المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هنا الشعر الفصيح ومايتعلق به


الصفحات : 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 [34] 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 100 101 102 103 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 114 115 116 117 118 119 120 121 122 123 124 125 126 127 128 129 130 131 132 133 134 135 136 137 138 139 140 141 142 143 144 145 146 147 148 149 150 151 152 153 154 155

الحمدان
07-12-2024, 02:58 PM
إن تكن قد خلقت للتيه أهلاً
فأنا قد خلقت للصبر أهلا

أمتثلت الهوى فلا أتشكى
فيه ظلماً ولا أحاول عدلا

كن كما شئت خائناً أو وفياً
وإذا خنت كان ذلك فضلاً

أنت أولى بالعز في الحب مني
وأنا فيه بالتضرع أولى

كذب العاشق الذي ليس يفنى
قلبه لوعة ولا هو يبلى

ليس في هذه الخلائق شيء
منك أجلى في ناظري وأحلى

لك عندي عقدان دمعي وشعري
فتخير والدمع لا ريب أغلى

كدت أدعو الجمال ظلك في
الارض ولكن لا يطبع النور ظلا


ولي الدين يكن

الحمدان
07-12-2024, 02:58 PM
ركب الفراق متى يكون المرجع
هذا الوداع فمن يطيق يودع

صبّان قد بلغ الهوى بهما المدى
لا الردع عاقهما ولا من يردع

وقفا بموقف جازع لو شامه
صرف الزمان لكان منه يجزع

يتعللان سويعة يدوي بها
صوت العناصر والطبيعة تسمع

لما تباسطت الفدافد في السرى
للذراعين وسار ركب يذرع

نزعوا بقلب قد تشبث بالأسى
وجفا السلو فليتهم لم ينزعوا

ما زلت أنقع غلتي من بعدهم
بصبا الحمى واذا بها لا تنفع

ما هذه العير التي في أثرهم
سارت أآلت حلفة لاتقلع

هم أودعوا القلب الكريم محبة
كرمت فليس يضيع ما هم أودعوا

هيهات ما راجي الغواية نائل
إرباً ولا داعي الغواية مسمع

عهدي بذاك الروض وهو مكلل
حسنا وذاك الجو وهو مرصع

ما للسواجع في الاراكة مالها
دأب لها يوم التفرق تسجع

قد أدمعت هذي الجفون بنوحها
وجفونها جفت فليست تدمع

والله لولا أن يؤاخذني العلا
ويقول قوم بالجآذر مولع

لرميت ثغرة بينها ببوادر
وربعت حيث لها يطيب المربع

اليوم يقطع كل حبل بيننا
بيد الفراق وعزماً قد يقطع


ولي الدين يكن

الحمدان
07-12-2024, 02:59 PM
أنت يا أيها الكتاب أميني
غير أني أخاف حتى الأمينا

صنت سري في الحب عنك وعني
فاسترحنا وبات سري مصونا

كلما ضاقت القلوب بسر
فجرت منه في العيون عيونا

وصدور الأوراق أهون كشفاً
لمريد أن يستبين شؤونا

ليس في دولة المحاسن قلب
عالم بي إلا يظن الظنون

اومحال في سنة الدهر أن يمنع
أمراً قد كان من أن يكونا

رب سر أودعته في قلوب
كزجاج الأقداح منها استبينا

قد طويت الكتاب عن أعين الخلق
وأبقيت لي أنا المضمونا


ولي الدين يكن

الحمدان
07-12-2024, 02:59 PM
ليالي أبلى من همومي وجددي
لك الأمر لا تقوى على رده يدي

فما أرتجي والأربعون تصرمت
ولا عيش إلا ينتهي حيث يبتدي

سكت سكوتاً لا يريك امتداده
فلا خاطري باق ولا الشعر مسعدي

ولا فيّ من روح الشباب بقية
ولست بمشتاق ولست بموجد

حزنت على الماضي ضلالاً ومن يعش
كما عشت لم يحزن ولم يتجلد

ومالي منه خاطر غير أنني
عدلت فلم أفتك ولم أتعبد

سقى الله دارات القرافة ديمة
ترق على قوم هنالك هجد

تعود كل بؤسها ونعيمها
وعشنا على بؤس ولم نتعود

أحن إلى تلك المراقد في الثرى
ولو أستطيع اليوم لاخترت مرقدي

فأنزلت جسمي منزلاً لا يمله
يكون بعيداً عن أعاد وحسد

وما يتمنى الحر في ظل عيشة
تمر لأحرار وتحلو لأعبد

لقد اتعبتني والمتاعب جمة
ميسرة يومي بين أمسي والغد

ألماً يئن أن يستريح مجاهد
ألماً يئن أن يبلغ المنهل الصدى

تزهدت في وصل المعالي جميعها
ومن يطلبها كأطلابي يزهد

وبت تساوت في فؤادي مناهج
تؤدي لخفض أو تؤدي لسؤدد

وأني في بيت صغير مهدم
كأني في قصر كبير مشيد

عفا الله عن قوم أتاني غدرهم
فرب مسيء لم يسء عن تعمد

وكم من نفوس يستطيل ضلالها
ولكم متى ما تبصر النور تهتد

نزعت من الآمال باليأس عائداً
فإن تدنني منها اللبانات أبعد

فلا ترتعي مني بقلب معذب
ولا تنجلي مني لطرف مسهد

فيا ريح إن يعصف بي الشجو سكني
ويا غيث إن يضرمني الوجد أخمد

ويا ساكنات الطير في دولة الدجى
أرى أن دعاك الصبح أن لا تغردي

لدي شكايات وأنت شجية
فإن تستطيبها لشجوك أنشدي

ولا تحسبي التقليد يذهب حسنها
فكم حسنات قد أتت من مقلد

تركت الغنى لا عاجزاً عن طلابه
وأنزلت نفسي من منازل محتدي

وهذي بحمد الله مني براءة
فيا أفق سجلها ويا أنجم أشهدي


ولي الدين يكن

الحمدان
07-12-2024, 03:00 PM
يا رياضياً جنيت منها فنوني
صدق الله فيك كل ظنوني

قد تزودت منك خيراً كثيراً
وهو ذخر إن صنته يغنيني

لست أدري غدي ولكن سيأتي
وغدي إن جهلته يدريني

تتراءى في أفقه آمال
ساطعات ضياؤها يعشيني

حسنت منظراً وزادت عديداً
وقليل من بينها يكفيني

حين أضحى في البيت أول يوم
ليس عندي من واجب يسليني

وتمر الساعات بي مسرعات
ولقدج كان جريها يلهيني

ويطل الصباح والناس غرقى
في كراها والكون تحت السكون

فسلام على غدي في سناه
قد تبينت فيه وجه الأمين

إن تكن جئت بالتجارب إني
في أنتظار لها بعزم متين

هذه همتي وهذا يراعي
فافتح اليوم يا كتاب شؤوني


ولي الدين يكن

الحمدان
07-12-2024, 03:01 PM
إن كان هذا الحلم غركمو
فلتنظرن من بعده جللا

لن يستطيل الدهر نومته
عنكم ولكن يؤثر المهلا

عيثوا فساداً إنه أمد
يمتد غير مجاوز أجلا


ولي الدين يكن

الحمدان
07-12-2024, 03:02 PM
طاب روضي وأثمرت أشجاري
فأعيدي الغناء يا أطياري

يا بنات الربيع جددن شجوي
وأعنّ الصبا على أوطاري

مصر أرضي والنيل نهري وهذا القصر
داري وكل قصر داري

أنا شمس في مشرق الحسن والملك
وللعاشقين نوري وناري

أتهادى بين الغصون فتنآد
وتغضي نواظر الأزهار

والنسيم العليل في الرضو يستش
في بلثم الثرى على آثاري

مستمداً منه شذاً معطاراً
نافخاً فيه من شذاً معطار

وأكف الأوراق تنثر لي الدرم
فأمشي على غوالي النثار

وتظل السماء تحسد وجه الأرض
أني سحبت فضل إزاري

فهي ترنو بأعين الليل حسري
وهي تبكي بأدمع الأسحار

إيه يا صبح هل أتيت بخير
طال رعبي من سيء الأخبار

أترى أنت رائعي بعد أمن
ومديلي من عزة لصغار

إن الليل من غلائه السود
لستراً من أحكم الأستار

ومحياك في تباشيره الغرم
مذيع غوامض الأسرار

هدأت شرة الشبيبة واللي
ل وقد عاد حين عدت وقاري

أكذا ينقضي مع الصفو ليلي
ومع الهم يستجد نهاري

إن عمراً مقسماً بين ملك
وغرام لأتعب الأعمار

لي في دولة القلوب احتكام
هو في نجوة من الأوزار

علقت بي رغم الحوادث والده
ر وذاقت انسي وذاقت نفاري

تتلظى ولو أشاء لذابت
غير أني حبست عنها أواري

كره الناس لي الفناء فأبقوا
شبهي في هياكل من نضار

وأبوا أن تكون أشكال حسني
مثلت في الصخور والأحجار

أكرموني في حاضري وأحبوا
لي بقاء التكريم في الأدهار

ونزيل القبور مهما يكرم
في احتقار والقبر دار احتقار

عجباً قرت الرعية في أمني
ولكن ما قر فيه قراري

وأفاد الملوك في دول الأرض
اقتداري ولم يفدني اقتداري

وفككت الإسار عن كل عان
ثم أصبحت لا يفك إساري

ما لهذا الصبا يزيد جماحاً
وقصارى الصبا إلى أقصار

أبداً أجتلي الصفاء إذا استج
لت عيوني صفاء هذي البراري

ولقد أنظر البحار فأزداد
أضطراباً من اضطراب البحار

هائجات في لجها مائجات
كالتحام الأقدار بالأقدار

تضرب الشط ثم ترتد عنه
كارتداد الخميس دون الحصار

وكأن الفضاء مرآة نفسي
وكأني أرى به أفكاري

كم مقام هناك تطلبه النفس
أشتياقاً وكم شفير هاري

مع جد مسيره لارتفاع
وشباب مصيره لانحدار

ليت شعري ماذا أعد لي الدهر
من الويل بين هذي الصواري

تتراءى مثل الردينية السمر
تثنى في جحفل جرار

ساريات بين الشبيهين من
أفق وماء لم تكتحل بغبار

مشرقات النجوم في دول الأفلاك
ماذا يثنيك دون السرار

قد هوى من سمائه القمر الطالع
هذي قيامة الأقمار

ملأ الكون حين أسفر واستعلى
وكان المحاق في الأسفار

وكذا النيرات تبدو وتخفى
كالحباب الطافي بكأس العقار

لهف نفسي على حياء وفيّ
بزها طائعاً لرعي ذماري

في حشاء نار من الوجد ليست
من وقود جزل وزند واري

رام إطفاءها فلم يلق ما
يطفئها غير سيفه البتار

فجرى النصل في الحشاشة جري
السيل دراً في دافع التيار

يا قلوب العشاق مالك حيرى
المنايا كثيرة فاختاري

بلغوا الغاشم الذي رام حربي
فتخطى دياره لدياري

أنا لا استطيب ملكاً بذل
أنا لا أستلذ عيشاً بعار

ولئن غالني بلا أنصار
فسألقى الردى بلا أنصار

سلبته سوالب الحب خدناً
لا بذى خدعة ولا غدار

حث أسطوله وأقبل يسعى
في جبال على جبال جواري

وتراءت أنوار ملكي لعينيه
فلم تبصرا من الأنوار

حسن اسكندرية المتبدي
ناب عن حسن رومة المتواري

وإذا أسهم بغير انتظار
وإذا غارة بلا إنذار

كان جبار معشر فتولى
اللحظ إذلال ذلك الجبار

نبذ الصولجان والصارم العضب
هياماً بدملج وسوار

يبتغي ما ابتغاه صاحبه أمس
وهيهات وصمة التكرار

يضمر الحب ثم يبدي صدوداً
رب سر يذاع بالأضمار

أيها الدهر كم تطيف عليّ الكأس
جاوزت غاية الإسكار

هيئي يا أماه مجلس أنسي
وأعدي الصبوح لي يا جواري

ولتقم هذه القيان وتشدو
مطربات ضرباً على القيثار

فعسى نغمة تروح روحي
إن روحي ترتاح للأوتار

ليقم بين اكؤس الراح عرشي
ثابتاً أسه رفيع المنار

حاملاً فوقه رواء شباب
طيب المجتنى وغض البهار

ولتضيء في ظلام نفسي نجوم
مشرقات من الحباب الصغار

كلآل على السموط تبدت
أو دموع على خدود العذاري

هان عندي أن أخلع الهم والتاج
جميعاً إذا خلعت عذاري

أضجرتني سياسة الناس حيناً
ولئن دام دام لي اضجاري

والذي هامت البرية فيه
زخرف من تصلف وفخار

أيها التاج ما لبستك إلا
وبرأسي بقية من خمار

فوداعاً يا مجلساً كنت شمساً
أتجلى فيه على الحضار

قد سلا كل من أحب بحبي
وتلهى عن جاره بجواري

وانتهت دولة الشباب كأن لم
تك كانت لم تبق من تذكار

وفراق الأحباب إن صدق الحب
م سبيل لمنزل الأنتحار

فزت يا قيصر ولكن بماذا
لا بدار نعمت أو ديار


ولي الدين يكن

الحمدان
07-12-2024, 03:04 PM
كلما هب من فروق نسيم
الهب الشوق في الحشا الهابا

لو يفيد العتاب في الحظ شيئاً
كنت أوسعته عليك عتاباً

نحن في بلدة عديمة صحو
لا نرى في السماء إلا سحابا

استسرت نجومها في دجاها
وأخوك الهلاك في الأفق غابا

ما بها روضة ولا عندليب
غير أنّا بها سمعنا الغرابا

تتهادى على الوحول ونأوي
لبيوت تخالهن قبابا

لا نرى في الشتاء إلا صقيعاً
لا نرى في الربيع إلا ترابا

لهف نفسي على ليالٍ تقضت
رق فيها عهد الصفاء وطابا

أسفرت عن صباح بُعد طويل
لست أدري متى يكون اقترابا

يا أخا الود ما يصدك عنا
وبنا نائب من الدهر نابا

إن تكن جفوة فرأيك أعلى
أن نجافي على البعاد الصحابا

أدكرني وليس مثلك ينسى
حين تتلو هناك هذا الكتابا


ولي الدين يكن

الحمدان
07-12-2024, 03:04 PM
يا ليالي ماذا نرى يا ليالي
خير حال أريت أم شر حال

أكذا يصبح الموالي عبيداً
أكذا يحكم العبيد الموالي

لا أمان فننتهي بالأماني
لا نوال فنكتفي بالنوال

حكمة قد أردتها رب فينا
فامتثلنا والخير في الأمتثال

إن هذا الجيل الأخير لجيل
جاء عاراً لسائر الأجيال


ولي الدين يكن

الحمدان
07-12-2024, 03:05 PM
أبداً ترامي غيرها وترادي
أكذا أعادي الأكرمين تعادي

باتت بليل لا يرجى صبحه
والحق أبلج والأمور بواد

ثقلت عليها الفادحات فأصبحت
ذلل الكواهل رخوة الأعضاد

يا سنة قدح الحمام زنادها
من أي كف أم بأي زناد

لما أصبت فؤاد بطرس فادمى
ظلماً أصبت بمصر كل فؤاد

ألبستها من بعد فقد حبيبها
ثوب الحداد وأي ثوب حداد

مجد تجلله الضريح بليله
هذا بياض راح تحت سواد

لله أي دم أراق مغرر
رابي الضغائن كامن الأحقاد

أروى صوادي أنفس سبعية
تلك النفوس إلى الدماء صواد

تحيا على الأفساد في أشباحها
وتموت حين تموت بالافساد

تأوي إلى الأجساد لا لمساءة
وتسيء حين تحل في الأجساد

سكن الهوى فيها فليس يهيجه
إن ناح باك أو ترنم شاد


ولي الدين يكن

الحمدان
07-12-2024, 03:05 PM
يا وطني حييت من موطن
تحيتي إليه سكب الدموعْ

أسرّ لي من نيل ما اشتهي
أن يقسم الدهر إليك الرجوعْ

أقسمت لو تفتحت وردة
فيك غدا عندي شذاها يضوع

تطلع أقمارك في أوجها
يا ليت عندي كان ذاك الطلوع

خذ من ضلوعي ما يشاء الهوى
أولا فخذ إن شئت معهُ الضلوع

شوق جوى وجد ضنى حسرةٌ
شجوٌ حنين خفقان ولوع

فيك ربوع أهّلت بالصبا
يا ليت شعري كيف تلك الربوع

نزعت عنك كارهاً فرقة
لكن أراد الله هذا النزوع


ولي الدين يكن
مصر

الحمدان
07-12-2024, 03:07 PM
أتى العيد نازلى ولم نلتق
وغامت سمائى فلم تشرق

أتى العيد يطرق بابى فما
أجاب سوى دمعى المهرق

أعيد وأنت بعيد هناك
تقيمين تحت الثرى المطبق

لقد كنت ظلا أفىء إليه
وأهرب من يومى المرهق

وقد كنت قلبا كبير المنى
لغير المحبة لم يخلق

وكنت قصيدا جديد الرؤى
شجيا، معانيه لم تطرق

مضى كل هذا ولم يبق لى
سوى ذكريات الأسى الموبق

فيا لهف نفسى ماذا مضى
ويالهف نفسى ماذا بقى


طاهر ابو فاشا

الحمدان
07-12-2024, 03:07 PM
غريبٌ على بابِ الرجاءِ طريحُ
يُناديك موصل الجَوَى وينوحُ

يَهونُ عذاب الجسمِ والروحُ سَالِمٌ
فكيف وروحُ المُستَهامِ جروحُ

وأهواك لكنى أخافُ وأسّتَحى
إذا قلتُ قلبى فى هواك جرِيحُ

وليس الذى يَشكو الصبابة عاشقاً
وما كل باكٍ فى الغرامِ قريحُ

يقولون لى غَنّى وبالقلبِ لوعةً
أغنى بها فى خلوتى وأنوحُ

ولى فى طريق الشوق والليلُ هائمٌ
معالم تخفى تارةً وتلوحُ

ولى فى مقام الوجَّدِ حالٌ ولوعةٌ
ودمعٌ أدارى فى الهوى وَيَبوحُ

وأنتَّ وجودى فى شهودى وغيبتى
وسِرُّك نور النُّور أو هو روحُ

وما رحلت إلاَّ إليك مواجدِى
وداعى الهوى بالوالهينَ يصيحُ

بسرَّ الهوى يَغدو وفيه يَروح
غريبُ على بابِ الرجاءِ طرِيحُ


طاهر ابو فاشا

الحمدان
07-12-2024, 03:11 PM
يقولون لي (في مغرب العُمرِ) لا تهِنْ
فأنتَ أخو علمٍ بلوتَ اللياليا

وإلاَّ فما معنى الليالي التي خلتْ
وكيف تعودُ اليومَ منهنَّ خاليا

فقلتُ: خُذُوا علمي وكلَّ تجاربي
بيوم أرى فيه زمانَ شبابِيا

هل العيشُ إلا أنْ تعيشَ مع الصِّبا
فتيّاً، وأنْ تحيا حياتكَ خاليا

وأنَّ رفيق العمر تَسبيكَ روحُهُ
ولم أرَ مثلَ الروحِ كأساً وساقيا

فما هذه الدنيا، وقد جنحتْ بنا
سفائنُها، والدهرُ يصْخبُ عاليا

وما قيمةُ الأيامِ إنْ جفَّ ماؤُها!
وصوَّح غُصْنٌ كان ريَّانَ ناديا

تُغنّي عليه ساجعاتٌ هواتفٌ
فيُوقظْنَ فَرْخاً كان بالأمس غافيا

مضى كلُّ هذا واستباحتْ يدُ البِلى
صَباحةَ أيامي فعُدْن لياليا

وشابتْ مواجيدي وقلبيَ لم يزلْ
به خفقاتُ الواجِدين كما هيا

عزيزٌ على نفْسي حُطامُ مباهجي
ثقيلٌ عليها أنْ تجِفَّ حياتيا

وأنْ تُقْفرَ الأيامُ حول خواطري
فأحيا زماناً ليس فيه زمانيا

جديباً ولم تقحط من الوجد عَيْبتي
غريباً، ولم أبرح بأرضي مكانيا

ألا إنّما العيشُ الشبابُ فليتني
إذا ما مضى عهدُ الشبابِ مضى بيا



طاهر ابو فاشا
مصر

الحمدان
07-12-2024, 03:22 PM
وَلَيسَ يَنُالُ المَجدَ مَن كَان هَمُّهُ
طُرُوقَ الأَغَانِي أُو عِنَاقَ الحَبَائِبِ

وَلَا بَلَغَ العَليَاءَ إِلَّا ابنُ حُرَّةٍ
قَلِيلُ افتِكَارٍ فِي وُقُوعِ العَوَاقِبِ

جَرِيءٌ عَلَى الأَعدَاءِ مُرٌّ مَذَاقُهُ
بَعِيدُ المَدَى جَمُّ النَّدَى وَالمَوَاهِبِ

علي بن المقرب العيوني

الحمدان
07-12-2024, 03:23 PM
كَم قَد قُتِلتُ وَكَم قَد مِتُّ عِندَكُمُ
ثُمَّ انتَفَضتُ فَزَالَ القَبرُ وَالكَفَنُ

قَد كَانَ شَاهَدَ قَتلِي قَبلَ قَولِهُمُ
جَمَاعَةٌ ثُمَّ مَاتُوا قَبلَ مَا دَفَنُوا

مَا كُلُّ مَا يَتَمَنَّى المَرءُ يُدرِكُهُ
تَجرِي الرِّيَاحُ بِمَا لَا تَشتَهِي السُّفُنُ

المتنبي

الحمدان
07-12-2024, 03:24 PM
تَبُوحُ لَهَا بِالحُبِّ عَيْنَايَ إِنَّمَا
لِسَانِيَ يَسْتَحْيِي فَلَا يَتَكَلَّمُ

وَأَرْقُبُ عَيْنَيْهَا عَسَى بِهِمَا أَرَى
شَرَارَةَ حُبٍّ، صَحَّ مَا أَتَوَهَّمُ!

فَفِي عَيْنِهَا مَا فِي عُيُونِي مِنَ اللَّظَى
وَذَاكَ دَلِيلُ الحُبِّ إِنْ كَتَمَ الفَمُ

وَلَكِنْ لِمَاذَا لَا تَبُوحُ وَلَمْ أَبُحْ
وَقَدْ عَلِمَتْ مَا بِي كَمَا أَنَا أَعْلَمُ؟

خَلِيلِيَ ذَاكَ الصَّمْتُ مِنْ أَدَبِ الهَوَى
وَمِنْ أَدَبِ العُشَّاقِ ذَاكَ التَّكَتُّمُ


فوزي المعلوف

الحمدان
07-12-2024, 06:01 PM
أُعيذ مَجدَكَ بِاِسمِ الواحِدِ الأَحَدِ
مِمّا يُرَقِّشُ ذُو شُؤمٍ وَذو نَكَدِ

وَأَطفَأَ اللَّهُ نُورَ الحاسِدينَ فَما
تُؤتى مَعاليكَ مِن شَيءٍ سِوى الحَسَدِ

أَبا شُجاعٍ رَعاكَ اللَّهُ مِن مَلِكٍ
سَما فَما مِثلُهُ في الناسِ مِن أَحَدِ

أَمّا الفِراقُ فَتَأتينا رَواحِلُهُ
غَداً وَيحدِجنَ لِلتِرحالِ بَعدَ غَدِ

وَاللَّهُ يَعلَمُ أَنّي لا أُسَرَّ بِهِ
لَكِن أَخافُ شَقاءَ الأَهلِ وَالوَلَدِ

وَهَل يَكونُ شَقاءٌ في الزَمانِ لَهُم
كَغَيبَتي عَنهُمُ مَع ضيقِ ذاتِ يَدي

أَلا وَوَجهُكَ أَشهى مِن وُجوهِهِمُ
عِندي وَأَنَّهُمُ الأَفلاذُ مِن كَبدي

وَبَلدَةٌ أَنتَ يا خَيرَ المُلوكِ بِها
أَحظى لَديَّ وَبَيتِ اللَّهِ مِن بَلَدي

فَأَسأَلُ اللَهُ أَن يَقضي اللِّقاءَ لَنا
وَأَن يَكونُ اِجتِماعاً آخِرَ الأَبَدِ


ابن المقرب العيوني

الحمدان
07-12-2024, 06:02 PM
يا شَمسَ دينِ اللَهِ كَم لَكِ مِن يَدٍ
يُثني بِها بادٍ وَيَشهَدُ حاضِرُ

وَلَدَيَّ أَعمِدَةٌ قَليلٌ قَدرُها
جِدّاً وَلِلدِيوانِ والٍ قادِرُ

لا شَيءَ عِندي مَكسُها لَكِنَّني
أَخشى يَقولُ الناسُ جاهُكَ قاصِرُ

وَلَقد جَرى فيها بِواسِطَ وَقعَةٌ
ما كانَ لي فيها هُنالِكَ ناصِرُ

وَأُعيذُ مَجدَكَ أَن أُقابِلَ مِثلَها
مِن حَيثُ أَنتَ وَسَيبُكَ المُتظاهِرُ

وَبِأَمسِ كانَت لِي بِقُربِكَ صَيلَمٌ
ما لي وَبَيتِ اللَهِ فيها عاذِرُ

لَكِنَّني اِستَصغَرتُها وَلَقد أَرى
أَنَّ الصَغائِرَ بَعدَهُنَّ كَبائِرُ

فَاِدفَع بِجاهِكَ أَو بِمالِكَ مُنعِماً
عَنّي فَمالُكَ لِلعُفاةِ ذَخائِرُ


ابن المقرب العيوني

الحمدان
07-12-2024, 06:02 PM
لَئِن حالَ ما بَيني وَبَينَكَ حائِلٌ
مِنَ البَرِّ أَو لُجٌّ مِن البَحرِ زاخِرُ

فَإِنّيَ وَالمُحيي بِكَ البَأسَ وَالنَدى
بِذِكرِكَ في الأَحياءِ سارٍ وَسامِرُ

فَما كُلُّ مَن تَنأى بِهِ الدارُ غائِبٌ
وَلا كُلُّ مَن تَدنو بِهِ الدارُ حاضِرُ


ابن المقرب العيوني

الحمدان
07-12-2024, 06:03 PM
لا عِزَّ إِلّا بِحَدِّ الصارِمِ الذَكَرِ
وَضَربِكَ الصّيدَ بَينَ الهامِ وَالقَصَرِ

وَقَودِكَ الخَيلَ تَمضي في أَعِنَّتِها
يُعاجِلُ العَزم أُولاها عَن الخَبَرِ

وَبِالطّوالِ الرُدَينِيّاتِ تُدرك ما
فَوقَ المُنى لا بِطولِ الذَيلِ وَالشَعَرِ

يا طالِبَ المَجدِ لا ينفَكُّ مُجتَهِداً
هَوِّن عَلَيكَ فَكَم وِردٍ وَلا صَدَرِ

فَكَم شَأى شاءٍ العَليا فَأَحرَزَها
أَبو سِنانٍ جَميلُ الذِكرَ وَالسّيرِ

السالِبُ الملِكَ الجَبّارَ مُهجَتَهُ
وَالطاعِنُ الخَيلَ في اللَبّاتِ وَالثَغَرِ

وَالمُمطِرُ الجودَ مِن أَثناءِ راحَتِهِ
فَيضاً إِذا ضَنَّتِ الأَنواءُ بِالمَطَرِ

وَالعابِدُ الزاهِدُ الصَوّامُ إِن حَمِيَت
هَواجِرُ الصَيفِ وَالقَوّامُ بِالسَحَرِ

وَالمُظهِرُ الحَقَّ لا يَبغي بِهِ عِوَضاً
إِذ كانَ طالِبُهُ يَغدو علَى خَطَرِ

وَالطاهِرُ العِرض مِن عَيبٍ وَمِن دَنَسٍ
وَالسالِمُ العُودَ مِن وَصمٍ وَمِن خَوَرِ

ذِكرُ المَظالِمِ وَالآثامِ إِن ذُكِرَت
لَدَيهِ وَالبُخلُ ذَنبٌ غَيرُ مُغتَفَرِ

يا طالِبَ الرَزقِ في حِلٍّ وَمُرتَحَلٍ
يَمِّمهُ تَرضَ عَنِ الأَيّامِ وَالقَدَرِ

بَعيدُهُ لِذَوي الآمالِ مُتَّدَعٌ
كَجَنَّةِ الخُلدِ لا تَخلو مِنَ الثَمَرِ

فَكُلُّ حَيٍّ مِنَ الأَحياءِ يَعرِفُهُ
يدعوهُ بِالمَلِكِ الوَهّابِ لِلبِدَرِ

وَيا مَضيماً أَمضَّ الضَيمُ مُهجَتَهُ
اِنزِل بِساحَتِهِ تَنزِل عَلى الظَفَرِ.
وَاِصفَع بِنَعلِكَ رَأسَ الدَهرِ واِسطُ عَلى
أَحداثِهِ سَطوَ ضِرغامٍ عَلى حُمُرِ

وَلا تَخَف عِندَها مِن بَأسِ صَولَتِهِ
فَلَيسَ يَملِكُ مِن نَفعٍ وَلا ضَرَرِ

فَكَم أَجارَ عَلى الأَيّامِ ذا مَضَضٍ
يَبيتُ يَلصِقُ مِنهُ الصَدرَ بِالعَفَرِ

وَكَم أَغاثَ اِمرءاً أَضحى وَمُنيتُهُ
مَوتٌ يُؤَدّي إِلى الفِردَوسِ أَو سَقَرِ

وَكَم مَشى الخَيزَلى في ظِلِّ دَولَتِهِ
مَن كانَ يَنسابُ كَالعِلّوصِ في الخُمُرِ

يا اِبنَ الأُلى شَيَّدُوا بُنيانَ مَجدِهِمُ
بِالجُودِ وَالبَأسِ لا الآجُرِّ وَالمَدَرِ

نَماكَ لِلمجدِ آباءٌ أَقَرَّ لَهُم
بِالفَضلِ مَن كانَ ذا سَمعٍ وَذا بَصَرِ

قَومٌ إِذا كانَتِ الأَنباءُ أَو كُتِبَت
صَحائِفُ المَجدِ كانُوا أَوَّلَ السَطَرِ

وَإِن هُمُ كَتَبوا مَجداً بِسُمرِهِمُ
فَخَطُّهُم بِمدَادٍ مِن دَمٍ هَدَرِ

وَالشارِبونَ جِمامَ الماءِ صَافِيَةً
وَيَشرَبُ الناسُ مِن طينٍ وَمِن كَدَرِ

وَالمُوقِدونَ إِذا هَبَّت شَآمِيَةٌ
نارَ الوَغى تَحتَ هامي القَطرِ بِالقِطرِ

أُعيذُ مَجدَكَ مِن عَينِ الجمالِ فَقَد
أَراهُ في التِمِّ يَحكي هالَةَ القَمَرِ

جَمَعتَ شَملَ المَعالي بَعدَ تَفرِقَةٍ
وَصُنتَ وَجهَ العُلا مِن ذَلِكَ القَتَرِ

أَطفَأتَ ناراً يُغَشّي الأَرضَ لاهِبُها
لَولاكَ لَم تُبقِ مِن شَيءٍ وَلَم تَذَرِ

فَأَصبَحَت كُلُّ أَرضٍ خافَ ساكِنُها
تَقولُ دَعني وَسِر قَصداً إِلى هَجَرِ

وَاِجعَلَ بِها دارَ سَكنٍ تَستَقِرُّ بِها
عَمّا يُريبُكَ مِن خَوفٍ وَمِن ذُعرِ

مَتى تَحُلَّ بِها تَحلُل لَدى مَلِكٍ
بِالزُهدِ مُشتَمِلٍ بِالعَدلِ مُتَّزِرِ

تَنامُ أَمناً رعاياهُ وَمُقلَتُهُ
وَقَلبُهُ أَبَداً في غايَةِ السَهَرِ

يَرى البَلِيَّةَ أَن تَغدو رَعِيَّتُهُ
وَأَن تَروحَ بِناديهِ عَلى حَذَرِ

لا يَرهَبُ الريمَ مَن أَمسى بِعقوَتِهِ
وَلا يَمُنُّ عَلَيهِ سابِحُ البَقَرِ

وَلا يُرَوَّعُ ذَو وَفرٍ يُجاوِرُهُ
بِنَكبَةٍ مِن مُقيمٍ أَو أَخي سَفَرِ

لَكِن يَروعُ العِدا مِنهُ بِذي لَجَبٍ
كَاللَيلِ تَلمَعُ فيهِ البيضُ بِالغَدَرِ

الطَعنُ مِنهُ كَأَفواهِ المَزادِ إِذا
غُصَّت وَطَعنُ العِدى كَالوَخزِ بِالإِبَرِ

يا أَيُّها الملكُ النَدبُ الَّذي عُرِفَت
لَهُ المَناقِبُ في بَدوٍ وَفي حَضَرِ

يا زينَةَ المُلكِ يا تاجَ المُلوكِ وَيا
فَخرَ المَمالِكِ بَل يا غُرَّةَ الغُرَرِ

أَنتَ الصَؤولُ بَلا خَيلٍ وَلا دَهَشٍ
أَنتَ القَؤُولُ بِلا عِيٍّ وَلا حَصَرِ

أَنتَ الوَلِيُّ بِلا خَوفٍ وَلا رَهَبٍ
أَنتَ السَخِيُّ بِلا مَنٍّ وَلا كَدَرِ

بِاللَهِ أُقسِمُ لا مُستَثنِياً أَبَداً
لَولاكَ لَم يبقَ لِلعَلياءِ مِن وَزَرِ

وَلا خَلَت باحَةُ البَحرَينِ مِنكَ وَلا
زالَت عِداتُكَ طُولَ الدَهرِ في قِصَرِ

وَعِشتَ في عِزَّةٍ قَعساءَ نائِيَةٍ
مِنَ الحَوادِثِ وَالآفاتِ وَالغيرِ


ابن المقرب العيوني

الحمدان
07-12-2024, 06:03 PM
ماذا بِنا في طِلابِ العِزِّ نَنتَظِرُ
بِأَيِّ عُذرٍ إِلى العَلياءِ نَعتَذِرُ

لا الزَندُ كابٍ وَلا الآباءُ مُقرِفَةٌ
وَلا بِباعِكَ عَن باعِ العُلى قِصَرُ

لا عَزَّ قَومُكَ كَم هَذا الخُمولُ وَكَم
تَرعى المُنى حَيثُ لا ماءٌ وَلا شَجَرُ

فَاِطلُب لِنَفسِكَ عَن دارِ القِلى بَدَلاً
إِن جَنَّة الخُلدِ فاتَت لَم تَفُت سَقَرُ

