المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هنا الشعر الفصيح ومايتعلق به


الصفحات : 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 [36] 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 100 101 102 103 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 114 115 116 117 118 119 120 121 122 123 124 125 126 127 128 129 130 131 132 133 134 135 136 137 138 139 140 141 142 143 144 145 146 147 148 149 150 151 152 153 154 155

الحمدان
07-16-2024, 11:00 PM
خُذ ما اِستَطَعتَ مِنَ الدُنيا وَأَحليها
لَكِن تَعَلَّم قَليلاً كَيفَ تُعطيها

كُن وَردَةً طيبُها حَتّى لِسارِقِها
لا دِمنَةً خُبثها حَتّى لِساقيها

أَكانَ في الكَونِ نورٌ تَستَضيءُ بِهِ
لَوِ السَماءُ طَوَت عَنّا دَراريها

أَو كانَ في الأَرضِ أَزهارٌ لَها أَرَجٌ
لَو كانَتِ الأَرضُ لا تُبدي أَقاحيها

إِنَّ الطُيورَ الدُمى سِيّانَ في نَظَري
وَالوِرقُ إِن حَبَسَت هَذي أَغانيها

إِن كانَتِ النَفسُ لا تَبدو مَحاسِنُهصا
في اليُسرِ صارَ غِناها مِن مَخازيها

يا عابِدَ المالِ قُل لي هَل وَجَدتَ بِهِ
روحاً تُؤاسيكَ أَو روحاً تُؤاسيها

حَتّى ما يا صاحِ تَخفيهِ وَتَطمُرُهُ
كَأَنَّما هُوَ سَوآتٍ تُواريها

وَتَحرُمُ النَفسَ لِذاتٍ لَها خُلِقَت
وَلَم تُصاحِبكَ يا هَذا لِتُؤذيها

أُنظُر إِلى الماءِ إِنَّ البَذلَ شيمَتُهُ
يَأتي الحُقولَ فَيَرويها وَيُحيِّها

فَما تَعَكَّرَ إِلّا وَهوَ مُنحَبِسٌ
وَالنَفسُ كَالماءِ تَحكيهِ وَيَحكيها

السِجنُ لِلماءِ يُؤذيهِ وَيُفسِدُهُ
وَالسِجنُ لِلنَفسِ يُؤذيها وَيُضنيها

وَاِنظُر إِلى النارِ إِنَّ الفَتكَ عادَتُها
لَكِنَّ عادَتُها الشَنعاءَ تُرديها

تَفني القِرى وَالمَغاني وَهيَ ضاحِكَةٌ
لِجَهلِها أَنَّ ما تَفنيهِ يُفنيها

أَرسَلتُ قَولِيَ تَمثيلاً وَتَشبيهاً
لَعَلَّ في القَولِ تَذكيراً وَتَنبيها

لا شَيءَ يُدرَكُ في الدُنيا بِلا تَعَبٍ
مَنِ اِشتَهى الخَمرَ فَليَزرَع دَواليها


إيليا ابو ماضي

الحمدان
07-16-2024, 11:01 PM
أُنشودَةٌ في ضَميري كَم أُواريها
وَما شِفائِيَ إِلّا أَن أُغَنّيها

وَلّى الشِتاءُ وَنَفسي في كَآبَتِها
وَاِستَضحَكَ الصَيفُ إِلّا في نَوحيها

كَأَنَّها زَهرَةٌ في الظِلِّ نابِتَةٌ
لا نورَ يَغمُرُها لا ماءَ يَسقيها

كَأَنَّها الحَربُ في قَلبي زَلازِلُها
وَبَعضُ أَهلِيَ أَقوامٌ تُعانيها

حِكايَةٌ أَتَقَلّى حينَ أَسمَعُها
وَيَأكُلُ الحُزنُ قَلبي حينَ أَرويها

وارَحمَتاهُ لِأُرُبّا فَما فَتَكَت
أَفعى بِأَفعى كَأَهليها بِأَهليها

لَم يَبقَ غَيرُ الضَواري في خَلائِقِها
وَمِن حَضارَتِها إِلّا مَخازيها

كانَت تَعُدُّ الدَواهي في مَصانِعِها
لِغَيرِها فَأَصابَتها دَواهيها

وَكُلُّ طابِخِ سُمٍّ سَوفَ يَأكُلُهُ
وَكُلُّ حافِرِ بِئرٍ واقِعٌ فيها

لَو دامَ إيمانُها لَم تَنطَلِق سَقَرٌ
بِدورِها وَالأَفاعي في مَغانيها

لَكِن أَكَبَّت عَلى الآلاتِ تَعبُدَها
وَتَستَعينُ بِها مِن دونِ باريها

فَصارَ مالِكُها عَبداً لِسُلطَتِها
وَصارَ كُلُّ ضَعيفٍ مِن أَضاحيها

وَصارَ إِنسانُها لِلحَلبِ آوينَةً
وَالذَبحِ مِثلَ المَواشي في مَراعيها

يا نَفسُ سُرّي وَيا أُنشودَتي اِنطَلِقي
مَن عَلَّمَ الصَمتَ إِنَّ الصَمتَ يُؤذيها

أَيُشرِقُ الأُفقُ لَم يُطلِع كَواكِبَهُ
وَتَجمُلُ الأَرضُ لَم تُخرِج أَقاحيها

اليَومَ يَومُ القَوافي تَهتُفينَ بِها
لا يَشرَبُ الناسُ خَمراً لَم تَصُبّيها

هَذا هُوَ العيدُ قَد لاحَت مَواكِبُهُ
يا قَلبُ هَلِّل لَها يا شِعرُ حَيِّها


إيليا ابو ماضي

الحمدان
07-16-2024, 11:01 PM
يا جَنَّةً قَبلَما حَلَّت بِها قَدَمي
أَحبَبتُها قِصَّةً وَاِشتَقتُ راويها

كانَت لَها صورَةٌ في النَفسِ حائِرَةٌ
مِثلُ القَصيدَةِ لَم تُنسَج قَوافيها

وَدَدتُ لَو أَنَّها تَمَّت فَيُبصِرُها
غَيري وَتُسكِرُهُ مِثلي مَعانيها

وَكَيفَ تَكمُلُ في ذِهني وَلَم أَرَها
وَما لِصورَتِها شَيءٌ يُحاكيها

وَأَيُّما نَغمَةٍ أَدّى عُذوبَتَا كَلامُ
راوٍ وَلا شادٍ يُغَنّيها

أَأَنشُقُ العِطرَ لَم أَهبِط خَمائِلَها
وَأَشرَبُ السِحرَ لَم أَسمَع قَماريها

وَتَصعَدُ النَفسُ مِنِّيَ لِلسَماءِ وَلا
حِبالُ نورٍ تَدَلَّت مِن دَراريها

كانَت سَعادَةُ نَفسي في تَصَوُّرِها
وَالنَفسُ يُسعِدُها وَهمٌ وَيُشقيها

بِالوَهمِتوجَدُ دُنيا لا وُجودَ لَها
وَتَنطَوي عَنكَ دُنيا أَنتَ رائيها

فَكَم ظَمِئتُ وَفي روحي جَداوِلُها
وَكَم رُويتُ وَغَيري في سَواقيها

قَد كُنتُ مِن قَبلُ مِثلَ الناسِ كُلِّهِمِ
أَقولُ إِنَّ إِلَهَ الكَونِ باريها

حَتّى نَظَرتُ إِلَيها في جَلالَتِها
فَصارَ كُلُّ يَقيني أَنَّهُ فيها

لَمّا رَأَيتُ الجَمالَ الحَقَّ أَدرَكَني
زُهدٌ بِكُلِّ جَمالٍ كانَ تَمويها

كَأَنَّما الهورُ مَرَّت في شَواطِإِها
في لَيلَةٍ طِفلَةٍ رَقَّت حَواشيها

فَفي الرِمالِ سَناءٌ مِن تَضاحُكِها
وَفي المِياهِ أَريجٌ مِن أَغانيها

أَتَيتُها بِشَبابٍ ضاعَ أَكثَرُهُ
وَغَيَّبَتهُ اللَيالي في مَطاويها

فَاِستَرجَعَ الحُبَّ قَلبي فَهوَ مُغتَبِطٌ
وَعادَتِ الروحُ خَضراءَ أَمانيها

سُؤِلتُ ما راقَ نَفسي مِن مَحاسِنِها
فَقُلتُ لِلناسِ باديها وَخافيها

وَما حَبَبتُ مِنَ الأَشجارِ قُلتُ لَهُم
إِنّي اِفتَتَنتُ بِكاسيها وَعاريها

وَما هَوَيتُ مِنَ الأَزهارِ قُلتُ لَهُم
الحُبُّ عِندي لِناميها وَذاويها

قالوا وَما تَتَمَنّى قُلتُ مُبتَدِراً
يا لَيتَني طائِرٌ أَو زَهرَةٌ فيها

فَرُبَّ أُنشودَةٍ مِن بُلبُلٍ غَرِدٍ
حَوَت حِكايَةَ حُبٍّ خُفتُ أَحكيها

وَرُبَّ روحٍ كَروحي في بَنَفسَجَةٍ
وَسنى أَطَلَّت عَلى روحي تُناجيها

وَرُبَّ قَطرَةِ ماءٍ لا غِناءَ بِها
شاهَدتُ مَصرَعَ دُنيا في تَلاشيها

كُلُّ الَّذي لاحَ لي في أَرضِها حَسَنٌ
وَأَحسَنُ الكُلِّ في عَيني أَهاليها

إِلّا ذَوُّ السِحَنِ السَوداءِ واعَجَباً
أَجَنَّةٌ وَذُبابٌ في نَواحيها

إِنّي لَيَكبُتُ روحي أَن أُلاحِظَهُم
بِمُقلَةٍ أَبصَرَت فيها غَوانيها

دَعِ المَساوِئَ في الدُنيا فَما بَرَحَت
فيها مَحاسِنُ تُنسينا مَساويها

كَم حاوَلَ اللَيلُ أَن يَطوي كَواكِبَهُ
فَكانَ يَنشُرُها مِن حَيثُ يَطويها

وَاِذكُر أَكارِمَ قَومٍ طابَ عُنصُرُهُم
وَأَشبَهوا بِسَجاياهُم أَقاحيها

بَني بِلادي وَفيكُم مِن خَمائِلِها
جَمالُها وَالتَسامي مِن رَوابيها

تَسَلَّتِ النَفسُ عَن أَحبابِها بِكُم
لَولاكُمُ لَم يَكُن شَيءٌ يُسَلّيها

أَكرَمتُموني فَشُكراً غَيرَ مُنقَطِعٍ
دَوامُ شُكرِكِ لِلنَعماءِ يُبقيها


إيليا ابو ماضي

الحمدان
07-16-2024, 11:02 PM
أَلا أَيُّها الباكي فَدَيتُكَ باكِياً
عَلامَ وَفيما تَستَحِثُّ المَآقِيا

رُوَيدَكَ ما أَرضى لَكَ الحُزنَ خِلَّةً
وَهَيهاتَ أَن أَرضاكَ بِالحُزنِ راضِيا

يُعَنِّفُني مَن كُنتُ أَدعوهُ صاحِباً
فَما اِنفَكَّ حَتّى بِتُّ أَدعوهُ لاحِيا

دَعَوتُ لِرَبّي أَن دَعانِيَ لائِمٌ
وَلَم أُعصِهِ أَن لا يُجيبَ دُعائِيا

لَقَد أَرخَصَ العُذّالَ عِندِيَ قَولُهُم
إِذا هَمَتِ العَينانُ أَرخَصتُ غالِيا

أَأَمنَعُ ماءَ ما يَروي أَخا صَدىً
وَقَد كُنتُ لا أَحمي المَناهِلَ صادِيا

عَلَيَّ البُكا وَالنَوحُ ضَربَةُ لازِبٍ
وَإِنّي لَأَبكي أَنَّني لَستُ باكِيا

وَكَيفَ اِرتِياحي بَعدَ هِندٍ وَبَينَنا
مَهامِهُ لا تُلقى بِها الريحُ هادِيا

يَظَلُّ بِها السَرحانُ يَعوي مِنَ الطَوى
نَهاراً وَيَطوي لَيلَهُ الخَوفُ طاوِيا

لَقَد كُنتُ أَخشى أَن يُفَرِّقَ بَينَنا
فَأَصبَحتُ أَخشى اليَومَ أَن لا تَلاقِيا

فَيا مَن لِقَلبٍ لا تَنامُ هُمومُهُ
وَيا مَن لِعَينٍ لا تَنامُ اللَيالِيا

رَأَيتُ اللَيالي ما تَزالُ تَروعُني
بِأَحداثِها ما لِلَّيالي وَما لِيا

وَلَم يَبقَ عِندَ الدَهرِ خَطبٌ أَخافُهُ
فَكَيفَ اِعتِذارُ الدَهرِ إِن رُحتُ شاكِيا

إِذا لَم تَكُن لِيَ آسِياً أَو مُؤاسِيا
فَلا تَكُ لَوّاماً وَذَرني وَما بِيا

فَإِنّي رَأَيتُ اللَومَ يُذكي صَبابَتي
كَذاكَ عَهِدتُ الزِندَ بِالقَدحِ راوِيا

أَلا حَبَّذا مِن سالِفِ العَيشِ ما مَضى
وَيا حَبَّذا لَو كانَ يَرجِعُ ثانِيا

زَمانٌ كَقَلبِ الطِفلِ صافٍ وَكَالمُنى
لَذيذٌ وَلَكِن كانَ كَالحِلمِ فانِيا

أَحِنُّ إِلَيهِ في العَشِيِّ وَفي الضُحى
حَنينَ غَريبٍ جائَهُ الشَوقُ داعِيا

وَأَذكُرُهُ ذِكرى العَجوزِ شَبابَها
وَأَبكي لَدى ذِكراهُ أَحمَرَ قانِيا

وَلَولا أُمورٍ في الفُؤادِ أَسُرُّها
جَعَلتُ عَلَيهِ الدَهرَ وَقفاً لِسانِيا

خَليلَيَّ أَعوامُ السُرورِ دَقائِقٌ
وَأَيّامُهُ كادَت تَكونُ ثَوانِيا

وَأَجمَلُ أَيّامِ الفَتى زَمَنُ الصِبى
وَخَيرُ الصِبا ما كانَ في الحُبِّ نامِيا

رَعى اللَهُ أَيّامي الَّتي قَد أَضَعتُها
فَكُنتُ كَأَنّي قَد أَضَعتُ فُؤادِيا

لَيالِيَ لا هِندُ تُصَدِّقُ واشِياً
وَلا هِيَ تَخشى أَن أُصَدِّقَ واشِيا

وَيا طالَما بِتنا وَلا ثالِثَ لَنا
سِوى الراحِ نُدنيها فَتُدني الأَمانِيا

وَدارُ حَديثُ الحُبِّ بَيني وَبَينَها
فَطَوراً مُناجاةً وَطَوراً تَشاكِيا

أَلَم تَرَ أَنّي قَد نَظَمتُ حَديثَها
لَآلِئَ غَنّاها الرُواةُ قَوافِيا

تَوَلّى زَمانُ اللَهوِ كَالطَيفِ في الكَرى
فَلَستَ تَراني بَعدَهُ الدَهرَ لاهِيا

سَإِمتُ لَذاذاتِ الحَياةِ جَميعَها
وَلَو رَضِيَت هِندُ سَإِمتُ شَبابِيا

سَلامٌ عَلى هِندٍ وَإِن فاتَ مِسمَعي
سَلامُ الَّتي أُهدي إِلَيها سَلامِيا

تَرى عِندَها أَنّي عَلى العَهدِ ثابِتٌ
وَإِن يَكُ هَذا البَينُ أَوهى عِظامِيا

فَوَاللَهِ ما أَخشى الحِمامَ عَلى النَوى
وَلَكِنَّني أَخشى خُلودِيَ نائِيا


إيليا ابو ماضي
لبنان

الحمدان
07-16-2024, 11:10 PM
من ذا هُنا؟ (صنعا) بلا
‏صنعا، وجوهٌ أجنبيَّةْ

‏متطوعون وطيِّعاتٌ
‏أوصياء بلا وصيَّةْ

‏حُزَمٌ من الشِّعر المُسرَّحِ
‏والعيون الفوضويَّةْ

‏خبراء في عُقمِ الإدارة
‏وافدون بلا هويَّةْ

‏ومسافرون بلا وداعٍ
و‏واصلون بلا تحيَّةْ

‏ومؤَمْرَكون إلى العظامِ
‏لهم وجوهٌ فارسيَّةْ

البردوني

الحمدان
07-16-2024, 11:15 PM
أسْتَغْفِرُ اللهَ العظيمَ لِذَنْبِنَا
نحنُ العصاةُ وربُّنا الرحمنُ

‏أسْتَغْفِرُ اللهَ من ذنبي ومن سرَفي
إني وإنْ كنتُ مستورًا لخطّاءُ

‏أسْتَغْفِرُ الله من ذنبِي وإِن عظُما
فَاللهُ يغفر ما استغفرتهُ كرما

أسْتَغْفِرُ اللهَ من يأسٍ يباعدني
عن اليقينِ وحُسنِ الظنِّ بالله

الحمدان
07-16-2024, 11:17 PM
إنّا على الحقِّ مَاطَالَ الزَّمانُ بنا
فَلَاْ تُغَيِّرُنَا الدُّنْيَاْ وَلَا الزَّمَنُ

القَارئونَ كتابَ اللهِ يعصِمُنا
من زلّةِ القلبِ إن ماجَتْ به المِحنُ

على مَحَجّتِنا البيضاء تحملُنا
فلكُ النّجاةِ فغيضَ الشرُّ والفتنُ

......

الحمدان
07-16-2024, 11:20 PM
وأنتِ الحبيبُ وأنتِ الخليلُ
وليس سواكِ ببالي خَطَرْ

فإن زرتِ هزَّ فؤادي السرورُ
وإن غبتِ أَوْدى بِروحي الضجرْ

أَنَرْتِ حياتي بنورِ الوصال
وجئتِ*لعمرِي كغيثِ المَطرْ

إذا جئتِ أنتِ فما همَّني
وربُّك من غابَ مِمَّن حضرْ

......

الحمدان
07-16-2024, 11:22 PM
يا ساكنَ القلب مافي القلبِ مُتّسعٌ
لغيرِ حُبّكَ أغلق بعدكَ البابا

ماذا تظنُّ بدارٍ أنتَ سيّدها
غدا لكَ النبضُ والأنفاسُ حُجَّابا

......

الحمدان
07-16-2024, 11:23 PM
ما خيّبَ اللهُ ظنًا منْ خليقَتِهِ
ألْطافُ ربِّك في أقْدارِهِ تَجْري

يا قَلْبُ صبرًا وتسْليمًا على ثِقةٍ
وإن في الغَيْبِ أفْراحًا ولا ندري

......

الحمدان
07-16-2024, 11:24 PM
‏لَيسَ لي صَبرٌ جَميلٌ
‏غَيرَ أَنّي أَتَجَمَّل

‏ثُمَّ لا يَأسَ فَكَم قَد
‏نيلَ أَمرٌ لَم يُؤَمَّل

ابن زيدون

الحمدان
07-16-2024, 11:27 PM
‌‎يا قلبُ مالكَ إنَّ صمتكَ مٌشعلٌ
نارَ الحرائقِ فى دُجى عينيَّا

هل دقَّت الذِّكرى نواقيسَ الجوى
فبدأتَ نزفًا صامتًا وشجيَّا

نحنُ اتفقنا أنَّ ماضينا انتهى
فعلامَ تفتحُ دفترًا مطويَّا

......

الحمدان
07-16-2024, 11:29 PM
‏ما أروعَكْ!
ما أجملَ الدُّنيا مَعَكْ

الصُّبحُ في إشراقِهِ
والغَيْثُ في إغداقِهِ

والطَّلُّ في أوراقِهِ
أنتَ ولا شيءَ مَعَكْ

......

الحمدان
07-16-2024, 11:30 PM
كم حُجَّةٍ لكِ في البعاد صنعتُها
متعمِّداً ؛ كي أطمئنَّ وأسألا

وأعانقَ الحرفَ الذي إن زارني
طُلْتُ السحابَ وصارَ قلبي أجْمَلا

فاليوم حسبي من هواكِ رسالةٌ
إن تُرسليها قلتُ أفْدي المُرْسِلا

.......

الحمدان
07-16-2024, 11:32 PM
يهونُ عليك بعد الهجرِ مَوتي
وقبلًا كُنتَّ تخشى من فراقي

بربك ما الذِي أنساك عَهدًا
قطعناهُ على أمل التلاقِي

إذا أغناك عن حُبِي حَبيبُ
فلا يُغنِي عِناقٌ عَن عِناقي

سَتشكُو أدمُعًا سَتفيضُ دهرًا
وَقلبًا إذ يئنُ مِن اشتياقِ

فَذُق بعض الذي ذاقتهُ رُوحِي
وَمُت ندمًا فعدل الله باقِ

......

الحمدان
07-16-2024, 11:33 PM
اخترتُ نفسي والنفوسُ عزيزةٌ
أنا لا أعيشُ العمرَ دون خيارِ

لك أن تغيب لن أموت بغربةٍ
فالأرض أرضي والمدارُ مداري

لك أن تجفّ لن أموت من الظما
انا من جرت فوق الثرى أنهاري

لك أن تهبّ لن أطيح فداخلي
جبلٌ وريحُ الحبِ محض غبارِ

......

الحمدان
07-16-2024, 11:35 PM
‌‎أتُرَاكَ غرَك أنَّ قلبِي طيّبُ
وَبِأنني فِي الحُب لا أتعتّبُ

تنأى فَأدنو ، تستبدُ فأشتكِي
ما كان يخطُر لِي بِأنك تلعبُ

ذنبي عشقتُكَ صادقًا ما كان في
ظني وَحُسباني حبيبي يكذبُ

غِب كيفَّ شِئتَ فسوفَّ أبقى طيّبًا
وَالطّيبُ إبنُ الأصلِ لايتقلّبُ

......

الحمدان
07-16-2024, 11:37 PM
أمضي حثيثاً الى ما كنتُ أخشاهُ
غصباً كأنّ هروبي منهُ أدناهُ

لن يجلب السعيُ شيئاً لا نصيب بهِ
أو يمنعُ الحرصُ ما قد قدر اللهُ

لا تألُف الروحُ إلا من يُلاطِفُها*
ويهجر القلبُ من بالصدّ يلقاهُ

فلا وصال لمن بالوصل قد بخلوا
و من تناسى فإنّا قد نسيناهُ

......

الحمدان
07-16-2024, 11:38 PM
وَما يُبْكِيكَ يَا قَلْبِي
أليْسَ الحُزْنُ قَدْ زَالا

سَتَلْقَى بَعْدَ مَنْ رَحَلُوا
مِنَ الأحْبَابِ أبْدَالا

وَأرْضُ الله واسعةً
فُكُنْ فِي الأرْضِ رَحّالا

وَلَا تأْسَفْ على زَمَنٍ
أرَاكَ الحُزْنَ أشْكَالا

......

الحمدان
07-16-2024, 11:39 PM
فكرامتي محفوظةٌ ومشاعري
أولى لغيرك بعد ما أهملتَها

عُد للغيابِ فإنّ عيني لم تعُد
تلك التي تَبكيكَ حين تركتَها

فلكُلِّ قلبٍ في الحياة كرامةٌ
ولكلّ حبٍ لا يُراعى مُنتهى

ما عادت الذكرى تُكدّرُ خاطري
أكمِل غيابكَ فالحنينُ قد انتهى

......

الحمدان
07-16-2024, 11:40 PM
لا أرتجي منكم ثناءً أو رضا
فالحقُ نبراسٌ يضيء مساري

في وحدتي أجد السلام موطناً
فأنا الذي أحيا بغير جوارِ

لي في الهدوء سكينةٌ وسعادةٌ
وعلى التأمل ترتقي أفكاري

......

الحمدان
07-16-2024, 11:41 PM
فؤادي بين أضلاعي غريب
يُنادي مَن يُحبُّ فلا يُجيبُ

أحاط به البلاء فكل يوم
تقارعه الصبابة والنحيب

لقد جَلبَ البَلاءَ عليّ قلبي
فقلبي مذ علمت له جلوب

فإنْ تَكنِ القُلوبُ مثالَ قلبي
فلا كانَتْ إذاً تِلكَ القُلوبُ

......

الحمدان
07-16-2024, 11:42 PM
وأغِيبُ .. لكنِّيْ أَمُدُّ حِبَالِيْ
خَوفاً عَلَيكَ ورَغبةً لِوَصَالِي

نَحْنُ انتَهَينَا مُذْ وَضَعْنَا نُقْطَةً
بَعْضُ النُّقَاطِ تَكُونُ للإِكْمَالِ

زُرنِيْ إِذَا بَلَغَ اشْتِيَاقُكَ حَدَّهُ
أَوْ دَعْ خَيَالَكَ كَيْ يَزُورَ خَيَالِيْ

......

الحمدان
07-16-2024, 11:43 PM
وَما الهُمومُ وَإِن حاذَرتَ ثابِتَةٌ
وَلا السُرورُ وَإِن أَمَّلتَ يتَّصِلُ

فَما الأَسى لِهُمومٍ لابَقاءَ لَها
وَما السُرورُ بِنُعمى سَوفَ تَنتَقِلُ

لَكِنَّ في الناسِ مَغروراً بِنِعمَتِهِ
ما جائَهُ اليَأسُ حَتّى جائَهُ الأَجَلُ

......

الحمدان
07-16-2024, 11:46 PM
يُخَيَّلُ لِي
بأنَّ العُمرَ لن يَكفي

وأنِّي سوفَ أبقَى العُمرَ
مَصلوبًا على خَوفي

على شَطِّ الهوَى يومًا
سألقَى مُنْيَتي حَتْفي

تَعالَي واسنِدي رأسَكْ
على كَتِفي

وقُولي لي ولا تُخفي
فإنْ مِتْنا مَعًا عُمري

فقد كانَ الهوَى داءً
وجاءَ الموتُ كي يَشفِي

عبد العزيز جويدة

الحمدان
07-17-2024, 02:55 PM
أغايةُ حظّك أن تُظلماَ
وعُقبى شبابك أن يُرحَمَا

أُعيذك من أدمعٍ جارياتٍ
ومثلُ شبابك يُبكَى دما

ومن نكد العيش قول الذي
قالَ إن القبورَ طريقُ السَّما

أفي القبر غيرُ عظام رميمٍ
وفي القبر غير دجىً خيّما

شَقينا وآباؤنا قبلنا
فصاروا ونحن نصير لِمَا

هُوَ الموت فابذُل له أدمعاً
وإِن شئت فابذُل له عَنْدَما

فليست تردّ الدموعُ حَبيباً
ولست تجُرّ الدِّما مَغْنما

أقِلّ البكا بعد عباسَ إِني
رأيت بُكا حظّه أكرما

ومن لم يكن حظه في الحياة
لَهُ مُسعِداُ عزّ أن يسلما

حياة الفتى سرُّ هذا الوجودِ
ومِن عبث الدهر أن تفهما

سلام على قبر عباسَ إِني
وقفت به الموقفَ المؤلِما

وقفت به خاشعاً جزعاً
أُودّعُه مُكرَها مرغَما

وما خانني الصبر فيه ولكن
وجدت بكائي له أحزما

بكَيتُ رقيقَ شبابي وإني
لأَبكي به الصاحبَ الأَكرما

رفيق صباً لم يطُل عهدُه
إلى أن غدا حلوُه عَلقما

سقاني رِضاه فلما صَحَوتُ
إذا بفؤاديَ يشكو الظَما

فيا ويحَ حظيَ بعد الشبابِ
وحظُّ الشباب غدا معدَمَا

ومن فَجَعتْهُ المُنَى في صباه
تراءى صِباه له مظلِما

رفيقَ الصبا أين عهدُ الإخاء
أَكان الوفاءُ بأن أُظْلَما

حنانَيكَ لا أدّعي الظلمَ فيكَ
أُعيذ ودادك أن يُلَثما

لقد كنتَ لي ساعدي ويميني
وكنتُ لديكَ الأخَ المكرَما

فإن فَجَعتني بك الحادثاتُ
فما غيَّرتْ قلبيَ المُغرَما

ذكرتُكَ ما أَنسىَ عهداً
نعِمْنا به زمناً منعما

على شاطئ النيل من روضةٍ
إلى روضة كطيورِ الحِمى

طروبَين نسرَحُ في ظِلّه
ضحوكَينِ قَلْباً به وفما

بلى سالَمَتْنَا الليالي ولكنْ
أَرتنا جزاءَ الذي استسلما

يقولون عباس في غربتي
عداه الحِمام فلن يُعصَما

فوا لهفي من صروف الزمانِ
يموتُ الحبيبُ ولن يلثما

فيا روح عباس أين تكونين
في ذا الفضا أم بلغت السَّما

أفي عالمِ النور مثل النجومِ
تضيئين أم في دجى أظلما

أطِلّي علينا وبُوحي لنا
بِسرّ الوجودِ لكي نعلما

أفي الكونِ ربٌ فنشكو له
وربُّك كان بنا أرحما

أم الكون لا شيءَ نحيا ونفنى
وما الروح في الحيّ إلاّ الدّما

أطلي أجيبي أشيري لنا
فقد آن يا روحُ أن نفهما

أَناجيتِ ربَّك في مُلكِهِ
وقلتِ له رحمةً قبلما

فلي والدٌ أعجزته الليالي
وأمٌّ ستقضي أسىً بعدما

ولي طفلة لم تَحُزْ سنَتَينِ
إذا أَنا مُتُّ فلن تَسْلَما

أعباس نَمْ آمِناً مستريحاً
فقد قُضِي الأمرُ أن تُظلَما

ومن مبلغٌ هند في مصر أني
رأيتُ التأسي بها أكرما

إذا كفرت هند في ربّها
فربكِ يا هندُ لن يَرْحَمَا

يقول لعباس نَمْ بسلامٍ
حبيبٌ على قبره سَلَّما

ويا قبرَ عباس كن ليّناً
على جِسمِهِ لا تكن مؤلِما

فتى ملء بردتِهِ عِفّةٌ
طليقٌ محياَ ضحوكٌ فما

أيبلو الحياة ثلاثين عاماً
ولما بَلَتْهُ قضى مرغما

سقت قبرَك الأدمعُ الجارياتُ
وإلاّ سقاه فؤادي الدما


امين تقي الدين

الحمدان
07-17-2024, 02:55 PM
عرفتُه والنجادُ الحُرُّ رائدُهُ
يزهو بأخلاقِهِ كالغصن بالوَرَقِ

لم تَثْنِ هُوجُ المعاصي من شمائله
ولاَ نَفَحاتِ الطيبِ في الخُلُقِ

كأنما ذابَ فيه الفجرُ منبثِقاً
فطهّرتْ نفسه كالفجرِ في البُنُقِ

واشتاقَها الزهرُ نفساً طابَ عُنْصُرُها
فعاذَ بالأَرْوْعَينِ الحسنِ والعَبَقِ

عذراء كالنجمةِ الغراء كاسية
مطارفَ النور تجلو غيهبَ الغَسَقِ

إلا الردى غيمة من حولها فخبت
كأنّها نجمة الملاّح في الأُفُقِ


امين تقي الدين

الحمدان
07-17-2024, 02:56 PM
متى أنتَ يا وطني مُسعِدي
لقد أفلتَتْ همَّتي من يدي

هَجرْتُكَ لا الشوقُ يِدني إليكَ
ولا الصبرُ إن أدْعُهُ يُنجِدِ

وحاربتُ فيك الليالِي ومَنْ
يجاهِدْ ليالِيَه يَجهَدِ

فأمّا الشبابُ فملَّ المنى
وأمَّا الزمانُ فلم يُسعدِ

بلادُك فاحمِ حمى مجدِها
فإِن أَنتَ لم تَحمِ لم تُحمَدِ

ولا تستَبحْ عِرضَها فالوفاءُ
دَليلٌ على كَرَمِ المحتِدِ

عدمتُ المروءَة يومَ يُرادُ
فِدىً لبلادي ولا أفتدِي

إذا المرء مات فِدى موطنٍ
فقد ماتَ ميتة مُستَشْهَدِ

وأجدبَ عالي الرُّبى مُقفِرٍ
كثير الفدافد والأنجُدِ

إذا الطيرُ عاجت بهِ تستريحُ
ترامَتْ عَياءَ على الجَلمدَ

عبوس المعالم لا ينجلي
بصبحٍ دُجى ليلِهِ الأسودِ

خَلا من بَنِيه فليسَ بنوه
سوى رُحّلٍ أبداً شرّدِ

يجِدّ بنا البَينُ كرهاً على جِوارٍ
بذي لُجَجٍ مزبِدِ

جِوارٍ بها مثلُ ما في الضلوعِ
فلا بِدْعَ إن هي لم تبرُدِ

إذا شارفَتْ أرض لبنانَ هاجَت
بنا لوعَةُ الوالهِ المبعَدِ

وما راعنا البَيْنُ لَكِن بَكَينا
على جَبلٍ موحشٍ أجردِ

لقد أخلقَ الدهر مِن جِدّتيه
فأمسى لثوب البِلَى يرتدي

أجِلْ نظرةً فيه تُبصْر سماءً
تُطلُّ على أربُعٍ همَّدِ

منازل هاجَرَها أهلُها
إلى كل منتجعٍ أرغدِ

فليسَ سوى الطفلِ في مهده
وليس سوى العاجِزِ المُقعَدِ

مجالسُ للحكم ما أن تَضُمّ
سوى ذي مطامِعَ مسترفِدِ

موارد تنصبّ هَدْراً فما
تبرَّد من غُله الورّدِ

صوامع للدين مستوياتٌ
على قِمم للعُلى صعّدِ

ينعَّم رهبنها بالثراء
ويحرَمُ كلُّ فتىً أصيدِ

بنا منك يا وطني ما بنا
لواعجُ في الصدر لم تخمَدِ

شكوتَ النَّوى وشكونا الثَّواء
وَأيٌّ تَزِدْه أذىً يزدَدِ

أَقلّ رزايا بنيك مقامٌ
وصبرٌ على عيشك الأنكدِ

ورُبَّ فتىً عقَّه موطنٌ
فولّى إلى وطنٍ أبعدِ

ومن شاكه مضجعٌ لم ينم
ومن طلب الرزقَ لم يقعدِ

سلوا وطني أيُّ فضلٍ له
عليَّ سوى أنه مَوْلِدي

بلى كان كُفراً رحيليَ عنه
لَوِ اتَّهمتْ همتي مقصِدي

ولولا وفائي لأهلٍ كرامٍ
ولولا ثرى والدٍ أمجدِ

لهاجرته غيرَ ذي أوبةِ
فما نتلاقى على موعِدِ

أُحب بلادي ولو لم أنلْ
سوى الضيمِ منها ولم أعهَدِ

بلادُك كلُّ رجائِك فانهض
بها ما استطعتَ إلى السؤدُدِ

إذا قيل لبنان قل موطنُ
إلهي وصلّ له واسجُدِ


امين تقي الدين

الحمدان
07-17-2024, 02:57 PM
جحى استعان طبيباً
وكان في العين قُمْرَه

دموعه قاطراتٌ
وراح يطلب قطره

قال الحكيم وأبدى
مَلامحاً مكفهرّه

يقلّب الكفّ آناً
ويقلبُ الجفن مرّه

الداء داء خطير
إنّي أُحاذر شرّه

فما احمرارٌ كهذا
إلاّ توقُّدَ جمَره

وعاد يخطِر زَهواً
مستكبراً ما أسرّه

يُلقي المخاوفَ شتّى
بنظرةٍ تِلْوَ نظره

مقطباً حاجِبَيه
كمن يعالج فِكرَه

هل يستعين بنصلٍ
أم يستعين بإِبَرِه

نادى جحى ببنيه
والضحك يملأ ثغرَهُ

وقال في الطب قولاً
يبقى على الدهر عِبرَه

يا آلة النفع سحقاً
قد صرت آلةَ أُجْرَه


امين تقي الدين

الحمدان
07-17-2024, 02:58 PM
دَجَى نهارُ الروضِ في فجرِهِ
هلاّ سألتَ الزهرَ عن عمرِهِ

لْهفي على الوردِ أنيقَ الصبى
عاش نهاراً ماتَ في عصرِهِ

الروضُ ولهانُ على فَقْدِهِ
أَلا تَرَى الصُفرةَ في زهرِهِ

باكرتُهُ أبكي أَنا والندى
فدلَّنا الطّيبُ على قبرِهِ

الله في عهد طَغى شره
وطاشت الأحلام في شرّه

بين شذوذِ الحكم في بأسه
وعند حقّ المرء في دهره

من مبلغُ القوّة في عنفها
أن أسيراً فُكّ من أسره

إنطلَقَ الفكر بعيدَ المدى
كالصَّقر لمّا فرَّ من وَكره

الثورةُ الغضبى مَدَى عينه
وجُثَّةُ السلطةِ في ظِفْرِهِ

يا فاتحَ الجوّ اتَّئدْ برهةً
فالجوُّ قد ضاق على صَقره

ويحَ أديبٍ ثائراً لا يني
والموتُ عدَّاءٌ على قَهره

رُبَّ مُنىً غرّارةٍ في الصبى
كالوردِ فوّاحاً مدى شهره

تاالله لا تسكنُ نفس امرئٍ
قد شبّت الثورةُ في صدره

قِف بأديبٍ خاشعاً فالردى
أصاب منه القلبَ في كِبره

وأسكَنَ الثورةَ في نفسه
وأطفأ الشُّعلة في فِكرِه

فلا اتّقادُ العزمِ في عينه
ولا جَمالُ الحبّ في ثَغرِه

بلى عَلَتْه كُدْرةٌ كالَّتي
يَلبِسُها الأفق على بدره

ذكَرتُه في بلد يزدهي
بالأدَب الغضّ على فقره

في الجولة الهوجاءِ ذات اللَّظى
بين قديمِ الفنّ معْ عصره

ثارتْ وقاد الشعر في إثرها
وسارت الفرسانُ في إثره

وَيْلُمّها فاجعة في الوغى
أن يسقُطَ الفارسُ عن مُهره

قمْ ناجِ هذا الكونَ مستطلعاً
أسرارَهُ والموت في سِرّهِ

ما عِظَةٌ الدين بآياتِهِ
ولا هُدَى العلم عَلى كُفرهِ

أبْلَغُ من قول الثَّرى للفتى
هنا ثوى زيدٌ على عمرِوهِ

الموتُ في الدنيا مِلاكُ القوى
لا يُغلَبُ الموت على أمره

الشعر جانٍ لا تلُمْ شاعراً
قد جعل الموتَ مدى فخرهِ

تُغرِقُهُ اللُّجَّةُ إمّا طغت
ولا يَني يسبَحُ في بَحْرهِ

عاشَ أديبٌ شاعراً ليتَهُ
لم يحسُبِ الموت مدى شعرهِ

راد المُنَى في جوّها هازئاً
بالقدَر الراصدِ في خِدرهِ

فحطَّهُ عادي الرَّدى من علٍ
والهَفةَ الجوّ على نَسْرِهِ


امين تقي الدين
لبنان

الحمدان
07-17-2024, 02:58 PM
حتى متى تجف القلوب وتخفقُ
والى مَ تضطرب النفوس وتقلقُ

والخلق طراً في شقاءٍ شاملٍ
وبودهم لو أنهم لم يخلقوا

سئموا اقتراناً بالحياة أمضهم
ولو انهم منحوا الخيار لطلقوا

طمعوا بأن يلقوا أقلَّ مسوغ
في هذه الدنيا البقاءَ فما لقوا

والحرب فيها لا تني مشبوبة
وسعيرها يشوي الانام ويحرق

المالَ تُفني والرجال تبيدهم
ودماءهم هدراً تثجُّ وتهرق

بقذائف البارودِ تنثر هامهم
وجسومهم بظبى الاسنة تعرق

قلب الحديد يذوب من اهوالها
ويشيب من رأس الوليد المفرق

عمَّت رزاياها البرايا كلهم
كالسيل يجرف ما أصابَ ويغرقُ

من قبلها شبت حروبٌ جَمة
والغرب ضجَّ لهولها والمشرقُ

لكنها في جنب هذي لم تكن
شيئاً به الذكرى تليقُ وتلبقُ

تلك الحروبُ على اشتداد سمومها
كانت لدى هذي بليلاً تنشقُ

وسلاحها رمحٌ يحُدَّد نصلهُ
ومهندٌ ينضى وسهم يرشقُ

ومع الرصاص البندقي استنبطت
أُكرُ الحديد من المدافع تطلقُ

هذي هي العُدَد التي كانت بها
من قبلُ ناصية المعارق تمشقُ

وزمانها اذ ذاك مثلُ مجالها
مهما يطل ويسع قصيرٌ ضيقُ

وعلى فداحة ما جنت فخطوبها
سلعٌ باسواق التحمل تنفقُ

لكنما هذي الكريهة شرها
سيل على كل الورى يتدفقُ

ومثيرها غليوم لا يرثي لمن
في غمرها غرقوا ولا يترفق

ورجالهُ كلٌّ يسير على هوى
مولاه شيطان الوغى لا يشفقُ

أذكى شرارتها وأمَّل أنهُ
فيها على الحلفاء نصراً يُرزقُ

ومضى عليه الف يومٍ وهو من
دَمِ شعبه فيها يعبُّ وينفق

ما زال يُحضئهُا ويضرمُ نارها
ويطيش من كرّ الحبوط وينزق

ويواصل الحرب التي الحلفا سعوا
في منعها قبل الشبوب فأخفقوا

ويجدُّ في توسيع شقتها ولا
ينفك منها يحتويهِ مأزقُ

لم يرعَ فيها قط حرمة شرعة
وعن المحارم لم يذدهُ موثق

بل هبَّ ينتهك الشرائع كلها
ويجزُّ لباتِ العهود ويخرقُ

فأباح تخريب الكنائس مرسلاً
في أنفس الآثار سهماً يمرقُ

وأحلَّ قتل الأبريا بقذائفٍ
سفن الهوا ترمي بها وتحلقُ

ولأنتِ يالوفان أ صدق شاهدٍ
بفظائع الالمان جهراً ينطقُ

كم غارة شنت على باريس بل
كم من جراها أهل لندن أُقلقوا

بل كم قتيلاً فيهما وسواهما
قتلت وليس به غبارٌ يلصق

ذا بعض ما اجترحته طياراتهُ
والى بيان الكل لا أتطرقُ

لكنما حوت الفظائع لم يزل
يشكو الصدى وفؤاده يتحرق

فرمى بغواصاته حتى غدا
حلق المحيط بها يغص ويشرق

وتسابقت تجري أوامر ربها
وتجد في تنفيذها وتدقق

ولها بإِغراق السفين وركبها
تفويضهُ من كل قيد مطلقُ

فاتت جرائم سجَّلت فيها على
المانيا عاراً به تتمنطقُ

وأقامت الدنيا عليها وهي لا
تنفك ركب المنشئات تغرقُ

وحكومة الدكتور ولسن هالها
هذا البلاءُ المستطير الموبق

وعلى التلافي حضَّت الالمان وال
إنذار يرعد بالوعيد ويبرق

لكنهم لم يأبهوا لوعيدها
وعلى التمادي في جرائرهم بقوا

سخروا بصولتها وعدُّوا شهرها
للحرب هبهُ اذيع لا يتحقق

وغرامها بالسلم يوصد دونها
باب الجنوح الى الكفاح ويغلق

وإذا أرادَت أن تمد بجيشها ال
حلفا الذين لها عَنوا وتملقوا

فجنودها في كل شهرٍ عدُّهم
مهما تزده ففرقة أو فيلقُ

ولهم بعرض البحر غواصاتهم
فتصدها عن قصدها وتعوّق

هذي الأقاويل التي الالمان في
ما بينهم هذروا بها وتشدقوا

واستدرجوا حلفاءَهم فتسابقوا
وبهم على الفور اقتدوا وتخلقوا

والى اقتراف المنكرات جميعهم
خفُّوا واتيان الكبائر نسَّقوا

نصبوا مشانق أبرياءَ وحقهم
أن يوثقوا هم كالجناة ويُشنقوا

وتفننوا في الموبقات فأطلقوا أل
غازات تحرق والسوائل تخنق

واستخدموا للقتل والتعذيب
آلاتٍ بها أغراضهم تتحقق

أما الألى لا يوردون بها الردى
فتسومهم ما لا يطاق وترهق

ولهم بأصناف الرزايا تبتلي
وتجمُّ كاسات العذاب وتدهقُ

وتذيقهم ثكلاً وتيتيماً وتر
ميلاً تجاح به النفوس وتزهقُ

بأميركا هزأوا وقوة جيشها
حقروا وشدةَ بأسها لم يتقوا

فتحفزت للحرب تُثبت أنها
بوعيدها صدقت وهم لم يصدقوا

واستصرخت ابناءَها فتراكضوا
كلٌّ اخاه الى التطوع يسبق

تسعون مليوناً بها بروا ولم
يك واحد منهم يعقُّ يأبق

صرخوا بصوتٍ واحدٍ لبيَّكِ يا
أمَّ الرجال وكالسحاب تبعقوا

وعلى مشيئتها ورهن رئيسها ال
دكتور ولسن كل شيءٍ علقوا

أموالهم وعقولهم ودماءَهم
وقفوا على سعة ولم يتضيقوا

نهضوا للاستعداد نهضة امة
جدَّت ففازت والاجدُّ الاسبق

في حالتي سلم وحربٍ أدهشوا ال
دنيا بما فيه سموا وتفوَّقوا

في السلم راعوا ما اقتضاه مقامهم
فجروَا على سنن الحياد ودققوا

وقفوا امام بني الوغى ولو أنهم
ظفروا بأسباب الوفاق لوفقوا

وتجنبوهم لم يحابوا واحداً
منهم وسووا بينهم لم يفرقوا

شملوا فريقيهم بإِحساناتهم
كالغيث من كرمائهم تتدفق

وتعهدوا الجرحى بجمعياتهم
نسماتها في كل صقع تعبق

وعلى الألى نكبوا بهذي الحرب قد
بسطوا اكف سخائهم وتصدقوا

سل عن مآثرها العظيمة شرقنا
ينطق ومنه بها أوربا أنطق

فلها حديثٌ في فرنسا شائق
وصداه في البلجيك منه اشوق

لزموا الحياد فزادهم ربحاً ومن
جرائه لم يبق فيهم مُملق

لكنه لم يُرضهم ان ينعموا
والبؤس عمَّ عَلى البرية يطبق

وفظائع الالمان يسبق بعضها
بعضاً لها في كل يوم ملحق

ولذاك ما نبذوا الحياد وانكروا
أرباحه وعلى الكريهة أطبقوا

في السلم لم يتمكنوا أن يحبسوا
شراً له الالمان عمداً أطلقوا

فتذرعوا بالحرب يتخذونها
وهقاً يُغَلُّ به العدو ويوثق

والحرب اكبر وازع للحرب إِذ
بسعيرها يكوى المثير ويحرق

في السلم راعوا العالمين بما على ال
عافين من بدر المعونة أغدقوا

والحرب فيها أدهشوا الدنيا بأن
نهضوا لها وتوقلوا وتسلقوا

بعزيمةٍ تفري الحديد وهمةٍ
نفَّاذةٍ هام المصاعب تفلق

لم ينصرمعامٌ على استعدادهم
الا الخناقَ على الاعادي ضيقوا

وعليهم انقضَّت مئات الوفهم
عبر المحيط كما الصواعق تصعق

لم يعبأُوا بوعيد غوَّاصاتهم
بل جاوزوا اخطارها وتدفقوا

عبروا الخضم كانهم ساروا على
يبس لهم عضدُ الامان مطوق

فيهِ استقلوا الباخرات فابحرت
والدارعات بها تحف وتحدق

وكأنها جسر كبير ممتطٍ
لليمّ او هو فوقهُ متعلق

هذا هو الشعب الذي البوش ازدروا
وله على رغم التجلد أحنقوا

ولسوف يلقون العقاب معجَّلاً
يهوي عليهم كالقضاءِ ويطبق

يهوي وعندئذ الوف الوفهم
تهوي وشمل صفوفهم يتمزقُ

ونفوسهم بلظى العذاب تذوب وال
أسنانُ من حنق تصرُّ وتحرقُ


اسعد خليل داغر

الحمدان
07-17-2024, 02:59 PM
ودخول الترك ف يالحرب صادر
عن غرور فيهِ أنور غائر

فهو ف يالدولة ناهٍ وآمر
وبها خاطر غير محاذر

وتناسى القول ليس المخاطر
زجها في الحرب جوراً وظلما

وعليها الشرّ جرَّ فطما
والى الاهلين ثكلاً ويتما

ساق والجيشَ أجاع وأظمى
وبه طوح تطويح جائر

وهو فيها مثل كل اتحادي
ناعم البال طروب الفؤادِ

لا يبالون بما في البلادِ
من دمارٍ آخذٍ في ازديادِ

وشقاءٍ لفمِ الفتك فاغر
أقفروا من ساكنيها المرابع

ومنوهم بالرزايا الفواجع
غادروهم بين عارٍ وجائع

وأخي داءٍ عياءٍ ونازع
ومسجًّى لا يواريهِ قابر

وعليهم لقناة السويسِ
غزوهم عاد بشؤمِ طويس

من نجا منهم بهون قعيسِ
آب ملتفاً بأطمار أيسِ

وقنوطٍ للعزائم ناحر
مع هذا كله لم يحيدوا

عن ضلال ما عليه مزيدُ
بل على مصر ارتأوا أن يعيدوا

كرةً أخرى عساها تفيدُ
ظفراً عنهُ تذاع البشائر

يوم رمانةَ كان خطيرا
مستطيراً شرهُ قمطريرا

أُصليَ الاتراك فيهِ سعيرا
وسُقوا مهلاً حميماً حرورا

ولقوا ضرباً يشقُّ المرائر
فيهِ يا مصرُ حماتكِ صدوا

هجمات الترك عنكِ وردُّوا
كيدهم في نحرهم واستردوا

لكِ سينا كلها واستعدوا
لتخطيها الى ما يجاور

يوم رمانةَ غازوكِ خارُوا
قوة فيهِ فزاغوا وحاروا

وبهم كاد يحيق البوارُ
ولهم لم يبق الا الفرار

وبه لاذوا فجازوا المخاطر
بعدها قطيةَ أَخلوا وبئر

العبد جازوا والعريش تنقَّل
ظلهم من أرضها وتحمَّل

والى مقضبةَ السير حوَّل
وبها حلُّوا حلول المسافر

لم يطل للترك فيها المقامُ
وعليهم ثم جدَّ الزحامُ

فجأةً ريعوا به والضرامُ
شبّ من حولهم والحمامُ

فوقهم أضحى يحوم كطائر
جاءهم جيش مري فابتلاهم

بهجوم هدّ ركن قواهم
حين ولوا مدبرين اقتفاهم

ودهاهم معُملاً في قفاهم
تحت داجي النقع بيض البواتر

سامهم هوناً وذلاً وخسرا
وانكساراً منه ذاقوا الامرا

غادروا قتلى وجرحى وأسرى
ضعف من نكص منهم وفرا

بعد ما عانوا صروف النكالِ
وغدت حالتهم شرّ حالِ

رفح اختاروا محط الرحالِ
واليها عجلوا في ارتحالِ

يسبق الاول منهم آخر
ولهم في رفحَ الظافرونا

فاجأوا لا يرهبون المنونا
وعليهم هجموا صائلينا

صولة الاسد بهم فاتكينا
فتك بازٍ بالطيور الاصاغر

هكذا كان مصير الذينا
حاولوا تدويخ مصر جنونا

وقضوا عامين في تيه سينا
وبغوا ثم انجلوا مكرهينا
وعلى الباغي تدور الدوائر


اسعد خليل داغر

الحمدان
07-17-2024, 03:00 PM
دارت رحى الحرب في الدنيا على عجل
تجرع الناس صاب اليتم والثكلِ

لم يخل في الارض منها موضع فُبلي
بشرها الغرب حتى الشرق غير خلي

أضحى ومن هولها أهلوهُ في شُغلُ
وفي العراق لظاها شبَّ والتهبا

وسام من في العراق الويل والحربا
وكان أنور في إيقادها السببا

لانهِ ظلّ عن نهج الهدى وأبى
الا ركوب الهوى والغيّ والخطل

لم يجدِ نصحٌ ولا عدٌ أفاد ولم
يخف وعيداً ولم يحفل برعي ذمَم

والحرب في جانب الالمان كان عزم
فزجّ دولته في نارها وفَصَم

عُرى مودتها مع أعظم الدول
على بريطانيا العظمى الكنود عدا

وفضلها وهو بادٍ كالضُّحى جحدا
وظل ينزع حتى اغضب الاسدا

فهاج والجو من تزآره ارتعدا
ومادت الارض وارتجت من الوجل

وجيش سلطانة البحر العراقَ نحا
والبصرة احتلها والقرنة افتتحا

وملتقى الرافدين اجتاز مكتسحا
امامه ساقة الاتراك فانفسحا

لهُ التقدم فوق السهل والجبل
على الفرات توالى زحفه صُعُدا

والناصرية منها نال ما قصدا
وفوق دجلة للتدويخ مد يدا

وفي عمارةَ تنزند ابتدا فغدا
من ذلك الحين يكنى عنه بالبطل

عليه نكسن أملى كُرَّ مقتحما
وازحف شمالاً وغامر واغزُ مغتنما

أجاب ل فلقد قالوا لنا قِدما
ليس المخاطر محموداً ولو سلما

فهل أخالف هذا القول بالعمل
فقال نكسن خالفهُ ودع حذرا

يثنيك إيجاسهُ عن نيلك الوطرا
واعمل بموجب قولٍ صدقه ظهرا

لن يبلغ المجد من لم يركب الخطرا
فاعزم وأقدم تفز واهجم وصل تنلِ

أطاع تنزند أمراً فاه قائدهُ
بهِ وأقدم تحدوه مقاصدهُ

وراض دجلة حتى ذلَّ ماردهُ
واشتدّ في الفتح والتدويخ ساعدهُ

وبات في ما أتاهُ مضرب المثل
بعد الثنيات لم تبطئ وقد وهنت

كوتُ الأمارة أن دانت له وعنت
كلتاهما أكسبتهُ شهرة علنت

وأصبحت وبذكرى فتحه اقترنت
ملءَ المسامعِ والافواه والمقل

وجيشهُ كان قد أكرى ولم يزدِ
وسعيهُ في تلافي النقص لم يفدِ

رآهُ اذ ذاكَ محتاجاً الى المددِ
وغير مستكملٍ ما شاءَ من عددِ

وليس في وسُعِه اصلاح ذا الخلل
لكنهُ مع هذا كلِه نشطا

الى مواصلةِ التدويخ ما قنطا
على مدائن كسرى كالقضا هبطا

وأحتلها مالكاً أرباضها وسطا
وأستاق أجنادها كالأينق الذلل

وفي مدائن كسرى وهو قد عزما
على التقدم للزوراءِ مقتحما

اذا على الفوز نور الدين قد هجما
عليهِ فاضطر أن يرتد ملتزما

نهج الدفاع وأخذ الخصم بالحيل
لكن عسكر نور الدين ما رفقا

في زحفهِ بل جرى في سيره عنقا
وواصل الكرّ والاقدام واستبقا

الى الهجوم على تنزند مندفقا
على جوانبهِ كالعارض الهطل

وكان تنزند يدري حال عسكرهِ
وغير خافٍ عليهِ سرُّ مخبرهِ

فلم يجد ثمَّ بداً من تقهقرهِ
فارتد وهو يحامي عن مؤخرهِ

مدافعاً غير هيابٍ ولا وكِلِ
كوتُ الامارةِ فيها أضطرَّ أن يقفا

اذ خلفهُ كان نور الدين قد زحفا
من الجنوب عليهِ التف منعطفا

وكوتُ شدَّ عليها الحصر مكتنفا
من كلّ ناحية بالبيض والأَسل

وجيش تنزند فيها بات منعزلا
وَشقُّهُ لنطاق الحصر ما سهلا

وكان منتظراً غوثاً فما وصلا
وسعيُ أعوانهِ في نجدهِ حصلا

لكنهُ خاب لم ينتج سوى الفشل
واذ رأى السعي في امدادهِ ذهبا

سدىً وأن معين الزاد قد نضبا
عنا وسلَّم مضطراً كما طلبا

خليل باشا وأخلى كوتَ وانقلبا
مع جيشهِ يحتويهم سور معتقل


اسعد خليل داغر

الحمدان
07-17-2024, 03:00 PM
مضى السنة الاولى على الحرب والدما
تُطلُّ وحوتُ الحرب يشكو من الضما

