير باز ومنها الفخت والخرب

يا ليت شعري بنسلي إِن تركتهم
عقبى ولم أَتعب المستخلف العقب

يا قرة العين يا برد الفؤاد أَما
تغريك بي نُدبتي من حيث أنتدب

وفيك تحقيق ظن صادق شرفا
بأَنك الشبل للطيثار تنتسب

وأَنَّ غابك ثقب لا عبئت بها
فغابة الأسد الحامي الحمى ثقب

يا حمزة يا أَبا الأَشبال تكنية
لك المكارم ما بين الورى لقب

لا تجهد النفس للأرزاق في طلب
فما يزيدك رزقاً ذلك الطلب

واسترزق اللَه بالعلم الجلي فقد
يقال بالعلم جمّ المال تكتسب

فالكلب أَفضل ممن لا له أَدب
ولا عفاف ولا علم ولا نشب

ما الفخر إِلا بطاعات الاله وبال
علم الشريف وبئس المفخر النسب

أَقل شيء من الدنيا كفاك فكم
بتمرة زال عن ذي السغبة السغب

عليّ نصحك يا برد الفؤاد ويا
ضياء عيني وإني راحل كرب

لا تقطع السيب الموصول منك إِلى
باريك بالعلم والتقوى هما السبب

وأَلف أَلف سلام زار حضرتكم
كما تزور بنات الروضة السحب

تعم آلك والأَعمام كلهم
والأَهل أَو من بكم لِلّه يقترب


اللواح
العصر الايوبي

الحمدان
08-04-2024, 11:30 AM
وإنّي غَريبٌ بين قومي وجيرَتي
وأَهليَ حَتّى ما كأَنَّهم من أَهلي

وَلَيسَ غَريبُ الدار من راحَ نائياً
عن الأهل لكن من غَدا نائي الشكلِ

فمن لي بخِلٍّ في الزَمانِ مُشاكلٍ
أَلُفُّ به من بعد طولِ النوى شَملي


ابن معصوم

الحمدان
08-04-2024, 11:30 AM
علامَ احتراسكِ لا أعلمُ
وفيمَ احتشادُكِ لا أفهمُ

وهل في فلسطين ما ترهبين
سوى أنه اجتمع الموسم

جواد براكبه عاثرٌ
وأين له الفارس المُعْلَم

وسيفٌ بحامله ساخرٌ
وأين له الكفُّ والمعْصَمُ

وهذا بتهديده يدَّعي
وذاك بتنديده يَزْعم

معازيلُ إلاَّ من العنعنات
مشاغيلُ عن كل ما يُكْرِم

مظاهرُ ليس بِها ما يخيفُ
ولكنَّما خاف مَنْ يَظْلِمُ


ابن معصوم

الحمدان
08-04-2024, 12:55 PM
يا حُسنَ شفاهٍ منعت جانبَها
في العِشقِ أُملِّك النُهى صاحِبَها

أَمواهُ حَياةٍ عَذُبَت جَمَّتُها
لا تُبصِرُ إِلّا خَصِراً شاربَها


ابن الطمحان القيني

الحمدان
08-04-2024, 12:55 PM
إِذا قيلَ أَيُّ الناسِ خَير قَبيلَة
وَأَصبرُ يَوماً لا تُوارى مَواكِبُه

فَإِنَّ بَني لأم بنِ عمرٍو أَرومَةٌ
عَلَت فَوقَ صَعبٍ لا تَنالُ مَراقِبُه

أَضاءَت لَهُم أَحسابُهُم وَوُجوهُهُم
دُجى اللَيلِ حَتّى نَظَّمَ الجَزعَ ثاقِبُه

لَهُم مَجلِسٌ لا يُحصَرونَ عَنِ النَدى
إِذا مَطلَبُ المَعروفِ أَجدَبَ راكِبُه

وَإِنّي مِنَ القَومِ الَّذينَ هُمُ هُمُ
إِذا ماتَ مِنهُم سَيِّدٌ قامَ صاحِبُه

نُجومُ سَماءٍ كُلَّما غابَ كَوكَبٌ
بَدا كَوكَبٌ تَأوي إِلَيهِ كَواكِبُه

وَمازالَ مِنهُم حَيثُ كانَ مُسَوَّدٌ
تَسيرُ المَنايا حَيثُ سارَت كَتائِبُه


ابن الطمحان القيني

الحمدان
08-04-2024, 12:56 PM
وَبِالحيرَةِ البَيضاءِ شَيخٌ مُسَلَّطٌ
إِذا حَلَفَ الأَيمان بِاللَهِ بَرَّتِ

لَقَد حَلَقوا مِنّي غُدافاً كَأَنَّهُ
عَناقيدُ كَرمٍ أَينَعَت فَاِسبَكَرَّتِ

فَظَلَّ العَذارى يَومَ تُحلَقُ لِمَّتي
عَلى عجلٍ يَلقُطنَها حَيثُ خَرَّتِ


ابن الطمحان القيني

الحمدان
08-04-2024, 12:56 PM
أَلا عَلِّلاني قَبلَ نَوحِ النَوائِحِ
وَقَبلَ ارتِقاءِ النَفسِ فَوقَ الجَوانِحِ

وَقَبلَ غَدٍ يا لَهفَ نَفسي عَلى غَدٍ
إِذا راحَ أَصحابي وَلَستُ بِرائِحِ

إِذا راحَ أَصحابي تَفيضُ دُموعُهُم
وَغودِرتُ في لَحدٍ عَلَيَّ صَفائِحي

يَقولونَ هَل أَصلَحتُم لأَخيكُم
وَما اللحدُ في الأَرضِ الفَضاءِ بِصالِحِ


ابن الطمحان القيني

الحمدان
08-04-2024, 12:56 PM
فَأَصبَحنَ قَد أَقهَينَ عَنّي كَما أَبَت
حِياضَ الأَمِدّانِ الهِجانُ القَوامِحُ

وأصبَحنَ لا يَسقينَني من مَوَدَّةٍ
بَلالاً ولو سالَت لَهُنَّ الأباطِحُ


ابن الطمحان القيني

الحمدان
08-04-2024, 12:56 PM
حَنَتني حانِياتُ الدَهرِ حَتّى
كَأَنّي خاتِلٌ يَدنو لِصَيدِ

قَصيرُ الخطوِ يَحسَبُ مَن رَآني
وَلَستُ مُقَيَّداً أَمشي بِقَيدِ

تَقارَبَ خطوُ رِجلِكَ يا سُوَيدُ
وَقَيَّدَكَ الزَمانُ بِشَرِّ قَيدِ


ابن الطمحان القيني

الحمدان
08-04-2024, 12:56 PM
حَنَتني حانِياتُ الدَهرِ حَتّى
كَأَنّي خاتِلٌ يَدنو لِصَيدِ

قَصيرُ الخطوِ يَحسَبُ مَن رَآني
وَلَستُ مُقَيَّداً أَمشي بِقَيدِ

تَقارَبَ خطوُ رِجلِكَ يا سُوَيدُ
وَقَيَّدَكَ الزَمانُ بِشَرِّ قَيدِ


ابن الطمحان القيني

الحمدان
08-04-2024, 12:57 PM
إِذا لَبِسوا عَمائِمَهُم ثَنَوها
عَلى كَرَمٍ وَإِن سَفَروا أَناروا

يَبيعُ وَيَشتَري لَهُم سِواهُم
وَلَكِن بِالرِماحِ هُمُ تِجارُ

إِذا ما كُنتَ جارَ بَني لُؤَيٍّ
فَأَنتَ لأكرم الثقَلَينِ جارُ


ابن الطمحان القيني

الحمدان
08-04-2024, 12:57 PM
يا ربّ مَظلَمَةٍ يَوماً لَطِيتُ لَها
تَمضي عَلَيَّ إِذا ما غابَ نُصاري

حَتّى إِذا ما اِنجَلَت عَنّي غَيابَتُها
وَثَبتُ فيها وثوبَ المخدرِ الضاري


ابن الطمحان القيني

الحمدان
08-04-2024, 12:57 PM
أَلا حَنَتِ المِرقالُ واأَتبَّ رَبُّها
تَذَكّر أَوطانَاً وَأَذكُرُ مَعشَري

وَلَو عَرَفت صَرف البُيوعِ لَسَرَّها
بِمَكَّةَ أَن تَبتاعَ حَمضاً بِإِذخِرِ

أَسَرَّكِ لَو أَنّا بِجَنبَي عُنَيزَةٍ
وَحمضٍ وَضَموانِ الخَبابِ وَصَعتَرِ

إِذا شاءَ راعيها اِستَقى مِن وَقيعَةٍ
كَعَينِ الغُرابِ صَفوُها لَم يُكَدِّرِ

وَإِنِّي لَأَرجو مِلحَها في بُطونِكُم
وَما بَسَطَت مِن جِلدِ أَشعَثَ أَغبَرِ


ابن الطمحان القيني
المخضرمون

الحمدان
08-04-2024, 12:58 PM
أَجَدُّ بَني الشَرقِيِّ أولعَ أَنَّني
مَتى استَجر جاراً وَإِن عَزَّ يَغدرِ

إِذا قُلتُ أَوفى أَدرَكَتهُ دَروكَةٌ
فَيا مُوزعَ الجيرانِ بِالغَيِّ أَقصِرِ


ابن الطمحان القيني

الحمدان
08-04-2024, 12:58 PM
بُنيَّ إِذا ما سامَكَ الذُلَّ قاهِرٌ
عَزيزٌ فَبَعضُ الذُلِّ أَبقى وَأَحرَزُ

وَلا تَحمَ مِن بَعضِ الأُمورِ تَعَزُّزاً
فَقَد يورِثُ الذُلَّ الطَويلَ التَعَزُّزُ


ابن الطمحان القيني

الحمدان
08-04-2024, 12:59 PM
لَو كُنتُ في ريمانَ تَحرُسُ بابَهُ
أَراجيلُ أَحبوشٌ وَأَغضَفُ آلفُ

إِذَن لَأَتَتني حَيثُ كُنتُ مَنِيَّتي
يَخُبُّ بِها هادٍ بِأَمرِيَ قائِفُ

فَمِن رَهبَةٍ آتي المَتالِفَ سادِراً
وَأَيَّةُ أَرضٍ لَيسَ فيها مَتالِفُ


ابن الطمحان القيني

الحمدان
08-04-2024, 12:59 PM
أَرِقتُ وَآبَتني الهُمومُ الطَوارِقُ
وَلَم يَلقَ ما لاقَيتُ قَبلِيَ عاشِقُ

إِلَيكُم بَني لَأمٍ تَخُبُّ هِجانُها
بِكُلِّ طَريقٍ صادَفَتهُ شَبارِقُ

لَكُم نائِلٌ غَمرٌ وَأَحلامُ سادَةٍ
وَأَلسِنَةٌ يَومَ الخِطابِ مسالِقُ

وَلَم يَدعُ داعٍ مِثلَكُم لِعَظيمَةٍ
إِذا وَزَمَت بِالساعِدَينِ السَّوارِقُ


ابن الطمحان القيني

الحمدان
08-04-2024, 12:59 PM
فَكَم فيهِمُ مِن سَيِّدٍ وابنُ سَيِّدٍ
وَفِيٍّ بِعَقدِ الجارِ حينَ يُفارِقُه

يَكادُ الغَمامُ الغُرُّ يَرعدُ أَن رَأى
وُجوهَ بَني لَأمٍ وَيَنهَلُّ بارِقُه


ابن الطمحان القيني

الحمدان
08-04-2024, 01:00 PM
سَأَمدَحُ مالِكاً في كُلِّ رَكب
لَقيتُهُم وَأَترُكُ كُلَّ رَذلِ

فَما أَنا وَالبكارَةُ أَو مَخاضٌ
عِظامٌ جِلَّةٌ سُدسٌ وَبُزلُ

وَقَد عَرَفَت كِلابُكُم ثِيابي
كَأَنِّي مِنكُمُ وَنَسيتُ أَهلي

نَمَت بِكَ مِن بَني شَمخٍ زِنادٌ
لَها ما شِئتَ مِن فَرعٍ وَأَصلِ


ابن الطمحان القيني

الحمدان
08-04-2024, 01:00 PM
أَتاني هِشامٌ يَدفَعُ الضَيمَ جاهِداً
يَقولُ أَلا ماذا تَرى وَتَقولُ

فَقُلتُ لَهُ قُم يا لَكَ الخَيرُ أَدِّها
مُذَلَّلَةً إِنَّ العَزيزَ ذَليلُ

فَإِن يَكُ دونَ القَينِ أَغبَرَ شامِخٌ
فَلَيسَ إِلى القَينِ الغَداةَ سَبيلُ


ابن الطمحان القيني

الحمدان
08-04-2024, 01:00 PM
لِمَن طَلَلُّ عافٍ بِذاتِ السَلاسِلِ
كَرَجعِ الوشومِ في ظُهورِ الأَنامِلِ

تَبَدَّت بِهِ الريحُ الصَّبا فَكَأَنَّما
عَلَيهِ تُذَرِّي تربَهُ بِالمَناخِلِ

وَجَرَّ عَلَيهِ السَيلُ ذَيلاً كَأَنَّهُ
إِذا اِلتَفَّ في المَيثاءِ إِسفافُ ساحِلِ

وَقَفتُ بِهِ حَتّى تَعالى لِيَ الضُحى
أَسائِلُهُ ما إِن يَبينُ لِسائِلِ

وَلَمّا رَأَيتُ الشَوقَ مِنّي سَفاهَةً
وَأَنَّ بُكائي عَن سَبيلِيَ شاغِلي

صَرَفتُ وَكانَ اليَأسُ مِنّي خَليقَةً
إِذا ما عَرَفتُ الصّرمَ مِن غَير واصِلِ

بِكَالنابِئِ الفَردِ الأَرَحِّ لِلَوفِهِ
قَوانِئُ حُمرٌ مِن خُزامى الخَمائِلِ

تهادى عَلى نِيٍّ فَجالَ كَأَنَّهُ
حُسامٌ جَلا عَنهُ مِسَنُّ الصياقِلِ

فَفاجَأَهُ غُضفٌ ضَوارٍ ذَوابِلُ
ضَوارِعُ وُرقٌ كَالخِطارِ الذَوابِلِ

فَجالَ وَلَم يَعكُف وَهُنَّ دَوالِفٌ
دَوانٍ حِثاثُ الرَّكضِ غَيرُ نَواكِلِ

فَكَرَّ وَقَد أَرهقنَهُ بِسِلاحِهِ
وَلِلَّهِ حامي سَوءةٍ لَم يُقاتِلِ

بِأَسمَرَ لَدنٍ حارِداتٍ كُعوبُهُ
يَشُكُّ بِها الأَعضاد شُظفَ الرَحائِلِ

فَما بانَ مِن كَدحٍ وَمِن سَبقِ سابِقٍ
فَهابَ التَوالي ما تَرى بِالأَوائِلِ

فَأنقَذَهُ اِستِبسالُهُ وَقِتالُهُ
وَشَدٌّ إِذا واكَلتَهُ لَم يُواكِلِ

فَجالَ كَمِشحاجِ الجَهامِ عَشِيَّةً
يَفِرُّ بِلَحمٍ خالُهُ غَيرُ وائِلِ

أَذلكَ أَم جَأبُ النُّسالَةِ قارِحٌ
يَطوفُ عَلى وُرقٍ خِفافٍ حَوائِلِ

تَخَيَّرَهُنَّ العونُ إِذ هُوَ راتِعٌ
كَما طافَ سرو الخَيلِ مُذكي القَنابِلِ

إِذا ما شَحا فيهِنَّ فُوهُ لمسحَجٍ
ليَعدِلَها كَأَنَّهُ فَرخُزاجِلِ

رَصَفنَ رِصافاً تَهتَدي لِلَبانِهِ
كَما يَهتَدي لِلكَيدِ نَبلُ المُناضِلِ

تَرَبَّعَ أَعلى عَرعَرٍ فَنَهاءةً
فَأَصرابَ مَوليِّ الأَلِدَّةِ باقِلِ

بِهِ اِحتجَبا حَتّى إِذا الحَرُّ مَسَّهُ
وَحُبّ السَّفا أَو جَفَّ ما في الشَمائِلِ