أَما عَلِمتَ بِأَنَّ العَجزَ مَجلَبَةٌ
لِلذُّلِّ وَالقُلِّ ما لَم يَغلِب القَدَرُ

وَلَيسَ تَدفَعُ عَن حَيٍّ مَنِيَّتهُ
إِذا أَتَت عُوَذُ الراقي وَلا النُشرُ

وَلا يجتلي الهُمومَ الطارِقاتِ سِوى
نَصُّ النَجائِب وَالرَوحاتُ وَالبُكَرُ

وَالذِكرُ يُحييهِ إِمّا وابِلٌ غَدِقٌ
مِنَ النَوالِ وَإِمّا صارِمٌ ذَكَرُ

واحَسرَتا لِتَقَضّي العُمرِ في نَفَرٍ
هُمُ الشَياطينُ لَولا النُطقُ وَالصُوَرُ

لا يَرفَعونَ إِذا عَزّوا بِمَكرُمَةٍ
رَأساً وَلا يحسِنونَ العَفوَ إِن قَدِرُوا

يَوَدُّ جارُهُمُ الأَدنى بِأَنَّهُمُ
أَضحَوا وَما مِنهُمُ عَينٌ وَلا أَثَرُ

بُليتُ مِنهُم بِأَجلافٍ سَواسِيَةٍ
قَد صَعَّدُوا بِزمامِ اللُؤمِ وَاِنحَدَرُوا

خُزرِ العُيونِ إِذا أَبصارُهُم نَظَرَت
شَخصي فَلا زالَ عَنها ذَلِكَ الخَزَرُ

وَغَيرُ مُعنِتِهِم لَوماً فَأَظلِمُهُم
الشَمسُ يَزوَرُّ عَن إِدراكِها البَصَرُ

لَهُم سِهامٌ بِظَهرِ الغَيبِ نافِذَةٌ
لَم تُكسَ ريشاً وَلَم يَنبِض لَها وَتَرُ

كَم غادَرَت مِن فَتىً حُلوٍ شَمائِلُهُ
يُمسي وَحَشوُ حَشاهُ الخَوفُ وَالحَذَرُ

إِن يَظفَرُوا بي فَلا تَشمَخ أُنُوفُهُمُ
فَإِنَّما لِعِداهُم ذَلِكَ الظَفَرُ

أَلا فَسَل أَيُّهُم يُغني غِنايَ إِذا
نارُ العَدُوِّ تَعالى فَوقَها الشَرَرُ

وَمَن يَقومُ مَقامي يَومَ مُعضِلَةٍ
لا سَمع يُبقى لِرائيها وَلا بَصَرُ

وَمَن يَسُدَّ مَكاني يَومَ مَلحَمَةٍ
إِذا الغَزالَةُ وارى نُورَها القَتَرُ

أُمضي عَلى السَيفِ عَزماً حينَ تُبصِرُهُ
مِثلَ الجِداءِ إِذا ما بَلَّها المَطَرُ

إِذا نَطَقتُ فَلا لَغوٌ وَلا هَذَرٌ
وَإِن سَكَتُّ فَلا عِيٌّ وَلا حَصَرُ

تَجري الجِيادُ وَإِن رَثَّت أَجِلَّتُها
فَلا يُغرّكَ جُلٌّ تَحتَهُ دَبَرُ

إِنّي لَأَعجَبُ مِن قَومٍ رَأَوا عَسَلاً
ظُلمي وَأَسوَغُ مِنهُ الصابُ وَالصَبرُ

أَيَأمنونَ اِنتِقامي لا أَباً لَهُمُ
بِحَيثُ لَيسَ لَهُم مِن سَطوَتي وَزَرُ

إِنّي اِمرُؤٌ إِن كَشَرتُ النابَ عَن غَضَبٍ
لا الخَطُّ يَمنَعُ مِن بَأسي وَلا هَجَرُ

فَلا يَغُرَّنَّهُم حِلمٌ عُرِفتُ بِهِ
قَد تَخرُجُ النارُ فيما يُقرَعُ الحَجَرُ

إِن تَعمَ عَن رُشدِها قَومي فَلا عَجَبٌ
مِن قَبلِها عَمِيت عَن رُشدِها مُضَرُ

مالُوا عَن المُصطَفى وَالوَحيُ بَينَهُمُ
وَفيهمُ تَنزِلُ الآياتُ وَالسُوَرُ

وَقابَلوهُ بِكُفرانٍ لِنِعمَتِهِ
وَكانَ خَيراً مِنَ الكُفرَانِ لَو شَكَرُوا

فَإِن تَغاضيتُ عَن قَومي فَعَن كَرَمٍ
مِنّي وَما ذَنبُ كُلِّ الناسِ يُغتَفَرُ

وَإِنَّ قَومي لِتُؤذيني أَذاتُهُمُ
أَلامَ في ذَلِكَ اللُوّامُ أَم عَذَروا

لا عَيبَ فيهِم سِوى أَنّي شَقيتُ بِهم
وَالذَنبُ لِلحَظِّ وَالخُسران ما خَسِرُوا

وَلَو أَشاءُ لَما ضاقَت مَذاهِبُها
عَنّي وَلا كانَ لِي الإِيرادُ وَالصَدَرُ

وَكُلُّ ذي خَطَرٍ في الناسِ مُحتَقَرٌ
عِندي إِذا لَم يَكُن لِي عِندَهُ خَطَرُ

فَليخشَ بَأسِيَ مَن طالَت حَماقَتُهُ
وَرُبَّ عاجِلِ شَرٍّ قادَهُ أَشَرُ

حَسبي مِن المُكذِبي الآمالَ لَو بَلَغَت
مِنّي اللّيالي وَفي التَجريبِ مُزدَجَرُ

قَومٌ كَأَنَّهُمُ الدّفلى يَبينُ لَها
نورٌ يَرُوقُكَ مَرآهُ وَلا ثَمَرُ

يا شِبهَ بَردِيَّةٍ في الماءِ منبِتُها
وَلا نَداوَةَ فيها حينَ تُعتَصَرُ

لا تُلزِمونيَ ذَنباً في رِحابِكُمُ
فَلَستُ أَوَّلَ سارٍ غَرَّهُ قَمَرُ

ما كُنتُ أَحسبكُم كَالجوزِ لَيسَ يُرى
فيهِ السَماحَةُ إِلّا حينَ يَنكَسِرُ

لَقَد نَأَيتُ فَلَم آسَف لِفَقدِكُمُ
وَلا تَداخَلَني مِن نَأيِكُم ضَجَرُ

وَاللَهِ ما طالَ لَيلي وَحشَةً لَكُمُ
وَلا عَرانِيَ مِن وَجدٍ بِكُم سَهَرُ

وَإِنَّني لَقَريرُ العَينِ مُذ شَحَطَت
بِيَ النَوى عَنكُمُ وَاِخرَوَّطَ السَفَرُ

كَم أَشرَبُ الغَيظَ صِرفاً مِن أَكُفِّكُمُ
وَلا يُرَجّى لِشَرٍّ مِنكُمُ غِيَرُ

لا حِلمَ يَردَعُكُم عَمّا أُساءُ بِهِ
وَلا أُطيعُ بِكُم جَهلي فَأَنتَصِرُ

فَجَنِّبوني أَذاكُم قَبلَ آبِدَةٍ
تَأتي غِشاشاً فَلا تُبقي وَلا تَذَرُ

وَاِستَعصِمُوا بِرِضائي وَاِحذَرُوا سَخَطي
فَجَرحُ مِثلي في أَمثالِكُم هَدَرُ

أَنا الَّذي يَرهَبُ الجَبّارُ سَطوَتَهُ
وَبي يُقَوَّمُ مَن في خَدِّهِ صَعَرُ

أُنمى إِلى الذّروَةِ العُليا وَتُنجِبُني
أَماجِدٌ لَيسَ في عِيدانِها خَوَرُ

سُمحٌ بَهاليلُ عَيّافُو الخَنا صُبُرٌ
يَومَ الكَريهَةِ طَلّابُونَ إِن وُتِرُوا

غُرٌّ مَغاويرُ أَنجادٌ خَضارِمَةٌ
بِمثلِهِم تحسُنُ الأَخبارُ وَالسِيَرُ

لا يُسلِمونَ لِرَيبِ الدَهرِ جارَهُمُ
يَوماً ولا رِفدُ راجي رِفدِهِم غُمَرُ

كَم نِعمَةٍ لَهُم لا يُستَقَلُّ بِها
لا مَنُّ يَتبَعُها مِنهُم وَلا كَدَرُ

لا يَجبُرُ الدَهرُ هَيضاً في كَسيرِهِمُ
وَلا تَهيضُ يَدُ الأَيّامِ ما جَبَرُوا

جِبالُ عِزٍّ مَنيفاتٌ بِحارُ نَدىً
قَلَهذَماتٌ لُيُوثٌ سادَةٌ غُرَرُ

لا يُنكِرُ الناسُ نعماهُم وَأَنَّهُمُ
أَهلُ العَلاءِ وَأَهلُ الفَخرِ إِن فَخَرُوا


إبن المقرب العيوني

الحمدان
07-12-2024, 06:04 PM
يابا شُجاعٍ رَعاكَ اللَهُ مِن مَلِكٍ
لَولاكَ ما كانَ هَذا الناسُ بِالناسِ

وَجادَ كُلَّ بِلادٍ أَنتَ ساكِنُها
تَهتانُ كُلِّ مُلثِّ الوَدقِ رَجّاسِ

أَحيَيتُ حِلمَ ابنِ قَيسٍ في سِيادَتِهِ
لَكِن قَرَنتَ بِهِ إِقدامَ جَسّاسِ

وَعَدلَ كِسرى وَإِفضالَ اِبنِ حارِثَةٍ
أَوسٍ وَعِلمَ الفَتى الحَبر اِبنِ عَبّاسِ

أَشكو إِلَيكَ جَوىً مِن بَعدِ قُربِ نَوىً
وَوَحشَةً عَرَضَت مِن بَعدِ إِيناسِ

أَعاذَكَ اللَهُ مِن وَجدي وَمِن قَلِقي
وَمِن غَرامي وَمِن هَمّي وَوِسواسي

أَلِيَّةً ما يَخافُ الحنثَ مُقسِمُها
بِالصَفوَةِ المُجتَبى مِن ضِئضِئِ الياسِ

ما حالَ وُدُّكَ مِن قَلبي وَلا صَعَدَت
شَوقاً إِلى مَلِكٍ إِلّاكَ أَنفاسي

وَإِنَّني بِأَيادٍ مِنكَ سالِفَةٍ
مُثنٍ فَلا المُتناسيها وَلا الناسي

وَلامَني فيكَ أَقوامٌ فَقُلتُ لَهُم
عَنّي إِلَيكُم فَما في الحَقِّ مِن باسِ

لَئِن كَسوتُكُمُ ظُلماً مَحاسِنَهُ
إِنّي لِبالدُّسمِ مِن أَثوابِكُم كاسِ

ثُمَّ اِندَفَعتُ خِلالَ القَومِ أُسمِعُهُم
بَيتَ الحُطَيئَةِ إِذ أَشفى عَلى ياسِ

لَقَد مرَيتُكُمُ لَو أَنَّ دِرَّتَكُم
يَوماً يَجِيءُ بِها مَسحي وَإِبساسي

خَلّوا الثَناءَ لِمَن لَيسَت مَذاهِبه
تِلثامَ كاسٍ وَلا تجماعَ أَكياسِ

إِن كُنتُ كَلَّفتُكُم إِدراكَ غايَتِهِ
إِنّي لأَعنَتُ حُكماً مِن أَخي شاسِ

فَاِرضُوا عَدُوَّكُم ما اِستَطَعتُمُ وَخُذُوا
في قَلفِ لَوحٍ وَفي تَعبيرِ فِنطاسِ

يَفديكَ يا شَمسَ دينِ اللَهِ كُلُّ عَمٍ
عَنِ المَكارِمِ لِلسَوآتِ لَبّاسِ

أَما تَرى القَمَرَ المَنحوسَ طَلعَتُهُ
وَما أَتى غَيرَ ما ساهٍ وَلا ناسِ

لَقَد تَعَمَّدَ أَمراً لا تَهِمُّ بِهِ
آسادُ ترجٍ وَلا ذُؤبانُ أَوطاسِ

فَأمُر بِهِ ذَنَبَ التَنِّينِ يَخسِفُهُ
حَتّى يَصيرَ كَقُرصِ الآرزِ الخاسي

ما راقَبَ اللَهَ في حُجّاجِ كَعبَتِهِ
بَل قامَ يَضرِبُ أَخماساً لِأَسداسِ

وَلا اِتَّقى بَأسَ قُرمٍ لا عِرانَ بِهِ
إِذ لَم يَزَل لِفُحولِ الشُولِ عَرّاسِ

قَد فاتَ في مُكرِهِ الأَسوا وَحيلَتِهِ
وَظُلمِهِ كُلَّ نَخّاسٍ وَمَكّاسِ

أَحيَى أَباهُ لَعَمرِي وَالبُيوتَ عَلى
قَواعِدٍ بُنِيَت قِدماً وَأَسّاسِ

لامَ الدُيَيثِيَّ قَومٌ في خَساسَتِهِ
هاتُوا الدُيَيثي عَلى العَينَينِ وَالرَاسِ

فَيا أَمينَ أَمينِ اللَهِ أَبقِ بِهِ
جرحاً مَدى الدَهرِ لا يَلقى لهُ آسِ

وَعِش عَزيزاً حَميدَ الجارِ ما وَخَدَت
عِيسٌ بِمَجهولَةِ الأَرجاءِ مِيعاسِ


ابن المقرب العيوني

الحمدان
07-12-2024, 06:05 PM
رِدى مُرَّ الحتُوفِ وَلا تُراعِي
فَما خَوفُ المَنِيَّةِ مِن طِباعي

وَعَزماً صادِقاً فَلَكَم مَضيقٍ
بِصِدقِ العَزمِ صارَ إِلى اِتِّساعِ

وَمَن هابَ المَنيَّةَ أَدرَكَتهُ
وَماتَ أَذَلَّ مِن فَقعٍ بِقاعِ

ذَريني وَالمُلوكَ بِكُلِّ أَرضٍ
أُكايلُها الرَدى صاعاً بِصاعِ

فَما أَيمانُهُم تَعلو شمالي
وَلا أَبواعُهُم تَعدُو ذِراعي

تُخَوِّفُني اِبنَةُ العَبديِّ حَتفي
وَإِقحامي المَهالِكَ وَاِفتِراعي

وَتَعذِلُني عَلى إِنفاقِ مالي
وَتَزعُم أَنَّهُ لِلفَقرِ داعِ

فَقُلتُ لَها وَقَد أَربَت وَزادَت
رُوَيدَكِ لا شَقيتِ فَلَن تُطاعي

أَما وَالأَريَحيَّةِ إِنَّ سَمعي
لِما تَهذي العَواذِلُ غَيرُ واعِ

أَأَحفلُ بِالفِراقِ وَكُلُّ شِعبٍ
تُصَيِّرُهُ المَنونُ إِلى اِنصِداعِ

وَأَرهبُ أَن أَمُوتَ وَكُلُّ حَيٍّ
سَينعاهُ إِلى الأَقوامِ ناعِ

وَأَخشى الفَقرَ وَالدُنيا مَتاعٌ
وَرَبّي بِالكِرامِ أَبَرُّ راعِ

دَعيني أَركَبُ الأَهوالَ إِنّي
رَأَيتُ رُكوبَها فيهِ اِتِّداعي

فَما لِلمَرءِ خَيرٌ في حَياةٍ
إِذا ما عُدَّ مِن سَقَطِ المَتاعِ

فَإِنَّ بِأَرضِنا بَقَراً شِباعاً
وَلَكِن بَينَ آسادٌ جِياعِ

وَهَل يَهنا البَهيمَةَ خِصبُ مَرعىً
إِذا ما آنَسَت صَوتَ السِباعِ

إِذا راعَ الوداعُ قُلوبَ قَومٍ
فَلي قَلبٌ يَحِنُّ إِلى الوداعِ

وَإِن يَنزَع إِلى الأَوطانِ غِمرٌ
فإِنَّ إِلى النَوى أَبَداً نِزاعي

يُراعُ لِفُرقَةِ الأَوطانِ نِكسٌ
ضَعيفُ العَزمِ أَخلى مِن يَراعِ

وَكَم مِن فُرقَةٍ طالَت فَكانَت
بُعَيدَ اليَأسِ داعِيَةَ اِجتِماعِ

تُقارِعُني الحَوادِثُ عَن مُرادي
وَأَرجُو أَن يُذلِّلَها قِراعي

وَإِنّي وَالعُلى فَرَسا رِهانٍ
كَما أَنا وَالنَدى أَخَوا رَضاعِ

وَلَستُ إِذا الهُمومُ تَأَوَّبَتني
مُلاقيها بِآراءٍ شَعاعِ

وَلَكِنّي سَأَلقاها بِعَزمٍ
وَباعٍ في المَكارِمِ أَيّ باعِ

سَئِمتُ تَقَلُّبي فَوقَ الحَشايا
وَنَومي بِالهَواجِرِ وَاِضطِجاعي

إِذا يَوماً نَبَت بي دارُ قَومي
فَما تَنبُو المَطِيُّ عَنِ اِنتِجاعي

سَأَطلُبُ حَقَّ آبائِي وَحَقّي
وَلَو مِن بَينِ أَنيابِ الأَفاعي

وَإِنَّ المَوتَ في طَلَبِ اِرتِفاعٍ
لَدَيَّ وَلا حَياتي في اِتِّضاعِ

وَثَوبُ اللَيثِ فِيَّ إِذا تَبَدَّت
فَريسَتُهُ وَإِطراقُ الشُجاعِ

يُخادِعُني عَنِ العَليا رِجالٌ
وَأَينَ بَنو الفَواعِلِ مِن خِداعي

أَأَبقَى تابِعاً وَلَدَيَّ فَضلٌ
يَسومُ الناسَ كُلَّهُمُ اِتِّباعي

يُطاوِلُني بِقَومي كُلُّ عَبدٍ
تَنَقَّلَ مِن لَكاعٍ في لَكاعِ

أَهُمُّ بِهَجوِهِم فَأَرى ضَلالاً
هِجائي دونَ رَهطِ اِبنِ الرِقاعِ

أَنا اِبنُ السابِقينَ إِلى المَعالي
وَأَربابِ المَمالِكِ وَالمَساعي

حَلَلنا مِن رَبيعَةَ في ذُراها
وَجاوَزنا الفُروعَ إِلى الفِراعِ

وَقَد عَلِمت نِزارٌ أَنَّ قَومي
سُيوفُ ضِرابها يَومَ المَصاعِ

وَأَنّا المانِعُونَ حِمى مَعَدٍّ
وَأَهلُ الذَبِّ عَنها وَالدِفاعِ

نُهينُ لَها التِلادَ وَلا نُحاشي
وَنُوطِئُها البِلادَ وَلا نُراعي

وَنَشري البَيِّعاتِ بِكُلِّ خَطبٍ
عَناها لا لِبَيعٍ وَاِبتِياعِ

وَما زالَت مَدى الأَيّامِ فينا
لَها راعٍ وَساعٍ أَيّ ساعِ

وَما حِفظُ العُلى وَالمَجدِ شَيءٌ
مِنَ الأَشياءِ كَالمالِ المُضاعِ

وَإِن نَفخَر نِجِيءُ بِكُلِّ مَلكٍ
حَليمٍ قادِرٍ عاصٍ مُطاعِ

بَنَينا عِزَّنا وَرَسى عُلانا
بِضَربِ الهامِ وَالكَرَمِ المُشاعِ

بِنا يَستَنسِرُ العُصفُورُ تِيهاً
وَتَخشى الأسدُ صَولاتِ الضِباعِ

وَمَجهولٌ إِذا يُعزى كَشَيءٍ
وَإِنسانٌ وَأَخفى مِن نُخاعِ

تَرَكناهُ كَأَنتَ وَذا وَأَضحى
كَمِثلِ الطَودِ ما بَينَ البِقاعِ

وَإِرِّيسٍ جَعَلناهُ رَئيساً
يَسومُ الناسَ غَيرَ المُستَطاعِ

فَصارَ يُعَدَّ ذا رَأيٍ وَعَقلٍ
وَكانَ يُعَدَّ في الهَمَجِ الرِعاعِ

وَأَرعَنَ باذِخٍ صَعبِ المَراقي
صَكَكناهُ فَآذن بِاِنقِشاعِ

فَلا يَستَغرِقَنَّ الحُمقُ قَوماً
فَكَم مِن رفعَةٍ سَبَبُ اِتِّضاعِ

فَإِنَّ سُيُوفَنا ما زالَ فيها
شِفاءٌ لِلرُؤوسِ مِن الصُداعِ

يَخَبِّرُ تُبَّعٌ عَنها وَكِسرى
بِذا وَالمُنذِرانِ وَذُو الكَلاعِ

فَكَم قِدماً رَبَعنا مِن رُبوعٍ
بِهنَّ وَكَم أَبَرنا مِن رَباعِ


ابن المقرب العيوني

الحمدان
07-12-2024, 06:05 PM
رِدى مُرَّ الحتُوفِ وَلا تُراعِي
فَما خَوفُ المَنِيَّةِ مِن طِباعي

وَعَزماً صادِقاً فَلَكَم مَضيقٍ
بِصِدقِ العَزمِ صارَ إِلى اِتِّساعِ

وَمَن هابَ المَنيَّةَ أَدرَكَتهُ
وَماتَ أَذَلَّ مِن فَقعٍ بِقاعِ

ذَريني وَالمُلوكَ بِكُلِّ أَرضٍ
أُكايلُها الرَدى صاعاً بِصاعِ

فَما أَيمانُهُم تَعلو شمالي
وَلا أَبواعُهُم تَعدُو ذِراعي

تُخَوِّفُني اِبنَةُ العَبديِّ حَتفي
وَإِقحامي المَهالِكَ وَاِفتِراعي

وَتَعذِلُني عَلى إِنفاقِ مالي
وَتَزعُم أَنَّهُ لِلفَقرِ داعِ

فَقُلتُ لَها وَقَد أَربَت وَزادَت
رُوَيدَكِ لا شَقيتِ فَلَن تُطاعي

أَما وَالأَريَحيَّةِ إِنَّ سَمعي
لِما تَهذي العَواذِلُ غَيرُ واعِ

أَأَحفلُ بِالفِراقِ وَكُلُّ شِعبٍ
تُصَيِّرُهُ المَنونُ إِلى اِنصِداعِ

وَأَرهبُ أَن أَمُوتَ وَكُلُّ حَيٍّ
سَينعاهُ إِلى الأَقوامِ ناعِ

وَأَخشى الفَقرَ وَالدُنيا مَتاعٌ
وَرَبّي بِالكِرامِ أَبَرُّ راعِ

دَعيني أَركَبُ الأَهوالَ إِنّي
رَأَيتُ رُكوبَها فيهِ اِتِّداعي

فَما لِلمَرءِ خَيرٌ في حَياةٍ
إِذا ما عُدَّ مِن سَقَطِ المَتاعِ

فَإِنَّ بِأَرضِنا بَقَراً شِباعاً
وَلَكِن بَينَ آسادٌ جِياعِ

وَهَل يَهنا البَهيمَةَ خِصبُ مَرعىً
إِذا ما آنَسَت صَوتَ السِباعِ

إِذا راعَ الوداعُ قُلوبَ قَومٍ
فَلي قَلبٌ يَحِنُّ إِلى الوداعِ

وَإِن يَنزَع إِلى الأَوطانِ غِمرٌ
فإِنَّ إِلى النَوى أَبَداً نِزاعي

يُراعُ لِفُرقَةِ الأَوطانِ نِكسٌ
ضَعيفُ العَزمِ أَخلى مِن يَراعِ

وَكَم مِن فُرقَةٍ طالَت فَكانَت
بُعَيدَ اليَأسِ داعِيَةَ اِجتِماعِ

تُقارِعُني الحَوادِثُ عَن مُرادي
وَأَرجُو أَن يُذلِّلَها قِراعي

وَإِنّي وَالعُلى فَرَسا رِهانٍ
كَما أَنا وَالنَدى أَخَوا رَضاعِ

وَلَستُ إِذا الهُمومُ تَأَوَّبَتني
مُلاقيها بِآراءٍ شَعاعِ

وَلَكِنّي سَأَلقاها بِعَزمٍ
وَباعٍ في المَكارِمِ أَيّ باعِ

سَئِمتُ تَقَلُّبي فَوقَ الحَشايا
وَنَومي بِالهَواجِرِ وَاِضطِجاعي

إِذا يَوماً نَبَت بي دارُ قَومي
فَما تَنبُو المَطِيُّ عَنِ اِنتِجاعي

سَأَطلُبُ حَقَّ آبائِي وَحَقّي
وَلَو مِن بَينِ أَنيابِ الأَفاعي

وَإِنَّ المَوتَ في طَلَبِ اِرتِفاعٍ
لَدَيَّ وَلا حَياتي في اِتِّضاعِ

وَثَوبُ اللَيثِ فِيَّ إِذا تَبَدَّت
فَريسَتُهُ وَإِطراقُ الشُجاعِ

يُخادِعُني عَنِ العَليا رِجالٌ
وَأَينَ بَنو الفَواعِلِ مِن خِداعي

أَأَبقَى تابِعاً وَلَدَيَّ فَضلٌ
يَسومُ الناسَ كُلَّهُمُ اِتِّباعي

يُطاوِلُني بِقَومي كُلُّ عَبدٍ
تَنَقَّلَ مِن لَكاعٍ في لَكاعِ

أَهُمُّ بِهَجوِهِم فَأَرى ضَلالاً
هِجائي دونَ رَهطِ اِبنِ الرِقاعِ

أَنا اِبنُ السابِقينَ إِلى المَعالي
وَأَربابِ المَمالِكِ وَالمَساعي

حَلَلنا مِن رَبيعَةَ في ذُراها
وَجاوَزنا الفُروعَ إِلى الفِراعِ

وَقَد عَلِمت نِزارٌ أَنَّ قَومي
سُيوفُ ضِرابها يَومَ المَصاعِ

وَأَنّا المانِعُونَ حِمى مَعَدٍّ
وَأَهلُ الذَبِّ عَنها وَالدِفاعِ

نُهينُ لَها التِلادَ وَلا نُحاشي
وَنُوطِئُها البِلادَ وَلا نُراعي

وَنَشري البَيِّعاتِ بِكُلِّ خَطبٍ
عَناها لا لِبَيعٍ وَاِبتِياعِ

وَما زالَت مَدى الأَيّامِ فينا
لَها راعٍ وَساعٍ أَيّ ساعِ

وَما حِفظُ العُلى وَالمَجدِ شَيءٌ
مِنَ الأَشياءِ كَالمالِ المُضاعِ

وَإِن نَفخَر نِجِيءُ بِكُلِّ مَلكٍ
حَليمٍ قادِرٍ عاصٍ مُطاعِ

بَنَينا عِزَّنا وَرَسى عُلانا
بِضَربِ الهامِ وَالكَرَمِ المُشاعِ

بِنا يَستَنسِرُ العُصفُورُ تِيهاً
وَتَخشى الأسدُ صَولاتِ الضِباعِ

وَمَجهولٌ إِذا يُعزى كَشَيءٍ
وَإِنسانٌ وَأَخفى مِن نُخاعِ

تَرَكناهُ كَأَنتَ وَذا وَأَضحى
كَمِثلِ الطَودِ ما بَينَ البِقاعِ

وَإِرِّيسٍ جَعَلناهُ رَئيساً
يَسومُ الناسَ غَيرَ المُستَطاعِ

فَصارَ يُعَدَّ ذا رَأيٍ وَعَقلٍ
وَكانَ يُعَدَّ في الهَمَجِ الرِعاعِ

وَأَرعَنَ باذِخٍ صَعبِ المَراقي
صَكَكناهُ فَآذن بِاِنقِشاعِ

فَلا يَستَغرِقَنَّ الحُمقُ قَوماً
فَكَم مِن رفعَةٍ سَبَبُ اِتِّضاعِ

فَإِنَّ سُيُوفَنا ما زالَ فيها
شِفاءٌ لِلرُؤوسِ مِن الصُداعِ

يَخَبِّرُ تُبَّعٌ عَنها وَكِسرى
بِذا وَالمُنذِرانِ وَذُو الكَلاعِ

فَكَم قِدماً رَبَعنا مِن رُبوعٍ
بِهنَّ وَكَم أَبَرنا مِن رَباعِ


ابن المقرب العيوني

الحمدان
07-12-2024, 06:06 PM
غَرامٌ أَثارَتهُ الحَمامُ السَواجِعُ
ونارُ جَوىً أَذكَت لَظاها المَدامِعُ

وَقَلبٌ إِذا ما قُلتُ يُعقِبُ راحَةً
أَبَت حُرَقٌ تَأتي بِهِنَّ الفَجائِعُ

أَفي كُلِّ يَومٍ للحَوادِثِ عَدوَةٌ
لَها في سُوَيدَا حَبَّةِ القَلبِ صادِعُ

فَلو أَنَّ هَذا الدَهرَ لا دَرَّ دَرُّهُ
يُسالِمُ أَربابَ العُلى وَيُوادِعُ

وَلَكِنَّهُ يَختارُ كُلَّ مُهَذَّبٍ
لَهُ الفَضلُ فينا وَاللُهى وَالدَسائِعُ

أَبَعدَ اِبنِ إِبراهِيمَ يا دَهرُ يُبتَغى
إِلَيكَ خُلودٌ أَو تُرَجّى صَنائِعُ

تَعِستَ لَقَد عَلَّمتَنا بَعدَهُ البُكا
وَعَرَّفتَنا بِالثُكلِ ما الحُزنُ صانِعُ

فَتىً كانَ بَرّاً بِالعَشيرَةِ راحِماً
رَؤُوفاً بِها لا تَزدَهيهِ المَطامِعُ

وَلَم تَلقهُ في مَحفَلٍ مِن نَدِيِّهِ
يُشاري عَلى ما ساءَها وَيُبايِعُ

وَلَو شاءَ جازى بِالعُقوبَةِ قُدرَةً
وَلَكِن لَهُ مِن خَشيَةِ اللَهِ رادِعُ

يَصُدُّ عَن العَوراءِ حَتّى كَأَنَّما
بِهِ صَمَمٌ عَمّا يَقولُ المُقاذِعُ

كَريمُ الثَنا تَأبى الدَنِيَّةَ نَفسُهُ
هُمامٌ لِأَبوابِ الحَوادِثِ قارِعُ

لَهُ حِكَمٌ مَأثورَةٌ حينَ تَلتَقي
بِآرائِها عِندَ المُلوكِ المَجامِعُ

يَقولُ فَلا يُخطي إِذا ما تَأَخَّرَت
عَنِ القَولِ ساداتُ الرِجالِ المَصاقِعُ

جَميلُ السَجايا كُلَّما اِزدادَ رِفعَةً
تَواضَعَ حَتّى قيلَ ماذا التَواضُعُ

سَواءٌ عَلَيهِ في القَضِيَّةِ مَن دَنَت
بِهِ الرَحِمُ القُربى وَمَن هُوَ١ شاسِعُ

نَشا مُذ نَشا لَم يَدرِ ما الجَهلُ وَالخَنا
وَسادَ بَني أَيّامِهِ وَهوَ يافِعُ

وَلا عَرَفَ العَوراءَ يَوماً وَلا اِنتَحى
إِلى خطَّةٍ يَبغي بِها مَن يُقاذِعُ

إِذا قيلَ مَن أَوفى مَعَدٍّ بِذِمَّةٍ
أَشارَت إِلَيهِ بِالبَنانِ الأَصابِعُ

لَقَد فُجعَت غُنمٌ وَبَكرٌ وَطُوطِئَت
لِمَهلِكِهِ أَكتادُها وَالقَبائِعُ

كَما فُجِعَت مِن قَبلِهِ بِجِدُودِهِ
بَنُو جُشَمٍ وَالمَجدُ لِلمَجدِ تابِعُ

فَصَبراً بَنِي مَستُور فَالدَهرُ هَكَذا١
وَكُلٌّ عَلَيهِ لِلمَنايا طَلائِعُ

فَفيكُم بِحَمدِ اللَهِ حِصنٌ وَمَعقِلٌ
وَنُورٌ مُبينٌ يَملَأُ الأُفقَ ساطِعُ

فَمَن كانَ عَبدُ اللَهِ مِنهُ خَليفَةً
فَما ماتَ إِلّا شَخصُهُ لا الطبائِعُ

فَتىً لَم يَزَل مُذ كانَ قَبلَ اِحتِلامِهِ
يُدافِعُ عَنكُم جاهِداً وَيُصانِعُ

فَما عاشَ فَالبَيتُ الرَفيعُ عِمادُهُ
يَطولُ عَلى الأَيّامِ وَالرَبعُ واسِعُ

وُقِيتَ الرَدى وَالسُوءَ يا با مُحمَّدٍ
وَحَلَّت بِمَن يَهوَى رَداكَ القَوارِعُ

تَعَزَّ فَكُلٌّ سَالِكٌ لِسَبيلِهِ
وَكُلُّ اِمرِئٍ مِن خَشيَةِ المَوتِ جازِعُ

وَنَحنُ سَواءٌ في المُصابِ وَإِن نَأَت
بِنا الدارُ فَالأَرحامُ مِنّا جَوامِعُ

وَلا شَكَّ مِنّا في التَأَسّي وَإِنَّما
نُعَزِّيكَ إِذ جاءَت بِذاكَ الشَرائِعُ


ابن المقرب العيوني

الحمدان
07-12-2024, 06:06 PM
بُنَيَّ مُذ غِبتَ عَن عَينَيَّ ما عَرَفَت
غمضاً وَلا بِتُّ إِلّا ساهِراً دَنِفا

وَلا سَمِعتُ بِشَخصٍ آبَ مِن سَفَرٍ
إِلّا حَنَنتُ وَأَعلَنتُ البُكا أَسَفا

قَضى أَخُوكَ حُسَينٌ نَحبَهُ وَمَضى
وَهَل سِواكَ تراهُ مِنهُ لِي خَلَفا

فَما مَرَرتُ بِقَبرٍ مُذ فُجِعتُ بِهِ
إِلّا وَصِحتُ بِأَعلى الصَوتِ وَا لَهَفا

فَاِرحَم أَباكَ فَلو أَبصَرتَ عَبرَتَهُ
وَكُلَّما كَفَّ مِن شأَنٍ لَها وَكَفا

قَد أَقرَحَ الدَمعُ عَينَيهِ وَقَد وَهَنَت
مِنهُ العِظامُ وَأَضحى الجِسمُ قَد نَحُفا