وزادت سوافيها هبوباً ونارها
شبوباً وغطى سيلها الارض اذ طما

ولم تنحصر في البر والبحر بل الى ال
هواءِ ترقى غولها فاغراً فما

وقد راع سُباحَ الهوا بسوابحٍ
تسلقن بين الارض والجوّ سُلما

وأوغل تحت الماء يبسط خوفهُ
على معشرِ الاسماك ظلاًّ مخيما

ففي الجوّ طياراتهُ تمطر الردى
على الناس مجتاحاً لهم متخرما

وفي اليمّ غواصاته وهي توردُ ال
بواخرَ والرُّكاب حتفاً مُحتما

وكان على النمسا الى الآن لم يزل
يكرُّ كميُّ السرب أصيد مقدما

ومعهُ الحليف الاسودي الذي لهُ
طرازٌ وشاهُ البأس أبيض معلما

فصالا عليها مرةً بعد مرةٍ
يذيقانها من جفنة القهر علقما

وقد وقفت بلغاريا ثمَّ موقفاً
غريباً مشوباً بالغموض ومفعما

على الحلفاء الخلص اعتاص حلُّ ما
تعقدَ من هذا القبيل وأبهما

بها وثقوا إِذ أعلنتهم حيادها
وكلهم الاخلاص منها توهما

ولكنَّ فردنندَ كان انضمامها
الى جانب الجرمان أمضى وأبرما

قضى السنة الاولى يروغ فتارةً
يُري الحلفا ليناً وطوراً تبرُّما

وكان على الروس الذين دماءَهم
اراقوا فدى البلغار يحرق أُرما

ولم يكُ من جرمٍ لهم عندهُ سوى
تجنبهم إياهُ اذ كان مجرما

أبوا وهو الباغي على السرب نصره
ولم يستحلوا ما رأوه محرما

فزاد لهم بغضاً ولا غرو فهو لم
يكن بسوى نقض المواثيق مغرما

فمن قبلث خان السرب لم يرعَ عهده
لها وعليها الحرب شبَّ وأضرما

ولم يجنِ منها غير غلبٍ لاجله
دعا مستغيثاً قيصر الروس مرغما

فصاح بجيش السرب قف فأطاعه
وعن صوفيا ارتدّ المغيرُ واحجما


ولم يكف فردنند هذا وظن ما
به الحلفا فاهوا حديثاً مرجما

وفي صدره للسرب والروس ثائر ال
ضغائن لم ينفك كالنار مجحما

ورام شفاء الحقد بالغدر فانبرى
على غرةٍ للسرب يطلب مغنما

تغفلها مستوفزاً من ورائها
وذي عادة النذل الجبان اذا رمى

أعان عليها النمسويين واتراً
ويطلب ثأراً ظالماً متظلما

وفوقهما الالمان والترك أقبلوا
فكان من المجموع جيشاً عرمرما

أحاطت بها هذي الجيوش جميعها
كأني بها الدُّملوج يحتفُّ معصما

وشدوا عليها وطأة الضغط فالتوى
مهندها في كفها متثلما

وخلد أهل الخافقين لقومها
وللجبليين أذّكاراً معظما

فما غادروا من ارضهم قيد اصبعٍ
لاعدائهم الا ورووه بالدما

أجل خسروا لكنَّ شهرة بأسهم
تعوضهم ربحاً أعزَّ وأكرما

ستذكرهم بالشكر السنة الورى
وان سكتت عنها الجماد تكلما

فمن عاش منهم كرموه ومن قضى
قضى خير مأسوفٍ عليه مرحما


اسعد خليل داغر

الحمدان
07-17-2024, 03:02 PM
ويم الدردنيل رقا صداه
وصرّ فأَودع الآذان وقرا

ففيه بوارج الحلفاء شامخات
تناطح منه طوداً مشمخرا

مجانقها رمته ولم يكن ما
رمته به حصىً بل كان جمرا

قذائف لو أصبن صميم صخر
أصم أذَبنه سحقاً وصهرا

دككن حصونه الاولى فباتت
على عبريه للرائين اثرا

واوغلت الدوارع فيه تمشي
الى ابراجه الوسطى السبّطري

واصلتها قنابل ماطرات
لها بالنار والفولاذ مطرا

فقاضتها واذ كادت تذيقُ
الأخيرةَ ضربها الاحمى الاحرّا

أصابت بعضها متفجراتٌ
من الألغام فيه بُذرنَ بذرا

فكنَّ ككهرباءَ يشعُّ منها
الضياءُ اذا لها لامستَ زرَّا

وذلك الانفجارُ حمى عبور
المضيق وعن فروقَ الخوفَ سرى

بهِ نُسفت ثلثُ مدرَّعاتٍ
كمثل عصافةٍ بالريح تُذرى

وكان الخطبُ للحلفا نذيراً
بان وراءهُ شرًّا شمرا

وأعوزهم على العسرِ اصطبارٌ
ولو صبروا قليلاً صار يسرا

فظل الدردنيل كما نراهُ
طليقاً من قيود الاسر حرَّا


أسعد خليل داغر

الحمدان
07-17-2024, 03:02 PM
ومما الاتحاديون كانوا
أطاعوا فيه للالمان امرا

اغارتهم على مصرٍ ففيها
يُسام الانكليز أذىً وضرَّا

فتفلت مصر من يدهم ويمسي ال
طريق الى بلادِ الهند وعرا

كذا ظنوا وكان الظن هذا
عليهم كله إثماً ووزرا

وانور في تعسفه تمادى
وظلَّ على ضلالته مصرّا

عليه الغيُّ ران ومن فروق
اراه في الكرى اهرام مصرا

فرام حياز مصر وان مصراً
لأمنعُ من جبين الليث قطرا

بظلّ حماتها الممدود عزت
على من رامها فانصاع قصرا

وعصبة انور اشتريت بمال
عليها من سما الالمان درَّا

فباعتهم نفوساً ارهقوها
فكانت ارخص السلعات سعرا

وقد ولوا قيادتها جمالاً
وقالوا اشطر بها سيناءَ شطرا

وجزها قاذفاً بالجيش عبر ال
قناة ومصرض خذها مُستقرا

فلباهم جمال في غرورٍ
وشمر للكريهة مزبئرَّا

وزج بجيشه في تيهِ سنا
يسام صدًى وإعياءً وحرَّا

وظل الجيش يطوي البيد حتى
له خطُّ القناةِ بدا فكرا

وحاول ان يجاوزها ولكن
سيوف حماتها دَحرتَهُ دحرا

وغشته القنابل من ثغور ال
مدافع فاتحاتٍ فيه ثغرا

فسلم بعضه فنجا وبعض
قتيلاً أو جريحاً ثَم خرا

وباقيه ادار لمصر ظهراً
وشمّر ذيله هرباً وفرّا



أسعد خليل داغر

الحمدان
07-17-2024, 03:03 PM
أثار غبارها غليوم عمداً
وأسعر نارها ختلاً وغدرا

تأهب في الخفاءِ فكان يرخي
على استعدادهِ للحرب سترا

ويُبدي حبهُ للسلم جهراً
ويحضأ مارج الهيجاء سرا

وزين خوضها لمحالفيهِ
وأغراهم بها خبثاً ومكرا

وأغواهم كما ابليس قدماً
بصورة حية سحواءَ غرا

وصيرّ مقتل ابن حليفهِ في
سراجيفو لها سبباً وعذرا

وقال لدولة النمسا أغيري
على السرب التي وترتك وترا

فلبتهُ وهبّت من فينَّا
تذيق بني بلغراد الامرا

وهذا كان مبتدأ الرزايا
ومنهُ شرها استشرى واكرى


أسعد خليل داغر

الحمدان
07-17-2024, 03:04 PM
سمعت مقال نفسي فاعتراني
ذهول حرت فيه وضقت صدرا

وبعد تأملي في ما ارتأتهث
شهدت لها بصحتِه مقرا

وأيقظت القريحة من كراها
فلبتني ولي لم تعصِ امرا

وسالت واليراع يمد منها
ويرقم وحيَها سطراً فسطرا

عن الحرب التي دارت رحاها
فصار لها سوادُ الناس برا

تدفق سيلها فطما عليهم
وأصبح غامراً للارض غمرا

وشبّ ضرامها فشوى البرايا
كما تشوي الاتاتين الاجرا

أضلمت بالوليد فشاب هولاً
ولامست الحديد فذاب صهرا

ولستُ أرى لها وصفاً سوى ما
زهير قالهُ وكفاهُ فخرا

كأن الغيب صورها لديهِ
فأحكم وصفها فرواه شعرا

ولو كبرى حروب الارض عُدَّت
لما حسبت لديها غير صغرى


أسعد خليل داغر

الحمدان
07-17-2024, 03:05 PM
فقالت لي رويدك لا تسمُني
تحملَ ما يكون عليَّ وقرا

افي وقت كهذا تقتضيني أل
سكوت ولو سكتُّ لمتُّ قهرا

تحرضني عليهِ وأنت مني
لأعلم باستحالتهِ وأَدرى

ولو مثلي افتكرت بهِ قليلاً
لما صوَّبت فيهِ قطُّ فكرا

ومن يك يستطيع اليوم قولاً
ويسكت يُستخف بهِ ويزرى

أأسكت والجمادُ يئز حولي
ويهدر طالباً للنطق مجرى

وأنت وانت من لحم ودمٍ
تظل على سكوتك مستمرا

ألم تر هول هذي الحرب غشى
محياها فأدجن وأكفهرَّا

وناب جمادها فعراهُ ذعرٌ
فجلجل من جراه واقشعرا

الم تسمع حديث الناس عنهُ
يكرر مرة ويعاد أخرى

صداه مرددٌ في كل نادٍ
وكلُّ فمٍ بهِ كلفٌ ومغرى

فان تعرض فليس سواه يشرى
وان تكتب فليس سواه يقرا

وسلك البرق لا يهتز الا
بهِ فيذرهُ في الارض ذرَّا

وان يك كل هذا غير كافٍ
لرفع القيد عنك فلست حرا

والا فاجلُ ذهنك يصفُ واشحذ
يراعك يمضِ منصلتاً مكرَّا

وخط به على القرطاسِ شعرا
يزفُّ الى نهى القراءِ سحرا


أسعد خليل داغر

الحمدان
07-17-2024, 03:06 PM
أَعرني منك يا هاروتُ سحرا
فإِن بهِ يراعي اليومَ أحرَى

أَفضهُ عليَّ إلهاماً يداوي
جمودَ قريحتي فتسيلَ بحرا

وأوحِ بهِ اليَّ ودعهُ يجري
على قلمي ويقطر منهُ قطرا

أتى حينٌ عليَّ صمتُّ فيهِ
وذدت عن الكلام النفس قسرا

وقلتُ لها القريض تنكبيهِ
وعنهُ أجملي يا نفس صبرا

وحبل الشعر غلَّك فاقطعيهِ
بتاتاً وابدلي بالوصل هجرا

ألستِ ترينَ ربع القول أقوى
واصبح نزله المعمور قفرا

وبات بيانهُ عيًّا وأمست
فصاحتهُ كما تدرين حصرا

وقد أغمضتُ عين الحصر عمداً
ولست بسائل لي عنهُ عذرا

لأن الحصرَ بالتسكين أوفى
من التحريك بالمعنى وأجرى

مضى زمن التنافس بالقوافي
وحلو الشعر بالافواه مرا

اذاً فاسليهِ تاركةً هواهث
لمفتون على غيٍّ اصرا


أسعد خليل داغر
لبنان

الحمدان
07-17-2024, 03:07 PM
لَم يَبقَ لي صَبرٌ وَلا كِتمانٌ
كَلا وَلا دينٌ وَلا إِيمانُ

اِستَغفر اللَهَ العَظيم بذلتي
قَد ضِقتُ ذِرعاً فَاِستَطالَ لِسانُ

أَنا قَد جَننتُ فَما اِحتِيالي بِالقَضا
لا بُغيَةً تَقضى وَلا سُلوانُ

كُفي حِرابَكِ وَاِرفِقي بِحشاشَتي
ما لي اِحتِمالٌ إِنَّني إِنسانُ

ما زالَ في قَلبي يُنبهُ مضرما
نار الصَبابة طَرفكِ النَعسانُ

وَقِوامك الفَتاك يَسلب مُهجَتي
وَيَضيعُ عَقلي وَجهَكَ الفَتانُ

تَمضي السِنينُ وَلي عَذابٌ ثابِتٌ
بِازاءِ وَجهي وَالأَذى أَلوانُ

ها كُلُ أَمرٍ في البَرية يَنقَضي
لَكن لامري لَيسَ يُصلِحُ شانُ

قَد أَصلَحَ الشام البَهيج بِنعمَةٍ
بَعدَ المَصائِبِ وَازِدَهى لُبنانُ

وَأَنا لِسَخطِكِ في مَصابٍ دائشمٍ
زادَت بِهِ الأَكدار وَالأَشجانُ

وَالنيلُ أَحيى أَرضَ مَصرَ بِجودِهِ
فَاِمتَدَّ فَوقَ مُروجِها الفَيضانُ

وَوَفا الوَفاء لِكُل ظام ساكِباً
كاسَ الصَفا وَأَنا أَنا الظَمأنُ

وَفوارس الجَبل الأَصَم الأَسود العاصي
لَقَد تَرَكوا الحُروب وَدانوا

تَرَكوا العِناد مَع الفَساد وَأَذعَنوا
وَعِناد فكرك ما لَهُ إِذعانُ

وَبِتونس الخَضراء قَد خَمد اللَظا
بَعدَ العَواصف وَاِنمَحى العِصيانُ

وَعَواصف الحُب المُريعة في حَشى
هَذا الخَليل يَثيرُها الهُجرانُ

وَالشَركَس الأَبطال بَعدَ خُروجِهُم
قَد هاجَروا فَحماهُم السُلطانُ

وَجَدوا لَهُم وَطَناً بِواسع مُلكِهِ
وَغَدا يَفيض عَلَيهُم الإِحسانُ

لَكنَّ بثخلَكَ لا يَزالُ مُعَذِبي
مَن رامَ جودَكَ ضَرَهُ الحِرمانُ

فَأَنا لِهَجرِكَ في شَتاتٍ دايِمٍ
مَنفىً وَما لي في البِلاد مَكانُ

ما لي سِوى الدُنيا الجَديدة مشبهٌ
بِدَوام حَربك ما جَرى الدَوَران

أَفنوا الحَديد عَلى الجُسوم فَبَعدُهُ
أَي الجُسوم لَدى الحُروب تُصانُ

وَسِهامُ لَحظِكَ لَيسَ يُدرِكُها الفَنا
هَطَلَت فَقُلتُ العارض الهتانُ

ما في الشَمالِ مَواقِعٌ لَكَ تَقتَضي
خَلَفاً وَما لي في الجُنوب مَكانُ

لَكِ في المَشارِقِ مَطلَعٌ مِن نورِهِ
أَجدِ الهُدى وَبِهِ الضَليل يُعانُ

ها نَحنُ في عَصرٍ بَهيجٍ رائِقٍ
في الشَرقِ لا ظُلمٌ وَلا عُدوانُ

فَتَرَفُقي لُطفاً بِمغرمك الَّذي خَلَع
العزار وَهَزَّهُ الهَيمانُ

طالَ الدَلالُ فجارَ في إِحكامِهِ
فَهِبي الوِصالَ لِتَنقَضي الأَحزانُ

ماذا عَلَيكَ إِذا سَمحت بِزورةٍ
وَبِرَشفَةٍ يَحيي بِها الوَلهانُ

لا تَختَشي مِن قُرب خلك وَاِربعي
فَالوَقت صافٍ وَالمَكانُ جِنانُ

لِمَ ذا التَباعُد وَالنفار مَع الجَفا
جُوراً وَنَحنُ عَلى الصَفا إِخوانُ

هَذا دَمي فَأَروي الثَرى مِن سَفكِهِ
فَعَسى تَخف بِسكبِهِ النيرانُ

أَو بَردي مِن ماء ثَغرِكَ غلَّتي
فَعَلى رِضا بِكِ أَنزل الرُضوانُ

لا تَرفُضي قَلبي الذَبيح فَإِنَّهُ
لالهِ حُسنِكِ في المَلا قُربانُ

هَذي يَدي فتقي بِعَهدي دايِماً
قسماً بِلُطفِكَ ما أَنا خوانُ


خليل الخوري

الحمدان
07-17-2024, 03:09 PM
ذِكراها في الحِما إِن تَنظُراها
إِنَّني مُضنىً عَلى عَهدِ هَواها

وَأَسالاها إِن أَجازَت سائِلاً
هَل تَرى بَعدَ النَوى قَلبي سَلاها

وَأَزيلا شَكها إِن وَهِمَت
لا رَعى اللَهُ خَليلاً ما رَعاها

وَأَعلَما مِنها لِماذا نَفَرَت
يَومَ لُقيانا عَلى سَفحِ حِماها

أَعرَضت عَني بِطَرفٍ حائِرٍ
وَجَبينٍ فَوقَهُ الرُعبُتَناهى

راعَها طَرفٌ رَقيبٍ ساخِطٍ
لازم الغيرَةَ مِنّي فَنَهاها

كَمَهاةٍ في الرُبى سانِحَةٍ
هالَها الصَيادُ يَوماً فَثَناها

وَأَعطَفاها نَحوَ صَبٍّ هائِمٍ
لا يَرى في الكَونِ مَعشوقاً سِواها

وَإِذا ما ذَكَرَت عَهدَ الصِبا
فَاندَبا مَعَها وَلَكن لِاطفاها

عِلّلاها بِمَواعيدِ الهَوى فيها
سَلوى لِإِطفاءِ جَواها

وَأَمسحا أَدمُعُها إِن هَطَلَت
عِندَ ذِكري إِنَّما لا تَلمُساها

بَل دَعها إِنَّها تَنشفُ مِن نارِ
حُسنٍ أَشعَلَتها وَجَنتاها

وَخَذا مِن دَمِ قَلبي نُقطَةً وَأَمزَجاها
بِالطَلا ثُمَّ أَسقياها

وَإِذا هاجَت عَلى حَرِّ اللَظا
فَأَسكَبا دَمعي لِتَبريدِ لَظاها

وَأَجُلبا لي مِن لَماها جُرعَةً
رُبَّما جادَت بِبرء ي شَفتاها

وَإِذا ضَنَّت دَعا اسمي يَرتَوني
إِذ تَسميني بِتَقبيلِ لَماها

ذاكَ حَسبي في مُصابي بَعدَما
كانَت الأَيّام توليني صَفاها

مُدَّة في قُربِها طابَت لَنا
أَجَلُ الرَغدِ اِنقَضى عِندَ اِنقِضاها

بَينَنا الآنَ جِبالٌ وَرُبىً
وَسُهولٌ يَعجَزُ الطَيرَ فَضاها

إِنَّما فِكري لَهُ في قَطعِها
حَرَكاتٌ يَسبُقُ البَرقَ سَراها

هِيَ مَوضوعُ هَيامي دائِماً
وَلَئن كانَ عَلى البَأسِ اِقتِفاها

دَهشَتي صحبي حَياتي نُزهَتي
بِهجَتي كانَت فَلا كانَ سِواها

دَوحَةُ الحُسنُ الَّتي في رَوضِنا
كانَ لي التَقبيلُ قَسَماً مِن جَناها

فَإِذا حَنَّت وَأَنتَ أَضلُعي فَعَلى
ذكرِ هَواها وَسَناها

وَإِذا ما لاحَ لي وَجهُ الضُحى
لا تَراهُ أَعيُني أَلّا بَهاها

لِذَّةُ الآصالِ عِندي أَمحَلَت
بَعدَما قَد طابَ لي عَذبُ اِجتَناها

وَإِذا جَنَّ الدُجى ذكَّرَني
خَلواتٍ بِأَحاديثِ هَواها

وَإِذا ما صاعِقاتٌ أَرعَدَت
خِلتُ سَخطاً هالَني بَعدَ رِضاها

وَإِذا الأُفقُ اِكتَسى ثَوبَ الصَفا
خِلتُها لاحَت فَحَيّاني صَفاها

هِيَ ذاتي عَن سِماتي اِنفَصَلَت فَإِنا
لَستُ أَنا بَعد نَواها

وَوجودي في رُبوعي بَعدَها
كَخَيالٍ تَركتهُ في حِماها

غَيَّرَ الدَهرُ صِفاتي لاعِباً
بِحَياتي بَعدَما طالَ هَناها

مَزَّقَ البينُ كُبودي فاتِكاً
بِوُجودي آهِ لَو يَشفي ضَناها

قَد زَوى غُصنُ شَبابي في الصِبا
يا لَهُ غُصناً زَوى عِندَ إِنزِواها

صادَمتهُ عاصِفاتٌ لِلهَوى
أَوشَكَت تَقصفُهُ حينَ اِتَقاها

يَومَ سارَت سارَ قَلبي ضائِعاً وَلَذا
للآن لَم أَعشَق سِواها

فَإِنا الآن وَحيدٌ زاهِدٌ
اِنظُرُ الدُنيا بِعَينٍ لا تَراها

قَد عَصيتُ الحُسنَ حَرّاً بَعدَما
كُنتُ عَبداً في جَوى الحُبِّ تَناهى

فَأَخبَرا الغاداتِ إِني هارِبٌ
مِن سِهامِ العَين لا نالَت مُناها

وَرَنين القَوس خَلفي صارِخٌ
قف قَليلاً قُلتُ لا لا قالَ ها ها

يُطلِعُ الوَجهَ الَّذي مِن نورِهِ
تَطلَعُ الشَمسُ إِذا جَنَّ دُجاها

إِنَّما شَمسُ غُرورٍ قاتِلٍ تَكمَنُ
الظُلمةُ في طَيِّ حَشاها

وَجيناً كَتَبَ الحُسنُ بِهِ بِزَغَ
الفَجرُ بِأَنوارٍ جَلاها

وِمِن الفَجر كَذوبٌ ماكِرٌ
يَخدَعُ المَرءَ إِذا قَلَّ اِنتِباها

فَوقَهُ تاجُ شُعورٍ مُرسِلٌ
سللاتٍ تَربُطُ القَلبَ عُراها

كَأَكا ليلٍ زَهورٍ حَمَلَت
عَقرَباً يَلسَعُ مِن تاهَ وَتاها

وَقِواماً قُلتُ غُصناً في تُقاً
يَتَلوّى تابِعاً أَثَرَ خُطاها

إِنَّما غُصنٌ خَفيفٌ ناحِلٌ
تَلعَبُ الأَهواءُفيهِ كَهَواها

وَعُيوناً خاطِفاتٍ لِلهُدى مُسكِراتٍ
إِنَّما الزيغ عَراها

خِلتُها الحَولاءَ إِذ عاينتُها
تَنظُرُ الحُبَّ مَثنىً في حِماها

كُلُ عَينٍ في الهَوى تَحلو لَها
كُلُّ عَينٍ آهِ ما أَحلى عَماها


خليل الخوري

الحمدان
07-17-2024, 03:10 PM
بِفَيض فَضلِكَ يَحيى العلمُ وَالأَدَبُ
وَبِإِسمكَ اليَوم أَضحتَ تَفخرُ الكُتُبُ

فَمِن سَنى فَكرِكَ التَهذيبُ مُنتَشِرٌ
وَمِن ضَيا فَهمِكَ الإِرشادُ مُنسَكِبُ

يا أَيُّها الكَوكَبُ العالي الَّذي رَقَصت
لَهُ المَعالي وَخَرَّت دونَهُ الشُهُبُ

ما زالَ يَكسبُ مِنَ الشَرقُ رَونَقَهُ
حَتّى إِنجَلى وَاِنجَلَت عَن وَجهِهِ السُحُبُ

لَو لَم يَكُن رَشف الأَفراح مِنكَ لَما
أَهدى الصَباح ضَحوكاً وَهُوَ يَلتَهِبُ

يا صَدر دَولَتِنا الفَرد الَّذي سَطَعَت
أَنوارُ حَكمَتِهِ في الكَونِ تَنسَكِبُ

أَبصارُنا مَحدقاتٌ فيكَ شاخِصَةٌ
إِلَيكَ تَنظُرُ مَعنى كُلهُ عَجَبُ

قُلوبَنا بِحِما عَلياكَ لائِذَةٌ
سَلَبتَها فَسرت بِالطَوعِ تَنسَلِبُ

أَنتَ الأَمينُ عَلى الدُنيا فَكَيفَ غَدَت
بِلُطفِكَ الساحر الأَرواحُ تَنتَهِبُ

عَلَيكَ آمالُ أَهل الأَرضِ دائِرَةٌ
وَأَنتَ تَحيي رَجاها أَيُّها القُطُبُ

غَنَّت بِمَدحك اَفواهُ العِبادِ كَما
رَنَّت بِأَوصافِكَ الأَشعارُ وَالخُطبُ

أَنتَ البَليغُ الَّذي أَلفاظُهُ دُرَرٌ
تَهدى فَتحفظها في جيدِها الحِقَبُ

لَقَد رَأَيتَ لِلآداب خَير حِماً
تَهدي القَريض فَخاراً مِنكَ يَكتَسِبُ

فَجئتُ أَهديكَ مِن رَوضاتِهِ ثَمَراً
إِذا نَظَرتَ إِلَيهِ يَحصل الأَرَبُ

هُوَ الكِتابُ الَّذي قَدَمتهُ سَنَداً
عَلى التَعلُقِ مثل العَهدِ يُكتَتَبُ

شَرَّفتهُ بِاسمكَ العالي فَكانَ لَهُ
هَذا السَميرُ الأَمينُ الأنَ يَنتَسِبُ

يَرجو القُبول فَقَد وافى عَلى خَجَلٍ
يَرى المَهابَةَ تَعلوهُ فَيَضطَرِبُ


خليل الخوري
لبنان

الحمدان
07-17-2024, 03:25 PM
أَطنَبتِ في اللَومِ فَلا تُكثِري
مَن مُنصِفي مِنكُم وَمَن مُعذِري

يا أَيُّها العُذّالُ ما حَلَّ بي
مِن نُصحِكُم يا رَبِّ لي فَاُنصُرِ

أَكثَرتِ لَومي وَتَناوَلتِني
تَبغينَ أَن أَتلَفَ فَاِستَغفِري

ما جُرمُ مَن هامَ بِذي لَوعَةٍ
شَبيهَةٌ شَمسُ الضُحى الأَكبَرِ

كَأَنَّما صورَتُها في الدُجى
قِنديلُ قِسّيسٍ عَلى مِنبَرِ

وَالريقُ مِنها إِن تَجَرَّعتُهُ
خِلتُ نَسيمَ المِسكَةِ الأَزفَرِ

وَالوَجهُ مِنها حينَ أَبصَرتُهُ
يَكِلُّ عَنهُ الوَصفُ فَاِستَبصِرِ

وَلا تُعيدي أَبَداً لَومَ مَن
في قَلبِهِ كَالحَظِرِ الأَخضَرِ


البحتري

الحمدان
07-17-2024, 03:26 PM
صَيَّرتِني غايَةَ العُشّاقِ كُلِّهِمِ
فَكُلُّهُم يَتَأَسّى بي إِذا هُجِرا

لا أَذكُرُ الدَهرَ يَوماً مِنكَ أَبهَجَني
وَالدَهرُ يَبعَثُ مِنّي الحُزنَ وَالعِبَرا

مَلَأتَ عَينِ فَما تَسمو إِلى أَحَدٍ
وَقَد أَحَبَّكَ قَلبي فَوقَ ما قَدَرا

طَرفي يُحَسِّنُ لي شَخصاً أَضَرَّ بِهِ
كَأَنَّ طَرفي عَدوّي كُلَّما نَظَرا

لَو كانَ يَسعَدُ إِنسانٌ بِصِدقِ هَوىً
كُنتُ السَعيدَ الَّذي لَم يُمسِ مُحتَقَرا


البحتري

الحمدان
07-17-2024, 03:26 PM
هَزيعُ دُجاً في الرَأسِ بادَرَهُ بَدرُ
وَلَيلٌ جَلاهُ لا صَباحٌ وَلا فَجرُ

وَلِمَّةُ مُشتاقٍ أَلَمَّ مَشيبُها
عَلى حينِ لَم يودِ الشَبابُ وَلا العُمرُ

فَقَصرَكِ إِنَّ الشَيبَ مِن عَدلِ حُكمِهِ
وَإِن كانَ جَوراً أَن يُقالَ لَكِ القَصرُ

فَما جارَ في تِلكَ المَدامِعِ دَمعُها
لِنازِلَةٍ إِلّا وَحادِثُها نُكرُ

عَلى أَنَّهُ يَعتادُني مُتَأَوِّبٌ
مِنَ الشَوقِ ما يَخبو لَهُ في الحَشا جَمرُ

وَما ظَلَمَ الشَوقُ الجَوانِحَ إِنَّما
غَدا ظالِماً لِلشَوقِ شَيبِيَ وَالدَهرُ

أَما وَأَبي الأَيّامِ ما خافَ مُعلِقٌ
بِأَسبابِ خِضرٍ صَرفَ حادِثَةٍ تَعرو

وَلا ضَرَّ أَرضاً جادَها جودُ كَفِّهِ
فَأَمرَعَها أَلّا يَصوبَ بِها القَطرُ

وَلَمّا حَبا أَرضَ العِراقِ بِقُربِهِ
طَما بَحرُهُ فيها وَنائِلُهُ الغَمرُ

وَصابَت بِأَكنافِ الحِجازِ غَمامَةٌ
تَنائِفَ لا خِمسٌ لَدَيها وَلا عِشرُ

وَلَم يَخلُ مِن جودٍ وَلا صَوبِ عارِضِ
لَهُ أُفُقٌ في الأَرضِ ناءٍ وَلا قُطرُ

فَغيثَت رِفاقُ المُحرِمينَ بِحَيثُ لا
غِياثٌ يُرَجّى لا بَكِيٌّ وَلا نَزرُ

شَهِدتُ لَقَد شاهَدتُ ذاكُم وَإِنَّهُ
لَيَقصُرُ عَن مِقدارِ ذالِكُمُ الأَجرُ

وَلَمّا قَصَدنا سُرَّ مَن را تَضاءَلا
وَلا خِضرَ يَقري فيهِما البَدوُ وَالحَضرُ

وَحُصَّت أَماني المُعتَفينَ بِحَيثُ لا
يُحاذَرُ بَأساءُ الحَياةِ وَلا الفَقرُ

وَحَيثُ يُذَمُّ الغَيثُ وَالغَيثُ حافِلٌ
وَتُستَقصَرُ الدُنيا وَيُستَخلَجُ البَحرُ

وَحَيثُ تَرى الآمالَ يَسرَحنَ في المُنى
وَلا الرَوضُ مَرعاها هُناكَ وَلا الزَهرُ

لَدى مَلِكٍ أَثرى مِنَ المَجدِ وَالغِنى
بِأَن لَم يَرَ الإِثراءَ أَن يَفِرَ الوَفرُ

عَميدُ وُلاةِ الأَمرِ مِن آلِ هاشِمٍ
إِذا جَلَّتِ الجُلّى أَوِ اِنثَغَرَ الثَغرُ

يُؤَيِّدُ مِنها كُلَّ ما ضاقَ أَيدُها
بِهِ وَيُداوي كُلَّ ما عَزَّ أَن يَبرو

هُوَ الجَبَلُ الراسي الَّذي اِعتَرَفَت لَهُ
رِجالُ نِزارٍ وَهيَ راغِمَةٌ صُفرُ

إِذا ما اِشرَأَبَّت حَطَّ مِن غُلَوائِها
مَكارِمُهُ اللاتي لَها يَسجُدُ الفَخرُ

فَأَقسَمتُ بِالرَكبِ الَّذينَ تَدَرَّعوا
مِنَ اللَيلِ إِقطاعَ السُرى وَهُمُ سَفرُ

عَلى أَينُقٍ مِثلِ القِسِيِّ سَواهِمٍ
ضَوامِرِ لاحَتها الهَواجِرُ وَالقَفرُ

بِكُلِّ مُعَرّاةِ السَباريتِ سَملَقٍ
وَمَجهولَةٍ تيهٍ مَخارِمُها غُبرُ

إِلى أَن أَطافوا بِالحَطيمِ وَضَمَّهُم
غَداةَ الطَوافِ البَيتُ وَالرُكنُ وَالحِجرُ

لَوِ الأَمرُ يَضحى في سِوى آلِ هاشِمٍ
لَكانَ بِلا شَكٍ يَكونُ لَهُ الأَمرُ

بِكَ اِطَّأَدَت أَركانُ وائِلَ وَاِغتَدى
لَهُ المَسمَعُ الموفي عَلى الناسِ وَالذِكرُ

فَلَو أُنشِرَ الشَيخانُ بَكرٌ وَتَغلِبٌ
لَما عَدَّدا مَجداً كَمَجدِكَ يا خِضرُ

وَما رامَ مَسعاكَ اِمرُؤٌ في اِرتِقائِهِ
إِلى سُؤدُدٍ إِلّا تَغَوَّلَهُ بُهرُ

وَأَقعَدَهُ عَن نَيلِ مَجدِكَ إِنَّهُ
تَضاءَلُ عَن لَألائِهِ الأَنجُمُ الزُهرُ

إِذا جالَتِ الأَفكارُ فيكَ تَبَيَّنَت
بِأَنَّكَ لا تَحوي مَكارِمَكَ الفِكرُ

وَكَيفَ يُطيقُ الشِعرُ ذاكَ وَإِنَّما
عَنِ الفِكرِ يُنبي القَولُ أَو يَنطِقُ الشِعرُ



البحتري

الحمدان
07-17-2024, 03:30 PM
تَغارُ إِذا ما قيلَ تِلكَ مَليحَةٌ
‏يَطيبُ بِها لِلعاشِقينَ التَغَزُّلُ

‏فَتَحمَرُّ غَيظاً ثُمَّ تَحمَرِّ غَيرَةً
‏كَأَنَّ بِها حُمّى تَجيءُ وَتُقفِلُ

‏وَتُضمِرُ حِقداً لِلمُحَدِّثِ لَو دَرى
‏بِهِ ذَلِكَ المِسكينُ ما كادَ يَهزُلُ

......

الحمدان
07-17-2024, 03:33 PM
سألتك والمشيب له دبيبُ
علام الحب فينا لا يشيبُ

لماذا لا يجفُّ الشوق فينا
لمـاذا لا نكـفُّ ولا نتـوبُ

لهيب الشمس يخبو كل يومٍ
وفي أضلاعنا يعـلو اللهيـبُ

ولو شابت نواصي الليل يوماً
ستبقى أنت في قلبي الحبيبُ

......

الحمدان
07-17-2024, 05:39 PM
فإن كنت في هدي الأئمة راغباً
فوطن على أن تنتحيك الوقائع

بنفس وقورٍ عند كل كريهةٍ
وقلب صبورٍ وهو في الصدر مانعُ

لسانك محزونٌ وطرفكَ ملهمٌ
وسركَ مكتومٌ لدى الربِّ ذائعُ

وذكرك مغمورُ وبابك مغلقٌ
وثغركَ بسامٌ وبطنكَ جائعٌ

وقلبكَ مجروحٌ وسوقكَ كاسدُ
وفضلك مدفونٌ وطعنك شائعُ

وفي كل يومٍ أنت جارعُ غصةٍ
من الدهرِ والإخوان والقلبُ طائعُ

نهاركَ شغلُ الناسِ من غير مِنَّةٍ
وليلك شوقٌ غابَ عنهُ الطلائعُ

فدونك هذا الليل خُذ له ذرعةً
ليومٍ عبوسٍ عز فيه الذرائعُ


شاعر الحمراء

الحمدان
07-17-2024, 05:39 PM
رتب العز وعز الرُتَبِ
همم العليا وعليا الهمم

أدبُ العلمِ وعلمُ الأدب
مغنم الربح وربحُ المغنمِ

أربُ الفرد الفريد الأربِ
محكمُ العلمِ وعلمُ المحكمِ

واتباعُ الجهلِ للمرءِ عمى
فلسُ النفسِ ونفسُ الفلسِ

وأخو العلم تراه مكرماً
وهو في المجلس صدرُ المجلسِ

تلفُ النفس ونفسُ التلفِ
أملُ الحب وحب الأملِ

شرفُ الأصل واصل الشرف
عمل البر وبرُّ العملِ

أيها الباشا التهامي المقتفي
سبلَ الخير وخيرَ السبلِ

علم الهدى واهدى علمٍ
قبسُ النورِ ونورُ القبسِ

منتمي الفخر وفخر المنتمى
نفس الشمِّ وشمُّ النفسِ

إجتناءُ العلمِ في هذا الزمانِ
واجبُ العينِ وعينُ الواجبِ

كاد أن يدخل في أخبار كانَذ
ساكبُ الجفنِ بجفنٍ ساكبِ

فتداركته من غيرِ توانٍ
ملغياً قول الجهول العاتبِ

وبذلت الجهدَ في ذاك وما
به حاتمُ طيئٍ قد نسي

حينما الجهلُ لنا قد نمنما
ملبسَ الذل وذل الملبس

لتجازِي الخير يا من هو في
عملِ الأفراد فرد العملِ

هاكها ضمت لباب القول في
جملٍ قلت ولما تطلِ

حيث ضم النشر طول الصحف
مثلما ضم فحقق مثلي

صدف الدر ودر الصدف
رمل البحر وبحرُ الرملِ

غادةٌ قد زانها إن تبسما
لعس الثغر وثغرُ اللعس

أبطلت ألفاظها سحر الدمى
نعس الدعج ودعج النعس


شاعر الحمراء

الحمدان
07-17-2024, 05:40 PM
يا ربِّ أنتَ رازقُ العِبادِ
جَميعهِم من حاضِرٍ وبادٍ

وقد جَعلتَ رِزقَهُم على يَدِ
بَعضِهِمُ بَعضٍ بشكلٍ سَرمَدي

وكانَ رِزقي آتياً فَقَطَّعَه
بعضُهمُ عَمداً وعَني مَنَعَه

فاقطَع إلهي رِزقَهُ كما قَطَع
رِزقي وشَتِّت شَملَهُ ولا تَدَع

أشهِر فَضِيحَتَهُ ما بين الوَرى
حتى يَصيرَ عِبرةً لِمن يَرى

رفعتُ يا مولاي كفَّ الابتهال
لَكَ لِكَى يَموتَ في أسو إحال

رَبَّاهُ يا جَبَّارُ يامُنتَقِم
بدَعَوةِ المَظلومِ أنتَ أعلَمُ


شاعر الحمراء

الحمدان
07-17-2024, 05:41 PM
يا مَن تَكفَّلَ لمَن دَعاهُ
بأَن يُجيبَ بِألمُنى دُعَاهُ

أنتَ بِحالي عالمٌ خَبيرُ
لِظاهِري وباطِني بَصيرُ

فاللهُ ثم المُصطَفى مُحمَّدُ
والشيخُ شَيخيَ التِّجاني أحمَدُ

هُم عُمدَتي إن نزلت ُأمورُ
وفَرَجي إن ضاقتِ الصُّدورُ

والشيخُ لي وسيلةٌ إلَيهما
وخيرُ بابٍ موصلٍ إليهما

شيخي وعمدَتي وسؤلي والأَمل
ذُخري رَجائي ومُنائي والعَمل

عبدُكَ إسماعيلُ قد أتاكَ
مُستَصرِخا ونازِلا حِماكَ

وما له بابٌ سواكَ يَقصِدُهُ
ولا له مِن سَيِّدٍ يَعتَمِدُهُ

قد ضاقَ صَدرُه فسالَ دَمعُهُ
ويَدُه من سَقَمٍ تُوجِعهُ

وطالَما بكَى علَيك واشتَكى
وكلُّ خِلٍّ لِبُكاهُ قد بَكى

ما لىَ قُدرةٌ لِحملِ الألمِ
ولا لَدَىَّ صِحَّةُ للِسَّقَمِ

وفارقَ الأحبابَ والإخوانا
وواصلَ الهُمومَ والأحزانا

واستغرقَ الزمانَ والمَكانا
مُرتَجِياً ببابِكَ الإِحسانا

فإن تَسُدَّ البابَ في وجهِهِ مَن
يَقصِدُه عند تَواتُرِ المِحَن

في غَدوتي وعَشوَتي أرجوكَ
وفي الدُّجى وسَحَرٍ أدعُوكَ

وقد قَصَدتُ قبرَ خَيرِ واسِطَه
بيني وبينكَ وخيرِ رابِطَه

والعربِيِّ ساكنَ الجِنانِ
والمُقتفِي لسيرَةِ العَدناني

ونَزلَت مني هُناكَ أدمُعُ
ينقطعُ الغيثُ ولا تَنقَطِعُ

ثم رجَعتُ وفُؤادي مُضطَرِب
والدمعُ لم يَزَل بِخَدِّي مُنسَكي

وارَحمتَا لِقلبِىَ الموجوعِ
وارَحمتا لكَبِدي المَصدوعِ

وارحمتا لِجسمِىَ العَليلِ
وارَحمتا لطَرفِىَ البَليلِ

وارحمتا لصَبرِىَ القليلِ
وارَحمتا لِحُزنِىَ الطَّويلِ

وارَحمتا وارحمَتا لسَقَمي
وارَحمتا وارحمَتا لألَمي

وارحمتا لرَحِمي المقطوعِ
وارحمتا لَهَمِّىَ المَجموعِ

وارحمتا لفُرقَةِ الأحبابِ
وارحمتا لِشدَّةِ المُصابِ

وارحمتا لوحدتي وغربتي
وارحمتا لوحدتي وشيبتي

واسطتي بيني وبينَ اللهِ
وبينَ خَيرِ أنبياءِ اللهِ

قد هاجَ حُزني حُزنُ والدَيَّا
لِذا رفَعتُ طالباً يَدَيَّ

وأَمَلي في بُرئِها وطيدُ
وضيقُ صَدري لِىَ لا يَعودُ

وكُن إلىَّ في نُزولِ القَبرِ
وكن بِجَانبِىَّ يومَ الحَشرِ

حتى تَراني بِجِوارِ جَدِّكَ
ودَارِ جَدِّ اسمَاعِيلَ عَبدِكَ


شاعر الحمراء

الحمدان
07-17-2024, 05:41 PM
أعبدَ اللَّطيفِ أجِب عُمَرَا
وأوجِز جَوابَكَواختَصِرَا

جوابي له سَيِّدي حاضرٌ
وخيرُ الجَواب الذي حَضَرا

ذكرتُ له نَظَري مُجمَلاً
وإن شئتَ فصَّلتُ ما ذُكِرا

وتعليمُ علمٍ له عِلمُه
كما حَرَّرَ الأمرَ مَن حَرَّرا

وقد جَرَّبوهُ كما جَرَّبوا
سِواهُ فجاءَ بما أبهَرا

وذلك أنَّهمُ اقتَصروا
على كلِّ عِلمٍ يُفيدُ الورى

ومن بَعدِ ذاكَ على خَيرِ ما
قَدُ الِّفَ فيهِ قدِ اقتُصِرا

فخيرُ التآليفِ ما سَهُلَت
عبَارَتُه كُلَّما عَبَّرا

وما كانَ مُقتَصراً عن لُبابِ
معانٍ وما كانَ مُختَصَرا

وقد حدَّدوا الوقتَ في دَرسِ كُل
لِ فَنِّ مخافَة أَن تَضجَرا

فأنتَ تَرى أنَّ هذا يَفِي
بقَصدٍ ولِلوَقتِ قد وفَّرا

كما قد يَقي النَّفسَ إجهادُها
لِفَهمِ عَويصٍ اذا ماعَرا

وإني أخذتُ بما قُلتَه
فكانت نَتيجَتُه ما تَرى

لذلكَ قلتَ زمانٌ يَسيرٌ
سَتُدرِكُ علما بِهِ أَغزَرا

ولكن بشَرطِ اجتهادٍ كما
ذَكرتَ فشرطُكَ لن يُنكَرا

فإن شِئتَ فاسأَل كما شئتَ إن
تَرُم أن تُصَدِّقَني خَبَرا


شاعر الحمراء

الحمدان
07-17-2024, 05:42 PM
لَعَمرُ الحَقِّ ذا قولٌ جَميلُ
ولكن لو يُعَزِّزُ الدَّليلُ

كثيرُ العِلمِ في زَمَنٍقَليلٍ
لِمُستَملِيهِ هذا مُستَحيلُ

كأَنَّ العلمَ سَهلٌ ليس فيه
عَويصٌ فيه قد حارت عُقولُ

وكم لِمُؤَلَّفٍ لَفظٌ وجِيزٌ
ومعناهُ له شَرحٌ يَطولُ

وكم ليلٍ تَبيتُ بدون نَومٍ
وفِكرُكَ في تَفَهُّمِه يَجولُ

أبنَتَ تَساهُلاً في أَخذِ عِلمٍ
كأنَّ العِلمَ ماءٌ سَلسَبيلُ

ألا فاعلَم بأنَّ العِلمَ صَعبٌ
ولا يَكفي له الزَّمَنُ القَليلُ

وكم مِن جُملةٍ فيها وُجوهٌ
وآراءٌ وكُلٌّ ما يَقولُ

فمن لم يَجتَهِد فيه ويُجهِد
به نَفساً وعنه لا يَميلُ

فليسَ له على عِلمٍ حُصولٌ
وليس لهُ إلى عِلمٍ وصُولُ

وهذا ما رَوينا عن شُيوخٍ
وكلٌّ منهمُ شيخٌ جَليلُ

وشاهَدناه نَحنُ بِأُمِّ عَينٍ
وما راءٍ لِمُستَمِعٍ مَثيلُ


شاعر الحمراء

الحمدان
07-17-2024, 05:42 PM
بدونِ اجتهادٍ لا يكونُ التَّعَلُّمُ
نَعم قولُه هذا صحيحٌ مُسَلَّمُ

ولكنَّني مالي أراهُ مُحاوِلاً
ليُلزِمَنا واللهِ ما ليسَ يَلزَمُ

أيَلزَمُ أَن يَبقَى الفَتى طولَ عُمرِه
مُكِبًّا على أخذٍ إلى حِينَ يُعدَمُ

إذا كانَمنه القَصدُ إدراكُ غايةٍ
وحدٌّ لِعِلمٍ ساءَ ما يَتَوهَّمُ

هو العِلمُ لا حَدَّ له فاقتَطِف لِمَا
دَنا مِن جَناهُ الرَّطبِ إن شِئتَ تَغنَمُ

وحَصِّل كثيراً منه وهو المُرادُ في
قَليلِ زَمانٍ منكَ إن كنتَ تَفهَمُ

وسارع إلى نَفعِ البِلادِ أخِي بما
قَرَأتَ وذا شيءٌ عليكَ مُحَتَّمُ

وأما إذا قَضَيتَ عُمرَك طالباً
لِعِلمِ فما أجَاكَ هذا التَّعَلُّمُ

وإنك لا تَدري مَتى أنتَ يا تُرى
سَتُصميكَ مِن قَوسِ المَنِيَّةِ أسهُمُ

فإنكَ في ردِّ الذي قد أخَذتَهُ
رهينٌ وإلا كُنتَ لِلعِلمِ تَكتُمُ

نتيجةُ عِلمٍ لِلفَتى نَفعُ نَفسِه
وغَيرٍ وإلا فالجَهالةُ أسلَمُ


شاعر الحمراء

الحمدان
07-17-2024, 05:43 PM
هو العِلمُ لم يُدرَك بغيرِ تَعَلُّمِ
ودونَ اجتهادٍ لا يكون التَّعلُّمُ

فقد قيلَ إن العِلمَ يُعطيكَ بَعضَهُ
إذا اعطَيتَه كُلا ولِلعَكسِ تَعلَمُ

مِنَ المَهدِ حتى اللَّحدِ كُن له طالِباًُ
كما جاء عمَّن عَلَّمُوا وتَعلَّموا

وكلُّ فتًى لم يَعتكف طولَ عُمرِه
على طَلبٍ لِلعلمِ لا شَكَّ يُحرَمُ

ومن لم يُكرِّس وقتَهُ وحياتَهُ
له مِن صِبا عُمرٍ إلى حينَ يَهرَمًُ

فليس بهِ يَحظى ولا هو ظافِرٌ
بِعِلمٍ فَأخذُ العِلمِ من ذَاكَ أعظَمُ

وإنِّي أرَى النَشءَ الجديدَ ونَهجَهُ
على عَكسِ هذا وهو ما لستُ أَفهمُ

فهل أنا فيما قلتُ يا شيخُ مُخطِىءٌ
أوانِي على حقٍّ فأنتَ المُحَكَّمُ


شاعر الحمراء

الحمدان
07-17-2024, 05:44 PM
كلانا طالبٌ لِلعلمِ ساعٍ
لِفَوزٍ منهُ بِالقسطِ العَظيمِ

وكلٌّ يَرتَإِي رَأياً ويَدعو
سِواه صاحبَ الرأيِ العَقيمِ

وللتَّعليمِ أُسلوبانِ لكن
نُريدُ السَّيرَ في النَّهجِ القَويمِ

فَأيُّهُما الكفيلُ لَنا بنَفعٍ
أَأُسلوبُ الحَديثِ أمِ القديمِ


شاعر الحمراء

الحمدان
07-17-2024, 05:44 PM
عجِبتُ لبعضِ بني آدمٍ
وبي عند ذِكرِهِمُ خَجلُ

على اللهِ يَقوَى تَجَاسُرهُ
ومِن غيرِه خائِفٌ وَجِلُ

تَدَجَّوا نُفوساً فَأتقَاهُمُ
يُثابُ عَلى لَعنِه الرَّجُلُ


شاعر الحمراء

الحمدان
07-17-2024, 05:45 PM
يقولونَ المَعَرِّي مُلحِدٌ بَل
منَ الإلحادِ قَد أبدَوا فُنونا

فقلت مقالُكم ذا عن يَقينٍ
وجزمٍ أم تَظُنُّونَ الظُّنونا

فَقالوا بل عَنِ إيمانٍ وجَزمٍ
ونحنُ لما نَقولُه موقِنونا

ألا لِلَّهِ دَرُّ أبِيكمُ إذ
بإلحادٍ غَدَوتم تُؤمِنونا


شاعر الحمراء

الحمدان
07-17-2024, 05:45 PM
قالوا الحقيقةُ والحقيقةُ
تَركُهم ما يُترَكُ

تَعِبت عُقولُ الناسِ في
إدراكِ ما لا يُدرَكُ


شاعر الحمراء

الحمدان
07-17-2024, 05:46 PM
يا مَن تَديَّن وهوَ في
مَحضِ الحقيقةِ كافِر

ولِمَوطئٍ من حافِرٍ
بِه قد تسرَّعَ حَافِر

في نُور عَقلِك إِن تَسِر
لا شكَّ أنّكَ ظَافِر

وإذا تضِلُ عنِ الهُدَى
فاللهُ ربُّك غَافِر


شاعر الحمراء

الحمدان
07-17-2024, 05:46 PM
لِقَوسِ المنَايا نحَونا الدهرُ واتِرُ
وأسيافُه فينا سُيوفٌ بواترُ

ولَن يَستقيمَ الناسُ مادام فيهمُ
كؤوسُ الحميَّا واللحاظُ الفواترُ


شاعر الحمراء

الحمدان
07-17-2024, 05:47 PM
هَل مِن اذنٍ في كِلمَةٍ بالتحيَّة
لأُحيِّي الشَّبيبَةَ العرَبيَّه

وإذا ما هَجَمَت مِن غيرِ إذنٍ
ثُمَّ حَيَّيتُها فمَاذا عَليَّه

هَل أنا غَيرُ واحدٍ منكُمُ
روحاً وقَلباً وغَيرةً وطَنيَّه

واعتقَاداً ومَبدَأً ولِسَانا
واعتِزَازاً بنَخوةٍ مُضَريَّه

فمُنائي في طَرفِ حبلِ اتِّصَالٍ
بيَدَيكُم وطرفُهُ بيَديَّه

ذُبتُ شَوقاً وما بلغتُ مُنَائي
هَكَذا قدَّرَ الإِلهُ عليَّه


شاعر الحمراء

الحمدان
07-17-2024, 05:48 PM
سبَى قَلبِي جمالُ الظَّبي فينَا
وأحرَقَهُ بجَمرةِ وجنتَيهِ

وكيفَ ترومُ عَن هَذا دلِيلاً
وذَا لَونُ الرُّمَان بِمُقلَتيهِ


شاعر الحمراء

الحمدان
07-17-2024, 05:48 PM
رعَى اللهُ أيَام الصِّبا واللَّياليَا
وأمطَرَ أوقاتَ الدِّراسةِ هَامِيا

سِنونُ بها الأحلاَمُ يَفتَرُّ ثَغرُها
وتبدُو كما شَاء الشبَابُ زوَاهيَا

زَمانٌ له في طيِّ كلِّ دَقيقَةٍ
لَذائِذُ لا يأتِي بهَا الدَّهرُ ثَانيا

ليالٍ يَبيتُ المَرءُ فيها وَيغتدِى
طَرُوبا مِن الأشجَانِ والهَمِّ خَاليَا

تُضَاحِكهُ الآمالُ وهىَ جميلةٌ
وتبدُو لعينَيهِ الأمَانِي دَوانِيا

فَيحسُب أنَّ الأرضَ عَرشٌ وأنَّهُ
سَيغدُو عَليه جَالسا مُتَعاليا

ويحسِبُ أَن لا شخصَ في الكَون فوقَهُ
ذَكاءً وعِزاًّ لِلنُجوم مُنَاغِيا

وحُسنا وأخلاَقا ووَفرَ سَعادةٍ
وعزماً يردُّ الدَّهرَ إن جاءَ غَازِيا

وعِلماً وآداباً وشِدَّةَ فِطنةٍ
يَرَى ما ورَاءَ الغيبِ كالشَّمسِ بَادِيا

رعَى اللهُ ذاكَ العهدَ رغمَ غُرُورِهِ
وحيَّاه عني بالزُّهُور نَوَاديا

وسُقيا لأيَّام الدراسَة إنَّها
ربيعُ حَياتي ليتَه كانَ بَاقيا

زمانٌ سَمِيري فيه كُتبِي وفِكرَتِي
وطِرسِي وأقلامِي إزاءَ دَواتِيا

اُصاحِبُ أسفارِي نَهارِي وليلَتي
ولم أرَ كالأسفارِ خِلاًّ مُصَافِيا

ولاَ هَمَّ لي إلاَّ دُروسِي وفَهمُهَا
وتَثقيفُ عقلِي واغتِنامُ شَبابيَا

أُطالعُ درسِي ثم ألهُو وبعدَه
أنامُ مَناماً مِلءَ جَفنِىَ هَاديا

فلاَهَمَّ يَغشانِي فَيُقِلقُ مَضجَعِي
ولَم أرَ حُلما مُزعِجا في مَنَاميا

أروحُ وأغدُو في المَسرَّة رافلاً
أردِّدُ في روضِ الأمانِي الأَغَانيا

كَطيرٍ تَقَوَّى ثم طَار مُرَفرِفا
علَى الرَّوضِ في حِضنِ الطبيعَةِ شَادِيا

سلاَمٌ عليهِ مِن زمانٍ سُلِبتُهُ
وَواهاً عليهِ مِن زمَأنٍ صَفالِيا

ووَاعَجَبي أمَّا عجِبتُ لغَيرِ مَن
يَرَى ضَجَراً وقتَ الدِّراسة شَاكِيا

يرومُ بِجِذع الأنفِ لو بَان عَهدُه
فَيُمسِي عَن الأستاذِ والدرسِ نَائِيا

ولو علمَ المغرُورُ قَدرَ مُصَابهِ
لعَضَّ بنَانا للندَامَة دامِيا

فيَا مَن يرَى أن المدارَس سِجنُه
عَدِمتُك غِراًّ في ضلاَلِك غَاويا

فأنتَ برَوضٍ لو فَطنتَ لِحُسنِه
لمَا كنتَ عَنه مُعرِضا مُتَلاهِيَا

أتساَمُ في رَوضٍ زَهت زَهَراتُه
وقامَ علَى أغصَانِه الطيرُ شَادِيا

وتَظمَأُ والماءُ النَّمِيرُ مُدَفق
أمَامَكَ يَجرِي في الجَدَاولِ صَافِيا

ويا مَن يَرى عهَد الدِّراسَةِ محنَةً
رُوَيدَكَ بعدَ اليومِ تَدرِي مَقَاليا

إذا مَا مَضَى عَهدُ التَّعلُّمِ وانقَضَى
وأصبَحتَ مِن سُكرِ الشبِيَبةِ صَاحيا

وسِرتَ إِلى حِضنِ الكُهُولَةِ مُسرِعاً
سَتَلقَى بِميدَان الحَياةِ الدَّواهِيا

فتندَمُ لو كانت تُفيدُ نَدَامةٌ
وتُمسي علَى عَهدِ الدِّراسَةِ باكيا

نَصَحتُكَ دَع عَنكَ السَّآمةَ واغتَنِم
لَذائذَ لا تَلقَى لَهُنَّ ثَوانِيا

فَديتُكَ خَلِّ الوَهمَ والهمَّ واغتنم
لذائذَ أيَّامِ الشَّبَابِ غَوَالِيا

فأنتَ بِرَوضٍ عَن قَريبٍ يَؤمُّهُ
خريفٌ يُعَفِّيه فَيُصبِحُ ذَاويا

غَداً وامُصَابَاهُ تَتِمُّ دِرَاسَتِي
وأُصبِحُ مِن بردِ الشَّبيَبة عَارِيَا

وداعاً وداعاً يا شبَابي فإنَّنِي
أُرَانِي برَغمِي في الكُهُولَةِ سَاعيا

وإنِّي عَلى أقوَى يَقينٍ بِأَنَّنِي
اُفارقُ فيك اليومَ جُلَّ هَنَائِيا

فَإنِي عَلَى أبوابِ مُعتَركٍ به
خُطُوبٍ وأهوالٍ تُشِيبُ النَّواصِيَا

سَأدخُلُ لا أدرِي أَأَقضِي بصَدمةٍ
حَياتِي شَقِيا أم سَأخرُجُ نَاجِيا

ولَستُ بِرَاجٍ في الكُهُولَةِ لَذَّةً
بحَسبي نَجاتِي لا علَىَّ ولاَ لِيا

وَداعاً وَداعاً لاَ مُلاَقاة بَعدَهُ
وداعاً وداعاً ياخَلِيلِي المُوَاليا

وليسَ كَثيراً يا شَبابِي إذا جَرَى
عليكَ سَخِينا دَمعُ عينِىَ نَائِيا

وَداعاً وداعاً يا دُروسِي فَإنَّنِي
اُرَانِي برَغمِي عن مَغانِيكَ نَائِيا

ولو ملَكَت نفسِي زِمامَ اختِيارهَا
لَقَضَيتُ عُمرِي في المدَارِسِ ثَاويا

ولكنَّهُ دهرٌ لَجوجٌ مُعاكسٌ
يَعزُّ عليه أَن أنالَ مَرَاميا


شاعر الحمراء
المغرب

الحمدان
07-17-2024, 05:52 PM
حجابي العِزُّ مُزدهِرًا عليَّا
‏بِه أسمو على قِمم الثريّا

‏وأحفَظُ سُمعتي وأصونُ طُهري
‏ويبقى العُمرَ لي هَدْيًا جلِيّا

......

الحمدان
07-17-2024, 05:54 PM
قل للذين تتابعتْ أحزانهم
اللَّهُ ربُّ البائس المحزونِ

يا أيها المهموم ربُّكَ قادرٌ
نجّا ببحرٍ مظلمٍ ذا النونِ

إنّ الذي فَلقَ البحار بلحظةٍ
ما كان تعجزه دموع عيونِ

خلف المواجع لو علمتَ بشائرٌ
مخبوءةٌ في قـول ربك كوني

......

الحمدان
07-17-2024, 05:55 PM
أشرقْ وكُن كالنّورِ في الآفاقِ
من بينِ عِطرِ الكُتْبِ والأوراقِ

فالعِلمُ يُذكي فيكَ كُلَّ فضيلةٍ
والجهلُ قبرُ الفَضْلِ والأخلاقِ

......

الحمدان
07-17-2024, 05:56 PM
وظلمـتُ نَفسي في فِعالي كلِّها
وَيْـحِي إذن مِــن وَقـفةِ الدَّيَّانِ

يا ربِّ إنْ لـم ترحَـم إلَّا ذا تُقًىٰ
مَــن للمُسيءِ المُـذنبِ الحَيْرانِ

......

الحمدان
07-17-2024, 05:57 PM
إذا نقصَ الجمالُ بوجهِ أُنثى
يُزَينُها الحياءُ أيا النِّساءُ

فَفَتشْ عن حياءِ واسْتِتارٍ
فكلُّ الخيرِ إنْ بَقيَ الحياءُ

فكمْ منْ مَرأةٍ حسناءَ لكنْ
يشوِّهُها التَّسَلْفُعُ والمِراءُ

فتلكَ الخُلَّة الحسناءُ تبقى
إذا يَفْنى الجمالُ وذا جزاءُ

......

الحمدان
07-17-2024, 06:01 PM
مَا عُــدْتُ أَرْغَــبُ لَا وَرَبِّـي شَاهِـدٌ
قَدْ مَاتَ قَلْبِي وَالشُّعُورُ وَلَا عَجَبْ

مَا عُـدْتُ أَرْجُو مِنْ حَـيَـاتِي مَهْنَئًا
وَرَضِيتُ رَبِّي بِالنَّـصِيبِ وَبِالتَّـعَبْ

فَـأَقِــرَّ عَيْــنِي بِالجِــــنَانِ فَإِنَّـنِــي
أَرْجُـوكَ لَـوْ تَمْنُنْ عَلَيَّ وَتَـسْـتَـجِبْ

ضَاقَتْ وَوَحْدَكَ مَنْ يُفَرِّجُ ضِيقَتِي
مَا خَابَ مَنُ أَوْلَى لِرَبِّهِ وَاحْـتَـسَبْ

عَــبْـدٌ أَنَـا وَالْحُـزْنُ يَعْـصِرُ خَافِقِـي
وَاللهُ يَـعْـلَـمُ مَا أُلَاقِـي مِـنْ وَصَبْ

فالـصَّـبْرُ نَـهْـجِـيْ وَالتَّكَـتُّـمُ عَادَتِـيْ
وَالشَّوْقُ حَظِّيْ وَالْمُرَادُ عَلَى حُجُبْ

لِلَّــــهِ دَرِّيْ حِيْــنَ أَبْـكِـــيْ خِـفْــيَــةً
وَلِسَـانُ حَالِـيْ يَدَّعِـيْ أَنْ لَا سَـبَبْ

فَالْأَمْــرُ عَـــزَّ وَلِـيْ فُـــؤَادٌ مُــدْنَـفٌ
وَالْمَــوْتُ أَجْــدَرُ أَوْ تَـلَاقٍ لِلْــرُغَـبْ

لَاْ وَالَّــذِيْ خَلَــقَ السَّــمَاءَ بِوِسْعِـهَا
حُلُـمِي كَثَــوْبٍ لَا أَخِيْـطُ لَهُ ثُقَـبْ

......