وَلَم يَبقَ إِلّا نُطفَةً في مَطِيطَةٍ
مَعَ الطينِ فَاِستَقصَينَها بِالجَحافِلِ

فَهاجَ مُشيعاتِ الهَوى بِحَفيظَةٍ
صَوادِقَ لَدناتٍ ظِماءِ المَفاصِلِ

فَأَورَدَهُ الظَنُّ المُرَجِّمُ فُرصَةً
رَقيعَةَ شِربٍ بَينَ هيبٍ وَكاثِلِ

تَراءى نُجومُ الأَخذِ في حجراتِهِ
وَتَفهَقُ في إِتراعِها في الجَداوِلِ

لَها مَشرَعٌ غَمرٌ وَخَلقاءُ رخصَةٌ
مَنابِتُها لَم تَختَرِق بِالمَناجِلِ

يُسَلسِلنَ بَرداً خالِصاً وَعُذوبَةً
شِفاءَ الغَليلِ وَالعُيونِ الحَواجِلِ

أَرب عَلَيها قارِبُ الماءِ بعدَما
رَأى الشَّمسَ قَد كانَت مَدى المُتَناوِلِ

وَأَنشَأنَ نَقعاً ساطِعاً مُتَواتِراً
وَأَتلَعنَ بِالأَعناقِ بَلهَ الكَواهِلِ

وَأَردَفَ أَدنى نَقعِهِنَّ بِمِثلِهِ
وَهاجَ بِإضرامٍ مِنَ الشَدِّ وابِلِ

وَأَلصَقنَ بِالأَكفالِ جُبَّةَ نَحرِهِ
لُصوقَ المَنيحِ بِالأَريبِ المُناقِلِ

تَفادَينَ مِن إِنفادِهِ وَكَأَنَّهُ
رَقيبُ قِداحٍ مُسمِحٌ غَيرُ ناكِلِ

أَلَمّا يَئِن لي أَن تُهابَ جَريرَتي
فَيَقصُرَ عَنّي حَيثُ يَمَّمتُ عاذِلي

دَنَت حَفظَتي وَنَصَّفَ الشَيبُ لِمَّتي
وَخَلَّيتُ بالي لِلأُمورِ الأَثاقِلِ

وَبَيضاء مِثلِ الريمِ قَد كُنتُ خِدنَها
رَبَت في نَعيمٍ جيدُها غَيرُ عاطِلِ

وَمُطنِبَةٍ رَهوٍ وَزَعتُ رَعيلَها
عَلى مُشرِفِ القَطرَينِ نَهدِ المَراكِلِ

جَليدِ البَئيسِ وَالنَعيمِ يَصونُهُ
أَمين العَراقي غَيرَ واهي الأَباجِلِ

إِذا آنَسَت أَدنى السَوامِ كَأَنَّها
سَعالٍ وَشِبهُ الجِنِّ فَوقَ الرَحائِلِ

وَأَهلَةِ وُدٍّ قَد تَبَرَّيتُ وُدَّهُم
وَأَبلَيتُهم في الجَهدِ بَذلي وَنائِلي

وَقِدماً غَلَبتُ الدَّهرَ لَو كُنتُ غالِبا
وَقَضَّيتُ مِن حَقٍّ أَلَمَّ وَباطِلِ

وَإِنّي رَأَيتُ الدَّهرَ إِن تَكرَ لا يَنَم
وَإِن أَنتَ تَغفُل تَلقَهُ غَيرَ غافِلِ

إِذا هُوَ أَفنى بَرزَخاً زيدَ مِثلُهُ
يزادُ عَلى المنوالِ كَالمُتَطاوِلِ

فَمَن يَأمَنُ الأَيّامَ بَعدَ اِبنِ هُرمُزٍ
وَبَعدَ أَبي قابوسَ مُذكي القَنابِلِ


ابن الطمحان القيني

الحمدان
08-04-2024, 01:01 PM
إِذا كانَ في صَدرِ ابنِ عَمِّكَ إِحنَةً
فَلا تَستَثرها سَوفَ يَبدو دَفينُها

وَإِن حَمأَةُ المَعروفِ أَعطاكَ صَفوَها
فَخُذ عَفوَهُ لا يَلتَبِس بِكَ طينُها

مَتى ما يَسُؤ ظَنُّ امرِئٍ بِصَديقِهِ
يصدق بَلاغاتٍ يَجِئهُ يَقينُها


أبو الطمحان القيني

الحمدان
08-04-2024, 01:01 PM
هَلا سَقَيتُم بَني جَرمٍ أَسيرَكُم
نَفسي فِداؤُكَ مِن ذي غُلَّةٍ صادي

شَهّادُ أَندِيَةٍ رَفّاعُ أَلوِيَةٍ
سَدّادُ أَوهِيَةٍ فَتّاحُ أَسدادِ

نَحّارُ راغِيَةٍ قَتّالُ طاغِيَةٍ
حَلّالُ رابِيَةٍ فَكّاكُ أَقيادِ

قَوّالُ مُحكَمَةٍ نَقّاضُ مُبرَمَةٍ
فَرّاجُ مُبهَمَةٍ طَلّاعُ أَنجادِ


أبو الطمحان القيني

الحمدان
08-04-2024, 01:01 PM
كَأَن لَم يَكُن يَوماً بِزورَةَ صالِحٌ
وَبِالقَصرِ ظِلٌّ دائِمٌ وَصَديقُ

وَلَم أرِدِ البَطحاءَ يَمزِجُ ماءَها
شَرابٌ مِنَ البَرّوقَتَينِ عَتِيقُ

مَعي كُلُّ فَضفاضِ القَميصِ كَأَنَّهُ
إِذا ما سَرَت فيهِ المدامُ فنيقُ

وَإِنّي وَإِن كانوا نَصارى أُحِبُّهُم
وَيَرتاحُ قَلبي نَحوَهُم وَيَتوقُ


أبو الطمحان القيني

الحمدان
08-04-2024, 01:02 PM
مَهلاً نُمَيرُ فإنَّكُم أَمسَيتُمُ
مِنّا بِثَغرِ ثَنِيَّةٍ لَم تُستَرِ

سوداً كأنَّكُم ذِئابُ خَطيطَةٍ
مطِرَ البِلادُ وَحرمُها لَم يُمطَرِ

يَحبونَ بينَ أجا وَبُرقَةِ عالجٍ
حَبوَ الضَّبابِ إِلى أُصولِ السَّخبَرِ

وَتَرَكتُمُ قَصبَ الشُّرَيفِ طَوامِياً
تَهوي ثَنِيَّتُهُ كَعَينِ الأَعوَرِ


أبو الطمحان القيني

الحمدان
08-04-2024, 01:02 PM
أَلا تَرَى مَأرِباً ما كانَ أَحصَنَهُ
وَما حَوالَيهِ مِن سورٍ وَبُنيانِ

ظَلَّ العِبادِيُّ يُسقَى فَوقَ قُلَّتِهِ
وَلَم يَهَب رَيبَ دَهرٍ حَقّ خَوّانِ

حَتَّى تَناوَلهُ مِن بَعدِ ما هَجَعوا
يَرقا إِلَيهِ عَلَى أَسبابِ كِتَّانِ


أبو الطمحان القيني

الحمدان
08-04-2024, 01:02 PM
فَتَى لا يُبالي المُدلِجونَ بِنورِه
إِلَى ما بِهِ ألا تضيءَ الكَواكِبُ

لَهُ حاجِبٌ عَن كُلِّ أَمرٍ يَشينُهُ
وَلَيسَ لَهُ عَن طالِبِ العُرفِ حاجِبُ


أبو الطمحان القيني

الحمدان
08-04-2024, 01:02 PM
ما وَلَدَتني حاصِنٌ رَبَعِيَّةٌ
لَئِن أَنا مالَأتُ الهَوى لِاِتِّباعِها

أَلَم تَرَ أَنَّ الأَرضَ رَحبٌ فَسيحَةٌ
فَهَل تُعجِزَني بُقعَةٌ مِن بِقاعِه
ا
وَمَبثوثَةٍ بَثَّ الدَبا مُبَطِرَّةٍ
رَدَدتُ عَلى بِطائِها مِن سِراعِها

وَأَقدَمتُ وَالخَطِّيُّ يَخطِرُ بَينَنا
لِأَعلَمَ مَن جَبانُها مِن شُجاعِها


إياس الطائي

الحمدان
08-04-2024, 01:03 PM
يا عين أذري الدمع منك الصبيب
ثم اندبي يا عين فقد الحبيب

وانعي لمقتولٍ غدا في الفلا
مجندلاً وسط الفيافي غريب

وابكي سليمانَ ولا تغفلي
فأمره واللَه أمرٌ عجيب

قد كان لا يفكرُ كل العدى
إن سلَّ من غمدٍ السيفَ قضيب

وتحذرُ الأعداءُ من بأسهِ
لو أنهم أعدادُ رملِ الكثيب

فيا حمامَ الأيك نُوحي إذاً
على فتىً قد كان غُصناً رطيب

وأعلمي بما جرى خالداً
لعلهُ يبكي بدمعٍ صبيب

وأخبري المقدادَ من بعدهِ
بأنَّ عبداللهِ أضحى سليب

بل واندبي الأخيارَ من بعدهم
وكل قرمٍ للمعالي مُصيب

لا يلتقي البطليوس خيراً ولا
أجنادهُ أبناءُ أهلِ الصليب

قد كمنوا جيشاً لنا عامداً
يوم الوغى من كلِّ كلبٍ مُريب

وحقِّ من أعطى لنا نصرَهُ
في كلِّ وادٍ ثُمَّ فتحاً قريب

لنأخذنَّ الثأرَ من جمعهم
جهراً ونُطفي من فؤادٍ لهيب


عمار بن ياسر رضي الله عنه
المخضرمون

الحمدان
08-04-2024, 01:03 PM
يا ناعي الإسلام ُم وانعَهُ
قدماتَ عُرفٌ وأتى منكرُ

ما لِقُريشٍ لا علا كعبُها
من قدموا اليومَ ومن أخروا

مثل عليٍّ قد خفى أمرُهُ
عليهمُ والشمسُ لا تسترُ

وليسَ يُطوى علمٌ باهِرٌ
سامٍ يداللَهِ له تَنشُرُ

حتى يُزيلُوا صدعَ ملمُومةٍ
والصدعُ في الصخرةِ لا يُجبَرُ

كَبشُ قُرَيشٍ في وغى حَربِها
فاروقُها صديقُها الأكبرُ

وكاشِفُ الكربِ إذا خُطَّةٌ
أعيا على وارِدِها المصدَرُ

كبرَ للّهِ وصلَّى وما
صلَّى ذَوُو العيبِ ولا كبَّرُوا

تدبيرُهُم أدى إلى ما أتوا
تباً لهم يا بئسَ ما دبرُوا


عمار بن ياسر

الحمدان
08-04-2024, 01:03 PM
أنا الهمامُ الفارسُ الكرار
أفني بسيفي عصبةَ الكفار

إن جالت الخيلُ بلا إنكار
وقامَ سُوقُ الحرب من عَمّار

حمى لدين المصطفى المختار
صلى عليه الواحِدُ القهار

وآلهِ وصحبهِ الأخيار
ما بان ليلٌ وأضا نهار


عمار بن ياسر

الحمدان
08-04-2024, 01:04 PM
فمنكِ البُكاءُ ومنكِ العَويلُ
ومنكِ الرياحُ ومنكِ المَطَر

وأنتِ أمرتِ بقتلِ الإمامِ
وقاتلُهُ عندنا من أمَر


عمار بن ياسر

الحمدان
08-04-2024, 01:04 PM
صدقَ اللَه وهوَ للصدقِ أَهلٌ
وتعالى ربي وكان جَليلا

ربِّ عجل شهادةً لي بقتلٍ
في الذي قد أحبَّ قتلاً جميلا

مُقبِلاً غيرَ مُدبرٍ إن للقَتلِ
على كُلِّ ميتَةٍ تفضيلا

إنهُم عندَ ربِّهِم في جِنانٍ
يشربُون الرحيقَ والسلسَبيلا

من شرابِ الأبرارِ خالَطَهُ المِسكُ
وكأساً مزاجُها زَنجبيلاً


عمار بن ياسر

الحمدان
08-04-2024, 01:05 PM
جزى اللَه خيراً عن بلالٍ وصحبهِ
عتيقاً وأخزى فاكِهاً وأباجَهلِ

عشيةَ همّا في بلالٍ بسوءَةٍ
ولم يحذروا ما يحذرُ المرءُ ذُو العقلِ

بتوحيده ربَّ الأنامِ وقوله
شهدتُ بأن اللَه ربي على مَهلِ

فإن تقتلوني تقتلوني ولم أكن
لأشرك بالرحمنِ من خيفَةِ القتلِ

فيا ربَّ إبراهيم والعبد يُونُسٍ
ومُوسى وعيسى نجني ثم لا تُملي

لمن ظل يهوى الغيَّ من آل غالبٍ
على غيرِ برٍّ كانَ منهُ ولا عَدل


عمار بن ياسر

الحمدان
08-04-2024, 01:05 PM
تَوَخَّ من الطرقِ أوساطَها
وعَدِّ عن الجانِبِ المُشتَبِه

وسَمعَكَ صُن عن سَماعِ القبيحِ
كَصَونِ اللسانِ عن النطقِ به

فإنك عندَ سماعِ القبيحِ
شريكٌ لقائِلِهِ فانتَبِه


عمار بن ياسر

الحمدان
08-04-2024, 01:10 PM
عَجِيبٌ أَنْ أَرَاكَ وَأَنْ تَرَانِي!
وَنَحْنُ عَنِ الْهَوَىٰ مُتَبَاعِدَانِ