شَيخٌ أَنافَ عَلى السَبعينَ حَلَّ بِهِ
ثُكلٌ وَشَوقٌ فَإِن داما فَوَا تَلَفا

إِن لَم يَمُت خافَ أَن يَعمى وَمَن عَمِيَت
عَيناهُ ماتَ وَإِن لَم يَسكُنِ الجَدَفا

بُنَيَّ ما أَنتَ مِن أَهلِ العُقوقِ وَلا
عَوَّدتَني مِنكَ إِلّا البِرَّ وَاللُطَفا

فَرِقَّ لِي وَاِرث مِن هَمٍّ أُكابِدُهُ
شَوقاً إِلَيكَ وَحُزناً لِلّذي سَلَفا

وَاِدفَع بِلُقياكَ عَنّي وَحشَةً وَأَسىً
عَلى إِذابَةِ جِسمٍ بالضَنى اِختلَفَا

وَكُن جَوابَ كِتابي حينَ تَنشُرُهُ
وَأمُر بِشِدٍّ وَلَمّا تَبلُغِ الطَرَفا

وَلا تَكَلَّف لِرِزقٍ غُربَةً وَشَقا
الرِّزقُ آتٍ فَلا تَحمِل لَهُ كَلَفا


ابن المقرب العيوني

الحمدان
07-12-2024, 06:07 PM
أَبَرُّ شُهُودِي أَنَّني لَكَ عاشِقٌ
سُهادي وَسُقمي وَالدُمُوعُ الدَوافِقُ

فَجُودا بِلا مَنٍّ وَجُودَا بِلا أَذىً
فَما ماتَ مَومُوقٌ وَلا عاشَ وَامِقُ

فَلا عارَ في وَصلِ اِمرِئٍ ذِي صَبابَةٍ
فَذا الناسُ مُذ كانُوا مَشُوقٌ وَشائِقُ

وَلا تَحسَبِ الشَكوى الدَليلَ عَلى الهَوى
فَكَم صامِتٍ وَالدَمعُ عَن فيهِ ناطِقُ

لَقَد مُنِعَ النُطقَ اللِسانُ وَعاقَهُ
عَنِ البَثِّ وَالشَكوى مِن البَينِ عائِقُ

وَمِن أَينَ لي قَلبٌ يُؤَدّي عِبارَةً
إِلى مَنطِقي وَالبَينُ بِالقَلبِ آبِقُ

فَآهٍ عَلى سُلطانِ حَقٍّ مُوَفَّقٍ
لِما جاءَ في القُرآنِ حَقّاً يُوافِقُ

فَيَقطَعُ في حَقّي يَدَ البَينِ إِنَّهُ
لِسَوداءِ قَلبي يَومَ نُعمانَ سارِقُ

خَليلَيَّ مِن ذُهلِ بنِ شَيبانَ إِنَّني
بِحِبلِكُما دونَ البَرِيَّةِ واثِقُ

أَبُثُّكُما وَجدي وَأَشكُو إِلَيكُما
جَوىً بَينَ أَثناءِ الحَشا لا يُفارِقُ

وَأُنبِيكُما أَنّي عَلى ما عَهِدتُما
إِذا ضَيَّعَ العَهدَ المَلُولُ المماذِقُ

فَعَزماً فَفي وَخدِ المَطايا تَعِلَّةٌ
لِذي هِمَمٍ وَالمَوتُ غادٍ وَطارِقُ

وَقَد يَفجَأُ المَرءَ الحِمامُ وَما قَضى
لَهُ وَطَراً وَالناسُ ماضٍ وَلاحِقُ

أَلا لَيتَ شِعري هَل أَبيتَنَّ لَيلَةً
بِحَيثُ اِلتَقى سِقطُ اللِّوى وَالأَبارِقُ

وَهَل أَرَيَنَّ العِيسَ تَهوي رِقابُها
بِنا حَيثُ أَنقاءُ العُيونِ الشَواهِقُ

وَهَل أَرِدَن ماءَ العُذَيبِ غُدَيَّةً
وَقَد مَلَّ حادينا وَضَلَّ الفُرانِقُ

وَهَل تَصحَبَنّي فِتيَةٌ أَبَواهُمُ
عَلِيٌّ وَفَضلٌ لا صَدِىٌّ وَغافِقُ

وَشُعثٌ أطارَ النَومَ عَنها وَلاحَها
رُكوبُ المَرامي وَالهُمومُ الطَوارِقُ

سَرَت مِن قُرى البَحرَينِ وَاِستَنهَضَتهُمُ
هُمومٌ بِأَدناها تَشيبُ المَفارِقُ

أَقُولُ لَهُم وَالعِيسُ تَسدُو كَأَنَّها
بِنا بَينَ أَجزاعِ المُرارِ النَقانِقُ

صِلُوا اللَيلَ وَخداً بِالمَطايا فَإِنَّها
شَوارِفُ بُزلٌ لَيسَ فيها حَقائِقُ

فَقالَوا رُوَيداً بِالمَطِيِّ فَإِنَّها
رَذايا وَذا يَومٌ مِن الحَرِّ ماحِقُ

فَقُلتُ أَبُقياً كُلُّ هَذا وَرأَفَةً
عَلَيها وَهَل لِلسَيرِ إِلّا الأَيانِقُ

فَمِيلُوا عَلَيها بِالسِياطِ وَعَرِّفُوا
ذَوي الجَهلِ مِنّا كَيفَ تَحوي الوَسائِقُ

وَعَدُّوا وَرُدُّوا عَن كَظيمٍ وَنَكِّبُوا
غَضايا فَما بِالنَومِ تُطوى السَمالِقُ

وَلا تَرِدُوا إِلّا اِلتِقاطاً وَلَو أَتى
ظَماها عَلى أَجرانِها وَالوَدائِقُ

فَإِن هِيَ لِلوَفراءِ تاقَت فَإِنَّني
إِلى مَورِدٍ عَذبٍ بِحَرّانَ تائِقُ

إِلى مَورِدٍ لا يَعرِفُ الأَجنَ ماؤُهُ
وَلا نَبَتَت في حافَتيهِ الغَلافِقُ

جَرى مِن يَمينِ الأَشرَفِ المَلكِ ماؤُهُ
فَكُلُّ خَليجٍ مِنهُ لِلعَينِ رائِقُ

حَرامٌ عَلَيها دُونَهُ الماءُ وَالكَلا
وَأَن تَلتَقي أَعضادُها وَالمَفارِقُ

فَيَومَ تُوافيهِ تُراحُ وَيَنقَضي
شَقاها وَيُلقى مَيسُها وَالنَمارِقُ

وَتُضحي بِحَيثُ العِزُّ عَودٌ لنابِه
صَريخٌ وَحَيثُ الجُودُ غَضٌّ غُرانِقُ

تكَفِّرُ إِجلالاً وَتَسجُدُ هَيبَةً
وَقَد حَزَّتِ الأَوساطَ مِنها المَناطِقُ

مُرِمِّينَ إِلّا عَن حَديثٍ مُصَرَّدٍ
تُخالِسُهُم أَبصارُهُم وَتُسارِقُ

لَدى مَلكٍ مِن آلِ أَيّوبَ لَم تَسِر
بِأَحسَنِ نَشرٍ مِن ثَناهُ المَهارِقُ

كَريمٍ مَتى تَقصِدهُ تَقصِد مُيَمَّماً
جَواداً زَكَت أَعراقهُ وَالخلائِقُ

فَتىً لَو يُباري جُودَهُ البَحرُ لاِلتَقَت
دَرادِيرُ في حِيرَانِهِ وَمَغارِقُ

لَهُ هَيبَةٌ كَم ضَيَّقَت مِن مُوَسَّعٍ
وكَم قَد غَدا رَهواً بِها المتَضايِقُ

يَرُدُّ مِنَ المُستَصعَباتِ بِطَرفِهِ
وَإِيمائِهِ ما لا تَرُدُّ الفَيالِقُ

زَئيرُ لَيُوثِ الحَربِ حينَ تُحِسُّهُ
هَريرٌ وَإِمّا زَمجَرَت فَنَقانِقُ

إِذا غابَ فَهيَ الأُسدُ زأراً وَصَولَةً
وَإِن حَضَرَ الهَيجاءَ فَهيَ خَرانِقُ

أَحَلَّتهُ أَعلى كُلِّ مَجدٍ وَسُؤددٍ
صَوارِمُهُ وَالمُقرَباتُ السَوابِقُ

وَأَلبَسَهُ تاجَ المَعالي سَخاؤُهُ
وَإِقدامُهُ وَالضَربُ فارٍ وَفارِقُ

لَهُ الناسُ وَالدُنيا مِنَ اللَهِ نِحلَةً
حَباهُ بِها وَاللَهُ يُعطي وَيأفقُ

أَحَقُّ مُلوكِ الأَرضِ بِالمُلكِ مَن بِهِ
يَنالُ الغِنى الراجي وَتُحمى الحَقائِقُ

هُمامٌ إِذا ما هَمَّ ضاقَت بِرَحبِها
مَغارِبُها عَن عَزمِهِ وَالمَشارِقُ

يُسابِقُهُ في الرَوعِ عِرنِينُ أَنفِهِ
وَلِلرُّمحِ حملاقٌ وَلِلسَيفِ عاتِقُ

وَيَومٍ يُواري الشَمسَ رَيعانُ نَقعِهِ
وَيَحوَلُ قَبلَ الطَرفِ فيهِ الحَمالِقُ

وَتَمشي نُسورُ الجَوِّ فَوقَ عَجاجِهِ
وَتَبني بِهِ أَوكارَهُنَّ اللقالِقُ

كَأَنَّ العَجاجَةَ عارِضٌ وَكَأَنَّما
بِهِ المَشرَفِيّاتُ المَواضي عَقائِقُ

وَتَحسَبُ مِن رَأيِ الأَسِنَّةِ أَنَّها
قَواذِفُ قَذفٍ صَوَّتَت وَصَواعِقُ

وَقَد أَبطَلَ الضَربُ القِسيَّ وَأُلقِيَت
فَلَم يَبقَ إِلّا ضارِبٌ وَمُعانِقُ

مَشى نَحوَهُم مَشيَ السَبنتى فَداحِضٌ
بِشِكَّتِهِ أَو طائِشُ اللُبِّ زاهِقُ

بِنَصلٍ يَقُولُ المَوتُ حينَ يَشُكُّهُ
بِزَوجَةَ مَن يُعلى بِهِ أَنتِ طالِقُ

فَصَكَّ بِهِ الأَبطالَ صَكّاً بِهِ اِلتَقَت
لِقاءَ قِلىً أَقدامُها وَالعَنافِقُ

سَلِ الكُفرَ مَن أَودى بِدمياطَ رُكنَهُ
وَقَصَّرَ أَعلى فَرعِهِ وَهوَ باسِقُ

يُخَبِّركَ صِدقاً أَنَّ مُوسى هُوَ الَّذي
بِصارِمِهِ باقَت عَلَيهِ البَوائِقُ

وَقَد جاءَت الإِفرَنجُ مِن كُلِّ وجهَةٍ
كَأَنَّ تَداعيها السُيُولُ الدَوافِقُ

كَتائِبُ مِلءُ البَرِّ وَالبَحرِ مَن بَدَت
لَهُ قالَ ذا جُنحٌ مِنَ اللَيلِ غاسِقُ

تَسيرُ بِسَدٍّ مِن حَديدٍ لَوَ اِنَّهُ
هُوَ السَدُّ لَم يَخرِقهُ لِلوَعدِ خارِقُ

لَهُ لجَبٌ كادَت مِراراً لِهَولِهِ
تَقَطَّعُ بَينَ المُسلِمينَ العَلائِقُ

فَما كانَ إِلّا أَن أَحَسُّوا قُدُومَهُ
تَحُفُّ بِهِ تِلكَ البُنودُ الخَوافِقُ

يَهُزُّ حُساماً لَم يَكُن مِن دِمائِها
لَهُ صابِحٌ مِنهُم برِيٍّ وَغابِقُ

وَمالوا لِقَذفِ المالِ في اليَمِّ بِالضُحى
وَبِاللَيلِ ثارَت في الرِحالِ الحَرائِقُ

وَأَزعَجَهُم مَن ذاقَ لِلجُرحِ بَعدَهُم
بِأَمسٍ وَهَل يَستَعذِبُ المَوتَ ذائِقُ

فَوَلّوا فَمُنكَبٌّ عَلى أُمِّ رَأسِهِ
لَدُن ذاكَ لَم يَنفُق وَآخَرُ نافِقُ

وَمُستَعصِمٌ بِالبَحرِ مِنهُ وَعائِدٌ
بِأَخلَقَ تَنبُو عَن صَفاهُ المَطارِقُ

وَلَم يَبقَ يُثني مِن عَنانِ جَوادِهِ
أَبٌ لِاِبنِهِ وَالمَوتُ لِلقَومِ خانِقُ

فَسالَ دَمٌ لَو سالَ في الأَرضِ لَاِستَوى
بِها رَدَغٌ ما عُمِّرَت وَمَزالِقُ

جَرى مِنهُ فَوقَ البَحرِ بَحرٌ فَمَوجُهُ
إِلى الآنِ مِن بَعدِ الأَقاحي شَقائِقُ

فَصارَ نَئيماً ذَلِكَ الزَأرُ وَاِغتَدَت
بُغاماً لِفَرطِ الخَوفِ تِلكَ الشَقائِقُ

وَلَم يُنجِ مِنهُم لُجُّ بَحرٍ وَلا حَمَت
حُصونٌ أُديرَت حَولَهُنَّ الخَنادِقُ

وَلا مَنَعت في مُلتَقاها مُلوكها
قَرابَتُها صُهبُ اللِّحى والبَطارِقُ

فَيا لَكَ عَصراً أَلبَسَ الكُفرَ حُلَّةً
مِنَ الذُلِّ لا تَبلى وَلِلمِسكِ ناشِقُ

وَمَدَّ عَلى الإِسلامِ سِتراً مُوَفَّقاً
مِنَ العِزِّ يَبقى ما تَأَوَّهَ عاشِقُ

فَلَولاهُ لَم يَنطِق بِدِمياطَ داعِياً
إِلى كَلِمَةِ التَوحيدِ وَالعَدلِ ناطِقُ

فَأُقسِمُ ما والاهُ إِلّا مُوَحِّدٌ
تَقِيٌّ وَما عاداهُ إِلّا مُنافِقُ

فَلا يُعدِمَنَّ اللَهُ أَيّامَهُ الَّتي
بِها يَفتُقُ الإِسلامُ ما الكُفرُ راتِقُ

أَبا الفَتحِ لا زالَت بِكَفَّيكَ تَلتَقي
مَفاتيحُ أَرزاقِ الوَرى وَالمَغالِقُ

إِلَيكَ رَمَت بِي نائِباتٌ هَوارِقٌ
لِدَمعي وَأَحداثٌ لِعَظمي عَوارِقُ

أَبِيتُ وَفي صَدري مِنَ البَينِ خارقٌ
وَفي عُنُقي مِن كَظمَةِ الغَمِّ خانِقُ

وَلَم يَبقَ بَعدَ اللَهِ إِلّاكَ مَقصِدٌ
تَمُدُّ إِلَيهِ بِالأَكُفِّ الخَلائِقُ

فَكَم لُجِّ تَيّارٍ إِلَيكَ اِعتَسَفتُهُ
تُهالُ لِرُؤياهُ العُيونُ الرَوامِقُ

وَكَم جُبتُ مِن مَجهولَةٍ وَمُشَيِّعي
بِها قَلبُ مَأثورٍ وَشَيخانُ آفِقُ

وَما لِيَ خُبرٌ بِالفَيافي وَإِنَّما
سَناؤُكَ فيها قائِدٌ لي وَسائِقُ

شُهورٌ تِباعٌ سَبعَةٌ وَثَلاثَةٌ
أُرافِقُ لا أَلوي بِها وَأُفارِقُ

أَسيرُ مُجدّاً أَربَعاً وَيَعوقُني
ثَمانٍ مِنَ الحُمّاءِ وَالخَوفِ عائِقُ

وَأَينَ مِنَ البَحرَينِ سَنجارُ وَالقَنا
وَمِن راحَتَيها كِندَةٌ وَالجَرامِقُ

وَلَكِن إِذا ما المَرءُ لَم يَلقَ يَومَهُ
أَتى أَيَّ أَرضٍ رامَها وَهوَ رافِقُ

وَحُسنَ حَديثِ الناسِ عَنكَ اِستَفَزَّني
إِلَيكَ وَوُدٌّ يَعلَمُ اللَهُ صادِقُ

فَداكَ مِنَ الأَسواءِ كُلُّ مُضَلَّلٍ
عَنِ الرُشدِ لَم يَطرُقه لِلجُودِ طارِقُ

وَلا زِلتَ مَحرُوسَ الجَنابِ مُمَلَّكا
رِقابَ عِدى عَلياكَ ما ذَرَّ شارِقُ


ابن المقرب العيوني

الحمدان
07-12-2024, 06:08 PM
أَفي كُلِّ دارٍ لي عَدُوٌّ أُصاوِلُه
وَخَصمٌ عَلى طُولِ اللَيالي أُزاوِلُه

وَطاوٍ عَلى بَغضايَ تَصرُفُ نابُهُ
عَلَيَّ وَبِالشَحناءِ تَغلي مَراجِلُه

كَأَنَّ أَباهُ كانَ قاتِلَهُ أَبي
وَها أَنا إِن أَوفى بيَ العُمرُ قاتِلُه

دَعُوني وَأَرضَ اللَهِ فَهيَ عَريضَةٌ
فإِن يَفلُلِ العَزمُ الَّذي أَنا حامِلُه

سَتَشهَدُ لي بِالسَيرِ في كُلِّ مَهمَهٍ
أَواخِرُ لَيلي إِن أَعِش وَأَوائِلُه

سَئِمتُ مُداراةَ اللَيالي وَغَرَّني
صَديقٌ أُصافيهِ وَخِلٌّ أُواصِلُه

وَضِقتُ ذِراعاً باِبنِ عَمٍّ مُحَبَّبٍ
إِلَيَّ وَإِن لَم تَسقِ أَرضي مَخاثِلُه

فَكَم لَيلَةٍ عَلَّلتُ نَفسي بِذِكرِهِ
وَسَكَّنتُ قَلبي فَاِطمَأَنَّت بَلابِلُه

فَلَمّا اِلتَقَينا كانَ حَظّي جَفاؤُهُ
وَكانَ لِغَيري بِرُّهُ وَنَوافِلُه

وَلَم أَسَتشِر قَلبي عَلى بَتِّ حَبلِهِ
مِنَ اليَأسِ إِلّا كادَ لُبّي يُزايِلُه

حُنُوّاً عَلَيهِ وَاِنتِظاراً لَعَلَّهُ
يُريعَ فَتُعصى في اِصطِناعي عَواذِلُه

وَإِنّي مَعَ الغَبنِ الَّذي يَرمضُ الحَشا
لأَحمي وَأَرمي دُونَهُ مَن يُناضِلُه

وَأُظهِرُ للأَقوامِ أَنّي بِقُربِهِ
مَليكٌ يُرَجّى رِفدُهُ وَفَواضِلُه

وَإِن ذَكَروهُ في النَدى قُلتُ ماجِدٌ
وَهوبٌ لِجُلِّ المالِ حُلوٌ شَمائِلُه

وَعَنَّفَني في قَصدِهِ وَاِصطِفائِهِ
رِجالٌ وَفي النَظمِ الَّذي أَنا قائِلُه

وَقالوا أَلَيسَ الماءُ يَعرِفُ طَعمَهُ
بِأَوَّلَ سِجلٍ مُرتَويهِ وَناهِلُه

وَأَنتَ فَقَد جَرَّبتَ كُلَّ مُجَرَّبٍ
وَطاوَلتَ ما لا كانَ خَلقٌ يُطاوِلُه

وَقُلتَ فَأَحسَنتَ المَقالَ وَلَم تَدَع
لِمُبتَدِعِ الأَشعارِ مَعنىً يُحاوِلُه

وَقُمتَ مَقاماً لَو يُقامُ لِغَيرِهِ
لَقالَ اِرتياحاً أَحسُن البِرِّ عاجِلُه

فَدَع عَنكَ مَولىً لا يُفيدُكَ قُربُهُ
وَذُمَّ اِبنَ عَمٍّ لا يَعُمُّكَ نائِلُه

وَهَل يَنفَعُ النَجدِيّ غَيمٌ لِأَرضِهِ
صَواعِقُهُ العُظمى وَلِلغَورِ وابِلُه

فَقُلتُ رُوَيداً إِنَّهُ اِبنُ مُحمَّدٍ
وَإِن ساءَني إِعراضُهُ وَتَغافُلُه

وَإِنّي لَأَرجُو وَليَةً مِن غَمامِهِ
بِها يَمرَعُ الوَادي وَيَخضَرُّ باقِلُه

أَقولُ لِرَهطٍ مِن سُراةِ بَني أَبي
وَدَمعُ المَآقي قَد تَداعَت حَوافِلُه

إِلى مَ بَني الأَعمامِ نُغضي عَلى القَذى
وَنُكثِرُ لَيّانَ العُلى وَنُماطِلُه

هَلِ الشَرُّ إِلّا ما تَرونَ وَرُبَّما
تَعَدّى فَأَنسى عاجِلَ الشَرِّ آجِلُه

وَهَل يَحمِلُ العَزمَ الثَقيلَ أَخُو العُلى
وَيَضعُف عَن حَملِ الظُلامَةِ كاهِلُه

وَما بَعدَ سَلبِ المالِ وَالعِزِّ فَاِعلَمُوا
مُقامٌ وَزادُ المَرءِ لا بُدَّ آكِلُه

وَلا بَعدَ تَحكيمِ العِدى في نُفوسِنا
وَأَموالِنا شَيءٌ مِنَ الخَيرِ نَأمُلُه

أَطاعَت بِنا إِخوانُنا كُلَّ كاشِحٍ
خَبيثِ الطَوايا يُشبِهُ الحَقَّ باطِلُه

وَجازَ عَلَيهِم قَولُ مَن قالَ إِنَّنا
عَدُوٌّ مَعَ الإِمكانِ تُخشى غَوائِلُه

فَأَينَ عُقولُ القَومِ إِذ يَقبَلونَهُ
فَما يَستوي مَنقوصُ عَقلٍ وَكامِلُه

أَنَحنُ بَنَينا العِزَّ أَم كانَ غَيرُنا
بَناهُ وَشَرُّ الناسِ مَن خابَ عامِلُه

وَهَل كانَ عَبدُ اللَهِ والِدَ مَعشَرٍ
سِوانا فَيُستَصفى وَتَمشي وَسائِلُه

فَأُقسِمُ ما هَذا لِخَيرٍ وَإِنَّهُ
لَأَوَّلُ ما الأَمرُ المُقَدَّرُ فاعِلُه

وَمَن يَستَمِع في قَومِهِ قَولَ كاشِحٍ
أُصيبَت كَما شاءَ المُعادي مَقاتِلُه

وَما كُلُّ مَن يُبدي المَوَدَّةَ ناصِحٌ
كَما لَيسَ كُلُّ البَرقِ يَصدُقُ خائِلُه

وَقَد يُظهِرُ المَقهُورُ أَقصى مَوَدَّةٍ
وَأَوهاقُهُ مَبثُوثَةٌ وَمَناجِلُه

وَمَن لَم يُقابِل بِالجَلالَةِ قَومَهُ
أَتاهُ مِنَ الأَعداءِ ما لا يُقابِلُه

وَمَن لَم يُبِح زُرقَ الأَسِنَّةِ لَحمَهُ
أُبيحَ حِماهُ وَاِستُرِقَّت حَلائِلُه

وَمَن لَم يُدَبِّر أَمرَهُ ذُو بَصيرَةٍ
شَفيقٌ بَكَتهُ عَن قَريبٍ ثَواكِلُه

وَكَم مِن هُمامٍ ضَيَّعَ الحَزمَ فَاِلتَقَت
عَلَيهِ عِداهُ بِالرَدى وَدخائِلُه

وَما المَرءُ إِلّا عَقلُهُ وَلِسانُهُ
إِذا قالَ لا أَبرادُهُ وَغَلائِلُه

فَقُومُوا بِعَزمٍ وَاِجعَلُوني مُقَدَّماً
فَأَيُّ حُسامٍ لَم تُرَصَّع حَمائِلُه

وَسِيرُوا عَلى طَيرِ الفَلاحِ فَقَد أَرى
رَسُولَ الجَلا وافى وَقامَت دَلائِلُه

فَإِنّي كَفيلٌ بِالخَرابِ لِبَلدَةٍ
يُراعى بِها مِن كُلِّ حَيٍّ أَراذِلُه

وَمِن ضَعفِ رَأي المَرءِ إِكرامُ ناهِقٍ
وَقَد ماتَ هزلاً في الأَواخِيِّ صاهِلُه

وَمَن ضَيَّعَ السَيفَ اِتِّكالاً عَلى العَصى
شَكى وَقعَ حَدِّ السَيفِ مِمّن يُنازِلُه

وَلَيسَ يَزينُ الرُمحَ إِلّا سِنانُهُ
كَما لا يَزينُ الكَفَّ إِلّا أَنامِلُه

فَإِن تَرفُضوا نُصحي فَما أَنا فيكُمُ
بِأَوَّلِ مَيمُونٍ عَصَتهُ قَبائِلُه

سَأُمضي عَلى الأَيّامِ عَزمي وَإِن أَبَت
لَأَظفَرَ مِنها بِالَّذي أَنا آمِلُه

فَإِنَّ بِقُربي مِن رِجالي مُتَوَّجاً
تُواصِلُ أَسبابَ العُلى مَن يُواصِلُه

مَنيعُ الحِمى لا يُذعِرُ القَومُ سَرحَهُ
وَلا يَمنَعُ الأَعداءُ شَيئاً يُحاوِلُه

إِلَيكَ عِمادَ الدّينِ عِقدُ جَواهِرٍ
تَناهى فَما يُؤتى بِعقدٍ يُشاكِلُه

فَقَد كُنتُ قَد عِفتُ القَريضَ زَهادَةً
بِمُستامِهِ إِذ يُرخِصُ الدُرَّ جاهِلُه

وَأَكبَرتُ نَفسي عَن مَديحي مُذَمَّماً
بِكُلِّ قَبيحٍ بَشَّرتنا قَوابِلُه

وَلَولاكَ لَم أَنبِس بِبَيتٍ وَلَو طَمى
مِنَ الشِعرِ بَحرٌ يَردفُ المَوجَ ساحِلُه

وَلَكِنَّ لي فيكُم هَوىً وَقَرابَةً
تُحَرِّكُني وَالرَحمُ يُحمَدُ واصِلُه

وَإِنّي لَأَشنا المَدحَ في غَيرِ سَيِّدٍ
أَبُوهُ أَبي لَو زاحَمَ النَجمَ كاهِلُه

فَلا زِلتَ كَهلاً لِلعَشيرَةِ يُلتَجى
إِلَيهِ إِذا ما الدَهرُ عَمَّت زَلازِلُه


ابن المقرب العيوني

الحمدان
07-12-2024, 06:09 PM
زَهَت هَجَرٌ مِن بَعدما رَثَّ حالُها
وَعادَ إِلَيها حُسنُها وَجَمالُها

وَأَضحَت تُباهي جَنَّتي أَرضِ مَأربٍ
لَيالي بَنُو ماءِ السَماءِ حِلالُها

فَيا حُسنَها حينَ اِستَقَرَّ قَرارُها
وَزايَلَها ما كانَ فيهِ وَبالُها

بِأَوبَةِ مَيمُونِ النَقيبَةِ لَو سَطا
عَلى الأرضِ خَوفاً مِنهُ زالَت جِبالُها

بِهِ اِعتَدَلَت أَرض الحَساءِ وَغَيرُها
وَقَد كانَ أَعيَى لِلأَنامِ اِعتِدالُها

إِذا غابَ عَنها غابَ عَنها رَبيعُها
وَإِن آبَ فيها آبَ فيها ثِمالُها

فَتىً لَم يَزَل مُذ كانَ يخشى وَيُرتَجى
إِذا قَصَّرَت عَن يَومِ خَطبٍ رِجالُها

فَيَخشاهُ جَبّارٌ وَيَرجُوهُ خائِفٌ
وَأَرمَلَةٌ قَد ماتَ هُزلاً عيالُها

يَجُذُّ مَقالاتِ الرِجالِ بِلَفظَةٍ
وَيَقصُرُ عَنهُ عِندَ ذاكَ جِدالُها

تَوَدُّ مُلوكُ الشَرقِ وَالغَربِ أَنَّهُ
يَمينٌ وَأَنَّ العالمينَ شِمالُها

هُمامٌ مَتى نُودي عَلى الخَيلِ بِاِسمِهِ
تَضايَقَ عَنها في المَكَرِّ مَجالُها

وَإِن حُدِيَت بَعدَ الكَلالِ قَلائِصٌ
بِذكراهُ وَهناً زالَ عَنها كَلالُها

وإِن نُزلَ الخرمُ المَخُوفُ فَبَيتُهُ
مِن الأَرضِ عالي هُضبِها وَتِلالُها

وَإِن نَزَلَ الوَسمِيُّ دارَ قَبيلَةٍ
رَعاهُ ولَو أَنَّ الرياضَ قِلالُها

أَعَزَّ عُقَيلاً عِزُّهُ فَتَدَامَلَت
وَمِن قَبلُ أَعيى مَن سِواهُ اِندِمالُها

كَفاها وَأَغناها بِنائِلِ كَفِّهِ
وَمالِ عِداها فَاِغتَدَت وَهوَ مالُها

وَأَنزَلَها دارَ الأَعادي بِسَيفِهِ
فَأَضحَت خَفافيثاً لَدَيها صِلالُها

وأَورَدَها بِالمَشرَفيِّ مَوارِداً
حَرامٌ بِغَيرِ المَشرَفيِّ بَلالُها

أَقامَ عُهُوداً بَينَ عَمرٍو وَعامِرٍ
عَيِيٌّ عَلى أَيدي الرِجالِ اِنحِلالُها

لَعَمري لَنِعمَ المُستَغاثُ إِذا دَعَوا
لِنائِبَةٍ جَلَّت وَآذى اِحتِمالُها

وَنِعمَ لِسانُ القَومِ إِن قيلَ مَن لَها
خَطيبٌ وَأَعيَى الحاضِرينَ مَقالُها

وَنِعمَ مُناخُ الطارِقينَ إِذا أَتَت
تُقَلقِلُ مِن بَعدِ الهُدُوِّ رِحالُها

وَنِعمَ مَلاذُ المُعتَفينَ إِذا نَبا
زَمانٌ وَهَبَّت عامَ مَحلٍ شَمالُها

وَنِعمَ سَدادُ الثَغرِ تَكثُرُ دُونَهُ
مَعاذيرُ أَربابِ العُلى وَاِعتِلالُها

فَيا ذا العُلى وَالمَجدِ وَالدَوحَةِ الَّتي
زَكى فَرعُها وَاِزدادَ طيباً ظِلالُها

وَجَدِّكَ مُذ فارَقتَنا ما صَفَت لَنا
حَياةٌ وَلا خَلّى العُيونَ اِنهِمالُها

وَما ذاكَ إِلّا لِاِشتِياقٍ مُبَرِّحٍ
إِلى لَثمِ كَفٍّ لَيسَ كُلٌّ يَنالُها

أَنامِلُها فيها حَياةٌ وَرَحمَةٌ
ومَوتٌ وَيُغني الطالِبينَ اِنهِمالُها

فَعِش أَبَداً يابا عَلِيٍّ بِعِزَّةٍ
يَزيدُ عَلى مَرِّ اللَيالي جَلالُها

فَأَنتَ الَّذي لَولاهُ لَم تَبقَ رايَةٌ
لِمَجدٍ وَرَثَّت غَيرَ شَكٍّ حِبالُها

وَجِد وَاِجتَهِد في آلِ جَروانَ إِنَّهُم
سُيوفٌ تُقَرّي حاسِديكَ نِصالُها

هُمُ بَذَلُوا فيما يَسُرُّكَ أَنفُساً
كِراماً وَنارُ الحَربِ يَعلُو اِشتِعالها

وَهُم حَطَّمُوا سُمرَ العَوالي وَفَلَّلُوا
مَضارِبَ أَسيافٍ حَديثاً صِقالُها

غَداةَ أَبي الجرّاحِ يَغدو كَأَنَّهُ
نَعامَةُ قَفرٍ تَقتَفيها رِئالُها

وَذادُوا الأَعادي عَن حِماكَ وَفَلَّقُوا
جَماجِمَ لَم يَبرَح قَديماً ضَلالُها

وَأُوصِيكَ خَيراً بِالعَشيرَةِ كُلِّها
فَإِنَّكَ مِن بَعدِ الإِلَهِ مَآلُها

فَأَنتَ الَّذي أَحيَيتَها وَأَغثتَها
وَقَد كَثُرَت قِيلُ الأَعادي وَقالها

فَلا تَكتَرِث مِن قَولِ واشٍ وَشى بِها
فَما مُبلِغُ الحُسّادِ إِلّا مِحالها

وَأَلغِ مَقالاتِ الوُشاةِ فَإِنَّها
لأَشياءَ ظَنّي أَنَّها لا تَنالُها


ابن المقرب العيوني

الحمدان
07-12-2024, 06:09 PM
أُمَيمُ لا تُنكِري حِلّي وَمُرتَحَلي
إِنَّ الفَتى لَم يَزَل كَلّاً عَلى الإِبِلِ

وَسائِلي وارِدَ الرُكبانِ عَن خَبَري
يُنبيكِ أَنّيَ عَينُ الماجِدِ البَطَلِ

لا أَشرَبُ الماءَ ما لَم يَصفُ مَورِدُهُ
وَلا أَقولُ لِمُعوَجِّ الوِصالِ صِلِ

تُكَلِّفِيني مُقاماً بَينَ أَظهُرِكُم
وَلَيسَ يَبدُو فِرِندُ السَيفِ في الخِلَلِ

ما دامَتِ البيضُ في الأَجفانِ مُغمَدَةً
فَما يَبينُ لَها في الهامِ مِن عَمَلِ

وَفي التَنَقُّلِ عِزٌّ لِلفَتى وَعُلاً
لَم يَكمُلِ البَدرُ لَولا كَثرَةُ النَقلِ

وَالمَندَلُ الرَطبُ في أَوطانِهِ حَطَبٌ
وَقَد يُقوَّمُ في الأَسفارِ بِالجُملِ

داوَيتُكُم جاهِداً لَو أَنَّ داءَكُمُ
مِمّا يُداوى بِغَيرِ البيضِ وَالأَسَلِ

وَكُلَّما زادَ نُصحي زادَ غَيُّكُمُ
لا بارَكَ اللَهُ في وُدٍّ عَلى دَخَلِ

أَسَأتمُ وَظَنَنتُم لا أَباً لَكُمُ
أَن لا أُحِسَّ بِطَعمِ الصابِ في العَسَلِ

إِن أَترُكِ العَودَ في أَمرِ اِغتِنائِكُمُ
فَنَهلَةُ الطَرفِ مَجزاةٌ عَنِ العَلَلِ