الحمدان
07-17-2024, 06:04 PM
وسألتُــها عــمَّا يُكــدِّرُ صــفْوها
فبكتْ وفاضـتْ بالأسَى عينَاها

إنِّـي لأحـزنُ إنْ شعرتُ بحزنِها
كيـفَ احتمالـي إنْ رأيتُ بُكاها

قالــتْ: وأدمُعهــا تسابِـقُ صـوتَها
إنَّ الَّـذي خلـقَ القـلوبَ كـفاها

دعنِي فماءُ العيـنِ يَـروِي أضلُعِي
إنْ جـفَّ فِيــها عطـرُها وندَاها

بعضُ البُـكا إنْ حـلَّ بعـدَ مواجعٍ
رحمَ القلوبَ مِنَ الأسَى وشفَاها

......

الحمدان
07-17-2024, 06:08 PM
يا ناظرا يرنـــوا بعــيني راقد
ومشــاهدا للأمر غير مشاهد

تصل الذنوب على الذنوب وترتجي
درج الجنان ونيل فوز العابد

ونســـيـت أن اللـه أخرج آدما
منها إلى الدنيــا بذنب واحـد

......

الحمدان
07-17-2024, 06:11 PM
إذا فات حِزبُ المرءِ فات قِوامُه
‏مِن العِلم والإيمان لو كان يَعلَمُ

‏وقد كانت الأسلافُ مَن فات حِزبُه
‏فيَبكي لِفَوت الحزب والقلب يُحطَمُ

‏ونحن يَفوت الحِزب والحزب بَعدَه
‏فلا العينُ تَبكِيه ولا القلب يُؤلَمُ

بقلمي

الحمدان
07-17-2024, 06:48 PM
ولم أجد الإنسان إلا ابن سعيِه
فمن كان أسعى كان بالمجدِ أجدرا

وبالهمةِ العلياءِ يرقَى إلى العُلا
فمن كان أرقى هِمَّة كان أظهرا

......

الحمدان
07-17-2024, 07:15 PM
رأيْتُ بعيني فوقَ ما كنتُ أسمعُ
وقد راعني يوْمٌ من الحَشرِ أرْوَعُ

غداةَ كأنّ الأُفْقَ سُدّ بمثلِهِ
فعادَ غروبُ الشمسِ من حيثُ تطلع

فلمْ أدرِ إذ سلَّمتُ كيفَ أُشيِّعُ
ولم أدْرِ إذ شَيّعْتُ كيفَ أُودِّع

وكيف أخوض الجيشَ والجيشُ لُجّةٌ
وإنّي بمن قد قاده الدهَر مولَع

وأينَ وما لي بين ذا الجمْع مسْلَكٌ
ولا لجوادي في البسيطة موضع

ألا إنّ هذا حَشْدُ من لم يذُقْ لَهُ
غِرارَ الكرى جَفنٌ ولا بات يهجَع

نصيحتُهُ للمُلْكِ سَدّتْ مذاهبي
وما بين قِيدِ الرُّمحِ والرُّمح إصبع

فقد ضَرِعَتْ منْه الرّواسي لما رأتْ
فكيف قلوب الإنس والإنس أضرع

فلا عسكرٌ من قبلِ عَسكرِ جوهرٍ
تَخُبُّ المطايا فيه عَشراً وتوضِع

تسيرُ الجبالُ الجامداتُ بسَيرِهِ
وتسجُدُ من أدْنَى الحفيفِ وتركَعُ

إذا حَلّ في أرضٍ بناها مَدائنِاً
وإن سار عن أرضٍ ثَوَتْ وهي بلقع

سَمَوْتُ لهُ بعد الرّحيلِ وفاتَني
فأقسمْتُ ألاّ لاءَمَ الجنبَ مَضجَع

فلمّا تداركْتُ السُّرادِقَ في الدّجَى
عَشَوْتُ إليْه والمشاعلُ تُرفَع

فتَخرُقُ جَيبَ المُزْن والمُزْنُ دالِحٌ
وتُوقِدُ موجَ اليَمِّ واليَمُّ أسفَع

فبِتُّ وباتَ الجيشُ جَمّاً سميرُهُ
يُؤرِّقُني والجِنُّ في البِيدِ هُجّع

وهَمهَمَ رَعْدٌ آخِرَ اللّيلِ قاصِفٌ
ولاحَتْ مع الفَجرِ البَوراقُ تَلمع

وأوحَتْ إلينا الوَحشُ ما اللّهُ صانِعٌ
بنا وبكم من هوْل ما نتسمّع

ولم تعلمِ الطيرُ الحوائمُ فوقَنا
إلى أين تستذري ولا أين تَفزَع

إلى أنْ تَبَدّى سيْفُ دولةِ هاشمٍ
على وجهِهِ نورٌ من اللّه يَسْطَع

كأنّ ظِلالَ الخافِقاتِ أمامَهُ
غمائِمُ نَصْرِ اللّه لا تَتَقَشّع

كأنّ السيوفَ المُصْلَتاتِ إذا طَمَتْ
على البَرِّ بحْرٌ زاخِرُ الموجِ مُترَع

كأنّ أنابِيبَ الصِّعادِ أراقمٌ
تَلَمَّظُ في أنيابِها السمُّ مُنقَع

كأنّ العِتاقَ الجُرْدَ مجْنوبَةً لَهُ
ظِباءٌ ثَنَتْ أجيادَها وهي تُتْلع

كأنّ الكُماةَ الصِّيدَ لمّا تغَشْمَرَتْ
حوالَيْهِ أُسْدُ الغِيلِ لا تتكعكَع

كأنّ حُماةَ الرَّجْلِ تحتَ ركابِهِ
سُيولُ نَداهُ أقبَلتْ تتدفّع

كأنّ سِراعَ النُّجْبِ تُنشَرُ يَمْنَةً
على البِيدِ آلٌ في الضّحى يترفّع

كأنّ صِعابَ البُختِ إذ ذُلِّلَتْ لهُ
أُسارى مُلوكٍ عضَّها القِدُّ ضُرَّع

كأنّ خلاخِيلَ المطايا إذا غدتْ
تَجَاوَبُ أصْداءُ الفَلا تترجّع

يُهَيِّجُ وَسواسُ البُرِينَ صَبابَةً
عليها فتُغرَى بالحنينِ وتُولَع

لقد جَلّ مَن يَقتادُ ذا الخَلقَ كلَّه
وكلٌّ له من قائمِ السيْفِ أطوَع

تَحُفُّ به القُوّادُ والأمرُ أمرُهُ
ويَقدمُهُ زِيُّ الخِلافةِ أجمَع

ويَسحَبُ أذيالَ الخِلافَةِ رادِعاً
به المسكُ من نَشرِ الهُدى يَتضَوّع

له حُلَلُ الإكرامِ خُصَّ بفضلها
نَسائجَ بالتِّبْرِ المُلمَّعِ تَلمَع

بُرودُ أمِيرِ المُؤمِنِينَ بُرودُه
كساهُ الرِّضَى منهُنَّ ما ليس يُخلَع

وبين يَدَيْهِ خيلُه بسُرُوجِهِ
تُقادُ عليهِنَّ النُّضَارُ المُرَصَّع

وأعْلامُهُ مَنْشُورَةٌ وقِبابُهُ
وحُجّابُهُ تُدْعَى لأمْرٍ فتُسرع

مليكٌ ترى الأملاكَ دونَ بِساطِهِ
وأعناقُهُم مِيلٌ إلى الأرض خُضَّع

قِياماً على أقدامِهَا قد تَنَكّبَتْ
صوارمَها كلٌّ يُطيعُ ويَخضَع

تَحِلُّ بيوتُ المالِ حيثُ يَحِلُّهُ
وجَمُّ العطايا والرِّواقُ المُرَفَّع

إذا ماجَ أطنابُ السُّرادقِ بالضُّحَى
وقامَتْ حَواليْهِ القَنا تتَزَعْزَع

وسَلَّ سيوفَ الهند حول سريره
ثمانون ألفاً دارعٌ ومُقَنَّع

رأيتَ مَنِ الدنيا إليه مَنوطَةٌ
فيَمضي بما شاء القضاءُ ويَصْدَع

وتَصْحبُهُ دارُ المقامة حيثما
أناخَ وشَمْلُ المسلمينَ المجمَّع

وتعنو له الساداتُ من كُلِّ مَعْشَرٍ
فلا سّيدٌ منه أغرُّ وأمنَعُ

فللّه عينَا مَن رآه مُخيّماً
إذا جمَعَ الأنصارَ للإذنِ مجْمَع

وأقبلَ فوجٌ بعد فوجٍ فشاكرٌ
له أو سَؤولٌ أو شفيعٌ مُشَفَّع

فلم يفْتَأُوا من حُكم عدلٍ يَعُمُّهُمْ
وعارفَةٍ تُسْدَى إليهم وتُصْنَع

يسوسُهُمُ منْهُ أبٌ متَكَفِّلٌ
بَرعي بَنِيهِ حافِظٌ لا يُضَيِّع

فسِتْرٌ عليهم في المُلِمّاتِ مُسْبَلٌ
وكَنْزٌ لهم عند الأئمّة مُودَع

بَطيءٌ عن الأمرِ الذي يكرهونَهُ
عَجُولٌ إليهِمْ بالنَّدى مُتَسَرِّع

وللّه عَيْنَا مَنْ رآه مُقَوِّضاً
إذا جعلتْ أُولى الكتائبِ تسرع

ونُودِيَ بالتّرحال في فحمةِ الدجى
فجاءتهُ خيْلُ النّصرِ تَردي وتمزَع

فلاحَ لها من وجهِهِ البدرُ طالعاً
وفي خَدّهِ الشِّعْرَى العَبورُ تَطَلَّع

وأضحى مُرَدّىً بالنِّجادِ كأنّهُ
هِزَبْرُ عَرينٍ ضَمّ جَنْبَيْهِ أشجع

فكبّرَتِ الفُرْسانُ للّهِ إذ بَدا
وظَلّ السّلاحُ المنتضى يتقعقع

وحفَّ بهِ أهلُ الجِلادِ فمُقدِمٌ
وماضٍ وإصْلِيتٌ وطَلْقٌ وأروع

وعَبَّ عُبابُ الموكبِ الفخم حولَهُ
وزَفّ كما زَف الصّباحُ المُلَمَّع

وثار بِرَيّا المندليِّ غبارُهُ
ونُشِّرَ فيه الروضُ والروضُ مُوقِع

وقد رُبّيَتْ فيهِ الملوكُ مراتِباً
فمن بين متبوعٍ وآخَرَ يَتبَع

تسير على أقدارها في عجاجَةٍ
ويقدُمُهَا منْه العزيزُ الممنَّع

وما لَؤمَتْ نَفسٌ تُقِرُّ بفضلهِ
وما اللؤمُ إلاّ دَفعُ ما ليس يُدفَع

لقد فازَ منْهُ مشرقُ الأرضِ بالّتي
تَفيضُ لها من مغرِبِ الأرض أدمُع

ألا كلُّ عَيشٍ دونَهُ فمحرَّمٌ
وكلُّ حريمٍ بعده فمضيَّع

وإنّ بِنا شوقاً إليْهِ ولَوعَةً
تَكادُ لها أكبادُنَا تَتَصَدّع

ولكنما يُسلي من الشوقِ أنّهُ
لنا في ثُغورِ المجدِ والدِّين أنفع

وأنّ المَدَى منه قريبٌ وأنّنَا
إليه من الإيماءِ باللّحظِ أسرَع

فسِرْ أيها المَلْكُ المُطاعُ مُؤيَّداً
فللدّينِ والدنْيا إليك تَطَلُّعُ

وقد أشعرَتْ أرضُ العِراقَينِ خِيفَةً
تكادُ لها دارُ السّلام تَضَعْضَع

وأعطَتْ فلسطينُ القِيادَ وأهلُهَا
فلم يَبْقَ منْها جانِبٌ يَتَمنّع

وما الرّملَةُ المقصورةُ الحَظوِ وحدها
بأوّلِ أرضٍ ما لها عنك مَفَزع

وما ابنُ عُبَيدِ اللّهِ يدعوكَ وحدَهُ
غداةَ رأى أن ليسَ في القوس مَنزَع

بل الناسُ كلُّ الناسِ يدعوك غيَره
فلا أحَدٌ إلاّ يَذِلُّ ويَخضَع

وإنّ بأهلِ الأرضِ فَقراً وفاقَةً
إليك وكلُّ النّاس آتيك مُهْطِع

ألا إنّما البرهانُ ما أنتَ مُوضِحٌ
من الرّأيِ والمقدارُ ما أنْتَ مُزْمِع

رحلتَ إلى الفُسطاطِ أيمنَ رِحْلَةٍ
بأيمنِ فالٍ في الذي أنتَ مُجمِع

ولمّا حثثْتَ الجيشَ لاحَ لأهْلِهِ
طريقٌ إلى أقصَى خُراسانَ مَهيَع

إذا استقبَلَ الناسُ الرّبيعَ وقد غَدَتْ
مُتونُ الرُّبَى في سُندُسٍ تتلفّع

وقد أخضَلَ المُزْنُ البلادَ ففُجِّرَتْ
ينابيعُ حتى الصّخْرُ أخضَلُ أمرَع

وأصْبحَتِ الطُّرقُ التي أنْتَ سالِكٌ
مُقدَّسَةَ الظُّهْرانِ تُسقى وتُربَع

وقد بسَطتْ فيها الرياضُ دَرانِكاً
منَ الوَشيِ إلاّ أنّها ليس تُرقَع

وغَرّدَ فيها الطيرُ بالنّصْرِ واكتَسَتْ
زرابيَّ من أنوارها لا تُوَشَّع

سقاها فروّاهَا بك اللّه آنِفاً
فنِعْمَ مَرَادُ الصّيْفِ والمُتَرَبَّع

وما جِهلتْ مِصرٌ وقد قيل مَن لها
بأنّكَ ذاك الهِبْرِزِيُّ السَّمَيذَع

وأنّك دونَ الناس فاتِحُ قُفْلِهَا
فأنْتَ لها المَرْجُوُّ والمُتَوقَّع

فإنْ يكُ في مصرٍ رجالُ حلومِهَا
فقد جاءهم نِيلٌ سوى النيلِ يُهرِع

ويمّمَهُمْ مَنْ لا يَغيرُ بنعْمَةٍ
فَيَسْلُبَهُمْ لكن يزيدُ فيُوسِع

ولو قد حططتَ الغيثَ في عُقرِ دارهمْ
كشَفتَ ظلامَ المَحْلِ عنهم فأمرعوا

وداويتَهم من ذلك الدّاء إنّهُ
إلى اليَومِ رِجْزٌ فيهمُ ليسَ يُقْلِع

وكفكَفْتَ عنهم مَن يجور ويعتَدي
وأمّنْتَ منهم من يخافُ ويجْزَع

إذاً لَرَأوْا كيفَ العطايا بحقِّها
لسائِلها منهُمْ وكيْفَ التبرُّع

وأنساهمُ الإخشيدَ مَن شِسْعُ نَعلِهِ
أعزُّ من الإخشيدِ قدْراً وأرفَع

سيعلمُ مَن ناواك كيف مصيرُهُ
ويُبْصِرُ مَن قارعتَهُ كيفَ يُقْرَع

إذا صُلْتَ لم يَكُرمْ على السيْفِ سيّدٌ
وإن قلتَ لم يُقْدِمْ على النطق مِصْقَع

تقيك اللّيالي والزمانُ وأهلُهُ
ومُصْفِيكَ محْضَ الودِّ والمُتصَنِّع

فكْلُّ امرِىءٍ في الناس يسعى لنفسِهِ
وأنتَ امرُؤ بالسّعي للملك مُولَع

تعبْتَ لكيما تُعقِبَ الملكَ راحَةً
فمَهْلاً فِداكَ المستريحُ المُوَدِّع

فأشْفِقْ على قَلْبِ الخِلافَةِ إنّهُ
حَناناً وإشفاقاً عليك مُرَوَّع

تحمَّلْتَ أعْباءَ الخلافَةِ كلّهَا
وغيرُكَ في أيّام دُنْياهُ يَرتَع

فواللّهِ ما أدري أصدرُكَ في الذّي
تُدَبّرُهُ أم فضْلُ حلمك أوسع

نصَحتَ الإمامَ الحَقَّ لمّا عرَفتَهُ
وما النُّصْحُ إلاّ أن يكونَ التَّشيُّعُ

فأنْتَ أمينُ اللّهِ بعد أمِينِهِ
وفي يدِكَ الأرزاقُ تُعطي وتَمنَع

وما بلغَ الإسكندرُ الرتبَةَ التي
بلغْتَ ولا كِسرَى الملوكِ وتُبّع

سموتَ من العَلْيا إلى الذّروة التّي
تُرى الشمسُ فيها تحت قدرِكَ تَضْرَع

إلى غايَةٍ ما بعدَهَا لكَ غايَةٌ
وهل خلفَ أفلاكِ السموات مطل

إلى أينَ تَبغي ليس خَلفك مذهبٌ
ولا لجوادٍ في لحاقك مطمع


ابن هاني الاندلسي

الحمدان
07-17-2024, 07:16 PM
أرِقْتُ لِبُرقٍ يستطيرُ له لَمْعُ
فعصفَرَ دمعي جائلٌ من دمي رَدْعُ

ذكرتُكِ ليلَ الركبِ يَسري ودونَنا
على إضَمٍ كُثْبانُ يَبرِينَ فالجِزْع

وللّه ما هاجَتْ حمامَةُ أيْكَةٍ
إذا أعْلَنَتْ شَجْواً أُسِرَّ لها دَمْع

تَداعَتْ هَديلاً في ثيابِ حِدادهَا
فخُفِّضَ فَرْعٌ واستقلَّ بها فَرْع

ولم أدْرِ إذ بَثّتْ حنيناً مُرَتَّلاً
أشَدْوٌ على غُصْنِ الأراكةِ أم سَجْع

خليليَّ هُبّا نصْطبِحْها مُدامَةً
لها فَلَكٌ وَتْرٌ به أنجُمٌ شَفْع

تَلِيّةُ عامٍ فُضَّ فيه خِتامُهَا
خلا قبلهُ التسعون في الدَّنِّ والتسع

إذا أبدَتِ الأزْبادَ في الصَّحن راعَنا
بِرازُ كميِّ البأسِ من فوقه دِرع

سأغدو عليها وهي إضريجُ عَندَمٍ
لها منْظَرٌ بِدْعٌ يجيءُ بهِ بِدْع

وأتَبعُ لْهوي خالعاً ويُطيعُني
شبابٌ رطيبٌ غُصْنُهُ وجنىً يَنْع

لَعمرُ اللّيالي ما دَجى وَجهُ مَطلبي
ولا ضاق في الأرض العريضة لي ذَرْع

وتعرِفُ مني البِيدُ خِرْقاً كأنّمَا
تَوَغّلَ منْهُ بينَ أرجائِها سِمْع

وأبيضَ مْحجوبِ السُّرادقِ واضِحٍ
كبدر الدجى للبرْق من بِشره لَمع

إذا خَرِسَ الأبطالُ راقَك مُقدِماً
بحيث الوشيجُ اللَّدنُ تُعطفُ والنَّبع

وكلُّ عميمٍ في النّجادِ كأنَّمَا
تمطّى بمتنَيْهِ على قَرنِه جِذع

إلى كلِّ باري أسهُمٍ مُتَنَكِّبٍ
لهَّن كأنّ الماسِخِيَّ له ضِلع

تَشَكّى الأعادي جعفراً وانتقامَهُ
فلا انجلَتِ الشكوى ولا رُئبَ الصَّدع

ولمّا طَغَوا في الأرض أعصُرَ فتنةٍ
وكان دبيبَ الكفر في الدولة الخَلع

سموْتَ بمَجْرٍ جاذبَ الشمسَ مسلكاً
وثارَ وراءَ الخافِقَينِ له نَقْع

فألقَى بأجْرَامٍ عليهِمْ كأنّمَا
تَكفّتْ على أرضٍ سمواتُها السَّبْع

كتائبُ شُلّتْ فابذَعَرّتْ أُمَيّةٌ
فأوْجُهُهَا للخزي أُثْفِيّةٌسُفع

فمهْلاً عليهم لا أبَا لأبِيهمِ
فللهِ سهم لا يطيش له نزع

ألا ليت شعري عنهم أملوكهم
تُدبِّرُ مُلكاً أمْ إماؤهمُ اللُّكع

تَجافَوا عن الحِصْن المَشِيدِ بناؤهُ
وضاقَ بهم عن عزم أجنادهم وُسْع

وقد نَفِدَتْ فيه ذخائرُ مُلكهم
وما لم يكنْ ضرّاً فأكثره نَفْع

تعَفّى فما قُلنا سُقِيتَ غمامَةً
ولا انعِمْ صباحاً بعدهم أيها الرَّبْع

وراحَ عمِيدُ المُلحِدينَ عميدُهم
لأحشائِهِ من حَرِّ أنفْاسِهِ لَذْع

ولمّا تسَنّمْتَ الجبِالَ إزاءَهُ
تَراءتْ له الراياتُ تَخفِقُ والجَمْع

تَشَرّفْتَ من أعلامِها وَدَعَوْتَهُ
فخَرَّ مُلَبّي دعوةٍ ما له سَمْع

فقُل لمُبِينِ الخُسْرِ كيفَ رأيتَ مَا
أظَلَّكَ من دَوح الكنَهْبلِ يا فَقْع

وتلك بنو مروانَ نعلاً ذليلةً
لواطِىءِ أقدامٍ وأنتَ لها شِسْع

ولو سُرِقُوا أنسابَهم يومَ فخرِهم
ونَزْوَتِهِمْ ما جاز في مِثلها القَطع

لأجفَلَ إجفالاً كنَهورُ مُزْنِهِم
فلم يَبقَ إلاّ زِبْرِجٌ منه أو قِشع

أبا أحمدَ المحمودَ لا تكفرَنّ مَا
تقلّدتَ وليُشكَرْ لك المَنُّ والصُّنْع

هي الدولةُ البيضاءُ فالعفوُ والرّضَى
لمقتبلٍ عَفواً أو السيْفُ والنِّطع


ابن هاني الاندلسي

الحمدان
07-17-2024, 07:16 PM
ألُؤلُؤٌ دَمْعُ هذا الغيْثِ أم نُقَطُ
ما كان أحْسنَنَهُ لو كان يُلتَقَطُ

بينَ السّحابِ وبينَ الريحِ مَلحمَةٌ
قعاقِعٌ وظُبىً في الجوِّ تُخْتَرَطُ

كأنّهُ ساخِطٌ يَرضى على عَجَلٍ
فما يدومُ رِضىً منه ولا سَخَط

أهْدى الرّبيعُ إلينا روضةً أُنُفاً
كما تَنَفّسَ عن كافورهِ السَّفَط

غمائمٌ في نواحي الجوِّ عاكفَةٌ
جَعْدٌ تَحَدَّرَ منها وابلٌ سَبِط

كأنّ تَهْتانَها في كُلِّ نَاحِيَةٍ
مَدٌّ من البحرِ يعلو ثم ينهبط

والبَرْقُ يَظهرُ في لألاءِ غُرَّتِهِ
قاضٍ من المُزْنِ في أحكامه شَطط

وللجَديدَينِ من طُولٍ ومِن قِصَرٍ
حَبْلانِ منُقَبضٌ عنّا ومُنبَسط

والأرْضُ تبسُطُ في خدِّ الثرى وَرَقاً
كما تُنَشَّرُ في حافاتها البُسُطُ

والرّيحُ تَبعَثُ أنفاساً مُعَطَّرَةً
مثلَ العبيرِ بماءِ الوَرد يختلطِ

كأنّمَا هي أنفاسُ المعِزِّ سَرَتْ
لا شُبْهَةٌ للنّدى فِيهَا ولا غَلَط

تاللّهِ لو كانتِ الأنْواءُ تُشْبِهُهُ
ما مَرَّ بُوسٌ على الدّنْيا ولا قَنَط

شَقّ الزمانُ لنا عن نورِ غُرّتِهِ
عن دولةٍ ما بها وَهْنٌ ولا سَقَط

حتى تسلَّطَ منْهُ في الورى مَلِكٌ
زينَتْ بدولتِهِ الأملاك والسُّلَط

يخْتَطُّ فوقَ النٌّجوم الزُّهْرِ مَنزِلَةً
لم يَدْنُ منها ولم يُقْرَنْ بها الخِطَط

إمامُ عدْلٍ وفَى في كلِّ ناحِيةٍ
كما قضَوْا في الإمامِ العدلِ واشترطوا

قد بانَ بالفضلِ عن ماضٍ ومُؤتَنِفٍ
كالعِقدِ عن طرَفَيْه يفضُلُ الوسَط

لا يغتدي فَرِحاً بالمالِ يجمعُهُ
ولا يبِيتُ بدُنْيا وهو مغتبط

لكنّهُ ضِدُّ ما ظَنَّ الحسُودُ بهِ
وفوقَ ما ينتهي غالٍ ومُنبسِط

يُزْري بفَيض بحارِ الأرض لو جُمعتْ
بنانُ راحتهِ المُغلَولِبُ الخَمِط

وجْهٌ بجَوْهَرِ ماء العرْشِ مُتّصِلٌ
عِرْقٌ بمحض صريحِ المجد مرتبط

شمسٌ من الحقّ مملوءٌ مطالِعُها
لا يهتَدي نحوها جَورٌ ولا شَطَط

يُرَوِّعُ الأُسْدَ منه في مكامنِها
سيْفٌ له بيمِينِ النّصْرِ مخترَط

خابتْ أُمّيةُ منه بالّذي طلبَتْ
كما يَخيبُ برأسِ الأقْرَعِ المُشُط

وحاولوا من حضيض الأرض إذ غضِبوا
كواكباً عن مرامي شأوِهَا شَحَطوا

هذا وقد فَرّقَ الفُرقانُ بينكما
بحيْثُ يفترِقُ الرِّضْوانُ والسَّخَط

الناسُ غيركُم العُرقوبُ في شَرفٍ
وأنْتُمُ حيْثُ حَلَّ التّاجُ والقُرُط

ولستُ أشكُو لنفْسي في مودَّتِكُم
لأنّكُمْ في فؤادي جِيرةٌ خُلُط

يا أفضلَ الناس من عُرْبٍ ومن عَجَمٍ
وآلِ أحمدَ إن شبّوا وإن شَمِطوا

لِيَهْنَكَ الفَتْحُ لا أنّي سمِعتُ بهِ
ولا على اللّهِ فيما شاءَ أشْتَرِط

لكن تفاءلْتُ والأقدارُ غالِبَةٌ
واللّهُ يَبْسُطُ آمالاً فتنبسِط

ولستُ أسألُ إلاّ حاجَةً بَلَغَتْ
سُؤلَ الإمام بها الرُّكّاضَةُ النُّشُط

من فوْقِ أدهَمَ لا يَجتازُ غايَتَهُ
نجمٌ من الأفُقِ الشمسيِّ منخرط

يَحْتَثُّهُ راكبٌ ضاقَتْ مذاهبُهُ
بادي التشحُّبِ في عُثْنُونِه شَمَط

إنّ الملوكَ إذا قِيسوا إليكَ معاً
فأنتَ من كثرةٍ بحرٌ وهم نُقَط


ابن هاني الاندلسي

الحمدان
07-17-2024, 07:17 PM
تنبّأ المتنَبّي فيكُمُ عُصُرا
ولو رأى رأيكم في شعِره كفَرا

مهْلاً فلا المتنبّي بالنبيّ ولا
أعُدُّ أمثالَهُ في شعره السُّوَرا

تِهْتُمْ علينا بمرآه وعلَّكُمُ
لم تُدركوا منه لا عَيناً ولا أثَرا

هذا على أنّكُم لم تُنصِفوه ولا
أورثتموه حميدَ الذكر إن ذُكِرا

وَيْلُمِّهِ شاعراً أخمَلتْمُوه ولم
نَعلمْ له عندنَا قدْراً ولا خَطَرا

فقد حَمَلتُمْ عليهِ في قَصائِدِهِ
ما يُضْحِكُ الثَّقَلَينِ الجِنَّ والبشَرا

صَحَّفْتُمُ اللّفظَ والمعنى عليهِ معاً
في حالةٍ وزعمْتُمْ أنّه حَصَرا

إذ تُقسِمونَ بَرأسِ العَيرِ أنّكُمُ
شافَهْتُموهُ فهل شافَهتم الحَجَرا

فما يقولُ لنا القرطاسُ ويلكُمُ
إنّا نَرَى عِظَةً فيكُم ومُعتَبَرا

شعراً أحَطتُمْ بهِ عِلماً كأنّكُمُ
فاوضْتُمُ العِيرَ في فحواهُ والحُمُرا

فلو يُصِيخُ إليكم سمْعُ قائِلِهِ
ما باتَ يعمَلُ في تحبيرِه الفِكَرا

أريتموني مثالاً من روايتكم
كالأعجميِّ أتى لا يُفصِحُ الخَبرا

أصَمُّ أعْمى ولكنْي سهِرْتُ لهُ
حتى رددتُ إليهِ السمعَ والبصَرا

كانتْ معانيه ليلاً فامتعضْتُ لَهُ
حتى إذا ما بَهرنَ الشمسَ والقمرا

ضَجرتُمُ وأتانا من مَلامكُمُ
ومن معاريضِكُم ما يُشبهُ الضَّجَرا

تَتْرَى رسائلُكم فيه ورُسْلُكُمُ
إذا أتَتْ زُمَراً أردفْتُمُ زُمَرا

فلو رأى ما دهاني من كِتابِكُمُ
وما دها شِعْرَهُ منكم لما شَعُرا


ولو حَرصْتُم على إحياء مُهْجَتِهِ
كما حرَصْتُم على ديوانه نُشِرا
هَبُوا الكِتابَ رددْناهُ برُمَّتِهِ
فمن يرُدُّ لكُم أذهانَهُ أُخَرا

لئن أعدْتُ عليكمُ منْهُ ما ظَهَرا
فما أعَدْتُ عليكُمْ منْه ما استترا

أعَرْتُموني نفيساً منه في أدَمٍ
فمَن لكم أن تعاروا البحثَ والنظَرا


ابن هاني الاندلسي

الحمدان
07-17-2024, 07:27 PM
صَدَقَ الفَناءُ وكذَبَ العُمُرُ
وجَل العِظاتُ وبالغَ النُّذُرُ

إنَا وفي آمَالِ أنفُسِنَا
طُولٌ وفي أعمارِنَا قِصَرُ

لنرى بأعيُننَا مصارعَنا
لو كانتِ الألْبابُ تعتبِرُ

ممّا دَهانَا أنّ حاضِرَنَا
أجفانُنَا والغائِبَ الفِكَرُ

فإذا تَدَبَّرْنَا جَوارِحَنا
فأَكَلُّهُنَّ العينُ والنّظَر

لو كانَ للألباب مُمتحِنٌ
ما عُدَّ منها السمعُ والبَصَرُ

أيُّ الحيَاةِ ألذُّ عِيشتَها
من بعد علمي أنّني بَشَر

خَرِسَتْ لَعَمْرُ اللّهِ ألسُنُنَا
لمّا تَكَلّمَ فوقَنا القَدَرُ

هل يَنفعَنّي عِزُّ ذي يَمنٍ
وحُجُولُه واليُمْنُ والغُرَر

ومَقاليَ المحمولُ شاردُهُ
ولسانيَ الصَّمصامةُ الذكَر

ها إنّها كأسٌ بَشعِتُ بهَا
لا مَلجَأٌ منْها ولا وَزَر

أفنتركُ الأيّامَ تفعلُ مَا
شاءَت ولا نَسطو فَنَنْتَصِر

هَلاّ بأيْدِينَا أسِنَّتُنَا
في حين نُقْدِمُها فتَشْتَجِر

فانبِذْ وشيجاً وارمِ ذا شُطَبٍ
لا البيَضُ نافعةٌ ولا السُّمُر

دنيا تُجمِّعُنا وأنْفُسُنا
شَذَرٌ على أحكامِها مَذَر

لو لم تُرِبْنا نابُ حادثها
إنّا نَراها كيفَ تأتَمِر
ما الدَّهرُ إلاّ ما تُحاذِرُهُ

هَفَوَاتُهُ وهَناتُه الكُبَر
واللّيْثُ لبدَتُه وساعِدُهُ

ودَرِيَّتَاهُ النّابُ والظُّفُر
في كلِّ يَوْمٍ تحتَ كَلكَلِهِ

تِرَةٌ جُبارٌ أوْ دَمٌ هَدَرُ
وهوَ المَخوفُ بَناتُ سَطوَتِه

لوْ كانَ يَعفوُ حينَ يَقْتَدِرُ
أقسَمْتُ لا يبقَى صَباحُ غَدٍ

مُتَبَلِّجٌ وأحَمُّ مُعتكِرُ
تَفنى النُّجومُ الزُّهرُ طالعةً

والنَّيِّرانِ الشّمسُ والقَمَرُ
ولئِنْ تَبَدّتْ في مَطالعِهِا

مَنُظومَةً فلَسَوْفَ تَنتثرُ
ولئن سرى الفلك المدار بها

فلسوف يسلمها وينفطر
أعَقيلةَ الملِكِ المُشَيِّعِها

هذا الثَّناءُ وهِذه الزُّمَرُ
شَهِدَ الغَمامُ وإن سقاكِ حَياً

أن الغمام إليك مفتقر
كم من يدٍ لك غير واحدة

لا الدَّمعُ يكفُرُها ولا المَطَرُ
ولقد نزَلْتِ بَنيَّةً علمتْ

ما قد طَوَتْهُ فَهْيَ تَفتَخرُ
تَغدو علَيها الشّمسُ بازِغَةً

فتَحِجُّ ناسِكَةً وتَعتَمِرُ
وتكادُ تذهَلُ عن مَطالِعها

مما تراوحها وتبتكر
فقفوا تضرج ثم أنفسنا

لا الصّافناتُ الجُردُ والعَكَرُ
سَفَحَتْ دِماءُ الدّارِعينَ بها

حتى كأنّ جُفونَهم ثُغَرُ
الهاتكِينَ بها الضُّلوعَ إذا

ما رَجّعوا الذّكرَاتِ أو زَفَروا
راحوا وقد نَضجتْ جوانحُهم

فيها قُلُوبَهُمُ وما شَعروا
وحَنَوا على جَمرٍ ضُلُوعَهمُ

فكأنّما أنفاسُهُمْ شَرَرُ
ويَكادُ فُولاذُ الحَديدِ معَ ال
مُهَجاتِ والعَبَراتِ يَبتَدِرُ

فكأنّما نامَتْ سُيوفُهُمُ
واستَيقَظَتْ من بعدِ ما وُتِرُوا

فتَقطّعتْ أغمادُها قِطَعاً
وأتَتْ إلَيهِمْ وهيَ تَعتَذِرُ

لم يَخلُ مَطلَعُها ولا أفَلَتْ
وبنو أبيها الأنجُمُ الزُّهُرُ

وبنَو عليٍّ لا يُقالُ لهم
صَبراً وهم أُسدُ الوَغى الضُّبُرُ

إنّ التي أخلَتْ عَرينَهُمُ
أضحَت بحيثُ الضّيغَمُ الهَصِر

من ذَلّلَ الدنيا ووطّدَهَا
حتى تلاقَى الشّاءُ والنَّمِر

بلغتْ مراداً من فدائِهِمُ
والأمُّ في الأبناء تُعتَقَر

تأتي الليالي دونَها ولها
في العُقْر مجدٌ ليس يَنعقر

أبقَتْ حديثاً من مآثِرِهَا
يَبقى وتَنْفَد قبلَه الصُّوَر

فإذا سَمعتَ بذِكرِ سُودَدِهَا
ليلاً أتاكَ الفجرُ يَنفجر

ولقد تكون ومن بدائعِها
حِكَمٌ ومن أيّامِها سِيَر

إنّا لَنُؤتَى من تَجارِبِهَا
عِلماً بما نأتي وما نَذَر

قسمَتْ على ابنَيْها مكارمَها
إنّ التراثَ المجْدُ لا البِدَر

حتى تولّتْ غيرَ عاتِبةٍ
لم يَبقَ في الدنيا لها وَطَر

من بعدِ ما ضُرِبَتْ بها مَثَلاً
قَحطانُ واستحيَتْ لها مُضَر

وإذا صَحِبْتَ العيشَ أوّلُهُ
صَفْوٌ فَهَيْنٌ بعده كَدر

وإذا انتَهَيتَ إلى مدَى أملٍ
دَرْكاً فيومٌ واحدٌ عُمُر

ولَخَيرُ عيشٍ أنتَ لابِسُهُ
عيشٌ جنى ثمراتِهِ الكِبَر

ولكُلِّ سابِقِ حلبةٍ أمَدٌ
ولكلِّ واردِ نهلَةٍ صَدَر

وحُدودُ تعميرِ المعمَّرِ أن
يسمو صُعوداً ثمّ ينحَدِر

والسيْفُ يبلى وهو صاعقةٌ
وتُنالُ منه الهامُ والقَصَر

والمرءُ كالظلِّ المديدِ ضُحىً
والفَيْءُ يَحسِرُهُ فينحسر

ولقد حلبْتُ الدّهرَ أشطُرَهُ
فالأعذَبانِ الصّابُ والصَّبِر

غَرَضٌ تَراماني الخُطوبُ فَذا
قوسٌ وذا سَهْمٌ وذا وَتَر

فجزِعتُ حتى ليسَ بي جَزَعٌ
وحَذِرتُ حتى ليس بي حَذَر


ابن هاني الاندلسي
العصر العباسي

الحمدان
07-17-2024, 07:29 PM
‏حُشاشةُ نفسٍ ودّعَت يوم ودّعوا
‏فلم أدرِ أيَّ الظاعنَينِ أُشيّعُ

‏أشاروا بتسليمٍ فجُدنا بأنفُسٍ
‏ تسيل من الآماقِ والسَمُّ أدمُعُ

‏حشايَ على جمرٍ ذكِيٍّ من الهوى
‏وعيناي في رَوضٍ من الحُسنِ ترتَعُ

‏ولو حُمّلَت صمُّ الجبالِ الذي بنا
‏غداةَ افترقنا أوشكَت تتصَدّعُ

.....

الحمدان
07-17-2024, 07:36 PM
مــن ذا يـسمي نـفسه سـيداً؟
هـذي الـعصا لا غيرها السيدة

الـجـوع والـكِـرباج تـاريـخكم
هل غير هذين سوى المفسدة

لـكم غـدٌ… يـأتي ويمضي غدٌ
ومـــا تـكُـفُون عــن الـغـدغدة

البردوني

الحمدان
07-17-2024, 08:12 PM
يا مَن يُعلمني نحواً وتَوريةً
تعال أخبِرْكَ ماذا يَصنع البَدلُ

لا تَحسبِ الأرضَ عن إنجابِها عَقِرت
مِن كُلِّ صَخرٍ سَيأتي لِلفِدا جَبَلُ

فالغصنُ يُنبتُ غصناً حين نَقطعه
والليلُ يُنجبُ صبحاً حين يَكتملُ

سَتمطر الأرضُ يَوماً رغم شِحّتِها
ومِن بطونِ المآسي يُولَدُ الأملُ

البردوني

الحمدان
07-17-2024, 09:53 PM
فؤادي قد براه البين لما
تزلزل طوره يوم الرهان

تغربت الهياكل منذ ذابت
عوالمها بأجفان السنان

خفيت فلو أتاني البين وافى
فؤادا ضل في وصل الغوان

أنست بوحدتي ونسيت ألفي
ولم أدر مكاني على الزمان

أذاب الشوق مني كل عضو
فإني قد خفيت عن الزمان

فلو أني بكيت لقال تشكو
ولو أني سلوت لقال هان

ولو أني طلبت الوصل نادى
ألم أعلم بأنك في التفان

ولو أني جننت لقال غيضا
ألا مت بالمطامع والهوان

ولو أني فنيت لقال تيها
فإني فوق ما ترجو الأمان

أبيت سمير بين البين حتى
نحلت فلا أرى مما براني

نحرت لضيف طيفك نوم جفني
فسال دم الكرى مثل الجماني

وغاب الكل عن كلي فأنتم
هم كلي وأنتم ساتران

إذا ما قلت صل صبا تثنت
وقالت لا يراني إلا فان

أريد وصالكم والوصل عذب
وأنا لي وأنتم فرقدان


أبو الفيض الكتاني

الحمدان
07-17-2024, 09:53 PM
جعلتك دون النفس والأب والأم
وحبّي ودون الخال والأخ والعم

فيارب يا مولاي يا من تنزّهت
صفاتك عن شبه وكيف وعن كم

فكن لي وليا ناصرا مشفعا ولا
تكلني إلى نفسي وأرحم من أم

ومن كادني ربي فكده وعاد من
يعاد وفرج كرية الهم والغم


احمد الهيبه

الحمدان
07-17-2024, 09:54 PM
الحبّ صال على بالي ببلبال
يا حبّ رفقا ببلبال على بالي

والعشق قطّع أوصالي وتيّمني
يا ليته ليته بالرفق أوصى لي

تلاعبت بي اشكال الغرام أسى
والعقل من شكله في حيّز الاشكال

ومن تلاعبه كأنني شغفا
للاسم خاتمة في حكم الافعال

فراحة القلب والمنام في دعة
والشوق والدمع في فيض وتهمال

بيت تشطر نصف للسلاة ولي
نصف فذاك لهم منه وهذا لي

إن سائل سال ما الهيام مختبرا
فلا أنا سائل ولست بالسال

لاحب غيلان خرقاء وميّته
ولا بكاء على رسم وأطلال

كلا ولا من لييلي العامريّة أو
جنون قيس بها في المنزل الخال

ولا هيام كثيّر بعزّة إذ
حيت له جملا من بين أجمال

ولا غرام جميل من بثينته
ومابها غص من قلب وخلخال

ولا ملاحة غزلان شدت لنا
من هؤليائكنّ السمر والضال

إني أسير الحجا لدى الحجازفيا
ليتي أسير إليه سير إرقال

لم يعذب العذب من بعد العذيب فيا
ماء العذيب انضح الأحشا بتهطال

وسل عن القلب سلعا إن مررت به
وهل بسلع يرى سال بتسئال

أو مل على أحد إن لم تجد أحداً
فشمّ تلقاه فيه منعم البال

أو مل على طيبة حتما تراه بها
يا برح شوقي ويا محط آمالي

ما أعذب الحب من بعد الهدو وما
أشهى تعاطيه ليلا مرخى الاذيال

نعم وأحلاه في ليل التمام إذا
ما أشرق البدر أو في لمعة الآل

هيهات ما طربي من حب غانية
ولا خدلجة وهيفاء مكسال

ولا مفلجة الثغر الشتيت ولا
دعج العيون ولا ركوب شملال

ونقطة الخال في الخد المليح فكم
من عاشق تيمته نقطة الخال

ولا الوقوف على ربع ولا طلل
وميس مغدودن في الحقف ميال

بل إنّني تائه في حب أحمد لا
ألوي على غيره وليس في بال

أنا مجلى أحبّة النبي ومن
سواي هو المصلي أو هو التال

عذّال أغريتم على محبّته
فأكثروا أو أقلّوا فيه عذّال

في حبّه ليس لي شكل يشاكلني
في حبه إنني معدوم الأشكال

كل الصبابة جزء من محبّته
بل إنما غيرها خيال تمثال

فلا محاسن إلا من محاسنه
ولا اشتياق ولا غرام إلالي

إن شئت فصل أو اجمل في مدائحه
يعيبك تفصيلها حصرا كالاجمال

فماض بيض مواضيه بنيّ على
فتح كما ألزموه آخر الحال

فلا صلالة تحدو في غياهبها
ولا حنادس ضليل وضلال

قل إنه مفرد في كل منقبة
ودع سوى ذاك من قيل ومن قال

فلا تقس بالنبي فاضلا علما
ولا تقس فضله بفضل مفضال

فقيمة الآل ليست كالعباب ولا
في جمل العد قيس الشين بالدال

لو بالغ المادحون في مدائحه
فخرا لما زيد في مجد وأفضال

كالشمس لو بالغوا في ضوء طلعتها
ما ازداد ضوء الضحى منها والآصال

ولاجرى في العلى والارتقا مثل
إلا له مثل من بين الأمثال

روح الوجود وباب اللّه خيرته
بين العوالم تاج هام الارسال

محمّدا سر كل الكون منبعه
ببابكم قد حططت عبء أثقال

محمّديّ الهوى والحال يشهد لي
وأصدق الشهداء شاهد الحال

أغث أغث يا رسول الله عبدك يا
من فوق كل مقام عرشه عال

حاشاك أن تدع الجاني العبيد سدى
حاشاك في زاويات حاش الاهمال

يراك جنّته في كل نازلة
وحصنه من أذى جميع الأهوال

هول الحياة وأهوال الممات وما
بعد الممات من أهوال وأوجال

تمرّ بردا علينا لا نساء بها
ونحن في دعة وبشر إقبال

ولا يحطّ لنا قدر ولا رتب
ووالنا بالأماني إنك الوالي

أنت الغياث أغث أنت الغياث أغث
وفرج الكرب إني ضاقت أحوالي

الله الله فينا فارعه أبدا
والمسلمين وداركنا بإعجال

يا من تردّى بعز الكبرياء ويا
ربا تعاظم في قهر وإجلال

يا من يجيب دعاء من دعاه ويا
من أمره بين حرفي كن أيا وال

فكن إلهي لمنشيها ومنشدها
ولتقض حاجهما ربي بتسهال

وأذن لأحمد في قضا حوائجنا
وما نؤمل من منى وآمال

عليه مني صلاة لا انتهاء لها
أرضى صلاة له والصحب والآل

قد شفعت بسلام كامل عطر
ولا يسام بتحديد وإكمال


احمد الهيبه

الحمدان
07-17-2024, 09:54 PM
إن عيني من تذكر خود
صرفتني للحب عما أريد

لصباها تردّ صاحب شيب
ويشيب الصغير منه الوليد

وصفها حار فيه بل عنه حسنا
عجز الشاعر البليغ المجيد

جرتا بالدموع حتى رماني
وله دائم وحزن شديد

وطويل ووافر كبهاها
وبسيط وكامل ومديد

فلهذا تلاطمت وسط لبي
أبحر الحب والغرام يزيد

طارف حبها ومنها تليد
إنما الحب طارف وتليد

إن أبادت تلك المليحة لبي
فغرامي من حبها لا يبيد


احمد الهيبه

الحمدان
07-17-2024, 09:55 PM
ظباء شموس صائدات ذوي النهى
متيمهن اليوم هو المتيّم

تجمع فيهنّ الهوى فاتخذته
شراكا لأرباب الهوى حيثماهم

تنازعن أياما مضت عند مغرم
وياليث شعري هل درى قط مغرم

فما ربة الأهواء والحسن والجوى
وما الحاكم القاضي لنا المتحكم

فقال لهن الحكم في الحب ظاهر
ولكنني في الشغل لا أتكلّم

فجئن لقاضي الحب بعد تشاجر
وقلن له يا قاضي أنت المحكم

فقال ألا إني ببيت لفاطم
حكمت كما أني بما قال أحكم

إذا صرصر البازي فلا ديك صارخ
ولا فاخت في أيكه يترنّم


أحمد الهيبه

الحمدان
07-17-2024, 09:55 PM
من ذكر حيّ مضى في سالف الزمن
سقمت يا قلب حتى صرت كالزمن

بليت حتى بليت من تذكّره
وازددت حزنا على ما كان من حزن

والناس جاهلة ما فيك من شغف
والعين باكية وأنت في شجن

أبكى عليه ودمع العين منسكب
حتى قلقت من الأحزان والمحن

أبكي عليه بكاء من تذكره
بكاء ولهته في حالك الدّجن

تبكي عليه بكاء زادني شغفا
وقلقت منه أحشائي وقرّقني

دع الوقوف على ديّاره وعلى
أطلاله وعلى دوارس الدمن

وخل عنك الطوال والبكاء بها
فليس ينفع مسكون بلا سكن

واقصد مدائح قطب حاذق لبق
ينسيك للأهل والأحباب والوطن

سمح لبيب تقيّ عالمٌ بطل
حبرٌ تقيّ بحبل الشرع مقترن

بحرٌ اشمّ شميمٌ طاهر علمٌ
قطب سخيّ وفيّ زاهد فطن

فخاض بحر العلى منذ الصبا وعلا
على الذي قد علا في البدو والمدن

وخاض بحر الهدى وللطّغاة هدى
كلا وخاض بحار الحق بالسفن

فمثلكم لم يكن هنا وليس يرى
فيما مضى أبدا في سالف الزمن

وإن يكن فيه يا ماء العيون فلم
تبصره عيني ولم تسمع به أذني

فمن أيا ماء عيني للأناس متى
ما حلّ ضيمٌ ومن للداء في البدن

ومن لهم عندما حلّت بهم إزمٌ
ومن لهم عند دفع الظالم الدخن

ومن لهم من لهم فيما يحلّ بهم
سواك يا ملجئي في السر والعلن

فأنت إذ ذاك تنجيهم وتنقدهم
من المضرّة والظلام والفتن

طليق وجه لدى انسكاب راحته
كأنه البرق في انسكاب ما المزن

بدر منير كأنّ الضوء منتشر
والبدر مقتبس من وجهه الحسن

له يدان يد مبسوطة أبدا
على الورى ويد تزيل للمحن

للّه للّه ما للناس من نعم
أسدى جميعا وما يزيل من درن

عن القلوب وما عن الرسول حوى
من العلوم وما أحيا من السنن

الطاهر الحسن ابن الطاهر الحسن
ابن الطاهر الحسن ابن الطاهر الحسن

والواهب المنن ابن الواهب المنن
ابن الواهب المنن ابن الواهب المنن

فمثلكم في الورى يا خير كل فتى
ما كان قط وحتّى الآن لم يكن

مدحتكم ولقد يكلّ مدحكم
حمل القراطيس والأقلام واللسن

لكن أتيت بقول قلّ يا أملي
ورب قول قليل جاد بالحسن

أتيت ملتجئا لباب فضلكم
من الذنوب فقد قادتني بالرسن

اريد أن يغمرني الفضل من ملك
رب رحيم عن الأعمال هو غنّي

صلى الاله على المختار ما سجعت
حمامةٌ أو بكى طير على فنن


احمد الهيبه

الحمدان
07-17-2024, 09:56 PM
ليت الزمان على الثلاثة موقف
حيث انتهت هذي لذي يتنقّل

برح الصبابة ماله من شائب
إلا بما باللب منا يفعل

أو غادة غصنيّة دعصيّة
صبحيّة والليل منها أليل

أو أهل ودّ إن قصدت بمقول
بعدا فما للقول من يستشكل

هذا يئنّ وذا يغرّد منشدا
شعرا وهذا منصت يتململ


احمد الهيبه

الحمدان
07-17-2024, 09:56 PM
كلّ شيء لنا احتيال عليه
أو مرد ولو غدا في المحال

غير وقع النبال من ممرضات
لاعد منا وقعا لتلك النبال

وخفوق القلوب من لين غصن
مائس من ترجرج الأكفال

وضروب من الغناء وشعر
وصوت الدملوج والخلخال

ليت شعري فهل لهذا مردّ
أوله حيلة بأي احتيال


احمد الهيبه

الحمدان
07-17-2024, 09:57 PM
تمكّنت المليحة من عناني
متى منها عنيت بما عناني

فقالوا لي لنا صفها جمالا
فقلت لهم ومنها في هوان

فما أدري ولكن من أتاها
محالٌ أن يؤوب إلى الحسان

وإن جاءت ذوائبها بليل
يجيء صبح يشاب بأقحوان

وإن جاردفها الراسي بحقف
يجيء الميس منها خوط بان

وقالوا صف لنا شوقا هواها
فقلت لهم يضيق بذا جناني

فليس يرى لشيء منه جزءٌ
ولا يختصّ عن وقت بشان

ولا ينجيك منه البعد كلا
وذكر الغانيات ولا التداني

ولا يلقي تستّر في خفاء
ولا هو في الظهور ولا البيان

بلا طورا أموت ومنه طورا
أصمّ الأذن منعقد اللسان

وطيورا هائم قلبي وطورا
لوجه الأرض أنضح بالجمان

وحلو تارة مرّ جناه
عسى يرمى عساه بما رماني


أحمد الهيبه

الحمدان
07-17-2024, 09:57 PM
مخدّرةٌ أعوذ بربها من
تدلّلها إذا ذكر الخداع

لها التحكيم في الألباب دأبا
تباع لها النفوس ولا تباع

تطاوعها الطباع كما أرادت
كما حسنا توافقها الطباع

ومنطقها الرخيم له ارتياح
يغار تطرّيا منه السجاع

وخمر الثغر يجري فوق ظلم
وليس به النزيف ولا الصداع

ورفقا يا ضفائر بي إذا ما
تخلّلك الوضاءة والشعاع

وجذب الردف مرط الساق مهما
يجاذبه انخفاض وارتفاع

صرفت إلى سواها الحبّ طوراً
مودعة وما عذب الوداع

فقالت رجعن ما سارحتما
ولي طرب بذلك وارتداع

وسلم للهوى إن شئت تسلم
فقلت مسلما أمر مطاع

فقالت سرمتى سلّمت أوجىء
أقرّ الخصم وارتفع النزاع


احمد الهيبه

الحمدان
07-17-2024, 09:58 PM
ما هزّ ألبابنا كالأعين النجل
وكاهتزام ثقال الردف والكفل

وشهدة الثغر من برق يجوهره
يرد الغمام بحسن النظم والرتل

ومورحيات فرع فوق خاصرة
وتحتها لا تني لغصّة الحجل

وكالتمايس من لي القدود ضحى
ممنطقا بضعيف الخصر كالثمل

وعندنا شرك للموت آخذةٌ
ماء الملاحة في الثغور والمقل

هذي مدامتنا العظمى فلا سلمت
أولو الهوى من تعاطي أكؤس الغزل


احمد الهيبه

الحمدان
07-17-2024, 09:59 PM
إلى كم دمع عينك في انسكاب
وتوكاف على دور الرباب

وعينك لا تنام كأن فيها
كلوما كيها مثل الشهاب

وقلبك مستهام طاش شوقا
وتذكارا على طول اكتئاب

عراني الشوق والهيمان حتى
كللت عن المسير أو الإياب

عهدت بها عروبا أودعتني
حزينا مستهاما كالمصاب

لها وجه كصبح تحت ليل
غدائره كأجنحة الغراب

إذا ابتسمت ترى لمعان فيها
كلمع البرق في كف السحاب

كأن رضابه من بعد نومٍ
فتيت الرند خولط بالرضاب

لذيذ الطعم عذب مستطاب
وحسبك من لذيذ مستطاب

يؤثر إن مشى ذر عليها
ويزلق فوقها فرخ الذباب

فتاةٌ تخجل البدرين ضوءا
إذا برزت مجافية النقاب

ديارٌ قد عهدت بها زمانا
قد أفنى من تذكره شبابي

فلا آوي إلى زمن وراه
ولا آوي إلى لهو الكعاب

ولا آوي إلى أطلال خود
ولا آوي إلى كاس التصابي

فيا قلبي زمانك قد تنحى
فدع تذكاره واطلق ركابي

إلى مدح الشريف أبي اليتامى
أبي الجود المسمّى بالسحاب

سألت العلم ما العينين ما هو
فقال عمامتي بل هو نقابي

سألت الدين ما هو قال ذا هو
جداري دائما بل هو بابي

سألت الجود ما هو قال عبد
لما العينين صرت بلا حجاب

ترى العافين دأبا في اختلاف
عليه في المجيء وبالذهاب

فيمناه عليهم كل حين
كأمواج الغطمطم والعباب

ويسراه تسح لهم بفيض
سحون المزن في أعلى انسكاب

فيطعمهم مع الترحيب منه
طعام في طعام مستطاب

ومسكنهم حصين بل حسين
سواء من خيام أو قباب

وما زالوا بأطيب ما استطابوا
تعمّهم جفان كالجواب

وكم ساروا بما يرجون منه
من الخيل المسومّة العراب

وكم حاذا النبي بكل فعل
وقول في امتثال واجتناب

وكم حاذاه في الأوصاف طرا
كما حاذا الغراب أخو الغراب

فما يدعو دعاء كان إلا
تقبّله المجيب من المجاب

فمن آخاه صار إلى نجاح
ومن عاداه عاد إلى تباب

ومن داناه كان على سرور
ومن جافاه كان على اكتئاب

أتم الناس ميثاقا وعهدا
وأشرفهم وأحرى في انتساب

وأرأفهم بجيران وأهل
وأصدقهم كلاما في الخطاب

واسرعهم إلى الهيجا وأندى
نداه على العفاة من السحاب

وأعرفهم وأعلمهم جميعا
بأحكام الحديث مع الكتاب

وأعلاهم نصيبا في المعالي
وأطلقهم لسانا في الجواب

وأشرفهم وأطلقهم جبيناً
وأوفقهم إلى حكم الصواب

وألين جانبا وأعم نفعا
إذا احمر السماء على التراب

وأرحم للأرامل واليتامى
وأعتق في الشدائد للرقاب

وقد ظهرت عليه في صباه
أدلّة ما تبدى في الشباب

وأعطاه فضائل واضحات
منوّعة تجلّ عن الحساب

فما نور البدور إذا تجلت
ونور الشمس واضعة الشياب

ونور الأولياء بكل وصف
بنور الشيخ إلا كالسراب

وما الأمطار في وكف وسخ
وثج وانهمال وانسكاب

وأمواج البحار على اختلاف
بجنب نداه إلا كالرضاب

إذا صعب الأمور على أناس
فنعم الشيخ من عدد الصعاب

ونعم الأنجب الأوفى بعهد
ونعم الباسل الحامي والآبي

مغيثٌ للأنام حماه ربي
وفي يوم الحفيظة ليث غاب

فيا أهل القرابة فاسمعوني
ويا أهل الإخاء والاقتراب

فإن شئتم نجاح الأمر أنتم
وإتيان المنى من كل باب

دعوا الأموال والأوطان كلا
وذكر الغانيات من الكعاب

وإيئتوا ماجداً برا كريا
بوصل للإله بلا حجاب

إماما محسنا هينا ولينا
عفوا عن عتاب ذوي العتاب

أبر فتى فصوحا فاق علما
أجل فتى مشى فوق التراب

وأكرم مكرم ركضت إليه
وحطّت عنده قلّص الركاب

ويا من زانه علموحلم
وشرّفه التمسك بالكتاب

ويا أملي وريحاني وروحي
أتيتك من ذنوبي من عذاب

ولي يا خير مقصود خطايا
عظام أو جبت ألم العقاب

وأن تدعو الإله أزلت خوفي
من أهوال العقاب وكل مابي

ولكن للمديح أراك أهلا
لأنك للمكارم ذو اكتساب

ومني للنبي صلاة ربي
شفيع الخلق في يوم الحساب

بعد الرمل والأمواج دأبا
وعد الوكف من قطر السحاب

وما قال الغريم على اشتياق
إلى كم دمع عينك في انسكاب


احمد الهيبه

الحمدان
07-17-2024, 09:59 PM
فهمنا من التصريح ما قد ذكرته
وبحنا بمن نهوى متى اتضح الأمر

سماها سمى بنت الرسول لها الصب
وحكمها فيما تشا الحب والتشعر

زمام الهوى قتّاله الصبا بالهوى
وما فاتها منه ذراع ولا شبر

وهل قط يحتاج النهار لنا إلى
دليل ولا شك إذا طلع الفجر


احمد الهيبه

الحمدان
07-17-2024, 10:00 PM
واللّه ما لي سوى الله الكريم وقد
أقسمت بالله ما عندي سوى الله

أسّست أمري على الله القوي ومن
بالله تاسيسه كفاه تالله

رميت تالله غير الله نحمده
إذ وفقني لرمي ما سوى الله

وليس يهدم بل يبني ويحفظ بل
تزداد نعمته فضلا من الله

يا الله زدنا وزد بنياننا أبدا
مشيدا بالترقي في رضى الله

يا الله يا الله يا إلهي خذ بيدي
ولتكفني ربنا يا الله بالله

يا الله يا الله لاتشمت بنا وبمن
أحبنا حسدا بغير الله

يا الله واشف لمرضانا وعاف لنا
من كل سقم بنا بأحرف الله

يا الله واقض لحوجانا بأسرع من
طرف العيون تكرّما من الله

يا الله فرج أيا الله كربى وفرجن
للمؤمنين تفريجا من الله

واحفظ من العين والأسحار أجعنا
يا الله والكيد حفظ الذكر بالله

يا الله إنا تحصّنا بحصنك يا
الله حصن لنا يا الله يا الله

يا الله واحفظ ذرارينا مسلّمة
مما يشين وقاية من الله

أسعد لنا وأطل أعمارنا كرما
يا الله يا الله إكراما من الله

يا الله في أنعم مكرّمين وفي
عزّ من الله في فضل من الله

وابسط علينا من الأرزاق أكثرها
من كل ناحية بسطا من الله

ولاتكلنا إلى تدبير أنفسنا
يا الله يا الله تدبيرا من الله

غفرانك الله فاغفر ذنبنا كرما
يا الله يا الله رحمة من الله

واجعلن مجمع كل الخير منقبةً
وشمس دهري منة من الله

ناشدتك الله يا الله الكريم أغث
هذا العبيد أيا إلهي بالله

ملقى ببابك لابباب غيرك مض
طرا فلا له سوى الله

يا الله يا الله يا الله بالله
دارك عبيدك يا الله يا الله

وصل وسلم على رسولنا وأجب
لطف دعاك بذا وعدا من الله


احمد الهيبه

الحمدان
07-17-2024, 10:00 PM
ألا إنني في الحب جد متيّم
إذا صدّ واش مغرما ورقيب

وليس لمجنون ولا لكثير
نصيبي وأحرى ما يكنّ نصيب

ويعجبني ما قلت في الشوق والصبا
وما أنت في ذاك المجال غريب

لئن غيب الشوق المبرح للحجا
فشأن قلوب العاشقين مغيب

تقودهم الأشواق طورا وتارة
لهم زفرات شابهنّ نحيب

يميز للأشواق من ذاقها ولا
يميزها الخريت لا واللبيب

وإن بنى بيتا من الشعر مخبر
وما الشعر إلا مدحة ونسيت

أجارتنا إنّا غريبان ها هنا
وكل غريب للغريب نسيب


احمد الهيبه

الحمدان
07-17-2024, 10:01 PM
إذا كان أمري في يديك صلاحهُ
فأصلحه كربي ففرجه حيث حل

وإن لم يكونا في يديك إلا هنا
فسيّان عندي فيهما كلّ ما فعل


احمد الهيبه

الحمدان
07-17-2024, 10:01 PM
ما كنت أول مدنف قد شاقه
زهر الربا وتمايل الأغصان

والورق يهدل والغناء مرصّع
بمباسم الآرام والغزلان

ومجالس الفتيان والفتيات في
أنس من الأنغام والألحان

ليل التمام على البطاح إلى الصباح
فيا له من مجلس وأوان

أو في رياض الدور والأضواء في
مشكاتها تزداد في اللمعان

ونمارق وطنافس وأسرة
بمنازه الأمراء والأعيان

أو تارة حادي الرحيل بتيرس
يحدو وهذا سائق الأظعان

وإذا هو ادج أقبلت تمشي وذي
سارت وهذي لم تزل بمكان

فكأنها سفن ومزن سحابة
مزجت جوانبها بأحمر قان

يحملن غزلان الخمائل والشمو
س الضاريات وجوهر العقيان

السالبات لكل لبّ حازم
بترجرج الأكفال والكثبان

بيسمن عن برد الأقاح ولؤلؤ
الأصداف بل وتنسم الريحان

وسرت سلافة خمرهن على الغص
ون اللدنيات فمسن كالنشوان

كل المحاسن والملاحة قسّمت
من حسنهن كفتنة الشيطان

وكذاك هنّ فلم ينلن ملاحة
حى صحبن مثيرة الأحزان

وردية الخدّين ضامرة الحشا
حقفيّة الأرداف تحت البان

بدريّة ليليّة شمسيّة
حينيّة برديّة الأسنان

باحسن يا كفل وقيت ترجرجا
يا ألطف الميسان والميلاد

يا بدر يا شنب وقيت السكر من
خمر الرضاب وسكرة القضبان

رفقا بصبّ لا يفيق وما له
إلا الضنا وتولّه الولهان

للّه أيّام الصبا والحبّذا
ليلات لهو هيّجت أشجان

دهر يسوغ لي النسيي ويحسن التش
بيب فيه تطرّبا بمغان

لا زال يبتسم الاقاح بصحبه
والورق ساجعة على الأفنان

وعيونه تحكي لنرجس أرضه
وتسلّ أسهما من الأجفان

والظل يقصر بالنسيم وتارة
يمتدّ لا يخلو من الميسان

ومدامع العشاق تنهمل انهمال
المزن بالياقوت والمرجان

النوم ممنوع على أجفانهم
وقلبهم تزداد في الخفقان

ما اغفل الرقباء في أيامه
ولكم زها طربا بما أرضان

يا ما أحيلاه وأطيب طيبه
وأهيله ومجالس الخلان

وبدور تم مدلجون لياليا
متجلبين صقالة الأذهان

ما بين أبلج فوق سرج أو على
ذلل عناق ضمر وهجان

أدباء أذكياء أهل تطرّب
ظرفاء أهل الشوق والهيمان

قرنوا اللطافة بالظرافة والملاحة
بالفصاحة في أتم بيان

ما الدهر إلا هكذا ما سوى
هذا فهو ضرب من الهذيان


احمد الهيبه
المغرب

الحمدان
07-17-2024, 10:06 PM
"‏مـلـك الـمـلـوك إِذا أرادَ فـإنّمـا
يعطي عطاء يـدهـش الأبصارا

هيا استعِينوا بالذي رفعَ السّما
كـي يــرفـع الأسـقـام والأوزارا

سـبحـان ربِـي لا حدود لجوده
مُـجلي الـهموم إذا زمانك جارا

أَو مــا تـرون عـنـاية اللـه التي
لـيـلا تـحـيـط بـخلـقـه ونـهـارا

......