وَنَنْظُرُ خِلْسَةً عَنْ بُعْدِ فِينَا
فَنَعْجَبُ كَيْفَ عَاشَ المَيِّتَانِ

وَيَدْفَعُنَا الْحَنِينُ إِلَىٰ وِصَالٍ
فَنَذكُرُ أَنَّ وَصْلَ الْحُبِّ فَانِ

وَنَرْجِعُ بَيْنَ حَالَتِنَا بِبُؤْسٍ
نُعَزِّي حَالَنَا مِمَّا نُعَانِي

فَلَيْسَ لَنَا هَنَاءٌ فِي التَّنَائِي
وَلَا أَمَلٌ يُعِيدُ لَنَا التَّدَانِي

سَنَبْقَى فِي الْحَيَاةِ كَطَيفِ حُزنٍ
لِأَنَّا نَحْنُ مَنْ قَتَلَ الْأَمَانِي


محمد حسين السعدي

الحمدان
08-04-2024, 01:57 PM
رمتك فلم تشو الفؤاد جنوب
وما كل من يرمي الفؤاد يصيب

وما زودتنا غير ان خلطت لنا
أحاديث منها صادق وكذوب

الا مبلغ فتيان مرّةَ انه
هجانا ابن برصاء اليدين سبيب

وفي آل عوف من يهود قبيلة
تشابهَ منها ناشئون وشيب

أبي كان خيرا من أبيك ولم يزل
جنيباً لآبائي وأنت جنيبُ

وما زلت خيراً منك مذ عض كارها
برأسك عادي النجاد رسوبُ

فما ذنبنا أنأم حمزة جاورت
بيثرب أتياساً لهن نبيبُ

وأن رجالاً بين سلع وواقم
لأير ابيهم في أبيك نصيبُ

فلو كنت عوفيا عميت فأسهلت
كداك ولكن المريب مريب

دعانا شبيب بالسرية دعوة
فقام له بالحرتين مجيب


أرطأة بن سهية

الحمدان
08-04-2024, 01:57 PM
وداوية نازعتها الليل زائراً
لوجزة تهديني النجوم الطوامسُ

ولاح سهيل من بعيد كأنه
شهاب ينحّيه عن الريح قابس

وأعرضت الشعري العبور كأنها
معلق قنديل عليها الكنائسُ

أرقت بدير الماطرون كأنني
لساري النجوم آخر الليل حارسُ

أعوج بأصحابي على القصد تعتلي
بنا عرض كسريها المطي العرامسُ

ومن عجب الايام أن كل منزل
لوجزة من أكناف زمانَ دارسُ

فقد تركتني لا أعيجُ بمشرب
فأروى ولا الهو إلى من أجالسُ

وقد جاورت قصر العذيب فما يرى
بزمان الا ساخط العيش بائسُ

طلاب بعيد واختلاف من النوى
اذا ما أتى من دون وجزة قادسُ

لئن أنجح الواشون بيني وبينها
وطال التنائي والنفوس النفائسُ

لقد طال ما عشنا جميعاً وودنا
جميع اذا ما يبتغي الانس آنسُ

كذاك صروف الدهر ليس بتارك
حبيباً ويبقى عمره المتقاعسُ

ونحن بنو عم على ذاك بيننا
زرابي فيها بغضة وتنافسُ

ونحن كصدع العس أن يعط شاعبا
يدعه وفيه عيبه متشاخسُ

كفى بيننا أن لا تردَّ تحية
على جانب ولا يشمت عاطسُ


أرطأة بن سهية

الحمدان
08-04-2024, 01:58 PM
عوجا نلم على أسماء في الثمد
من دون أقرن بين القور والنجدِ

أن تلقني لا ترى غيري بناظرة
تنس السلاح وتعرف جبهة الاسدِ

ماذا اظنك تغني في أخي رصد
من اسد خفان جابي العين ذي لبد

أبي ضراغمة غبر يعودها
أكل الرجال متى يبدأ لها يعدِ

يا أيها المتمني أن يلاقيني
ان تنأ آتك أو ان تبغني تجدِ

تقضي اللبانة من مر شرائعه
صعب المقادة تخشاه فلا تعدِ

متى تردني لا تصدر لمصدرة
فيها نجاة وان اصدرك لا تردِ

لا تحسبني كفقع القاع ينقره
جان باصبعه أو بيضة البلدِ

أنا ابن عقفان معروفا له نسبي
الا بما شاركت أمي على ولدِ

لاقى الملوك فأثأى في دمائهم
ثم استقر بلا عقل ولا قودِ

من عصبة يطعنون الخيل ضاحية
حتى تبدد كالمزؤودة الشردِ

ويمنعون نساء الحين ان علمت
ويكشفونقتام الغارة العمدِ

أنا ابن صرمة ان تسأل خيارهم
أضرب برجلي في ساداتهم ويدي

وفي بني مالك أم وزافرة
لا يدفع المجد من قيس إلى أحدِ

ضربت فيهم بأعراقي كما ضربت
عروق ناعمة في أبطح تئدِ

جدي قضاعة معروف ويعرفني
حيا رفيدة أهل السرو والعددِ


أرطأة بن سهية

الحمدان
08-04-2024, 01:58 PM
ربطنا ديات للملوك سعى بها
سنان وسيار بن عمرو فأسرعا

ونحن رهنا القوس ثم أفتككتها
بألف على ظهر ابن مزنة أقرعا

هما سيدا غيظ بن مرة لوهوى
من الذبل ميزاناهما لتضعضعا


أرطأة بن سهية

الحمدان
08-04-2024, 01:58 PM
رأيت المرء تأكله الليالي
كأكل الأرض ساقطة الحديدِ

وما تبغي المنية حين تأتي
على نفس ابن آدم من مزيد

وأعلمُ أنها ستكر حتى
توفي نذرها بأبي الوليدِ

خلقنا أنفسنا وبني نفوس
ولسنا بالسلام ولا الحديدِ

لئن أفجعتُ بالقرناء يوماً
لقد متعت بالامل البعيدِ


أرطأة بن سهية

الحمدان
08-04-2024, 01:58 PM
وكائن ترى من ذات بث وعولة
بكت شجوها بعد الحنين المرجعِ

فكانت كذات البو لما تعطفت
على قطع من شلوه المتمزعِ

متى لا تجده تنصرف لطياتها
من الأرض أو تعمد لالف فتربعِ

عن الدهر فاصفح انه غير معتب
وفي غير من قد وارت الارض فاطمع

وقفت على قبر ابن سلمى فلم يكن
وقوفي عليه غير مبكى ومجزع

هل أنت ابن سلمى ان نظرتك رائحا
مع الركب أو غاد غداة غد معي

أأنسى ابن سلمى وهو لم يأت دونه
من الدهر الا بعض صيف ومربعِ

وقفت على جثمان عمرو فلم أجد
سوى جدث عاف ببيداء بلقعِ

ضربت عمودي بانة سَمَوَا معا
فخرت ولم أتبع قلوصي بدعدعِ

فلو أنها حادت عن الرمس نلتها
ببادرة من سيف أشهب موقعِ

فما كنت الا والهاً بعد فقدها
على شجوها أثر الحنين المرجعِ

تركتك أن تحيي تكوسي وأن تنؤ
على الجهد تخذلها توال فتقرعِ

فلو كان لُبّي حاضرا ما أصابني
سهو على قبر باكناف أجرعِ


أرطأة بن سهية

الحمدان
08-04-2024, 01:59 PM
أزميل اني ان أكن لك جازيا
أُعكر عليك وان ترح لا تسبقِ

اني امرؤ تجد الرجال عداوتي
وجد الركاب من الذباب الأزرق

لا تحسبني كامريء صادفته
بمضيعة فخدشته بالمرفقِ

اني امرؤ أوفى اذا قارعتكم
قصب الرهان وما أشأ أتعرقِ

يا زُملُ اني ان أكن لك سائقا
تركض برجليك النجاة والحقِ


أرطأة بن سهية

الحمدان
08-04-2024, 01:59 PM
لحا اللَه فودي مسرف وابن عمه
وآثار نعلي مسرف حيث أثرا

مررت على ربعيهما فكأنني
مررت بجبارين من سروِ حميرا

على أن ذا العليا عمارة لم أجد
على البعد حسن العهد منه تغيرا

حباني ببرديه وعنس كأنما
بني فوق متنيها الوليدان قهقرا


أرطأة بن سهية

الحمدان
08-04-2024, 01:59 PM
مررت على حدثي بزمان بعدما
تقطع أقران الصبا والوسائلُ

فكنت كظبي مفلت ثم لم يزل
به الحين حتى أعلقته الحبائلُ

وأني لقوام إلى الضيف موهنا
اذا أسبل الستر البخيل المواكلُ

دعا فأجابته كلاب كثيرة
على ثقة مني بأني فاعلُ

وما دون ضيفي من تلاد تحوزه
لي النفسُ الا أن تصان الحلائلُ

اني لأطوي عن صديقي شرتي
اذا أثرت في أكرميك الاناملُ

بنيت على خلق الرجال بأعظم
خفاف تثنى بينهن المفاصلُ

وقلب جلت عنه الشؤون وان تشأ
يخبرك ظهر الغيب ما أنت فاعلُ

ولست بربل مثلك احتملت به
عوان نأت عن فحلها وهي حافلُ

فجئت ابن أحلام النيام ولم تجد
لصهرك ألا نفسها من تباعلُ


أرطأة بن سهية

الحمدان
08-04-2024, 01:59 PM
ألا حي ربعا باللديد المقابل
يهيج الهوى من بين تلك المنازلِ

يهيج الذي قد كان من سالف الصبا
على مستهام قلبه غير ذاهلِ

يهيم بذكر الغانيات وهمه
طلاب الصبا في غيه المتمايلِ

فما ظبية الغر التي هاجت الهوى
ولكنما شبهتها أم واصلِ

من البيض مكسالا كأن حديثها
جنى النحل هيفاء صموت الخلاخلِ

تمشى بها خرج النعام كأنها
بسفح العنا بين النساء الأراملِ


أرطأة بن سهية

الحمدان
08-04-2024, 02:00 PM
تشكى قلوصي الي الوجى
تجر السريح وتبلي الحذاما

تزور كريما له عندها
يد لا تعد وتهدي السلاما

وقل ثوابا له أنها
تجيد القوافي عاما فعاما

وسادت معدا على رغمها
قريش وسدت قريشا غلاما

جعلت على الأمر فيه صغا
فما زال غمرك حتى استقاما

لقيت الزحوف فقاتلتها
فجردت فيهن عضبا حساما

تشق القوانس حتى تنال
ما تحتها ثم تبرى العظاما

نزعت على مهل سابقا
فما زادك النزع الا تماما

فزاد لك اللَه سلطانه
وزاد لك الخير منه فداما


أرطأة بن سهية

الحمدان
08-04-2024, 02:00 PM
يعيرني قومي المجاهل والخنا
عليهم وقالوا أنت غير حليم

هل الجهل فيكم أن أعاقب بعدما
تجوز سبي واستحل حريمي

اذا أنا لم أمنع عجوزي منكم
فكانت كأخرى في النساء عقيم

وقد علمت أفناء مرة أننا
اذا ما اجتدانا الشر كل صميمِ

حماة لا حساب العشيرة كلها
اذا ذم يوم الروع كل مليمِ

فقلت لها يا أم بيضاء انه
هريق شبابي واستشن أديمي


أرطأة بن سهية

الحمدان
08-04-2024, 02:00 PM
عوجا على منزل قد هاج أحزانا
بين القوى وقرني أم حسانا

أبلغ حباشة أني غير تاركه
حتى اذ لله اذ كان ما كانا

الباعث القول يسديه ويلحمه
كالمجتدي الثكل اذ حاورت حيانا

ان تدع خندف بغيا او مكاثرة
أدع القبائل من قيس وعيلانا

قد نحبس الحق حتى ما يجاوزنا
والحق يحبسنا من حيث يلقانا

نبني لاخرنا مجداً نشيده
انا كذاك ورثنا المجد أولانا


أرطأة بن سهية

الحمدان
08-04-2024, 02:01 PM
أعاذلتي ألا لا تعذلينا
أقلي اللوم ان لم تنفعينا

فقد أكثرت لو أغنيت شيئاً
ولست بقابل ما تأمرينا

فلا وأبيك لا ننفك نبكي
على قتلى هنالك ما بقينا

على قتلى هنالك أوجعتنا
وأنستنا رجالا آخرينا

سنبكي بالرماح اذا التقينا
على إخواننا وعلى بنينا

بطعن ترعد الأحشاء منه
يرد البيض والأبدان جونا

كأن الخيل ان آنسن كلبا
يرين وراءهم ما يبتغينا


أرطأة بن سهية

الحمدان
08-04-2024, 02:01 PM
إذا تخازرت وما بي من خزر
ثم كسرت العين من غير عور

الفيتني الوى بعيد المستمر
أحمل ما حملت من خير وشر

ذا نهجة في المصمئلات الكبر
أبذي اذاً بوذيت من كلب ذكر

أعقر بوال يغذي في الشجر
كالحية النضناض في أصل الحجر


أرطأة بن سهية
المخضرمون

الحمدان
08-04-2024, 02:21 PM
أَلَم أَكُ باذِلاً وُدّي وَنَصري
وَأَصرِف عَنكُم ذَربي وَلَغبي

وَأَجعَلُ كُلَّ مُضطَهَدٍ أَتاني
يَخافُ الضَيمُ بَينَ حِشّاً وَخِلبِ


الزبرقان بن بدر

الحمدان
08-04-2024, 02:21 PM
وَلِيَ اِبنُ عَمٍّ لا يَزالُ
يَعيبُني وَيُعين عائِب

وَأُعينهُ في النائِباتِ
وَلا يُعينُ عَلى النوائِب

تَسري عَقارِبُهُ إِلَيْيَ
وَلا تَناوَلُهُ عَقارِب

لاهِ اِبنُ عَمِّكَ لا تَخافُ
المُخزِياتِ مِنَ العَواقِب

دَعني أُعِنكَ عَلى الزَمانِ
وَأُغنِ عَنك بِكُلِّ جانِبِ

إِني كَسَيفِكَ في يَمينِكَ
لا أَلينُ لِمَن تُحارِب


الزبرقان بن بدر

الحمدان
08-04-2024, 02:22 PM
أَخوكَ الَّذي لا يَنقُضُ الدَهرَ عَهدَهُ
وَلا عَن صُروفِ الدَهرِ يَزوَرُّ جانِبُه

وَلَيسَ الَّذي يَلقاكَ بِالبِشرِ وَالرِضى
وَإِن غِبتَ عَنهُ تابَعَتكَ عَقارِبُه

فَخُذ مِن أَخيكَ العَفو وَاَغفِر ذُنوبَهُ
وَلا تَكُ في كُلِ الأُمورِ تُحاسِبُه


الزبرقان بن بدر

الحمدان
08-04-2024, 02:22 PM
أَتَدري مَن مَنَعتَ وُرودَ حَوضٍ
سَليلٍ خَضارِمٍ سَكَنوا البِطاحا

أَزادَ الرَكبِ تَمنعُ أم هِشاماً
وَذا الرُمحَينِ أَمنَعَهُم سِلاحا

هُمُ مَنَعوا الأَباطِحَ دونَ فِهرٍ
وَمَن بِالخَيفِ وَالبُدُن اللِقاحا

بِضَربٍ دونَ بَيضَتِهم طِلَخفٍ
إِذا المَلهوفُ لاذَ بِهم وَصاحا

وَما تَدري بِأَيِهّم تُلاقي
صُدورَ المَشرفِيّةِ وَالرِماحا


الزبرقان بن بدر

الحمدان
08-04-2024, 02:22 PM
ساروا إِلَينا بِنصفِ اللَيلِ فَاِحتَمَلوا
فَلا رَهينَةَ إِلّا سَيدٌ صَمَدُ

سيروا رُويداً فَإِنّا لَن نَفوتَكُم
وَإِنَّ ما بَينَنا سَهلٌ لَكُم جَدَدُ

إِنَ الغَزالَ الَّذي تَرجونَ غِرَّتَهُ
جَمعٌ يَضيقُ بِهِ العَتكانِ أَو أُطَدُ

مُستَحقِبو حَلَقَ الماذي بِخُفرَتِهِ
ضَربٌ طِلِخفٌ وَطَعنٌ بَينَهُ خَضَدُ


الزبرقان بن بدر

الحمدان
08-04-2024, 02:22 PM
وَفَيتُ بِأَذوادِ الرَسولِ وَقَد أَبَت
سُعاةٌ فَلَم يَردُدُ بَعيراً مُجيرُها