كَم قَد غَرَستُ مِنَ الإحسانِ عِندَكُمُ
لَو يُثمِرُ الغَرسُ في صَفواءَ مِن جَبَلِ

لا تَحسَبُوا أَنَّ بُعدَ الدارِ أَوحَشَني
البُعدَ آنَسُ مِن قُربٍ عَلى دَغَلِ

لَقَد تَبَدَّلتُ مِنكُم خَيرَ ما بَدَلٍ
فَاِستَبدِلُوا الآنَ مِنّي شَرَّ ما بَدَلِ

شَرُّ الأَخِلّاءِ مَن تَسري عَقارِبُهُ
لا خَيرَ في آدِمٍ يُطوى عَلى نَغلِ

لا تَنقِمُونَ عَلى مَن لا يَبيتُ لَكُم
مِنهُ سَوامٌ وَلا عِرضٌ عَلى وَجَلِ

يُزانُ ناديكُمُ يَومَ الخِصامِ بِهِ
كَما تُزانُ بُيُوتُ الشِعرِ بِالمَثَلِ

إِذا خَطِيبُكُم أَكدَت بَلاغَتُهُ
أَجابَ عَنهُ فَلَم يُقصِر وَلَم يُطِلِ

أَثرى زَماناً فَلَم يَذمُمهُ سائِلُهُ
وَقَلَّ مالاً فَلَم يَضرَع وَلَم يَسَلِ

يَكسُوكُمُ كُلَّ يَومٍ مِن مَحاسِنِهِ
وَمَجدِهِ حُلَلاً أَبهى مِنَ الحُلَلِ

وَلَم يَزَل هَمُّهُ تَشييدَ مَجدِكُمُ
يَوَدُّ لَو أَنَّهُ أَوفى عَلى زُحَلِ

يُهينُ في وُدِّكُم مَن لا يَوَدُّ لَهُ
هُوناً وَيُكرِمُ فيهِ عِلَّةَ العِلَلِ

إِن قُلتُمُ الخَيرَ يَوماً قالَ مُبتَجِحاً
عَنكُم وَإِن قُلتُمُ العَوراءَ لَم يَقُلِ

ما ضَرَّكُم لَو وَفَيتُم فَالكَريمُ إِذا
حالَ اللَئيمُ وَفى طَبعاً وَلَم يَحلِ

أَلَستُ أَوفاكُمُ عَهداً وَأَحلَمُكُم
عَقداً وَأَقوَمُكُم بِالفَرضِ وَالنَفَلِ

أَلَيسَ بَيتُكُم في العِزِّ مَركَزُهُ
بَيتي فَما كانَ مِن فَخرٍ فَمِن قبلي

أَلَستُ أَطوَلَكُم في كُلِّ مَكرُمَةٍ
باعاً وَأَحملَكُم لِلحادِثِ الجَلَلِ

كَم يَنفُقُ الغِشُّ فِيكُم وَالنِفاقُ وَكَم
لا تَرغَبُونَ إِلى نُصحٍ ولا عَذَلِ

إِن يُمسِ مَقتُكُمُ حَظّي فَحُقَّ لَكُم
الوَردُ مِن قُربِهِ يُغمى عَلى الجُعَلِ

وَإِن عَكَفتُم عَلى من لا خَلاقَ لَهُ
دُوني فَقَد عَكَفَت قَومٌ عَلى هُبَلِ

أَمَّلتُ دَفعَ مُلِمّاتِ الخُطوبِ بِكُم
فَآهِ واشَقوتا مِن خَيبَةِ الأَمَلِ

وَكُنتُ أَحسَبُكُم مِمَّن تَقرُّ بِهِ
عَيني فَأَلفَيتُكم مِن سُخنَةِ المُقَلِ

إِن يَخفَ ما بَينَكم فَضلي فَلا عَجَبٌ
لا يَستَطيعُ شُعاعَ الشَمسِ ذُو السَبَلِ

يا لَيتَ شِعريَ وَالأَنباءُ ما بَرِحَت
تُسايِرُ الريحَ بِالأَسحارِ وَالأُصُلِ

هَل جاءَ قَومي وَأَخداني الَّذينَ هُمُ
إِن أُرمَ مِن قِبَلِ الرامينَ لا قِبلي

بِأَنَّني لَم أَرِد وِرداً أُعابُ بِهِ
وَلَم أَقِف ذاتَ يَومٍ مَوقِفَ الخَجَلِ

كَسَوتُ قَومِيَ وَالبَحرَين ثَوبَ عُلاً
يَبقى جَديداً بَقاءَ الحُوتِ وَالحَملِ

لَقَد تَقَدَّمتُ سَبقاً مَن تَقَدَّمَني
سِنّاً وَأَدرَكَ شَأوي فارِطَ الأوَلِ

بِذاكَ قُدوَةُ أَهلِ العِلمِ قاطِبَةً
أَبو البَقاءِ مُحِبُّ الدَينِ يَشهَدُ لي

هُوَ الإِمامُ الَّذي كُلٌّ لَهُ تَبَعٌ
مِن كُلِّ حافٍ عَلى الدُنيا وَمُنتَعِلِ

فَما الخَليلُ لَهُ مِثلٌ يُقاسُ بِهِ
وَهَل يُقايَسُ بَينَ البَحرِ والوَشَلِ

وَبَعضِ غُلمانِهِ يَكفي فَكَيفَ بِهِ
مُهَذَّباً لَم يَحِف جَوراً وَلَم يَمِلِ

وَلَم يَقُل وَحدَهُ ما قالَ بَل شَهدَت
بِهِ الأَفاضِلُ مِن بَغدادَ عَن كَمَلِ

وَلَيسَ في الشِعرِ مِن فَضلٍ يَطُولُ بِهِ
مِثلي وَلَو فاقَ أَعلى سَبعِها الطُوَلِ

بَل فَضلُ مِثلِيَ أَن يَسمُو بِهِمَّتِهِ
عَن مَدحِ فَدمٍ عَن العَلياءِ في شُغُلِ


ابن المقرب العيوني

الحمدان
07-12-2024, 06:10 PM
أَبا الفَضائِلِ يا مَن في مُفاضَتِهِ
بَدرٌ وَبَحرٌ وَثُعبانٌ وَرئبالُ

لا تَحلِفَنَّ بِقَولِ المُرجِفينَ وَما
قَد زَخرَفُوا فَعَلى ذا الوَضعِ ما زالُوا

فَقَد عَهِدتُكَ طَوداً ما تُزَعزِعُهُ
نَكباءُ عادٍ فكَيفَ القِيلُ وَالقالُ

مَن ذا يَهُمُّ بِغابٍ أَنتَ ضيغمُهُ
وَحَولَكَ الأُسدُ في الماذِيِّ تَختالُ

قَد كُنتَ وَحدَكَ لا جُندٌ وَلا عَدَدٌ
وَقَد أَتَوكَ فَقُل لي ما الَّذي نالُوا

هَل غَيرُ إحراقِ غَلّاتٍ وَقَد شَقِيَت
بِهِم عَجائِزُ هِمّاتٌ وَأَطفالُ

وَكُلُّ ذا لَيسَ يُشفى غَيظَ ذي حَنَقٍ
وَكَيفَ يَشفي غَليلَ الحائِمِ الآلُ

وَأَنتَ لَو شِئتَ أَضحَت كُلُّ ناحِيَةٍ
مِن أَرضِهِم وَبِها نَوحٌ وَإِعوالُ

لَكِن أَبى لَكَ حِلمٌ راسِخٌ وَتُقىً
ما لا تَوَهَّمهُ غَوغاءُ جُهّالُ

وَأَنتَ تَعلَمُ لازِلتَ المَنيعَ حِمىً
أَنَّ الشَدائِدَ لِلساداتِ غِربالُ

قَد أَحسَنَ المُتَنَبّي إِذ يَقولُ وَما
زالَت لَهُ حِكَمٌ تُروى وَأَمثالُ

لا يُدرِكُ المَجدَ إِلّا سَيّدٌ فَطِنٌ
لِما يَشُقُّ عَلى الساداتِ فَعّالُ

وَأَنتَ ذاكَ الَّذي نَعني فَلا اِنقَطَعَت
إِلى القِيامَةِ لِلراجيكَ آمالُ

وَسُرَّ وَاِسعَد بِذا الشَهرِ الأَصَمِّ فَقَد
وَافاكَ يَصحَبُهُ نَصرٌ وَإِقبالُ

وَاِسلَم وَدُم في نَعيمٍ شامِلٍ وَعُلاً
ما دامَ لِلعَيشِ بِالوَعساءِ إِرقالُ


ابن المقرب العيوني

الحمدان
07-12-2024, 06:10 PM
كَمالَ الدّينِ أَنتَ لِكُلِّ خَيرٍ
وَعارِفَةٍ تُفيدُ الشُكرَ أَهلُ

مُخائِلُكَ الجَميلَةُ أَخبَرَتنِي
بِأَنَّكَ لا يَبُورُ لَدَيكَ فَضلُ

وَها أَنا كُلَّما اِستَأذَنتُ قالَت
لِيَ الحُجّابُ لِلمَخدُومِ شُغلُ

فَإِن قُلتُ اِعلمُوهُ بِغَيرِ إِذنٍ
مَقالَةَ مَن لَهُ أَدَبٌ وَعَقلُ

رَأَيتُ لِكُلِّهِم عَنّي اِزوِراراً
جُنوحَ العِجلِ مالَ عَلَيهِ عِجلُ

وَطالَ عَناي يَوماً بَعدَ يَومٍ
وَكُلُّهُمُ عَلَيهِ ذاكَ سَهلُ

وَلَولا كَثرَةُ الأَشغالِ فَاِعلَم
لَما خَفَقَت إِلى ناديكَ نَعلُ

وَإِهداءُ السَلامِ إِلَيكَ شَأني
فَهَل لِسلامِ مُصفي الوُدِّ ثِقلُ

وَلِلحُجّابِ وَهمٌ غَيرُ هَذا
وَلِلأَوهامِ في الأَذهانِ فِعلُ

وَلا وَاللَهِ ما بِدُخُولِ مِثلي
عَلَيكَ يَفُوتُ أَهلَ الذَنبِ ذَحلُ

فَإِنّي بِعتُ مَركُوبي وَما لي
سِواهُ يَدٌ أَنُوءُ بِهِ وَرَحلُ

بِأَوكَسِ قِيمَةٍ في شَرِّ وَقتٍ
وَعَضلُ البَيعِ في الحاجاتِ بسلُ

وَقُلتُ أَقي بِهِ عِرضي لِئَلّا
يَرَى حَسَبي بِعَينِ النَقصِ نَذلُ

وَكُلٌّ عالِمٌ لَكِن خَضُوعي
لِغَيرِ عُلاكَ بَعدَ اللَهِ خَبلُ

فَما رابَ المُجاهِدَ مِن دُخولي
وَأَبيَكَ إِنَّ ذا لَعَمىً وَجَهلِ

وَذا حِينَ الوداعِ وَسَوفَ يَأتي
ثَناءٌ يُطرِبُ الأَسماعَ جَزلُ

فَلا عَبَثَت بِساحَتِكَ اللَيالي
فَإِنَّكَ لِلصَّديقِ يَدٌ وَنَصلُ

وَلا بَرِحَت عِداتُكَ حَيثُ كانُوا
وَكُلُّ حَياتِهِم حَربٌ وَثَكلُ


ابن المقرب العيوني

الحمدان
07-12-2024, 06:11 PM
بِالسَيفِ يُفتَحُ كُلُّ بابٍ مُقفَلٍ
وَتُحَلُّ عُقدَةُ كُلِّ خَطبٍ مُشكِلِ

فَاِقرَع إِذا صادَفتَ باباً مُرتَجاً
بِالسَيفِ حَلقَةَ صَفقَتَيهِ تَدخُلِ

وَإِذا بَدَت لَكَ حاجَةٌ فَاِستَقضِها
بِالمَشرَفِيَّةِ وَالرِماحِ الذُبَّلِ

لا تَسأَلَنَّ الناسَ فَضلَ نَوالِهِم
وَاللَهَ وَالبِيضَ الصَوارِمَ فَاِسأَلِ

فَالسَيفُ أَكرَمُ مُجتَدىً يَمَّمتَهُ
فَإِذا تَلُوذُ بِهِ فَأَمنَعُ مَعقِلِ

وَاِجعَل رَسُولَكَ إِن بَعَثتَ إِلى العِدى
زُرقَ الأَسِنَّةِ فَهيَ أَصدَقُ مُرسَلِ

وَاِعلَم هُدِيتَ وَلا إِخالُكَ جاهِلا
أَنَّ الرَسولَ يُبينُ عَقلَ المُرسِلِ

وَاِقعُد وَأَرضُكَ ظَهرُ أَجرَدَ سابِحٍ
وَسَماؤُكَ الدُنيا غَيابَةُ قَسطَلِ

كُن كَاِبنِ مَسعُودٍ حُسَينٍ في النَدى
وَالبَأسِ أَو فَعَنِ المَكارِمِ فَاِعدِلِ

الطاعِنِ الفُرسانَ كُلَّ مُرِشَّةٍ
جَيّاشَةٍ تَغلي كَغَليِ المِرجَلِ

وَالتارِكِ الأَبطالَ تَسجُدُ هامُها
بِالسَيفِ غَيرَ عِبادَةٍ لِلأَرجُلِ

وَالخائِضِ الغَمَراتِ لا مُتَقَهقِراً
حَتّى بِصارِمِهِ المُهَنَّدِ تَنجَلي

وَالنازِلِ الثَغرَ الَّذي لَو يُبتَلى
بِنُزولِهِ رَبُّ الحِمى لَم يَنزِلِ

وَالحامِلِ العِبءَ الَّذي لَو حُمِّلَت
هَضَباتُ سَلمى بَعضَهُ لَم يَحمِلِ

وَالواهِبِ الكُومَ الذُرى وَرعاتَها
وَفِصالَها عَفواً ولَمّا تُفصَلِ

وَهُوَ المُجيرُ الجارِياتِ مُرَوّعاً
مَن جارَهُ فِعلَ الهُمامِ الأَطوَلِ

وَتَبيتُ جارَتُهُ وَلَم يَرفَع لَها
كِسراً بِعِلَّةِ قائِلٍ مُتَضَلِّلِ

يُغضي إِذا بَرَزَت وَيَخفِضُ صَوتَهُ
عَنها فِعالَ الناسِكِ المُتَبَتِّلِ

لَم يَنطِقِ العَوراءَ قَطُّ وَلا اِصطَفى
نَذلاً وَلا أَصغى لِقَولِ مُضَلِّلِ

وَإِذا المُحُولُ تَتابَعَت أَلفَيتَهُ
مُتَبَجَّحَ العافي وزادَ المُرمِلِ

وَإِذا لَظى الحَربِ الزَّبونِ تَأَجَّجَت
أَطفى لَوافِحَها بِحَملَةِ فَيصَلِ

كَم فارِسٍ أَردى بِطَعنَةِ ثائِرٍ
تُدني مِنَ الأَدبارِ حَدَّ المَقتلِ

وَعَميدِ قَومٍ صَكَّ مَفرِقَ رَأسِهِ
بِالسَيفِ في لَيلِ العَجاجِ الأَليَلِ

يَلقى الكَتيبَةَ واحِداً فَكَأَنَّها
في مِقنَبٍ وَكَأَنَّهُ في جَحفَلِ

وَكأَنَّ جاحِمَ كُلِّ نارٍ أُوقِدَت
لِلحَربِ في عَينَيهِ نارُ مُهَوِّلِ

تَلقاهُ أَثبَتَ ما يُكُونَ جَنانُهُ
وَالبِيضُ تَختَطِفُ الرُؤوسَ وَتَجتَلي

مُتَهاوِناً بِالمَوتِ يَعلَمُ أَنَّهُ
سَيَمُوتُ بِالأَدواءِ مَن لَم يُقتَلِ

نَهدٌ عَلى نَهدِ المَراكِلِ سابِحٍ
رَحبِ اللِبابِ مُحَجَّلٍ لِلأَرجُلِ

مُتَمَطِّرٍ سامي التَليلِ مُقابلٍ
بَينَ النَعامَةِ وَالحرُونِ وَقُرزُلِ

كَالمَجدَلِ العادِيِّ إِلّا أَنَّهُ
يُمرى فَيَنقَضُّ اِنقِضاضَ الأَجدَلِ

طِرفٌ يُعَوِّذُهُ الأَريبُ مُجَلَّلاً
مِن شَرقِ طُرَّتِهِ وَغَيرَ مُجَلَّلِ

وَبِكَفِّهِ ماضٍ يُخالُ عَقيقَةً
لَمَعَت بِصَفحَةِ عارِضٍ مُتَهَلِّلِ

عَودٌ عَنِ اليَومَينِ يُخبِرُ صادِقاً
وَعَنِ الثَلاثَةِ وَالكُلابِ الأَوَّلِ

وَالشَيِّطَينِ وَلَعلَعٍ وأُوارَةٍ
وَحِمى ضَرِيَّةَ وَالنِباجِ وَثَيتَلِ

أَبَداً يَقُولُ لِمُنتَضيهِ في الوَغى
اِعلُ الطُلا وَالهامَ بي وَتَوَكَّلِ

كَم هامَةٍ شُقَّت بِهِ وَدَعامَةٍ
دُقَّت فَخَرَّت لِلحَضيضِ الأَسفَلِ

وَعَلَيهِ مُحكَمَةُ القَتيرِ تَخالُها
بَعضَ الإِضاءِ بِصَحصَحانٍ أَنجَلِ

وَقعُ الصَفيحَةِ وَالقَناةِ بِمَتنِها
وَقعُ الحُفاةِ وَريشَةٍ مِن أَجدَلِ

لَو رُدَّ مَحتُومُ القَضاءِ لَقابَلَت
بِالرَدِّ مَحتُومَ القَضاءِ المُنزَلِ

ماضي المُهَنَّدِ وَالسِنانِ وَعَزمُهُ
أَمضى وَغَيرُ كَهامَةٍ في المِقوَلِ

زاكي العُمُومَةِ وَالخُؤولَةِ غَيرُ ذي
أَشَبٍ فَبُورِكَ مِن مُعِمٍّ مُخوِلِ

أَمضى إِذا ما هَمَّ مِن ذِي رَونَقٍ
صافي الحَديدَةِ ذي فِرِندٍ مُنصلِ

نَدَّ الوَرى طِفلاً وَبرَّزَ يافِعاً
وَبَنى العُلى وَعِذارُهُ لَم يَبقُلِ

إِغضاءُ قَيسٍ في شَجاعَةِ وائِلٍ
وَسَخاءُ مَعنٍ في وَفاءِ سَمَوأَلِ

مِن مَعشَرٍ بِيضِ الوُجوهِ أَعِزَّةٍ
جُر يامُجاوِرهُم بِهِم أَو فَاِعدِلِ

فَضلٌ أَبُوهُم وَالمَعَظَّمُ عَبدَلٌ
مَن مِثلُ فَضلٍ في الفَخارِ وَعَبدَلِ

وِإِذا عَدَدتَ أَبا سِنانٍ وَاِبنَهُ
وَاِبنَ اِبنِهِ فَاِشرَب خَصيمَكَ أَو كُلِ

غُرٌّ بَنى لَهُمُ الأَغَرُّ أَبُوهُمُ
بَيتاً أَنافَ عَلى السِماكِ الأَعزلِ

إِن قالَ قائِلُهُم أَصابَ وَإِن رَمى
أَصمى وَإِن سُئِلَ النَدى لَم يَبخَلِ

عُقَدُ الجَبابِرِ عِندَهُم مَحلُولَةٌ
وَإِذا أَمَرّوا عُقدَةً لَم تُحلَلِ

نَسلُ العُيُونِيِّ الَّذينَ أَحَلَّهُم
بِفِعالِهِ في المَجدِ أَشرَفَ مَنزِلِ

بِرِماحِهِم وَصِفاحِهِم وَسَماحِهِم
وَرِثُوا السِيادَةَ آخِراً عَن أَوَّلِ

لا غالَهُم صَرفُ الزَمانِ فَكَم لَهُم
في الدَهرِ مِن يَومٍ أَغَرَّ مُحَجَّلِ

يا مَن يَقيسُ بِآلِ فَضلٍ غَيرَهُم
لا تُوهِمَنَّ الدَوحَ غَيرَ القَرمَلِ

ما كُلُّ نَبتٍ راقَ طَرفَكَ لَونُهُ
مَرعىً وَلا كُلُّ المِياهِ بِمَنهَلِ

يا آلَ فَضلٍ دَعوَةً مِن مُخلِصٍ
لَكُمُ المَوَدَّةَ لَيسَ بِالمُتَجَمّلِ

لَم يَرتَقي القَومُ الجَميمَ وَما لَنا
غَير الأَلاءَةِ مَرتَعاً وَالحَرمَلِ

وَلِمَ الشَقائِقُ وَالتِلاعُ لِغَيرِنا
وَلنا الخَطائِطُ قسمُ مَن لَم يَعدِلِ

وَالبارِدُ العَذبُ الزُلالُ لِغَيرِنا
وَنُخَصَّ بِالمِلحِ الأُجاجِ الأَشكَلِ

أَرحامُنا مِن يَومِ غُيِّبَ جَدُّكُم
في رَمسِهِ مَقطُوعَةٌ لَم تُوصَلِ

حَتّى كَأَنّا مِن جُهَينَةَ أَصلُنا
لا وُلدَ عَبدِ اللَهِ نَحنُ وَلا عَلِي

وَلِمَ العَدُوُّ يَرُوحُ قِردَ زُبَيدَةٍ
شَبَعاً وَمُصفِي الوُدّ كَلبَةَ حَومَلِ

لَولاكَ قُلتُ وَقُلتُ لَكِنّي اِمرُؤٌ
أَبَداً أَصُونُ عَن الشِّكايَةِ مِقوَلي

بَيتُ الرِئاسَةِ لِي وَحِكمَةُ دَغفَلٍ
وَبَيانُ سَحبانٍ وَشِعرُ الأَخطَلِ

فَبَقِيتُمُ لِلمكرُماتِ وَلِلعُلى
أَبَداً بَقاءَ عَمايَتَينِ وَيَذبلِ


ابن المقرب العيوني

الحمدان
07-12-2024, 06:11 PM
اِنزِل لِتَلثِمَ ذا الصَعيدَ مُقَبِّلاً
شَرَفاً وَإِجلالاً لِمَولى ذا المَلا

وَقُلِ السَلامُ عَلَيكَ يا مَن لَم يَزَل
كَنزاً لِأَبناءِ الهُمومِ وَمَعقِلا

وَاِشكُر أَيادِيَهُ الَّتي أَولاكَها
فَلَقَد أَطابَ لَكَ العَطاءَ وَأَجزَلا

وَأَشِر إِلَيهِ بَعدَ ذاكَ مُوَدِّعاً
تَوديعَ لا مَلَلٍ عَراكَ وَلا قِلى

أَفديهِ مِن مَلِكٍ لَقَد أَضحى بِهِ
جَدُّ المَكارِمِ وَالأَكارِمِ مُقبِلا

ما كُنتُ آمُلُ مِن نَداهُ أَنالَني
فَأَنا لَهُ رَبُّ العُلى ما أَمَّلا

أَلفا مُصَتَّمَةٍ أَجازَ وَبَغلَةً
تَشأى النَعامَةَ وَالحَرونَ وَقُرزُلا

وَمِنَ المَلابِسِ خِلعَةً لَو قابَلَت
رَوضَ الحِمى أُنُفاً لَكانَت أَجمَلا

وَوَراء ذَلِكُمُ اِعتِذارٌ أَنَّهُ
لَولا أُمُورٌ جَمَّةٌ ما قَلَّلا

وَأَحَبُّ مِن هَذا إِلَيَّ لِقاؤُهُ
لِي مُسفِراً عَن بِشرِهِ مُتَهَلِّلا

وَسُؤالُهُ لِي كَيفَ أَنتَ وَقَولُهُ
أَهلاً أَتَيتَ وَزالَ نَحسٌ وَاِنجَلى

فَأَضاءَ في عَيني النَهارَ وَقَبلَ أَن
أَلقاهُ كانَ عَلَيَّ لَيلاً أَليَلا

وَشَكَرتُ حادِثَةً أَرَتني وَجهَهُ
لَو كانَ نَزعُ الرُوحِ مِنها أَسهَلا

وَغَفَرتُ زَلَّةَ ظالِمَيَّ لِكَونِها
سَبَبَ اللِقاءِ وقلتُ أَيسَرُ مَحمَلا

إِن كانَ قَد أَبقى حَسُودي باهِتاً
فَلَأُبقِيَنَّ حَسُودَهُ مُتَمَلمِلا

وَلَأَكسُوَنَّ عُلاهُ ما لا يَنطَوي
أَبَدَ الزَمانِ وَلا يُلِمُّ بِهِ البِلى

وَلَأعقِدَنَّ عَلى ذُؤابَةِ مَجدِهِ
تاجاً مِنَ الدُرِّ الثَمينِ مُفَصَّلا

وَلَأَضرِبَنَّ بِجُودِهِ الأَمثالَ كَي
يَشدُو بِها مَن شاءَ أَن يَتَمثّلا

بِأَبي الهُمامِ أَبي الفَضائِلِ ذي العُلى
وَالمَكرُماتِ فَما أَبَرَّ وَأَفضلا

كُن أَيُّها الساعي لِإدراكِ العُلى
كَأَبي الفَضائِلِ في النَدى أَو لا فَلا

وَأَما لَعَمرُ اللَهِ لَستُ بِمُدرِكٍ
شَأوَ الأَميرِ وَما عَسى أَن تَفعَلا

لِلّهِ بَدرُ الدِينِ مِن مَلِكٍ فَما
أَوفى وَأكفى لِلخُطُوبِ وَأَحمَلا

مَلِكٌ أَنَختُ بِهِ الرَجاءَ مُؤَمِّلاً
فَرَجَعتُ مِن جَدوى يَدَيهِ مُؤَمَّلا

أَيّامُهُ غُرٌّ مُحَجَّلَةٌ وَقَد
ضَمنَ الأَخيرُ بِأَن يَفُوقَ الأَوَّلا

زَهَت البِلادُ بِهِ فَما مِن بَلدَةٍ
إِلّا تَمَنَّت أَن تَكُونَ المَوصِلا

مَن مُبلغ ساداتِ قَومي أَنَّني
لاقَيتُ بَعدَهُم الجَوادَ المُفضِلا

وَنَزَلتُ حَيثُ المَكرُماتُ وَقُمتُ في
حَيثُ اِبتَنى المَجدَ المُؤَثَّلَ وَالعُلى

يَفديكَ بَدرَ الدِينِ كُلُّ مُسَربَلٍ
بِاللُؤمِ غايَةُ حَزمِهِ أَن يَبخَلا

حَفِظَ الحُطامَ وَسَلَّ سَيفاً دُونَهُ
وَأَضاعَ مِنهُ العِرضَ تَضيِيعَ السَلا

فَغَدَت تُمزِّقُهُ الرِجالُ وَتَختَطي
لُجَجَ البِحارِ بِهِ وَأَجوَازَ الفَلا

يا أَيُّها المَلِكُ الَّذي في كَفِّهِ
بَحرٌ أَرانا كُلَّ بَحرٍ جَدولا

لا تَحسَبَنَّ ثَنايَ لِلمالِ الَّذي
خَوَّلتَنيهِ فَلَم أَزَل مُتَمَوِّلا

وَالمالُ عِندَكَ كَالتُرابِ مَحَلُّهُ
تَحبُو بِهِ مَن هانَ قَدراً أَو عَلا

لَكِن رَأَيتُ خَلائِقاً ما خِلتُني
أَحظى بِرُؤيَةِ مِثلِها في ذا المَلا

لَولا النُبُوَّةُ بِالنَبِيِّ مُحَمَّدٍ
خُتِمَت لَقُلتُ أَرى نَبِيّاً مُرسَلا

قُل لِي أَمَلكٌ أَنتَ أَم مَلكٌ فَمَن
نَظَرَ العُجابَ فَحَقُّهُ أَن يَسأَلا

ما هَذِهِ الأَخلاقُ في بَشَرٍ وَلا
هَذا السَماحُ إِذا اللَبِيبُ تَأَمَّلا

فَبَقيتَ ما بَقِيَ الزَمانُ لِذا الوَرى
كَهفاً نَلُوذُ بِهِ وَسِتراً مُسبَلا

وَبَقيتَ لِلمَعرُوفِ أَيضاً وَالعُلا
أَبَداً بَقاءَهُما ثَبيرَ وَيَذبُلا

وَأَراكَ رَبُّكَ ما تُحِبُّ وَعاشَ مَن
يَشناكَ يَهوى المَوتَ مِن جَهدِ البَلا


ابن المقرب العيوني

الحمدان
07-12-2024, 06:12 PM
كِتابُ مَشُوقٍ ما تَغَنَّت حَمامَةٌ
مِنَ الوُرقِ إِلّا حَنَّ شَوقاً إِلَيكُمُ

مُقيمٍ بِأَرضِ المَجزَرِيِّ وَقَلبُهُ
رَهينٌ بِجَرعاءِ الشَمالِ لَدَيكُمُ

يَحِنُّ إِذا هَبَّت شَمالٌ لِأَنَّها
تُؤَدّي إِلَيكُم أَو تَمُرُّ عَلَيكمُ


إبن المقرب العيوني

الحمدان
07-12-2024, 06:13 PM
أَيدي الحَوادِثِ في الأَيّامِ وَالأُمَمِ
أَمضى مِنَ الذَكَرِ الصَمصامَةِ الخَذِمِ

فَلا يَظُنَّنَّ مَن طالَت سَلامَتُهُ
أَنَّ المَقادِيرَ أَعطَتهُ عُرى السَلمِ

كُلٌّ بِما تُحدِثُ الأَيّامُ مُرتَهَنٌ
وَكُلُّ غايَةِ مَوجُودٍ إِلى عَدَمِ

مَن سَرَّهُ الدَهرُ صِرفاً سَوفَ تَمزُجُهُ
لَهُ تَصارِيفُهُ مِن صَفوَةِ النِقَمِ

فَلا تَغُرَّنَّكَ الدُنيا وَزِينَتُها
وَلَو حَبَتكَ بِحُمرِ الخَيلِ وَالنَعَمِ

فَما اللَذاذَةُ في عَيشٍ وَغايَتُهُ
مَوتٌ يُؤَدِّيكَ مِن قَصرٍ إِلى رُجَمِ

يا غافِلاً لَعِبَ الظَنُّ الكَذُوبُ بِهِ
خَفِ العَواقِبَ وَاِحذَر زَلَّةَ القَدَمِ

وَاِنظُر إِلى حَسَنٍ في حُسنِ صُورَتِهِ
جاءَت إِلَيهِ صُروفُ الدَهرِ مِن أُمَمِ

لَم يَحمِهِ صارِمٌ قَد كانَ يَخضِبُهُ
يَومَ النِزالِ مِنَ الأَعناقِ وَالقِمَمِ

وَلا جَوادٌ أَقَبُّ الظَهرِ مُنجَرِدٌ
يَهوي بِهِ كَهُوِيِّ الأَجدَلِ القَطِمِ

وَلا الغَطارِفُ مِن بَكرٍ وَإِخوَتِها
مِن تَغلِب الغُلبِ أَهلِ البَأسِ وَالكَرَمِ

كانُوا يُفَدُّونَهُ بِالخَيلِ مُسرَجَةً
وَالمالِ وَالآلِ وَالأَولادِ وَالحَشَمِ

إِيهاً بَني وائِلٍ قَد ماتَ لَيثُكُمُ
فَاِبكُوا عَلَيهِ بِدَمعٍ وَاكِفٍ وَدَمِ

قَد كانَ إِن نَزَلَت دَهياءُ مُظلِمَةٌ
وَخامَ عَنها حُماةُ القَومِ لَم يَخِمِ

وَإِن نَبا زَمَنٌ أَو عَضَّ ناجِذُهُ
أَعطي العُفاةَ بِلا مَنٍّ وَلا سَأَمِ

مَضى وَلَم يَدرِ ما سُكرُ الشَبابِ وَلا
أَمالَهُ الغَيُّ عَن رُشدٍ إِلى أَثَمِ

وَلا تَخَطّى بُيُوتَ الحَيِّ مُبتَجِحاً
جَذلانَ يَخطُرُ مُختالاً عَلى قَدَمِ

وَلَم يَكُن هَمُّهُ شُربَ المُدامِ وَلا
شَدُوَ المَزاهيرِ بِالأَوتارِ وَالنَغَمِ

لَكِنَّ هِمَّتَهُ مالٌ يُقَسِّمُهُ
عَلى العُفاةِ وَإِقدامٌ عَلى البُهُمِ

وَلَم يَزَل صائِماً طَوعاً لِخالِقِهِ
وَبِالدُجى قائِماً في حِندِسِ الظُلَمِ

فَيا أَبا جَعفَرٍ لا زِلتَ في دَعَةٍ
لا تَجزَعَن فَقَضاهُ غَيرُ مُتَّهَمِ

وَيا أَبا حَسَنٍ صَبراً فَكُلُّ فَتىً
مُفارِقٌ وَحَياةُ المَرءِ كَالحلُمِ

وَالمَوتُ كُلُّ اِمرِئٍ لا بُدَّ ذائِقُهُ
تَقاصَرَ العُمرُ أَو أَدّى إِلى الهرَمِ