الحمدان
07-17-2024, 10:07 PM
‏وما المرءُ إلا ظلُّ طَيفٍ سينقضي
وتأتي ظلالٌ بــــعدَهُ وطُيُوفُ

وما العمرُ إلا غفوَةٌ بعدَ غـفوةٍ
وما الناسُ إلا وَمضةٌ وخُسوفُ

فمُرَّ على الدّنيا خفيفًا كما النّدى
فإنّا عـلى هــذه الحياةِ ضيوفُ

.....

الحمدان
07-18-2024, 12:05 AM
تـلك العواصفُ يا قبطانُ غامضةٌ
من كـلِ صـوبٍ رياحُ الشـر تأتينا

بالحزم والعـزم والايمان ندفـعـها
وبالـشـياطـين والدخـلاء ترمـينا

كريم العراقي

الحمدان
07-18-2024, 12:07 AM
وكلُّ سَعيٍ سيجزي اللهُ فاعلهُ
‏وكلُّ حُلمٍ سرابٌ دونما عَملٍ

‏وكُلُّ فِعلٍ إذا الإخلاصُ رافقَهُ
‏تَغدُو متاعِبه أحلى من العَسلِ

‏فالبَذلُ عَذبٌ، وللمَجهودِ عاقِبَةٌ
‏وتُستطابُ ثمارُ السّعي بالمُقَلِ

‏ومن تزوّد بالتَّقوى يعِش بِرضا
‏لو سار فَوق المآسي غير منتعِلِ

......

الحمدان
07-18-2024, 12:09 AM
سَعَيْتُ فَأَدْرَكْتُ الْمُنَى غَيْرَ أَنَّنِي
أَضَعْتُ شَبَابِي في سَبِيلِ طِلابِي

فَمَا تَنْفَعُ الدُّنْيَا وَإِنْ نِلْتُ كُلَّ مَا
تَمَنَّيْتُ مِنْهَا بَعْدَ فَقْدِ شَبابِي

البارودي

الحمدان
07-18-2024, 01:53 PM
بات موعودي ارتيابا
إذْ رجـائي فيك خابـا

كم حـديثٍ ثم وعْـدٍ
ظلَّ كذباً بل سحابـا

لمتُ نفسي حيث امست
نقمـة والقلب ذابـا

لاتذرني في انتظـار
قاتـل، ابعـث جـوابـا

فيه ما يُشفي سـقامي
مـهجتي سهمٌ أصابـا

قد كـفاني منك بَيْنٌ
كـان همـّاً بل عذابـا

أين ودّي، أين عـطفي
كل شيء عنك غابـا!

دَعْ مَلا مي، لُمْ غرامي
جُدْ بوصلٍ منك طابـا

عَلَّ أيامـي نحـوسٌ
أين سـعدي أين غابـا؟

نالنـي مانِـلْتُ غمّـاً
ثم سُـهْداً بل عـتابا

قد سقاني من هـواني
صِرْتُ في حبـي عُجابا

هِمتُ شوقاً، ذبتُ عشقاً
غير أن الظن خـابا

لا تقل صـبراً حبيبي
منيتي أضحت سرابـا

إنْ عقدتُ العزم يوماً
لن أرى يأسي صوابـا

عِمْ صباحاً ياغـزالي
تُهْتَ، هل تنوي إيـابا؟

هل إلى المسعى سبيلٌ
حيثُ أستجدي ثوابا؟!


مَحمد اسموني

الحمدان
07-18-2024, 01:54 PM
ردِّدي بَعـْدي وجيبي
واسمعينـي في نـحيـبي

أدركـي ودي فويلي
من تَجَـنِّيـك الغـريبِ

وارحمـي قلـباً كليماً
لم يجـدْ عنـد الطـبيبِ

أيَّ نُصْـحٍ، أو دواءٍ
أَفـَلا يخـشـى حبيبـي

مِنْ ردودي كلما، هَد
ـدتُ بالدمـع الصبيبِ

إنَّ قلبـي، عُدَّ خصمي
فَلْيَكُنْ عـقلي رقيبـي

لِمَ أهلي، ثم صـحبي
صِـرْتُ فيـهم كالمعيبِ؟

هَلْ تَرى أنّـي سليمٌ
وأنـا صَــمْتي نحيبـي؟

هَلْ لأنّي مُغْـرَمٌ شـاكٍ
صَـدوقٌ للـحبيبِ؟

هاأنا في الهَمِّ وحـدي
غُصْتُ في موجٍ رهـيبِ

فمتـى يجنحْ خـيالي
اَدْنُ شِبْـراً من لـهيبـي

كنتُ أحيا في وئـام
بِتُّ في الهـجر المـريبِ

غير أنّـي لم أطـاوعْ
رَأْيَ عقـلي في القريبِ

قد نهـاني عن عُقوقٍ
وانتـحاري ذا العجيبِ!

حيثُ باتـتْ منك روحي
في هواكم كالسَّليبِ

دَعْ دمـوعي شاهداتٍ
إذْ فلا من مستجـيبِ

يا طبيبي، منـك دائـي
لمْ تَعُـدْ لي، من نصيبي

فيك غدرٌ، ليس عندي
منـك بالأمر المُـريبِ

إنَّ عقـلي، راح مـني
تُهْتُ في اليوم العصيبِ

يومَ أنْ أقْبَـرْت ودّي
قلت:بُعْـداً للـغريبِ

منذُ ذاك اليوم حَتْـماً
مـال نجمـي للمغيبِ!

كنتُ محبـوباً رَغيبـاً
صاحبَ الرأي الصَّويبِ

عـدتُ مغمـوماً مهيناً
كـاتمَ السّـرّ ِالمَعيبِ

ربما أخـطأتُ يـوماً
صَرِّحي، بوحي، أجيبـي

جئتُ أستجدي لـقاءً
حَبَّـذا لـو تستجيبـي

فيهِ نُنْهـي كلَّ عَـهْدٍ
ظَـلَّ قَيْـداً ياحبيبـي!

لَمْلِمي أحـلام قلبـي
فَهْيَ في صدري الرَّحيبِ

واحْفَظـيها في شِغافٍ
لَوْ إلـى وقتٍ قـريبِ!


مَحمد اسموني

الحمدان
07-18-2024, 01:55 PM
طفتُ في ارجاءِ حُـلْمٍ
لم أجـدْ إلا سـرابي

لم يكنْ حلـماً غريبـاً
إنـما زاد ارتيـابي

أين آمـالي تـرَدّت
فتلاشت في اضطرابِ

هل عـذابي في مـلامٍ
أم ملامي في عذابي؟

كُلُّ شيءٍ باتَ خصمي
من كلامٍ أو شرابِ

وأنيسُ الروحِ أبدى
لي نـفوراً في انقلابِ

إنـه صِنْفٌ مَلولٌ
لم يمـلْ نحـو الصواب

إنْ يكن ذا منك حبٌّ
لا تغالي في المصابِ

ضاع مني سرُّ ودي
أيـن أيامي العـذابِ؟

حيثُ عشنا في غرامٍ
انتـهى تحت التـرابِ

فحبيبي هائمٌ يَبْـغي
هَوىً فوق السحابِ

أأنا في النّارِ وحدي
وهْوَ لا يـدري عـذابي؟

آثِـمٌ يامن رمـانـي
في مَـواتٍ واغترابِ

لا تغبْ عـني كثـيراً
خاب ظني في الغيابِ

اصغَ وارحمْ نبضَ قلبي
لا تبالغْ في اسـتلابي

لا تقلْ لي فيك حُمْـقٌ
داوني قبـل الحسابِ

حجمُ مأسـاتي عظيمٌ
أشتـكي في كلِّ بابِ

راجيا ًغَـوْثَ غريقٍ
غاصَ مثلي في العُبابِ


مَحمد اسموني

الحمدان
07-18-2024, 01:55 PM
أنتَ ياقلـبي عنيـدٌ
لستُ وحـدي من نهاكَ

عن جُـحودٍ مُسْتَديمٍ
كِلْـتَ لي منـهُ الهلاكَ

ثـائـرٌ في كـلِّ يـومٍ
لا تَــرى إلا رضاكَ

لا تغامـرْ، سِـرْ رُوَيْـداً
ابتعـدْ، حاذرْ كفاكَ

اصغ واسْتَمْسِكْ بِنُصْحي
إنَّ عقلي قد دعـاكَ

فِتْـنـةٌ واحْتَرْتُ فيـها
قَـدْ أصابتْ من رعاكَ

يافـؤادي كنتَ إِلْـفي
ماالـذي عني دهـاكَ؟

عَلَّ مَسّـاً من جـُنونٍ
حِـرْتُ في أمري فداكَ

لم تعـدْ بَعْضـاً مُـصابـاً
قد رماني ما رمـاكَ

كُنْ سـميعـاً يافـؤادي
عند عقلي خُذْ دواكَ


مَحمد اسموني

الحمدان
07-18-2024, 01:56 PM
لا تَلُمْنـي في هواهُ
صَفْوُ ودّي من رضاهُ

حينما سَلَّمْتُ أمري
ارتضى روحي فداهُ

حافظٌ للعهـدِ شَهْمٌ
مستقيمٌ فـي خُطاهُ

ماعلمنا فيه عـيباً
بعـدُ لم ندرك مـداهُ

إنه للحـبِّ عُـشٌّ
بـيته مسكٌ شـذاهُ

ملهِمٌ في الأرضِ نـورٌ
كوكبٌ ما في علاهُ

قلْ له مهما توارى
سِـرُّ سِـرِّي أنْ أراهُ

مُؤْنِسي في وحدتي
يارَبِّ بي حَقِّقْ مـناهُ


مَحمد اسموني

الحمدان
07-18-2024, 01:56 PM
ربِّ أكرمنـي بعفوٍ
منك لا أبغي سواهُ

إنَّ عفواً منك أرجو
حيثُ أحيا في حماهُ

ياإلهي لا تذقنـي
من عـذابٍ لن أراهُ

منيتـي غفرانُ ذنبٍ
كفرُ قلبٍ قد جناهُ

نجني من هَوْلِ يومٍ
زدتُ قرباً من مـداهُ

ربِّ، اجعل لي مقاماً
في جـنانٍ مستواهُ

فيه عيشٌ من نعـيمٍ
بيتُ خُلْـدٍ منتهاهُ


مَحمد اسموني

الحمدان
07-18-2024, 01:57 PM
ياعصيَّ الدمـعِ أَفْصِحْ
هلْ هواكمْ من نصيبي؟

أمْ ترى في غـير حبي
ما يسـاوي من حبيبِ؟

قد غفا قلـبي، ودمعي
في عيـوني كالّلهيبِ!

فلْتُشـاركْني همُـومي
من بعيـدٍ أو قـريبِ

كلُّ نُصْحٍ، باتَ أَمـْرا
منـكَ رأياً، من لَبيبِ

داوني، وارْحَمْ عـذابي
لا تكنْ لي كالغـريبِ

أكتـوي ظلماً وزوراً
كـل يـومٍ في نحـيبِ

ودَّعـوني إذ نسـوني
بعضُ أهـلي ياحبيـبي

عَلّموني كـيف أنسى
صاغـراً، ودّي المـريبِ

غـير بادٍ ما أقـاسي
لَـوْعَةَ الشَّـكِّ الرَّهيبِ

لائمي لا،لا تعـاتبْ
لو بَـدا هَـمُّ الكـئيبِ!

هل لوعدٍ منك أرجو
يحتـوينـي في القـريبِ؟!


مَحمد اسموني

الحمدان
07-18-2024, 01:57 PM
ياعظيمَ الشأنِ ارْحَمْ
مُسْتَجيراً خـاف لومـا

من ذنوبٍ قد أحالتْ
عيشـه هَـمّاً وغَـمّا

عنك لا تخفى خُطوبٌ
خوفه قد زاد عِظْمـا

طالما في السِّرِّ يرجـو
منك عـفواً، ثم حِلْما

رغم خوفي، إنَّ ذنبي
عند نفسي، ليس إثمـا

مالنفسي لا تبـالي
رغـم ماتخـفيه رغـما

كم عـيوبٍ في عنادٍ
حَلَّلَتْـها النفسُ ظلـما

ثم قالتْ وهْيَ تشكو:
كلُّ ذنبٍ صـار ذمّـا؟

يالَنَفْسي كيف حالي
إن دعـاني الرَّبُّ يومـا

اُعْـفُ عـني ياإلهي
إنَّ هَمّـي زاد كَـمّـا


مَحمد اسموني

الحمدان
07-18-2024, 01:58 PM
ياهـوىً مهـلا فقلبي
حـائرٌ لا يَسْتَكينُ

إنهُ من هَـوْلِ وجْـدٍ
مُجْـهَدٌ قد لا يُبينُ

نبضهُ صوتٌ نشازٌ
غُصَّ في الصدر الرَّنـينُ

إنَّ قـلبي ليس لي من
غـيره نَبْضٌ مُعـينُ

قـل لمـاذا تم خنـقي
إنَّ حـقّي مُسْتَبينُ

يادمـوعي أسعفـيني
مات لي حُلْمي الجنينُ

وارحمـيني ياعيـوني
أدْمُـعي تِبْـرٌ ثمـينُ

فالهـوى قاسٍ ظـلومٌ
قاتـلٌ لي أو مُـهينُ

بعدما ضَيَّعْتُ صـبري
أين لي ذاك الحنـينُ

قل لمن أشكو عـذابي
أَوْ بمن قد أَسْتعـينُ؟


مَحمد اسموني

الحمدان
07-18-2024, 01:58 PM
داعـبي بالحلم قلـبي
فالأمـاني منـك حسبـي

رغم ماتـخفيه عـني
راضِياً اختــرتُ دربـي

بيـن أشـواكٍ ووردٍ
ومَـلامٍ بعـد عَتْـــبِ

مالكي،ياقيـدَ روحي
فيـك أهـوى كلَّ صَعْبِ

إنَّ شـوقي قد بَـرَاني
هل لشوقي بعضُ كربـي؟

فالهـوى عندي شعور
فاق أشـهى كلِّ عَـذْبِ

أنتِ لُغْـزٌ في حـياتي
في المآسـي ، أيُّ ضـرْبِ؟

لا تلـومي في غـرامي
رَفَّ قلبـي، ذاك ذنبـي

عاشقٌ، فـانٍ، صريعٌ
بعدمـا أنكـرتِ صَبّـي

حينما يهفـو فـؤادي
في خـيالي، أنتِ قُطْبـي

من ذهـولي، من عـذابي
عن شؤوني، بِتُّ أُنْبـي

كـلَّ خِـلٍّ، عـن دواءٍ
من طبيبٍ، لا يُـلَـبّي

عاجـزٌ عن كَفِّ دمعي
فمـتى ينـزاحُ كربـي؟

عيلَ صبري،قيلَ سِـرِّي
قَـلَّ عَوْني،جَلَّ خَطْـبي

رَقَّ قـلبي،سَحَّ دمـعي
صـاحَ عـقلي:لا تُلَبّي

كُنْ حكيماً،عِـشْ كريماً
وابـتعدْ عن أيِّ رَيْـبِ

إنَّـني شَهْـمٌ كـريمٌ
اِسـألي خصمي وصـحبي

واسألي عن حـالِ بالي
بـلْ مَـآلي حين نَحْبـي

فإذا ما رُمْتِ وصْـلي
أَقْـبِلي، من غيرِ كُـتْبِ

طامـعٌ في يـومِ وَصْلٍ
لا يُحـاكي يوم َ غَيْبِ

واجْنَحي للسِّلْمِ دَوْماً
وانْعَمـي حـيناً بقربـي


مَحمد اسموني

الحمدان
07-18-2024, 01:59 PM
مـا لـقلبـي لا يُـبينُ
مُـنْزَوٍ بـاكٍ حـزيـنُ

عنـد قـاسٍ مُـسْتَبـدٍّ
ظُـلْمُـهُ، بَـغْيٌ مُبينُ

بِـتُّ أشـكو من رمـاني
وَعـلى وَأْدي مُعيـنُ

سَـلْـهُ لو أبْـدى حنينـاً
حينها وصْلي يحـيـنُ

بـسـلامٍ، بـل كــلامٍ
طَـعْمُهُ شَـهْدٌ ثميـنُ

لا تـلمنـي عن هُيـامٍ
جـاحدٍ قـد لا يَـلـينُ

جـئتُ أستجدي حبيـباً
بالهـوى دومـاً ضَنيـنُ

مـالـهُ عنـي بـخـيلٌ
حُـبُّــهُ عنـي حَصينُ

ها أنا في العشـق أذْوي
وهْـوَ غَـيْثٌ لا يُـعيـنُ

في جِنـانٍ، مـن حَنـانٍ
وأنـا خــصمٌ مَـهينُ

أَكْتَـوي لـيـلاً بـنـارٍٍ
ثُـمَّ صُبـحـاً أَسْتَدينُ

كـل لـون من هـوان
فـيه ما يـردي مشينُ

فيك رِفْـقٌ، فيك حُـمْقٌ
أنـتَ مـجنونٌ فَـطينُ

هل سـقامي في غـرامي
كـامِـنٌ حَـيٌّ دفــينُ؟

لستُ وحدي في الهوى لَـ
ـكنْ معي شَـوْقٌ قَـرينُ

منك يجــري في عروقي
ثـم يُبــدي ما يُـدينُ

لا تخفْ من جَـوْر صَـدٍّ
حُبُّـنـا حـبْلٌ مَـتـينُ

ياحبيبي، اجْـرِ واسْـكُنْ
ليس في قـلبـي قَـطينُ


مَحمد اسموني

الحمدان
07-18-2024, 02:00 PM
فؤادي، لستُ وحدي
في الهـوى بل أنت أولى

أيْ حبيبـي لا تدنّـي
منه خذ دعماً وحِمْـلا

مُنْيَتـي عَـوْدٌ فدمعي
حار والأشجانُ حُبْـلى

تائـهٌ، بـاكٍ، حزينٌ
أعطني من فيك قـولا

ليتنـي أشركتُ عقلي
في مـخاضٍ وهْوَ أسْلى

حيث نـبدي أيَّ حَلٍّ
قد نلـاقي منه كِفْـلا

رغم حُمْقي، إن حـبي
ماثـلٌ، بل ليس قـولا

شَكْـلُ حب أرتـضيه
منك إحسانا وفضـلا

لا تلومـي من فـراغٍ
لو أنـا أبْقَيْتُ سُـؤْلا

إنمـا لـومي حـسوداً
كـالَ لي غَمّـاً وذُلا

لا تزيـدي في شـقائي
فشـقائي زاد فـصلا

وشَـكاتـي غـير آهٍ
حين صار الوَجْدُ وصلا

عندما أعددتُ حـالي
قلتَ: لا تسرع،فمهـلا

حينـها قدَّمتُ رجـلاً
بعدها أخَّـرتُ رِجـلا

هل شُغِلتِ اليوم عنـي
أم تـرين الأمـر سهلا

كلـما أثْنَيْتِ عـنـي
زِدْتُ إكرامـاً وعـدلا

لم يكن ما شئتَ مـني
ذات يـوم قـطََُّ حَـلا

فـإذا أنـكرت ودّي
لا أرى من بـعدُ خِـلا


مَحمد اسموني

الحمدان
07-18-2024, 02:00 PM
اذكريـني كلمـا قد
جَنَّ لـيلٌ مكـفهرُّ

خلف غَيْبٍ كنتُ أبدو
تــائهاً لا أستـقرُّ

في سكون الفجر أعدو
ذَيْـلَ خَيْباتٍ أجـرُّ

كيف أمشي في اتجاهٍ
دائما لي فـيه شـرُّ

أيُّ حقـدٍ بَعْدَ حبٍّ
غـير مسبوق أُقِـرُّ

هل أنا في الحظ نَحْسٌ
لستُ أدري،ذاك سرُّ

ياحبيب العمر أسرعْ
إنَّ عمري قـد يفـرُّ


مَحمد اسموني

الحمدان
07-18-2024, 02:01 PM
ضِقْتُ من شكوى حبيبٍ
جئتُ لا أشكو فضاقَ

ليتـهُ هَمْـسًا دعانـي
عندمـا بالحبِّ شـاقَ

إنما اغتـال الأمانـي
بعدها الحرمـان حـاقَ

قد يكون ارتـاح مـني
قـلبـهُ بالبَيْـنِ راقَ

ما مَلامـي عنك خـافٍ
بعدمـا عشـنا رفاقا

غَرَّنـي مافيـكَ حِلْـم
لم يكـن إلا نــفاقا

فلتـكنْ عَـدْلاً صدوقاً
أو تبـاركْ لي فـراقا

فُكَّ أسري،ضاع عمري
نحنُ ضـيّعنا الـسباقَ

نحو أهـدافٍ تلاشـتْ
حينمـا رُمْـنا فـراقا

لا تزدْ، حسـبي عـتاباً
كُفَّ عنـي ذا الشقاقَ

أو تلمنـي عن فـراقٍ
أنتَ ضيَّقتَ الخـناقَ


مَحمد اسموني

الحمدان
07-18-2024, 02:01 PM
حـرتُ في أمـري لماذا
لاأرى في الـود قربا

كلما ازددت شـبـرا
منك حتماً زدتُ عُتْبا

حيـن نلنـا منك حظاً
هَبّت الأحـزانُ هَبّـا

فمـتى اشتقتُ شرقـا
دون سُؤْلٍ سِرْتَ غربا

ياحبيـبي لا تمـتـنـي
خَلِّ في الأنفاس حبـا

وامْـحُ عني ذُلَّ ضيْـمٍ
إنَّ حـبي صـار كربا

عُدْ معي فالعَـوْدُ حـَقٌّ
واقـعٌ ماكـان رَيْبـا

أنصفـوني ياشـهودي
من حبيبٍ شَـنَّ حربا

قد رمـى قلبـي بجمـرٍ
فاكتوى غـيظا ولَبَّـى

لا تلمـنـي في هـوانا
قد غُلِـبْنا فيه غلبـا

كال لي سـوط عـذابٍ
صَبَّ فـوقي منه صَبّا


مَحمد اسموني

الحمدان
07-18-2024, 02:02 PM
من يداوي لي فؤاداً
قد شكـا داء وداء

سَلْ حبيبي كم طبيبٍ
حاذقٍ بالجهل بـاء

عاجز عن فهم دائي
مادرى من أين جاء

لم أعدْ أرضي فؤاداً
واهـناً بالحب نـاء

سَلْ غريمي كم دمـوعٍ
لم تصـحح ما أساء

كيف أحيا دون قلبٍ
وهْوَ يلهو كيف شاء

يا شهودي أنصفوني
من عنيد قد أسـاء


مَحمد اسموني

الحمدان
07-18-2024, 02:02 PM
في بحـار الهم غاصت
كل أحـلامي وحـبي

لا تعكر صـفو قلب
قد شكا من جور قلب

ثم سل عن كل دمـع
هل جرى من غير ذنب

ليس عـدلا ان أراكم
في سـلام ثم حـرب

لا تلمني في الهوى إن
ضاع لُبّـي بعد حبي

رغم أنـي منك أرجو
ملجـأً من كل صَعْب

فَلَئِنْ أخلصتَ يومـاً
رُمْتَ حـبا مثل حبي

قل أبعد العشق أحـيا
مـرة إذْ أنتَ قـربـي


مَحمد اسموني

الحمدان
07-18-2024, 02:03 PM
لا أواري عنـك شـيئا
في الهـوى رغم السّهادِ

لحظـة الأفراح عنـدي
مثـلها مثـلُ الحـدادِ

عشتَ لي في القرب يوماً
فانمـحى كيدُ الأعادي

ابتعـد عن كـل ماقد
يبتـلي هَمّـاً فـؤادي

خَـلِّ في عيني دموعـاً
اكتـوينـا بالبـعـادِ

إنَّ دمعي جـدُّ غـالِ
قد تـلاشى بالسُّـهادِ

كيف تبغي أنت وأْدي
بعـد شهـر في الودادِ

أنت يا من صَـدَّ عني
إنَّ شـوقي في ازديـادِ

لا تعـادي قَطُّ مهـما
زاد حُـمْقي أو عـنادي

ليس ذكـري غيرُ آهٍ
عنك دومـاً في الفـؤادِ

فانتـحرنا نحن سِـرّاً
وبذا نـرضي الأعـادي

يارفيقي في الأسى
كَفْكِفْ دموعي لا تعادي

جمرةٌ في القلب تخـبو
لحـظـةً دون الرمـادِ


مَحمد اسموني
المغرب

الحمدان
07-18-2024, 02:03 PM
أزل علة الشرك الخفيّ لدى السير

وكن أنت في طي وأخراك في نشر

وإن رمت كشف الحسن في داخل الدير

توضأ بماء الغيب إن كنت ذا سر

وإلا تيمم بالصعيد أو الصخر

ورد مورد الأسمى وفض

ختامه وحل بواد الأنس وأقرع خيامه

وهم بشهود الحق وارع ذمامه

وقدّم إماما كنت أنت إمامه

وصل صلاة العصر في أول الظهر

صلاة شهود الوالهين بحبهم

بحضرة أنوار الشهود لقربهم

تطهر من الأكوان تهدى لشربهم

فهاذي صلاة العرافين بربهم

فإن كنت منهم فانضح البر بالبحر


ابو الفيض الكتاني

الحمدان
07-18-2024, 02:04 PM
لو تداني الدهر وانقاد ولم
ينزوي حد بيت من كل خطير

وعلى متن الأماني حملت
متى أصبحت مع الفلك تسير

وأخاء الود عنه فصرت
جنة الفردوس للملك أمير

لكم الفضل قبولا واعذروا
لو جرى ما نمت إلا بسرير


ابو الفيض الكتاني

الحمدان
07-18-2024, 02:05 PM
أطلعن في قمر الأفوق شموسنا
ضحك الظلام لها وكان عبوسا

أنجوم أفق أم كمال أهلة
أبدور ليل غار منها جلوسا

أجنان أنس أم فسيح أجنة
أجموع شمل دائما محروسا

عمري نعم قد أقبل المولى لنا
في شدة وفرج يونسا

قسما بمن رفع السماء بغير ما
عمد ورفع فوقها إدريسا

وذب البسيطة فوق لج مزبد
ما أن يزال على القرار جيسا

بالمسك خطت نونه
من فوق وسنان اللواحظ نابسا

وبمنطق تصغي القلوب بسمعه
قدما فيشفي بالمزيد نسيسا

وبأكؤس أطلعن في جنح الدجى
شمس السلافة في سما خندريسا

وقدود أغصان يملن كأنها
تخفي حديثا بينها مأنوسا

إن الموالي والمعاني والندى
والبأس مهما تويتهم مخلوسا

إلا إذا نودي الأديب الأريج
المرتقى لمعالم تنفيسا

لبى الأديب الحاذق والمتقام
أي أنني ملبيا ورئيسا

جمع الندى والبأس والشيم
والسؤدد المتواتر العدموسا

بدر الهوى يأبى الظلال ضياؤه
أبدا فيجلو الظلمة الحنديسا

كم حكمة أبدى وكم قصد
للسالكين أبان منه دريسا

تلقاه يوم الأنس روضا ناعما
وتراه بأسا في الهيام يئسا

بلغ التي لا فوقها متوصلا
وعلى السما الرجيسا

من أنكر الفضل الذي أوتيته
حجر العيان وأنكر المحسوسا

بإيوان كسرى الفرس أبصر بعضه
ما كان يطمع أن يعد سبوسا

القلب أشدى له رئيس حياته
لم تعتبر مهما صفته رئيسا

خذها إليك على النوى سينية
ضحك الظلام لها وكان عبوسا


ابو الفيض الكتاني

الحمدان
07-18-2024, 02:05 PM
سلام عليكم ما أمر فراقكم
وما أظلم الدنيا علينا وأوحشا

وما دامت الأحزان ألقيت بعدكم
إذا أنت فؤادي والجوارح والحشا

لعلّ الذي يقضي الأمور بحكمه
سيجمعنا بعد الفراق كما يشا


ابو الفيض الكتاني

الحمدان
07-18-2024, 02:06 PM
تستر ناسوتي بناسوت أهبه
فبانت رسومي لما بان قناعه

تحولت غيري في تغمض أينه
وصرت خليلا عاد ظلي شعاعه

فإن كنت عينا فلست بموجود
وإن لم تكن عينا فأنت ارتفعه

فلست بموجود ولست بمعدوم
وإني موجود وفيّ الطباعه

وإني معدوم فما ذقت لذة ال
وجود على وفق التضاد اختراعه

وإن ذقت طعم الجمع للضد عندما
تخالفت الأعيان أنت امتناعه

كما ذقت رفعا للنقيضين عندما
أماط سحاب الغين أنت اجتماعه

فإنك إن حققت وهما فمل إلى
أولي الأمر أهل الله منهم سماعه

فكله شرك فاخلع نعليك إنك
بحضرة قدس فيك ود سواعه

فطهر بماء اليم كلك وانسلخ
عن الكون منه فيه منك انقطاعه

جلاليبك الأكوان فامح وجودنا
وعند زوزال الطهر يبدو ارتفاعه


ابو الفيض الكتاني

الحمدان
07-18-2024, 02:06 PM
تباعد عني الأصل والوطن الذي
أقمت المدى فيه وفيه تولعي

تدكدك قلبي المستهام لبعدهم
وفتن القلب حين تروعي

ألا يا نسيم الصبح بلغ مقالتي
مقالة صب أنهك البين أضلعي

ألا يا طيور الجو من ذا يعيدني
جناحا له أسلوبه وتمتعي

لعلي إلى من هوى القلب مقلة
يطير به قلبي وطرفي ومسمعي

فيا ليتني لو كنت مثل حمامة
أطير سماء الدير وهو تضجعي

ويا ليتني لو كنت مثل سفينة
أذب ذبيبا والوصال تطمعي

ويا ليتني لو كنت ريح صبابة
أصب مقام الحب وهو تضوعي

نسيم الصبا بلغ سلامي إليهم
وانشد لهم بيتي وفيهم تفجعي

نهاري وليلي دائم الحزن والبكا
على حيرة لنحوا مكاني موضعي

تقادمني حب الديار وربعها
وأسكرني قبل الظهور بأجمعي

وليس الذي يدري الهوى وطروقه
كمن يعرف الحب الغريب الممنعي

ألا فافهموا ذوق الغرام بديهة
تحوزوا مقام السبق للسبق مزمعي

فليت زفير الشوق وما خلقا ولا
تعذب قلبي في الصبابة مجزعي

وقيدني رب العباد بقيده
وأجج في قلبي لهيب تزعزعي

فلو أسكن القلب الجزيع من الهوى
وكف أجيج الشوق

لغلبني قلب النسيم إذا سرى
بوقيدني قيد المهيم المرفعي

ومن ذا الذي يفدي النوى بحمامه
ويبقى خليلا للحبائب رتعي

ألا يا إله العرش قرب مسافتي
وباعد أناسا أقلقولي تصدعي

وصل على الهادي النبي محمد
نبي عظيم فاضل ومرقعي

وآل وكل الصحب طرا ومن تلا
وأتباعه الأمجاد طرا تقنعي


ابو الفيض الكتاني

الحمدان
07-18-2024, 02:07 PM
صار بفؤاد الوجد نحو ربوعها
لأنس نار الطور في طيبها خفا

وما أبصرت عيني سواها لأنها
أماطت لثام الحسن عن وجهها كشفا

تراءت لعيني في الصبا بمظاهر
سواها لقد أبدت جمالا به أشفا

وكنت بوهم أرتقي عرش سرها
لكي تنجلي بالذات قالت قفا قفا

فصليت في المحراب كي ما أرى به
جمال جمال الوجه قالت صفا صفا

أبانت لعيني في الصباح فأعدمت
دياجي السوى عند الفناء بها صرفا

وقبل الفنا في الذات لا بد من فنا
بإنسان عين الحق فيه كفا كفا

فمن لم ير أن الوجود بأسره
محمد الحق الكريم على شفا

غدا طول دهره
يشاهد ذات الحق حقا لدى الصفا

ولم يشهد العين المحيط فإنه
على بسط بالنقص يبدو لها خفا

لأنه عين العين والنقطة التي
أديرت بسر الباء فيها بدا صفا

بكلي بها منها إليها غدا
لأني بها عني ذهلت فما جفا


ابو الفيض الكتاني

الحمدان
07-18-2024, 02:08 PM
كتبت لقاضي العشق سطرا من الهوى
مضمنه سر لديه خفا خفا

إذا ظفرت يمناك بالدهر
زمانك بالإسراف واستتعب الطرفا

تضرم جسمي بالغرام وإنه
مسبوق لظلم الحب فيه جفا جفا

تمنيت من دهري وصار غزالة
بروض رياض القدس فيه شفا شفا

فلي من جيوش الصبر جيشا مؤيدا
وعند فؤاد الحب فيه جفا جفا

فوا كبدي لولا الهوى ما درى الهوى
فؤادي ولولا البين قيل وفا وفا

تقدمت للمحراب كي ما أرى
جمال جمال الوجه قيل قفا قفا

فصرت وسري معرب بهيامه
وعند تلاشي الصبا قيل صفا صفا


ابو الفيض الكتاني

الحمدان
07-18-2024, 02:08 PM
يا واقفا عند شط البحر منحبسا
البحر متسع والشر في الطرف

لا تنظرن إلى هوج الحوادث بل
مع الخضم مدى الأنفاس لا تقف


ابو الفيض الكتاني

الحمدان
07-18-2024, 02:09 PM
نيل الجفون أذاب قلب العاشق
في جنح ليل غيهب من غاسق

شاذن عنج أغنّ مهفهف
أحوى العيون بديع صنع الخالق

ملك الفؤاد ودلاله
بجوانحي كجناح طير خافق

عج بالحمى يا سائقا بفؤادي
دعني هناك لواهج الإشراق

يا ساكني نجد ونعمى باللوى
أرفق بصب قد ثوى بالحاذق

يا سائق الوجنا هل من زورة
أرضي بها أوج المصاعد راق

واحسرتي ولّى الزمان ولم أفز
في غفلة ونوم الرامق

واها على ذاك العواتق طالما
قد كنت محمولا لذاك البارق

جفت رياض خدوده سلسبيله
إذ قد غدت مهج الورى في

فكأنها نمل سرى في عسدد
وكأنها نجم علا لتلاق
فكأن ولد
ورد تفتح في رياض فائق

وكأنها ورد سما في روضه
وكأنها نجم علا لتلاق

سال العذار بسل سيف جفونه
ها مغرم دبيب كئيبه باسق

لو تدري فيها وقفتي لعذرتني
قد عن حصر النجوم

يا ساكنا حي الحمى انشد لهم
نيل الجفون أذاب قلب العاشق

ومن يمتطي شمس المعارف يتجلي
أشعتها فليصطبر للطوارق

ولا ينزعج إن أثخنته جراحات
الوقائع وليشهد كنوز الحقائق

فإن لذاذات المشاهد تنسين
سموم المنايا في كؤوس المضايق


ابو الفيض الكتاني

الحمدان
07-18-2024, 02:10 PM
إذا انطبعت مرأى بمرآك تنعكس
أشعة مطبوع بمنقلب الفلك

تراك إذا ما كنته أنت لا هو
وإن كان مطبوعا فإن كنت في شك

فنحن به أولى من إبراهم الذي
تلا فرقان الفرقان في حضرة الملك

وعلمنا الرحمن قرآن فرقان
فكنا هيولى الجمع في مدرج الملك

فما قامت الأعداد إلا بواحد
ولولاها ما غنت مثاني على أيك

قسمت الصلا بيني وبينه آخذا
شؤوني وفياضا عليه سنا الفلك

فكل له من ربه قدر ما له
بنفسه عرفانا نتائج لي عنك

فلولا وجود النفس ما عرف الرب
العظيم ولا بانت حقائق ذي ملك

فصاحب فرقان وصاحب قرآن
صفاتي وذاتي قد أزيح عن الشك


ابو الفيض الكتاني

الحمدان
07-18-2024, 02:11 PM
بهيج لي العهد القديم صبابة
أنوح بها نوح الحمام على أيك

أغرّد في وكر وأين حبيبتي
توارت فواها ثم واها على فتك


ابو الفيض الكتاني

الحمدان
07-18-2024, 02:11 PM
أنخت مطايا الذل نحوك ملقيا
أكفّ الرجا بين الخيام أؤمّل

لعل لحاظا منك يطرق ساحتي
فأغدو ولي بين الليوث تذلل

أيا من غدا أملي عليه بلابلي
إليك طيور الوجد تعلو وتنزل

ترفق على رق تملكه الهوى
وليس له في غير مرماك منزل

فأنت لنا وصل وعيد وموسم
وروح وريحان وكأس مكلل

أيا من هو السبع المثاني ترفق بال
معاني غواني البان روضك مخضل

فليس ورا مرماي مرمى لذي هوى
وليس ورا مرماك مرمى ومنهل

فكم قد أتى صب لبابك فانجلت
دياجيه إن الأمر بعضه يذهل

وكم قد أتى من أذهل الدهر ضرّه
فصار معافى بالهاء مبلل

فكم قد أتى قطب لحيك يا منى
منائي ويا غيثي إذا اشتد مرحل

وكل يرى ما يعجز الفكر وصفه
وما ذاك إلا أن علياك مجمل

أيا كعبة القصاد دونك من غدت
جرائمه تبدي بأنه معضل

أيا شمس هذا الكون يا كعبة المنى
تدارك معنى بالبعاد مكبل

أيا كتاني يا ذروة المجد والعلا
ترفق على قلبي فإنه سائل

أيا صبح عصر الدهر يا منية المنى
فؤاد براه الدهر غيثك مسجل

أيا برزخ البحرين دونك مغرما
يريد مراما لا يفي به بلبل

وعار على من طوق الأمر كله
يرد ضعيفا سائلا جاء يسأل

أليس عجيبا أن رحمت متيما
وليس يرى في غير بابك يسأل

أليس عجيبا أن سيفك مصلت
وإني ضئيل من عدى أتحمل

أليس عجيبا أن جودك قد طغى
وأربى على كل تراه يسلسل

أبا ختم هذا الدهر يا نقطة غدا
سناها على كل الحروف مجلل

ترجى بمن قد صار رقا لرقكم
واسلم بذل النفس علك تقبل

على أنه لا يرتضي الذل في الهوى
ولكن مناكم دائما يتحمل

له همم أربت على الفلك تبتغي
مراتب فوق الفوق ليست تفاضل


ابو الفيض الكتاني

الحمدان
07-18-2024, 02:12 PM
تزود من الدنيا فإنك راحل
وبادر فإن الموت لا شك نازل

نجاتك في الدنيا غرور وحسرة
وحزنك في الدنيا محال وباطل

ألا إنما الدنيا كمنزل راكب
أراح عشيا وهو في الصبح راحل

ولو يعلم الإنسان ما يلتقي غدا
بدار البقا ما غدا للشر فاعل

ألا إنما الدنيا كفخ مطوق
محبة ليشتاقوك فيه آكل


ابو الفيض الكتاني

الحمدان
07-18-2024, 02:12 PM
لقد كنا رتقا قبل فتق وجودنا
أظن بأني عابد لك عامل

فلما محا لي آية الليل شاهدت
بأنك مفعول وفعل وفاعل

لقد كتب الحسن القديم بخدنا
ألا كل شيء ما خلا الله باطل

تراءت لنا الأكوان في عين فعلها
وكل نعيم لا محالة زائل


ابو الفيض الكتاني

الحمدان
07-18-2024, 02:13 PM
وليس لنا علم سوى ما أتت به
الشرائع من حق وليس بباطل

فلست ترى داع إلى الله سلمت
مقالته من دون بحث مادل

وأين تراجم التواريخ عنونت
بأوصافهم بل أصمتت كل كامل

ومن عنوان التاريخ أن فلانا قد
تنكره عصر بأقوال قائل

ويذكر هذا عن مناقبهم فأي
ن من هم أسود الحق أهل اشمائل

فإن كانت الفصيا تنقصهم فما
لنا ولي في الأرض إحدى الوسائل

إلى الله نستهدي بهدي كماله
ونستمطر الأنوار نحو الجداول

لأن ما سمعنا أن داع صفت له
محاسنه من دون لمز مخاتل

إذا ما قباب الأرض أعلى على الزنا
دقة الأوباش أهل الرذائل

وقد كانت الأعصار من القوم أرصدوا
مناظرة الرؤاس بين المحافل
فمن ها هنا كان انبعاث مثارات

المذاهب في تعضيد أهل الأقوايل
ومن ها هنا علم الجدال تشعبت

موارده في الذب عن كل نافل
فهل طعن أرباب المذاهب قادح

بمن طعنوا فيه بحجة ناضل
أما إن أرباب المذاهب ما جفوا

بتعضيدهم من قلدوا في الفضائل
فكل قد استهدى بنجم إمامه

وما واحد عما تراه بغافل
ولكن إذا قمنا بتصويبهم فما

أرى الخدش يجدي أو أراه بحاصل
وإن لم تقل ما كل مجتهد مصيب

قلنا مقالا ما أراه بطائل
تقول بأن القوم ما عثروا على

الصواب فما هم إلا في ليل جاهل
على أنهم ما عينوا مخطئا فذا

يجر إلى التشكيك فيهم بباطل
فنوقع في شبه السقاسط عقلنا

ولا تبكين فيهم بكاء التواكل
وإن لم تتقصهم فتاوي فهم هم

على الحق في كل العصور الدواخل
وأهل الفتاوي ما رأوا رأيهم لذا

ك قد أبرقوا في كل حاف وناعل
وما لهم شدوا حيازيمهم إلى

مزاراتهم يستنجدوا فيض وابل
وقد خدشوا فيما رمتهم به فتاوي

أمثالهم إذ صاروا بين الجنادل
فإن قدحوا في مثلهم فكذا سوا

هم يقدح فيهم مثل أمثال فاعل


ابو الفيض الكتاني

الحمدان
07-18-2024, 02:14 PM
أسحر السحر في جفن الغزال
لقد مغربي بالشمال

أم الأغصان ترقص من سرور
أم الورقاء تصدع بالصوال

أم الغزلان تطرب من رحيق
أم النسوان تصرخ بالوصال

أم الأنهار تجري من عقال
أم الساحات كأس للغزال

أم الخلان تلثم خد بعض
من الورد الشهي على الستوال

الأخدان وقت الوصل صحوا
على طول المدى زهر اللئال

أم الصهباء تشرب من ثغور
على طوق الحمامة في الليالي

أم الأشواق ترتع في نسيم
على رقم الجداول أي مطال

لقد أبدعت في نثر طويل
بطرس وجهه مثل الهلال

كأن الطرس روض فيه
له حلل الخمائل من غوال

لقد رصعته درا كليلا
فغنى له الهزار بصوت عال

تجاوبت الطيور على غصن
فحن لها الكئيب على الطلال

ألا فارحم فتيا من ظباء
بالظباء من الخيال

أماط الستر عن وجه الغمام
فتيمني بكحل منه خال

لقد هامت فتاة الحي لما
رأت منه الجمال من الجمال

لقد أحكمت رصفا فيه باد
لذا كان العليل به موال

أدير السلسبيل بكأس يمضي
قد وقاني المدام من الحلال

كأن اللفظ خمر فيه ظلم
يغني به النديم لمن ألذ من لال

له روض يفوح بكل طيب
المسك حلو للمنال

هزيع الليل في سدق بهيج
فأومض في الدجى شمس الكمال

لقد غنى اليمام بصوت أحمر
أسحر السحر في جفن الغزال

لقد فاق البدور بطلع وجد
وفيتم في الهوى صب الدوال


بكت السماء شجوها لبعادكم
عند الصباح فألقيت في رحابكم

فترنمت من وصلها لقبابكم
حب الغمام من سوقه بجمالكم

هجم البساط لينظرن سناءكم
فصفا له من ورد خد جنابكم
مثل الشموس غدت تنور ببابكم

نجواهم مهما سمعت خطابكم
عذر له لا يستطاع فراقكم

يا سادة فوق البدور بهاؤكم
لا زلت شمسا في سماء فرقد

تسمو السماء في سماء معطرد
سمحمد ومحمد ومحمد

نرجو الإله منفضله بمحمد
أن لا يحول مقلتي عن ربعكم

سجم السحاب ذيوله لبساطكم
عند الصراح معزى بكم

وشموس صبح أسفرت لحسابكم
حب الغمام من سوقه لجمالكم

هجم البساط لينظرن سناءكم
ها الأرض قد لبست جمال ولائكم

والغصن مال من سكره لهنائكم
زمانكم
عذر له لا يستطيع فراقكم

يا سادة فوق البدور بهاؤكم
عجبا لشمس قد بدت من

وعودها طود الأسود ومفرد
فغدت تقول لصده غيد

نرجو الإله من فضله بمحمد
أن لا يحول مقلتي عن ربعكم


ابو الفيض الكتاني

الحمدان
07-18-2024, 02:15 PM
بكت السماء شجوها لبعادكم
عند الصباح فألقيت في رحابكم

فترنمت من وصلها لقبابكم
حب الغمام من سوقه بجمالكم

هجم البساط لينظرن سناءكم
فصفا له من ورد خد جنابكم
مثل الشموس غدت تنور ببابكم

نجواهم مهما سمعت خطابكم
عذر له لا يستطاع فراقكم

يا سادة فوق البدور بهاؤكم
لا زلت شمسا في سماء فرقد

تسمو السماء في سماء معطرد
سمحمد ومحمد ومحمد

نرجو الإله منفضله بمحمد
أن لا يحول مقلتي عن ربعكم

سجم السحاب ذيوله لبساطكم
عند الصراح معزى بكم

وشموس صبح أسفرت لحسابكم
حب الغمام من سوقه لجمالكم

هجم البساط لينظرن سناءكم
ها الأرض قد لبست جمال ولائكم

والغصن مال من سكره لهنائكم
زمانكم عذر له لا يستطيع فراقكم

يا سادة فوق البدور بهاؤكم
عجبا لشمس قد بدت من

وعودها طود الأسود ومفرد
فغدت تقول لصده غيد

نرجو الإله من فضله بمحمد
أن لا يحول مقلتي عن ربعكم


ابو الفيض الكتاني

الحمدان
07-18-2024, 02:15 PM
سرى بفؤادي الوجد نحوك هائم
فعرضني حتفا من القرب قاصم

فنجم الدياجي قد أعار جفونه
لصب لدى الأطلال سهده دائم

أرقت لشجو الورق والنجم شاهد
لدي وقاضي العشق فيه جرائم

أريد هجوعا عل طيفك ينجلي
فترصد لي جفنا لديه صوارم

إذا هبت النكباء دب بجسمنا
لذيذ ليالي الوصل فيها مواسم

كما دبت الصهباء لما تجوهرت
بجسم صريع فيه غنّت حمائم

تصحف لي أجفانه لين غصنه
فواكبدي حنت لصخر تهادم

وكل جمال في البرية أصله
جمال له كل القلوب تراجم

ومن لم يكن يوم الزحام ملبيا
لنيل سهام الجفن فيه تراكم

فما ذاق من طعم الغرام لذاذة
وليس له في العشق سهم يساهم


ابو الفيض الكتاني

الحمدان
07-18-2024, 02:16 PM
بجزع الحمى ظبي حمى ذلك الحمى
يا أهل حما ذاك الحمى أنتم حما

بقاني مناني مذ كلفت بعشقه
بجو الحمى يحمي حماه لذا سما

فيا ريح صب قد تقرح جسمه
وواهي قلب ذاب من شدة الظما

ألا هل إلى وصل الحمى جبل رقا
قليب الظبي فالشوق فيه مسوما

ألا ليت شعري هل حما ذلك الحمى
بأم القرى أصبو إليه تألما

تلألأ جزع الغور من كل جانب
ومن والسلع طيب به سلما

فها عذبات الرند قضت بأسرها
وها سلمت بالحجار لها رما

نسيم الربى من نعمى هب يذيقنا
طعام سلو الوصل فهو لها رسما

ألا أتلات الطرد محضرة الذرى
وإن مر بالعسفان فهو أناثما

مررت حمى الوراد كيما أرى وسا
لأن به الأطلال والصبح قد عما

لجئت حجور الظبي والليل مسدل
علي جناحا من خليص تسلما

فجزت مرارا وقت سوق مغلق
وصحت هناك للظباء المنعما

فكلمني قلبي هناك بقلبه
وقال أتاك الحب تقدما

فملت على الدكناء والراح فاتلي
هناك نوديت يا حبيبا مقدما

وسرت على ذاك الجموع بوجناء
وتهت على الأقفار بالوصل مغنما

فآونة آوى إلى رابع الحمى
وآونة آوي إلى نعما

لأرعى مع الغزلان والسائق الذي
هواه قتيل للخليل المتيما

ألا يا ظباء الحي هل من يعنني
فإن جميل الصبر عنى أفطما

تقادمني حب الطلول وربعها
وتيمني قبل الظهور تكرما

حمى ظمئي ظبي لماه وطعمه
لأن رضاب الحب طب من الكلما

أنا عاشق والشوق قد هزني بها
فلحظ رماني بالسهام تألما

فواحسرتي في الطوق سحر متمق
ولا غرو إن كان الحمام ثوى قدما

أنا في غرام العشق فقت جميعهم
وكل فتى يهوى فإني له قسما

كلفت به من قبل ميلاد أشهر
وتهت على الأقمار إذا هواها حتما

إني في حمى ظبي مليح له حما
ففي راحتي اليمنى شباب به حلما

وإني فقير إذ ألوذ بجعفر
فمن يقصد الأطواد ليس له حشما

ألا يا بريق الغور أنشد مقالتي
بجزع الحمى ظبي حما ذاك الحمى


ابو الفيض الكتاني

الحمدان
07-18-2024, 02:16 PM
سرّ الوجود هيولي روح عوالم
مبني الدوائر كهف سر طلاسم

معنى الجمال وظل شمس طواسم
يا مصطفى من قبل نشأة آدم

والكون لم تفتح له الأغلاق
عين الوصال هو الجمال وإنما

ستر المثاني بالمعاني توهما
فيض الكهوف لسدرة الوصل انتمى

أيروم مخلوق ثناءك بعدما
أثنى على أخلاقك الخلاق


ابو الفيض الكتاني

الحمدان
07-18-2024, 02:17 PM
زجاج القلب كأس في زمان
وراح الول رام للحسان

تكللت الزهور بعذب ماء
لأن الراح راح للجنان

نسيم الورد هب على الندامى
فأسكرهم بسندسه الجمان

تفاخرت الظباء بظلم ظبي
فصار الحب شوقا للتداني

توقد منه ربع الحي نار
فهنوا بالسلامة مع أمان

أنا في الحي حي وهو ريع
فلى في ذلك الوادي جنان

سرور الول أن لذا الكئيب
فلا مزح ولا عرف الأغاني

ضللت عن الطريق وذا النجوم
على عيني تلوم لدى العيان

تقدارست الديار ولا ديار
فدمعي هاطل نحو الجران

دعاني الأنس يوما للقاء
على بده البديهة باللسان

فذاب الطود شوقا للمرام
وصد عن الملامة والمكان

تدكدكت الجبال علي جسري
فحق الحي يحمى ذا المدان

وما شربوا المدام على الطلول
وما شهدوا الجفون لدى المعان

أزالت عن مطالعها اللثاما
فساهرت العيون في كل آن

تفاخرت الفحول في وصف ليلى
فما وصفوا وما بلغوا الجنان

فكل قد شذا قول الهيام
وكل منهم في توى ثوان

بحق الكل عند الكل ياه
أريني الكل عند الكل هاه

نشدت الصون حقا للعيان
زجاج القلب كأس في زمان


ابو الفيض الكتاني

الحمدان
07-18-2024, 02:18 PM
فؤادي قد براه البين لما
تزلزل طوره يوم الرهان

تغربت الهياكل منذ ذابت
عوالمها بأجفان السنان

خفيت فلو أتاني البين وافى
فؤادا ضل في وصل الغوان

أنست بوحدتي ونسيت ألفي
ولم أدر مكاني على الزمان

أذاب الشوق مني كل عضو
فإني قد خفيت عن الزمان

فلو أني بكيت لقال تشكو
ولو أني سلوت لقال هان

ولو أني طلبت الوصل نادى
ألم أعلم بأنك في التفان

ولو أني جننت لقال غيضا
ألا مت بالمطامع والهوان

ولو أني فنيت لقال تيها
فإني فوق ما ترجو الأمان

أبيت سمير بين البين حتى
نحلت فلا أرى مما براني

نحرت لضيف طيفك نوم جفني
فسال دم الكرى مثل الجماني

وغاب الكل عن كلي فأنتم
هم كلي وأنتم ساتران

إذا ما قلت صل صبا تثنت
وقالت لا يراني إلا فان

أريد وصالكم والوصل عذب
وأنا لي وأنتم فرقدان


ابو الفيض الكتاني
المغرب

الحمدان
07-18-2024, 02:19 PM
سادَ التقلّبُ في الورى و تأصّلا
سكنَ الطباعَ و في السلوك تمثَّلا

و أَلِفْتُه في الخلّ حتى أنني
لم آسَ إن خلٌّ عليّ تبدّلا

بسلاح الكلام لا نتحدى
واقعا غاشما زرِيّا عليلا

أخْبروني من نال حقا له لم
يتقلد رمحا و سيفا صقيلا

إن من يطلب الحقوق كلاما
هو حقا من يطلب المستحيلا

حين أرى وطني
يتجول في شعري
أركب أفراس الفرح النابع من
مقل الأطفال

و أشعل في كفي مطرا
يُوسِع خد الأرض بأحلى القبلات.