مَعاً وَمنَعناها مِنَ الناسِ كُلِّهمُ
ترامِي الأَعادي عِندَنا ما يَضيرُها

فَأَدَّيتُها كَي لا أَخونَ بِذِمَتّي
مَحانيقَ لَم تُدرَس لِرَكبٍ ظُهورُها

أرَدتُ بِها التَقوى وَمجدُ حَديثِها
إِذا عُصبَةٌ سامى قَبيلي فَخورَها

وَإِني لَمِن حَيّ إِذا عُدَّ سَعيُهُم
يَرى الفَخرَ مِنها حَيُّها وَقُبورُها

أَصاغِرَهُم لَم يَضرَعوا وَكِبارُهُم
رزانٌ مَراسِيَها عِفافٌ صُدورُها

وَأَشوَسَ سامٍ قَد عَلوتُ وَعُصبَةٍ
غِضابٍ حِناقٍ صَدَّ عَنّي نُحورُها

وِمِن رَهطِ كَنّادٍ تَوَفّيتُ ذِمَّتي
وَلَم يَثنِ سَيفي نَبحُها وَهريرُها

وَلَيلَةِ نَحسٍ في الأُمورِ شَهِدتُها
بِخُطَّةِ عَزمٍ قَد أُمِرَّ مَريرُها

وَقُبَّةِ مَلكٍ قَد دَخَلتُ وَفارِسٍ
طَعَنتُ إِذا ما الخَيلُ شَدَّ مُغيرُها

فَفَرَّجتُ أُولاها بِنجلاءَ ثَرَّةٍ
بِحَيثُ الَّذي يَرجو الحَياةَ يَضيرُها

وَمَشهَدِ صِدقٍ قَد شَهدتُ فَلَم أَكُن
بِهِ خامِلاً وَاليَومَ يُثنى مَصيرُها

أَرى رَهبَةَ الأَعداءِ مِنّي جَراءَةً
وَيَبكي إِذا ما النَفسُ يُوحي ضَميرُها


الزبرقان بن بدر

الحمدان
08-04-2024, 02:23 PM
نَحنُ الكِرامُ فَلا حَيّ يُعادِلُنا
مِنّا المُلوكُ وَفينا تُنصَبُ البِيَعُ

وَكَم قَسَرنا مِنَ الأَحياءِ كُلِّهِم
عِندَ النِهابِ وَفضلُ العِزِ يُتَّبَعُ

وَنَحنُ يُطعَمُ عِندَ القَحطِ مَطعَمُنا
مِنَ الشِواءِ إِذا لَم يُونسِ القَزَعُ

بِما تَرى الناسُ تَأتِينا سُراتُهُمُ
مِن كُلِ أَرضٍ هَويّاً ثُمَ تَصطَنِعُ

فَنَنحَرُ الكوم عَبطاً في أَرومَتِنا
لِلنازِلينَ إِذا ما أُنزِلوا شَبِعوا

فَلا تَرانا إِل حَيٍّ نُفاخِرُهُم
إِلّا اِستَفادوا فَكانوا الرَأسَ يُقتَطَعُ

فَمَن يُفاخِرُنا في ذاكَ نَعرِفُهُ
فَيُرجِعَ القَومَ وَالأَخبارُ تُستَمَعُ

إِنّا أَبَينا وَلَم يَأبى لَنا أَحَدٌ
إِنّا كَذَلِكَ عِندَ الفَخرِ نَرتَفِعُ

تِلكَ المَكارِمُ حُزناها مُقارَعَةً
إِذا الكِرامُ عَلى أَمثالِها اِقتَرَعوا


الزبرقان بن بدر

الحمدان
08-04-2024, 02:23 PM
وَبُردا اِبنِ ماءِ المُزنِ عَمّي اِكتَساهُما
بِعِزِّ مَعَدٍّ حينَ عُدَّت مَحاصِلُه

رَآهُ كِرامُ الناسِ أَولاهُمُ بِهِ
وَلَم يَجِدوا في عِزِّهم مَن يُعادِلُه

رُزيتُ أَبي وَاِبنَي شُرَيفٍ كِلَيهِما
وَفارِس ذاتِ العُجمِ حُلوٌ شَمائِلُه


الزبرقان بن بدر

الحمدان
08-04-2024, 02:23 PM
أَتَيناكَ كَيما يَعلَمُ الناسُ فَضلَنا
إِذا اِحتَفَلوا عِندَ اِحتِضارِ المَواسِمِ

بِأَنّا فُروعُ الناسِ في كُلِ مَوطِنٍ
وَأَن لَيسَ في أَرضِ الحِجازِ كَدارِمِ

واِنّا نَذودُ المُعلَمينَ إِذا اِنتَخَوا
وَنَضرِبُ رَأسَ الأَصيَدِ المُتَفاقِمِ

وَأَنَّ لَنا المِرباعَ في كُلِ غارَةٍ
نُغيِرُ بِنَجدٍ أَو بِأَرضِ الأَعاجِمِ


الزبرقان بن بدر

الحمدان
08-04-2024, 02:24 PM
أَبَعدَ بُشرٍ أَسيراً في بُيوتهم
يَرجو الخَفارَةَ مِنّي آلُ ظَلّامِ

فَلَن أُصالِحهُم ما دُمتُ ذا فَرَسٍ
وَاشتَدَ قَبضاً عَلى السَيلانِ إِبهامي

فَإِنَّما الناسُ ياللَهِ أُمُهُمُ
أَكائِلُ الطَير أَو حَشوٌ لِأَرجامِ

هُم يَهلَكونَ وَيَبقى بَعدُ ما صَنَعوا
كَأَنَّ آثارَهُم خُطَّت بِأَقلامِ

تَعدو الذِئابُ عَلى من لا كِلابَ لَهُ
وَتَتَقي مَربَضَ المُستَنفِرِ الحامِيِ


الزبرقان بن بدر

الحمدان
08-04-2024, 02:24 PM
آَلَيتُ لا أَبكي عَلى هالِكٍ
بَعدَ رَسولِ اللَهِ خَيرُ الأَنامِ

بِعدَ الَّذي كانَ لَنا هادِياً
مِن حَيرَةٍ كانَت وَبَدرَ الظَلام

يا مُبلِغِ الأَخبارِ عَن رَبِّهِ
فينا وَيا مُحييَ لَيلَ التَمام

وَهادِيَ الناسِ إِلى رُشدِهم
وَشارِعَ الحِلَّ لَهُم وَالحَرام

أَنتَ الَّذي اِستَنقَذتنا بَعدَما
كُنا عَلى مَهواةِ جُرفٍ قيام

فَاِستَأثَرَ اللَهُ بِهِ إِذ وَفى
أَيامَهُ عِندَ حُضورِ الحَمام

وَأَيُّ قَومٍ أَدرَكوا غِبطَةً
دامَت لَهُم مِن آلِ حامٍ وَسام


الزبرقان بن بدر

الحمدان
08-04-2024, 02:24 PM
مَن مُبلِغٌ عَمرو بِنَ نُعمانَ إِنَّما
فُضوحُ الحَياةِ أَن نُقِرَّ المَظالِما

قَد عَلِمَت قَيسٌ وَخِندَقُ أَنَني
وَفَيتُ إِذا ما فارِسُ السَوءِ أَحجَما


الزبرقان بن بدر
المخضرمون

الحمدان
08-04-2024, 03:29 PM
إذا صاحت الاطماع فاصبر فإنها
تنام اذا طال الصياح على النهم

وقهر الفتى آلامه فيه لذة
وفي طاعة اللذات شيء من الألم


العقاد

الحمدان
08-04-2024, 03:29 PM
ما وجدنا من البرية إلا
خلقاً زائفا وجهلاً مبينا

حشرات لا تعرف الخير والشر
وفيها الهلاك للعرافينا


العقاد

الحمدان
08-04-2024, 03:30 PM
حي الغمائم في السماء كأنها
طير سرت في مستهل ربيع

بيضاء ترتع في فضاء شاسع
صافي السراة على السنا مرفوع

طوراً كتمسيح الذيول وتارة
كالرغو بين مفرّق وجميع

ترفو حواشيها الرياح وتنتحي
أوساطها بالفتق والترقيع

والدوح مهدول الارائك ساهم
كالعاشقين هنيهة التوديع

والماء كالممرور في وسواسه
يشجوك منه ترنم المفجوع

ضحك الطبيعة في الربيع كأنه
ضحك الغريرة في عناق خليع

فاذا تبسم في الخريف جبينها
أبصرت نظرة ريبة وخشوع

كالغادة الحسناء يغرب حسنها
أثناء شيب في الشباب سريع


العقاد

الحمدان
08-04-2024, 03:30 PM
ظلموا الوحش وهو والله أحرى
منك بالأمن أيها الإنسانُ

ان للوحش جوعتين وأنتم
جوعكم في حياتكم ألوانُ


العقاد

الحمدان
08-04-2024, 03:30 PM
أحمّل هذا الدهر ذم صنيعه
كما يحمل العبد السياط ليُضربا

ويشبه عبد السوء في كل فعله
فيضرب أحياناً وما زال مذنبا


العقاد

الحمدان
08-04-2024, 03:31 PM
رأت شفتيه والبكى يستجيشها
فما راعها الا اصفرار عليهما

وجست يداً كانت نطاقاً لخصرها
فلا رمقاً فيها تحس ولا دما

ومالت على أذنيه حتى كأنه
ليسمع منها شجوها والتندما

وتفتح جفنيه لتبصر فيهما
سراجين كانا يسطعان فأظلما

سراجين كانا يجلوان لعينها
جمال محياها فوراهما العمى

وكانا لوجه الحسن أجمل مبصر
فقد فجع الموت المحاسن فيهما

فقالت برغمي انك اليوم ميّت
وان الضحى لما يزل متبسما

ألا ايّهذا الحب إنك بعدهُ
ستصبح داء في الجوانح مسقما

ستصبح أنى سرت ترعاك غيرة
بعين تريك الوهم صدقاً مجسما

ستقبل محمود الأوائل سائغاً
وتدبر مشئوم العواقب مؤلما

وانك إما عن مرامك قاصرٌ
فتأسف أو مجتازهُ متهجما

عذابك بالصفو الذي فيك راجح
وماؤك ممزوج به الري والظما

بلى سوف تغدو أيها الحب كاذبا
لجوجاً ملولاً جافياً متبرما

يطير بعطفيك النسيم إذا سرى
وترمى بك الأنفاس في كل مرتمى

تطوف وما أحلاك يا حب ساقياً
بكأس تغر الحاذق المتوسما

بكأس حوافيها نعيمٌ ولذةٌ
وما ضمنت إلاّ سماماً وعلقما

تهد قوى الثبتِ المريرة من جوى
فتعرقهُ إلاّ مشاشاً وأعظما

وتنفخ في روع العييّ فينبرى
فصيحاً ويغدو مدره القوم أبكما

ويا حب تعفو عن كبائرَ جمة
وتضطغن الذنب اليسير تجرُّما

ويا حب تضرى من يدب على العصا
فيضرى وتنهى الضارى المتقحما

وتبتز أموال الغني وربما
منحت كنوز المال من كان معدما

عرامة مجنون ورقة مائق
ويا ويح قلب وامق من كليهما

وقد يحلم الفتيان في ميعة الصبا
ويسفه فيك الشيخ ان بات مغرما

هيوباً ولا شيءٌ يهاب لقاؤهُ
عسوفاً إذا ما الخوف قد كان احزما

وترحم أحياناً وفيك قساوة
وأنت بأن تقسو جدير وترحما

وأخدع شيء أنت ان قيل منصف
وأصعب شيء أنت ان قيل أسلما

وإن شئت ازجيت الجبان فأقدما
ووسوست في قلب الجرئ فأحجما

ألا أيها الحب الغويّ ألا انطلق
على الناس سيلاً جارفاً أو جهنما

ألا ولتفرق والداً عن وليده
فلا أمّ تحنو إن قسوت ولا ابنما

وكم فتنة يا حب تورى ضرامها
وترسلها شعواء في الأرض والسما

ألا وليكن أشقى الأنام بحبه
أحق امرئ فيه بان يتنعما


العقاد

الحمدان
08-04-2024, 03:31 PM
يا شاكياً وصباً أحاط بنفسه
أربعْ عليك لكل يوم كوكبُ

حمل فؤادي ما يؤودك حمله
اني لأجلد للهموم واصلب

أنت النعيم لناظريَّ وخاطري
عجباً وحقك من نعيم ينحب

يشكوا من الدنيا الأولى لولاهم
ما كانت الدنيا تحب وترغب

إما بكيت فلست اول شارق
يجلو العيون وقد حواه الغيهب

قد كنت تبلغ ما تروم وتشتهي
لو أن للايام عيناً ترقب

لا يذهبن بك القنوط فربما
عاد الصباح وأنت لاه تطرب

دمع الشبيبة لا حرمت ثماره
يروي به اللب الغضيض فيخصب


العقاد

الحمدان
08-04-2024, 03:31 PM
أتعبت نفسك بالوقار فأقصرِ
والعب كما لعب الصبا وتأطَّر

يغنيك حسنٌ أنت لابس تاجه
عن هيبة السفاح والإسكندر

ما لي أراك وقد علمتك لاهيًا
حيران تخطر خطرة المتفكر

يعلوك من سِيَم الجلال مهابة
كالظبي يمرح في إهاب القَسْوَرِ

جِدٌّ حديثك أم لعلك عابث
تلهو بتمثيل الأناة وتزدري

وإذا الفتى جهل الهموم فؤادُه
حسب الهموم ملاحة في المنظر

ارحم مُجالسَكَ الذي ألبسته
ثوب الوجوم لديك لبس المجبَر

هبه اقتدى بك في الوجوم فمن له
بالحسن فيك سَفَرْتَ أم لم تسفر

أو غاض ماء البشر منه فمن له
بمَعين بشر في الصبا متفجر

ظلمًا تحيل على معارف وجهه
مسخ التقبض فوق مسخ مُنكَر

عجبًا لمحسود الرشاقة حاسد
صرعى الخطوب على رزانة مُوقر

حببت لي الأحزان لما صغتها
حليًا على هذا الجبين النيِّر

فدع التجارب فحمها وغبارها
لذوي مناجمها وفُزْ بالجوهر

واخدع جليسك بالقطوب فإنني
أنا لا أُغر بضاحك متنكر

هيهات توليك الطبيعة مسحة
مما تروم من الوقار المفتري

أنتم مباسمها وفيكم تنجلي
للناس ضاحكة كأن لم تكدُرِ

ما للطبيعة حين يضحك ثغرها
ضحك سوى الوجه الصبوح المزهر

ومن العجائب أن يقطِّب عابسًا
ضحك، ويُظلم كوكب لم يستر

قل للملاحة تدعي ما تدعي
إلا الوقار، فذاك غير ميَسَّر


العقاد

الحمدان
08-04-2024, 03:32 PM
جزى الله حانوت القيود فإنه
مناط الأماني من بعيد ومَكْثَبِ