أَينَ المُلوكُ وَأردافُ المُلوكِ وَمَن
سادَ القبائِلَ مِن عادٍ وَمِن إرَمِ

وَأَينَ طَسمٌ وَأَولادُ التَبابِعِ مِن
أَولادِ حِميَرَ وَالساداتُ مِن عَمَمِ

وَأَينَ آلُ مُضاضٍ في قَبائِلِها
مِن جُرهُمٍ ساكِني بَحبوحَةِ الحَرمِ

أَفناهُمُ وَأَدارَ الكَأسَ مُترَعَةً
في وائِلٍ فَسَقاها غَيرَ مُحتَشِمِ

أَردى اِبنَ مُرَّةَ هَمّاماً وَكانَ لَهُ
عَقدُ الرِئاسَةِ عَن آبائِهِ القِدَمِ

وَمانِعَ الجارِ جَسّاساً أُتيحَ لَهُ
سَهمُ المَنونِ عَلى عَمدٍ فَلَم يَرُمِ

وَالحَوفَزانَ الَّذي كانَت تَنُوءُ بِهِ
بَكرٌ سَقاهُ بِكاساتٍ مِنَ النِقَمِ

وَفارِسَ العَرَبِ العَرباءِ إِن ذُكِرَت
بسطامَ مَدَّ إِلَيهِ كَفَّ مُختَرِمِ

فَاِبتَزَّهُ مُلكَهُ غَصباً وَأَنزَلَهُ
فَوقَ التُرابِ عَفيرَ الخَدِّ والقَسِمِ

وَعافرَ الفِيلِ يَومَ القادِسِيَّةِ قَد
سَقاهُ كاسَ الرَدى صِرفاً بِغَيرِ فَمِ

وَقَد أَذاقَ شَبيباً في شَبيبَتِهِ
كَأسَ الحُتُوفِ بِلا سَيفٍ وَلا سَقَمِ

والمَزيَدِيِّينَ غالَتهُم غَوائِلُهُ
وَاِجتَاحَهُم مُزبِدٌ مِن سَيلِهِ العَرِمِ

وَلَم تَدع هانِئاً وَهوَ الَّذي اِنتَصَفَت
بِهِ الأَعارِيبُ وَاِستَولَت عَلى العَجَمِ

وَالحارِثَ بنَ عُبادٍ غالَهُ وَسَطا
بِجَحدَرٍ فارِسِ التَحلاقِ لِلَّمَمِ

وَالحارِثَ بنَ سَدُوسٍ لَم يَهَب عَدَداً
فِيهِم بَنُوهُ وَلَمّا يَكتَرِث بِهِمِ

وَالجعدَ مَسلَمَةً لَم يَحمِهِ فَدَنٌ
بَناهُ والِدُهُ إذ كانَ ذا هِمَمِ

وَهَوذَةَ بنَ عَلِيٍّ حَطَّ مُنتَزِعاً
عَن رَأسِهِ التاجَ عَمداً غَيرَ مُحتَشِمِ

وَشيخَ عِجلٍ أَبا مَعدانَ عاجَلَهُ
مِنهُ الحِمامُ فَلَم يُطلَب لَهُ بِدَمِ

وَفارِسَ العَرَبِ العَربا وَسَيِّدَها
أَعني كُلَيباً قَريعَ العُربِ وَالعَجَمِ

لَم يَحمِهِ عَدَدٌ مَجرٌ وَلا دَفَعَت
عَنهُ المَنِيَّةَ إِذ جاءَت بنُو جُشَمِ

وَلَم يَكُن لِعَدِيٍّ بَعدَهُ عِصَمٌ
مِنهُ وَكانَ عَدِيٌّ أَيَّ مُعتَصِمِ

وَآلَ كُلثُومَ ساداتِ الأَراقِمِ لَم
يَترُك لَهُم مِن حِمى حامٍ ولا حَرَمِ

أُولَئِكَ الغُرُّ مِن ساداتِ قَومِكُما
أَهلُ النُهى وَاللُهى وَالعَهدِ وَالذِّمَمِ

وَهَذِهِ شِيَمُ الدُنيا وَعادَتُها
فِيمَن مَضى أَو بَقى مِن سائِرِ الأُمَمِ


ابن المقرب العيوني

الحمدان
07-12-2024, 06:13 PM
إِلامَ أُناجي قَلبَ حَيرانَ واجِمِ
وَأَنظُرُ عُودي بَينَ لاحٍ وَعاجِمِ

أُقَضِّي نَهارِي بِالزَفيرِ وَأَنَّةٍ
وَأَقطَعُ لَيلي بِالدُموعِ السَواجِمِ

كَأَنّي لِأَحداثِ اللَيالي رَذِيَّةٌ
أُقيمَت سَبيلاً لِلخُطوبِ الهَواجِمِ

وَفي الأَرضِ لِي مَندُوحَةٌ وَمُراغَمٌ
تقرُّ بِهِ عَيني وَتَحلُو مَطاعِمي

بِحَيثُ يَراني الدَهرُ سَعداً وَأَغتَدي
وَقَد حُذِيَت رِجلايَ مِنهُ بِسالِمِ

وَأَسطُو عَلى أَحداثِهِ مِثلَ ما سَطا
عَلَيَّ فَتَبقى وَاهِياتِ الدَعائِمِ

وَأَجتابُ مِن ظِلِّ الخِلافَةِ وارِفاً
يَقي الضُرَّ فَيناناً وَحَرَّ السَمائِمِ

بِمَغنى أَميرِ المُؤمِنينَ الَّذي غَدا
لَهُ مَنسِمٌ يَعلُو جَميعَ المَخاطِمِ

سَمِيُّ النَبيِّ المُصطَفى وَاِبنُ عَمِّهِ
وَمالِكُ أَعناقِ المُلوكِ الخَضارِمِ

نَماهُ أَبُو الفَضلِ الَّذي لَم تَزَل بِهِ
بَنُو الجَذبِ تُسقى في السِنينِ العَقائِمِ

وَحَلَّ الذُرى مِن شَيبَةِ الحَمدِ وَاِرتَقى
إِلى ضِئضئِ العَلياءِ مِن صُلبِ هاشِمِ

وَأَحيا خِلالاً سَنَّها في زَمانِهِ
قُصَيٌّ أَبو ساداتِها وَالبَراجِمِ

لَيالِيَ يُدعى في قُرَيشٍ مُجَمِّعاً
بِجَمعِ ذَويها في فنونِ المَحارِمِ

إِمامُ هُدىً يَدعُو إِلى اللَهِ مُرشِداً
لِكُلِّ البَرايا عُربِها وَالأَعاجِمِ

بِعَدلٍ وَإِحسانٍ وَنُصحٍ وَرَأفَةٍ
وَزُهدٍ وَبُرهانٍ وَكَفٍّ وَصارِمِ

تَناحَلَهُ آباءُ صِدقٍ تَوارَثُوا
كِرامَ المَساعي عَن جُدُودٍ أَكارِمِ

فَما اِحتَلَّ إِلّا صُلبَ كُلِّ خَلِيفَةٍ
مُحِيطٍ بِأَحكامِ الشَريعَةِ عالِمِ

إِذا العَرَبُ العَرباءُ يَوماً تَفاخَرَت
بِذي العِزِّ مِن ساداتِها وَالقُماقِمِ

وَجاؤُوا بِقَيسٍ وَاِبنِهِ وَبِمَعبَدٍ
وَكَعبٍ وَأَوسٍ وَاِبنِ سَلمى وَحاتِمِ

سَماهُم جَميعاً ثُم لمت بِفَترَةٍ
إِلى جُودِ بَحرٍ مِنكُمُ مُتلاطِمِ

إِذا جُدتُم أَفضَلتُمُ فَبِفَضلِكُم
نَجُودُ فَمِنكُم فَضلُ تِلكَ المَكارِمِ

فَلولاكُمُ لَم يُدعَ فَضلٌ وَجَعفَرٌ
بِجُودٍ وَلا اِنهَلَّت نَدىً كَفُّ قاسِمِ

وَلا عَرَفَ الناسُ اِبنَ سَهلٍ وَلا شَدا
بِمَدحِ اِبنِ وَهبٍ ناظِمٌ بَعدَ ناظِمِ

يَقُولُونَ هُم أَرضٌ وَأَنتُم سَماؤُها
وَأَيمانُكُم فِيها مَكانُ الغَمائِمِ

فَإِن أَنتُمُ أَمطَرتُموها تَحَدَّثَت
وَجادَت وَآتَت أُكلَها كُلَّ طاعِمِ

وَإِن أَنتُمُ أَغفَلتُمُوها تَضاءَلَت
وَلَم يَنتَفِع فيها أُوَامٌ لِحائِمِ

بِكُم يُؤمِنُ اللَهُ البِلادَ وَيُصلِحُ ال
عِبادَ وَيَعفُو عَن ثِقالِ الجَرائِمِ

وَأَنتُم مَصابيحُ الظَلامِ وَقادَةُ
الأَنامِ وَسَدٌّ لِلبلا المُتفاقِمِ

وَفِيكُم أَقامَ اللَهُ أَعلامَ دِينِهِ
وَلَولاكُمُ كُنّا مَعاً كَالبَهائِمِ

تَخَيَّرَكُم رَبُّ العُلا وَاِصطَفاكُم
وَطَهَّرَكُم مِن كُلِّ ذَمٍّ وَذائِمِ

وَآتاكُمُ فَصلَ الخِطابِ وَمُحكَمَ
الكِتابِ وَمُلكاً زاهِياً غَيرَ زائِمِ

فَأَوضَحتُمُ سُبلَ الهُدى وَكَشَفتُمُ
عَنِ الحَقِّ أَغشاءَ العَمى المُتراكِمِ

وَقَوَّمتُمُ بِالسَيفِ مَن مالَ خَدُّهُ
اِصعِراراً وَلَم يَشمَخ بِأَنفٍ لِخاصِمِ

فَكَم هامَةٍ لِلكُفرِ راحَت وَهامُها
نِعالاً لِأَيدي خَيلِكُم في المَلاحِمِ

فَقُل لِدُعاةِ الشَرقِ وَالغَربِ أَقصِرُوا
وَكُفّواً وَإِلّا تَقرَعُوا سِنَّ نادِمِ

فَما الحَقُّ إِلّا دَعوَةٌ هاشِميَّةٌ
هِيَ الحَقُّ لا دَعوى غَوِيٍّ وَغاشِمِ

بِها أَصبَحَ الإِسلامُ في كُلِّ مَوطِنٍ
يَنُوءُ بِرُكنٍ مِنهُ عَقد الدَعائِمِ

أَقامَ لَهُ في كُلِّ ثَغرٍ كَتائِباً
تَرى الشِركَ مِن شَدّاتِها في مَآتِمِ

تَبيتُ طَواغِيتُ النِفاقِ لِهَمِّهِ
كَأَنَّ حَشاياها ظُهُورُ الشَياهِمِ

تُقَلِّبُها جَنباً فَجَنباً مَهابَةٌ
ثَوَت وَاِستَقَرَّت بَينَ تِلكَ الحَيازِمِ

فَإِن هَوَّمَت أَهدَت لَها سِنَةُ الكَرى
سَراياهُ تُردي بِالقَنا وَالصَوارِمِ

فَتُزعِجُها حَتّى كَأَن قَد أَصابَها
مِنَ المَسِّ ما لا يُتَّقى بِالتَمائِمِ

فَلَيسَ لَها في نَومِها مِنهُ راحَةٌ
إِذا النَومُ سَلّى الهَمَّ عَن كُلِّ نائِمِ

إِلَيكَ أَميرَ المُؤمِنينَ تَجَشَّمَت
بِيَ البُعدَ هِمّاتُ النُفوسِ الكَرائِمِ

فَكَم مَتنِ ساجٍ تَحتَ ساجٍ قَطَعتُهُ
عَلى ظَهرِ ساجٍ غَيرِ واهِ العَزائِمِ

وَكَم جُبتُ مِن خَرقا تَمُوتُ بِها الظِبا
بِهِمَّةِ مَضّاءٍ عَلى الهَولِ حازِمِ

فَها أَنا قَد أَلقَيتُ رَحليَ عائِذاً
بِنُعماكَ مِن أَيدي الزَمانِ الغَواشِمِ

وَقَد كُنتُ ذا مالٍ حَلالٍ وَثَروَةٍ
يُضاعَفُ إِكرامي وَتُرجى مَكارِمي

فَأَعرانِيَ الوَالي المَشُومُ وَفاتَني
بِما حُزتُهُ مِن ضَيعَةٍ وَدَراهِمِ

فَمالَ عَلى حالي وَمالي وَثَروَتي
مَآلي وَأَصغى لِاِختِلاقِ النَمائِمِ

وَبِتُّ عَزائي السِجنُ في مُدلَهِمَّةٍ
يُجاوِبُني فِيها ثِقالُ الأداهِمِ

وَأَخرَجَني مِن بَعدِ يَأسٍ وَقَد أَتى
عَلى نَشبي أَشكُو إِلى غَيرِ راحِمِ

وَخَلَّفتُ بِالبَحرَينِ أَهلي وَمَنزِلي
رَجاءَ الغِنى مِن سَيبِكَ المُتَراكِمِ

وَطُولُ مُقامي مُتعِبٌ لِي وَجالِبٌ
عَلَيَّ مِنَ الأَدنى أَحَرَّ المَلاوِمِ

فَبورِكتَ مِن مَلكٍ أَقَلُّ هِباتِهِ
تَزيدُ عَلى فَيضِ البُحُورِ الخَضارِمِ

وَعِشتَ عَلى مَرِّ اللَيالي مُخَلَّداً
لِنُصرَةِ مَظلُومٍ وَإِرغامِ ظالِمِ

فَناجَيتُ نَفسي خَالياً حَيثُ لَم أَجِد
مِنَ القَصدِ بُدّاً وَاِستَشَرتُ عَزائِمي

وَمِلتُ إِلى بَعضِ المُلوكِ فَأَجهَشَت
إِلَيَّ وَجاشَت فَوقَ مِلءِ الحَيازِمِ

فَسَكَّنتُها بِالشَدِّ مِنّي بِرحلَةٍ
إِلَيكَ فَأَبدَت ثَغرَ جَذلانَ باسِمِ

وَبَشَّرتُ أَهلي بِالغِنى حَيثُ مَرجِعي
إِلَيهِم عَلى أَنفٍ مِنَ الدَهرِ راغِمِ

فَجِئتُ وَقَد نالُوا السَماءَ وَأَيقَنُوا
بِأَنَّ الغِنى أَضحى كَضَربَةِ لازِمِ

وَلَم أَمتَدِح خَلقاً سِواكَ لِمالِهِ
فَأَحظى بِنَيلٍ أَو بِعَضِّ الأَباهِمِ

وَإِنّي لَأَرجُو مِن أَياديكَ نَفحَةً
عَلى الدَهرِ يَبقى ذِكرُها في المَواسِمِ

أُفيدُ بِها مَجداً وَأكبِتُ حاسِداً
وَأَعلُو بِها هامَ المُلوكِ الغَوانِمِ

وَكَم عاشَ مِثلي في نَداكَ مُؤَمِّلاً
عَظيماً يُرَجّى لِلأُمُورِ العَظائِمِ


ابن المقرب العيوني

الحمدان
07-12-2024, 06:14 PM
تَسَلطَنَ بِالحَدباءِ عَبدٌ بِلُؤمِهِ
بَصِيرٌ بَلى عَن نَيلِ مَكرُمَةٍ عَمِ

إِذا أَيقَظَتهُ لَفظَةٌ عَرَبِيَّةٌ
إِلى المَجدِ قالَت أَرمَنِيَّتُهُ نَمِ


إبن المقرب العيوني

الحمدان
07-12-2024, 06:15 PM
لِقاؤُكَ عامُهُ يَومٌ قَصيرٌ
لَدَيَّ وَيَومَ لا أَلقاكَ عامُ

وَما هَذا التَفَرُّقُ بِاِختِياري
وَلَكِن طالَما عَزَّ المَرامُ

عَداني أَن أَزُورَكَ حادِثاتٌ
إِذا ذُكِرَت تَذوبُ لَها العِظامُ

مَتى رُمتَ النُهوضَ تَعَلَّقَت بي
هُمُومٌ لا تُنيمُ وَلا تَنامُ

إِذا هَمٌّ أَطَقتُ بِهِ قِياماً
أَتى ما لا يُطاقُ بِهِ قِيامُ

فَلا تَتَوَهَّمَن لِيَ عَنكَ صَبراً
مَتى صَبِرَت عَنِ الماءِ الحيامُ

فَلَو في الخُلدِ كُنتُ وَلَم أُمَتَّع
بِقُربِكَ لَم يَلَذَّ لِيَ المُقامُ

عَلَيكَ وَكُلِّ أَرضٍ أَنتَ فيها
مِنَ اللَهِ التَحِيَّةُ وَالسَلامُ


ابن المقرب العيوني

الحمدان
07-12-2024, 06:15 PM
بِسُمرِ القَنا وَالمُرهَفاتِ الصَوارِمِ
بِناءُ المَعالي وَاِقتِناءُ المَكارِمِ

وَفي صَهَواتِ الخَيلِ تَدمى نُحُورها
شِفاءٌ لِأَدواءِ القُلوبِ الحَوائِمِ

وَلَيسَ بِبِسمِ اللَهِ قُدّامَ بلغَةٍ
فَخارٌ لِجَعدِ الكَفِّ جَعدِ المَلاغِمِ

وَما الفَخرُ إلّا الطَعنُ وَالضَربُ وَالنَدى
وَرَفضُ الدَنايا وَاِغتِفارُ الجَرائِمِ

وَلَفُّ السَرايا بِالسَرايا تَخالُها
حِرارَ الحِجازِ أَو بِحارَ اللَواطِمِ

تَقَحَّمَها قُدماً إِلى المَوتِ فِتيَةٌ
تَرى عِيشَةً في الذُلِّ حَزَّ الغَلاصِمِ

خَلِيلَيَّ مِن عَمرِو بنِ غَنمِ بنِ تَغلِبٍ
ذَراني فَإِنّي لِلعُلا جِدُّ هائِمِ

وَما السُمرُ عِندي غَيرُ خَطِّيَّةِ القَنا
وَما البيضُ عِندي غَيرُ بِيضِ اللَهازِمِ

وَلا تَذكُرَا الصَهباءَ ما لَم تَكُن دَماً
وَلا مُسمِعاً ما لَم يَكُن صَوتَ صارِمِ

فَإِنّي أُحِبُّ الشُربَ في ظِلِّ قَسطَلٍ
مَجالِسُهُم فيهِ ظُهورُ الصُلادِمِ

وَأَهوى اِعتِناقَ الدارِعينَ وَأَجتَوي
عِناقَ بُنَيّاتِ الخُدورِ النَواعِمِ

وَمَن طَلَبَ العَلياءَ جَرَّدَ سَيفَهُ
وَخاضَ بِهِ بَحرَ الرَدى غَيرَ وَاجِمِ

فَما عُظِّمَت قِدماً قُرَيشٌ وَوائِلٌ
عَلى الناسِ إِلّا بِاِرتِكابِ العَظائِمِ

وَمَن لَم يَلِج بِالنَفسِ في كُلِّ مُبهَمٍ
يَعِش عَرَضاً لِلذُلِّ عَيشَ البَهائِمِ

وَمَن لَم يَقُدها ضامِراتٍ إِلى العِدى
تُقَد نَحوَهُ عُوجُ البُرى وَالشكائِمِ

فَما اِنقادَتِ الأَشرارُ إِلّا لِغاشِمٍ
لَهُ فيهِمُ فَتكُ الأُسُودِ الضَراغِمِ

فَمَن رامَ أَن يَستَعبِدَ الناسَ فَليَمِل
عَلَيهِم بِأَطرافِ القَنا غَيرَ راحِمِ

فَأَكثَرُ مَن تَلقى لِسانُ مُسالِمٍ
وَتَحتَ جَآجي الصَدرِ قَلبُ مُصادِمِ

كَلامٌ كَأَريِ النَحلِ حُلوٌ وَإِنَّهُ
لَأَخبَثُ غِبّاً مِن لُعابِ الأَراقِمِ

فَيا خاطِبَ العَلياءِ لَيسَ مَنالُها
بِرَفعِ الغَواشي وَاِتِّخاذِ التَراجِمِ

فَدَع عَنكَ ذِكراها فَبَعضُ صَداقِها
وَرُودُ المَنايا وَاِحتِمالُ المَغارِمِ

وَلا تَبسُطَن كَفّاً إِلَيها وَخَلِّها
لِأَروَعَ يُغلي مَهرَها غَيرَ نادِمِ

وَخَف سَيفَ بَدرِ الدِينِ وَاِحذَر فَإِنَّهُ
لَأَغيَرُ مِن لَيثٍ جَرِيِّ المَقادِمِ

فَلَيسَ لَها كُفؤٌ سِواهُ فَإِن تَكُن
يَسارَ الغَواني تُخصَ ضَربَةَ لازِمِ

أَلا إِنَّ بَدرَ الدّينِ تَأبى طِباعُهُ
نَظيراً وَفي هِندِيِّهِ فَضلُ قائِمِ

هُوَ المَلِكُ السَامي إِلى كُلِّ غايَةٍ
مَراهِصُها لا تُرتَقى بِالسَلالِمِ

إِذا هَمَّ أَمضى عَزمَهُ بِكَتائِبٍ
حِمى المَلِكِ المُردى بِها غَيرُ سالِمِ

جَرى وَجَرَت كُلُّ المُلوكِ إِلى العُلى
فَجَلّى جَلاءَ الأَعوَجِيِّ المُتائِمِ

جَوادٌ إِذا ما الخُورُ عامَت فِصالُها
وَلَم يَبقَ في أَخلافِها فُطرُ صائِمِ

يُسَرُّ بِمَرأى النازِلينَ بِبابِهِ
سُرورَ أَبٍ بِاِبنٍ مِن الغَزوِ قادِمِ

هُوَ البَحرُ إِذ لَو زاحَمَ البَحرُ مَدَّهُ
لَأَربى عَلَى تَيّارِهِ المُتَلاطِمِ

هُوَ السَيفُ بَل لَو أَنَّ لِلسَيفِ عَزمَهُ
لَشَقَّ الطُلا وَالهامَ قَبلَ التَصادُمِ

هُوَ الشَمسُ بَل لَو قابَلَ الشَمسَ بشرُهُ
لَما اِستوضحَت إِلّا كَحَلقَةِ خاتِمِ

عَلا في النَدى أَوساً وَفي الزُهدِ وَالتُقى
أُوَيساً وَفي الإِغضاءِ قَيسَ بنَ عاصِمِ

وَأَولى الرَعايا عَدلَ كِسرى وَساسَها
سِياسَةَ مَيمُونِ النَقيبَةِ حازِمِ

تَهادى رَعاياهُ اللَطيمَةَ بَينَها
وَكَم مِثلها في مِثلِ حَرِّ الأَطايِمِ

وَيُمسي قَريرَ العَينِ مَن في جَنابِهِ
وَإِن كانَ نَائي الدارِ جَمَّ الدَراهِمِ

إِذا جادَ لَم يُذكَر لِفَضلٍ وَجَعفَرٍ
سَماحٌ وَلَم يُحفَل بِكَعبٍ وَحاتِمِ

وَإِن قالَ أَلغى الناسُ سَحبانَ وائِلٍ
وُقسّاً وَما فاها بِهِ في المَواسِمِ

وَإِن صالَ أَنسى حارِساً وَمُهَلهِلاً
وَعَمراً وَبسطاماً وَحار بنَ ظالِمِ

سَلِ الخَيلَ عَنهُ وَالكُماةُ كَأَنَّها
قِيامٌ عَلى مَوجٍ مِنَ النارِ جاحِمِ

أَلَم يَكُ أَمضاها جَناناً وَصارِماً
وَلِلبيضِ وَقعٌ في الطُلا وَالجَماجِمِ

وَكَم هامَةٍ حَسناءَ راحَت جِباهُها
نِعالاً لِأَيدي خَيلِهِ في المَلاحِمِ

لَقَد أَصبَحَ الإِسلامُ في كُلِّ مَوطِنٍ
يَنُوءُ بِرُكنٍ مِنهُ عَبلِ الدَعائِمِ

أَقامَ لَهُ في كُلِّ ثَغرٍ كَتائِباً
يُقيمُ اِصعِرارَ الأَبلَجِ المُتَضاخِمِ

دَعاهُ لِنَصرِ الدِّينِ خَيرُ خَليفَةٍ
وَما زالَ يُدعى لِلأُمورِ العَظائِمِ

فَلَبّى مُطيعاً لِلإِمامِ وَحَسبُهُ
بِذا مَفخَراً في عُربِها وَالأَعاجِمِ

فَقادَ إِلى الإِفرَنجِ جَيشاً زُهاؤُهُ
عَديدُ الحَصا ذا أَزمَلٍ وَزَمازِمِ

وَجَيشاً يُواري الشَمسَ رَيعانُ نَقعِهِ
إِلى التُركِ إِذ جاؤُوا لِهَتكِ المَحارِمِ

إِذا التَترُ الباغُونَ ذاقُوا لِقاءَهُ
تَمَنّوا بِأَن كانُوا دَماً في المَشائِمِ

جُيوشٌ هِيَ الطُوفانُ لا رَملُ عالِجٍ
وَلا جَبَلُ الأَمرارِ مِنها بِعاصِمِ

مُعَوَّدَةٌ نَصرَ الإِلَهِ فَما غَزَت
مَنيعَ حِمىً إِلّا اِنثَنَت بِالغَنائِمِ

إِذا ما دَعَت يابا الفَضائِلِ أَرعَدَت
فَرِيصَ الأَعادي فَاِتَّقَت بِالهَزائِمِ

سَتَبقى بِهِ الإِفرِنجُ وَالتُركُ ما بَقَت
كَأَنَّ حَشاياها ظُهُورَ الشَياهِمِ

تُقَلِّبُها جَنباً فَجَنباً مَخافَةٌ
ثَوَت فَاِستَقَرَّت بَينَ تِلكَ الحَيازِمِ

فَإِن هَوَّمَت أَهدَت لَها سِنَةُ الكَرى
سَراياهُ تُردي بِالقَنا وَالصَوارِمِ

فَتُزعِجُها حَتّى كَأن قَد أَصابَها
مِنَ المَسِّ ما لا يُتَّقى بِالتَمائِمِ

فَلَيسَ لَها في نَومِها مِنهُ راحَةٌ
إِذا النَومُ أَسرى الهَمَّ عَن كُلِّ نائِمِ

إِلَيكَ طَوَت يابا الفَضائِلِ وَاِمتَطَت
بِيَ البُعدَ هِمّاتُ النُفوسِ الكَرائِمِ

فَكَم مَتن ساجٍ تَحتَ ساجٍ قَطَعتهُ
عَلى ظَهرِ ساجٍ غَيرَ وَاهي العَزائِمِ

وَكَم جُبتُ مِن خَرقا تَمُوتُ بِها الظِبا
بِعَزمَةٍ مَضّاءٍ عَلى الهَولِ حازِمِ

وَقَد كُنتُ ذا مالٍ حَلالٍ وَثَروَةٍ
يُضاعَفُ إِكرامي وَتُرجى مَكارِمي

فَمالَ عَلَى مالي وَحالي وَثَروَتي
وَجاهي وَأَصغى لِاِختِلاقِ النَمائِمِ

وَظَلتُ أُعاني السِجنَ في قَعرِ هُوَّةٍ
سَماعي وَأَلحاني غِناءُ الأَداهِمِ

وَها أَنا قَد أَلقَيتُ رَحليَ عائِذاً
بِنعماكَ مِن أَيدي الخُطوبِ الغَواشِمِ

وَخَلَّفتُ بِالبَحرَينِ أَهلي وَمَنزِلي
رَجاءَ الغِنى مِن سَيبِكَ المُتراكِمِ

وَطُولُ مُقامي مُتعِبٌ لِي وَجالِبٌ
عَلَيَّ مِنَ الأَدنى أَحَرَّ المَلاوِمِ

فَبُورِكتَ مِن مَلكٍ أَقَلُّ هِباتِهِ
تُبِرُّ عَلى فَيضِ البِحارِ الخَضارِمِ

وَعِشتَ عَلى مَرِّ اللَيالي مُخَلَّداً
لِنُصرَةِ مَظلُومٍ وَإِرغامِ ظالِمِ


ابن المقرب العيوني

الحمدان
07-12-2024, 06:16 PM
قُمُ فَاِشدُدِ العِيسَ لِلتِرحالِ مُعتَزِماً
وَاِرمِ الفِجاجَ بِها فَالخَطبُ قَد فَقِما

وَلا تَلَفَّت إِلى أَهلٍ وَلا وَطَنٍ
فَالحرُّ يَرحَلُ عَن دارِ الأَذى كَرَما

كَم رِحلَةٍ وَهَبَت عِزّاً تَدينُ لَهُ
شُوسُ الرِجالِ وَكَم قَد أَورَثَت نِعَما

وَكَم إِقامَةِ مَغرُورٍ لَهُ جَلَبَت
حَتفاً وَساقَت إِلى ساحاتِهِ النِقَما

وَاِسمَع وَلا تُلغِ ما أَنشَأتُ مِن حِكَمٍ
فَذُو الحِجا لَم يَزَل يَستَنبِطُ الحِكَما

لَم يَبكِ مَن رَمِدَت عَيناهُ أَو سُبِلَت
جفناهُ إِلّا لِخَوفٍ مِن حُدوثِ عَمى

إِنَّ المَنِيَّةَ فَاِعلَم عِندَ ذِي حَسَبٍ
وَلا الدَنِيَّةَ هانَ الأَمرُ أَو عَظُما

مَن سالَمَ الناسَ لَم تَسلَم مَقاتِلُهُ
مِنهُم وَمَن عاثَ فيهِم بِالأَذى سَلِما

لا يَقبَلُ الضَيمَ إلّا عاجِزٌ ضَرِعٌ
إِذا رَأى الشَرَّ تَغلي قِدرُهُ وَجَما

وَذُو النَباهَةِ لا يَرضى بِمَنقَصَةٍ
لَو لَم يَجِد غَيرَ أَطرافِ القَنا عِصَما

وَذُو الدَناءَةِ لَو مَزَّقتَ جِلدَتَهُ
بِشَفرَةِ الضَيمِ لَم يَحسِس لَها أَلَما

وَمَن رَأَى الضَيمَ عاراً لَم تَمُرَّ بِهِ
شَرارَةٌ مِنهُ إلّا خالَها أُطُما

وَكُلُّ مَجدٍ إِذا لَم يُبن مَحتِدُهُ
بِاليَأسِ نَقَّرَهُ الأَعداءُ فَاِنهَدَما

لا يَضبطُ الأَمرَ مَن في عُودِهِ خَوَرٌ
لَيسَ البُغاثُ يُساوي أَجدَلاً قَطِما

وَلِلبُيوتِ سِطاعاتٌ تَقُومُ بِها
لا خِروَعاً جُعِلَت يَوماً وَلا عَنَما

ما كُلُّ ساعٍ إِلى العَلياءِ يُدرِكُها
مَن حَكّمَ السَيفَ في أَعدائِهِ حَكَما

مَن أَرعَفَ السَيفَ مِن هامِ العِدى غَضَباً
لِلمَجدِ حُقَّ لَهُ أَن يُرعِفَ القَلَما

لا تَطلُبِ الرَأيَ إِلّا مِن أَخي ثِقَةٍ
لا يُصدِرُ القَومَ مَن لا يُورِدُ العَلَما

وَلا يُعَدُّ كَريماً مَن مَواهِبُهُ
تُمسي وَتُصبِحُ في أَعدائِهِ دِيما

وَالبُخلُ خَيرٌ مِنَ الإِحسانِ في نَفَرٍ
أَبَرُّهُم بِكَ مَن أَغرى وَمَن شَتَما

وَواضِعُ الجُودِ في أَعداءِ نِعمَتِهِ
كَمُودِعِ الذِئبِ في بَرِّيَّةٍ غَنَما

مَنِ اِستَخَفَّ بِأَربابِ العُلى سَفَهاً
وَسامَها الخَسفَ أَدمى كَفَّهُ نَدَما

أَلا فَسَل عَن كُلَيبٍ كَيفَ جَدَّلَهُ
جَسّاسُ هَل كانَ إِلّا أَن حَمى فَرَمى

وَلا يعزُّ الفَتى إِلّا بِأُسرَتِهِ
لَو كانَ في البَأسِ عَمراً وَالنَدى هَرِما

لا تَرضَ بِالهُونِ في خِلٍّ تُعاشِرُهُ
فَلَن تَرى غَيرَ جارِ الذُلِّ مُهتَضَما

وَأَخسَرُ الناسِ سَعياً رَبُّ مَملَكَةٍ
أَطاعَ في أَمرِهِ النِسوانَ وَالخَدَما

وَقائِلٍ قالَ لي إِذ راقَهُ أَدَبي
وَالمَرءُ قَد رُبَّما أَخطَا وَما عَلِما

وَذاكَ بَعدَ سُؤالٍ مِنهُ عَن خَبَري
وَالصِدقُ مِن شيمتي لَو أَورَثَ البَكَما

هَلّا اِمتَدَحتَ رِجالاً بِالعِراقِ لَهُم
مالٌ رُكامٌ وَجُودٌ يَطرُدُ العَدَما

فَجاشَتِ النَفسُ غَبناً بَعدَ أَن شَرِقَت
عَينايَ بِالدَمعِ حَتّى فاضَ وَاِنسَجَما

فَقُلتُ كَلّا وَهَل مِثلي يَليقُ بِهِ
مَدحُ الرِجالِ فَكَم جُرحٍ قَدِ اِلتَأَما

إِنّي عَلى حادِثاتِ الدَهرِ ذُو جَلَدٍ
تَجلُو الحَوادِثُ مِنّي صارِماً خَذِما

وَلَستُ أَوَّلَ ذِي مَجدٍ لَهُ ظَلَمَت
صُرُوفُ أَيّامِهِ العَوصاءُ فَاِنظَلَما

يَأبي لِيَ الشَرَفُ العاليُّ مَنصِبهُ
أَن أَورِدَ النَفسَ حِرصاً مَورِداً وَخِما

أَنا اِبنُ أَركانِ بَيتِ المَجدِ لا كَذِباً
وَالنازِلينَ ذُرى العَلياءِ وَالقِمَما

قَومي هُمُ القَومُ في بَأسٍ وَفي كَرَمٍ
إِنِ اِدَّعى غَيرُهُم ما فيهِمُ وَهِما

في الجاهِلِيَّةِ سُدنا كُلَّ ذي شَرَفٍ
بِالمَأثُراتِ وَسُدنا العُربَ وَالعَجَما

وَصارَ كُلُّ مَعَدّيٍّ لَنا تَبَعاً
يَرعى بِأَسيافِنا الوَسمِيَّ حِيثُ هَمى

حُطنا نِزاراً وَذُدنا عَن مَحارِمِها
وَلَم نَدَع لِمُناوي عزِّها حَرَما

حَتّى أَتى اللَهُ بِالإِسلامِ وَاِفتَتَحَت
كُلَّ البِلادِ وَأَضحَت لِلأَنامِ سَما

وَفَضلُ آخِرنا عَن فَضلِ أَوَّلِنا
يُغني ولَكِنَّ بَحراً هاجَ فاِلتَطَما

شِدنا مِن المَجدِ بَيتاً لا تُقاسُ بِهِ
ذاتُ العِمادِ وَلَكِن لَم نَكُن إِرَما

سَلِ القَرامِطَ مَن شَظّى جَماجِمَهُم
فَلقاً وَغادَرَهُم بَعدَ العُلا خَدَما

مِن بَعدِ أَن جَلَّ بِالبَحرَينِ شَأنُهُمُ
وَأَرجَفُوا الشامَ بِالغاراتِ وَالحَرَما