حتى و لو عني يغيب أحبتي
هم حاضرون على الدوام بقلبي

كم للزمان من الذنوب و إنما
نأْيُ الأحبة منه أعظمُ ذنْبِ​


مصطفى معروفين
المغرب

الحمدان
07-18-2024, 02:50 PM
ان الذي بمماته
هجر الحياة وسحرها

وحياته يالحب قد
كانت تمازج غيرها

يولي المحبه قومه
منحوه أو بخلوا بها

وبلاده قد عاش حتي
مات ينشد خيرها

وينشب نار جهادها
دهرا ويرفع قدرها

يكفيه نبلا انه
أدي الرساله وانتها


إدريس جمّاع

الحمدان
07-18-2024, 02:51 PM
ياوفد حياك الربيع وطالما
أسر المشاعر زاهياً مترنما

ملأ الخمائل والشواطيء والربى
شعرا وأطرب بالنشيد وألهما

ما هز أعواد المنابر قائل
أو مس أوتار الشعور وهوما

إلا حكى لحن الربيع وسحره
أو كان عن سحر الربيع مترجما

أنا ما نظمت الشعر يوم لقائكم
لكنما طربي طغى فتكلما

حيتك يا وفد البيان خواطر
نشوى تطوف حول ركبك حوما

يهفو لمقدمك الشباب مرددا
لحنا بقيثار النفوس منغما

وهج الجهاد يشع من أقلامكم
فيزيد من عزم الشباب تضرما

وإذا الحوادث أرعدت وتلبدت
سحبا وأغطش ليلها وتجهما

إني لأبصر في ضياء وجوهكم
فجرا ينير لنا الطريق المعتما

باغ يظن قواه توهن عزمكم
ساءت مآربه وساء توهما

كم وقفة ميمونة كانت لكم
دوى صداها بين أرجاء الحمى

وطنية سنعد من نيرانها
للمعتدين على الحقوق جهنما


إدريس جمّاع

الحمدان
07-18-2024, 02:52 PM
كلما اليوم طاح في دماء الشفق
عند تلك البطاح وتبدى الغسق

أثخنتني جراح عند ذكرى الأول
من صريع السلاح في سفوح الجبل

دمنا قد جرى وازدهى الفاتحون
جثموا في الثرى سادة يحكمون

يسلبون الورى خير ما يملكون
وقفوا مسدلين في الصباح الظلام

هدهدوا النائمين ليطيلوا المنام
أرض تلك الفلاة والربوع الفساح

تركوها موات لسوافي الرياح
أين منها النبات ونضير الوشاح

تركوا بيننا ذكرا كالقتام
وجلوا من هنا بعد طول المقام

خطوهم في التراب موشك أن يزول
أنكرته الرحاب لفظته العقول


إدريس جمّاع

الحمدان
07-18-2024, 02:52 PM
النيلُ من نشوة الصهباءِ سَلْسلُهُ
وساكنو النيلِ سُمّار ونُدْمانُ

وخفقةُ الموجِ أشجانٌ تُجاوبها
من القلوب التفاتاتٌ وأشجان

كلُّ الحياةِ ربيعٌ مشرق نَضِرٌ
في جانبيه وكلُّ العمرِ رَيْعان

تمشي الأصائلُ في واديه حالمةً
يحفّها موكبٌ بالعطر ريّان

وللخمائل شدوٌ في جوانبهِ
له صدىً في رحاب النفسِ رنّان

إذا العنادلُ حيّا النيلَ صادحُها
والليلُ ساجٍ، فصمتُ الليلِ آذان

حتى إذا ابتسم الفجرُ النضيرُ لها
وباكرتْه أهازيجٌ وألحان

تحدّر النورُ من آفاقه طَرِباً
واستقبلتْه الروابي وَهْو نشوان

تدافع النيلُ من علياء ربوتهِ
يحدو ركابَ الليالي وَهْوَ عجلان

ما ملَّ طُولَ السُّرى يوماً وقد دُفنِتْ
على المدارج أزمانٌ وأزمان

ينساب من ربوة عذراءَ ضاحكةٍ
في كلّ مغنًى بها للسحر إيوان

حيث الطبيعةُ في شرخ الصِّبا ولها
من المفاتن أترابٌ وأقران

وِشاحُها الشَّفقُ الزاهي وملعبُها
سهلٌ نضيرٌ وآكامٌ وقيعان

وربَّ وادٍ كساه النورُ ليس لهُ
غيرُ الأوابدِ سُمّارٌ وجيران

وربّ سهلٍ من الماء استقرَّ بهِ
من وافد الطيرِ أسرابٌ وَوُحْدان

ترى الكواكبَ في زرقاء صفحتهِ
ليلاً إذا انطبقتْ للزهر أجفان

وفي حِمى جبل الرجّافِ مُختلَبٌ
للناظرين وللأهوال ميدان

إذا صحا الجبلُ المرهوبُ رِيعَ لهُ
قلبُ الثرى وبدتْ للذعر ألوان

فالوحشُ ما بين مذهولٍ يُصفّدهُ
يأسٌ وآخرُ يعدو وَهْوَ حيران

ماذا دهى جبلَ الرجّافِ فاصطرعتْ
في جوفه حُرَقٌ وارتجّ صَوّان

هل ثار حين رأى قيداً يكبّلُهُ
على الثرى فتمشّتْ فيه نِيران

والنيلُ مُندفِعٌ كاللحن أرسلَهُ
من المزامير إحساسٌ ووجدان

حتى إذا أبصر «الخرطومَ» مُونقةً
وخالجتْه اهتزازاتٌ وأشجان

وردّد الموجُ في الشطّين أغنيةً
فيها اصطفاقٌ وآهات وحرمان

وعربد الأزرقُ الدفّاق وامتزجا
روحاً كما مزج الصهباءَ نشوان

وظلَّ يضرب في الصحراء مُنْسرباً
وحولَه من سكون الرملِ طُوفان

سارٍ على البِيد لم يأبه لوحشتها
وقد ثوتْ تحت سترِ الليلِ أكوان

والغيمُ مَدَّ على الآفاق أجنحةً
ونام في الشطّ أحقافٌ وغُدران

والليلُ في وحشة الصحراءِ صومعةٌ
مَهيبةٌ وتلالُ البيدِ رهبان

إذا الجنادلُ قامتْ دون مسربهِ
أرغى وأزبد فيها وَهْوَ غضبان

ونشّرَ الهولَ في الآفاق مُحتدِماً
جمَّ الهياجِ كأنّ الماءَ بركان

وحوَّل الصخرَ ذَرّاً في مساربهِ
فبات وَهْو على الشطّين كُثبان

عزيمةُ النيلِ تُفني الصخرَ فورتُها
فكيف إن مسّه بالضيم إنسان

وانساب يحلم في وادٍ يُظلّلهُ
نخلٌ تهدّل في الشطّين فَيْنان

بادي المهابةِ شمّاخٌ بمفرقهِ
كأنما هو للعلياء عنوان


إدريس جمّاع

الحمدان
07-18-2024, 02:53 PM
اعْلَى الْجَمَال تَغَار مِنَّا
مَاذَا عَلَيْك اذَا نَظَرْنَا

هِي نَظْرَة تَنْسَي الُّوَقَار
وَتَسْعَد الْرُّوْح الْمَعْنَى

دِنْيَاي انتِ وَفَرْحَتِي
وَمُنَى الْفُؤَاد اذَا تَمَنَّى

أَنْتِ الْسَّمَاء بَدَت لَنَا
وَاسَتَعَصَّمّت فِي الْبُعْد عَنَّا

هَلَا رَحِمْت مُتَيَّمَا
عَصَفَت بِه الاشوق وَهْنَا

وَهَفَت بِه الذِكْرَى
فَطَاف مَع الْدُّجَى مَغْنَى فَمَغْنّى

هَزَّتْه مِنْك مَحَاسِن
غِنَى بِهَا لِمَا تَغَنَّى

يَاشعلُه طَافَت خَوَاطِرَنَا
حَوَالَيْهَا وَطُفْنَا

انْسِت فِيْك قَدْاسَه
وَلَمَسَت اشَرّاقَا وَفَنَّا

وَنَظَرْت فِي عَيْنَيْك
افَاقَا وَاسْرَارّا وَمَعْنَى

وَسَمِعْت سِحْرِيَّا
يَذُوْب صَدَاه فِي الْاسْمَاع لَحْنَا

نِلْت الْسَّعَادَه فِي
الْهَوَى ورشَفَتِهَا دَنَا فَدَنَا

قُيِّدَت حُسْنُك فِي
الْخُدُوْد وَصُنْتُه لِمَا تَجَنَّى

وَحَجَبْتَه فَحَجَبْت
سِحْرَا نَاطِقَا وَحُجِبَت كَوْنَا

وَابَيْت الَا ان تُشَيَّد
لِلْجَمَال الْحُر سِجْنَا


إدريس جمّاع

الحمدان
07-18-2024, 02:53 PM
شاء الهوى أم شئت أنت
فمضيت في صمت مضيت

أم هز غصنك طائر
غيري فطرت إليه طرت

وتركتني شبحاً أمد
إليك حبي أين رحت

وغدوت كالمحموم لا أهذي
بغير هواك أنت

أجر .. أفر .. أتوه .. أهرب
في الزحام يضيع صوت

واضيعتي أأنا تركتك
تذهبين بكل صمت

هذا أوانك يا دموعي
فاظهري أين اختبأت

فإذا غفوت لكي أراك
فربما في الحلم جئت

في دمعتي في آهتي
في كل شيء عشت أنت

رجع الربيع وفيه
شوق للحياة وما رجعت

كوني كنجم الصبح
قد صدق الوعود وما صدقت

أنا في انتظارك كل يوم
ها هنا في كل وقت


إدريس جمّاع

الحمدان
07-18-2024, 02:54 PM
إنّ حظّي كدقيق ٍ
فوقَ شوكٍ نثروهُ

ثمّ قالوا لحُفاةٍ
يومَ ريح ٍ إجمعوهُ

صعُبَ الأمرُ عليهمْ
قلتُ يا قوم ِ اتركوهُ

إنّ من أشقاهُ ربِّي
كيفَ أنتم تسعدوهُ


إدريس جمّاع
السودان

الحمدان
07-18-2024, 02:58 PM
قد ذُقتُ شدة أيامي ولذتها
فما حصلتُ على صابٍ ولا عسلِ

وقد أراني الشباب الروح في بدني
وقد أراني المشيبُ الروح في بدلي


المتنبي

الحمدان
07-18-2024, 04:29 PM
جزى اللَه أيام الفراق ملامة
ألا كلُّ أيام الفراق مليم

فيا عجبا من قاتل لي أوده
أشاط دمي شخص عليَّ كريم

سقى اللَه أياما تلاقين هامتي
بري فكانت قبلهن تحوم

وقد طالعتنا يوم أسفل عالجٍ
كذوب المنى السائلين حروم

رمتني وستر اللَه بيني وبينها
عشية آرام الكناس رميمُ

ألا ربَّ يوم لو رمتني رميتها
ولكن عهدي بالنضال قديم

يرى الناس أني قد سلوت وأنني
لمرمي أحناء الضلوع سقيم

رميم التي قالت لجارات بيتها
ضمنت لكم ألا يزال يهيم


ابو حيه النميري

الحمدان
07-18-2024, 04:29 PM
ألم تَرَني والعلجَ في السُّوق بيننا
مناوشةٌ في بيعنا وتلاطمُ

رأى بكراتٍ بالياتٍ تساوَكتْ
بها ذهبتْ من دونهنَّ الدَّراهمُ

أسلتُ دماءَ العلج من أُمِّ رأسهِ
بمنحوتةٍ تستكُّ منها الخياشمُ

تعمَّد حلْقي من يدَيه بعصره
محلّجة تنهدُّ منها اللَّهازمُ

وشوَّصَني تشويصةً خلتُ أنَّها
ستأتي على نفسي فها أنا سالمُ

وفاتَ الحسامُ العضبُ رجعة طَرفه
وولَّيت عنه غارماً وهو غانمُ

ورحتُ إلى ظلٍّ ظليلٍ ومنظرٍ
أنيق وما يهواه لاهٍ وطاعمُ

وزيتيَّة صهباء أخرج كرمَها
لشاربها ن جنَّة الخلد آدمُ

وتاهتْ بألباب النَّدامَى خُشيبة
بها عند تحريك الحبالِ غماغمُ

إذا ظالمٌ أنحَى عليها بكفِّه
أماتَ وأحيَا من يغنِّيه ظالمُ

فبتُّ وندماني فريقان قاعدٌ
من السُّكر في عيني وآخرَ قائمُ

وأصبحتُ في يومٍ من الشَّرِّ كالحٍ
كأنِّي فيما كنتُ بالأمسِ حالمُ

تقولُ لي الصّبيانُ إنَّك راذِمٌ
ورغميَ فيما قيل إنَّك راذِمُ

فقلتُ لهم خلُّو الطريقَ فإنني
كريم نَماني الصَّالحون الأكارمُ

لئن كانت الوجعاء منِّي فربَّما
يخون الفتَى وجعاؤه وهوَ نائمُ

أما في خفوق الشَّرْب أن يحمل الأذَى
ويكرم عن نشر القبيحِ المُنادمُ

ويستأنف النّدمان أُنساً مجدَّدا
فيرفعُ مَعْ رفع النَّبيذِ الملاوِمُ


ابو حيه النميري

الحمدان
07-18-2024, 04:30 PM
ترحل بالشباب الشيب عنا
فليت الشيب كان به الرحيل

وقد كان الشباب لنا خليلا
فقد قضى مآربه الخليل

لعمر أبي الشباب لقد تولى
حميدا ما يراد به بديل

إذ الأيام مقبلة علينا
وظل أراكة الدنيا ظليل


ابو حيه النميري

الحمدان
07-18-2024, 04:31 PM
ألا أيها الربع القواءُ إلا انطقِ
سقتك الغوادي من أهاضيب فوق

مرابيع وسمي تسوق نشاطه
حرار الصبا في العارض المتألق

وما أنت ألا ما أرى بعدما أرى
يد الحي في زي بعيني مونق

غراب ينادي يوم لا القلب عقله
صحيح ولا الشعب الذي أنصاع ملتقي

جزيت غراب البين شرا لطالما
شقيت بتحجال الغراب المتعق

لقد طالما عنيت راحلة الصبا
وعللت شيطان النويِّ المشوِّق

وداويتُ قرحَ القلبِ منهن بالمنى
وباللحظ لو يبذلنه المتسرق

وساقينني كأس الهوى وسقيتها
رقاق الثنايا عذبة المتريق

ورقراقة تفترُّ عن متبسم
كنور الأقاحي طيب المتذوق

إذا امتضفت بعد امتتاع من الضحى
أنابيب من عود الاراك المخلق

سقت شعثُ السواك ماء غمامة
فضيضا بخرطوم العراق المصفق

فإن ذقت فاها بعدما سقط الندى
بعطفي بخنداة رداح المنطق

شممت العرار الغض عبَّ هميمة
ونور الأقاحي في الندى المترقرق

شرقت بريا عارضيها كأنما
شرقت بدار العراق المعتق


ابو حيه النميري

الحمدان
07-18-2024, 04:31 PM
عوجا نحي ديار الحي بالسند
وهل بتلك الديار اليوم من أحدِ

أحين شيم فلم يترك لهم ترة
سيف تلقده الرئبال ذو اللبد

سللتموه عليكم يا بني حسن
ما أن لكم من فلاح آخر الأبد

وأصبحت لبني العباس صافية
يجدع آناف أهل البغي والحسد

وأصبحت كلهاة اللّيثِ في فمِه
ومن يحاوِل شيئاً في فم الأسَد

بعذاريها أناساً نام حلمهم
عنا وعنك وعنها نومة الفهد


ابو حيه النميري

الحمدان
07-18-2024, 04:32 PM
يا دار غيرها التقادم والبلى
بين السليل ومأزمي أكباد

لازلتِ في خفضِ عليكِ تهافتت
ديم عليك طويلة الأرعاد

وأنار واديك الربيع فربما
نغنى به ونراه أبهج وادِ

وأرى به الأنس الذين تحبهم
عيني ويألف من تحب فؤادي


ابو حيه النميري

الحمدان
07-18-2024, 04:32 PM
إذا أنتَ رافقتَ الحُتاتَ بن جابر
فقلْ في رفيقٍ غائبٍ وهْوَ شاهِدُ

أصمّ إذا ناديتَ جَهلاً وإنْ تَسِرْ
فأعمَى وإنْ تَفعلْ جميلاً فجاحِدُ

أواني وإيَّاهُ الطَّريقُ عشيَّةً
يهابُ سُراها الأحْمَسيُّ المُعاوِدُ

فأُقسمُ بَرّاً أنَّ لولا خيالُهُ
لما كنتُ إلاَّ مثل من هو واحدُ


ابو حيه النميري

الحمدان
07-18-2024, 04:33 PM
ألا يا غراب البين فيم تصيح
فصوتك مشنوءٌ إليّ قبيحُ

وكلُّ غداة تنتحي لك تنتحي
إليَّ فتلقاني وأنت مشيحُ

تخبرني أن لست لاقي نعمة
بعدت ولا أمس لديك تصيحُ

وإن لم تهجني ذات يوم فإنَّه
ستفنيك ورقاء السرة صدوحُ

تذكرت والذكرى شعوفٌ لذي الهوى
وهنَّ بصحراء الخُبيتِ جنوحُ

حبيباً عداك النأي عنه فأسبلت
على النحر عين بالدموع سفوحُ

إذا هي أفنت ماءها اليوم أصبحت
غداً وهي ريا المقين نضوحُ

ظللت وقد ولوا بليل وقلصت
بهم حلة فتل المرافق روحُ

فلاقيتهم يوماً على فطرية
وللعيس مما في الخدور دليحُ

وقائلة لولا الهوى ما تجشمت
به نحوكم غبر السفاء طليحُ

بدا يوم رحنا عامدين لأرضها
سنيح فقال القوم مرَّ سنيحُ

فهاب رجال منهم وتقاعسوا
فقلت لهم جاري إليَّ ربيحُ

عقاب بأعقاب من الدار بعدما
جرت نية تسلي المحب طروحُ

وقالوا حمامات فحم لقاؤها
وطلح فريرت والمطي طليحُ

وقال صحابي هدهد فوق بأنة
هوىً وبيانٌ بالنجاح يلوحُ

وقالوا دمٌ دامت مواثيق بيننا
ودام لنا حلو الصفاء صريحُ

لعيناك يوم البين أسرع واكفاً
من الفنن الممطور وهو مروحُ

ونسوة شحشاح غيور يخفنه
أخي ثقة تلهون وهو مشيحُ

يَقلن ما يدرين عني سمعته
وهن بأبواب الخيام جنوحُ

أهذا الذي غنى بسمراء موهناً
أتاح له حسن الغناء متيحُ

إذا ما تغنى أنَّ من بعد زفرة
كما أنَّ من حرِّ السلاح جريحُ

وقائلة يا دَهم ويحك إنَّه
على غُنّةٍ في صوتِهِ لَمليحُ

وقائلةٍ أولينَهُ البخلَ إنّهُ
بما شاء من زور الكلام فصيحُ

فلو أن قولا يكلم الحلد قد بدا
بجلدي من قول الوشاة جروحُ

إذا قلت يفنى ماؤها اليوم أصبحت
غداً وهي ربا الماقيين نضوحُ


ابو حيه النميري

الحمدان
07-18-2024, 04:33 PM
وهم جمرة لا يصطلي الناس نارهم
توقد لا تطفا لريب النوائبُ

لنا جَمَراتٌ ليس للناس مثلهم
ثَلاَثٌ فَقَدْ جُرِّبْنَ كلّ التَّجاربِ

نُمَيْرٌ وعَبْسٌ تُتَّقَى صَقرَاتُهَا
وضَبّةُ قَوْمٌ بَأْسُهُمْ غَيْرُ كاذِبِ

إلى كلِّ قومٍ قَدْ دَلَفْنَا بجَمْرَةٍ
لها عارضٌ جَونٌ قَويُّ المناكبِ


ابو حيه النميري

الحمدان
07-18-2024, 04:34 PM
من المبكياتِ الجِلدَ حتّى كأنّما
تَسُحُّ بعينيهِ الدموعَ شَعيبُ

ليالي أهلانا جميعاً وحولنا
سوائم منها رائح وغريب

وإذ يتجنين الذنوب ومالنا
اليهن إلا ودهن ذنوب


ابو حيه النميري

الحمدان
07-18-2024, 04:34 PM
كأن أبا حفص فتى البأس لم يجب
به الليل والبيض القلاص النجائب

إلى الغاية القصوى ولم تهد فتية
كراماً وتخطوه الخطوب النوائب

ويعمل عتاق العيس حتى كأنَّها
إذا وضعت عنها الولايا المشاجب

بعيد مثاني الهم يمسي وماله
سوى اللَه والعضب السربحي صاحب

يروم جسيمات العلا فينالها
فتى في جسيمات المكارم راغب

فإن لمس وحشاً بابه فلربما
تواتر أفواجا إليه المواكب

يحيون بساما كان جبينه
هلال بدا وانجاب عنه السحائب

وما غائب من غاب يرجى أيابه
ولكنه من ضمّن اللحد غائب


ابو حيه النميري

الحمدان
07-18-2024, 04:35 PM
أصد عن البيتِ الحبيب وإنَّني
لأصغي إلى البيت الذي أتجنب

أزور بيوتاً غيره ولأهله
علي ما عدا عنهم أعز وأقرب

وقطع أسباب المودة معشر
غضابي وهل في أحسن القول أغضب

وألا تني يا أم عمرو نميمة
تدب بها بيني وبينك عقرب

وما بيننا لو أنه كان عالما
بذاك الآلى يولون ما يترتب

حديث إذا لم تخش عينا كأنه
إذا ساقطته الشهد بل هو أطيب

لو أنك تستشفي به بعد سكرة
من الموت كانت سكرة الموت تذهب

وقلت لها ما تأمرين فإنَّني
أرى البين أذى روعة تترقب


أبو حيه النميري

الحمدان
07-18-2024, 04:35 PM
أأبكاكَ رسمُ المنزلِ المُتقادمِ
بأمْراسَ أقوى من حلولِ الأصارمِ

وجرَّتْ بها العَصرَيْنِ كلُّ مُطلّةٍ
جَنونٍ ومَوجٍ طَمَّ فوقَ الجراثِمِ

إلى دَبْرِ شمسٍ لم يدَعْ سنَنُ الصَّبا
ولا قصفُ زَمزامِ الأتِيِّ اللوالِمِ

سوى أنَّ دَوداةً مَلاعبَ صِبيةٍ
على مُستوى منْ بينَ تِيكَ المخارمِ

وأخلاقٍ أنواءٍ تَعاوَرُن مَرْبعاً
عليهنَّ رُوقاتُ القِيانِ الخوادمِ

سَجَوْنَ أديمَ الأرضِ حتى أحَلْنَهُ
دونَ المُفعِماتِ الغواشمِ

فأنتَ ترى منهنَّ شَدْواً تكلَّفتْ
بهِ لكَ آياتُ الرسومِ الطَّواسمِ

كما ضربَتْ وشماً يدا بارقِيّةٍ
بنَجرانَ أقْرَتْهُ ظهورَ المعاصمِ

أناءتْ ولم تُنضِجْ فأنتَ ترى لها
قروفاً نمَتْ منهنَّ دونَ البَراجمِ

إلى أذرُعٍ وشَّمْنَها فكأنّها
عَلاهُنَّ ذَرُّ المغْضَناتِ الرَّواهمِ

فأمرَتْ بها عيناكَ لمّا عرفْتَها
بمُبْتَدِرٍ نَظْمِ الفريدَيْنِ ساجمِ

غروباً وأجفاناً تفيضُ كأنما
همتْ من مرشاتِ الشنانٍ الهزائمِ

لعِرفانِكَ الرَّبْعَ الذي صدعَ العصا
بهِ البَين صَدعاً ليسَ بالمُتلائمِ.
وقدْ كنتُ أدري أنَّ للبَينِ صَيحةً
على الحيِّ من يومٍ لنفسِكَ ضائمِ

كصيحتِهِ يومَ اللِّوى حينَ أشرفَتْ
بأسفلِ ذي بَيضٍ نعاجُ الصَّرائمِ

لبِسْنَ المُوشَّى العصْبَ ثمَّ خطَتْ بهِ
لِطافُ الكُلى بُدْنٌ عِراضُ المآكمِ

يُدَرِّينَ بالداري كلَّ عشيّةٍ
وحُمِّ المَداري كلّ أسحمَ فاحمِ

إذا هنَّ ساقَطْنَ الأحاديثَ للفتى
سِقاطَ حصى المَرجانِ من كفِّ ناظمِ

رمَيْنَ فأنفَذْنَ القلوبَ ولا ترى
دماً مائراً إلا جوىً في الحَيازمِ

وخبَّرَكِ الواشونَ ألاّ أحبُّكمْ
بلى وستورِ اللهِ ذاتِ المحارمِ

أصُدُّ وما الهجرُ الذي تحسبينَهُ
عزاءً بنا إلاّ ابتِلاعَ العَلاقمِ

حَياءً وبُقْياً أن تشيعَ نَميمةٌ
بنا وبكمْ أُفٍّ لأهلِ النَّمائمِ

أما إنّهُ لوْ كانَ غيركَ أرقلَتْ
إليهِ القَنا بالمُرهفَاتِ اللهاذمِ

ولكنْ وبيتِ اللهِ ما طَلَّ مسلماً
كغُرِّ الثنايا واضحاتِ المَلاغمِ

إذا ما بدَتْ يوماً علاقاءُ أو بَدا
أبو توأمٍ أو شِمتَ دَيرَ ابنِ عاصمِ

قياسرَ شِيعتْ بالهِناءِ وصُتّمَتْ
مصَفّقةَ الأقيانِ قَينِ الجماجمِ

يُرَجِّعْنَ من رُقْشٍ إذا ما أسلْنَها
وقَرْقَرْنَ أوْعَتْها جِراءُ الغَلاصمِ

بكيتَ وأذريتَ الدموعَ صَبابةً
وشوقاً ولا يقضي لُبانةَ هائمِ

كأنْ لم أُبرِّحْ بالغَيورِ وأقتَتِلْ
بتَفتيرِ أبصارِ الصِّحاحِ السقائمِ

ولمْ ألهُ بالحِدْثِ الألَفِّ الذي لهُ
غدائرُ لم يُحرمْنَ فارَ اللطائمِ

إذِ اللهوُ يَطْبِيني وإذا استَمِيلُهُ
بمُحْلَوْلَكِ الفَودَيْنِ وحْفِ المقادمِ

وإذ أنا مُنقادٌ لكلِّ مُقَوَّدٍ
إلى اللهوِ حَلاّفِ البَطالاتِ آثمِ

مُهينِ المطايا مُتلِفٍ غيرَ أنّني
على هُلْكِ ما أتلفتُهُ غيرُ نادمِ

أرى خيرَ يومَيَّ الخَسيسَ وإنْ غلا
بيَ اللؤمُ لم أحفِلْ ملامةَ لائمِ

فإنَّ دماً لو تعلمينَ جَنَيْتِهِ
على الحيِّ جاني مثلِهِ غيرُ سالمِ



ابو حيه النميري

الحمدان
07-18-2024, 04:36 PM
ألا يا انْعَمي أطلالُ خنساءَ وانْعمي
صباحاً وإمساءً وإنْ لم تَكلَّمي

ولا زلتِ في أرواقِ واهيةِ الكُلى
هَتُولٍ متى تُبْسِسْ بها الريحُ تُرزِمِ

عهدْنا بها الخنساءَ أيامَ ما ترى
لخنساءَ مِثلاً والنَّوى لم تَخرَّمِ

وخنساءُ مِخماصُ الوِشاحَيْنِ خَطْوُها
إلى الزوجِ أقتارٌ خُطى المُتجشِّمِ

ينوءُ بخَصْرَيْها إذا ما تأوَّدتْ
نقا عُجمةٍ في صَعدةٍ لم تُوصَّمِ

خليليَّ من دونِ الأخلاّءِ قد ونَتْ
عصا البينِ هلْ في البَينِ من مُتكلِّمِ

ألِمّا نُسائلْ قبلَ أن ترمي النَّوى
بنافذةٍ نَبْضَ الفؤادِ المُتيَّمِ

يقفْ عاشقٌ لم يبقَ من روحِ نفسِهِ
ولا عقلِهِ المسلوبِ غيرَ التوهُّمِ

وما تركَ اللائي يُرَيِّشْنَ صِيغةً
هيَ الموتُ من لحمٍ عليهِ ولا دمِ

إذا هنَّ أحْذَيْنَ المراوِدَ بعدَما
رقَدْنَ إلى قرنِ الضحى المُتجرِّمِ

عيونُ المها أو مثلَها سقطَتْ لها
وأعيُنُ أرآمٍ صَرائدَ أسهُمِ

كما أصردَتْ حِضنَيْ جميلٍ وقبلَهُ
عُرَيَّةَ والبَكّاءةَ المُترنَّمِ

رمتْهُ أناةٌ من ربيعةِ عامرٍ
نَؤومُ الضحى في مأتمٍ أيَّ مأتمِ

وجاءَ كخَوطِ البانِ لا مُتتَرِّعاً
ولكنْ بخلْقَيْهِ وقارٍ ومِيسَمِ

فقالَ صباحٌ قُلنَ غيرَ فواحشٍ
صباحاً وما إنْ قلنَ غيرَ التذمُّمِ

فأنشدَ مشعوفاً بهندٍ وأهلِها
نشيداً كخُشّابِ العراقِ المُنظَّمِ

وقُلنَ لها سرّاً وقَيْناكِ لا يَرُحْ
صحيحاً وإنْ لم تقتليهِ فألْمِمي

فأدنَتْ قناعاً دونَهُ الشمسُ واتَّقتْ
بأحسنِ موصولَيْنِ كفٌّ ومِعصَمِ

فراحَ ابنُ عَجِلانَ الغوِيُّ بحاجةٍ
يُجاوبُ قُمْرِيَّ الحَمامِ المُهيَّمِ

وراحَ وما يدري أفي طلقةِ الضحى
تَروَّحَ أو داجٍ منَ الليلِ مُظلمِ

وأغيدَ من طولِ السُّرى برَّحَتْ بهِ
أفنانيُ نَهّاضٍ على الأيْنِ مِرْجَمِ

وأقتالُهُ من مَنكبَيْهِ كأنّها
نوادرُ أعناقٍ رِبابةُ مُسْهِمِ

خواضعُ يَسْتَدِمينَ في كلِّ خِلقةٍ
لوَتْها بكفَّيْهِ كِلابُ المُخشِّمِ

وأدراجِ ليلٍ بعدَ ليلٍ يجوبُهُ
بهِ زَورُ أسفارٍ متى تُمسِ تُجذِمِ

سرَيْتُ بهِ حتى إذا ما تمزّقتْ
توالي الدُّجى عن واضحِ الليلِ مُعْلِمِ

أنخْنا فلمّا أفرغَتْ في دماغِهِ
وعينَيْهِ كأسُ النومِ قلتُ لهُ قُمِ

فما قامَ إلاّ بينَ أيدٍ تُقيمُهُ
كما عطفَتْ ريحُ الصَّبا عودَ ساسَمِ

خطا الكُرهَ مغلوباً كأنَّ لسانَهُ
لِما ردَّ من رجْعٍ لسانُ المُبَرْسَمِ

وودَّ بوُسْطى الخمسِ منهُ لو اننا
رحَلْنا وقُلنا في المَناخِ لهُ نَمِ

فلمّا تغشّاهُ على الرحْلِ ينثَني
مُسالَيْهِ عنهُ في وراءٍ ومُقْدَمِ

ضمَمْنا جناحَيْهِ بكلِّ شِمِلَّةٍ
ومُرتَقِبِ اليُمنى كَتُومِ التزَغُّمِ

فأضحى وما يدري بأيّةِ بلدةٍ
ولا أينَ منها مَيدةٌ لمْ تُصرَّمِ

يخِرُّ حِيالَ المَنكِبَيْنِ كأنّهُ
نَخيعٌ على ذي قوةٍ مُتَغَمْغِمِ

أَميمُ كرىً أثْأى بهِ خطَلُ السُّرى
وهَيْجات عُرْيانِ الأشاجعِ شَيْظَمِ

ومنهنَّ تحتَ الرحْلِ جلْسٌ جعلْنَها
دواءً لنجوى الطارقِ المُتنوِّمِ

إذا المُنقِياتُ العِيدُ بلَّغْنَ أرقَلَتْ
على الأيْنِ إرقالَ الفَنيقِ المُسدَّمِ

كأنَّ السُّرى ينجابُ في كلِّ ليلةٍ
إلى الصبحِ عن نازِي الحماتَيْنِ صِلدِمِ

رعى الرملَ حتى استنَّ كلُّ مُزمزِمٍ
على الشاةِ محبوكِ الذراعينِ كلْدِمِ

شُوَيْقٍ رعى الأنداءِ حتى تعذَّرتْ
مَجاني اللِّوى من كوكبٍ مُتضرِّمِ

وآضَتْ بقايا كلِّ ثمْلٍ كأنّها
عُصارةُ فَظٍّ أو دُوافةُ كُرْكُمِ

وهاجَتْ منض الغَورَيْنِ غَورَيْ تِهامةٍ
نواشطُ يهجمْن الحصى كلّ مَهجَمِ

فلمّا رأى الشمسَ التي طالَ يومُها
عليهِ دنتْ قالتْ لهُ أرضُهُ ارغَمي

جمى قلقٌ سهلُ الجِراءِ إذا جرى
طغا ثبت ما تحتَ اللِّبانِ المُقدَّمِ

يُشِعْنَ إذا شقَّتْ عصاً يغتبِطْنَهُ
يداهُ وإنْ يُدركْ قَطاهُنَّ يَكْدِمِ

يحيدُ ويخشى عازِبِيّاً كأنّهُ
ذُؤالةُ في شِمطاطِهِ المُتخذّمِ

ترى رزقَهُ يوماً بيومٍ وإنّما
غِناهُ إذا استغنى بفِلْقٍ وأسهُمِ

مُقِيتاً على صُلْتِ الهوادي كأنّها
مُخَطَّطةٌ زُرقاً أعِنّةُ مُؤْدِمِ

رمى مِرفَقَ الدنيا فأرسلَ جوفُها
إلى جوفِ أخرى مائراً لم يُثلَمِ

فذاكَ الذي شبَّهتُ حرفاً شبيهةً
بهِ يومَ أُبْنا بعدَ حَمْسٍ مُقحَّمِ

تُقاسي الفِجاجَ اللامعاتِ وتَغتلي
بأتْلَعَ مسفوح العَلابِيّ شَجْعَمِ

إلى جعفرٍ أطوي بها الليلَ والفلا
إلى سَبِطِ المعروفِ غيرِ مُذمَّمِ

يُغالى بها شهرانِ وهْيَ مُغِذّةٌ
إلى مُستقلٍّ بالنوائبِ خِضْرِمِ

وقال رفيقاكَ اللذانَ تجشَّما سُرى الليلِ
من يَجشَمْ سُرى الليلِ يَجشَمِ

وأيدي المَهاري في فَيافٍ عريضةٍ
هوابطَ من اخرى تَغلَّى وترتمي

لَعمري لقد أبعدتَ همّاً ومَنْسِماً
وكم من غِنىً من بعدِ هَمٍّ ومَنسِمِ

فقلتُ لهمْ إنّي امرؤ ليسَ همَّتي
ولا طلبي حظّي بأدنى التَّهَمُّمِ

فلا تُكثروا لَومي فليسَ أخوكُما
بلَوّامِ أصحابٍ ولا بالمُلَوَّمِ

لعلَّكُما أنْ تسلَما وتَصاحبا
بعافيةٍ من يصحَبِ اللهُ يَسلَمِ

وإنْ تُرْقِيا ريبَ المنونِ وتُقْدِما
على جعفرٍ تَسْتوجِبا خيرَ مَقْدَمِ

وتعترِفا وجهاً أغَرَ وتنزِلا
على سَعةٍ بالماجدِ المُتكرِّمِ

بأبيضَ نَهّاضٍ إلى سُورِ العُلى
جراثيمُ يخطوها فتىً غيرُ توأمِ


ابو حيه النميري

الحمدان
07-18-2024, 04:36 PM
ألا يا انْعَمي أطلالُ خنساءَ وانْعمي
صباحاً وإمساءً وإنْ لم تَكلَّمي

ولا زلتِ في أرواقِ واهيةِ الكُلى
هَتُولٍ متى تُبْسِسْ بها الريحُ تُرزِمِ

عهدْنا بها الخنساءَ أيامَ ما ترى
لخنساءَ مِثلاً والنَّوى لم تَخرَّمِ

وخنساءُ مِخماصُ الوِشاحَيْنِ خَطْوُها
إلى الزوجِ أقتارٌ خُطى المُتجشِّمِ

ينوءُ بخَصْرَيْها إذا ما تأوَّدتْ
نقا عُجمةٍ في صَعدةٍ لم تُوصَّمِ

خليليَّ من دونِ الأخلاّءِ قد ونَتْ
عصا البينِ هلْ في البَينِ من مُتكلِّمِ

ألِمّا نُسائلْ قبلَ أن ترمي النَّوى
بنافذةٍ نَبْضَ الفؤادِ المُتيَّمِ

يقفْ عاشقٌ لم يبقَ من روحِ نفسِهِ
ولا عقلِهِ المسلوبِ غيرَ التوهُّمِ

وما تركَ اللائي يُرَيِّشْنَ صِيغةً
هيَ الموتُ من لحمٍ عليهِ ولا دمِ

إذا هنَّ أحْذَيْنَ المراوِدَ بعدَما
رقَدْنَ إلى قرنِ الضحى المُتجرِّمِ

عيونُ المها أو مثلَها سقطَتْ لها
وأعيُنُ أرآمٍ صَرائدَ أسهُمِ

كما أصردَتْ حِضنَيْ جميلٍ وقبلَهُ
عُرَيَّةَ والبَكّاءةَ المُترنَّمِ

رمتْهُ أناةٌ من ربيعةِ عامرٍ
نَؤومُ الضحى في مأتمٍ أيَّ مأتمِ

وجاءَ كخَوطِ البانِ لا مُتتَرِّعاً
ولكنْ بخلْقَيْهِ وقارٍ ومِيسَمِ

فقالَ صباحٌ قُلنَ غيرَ فواحشٍ
صباحاً وما إنْ قلنَ غيرَ التذمُّمِ

فأنشدَ مشعوفاً بهندٍ وأهلِها
نشيداً كخُشّابِ العراقِ المُنظَّمِ

وقُلنَ لها سرّاً وقَيْناكِ لا يَرُحْ
صحيحاً وإنْ لم تقتليهِ فألْمِمي

فأدنَتْ قناعاً دونَهُ الشمسُ واتَّقتْ
بأحسنِ موصولَيْنِ كفٌّ ومِعصَمِ

فراحَ ابنُ عَجِلانَ الغوِيُّ بحاجةٍ
يُجاوبُ قُمْرِيَّ الحَمامِ المُهيَّمِ

وراحَ وما يدري أفي طلقةِ الضحى
تَروَّحَ أو داجٍ منَ الليلِ مُظلمِ

وأغيدَ من طولِ السُّرى برَّحَتْ بهِ
أفنانيُ نَهّاضٍ على الأيْنِ مِرْجَمِ

وأقتالُهُ من مَنكبَيْهِ كأنّها
نوادرُ أعناقٍ رِبابةُ مُسْهِمِ

خواضعُ يَسْتَدِمينَ في كلِّ خِلقةٍ
لوَتْها بكفَّيْهِ كِلابُ المُخشِّمِ

وأدراجِ ليلٍ بعدَ ليلٍ يجوبُهُ
بهِ زَورُ أسفارٍ متى تُمسِ تُجذِمِ

سرَيْتُ بهِ حتى إذا ما تمزّقتْ
توالي الدُّجى عن واضحِ الليلِ مُعْلِمِ

أنخْنا فلمّا أفرغَتْ في دماغِهِ
وعينَيْهِ كأسُ النومِ قلتُ لهُ قُمِ

فما قامَ إلاّ بينَ أيدٍ تُقيمُهُ
كما عطفَتْ ريحُ الصَّبا عودَ ساسَمِ

خطا الكُرهَ مغلوباً كأنَّ لسانَهُ
لِما ردَّ من رجْعٍ لسانُ المُبَرْسَمِ

وودَّ بوُسْطى الخمسِ منهُ لو اننا
رحَلْنا وقُلنا في المَناخِ لهُ نَمِ

فلمّا تغشّاهُ على الرحْلِ ينثَني
مُسالَيْهِ عنهُ في وراءٍ ومُقْدَمِ

ضمَمْنا جناحَيْهِ بكلِّ شِمِلَّةٍ
ومُرتَقِبِ اليُمنى كَتُومِ التزَغُّمِ

فأضحى وما يدري بأيّةِ بلدةٍ
ولا أينَ منها مَيدةٌ لمْ تُصرَّمِ

يخِرُّ حِيالَ المَنكِبَيْنِ كأنّهُ
نَخيعٌ على ذي قوةٍ مُتَغَمْغِمِ

أَميمُ كرىً أثْأى بهِ خطَلُ السُّرى
وهَيْجات عُرْيانِ الأشاجعِ شَيْظَمِ

ومنهنَّ تحتَ الرحْلِ جلْسٌ جعلْنَها
دواءً لنجوى الطارقِ المُتنوِّمِ

إذا المُنقِياتُ العِيدُ بلَّغْنَ أرقَلَتْ
على الأيْنِ إرقالَ الفَنيقِ المُسدَّمِ

كأنَّ السُّرى ينجابُ في كلِّ ليلةٍ
إلى الصبحِ عن نازِي الحماتَيْنِ صِلدِمِ

رعى الرملَ حتى استنَّ كلُّ مُزمزِمٍ
على الشاةِ محبوكِ الذراعينِ كلْدِمِ

شُوَيْقٍ رعى الأنداءِ حتى تعذَّرتْ
مَجاني اللِّوى من كوكبٍ مُتضرِّمِ

وآضَتْ بقايا كلِّ ثمْلٍ كأنّها
عُصارةُ فَظٍّ أو دُوافةُ كُرْكُمِ

وهاجَتْ منض الغَورَيْنِ غَورَيْ تِهامةٍ
نواشطُ يهجمْن الحصى كلّ مَهجَمِ

فلمّا رأى الشمسَ التي طالَ يومُها
عليهِ دنتْ قالتْ لهُ أرضُهُ ارغَمي

جمى قلقٌ سهلُ الجِراءِ إذا جرى
طغا ثبت ما تحتَ اللِّبانِ المُقدَّمِ

يُشِعْنَ إذا شقَّتْ عصاً يغتبِطْنَهُ
يداهُ وإنْ يُدركْ قَطاهُنَّ يَكْدِمِ

يحيدُ ويخشى عازِبِيّاً كأنّهُ
ذُؤالةُ في شِمطاطِهِ المُتخذّمِ

ترى رزقَهُ يوماً بيومٍ وإنّما
غِناهُ إذا استغنى بفِلْقٍ وأسهُمِ

مُقِيتاً على صُلْتِ الهوادي كأنّها
مُخَطَّطةٌ زُرقاً أعِنّةُ مُؤْدِمِ

رمى مِرفَقَ الدنيا فأرسلَ جوفُها
إلى جوفِ أخرى مائراً لم يُثلَمِ

فذاكَ الذي شبَّهتُ حرفاً شبيهةً
بهِ يومَ أُبْنا بعدَ حَمْسٍ مُقحَّمِ

تُقاسي الفِجاجَ اللامعاتِ وتَغتلي
بأتْلَعَ مسفوح العَلابِيّ شَجْعَمِ

إلى جعفرٍ أطوي بها الليلَ والفلا
إلى سَبِطِ المعروفِ غيرِ مُذمَّمِ

يُغالى بها شهرانِ وهْيَ مُغِذّةٌ
إلى مُستقلٍّ بالنوائبِ خِضْرِمِ

وقال رفيقاكَ اللذانَ تجشَّما سُرى الليلِ
من يَجشَمْ سُرى الليلِ يَجشَمِ

وأيدي المَهاري في فَيافٍ عريضةٍ
هوابطَ من اخرى تَغلَّى وترتمي

لَعمري لقد أبعدتَ همّاً ومَنْسِماً
وكم من غِنىً من بعدِ هَمٍّ ومَنسِمِ

فقلتُ لهمْ إنّي امرؤ ليسَ همَّتي
ولا طلبي حظّي بأدنى التَّهَمُّمِ

فلا تُكثروا لَومي فليسَ أخوكُما
بلَوّامِ أصحابٍ ولا بالمُلَوَّمِ

لعلَّكُما أنْ تسلَما وتَصاحبا
بعافيةٍ من يصحَبِ اللهُ يَسلَمِ

وإنْ تُرْقِيا ريبَ المنونِ وتُقْدِما
على جعفرٍ تَسْتوجِبا خيرَ مَقْدَمِ

وتعترِفا وجهاً أغَرَ وتنزِلا
على سَعةٍ بالماجدِ المُتكرِّمِ

بأبيضَ نَهّاضٍ إلى سُورِ العُلى
جراثيمُ يخطوها فتىً غيرُ توأمِ


ابو حيه النميري

الحمدان
07-18-2024, 04:37 PM
لعلَّ الهوى إنْ أنتَ حيَّيْتَ منزِلاً
بأكبادَ مُرتدٌّ عليكَ عقابِلُهْ

محتْهُ الرياحُ الهُوجُ يَحْننَّ بالحصى
ونَوءُ الثريّا الجَودُ منهُ ووابلُهْ

عفا غيرَ أُخدودَيْنِ جَرَّ عليهِما
جدى كلِّ دَلْوِيٍّ تُجَنُّ أصائلُهْ

فلمّا سألتُ الرَّبْعَ أينَ تيمَّمَتْ
نوى الحيّ لم ينطقْ وضُلِّلَ سائلُهْ

وكنتُ إذا خُبِّرْتُ أنَّ مُكَلَّفاً
بكى أو تَعنّاهُ عِدادٌ يُماطلُهْ

منَ الحُبِّ زَرَّفتُ المُحبَّ فقد بكا
فؤادي حتى أسلمتْهُ عواذلُهْ

كأنَّ فؤادي طائرٌ في حِبالةٍ

رأى غيَّهُ لمّا اعْتفَتْهُ حبائلُهْ
عشيّةَ رَدَّ الحيُّ بُزْلاً يَزِينُها

تمامٌ ونَيٌّ طارَ عنهُ خمائلُهْ
عقائلُ ما منهنَّ إلاّ عَدَبَّسٌ

ذرى شوكُهُ أو فاطرُ النابِ باقلُهْ
ومرْتٍ إذا أمسى بهِ القومُ أعظمَتْ

مَخاقَتَهمْ أهوالُهُ وغوائلُهْ
تأوّلتُ آياتٍ بهِ ورمَيْنَهُ

بمِردى سِفارٍ ابنُ عامَيْنِ بازلُهْ
بأتلعَ فَعْمِ المنكبَيْنِ تقابلَتْ

عليهِ المهارى أروعُ القلبِ جاهلُهْ
إذا قلتُ جاهٍ لَجَّ حتى يرُدَّهُ

مِراسٌ ومكِيٌّ تأوَّبَ جادِلُهْ
كأنّي ورَحلي فوقَ جأبٍ خلا لهُ

وإلفَيْهِ جَنْبا صارةٍ فجُلاجِلُهْ
رِباعٍ نفى عنها وعنهُ جِحاشَها

فما هنَّ إلاّ مُلْمِعاتٍ قَتائلُهْ
شهورَ الندى حتى إذا هاجَ ناصلٌ

عليهِ ورامَتْهُ بصُرْمِ حَلائلُهْ
غدا في ثلاثٍ مُرْبِعاً لاحقَ الحشا

إذا هو أمسى راجعَتْهُ أفاكِلُهْ
فظلَّ بآرامَ النُّوَيْرِ كأنّهُ

رَبِيئةُ قومٍ خائفُ القلبِ واجلُهْ
فلمّا رأيْنَ الليلَ جِنْحاً وقدْ بدا

لها ولهُ الأمرُ الذي هو فاعلُهْ
تيمَّمَ عَيناً من أُثالَ رَوِيّةً

عليها أخو بِيدٍ شديدٍ خصائلُهْ
يُعَشِّرُ في تَقريبِهِ وإذا انتحى

عليهنَّ من قُفٍّ أرنَتْ جَنادلُهْ
وأوقدْنَ نيرانَ الحُباحِبِ والتقى

حصىً يتراقى بينهنَّ ولاوِلُهْ
إذا قلنَ كلاّ قالَ والنَّقْعُ ساطعٌ

بلى وهْوَ واهٍ بالجِراءِ أباجلُهْ
وإنْ أسهلَ اسْتَتْلَيْنَ نَقعاً كأنّهُ

شَماطيطُ كتّانٍ تطيرُ رَعابلُهْ
فأوردَها والليلُ نَصفانُ بعدَما

علاها حميمٌ ما رعَتْهُ شُلاشِلُهْ
يرَيْنَ نجومَ الليلِ فيها كأنّها

مصابيحُ مِحرابٍ تُذَكّى قنادلُهْ
وفي الجانبِ الأدنى الذي ليس ضربةً

برمحٍ بلى حَرّانُ زُرقٌ مَعابلُهْ
مُطِلٌّ بمَنحاةٍ لهُ في شِمالِهِ

رَنينٌ إذا ما حرَّكتْها أناملُهْ
فَصَوَّبْنَ أعناناً وأدنَيْنَ أذرُعاً

إليهنَّ والجَرْع انتهازاً تُداخلُهْ
رمى العَيرُ أذْناهُ على الفُقْرةِ التي

تَليهِ وأدنى النَّجْبِ منهُ مَقاتلُهْ
فمَرَّ تُحَيْتَ المَرفقَيْنِ وصدَّهُ

عنِ الجَوفِ إنْ لمْ يلقَ حتفاً يُعاجلُهْ
فيا لكَ إخطاءً ويا لكَ جَولةً

ويا لكَ شدّاً يَعْبِطُ الأكْمَ وابِلُهْ

كما انقضَّ دَرِيٌّ على مُتَعَفْرِتٍ
رجيمٍ تَدرَّى وحيَ سمعٍ يُخائلُهْ

أذلكَ أمْ ذَبُّ الرِّيادِ خلا لهُ
لوىً وكثيبٌ مُزْبَئِرٌّ خمائلُهْ

رعى الخَطراتِ الحُوَّ فرْداً كأنّهُ
حسامٌ جلا أطباعَ مَتْنَيْهِ صاقِلُهْ

طَباهُ عنِ الأُلاّفِ أيامُ سَلوةٍ
يُناطحُ فيها ظِلَّهُ ويُخائِلُهْ

إذا رَيْدَةٌ من حيثُ ما نفحَتْ لهُ
أتاهُ برَيّاها خليلٌ يُواصلُهْ

غدا والندى يَنصبُّ عنهُ كأنّهُ
فريدُ العذارى ضيَّعَ السِّلْكَ ناصِلُهْ


ابو حيه النميري

الحمدان
07-18-2024, 04:38 PM
يا بنَ الأكارمِ يا وليدُ ألستُمُ
أهلَ الغِنى قِدْماً وطِيبَ العُنصرِ

إنّي أتيتُكَ من شَراءَ وبِيشةٍ
ومنَ العقيقِ ومن جنوبِ مُحَجَّرِ

تغلو بيَ القَفراتِ ذاتُ عُلالةٍ
بعدَ الكلالِ وبعدَ خلْقٍ دَوسرِ

جادَ الربيعُ لها بفَيدٍ وأُرسلتْ
في عازبٍ غَرِدِ الذبابِ مُنوِّرِ

بدأتْ وإنَّ أثارةً ملمومةً
لعلى مَحالتِها كخِدرِ المُعْصِرِ

حتى إذا طرحَتْ نَسيلاً جافلاً
عنها وقدْ جزأَتْ ثلاثةَ أشهرِ

راحتْ تَقَلْقَلُ من زَرُودَ فأصبحتْ
بالبطنِ ذا قِنَةٍ خَفوقَ المِشْفرِ

كلّفتُها رَحلي إليكَ وإنّما
ترجو نوافلَ سَيبِكَ المُتحضِّرِ

مرّتْ على قصرِ المقاتلِ بعدَما
كربَتْ ظَهيرتُها ولمّا تُظهِرِ

فتزاوَرَتْ منهُ كأنَّ بدَفِّها
هِرّاً يُشَبِّثُ ضَبعَها بالأظفُرِ

وأتتْ على البَردانِ وهْيَ مُدِلّةٌ
عَجْلى اليدَيْنِ متى أزَعْها تَخْطِرِ

حتى أتتْكَ وقدْ رمتْ بحَنينِها
ومشتْ على بخْصِ اليدَينِ الأحمرِ

آلتْ إذا ما حُلَّ عنها رَحلُها
جُعلتْ تُضيفُ منَ الغرابِ الأعورِ

إنَّ الوليدَ جرى المئينَ مُبَرِّزاً
وصفَتْ يداهُ بنائلٍ لمْ يَنزُرِ

وأشارتِ الأيدي إليهِ بحِلمِهِ
والحزمِ حينَ أطاقَ حملَ المئزرِ

حتى إذا لبسَ العِطافَ تفرّجَتْ
حلَقُ المجالسِ عنْ أغرَّ مُشهَّرِ

أعطى الجزيلَ وسادَ حينَ مضتْ
سبعٌ وبعضُ لِداتِهِ لم يَثغَرِ

وغدا وراحَ إلى الأمورِ بحَزمِهِ
وبأمرِ مُطَّلِع الحِمالة مِجْشَرِ


ابو حيه النميري

الحمدان
07-18-2024, 04:38 PM
أشاقَتْكَ أظعانٌ دعَتْهنَّ نِيّةٌ
يُوَطِّنُ شِعْباها الحزينَ على الهجرِ

ظعائنُ طَلاّبٍ ثرى الغيثِ قلَّما
يُساعفْنَ إلاّ أنْ يُناسِمْنَ عن عُفْرِ

رعَيْنَ القرارَ الحُوَّ حتى إذا ارتمَتْ
بنَبْلِ السَّفى أعرافَ غُوريّةٍ كُدْرِ

وجاءَتْ روايا الحيِّ من كلِّ مُسْمِلٍ
بطَرْقٍ كماءِ الفظِّ من نُطَفٍ صُفْرِ

بقيّةُ أسْمالٍ زَواهُنَّ كوكبٌ
مقَفٍّ ترى الحرباءَ في آلِهِ يجري

ورُدّتْ جِمالُ الحيِّ كُلْفاً تطايرَتْ
عقائقُهُنَّ الغُبْسُ عن نُقَبٍ شُقْرِ

بما اسْتُوجِرَتْ من كل وادٍ مربةً
مصابَ الثريا كلُ ناشئةٍ بكرِ

فعرضنَ واندَحَّتْ كُلاهُنَّ بعدَما
طواهُنَّ إحناقُ المُسَدَّمةِ الذُّفْرِ

كأنَّ عصيمَ الورسِ منهنَّ جاسِداً
بما سالَ من غِربانِهنَّ منَ الخُطْرِ

وزَمَّ القِيانُ التُّلْدُ كلّ مُلَهَّثٍ
مُدالِقَ لَحْيَيْ لا مُذَكٍّ ولا بَكْرِ

لأحداجِ بِيضٍ كالدمى كلِّ بادنٍ
رَداحٍ تَهادى المشيَ شِبراً إلى شِبرِ

إذا قُمنَ لم ينهضْنَ إلاّ قصيرةً
خُطاهنَّ ممّا يتَّقِينَ منَ البُهْرِ

وعالَيْنَ أحداجاً لهنَّ كأنّما
عُلِينَ بنُوّارِ المُكَلَّلَةِ القَفرِ

على كلِّ قَيْنِيٍّ يُغاليهِ صهوةٌ
مُشرَّفةُ الأعلى مُداخلَةُ الأسرِ

دخلْنَ العلالِيَّ التي عملتْ لها
أكُفٌّ أتَتْها عن يمينٍ وعن يَسْرِ

ولدَّدْنَ للأصعادِ أعناقَ ولَّهٍ
إلى كلِّ وادٍ لا أُجاجٍ ولا بَثْرِ

لهُ أرجٌ من طِيبِ ما تلتقي بهِ
لأينَعَ يندى من أراكٍ ومن سِدرِ

كأنَّ القطوعَ العبقريّةَ نُشِّرَتْ
أسِرّةُ مُلْتَجٍّ حدائقُهُ خُضرِ

ويومٍ من الأيامِ قصَّرتُ طولَهُ
بقانيةِ الأطرافِ ذاتِ حشاً ضَمرِ

لها كفَلٌ لأياً إذا ما تدافعَتْ
بهِ قامَ جُهداً من ذَنوبٍ ومن خصرِ

كما هزَّ عَيْدانيّةً مَعْجُ رَيْدَةٍ
جَنوبٍ بلا معجٍ شديدٍ ولا فَتْرِ

ولم أنسَ من سلمى وسلمى بخيلةٌ
ودائعَ أدناهُنَّ مُذْ حِجَجٍ عشرِ

ولا قَولَها والقومُ قد أشرفَتْ لهمْ
عيونٌ كحرِّ الجمرِ ظاهرةِ الغِمرِ

تعلَّمْ بأنَّ القومَ تغلي صدورُهمْ
عليكَ فكنْ مما تخافُ على حِذْرِ

فقلتُ لها لا بَرْءَ منكِ ولا هوىً
سواكِ ولا دَمُّوا بمُهجتِهِ نَجْري

لوَ انَّ سِباعَ الأرضِ دونَكِ أصبحتْ
على كلِّ فجٍّ من أُسودٍ ومن نَمْرِ

رباضاً على أشبالِها لقطعتُها
إليكِ بسيفي أو هلكتُ فلا أدري

وقائلةٍ قالتْ ألستِ براحلٍ
ألستَ ترى ما قد أُصيبَ من الوَفْرِ

أغِثْ منْ أميرِ المؤمنينَ بنفحةٍ
عيالَكَ تُبْلِتْ في صنائعِها الوُفْرِ

فقلتُ لها ذاكِ الذي ينتحي بهِ
نهاري وليلي كلّ نائبةٍ صدري

لعَمرُكَ إذْ ما قلتُ ما أنا بالذي
أصونُ المطايا قد علمتِ من السَّفْرِ

ولا يَثقُلُ الليلُ البهيمُ إذا دجا
عليَّ إذا ما أثقلَ الليلُ من يَسري

وكنتُ إذا ما الهمُّ أطلقَ رحلَهُ
إليَّ فقالَ ارحلْ شددْتُ لهُ أزري

وحمّلتُهُ أصلابَ خُوصٍ كأنّها
قَنا الشَّوْحَطِ المُعوجِّ من قلقِ الضُّمْرِ

يَؤمُّ بها المَوماةَ زَولٌ كأنَّهمُ
فِرِنْدِيّةُ القضبانِ ظاهرةُ الأُثْرِ

ألا يا بنَ خيرِ الناسِ إلاّ محمدا
صَنيعاً وأولى الناسِ بالحمدِ والأجرِ

أتيناكَ من نجدٍ على قَطَرِيّةٍ
لوى حلَقاً قُدّامَ أعيُنِها المُبْري

موائِرُ أعضادٍ مَغالي مَفازةٍ
سِباط الذِّفاري لا جِعادٍ ولا زُعْرِ

بدأْنَ وتحتَ المَيسِ منهنَّ عاتقٌ
أتارةُ أعوامٍ وهَبْرٌ على هبرِ

فجاءتْ وممّا أُنعلَتْ حَفَياتُها
خِذامٌ بأرْساغِ المُهَلَّلَةِ الدُّبْرِ

فما أدركتْنا يا بنَ مروانَ دونَكمْ
صلاةٌ لأُولى في مُناخٍ ولا فجرِ

ولا هيَ إلاّ وَقعةٌ كلّما الْتظى
أُوارُ الحصى في كلِّ هاجرةٍ وغْرِ

وتَحليلٍ شُعْثٍ غَوَّروا رفعوا لهمْ
بناءً بنَوهُ فوقَ ظُفْرٍ على ظُفرِ

إذا استَنْشَصَتْهُ الريحُ أو رسبَتْ لهُ
علينا القُوى ضربَ الحبالةِ بالنَّسْرِ

تراهُ سماءً بينَ حَيلَيْنِ ما لهُ
سوى ذاكَ ظِلٌّ من كِفاءٍ ولا سِترِ

إذا البارحُ الحامي الوَديقةِ لفَّهُ
علينا ترى مُسْتَكْشِماً أشَرَ المُهْرِ


ابو حيه النميري

الحمدان
07-18-2024, 04:39 PM
قِفا حَيِّيا الأطلالَ من مَسقِطِ اللِّوى
وهلْ في تحيّاتِ الرسومِ جَداءُ