تزود منه الناس في كل حقبة
وحجوا إليه موكبا بعد موكب

يصيحون فيه بالقيون كأنهم
سراحين في واد من الأرض مجدب

فمن قائل عجل بقيدي فإنني
طليق ومن عان كثير التقلب

إذا أخطأ الأغلال قطّب وجهه
كئيباً وإن أثقلنه لم يقطّب

يطوفون بالمغلول طوفة عاطل
فقير بموشيِّ الطيالس مُعْجَب

فهذا إلى قيد من العقل ناظرٌ
وما العقل إلا من عقال مؤرَّب

يخفّضُ من أهوائه كل ناهض
ويغلب من آماله كلَّ أغلب

ويمشي بأغلال التجارب معجباً
على غبطة منه لمن لم يجرب

وهذا إلى قيد من الحب شاخصٌ
وفي الحب قيد الجامع المتوثب

ينادي أنلني القيد يا من تصوغه
ففي القيد من سجن الطلاقة مهربي

أدره على قلبي وعقلي ومهجتي
وطوّق به كفى وجيدي ومنكبي

ورصّعه بالحسن المُسَوَّم واجْلُهُ
بكل سعيد في المناظر طيب

عزيز علينا العيش حراً وحولنا
أسارى الهوى من فائز ومخيَّب

ورُبَّ رخيِّ البال تمّتْ حظوظه
يقيّدُ دنياه بعنقاء مُغْرِب

أمانيُّ يقفوها فتربط خطوه
رباط الدياجي خطوة المتنكب

وآخرَ أضنته الملالةُ باسطٍ
يديه إلى الأعمال في غير مأرب

إذا ما رأي المكدود يمقت عيشه
تمنى على الأيام شقوة متعب

وكم طامعٍ في الجاه والجاه عصمة
ولكنه كالمعقل المتأشب

يصدُّ العدى عن ربه ويصدُّهُ
عن الناس صدَّ المحجم المترقب

ورب عقيم حطم العقمُ قيدَه
يحنُّ إلى القيد الثقيل على الأب

إذا منّت الدنيا عليه أجابها
بلعنة موتور وعولة مترب

يرى أن حال المفتدي من أساره
لديها كحال المجتوي المتجنب

ومن لم تعلقه الحياة بقيدها
فيا سوء ما اختارت له من تقرُّب

بني آدمٍ لا تنكروها فإنها
مياسمُ من أرواحِكُم لم تُغَيَّب

فما تكرهون القيد إلا لأنكم
تنوءون منه بالثقيل المُشعَّب

أعزّكمُ من لا مزيد لوقره
ولا فضل في أغلاله لمُعقِّب

وقد زعموا أن القياد قيادة
لمن كان يمشي في مجاهل غيهب


العقاد

الحمدان
08-04-2024, 03:32 PM
إمام عييت في الدنيا جهادا
قضيت وما قضيت بها مرادا

وما أبلاك إلا الهمُّ داءً
وشرّ الداء ما نال الفؤادا


العقاد

الحمدان
08-04-2024, 03:32 PM
أخجلْت يا ورد خدود الحسان
فاحمرّ منها ناضرُ كالدّهانْ

ورُعْت يا فُل عيون المهى
فأطرقت تطلب منك الأمان

وزمّتْ الغيدُ شفاها لها
لمّا انجلى ثغرك يا أقحوان

ومالت القامات غضبانةً
لما أنثنى في روضة غصنُ بان

وأين شدْو الطير في مزهِرِ
من مزهرٍ تشدو عليه القيان

فالورد ما احمرّت له وجنةٌ
من ريبةٍ حاشا لورد الجنان

والأقحوان الغضّ لم يبتسمْ
خبّاً ولم يدنس بمين اللسان

وقامة الأغصان لم يثنها
كبر ولم يعطف بهن افتتان

وذاك صدّاحٌ أهازيجه
لا تٌشترَى بالتبر أو بالجُمان

لا يحرم الماهن من لحنه
ما يسمع العاهل ذو الصولجان

ما أحسن الحسن وأحسن به
من زينةٍ للناس لولا الحِسان


العقاد

الحمدان
08-04-2024, 03:32 PM
معلمة الإنسان ما ليس يعلم
وقائلةً ما لا يبوح به الفم

وكامنة بين النفوس بداهة
وما علمت في مهدها ما التكلم

ومخرجةَ الأوهام من ظلماتها
على أنها من سطوة النور تحجم

ومسمعة الإنسان أشجان نفسه
فيطربه ترجيعها وهي تؤلم

أعيدي عليّ القول أنصتْ وأستمعْ
حديثاً له في نوطة القلب ميسم

حديثاً يناغيني وأذكر أنني
تسمعته والقلب وَسْنانُ يحلم

حديثك من كل اللغات منظَّمٌ
ومعناك في كل النفوس مقسَّم

فللوحش فيه والأناسي عولة
وللنار والإعصار فيه تهزّم

جؤار كأن الطود منه محرك
وخفق كأن النجم منه مهوّم

وهمس كهمس الجن في خلواتها
له رعدة في الجلد ينكرها الدم

وبَثٌّ يسيل الدمع من قنواته
وحَثٌّ يهيج النفس فهي تضرّم

تظل بقيد اللحن في ثورانها
إلى الغمر تهوي أو إلى النجم تقحم

ولا مهجة إلا لصوتك مسرب
إليها وسلطان عليها محكَّم

توختك أسراب النفوس كأنما
على كل لحن ماردٌ لك يخدم

فمن لم ترضه الريح راض جماحَه
نسيمٌ كنفث الروض أو هو أرخم

يحلل من أضغانه فكأنه
أبٌ يتلقاه ابنُه المتبسم

تهزين أعطاف البخيل فيكرمُ
ويصغي إليك المشمخر فيرحم

ويسمعك الواهي الجبان فينثني
إلى الحرب شيطاناً على الموت يهجم

ويمنحك الشيخ الجليل وقاره
وقارا شراه بالصبا وهو قيّم

وتسلمك الأبدان عفْوَ حراكهِا
كما انقادت الأغصان والريح تنسم

ويسعد منك الوالهون ببلسم
ألا رب جرح لا يداويه بلسم

ويا رُبَّ مجهودٍ تخللتِ جسمَه
بعزمٍ كرجع الروح والموت مُبرَم

فجددتِه لما وهى نسجُ نفسه
بنسجٍ من الألحان يُضفَى ويُحْكَم

فيا ربة الألحان لو تسمعينني
أمنك السجايا الغر أم هن منهم

ويا ربة الألحان هذي قلوبنا
فأنت بها منا أبر وأعلم

أفيضي على قلبي السكينة واسكبي
عليه رضىً إني على العيش أنقم

هل العيش إلا نغمة قد تعارضت
مذاهبُها فهو الشتيت المنظم

جمال وقبح في الحياة ورفعة
وخفض وعرفان وجهل مخيم

بذا فرَّق الدنيا فألَّف بينها
إلهٌ على أفعاله ليس يندم

وأحسب لو أنا حللنا بجنة
خلوداً لشاقتنا هناك جهنم

وأوغل بالذكرى فأزعم أنه
قديمٌ كعهد القلب أو هو أقدم

ويا ليتني أدرى أنفس سحيقة
تنادين منها أم فؤادي المكلّم

كأن لنا نفسين نفس قريبة
وأخرى على بعد المزار تسلّم

أعيدي على الصوت أنظرْ لعلني
أرى في ثنايا اللحن ما يُتوسّم

ويا رُبَّ وجهٍ يطرق السمعَ حسنُه
إذا غنت الأوتار أو يُتَنسّم

وواد كوادي السحر فجّرتُ ماءه
ونفّرتُ من أطياره ما يحوّم

ورادته أشكال الجمال كأنها
خيالات أحلام دعاهنّ نوّم

يهب علينا عَرْفُه ونسيمُه
وتسترسل الأحداق فيه وتنعم

يمهده اللحن الشجي وينطوي
عليه حجاب الصمت من حيث ينجم

أملهمة الإنسان مالا يزيده
فصيح ولا يرزي بمعناه أبكم

إليك تناهي كل قول ومنطق
فسيان منطيق لديك وأعجم

إذا ما أبان القول مبلغ علمه
فقولك عما ليس يدري مترجم

ويكذب إلا أنه حين ينتهي
إلى الشدو لا يهفو ولا يتكتم

وما المطرب الشادي بمبدع لحنه
ولكنه شبابة تترنم

ألا حدثينا عن إله نحبه
ونعبده حباً ولا نتأثم

وما كان للوحي الإلهيِّ مسلك
إلى القلب أشجى من صداك وأكرم

تهون الرزايا إذ تطول عهودها
وكل نعيم طال يجفىَ ويُسأَم

كذلك موسيقى الحياة وإنها
لصوتٌ على أسماعنا متقدم


العقاد

الحمدان
08-04-2024, 03:33 PM
يا من الى البعد يدعوني ويهجرني
أسكت لساناً الى لقياك يدعوني

أسكتْ لسان جمال فيك أسمعهُ
في كل يوم بأن ألقاك يغريني

أبالجمال تناديني وتجذبني
وبالمقال تجافيني وتقصيني

هيهات لست بسال عنك ما نطقت
فيك المحاسن فانظر كيف تسليني

أعصيك أعصيك لا آلوك معصيةً
ولست أعصي جمالاً فيك يحييني


العقاد

الحمدان
08-04-2024, 03:33 PM
كلكم كلكم مع الغالب الظالم
لا تعدموا من الظلم رغما

لو وقفتم يومًا إلى جانب المغلوب
ما فاز غالب قط ظلما


العقاد

الحمدان
08-04-2024, 03:33 PM
زعموك غير مجدَّد الألحان
ظلموك بل جهلوك يا كرواني

أسمعتني بالأمس ما لا عهد لي
بسماعه في غابر الألحان

ورويت لي بالأمس ما لم تروِهِ
من نغمة وفصاحة ومعان

شكواي منك وإن شكرتك إنه
سرٌّ تصرُّ به على الكتمان

شكري إليك وإن شكوتك إنه
سرٌّ تؤخِّره لخير أوان

كنز يصان فهاتِ من حباته
ذخر القلوب وحلية الآذان

أنا لا أراك وطالما طرق النُّهى
وحيٌ ولم تظفر به عينان

أنا في جناحك حيث غاب مع الدجى
وإن استقر على الثرى جثماني

أنا في لسانك حيث أطلقه الهوى
مرحًا وإن غلب السرور لساني

أنا في ضميرك حيث باح فما أرى
سرًّا يغيِّبه ضمير زماني

أنا منك في القلب الصغير مساجلٌ
خفق الربيع بذلك الخفقان

أنا منك في العين التي تَهَبُ الكرى
وتَضنُّ بالصحوات والأشجان

طِرْ في الظلام بمهجة لو صافحتْ
حجر الوهاد لهمَّ بالطيران

تغنيك عن ريش الجناح وعزمه
فرحات منطلق الهوى نشوان

علَّمتني بالأمس سرَّك كلَّه
سرَّ السعادة في الوجود الفاني

سرُّ السعادة نفرة ومحبة
فيكم تُؤلَّف نافر الأوزان

الكون أنتم في صميم نظامه
وكأنكم فيه الطريد الجاني

أنتم سواءٌ كالصديق وبينكم
بعدٌ كما يتباعد الخَصمان

لا يحمل الطيار وزر العاني
حمل ابن آدم عثرة الإخوان

لا عالمٌ منكم ولا متعلمٌ
كلا ولا متقدِّمٌ أو وانِ

متشابهين على الحياة فكلكم
ساري ظلامٍ هاتف بأغانِ

متفرقين على المُقام ودأبكم
عند الرحيل تجمع القطان

وكأنَّما نُسخت لكلٍّ نسخةٌ
من هذه الأجواء والأوطان

فهو الشريك على نصيب واحدٍ
وهو الوحيد فما له من ثانِ

ذخر الطبيعة منه تُعْطَوْنَ الحِجى
لا من سباق بينكم ورهان

أنتم بني الطير المسبِّح في الدجى
فيكم كهانة صالح الكهَّان

بعتم كرى الغافي وطيب رقاده
وبه اشتريتم يقظة اليقظان

قل ما اشتهيت القول يا كرواني
في لهو ثرثار وحلم رزان

سأعيش مثلك لي وللدنيا معاً
وأقول مثلك كيف يزدوجان

وأظلُّ تزدحم الحياة بمهجتي
أبدًا ويجتنب الزحام مكاني

قد غيَّرتك وما تُغيِّر شاعراً
عشرون عاماً في طراز بيان

فرحات دنيا لا يُكدِّر صفوَها
بالمَيْنِ غيرُ سرائر الإنسان

في عزلة أنا والحبيب تؤمُّنا
دنيا الجمال ونحن منفردان


العقاد

الحمدان
08-04-2024, 03:34 PM
سحر دنياك يا أُخَيَّ قديم
سوف يبقى، ويذهب الكهانُ

أفيمضي بسحرها كاهن مات
وفيها الشموس والأغصانُ؟

أفيمضي بسحرها كاهن مات
وفيها الثغور والأجفانُ؟

أفيمضي بسحرها كاهن مات
وفيها الألحان والألوانُ؟

كاهن الأولين أول مسحور
وفي كل حقبة ترجمانُ

سحر دنياك دائم حيثما دام
عليها الإنشاد والتبيانُ

سحر دنياك دائم حيثما دامت
عليها الحياة والإنسانُ


العقاد

الحمدان
08-04-2024, 03:34 PM
كم في السماء نجوم
ضلت سواء السبيلِ

وأنت في الأرض تبغي
هديًا بغير دليلِ؟


العقاد

الحمدان
08-04-2024, 03:34 PM
هل يسمعون سوى صدى الكروانِ
صوتاً يرفرف في الهزيع الثاني

من كلِّ سارٍ في الظلام كأنَّه
بعضُ الظلام تُضلُّه العينانِ

يدعو إذا ما الليل أطبق فوقه
موجُ الدياجر دعوةَ الغرقان

ما ضرَّ مَن غنَّى بمثل غنائه
أنْ ليس يبطش بِطشة العِقبان

إنَّ المزايا في الحياة كثيرة
الخوف فيها والسَّطا سيان

يا مُحييَ الليل البهيم تهجُّدًا
والطير آوية إلى الأوكان

يحدو الكواكب وهو أخفى موضعاً
من نابغ في غمرة النسيان

قلْ يا شبيهَ النابغين إذا دُعوا
والجهل يضرب حولهم بجران

كم صيحة لك في الظلام كأنها
دقات صدر للدُّجُنَّة حانِ

هُنَّ اللغات ولا لغات سوى التي
رُفعت بهن عقيرة الوجدان

إنْ لم تقيِّدْها الحروفُ فإنَّها
كالوحي ناطقةٌ بكلِّ لسان

أغنى الكلام عن المقاطع واللُّغى
بث الحزين وفرحة الجذلان


العقاد

الحمدان
08-04-2024, 03:34 PM
أيُّهذا الجيبون أَنْعِمْ سلامًا
يا أبا العبقري والبهلوان