وَلَم تَزَل خَيلُهُم تَغشى سَنابِكُها
أَرضَ العِراقِ وَتَغشى تارَةً أَدَما

وَحَرَّقُوا عَبدَ قَيسٍ في مَنازِلها
وَصَيَّروا الغُرَّ مِن ساداتِها حُمَما

وَأَبطَلوا الصَلواتِ الخَمس وَاِنتَهَكُوا
شَهرَ الصِيامِ وَنَصُّوا مِنهُمُ صَنَما

وَما بَنَوا مَسجِداً لِلّهِ نَعرِفُهُ
بَل كُلُّ ما أَدرَكُوهُ قائِماً هُدِما

حَتّى حَمَينا عَلى الإِسلامِ وَاِنتَدَبَت
مِنّا فَوارِسُ تَجلُو الكربَ وَالظُلما

وَطالَبَتنا بَنُو الأَعمامِ عادَتَنا
فَلَم تَجِد بَكَماً فينا وَلا صَمَما

وَقَلَّدُوا الأَمرَ مِنّا ماجِداً نَجداً
يَشفي وَيَكفي إِذا ما حادِثٌ دَهَما

ماضي العَزيمَةِ مَيمُونٌ نَقيبَتُهُ
أَعلا نِزارٍ إِلى غاياتِها هِمَما

فَصارَ يَتبَعُهُ غُرٌّ غَطارِفَةٌ
لَو زاحَمَت سَدَّ ذي القَرنَينِ لاِنثَلَما

إِذا اِدَّعَوا يالَ إِبراهيمَ ظَلَّ لَهُم
يَومٌ يُشَيِّبُ مِن هامِ العِدى اللِّمَما

حَتّى أَناخَ بِبابِ الحِصنِ يَصحَبُهُ
عَزمٌ يَهُدُّ الجِبالَ الشُمَّ وَالأَكَما

فَشَنَّها غارَةً شَعواءَ ناشِئَةً
كَسى بِها العُمَّ مِن حيطانِها قَتَما

فأَقبَلَت وَرِجالُ الأَزدِ تَقدُمُها
كَالأُسدِ قَد جَعَلَت سُمرَ القَنا أَجَما

فَصادَفَت كُلَّ لَيثٍ لَو يُحِسُّ بِهِ
لَيثٌ بِعَثَّرَ أَو خَفّانَ ما زَحَما

فَكَم صَرِيعٍ هَوى عَفصاً بِشِكَّتِهِ
مِنهُم وَآخَرَ وَلّى الدُبرَ مُنهَزِما

وَنَثرَةٍ أَخفَرَ الهِندِيُّ ذِمَّتَها
إِنَّ السُيُوفَ المَواضي تَخفِرُ الذِمما

فَاِستَنجَدَت عامِراً مِن بَأسِها فَأَتَت
مُغِذَّةً لا تَرى في سَيرِها يَتَما

ذُكُورُ خَيلِهِمُ أَلفٌ مُصَتَّمَةٌ
وَرَجلُهُم يُفعِمُ الوَادِيَّ إِذ زَحَما

وَجَمعُنا في مِئينٍ أَربَعٍ حَضَرَت
عَدّاً وَلَكِنَّها أَعلا الوَرى قَدَما

وَلَم نَزَل نَرِدُ الهَيجاءَ يَقدُمُنا
ماضٍ على الهَولِ وَرّادٌ إِذا عَزَما

أَبُو عَلِيٍّ وَفَضلُ ذُو النَدى وَأَبُو
مُسَيَّبٍ وَهُما تَحتَ العَجاجِ هُما

وَمِسعَرُ الحَربِ مَسعُودٌ إِذا خَمَدَت
وَماجِدٌ وَاِبنُ فَضلٍ خَيرُها شِيما

هُمُ بَنُوهُ فَلا ميلٌ وَلا عُزُلٌ
وَلا تَرى فيهمُ وَهناً وَلا سَأَما

كُلٌّ يُعَدُّ بِأَلفٍ لا يَضيقُ بِها
ذَرعاً وَيُوسِعُها طَعناً إِذا أَضِما

وَمالِكٌ حينَ تَدعُوهُ وَأَيُّ فَتى
حَربٍ إِذا ما اِلتَقى الزَحفانِ فَاِصطَدَما

وَمِن بَني الشَيخِ عَبدِ اللَهِ كُلُّ فَتىً
يُخالُ في الرَوعِ فَحلَ الشَولِ مُغتَلِما

يُنمى لِفَضلٍ وَصبّارٍ وَإِخوَتِهِ
بَني عَلِيٍّ كِعامِ الخَطبِ إِذ هَجَما

وَلَم تَكُن وُلدُ غَسّانٍ إِذا حَمِيَت
لَوافِحُ الحَربِ أَنكاساً وَلا قُرُما
تِلكُم بَناتُ العُلا لا قَولُ مُنتَحِلٍ

كُنّا وَكانَ وَلا باعاً وَلا قَدَما
سَقَوا صُدُورَ القَنا عَلّا وَقد نَهِلَت

وَأَكرَهُوا المازِنَ الخَطِّيَّ فَاِنحَطَما
وَفَلَّلَ البِيضَ في الهاماتِ ضَربُهُمُ

مِن بَعدِ أَن أَنهَلُوها في المَكَرِّ دَما
بَزُّوا ثَمانينَ دِرعاً مِن سُراتِهِمُ

في حَملَةٍ تَرَكَت هاماتِهِم رِمَما
وَكَم لَنا مِثلُها لَم تُبقِ باقِيَةً

إِلّا الزَعانِفَ وَالأَطفالَ وَالحَرَما
فَسَلَّمَ الأَمرَ أَهلُ الأَمرِ وَاِنتَزَحُوا

عَن سَورَةِ المُلكِ لا زُهداً وَلا كَرَما
وَأَصبَحَت آلُ عَبدِ القَيسِ قَد ثَلَجَت

صُدُورُها فَتَرى المَوتُورَ مُبتَسِما
ثُمَّ اِنتَحَينا لِعَوفٍ بَعدَما وَرِمَت

أُنُوفُها فَفَشَشنا ذَلِكَ الوَرَما
دُسناهُمُ دَوسَةً مِرِّيَّةً جَمَعَت

أَشلاهُمُ وَضِباعَ الجَوِّ وَالرَخَما
لَم يَنجُ غَيرُ رَئيسِ القَومِ تَحمِلُهُ

خَيفانَةٌ كَظَليمٍ رِيعَ تَحتَ سَما
ثُمَّ اِنثَنَينا بِجُردِ الخَيلِ نَجنِبُها

نَقائِذاً وَأَفَأنا السَبيَ وَالنَعَما
وَسَل بِقارُونَ هَل فازَت كَتائِبُهُ

لَمّا أَتَتنا وَهَل كُنّا لَهُم غُنَما
وَالشَرسَكِيَّة إِذ جاءَت تُطالِبُنا

دَمَ النُفوسِ وَفينا تقسِمُ القِسَما
بَيتانِ عِندَهُما كانَت رَعِيَّتُنا

عَوناً عَلَينا ضَلالاً مِنهُمُ وَعَمى
فَفَرَّجَ اللَهُ وَالبِيضُ الحِدادُ لَنا

وَعِزَّةٌ لَم تَكُن يَوماً لِمَن غَشَما
وَأَصبَحَت حاسِدُونا في قَبائِلِنا

لَحماً أَقامَ لَهُ جَزّارُهُ وَضَما
لَكِن عَفَونا وَكانَ العَفوُ عادَتَنا

وَلَم نُؤاخِذ أَخا جُرمٍ بِما اِجتَرَما
وَلَم يُنَجِّ اِبنَ عَيّاشٍ بِمُهجَتِهِ

يَمٌّ إِذا ما يَراهُ الناظِرُ اِرتَسَما
أَتى مُغِيراً فَوافَى جَوَّ ناظِرَةٍ

فَعايَنَ المَوتَ مِنّا دُونَ ما زَعَما
فَراحَ يَطرُدُ طَردَ الوَحشِ لَيسَ يَرى

حَبلَ السَلامَةِ إِلّا السَوطَ وَالقَدَما
فَاِنصاعَ نَحوَ أَوالٍ يَبتَغي عِصَماً

إِذ لَم يَجِد في نَواحي الخَطِّ مَعتَصما
فَأَقحَمَ البَحرَ مِنّا خَلفَهُ مَلِكٌ

مازالَ مُذ كانَ لِلأَهوالِ مُقتَحما
فَحازَ مُلكَ أَوالٍ بَعدَ ما تَرَكَ
العَكرُوتَ بِالسَيفِ لِلبَوغاءِ مُلتَزِما

فَصارَ مُلكُ اِبنِ عَيّاشٍ وَمُلكُ أَبي ال
بَهلُولِ مَع مُلكِنا عِقداً لَنا نُظِما

مَن ذا يُقاسُ بِعَبدِ اللَهِ يَومَ وَغىً
في بَأسِهِ أَو يُباري جُودهُ كَرَما

مِنّا الَّذي جادَ بِالنَفسِ الخَطيرَةِ في
عِزِّ العَشيرَةِ حَتّى اِستَرحَلَ العَجَما

مِنّا الَّذي قامَ سُلطانُ العِراقِ لَهُ
جَلالَةً وَالمَدى وَالبُعدُ بَينَهُما

مِنّا الَّذي حازَ مِن ثاجٍ إِلى قَطَرٍ
وَصَيَّرَ الرَملَ مِن مالِ العَدُوِّ حِمى

مِنّا الَّذي حينَ عَدَّ الأَلفَ خازِنُهُ
لِضَيفِهِ قالَ ضاعِفها أَرى أَمَما

مِنّا الَّذي مِن نَداهُ ماتَ عامِلُهُ
غَمّاً وَأَصبَحَ في الأَمواتِ مُختَرَما

مِنّا الَّذي جادَ إِيثاراً بِما مَلَكَت
كَفّاهُ لا يَدَ يَجزِيها وَلا رَحِما

مِنّا الَّذي أَنهَبَ اِصطَبلاتِهِ كَرَماً
وَهيَ الجِيادُ اللَواتي فاتَتِ القِيَما

وَكانَ إِن سارَ فَالعِقيانُ تَتبَعُهُ
لِسائِلٍ رُدَّ أَو مُستَرفِدٍ حُرِما

مِنّا الَّذي فَضَّ أَموالَ الخَزائِنِ في
غَوثِ الرَعِيَّةِ لا قَرضاً وَلا سَلَما

وَأَهمَلَ الدَخلَ ذاكَ العامَ فَاِنتَعَشَت
بِهِ الرَعِيَّة حَتّى جازَتِ القُحَما

مِنّا الَّذي جَعَلَ الأَقطاعَ مِن كَرَمٍ
إِرثاً تَوَزَّعُهُ الوُرّاثُ مُقتَسَما

وَجادَ في بَعضِ يَومٍ وَهوَ مُرتَفِقٌ
بِأَربَعينَ جَواداً تَعلُكَ اللُجُما

وَمُطعِم الطَيرِ عامَ المَحلِ فَاِسمُ بِهِ
مِنّا إِذا صَرَّ خِلفُ الغَيثِ فَاِنصَرَما

مِنّا الَّذي أَنفَقَ الأَموالَ عَن عَرضٍ
حَتّى رَأَى شِعبَ شَملِ العِزِّ مُلتَئِما

مِلءَ المُسُوكِ قَناطيراً مُقَنطَرَةً
ما خافَ في جَمعِها حُوباً وَلا أَثَما

مِنّا المُسَوَّرُ تَعظيماً وَوالِدُهُ
كَذاكَ كانَ فَنَحنُ السادَةُ العُظَما

مِنّا الَّذي كُلَّ يَومٍ فَوقَ دارَتِهِ
داعٍ يُنادي إِلَيهِ الجائِعَ الضَرِما

مِنّا الَّذي لَم يَدَع ناراً بِساحَتِهِ
تذكى سِوى نارِهِ لِلضّيفِ إِن قَدِما

وَصاحِبُ البَيتِ مِنّا حِينَ تَنسِبُهُ
لَو لَم نَجِد غَيرَهُ سُدنا بِهِ الأمَما

مِنّا الَّذي عامَ حَربِ النائِليِّ حَلا
يَومَ السُبَيعِ وَيَومَ الخائِسِ الغُمَما

مِنّا الَّذي مَنَعَ الأَعداءَ هَيبَتهُ
حَربَ البِلادِ فَما شَدّوا لَهُ حُزُما

وَماتَ يَطلُبُ يَوماً يَستَلِذُّ بِهِ
يُطَبِّقُ الأَرضَ نَقعاً وَالحَضيضَ دَما

مِنّا الَّذي ضُرِبَت حُمرُ القِبابِ لَهُ
بِالمَشهَدَينِ وَأَعطى الأَمنَ وَاِنتَقَما

لَولا عِياذُ بَني الجَرّاحِ مِنهُ بِهِ
لَصاحَبَت دَهمَشاً أَو أُلحِقَت دَرِما

مِنّا الَّذي أصحَبَ المُجتازَ مِن حَلَبٍ
إِلى العِراقِ إِلى نَجدٍ إِلى أَدَما

مِنّا الَّذي كُلَّ عامٍ بِالعِراقِ لَهُ
رَسمٌ سَنِيٌّ إِلى أَن ضُمِّنَ الرُجَما

مِنّا الَّذي رَكَزَ الرُمحَينِ ضاحِيَةً
وَجَوّزَ العَرَبَ العَرباءَ بَينَهُما

حَتّى اِحتَوى ما اِصطَفاهُ مِن عَقائِلَها
غَصباً وَهانَ عَلَيهِ رَغمُ مَن رَغِما

وَيَومَ سُترَةَ منّا كانَ صاحِبُهُ
لاقَت بِهِ شامَةٌ وَالحاشِكُ الرَقِما

أَلفَينِ غادَرَ مِنهُم مَع ثَمانِ مئىٍ
صَرعى فَكَم مُرضَعٍ مِن بَعدها يَتُما

مِنّا أَبُو يُوسُفٍ وَالمُرتَجى حَسَنٌ
وَاِبنُ الإِمارَةِ وَالبَيتِ المُنيفِ هُما

وَيُوسُفٌ وَأَبُو شُكرٍ وَإِخوَتُهُ
حَليُ العُلا وَكِعامُ الدَهرِ إِن عَزَما

مِنّا الَّذي أَبطَلَ الماشُوشَ فَاِنقَطَعَت
آثارُهُ وَاِنمَحى في الناسِ وَاِنطَسَما

مِنّا الأَميرُ أَبو فَضلٍ مَتى اِختَصَمَت
بَنُو الوَغى كانَ في أَرواحِها الحَكَما

ما قابَلَ الأَلفَ إِلَّا وَاِنثَنَت هَرَباً
كَأَنَّها الوَحشُ لاقَت ضَيغَماً قَرِما

منّا الأَميرُ حَوارِيٌّ وَوالِدُهُ
فَاِذكُرهُما فَلَقد طابا وَقَد كَرُما

وَفي سُليمٍ لَنا عِزٌّ وَمُفتخَرٌ
وَمُفلِحٌ وَهُما لِلّهِ دَرُّهُما

وَفي أَمِيرٍ وَسُلطانٍ لَنا شَرَفٌ
نَسمو بِهِ وَاِبنُ بَدرِ اللَيثُ بَعدَهُما

مِنّا أَبو فاضِلٍ وَاللَوذَعيُّ أَبُو
مَذكُورٍ القرمُ فَلنَفخَر بِمثلِهِما

وَما حُسَينٌ وَبَدرٌ إِن ذَكَرتُهُما
إِلّا هُمامانِ فاقَ الناسَ مَجدُهُما

مِنّا الَّذي حَطَّ زُهداً عَن رَعِيَّتهِ
كُلَّ المُكُوسِ فَأَضحى الجَورُ مُنحَسِما

وَكَم لَنا مِن بَني البَيعِيِّ مِن بَطَلٍ
إِذا رَأى مِن عَدُوٍّ هامَةً صَدَما

مِنّا الثَلاثَةُ وَالفردُ الَّذينَ لَقُوا
كَتائِباً كَأبي السَيّالِ حِينَ طَما

تَدعُو عَجِيبَةَ أَحياناً وَآوِنَةً
أُمُّ العَجرَّشِ وَالحَجّافِ بَينَهُما

يَومَ الجُرَيعاءِ ما خامُوا وَما جَبُنوا
بَل كُلُّهُم يَصطَلي نِيرانَها قَدَما

مِنّا الرِجالُ الثَمانُونَ الَّذينَ هُمُ
يَومَ القَطيعَةِ أَوفى مَعشَرٍ ذِمَما

لاقُوا ثَلاثَةَ آلافٍ وَما جَبُنُوا
عَنهُم وَلا اِستَشعَرُوا خَوفاً وَلا بَرَما

فَطاعَنُوهُم إِلى أَن عافَ طَعنَهُمُ
مَن كانَ يَحسِبُهُم غُنماً إِذا قَدما

أَفعالُ آبائِهِم يَومَ الرُكَينِ وَمَن
يُشبِه أَبَاهُ فَلا وَاللَهِ ما ظَلَما

إِذ طَيَّرَ التَلَّ يَومَ القَصرِ كَرُّهُمُ
عَلى الأَعاجِمِ حَتّى بادَ بَينَهُما

نَحنُ الثِمالُ فَمَن يَكفُر بِنِعمَتِنا
كُنّا المُثَمَّلَ يُدني الحَتفَ وَالسَقَما

أَبياتُنا لِذَوي الآمالِ مُنتَجَعٌ
إِذا الزَمانُ يُرى كَالعِيرِ أَو عَرَما

وَما عَدَدتُ عَشيراً مِن مَناقِبِنا
وَمَن يَعُدُّ ثرَى يَبرِينَ مُرتَكِما



ابن المقرب العيوني
العصر الايوبي

الحمدان
07-12-2024, 06:23 PM
مَـن لي بِفَـاتِنَـةٍ تُضـيءُ جَـلالا
بالسِّحرِ تُخجِـلُ نِسـوَةً ورِجَالا

حَسنـاءُ دَوْماً لا يَشيخُ جَمـالُها
كم تَيَّمَت في سِحرِهاأجيَـالا

بِمَناقِبِ الأدَبِ الرَّفيعِ تَوَشَّحَت
لِتَكونَ للحُسـنِ الفَـريـدِ مِثَـالا

هَامَ القَصـيدُ بِحُسـنِها مُتَغَـزِّلًا
لِيَزيـدَها فَــوقَ الــدَّلالِ دَلالا

هِيَ أجمَلُ المَلِكاتِ في الدُّنيا فقد
فَاقَت حِسانَ العالَمينَ جَمَـالا

عِشقي لَها مَلَأَ الشِّغَافَ وها أنا
أحيَــا غَـرَامي واقِـعَــاً وخَيالا

فَهِيَ الجَميـلَةُ قِصَّـةً ورِوايَـةً
وهِيَ المَلِيحَـةُ طُرفَةً ومَقَـالا

لُغَـةٌ على عَرشِ الشُّموخِ تَرَبَّعَت
والضَّـادُ تَـاجُ مَحـاسِنٍ يَتَلالا

عَرَبِيَّةٌ فُصحَى تَوَهَّـجَ مَجدُها
وكِتــابُ رَبِّي زَادَهـا إجــلالا

......

الحمدان
07-12-2024, 06:26 PM
‏من أمثال العرب
«إِنَّما يَجزي الفَتى لَيسَ الجَمَل».

يضرب مثلاً في المكافأة ومعناه: إنّما يجزي على الإحسان من هو حرٌّ كريم، فأمّا من هو بمنزلة الجمل في لؤمه وحقده؛ فإنّه لا يُوصل إلى النَّفع من جهته إلا إذا قُهر على ذلك.
والمثل من قصيدة بديعة للبيد بن ربيعة، ومنها قوله

فإذا جوزيتَ قَرضاً فَاِجزِهِ
إِنَّما يَجزي الفَتى لَيسَ الجَمَلْ

أَعمِلِ العيسَ عَلى عِلّاتِها
إِنَّما يُنجِحُ أَصحابُ العَمَلْ

وَاِكذِبِ النَّفسَ إِذا حَدَّثتَها
إِنَّ صِدقَ النَفسِ يُزري بِالأَمَلْ

الحمدان
07-12-2024, 06:28 PM
من تمام المروءة في الأدب حفظُ أبيات من قصيدة أبي تمَّام
في رثاء القائد محمد بن حُميد
فلم تقل الشّعراء في غير قريبٍ ولا حَمِيم أبدعَ ولا أكملَ ولا أجملَ منها:

فَتىً كُلَّما فاضَت عُيونُ قَبيلَةٍ
دَماً ضَحِكَت عَنهُ الأَحاديثُ وَالذِّكرُ

وَما ماتَ حَتّى ماتَ مَضرِبُ سَيفِهِ
مِنَ الضَّربِ وَاِعتَلَّت عَلَيهِ القَنا السُمرُ

فَأَثبَتَ في مُستَنقَعِ المَوتِ رِجلَهُ
وَقالَ لَها مِن تَحتِ أَخمُصِكِ الحَشرُ

غَدا غَدوَةً وَالحَمدُ نَسجُ رِدائِهِ
فَلَم يَنصَرِف إِلّا وَأَكفانُهُ الأَجرُ

تَرَدّى ثِيابَ المَوتِ حُمراً فَما أَتى
لَها اللَّيلُ إِلّا وَهيَ مِن سُندُسٍ خُضرُ

كَأَنَّ بَني نَبهانَ يَومَ وَفاتِهِ
نُجومُ سَماءٍ خَرَّ مِن بَينِها البَدرُ

مَضى طاهِرَ الأَثوابِ لَم تَبقَ رَوضَةٌ
غَداةَ ثَوى إِلّا اِشتَهَت أَنَّها قَبرُ

عَلَيكَ سَلامُ اللهِ وَقفاً فَإِنَّني
رَأَيتُ الكَريمَ الحُرَّ لَيسَ لَهُ عُمرُ

الحمدان
07-12-2024, 06:55 PM
ما حلَّ كربٌ في الزمانِ وكدَّرا
إلا ولُطفُ الله هَلَّ وأمطرا

كم شدَّةٍ مرَّتْ عليكَ وغادرَتْ
منها فؤادُكَ كاد أنْ يتفطَّرا

فاصبرْ علىٰ بلْوَىٰ الحياةِ وضيقِها
إنَّ الذي أشْجاكَ كانَ مُقدَّرا

......

الحمدان
07-12-2024, 06:58 PM
فيا مُهجتي ذوبي جوىً وصَبابَةً
ويا لوعَتي كوني كذاكَ مُذيبتي

ويا حُسنَ صبري في رِضَى مَن أحبُّها
تجمّلْ وكُنْ للدَّهرِ بي غيرَ مُشمِت

تجَمَّعَتِ الأهْواءُ فيها فما ترى
بها غيرَ صَبٍّ لا يرى غيرَ صَبوَة

وعنديَ عيدي كُلَّ يومٍ أرى به
جَمالَ مُحَيَّاها بعَينٍ قريرةِ

......

الحمدان
07-12-2024, 08:43 PM
رائعة المتنبي أشهر شعراء العرب على مر العصور. ..

كَم تَطلُبونَ لنا عيباً فَيُعجِزُكُم
وَيَكرَهُ اللهُ ما تأتونَ والكَرَمُ

ما أبعدَ العيبَ وَالنقصانَ عن شَرَفي
أنا الثُّريا وذانِ الشيبُ والهَرَمُ

أنا الذي نظَر الأعمى إلى أدبي
وأسْمعَت كلماتي مَن بهِ صَمَمُ

أنامُ مِلْءَ جُفُوني عن شوارِدِها
ويَسْهَرُ الخلقُ جرَّاها وَيَختَصِمُ

إذا رأيتَ نيوبَ الليث بارزةً
فَلا تَظُنَّنَّ أنَّ اللَيثَ يبتَسِمُ

ومُرهَفٍ سِرتُ بين الجَحْفَلينِ بهِ
حتى ضَربتُ وموجُ الموتِ يَلتَطِمُ

الخيلُ والليلُ والبيداءُ تَعْرِفُني
والسيفُ والرمحُ والقرطاسُ والقَلمُ

يا أعدلَ الناسِ إلا في معامَلتي
فيكَ الخِصامُ وَأنتَ الخَصْمُ والحَكَمُ

بأي لفظٍ تَقولُ الشعرَ زِعْنِفَةٌ
تَجوزُ عندَك لا عُرْبٌ ولا عَجَمُ

سيَعلَمُ الجمعُ ممَّن ضمَّ مَجلسُنا
بأنَّني خيرُ مَن تسعى بهِ قَدَمُ

الحمدان
07-12-2024, 08:55 PM
خذني إليك فانت سحر مشاعري
أنت القصيد ومقصدي ودفاتري

خذني وكن نبضاً يعانق أحرفي
كن أوّلي يابن الجمال وآخري

قد ذبت في احضان حبك شمعة
حتى احترقتُ من الهوى يا شاعري

......

الحمدان
07-12-2024, 09:30 PM
لغتي وهل كل اللغاتِ أصيلةُ؟
والفرعُ فيها كالأساسِ أصيلُ

لو أنّه وسِعَ اللغاتُ لقاءَها
قبّلنها إنْ أمكَنَ التقبيلُ

يكفي بأنّ نبينا بلسانها
قد قال إني منذِرٌ ورسولُ

صلى وسلّم ربنا المولى عليه
فإنه عند الإلهِ جليلُ

بقلمي

الحمدان
07-12-2024, 09:37 PM
نبضات الروح
قلم الاستاذ سالم... من العراق
حباً بالنبي شعراً كتبت في عام هجري جديد ١٤٤٦..
قصيدة بعنوان..
( هجرة نبينا)

صلوا على من سماه الله احمدا
حبهُ سكن لب الحشا ابدا

شرع لنا الدين منهجاً كاملا
وجعل لنا الاسلام يتمددا

بهجرتهِ للمدينةِ قد أُمرا
بعد تأمرهم لقتلهِ عمدا

نامهَ في فراشهِ الفتى علياً
وفي صحبتهِ أبا بكرٍ سندا

وعلى الغار العنكبوت نسجت بيتها
والحمامتان لم يفرى ابدا

جنود الله لتضليل ابصارهم
ليحفظ الله رسولنا محمدا

و آوأهما غارُ حِراءٍ ثلاثُ ايامً
وثمانٍ في الطريقِ اتمت عددا

وصل الحبيبُ الى يثرب سالما
خرج كل من فيها بالترحاب توددا

هتفوا الله اكبر الله اكبر
هذا رسول الله محمداً الاجودا

وقال اتركو الناقة إنها مأموره
فكان مسجدُ قباء أولَ مسجدا..

وآخآ بين المهاجرين والانصار..
وكتابة الوثيقة وشرع الجهادا..

صلِّ عليك الله يا علم الهدى..
ما طار طيرٌ في السماء وغردا..

يا من بهديك قد أضأتَ دروبنا
وأتيتَ بالدين الحنيف موحِّدا

الحمدان
07-12-2024, 09:40 PM
‌‎وحكمة الله في الأقدارِ ساريةٌ
عدل وخير واحسان ورحماتُ

البعض خير لهم إن مُدَ في عمرٍ
والبعض خير لهم لا شك ان ماتُ

في كل شيء لباري الكون حكمته
قد تحمل الخير لو تدري المصيباتُ

......

الحمدان
07-12-2024, 09:43 PM
يا هجرة المصطفى والعين باكيةٌ
والدمع يجري غزيراً من مآقيها

يا هجرة المصطفى هيّجت ساكنةً
من الجوارح كاد اليأس يطويها

هيجت أشجاننا والله فانطلقت
منا حناجرنا بالحزن تأويهـا

هاجرت يا خير خلق الله قاطبةً
من مكة بعد ما زاد الأذى فيها

هاجرت لما رأيت الناس في ظلـم
و كنت بدراً منيراً في دياجيهـا

هاجرت لما رأيت الجهل منتشـراً
و الشر و الكفر قد عمّ بواديهـا

هاجرت لله تطوي البيد مصطحبا ً
خلاً وفياً .. كريم النفس هاديها

هو الإمام أبو بكر و قصته
رب السماوات في القرآن يرويها

يقول في الغار " لا تحزن " لصاحبه
فحسبنا الله : ما أسمى معانيها

هاجرت لله تبغي نصر دعوتنا
و تسأل الله نجحاً في مباديها

هاجرت يا سيد الأكوان متجهاً
نحو المدينة داراً كنت تبغـيها

هذي المدينة قد لاحت طلائعها
و البشـر من أهلها يعلو نواصيها

أهل المدينة أنصار الرسول لهم
في الخلد دور أُعدت في أعـاليها

قد كان موقفهم في الحق مكرمة
لا أستطيع له وصفاً و تشبيها

......

الحمدان
07-12-2024, 09:47 PM
عَامٌ جَدِيدٌ يَا حَبِيْبَةُ فَاْسْمَعِيْ
وَدَعِيْ اْلْمَلَاْمَةَ وَاْلْكَلَاْمَ اْلْمُوُجِعِ

وَاْنْسِيْ خِلَاْفَاْتٍ مَضَتْ أيَّامُهَا
قُولِي اُحْبُكَ دُونَ أَيِّ تَصَّنُعِ

فَاْلْعُمْرُ يَمْضِيْ كَاْلْطُيُوْرِ مُهَاجِراً
وَاْلْشَوْقُ أَيْقَظَ يَا حَبِيْبَةُ مَضْجَعِيْ

مُدِيّ إليَّ بِحَبلِ وَصْلِكِ واقنَعِي
مِنْ غِيرِ حُبُكِ لا أَحْسُ ولَا أَعِي

أنا سَاكِنٌ مِثْلُ الجَمَادِ مُكَبَلٌ
وحَيَاةُ حُبُكِ قَدْ تُغَيرُ مَوُضِعِي

أنا تآئهٌ ضَلَّ الطَرِيقَ كَأَنَّهُ
سُحُبٌ تُسَاقُ علی فضَاءٍ أوسعِ

فإذا تَصَادمَ بَعْضُهَا في بَعْضِهَا
شَنَّتْ عَليكُمْ وابلاً مِنْ أَدْمُعِي

والبَرْقُ والرَعْدُ المُزَمْجِرُ ماهُمَا
إلا حَنِينٌ مِنْ فُؤَادِي المُولَعِ
إلا ارتِدَادٌ مِنْ حَنِينِ الأَضْلُعِ

......

الحمدان
07-12-2024, 09:48 PM
ونــدعــو الله بــالآمــال دومًــا
فــحلم الأمــس جــبر الصّابرينا

عــسى الأيــام تــهطل بالأماني
كــغيثِ الــدّيم يروي اليابسينـا

وأفـــرحُ كــلما أبــكتْ عــيوني
جروحٌ في الحشا أمضت سنينا

عَــطَايَا الله فــي الآفــاق تترىٰ
وجــــبــر الله يــمــلؤنا يــقــينا

......

الحمدان
07-12-2024, 09:50 PM
‏سَتُدْرِكُ فِيْ النِّهَايَةِ أَنَّ مَا قَدْ
حَثَثْتَ لَهُ الخُطَا لَا يَسْتَحِقُّ

وَأَنَّكَ قَدْ أَضَعْتَ العُمْرَ هَدْراً
فَمَا فِيْ السَّطْحِ لَوْ دَقَّقْتَ عُمْقُ

وَأَنَّكَ عِشْتَ فِيْ وَهْمٍ كَبِيرٍ
وَلَمْ يَكُ فِيْ الذِيْ صَدَّقْتَ صِدْقُ

وَدُنْيَاكَ التِيْ اَخْلَصْتَ حُبًّا
لَهَا زَيْفٌ ، وَأَنَّ اللهَ حَقُّ

......

الحمدان
07-12-2024, 09:54 PM
‏بُعثتَ بالنّورِ فازدانتْ بكَ الأممُ
بشرْعةٍ سمْحةٍ دستورُها القلمُ

أحيا بكَ اللهُ - بعد الموتِ- أفئدةً
وسار هديكَ في الدنيا له العلَمُ

ما كنتَ إلا كريمًا ليّنًا عبِقًا
منكَ استقىٰ كرمًا من طبعهُ الكرمُ

صلٰ عليك الذي أعلاكَ منزلةً
وزانَ في مدحك الأشعار والكلمُ

......

الحمدان
07-12-2024, 11:44 PM
‏و يقرأُ الناسُ أحرُفَنا فتعجبُهم
ويحسبونَ بأن الحُزنَ إبداعُ

سيشهدُ الحرفُ أن الحبرَ أدمُعنا
لو يعلمون وأن السطرَ أوجاعُ

‏البوحُ فيضٌ من الآلامِ لو حُبِست
تهشّمت من أزيزِ الصدرِ أضلاعُ

و لا سبيلَ لها الا قصائدُنا
فتستجيبُ لنا و الوزنُ ينصاعُ

‏عمداً نُبعثرُ أسماءً و نجمعُها
إشارةً لأولي الألبابِ إن ضاعوا

ليهتدوا بنجومٍ تعتلي قمَرا
يسيرُ فرداً و لا يتلوهُ أتباعُ

‏هيَ الحياةُ فَ عِشْها أينما ذهَبَت
كُنْ مُطمئناً فلا تُلهيكَ أطماعُ


......