وماذا تُحيِّي من رسومٍ تَبدَّلتْ
شعوبُ النَّوى عنها وهنَّ قَواءُ

علاهُنَّ بعدَ الحيِّ كلُّ مُجَلجلٍ
مَحاهُنَّ تيّارٌ لهُ وغُثاءُ

وأقفرَ وادِيهِنَّ واحتفَرَتْ بهِ
ماكنسُ عِينٍ باقرٌ وظِباءُ

فشاقَكَ ممّا أحْرثَ الحيَّ منزلٌ
رُكامُ الحصى والمجْنَحاتُ خلاءُ

ورَبعٌ بأعلى ذي الجِذاةِ كأنّما
على مَتنِهِ منْ حضرَمَوتَ رداءُ

إذا انغمستْ أولى النجومِ تلعَّبتْ
بهِ قصَباتٌ مُزنُهُنَّ رَواءُ

كأنَّ لم يُرى فيهِ الجميعُ ولم تَصِحْ
بهمْ نيّةٌ تُغري الديارَ جَلاءُ

بلى ثمَّ أجْلَتْ نيّةٌ ليسَ بعدَها
لرَيّا ولا أمِّ البنينَ لقاءُ

تذكَّرتُ عصراً قد مضى وصِحابةً
ولم تكُ عمّا قدْ ذكرتُ عَداءُ

لياليَ تنْآها ولو شئتَ زُرتَها
وكيفَ معَ الواشي المُطِلِّ تشاءُ

إليكَ ابنَ عَتابٍ رحَلْنا وساقَنا
منَ الغَورِ جدْبٌ مُوصَدٌ وعِداءُ

وعامٌ كحدِّ السيفِ أمّا ربيعُهُ
فنحْرٌ وأمّا قَيظُهُ ففناءُ

بمُعْصَوْصِياتِ السَّبْرِ صُعْرٍ من البُرى
خواضعُ أدنى سيرِهنَّ نَجاءُ

إذا ما فلاةُ الخِمسِ أضحتْ كأنَّها
مُنَطَّقةٌ أعلامُهنَّ مُلاءُ

قطعْنَ فلاةَ الخِمسِ لمّا لقِينَها
غِشاشاً ولم يُرقَبْ أنىً وَضَحاءُ

مُضَبّرةَ الأصلابِ في ثَفِناتِها
زُلوجٌ وفي أعضادِهنَّ عَداءُ

وكمْ قدْ تركْنا من مُعَرِّسِ ساعةٍ
بهِ لحديدِ المِرفقَيْنِ عُواءُ

أصابَ طَلىً من حشْرَةٍ جاءَ فوقَهُ
منَ الماءِ والغِرْسِ والفَضيضِ غطاءُ

جرى بينَ حاذَيْ عَنْتَرِيسٍ تَراغبَتْ
على الرَّحْلِ منها جُفْرةٌ وبناءُ

يزُرنَ ابنَ عَتّابٍ ويرجونَ فِعلَهُ
إذا حانَ من حاجاتِهنَّ قضاءُ

يزَرْنَ جَنابيّاً أغَرَّ كأنّهُ
سَنا البدرِ فيهِ للظلامِ جِلاءُ

وجدْنا قِراكُمْ في حِياضٍ رَغيبةٍ
وهنَّ على رَغْبٍ بهنَّ مِلاءُ

بَناهُنَّ عَتّابٌ وأوصاكَ بعدَهُ
بهنَّ فلمْ يُهدمْ لهنَّ بناءُ

عَلالِيُّ مِنْ سعيِ الأصمِّ بن مالكٍ
وكلُّ الذي أسدى الأصمُّ سَناءُ

إذا ضِيمَ قومٌ أو أقرُّوا ظَلامةً
نفى الضيمَ عنكمْ عزّةٌ وإباءُ

وقمتُمْ بأسيافٍ حِدادٍ وألسُنٍ
طِوالٍ وأرماحٍ بهنَّ دماءُ

وما قادَكمْ يوماً منَ الناسِ معشَرٌ
وما زالَ فيكمْ قائدٌ ولِواءُ

إذا سارَ قومٌ للعُلى سرْتَ فوقَهمْ
إلى شُرُفاتٍ ما بهنَّ خَفاءُ

بلغْتٌمْ نجومَ الليلِ فضلاً وعزّةً
ومجداً فأنتمْ والنجومُ سَواءُ


ابو حيه النميري
العصر العباسي

الحمدان
07-18-2024, 04:50 PM
وقد أبرزت مني الحروبُ مُجَرِّباً
صليباً على وَقع الحروب مُشَيّعا

جموحاً إذا لم أرض شيئاً تركتُه
صبوراً إذا ما لم أجد لي مَجزعا

وما سَوَّلَت نفسي لي السلم إذ بَدَت
نَواجِذُها يَقطُرنَ سُمّاً مسلّعا

ولا كنتُ مِمَّن أَرَّثَ الشَرَّ بينهم
ولا حين جَدَّ الجِدُّ مِمَّن تَخَشَّعا

وليس أخو الحرب المضرَّةِ بالذي
إذا ضغمتهُ جاء للسلم أخضَعا

ولكن أخوها كلُّ شاكٍ سلاحه
إذا حملته فوق حالٍ تشجَّعا

وإن التقى خير المتاع فإنما
نصيب الفتى من ماله ما تمتَّعا


زيادة بن زيد العذري

الحمدان
07-18-2024, 04:50 PM
تذكر عن شَحطٍ أُمَيمَةَ فارعَوَى
لها بعد إكثارٍ وطولِ نحِيبِ

وإن أمرأً قد جَرَّب الدهرَ لم يَخَف
تَقلُّبَ عَصرَيهِ لغيرُ لَبيبِ

هل الدهرُ والأيامُ إلا كما تَرَى
رزيئةُ مالٍ أو فراقُ حَبيبِ

وكلُّ الذي يأتي فأنتَ نسيبُهُ
ولستَ لشيءٍ ذاهبٍ بنسيبِ

وليس بعيداً كُلُّ آت كمقبلٍ
ولا ما مضى من مفرح بقريب

ولا تَيأَسَنَّ الدَهرَ مِنّ حُبِّ كاشِحٍ
ولا تأمَنَنَّ الدَهر صرمَ حبيبِ

لعمريَ ما شتمي لكم إن شتمتكُم
بِسِرٍّ ولا مَشيي لكم بِدَبيبِ

ولا ودُّكُم عندي بعِلقِ مِضِنَّةٍ
ولا قَذعُكُم عندي بحدِّ مهيبِ

إذا ما تَقَسَّمتُم تُراثَ أبيكُمُ
فلا تقربوني قد شَفَهتُ نصيبي


زيادة بن زيد العذري
العصر الاموي

الحمدان
07-18-2024, 04:54 PM
يا حناناً كَيَدِ الآسي الرؤومِ
وشُعاعاً يُشتَهى بعد الغُيومِ

أنا في بُعدِكَ مفقودُ الهُدَى
ضَائعٌ أعشو إلى نورٍ كريمِ

أشتري الأحلامَ في سُوق المُنى
وأبيعُ العُمرَ في سُوق الهُمومِ

لا تقل لي في غدٍ موعدُنا
فالغدُ الموعُودُ ناءٍ كالنجومِ

إبراهيم ناجي

الحمدان
07-18-2024, 04:55 PM
وَالدَمعُ سَيلٌ مَتى عَلَّيتَ جَريَتَهُ
أَبى الرُجوعَ وَإِن صَوَّبتَهُ اِندَفَعا

تَنَكَّرَ العَيشُ حَتّى صارَ أَكدَرُهُ
يَأتي نِظاماً وَيَأتي صَفوُهُ لُمَعا

وَآنَسَت مِن خُطوبِ الدَهرِ كَثرَتُها
فَلَيسَ يُرتاعُ مِن خَطبٍ إِذا طَلَعا

البحتري

الحمدان
07-18-2024, 04:57 PM
فَمَا زِلْنَا نَلُومُ عَلَى ذَوِينا
وَنُهْدِي اْلاعتِذَارَ إلى بَنِينا

وَلَوْ مِتْنا وَقِيلَ لنا اْسْتَعِيدُوا
حَيَاتَكُمُ القَدِيمَةَ ما رَضِينا

كَأَنَّا عَابِرُونَ عَلَى سِراطٍ
إذا جُزْنَا فَلَسْنَا عَائِدِينا

تميم البرغوثي

الحمدان
07-18-2024, 08:07 PM
لِمَنْ تَجمعُ الُّرومُ أبطالها
وتحملُ للحربِ أثقالَها

أللجاعِلينَ نُفوسَ العبادِ
وَدائِعَ يَقْضونَ آجالَها

إذا استعجلوها ببيضِ الظُّبَى
فلن يملكَ القومُ إمهالَها

جُنودٌ تُقدِّمُ أرواحَها
وتَبذلُ في اللهِ أموالَها

لئن جاوزَتْ غايةَ العاملين
لقد بَارَكَ اللهُ أعمالها

وَمَنْ مِثلُ عُثمَانَ يَرْعَى النُّفوسَ
إذا آدَها الأمرُ أو عَالَها

كثيرُ النَّوالِ رَحِيبُ المجالِ
إذا رَامَ مَنزلةً نالَها

أبا بكرٍ اخْترتَ أبقى الثراء
وجَنَّبتَ نَفْسَكَ بَلبالَها

تَمنَّيتَها نِعمةً سمحةً
فألبَسَكَ اللَّهُ سِرْبَالَها

وإنّ لِصحبِكَ في الباذلين
مَناقِبَ نُدمِنُ إجلالَهَا

ألحَّ النِّساءُ على حَلْيهِنّ
وأقبلنَ في ضَجّةٍ يا لها

نَبِيَّ الهُدَى أتُلِمُّ الحقوقَ
فنأبَى ونُؤثِرُ إهمالَها

وتذهبُ منّا ذَواتُ الحِجالِ
تُجرجِرُ في الحيِّ أذيالَها

لقد طافَ طائِفُها بالفتاةِ
فأرَّقها ما عَنَا آلها

فما أمسكَ البُخلُ دُمْلُوجَها
ولا مَلَكَ الحِرصُ خلخَالَها

مشَى الجحفلُ الضَّخمُ في جحفلٍ
يُحِب الحُروبَ وأهوالَها

وخافَ من الحرِّ أهلُ النِّفاقِ
فقالوا البيوتَ وأظلالَها

وأهْلَكَهُمْ شَيْخُ أشياخِهم
بِشَنعاءِ يَأثَمُ مَن قَالها

بَني الأصفر استبِقوا للوغى
وخَلُّوا النُّفوسَ وآمالها

وقفتم من الرُّعبِ ما تُقدمون
وما هَاجتِ الحربُ أغوالَها

فكيف بكم بَيْن أنْيَابِها
إذا جَمَع اللَّهُ آكالَها

رأى عُمَرٌ رأيَهُ في الرَّحيلِ
فلا تُكْثِرِ الرُّومُ أوجالَها

لهم دَونَ مَهلكِهمْ مُدّةٌ
مِنَ الدّهرِ يَقضونَ أحوالَها

تَبوكُ اشْهَدِي نَزَواتِ الذّئاب
وحَيِّ الأسودَ وأشبالها

أما يَنبغِي لكِ أن تَعرفِي
شُيوخَ الحُروبِ وأطفالها

هي المِلَّةُ الحقُّ لن تَستكين
ولن يدَعَ السَّيفُ أقتَالَها

رأتْ ملّةَ الكُفرِ تغزو النُّفوس
فجاءَتْ تُمزِّقُ أوصالَها

لها من ذويها حُماةٌ شِداد
يُبيدونَ مَن رامَ إذلالَها

فلن يَعرِفَ النّاسُ أمثالَهم
ولن يَشهد الدّهرُ أمثالَها

ولن تَستبينَ سَبيلُ الهُدَى
إذا اتَّبعَ النَّاسُ ضُلَّالها

فَمَنْ كانَ يُحزِنُه أن تَبِيد
قُوَى الشّركِ فَلْيَبْكِ أطلالَها

لأهلِ المُفَصَّلِ من آيهِ
مَوَارِدُ يُسقَوْنَ سِلْسَالَها

تردُّ القُلوبَ إلى ربِّها
وتَفتحُ للنُّورِ أقفالَها


احمد محرم

الحمدان
07-18-2024, 08:07 PM
هنيئاً أبا سُفيانَ لا الذخرُ هَيِّنٌ
ولا الأجرُ مَمنونٌ ولا أنت مَغبونُ

هو الغنمُ لم يُقْدَرْ لغير مُوفَّقٍ
له مشهدٌ في حَوْمَةِ الحربِ ميمونُ

حملتَ أبا سُفيانَ عَينكَ في يدٍ
بها الخيرُ في كلِّ المواطنِ مَقرونُ

وجِئتَ رسولَ اللهِ لا الوجهُ شاحبٌ
ولا العِطفُ مُزْوَرٌّ ولا القلبُ مَحزونُ

تقول له عَيني التي أنتَ ناظرٌ
مَضَتْ في سبيلِ اللهِ والحافزُ الدِّينُ

فقال إذا أحببتَ فالردُّ مُمكِنٌ
بِقُدرةِ ربِّ أمرُه الكافُ والنُّونُ

وإلا فأُخرَى عنده إن لَقِيتَهُ
وذلك وَعْدٌ عِندَ ربِّكَ مَضمونُ

فآثرتَ هَذِي ثمَّ ألقيتَ بالتي
حَمَلْتَ وما في الحقِّ أن يُؤثَرَ الدُّونُ

سَتَتْبَعُها في وَقعةِ الرُّومِ أخْتُها
إذا حانَ منها بعد ذلكمُ الحِينُ

فخيرٌ على خيرٍ ونُعمَى تزيدها
من اللهِ نُعمى سِرُّها عنك مَكنونُ

هنيئاً أبا سُفيانَ لا الرُّمحُ آسفٌ
ولا السَّيفُ مكروبٌ ولا العزمُ موْهونُ

عَطاؤُكَ في الهيجاءِ لم يُعْطَ مِثلَهُ
من النّاسِ إلا صادقُ البأسِ مأمونُ


احمد محرم

الحمدان
07-18-2024, 08:08 PM
ثَقيفُ انظري أين قَصْدُ الطريقْ
وكيفَ يلقَّى النجاةَ الغريقْ

مَشَى البأسُ في هَوْلِهِ المستطير
له لَهَبٌ ساطِعٌ كالحريقْ

مَشَى ترجفُ الأرضُ من حولِهِ
فأين الفِرارُ وهل من مُطِيقْ

ثَقيفُ ادْخُلِي الحصن لا تهلكي
ويا عَبْدَ ليل لماذا النَّعيقْ

دَعا خالدٌ يَسْتَفِزُّ الرجال
فكان فَريقُكَ شَرَّ الفرِيقْ

وكنت عليهم شهيداً بما
يُعابُ العدوُّ به والصّديقْ

يَضيقُ على العاجزينَ الفضاء
وَيَرْحَبُ بالقادِرينَ المضيقْ

وليس الخليقُ بحرِّ الجلاد
غَداةَ التَّنادي كغيرِ الخَليقْ

رَمَوْا بالسّهامِ ولو أنصفوا
رَمَوْا بالطُّلَى كلَّ عَضْبٍ ذَلِيقْ

حِراصٌ على الأنفُسِ الهالكات
وذلك منهم خَبالٌ وَمُوقْ

ضِعافُ القلوبِ قُعودٌ جُمودُ
يخافون كلَّ سَفوحِ دَفُوقْ

وما يَسْتَوِي الهِبْرِزِيُّ الجَسُور
غَداةَ الوَغى والهَيُوبُ الفَروقْ

رَأَوْا عَجباً من عَتادِ الحروب
تَذوق الحصونُ به ما تَذُوقْ

رَماهُمْ فَتاهَا بدبّابَتَينْ
فيا لَك من فَارسِيٍّ لَبيقْ

رَميْتَ الأُلى حَبَسَ الفاتحون
بموتٍ حبيسٍ وبأسٍ طليق

وَزِدْتَ فقلت اضربوا الكافرين
وَعلّمتهم صنعةَ المنجنيقْ

تَظَلُّ الحجارةُ مقذوفةً
يُشيّعها من مكانٍ سَحِيقْ

ونُودُوا إلينا فمن جاءنا
مَنَنَّا عليه بِعَهْدٍ وَثيقْ

فأقبلَ منهم بُغاةُ الأمان
فكلٌّ مُخلَّى وكلٌّ عَتِيقْ

لهم مَنزلُ الضّيفِ في المسلمين
رُعاةِ العهودِ حُماةِ الحُقوقْ

عُيَيْنَةُ ما قلت للمشركين
وهل يَقتني الحمدَ إلا الصَّدُوقْ

كذبتَ النبيَّ فقلتَ المحال
وجئتَ من الأمرِ ما لا يليقْ

وأزلفْتَها توبةً تبتغي
بها الخيرَ والخيرُ نِعْمَ الرفيقْ

تبيَّنْ عيينةُ عُقْبَى الأمور
لعلَّكَ تعقلُ أو تَستفيقْ

سيأتي بهم رَبّهم مُسلمين
فما من ضلالٍ ولا من فُسوقْ

ولو شاءَ لاجْتثَّهم أجمعين
فبادت أصولٌ وجفّتْ عُروقْ

يقولُ الفوارسُ كيف الرحيل
وما شَرِقَتْ بالدِّماءِ الحُلوقْ

رُوَيداً رُوَيداً جُنودَ النبيِّ
فقد ينفعُ الناسَ ما لا يَروقْ

وللهِ ما شَاءَ فيما يسوق
من الحادثاتِ وفيما يَعوْقْ


احمد محرم

الحمدان
07-18-2024, 08:09 PM
عُيَيْنَةُ أمسكتَ العجوز تُريدُها
عَتاداً يُفيدُ اليُسْرَ مَن كان مُعسِرَا

ضَنَنْتَ بأُمِّ الحَيِّ تُغْلِي فِدَاءَها
فَيَا لَكَ رأياً غَيرُهُ كانَ أجْدَرَا

تَسُومُ زُهيراً أن يَزيدَكَ ضلَّةً
عَلَى مائةٍ لو كان غِرّاً لأكثرا

رَمَاكَ به مَكراً خَفِيّاً فلم يَزَلْ
يَضيقُ عليكَ الأمرُ حتى تَعَذَّرا

لقد كان فيما قالَ أوَّلَ مَرَّةٍ
غِنَىً لَكَ لو كنتَ امرأً مُتَبَصِّرا

يَظَلُّ يُرِيكَ الزُّهدَ في شَيْخَةٍ لهُ
يَرَاهَا مِنَ الدنيا أجَلَّ وأكبرا

فَتَدعوه أقْبِلْ لستُ فيها بِرَاغبٍ
إذا بَلَغَ الأمرُ الفِداءَ الميَسَّرا

فداها بِسِتٍّ لو أبيتَ لَسُقْتَها
إليه بلا شيءٍ وَحَسْبُكَ ما تَرَى

ألَيْسَتْ كما قالَ ابْنُها ما لمثلها
على الضَّنِّ إلا أن تموتَ فَتُقْبَرَا

أما والذي لو شاءَ لم تَعْصِ أمرَهُ
لقد جِئتَ أمراً يا عُيَيْنَةُ مُنكرا

فنفسَكَ فَاحْمِلْها على البرِّ إنّه
لأَربَحُ مِمّا تَحمِلُ الأرضُ مَتْجَرَا

وما طَمَعُ الإنسانِ فيما يفوته
إذا ما دَعَا الدّاعِي فَوَلَّى وأدبرا


احمد محرم

الحمدان
07-18-2024, 08:09 PM
هَوَازِنُ أقبِلي ماذا التَّوانِي
أدينُ العِزّ أم دينُ الهَوانِ

خُذي السَّبْيَ الموزَّعَ واشكريها
يَدَاً لِمُهَذَّبٍ جَمِّ الحنانِ

دَعَا أصحابَهُ بلسانِ صدقٍ
إلى الحُسْنَى فيا لَكَ من لِسَانِ

أجابوا مُنعمين ولم يَضنُّوا
بما ملكوا من البيضِ الحسانِ

وقال محمدٌ أين ابنُ عَوْفٍ
سَيَحْمَدُ مُنتَواهُ إذا أتاني

له إن آثَرَ الإسلامَ دِيناً
عَطَاءٌ لا تُجاوِزُهُ الأماني

يَعُودُ بأهلِهِ ويُزادُ مالاً
على مالٍ من الإبلِ الهِجانِ

فَأقبلَ مُسلماً وَمَضَى بخيرٍ
جميلَ الذكرِ محمودَ المكانِ

حَلِيمَةُ أنتِ والشَّيْمَاءُ أمٌّ
وأختٌ فانظرا ما تَصنعانِ

أما لكما الكرامةُ عند مَوْلَىً
كريمِ العهدِ مُوفٍ بالضَّمانِ

وهل بعدَ الرِّدَاءِ يُمَدُّ بِرٌّ
وتكرمةٌ لِذِي خَطَرٍ وَشَانِ

أَجَلَّكُما وأَجزلَ من عطاءٍ
يُعينُ على تَصاريفِ الزّمانِ

رَسُولُ اللهِ كيف وجدتماه
وماذا بعدَ ذلكَ تبغيانِ

عليهِ صلاةُ ربِّكما جميعاً
وَبُورِكَ في الرِّضَاعِ وفي اللِّبانِ

أبا صُرَدٍ لَنِعْمَ العَمُّ يرجو
غِياثَ النّاسِ من قاصٍ وَدَانِ

ظَفرتَ وفازَ بالنُّعْمَى زُهَيْرٌ
وهل لكما سِوَى ما ترجوانِ

ولم أرَ حين تُلتَمَسُ الأيادِي
كمثلِ القولِ يَحْسُنُ والبيانِ

وما مَلِكُ الشآمِ وَمَنْ يَلِيهِ
كَمَنْ وَافَيْتُما تَستَعطِفانِ

لقد نالت هَوَازِنُ ما تَمَنّتْ
وآبَتْ بالسّلامَةِ والأمانِ


احمد محرم

الحمدان
07-18-2024, 08:10 PM
لأُمِّ سليمٍ يا أبا طَلْحَةَ العُذْرُ
وَهَل يأمنُ الإسلامُ أَن يغدُرَ الكُفْرُ

سألتَ فقالت خَنجري أتَّقي بِهِ
أذَى كلِّ عادٍ من خَلائِقِهِ الغَدْرُ

أَشُقُّ بهِ في حَوْمَةِ الحربِ بَطنَهُ
إذا رَامَنِي بالسّوءِ واسْتَوْعَرَ الأَمْرُ

أتعجَبُ منها كيف تحمي ذِمارَها
وَتَدْرَأُ عنها الشَّرَّ إن هاجها الشَّرُّ

وتدعو رسولَ اللهِ هل أنتَ سامِعٌ
فَيَفْرَحُ من رجعِ الحديثِ وَيَفْتَرُّ

نعم أنتَ تحميها ولكنَّ نفسَها
لها نخوةٌ من ذَاتِها وبها كِبْرُ

ألم ترَ إذ قالَتْ أأقتُلُ مَعشراً
تَوَلَّوْا فلا بأسٌ شديدٌ ولا صَبْرُ

وماذا عليها حين تكفيكَ أمرَها
وتَرمِي بكَ الأبطالَ والنَّفْعُ مُغْبَرُّ

أرادتك للأمرِ الجليلِ ولن ترى
كأمِّ سليمٍ حُرّةً حازها حُرُّ

ألم تَنْتَظِمْ بالسّيفِ عِشرينَ فارِساً
مَغانِمُهُم شَتّى وأسلابُهُم كُثْرُ

إذا طارَ منهم مُدبِرٌ يَتَّقِي الرَّدَى
تَلَقَّاكَ منه في مَطَارِ الرَّدى الصَّدْرُ

تخوضُ الدمَ المسفوكَ لا جِسْرَ دُونَهُ
وما لَكَ كالإيمانِ في مثلِهِ جِسْرُ

أبا طَلحَةَ اسْمَعْ ما يقولُ ابنُ حُرَّةٍ
إليهِ سَرَى من صَفْحَتَيْ جَارِهِ البِشْرُ

يَقولُ اطْعَنِي أُمَّاهُ مَن شِئْتِ وَانْصُرِي
ببأسِكِ دِيناً مِن كَتَائِبِهِ النَّصْرُ

فَحُيِّيتَ عبدَ اللهِ ما أنتَ كالذي
يَرَى السَّيفَ مَقْروباً فيأخذه الذُّعْرُ

كِلا أَبَوَيْكَ اسْتَنَّ سُنَّةَ مَاجِدٍ
فَطِبْتَ وطَابَا لا خَفَاءٌ ولا نُكْرُ

إذا التمسَ الإسلامُ في كلِّ حادثٍ
يَضيقُ به ذُخراً فأنت له ذُخْرُ


احمد محرم

الحمدان
07-18-2024, 08:10 PM
إلى العُزَّى فقد بَلَغتْ مَدَاها
وإنّ على يَدَيْكَ لَمُنتهَاها

أزِلْها خَالدٌ وَاهْدِمْ بِناءً
أُقِيمَ على جَوَانِبِها سَفَاها

بَناهُ الجاهلونَ لها ودَانوا
بِها من دونِ خَالِقِهِم إلها

مُذَمَّمَةٌ تُساقُ لها الهَدَايا
تَظَلُّ دِمَاؤُها تَسْقِي ثَرَاها

رَماها ابنُ الوليدِ فأيَّ شرٍّ
أزالَ وأيَّ داهيةٍ رمَاها

وأين غُرورُ سَادِنها وماذا
أَفَادَ دُعاؤُهُ لمّا دَعاها

أجلْ يا ابنَ الوليدِ لقد دَهَاها
من الهُونِ المُبَرِّحِ ما دَهاها

ويا عَمْرو اتَّخِذْ لِسُوَاعَ بأساً
يُذِلُّ من الطَواغيتِ الجِباها

وَيَنتزِعُ الغوايَةَ مِن نُفُوسٍ
ألحَّ ضَلالُها وطَغَى هَواها

هَدَمْتَ ضَلالَةً شَابَتْ عليها
هُذَيْلٌ بعدَ ما قَضَّتْ صِباهَا

تَطَاولَتِ القُرونُ وما تَناهَتْ
فَقُلْ لِسُواعَ دَهْرُكَ قَد تَنَاهى

رآه وَلِيُّهُ كَذِباً فَوَلَّى
يُسائِلُ نفسَهُ ماذا عَرَاها

وقال شَهِدتُ أنّ اللَّهَ حَقٌّ
وأنَّ النَّفسَ يَنفعُها هُدَاها

جَعلتُ محمداً سَبَبِي فإنّي
أرَى أسبابَهُ شُدَّتْ عُراها

مَناةُ مَنَاةُ مالَكِ من بقاءٍ
وأيُّ شَقِيَّةٍ بَلغتْ مُناها

رماكِ اللَّهُ من زَيْدِ بْنِ سَعْدٍ
بِمَنْ تَرمِي الجِبالُ له ذُراها

أما نَفَضَتْكِ من خوفٍ وذُعْرٍ
عَرانينُ المُشَلَّلِ إذ لَواها

تَبَارَكَ هادمُ الأصنامِ إنّي
أرَى الأصنامَ تَهْدِمُ مَن بَنَاها

تُضِّلُّ العالمينَ وقَد أتاهم
كِتابُ اللَّهِ يُنْذِرُهُم أذَاها

وما للنَّفسِ تُؤثِرُ أَن تُحَلَّى
سِوَى الإيمَانِ يُلْبِسُها حِلاهَا


احمد محرم

الحمدان
07-18-2024, 08:11 PM
ما للدُّموعِ على التَّظَنُّنِ تَذرِفُ
الجارُ وافٍ والهَوى متألِّفُ

لا تُنكروا حُبَّ النبيِّ لآلِهِ
وديارِهِ الأولى ولا تَتَأسَّفُوا

أحَسِبْتُمُوهُ يُريدُ عنكم مَصرفاً
مَهْلاً فليس عن الأحبَّةِ مَصْرَفُ

لمَّا فزعتم قال يا قومُ اسْكُنُوا
هِيَ يَثرِبٌ ما دُونَها مُتَخَلَّفُ

دارُ الحياةِ وَمنزلُ الموتِ الذي
مَالِي سِوَاهُ فإنْ جَهِلْتُمْ فَاعْرفوا

فَرِحُوا وأشرقَتِ الوجوهُ فما تَرَى
عَيناً تَفيضُ ولا فُؤاداً يَرجُفُ

صَدَقُوا نبيَّهُمُ الهَوَى فَقلوبُهم
مِن حولِهِ شَغَفاً تَرِفُّ وَتَعطِفُ

أنصارُهُ في الحادِثَاتِ إذا طَغَتْ
وجنودُهُ في الحربِ سَاعَةَ تَعصِفُ

هُمْ أنصفوهُ مُشرَّداً يَجِدُ الأذَى
من كلِّ ذِي جَبريَّةٍ لا يُنْصِفُ

وَتَكنَّفوهُ يُعَظِّمُونَ مَكَانَهُ
وَذوُو قرابَتِهِ تَصُدُّ وَتَصدِفُ

ما عَزَّ منزلُ قادمٍ أو زائرٍ
إلا ومنزلُهُ أعزُّ وأشرَفُ

شَدُّوا عُرَى الإسلامِ حَتّى استحكمتْ
ولَوَى السَّواعِدَ حبلُهُ المُسْتَحْصِفُ

كانوا أَساسَ بِنائِهِ وعِمادَهُ
والأرضُ تُخْسَفُ والشَّوامخُ تُنْسَفُ

انظرْ بِناءَ اللَّهِ حَوْلَ رَسولِهِ
وَصِفِ الذُّرى إن كنَّ مما يُوصَفُ

في كلِّ سورٍ منه جُندٌ يَرتَمِي
يغزو الأُلَى كفروا وموتٌ يَزحَفُ

صَبُّوا على المستضعفينَ نَكَالَهُمْ
وَجَرى القَضَاءُ فَهُمْ أذلُّ وأضعَفُ

يا معشرَ الأنصارِ ما مِن صالحٍ
إلا لكم فيهِ يَدٌ أو مَوقِفُ

لَكمُ المواقِفُ ما يُذاعُ حَدِيثُها
إلا يُهِلُّ بها الزّمانُ ويَهتِفُ

لا الشِّعرُ مُتَّهمٌ إذا بلغَ المَدَى
يُطرِي مناقِبَكُم ولا أنا مُسْرِفُ

أوَ ما كَفَاكُمْ ما يَقُولُ إلهُكُم
في مَدْحِكُمْ وَيَضُمُّ منه المُصْحَفُ


احمد محرم

الحمدان
07-18-2024, 08:12 PM
بُجَيْرٌ كيفَ يُخطِئُكَ السّدادُ
ويَجنحُ ضِلَّةً منك القِياد

ألا إنّ اللبيبَ لذو صلاحٍ
إذا ما الرأيُ خَالَطَهُ الفَسادُ

تركتَ أخاكَ تَنْشُدُهُ مُراداً
لنفسِكَ صالحاً نِعمَ المُرادُ

تقولُ له أَنَبْقَى في ظُنونٍ
تَذودُ البيّنَاتِ ولا تُذادُ

فَدَعْنِي وَانْتَظِرْ يا كعبُ إنّي
لأَخْشَى أن يَطيحَ بنا العِنادُ

أَجِيءُ مُحمّداً فأرى أَغَيٌّ
يُرادُ بِمَنْ يَليهِ أم رَشادُ

أتى فَرَأى اليقينَ له جَلاءً
فطابتْ نَفسُه وصَفَا الفُؤادُ

وَأَسْلَمَ لا يَرَى للّهِ نِدّاً
تَدينُ له الخلائِقُ والعِبادُ

وأنفذَهُ إلى كعبٍ كتاباً
كأنّ سُطُورَهُ البِيضُ الحِدادُ

دَعَاهُ إليهِ يَكرهُ أن يَراه
كَمَنْ صَدَفوا عَنِ المُثلَى وَحادوا

وقال لئن أَبيتَ فلا تلُمْنِي
إذا أخذتكَ داهيةٌ نَآدُ

رَمَيْتَ مُحمّداً فَلأنتَ صَيْدٌ
له يا كعبُ والرّامي يُصادُ

إذا لم تأتِنَا فاذْهَبْ بَعيداً
عَسَى مَنْجَىً يُغِيثُكَ أو مَصَادُ

أتاه نَذيرهُ فَعَناهُ هَمٌّ
وَطَالَ اللّيلُ وَامْتَنَعَ الرُّقادُ

إذا التمسَ القَرارَ أبى عليه
وغَالَ قُواهُ ذُعْرٌ وَارْتِعادُ

يَظُنُّ الأرضَ تَرجفُ أو تنَزَّى
فما تَرسو الجبال ولا الوِهادُ

وأرسلَ يا بَجَيْرُ صبأت لمّا
سَقَاكَ بكأسِهِ السمحُ الجَوادُ

أدينَ أبيكَ تَتركُ يا بُجَيْرٌ
ولا دِينٌ سواهُ ولا اعتقادُ

وَسَاوِسُ ذاهلٍ يَغْشَاهُ رُعبٌ
فُيورِثُهُ جُنوناً أو يَكادُ

فلمّا ضَاقَتْ الدُّنْيا عليه
وَهَدَّتْ رُكنَهُ الكُرَبُ الشِّدَادُ

أتَى يَبغِي الأمانَ لَدَى كريمٍ
يُرَجَّى الخيرُ منه ويُسْتَفادُ

تَدَارَكَ نَفسَهُ منه بعفوٍ
فعادتْ حين لا يُرْجَى مَعَادُ

ولاذَ بِمَعْقِلِ الإسلامِ كَعبٌ
فلا رُكنٌ يَميلُ ولا عِمادُ

هَلُمَّ فَلاقِهِ يا كعبُ رِزْقاً
مِنَ الرِضوانِ ليس له نَفادُ

لَنِعمَ الزرعُ زرعُكَ حِينَ تَبغِي
جَناهُ وحِينَ يُدركُهُ الحَصَادُ

لَقِيتَ كرامةً وسَعِدَتْ جَدّاً
فَغَنِّ إذاً وقُلْ بَانَتْ سُعادُ

وَخُذْهَا بُردَةً للشّعْرِ فيها
طَرِيفُ العِزِّ والمجدُ التِّلادُ


احمد محرم

الحمدان
07-18-2024, 08:13 PM
وَدِّعْ ذَويكَ وسِرْ في شأنِكَ الجَلَلِ
للَّهِ يا ابنَ عُمَيْرٍ أنتَ من رَجُلِ

سِرْ بالكتابِ رَسولاً حَسْبُهُ شَرفاً
أن راحَ يَحمله مِن أشرفِ الرُّسُلِ

يا حاملَ الجبلِ المرقومِ دُونَكَهْ
مَن ذا سِواكَ رَعَاكَ اللَّهُ لِلجَبَلِ

إلى هِرقْلَ تأنَّى دُونَ سُدَّتِهِ
صِيدُ الملوكِ وتلقاهُ على مَهَلِ

تَرتدُّ عن تاجِهِ الأبصارُ خاشعةً
فما تُلاحِظُه إلا على وَجَلِ

إليهِ يا ابنَ عُمَيْرٍ لستَ وَاجِدَهُ
إلا امْرَأً هَمَلاً في معشرٍ هَمَلِ

لأنتَ أعظمُ منه في جلالتِهِ
وما جلالةُ غاوي الرأيِ مُختبلِ

لا يَعرِفُ الدّينَ إلا فتنةً وهَوىً
أعْمَى المقاصدِ والآفاقِ والسُّبُلِ

هذا كتابُ رَسولِ اللهِ يُنذره
فاذهبْ إليه وخُذْهُ غيرَ مُحتفلِ

مَهْلاً شُرَحبيلُ لا حُيِّيتَ من رَجُلٍ
إن هَمَّ بالشَّرِّ لا يحفِلْ ولم يُبَلِ

بادي الشراسةِ عادٍ ما يُلائِمُه
في موضعِ الذَّمِّ إلا أسوأُ المَثلِ

هاجَتْهُ من نَزَواتِ الجهلِ ثائرةٌ
لم تُبْقِ من كَلَبٍ يَهتاجُ أو ثَولِ

فطاح بابنِ عُمَيْرٍ باسلاً بطلاً
يَفُلُّ في الرَّوْعِ بأس الباسلِ البطلِ

يا للرَّبيطِ يَسلُّ السيفُ مُهجتَهُ
في غير مُعتَركٍ حَامٍ ومُقتتَلِ

إنّا خرجنا نريدُ اللهَ فاسْتَبِقُوا
من كلِّ مُنتَهِبٍ للخيرِ مُهْتَبِلِ

لو زالتِ الأرضُ أو حَالتْ جَوانِبُها
بِمَنْ عليها مِنَ الأقوامِ لم نَحُلِ

هُما سبيلانِ إمّا النصرُ نُدرِكُه
أو جنّةُ الخُلدِ فيها أطيبُ النُّزُلِ

لسنا نُقاتِلُ بالآلافِ نَحشُدها
ألفاً لألفٍ من الأبطالِ مُكتملِ

إنّا نقاتلُ بالدِّينِ الذي ضَمنتْ
أعلامُه النَّصرَ في أيَّامِنا الأُوَلِ

لولا مقالةُ عبدِ اللهِ ما انْكشفتْ
تِلكَ الغَواشِي ولولا اللَّهُ لم يَقُلِ

تَقلَّدُوا العزمَ للهيجاءِ وادَّرَعُوا
من صادِق البأسِ ما يُغني عن الحِيَلِ

وأقبلوا لو تَميلُ الشُّمُّ من فَزَعٍ
لم يضطربْ جَمعُهم خَوْفاً ولم يَمِلِ

يا مُؤْتَةُ احْتَمِلي الأهوالَ صابِرةً
هيهاتَ ذلك شيءٌ غيرُ مُحتَمَلِ

جِنُّ الكريهةِ يَستشرِي الصِّيالُ بهم
في مَوطنٍ لو رأته الجِنُّ لم تَصُلِ

ما زالَ قائدُهم يُلقِي بِمُهجتِهِ
يَرمِي المنيَّةَ في أنيابِها العُصُلِ

يَغْشَى مَواردَ من أهوالِها لُجَجاً
تلك المواردُ ليس الغَمْرُ كالوَشَلِ

ما مَن يخوضُ الوغَى تَطغَى زَواخِرُها
كَمَنْ يُجانِبُها خَوْفاً من البَلَلِ

يا زَيْدُ أدَّيْتَ حقَّ اللهِ فامْضِ على
نَهْجِ الأُلَى انتقلوا من قبلُ وانْتَقلِ

آبوا إلى خيرِ دارٍ ما لِنازِلِها
من أوْبَةٍ تبعثُ الأشجانَ أو قَفَلِ

يَسْلُو أخو العقلِ عن دارِ الهُمومِ بها
ويَحْتَوي مَنزِلَ الأدواءِ والعِلَلِ

جَاهدْتَ في اللَّهِ تُرضيهِ وتنصُره
لم تَلْقَ من سَأَمٍ يوماً ولا مللِ

هذا الذي نَبَّأَ اللَّهُ الرسولَ بهِ
فَاغْنَمْ ثَوابَكَ وَالْقَ الصَّحْبَ في جَذَلِ

وأنتَ يا جعفرُ المأمولُ مشْهَدُه
خُذِ اللِّواءَ وجَاوِزْ غايةَ الأملِ

هذا جَوادُكَ ما حَالتْ سَجِيَّتُه
ولا ارْتضَى بِوَفاءِ الحُرِّ من بَدَلِ

عَقَرْتَهُ ورَكبتَ الأرضَ تَمنعُه
مَواطِنَ السُّوءِ من ضَنٍّ ومن بَخَلِ

أكرمتَهُ وحَرمتَ القومَ نجدتَهُ
فَصُنتَ نفسَكَ عن لَوْمٍ وعن عَذَلِ

دَلَفتَ تَمشي على الأشلاءِ مُقتحماً
والقومُ مُنجدلٌ في إثرِ مُنْجَدِلِ

فقدتَ يُمناكَ فانصاتَ اللِّواءُ على
يُسراكَ ما فيه من أمْتٍ ولا خلَلِ

حَتَّى هَوَتْ فجعلتَ الصدرَ مَوضِعَهُ
كأنّهُ منه بِضْعٌ غَيرُ مُنفَصِلِ

يَضمُّهُ ضَمَّ صَادِي النَّفسِ يُولِعُهُ
بِمن أطالَ صَداهُ لَذّةُ القُبلِ

يا قائدَ الجيشِ ضَجَّ الجيشُ من ألمٍ
وأنت عن دَمِكَ المسفوكِ في شُغُلِ

تَقضي الذمامَ وتَمضِي غيرَ مُكْتَرِثٍ
كأنّما الأمرُ لم يَفدَحْ ولم يَهُلِ

لَقِيتَ حَتْفَكَ في شَعْواءَ عَاصِفةٍ
حَرَّى الجوانحِ ظَمْأى البيض والأسَلِ

أعطيتَها مِنكَ نَفْساً غيرَ واهنةٍ
أَعْطَتْكَ سَوْرَةَ مَجدٍ غيرِ مُنْتَحَلِ

لكَ المناقبُ لم تُقْدَرْ غَرائِبُها
مِلءَ المشاهدِ لم تُعْهَدْ ولم تُخَلِ

مَن يُؤْثر الحقَّ يبذُلْ فيه مُهْجَتَهُ
ومن يكُنْ هَمُّهُ أقصَى المدَى يَصِلِ

لا شيءَ يُعجِزُ آمالَ النُّفوسِ إذا
خَلَتْ من الضَّعفِ واسْتَعصتْ على الكَسَلِ

انهضْ بِعِبْئِكَ عبدَ اللهِ مُضطلِعاً
بكلِّ ما تحملُ الأطوادُ من ثِقَلِ

هذا مَجالُكَ فَارْكُضْ غيرَ مُتَّئِدٍ
وإنْ رأيتَ المنايا جُوَّلاً فَجُلِ

كم جِئْتَ بالعَرَبيِّ السَّمْحِ مُرتَجِلاً
واليومَ يومُ منايا الرُّومِ فَارْتَجِلِ

للعبقريّةِ فيهِ مَظْهَرٌ أنِقٌ
يا حُسْنَهُ مَظهراً لو كان يُقدَرُ لي

قنعتُ بالشِّعرِ أغزو المشرِكينَ به
فلم أُصِبْ فيه آمالي ولم أنلِ

لَقَطْرَةٌ من دَمِي في اللهِ أبذلُها
أبقى وأنفعُ لي مِن هذهِ الطِّوَلِ

تَقَلَّدَ القومُ مِلءَ الدّهرِ من شرفٍ
وليس لي من غَواليها سِوَى العَطَلِ

إن شاءَ ربّي حَبانِي من ذَخائِرها
أغْلَى الحُلَى وكَساني أشرفَ الحُلَلِ

الحمدُ للهِ أجرى النُّورَ من قَلمي
هُدىً لقومِي وعافاني من الخَبَلِ

أوتِيتُ ما جاوزَ الآمالَ من أدبٍ
عالِي الجلالِ مَصُونٍ غيرِ مَبْتَذَلِ

يا شاعرَ الصِّدقِ ما خابَ الرجاءُ ولا
مِثْلُ العطاءِ الذي أدركت والنَّفَلِ

خُذْ عِندَ ربِّكَ دارَ الخُلدِ تَسكنُها
قُدسيَّةَ الجوِّ والأرواحِ والظُّلَلِ

آثرتَهُ واصطفيتَ الحقَّ تَكْلَؤُه
مِمّا يُحاوِلُ أهلُ الغيِّ والضَّلَلِ

ليس العرانينُ كالأذنابِ منزلةً
ولا الغَطارِفةُ الأمجادُ كالسَّفَلِ

يا عُقْبَةُ اصْدَعْ بها بيضاءَ ناصِعَةً
تَنْفي الوَساوِسَ أو تَشفي من الغُلَلِ

القتلُ أجدرُ بالأحرارِ يأخذُهم
مُستبسِلينَ ويَنهاهم عن الفَشَلِ

ويا ابن أرقمَ نِعمَ المرءُ أنتَ إذا
تُنوزِعَ الأمرُ عند الحادث الجللِ

قالوا لك الأمر فاخترت الكفيَّ لها
وأنت صَاحِبُهُ المَرجوُّ لِلعُضَلِ

لكنَّها نَفْسٌ حُرٍّ ذي مُحافَظَةٍ
صَافِي السَّريرةِ بالإيمانِ مُشْتَمِلِ

صُنْتَ اللّواءَ وآثرتَ الأحقَّ به
إيثارَ أغلبَ لا واهٍ ولا وَكِلِ

أبى عليه حَياءٌ زادَهُ عِظماً
ما مِثلهُ من حَياءٍ كان أو خَجَلِ

قُلتَ اضْطلِعْ خالدٌ بالأمرِ فَاسْتعَرتْ
مِنهْ حَمِيَّةُ لا آبٍ ولا زَحِلِ

وَراحَ يُبدِعُ من كَيْدِ الوغَى نَمطاً
طاشتْ مَرائيهِ بالألبابِ والمُقَلِ

رَمَى العِدَى حُوَّلٌ شَتَّى مَكائِدُه
جَمُّ الأحابيلِ يُعيي كلَّ مُحْتَبِلِ

ظَنُّوا الجنودَ تَنحّتْ عن مَواقفها
لغيرها مِن عَمىً بالقومِ أو حَوَلِ

جَيْشٌ من الرعبِ يَمْشِي ابنُ الوليدِ بهِ
في مُسْبَلٍ من مُثارِ النَّقعِ مُنْسَدِلِ

ضاقُوا بِمُفْتَرِسٍ في الهَوْلِ مُنْغَمِسٍ
لِنَفْسِهِ في غِمارِ الموتِ مُبْتَسِلِ

أذاقهم من ذُعافِ الموتِ ما كرهوا
ما كفَّ عَنْ عَلَلٍ منه ولا نَهَلِ

ما لِلمُسيئينَ إلا كلُّ مُعْتَزِمٍ
في الرَّوْعِ يُحْسِنُ ضَرْبَ الهامِ والطُّلَلِ

رَمَتْ بِهم هَبَواتُ البأسِ فانكشفوا
يَنْدَسُّ هَارِبُهم في كُلِّ مَدَّخَلِ

بِئْسَ الجنودُ أضلّتهم عَمَايَتُهُمْ
فما لهم بجنودِ اللهِ من قِبَلِ

ظَنّوا الأُمورَ لغير اللهِ يَملكها
إذا جَرَتْ بين مُعْوَجٍّ ومُعْتَدِلِ

وحاربوا الحقَّ من جَهْلٍ ومن سَفَهٍ
والحقُّ فوقَ مَنالِ المعشرِ العُثُلِ

ما يَنقمُ الناسُ من دِينٍ يُرادُ بهِ
فَكُّ العقولِ من الأغلالِ والعُقُلِ

فَلْيَصْبِرِ القومُ إنّ اللهَ مُظهِرُه
على الممالكِ والأديانِ والنِّحَلِ

لَدولةُ اللهِ أبقى في خليقتهِ
فلا يَغُرَّنْكَ ما اسْتَعْظَمْتَ من دُوَلِ

أدعوكَ يا ربِّ للإسلامِ مُبتهِلاً
وأنت تسمعُ دَعْوَى كلِّ مُبْتَهِلِ

نَام المحامونَ عنه فهو مُضطهدٌ
يشكو الأَذى في شُعوبٍ خُضَّعٍ ذُلُلِ

صَرحٌ من العزِّ والسُّلطانِ ما بَرِحتْ
تَهْوِي صَياصيهِ حتَّى عَادَ كالطَّلَلِ


احمد محرم

الحمدان
07-18-2024, 08:13 PM
قُم وَدَّعِ الأوثانَ والأصناما
أفما تَرى بُرهانَ رَبِّكَ قاما

يا خالدُ اعمدْ للتي هي عِصمةٌ
لِذَوِي البصائرِ وانبذِ الأوهاما

اللَّهُ ربُّ العالمينَ ودينُهُ
دِينُ السّلامِ لمن أراد سلاما

اقرأ كِتابَ أخيكَ مالك مصرفٌ
عمّا يُريدُ ولن ترى الإحجاما

أقْبِلْ رَعاكَ اللهُ إنّك لن ترى
كسبيلِ رَبِّكَ مَطلباً ومَراما

سَألَ النبيُّ بأيِّ حالٍ خالدٌ
أفما يَزالُ يُجانِبُ الإسلاما

إنّي رأيتُ لخالدٍ من عقلِهِ
فيما يُمارسُ مُرشداً وإماما

ما مِثلهُ يرتابُ في دينِ الهُدى
فَيرى الضّياءَ المستفيضَ ظلاما

إنّا لنَعرفُهُ رشيداً حازماً
ونراه شَهماً في الرجالِ هُماما

لو أنّه جَعلَ المضرَّة والأذى
للمشرِكينَ لما استحقَّ مَلاما

ولكان عِنديَ يا وليدُ مُقَدَّماً
يَلْقَى لَدَيَّ البرَّ والإكراما

أقبِلْ أخي وتَلافَ أمرَكَ لا تكن
مِمَّنْ إذا وَضَحَ السّبيلُ تَعامَى

كم مَوطنٍ جَلَلٍ لو اَنّك لم تَغِبْ
عنه لكنتَ إذاً أجلَّ مَقاما

يَكفيكَ ما ضيَّعت ليس بحازمٍ
من لا يزالُ يُضيِّعُ الأياما

نشط الهمامُ وراحَ يُدرِكُ نفسَه
يبغِي لها عِندَ النبيِّ ذِماما

ألقَى إلى الوادي الخصيبِ بِرَحْلِهِ
فأصابَ فيه مَرْتعاً ومَساما

أيُقيمُ بالوادي الجديبِ فلا يرى
إلا سَراباً كاذباً وجَهاما

لاقى بعكرمةٍ وبابنِ أُميَّةٍ
شَرّاً يَعُبُّ عُبَابَهُ وعُراما

قالَ ائْتِيَا نَبغِي النجاةَ فأعرضا
وتَنازعا قولاً يشبُّ ضِراما

وأجابها عثمانُ دعوةَ ناصحٍ
يأبى الهوى ويُجانِبُ الآثاما

مَضَيا على سَنَنِ الطريقِ فصادفا
عَمْراً فقالا ما لنا وإلى ما

يا عَمْرو دِينَ اللَّهِ لسنا كالأُلَى
جعلوا الحلالَ من الأمورِ حَراما

قال اهتديتُ ولن أكونَ كمن يُرى
طُولَ الحياةِ لنفسهِ ظَلّاما

وَمَشَوْا فما بَلَغَ الرسولَ حَدِيثُهُم
حتّى بدا متهلّلاً بَسّاما

سرَّته مَكَّةُ إذ رَمَتْ أفلاذَها
كَبِداً تُكِنُّ الحُبَّ والإعظاما

بعثَتْ إليهِ من الجبالِ ثلاثةً
رَضوَى يُصاحِبُ يَذْبُلاً وشِماما

خَفَّ الوليدُ يقولُ لا تتمهّلوا
إنّ الحديثَ إلى النبيِّ تَرامى

حُثُّوا المَطِيَّ فإنّه مُتَرقِّبٌ
وأرى جوانحكم تَرِفُّ أُواما

وَفَدوا كِراماً يؤمنون بربّهم
ورسولِهِ بيضَ الوجوهِ وِساما

نَفَضُوا الهوانَ عن الجباهِ فأصبحوا
شُمَّ المعاطسِ يرفعونَ الهاما

أفيعبدونَ مع الغُواةِ حِجارةً
أم يَعبدونَ الواحدَ العلاَّما

كُشِفَ اللِثامُ عن اليقينِ ولن تَرى
كالجهلِ سِتراً والغرورِ لِثاما

لو طَاوعَ النَّاسُ الطبيبَ لما اشتكى
مَن يَحملُ الأدواءَ والآلاما

اعرفْ لربّكَ حقَّهُ فَلِحكمةٍ
خَلَقَ العُقولَ وأنشأَ الأحلاما

أرأيتَ كالإسلامِ دِيناً قَيّماً
سَاسَ الأُمورَ ودبَّرَ الأحكاما

اللهُ أحكمَ أمرَهُ وأقامَهُ
للعالمينَ شريعةً ونِظاما

نادَى النبيُّ به فأفزعَ صوتُه
أُمماً بآفاقِ البلادِ نِياما

ودَعَا إليه وسَيْفُه بِيَمينِهِ
يمضِي حياةً مَرَّةً وحِماما

تَمضِي أباطيلُ الحياةِ ولن ترى
لِسوَى الحقائقِ في الزّمانِ دَواما

صُعقتْ نُفوسُ المشركينَ وهالهم
هَمٌّ إذا انجلتِ الهمومُ أقاما

قالوا فقدناهم ثلاثةَ قادةٍ
ما مِثلُهمُ بأساً ولا إقداما

ما أعظمَ البلوى ويا لكِ نَكبةً
ملَكتْ علينا النقضَ والإبراما

نزل البلاءُ بنا فكانَ مُضاعفاً
وجَرَى العذابُ معاً فكانَ غَراما

إني إخالُ البَيْتَ يُشرقُ جَوُّهُ
وإخالُ مَكّةَ ترفَعُ الأعلاما

يا ابن الوليدِ لك الأعِنَّةُ كلّها
فَالْقَ المقانِبَ وادفعِ الأقواما

سترى المشاهِدَ تَرجُفُ الدنيا لها
وترى الحصونَ تَميدُ والآطاما

بَشِّرْ حُماةَ الشِّركِ منك بوقعةٍ
تُوهِي القُوَى وتُزلزِلُ الأقداما


احمد محرم

الحمدان
07-18-2024, 08:14 PM
اسمٌ سَمَا لَفظُهُ وازدَانَ مَعناهُ
حَلّاكِ رَبُّكِ بالحُسْنَى وحَلّاهُ

مَيمونةٌ أنتِ هذا ما تَخيَّرهُ
لَكِ الذي اختاره مِن خَلقِهِ اللَّهُ

أوفى بَحمزَةَ والعبّاسِ مَجدُهُما
يا أختَ زَوْجَيْهِما والنَّاسُ أَشْباهُ

لأنتِ أكرمُ عند اللَّهِ مَنزلةً
يا زَوجَ أحمدَ إذ أعطاكِ إيّاهُ

لم تَعلمي أمَطايا اللَّهِ حاملةٌ
منكِ الجلالَ المحلَّى أم مطاياهُ

إلى المدينةِ سِيري في كِلاءتِهِ
يا طِيبَ مثواكِ إن شارفتِ مَثواهُ

قرِّي بِبعلِكِ عَيْناً إنّه شَرَفٌ
ما مِثلُهُ شَرَفٌ عالٍ ولا جاهُ

أطريْتُ فيكِ وفي المختارِ مُؤمنةً
عَزَّتْ بأبلجَ ما تُحْصَى مَزَاياهُ

عِزٌّ يُوطِّدُ للإسلامِ جَانِبَها
مِنْ جانبِ اللَّهِ مَوْلاها ومَوْلاهُ

ما انفَكَّ يتَّخِذُ الأصهارَ يجعلهم
لِدينِهِ الهادمُ البانِي ودُنْياهُ

سياسةٌ ما رَمَى الطَّبُّ اللَّبيبُ بها
إلا أصابَ بإذنِ اللَّهِ مَرماهُ

وقُوّةٌ لرسولِ الله شائعةٌ
بين القبائلِ يرعاها وتَرعاهُ

وسنَّةٌ لبني الإسلامِ يَشرعُها
والخيرُ أجمعُ شرعٌ من سجاياهُ

همْ أسرةٌ في ظلالِ اللَّهِ واحدةٌ
تَمضي على الحقِّ تَرجوه وتخشاهُ

لا تَعرِفُ الرُّشدَ إلا في شَرائِعِهِ
ولا تَرَى الخيرَ إلا في وَصَاياهُ

دِينُ الألَى يُؤثرونَ العزَّ مَنزلةً
ما كانَ أَهْوَنَ دُنيا النَّاسِ لولاهُ

لكلِّ شعبٍ بِناءٌ ليس يُمسِكُهُ
شيءٌ إذا نام عنه مَن تَولّاهُ

لولا الأواصِرُ والأرحامُ ما التأمتْ
مِنه الصُّدوعُ ولا انضمَّتْ شَظَاياهُ


احمد محرم

الحمدان
07-18-2024, 08:15 PM
مَضى العامُ وَانْبَعَثَ المُنتظَرْ
وَخُلِّيَتِ السُّبْلُ لِلْمُعْتَمِرْ