كيف يرضى لك البنون مقاما
مُزْرِيًا في حديقة الحيوان

العب الآن وانتظر بعد حقْبا
ترقَ في (سلم الرقي) وتعلُ

كيف لم تصعد السلالم وثبًا
أيها الصاعد الذي لا يملُ

يا عميد الفنون صبرًا ومهلًا
وارضَ حظ الهتاف والتهليل

مرحبًا مرحبًا وأهلًا وسهلًا
والهدايا ما بين لب وفول

انتظر يا صديق شيئًا فشيئًا
تطبخ القوت كله بيديكا

غير إني إخال ما كان نيئًا
منه أجدى في الحالتين عليكا

انتظرْ يا صديق مليون عام
أو ملايين لستُ والله أدري

إن تدانيتَ بعدها من مقامي
فقُصَارى المطاف أن لستَ تدري

واصطبرْ إن عناك نثر ونظم
سوف تتلو نثرًا وتنظم شعرًا

وغدًا يطفر الخيال ويسمو
والذراعان لا تطيقان طفرًا

وجمال الوجوه سوف تراه
في المرايا بعد الطواف الطويلِ

سوف تحلو في ناظريك حلاه
فتَهيَّأْ للضم والتقبيلِ

وإذا ما درستَ أوزان رقص
بعد لأي فالرقص فيك انطباعُ

هل تنال الكمال من بعد نقص
إن أَقَلَّتْك فكرة لا ذراعُ

قفصٌ أنت فيه أرحب جدًّا
من فضاء نُقيم فيه أُسَارَى

قد ضللنا فيه وهيهات نُهْدَى
ونجوم السماء فيه حَيَارَى

انتظرْ سوف تفهم الشيء باسمٍ
بعد رسمٍ وغابر بعد حالِ

فإذا ما طلبتَ باطن فهم
يا صديقي طلبتَ أي محالِ

أين بالأمس كنتَ يوم ابتدأنا
والتقينا بآدم في الطريقِ

قد بلغنا فأين تبلغ أينا
حين تمضي وراءنا يا صديقي

الهُ والعب واضحك كما شئتَ منا
أنت طفل الزمان والطفل غِرٌّ

سوف تبكي حزنًا وتضحك حزنًا
حين يمضي دهر ويقبل دهرٌ


العقاد

الحمدان
08-04-2024, 03:35 PM
يا خلق ما أرواحكم سمحةٌ
عندي ولا إن سمحت كافيةْ

أعطيتمُ إبليس أضعافها
من حَيوَاتٍ عندكم غاليةْ

وبعتمُ في سوقه كل ما
وهبتكم من عيشة راضيةْ

لم تشتروا السلم بأرواحكم
بل اشتريتم نقمة ثانيةْ

عطاؤكم إبليس سمحٌ بلا
أجر ولا أمنية خافيةْ

وما بذلتم قط لي قُربةً
إلا رجاء العفو والعافيةْ


العقاد

الحمدان
08-04-2024, 03:35 PM
صح جسمًا فشاقت الأرض عينيه
جمالًا وفتنة وضياءَ

صح نفسًا فشاهت الناس حتى
كره الأرض حوله والسماءَ

عجبًا للحياة ما سر فيها
جانب ترتضيه إلا أساءَ


العقاد

الحمدان
08-04-2024, 03:35 PM
هتفات الكِرْوان بالليل تترى
ومعاني الربيع نورًا وعطرا

وجمال الحياة حبّاً وحسناً
وشباباً يفيض عطفاً وبِشرا

بتُّ أُصغي لها وأقبس منها
ثم ترجمتُها لمن شاء شعرا


العقاد

الحمدان
08-04-2024, 03:35 PM
إليكَ إهداء أطرابي وأشجاني
لو كنتَ تعلم إسراري وإعلاني

شعرٌ لحسنِكَ فيه كلٌّ قافية
وما تضمَّن إلا بعضَ وجداني

يُهدَى إليك ولم تفطن لدعوته
كأنما هو قربان لأوثان

ولو صمدتُ بتسبيحي إلى وثن
إذن لأثلج صدري صدق إيماني

وخفف النار نارَ الوجد عن كبدي
علمي بأنك لم تجهل بقرباني

لكن جهلتَ مناجاتي فوا جذلي
لو فزتُ منك، على علمٍ، بحرمان

يا من هو الناس في عيني وإن كثروا
إني أخصُّ بشعري كلَّ إنسان

أُهدي إلى الناس ما أعنيكَ أنتَ به
فاقبل، فإنك بعض الناس ديواني


العقاد

الحمدان
08-04-2024, 03:36 PM
ألا لا تعّدّنّ اليراعة آلةً
تسوق لك الرزق الذي بتَّ راجيا

يراع الفتى عود تعرّى لحاؤه
ولا يثمر العود الذي عاد عاريا


العقاد

الحمدان
08-04-2024, 03:36 PM
هذا كتابي في يد القراء

ينزل في بحر بلا انتهاء

فيه من الحكمة والغباء

وفيه من يأس ومن رجاء

وفيه من حب ومن بغضاء

وفيه من صمت ومن ضوضاء

صورة محياي لعين الرائي

فليلق بين القدح والثناء

ما شاءت الدنيا من الجزاء


العقار

الحمدان
08-04-2024, 03:36 PM
دار البطالسة الكرام جلالًا
زالوا وهذا مجدهم ما زالا

هاتي امنحينا من خلودِك نفحة
فنقول فيك من الخلود مقالا

واستفتحي باب الرموز تمدنا
بالسحر لفظًا صادقًا وخيالا

إني وقفت لديك أرفع أخمصي
حذرًا وأخفض ناظري إجلالا

فحنيت رأسًا في وصيدك ما انحنى
من قبلُ إلا للإله تعالى

وذكرت قومًا فيك لم يتهيبوا
إلا عروشًا ضخمة وظلالا

أبقاك في فك الزمان مصونة
جيلان يبنيك الملوك وِصالا

لم يبصروا بك موضعًا لزيادة
إلا وزادوه علا وكمالا

غدروا ذوي القربى ودكوا دورهم
وتلاحقوا عمًّا إليك وخالا

واستنزلوا الأرباب فيك ليشهدوا
بين العباد تواثبًا ونزالا

وضعوك أم رفعوك لما صوروا
فيك السلاح أسنة ونبالا

وتقحَّموا الحرم الجليل أم ابتغوا
زلفى لديه وقوة ونوالا

ضل الذين تطاولوا فتوهموا
أن الأوائل دونهم أفعالا

حسبوا المعابد أرضها وسماءها
كونين عن حكم الطبيعة حالا

هبطت من الملأ العلي فأصبحت
فيها الذئاب الضاريات سخالا

ننسى العداوة والصداقة والهوى
فيها وننسى الخوف والآمالا

كذبوا فما تغني الأنام عبادةٌ
تذر القلوب فوارغًا أغفالا

لا ربَّ إلا من يمالئ شعبه
عند الكريهة إن جفا أو مالا

لا تعبدنَّ إذا أردت سيادة
ربًّا يعين الصيد والأنذالا

واعبد إلهًا يصطفيك بعونه
ويذيق خصمك ذلة ونكالا

من ظن أن ولاته كعِداته
عند الإله، فكيف يسعد حالا

الناس يغتال القوي ضعيفهم
والدهر يغتال الفتى المغتالا

قهار كل القاهرين تقاصرت
عنه مكائد من طغى واحتالا

ذهبوا فما هوت الكواكب بعدهم
أسفًا وما نقص الثرى مثقالا

ملكَ الفراعنةُ الحماة وخلَّفوا
للملك أعلامًا بمصر طوالا

وخلا الأكاسرة البغاة كأنهم
عبروا بمدرجة الزمان رمالا

ومضى البطالسة الكماة وهذه
مصر يزيد شبابها إقبالا

تتقوض الأوطان وهي كدأبها
من عهد نوح تربة ورجالا

عهدٌ على الله القدير وذمة
ألا تُضيم لها الكوارث آلا

فتجنبوا فيها القنوط وأجزلوا
قسط البنين معارفًا وخصالا

والغيب أحلكُ من ظلالك ظلمةً
أبدًا، وأبعد من ذَراكِ منالا

خلعوا ولا عجبٌ عليك سماته
أولست أنت للغزه تمثالا

لو لم يرُعنا للمهيمن هيكل
باقٍ يُجدُّ بقاؤه الأحوالا

أخفى سرائره وأطلع فوقه
نورًا يزيد التائهين ضلالا

ما شيَّد البانون ركن عبادة
كلا ولا شدوا إليه رحالا

الدين باقٍ ما جهلنا سره
ولنبقينَّ بسره جُهالا

عفَت المناسك في ذراك فجددي
نُسُكًا من الشعر الشريف حلالا

قد كنتِ بالوحي الكريم كريمة
حتى بخلتِ فما أجبت سؤالا

إلا رسومًا في الرسوم نواطقًا
بالنصر أبلج والفتوح توالى

رُفعتْ لبطليموس يبسط فوقها
كفًّا تحوك من الرءوس حبالا

يطأ الملوك كأنما تيجانها
أرض وما يخشى لها زلزالا

وترى الجموع وهم ركوع تحته
قَصُروا من الخوف الذريع وطالا

شأن الأنام قديمهم وحديثهم
من عز فيهم بالسيادة صالا

والمُلك مغلوب عليه مالكٌ
متعفف لا يغلب الأقيالا

يا دار بطليموس حسبك رفعةً
وصيانة بين البنَى وجمالا

حرص الزمان عليك وهو موكَّل
بالشامخات يحيلها أطلالا

إنا لنرجوها ونوقن أنه
ما كان يومًا لا يكون محالا

وستستقل فلا تقولوا إنها
صمد الهوان بها فلا استقلالا


العقاد

الحمدان
08-04-2024, 03:37 PM
قطب السفين وقبلة الربّان
يا ليت نورك نافع وجداني

يزجي منارك بالضياء كأنه
أرق يقلب مقلتي ولهان

وعلى الخضمّ مطارح من ومضه
تسري مدلهة بغير عنان

كمطارح الأفكار في لجج على
لجج من الشبهات والاشجان

تخفي وتظهر وهي في ظلمائها
باب النجاة وموئل الحيران

أمسيت احداق السفائن شرع
صور اليك من البحار روان

كالبيت يجمع بعد تشتيت النوى
شمل الاحبة فيه والاخوان

جوديّ كل سفينة لم يبنها
نوح ولم يمخر على الطوفان

فيها التقى برٌّ وبحرٌ واستوى
شرقٌ وغربٌ ليس يستويان

بسطت ذراعيها تودع راحلاً
عنها وتحفل بالنزيل الداني

زُمَر توافت للفراق فقاصد
وطنا ومغترب عن الأوطان

متجاوري الأجساد مفترقي الهوى
متبايني اللهجات والألوان

فانظر الى تلك الوجوه فانها
شتى ديار جمّعت بمكاني

في فرضةٍ متقاصرٍ عن متنْها
موجٌ اشم احمّ ليس بوان

موج يطيف بها وقد ران الكرى
فيها طواف الضيغم الغرثان

ألقت مراسيها السفائن عندها
وتحصنت منها بدار أمان

فكأن ضوء منارها نار القرى
لو كان يُبعث ميت النيران


العقاد

الحمدان
08-04-2024, 03:37 PM
أصبحت من فرط وجدي فيك ذا شجن
وكانت الروح كادت أن تفارقني

فمذ لقيتك كل الهم فارقني
وألف اللَه بين الروح والبدن


عبد الله فكري

الحمدان
08-04-2024, 03:37 PM
أرجو من اللَه أطياناً أعيش بها
في أرض مصر على حال السلاطين

مازال ما عشت لي في الطين كل هوى
وانما خلق الإنسان من طين


عبد الله فكري

الحمدان
08-04-2024, 03:38 PM
اليوم يستقبل الآمال راجيها
وينجلي عن سماء العز داجيها

وتزدهي مصر والنيل السعيد بها
والملك والدين والدنيا وما فيها

قد أطلع اللَه في سعد السعود سنى
بدر بلألائه ابيضت لياليها

وقام بالأمر رحب الباع مضطلع
بالعبء جم شؤن النفس ساميها

ذو همه دون أدنى شأوها قصرت
غايات من رام في أمر يدانيها

وراحة لو تحاكيها السحائب في
فيض الندى هطلت تبر اغواديها

يزهو بها قلم سام يسوس به
أمر الأقاليم نائيها ودانيها

يجري بما شاء من حكم ومن حكم
يصبو لحسن معانيها مُعانيها

ورأفة بعباد اللَه كافلة
بخير ما حدّثت نفساً أمانيا

مؤيد بالهدى والحق ملتمس
رضا البرية لاسترضاء باريها

تربو على وصف مطريه محاسنه
وهل يعدّ نجوم الأفق راعيها

توفيق مصر ومولاها وموئلها
وركنها ومفدّاها وفاديها

وغصنها النضر أنمته منابتها
من دوحة أينعت فيها مجانيها

خديوها ابن خديويها ابن فارسها
أميرها البطل الشهم ابن واليها

رأى الخليفة فيه رأي حكمته
وللملوك صواب في مرائيها

رآه أجدر أن يرعى رعيته
وأن يقوم بما يرجوه راجيها

وأن ينحى عنها ما أحاط بها
من الخطوب التي هالت أهاليها

فجاء مرسومه السامي تطير به
نجائب البرق يطوى البرّ ساريها

لِلّه يوم جلا عن نور غرته
كالشمس مزق بُرد الغيم ضاحيها

في موكب مثل عقد الدر في نسق
أو كالنجوم الدراري في مساريها

يسير في مصر والبشرى تسابقه
في حيث سار وتسري في نواحيها

يحفه أخواه الماجدان به
مع الوزير شريف النفس عاليها

مشير صدق بحزم الرأي قد عرفت
أفكاره بين باديها وخافيها

لا تنثني عن صواب الرأي رغبته
لرهبة كائناً ما كان داعيها

حتى أتى القلعة الفيحاء فانطلقت
فيها المدافع بالبشرى تواليها

واستقبلته صفوف الجند قد نظمت
نظم القلائد زانتها لآليها

داعين تعلن ما في النفس ألسنهم
بدعوة الخير والتأمين تاليها

فلتفتخر مصر إعجاباً بحاضرها
على محاسن ماضيها وآتيها

إيه لقد أبدت الأيام سر مُنى
طالت عليه الليالي في تماديها

وأسعد الطالع الميمون أنفسنا
بخير أمنية كانت تناغيها

هذا الذي كانت الآمال ترقبه
دهراً وتعتدّه أقصى مراميها

مازال في قلب مصر من محبته
سرّ تبوح به نجوى أهاليها

تصبو له وأمانيها تطاوعها
في حبه ولياليها تعاصيها

وترتجيه من الرحمن سائلة
حتى استجيب بما ترجوه داعيها

فالحمد لِلّه شكرانا لأنعمه
فالشكر حافظ نعماه وواقيها

يا ابن الذين لهم في المجد قد عرفت
أخبار صدق لسان الحمد راويها

قادوا الجنائب من مصر مسوّمة
إلى الحجاز إلى أقصى أعاليها

غرّا سوابق مشهوراً سوابقها
مقرونة بأعاليها عواليها

قبا ضوامر كالا رام يكنفها
ليوث حرب بأيديها مواضيها

تموج في زرد الماذيّ سابحة
تحدى بأرجلها عدواً أياديها

رموا بهنّ صدور البيد معنقة
على نحور أعاديها عواديها

قد عوّدوهنّ أن لا ينثنين عن
الهيجاء إلا إذا كفت عواديها

وأن يطأن على هام الكماة إذا
لف الوغى بهواديها تواليها

فاستنقذوا حرم من عصب
لم يرع حرمة بيت اللَه راعيها

وأوردوا الخيل نجداً فاستبوه ولم
تعسر عليها عسير في مساعيها

وكان تأييدها أمر الخلافة في
مواطن الحرب من جُلَّى معاليها

مولاي دعوة اخلاص يكررها
داع أياديك أرضته أياديها

هنيت علياء قد وافتك خاطبة
تختال تيها وتزهو في تهاديها

علياء فاتت سموّا كل منزلة
فلم يكن في سواها ما يساويها

رأت علاك فشاقتها حلاك فلم
تسمح لغيرك من خل يخاليها

وكم سمت نحوها نفس تؤمّلها
من قبل لكنها ضلت مساعيها

تجاذبوها فرثت في أناملهم
حباً لها وتمادت في تنائيها

قضوا غراماً ولم يقضوا بها وطرا
فكان أصل مناياهم أمانيها

فاسلم أقرّبك الرحمن أعينها
ولا برحت لها مولى تواليها

وأقرّ سمعك من حلو الثناء حُلى
يلهو بلحن المثاني صوت شاديها

حلى ما انتظم العقد الفريد على
لبات حسناء تجلوه تراقيها

وهاك غراء من حر القريض إذا
ما أنشدت خلب الألباب تاليها

وفخرها أنها في المدح قد صدعت
بقول صدق فلا حيّ يلاحيها

يسهو بها الراكب المزجي مطيته
عن حاجة راح يغدو في تقاضيها

يسائل الناس أيّ الناس قائلها
وأيّ برّبه الممدوح جازيها

وانما حسبها برا وتكرمه
منه قبول وإقبال يوافيها

تدري القصائد أني لست أقصدها
إلا وللحب داع من دواعيها

ولا تجافيت عنها قبل من حَصَر
بحمد ربي ولا ضنت قوافيها

لكنها نفس حر لا تهم بما
لا يستوي فيه باديها وخافيها

تسعى إليك وفرط الشوق قائدها
إلى رحابك والاخلاص حاديها

وافت تهنئ مولاها مؤرّخة
توفيق مصر بأيدي اللَه راعيها


عبد الله فكري

الحمدان
08-04-2024, 03:40 PM
قِفا نَبكِ مِن ذِكرى حَبيبٍ وَأَطلالِ
بِذي الرَضمِ فَالرُمّانَتَين فأَوعالِ