الحمدان
07-13-2024, 02:00 PM
القَلم لما بَدا يَرسم قَصيد
فُوق طَلحية يزاجي للمداد

قُلت هَيا قال لي ماذا تُريد
قُلت ودي بُيوت مِن عندك جَواد

قال لي ابشر بهم خُذهم نَضيد
قُلت هاها غب من ثديو وَجاد

وَاشتغل في قافها يرعد رَعيد
هاج بحر الفَن في غرة جَماد

وَارزم الدَلال ينضد به جَديد
بُيوت للي يفهموا ند وَزباد

صحت أَنا من واهِجي يا قَلب حيد
بصوت عالي يَسمع الصم الجماد

وَافهم المَضمون مني وَاستفيد
شُوف كيف الترك خَلونا بداد

يَشتتوا الإِنسان راد أَو ما يُريد
بَين نشحين الطَوائف وَالبداد

ما عَلى ما صابَني ظَني مَزيد
جوز وَاترك وَالبس ثِياب الحداد

قال هُو يا وَليفي لا تَزيد
تا اوعظك بمثال قالوهم جداد

لا تَكون من الملا رجلا وَغيد
اترك المَحذور عَنكَ غاد غاد

الدَهر ما لو خوي وَلا وَديد
وَاللَيالي قَط ما الهم وَداد

الدَهر عن صاحبك خلك بَعيد
وَاللَيالي شُوف منظرهم سَواد

الدَهر ياما خرب قبلك رَبيد
وَاللَيالي مُلوك ادعوها رَماد

الدَهر لا عض في نابا حَديد
بسحن العَظم الصَحيح مَع الزرد

الدَهر ياما سَقى مر الصَديد
وَكَم جناس طُيور فَخ الترك صاد

كَم وَكَم مثلك عَلى جسر الحَديد
فات يُدوي مِن زَمانو ما اِستَفاد

هَذي دُنيا شَرَها دايم مَديد
إِلا نبيا في وقاتهم ذاقوا النكاد

البَعض ذبحوا وَالبَع راحوا بَديد
وَالبَعض غلوا شدانا بالقياد

ما تخلد بهِ أَحد غَير المَجيد
خالق السَبعة رَواسي وَالشداد

اتعظ وَاصبر عَلى حُكم الوَحيد
هيك ربك في شَتات الكُل راد

قُلت لهُ يا قَلب ان رَأيك سَديد
صج ربك ان أَمر يَقضي المراد

قال لي ما شُفت جاء مع البَريد
طرس يَفرَح خاطرك من يوزغاد

ان أَبو فندي الشَفاوي المَجيد
كت يم الشام زيزوم الطراد

قُلت هذا صج هالعلم وَأكيد
من بَعد غيره من شُيوخ البِلاد

خاضها لَو بحرها قاعو بَعيد
دارك عَلى نَفسه عَسى أَنو استفاد

قُلت أَنا مَقبول لَو ما يَستفيد
قلط المَجهود في حَق العِباد

أَطيب من اللي وَجوههم مثل الجَليد
مسفعة وَالخال عمدة للولاد

والَّذي ما ينتخي وَدو معيد
وَأَكثر الشيخان بالدُنيا عداد

إِن فكنا يسوا ملك عبد الحَميد
عِند دوار الاسم بين النداد

دَع أَهل حوران يرعوا في حَصيد
اللَيث أَبو فندي عَلى الشيخان زاد

بعر ذا من فوق علميا شَديد
حط كُور الميس يا حر الهداد

مرصع العمدان بالدر النَضيد
وَالبريسم كلل جناب الشداد

وميركة يلمع هدبها وَالسَريد
مطورة بِالريض من ربد الهناد

وَالخَرج مرقوم بعهونا يَميد
وَريش هيج نعام صافي بِالسَواد

تحزم بحدبا مخضرة الحَديد
وَسيف هنديا صَقيل مِن الحداد

ومارتينه بزرها يَرمي بَعيد
حَشوَها مِن كَعبها مثل الجَراد

قم وَخُذ بِالمزهية ايش تريد
تَرى مَعاناكم يا ولد عَنا يابعاد

الصُبح مِن سيناب لا باح الجَديد
سير مِن عندي عَلى طُرق الرَشاد

لا تَجي عالباب مَقفول بحَديد
اِجمح عَلَيها الصُور غدوه عَالبراد

الدَرب عابيواط عَنها لا تَحيد
وَانحرن صمصون قبليها صماد

وَسهجو سيواس لو نَوك يبيد
وَانقرا وَشاهرقرا وَهك البلاد

وَقَيسرية واذنا حزت المَريد
عاحلب دربا فضا بَين النَفاد

وَعا حماه وَحمص وَالفَيحا وَميد
ريح وارد المنهل الصافي براد

الصُبح مِن جلق عَلى مَد المَديد
سير غَدوة وَاقضب الغربي طراد

الدَرب عالكسوة عَلى الصَبي عَديد
عَالغَدر عَالسَيد النابي قداد

عازرع خُذ بِاليَسار وَلا تَحيد
وَيمموا قَبلي مَشرق بِالصَماد

اليا وردت المزرعة حزت المَريد
غَير وَلغا مالك بحوران عاد

نوخو في ربعة الشيخ العَتيد
أَبو فندي سَيد مِن ركب الجَواد

عَنتر الفُرسان في يَوم شَديد
زبن غيده مثل غُزلان الحَماد

مُطلق الكَفين لَو فان البَليد
حاتمي الخَلق من طبعو الجَواد

صاحب الشوفات وَالرَأي السَديد
كاسب النوماس شو فاتو بعاد

حيد ملجا لِلَّذي حملو ضَهيد
كَهف للمنضام من خاص الجَواد

حر هيلع لا هبد يَفري الضَديد
زير من روس المَناصب وَالعماد

أَبو فندي دوم كساب الحَميد
كاسي العريان بهدوما جداد

مشبع المعتام صباب الجَميد
فَوق حيل وَرز للضيفان زاد

خَلفة المَرحوم المحمد عَضيد
مِن ظَنا عساف مِن قَوم محاد

شوق غضروفا حجلها وَالبَريد
مثل برقا لا لمع تحت الرَعاد

الأَسارى كلهم صاروا عبيد
لجنابو رق من دُون العباد

هذا كُلو صج وَالمَولى شَهيد
مِن عقب هذي المَصايب وَالبعاد

قَبل عندي المير وَخلفو سَعيد
يَشتروا المَجلوب من سوق المَزاد

أَهل الوظايف وَالرتب نسيوا الحَفيد
حيف أَنهم من ضنا ذوك الجياد

اللي شرانا صار عالأُمثال سيد
ريت عمرو من عِندي رَبي مِداد

قال المثل من قبل من حكم الوَليد
مشتراة الحر بالحسنى سَداد

وَحنا حسانيك نزورك كُل عيد
مثل ما يزوروا المَنادر بِالعياد

اختم كلامي بالنبي الهادي الرَشيد
المُصطَفى خَير البَرايا وَالعباد

يَفرج لمن جوات قلبو من لهيد
من حوال الترك وَالقُوم الضداد


شبلي الأطرش

الحمدان
07-13-2024, 02:04 PM
طاف هم القَلب واشتد البَلا
كُل ما قُلنا غَدا طال الأَمَد

لَو بيدي المَوت أَنا عُمري بِلا
وَآهنوا اللي مع الناوي يَمد

انعطف دَمعي عَلى خَدي شَلا
وَأَشعَلت في ضامِري نار الوَجد

خانَني الدَهر المشقا وَيشلا
تاقطع جمارنا اجهد وَجد

طاف هم القَلب عاروس العُلا
عاسماً سيناب مثل الغيم سَد

ضاع عُمري بَينَ لا عل وَعُلا
وَالفَرج بوجوهنا بابو اِنسَد

وَارزم الدلال من وَجدي وَغَلا
فَوق ملال العضا حط الفؤاد

سُوم نَفسي بِفلس عِندي بالغَلا
وَإِن شروها قلت أَنا فيها فواد

هاج قَلبي وَماج مِن وَجدي وَمَلا
وَطاف بَحر الفَن بِموجه زبد

وَالقَلم مِن فُوق طَليحة مَلا
بُيوت اللي يفهموا ند وَزباد

يا قَلب ما حل بالي يَنسلا
خلنا في همنا حِنا بعاد

قال شَحمي من غَرامي اِنسلا
لَو وَطنا بَعد مضموني بعاد

يا قَلب جَرحي غَفر عاشلشلا
حاض ما نفع المَراهم وَالضماد

كان أَبو المَضمود بَعدي شلشلا
مُت مِن وَجدي بِلا مَد وَضماد
يا مَهد لف ليش ضيقت الفَلا

طيع شوري وَجوز يكفانا نكاد
قال لي ما طُول أَنا غايب فَلا

نَستَطيع الصَبر وَالسَلوى نكاد
يا قَلب لَو لآن صَوتي زَلزَلا

ما فَزع عاصياً حِنا مِنهُم جِياد
لَو دُموعي فيض هُم الزَلزَلا

ما يفكون التُرك مِنا جِياد
طيعني ما غَير هُون وَأَقبَلا

وَاتعظ وَالصَبر للإِنسان زاد
قال لي مَمدوح باشا أَقبَلا

ذول شيل هُمومهم عَالكُل زاد
قُلت ذولي عجهم ملا الخَلا

تَقارضوا وَمِن كيسنا صار السَداد
قال سَعدك بِالقَدر يَوم إِن خَلا

صار بر الشام في وَجهك سَداد
قُلت سَعدي قفل شال وَحملا

يَوم نخنا عِندَما شب الطراد
لَو صوافنا عليهم حَملا

كان أَحلى مِن شُرب شَهد الطراد
قال لَوم النفس ما يَجني حَلا

ذوق طَعم الترك يا عفن الولاد
لَو تشوبش يُوم غَنوا ما حَلا

كان ما جابوا الحَراير وَالولاد
قُلت ربعي اللي حدوني عالبلا

العامية شيوخهم كثر الجَراد
قال خير مِن المَقابر وَالبَلا

وَاهنوا اللي مع العانة جرد
كان ما صاد الشبك يُوم اِنصَلا

وَلو اتثق بالأَيمان خوان العهاد
قُلت شاخوا بالشَباب الهملا

وَالوباش تقلطوا فُوق الشداد
ضيعوا حوران مثل الهملا

وَحسبوا مِن غير مرساهم شداد
يا قَلب مَن كانَ يَمشي أَولا

لَو بحوران العدية أَلف جاد
شُوف كيف الربع خلونا أَولا

وَبات من ضيم الرفاقا بي وَجاد
قال أَخير وَمية آية منَزِلا

وَحَق خلاق الكَواكب وَالشداد
مَن الَّذي جاب الرَجل مِن منزلا

ببوق ما هوَ عانِقاً وَعدو شداد
قَلتلو يا قَلب بلكي ينجلا

هَمنا وَنعود عا بلاد الجَواد
قال بحر اللي عن وَطانو جَلا

وَعاد أَما جرحنا معضم جَواد
قلتلو أَيوب من قبلي اِبتَلا

وَيوسف الصديق عايعقوب عاد
قال ذولي عزمهم ما يبتلا

مثل عزمك لابتلى الحواب عاد
ذول من أَهل العَزايم وَالوَلا

ذو من أَهل الخصاصة وَالرَشاد
ما يقاسوا للذي زَينوا وَلا

ذوقوا بَعد الحَلا زوم الرَشاد
قال مثلك أَنتَ سُكان الفَلا

العشاير شوف خلوها رَماد
كَم صَدر الحُكم بالخونة فَلا

وَالَّذي ما يشوف بعيونو رَمد
غَير رَبك بالخفية من علا

يحلها من فوق حَلال العقد
يرحم اللي طاح يدوي من علا

وَشاف عج المَوت مِن فوقو عقد
بَعد ذا شديت هجنا حيلا

نيتي لنهم يَقضوا لي مَراد
فَوقَهم طَقم البريسم كللا

وَالكَوار مرصعة مثل البَرد
وَانحرون المير حيث الكُل أَلا

اسجدوا عالأرض وَاعطوه البَرد
سهجوهم بِأَرض نشحين المَلا

وَزملون الدَرب مِن عِندي طراد
تَزهبوا وَخراجكم خذوا مَلا

الضَيف عِندَ التُرك لاجا يَنطرد
الصُبح مِن سيناب قوموا لي عَلى

هجن ضمر مثل غُزلان الحَماد
وَانحروا هك الرَوابي وَالعُلا

الدَرب عالقيصر وَضيفوا بِهِ حماد
مِن الفَجر يَوم المؤذن هَللا

ثُوروا من عند أَخو شيخا حَمَد
ما لَهم بِأَرض التُرك مهللا

نحروهم أَدنا قبلي حَماد
عا حلب يَمشوا بقفار وَسَهلا

وَظَنتي يَلفون جلق عَالبراد
ريضوا ميتين أَهلاً وَسَهلا

وَريحوا بِالشام موردها براد
يوم تالي الليل وَالضَو اِنجَلا

تَقهقروني فَوق عمدان الشداد
وِاِنحَروا زبن المجنا وَإِن جَلا

أَمير قَيس اللَيث خواض الشداد
مقيم في لُبنان تاج أَم العلا

خاص من عالي الرُتب أَباً وجد
بَعد ما جابوا الدَراهم لَو عَلى

وَعا الَّذي من حوكنا مالو وَجد
نُوخوا وَأَردوا صَوافي منهلا

وَاشرحولو كيف خَلونا بداد
وَالمُروءة قَد ورثها من هلا

خاص من عالي الرُتب بين البداد
إِصرَخوا وَانخوا الأَمير الهايلا

مصطَفى من آل رَسلان الطَواد
المعضلات من النَوايب هاي لا
ما اِندرق عَن مثلنا في طواد

عَنتر الفُرسان راعي الأَولا
حاتمي الأَخلاق من طبعو جَواد

إِن نادبك يرضيك إِن قلك وَلا
وَبِالكَرَم ينطي الدَراهم وَالجَواد

بهلوان الدهر أَمير مبجلا
صاحب الرايات إِن ضاقَ النَفاد

زبن غطروفاً زَها لَهُ بِالجَلا
مخدراً عارنكها خشف النفاد

الكَريم بحاجتك لا تَسألا
لَو نظركم وَالتفت يَقضي المراد

ظنتي عَن شغلنا ماله سَلا
أَم ببر الترك بَعد النا مراد

رد يا مير الجبل عااللي اِنشلا
وَالفَتى لا رَد عاضن بِالشراد

يفرج الغرقان رجلا ينشلا
وَغير بي فكو للمسر كل ايش راد

إِن كانَ من ناديك ماذُقنا حلا
لازم أَنا ننشر الراية سَواد

المسركل ذاب جسمو وَاِنحَلا
تاه رَأيه وَضاع ما بين السَواد

ثُمَ صَلوا عالنبي المُرسَلا
المُصطَفى المَبعوث مِن قبل وَبَعد

يلهم السُلطان بِأَمر مُرسَلا
يَرجع المثلي عَن وَطانو بَعد


شبلي الأطرش

الحمدان
07-13-2024, 02:09 PM
مَضَى اللَّهْوُ إِلَّا أَنْ يُخَبَّرَ سَائِلُ
وَوَلَّى الصِّبَا إِلَّا بَوَاقٍ قَلائِلُ

بَوَاقٍ تُمَارِيهَا أَفَانِينُ لَوْعَةٍ
يُؤَرِّثُهَا فِكْرٌ عَلَى النَّأْيِ شَاغِلُ

فَلِلشَّوْقِ مِنِّي عَبْرَةٌ مُهرَاقَةٌ
وَخَبْلٌ إِذَا نَامَ الْخَلِيُّونَ خَابِلُ

أَلِفْتُ الضَّنَى إِلْفَ السُّهَادِ فَلَوْ سَرَى
بِيَ الْبُرْءُ غَالَتْنِي لِذَاكَ الْغَوَائِلُ

فَلِلَّهِ هَذَا الشَّوْقُ أَيَّ جِرَاحَةٍ
أَسَالَ بِنَا حَتَّى كَأَنَّا نُقَاتِلُ

رَضِينَا بِحُكْمِ الْحُبِّ فِينَا وَإِنَّنَا
لَلُدٌّ إِذَا الْتَفَّتْ عَلَيْنَا الْجَحَافِلُ

وَإِنَّا رِجَالٌ تَعْلَمُ الْحَرْبُ أَنَّنَا
بَنُوهَا وَيَدْرِي الْمَجْدُ مَاذَا نُحَاوِلُ

إِذَا مَا ابْتَنَى النَّاسُ الْحُصُونَ فَمَا لَنَا
سِوَى الْبِيضِ وَالسُّمْرِ اللِّدَانِ مَعَاقِلُ

فَمَا لِلْهَوَى يَقْوَى عَلَيَّ بِحُكْمِهِ
أَلَمْ يَدْرِ أَنِّي الشَّمَّرِيُّ الْحُلاحِلُ

وَإِنِّي لَثَبْتُ الْجَأْشِ مُسْتَحْصِدُ الْقُوَى
إِذَا أَخَذَتْ أَيْدِي الْكُمَاةِ الأَفَاكِلُ

إِذَا مَا اعْتَقَلْتُ الرُّمْحَ وَالرُّمْحُ صَاحِبِي
عَلَى الشَّرِّ قَالَ الْقِرْنُ إِنِّيَ هَازِلُ

لَطَاعَنْتُ حَتَّى لَمْ أَجِدْ مِنْ مُطَاعِنٍ
وَنَازَلْتُ حَتَّى لَمْ أَجِدْ مَنْ يُنَازِلُ

وَشَاغَبْتُ هَذَا الدَّهْرَ مِنِّي بِعَزْمَةٍ
أَرَتْنِي سَبِيلَ الرُّشْدِ وَالْغَيُّ حَائِلُ

إِذَا أَنْتَ أَعْطَتْكَ الْمَقَادِيرُ حُكْمَهَا
فَأَضْيَعُ شَيءٍ مَا تَقُولُ الْعَوَاذِلُ

وَمَا الْمَرْءُ إِلَّا أَنْ يَعِيشَ مُحَسَّدَاً
تَنَازَعُ فِيهِ النَّاجِذَيْنِ الأَنَامِلُ

لَعَمْرُكَ مَا الأَخْلاقُ إِلَّا مَوَاهِبٌ
مُقَسَّمَةٌ بَيْنَ الْوَرَى وَفَوَاضِلُ

وَمَا النَّاسُ إِلَّا كَادِحَانِ فَعَالِمٌ
يَسِيرُ عَلَى قَصْدٍ وَآخَرُ جَاهِلُ

فَذُو الْعِلْمِ مَأْخُوذٌ بِأَسْبَابِ عِلْمِهِ
وَذُو الْجَهْلِ مَقْطُوعُ الْقَرينَةِ جَافِلُ

فَلا تَطْلُبَنْ فِي النَّاسِ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ
مِنَ الْوُدِّ أُمُّ الْوُدِّ فِي النَّاسِ هَابِلُ

مِنَ الْعَارِ أَنْ يَرْضَى الْفَتَى غَيْرَ طَبْعِهِ
وَأَنْ يَصْحَبَ الإِنْسَانُ مَنْ لا يُشَاكِلُ

بَلَوْتُ ضُرُوبَ النَّاسِ طُرّاً فَلَمْ يَكُنْ
سِوَى الْمَرْصَفِيِّ الْحَبْرِ فِي النَّاسِ كَامِلُ

هُمَامٌ أَرَانِي الدَّهْرَ فِي طَيِّ بُرْدِهِ
وَفَقَّهَنِي حَتَّى اتَّقَتْنِي الأَمَاثِلُ

أَخٌ حِينَ لا يَبْقَى أَخٌ وَمُجَامِلٌ
إِذَا قَلَّ عِنْدَ النَّائِبَاتِ الْمُجَامِلُ

بَعِيدُ مَجَالِ الْفِكْرِ لَوْ خَالَ خِيْلَةً
أَرَاكَ بِظَهْرِ الْغَيْبِ مَا الدَّهْرُ فَاعِلُ

طَرَحْتُ بَنِي الأَيَّامِ لَمَّا عَرَفْتُهُ
وَمَا النَّاسُ عِنْدَ الْبَحْثِ إِلَّا مَخَايِلُ

فَلَوْ سَامَنِي مَا يُورِدُ النَّفْسَ حَتْفَهَا
لأَوْرَدْتُهَا وَالْحُبُّ لِلنَّفْسِ قَاتِلُ

فَلا بَرِحَتْ مِنِّي إِلَيْهِ تَحِيَّةٌ
تَنَاقَلُهَا عَنِّي الضُّحَى وَالأَصَائِلُ

وَلا زَالَ غَضَّ الْعُمْرِ مُمْتَنِعَ الذُّرَا
مَرِيعَ الْفِنَا تُطْوَى إِلَيْهِ الْمَرَاحِلُ


البارودي

الحمدان
07-13-2024, 02:10 PM
تَاللَّهِ لَسْتَ بِهَالِكٍ جُوعاً وَلا
لاقٍ وَإِنْ طَوَّفْتَ إِلَّا رِزْقَكَا

إِنْ كُنْتَ تُؤْمِنُ بِالَّذِي خَلَقَ الْوَرَى
وَأَقَاتَهُ فَعَلامَ تَقْتُلُ نَفْسَكَا


البارودي

الحمدان
07-13-2024, 02:11 PM
غَلَبَ الْوَجْدُ عَلَيْهِ فَبَكَى
وَتَوَلَّى الصَّبْرُ عَنْهُ فَشَكَا

وَتَمَنَّى نَظْرَةً يَشْفِي بِهَا
عِلَّةَ الشَّوْقِ فَكَانَتْ مَهْلَكَا

يَا لَهَا مِنْ نَظْرَةٍ مَا قَارَبَتْ
مَهْبِطَ الْحِكْمَةِ حَتَّى انْهَتَكَا

نَظْرَةٌ ضَمَّ عَلَيْهَا هُدْبَهُ
ثُمَّ أَغْرَاهَا فَكَانَتْ شَرَكَا

غَرَسَتْ فِي الْقَلْبِ مِنِّي حُبَّهُ
وَسَقَتْهُ أَدْمُعِي حَتَّى زَكَا

آهِ مِنْ بَرْحِ الْهَوَى إِنَّ لَهُ
بَيْنَ جَنْبَيَّ مِنَ النَّارِ ذَكَا

كَانَ أَبْقَى الْوَجْدُ مِنِّي رَمَقاً
فَاحْتَوَى الْبَيْنُ عَلَى مَا تَرَكَا

إِنَّ طَرْفِي غَرَّ قَلْبِي فَمَضَى
فِي سَبِيلِ الشَّوْقِ حَتَّى هَلَكَا

قَدْ تَوَلَّى إِثْرَ غِزْلانِ النَّقَا
لَيْتَ شِعْرِي أَيَّ وَادٍ سَلَكَا

لَمْ يَعُدْ بَعْدُ وَظَنِّي أَنَّهُ
لَجَّ فِي نَيْلِ الْمُنَى فَارْتَبَكَا

وَيْحَ قَلْبِي مِنْ غَرِيمٍ مَاطِلٍ
كُلَّمَا جَدَّدَ وَعْدَاً أَفَكَا

ظَنَّ بِي سُوءاً وَقَدْ سَاوَمْتُهُ
قُبْلَةً فَازْوَرَّ حَتَّى فَرِكَا

فَاغْتَفِرْهَا زَلَّةً مِنْ خَاطِئٍ
لَمْ يَكُنْ بِاللهِ يَوْمَاً أَشْرَكَا

يَا غَزَالاً نَصَبَتْ أَهْدَابُهُ
بِيَدِ السِّحْرِ لِضَمِّي شَبَكَا

قَدْ مَلَكْتَ الْقَلْبَ فَاسْتَوْصِ بِهِ
إِنَّهُ حَقٌّ عَلَى مَنْ مَلَكَا

لا تُعَذِّبْهُ عَلَى طَاعَتِهِ
بَعْدَ مَا تَيَّمْتَهُ فَهْوَ لَكَا

غَلَبَ الْيَأْسُ عَلَى حُسْنِ الْمُنَى
فِيكَ وَاسْتَوْلَى عَلَى الضِّحْكِ الْبُكَا

فَإِلَى مَنْ أَشْتَكِي مَا شَفَّنِي
مِنْ غَرَامٍ وَإِلَيْكَ الْمُشْتَكَى

سَلَكَتْ نَفْسِي سَبِيلاً فِي الْهَوَى
لَمْ تَدَعْ فِيهِ لِغَيْرِي مَسْلَكَا


البارودي
مصر

الحمدان
07-13-2024, 02:14 PM
فلِـمَ الحياةُ تغيّرتْ أطوارُها؟
تؤذي الصّدوقَ وترفعُ الكذَّابا

والحرُّ حرٌّ لو يطولُ عذابُه
طيرُ الجوارحِ لنْ يصيرَ غُرابا

هادي القمري

الحمدان
07-13-2024, 02:15 PM
عَارٌ علَيَّ بِأنْ أُسِيءَ مَظَنّتِي
‏واللهُ رَبّي لا يَخِيبُ بهِ الرَّجَا

‏كَمْ فرّجَ الرّحَمَنُ عَنّي كُربَةً
‏وَانْسَاقَ لِي مِنْ كُلِّ هَمِّ مَخْرَجَا

......

الحمدان
07-13-2024, 02:19 PM
وَ كُنْ رجلًا إنْ سِيمَ خَسفًا رَمَتْ بِهِ
حَميتهُ بينَ الصَوارمِ وَ اللُّدْنِ

فَلَا خَيرَ في الدُّنيَا إذَا المَرءُ لَم يَعِشْ
مَهِيبًا تَرَاهُ العَينُ كَالنَّارِ في دَغْنِ

وَ لَا تَرهَبِ الأخطارَ في طَلَبِ العُلَا
فَمَنْ هَابَ شَوكَ النَّحلِ عادَ وَ لَم يَجنِ

وَ لَولا معاناةُ الشَّدائدِ مَا بَدَتْ
مَزَايا الوَرَىٰ بينَ الشَّجَاعَةِ وَ الجُبْنِ

......

الحمدان
07-13-2024, 02:21 PM
وَ إِنِّي لَأَستَهدي الرِّياحَ سَلامَكُم
إِذا أَقبَلَت مِن نَحوِكُم فَرَقيبُ

وَ أسأَلُها حَمْلَ السَّلَامِ إِلَيكُمُ
فَإِن هِيَ يَومًا بَلَّغَت فَأَجيبوا

......

الحمدان
07-13-2024, 02:37 PM
وإذا بُليتَ بظالمٍ كُنْ ظالما
‏واذا لقيت ذوي الجهالة فاجهلِ

‏واختَرْ لِنَفْسِكَ منزلاً تعْلو به
‏أَو مُتْ كريما تَحْتَ ظلِّ القَسْطَلِ

‏فالموتُ لا يُنْجيكَ من آفاتِهِ
‏حصنٌ ولو شيدتهُ بالجندل

‏موتُ الفتى في عزّهِ خيرٌ له
‏منْ أنْ يبيتَ أسير طرفٍ أكحل

عنترة بن شداد

الحمدان
07-13-2024, 04:02 PM
كأن الغيم ينهض من جبيني
ويأخذني إلى سري يقيني

إذا ما طيفكِ الدافي دعاني
ليغسلني من الصمت الحزينِ

ويسكب في دمي كل الأغاني
فيعشب بالرؤى والسر طيني

يصير الوردُ يا أمي سريرا
يهدهدني فأغفو في سكونِ

يلملمني على بعضي حنينا
فأدخل كالفراشة في الحنينِ

أرى شَعري تغطيه الحكايا
فأطوي ما أشاء من السنينِ

أفتش في حنانكِ عن صلاتي
وعن آياتِ قرآن مبينِ

قضى ربي لكِ الإحسانَ فرضا
وفيضك بالندى كم يعتريني

قرأتُ شرائع الدنيا جميعا
فكنتِ محبة في كل دينِ

إذا ما الدهر أضناني ظنونا
تفكين المتاهة في ظنوني

وإن هامت مسافاتي ضلالا
تعيدين السبيل إلى سفيني

وتحتضنين أشواقي وسهدي
فقلبك لي كما الحصن الحصينِ

تضيئين المدى إن صار عتما
وتستند السماء على الجبينِ

تبوح الأرض بالأسرار لما
يغطيها حنانك كالجفونِ

وتختلج الجهات أمام عيني
إذا ما نام وجهك في عيون

جناح الذل أخفضه لأرقى
إلى نجواكِ يا أمي خذيني


بهيجة مصري إدلبي

الحمدان
07-13-2024, 04:04 PM
أنادي وروحي في الغياب غيابُ
وكلُّ سبيل للوصول سرابُ

تذوب حروفي بين أنفاس وجدها
ويصعد من وجد الحروف سحابُ

أقول وقد حالت بي الحال غيبةً:
" تصاعد أنفاسي إليك عتابُ"

وكلِّي إشاراتٌ إذا الشوق شفَّني
"وكل إشاراتي إليك خطابُ"

إذا فاضت الأسرار أخفى بفيضها
كأني لأسرار الوجود حجابُ

"وإن لاحت الأسرار فهي رسائل"
تشير إلى من في المسافة غابو

خفضت جناح الصمت صمتي رسائلٌ
"فهل لرسالات المحبّ جوابُ"


بهيجة مصري إدلبي

الحمدان
07-13-2024, 04:05 PM
أفسر بالرمل الذي لايفسرُ
وأبدأ كشف الشعر صمتا فابصرُ

كأن احتكاك الروح بالصمت ردها
إلى دهشة في خاطر لا تخطرُ

تسللت في المرآة كالصوت في الصدى
وظلي على المرآة بالحلم يقطرُ

فأولت من ظلي حروفا تشكلت
كأني لظلي في التواشيح أسطرُ


بهيجة مصري إدلبي

الحمدان
07-13-2024, 04:06 PM
يمر الليل في سري فانسدلُ
على روحي إذا أعيتْنِيَ الحيلُ

وأدلفُ في مسافاتي بلا أفق ٍ
كمَنْ أسرتْ إلى أحلامها العللُ

أنا في التيه لا بحرٌ أخوضُ به
فأغرقهُ ونغرقُ حينَ نبتهلُ

أضيقُ بمَنْ إذا ماضاقَ متسعي
ومَنْ لو ضاقَ بي أسرى لي المللُ

أنا قلقٌ أغضُ الريحَ في قلقي
وعن نفسي أراودني وأرتحلُ

إذا حارتْ بي الأيام أتركها
ومن أصدافها أمضي وأنتقلُ

وإن حارتْ بي الأحلامُ أُبدعُها
رمادُ الحلم في كفيَّ يشتعلُ

إذا طفحتْ بي الأسرارُ أكتمُها
ولو شابتْ بأسرار الهوى المقلُ

أنا منّي أرى ما لو أحيطَ به
لأعياهُ الذي حارتْ به السُبلُ


بهيجة مصري إدلبي

الحمدان
07-13-2024, 04:07 PM
حارَ الهوى بيننا والحالُ يُغرينا
من حالنا الوجدُ صلّى في مآقينا

من لهجةِ الصمتِ نُبدي بوحَنا قَلَقَاً
والبوح من قلقِِ الأسرارِ ِ يأتينا

قال :امنحي أحرُفي أسماءَ رحلتِها
قلتُ : الحروفُ انمحتْ رسماً وتكوينا

كادَ المدى ينمحي منْ حولنا شَغَفاً
لمّا تجلّى بنا ماكادَ يُخفينا

يسعى بنا الوجدُ ، تغشانا نوازعُهُ
وينمحي العتمُ فجراً من ليالينا

نمشي وفي حالِنا مِنْ فيضِ نشوتِنا
ما لو بدا تهطلُ الدنيا رياحينا

قالَ: استعيري من الأشياءِ خمرتَها
لعلَّها من لظى الأسرار تكفينا

لا تُشرقُ الروحُ إلا حين نُشعلُها
فيضاً من البوح يَسري سرُهُ فينا

ياريحُ لا تُسرفي في كشف رحلتِنا
فالرملُ خبَّأ مُذْ كنَّا أغانينا

لا تُشعلي في المدى بردَ الرؤى سُحُبَاً
ضمّي قصائدَنا لماّ توافينا

ولملمي ما نسينا في الجهاتِ هوىً
إنْ أسرفَ التيهُ في أضلاعنا طينا

يُلقي علينا رؤىً تجلو مسافتنا
فينهضُ الماء من آلاءِ ماضينا

ونطلقُ الأحرفَ الملقاةَ في دمنا
لعلَ رعشتها في القرب تحيينا

أدركتُ ما أنبأتْ عيناهُ من لَهَفِي
كأنَّما ظلُنا قد طافَ يسقينا

رأيتُه ينجلي مرآةَ ترسمُني
وكانَ يبصرُ بي حالَ المحبينا

فقلتُ :أنتَ أنا ،فاحتارَ قال: أنا
أبصرتُ ما حلَّ بي وجداً يعنّينا

فقلتُ :كن سَكَنِي قال :اسكني رئتي
وقال :إن الهوى شاءَ الذي شينا


بهيجة مصري إدلبي

الحمدان
07-13-2024, 04:08 PM
أنا المعنى حضوري في غيابي
وكشفي خلف أسرار الحجابِ

أفيض من الحروف إذا تجلت
وأختصر العبارة في الخطابِ

أخيط من السحاب وشاح روحي
ومن روحي أفيض على السحابِ

إذا غابت حروفي ذبت فيها
وطاف الصمت من وجد الكتابِ

وإن حار السؤال طويت فيه
سؤالا شف عن سر الجوابِ

أعلق من أصابعه خيالي
ليدرك في مسافته اقترابي

أنا الحب اكتملت به وفيه
إذا ما شفني الوجد انطوى بي

وأشرق من خفايا أغنياتي
وألقى بي على باب الضبابِ

هو الحب الذي أسعى إليه
سعى لي حينما أشرعت بابي

به حلت قصائد من خيال
وخف النهر مضطرب الإهابِ

فطاوعت الخطا لما دعاني
وطاوعني على صحوي شرابي

وكلمني وألقى الحرف بوحا
لينسل من معانيه ترابي

لمست الورد أشرق من حنيني
دعوت البحر أمعن في ركابي

طويت الريح فاكتملت غناء
كأن الريح والأسرار دابي

أنا المعنى يبددني وضوحي
ويكشفني بغيبته غيابي


بهيجة مصري إدلبي

الحمدان
07-13-2024, 04:08 PM
من الغيب أسرى إليها الولهْ
فكانت لوجد الهوى أولهْ

تنام على رقصة الأغنيات
صلاة على سرنا منزلةْ

لحاراتها الدفء أنَّا نراهْ
تحار به مهجة مشعلهْ

يعانقها الظل بوحا وعشقا
كأن الندى ظلَّها بللهْ

كأني بها جنة من هيام
مطارحها بالهوى مثقلةْ

وأزهارها قد تدلت كما
مصابيح من سحرها مسدلهْ

وأبوابها نام فيها الرحيقُ
تراها على بعضها مقبلهْ

تشف كما غيمة من عبير
بعطر مساءاتها مثقلهْ

لشهباء أرجوزة العاشقين
وآهاتهم في المدى مرسلهْ

لها ما يخبئ سحر الصباح
وما ينطوي في الرؤى من ولهْ


بهيجة مصري إدلبي

الحمدان
07-13-2024, 04:09 PM
الحزن فوق جدار القلب قد كتبا
وعانق الصمت رب الشعر وانتحبا