لقد يَسَّرَ اللَّهُ تِلكَ الصعابَ
فما من عَصِيٍّ ولا مِن عَسِرْ

بَدارِ بَدارِ جُنودَ النَّبيِّ
فإنّ الغنيمةَ للمُبْتَدِرْ

إلى البيتِ سِيرُوا سِرَاعَ الخُطَى
فما ثَمَّ من خِيفَةٍ أو حَذَرْ

وَسُوقُوا الهدايا إلى ربِّكم
فما خَابَ مَن ساقَها أو نَحَرْ

دَعُوها لِناجِيَةٍ إنّه
لَنِعْمَ الفتى إن تَمَطَّى السَّفَرْ

دَليلكم الصّدقُ فيما مَضَى
يَشُقُّ الصّعابَ ويَهدِي الزُّمَرْ

ولِلخَيْلِ قائدُها المُجتَبَى
وفَارسُها الشّمّريُّ الأغرّ

رأوْها مُطَهَّمَةً في السّلاح
فطاروا يقولونَ أمرٌ قُدِرْ

أيا قَومَنا إنّهم أقبَلوا
على الجُرْدِ في المُرْهَفَاتِ البُتُرْ

خُذُوا حِذْرَكم وَاجمَعُوا أمركم
ألا إنّنا لا نَرى غيرَ شَرّ

وجاء ابنُ حصنٍ رسولاً يقول
مُحمدُ ما شأنكُم ما الخَبَرْ

أَتنقضُ عهدَكَ تبغِي القتالَ
وما كنتَ ممّن بَغَى أو غَدَرْ

قُريشٌ على العهدِ ما بَدَّلوا
ولا كان منهم أذىً أو ضَرَرْ

عَلامَ السّلاح وماذا تريدُ
أتأبى لأنْفُسِنَا أن تَقرّ

فقال النبيُّ اهْدَأُوا إنّني
لأَوْلَى الوَرَى بوفاءٍ وبِرّ

سيبقَى السّلاحُ بعيدَ المكانِ
لِيأمنَ مِن قومِنا مَن ذُعِرْ

لِمَكَّةَ حُرمتُها والذمام
وللَّهِ سُبحانَهُ ما أَمَرْ

وأقبلَ في صحبِهِ الأكرمين
يَؤُمُّ البَنِيَّةَ ذاتِ السُّتُرْ

فيا ابنَ رُواحَةَ خُذْ بالزِمام
وقل في النبيِّ وفي مَن كَفَرْ

جَلا القومُ يأبونَ لُقْيَا النبي
وأصحابِهِ الطاهرينَ الغُرَر

فطافوا وَصَلُّوا وخَفُّوا معاً
إلى الركنِ يَغشَونَهُ والحَجَرْ

وَقَضُّوا المناسِكَ مُسْتَبْشرينَ
فلم يبقَ من مأرِبٍ أو وَطَرْ

وجاء حُوَيطبُ يَلْقَى النَّبيَّ
وصاحِبُهُ المرتجَى للغِيَرْ

يقولان إنّا على مَوعدٍ
فما لكَ عن أرضِنا لم تَسِرْ

قَضيْتَ الثلاثَةَ فاذْهَبْ إلى
مَنازِلِ يَثْرِبَ ما من مَفَرّْ

فأرعدَ سعدٌ وجاشتْ به
حَمِيَّةُ مُسْتَوفِزٍ كالنَّمِرْ

وألقَى بصاعقةٍ تستطير
على جَانِبَيْها بُروقُ الشَّرَرْ

فقال النبيُّ رُويداً رُويداً
وأطفأ من غَيْظِهِ المسْتَعِرْ

وحُمَّ الرحيلُ فنعمَ السّبيل
سبيلُ القبيلِ الجليلِ الخَطَرْ

هُمُ صَبَرُوا فانثنوا ظافرين
وما الصّبرُ إلا بَشِيرُ الظَّفَرْ

فَشُكْراً لربٍّ يُحِبُّ التَّقِيَّ
وَيُضفِي العَطَاءَ على مَن شَكَرْ


احمد محرم

الحمدان
07-18-2024, 08:15 PM
هُوَ النَّصْرُ يا تَيْمَاءُ يَتبعُهُ النَّصْرُ
فإن كُنتِ في رَيْبٍ فقد وَضَحَ الأمرُ

دَعِي الرُّسْلَ تَمضي ما عليكِ مَلامَةٌ
وكيف يَعافُ الأمنَ من غَاله الذُّعْرُ

فإن تَخفضي منكِ الجَناحَ لِتَنْعَمِي
بأفياءِ عيشٍ ساكنٍ فَلَكِ العُذْرُ

وهل يَرفعُ العصفورُ يوماً جَنَاحَهُ
إذا حَلَّقَ البازِي أو انطَلَقَ النَّسْرُ

إذا أمسكَ الصَّبرُ البلادَ وأَهْلَها
فليس على هذا قَرارٌ ولا صَبْرُ

ألم يكُ أهلُ الأرضِ مَوْتَى فجاءهم
رَسُولُ حياةٍ دِينُهُ البَعْثُ والنَّشْرُ

أبى أن يَظَلُّوا آخِرَ الدَّهرِ فوقها
يَسيرونَ في الأكفانِ وَهْيَ لهم قَبْرُ

حَياةُ الدُّنى في سَيْفِهِ وكِتَابِهِ
وما منهما إلا لها عنده سِرُّ

لَكِ الأمنُ يا تَيْماءُ لا الدَّمُ دَافِقٌ
ولا النَّفْعُ مُسْوَدٌّ ولا الجَوُّ مُغْبَرُّ

ولا أنتِ ثَكْلَى ما تُغِبُّكِ لوعةٌ
مُؤجَّجةٌ كالجمرِ أو دونها الجمرُ

أعانَكِ رأيٌ أبصَرَ القصدَ فانْتحَى
بأهلِكِ ما لا يَنْتَحِي الجاهلُ الغِرُّ

ولو آثروا الإسلامَ دِيناً لأفلحوا
ولكنّه الشِّركُ المُذَمَّمُ والكُفْرُ

أَبَوْا وَتَولَّوا يَشترُونَ نُفُوسَهم
بأموالِهِم هذا هو الغَبْنُ والخُسْرُ

يُؤدُّونَها من خِيفَةِ القتلِ جِزْيَةً
على الهُونِ ممّا يرزقُ الحَبُّ والتَّمْرُ

أقاموا يُريدونَ الحياةَ بأرضهِمِ
وكيفَ حياةُ القومِ إن فَسَدَ الأَمْرُ

رُوَيْدَ الأُلَى اختاروا الضلالةَ خُطَّةً
فَتِلكِ وإن لم يعلموا خُطَّةٌ نُكْرُ

يَضِلُّونَ والفَجرُ المنوِّرُ طَالِعٌ
ولا عُذْرَ للضُّلّالِ إن طَلَعَ الفَجْرُ

لِكُلِّ أُناسٍ مُدَّةٌ ثُمّ تَنجلِي
عَمَايَتَهُمْ فَلْيَصْبرُوا إنّه الدَّهْرُ


احمد محرم

الحمدان
07-18-2024, 08:16 PM
خُوضُوا الوغَى يا أهلَ وَادِي القرى
واستقبلوا الموتَ وأُسْد الشَرَى

أنكرتُمُ الإسلامَ دِينَ الهُدَى
والله والسَّيفُ لمن أنكرا

إن تَطْلُبوا البُرهانَ فاستخبروا
جِيرانَكم أو فاسألوا خَيْبَرا

اقْتُلْ عليٌّ إنّهم مَعْشَرٌ
مَا مِثْلَهم أعمَى الهَوَى مَعْشَرا

ويا حَوارِيَّ الرَّسُولِ اقْتَنِصْ
كُلَّ غَوِيٍّ جَاءَ مُسْتَهْتِرا

وأنتَ فَاضْرِبْ في الطُّلَى يا أبَا
دُجانَةَ اضْرِبْ مُقْبِلاً مُدْبِرا

كُرُّوا جُنودَ اللهِ في نَصْرِهِ
ليس لغيرِ اللهِ أن يُنْصَرا

لا تتركوا جَيْشَ الأُلَى اسْتَمْسَكوا
بالكفرِ حتّى يَرجعَ القهقرى

يا صَوْلَةً هَدَّتْ فَراعِينَهُمْ
مَا أَشْجَعَ القومَ وما أصْبَرا

أبطالُ حربٍ لم يَزَلْ بأسُهُم
يَلْتَهِمُ العَسْكَرَ فالعَسْكَرَا

وادِي القرى التَفَّ على رَوْعَةٍ
يا وَيْحَ للمُرتاعِ ماذا يَرَى

مَنْ مَثَّلَ الأغوالَ تَهْفُو بِهِ
أَهوالُها العُظْمَى ومَنْ صَوَّرا

بَأْسُ رسولِ اللَّهِ في صَحْبِهِ
ما أَعظَمَ البأسَ وما أكْبَرا

ذَلَّتْ يَهودٌ بعد أن لم تكن
تَظُنُّ أن تُغلَبَ أو تُقْهَرَا

استَعْمَرَ الفاتحُ زُرَّاعَهُمْ
في الأرْضِ لولا الرفقُ ما اسْتَعْمَرا

فَلْيَشْكُروها مِنْهُ أُكْرُومَةً
مِن حَقِّها الواجبِ أن تُشكرا

وَلْيَرْقُبوا العُقْبَى وَزِلْزَالَها
إنْ أظْهَرَ الحِدْثَانُ ما أَضْمَرَا

لا حَولَ للقومِ ولا حيلَةٌ
فيما قَضَى اللهُ وما قَدَّرَا

لن يصحبَ الإسلامَ في دارِهِ
أصحابُ دِينٍ غيرِهِ مُفْتَرى

بِشَارَةُ اللهِ أتانا بها
أَصْدَقُ مَن بَشَّرَ أوْ أَنْذَرَا


احمد محرم

الحمدان
07-18-2024, 08:17 PM
أَتَيْنَ بِهِنَّ من شَوقٍ غَليلُ
وَعُدْنَ لَهُنَّ مُنْقَلَبٌ جَليلُ

خَرَجْنَ من الخدورِ مُهاجِراتٍ
فلا دَعَةٌ ولا ظِلٌّ ظَليلُ

يَسِرْنَ مع النَّبيِّ على سواءٍ
ولا هادٍ سِواهُ ولا دَليلُ

يُرِدْنَ الله لا يَبغِينَ دُنيا
كثيرُ مَتاعِها نَزْرٌ قَلِيلُ

عَقَائِلُ في حِمَى الإسلامِ يَسْمُو
بِهِنَّ مِنَ العُلَى فَرْعٌ طَوِيْلُ

يَفِئْنَ إلى صَفِيَّةَ حيث كانت
وكان سَبيلُها نِعْمَ السَّبيلُ

عَلَيْها من رسولِ الله وَسْمٌ
مُبينُ العِتقِ وضّاحٌ جَميلُ

عَشِيرَةُ سُؤْدُدٍ وقَبيلُ مَجْدٍ
فَبُورِكَتِ العَشيرةُ والقَبيلُ

يُجَرِّدْنَ النُّفوسَ مُجاهِداتٍ
بِحَيْثُ يُجرَّدُ العَضْبُ الصَّقِيلُ

فَلا ضَعْفٌ يَعوقُ ولا لُغُوبٌ
ولا وَلَدٌ يَشوقُ ولا حَلِيلُ

نِساءُ الصِّدْقِ ما فِيهِنَّ عَيْبٌ
وليس لَهُنَّ في الدنيا مَثيلُ

أَخَذْنَ عَطَاءَهُنَّ على حَياءٍ
يَزيدُ جَمالَهُ الخُلُقُ النَّبيلُ

لَئِنْ قَلَّ الذي أُوتِينَ مِنْهُ
فأجرُ الله مَوفورٌ جَزيلُ


احمد محرم

الحمدان
07-18-2024, 08:17 PM
أكانوا كُلُّهُم دَاءً عَيَاءَ
فما يَجِدُ الأُساةُ لهم دَواءَ

ألاَ إنّ النَّطَاسِيَّ المرجَّى
أتى يَلقى الأُلى انتظروا اللِّقاءَ

أتى بالحكمةِ الكُبرى رسولاً
فكانَ لِعلّةِ الدُّنيا شِفَاءَ

أَتَطمعُ زَينبٌ بذراعِ شاةٍ
يُسمَّمُ أن يُضَرَّ وأن يُساءَ

أبى المَلِكُ المُهيمِنُ ما أرادتْ
فَخَيَّبَها وكان لهُ وَقَاءَ

أتَتْ تمشِي بها وتقولُ هذا
طعامُكَ فَارْضَهُ وانعمْ مَساءَ

فقال لصحبِهِ رِزقٌ أتانا
فباسمِ الله لا نُحْصِي ثَنَاءَ

فَلَّما ذَاقَها قال اتركوها
فإنّ اللهَ قد كَشَفَ الغِطاءَ

طَعَامُ السُّوءِ مَسْمُومٌ وهذا
أخِي جبريلُ بالأنباءِ جَاءَ

فَكَفُّوا غَيْرَ بَادِرَةِ لِبِشْرٍ
مَضَتْ قَدَراً لِرَبِّكَ أو قَضاءَ

فَيَا لكِ طَعنَةً لم تُبْقِ منه
لِحاجَةِ نَفْسِهِ إلا ذماءَ

إذا رامَ التَّحَوُّلَ أمسكته
ولو قَدرتْ مَفاصِلُهُ لَناءَ

قَضَاها حِجَّةً من ذاقَ فيها
مَرَارَةَ عَيشِهِ كَرِهَ البقاءَ

وحُمَّ قَضَاؤُهُ فَمَضَى رَضِيَّاً
يُبَوَّأُ جَنَّةَ المأوى جَزاءَ

وقال مُحَمَّدٌ يا آلَ بِشرٍ
كَفَى بِدَمِ التي قُتِلَتْ عَزَاءَ

فلاقَت زَينبٌ قتلاً بقتلٍ
وما كانت لصاحبهم كِفَاءَ

أمَنْ حَمَلَ الخِمَارَ من الغواني
كمن حَمَلَ العِمامَةَ واللِّواءَ

كَذلِكَ حُكمُ ربِّكَ في كتاب
أقَامَ السُّبْلَ بَيِّنَةً وِضَاءَ

هُوَ القِسْطَاسُ أُنزلَ مُسْتَقيماً
لِمن يَزِنُ النُّفوسَ أو الدِّماءَ

أتى يحمي الحُقُوقَ ويقتضيها
فلا جَنَفاً يُريدُ ولا عَدَاءَ

بِناءُ العدلِ ليس به خَفاءٌ
فَسُبحانَ الذي رَفَعَ البِناءَ

ألا خَسِرَ اليهودُ ولا أصابوا
طِوالَ الدَّهرِ خَيراً أو نَماءَ

كَأنَّ الغدرَ عِندَ القومِ دِينٌ
فَما يَدَعُ الرجالَ ولا النساءَ


احمد محرم

الحمدان
07-18-2024, 08:18 PM
تَقَدَّمْ فهذا مَطلعُ الحقِّ والهُدَى
ألستَ تَرى النُّورَ الذي جَاوَزَ المدى

أتيتَ رَسُولَ اللهِ تَتبعُ دِينهُ
وتُؤثِرُ خيرَ الزَّادِ فيمن تَزَوَّدا

لكَ الله يا حجَّاجُ أَمْسَيْتَ مُشْرِكاً
وأصبحتَ تَدعوهُ تَقِيَّاً مُوَحِّدَا

سَيغفِرُ ما أسلفتَ من جَاهليَّةٍ
لَيالِيَ تأبَى أن يُطاعَ وَيُعْبَدَا

سألتَ رسولَ اللهِ ما لو سألتَهُ
سِواهُ لأعطاكَ الحُسَامَ المُهَنَّدَا

تقولُ له دَعْنِي أزوِّرْ مَقَالةً
تَسُوءُكَ إنّي أحذرُ المعشرَ العِدَى

بِمكَّةَ لي مالٌ كثيرٌ مُوزَّعٌ
أخافُ عليهِ أن يضيعَ وَيُفقدا

سأكتمُ إسلامِي وأُوذِيكَ إنّهم
هُمُ القومُ لا يُؤذونَ إلا مَنِ اهْتدَى

وَرُحْتُ تُحابِيهم وتَشْفِي صُدورَهم
بِخرقَاءَ تستهوي الغَبِيَّ المُبَلَّدَا

تقولُ لقد فازَ اليهودُ وأدركوا
على الفاتحينَ الغُرِّ نَصْراً مُؤَيَّدا

أغاروا فَرَدُّوهُم وأمسى مُحَمّدٌ
أسيراً لدى ساداتِهم ليس يُفتَدَى

أبَوْا أن يَذوقَ القتلَ إلا بمكةٍ
وإنّ له عمّا قريبٍ لَمَوْعِدَا

فَطاروا سُروراً واستمرَّ غُواتُهم
يُذِيعُونَهُ زُوراً وإفكاً مُرَدَّدا

وَطَاشتْ عُقُولُ المسلِمينَ فأصبحوا
حَيَارَى يَرَوْنَ العيشَ أَغْبَرَ أَنْكَدَا

وأرضَى الألى ضَلُّوا السَّبيلَ بشيرُهم
لَدُنْ جَمَعوا مِن مالِهِ ما تَبَدَّدا

تَزَوَّدَ همّاً كلُّ من كانَ مُسلِماً
وأَعْيَا على العبّاسِ أن يَتَجَلَّدَا

فَأَرْسَلَ ما هذا الذي أنتَ قائِلٌ
قُلِ الحقَّ يا حَجّاجُ وَانْقَعْ بِهِ الصَّدَى

تَبَارك ربِّي إنّه جَلَّ شأنُهُ
لَحَقٌّ عليهِ أنْ يُعِزَّ مُحَمَّدَا

فقال نَعَمْ عُدْ يا غلامُ وَقُلْ له
أبا الفضلِ أبْشِرْ وانتظِرْ مَقدمي غدا

فأَعتقَ من فَرَطِ السُّرورِ غُلامَهُ
وَرَاجَعهُ مِن أمرِهِ ما تَعَوَّدَا

ووافَاهُ حجّاجٌ بأنباءِ خَيْبَرٍ
فَأمسَى الذي أخفَى من الأمرِ قد بَدَا

وناشَدَهُ أن لا يُذيعَ حَدِيثَهُ
ثَلاثَةَ أيّامٍ حِذاراً مِنَ الرَّدَى

فَلَمّا انقضَتْ رَاعَ الرجالَ بِطَلعَةٍ
تَشُقُّ على الأعداءِ مَرْأَىً ومشهدا

تَدَفَّقَ بِشراً وَجهُهُ وجَرَى السَّنا
على صَفْحَتَيْهِ سَاطِعاً فَتَوقَّدا

يقولونَ لا تحزَنْ فيا للأُلى عَمُوا
ويَا لكَ من حُزنٍ أقامَ وأَقْعَدَا

رماهم بأخبارِ الفُتوحِ فَغَاظَهُم
وَردَّ ذَلِيلاً كُلَّ عاتٍ تَمرَّدا

يَضِجُّونَ أينَ ابنُ العلاطِ أما لنا
إليهِ سَبيلٌ إنّه كان مُفْسِدا

لقد غَرَّنَا كَيْما يَفُوزُ بِمَالِهِ
فحاقَ بنا من إثمِهِ ما تَعَمَّدا

فواهاً لَهُ مِن ماكرٍ لو نُصِيبُه
إِذَنْ لَجَزَيْناهُ الجزاءَ المشَدَّدا

جَزاهُم إلهُ النَّاسِ ما ذنبُ مُسْلِمٍ
كَريمِ السَّجايا ما أَسَاءَ ولا اعْتَدَى

رَأى شَرَّهُمْ فاحتالَ يَحفظُ ماله
عليهِ ويَأْبَى أن يُغادِرَهُ سُدَى


احمد محرم

الحمدان
07-18-2024, 08:18 PM
تَقَدَّمْ فهذا مَطلعُ الحقِّ والهُدَى
ألستَ تَرى النُّورَ الذي جَاوَزَ المدى

أتيتَ رَسُولَ اللهِ تَتبعُ دِينهُ
وتُؤثِرُ خيرَ الزَّادِ فيمن تَزَوَّدا

لكَ الله يا حجَّاجُ أَمْسَيْتَ مُشْرِكاً
وأصبحتَ تَدعوهُ تَقِيَّاً مُوَحِّدَا

سَيغفِرُ ما أسلفتَ من جَاهليَّةٍ
لَيالِيَ تأبَى أن يُطاعَ وَيُعْبَدَا

سألتَ رسولَ اللهِ ما لو سألتَهُ
سِواهُ لأعطاكَ الحُسَامَ المُهَنَّدَا

تقولُ له دَعْنِي أزوِّرْ مَقَالةً
تَسُوءُكَ إنّي أحذرُ المعشرَ العِدَى

بِمكَّةَ لي مالٌ كثيرٌ مُوزَّعٌ
أخافُ عليهِ أن يضيعَ وَيُفقدا

سأكتمُ إسلامِي وأُوذِيكَ إنّهم
هُمُ القومُ لا يُؤذونَ إلا مَنِ اهْتدَى

وَرُحْتُ تُحابِيهم وتَشْفِي صُدورَهم
بِخرقَاءَ تستهوي الغَبِيَّ المُبَلَّدَا

تقولُ لقد فازَ اليهودُ وأدركوا
على الفاتحينَ الغُرِّ نَصْراً مُؤَيَّدا

أغاروا فَرَدُّوهُم وأمسى مُحَمّدٌ
أسيراً لدى ساداتِهم ليس يُفتَدَى

أبَوْا أن يَذوقَ القتلَ إلا بمكةٍ
وإنّ له عمّا قريبٍ لَمَوْعِدَا

فَطاروا سُروراً واستمرَّ غُواتُهم
يُذِيعُونَهُ زُوراً وإفكاً مُرَدَّدا

وَطَاشتْ عُقُولُ المسلِمينَ فأصبحوا
حَيَارَى يَرَوْنَ العيشَ أَغْبَرَ أَنْكَدَا

وأرضَى الألى ضَلُّوا السَّبيلَ بشيرُهم
لَدُنْ جَمَعوا مِن مالِهِ ما تَبَدَّدا

تَزَوَّدَ همّاً كلُّ من كانَ مُسلِماً
وأَعْيَا على العبّاسِ أن يَتَجَلَّدَا

فَأَرْسَلَ ما هذا الذي أنتَ قائِلٌ
قُلِ الحقَّ يا حَجّاجُ وَانْقَعْ بِهِ الصَّدَى

تَبَارك ربِّي إنّه جَلَّ شأنُهُ
لَحَقٌّ عليهِ أنْ يُعِزَّ مُحَمَّدَا

فقال نَعَمْ عُدْ يا غلامُ وَقُلْ له
أبا الفضلِ أبْشِرْ وانتظِرْ مَقدمي غدا

فأَعتقَ من فَرَطِ السُّرورِ غُلامَهُ
وَرَاجَعهُ مِن أمرِهِ ما تَعَوَّدَا

ووافَاهُ حجّاجٌ بأنباءِ خَيْبَرٍ
فَأمسَى الذي أخفَى من الأمرِ قد بَدَا

وناشَدَهُ أن لا يُذيعَ حَدِيثَهُ
ثَلاثَةَ أيّامٍ حِذاراً مِنَ الرَّدَى

فَلَمّا انقضَتْ رَاعَ الرجالَ بِطَلعَةٍ
تَشُقُّ على الأعداءِ مَرْأَىً ومشهدا

تَدَفَّقَ بِشراً وَجهُهُ وجَرَى السَّنا
على صَفْحَتَيْهِ سَاطِعاً فَتَوقَّدا

يقولونَ لا تحزَنْ فيا للأُلى عَمُوا
ويَا لكَ من حُزنٍ أقامَ وأَقْعَدَا

رماهم بأخبارِ الفُتوحِ فَغَاظَهُم
وَردَّ ذَلِيلاً كُلَّ عاتٍ تَمرَّدا

يَضِجُّونَ أينَ ابنُ العلاطِ أما لنا
إليهِ سَبيلٌ إنّه كان مُفْسِدا

لقد غَرَّنَا كَيْما يَفُوزُ بِمَالِهِ
فحاقَ بنا من إثمِهِ ما تَعَمَّدا

فواهاً لَهُ مِن ماكرٍ لو نُصِيبُه
إِذَنْ لَجَزَيْناهُ الجزاءَ المشَدَّدا

جَزاهُم إلهُ النَّاسِ ما ذنبُ مُسْلِمٍ
كَريمِ السَّجايا ما أَسَاءَ ولا اعْتَدَى

رَأى شَرَّهُمْ فاحتالَ يَحفظُ ماله
عليهِ ويَأْبَى أن يُغادِرَهُ سُدَى


احمد محرم

الحمدان
07-18-2024, 08:19 PM
أَمَا تَدَعُ العَمَايَةَ يا ابنَ حصنٍ
وَتَسلُكُهَا مُعَبَّدَةً سَوِيَّهْ

أَضَلَّتكَ اليهودُ فَرُحْتَ تَبْغِي
ثَمارَ النّخلِ يا لَكَ من بَلِيَّهْ

لَبِئْسَ الأجرُ أجرُكَ مِن أُناسٍ
يَرَوْنَ الحقَّ مَنزلَةً دَنِيَّهْ

أتَرضَى أن تكونَ لهم حَليفاً
لَعَمْرُكَ إنّهم شَرُّ البَرِيَّهْ

رَمَوْكَ بِرُسْلِهِم يَرجونَ نصراً
فَمَا وَجَدوكَ من أهلِ الرَّوِيَّهْ

أَهَبْتَ بِقَوْمِكَ انطَلِقُوا وَرَائِي
فَتِلْكَ سَرِيَّةٌ تتلو سَرِيَّهْ

تُريدُ مُحَمّداً وَبَنِي أبيهِ
أُولِي النَّجَدَاتِ والهِمَمِ العَلِيَّهْ

حُماةُ الحقِّ ليس له سِواهم
إذا غَلَتِ الحفيظَةُ والحَمِيَّهْ

نهاك مُحَمَّدٌ فأَبيتَ رُشْداً
لِنَفْسِكَ إنّها نَفْسٌ غَوِيَّهْ

وقلتَ أنتركُ الحلفاءَ نَهْباً
ونحن أُولُو السُّيُوفِ المَشْرَفِيَّهْ

رُوَيْدَكَ يا عُيَيْنَةُ أيُّ خطبٍ
أصابَكَ ما الحديثُ وما القَضِيَّهْ

وما الصَّوتُ المردَّدُ يا ابنَ حِصنٍ
وَرَاءَكَ في منازِلِكَ القَصِيَّهْ

وَرَاءَكَ يا عُيَيْنَةُ لا تَدَعْها
فما هِيَ عن دِفَاعِكَ بالغَنِيَّهْ

رَجعتَ بِجُنْدِكَ المهزومِ رُعْباً
فَمَرْحَى ما الهزيمةُ كالمَنِيَّهْ

لَوَ انّكَ جِئْتَ خَيْبَرَ وَهْيَ ظَمْأَى
سَقَتْكَ من الرَّدَى كأساً رَوِيَّهْ

نَوَيْتَ غِيَاثَها فَشُغِلْتَ عنها
وأمرُ الله يَغلبُ كلَّ نِيَّهْ

بِرَبِّكَ يا فتى غَطفَانَ آمِنْ
فإنّ لهُ لآياتٍ جَلِيَّهْ

رَجعتَ إلى النَّبيِّ تَقولُ مَا لا
يَقولُ المرءُ ذُو النَّفْسِ الحَيِيَّهْ

ألستُ لمن ظَفَرْتَ بهم حَلِيفاً
فَهَبْ لي من مَغَانِمِهم عَطِيَّهْ

وَإنّي قد أَبَيْتُ فلم أُعِنْهُم
عَلَيكَ وما تَرَكْتُكَ عن تَقِيَّهْ

فقال كَذَبْتَ مَالَكَ مِن خَلاقٍ
وما تَخْفَى على الله الطَّوِيَّهْ

عَلَيكَ بِذِي الرُّقَيْبَةِ إنّ فيه
لَمَا أحببتَ من صلةٍ سَنِيَّهْ

تَأَمَّلْ هل مَلَكتَ عليَّ أمرِي
وهل صَدَقَتْكَ رُؤيَاكَ الغَبِيَّهْ

لكلٍّ من دُعاةِ الشِّركِ حربٌ
مُظَفَّرَةُ الوقائِعِ خَيْبَرِيَّهْ

سَجَايا المُرهفاتِ البيضِ أَوْلَى
بمن جَعلوا النِّفاقَ لهم سَجِيَّهْ


احمد محرم

الحمدان
07-18-2024, 08:19 PM
مَحيصةُ بلّغْ ما أُمِرتَ فإنّما
هو الدينُ دينُ المسلمِينَ أو القتلُ

إلى فَدَكٍ فَاحْمِلْ بَلاَغ مُحمّدٍ
وأَنْذِرْ بها قوماً أضلَّهمُ الجَهْلُ

أَبَوْا أن يُجِيبوا دَاعِيَ اللَّهِ وَابْتَغُوا
سَبِيْلَ الألى أعماهُمُ الحِقْدُ والغِلُّ

يَقولون لن يَسْطِيعَ جيشُ مُحمّدٍ
بخيبرَ نصراً إنّها مَطلبٌ بَسْلُ

يُدافِعُ عنها من صَنَادِيْدِ أهلِها
رِجالٌ إذا خاضوا الوَغَى بَطَلَ
الهَزْلُ

لها عامرٌ عِنْدَ البلاءِ وياسرٌ
لها مَرْحَبٌ والحارثُ البطلُ الفَحْلُ

وإنَّ بها من كُلِّ رامٍ وَضَارِبٍ
أُلوفاً هُم السُّمُّ الذُّعافُ لمن يَبْلو

على أنّنا لا نكرهُ السّلمَ فانتظِرْ
مَحيصةُ واصبِرْ إنّها خُطّةٌ فَصْلُ

كذَلِكَ قالوا يمكرون كَدَأْبِهِمْ
وماذا يُفيْدُ المكرُ أو يَنفعُ الخَتْلُ

أطالوا المدَى حَتَّى يَروا جَدَّ قومِهم
وَجَدَّ رسولِ اللَّهِ أيُّهما يَعْلُو

فلمَّا رُمُوا بالحقِّ من حِصْنِ نَاعمٍ
وَقِيْلَ لهم ضاقت بقومِكمُ السُّبْلُ

مَشتْ رُسْلُهم للصّلحِ تَهوِي أمامَها
قُلوبٌ هِيَ الكُتْبُ الحثيثةُ والرُّسْلُ

يَظَلُّ عَمِيْدُ القومِ نُونُ بنُ يُوشَعٍ
يَقولُ هَلُمُّوا ذَلِكَ المركبُ السَّهْلُ

ولاذُوا بأكنافِ النبيِّ فصادفوا
كرِيماً يُرجَّى عنده العفوُ والفَضْلُ

أحلَّ لهم صُلحاً وإنّ دِماءَهم
وَأمْوَالَهم إن رَدَّهُمْ خُيَّباً حِلُّ

لئن خُلِقوا لِلُّؤمِ أهلاً فإنّه
لكلِّ الذي يسمو الكِرامُ به أَهْلُ

له النِّصْفُ من تِلْكَ الحُقولِ يُعِدُّهُ
لِكُلِّ فقيرٍ عضَّهُ البؤسُ والأزْلُ

كذلكَ مَوْلَى القومِ يَرْجُونَ ظِلَّهُ
وما خيرُ مولىً لا يَكونُ له ظِلُّ


احمد محرم

الحمدان
07-18-2024, 08:20 PM
بُشراكِ أُمَّ حَبيبَةٍ بِمُحَمَّدٍ
تَمَّتْ لكِ النُّعمى فَفوزِي وَاسْعَدِي

هَذا بَشيرُ الخيرِ أيُّ طَلاقةٍ
تَحكِي طلاقَةَ وجههِ الغَضِّ النَّدِ

حَمَلَ الرِّسالَةَ مَشرعاً من رَحمةٍ
فيهِ الشِّفاءُ لِغُلَّةِ القَلْبِ الصَّدِ

بُشراكِ أُمَّ المؤمنينَ فهذهِ
رؤياكِ عِندَ أوانِها والموعدِ

بَعثَ النَجَاشِيُّ الوليدةَ فاسمعي
أشهَى الحديثِ إلى الكرائمِ واشْهَدي

هَذا عَطَاؤُكِ لو يكونُ مَكانَهُ
أغلى الكُنوزِ خَشيْتُ أن لا تُحْمَدِي

نِعمَ العطاءُ بَذَلْتِهِ مَرْضِيَّةً
في اللَّهِ راضيةً وَيَالكِ من يَدِ

قلّدتِ أمرَكِ خالداً فمضَى بهِ
شرفاً على شَرَفٍ أشمَّ مُخَلَّدِ

هَتَفَ الرسولُ أَجِبْ وكيلَ مُحَمَّدٍ
فمشَى إلى المَلِكِ الأعزِّ الأصيَدِ

يَلقاهُ في تَاجِ الهُدى وسريرِه
بين الأَرائكِ والجُموعِ الحُشَّدِ

في مشهدٍ زانته غُرَّةُ جَعفرٍ
زَيْنَ النَّدِيِّ ونُورِ عينِ المنتدي

جَمَعَ الأحبَّةَ والرفاقَ فأقبلوا
من كلِّ عالٍ في الرجالِ مُمَجَّدِ

أدَّى النجاشيُّ الصَداقَ مُبارَكاً
مِلءَ اليدينِ يَسوقُه من عَسْجَدِ

وأقامَ للَّهِ الولائمَ كلّما
زَادتْ وفودُ القومِ قال لها ازْدَدِي

مَضَتِ الوليدةُ بالصّداقِ فَصادفتْ
كَرَماً يُجاوِزُ مَطْمَعَ المُسْتَرْفِدِ

نَالتْ ولم تَسألْ وَلِمَ تمدُدْ يداً
خَمسِينَ دِيناراً عطاءً كالدَّدِ

فضلٌ لأُمِّ المؤمنِينَ تَفَجَّرَتْ
عنه فَرَاحَ يَفِيْضُ غَيْرَ مُصَرَّدِ

تِلْكَ الوليدةُ قال سيّدُها ارجِعي
أَنَسِيتِ حَقَّ الضّيفِ عِنْدَ السَّيِّدِ

رُدِّي العَطِيَّةَ والهَدِيَّةَ واذكرِي
آلاءَ رَبِّكِ ذي الجلالِ الأَوْحَدِ

لا تَرْزَئِي زوجَ النبيِّ بأرضِنا
شَيئاً فَبِئسَ الزّادُ للمتزوّدِ

قالت إليكِ المالَ والحلْي الذي
أعْطَيتِنيهِ فليس أمري في يَدِي

أَمرَ المليكُ فلا مَرَدَّ لأمرِهِ
وَلَكِ الكرامةُ في الفريقِ الأرشدِ

لي في ذمامِكِ حاجةٌ مَنْشُودَةٌ
لولا الهُدَى وَسَبيلُهُ لم تُنْشَدِ

هل تحملينَ إلى الرَّسولِ تَحِيَّةً
منّي إذا انطلقتْ رِكابُكِ في غَدِ

حَيّيهِ مُنْعِمةً وَقولِي إنّني
أحببتُه حُبَّ التَّقِيِّ المُهْتَدِي

وَرَضِيْتُ مِلَّتَهُ لنفسي إنَّه
لعلى طريقٍ للسدادِ مُعَبَّدِ

رَضِيَ المليكُ وراحَ يَحمدُ رَبَّه
حَمْدَ امرئٍ للصالحاتِ مُسدَّدِ

وَدَعا إلى الصُّنعِ الجميلِ نِساءَهُ
فالطيبُ ذو عَبَقٍ يروحُ وَيَغتدِي

تَمشِي الولائدُ خلفَهُ يَحْمِلْنَهُ
في مُلْتقىً بَهِجٍ وَحُسنِ تَودُّدِ

يَأتينَ أمَّ المؤمنينَ يَزِدْنَها
وَيَقُلْنَ مَهْلاً كلّما قالت قَدِي

سِيري هَداكِ اللَّهُ شَطْرَ نَبيِّهِ
في موكبٍ مِن نُورِهِ المتوقِّدِ

إلا يكنْ من هاشمٍ وَفْدٌ فكم
للَّهِ حَولَكِ من رَسولٍ مُوفَدِ

جِبريْلُ يَمشِي في رِكابِكِ خَاشعاً
بَيْنَ الملائِكِ فَاشْهَدي وَتَفَقَّدِي

اللَّهُ بَوَّأكِ الكرامَةَ مَنزلاً
وأعزَّ جَدَّكِ بالنبيِّ مُحَمَّدِ


احمد محرم

الحمدان
07-18-2024, 08:20 PM
بُشراكِ أُمَّ حَبيبَةٍ بِمُحَمَّدٍ
تَمَّتْ لكِ النُّعمى فَفوزِي وَاسْعَدِي

هَذا بَشيرُ الخيرِ أيُّ طَلاقةٍ
تَحكِي طلاقَةَ وجههِ الغَضِّ النَّدِ

حَمَلَ الرِّسالَةَ مَشرعاً من رَحمةٍ
فيهِ الشِّفاءُ لِغُلَّةِ القَلْبِ الصَّدِ

بُشراكِ أُمَّ المؤمنينَ فهذهِ
رؤياكِ عِندَ أوانِها والموعدِ

بَعثَ النَجَاشِيُّ الوليدةَ فاسمعي
أشهَى الحديثِ إلى الكرائمِ واشْهَدي

هَذا عَطَاؤُكِ لو يكونُ مَكانَهُ
أغلى الكُنوزِ خَشيْتُ أن لا تُحْمَدِي

نِعمَ العطاءُ بَذَلْتِهِ مَرْضِيَّةً
في اللَّهِ راضيةً وَيَالكِ من يَدِ

قلّدتِ أمرَكِ خالداً فمضَى بهِ
شرفاً على شَرَفٍ أشمَّ مُخَلَّدِ

هَتَفَ الرسولُ أَجِبْ وكيلَ مُحَمَّدٍ
فمشَى إلى المَلِكِ الأعزِّ الأصيَدِ

يَلقاهُ في تَاجِ الهُدى وسريرِه
بين الأَرائكِ والجُموعِ الحُشَّدِ

في مشهدٍ زانته غُرَّةُ جَعفرٍ
زَيْنَ النَّدِيِّ ونُورِ عينِ المنتدي

جَمَعَ الأحبَّةَ والرفاقَ فأقبلوا
من كلِّ عالٍ في الرجالِ مُمَجَّدِ

أدَّى النجاشيُّ الصَداقَ مُبارَكاً
مِلءَ اليدينِ يَسوقُه من عَسْجَدِ

وأقامَ للَّهِ الولائمَ كلّما
زَادتْ وفودُ القومِ قال لها ازْدَدِي

مَضَتِ الوليدةُ بالصّداقِ فَصادفتْ
كَرَماً يُجاوِزُ مَطْمَعَ المُسْتَرْفِدِ

نَالتْ ولم تَسألْ وَلِمَ تمدُدْ يداً
خَمسِينَ دِيناراً عطاءً كالدَّدِ

فضلٌ لأُمِّ المؤمنِينَ تَفَجَّرَتْ
عنه فَرَاحَ يَفِيْضُ غَيْرَ مُصَرَّدِ

تِلْكَ الوليدةُ قال سيّدُها ارجِعي
أَنَسِيتِ حَقَّ الضّيفِ عِنْدَ السَّيِّدِ

رُدِّي العَطِيَّةَ والهَدِيَّةَ واذكرِي
آلاءَ رَبِّكِ ذي الجلالِ الأَوْحَدِ

لا تَرْزَئِي زوجَ النبيِّ بأرضِنا
شَيئاً فَبِئسَ الزّادُ للمتزوّدِ

قالت إليكِ المالَ والحلْي الذي
أعْطَيتِنيهِ فليس أمري في يَدِي

أَمرَ المليكُ فلا مَرَدَّ لأمرِهِ
وَلَكِ الكرامةُ في الفريقِ الأرشدِ

لي في ذمامِكِ حاجةٌ مَنْشُودَةٌ
لولا الهُدَى وَسَبيلُهُ لم تُنْشَدِ

هل تحملينَ إلى الرَّسولِ تَحِيَّةً
منّي إذا انطلقتْ رِكابُكِ في غَدِ

حَيّيهِ مُنْعِمةً وَقولِي إنّني
أحببتُه حُبَّ التَّقِيِّ المُهْتَدِي

وَرَضِيْتُ مِلَّتَهُ لنفسي إنَّه
لعلى طريقٍ للسدادِ مُعَبَّدِ

رَضِيَ المليكُ وراحَ يَحمدُ رَبَّه
حَمْدَ امرئٍ للصالحاتِ مُسدَّدِ

وَدَعا إلى الصُّنعِ الجميلِ نِساءَهُ
فالطيبُ ذو عَبَقٍ يروحُ وَيَغتدِي

تَمشِي الولائدُ خلفَهُ يَحْمِلْنَهُ
في مُلْتقىً بَهِجٍ وَحُسنِ تَودُّدِ

يَأتينَ أمَّ المؤمنينَ يَزِدْنَها
وَيَقُلْنَ مَهْلاً كلّما قالت قَدِي

سِيري هَداكِ اللَّهُ شَطْرَ نَبيِّهِ
في موكبٍ مِن نُورِهِ المتوقِّدِ

إلا يكنْ من هاشمٍ وَفْدٌ فكم
للَّهِ حَولَكِ من رَسولٍ مُوفَدِ

جِبريْلُ يَمشِي في رِكابِكِ خَاشعاً
بَيْنَ الملائِكِ فَاشْهَدي وَتَفَقَّدِي

اللَّهُ بَوَّأكِ الكرامَةَ مَنزلاً
وأعزَّ جَدَّكِ بالنبيِّ مُحَمَّدِ


احمد محرم

الحمدان
07-18-2024, 08:21 PM
مَرحباً بالأحبَّةِ المُقبلينا
أطفِئُوا شَوقَكم وقَضُّوا الحنينا

أذِنَ اللَّهُ باللقاءِ وكانتْ
لوعةً للفِراقِ دَامتْ سِنينا

إنّ هَذِي دِياركُم فادخلوها
طَيِّباتٍ لمعشرٍ طيّبينا

ادخلوها بنعمةٍ وسلامٍ
وَاعْمرُوها بأهلِكم والبنينا

أقبلوا أقبلوا وَحيُّوا رسولَ اللهِ
مُستبشراً يَمدُّ اليمينا

صَافحوهُ مُحبَّبَ الوجهِ سَمْحاً
والزموهُ مُباركاً مَيمونا

وانظروا حوله الجنودَ أُلوفاً
بعد أن لم تكنْ تُدانِي المئينا

واذكروا خطبَكم وكيفَ ذَهْبتُمْ
خِيفةَ الضَّيْمِ في البلادِ عِزينا

تركبونَ العُبابَ يأخذُه الكِبْ
رُ فيأبَى عِنَانُه أن يَلينا

يَضربُ الموجُ في جوانبِهِ الموجَ
وتُزجِي السَّفينُ فيه السَّفينا

اتَّخذتم أرضَ النجاشيِّ داراً
وتَركتُمْ دِيارَكم والقَطينا

مَلِكٌ عادلٌ أقامَ عليكم
من كريمِ الجوارِ حِصْناً حَصينا

وَرَعاكم رَعْيَ الحفيِّ يُؤّدي
حقَّ أضيافهِ وَفِيّاً أمينا

وَجَدَ العارَ في هَدِيَّةِ عمروٍ
فأباها وَردَّ عَمْراً حزينا

قال يا ويلتا أأهدمُ مَجدِي
وأُعادِي أبُوَّتي الأَوَّلينا

أأبيعُ الضُّيوفَ يا عمروُ دَعْها
خُطّةً تجعلُ العزيزَ مَهِينا

إنها سُبَّةٌ على الدهرِ يَأبَى
كلُّ حُرٍّ مُهذَّبٍ أن تكونا

راعه جعفرٌ بقولٍ مُبينٍ
فرأى الحقَّ واضحاً واليقينا

وَدَرى أنَما السُّجودُ لغيرِ اللَهِ
إثمٌ يَحيقُ بالسّاجدينا

وَاهْتَدى قَلبُه فآثَرَ دِينَ الحقِّ
في مجمعِ القَساوسِ دِينا

دَلَفَ القومُ بالمصاحفِ لا يَدْ
رُونَ ماذا يُريدُ أن يَسْتَبينا

قال ما عندَكم أما قال عِيسَى
سوفَ يأتي مِن بعدهِ من يلينا

بَطَلَ الشِّركُ وانتهى الإفكُ هذا
خاتمُ الأنبياءِ والمرسلينا

كيف نَأبَى مُحمّداً وَهْوَ حقٌّ
أيقولُ الهُداةُ إنّا عَمِينا

رَبِّ إنّي آمنتُ فاغفِرْ ذنوبي
وَاهْدِني في عبادِكَ المؤمنينا

هكذا فاز بالكرامةِ حزبُ اللَهِ
طوبَى لِحزبهِ المفلحينا

اُدْنُ يا جعفرٌ لك الرتَبُ العل
يا وكنتَ أمرأً بهن قَمِينا

وَخُذِ القُبلةَ التي هِيَ أَقْصَى
ما تُرجِّيهِ أنْفُسُ المتَّقينا

اُدنُ يا أشبهَ الرجالِ بأعلى ال
ناسِ قَدْراً وخيرهم أجمعينا

ولك العذرُ إن رقصتَ فَهذِي
نَشوةُ الحبِّ تأخُذُ المُخلِصينا

نادِ يا شاعرَ العُروبةِ واهتفْ
مرحباً بالأماجدِ الأكرمينا

هذه خيبرُ العصيّةُ دَانَتْ
لِسيوفِ البواسلِ الفاتحينا

نَصَر اللَّهُ جُندَهُ وحَباهُ
في لواءِ النبيِّ فَتْحاً مُبينا

فَخُذوا حقَّكم هَنيئاً مَرِيئاً
واشكروا اللَّهَ أكرمَ المُنعِمينا


احمد محرم

الحمدان
07-18-2024, 08:22 PM
إن جَلَّ غُنْمُ المسلِمينَ بخيبرٍ
فَلَما غَنِمْتِ أجلُّ منه وأكبرُ

اللَّهُ أكبرُ يا عروسَ مُحمّدٍ
هذا هو الشّرفُ الأعمُّ الأوفرُ

هذا مكانكِ عالياً ما مِثلُه
في السُّؤدُدِ العالي مَكانٌ يُؤثَرُ

يا دُرّةً صِينَتْ لِتاجِ جَلالةٍ
الدُّرُّ مِن لَمحاتِهِ والجوهرُ

الشَّأنُ شأنُكِ أنتِ خيرُ صَفِيَّةٍ
والتَّاجُ أنتِ به أحقُّ وأجدرُ

أدركتِ بالإسلامِ في حَرَمِ الهُدَى
جُهْدَ المنى مما يُتاحُ ويُقدَرُ

أدركتِ دُنيا الصالحينَ ودِينَهمْ
فظفرتِ بالحُسنى ومِثلُكِ يَظْفَرُ

ولقد غَنيتِ وَدُونَ ما تَجدِينَهُ
دُنيا مُذمَّمةٌ وَدِينٌ مُنْكَرُ

ذُعِرَ الوطيحُ فأسلمتكِ حُماتُه
وحَللتِ بالحصنِ الذي لا يُذعَرُ

ما مِثلُ رُؤياكِ التي كانت أذىً
رُؤيا تُفسَّرُ للنِّيامِ وَتُعْبَرُ

أَفَكنتِ ناسيةً فجدَّدَ ذِكرَها
أثرٌ بِعينكِ يا صفيّةُ أخضرُ

يا وَيلتَا لابنِ الربيعِ يغيظُه
هذا المقامُ الصَّعبُ كيف يُيَسَّرُ

لَطمتكِ من سَفهٍ وسُوءِ خَلِيقَةٍ
يَدُهُ وتلكَ جنايةٌ ما تُغْفَرُ

ماذا رَأيتِ من الذي أبغضتِهِ
ونَقمتِ ما يَرضى وما يَتخيَّرُ

أردَى أباكِ وهَدَّ زوجَكِ بأسُهُ
وأصابَ قومَكِ منه موتٌ أحمرُ

ماذا رأيتِ أما عَذرتِ سُيوفَهُ
وَعَلِمتِ أنَّ عدوَّه لا يُعذَرُ

ولقد بَلوتِ خِلالَهُ فوجدته
نِعمَ الخليلُ إذا يَسوءُ المَعشرُ

أحببتهِ الحبَّ الكثيرَ على القِلَى
ولَحُبُّ ربِّكِ ذي الجلالةِ أكثَرُ

ذَهَب الرُّعاةُ فما يَسُرُّكِ صاحبٌ
ورعاكِ صاحبُكِ الأبرُّ الأطهرُ

آثرتِهِ ورَضيتِ رَبَّكِ إنّها
للَّهِ عِندكَ نِعمةٌ لا تُكْفَرُ

أعْلَى مَحَلَّكِ فانعمي وتقدّمي
بأجلِّ ما يُثْنَى عليه وَيُشْكَرُ

ولأنتِ إن عظُمتْ فوائدُ خيبرٍ
أسْنَى وأعظمُ ما أفادتْ خَيبرُ

يا قُبَّةَ المُختارِ دُونَكِ ما بَنَى
في مُلكِهِ كِسْرَى وشيَّدَ قيصرُ

مَثوىً يهولُ الناظرين ومنظرٌ
عَجَبٌ يروعُ مقامُه والمظهرُ

فيهِ الجلالُ الضَّخمُ ترتدُّ المنى
من دُونِهِ مذعورةً تتعثّرُ

فيهِ السَّلامُ لكلِّ جِيلٍ يُبتغَى
فيه النظامُ لكلِّ عصرٍ يُذخَرُ

فيه الحياةُ تُسَلُّ من أكفانِها
هَلْكَى الشُّعوبِ إذا تموتُ وتُقبَرُ

إيهٍ أبا أيوبَ ما بِكَ رِيبةٌ
إنّ المحبَّ على الحبيبِ لَيسهرُ

تَأبَى الكرَى وتطوفُ حول مُحمّدٍ
والسَّيفُ يَقظانُ المضاربِ يَنظرُ

ماذا تخافُ على حبيبِكَ من أذىً
واللَّهُ كافٍ ما تخافُ وتَحذرُ

اهْنَأْ بدعوتِهِ فتِلكَ وقايةٌ
من كلِّ ذِي جَبرِيَّةٍ يتنَّمرُ

تِلكَ الولائمُ في رِحابِ مُحمّدٍ
شَتَّى تُسَرُّ بها النُّفُوسُ وتُحْبَرُ

الصَّحبُ من فرحٍ عليها عُكَّفٌ
والرُّسْلُ أجمعُ والملائكُ حُضَّرُ

عُرْسُ النبيِّ وأيُّ عُرسٍ مِثلُه
هَيهاتَ تلك فضيلةٌ لا تُنْكَرُ


احمد محرم

الحمدان
07-18-2024, 08:23 PM
عَقربُ السُّوءِ تَمادَى في الأذى
والأذَى بَعضُ سجايا العقربِ

وَيْكَ عبدَ اللهِ ماذا تَبتغِي
تَعِبَ الشَّرُّ ولمَّا تتعبِ

اتَّئِبْ يا ابنَ أُبَيٍّ واجتنِبْ
خَطَلَ الرأيِ وَسُوءَ المذهبِ

أنتَ أضللتَ الأُلَى أطْمَعْتَهم
من وصاياكَ ببرقٍ خُلَّبِ

ليس فيما نَابهم من عجبٍ
خَائِبٌ طاحَ بقومٍ خُيَّبِ

قَومُكَ الأبطالُ ماذا صَنعوا
بِالحصونِ الشُّمِّ قُلْ لا تكذِبِ

أتُراها في صَياصِيها العُلَى
دَافعتْ عن ياسرٍ أو مَرحبِ

امتلِئْ يا ابنَ أُبَيٍّ غَضَباً
ليس يَرضَى الحقُّ إن لم تَغضبِ

أفما يُرضيكَ في الدُّنيا سِوَى
موقفِ الجاني ومثوى المُذنبِ

لو صدقتَ اللَّهَ في دينِ الهدى
فُزْتَ منه بالذمامِ الأقربِ

خُطَّةُ المؤمنِ يُمْنٌ مَالَهُ
دُونَها من خُطَّةٍ أو مَركبِ

لَكَ في الإسلامِ من أعدائِهِ
خُلُقُ الذئبِ وطَبعُ الثعلبِ

هكذا قَدَّرَ ربّي وقَضَى
ما الخبيثُ النَّفسِ مثلُ الطّيبِ


احمد محرم

الحمدان
07-18-2024, 08:24 PM
مَنايا القومِ في جلدِ البعيرِ
فأينَ يَضيع كنزُ بني النَّضيرِ

مَرَدُّ الأمرِ في رفعٍ وخَفْضٍ
لهذِي الأرضِ في الحَدَثِ الكبيرِ

كذلك قال أكذبُهم مَقالاً
وأجهلُهُم بأعقابِ الأُمورِ

هُمُ اتّخذوا الخِداعَ لهم سبيلاً
وكانوا أهلَ بُهتانٍ وَزُورِ

فما صَدقوا النبيَّ ولا استحبُّوا
سِوى الطمعِ المخيِّبِ والغُرورِ

وما الكنزُ الذي دفنوهُ إلا
نذيرُ الويلِ أجمعُ والثُّبورِ

يقول غُواتُهم لم يَبْقَ شيءٌ
مَقالَ ذَوِي السّفاهةِ والفُجورِ

فلمّا مَسَّ صاحبهم عذابٌ
بَدا الشَّرُّ المغيَّبُ في الصُّدورِ

وَجيءَ بكنزهم إرثاً عتيداً
لِوُرَّاثِ الممالكِ والدُّهورِ

ولو جَحَدُوهُ أقبلتِ المنايا
تُؤذِّنُ في الرقابِ وفي النُّحورِ

فَبادُوا في مصارعَهم وعادوا
كَطَسْمٍ أو كعادٍ في الدُّثورِ

وما بَرحتْ عَوادي الدهرِ تَجرِي
على أهلِ المآثمِ والشُّرورِ

لهم في ذِمَّةِ الفاروقِ يَومٌ
يُطالِعُهم بِشرٍّ مُستطيرِ

فصبراً إنّه لا بُدَّ آتٍ
فما لِيَهُودِ خَيْبرَ مِن مُجيرِ


احمد محرم

الحمدان
07-18-2024, 08:25 PM
خَزَاعَةُ أَبشِري بالعهدِ سَمْحا
وَزِيدِي دَولَةَ الإسلامِ فَتْحا

كَفَى بذمامِ أوفى النّاسِ عهداً
لكلِّ مُعاهدٍ غُنْما ورِبْحا

ألحَّ على بني بكرٍ شَقَاءٌ
تَزِلُّ له العُقُولُ إذا ألَحَّا

هُمُ اتَّبعُوا الأُلى انقلبوا بِقَرْحٍ
فزادوهم بما اقترفوهُ قَرْحا

حُوَيْطِبُ ما يَغيظُكَ من رجالٍ
هموا ضربوا عن الغاوينَ صَفْحا

أُتِيحَ لِقَدْحِهم فَوزٌ مُبينٌ
وخُيِّبَ مَن أَحبَّ ذويكَ قِدْحَا

رُويدَكَ إنَّ أخوالَ ابنِ عمروٍ
لأَرفعُ قُبَّةً وأعزُّ صَرْحا

ولولا ما برأيِكَ من ضَلالٍ
لجانبتَ الملامَ وقُلتَ مَرْحَى

أَمَنْ عَرَفَ الرّشادَ فطابَ نَفساً
وأقبلَ يبتغِيهِ كَمَنْ تَنَحَّى

تُحاوِلُ أن تثيرَ الحَرْبَ حَتّى
تراها تَلفحُ الأبطالَ لَفْحا

لقد مَضَتِ المقالةُ من لبيبٍ
يقولُ الحقَّ لا يألوكَ نُصْحا

أَتَقدَحُ يا حُويطبُ زَنْدَ سُوءٍ
دَعِ الرأيَ الرشيدَ وَزِدْهُ قَدْحا

لعلَّكَ إن رأيتَ له لهيباً
تكونُ أشدَّ مَن يصلاَهُ بَرْحا

وَرَاءَكَ يا حُوَيْطِبُ كُلُّ عَضْبٍ
يَسُحُّ الموتُ من حَدَّيْهِ سَحّا

يُجَرِّدُهُ لِنَصرِ اللَّهِ قَرْمٌ
يَصولُ فَيَمْسَحُ الأعناقَ مَسْحا

سَخِيُّ النَّفسِ والهيجاءُ تَغلِي
فتملأ أَنْفُسَ الشُّجعانِ شُحّا

بني بكرٍ أما أُبْتُمْ حَزَانَى
كما آبَتْ خزَاعَةُ وَهْيَ فَرْحَى

هو الجدُّ الشَّقِيُّ عَلاهُ جَدٌّ
تَلَقَّى نِعمةً وأصابَ نُجْحا


احمد محرم

الحمدان
07-18-2024, 08:25 PM
أَجِيبي أُمَّ كُلثومٍ أَجِيبي
تَرَامَتْ دعوةُ الدَّاعِي المُهيبِ

لمَكَّةُ إذ يُضامُ الدِّينُ فيها
أحقٌّ بكلِّ أفَّاكٍ مُريبِ

خُذِي قَصْدَ السَّبيلِ إلى ديارٍ
مُحَبَّبَةِ المسالِكِ والدُّروبِ

حِمَى الإسلامِ يَمنعُ كلَّ عادٍ
وغِيلُ الحقِّ يَدفعُ كلَّ ذِيبِ

رَعاكِ اللَّهُ فَانْطَلِقِي وسِيري
ولا تَهِنِي على طُولِ الدُّؤوبِ

أردتِ الدِّينَ مَعمورَ النَّواحِي
فَخُوضِي البِيدَ مُقْفِرَةً وَجُوبي

تُطِيلينَ التَّلَفُّتَ من حذارٍ
وَقَلبُكِ لا يَقَرُّ من الوَجِيبِ

رُويدكِ إنّ عين اللَّهِ تَرْعَى
خُطاكِ فلن يَسَوءكِ أن تَؤُوبي

أرى أَخَوَيْكِ في أمرٍ مَريجٍ
وَهَمٍّ من مُصابِهِمَا مُذِيبِ

يَلُفُّ حَشَاهُما حُزنٌ عَجيبٌ
لِرَوْعَةِ ذلكَ الحَدَثِ العَجيبِ

لِكُلٍّ مِنهما في الحيِّ عَيْنٌ
تَدورُ كأنّها عَينُ الحريبِ

وَقَلبٌ دائِمُ الخَفَقَانِ هَافٍ
طَويلُ الوَجدِ مُتَّصِلُ اللّهيبِ

هُنا كانتْ فأينَ مَضَتْ وأنَّى
تُعاوِدُ خِدْرَها بعدَ المغيبِ

أَما عِندَ ابْنِ عَفَّانٍ شِفَاءٌ
فَيكشِفُ كُرْبَةَ العانِي الكَئِيبِ

أَتذهبُ أُختُنا لا نحنُ نَدرِي
ولا هُوَ عِندَهُ عِلمُ اللّبيبِ

كَفَى يا بِنتَ عُقْبَةَ ما لَقِينا
مِنَ الأحداثِ بَعدَكِ والخطوبِ

قِفِي يا أمَّ كُلثومٍ فهذا
مَحَطُّ الرَّحْلِ للنَّائِي الغريبِ

حَلَلْتِ بفضْلِ ربِّكِ خيرَ دارٍ
بِطيبةَ فانعِمي نَفْساً وطِيبي

تلقَّاكِ النبيُّ فأيَّ بشرٍ
رَعَتْ عيناكِ في الكَرَمِ الخَصِيبِ

يُرَحِّبُ ما يرحِّبُ ثمّ يُضفي
عليكِ حَنانَ ذِي النَّسَبِ القريبِ

وما نَسَبٌ بأقربَ من سبيلٍ
يُؤلِّفُ بين أشتاتِ القُلوبِ

سَبيلُ اللَّهِ ليس له إذا ما
بلوتِ السُّبْلَ أجمعَ من ضريبِ

هُدَى السَّارِي يُسَدِّدُهُ فيمضي
بِمُخْتَرَقِ السَّباسِبِ والسُّهوبِ

يَمُرُّ بآخِرينَ لهم عُواءٌ
يُشيَّعُ بالتوجُّعِ والنَّحيبِ

يَرى سُبُلَ النَّجاةِ وكيف ضَلُّوا
فَيعجَبُ للمَصارِعِ والجنُوبِ

ويَحمدُ فالِقَ الإصباحِ حَمْداً
يَهُزُّ جَوَانِحَ الوادي الطَّرُوبِ

تَعَالَى اللَّهُ يُنْزِلُ كلَّ بَرٍّ
بِعالٍ مِن منازِلِهِ رحيبِ

عُمَارَةُ والوليدُ ولا خَفَاءٌ
على فَرْطِ التجهُّمِ والشُّحوبِ

هُما عَرَفا السَّبيلَ فلا مُقامٌ
وكيفَ مُقَامُ مُخْتَبَلٍ سَلِيبِ

أهابا بالرَّسولِ أعِدْ إلينا
وَدِيعَتَنَا فما بِكَ مِن نُكوبِ

هُوَ العهدُ الذي أخذَتْ قُرَيْشٌ
ومَالَكَ غَيْرُ نفسِكَ من حسيبِ

سَجِيَّتُكَ الوفاءُ وما عَلِمْنا
عليكَ الدَّهْرَ من خُلُقٍ مَعِيبِ

برأيِكَ فَاقْضِ وَارْدُدْها علينا
فإنّك أنتَ ذُو الرأيِ المُصِيبِ

عَنَاها أَنْ تُرَدَّ ولا ظَهِيرٌ
يَقِيهَا ما تخافُ مِنَ الكُروبِ

فَصَاحتْ إنّني امرأةٌ وما لي
عَلَى المكروهِ من عَزمٍ صليبِ

بِرَبِّكَ يا مُحَمَّدُ لا تَدَعْنِي
فَرِيْسَةَ كُلِّ جَبَّارٍ رَهيبِ

يُعَذِّبُنِي لأتركَ دِينَ رَبِّي
إلى دينِ المآثِمِ والذُّنوبِ

أأرجعُ يا حِمَى الضُّعفاءِ وَلْهَى
وما لي في ظِلالِكَ مِن نَصيبِ

أتى التنزيلُ يَصدعُ كلَّ شَكٍّ
ويجلو ما اسْتَكَنَّ من الغُيوبِ

وَيَحْكُمُ حُكْمَهُ عَدْلاً وَبِرّاً
فَيُلقِي بالدّواءِ إلى الطبيبِ

إذا جاءَ النساءُ مُهَاجِراتٍ
يُرِدْنَ اللَّهَ دَيَّانَ الشُّعوبِ

بَقِينَ مع النَّبيِّ وإن تَمَادَتْ
لَجَاجَةُ كلِّ عِرِّيضٍ شَغُوبِ

لِيَهْنِكِ أُمَّ كُلثومٍ مُقامٌ
كريمٌ عِندَ مَرْجُوٍّ مُثيبِ

وزوجٌ ذو مُحافَظةٍ نَجِيبٌ
يَفِيءُ إلى ذُرَى النَّسَبِ النَّجِيبِ

يَفيءُ إلى ذُرَى الإسلامِ منه
فتىً للسّلمِ يُرجَى والحُروبِ

وما زيدُ بنُ حارثةٍ بِنِكْسٍ
إذا التَقَتِ الكُماةُ ولا هَيُوبِ

أخو المختارِ من عُليا قريشٍ
ومَولاهُ الحبيبُ أبو الحبيبِ


احمد محرم

الحمدان
07-18-2024, 08:26 PM
رُفَيْدَةُ عَلِّمِي النَّاسَ الحَنانا
وَزِيدي قومَكِ العالينَ شانا

خُذِي الجرحَى إليكِ فأكرمِيهم
وَطُوفِي حولهم آناً فآنا

وإن هَجَعَ النِّيامُ فلا تَنامِي
عَن الصّوتِ المردَّدِ حيثُ كانا

أعيني السّاهِرينَ على كُلومٍ
تُؤرِّقُهُم فمثلُكَ مَن أعانا

هُمُ الأهلون ما عرفوا أنيساً
سِوَاكِ لهم ولا وَجَدُوا مكانا

حَبَاكِ اللَّهُ من تقواهُ قلباً
وَسَوَّى من مراحمِهِ البَنَانا

رَفعتِ لأسلمٍ ذِكراً جليلاً
يُزاحِمُ في مواكبِهِ الزمانا

ضُيوفُ اللَّهِ عِندَكِ في مَحَلٍّ
تُذكِّرُنا مَحاسِنُه الجِنانا

فيا لكِ خَيْمَةً للِبرِّ فيها
جَلالٌ لا يُرامُ ولا يُدَانى

جلالُ اللَّهِ ألقاه عليها
فَجَمَّلَها بروعتِهِ وزانا

نَسيجٌ من شُعاعِ الحقِّ بِدْعٌ
نَزِيدُ على الزمانِ بهِ افتتانا

تَقِلُّ بَدائِعُ النُّسّاجِ عنه
وإن نسجوا اللُّجَيْنَ أوِ الجُمانا

وما يَجِدُ الأديبُ الفردُ وصفاً
يُحيطُ به ولو أفنى البيانا

له في الذّهنِ ترجمةٌ ومعنىً
جَليلُ الشأنِ يُعيِي التُّرجمانا

لساني مُوثَقٌ يا ربِّ هَبْ لي
جَنَاحَ الرِّيحِ أجعلُهُ لسانا

فأذهبُ حيثُ شِئْتُ من القوافي
وأُرسلُها مُحَبَّبَةً حِسانا

وأُلبِسُهَا رُفَيْدَةَ مُعجباتٍ
ضَوامِنَ أن تُجَلَّ وأن تُصانا

رُفَيْدَةُ جاهِدِي وَدَعِي الهُوَيْنَى
فما شَرَفُ الحياةِ لمن تَوَانى

وَرُبَّ مُجاهدٍ بَلَغَ الثُريَّا
وما عَرَفَ الضِّرابَ ولا الطِّعانا

وكم هَزَّ الممالكَ في عُلاها
فَتىً ما هزَّ سَيفاً أو سِنانا

ومن لم يَمْتَحِنْ دُنيا المعالي
فما امتحَنَ الشُّجَاعَ ولا الجبانا

رُفَيْدَةُ ذَلِكَ الإسلامُ حَقّاً
تَبَارَكَ مَن هَداكِ ومن هدانا

تَبَارَكَ ربُّنا ألقَى علينا
سَنا الوَحْيِ المنزَّلِ واصطفانا

هَدَيْنَا العالَمِينَ بِهِ وإنّا
لَنحنُ القومُ لا هادٍ سِوَانَا


احمد محرم
مصر

الحمدان
07-18-2024, 08:30 PM
بابُ النَّبيِّ، وبابُه لا يُقْفَل
أبدًا، هو الملكُ المعظَّم فيصل

إنا لنُحْرِمُ في حماه، وإنهُ
بدمائِنا ومَتَاعِنَا يتكفَّل

شهدَ الحَجيِجُ بأنَّ دولةَ فيصلٍ
تَرْعَى الحجيجَ بأعينٍ لا تَغْفَل

في ظلِّه لبَّى الجميعُ، وكبَّروا
وشَدَوْا بآياتِ الدعاء، ورتَّلوا

تدري العروبةُ أن سُدَّةَ فيصلٍ
دِرْعٌ لها عند الخطوب، ومَعْقِل

عرشٌ يَمُدُّ على العروبة ظلَّه
وعليه أجنحةُ السماء تُظَلِّل

المؤمنون بكل أرض إخوةٌ
وبنصرهم نَطقَ الكتابُ المنْزَل

إن كان حاضرُهم تجهَّم حقْبَةً
فلهم بفضل الوحدةِ المُسْتقبَل

سيَسودُ آخرُنا بفضلِ وقوفِنا
صفًّا، كما سار الرَّعِيلُ الأَوَّل

ويقينُنَا في الله خيرُ عَتَادِنا
وعليه في قهر العِدَا نتَوَكَّل

وسلاحُنا الماضي وسيلةُ نصرِنا
لَسْنا بغيرِ سلاحنا نَتَوَسَّلُ

لا تَبْسُطوا للغَرْب، يا قومي، يَدًا
للغَرْب طرفٌ في السياسة أحْوَل

لا تستمدوا النصرَ من قبر، ولو
أنَّ الدَّفينَ به نبيٌّ مُرسَل

ما قال ربك: بالقبور تَمَسَّحُوا
بل قال جلَّ جلالهُ: «وقل اعملوا»

إني أقبل رأسَ كلِّ مجاهد
إن قبَّلَ الصخرَ الأصَمَّ مُقَبِّل

إنا لنُشْهد أهلَ بَدْرٍ أننا
في النصر أو نيل الشهادة نَأمُل

ويقول قائِلُنا لدى استشهادهِ:
يا ليتني في كلِّ يوم أُقْتَل!