وُقوفاً بِها صَحبي عَلَيَّ مَطيُهُم
يَقولونَ لا تَجهَل وَلَستَ بِجَهّالِ

فَقُلتُ لَهُم عَهدِي بِزَينَبَ تَرتَعي
مَنازِلَها مِن ذي سُدَيرٍ فَذى ضالِ

إِلى حَيثُ حالُ المَيثُ في كُلِ رَوضَةٍ
مِنَ العَنكِ حَوّاءَ المَذانِبِ مِحلالِ

تَطاوَحَني يَومٌ جِديدٌ وَليلَةٌ
هُما بَليّا جِسمي وَكُلُّ فَتىً بالِ

إِذا ما سَلَختَ الدَهرَ أَهلَلتَ مِثلَهُ
كَفى قاتِلاً سَلخي الشُهورَ وَإِهلالِ


عمرو بن الأهتم

الحمدان
08-04-2024, 03:40 PM
وَقُلتُ لِعَوفٍ اِقبِلوا النُصحَ تَرشُدوا
وَيَحكُمُ فيما بَينَنا حَكَمانِ

وَإِلّا فَإِنّا لا هَوادَةَ بَينَنا
بِصُلحٍ إِذا ما تَلتَقي الفِئَتانِ

سِوى كُلِّ مَذروبٍ جَلا القَينُ حَدَّهُ
وَسَهمٍ سَريعٍ قَتلُهُ وَسِنانِ

فَإِنَّ كُلَيباً كانَ يَظلُمُ رَهطَهُ
فَاَدرَكَهُ مِثلُ الَّذي تَريانِ

فَلَمّا سَقاهُ السُمَّ رُمحُ اِبنِ عَمِّهِ
تَذَكَّرَ ظُلمَ الأَهلِ أِيّ أَوانِ

وَقالَ لِجَسّاسٍ أَغِثني بِشِربَةٍ
وَإِلّا فَنَبئ مَن لَقَيتَ مَكاني

فَقالَ تَجاوَزتَ الأَحَصَّ وَماءَهُ
وَبَطنَ شُبيثٍ وَهُوَ غَيرُ دِفانِ


عمرو بن الأهتم

الحمدان
08-04-2024, 03:40 PM
لَمّا دَعَتني لِلسيادَةِ مُنقَر
لَدى مَوطِنٍ أَضحى لَهُ النَجمُ بادِيا

شَدَدتُ لَها أَزري وَقَد كُنتُ قَبلَها
أَشَدُّ لِأَحناءِ الأُمورِ إِزاريا

وَنَحنُ حَفَزنا الحَوفَزانِ بِطَعنَةٍ
سَقَتهُ نَجيعاً مِن دَمِ الجَوفِ آنيا


عمرو بن الأهتم

الحمدان
08-04-2024, 03:41 PM
إِنّا بَنو مِنقَرٍ قَومٌ ذَوو حَسَبٍ
فينا سَراةُ بَني سَعدٍ وَنادِيَها

جُرثُومَةٌ أَنُفٌ يَعتَفُّ مُقتِرُها
عَنِ الخَبيثِ وَيُعطي الخَيرَ مُثريها

وَالبَذلُ مِن مُعدميها إِن أَلَّمَ بِها
حَقٌّ وَلا يَشتَكيها مَن يُناديها

نُلقي الحَديدَ عَلَينا ثُمَ تَلحَقُنا
قُبٌّ مُدَرَّبَةٌ شُعثٌ نَواصيها

مُعَوَّداتٌ جِراحاتِ الخُدودِ إِذا
كانَ اللقاءُ وَطَعناً في مَآقيها

حَتّى تَراها أَسابيُّ الدِماءِ بِها
كَأَنَّما كُسِيَت حِبراً هَواديها

وَلَيلَةٍ يَصطَلي بِالفَرثِ جازِرُها
يَختَصُّ بِالنَقرى المُثرين داعيها

لا يَنبَحُ الكَلبُ فيها غَيرَ وَاحِدَةٍ
مِنَ العَشاءِ وَلا تَسري أَفاعيها

رَفَعتُ نارِي عَلى عَلياء مُشرِفَةٍ
يُدعى بِها للقِرى وَالحَقِّ سارِيَها


عمرو بن الأهتم

الحمدان
08-04-2024, 05:00 PM
حلو التَمايُل مَمنوع مِن القَبل
بِحُبِّه همت في العسال وَالعَسلي

وَمَوقِف الحال بَينَ الحاجِبين بَدا
فَاِعجَب لِحُسن بِلال مَن رَآهُ بلي

مراض أَلحاظه قامَت بنصرتِها
سِهام هدب بِالفارِس البَطَل

في وُجنَتَيهِ شَفيع كُلَّما صَدرت
أَوامر الفَتكِ اِحيا مُهجَة الاِمَلِ

لَولا اِبتِسام لَدى الاِعراض يُسعِفُنا
ذابَت قُلوب من الاِشفاق وَالوَجَل

ضَللت سبل السَرى في لَيل طرته
حَتّى هَداني نور بِالجَبينِ جلى

يا لَيتَهُ لَم يطل بِالجيد فتنته
وَلَيتَهُ عَن عَظيم الشَوقِ لَم يمل

بَين الثَنايا وَمحمر الشِفاه حَوى
درا لَه مِن بَديع الاِقحُوانِ حَلى

آمَنت بِاللَهِ كَم طالَت غَدائِرُهُ
فَظَلَّلَت زُمرَة العُشّاقِ بِالطَلَلِ

قَد صافَحَتني بِلَيل السَعد راحَتَهُ
بِكف عَبد لَه مِن عُطرِها ثَمِل

فَاِنشَق شَذى المِسك مِن آثار راحَتِهِ
وَكُنتَ من لَفتَةِ الواشي عَلى وَجَل

قالَت وُشاة الحِمى حاشا لِعاشِقِهِ
بِأَن يَفوزَ بِلَمح العَينِ في الحَلل

وَكَيفَ يَخلو بخل نحن عصبَته
وَدونه فَاِنكات البيض وَالأَسَل

فَكَم محب صَبا من قَبلِه فَغَدا
بِأَسهُم الحي مطروحا عَلى طَلَل

فَيا لَهُ من شَهيد بِالهَوى مزجت
أَكوابَ قَتلَتِهِ بِالصُلبِ وَالعَسَل

طابَ اِفتِضاحي وَاِنّي عاشِق دَنف
لا أَنهى عَنهُ في حَلى وَمُرتَحلي

اِن كانَ حُبّي لَهُ عَيبا وَمنقصة
وَفرط شَوقي به ضرب من الخلل

ما بالَكُم مُذ ذَنا هاجَت بَلابِلُكُم
وَأَثبت الوَجد دَعواكُم لكل خلى

دَعهُم وَلَومى وَسي أَو فسفك دَمى
اِنّي مقر بلوعات الغَرامِ ملى

وَبِدعَة الحُب أَقوى بدعة عهدت
فَمَن يَلُم مُستَها ما بِالغَرامِ بَلى

وَقَد تَمَثَّلَت فيما قالَهُ سَلفى
أَنا الغَريقُ فَما خوفى مِنَ البَلَلِ

اِفديهِ حين تَحيل الخَصر مِنهُ بَدا
يَهتَزُّ مِن خَوف رَدف خص بالثقل

بكر الكَميت اِذا دارَت بِحضرَتِهِ
من وُجنَتَيهِ غَدَت حَمراء في خَجَل

لَو قابَلَ البَدر نَشوانا بغرته
لَصارَ طالِع بَدر الافق في زحل


عائشة التيموريه

الحمدان
08-04-2024, 05:01 PM
قَد مالَ كَالغُصنِ في رَوض الصِبا الساقي
وَالناسُ لِلمَيلِ قَد قامَت عَلى ساق

دارَت سواقي عُيون الناظِرين لَهُ
كَما جَرى النَهرُ مِن جِفني وَآماقي

وَالنَرجِسُ الغض غض الطرف من خجل
وَمال ميلة ذي خوف وَاِشفاق

وَلاحَ في حالَةِ الشَجو البَنفسج اِذ
بَدا بِثَوبٍ مِنَ الاِحزانِ غساق

وَالزَنبق اِغتاظ من ضحك الوُرود وَقَد
شق الخُدود فَما يَلقى لَه واقى

وَأَغمَضَت باقة النسرين من أَسف
فَصار من رَوعِهِ يَشكى اِلى الباقي

وَالماءُ لِما رَأى حالَ الزُهورِ غَدا
يَجري بِقَلب عَظيم الشَوقِ خَفّاق

وَشَمأل الرَوضِ جول الغُصن دار وَقَد
تَلا عَلَيهِ لِخَوف رقية الراقي

اِن كانَ ذلِكَ حال الزَهر من عَجَب
فَكَيفَ حال أَخي وَجد وَأَشواق

أَفديهِ لِما صَحا مِن سكرِه سِحرا
وَلَلطلى أَثر في خَدِّهِ باقي

وَقامَ يخطر وَالاِرداف تقعده
وَخَصرُه يَشتَكي سَقما لِمُشتاق

وَقالَ لي بِلِسان السكر خُذ بِيَدي
فَعذت مِن لَحظِهِ الماضي بِخَلاقي

وَقُمت بِالامر وَالاِلحاظ تُنشِدُني
لاقى عَظيم الجَوى من فِتنَتي لاقى

أَما رَأَيتَ غُصون الرَوض راقِصَة
وَأَنجُم الاِفق حيتنا بِاِشراف

وَقَد تُعانِق دوح السرو من طَرب
وَكادَ يَلتَف ذاكَ الساق بِالساق


عائشة التيموريه

الحمدان
08-04-2024, 05:02 PM
أَينَ الطَريقُ لأَبوابِ الفُتوحاتِ
أَينَ السَبيلُ اِلى نَيل العِنايات

أَينَ الدَليل الَّذي أَرجو الرَشاد بِهِ
اِلى سُبُل المَعالي وَالهِدايات

أَينَ السُلوكُ الَّذي أَسرار لمحته
مِصباح نور لمشكاة المُناجاة

أَينَ الخُلوص الَّذي آثاره سَبَقَت
يَوم الرَحيل اِلى دارِ السَعادات

كَيفَ الخَلاصُ وَأَجداثَ الشَقا وَطني
وَقد رَمتني بِها أَيدي الشَقاوات

كَيف المَسيرُ اِلى أَرض المُنى وَأَنا
بِطاعَة النَفسِ في قَيد الضَلالات

كَيف العُدول بِقَصد السبل عَن عوج
أَفضى بِسَعي اِلى دار النَدامات

كَيفَ الرَحيلُ بِلا زاد وَراحِلَة
تَحتَ سيري لاِرض الاِستِقامات

وَلي حَقائِب بِالاِوزارِ مُثقَلَة
وَعيس كَدحى كَلَت عَن مُراداتي

فَيا أَولى الحَزم حلوا عقد مُشكِلَتي
وَكَيفَ اِبلَغ أَقطار السَلامات

عَتبت نَفسي عَلى ما ضاعَ مِن عُمري
في مُلهِيات وَغَفلات وَزلات

فَخالَفَت مَقصَدي جَهلا وَما اِتعظت
وَلَمحة العُمر وَلت في الخَسارات

فَلَو بَكت مُقلَتي لِلحَشر ما غَلت
ذُنوبُ يَوم تُقضى في الجَهالات

وَلَو تَبدد قَلبي حَسرَة وَأَسى
عَلى الَّذي مَرَّ مِن تَفريط أَوقاتي

لَم يَجد لي غَير دق الكف مِن نَدم
عَلى عَظيمِ أِساآتي وَغَفلاتي

اِن طالَ خَوفي فَقَد اِحيا الرَجا اِملي
في غافِرِ الذَنبِ خَلاق السَموات

فازَ المَخفون وَاِستَن الثُقاة اِلى
دارِ السَلامِ وَفِردَوس الكَرامات

وَكانَ شُغلي خُضوعي زِلتي اِسفى
وَوَضع خدي عَلى اِرض المَذَلّات

وَطوع اِمارَتي بِالسوء قَيدني
عَنِ الوُصولِ لِغاياتِ الكَمالات

فَلَم يَسَعني بِاِثقال الذُنوب سِوى
ساحاتِ غُفران عَلام الخفيات


عائشة التيموريه

الحمدان
08-04-2024, 05:02 PM
حسن الوَفاء وَصدق الود قَد صرعا
وَاستَوحشا بِفياني الغَدرِ وَاِنصَدَعا

كِلاهُما مِن سِقام لا مساس لَهُ
حُزنا عَلى الحَقِّ وَالاِنصافِ مُذ رَفَعا

وَقَد رَأَيت الشَفا بِالصَبرِ مُمتَزِجا
وَالصَبرُ اِحمد ما اِجدى وَما نَفَعا

فَاِستَعمِل الصَبرَ اِنَّ الصبر موقعه
من القُلوبِ جَميل أَينَما وَقَعا

يا سادَة خلفوني بَعد فرقتهِم
اِهفو اِلى كل داعِ بِالغَرامِ دَعا

قَد ضَرَّني البُعد عَن مِرآة طلعتِكُم
وَقطع القُلوبِ منى صدكم قَطعا


عائشة التيموريه

الحمدان
08-04-2024, 05:02 PM
أَهيل الحَي هَل لاحت بدور
وَهل وافى مَع الصُبح البَشير