جَسَدُ الشهيدِ إلى جوارِ اللهِ في
عَدْن، على أيدي الملائك يُحمَل

رجلُ العروبةِ من قديم في الوغى
أسَدٌ، وأنثاها لبَاةٌ مُشْبِل

أسلافُنا في كل مَلْحَمَةٍ لهم
تاريخُ مجد بالدماء مُسَجَّل

لسْنَا بأمجادِ الأوائل نَكتفي
لكنْ كما فعل الأوائلُ نفعل

عن ثالث الحَرَمين ندفعُ عُصْبة
دخلَتْهُ كالمكروبِ إذْ يتسلَّل

وعروقُنَا تَغْلي بهنَّ دماؤنا
فكأَنما في كلِّ عرق مِرْجَل

هُمْ أشعلوا في المسجد الأقصَى اللَّظَى
فَلْيَحْتَرِقْ بشُوَاظِها مَنْ أشعلوا

شعبٌ تحامتْهُ الشعوبُ، يكاد إن
حملتْه أرضٌ تحتهُ تتزلزل

مُتَفوِّقٌ في المُحْزِيَات، معوِّق
رَكْبَ الحضارة، للفساد مُسَبِّل

حَصَّادُ مالِ العالمين بكلِّ ما
يُنْدى الجبينَ، كأنما هو مِنْجَل

سلْ أرض يَثْرِبَ عن يهودِ قريظة
وبني النضير، يُجِبْك كيف استُؤْصِلوا

عرف اليهودَ محمدٌ؛ فأبادهم
ما ضَرَّ لو بمحمَّد نتمثلَّ؟

ولسوف نُسْألُ عن تراثِ مُحمدٍ
ماذا يكون جَوابُنَا إِذْ نُسْأَل؟

يا مَنْ ببيت الله طافوا سبعة
وتنسَّكوا فيه، وفيه تبتَّلوا

أعلمتموا وقد استُبيحتْ أرضُكم
أن الجهادَ من التَهَجُّد أفضل؟

قولوا لقومي: إنَّ ذؤبانَ الفلا
عبثت بهم فَعلامَ قومِيَ عجّلوا؟

اليوم قد دخل العدوُّ بلادَنا
وغدًا علينا في المخادِع يدخل

إني لأطلقُها بمكة صَرْخَةً
مشبوبةً، في المشرقين تُجَلْجلُ

حمْلُ السلاح اليوم صارَ فريضةً
والزحفُ للدين الحنيفِ مُكمِّل

من راح يبذلُ نفسَه أو مالَه
فلدينه ولعرضه ما يَبْذُل

لا كان منا مَن على أوطانه
بأعزِّ ما ملَكَتْ يداه يبخَل

لا كان منا حين يُنْتَهكُ الحِمَى
مَنْ يكتفي بدموعه ويُحَوْقِل

لا كان منا مُحْرِمٌ لا يرتدي
بملابس الميدان إذ يتحلَّل

لا كان منا مَنْ بأمٍّ أو أبٍ
أو طفلةٍ في مهدها يتعلَّل

لا كان من أبناء يعرُبَ من يَني
ويقول إنِّي عاجزٌ أو أعْزَل

مَنْ لا يُغِيرُ بمدْفع، وذخيرةٍ
تكفيه فأسٌ إذْ يُغيرُ ومِعْوَل

لا يعرف العربيُّ معنى اليأس في
خطب ولا هو في الشدائد يُعْول

إن كان يَجْمُلُ في الحروب صمودُه
فصمودُه بعد الهزيمة أجْمَل

إن مرَّ بالعربيِّ يومٌ عابِسٌ
فأمامَه: يومٌ، أغرُّ، محجَّل


محمود غنيم

الحمدان
07-18-2024, 08:31 PM
سلِ الشَّرقَ: هل صبحُهُ أسفَرَا؟
وهل ذادَ عن مقلتيه الكَرَى؟

وهل صار للشرق أُذْنٌ تعي؟
وهل صار للشرق عينٌ ترى؟

أرى في سماءِ العُروبة برقًا
إذا صحَّ ظنِّي به، أمطرَا

فعمّ الحواضرَ طوفانُهُ
وفاضَتْ شآبيبُه بالقرى

ويا رُبَّ غيثٍ يَبُلُّ الصدى
وغيثٍ، إذا ما هَمَى، دمَّرا

وكم نقمةٍ أعقبَتْ نعمةً
وكم مِعْوَلٍ هادمٍ عَمَّرَا

تنبَّهَ بعد الرُّقَاد أُناسٌ
تقلَّدَهم دهرُهم مدْبرَا

تقدّمَ كلُّ بطيءِ الخُطَا
وهُمْ وحدَهم رَجَعُوا القهقرى

تعبَّدهُم كلُّ شعبٍ ذليلٍ
وكان لهم أمسِ مُلْكُ الثَّرى

صحا الشرقُ بعد عميق السُّبَاتِ
أهابَ الأذانُ به، فانبرى

وجرّدَ للنصر إيمانَهُ
وما خاب شعبٌ به استنصرا

ولم أَرَ كالدِّين سيفًا لمنْ
أراد النضالَ، ولا مِغْفَرا

إذا سادَ في الأرض، جَبَّ الفسادَ
من الأرض، واستأصَلَ المُنكَرا

وما خاب شعبٌ بهَذِي السماءِ
قويُّ الصِّلاتِ، وثيقُ العُرَا

أوائلُكُم أيها المسلمون
بشرعةِ أحمدَ ساسوا الورى

وباسم الحنيفةِ سادوا؛ فكانَ
سواهم سُفوحًا، وكانوا الذُّرا

رأى منهم الناسُ ما لم يَرَوْ
هُ من عدلِ كسرى، ولا قيصرا

كتابكُمو أيها المسلمونَ
بمشكاتِهِ يهتدي مَنْ سَرى

به استمسك الأولون؛ فكانوا
أُسودًا، وكان حماهُمْ شَرى

فسيروا على نهجه مؤمنينَ
تَرُّوا من المجدِ ما أدبَرا

ومن تَمَّ بالله إيمانُهُ
رأى الصخْرَ في يده عِثْيَرا

إذا ما مشى فوقَ الشوك القَتاد
غدا تحته سندُسًا أخضرا

ولنْ ينفَعَ القومَ إِيمانُهُم
إذا كان إِيمانُهُم أبْتَرا

ومن خطَبَ المجدَ، شدّ الرِّحال
إليه، وخاضَ الدّمَ الأحمرَا


محمود غنيم

الحمدان
07-18-2024, 08:31 PM
عطفتَ وأنتَ ذو الحسب النبيل
على الشُّعراء في شخص الوكيل

لقد كرَّمت أصغرهم مقامًا
لتُظهر للورى قدر الفحول

جميلٌ ما أتيت به، ولكن
جميلُك ليس في شخصٍ جميل


محمود غنيم
مصر

الحمدان
07-18-2024, 09:40 PM
يا ظلام النفس رفقاً بالأولى
ظلم الدهر وقدما ظلموا

رقدوا في ساحة الهم وقد
كانت الدنيا لهم تبتسم

قد طوى الدهر سماء لمعت
لهم من قبل فيها أنجم

جفت الخمر ففي الكأس دم
وكذا الدنيا خمور فدم

نكسوا الطرف وقد لاحت لهم
صور عن سعدهم تزدحم

ندموا عما جنت أيديهم
حيث لا ينفع يوما ندم

فهمو كالليث يبكي يائسا
وحرام أن يضام الضيغم

انما الدمع لسان ناطق
يتولى قلب من لا يرحم

غير أن الدهر سيف حده
قاطع فيه القضاء المبرم

وقفت في ساحة القصر وقد
وقفت فيه قديماً تظلم

ترسل الدمع على الخد دما
والأسى في رأسها يرتطم

لا ترى في يومها السعد وقد
حجب السعد غمام مرزم

فإذا الصبح أتاها ضاحكا
هالها منه سواد أقتم

وغذا الزخر رنا مبتسما
وجدت في الزهر ناراً تضرم

تسمع الجيش يلبى ربه
ليس في الجيش أصم أبكم

كل مغوار يرى الروح فدى
لبلاد في حماها يكرم

وترى الأعداء هبوا للوغى
وعلى النصر جميعاً أقسموا

زمر ماجت كبحر مزبد
قادها من للردى يقتحم

اسد لا يرهب الموت وهل
يرهب الموت الجرىء المقدم

فكأن الأرض ميدان به
كل حي ثائر منتقم

خافت العقبى وما الخوف سوى
صارم يقطر منه الألم

هي بين النصر والأسر غدت
شبحاً قد غاب عنه الكلم

أسلمت للشك قلباً هالعاً
فهو من أظفاره لا يسلم

نادت الموت وما هابته إذ
كل عيش بالردى يختتم

كان أنطنيوس صباً مغرما
فانقضى الحب ومات المغرم

مات والآلام تستهدفه
والأسى يلهو به والتهم

مات مكلوم الحشا منتحراً
ناقماً طورا وطورا يندم

هو والخنجر في أحشائه
شبح للياس يعلوه الدم

جاءه نعى التي فارقها
حية يسعى اليها الكرم

لم تكن ماتت ولكن هالها
موتها والصب حي ينعم

أين من ضحى لها أوطانه
لم يعض القلب منه الندم

صائخا للحب لا يرعى سوى
عهده ذاك الاثيم المجرم

ان روما مستبدا ناسيا
أن ركن الحق لا ينهدم

كيف تحيا ربة الحسن وقد
مات من كانت به تعتصم

عقها الاعوان في نكبتها
مثلا للغدر يا ويحهم

ليس في الناس وفيّ صادق
فهم إن ماتت الدنيا هم

ايه كليو بطره اليوم انقضت
عنك آمال وزالت أمم

أنت في القصر خيال زائل
وهو في العين مخيف مظلم

أنت والارقم يرنو جائعاً
حية يرنو إليها أرقم

لا تظنى أن في حسنك ما
يسجد الليث له يسترحم

إن أوكتاف جرىء قادر
وله النيل ومصر مغنم

وجمال العهر ماض ذاهب
وجمال الطهر لا ينعدم

وابتداء الحي منا عدم
وختام الحي منا عدم


محمد تيمور

الحمدان
07-18-2024, 09:42 PM
أنا يا ليل أناجى
منك سلطاناً رحيم

من بنى جسر الأماني
فوق أمواج الهموم

واحتسى من كاس ودى
خمرة الخل الحميم

يطفىء النار اذا ما
هاجني الذكر الأليم

يرسل الرحمة تنفى
قسوة الشوق القديم

صادق الوعد كريم
وعلى الود مقيم

هو لي خل أمين
ولأفكاري نديم

أنا في الدنيا وحيد
ولى الناس خصوم

راقهم أن جد أمر
برق غدر لا يدوم

ورأيت الغدر نارا
ورأوا فيه النعيم

هدموا بنيان ودى
وانمحت منه الرسوم

ومليك الليل بر
هو لي أم رؤوم

هو لي خل أمين
ولأفكاري نديم

أن من أدران صحبي
طاهر القلب سليم

أجد اللذات تترى
إن دنا الليل البهيم

فأرى وحيي طروبا
بين هالات النجوم

منشداً شعرى وأني
لست أدرى ما يروم

ومليك الليل يدني
من فمى خمر النسيم

هو لي خل أمين
ولأفكاري نديم

لا أرى في الصبح إلا
كل غدار أثيم

وأرى في الليل سعدى
يحمل الخير العميم

هو في عيني نقى
ناصع صافي الأديم

وبه صحبي كثير
بعد أن كنت اليتيم

ومليك الليل يحيى
ما غدا منى رميم

هو لي خل أمين
ولأفكاري نديم

أنا يا ليل أناجي
منك سلطاناً رحيم


محمد تيمور

الحمدان
07-18-2024, 09:43 PM
قلت الفجر ونور الروض فاح
وتولى الليل من وجه الصباح

إنني يا فجر مهضوم الجناح
ليس لي فجر للعيش طماح

قد حسبت الهم كأساً فيه راح
بعد أن ألقيت في الحب السلاح

فأجاب الفجر بالحق الصراح
لا تطل شكواك من تلك الجراح

كن اليف الشجو تستجد النواح
فشقاء الناس في الحب مباح

قلت للصبح ولي الصبخ ابتسم
وفؤادي عضه ناب الألم

وعيوني في هواها لم تنم
وجرى دمعي كما تجرى الديم

إنني يا صبح صب ما اجترم
حافظ في الحب ما تقضى الذمم

فأجاب الصبح والحب حكم
كن أسيراً للذي فيك احتكم

ليس لابن الحب عندي معتصم
اذ هناء الناس في الحب حلم

قلت لليل وقد وافى الظلام
وانبرى للناس سلطان المنام

وارتدى البدر جلابيب الغيام
مثل وجه باسم خلف لئام

إنني يا ليل صب لا ينام
وحرام أنني فيك أضام

فأجاب الليل والناس نيام
لا يلام الحسن والصب يلام

ليس هجر الناس في الحب حرام
فاحتمل بلواك إن عز المرام

قلت للموت وقد ضاع الأمل
وانقضى صبري وما وافى الأجل

وعرفت الهجر قدماً والعذل
وحرمت الشهد من تلك القبل

أنت يا موت دواء للعلل
وأنا يا موت ظل منتقل

فأجاب الموت والقلب امتثل
حكم الحب فقل لي ما العمل

ليس لابن اليأس عنه مرتحل
قد غدا اليأس لذى اليأس أمل


محمد تيمور

الحمدان
07-18-2024, 09:44 PM
يلومني قومي على حبها
واللوم لا يجدى ولا ينفع

يرمونني بالضعف لكنهم
لم يجرعوا الكاس التي أجرع

وما دروا أن الهوى قاهر
قضاؤه في الناس لا يدفع

ولا رأوا أسطر هجرانها
تخطها في خدى الأدمع

ولا رأوني في ظلام الدجى
وقد نبا عن جسمي المضجع

أبث لليل هوى خالداً
والليل لا يحنو ولا يسمع

أردد الأشعار في جوفه
كطائر في سجنه يسجع

أعلل النفس بنيل المنا
والصب بالآمال لا يقنع

إني فتى لم يدر طعم الكرى
إن يهجع الموتور لا يهجع

وإن شدا البلبل في دوحه
يذوب وجداً قلبه الموجع


محمد تيمور

الحمدان
07-18-2024, 09:44 PM
حبيبتي نحن قوم لا يغيرهم
صرف الزمان فإن عاداهم صبروا

عاشوا على الضيم أحراراً غطارفة
سيان ان ملكوا الدنيا أو افتقروا

لا يأبهون لذى بطش يناوئهم
يغشى ديارهم والليل معتكر

يحمون عرضهم في كل ملحمة
ما خانهم في النزال القلب والبصر

المجد رائدهم والصدق شيمتهم
والحب عندهم يحلو به العمر

فكيف ننقض عهداً في محبتكم
وكيف نعرض عمن حبها قدر

والحب إن هاجه بعد وموجدة
فإنه النار لا تبقى ولا تذر

حبيبتي والأسى في القلب مكتمن
يغشيه دمع على الخدين ينهمر

إنى وربك لا أسلو الهوى أبداً
وكيف اسلو وما لي عنك مصطبر

إن تنكرى سهد عيني في الغرام إذا
جن الظلام فعند الانجم الخبر

إن كنت أنظم فيك الشعر مرتجلا
فذاك وحى فؤادي جاء يعتذر

اليك أرسل آياتي التي نطقت
عما تكتمه الآمال والفكر

لا تأخذيني بأقوال الوشاة ولى
قلب يحبك ما في صفوه كدر

قلب ترامت به الأشجان تسلبه
صفاءه وبه الآمال تحتضر

لو كنت أركب أهوال الحياة لكم
ففى غرام الغواني يركب الخطر

قد كان لي أمل في العيش مكتمل
أودى به الهجر والتبريح والذكر

جودى بعفو يعيد الروح في جسدي
بعد الممات فمنك العفو ينتظر


محمد تيمور

الحمدان
07-18-2024, 09:45 PM
سلام عليها لا لقاء ولا ود
ولا دمعة في العين يدفعها الوجد

يعز على نفسي الأبية أنها
ترق لمن أضحت وليس لها عهد

أظل أسير الحب أرعى عهوده
كأن الهوى سيف وقلبي له غمد

إلى أن أرى طيف الخيانة جاثماً
وراء الهوى يرنو إلى فأرتد

وأرجع مكلوم الحشى يستفزني
إلى الهجر مجد لا يعادله مجد

أكتم آلاماً اذا ما تدفقت
على الناس تغدو والقضاءلها وفد

ويسمع منى الليل صوتا اذا دو
تفزعت الموتى وجاوبها الرعد

وأغدو ولى نفس اذا رامها الهوى
تثور ولى قلب هو الحجر الصلد

وليس الهوى الا المحامد والعلى
فأوله جد وآخره جد

فان عبثت بالحب هيفاء كاعب
فليس لنا عن كتم نيرانه بد

نعيش فلا يهتاجنا الشوق والجوى
سواء لدينا القرب في الحب والبعد

تعيرني أنى نكثت عهودها
وما النكث إلا شيمة الغيد ياهند

تريدين أن أقضى بدارك ساعة
تحاربني فيها لحاظك والقد

ولكنني آليت أن لا أزورها
وإن كان فيها السعد يعقبها السعد

أما ويمين الحر والله شاهد
لقد لذ لي الشوق المبرح والصد

فلا تحسبني أني أميل مع الهوى
وأرخى عناني للدموع التي تبدو

تولى زمان كنت فيه أخا هوى
أناجي نجوم الليل والليل مسود

أكفكف من دمعي سوابقه التي
تروح أسى في صفحة الخد أو تغدو

أحمل اشواقي الرياح تلهفا
أليك فتذريها الرياح التي تعدو

كأني غريق والظلام كأنه
خضم وأنفاسي هي الجزر والمد

وكنت اذا لاقيتها بعد فرقة
تجرعت فيها اليأس ليس له حد

ألف على خصر الحبيبة ساعدى
وألمثها والخد يلمسه الخد

مضى ذلك العهد القديم وما انقضت
مطالب حب ليس يحصرها عد

ويا قلب لا تجزع فللدهر صولة
وما أنت يا قلبي جبان ولا وغد

ويا لبنى قومي وقد جد جدكم
اليكم فتى إن خانه الدهر يشتد

تألى على فعل المكارم بعد ما
تقاعس عنها يوم قامت به هند

ذروه إلى العلياء يرقى سمائها
فقد ردت الأقدار من غيب الوجد


محمد تيمور

الحمدان
07-18-2024, 09:45 PM
مال عنى ومضى
غاضباً ظبي الفضا

لم أطق حبس دموعي
يوم ولى معرضا

تارة يرضى وطو
راً التقيه مبغضا

كان لا يألف غيري
ماله قد أعرضا

لائمى واللوم حق
إنما الحب قضا

لم أجد غير حبي
بي عن حبيبي عوضا

فاحتمل يا قلب إني
لست أشكو مضضا

ليته لو كنت أذنبتُ
تناسى ما مضى

وأتاني باسماً
شيقا منتفضا

وارتمى بين ذرا
عيّ مجيباً بالرضى


محمد تيمور

الحمدان
07-18-2024, 09:46 PM
أنت كالطائر تشدو كلما
هتف التذكار بالقلب الكتوم

عبثا تبكى على العهد القديم
لا يعيد الدمع أيام النعيم

حطمت صبرك غارات النوى
ودعاك الهجر للذكر الأليم

كلما أرسلت أنات الهوى
سكنت في هجعة الليل البهيم


محمد تيمور

الحمدان
07-18-2024, 09:46 PM
ويك قلبي متى أراك صؤولا
بعد إن كنت مستكيناً عليلا

عاندتك الأقدار بعد التصافى
ورماك الهوى فصبراً جميلا

قد ضللت السبل طوعاً وما كن
ت قديماً تضل ذاك السبيلا

قد أطلت المقام في دار ذل
كيف ترضى المقام فيها طويلا

غرك الحب وهو برق كذوب
فتصبر إني وددت الرحيلا

كيف تنسى وقد خلقت أبياً
أن للمجد صولةً لن تزولا

نحن نأبى يا قلب تلك الدنايا
فكفانا في الحب قالا وقيلا

نحن قوم على العلاء فطرنا
لا تكن للعلاء ذاك المزيلا

أنث أولى بالانتصار اذا ما
جرد الحب سيفه المسلولا

ليس عاراً اذا قضيت شريفاً
إنما العار أن تعيش ذليلا


محمد تيمور

الحمدان
07-18-2024, 09:46 PM
أكان الهوى الا الدموع سوابق
على الخد والنيران بين الأضالع

وبأس وآلام ووجد ولوعة
وشوق إلى وجه الحبيب المخادع

لقد كان لي فيمن أحب مطامع
فأخمد مجدى نار تلك المطامع

ولكنني ما زلت أعيد حسنها
وأذكره إن مر سرب السواجع

تلفعت ثوب الليل والليل صامت
فما راعني هوج الرياح الزعازع

ولا هالني دمع السحاب وقد سقى
وأحيى موات الزرع سيل مدامعي

أرى أنني في الحب ارضى ملامتي
واسمع ما لا ترتضيه مسامعي

وأجزع من صرف الزمان وغدره
وما كنت تلقاء الخطوب يجازع

وأرقب في جوف الليالي نجومها
وأعجب من تلك العيون الهواجع

وما السهد يدنى من تنائى خيالها
ولا الدمع في شرع الغرام بشافع

ولا أنا أرض الوصل وهو بليتي
ولا الهجر والهجران فيه فواجعي

لعلى طفل اليأس والبؤس والشقا
ومولود هاتيك الهموم القواطع


محمد تيمور

الحمدان
07-18-2024, 09:47 PM
حياة حلوها مر
وقلب خانه الصبر

ونفس في يد الأوجاع
لان لبؤسها الصخر

حلبتُ الدهر أشطره
وفيه الخير والشر

فلم أر في الورى خلصا
يشد بمثله الأزر

وكيف يلذ لي عيش
ولي خصم هو الدهر

يفل حديد بادرتي
وليس لفعله عذر

وهل تصفو مشارعه
ويصحب غيبه اليسر

وتحت ردائه احتجبت
يد في كفها الغدر

فبين النفس من قدم
وبين طلابه وتر

أرى الأيام مظلمةً
يتيه بليلها الحر

فلا هم ولا عزم
ولا نهى ولا أمر

عواصف همة سكنت
حواها البر والبحر

أيأمل قلب مبتئس
وأيام الهوى غير

ويمشى في جوانحه
زفير رهوه جمر

يظل الليل مرتجفا
وما في قلبه ذعر

كمزؤود تروعه
ليال ما لها فجر

وأيام مضت عنا
وليس لطيها نشر

مضت عنا برونقها
وولى خلفها العمر

وهيفاء اذا خطرت
مشى في إثرها الكبر

هضيم الكشح فاتنة
كأن حديثها سحر

وألمثها وتلثمني
وفوق رؤسنا الطهر

نأت عني فلا عجب
اذا ما هاجني الذكر

وعاج خيالها سحرا
وآنس وحدتي الشعر

رمت أيدي النوى ظلما
فؤاداً غصنه تضر

ألا في ذمة الرحمن
نفس حرة بكر


محمد تيمور

الحمدان
07-18-2024, 09:47 PM
يراجع قلبى بثه كلما دنا
خيالك في ليل تغيب كواكبه

وما ارهق الطيف الزيارة بعدما
أعل فؤاداً كاد يندك جانبه

دنا غير هياب وراح محملا
من العين دمعاً لا تجف سواكبه


محمد تيمور

الحمدان
07-18-2024, 09:48 PM
تهز قلبي بعد رقدته
كالريح هزت جانب العلم

تمشي الهوينا في جوانبه
كالفجر يطرق حالك الظلم

ترمى به من نارها شررا
فتثير فيه رواقد الهمم

وسمعت منها يوم أن طرقت
قلبي رنين الهجر والسقم

فكأنها نبع يفيض بما
يحويه قلب الصب من ألم

وتعيد من ماضي ما شهدت
عيناي من بؤس ومن نعم

وتضيئه من بعد ظلمته
فكأنها تحييه من عدم

وكأنه صحراء مجدبة
ظمأى لقطر الصيب العرم

وكأنها نهر تغمدها
بالجود من سلساله الشيم

أو جنة الماضي قد انبثقت
منها لنفسي زهرة العدم


محمد تيمور

الحمدان
07-18-2024, 09:48 PM
الليل أقبل والمنام حرام
أتنام عين ماؤها الآلام

لا تستبن العين نور رجائها
والنور في عين البئيس ظلام

روح يروعها الاسى ويثيرها
نار لها بين الضلوع ضرام

اليأس رائدها وتلك مشيئة
للدهر لانقض ولا ابرام

ما العيش الا عبرة مهراقة
في طيها الأوجاع والأوهام

داء الحياة له النفوس فريسة
ودواؤه بين الورى الاحلام

والسعد برق كاذب ومزاره
لابن الحقيقة في الحياة لمام

إنا تكتمنا الحقيقة علنا
نحظى بسعد إننا أنعام

يا بؤس من لا يستقر فؤاده
يا سعد من يهديه الاستسلام

نلهو ونضحك للوجود وليتنا
نبكى الوجود لاننا أيتام

ما نحن الا كالذئاب فعيشنا
غدر وفيه تقطع الأرحام

كل امرىء يلهو بعرض صديقه
وسلاحه الاغراء والاقسام

واذا نصحت أخا فأنت عدوه
فكأنما نصح الفتى ايلام

والشر سلطان النفوس كأنه
سر الهناء وللوجود دعام

ما تلك الا خاطرات أخي أسى
نضو الفؤاد حياته أسقام

يقضى سواد الليل يرقب نجمه
والنجم ليس بصفحتيه سلام

الف الهموم فليس ممن يشتكى
للناس حربا في الفؤاد تقام

هو ذلك الطود الذي كمن الأسى
في جوفه ما دامت الايام


محمد تيمور

الحمدان
07-18-2024, 09:49 PM
منكد الحظ كثير الجلد
يخاله الرائي خيال الأبد

مسدد النظرة في قومه
مشهم المفرق عارى الجسد

لم تبكه الأشجان لكنه
مقطب الوجه حليف الكمد

قد أرسل النيل رسولا له
يبحث عن مجد قديم فقد

كتاب تاريخ قرأنا به
عن مصر أهوالا تهد الجلد

أعادت اللاهي إلى رشده
وأوقدت في القلب ناراً تقد

ويجتلى الناظر من بابه
في ظلمة الليل شعاع الرشد

ومصر لا تعرف الا به
كأنه عنوان هذا البلد

لسانه أبكم لكنما
تخاله يصرخ فيمن رقد

من نام عن نيل العلا ما ارتقى
ومن مشى في الأرض سعيا وجد

وصاحب الهمة يعلو بها
وكل كلان عدو ألد

يطوف في ارجائه صارخاً
جيش من الأرواح جم العدد

أرواح فرعون وأنصاره
من شيدوا مجدا متين العمد

أضاعه أبناؤهم بعدهم
وعز مجد ضائع لا يرد

يا ليتنا نرجع مجدا مضى
لا تعزب الحيلة عمن يجد

تدوسه الزوار من هابط
أو صاعد غر عليه صعد

قد استبدوا ونسوا مجده
كأنما القادر من يستبد

كأنه لم يكن قبر الذي
كان أخا جد بعيد الامد

حق على الزوار أن يسجدوا
يا سعد من في ظله قد سجد

يا دارس التاريخ قف خاشعا
فعمدة التاريخ هذا الأسد

يا باحثا عن مجد دهر مضى
وجدت في الأهرام ما تفتقد


محمد تيمور

الحمدان
07-18-2024, 09:49 PM
زمن الأنس تولى وانقضى
حاملا ما كان لي من أمل

مر كالسهم ووافى غيره
فشربنا الصاب بعد العسل

هيجت ذكراه قلبي مثلما
هيج الصب نواح البلبل

لم أزل أشعر بالوجد الذي
أشعلته نار تلك القبل

كل ما نهواه يمضى عاجلا
ليته يمشي بنا في مهل

كل شيء حائل عن شكله
تلك فينا سنة للأزل

سلب الدهر هنائي إنني
لفعال الدهر لم أمتثل

عقني الاخوان إذ قد جهلوا
أنني عن غيهم في شغل

أأقضي العمر أرجو ودهم
بين عذر منهم أو عذل

أنا بين الناس طير صادح
نائح في عرصات الطلل

أنا ذاك الليث لا تغضبه
وثبات الذئب وقت الكلل

إيه يا دنيا أما من ساعة
ألتقي فيها بنور الأمل

أودع التعس حياتي صحفاً
خطها من أدمعي المنهمل

أبنو الدنيا هم الأوهام أم
أنا فيهم لم أكن بالرجل

هاكم السعد بهم متصل
وبمثلى بعد لم يتصل

راحة الانسان من كد ومن
نصب يوم انقضاء الأجل


محمد تيمور

الحمدان
07-18-2024, 09:50 PM
ليلى طول ما له آخر
يعم قلبي بحره الزاخر

ومقلتي ترعى نجوم السما
ينهل منها دمعى الحائر

أأكتم الوجد الذي هاجه
منها ابتسام حسنه جائر

إن أنشدت يصغى إليها الهوى
كأنها في روضة طائر

فم هو النبع الذي يستقى
منه الهوى والشعر والخاطر

تصدنى عنها فلا أنثنى
وقد رماني لحظها الفاتر

فإن نست من عاش في حبها
عبدا فأتى للهوى ذاكر

نصيبي الهجران في حبها
ياشد ما يلقى الفتى الشاعر


محمد تيمور

الحمدان
07-18-2024, 09:50 PM
أنت أنت التي سرت في عروقي
منك يوم اللقاء خمر جمالك

نظرة منك قد أسرت بها القلب
فهانت له صعاب وصالك

نظرة منك ألقت الرعب فيه
رعب حب يقوده للمهالك

وابتسام من فيك يشرق بالسعد
لقلب صبا وعذب مقالك

ليس هذا الا طلاء تولى
مسحه للعيون طول ملالك

عرفتك القلوب بالجود لكن
لم أنل منك غير نار مطالك

ما صفا قلبك الخلى ولكن
قلبي الواله السقيم صغا لك

أنت أظهرت لي الوفاء وإني
لم أجد فيك ما يعزز ذلك

فانزعى عنك ذا القناع ليبدو
لبنى الحب ما خفى من فعالك

حاربتني منك الخيانة والغدر
لعمرى إني صريع نزالك

غير أني عقدت الوية النصر
فكأن الهجران يوم قتالك

شيمتي العفو للذي خان عهدى
وكثير من حالهم مثل حالك


محمد تيمور

الحمدان
07-18-2024, 09:51 PM
خليلي ما الهجران شيمة معشر
بنيت على آمالهم صرح آمالي

وأودعتهم سرى الذي كان قبلهم
دفيناً كأني كنت ذاك الفتى الخالي

وشاطرتهم في العيش لذته التي
تقضت كحلم مر في صفحة البال

هنا أشرب الكاس التي خالط الأسى
سلافتها بالدمع نم عن الحال

أحن إلى الأوجاع طوعاً وإنما
يحن إلى الأوجاع في الحب أمثالي


محمد تيمور

الحمدان
07-18-2024, 09:51 PM
يا ظلام النفس رفقاً بالأولى
ظلم الدهر وقدما ظلموا

رقدوا في ساحة الهم وقد
كانت الدنيا لهم تبتسم

قد طوى الدهر سماء لمعت
لهم من قبل فيها أنجم
جفت الخمر ففي الكأس دم
وكذا الدنيا خمور فدم

نكسوا الطرف وقد لاحت لهم
صور عن سعدهم تزدحم

ندموا عما جنت أيديهم
حيث لا ينفع يوما ندم

فهمو كالليث يبكي يائسا
وحرام أن يضام الضيغم

انما الدمع لسان ناطق
يتولى قلب من لا يرحم

غير أن الدهر سيف حده
قاطع فيه القضاء المبرم

وقفت في ساحة القصر وقد
وقفت فيه قديماً تظلم

ترسل الدمع على الخد دما
والأسى في رأسها يرتطم

لا ترى في يومها السعد وقد
حجب السعد غمام مرزم

فإذا الصبح أتاها ضاحكا
هالها منه سواد أقتم

وغذا الزخر رنا مبتسما
وجدت في الزهر ناراً تضرم

تسمع الجيش يلبى ربه
ليس في الجيش أصم أبكم

كل مغوار يرى الروح فدى
لبلاد في حماها يكرم

وترى الأعداء هبوا للوغى
وعلى النصر جميعاً أقسموا

زمر ماجت كبحر مزبد
قادها من للردى يقتحم

اسد لا يرهب الموت وهل
يرهب الموت الجرىء المقدم

فكأن الأرض ميدان به
كل حي ثائر منتقم

خافت العقبى وما الخوف سوى
صارم يقطر منه الألم

هي بين النصر والأسر غدت
شبحاً قد غاب عنه الكلم

أسلمت للشك قلباً هالعاً
فهو من أظفاره لا يسلم

نادت الموت وما هابته إذ
كل عيش بالردى يختتم

كان أنطنيوس صباً مغرم
فانقضى الحب ومات المغرم

مات والآلام تستهدفه
والأسى يلهو به والتهم

مات مكلوم الحشا منتحراً
ناقماً طورا وطورا يندم

هو والخنجر في أحشائه
شبح للياس يعلوه الدم

جاءه نعى التي فارقها
حية يسعى اليها الكرم

لم تكن ماتت ولكن هالها
موتها والصب حي ينعم

أين من ضحى لها أوطانه
لم يعض القلب منه الندم

صائخا للحب لا يرعى سوى
عهده ذاك الاثيم المجرم

ان روما مستبدا ناسيا
أن ركن الحق لا ينهدم

كيف تحيا ربة الحسن وقد
مات من كانت به تعتصم

عقها الاعوان في نكبتها
مثلا للغدر يا ويحهم

ليس في الناس وفيّ صادق
فهم إن ماتت الدنيا هم

ايه كليو بطره اليوم انقضت
عنك آمال وزالت أمم

أنت في القصر خيال زائل
وهو في العين مخيف مظلم

أنت والارقم يرنو جائعاً
حية يرنو إليها أرقم

لا تظنى أن في حسنك ما
يسجد الليث له يسترحم

إن أوكتاف جرىء قادر
وله النيل ومصر مغنم

وجمال العهر ماض ذاهب
وجمال الطهر لا ينعدم

وابتداء الحي منا عدم
وختام الحي منا عدم


محمد تيمور
مصر

الحمدان
07-18-2024, 10:53 PM
لَم يَذوقوا الماءَ حَتّى اِجتَمَعوا
بِحِدى السَيفِ عَلى وِردِ الرَدى

تَكسِفُ الشَمسُ شُموساً مِنهُمُ
لا تُدانيها ضِياءً وَعُلى

وَتَنوشُ الوَحشُ مِن أَجسادِهِم
أَرجُلَ السَبقِ وَأَيمانَ النَدى

الشَريف الرضي

الحمدان
07-18-2024, 10:57 PM
مَن يُقنعِ الشمسَ إنَّا هدَّنا الليلُ
وأنَّ رأسَ المَدى يَا إخوتي ذَيلُ

وأنَّ هَذا الصَّدى المحموم أُغنيةٌ
بكماءُ تركضُ في موالِها الخَيلُ

وأنَّ أشجارَنا لَمْ تنتعشْ جَذلاً
وأنَّ كِثبانَنا لمْ يروِها سَيلُ

لَولاَ القصيدةُ لمْ نلقَ لنَا وطناً
شُكراً لها إنَّهَا النّعاعُ والهَيلُ

أديب بادي

الحمدان
07-18-2024, 11:13 PM
إلى البيت العتيق أسير يوما
وفي قلبي مواجع قد تزولُ

أقول وقد بكتْ عينيَّ لمّا
رأيت الركب قد ساروا أفولُ

خذوني للديار فشوق قلبي
عظيمٌ قد تطير له العقولُ

......

الحمدان
07-18-2024, 11:14 PM
وإذا التقينا والعيونُ روامقٌ
صمَت اللِّسانُ وطرفُها يتكلَّمُ

تشكو فأفهَمُ ما تقولُ بطرفِها
ويردُّ طرفي مثلَ ذاكَ فتفهمُ

......

الحمدان
07-18-2024, 11:16 PM
صَحِبْتُ بَنِي الدُّنْيا طَوِيلاً فَلَم أَجِدْ
خَلِيلاً فَهَلْ مِنْ صَاحِبٍ أَسْتَجِدُّهُ

فَأَكْثَرُ مَنْ لاقَيْتُ لَمْ يَصْفُ قَلْبُهُ
وَأَصْدَقُ مَنْ وَالَيْتُ لَمْ يُغْنِ وُدُّهُ

أُطَالِبُ أَيَّامِي بِما لَيْسَ عِنْدَها
وَمَنْ طَلَبَ الْمَعْدُومَ أَعْيَاهُ وجْدُهُ

......

الحمدان
07-18-2024, 11:17 PM
كَمَالُ الْكُلِّ فِي بَعْضِي يَذُوبُ
وَكُلُّ الْحُسْنِ فِي وَجْهِي نُدُوبُ

أَنَا الْمَصْبُوبُ مِنْ حُسْنِ الْغَوَانِي
وَمَنْسُوجٌ عَلَى صُوفِي مُنِيبُ

يَسِيلُ النُّورُ مِنْ عَيْنِي سُطُوعًا
وَلِي فِي الْكَفِّ طَلْعٌ مُسْتَجِيبُ

وَلِي قَلْبٌ كَقَلْبِ النَّاسِ يَظْمَا
وَلَكِنْ بَسْمَتِي بِئْرٌّ صَبِيبُ

......

الحمدان
07-18-2024, 11:18 PM
‏حظيت يا عُود الأراك بثغرِها
‏أما كدت يا عٌود الأراك أراك

‏فلو كنت أهلًا للقتال قاتلتك
‏وما فاز منها يا سواك سواك

......

الحمدان
07-18-2024, 11:20 PM
مَا هَمَّنِي قَوْلُ القُلَاةِ الشَّانِئِي
قَدْرِي إِذَا مَا كُنْتُ أُحْسِنُ فِعْلَا

وَ هَلِ الشُّمُوسُ السَّاطِعَاتُ يَضُرُّهَا
رَأْيُ الْعِبَادِ وَ فَوْقَهُمْ تَتَجَلَّى

إِنَّ الْجَرِيءَ إِذَا أَرَادَ تَفَرُّدًا
يُدْلِي دِلَاءً حَيْثُمَا لَا يُدْلَ

......

الحمدان
07-18-2024, 11:21 PM
‏أنا قد تعِبتُ وفي وصالك راحتي
هلّا حنوتَ فخاطري مُشتاقُ

أتهونُ عندك لَوعةٌ ومَواجعٌ
ومَدامعٌ عندَ الحنينِ تُراقُ

حاشاك ترضى أن تراني تائِهًا
أشكو البِعادَ وعندك الترياق

فأعطف على روحٍ بكتْك توجُّعًا
وأتى عليها الحُزنُ والإرهاقُ

......

الحمدان
07-18-2024, 11:22 PM
حُزْنٌ بَرَانِي وَأَشْوَاقٌ رَعَتْ كَبِدِي
يَا وَيْحَ نَفْسِيَ مِنْ حُزْنٍ وَأَشْوَاقِ

أُكَلِّفُ النَّفْسَ صَبْرَاً وَهْيَ جَازِعَةٌ
وَالصَّبْرُ فِي الحُبِّ أَعْيَا كُلَّ مُشْتَاقِ

......

الحمدان
07-19-2024, 02:32 PM
على الرُّغْمِ بُدِّلتُ من رُغمِ لاحي
ومِن نُزَهي في الوجوهِ الصبَّاحِ

وشُربي المُدامةَ ممزوجةً
مُحرَّمُها بالحَلالِ المُباحِ

ومُخْطَفَةِ القَدِّ مُهتزَّةٍ
تباكُرني قبلَ حَيْنِ الصبَّاحِ

فتُسفِرُ عن مثلِ وَردِ الربيعِ
وتَبسِمُ عن مثل نَوْرِ الأَقاحي

بيومٍ يَجُدُّ به الدارعونَ
فلا يعرفونَ سبيلَ المِزاحِ

تَرُشُّ به السُّمْرُ طَعناً تَرى
مواقفَنا منه حُمرَ النَّواحي

ويخطِرُ في هَبْوَتَيْهِ الكَميُّ
بقَلْبٍ جرئء ووجهٍ وَقاحِ

وسابغةٍ مثلِ سَرْدِ الشُّجاعِ
أوِ الماءِ عندَ هبوبِ الرِّياحِ

وأبيضَ يلمَعُ في مَتنِهِ
إذا ضَلَّ بَرقُ الحِمامِ المُتاحِ

فمَنْ راحَ يُسخِطُ عُذَّالَه
ويُرضي الهَوى بينَ عُودٍ وراحِ

فإني عَدِمتُ تَثنَّي القُدودِ
وبُدِّلْتُ منه بَثْنيِ الرِّماحِ

وكنتُ أَشيمُ بروقَ الثُّغورِ
فصِرتُ أشيمُ بروقَ الصِّفاحِ

وما إن سَمِعتُ غِناءَ الحدي
دِ إلاّ ذكرتُ غِناءَ الوِشاحِ

فليتَ ضجيعيَ ليلَ التَّما
مِ يَعلمُ أني ضجيعُ السِّلاحِ

أراعي المنيَّةَ عندَ الغُدُوِّ
وأنتظرُ الحَتْفَ عندَ الرَّواحِ

ولو أنَّ لي حيلةً في الفِرارِ
فررتُ وهانَ عليَّ افتضاحي

متى أطإِ الأرضَ مُبيضَّةً
جوانبُها أو أرى الجوِّ صاحي

فأُلِبسُ خيلَ الوغَى راحةً
وأُتعِبُ في اللَّهوِ خيلَ المِراحِ

عَسى القُربُ يُطفئُ من لوعتي
ويُنْقِصُ من غُلَّتي والتياحي


السري الرفاء

الحمدان
07-19-2024, 02:33 PM
سأحتجُّ للمِلحيِّ أَقْوَمَ حُجَّةٍ
وإن كانَ شِعْري من ظُباهُ جَريحا

يقولونَ قُفْصيٌّ عَسا بَظرُ أمِّهِ
وسالَمَه المُوسى فراحَ صَحيحا

وما ضَرَّه أن صافحَ البَظْرْ وَجْهَهُ
إذا كان مختونَ اللسانِ فَصيحا


السري الرفاء

الحمدان
07-19-2024, 02:33 PM
قلْ للأميرِ الذي علا فغَدا
مُرتدياً بالعُلى ومتَّشِحا

فتحْتَ بابَ العُلى ومثلُك لا
يُغْلِقُ بابَ النَّدى الذي فَتحا

حاشاكَ أن تَعدَمَ السَّماحَ وأن
يَخيبَ راجيكَ بعدَ ما نَجَحا

وأن يقولَ العذولُ مُبتهجاً
أفاقَ من نَشوةِ النَّدى فصَحا

نَشدتُكَ اللهَ والذين غدا
فضلُهُمُ في الكتابِ مُتَّضِحا

لا تَقطَعَنْ عادتي التي سَلَفَت
ولا تَرُدَّنَّ سَرحتي بَرَحا


السري الرفاء

الحمدان
07-19-2024, 02:34 PM
لَمحةُ البارقِ من حيثُ لَمحْ
طَمَحَتْ للشَّوقِ وَهْناً فطَمَحْ

أَذكَرَتْنا الجِيرَةَ الغادين من
برقةِ الأبرقِ والرَّكْبَ الرَّوَحْ

والخيامَ المُسْتَقِلاَّتِ ضُحىً
بِظِباءٍ نزَحَتْ فيمن نزَح

وتَرى الكارين مَغبوقاً به
رَوَقُ الغيثِ به أو مُصطَبَح

وقُرى دِجلةَ تَطفو فوقَه
واضحاتِ النَّهْجِ ما فيه وضَح

كل خَفَّاقِ الجَناحين إذا
فارَقَته غَمْرةُ الماءِ جَنَح

والرُّبا من شاطئِ النَّهرِ إذا
سَرَبَ الماءُ عليه وسَرَح

واختيالُ الرَّوضِ في وَشْيِ الحَيا
واعتراضُ الجوِّ في قَوسِ قُزَح

وَطَنُ اللَّهوِ فَمن مجروحةٍ
دمعُها الرّاحُ ودمعٌ مُجتَرَح

يُسلِمُ الدمعَ عليه نازحٌ
لو رآه أسلمَ الدمعَ قُزَح

حَبَّذا أحناؤه لا المُنحَنى
وذُرى الطَّلْحِ به لا مُطَّلَح

حيثُ تُرْبُ الأرضِ مِسكٌ راقدٌ
فإذا نبَّهه القَطْرُ نفَح

ومَقالُ الشَّرْبِ للساقي أدِرْ
فَلَكَ الرّاح وللطاهي برَح

يا ابْنَ فَهْدٍ أنتَ لي جارٌ إذا
حادثٌ أعضلَ أو خَطْبٌ فَدَح

كلُّ قولي لكَ ما هذا ندىً
حين قولي لأُناسٍ ما أشحّ

أَربَي أن أجلُبَ الحمدَ إلى
يَعرُبيّ الفخْرِ أو أُهدي المِدَح

وَهَبَ المجدُ له أوضاحَه
فارتداهُنَّ وللنَّاسِ التَّرَح

بات يجري والحيا في طَلَقٍ
كلَّما كلَّ مُجاريه جَمَح

هِمَّةٌ إن شامَها غاضَتْ به
هِمَّةٌ إن رامَها لاحٍ ألحّ

أصلحَ اللهُ لكَ الدَّهرَ فقد
أصلحَتْ يُمناك دهري فصَلُح

هو عَيشٌ عادَ في صِحَّتِه
وهلالٌ عادَ للسُّقْمِ شَبَح

وصَيامٌ أزعجَت بارحَه
سانحاتٌ الفِطرِ من حيثُ سَنَح

ورياضٌ تُجتَلى في طَرَفٍ
نظمَ القَطْرُ حِلاها ومَلُح

فإذا مرَّ بها مُرتَجِزٌ
عاد فيها هَزِجَ الصَّوتِ أبَحٌ

وإذا ما ابتسم البرق لها
جد صوب المزن فيها ومزح

فالبَسِ البُردَ الذي منه ضَفا
وادخلِ البابَ الذي منه انفَتح

واقتدِحْ نارَ سرورٍ زَنْدُها
حينَ يخبو وجهُ ساقٍ وقَدَح

بينَ أوتارٍ إذا ما اسُتنطِقَتْ
نُثِرَ العُنَّابُ فيه والبلَح

وإذا ازدَدْتَ لشيء فَرَحاً
فليَزِد شانيكَ هَمّاً وترَح


السري الرفاء

الحمدان
07-19-2024, 02:34 PM
رأيتُ الناسَ ذا جُودٍ ومَنْعٍ
فذا يُثَنى عليه وذاك يُهجَى

وفَقْدُ الثلجِ في إبَّانِ قَيْظٍ
تَذُوبُ له الصخورُ الصُّمُّ وَهْجا

فجُدْ بالقوتِ منه تَحُزْ ثَناءً
أراكَ بفضلِه أولى وأَحْجَى

ولا تتعَجَّبَنْ مِنْ بَرْدِ شِعري
فإني طالبٌ بالثَّلجِ ثَلْجَا


السري الرفاء

الحمدان
07-19-2024, 02:35 PM
أَمُقدِمٌ يا أبا المِقدامِ أنتَ على
شِعري وتاركُهُ أسلابَ غاراتِ

إني خلعتُ إليه العذرَ مُنسلِخاً
من الحِجَا سابحاً في بحرِ غاراتِ

وكيف شنَّ أبو الغاراتِ غارتَه
عليَّ مُقتحماً بالخيل ساحاتي

إن المجانينَ لا تُلحَى إذا اجتَرَمَتْ
ولا تُلامُ على إتيانِ سَوءاتِ

ما كنتُ أَحْذَرُ غاراتِ النبيطِ ولا
أخاف عَضَّ كلابٍ مُستكيناتِ

يا مُدَّعي الشِّعْرِ كُنْ منه على وَجَلٍ
فقد مُنِيتَ بشيطانٍ له عاتي

ذَلَلْتَ ذِلَّةَ ذي جهلٍ وقد كُثرَتْ
في أخدعَيكَ وفي اليافوخِ ذِلاّتي

صَفْعٌ أخذتَ به شِعْري بِرُمَّتِه
فنِلْتَ ثأرَكَ ثم ازددْتَ ثاراتِ

وهَبْكَ حاولتَ مَدحاً تستميحُ به
فلِمْ جَريتَ على تلك المَلاماتِ


السري الرفاء

الحمدان
07-19-2024, 02:35 PM
تصابى فأضحى بعد سلوتِه صبَّاً
وعاودَ عمروٌ طوْقَه بعدَ ما شَبَّا

ومرَّ به رَطْبُ البَنانِ كأنه
يُميِّلُ من أعطافِه غُصُناً رَطْبا

نَشْرتُ له صَدْرَ العِتابِ فقال لي
ظَفِرْتَ بنا فاطوِ العِتابَ لك العُتبى

ولا وصْلَ إلا أن تَبيتَ أكُفُّنا
ركائبَ تُزْجي من مُدامتِنا رَكْبا

فجدِّدْ بها عهدَ التَّواصُلِ بينَنا
وداوِ بها شَوقاً ونَفِّسْ بها كَرْبا

وكنْ يا ابْنَ فَهْدٍ في الفُتوَّةِ عاذري
فما زِلتَ خِدْناً للفُتوَّةِ أو تِربَا

ولا تَجعَلِ الذَّنْبَ العظيمَ خيانةً
فليسَ مليحُ الذَّنبِ مُقترِفاً ذَنْبا


السري الرفاء

الحمدان
07-19-2024, 02:36 PM
يُحيِّي اشتياقاً بعضُنا بك بعضَنا
إذا قَبَّلَ الكاسَ الرَّويَّةَ شاربُ

وعندي لك الرَّيحانُ زِينَ بَساطُه
بِزَهْرٍ كما زانَتْ سماءً كواكبُ

وذيْلٌ كما انجرَّتْ ذُيولُ غَلائلٍ
مُصَنْدَلَةٍ تختالُ فيها الكواعبُ

سقاه دموعَ الوَردِ ساقٍ أسالَه
وشابَ له الكافورَ بالمِسكِ شائبُ

وقد أُطلِقَت فيه الشمائلُ وانثنَتْ
مقيّدةً في جانَبِيْهِ الجَنائبُ

وحافظةٌ ماءَ الحياةِ لِفتيةٍ
حياتُهمُ أن تُسْتَلَذَّ المَشارِبُ

يسربُلها أجفى اللِّباسِ وإنما
يَليقُ بها أفوافُه والسَّبائبُ

على جَسَدٍ مثلِ الزَّبَرْجَدِ لم يَزَلْ
يُشاكِلُه في لَونِهِ ويٌناسِبُ

إذا اسُتودِعَتْ حُرَّ اللُّجَينِ سبائكاً
يُصوَّبُ من أجسامِها وهو ذائبُ


السري الرفاء