وَهَل جادَ الزَمان بِجَمع مال
وَحَيا بِالرِضا دَهر غدور

وَهل تَروى الجَوانِح بِالتَلاقى
وَتُسعِفُني الاِماني وَالجُسور

مَتى يَزهى بِطلعتِهِم سُرورى
وَيَشفى مهجَتي ذاكَ السُرور


عائشة التيموريه

الحمدان
08-04-2024, 05:02 PM
رَماني بِسَهم فَما أَنصَفا
غَزال لِقَتلي أَطال الجَفا

بَعيد التَداني قَريب النَوى
كَثير الدَلال قَليل الوَفا

زَوايا القُلوبُ لَه مرتع
وَمَهما تَصدى لِقَلب هفا

بِرَوض الشَقائِق قابَلته
فَكَم مِن دَلال لَنا صنفا

فَلِلّه لحظ له أَدعَج
فَكَم مِن سُيوف لَنا أَرهفا

أَقول لجيد بصدى التوى
أَطلت اِفتِضاحي فَكُن مسعفا

فَمن لي بِريم رمى مُهجَتي
فَأَتلف منى ما أَتلَفا

تَقود زمامي لَه لَوعَتي
فَأَنهَض لِلأَمرِ مُستَشرِقا

لَقَد طالَ سهدى بِهجرانه
وَعَنى طيب المَنام اِنتَفى

تَقول اِذا ما رَأَتني العدا
سَقيم الغَرامِ يَروم الشَفا

أَقولُ لِراقى الهَوى وَالطبيب
اِذا ما اِلتَقينا بِربى قَفا

سَلا من سَلاني بِنار الهَوى
أَيَحي فُؤادا بِهِ قَد عَفا

وَيَسمَحُ عَطفا بِحُسن الرِضا
فَقالا بِشَرط وَما عرفا


عائشة التيموريه

الحمدان
08-04-2024, 05:03 PM
اِحفَظ لِسانَك من دم الانام وَدَع
أَمر الجَميعِ لِمَن أَمضاهُ في القدم

مَعايِب الناسِ لا يَكبرن عن غلطي
اِذا نممت بِها في مَحفل الهَمم


عائشة التيموريه

الحمدان
08-04-2024, 05:03 PM
كَم ذا نَهنىء بِالآمال أَنفُسَنا
حَتّى كَأن الفَتى طول المَدا باقى

فَالدَهرُ يَبسم عَن حِقد بَشائِرِه
فينا وَيَطوى نِكالا ضِمن اِشفاق

فَاِنظُر تَر الناس سَكرى غفلة عظمت
اِدارها الدَهر وَاِستَغنى عَن الساقي

ما الحَظ اِلّا اِمتِلاك المَرء عفته
وَما السَعادَة اِلّا حُسن أَخلاق


عائشة التيموريه

الحمدان
08-04-2024, 05:03 PM
آل الغُرور لَقَد ساقوا نَجائبِهِم
شَرقا وَغربا قَد است كل ما لاقت

ظَنّوا الزَمانَ عَلى رُغمِ يُطاوِعُهُم
وَاِن أَوقاته طوعا لَهُم رافَت

وَلَيسَ اِلّا عَدوا سوف يفجأهم
برقط غدر اِلى عاداتها اِشتاقَت


عائشة التيموريه

الحمدان
08-04-2024, 05:03 PM
قِفا بفيافٍ سار فيها فَريقُه
غَزال بنفح المسك فاح عبيقه

وَعوجا عَلى تِلكَ الرِياض لعلني
أَفوزُ بنشر طاب مِنها نشيقه

وَقولا لحادي الظعن مهلا فَرُبَّما
يُروّح قلب طالَ فيها حَريقَه

سَقى اللَهُ هاتيكَ الدِيارُ وَأَهلَها
بَوا كف غيث لا يكف طَليقَه

فَنَم كناس لَو رَأَيتَ ظِباءَهُ
لَعُدت بِشَوق لا يحل وَثيقَه

وَأَصبَحت مِثلي بَين صد وَجفوة
بِروحي شَبابا مال عني وَريقَه

لهجت بِأَسباب الغَرام وَلم أَفُز
بمسكي خال طاب منه شَقيقَه

رَميت بسهم من جفون وَمُرهف
يهد الجِبال الشامِخات بَريقه

فَكَم جبت أَرضا أَقتَفى اِثر راحل
وَدَمعي بسفح البيد يجري عَقيقَه

وَكَم جزت من بحر وَذا خر فكرتي
يَزيد عَلى البَحر الخَضم عَميقَه


عائشة التيموريه

الحمدان
08-04-2024, 05:04 PM
غَضضت نَواظِري عَن غُصن قَد
وَعفت حَنين قَلبي وَهُوَ روحي

فَلَو عقب الهَوى قَلبي وَقالَت
اِذن روحي أَروح لقال روحي

وَأَفكاري تَسوح لفرط شَوقي
فَأَطوى لَوعَتي وَأَقولُ سوحى

لظبي قَد بَكَت عيني وَقالَت
أَنوح اِلى النُشورِ فَقُلت نوحي

وَذاكَ لمله شَرقا وَغَربا
لِنَفحاتِ الغَبوق مَع الصُبوح


عائشة التيموريه

الحمدان
08-04-2024, 05:04 PM
بيد العفاف أَصون عز حجابي
وِبِعِصمَتي أَسمو عَلى أَترابي

وَبِفِكرَة وَقادَة وَقَريحة
نَقادَة قَد كَمَلَت آدابي

وَلَقَد نَظَمت الشِعرَ شيمَة مَعشَر
قَبلى ذَوات الخُدور وَالاِحساب

ما قُلتُه الافكاهة ناطِق
يَهوى بَلاغَة مَنطِق وَكِتاب

فَبِنِيَّة المهدى وَلَيلى قُدوَتي
وَبِفِطنَتي أَعطي فَصل خطابي

لِلَّهِ در كَواعِب منوالها
نَسج العُلا لِعَوانِس وَكِعاب

وَخَصَّصَت بِالدُر الثَمين وَحامَت ال
خَنساء في صَخر وجوب صِعاب

فَجَعَلَت مِرآنى جَبين دَفاتِري
وَجَعَلَت من نقش المداد خضابي

كم زَخرَفَت وَجنات طرسى أَنملى
بعذار خط أَواهاب شَباب

وَلَكُم زها شَمع الذكا وَتَضوعَت
بِعَبيرِ قَولى رَوضَة الاِحباب

منطقت ربات اِلَيها بِمَناطِق
يَغبطها في حضرتي وَغِيابي

وَحَلَّلَت في نادى الشُعور ذَوائِبا
عَرَفت شَعائِر ما ذو الاِنساب

عوذت مِن فِكري فُنون بَلاغَتي
بِتَميمَة غَرا وَحرز حِجاب

ما ضَرَّني أَدبي وَحُسنُ تَعَلُّمي
الا يَكونى زَهرَة الاِلباب

ما ساءَني خدري وَعَقد عِصابَتي
وَطَرازُ ثَوبي وَاِعتِزاز رَحابي

ما عاقَني خَجلي عَن العليا وَلا
سَدل الخِمار بِلِمَّتي وَنِقابي

عَن طي مِضمار الرَهان اِذا اِشتَكَت
صَعب السِياق مطامح الرِكاب

بَل صَولَتي في راحَتي وَنفرسى
في حُسنِ ما أَسعى لِخَير مَآب

ناهيكَ من سر مَصون كنهَه
شاعَت غَرابَتِه لَدى الاِغراب

كَالمِسكِ مَختوم بِدُرج خَزائِن
وَيَضوع طيبُ طيبِهِ بِمَلاب

أَو كَالبِحار حوت جَواهِر لُؤلُؤ
عَن مَسِّها شَلت يَد الطلاب

در لِشَوق نَوالِها وَمَنالُها
كَم كابِد الغَواس فَصل عَذاب

وَالعَنبَر المَشهود وافَق صونَها
وَشُؤنَه تَتلى بِكُل كِتاب

فَأَنَرتَ مِصباح البَراعَةِ وَهيَ لي
مَنح الا لَهُ مَواهِب الوَهاب


عائشة التيمورية

الحمدان
08-04-2024, 05:05 PM
بين الملامة فيكم والهوى الجلل
لي موقف الدمع بين العذر والعذل

إذا سمعت لقلبي زاد بي كلَفى
وإن سمعت لغير القلب لم أخَل

والحب باللوم كالدنيا لصاحبها
لم يخل من راحة فيها ومن ملل

ودعتكم وفؤادي خافق بيدى
والبين يأخذ من حولي ومن حيلي

وما توهمت قلبي قبل فرقتكم
يهب مثل هبوب الركب والإبل

لما أجبن النوى وكَّلن بي حدقا
بين الشفاعة في الأحباب والسُّؤل

من علَّم العِيس نجوانا ورحمتنا
فأومأت برقاب خُشَّع ذُلُل

ردّوا إلى اليأس مضنى لا حراك به
لعل في اليأس بُرءاً ليس في الأمل

لو تبصرون وقوفى في منازلكم
رأيتم طللا يبكى على طلل

بليت مثل بلاها وارتدت سقمي
كلا الَّلبُوسين فيكم أجمل الحلل

لو كنت لازار أعطِى يوم منبعث
بذلته فوق عمري غير مبتذل

أو كنت يوشع تجرى الشمس طوع يدى
طمعت منكم غداة البين في المهل

أو كنت عيسى أعيد الميت سيرته
أعدت للسقم جسما مات بالعلل

أو كنت موسى يخط اليم لي سبلا
حملتكم في عيون سمحة السبل

مولاى عيدك عيد الناس كلهم
وأنت جامعة الأجناس والملل

وما صنوف الرعايا حافلين به
إلا كبيت برب البيت محتفل

وأنت كالشمس لم يخصص بها أفق
وأنت كالبدر لم يَرهَن على نزل

إن الملوك على الكرسيّ مربعها
وأنت تجلس في الأسماع والمُقَل

حللت من كل نفس في سريرتها
وقمت منها مكان البِشر والجذل

آل الندى لك والأمثال سائرة
ولو تقدمت ما زادت على مثل

إن يسبقوك لفضل أو لمكرمة
فالسبق في الدهر لا في الفضل للأُوَل

وأنت لولا تليد الملك تحرزه
من الشمائل في ملك وفي خول

بلوت في الجاه قوما والغنى نفرا
فما تهيبت كالأخلاق في الرجل

فهن من كل جاه أو غنى بدل
وما لهن إذا أخطأن من بدل

قل للمشارق موتى غير راجعة
ففي الممات شفاء الجهل والكسل

فما تعلاتها والموت مدركها
إلا كما أمن المسلول للأَجل

إن الشعوب إذا ما أدبرت حبست
مالا عن البر أو علما عن العمل

ونام كل نصوح عن مجاهلها
ولو أراد هدى أعيا فلم يقل

شقيت بالشعر في ناس أعوذ بهم
من أن يقول الأعادي شاعر الهمل

وضعت بالحمة الغرّاء في زمني
كما يضيع شعاع الشمس في الوحل

مولاى أحمد هذا لا سمىَّ له
وأنت كل سيوف العصر والدول

لما رأيتك تاج القرن مدّخرا
قلّدتك الماس من مدحي ومن غزلي

وبشرتني المنى فيما تحدثني
بمظهر لسرير النيل مقتبل

وسؤدد لأميري فوق سؤدده
وما المزيد الذي أرجو بمحتمل

وإنما أنا سار في سنا قمر
يقول للبدر في غاياته اكتمل


احمد شوقي

الحمدان
08-04-2024, 05:05 PM
تعذرت الركائب والمطايا
فأوفدنا القلوب إلى السلوم

نحث صميمها حبا وشوقا
إلى الملك الكريم بن الكريم

تعَّهدَ ظلك الصحراء حتى
غدت رمضاؤها برد النعيم

مررتَ بها فهبَّت من بِلاها
كعيسى يوم مرّ على الرميم

وأنت النيل إحياء ونفعا
تبث البرء في البلد السقيم

تهنئك البلاد وَمن عليها
بعام هلَّ ميمون القدوم

يزيد هلالهَ حسنا وحسنى
هلالُ من محّياك الوسيم

تطلعت السنون إليك حبا
وتاه بك الجديد على القديم

فعِش ما شئت من عددٍ جِدادا
بجيد الدهر كالعقد النظيم

مباركة أهَّلتُها لمصر
وللكرسيّ والنجل الفخيم

بعثت سرائري في الكتب تترى
إلى ملك بخالصها عليم

ودون خلاله الأرِجات شعري
وإن صغتُ المديح من النسيم


احمد شوقي

الحمدان
08-04-2024, 05:05 PM
سلوا كؤوس الطلا هل لامست فاها
واستخبروا الراح هل مسّت ثناياها

باتت على الروض تسقيني بصافية
لا للسُّلاف ولا للورد رياها

ما ضر لوجعلت كأسي مراشفها
ولو سقتني بصافٍ من حمياها

هيفاء كالبان يلتف النسيم بها
وينثنى فيه تحت الوشى عِطفاها

حديثها السحر إلا أنه نغم
جرت على فم داود فغنّاها

حمامةُ الأيك من بالشجو طارحها
ومَن وراءَ الدجى بالشوق ناجاها

ألقت إلى الليل جيدا نافرا ورمت
إليه أذنا وحارت فيه عيناها

وعادها الشوق للأَحباب فانبعثت
تبكي وتهتف أحيانا بشكواها

يا جارة الأيك أيام الهوى ذهبت
كالحلمآها لآيام الهوى آها


أحمد شوقي

الحمدان
08-04-2024, 05:06 PM
بي مثل ما بك يا قمرية الوادى
ناديت ليلى فقومي في الدجى نادي

وأرسلي الشجو أسجاعا مفصلة
أو ردّدي من وراء الأيك إنشادي

تلفت الروض لما صحت هاتفة
كما تلفتت الركبان بالحادي

كم هاج مبكاك من مجروح أفئدة
تحت الظلامِ ومن مقروح أكباد

لا تكتمي الوجد فالجرحان من شجن
ولا الصبابةَ فالدمعان من واد

يا حلوة الوعد ما نسّاك ميعادي
عن الهوى أم كلام الشامت العادي

كيف انخدعت بحسادي وما نقلوا
أنت التي خلقت عيناك حسادي

طرفي وطرفك كانا في الهوى سببا
عند اللقاء ولكن طرفك البادي

تذكرى هل تلاقينا على ظمأ
وكيل بَّل الصدى ذو الغُلة الصادي

وأنت في مجلس الريحان لاهية
ما سِرت من سامر إلا إلى نادي

تذكري منظر الوادي ومجلسنا
على الغدير كعصفورين في الوادي

والغصن يحلو علينا رقة وجوى
والماء في قدمينا رايح غاد

تذكري نغمات ههنا وهنا
من لحن شادية في الدوح أو شادي

تذكرى قبلة في الشعر حائرة
أضلها فمشت في فرقك الهادي

وقبلة فوق خد ناعم عطِر
أبهى من الورد في ظل الندى الغادي

تذكري قبلة من فيك أجعلها
من اللقاء إلى أمثاله زَادي

تذكري موعدا جاد الزمان به
هل طرتُ شوقا وهل سابقت ميعادي

فنلتُ ما نلت من سؤل ومن أمل
ورحت لم أحص أفراحي وأعيادي


أحمد شوقي