ما العمر ما الشعر ما الأحلام نغزلها
إذا الحكاية كانت كلها لعبا

ويسكب العمر في الكاسات خدعته
فنشرب الكأس والعمر الذي هربا

ونرفع النخب كي ننسى خديعتنا
تلك الخديعة لم نعرف لها سببا

جئنا وخلنا طويلاً درب رحلتنا
فردنا الدرب للحلم الذي صلبا

تركتنا والأسى يستلّ مهجتنا
رحلت حتى تزيد الهم والتعبا

كل البساتين جاءت من منازلها
تسائل الناس والتاريخ والكتبا

ما حلّ بالشعر يمضي لا يكلمنا
معفر الوجه بالأحزان مكتئبا

قالوا رحلت فما صدقتهم أبداً
وخلت كل مقال منهم* كذبا

مازلت في بردى في كل أغنية
تعانق الشمس والأجرام والشهبا

تنام فوق ضفاف الشوق منتشياً
تصب في دنِّهِ الأشعار والطربا

وتكتم الحزن فوق الحزن محترقاً
فبات قلبك بالآلام مضطربا

نادت دمشقُ أبا توفيق وانتحبت
أين الذي عمره للحب قد وهبا

فقلتَ إن جراحي لا ضفاف لها
فمَّسحي عن جبيني الحزن والتعبا

حبي هنا وحبيباتي ولدن هنا
فمن يعيد لي العمر الذي ذهبا


بهيجة مصري إدلبي

الحمدان
07-13-2024, 04:10 PM
أعانق في حجارتك السنينا
وأرفع بالقصائد ياسمينا

هو التاريخ في كفيك نهر
حنون يُلبس الدنيا حنينا

طلعت من البياض حمام شوق
يعانق في الهوى لحنا دفينا

حملت إليك حين كتبت عشقي
فأنت العشق ياشهباء فينا

لك الأيام ياشهباء سلوى
ونحن المبدعين العاشقينا

ففي حاراتك الدنيا تغني
ومن ماء المحبة قد سقينا

قصائدنا نحمِّلها قلوبا
وراح الوجد يسكننا جنونا

فأنَّا يمم العشاق وجها
تكونين الهوى بلدا أمينا


بهيجة مصري إدلبي

الحمدان
07-13-2024, 04:10 PM
ضاق الكلام بنا واستفحل الألمُ
والقادمات بها الأحزان تحتدمُ

من يشعل القلب من أطراف مورده
ويترك الليل من عينيّ ينتقمُ

جرّبت في رحلة الأيام راحلتي
وما عرفت من الأيام ما يَصِمُ

هذا الزمان الذي نحيا به عجب
ويح الذي فيه قد زلت به القدمُ

صغت الأغاني فمات الشعر فوق فمي
وعانق الوقتَ في أيامنا العدمُ

جرح الأسى صار شيخا في منازلنا
وضيّع الليل فجرا كان يبتسمُ

كل الكلام الذي قلناه صار سدى
وعاد يطلع من أوراقنا الندمُ

ماذا جنينا وقد حار الزمان بنا
ضاعت رسالتنا واستنجد الحلُمُ

دمٌ بدايتُنا واليوم نحمله
كل الوجود سراب أيها القلمُ

هذي قصائد أحلامي أمزقها
فالصمت أفضل ما يطوى عليه فمُ


بهيجة مصري إدلبي

الحمدان
07-13-2024, 04:11 PM
صمتي يحيُّرني والصمتُ مأساتي
والحزنُ من فرطِهِ قد حلَّ في ذاتي

أمضي وقد جمَحتْ في الدربِ أحصنتي
والليل يُطْفِئُني في قلب مشكاتي

لا الحلمُ يعرفني إن أقفرتْ سبُلي
أو غادرتني الرؤى في كل أوقاتي

السرُّ ينكرني في غابةٍ شربتْ
صوتي فأُغرق في نسيانها الآتي

تاهتْ حروف الهوى من وجدها وسرتْ
بالنفس أسراب شكوى من حكاياتي

تمتدُ في نُسجي الأشواقُ عارمةً
والرملُ يغرقُ أبوابي وساحاتي

أستافُ جمرَ الهوى في برد أضرحتي
والخادعان هما طيني ومرآتي

أرتد من صرختي والريح تحملني
أمضي إلى الوهم تحدوني ضلالاتي

ناديتُ كيف أرى والعتم نافذتي
واستوحشتْ أنجمي من عتم آهاتي


بهيجة مصري إدلبي

الحمدان
07-13-2024, 04:12 PM
لدمشقَ ما يخفي الهوى ويبوحُ
ولسرها ما تصطفيه الروحُ

من كفها يندى المدى بصلاته
وتفيض بالوجد المنزَّل ريحُ

هي ما أتاح لنا الخلود لنحتمي
من شرفة النسيان حين تلوحُ

فكأنها الأرض التي ما مسها
طوفان بل كانت لينجو نوحُ

هي في الرؤى للأبجدية بوحها
وبحبها للعارفين فتوحُ

فإذا غفوتُ على هديل حمامها
فاضت رؤاي وضمني التسبيحُ

يصفو السحاب يشف عن أحلامها
ويذوب في حاراتها ويسوحُ

فيها لكل العاشقين منازلٌ
فمساؤها للعاشقين فسيحُ

لولا دمشق لتاهت الدنيا بنا
فبدونها وجه اليقين يشيحُ

بالياسمين تكونت آياتها
واستغرقت خلف البياض سفوحُ

لاذت بها كل القصائد كي ترى
هي ما أتاحته الرؤى وتتيحُ

لابد أن يجثو الُمحبُ أمامها
ليطوف بالوجد الهوى ويبوحُ

هي كل ما يوحى إلى أسرارنا
وبها أُشير لمن رؤا أن يوحوا

أموية فاضت مآذن وجدها
مجدا ولامست السحابَ صروحُ

فإذا أحبت فالمحبة دينها
وكتابها فوق البيان فصيحُ

هي للغريب ملاذة وسكينة
يمشي بظل حنانها ويريحُ

مغسولة بالطيب بل من طيبها
عطر الوجود على الوجود يفوحُ

لدمشق ما أخفت أساطير الهوى
من حسنها وجه الوجود مليحُ

هي مهبط الرؤيا على أبوابها
وقف المدى هي للطموح طموحُ

عرافة التاريخ مذ أسرى لها
باب الخلود أمامها مفتوحُ


بهيجة مصري إدلبي

الحمدان
07-13-2024, 04:12 PM
سأحملُ يومي من فراغاتِ أنجمي
وأنقشُ رسمي في المدارِ المخضرمِ

غدي لا أرى فيه المرايا تكشَّفتْ
كأنِّي ارتحالٌ في الخرابِ المرممِ

أرشُ المدى صمتاً وأمضي تشدني
غبارٌ تنامتْ في الدروبِ على فمي

وأكتمُ سري حين يجتاحني الهوى
لكي لا أصلي في المكان المحرمِ

تعذبني الأيام حين عبورها
وأُصلبُ حين الوقت ينسلُ من دمي

أُعدُّ انتظاري قربَ مضجَعِ صرختي
وأَخرجُ من دفئي لبردٍ محتَّمِ

وأطْلُعُ من جُرْفِ الحقيقةِ لا أرى
سوايَ يقيناً في الزمانِ المشرذمِ

سئمتُ تكاليفَ الحياة ومن يعش
ثمانين حولا لا أبالك يسأمِ


بهيجة مصري إدلبي

الحمدان
07-13-2024, 04:14 PM
غاب أمسي فمات فيّ التأسي
واستباحت ظلامتي ضوءَ شمسي

أيها الدهر قد كفاني بأني
صنت نفسي عما يدنس نفسي

لست أرضى من البلاد بلادا
فيها تعلو على المشانق كرسي

لا ترى فيها للكلام هداةً
بيع فيها الرجال في سوق نخس

واستحالت ربوعها من جنان
لصحارى من الرواسب ُيبس

أذَّنَ الموت والهواء سجين
قد تغطى من الجهات بورس

لم يعد لي إلى الكلام سبيل
مات صوتي ومات في السر همسي

غير أني حفظت لوح كتابي
وترفعت عن جِدَا كل جبس

أيها الشاعر النبي سلاما
بعدك الشعب صار رمسا برمس

لم يعد للحياة فيه مراد
رضي العيش لابسا كل يأس

هكذا أيها النبي سنمضي
تَوجَ الذلُ ها هنا كل رأس


بهيجة مصري إدلبي

الحمدان
07-13-2024, 04:15 PM
شهباء جئتك أخفي في دمي سببا
وهل ألام إذا كان الهوى سببا

أشكو إليك حنينا كاد يقتلني
يا مشرق الحب لو أن الهوى غربا

ها جئت يا حلب الشهباء حملني
روح ترف على أشواقها طربا

أنت النشيد الذي ما خطه قلم
يوما ولا في مدادات الهوى كُتبا

لو يسألون المدى من أنت قال لهم
سرٌّ على صفحات الخلد قد سُكبا

كأنما الكون نادى من بدايته
كوني كما أنت في سفر الهوى حلبا


بهيجة مصري إدلبي

الحمدان
07-13-2024, 04:16 PM
قد أنهض الآن أو قد ينهض الألم
وقد ينام على أبوابه الحلم

فكل ما خطه التاريخ أعرفه
وكل مجد هنا في الجنب يحتدم

أنا ابنة المجد والتاريخ يشهد لي
بأنني خير من شادت له الأمم

شهباء تعرفني كل البلاد أنا
كتبت تاريخ من بادوا ومن قدموا

وقفت في وجه كل الطامعين ولم
يبق لهم أثر من بعد ما انهزموا

حملت في صحوة الأيام رايتها
فكنت سيفا من الأعداء ينتقم

أنازل الليل حتى ينجلي أبدا
ويرسم الفجر في آلائي القلم

مضيت في زحمة الأزمان شامخة
وخطني في كتاب الخالدين دم

أقسمت للدهر لا أفنى وإن فنيت
مضارب الأرض بل يفنى بي العدم

أنا التي كنت في بدء الزمان ضحى
ولم أزل قلعة ما شابها الهرم

أضم في القلب آلامي وأحرقها
وأرسل الريح في أهدابها الكرم

أحيك من أضلعي شمسا وأرفعها
لتنمحي عن مدى أسواري الظلم

أنا ابنة الشرق تسري في دمي حكم
بل رحلتي كلها من بدئها حكم


بهيجة مصري إدلبي

الحمدان
07-13-2024, 04:17 PM
أنا ظلٌ تجلى في خيالِ
وسر قد تكاثف في سؤالِ

فبعضي من أساطير توالتْ
وبعضي من تواشيح الكمالِ

سؤالٌ رحلتي وأنا سؤالٌ
تناثر مثل حبات الرمالِ

أرى بدئي تجمع في انتهائي
ومعرفتي تناسخُ من ضلالي

أسافر للمدى فأراه يأتي
وأتركه يناديني تعالي

كأني في احتمالاتي فراغٌ
تلامح في مسافات الزوالِ

أنا لغز الوجود أرى وجودي
سؤالا قد توالى في سؤالِ

إذا ما البرد أورثني يقينا
تجلت حيرتي في بعض حالي

أغيب فأنجلي عني وأصحو
فأدرك ما تجلى في جلالي

وأدرك أنني نور تسامى
وعتم قبل ميلاد الليالي

أنا رؤياي حين أرى أراني
ولست بغير ما أهوى أبالي


بهيجة مصري إدلبي

الحمدان
07-13-2024, 04:18 PM
لأني لا أرى غيري أراكَ
فأنتَ أنا وفي سرّي مداكَ

حملتُ إليكَ ما أخفي فهامتْ
مسافاتي إلى أقصى هواكَ

كأنكَ حين تشربُ من دناني
تصب الخمرُ في روحي لظاكَ

فأرفعُ ما ترسبَ في دمائي
إلى ما قد ترسبَ في دماكَ

أنا سرّ خفيٌ لا يراني
لأني لا أرى غيري – سواكَ

فخذْ ما شئتَ من شكّي يقينا
ومن صمتي حياة أو هلاكا

أنا في وحدتي كالماء وحدي
وأنتَ هناكَ في قاعي هناكَ

أحبكَ إنما لأحبَ نفسي
وأبلغَ سرّها في منتهاكَ

إذا ما الليلُ أغراني بلحن
وكان حنينُه فيّ انتهاكا

تركتُ الروح تسري في مداها
لأدركَها إذا القلبُ احتواكَ

أنا ما كنتُ إلا كي أراني
وأعرفَني وإن ضلّتْ رؤاكَ

أمزقُ عن رؤى روحي ضبابا
يُحوكُ على مسافاتي شباكا

لأكشفَ ما تراكم في ضلالي
وأعرفَ ما اعترانيَ واعتراكَ

أحبكَ فلتكنْ منّي لأنّي
وإن جاوزتَ آفاقي – صداكَ

بلغتُ الصمتَ حين أردتَ قتلي
وسهمُكَ كنتَ تشهدُ إذْ رماكَ

رأيتُك والهوى أمسى هلالا
وكنتَ الريحَ تنصبُ لي شراكا

ولكني لأني لستُ غيري
سأبقى في حمى صمتي ملاكا

وأمضي كي أرى أسبابَ كوني
وتمضي دون حبيَ في عماكَ

أعلمكَ الهوى لا كي تراني
ولكن كي ترى ما في حماكَ

أنا الرؤيا وأنتَ هنا ضلالي
أنا أهديكَ إنْ ضلّتْ خطاكَ

فكن ظلي لتبلغَ سابحاتي
وكن سرّي لتبلغَ مبتغاكَ

وكن نفسي لتعرفَني تماما
وكن روحي لتفنى كي أراكَ


بهيجة مصري إدلبي

الحمدان
07-13-2024, 04:18 PM
أخبئُ الحزن في روحي لأنفيها
وأقرأُ السرَّ في أقصى منافيها

خُلقتُ في حيرةٍ أدركتُ أولَها
وتهتُ حتى سرى في النفس ما فيها

أنا ابنةُ الريح لا صحراءَ تجمعني
ولا قصائدَ تطويني قوافيها

أعانقُ الصمتَ حتى ينجلي وجعي
وأتركُ النفس تصحو في أثافيها

فأكشفُ البحرَ أسماءً ومتسعاً
وموجةً أشعلتْ أعماقَ خافيها

رأيتُ خلف المدى ما كان يقلقني
محارة الرمل حيرى في حوافيها

فسرتُ حتى انتهى فيما انتهى بصري
ولامسَ الغيبُ روحي كي يوافيها

أنا هناك هنا في ظلِ بينهما
أنا الحقيقةُ والوهمُ الذي فيها

أنا الضلالةُ في جهلي وفي قلقي
وللمسافة في شكي مرافيها

قرأت في لوحي المسلوخِ من جسدي
ما غابَ في النفس حتى كاد يخفيها

فآنستْ حيرتي ما كان يتعبها
سراً يُعاودها في السرِّ يشفيها

فعدتُ من تعبٍ والصمتُ يسكنني
والنفسُ قد أدركتْ أعماقَ صافيها

قالت هنا قلقي أسرارُ معرفتي
والريح راحلتي غابت ملافيها

وفي اليقين سرتْ في النفس غاشيةٌ
حتى توارتْ إلى أمداءَ تكفيها


بهيجة مصري إدلبي

الحمدان
07-13-2024, 04:19 PM
إذا الهوى مسني في الروح أخفيه
وإن سرى في دمي سرا أواريه

أنا الخفية في أعماق خافيتي
أخفي رحيق الرؤى في جمر ماضيه

أطارد الوقت كي أمضي بلا زمن
واحمل الشوق من دربي وأرميه

إذا عرفت تشظى سرُّ معرفتي
وإن ضللت أرى وجهي وما فيه

أحميك مني إذا مافاض بي حلم
وضاق كل كلام كنت أزجيه

لا عاصم لك بعد اليوم من حلمي
وإن توسلت مني بي لأنهيه

ساطعن الروح كي أنهي مواجعها
وأكشف السر في ذاتي لأفنيه

ما أنت إلا رمادي حين أقتلني
لن تبلغ الحب إلا حين تفنيه

وحين تعبث بالدنيا إذا عبثت
وتشرب الكأس صرفا من دواليه

وتخنق القول في أحشاء أحرفه
وتكشف الصمت في أسمى معانيه

وتمسك الريح في أحضان نشوتها
وتسكب البحر صبرا في سواقيه

لا يعرف الحب إلا من قصائده
ويعرف الخمر من أكواب ساقيه

أنا (حوادم) في سري أخاطبني
وأنت آدم قد تاهت مراميه

إذا أردت سبيلي تهت في قلقي
فلا سبيل إلى نجواي أبقيه

أنا تغشيت روحي في مسافتها
وأنت أنت كمن يمضي إلى تيه


بهيجة مصري إدلبي
سوريا

الحمدان
07-13-2024, 04:20 PM
شقراءُ مثل البَدْرِ صَاغَ أَشِعَّةً
سالتْ على الكتفينِ فَيْضَ تَأَلُّقِ

وعلى بَيَاضِ الظَّهْرِ غَطَّى نُورُها
نُورَ البَياضِ بِوَهْجِهِ المُتَدَفِّقِ

شَقْراءُ حتّى في طبيعةِ رُوحِهَا
وشُعورِهَا وحديثها إنْ تَنْطِقِ

شَقْراءُ حتّى في تَنَاسُقِ خَطِّها
فوقَ السُّطُورِ كَجَدْوَلٍ مُتَرَقْرِقِ

ما كنتُ أَجْرُؤُ أنْ أُفكِّرَ لحظة
في نَظْرةٍ منها تقولُ: سَنَلْتَقي

أو أنَّني يوماً سَأُمْسِكُ كَفَّهَا
ونطيرُ في جَوِّ الغَرامِ المُشْرِقِ

أو أنَّني سَأَضُمُّهَا مُتَشَوِّقَاً
أو أنَّها سَتَضُمُّنِي بِتَشَوُّق

ما كنتُ أجرؤُ.. كيفَ أَجْرُؤُ إنَّها
مَلَكٌ تَواضَعَ لِلْفَقِيرِ المُرْهَقِ


قحطان بيرقدار

الحمدان
07-13-2024, 04:20 PM
كأنِّي إذا غابَتْ وطَالَ غِيَابُها
شَريدٌ بِصَحْراءٍ هيَ الأرضُ كُلُّهَا

أُوَاجِهُ فيها كُلَّ هَوْلٍ وَأَنْحَني
كَلِيْلاً، ويُدْنيني منَ الموتِ رَمْلُهَا

أحاوِلُ أنْ آوي إلى أيِّ خَيْمَةٍ
أراها.. فَيُلْقِيني إلى الليلِ أَهْلُها

وَأَسْعى وحولي القَرُّ والفَقْرُ والأسى
وأصداءُ أصواتِ الوُحوشِ وغِلُّها

وَأَحْذَرُ منْ نَفْسي الجُنونَ وأَتَّقي
سكاكينَ غَدْرٍ لا يُخَيَّبُ نَصْلُها

وأبكي بلا دَمْعٍ يَسيلُ لأنَّني
بَذلْتُ جميعَ الدَّمْعِ مُذْ غَابَ ظِلُّهَا

دَماراً يصيرُ العَيْشُ لو كانَ دُونَها
مَعَاشٌ لِرُوحي والفِراقُ يَشلُّهَا


قحطان بيرقدار

الحمدان
07-13-2024, 04:21 PM
إلى عينيك يبعثني فؤادي
فأنظر فيهما حتّى أذوبا

وأشردُ في وميضِ الحسنِ حتّى
تُضِيءَ مشاعري ضوءاً عجيبا

وأشعرُ أنني أصبحتُ شمساً
تشع الدفءَ طوراً واللهيبا

ويأخذني الحديثُ إلى عيونٍ
تسائلني.. فتلقاني مُجيبا

فأنسى كُلَّ مَنْ حَولي وأبقى
مع الأنوارِ منسجماً طروبا

عيونكِ يا مَهَا قلبي جِنَانٌ
وكم أحتاجُ كي أحظى نصيبا

أنا المسحورُ تسْكُنُهُ بَتُولٌ
تَفُوقُ الزنبقَ البلديَّ طيبا

تفوقُ الياسمينَ صفاءَ روحٍ
تهُبُّ بحسنها الصَّافي هبوبا

أحاولُ أن أكفَّ القلبَ عنها
فيوجعني ولا ألقى طبيبا

تشوّقُني إليها دونَ قصدٍ
وتجذبني وتَمْلَؤُني وجيبا

ويمسي دونها عمري فقيراً
وأمسي بين أوراقي كئيبا

فأسعى نحوها وأنا أُناجي
أحاسيسي وأجتازُ الدروبا

فألقاها تُنَاديني بصمتٍ
لماذا لم تعُدْ مني قريبا

تظلُّ بصمتها تغتالُ صبري
وتشعلُ بين أعصابي الحروبا

وتتركني بعينيها شريداً
أُخاطبُ فيهما حُبَّاً عصيبا

أسيراً فيهما منذُ ابتدأنا
ومظلوماً ومنفيّاً غريبا

ولكني بأسرهما سعيدٌ
ولا أنوي مِنَ السِّحْرِ الهُروبا

أحبُّهما لأنَّهُمَا هنائي
وكانَ العمرُ قبلَهُمَا خُطوبا

فمَالي غير نُورِهِما مناراً
وما لي غير لونِهِمَا حبيبا


قحطان بيرقدار
سوريا

الحمدان
07-13-2024, 04:22 PM
ما لهذا القلب يبكي ويغني
تائهاً، روّعهُ ما كان مني؟!َ

أيها القلب، اتئد، لا تكتئب
أنت يا مجروح ينبوعٌ لفني

يا فتاة الحب، إني وردة
كل أشواكي تذود الحب عني

هكذا أحيا لأبقى أبداً
غصة الراجي، عذاب المتمني

إن في دني مداماً وهوى
من رحيق الروح، لن ينضب دني


عزيزه هارون
سوريا

الحمدان
07-13-2024, 04:22 PM
كَتَمتُ الهَوى وَهَجَرتُ الحَبيبا
وَأَضمَرتُ في القَلبِ شَوقاً عَجيبا

وَلَم يَكُ هَجريهِ عَن بِغضَةٍ
وَلَكِن خَشيتُ عَلَيهِ العُيوبا

سَأَرعى وَأَكتُمُ أَسرارَهُ
وَأَحفَظُ ما عِشتُ مِنهُ المَغيبا

فَكَم باسِطينَ إِلى وَصلِنا
أَكُفَّهُمُ لَم يَنالوا نَصيبا

فَيا مَن رَضيتُ بِما قَد لَقيتُ
مِن حُبِّهِ مُخطِئاً أَو مُصيبا

وَيا مَن دَعاني إِلَيهِ الهَوى
فَلَبَّيتُ لَمّا دَعاني مُجيبا

وَيا مَن تَعَلَّقتُهُ ناشِئاً
فَشِبتُ وَما آنَ لي أَن أَشيبا

لَعَمري لَقَد كَذَبَ الزاعِمونَ
أَنَّ القُلوبَ تُجازي القُلوبا

وَلَو كانَ حَقّاً كَما يَزعُمونَ
لَما كانَ يَجفو حَبيبٌ حَبيبا

وَكَيفَ يَكونُ كَما أَشتَهي
حَبيبٌ يَرى حَسَناتي ذُنوبا

وَلَم أَرَ مِثلَكِ في العالَمينَ
نِصفاً كَثيباً وَنِصفاً قَضيبا

وَأَنَّكِ لَو تَطِئينَ التُرابَ
لَزِدتِ التُرابَ عَلى الطيبِ طيبا


العباس بن الأحنف
العصر العباسي

الحمدان
07-13-2024, 04:31 PM
وإخونٍ اتخذتهمُ دروعاً
فكانوها ولكنْ للأعادي

وخِلتهم سهاماً صائبات
فكانوها ولكن في فؤادي

وقالوا قد صفت منا قلوبٌ
لقد صَدَقوا ولكن من ودادي

ابن الرومي

الحمدان
07-13-2024, 04:33 PM
فأمطرتُ مربَعهمْ أدمعي
فكادَ يَرِقُّ ليَ المربَعُ

وعينٌ تفارقُ أحبابَها
وأُلاّفَها فكيف لا تَدمَعُ

شكوتُ إلى الدارِ مِن بعدِهمْ
أذى البينِ لو انّها تَسمَعُ

لقد عَفَتِ الريحُ آثارَها
فريحُ غرامي بها زَعْزَعُ

وما الوجدُ إلا حشاً خافقٌ
وقلبٌ لفرقتِهمْ مُوْجَعُ

......

الحمدان
07-13-2024, 06:48 PM
ربوعٌ خلتْ مِن أهلِها وديارُ
دموعي على أطلالهنَّ غزارُ

وقفتُ بها يومَ الوَداعِ وللنوى
عَدِمتُ النوى بينَ الأضالعِ نارُ

عشيَّةَ رَفَّعْنَ الحُمولَ إلى الحمى
وقوَّضَ أهلُ الرقمتينِ فساروا

وكم مِن يدٍ فوقَ الحشا تلزمُ الحشا
لروعةِ بينٍ والمطيُّ تُثارُ

وكم كَبِدٍ أبدى بها البينُ والهوى
ندوباً وكاساتُ الفراقِ تُدارُ

وقد كنتُ أخشى البعدَ أيامَ قربنا
بسَلْعٍ فما ردَّ البعادَ حِذارُ

أحِنُّ إلى أوقاتِه كلَّما بدا
لنا غَسَقٌ يجلو دجاهُ نهارُ

وأشتاقُ اياماً تقضَّتْ بأهلِه
قِصاراً وأيامُ الدنوَّ قِصارُ

فيا ليتهمْ راعَوا عهوداً رعيتُها
وقد شابَ فيها لِمَّةٌ وعِذارُ

وليتهمُ مِن رحلةٍ قد تواعدوا
بها قبلَ تثويرِ المطيَّ أجاروا

فبينَ التنائي والمنيةِ ريثما
يُحثحِثُ حادٍ أو يُشَدُّ شِجارُ

وباكٍ من الهجرِ المبرَّحِ والضنى
شِعارٌ على لَبّانِه وصِدارُ

أبى جفنُهُ أن يَسْتَلِذَّ بغُمْضِه
على أنَّه قبلَ الرحيلِ غِرارُ

سلامٌ على تلكَ الديارِ واِنْ غَدَتْ
من الظَّبياتِ الغيدِ وَهْيَ قِفارُ

سلامُ امرئٍ يرعى العهودَ كأنَّهُ
وقد بَعُدُوا عنه لهنَّ جِوارُ

مقيمٍ على حفظِ المواثيقِ عهدَه
واِنْ بانَ جيرانٌ وشَطَّ مزارُ

همُ القومُ مذ بانوا فلم يبقَ مطمعٌ
لصبريَ أن يُعزى اليه قرارُ

خلا منهمُ نجدٌ فما الموتُ سُبَّةٌ
ولا الدمعُ من بعدِ التفرُّقِ عارُ

ولا عذرَ لي في الوجدِ أن لم أمتْ جوًى
وقد هَجَرَتْ بعدَ الوصالِ نَوارُ

ورُدَّتْ عواريُّ الدنوَّ وكلُّ ما
تراه مِنَ الأشياءِ فهو معارُ

وكلُّ دمٍ قد طُلَّ في الوجدِ عندما
تولَّتْ وجَدَّ البينُ فهو جُبارُ

خليليَّ هذا الربعُ غيرَّه البِلى
ففي كَبِدي مما عراهُ أُوارُ

غدا هَمَلاً بعد الزَّيارةِ ربعُهُ
وقد كانَ قبلَ اليومِ وهو يُزارُ

وهيَّجَ وجدي
والغرامُ كثيرة
دواعيِهِ عندي معصمٌ وسوارُ

وبُزْلٍ تَهادَى في الفلاةِ كأنَّها
سَفينٌ وخدّاعُ السَّرابِ بحارُ

غدا دمعُها مما أضرَّ بها الوجا
على وجناتِ البيدِ وهو نُثارُ

عليها رجالٌ أن أظللَّكَ حادثٌ
فهمْ فيه أعلامٌ له ومنارُ

مناجيدُ يُحمى في عزيزِ ديارهمْ
بطولِ القنا جارٌ لهم وذِمارُ

مساعيرُ يُدعَى في النزالِ اليهمُ
اِذا خامَ عنه معشرٌ وبُشارُ

فلم تُغنِ عنّي في الغرامِ سيوفُهمْ
ولا ذبَّ منها مَضرِبٌ وغِرارُ

أحبَّتنا قلبي كما قد عهدتُمُ
من الريحِ أن هبَّتْ يكادُ يَغارُ

ودمعي سقى هيمَ المطايا قِطارُه
وقد بَخِلَتْ سُحْبٌ تنوءُ عِشارُ

اقيلوهُ هذا الذنبَ فهو وَشَى بنا
واِنْ كان فيه لا يُقالُ عِثارُ

بروحي بدوراً ما تزالُ كواملاً
اِذا حلَّ في بعضِ البدورِ سِرَارُ

وشعرٌ إذا ما الفكرُ أبدى جيادَهُ
سَبَقْنَ فلم يُدركْ لهنَّ غبارُ

فما بالُ أربابِ النظيمِ كانمَّا
أُديرَ عليهمْ في النديَّ عُقارُ

أمِنْ نشواتِ الشَّعرِ ضلَّتْ عقولُهمْ
فخامرَهمْ طيشٌ وخَفَّ وقَارُ

فهذا قريضٌ لو تقدَّمَ عصرُه
لصلّى عليه يَعْرُبٌ ونِزارُ

تخيَّرَ أشتاتَ الفضائلِ لفظُهُ
فليس يدانيهِ الغَداةَ فَخارُ

ولم يَعْرُه مني كعاداتِ شعرهمْ
متى طلبوه وروعةٌ ونِفارُ

فأشعارُ أهلِ العصرِ غايةُ لفظِها
لُجَينٌ وامّا لفظُه فنُضارُ


الملك الامجد
العصر الايوبي

الحمدان
07-13-2024, 06:49 PM
لما استحثَّ حداةُ الجيرةِ الاِبِلا
أقامُ وجدي وصبري بعدهمْ رَحَلا

لا عذرَ لي بعدَ أن غارتْ ركائبُهمْ
وانجدَ الشوقُ بي أن أسمعَ العَذَلا

قد كنتُ أسمعُ قبلَ الحبِّ مثُلَتَهُ
بالعاشقينَ إلى أن ردَّني مَثَلا

وقد نضا الشيبُ عن فَوْدي غياهِبَهُ
والوجدُ مازالَ عن قلبي ولا نَصَلا

يا معهدَ الوصلِ خَبِّرني بسالِفنا
غزالُ ربعِكَ بعدَ البينِ ما فَعَلا

هل غيَّرَ البينُ ما قد كنتُ أعهَدُه
حتى تعاينَ منّي وامقاً خَجِلا

ما زلتُ قبلَ تنائي الدارِ ذا وَجَلٍ
والحبُّ ما كنتُ فيه دائماً وَجِلا

أِشتاقُ ساكنكَ النائي ويُعجِلُني
دمعٌ إذا نَهْنَهَتْهُ راحتي هَمَلا

لا عيشَ يُعجِبُني منه لذاذتُه
اِذا تذكَّرتُ أحباباً لنا أُولاَ

والذكرُ ما زلتُ أخشى مِن نوازعِه
وكلُّ نفسٍ تَهابُ الحادثَ الجَلَلا

يفنى الزمانُ ولا يفنى ادِّكارُهمُ
ولا أرى عنهمُ ما عشتُ لي بَدَلا

فليت أيامنا بالسَّفْحِ راجعةٌ
زمنَ نجمُ اجتماعِ الشملِ ما أفَلا

ميقاتَ حمدٍ ولا انفكُّ أوسِعُهُ
مدحاً وشرخُ شبابي كادَ أو كَمُلا

وربَّ روضٍ أراني حسنَ منظرِه
والشمسُ تَشرُقُ في أرجائهِ أُصُلا

حاكَ الربيعُ عليه مِن سحائبهِ
بَرداً يُوَشِّعُ في ساحاتهِ النَّفَلا

رياضُ أُنسٍ تأملَّنا بدائعَها
فلم تُبَقِّ لنا في غيرِها امَلا

لّلهِ مِن غَزَلٍ فيها أُنظِّمُه
اِذا تقاضى غرامي عندَها الغَزَلا

يهيمُ وجداً بِمَنْ في الرملِ دارُهمُ
فأنثني طالباً من أينقُي الرَّمَلا

نظمٌ يريكَ الثريا دونَ منزلهِ
واِنْ علا رتبةً عن أوجها وَغَلا

متى تقاصرَ ذيلُ الشِّعرِ جلَّلني
منه قميصٌ متى ما اجتبتُه رَفَلا

يعيدُ مَنْ رفضَ الوجدَ القديمَ الى
ساعاتِ لهوٍ تعافى ذكرَها وَسَلا

حاشا وفائي واِن طالَ الزمانُ به
واِن تمادى بنا أنْ يعرفَ الَملَلا

أو أن أرى مَذِلاً مِن بعدِ ما ظعنوا
ولي علائقُ شوقٍ تَرْفُضُ المَذَلا

لما خلا الربعُ مِمَّنْ كان يسكنُه
أمرُّ ما كانَ منه بالدُّنُوِّ حَلا

أرى الطلولَ فتشَجيني مواثلُها
وأنثني ودموعي تُغرِقُ الطَّلَلا

والصبرُ أجملُ ثوبٍ راقَ ملبسُه
اِلاّ مع الهجرِ أوبعدَ البعادِ فَلا

عُلِّقتُ حبَّكمُ قبلَ الشبابِ وقد
أمسيتُ مرتدياً بالشيبِ مُشتمِلا

ما كنتُ مِمَّنْ يرى الأهواءَ مألَفَةً
لولا خِداعُ أمانٍ تسكنُ المُقَلا

أحيا وأيسرُ منها كلَّما رشقتْ مقاتلي
ما أراحَ الصبَّ أو قَتَلا

هيهاتَ أنّي أُرى من بعدِ هجرِكمُ
قريرَ عينٍ ويكفي هجرُكمْ شُغُلا


الملك الامجد

الحمدان
07-13-2024, 06:50 PM
يَقَرُّ بعيني أن أرى الربعَ والدارا
واِنْ جدَّدا عندي رسيساً وتَذكارا

ربوعٌ وأوطانٌ بها وبأهِلها
بلغتُ لُباناتٍ وقضَّيتُ أوطارا

ومازالَ هذا الدهرُ في كلَّ ما أرى
مِنَ الوصلِ والتفريقِ في الناسِ أطوارا

أُعلَّلُ آمالي بما كنتُ آنِفاً
أرى فيه وجهَ العيشِ أبلجَ مختارا

وما كنتُ لولا البينُ والبينُ محوِجُ
أساهرُ نجماً لا يغورُ وسُمّارا

يميناً بمَنْ غاروا وأتهمتُ سُحرةً
عنِ الجِزعِ والنجمُ اليمانيُّ ما غارا

اِذا بانَ مَن أهوى ولم تَجرِ أدمعي
مِنَ البينِ غُدراناً فقد صِرتُ غدّارا

وفي حبَّهمْ أبليتُ بُردَ شبيبتي
فهلاّ اُراعى بعدَ ما صارَ أطمارا

وأزهارُ شيبي في غصونِ شبابِهم
حملنَ لنا مِن مؤلمِ الهجرِ أثمار

ولمّا غدا النّوارُ في الروضِ باسماً
وعاينتُ مِن ومضِ المباسمِ أنوارا

خلعتُ عذاري في الغرامِ وذو الهوى
حنانيكَ مَنْ لم يُبْلِ في الحبَّ اعذارا

وأعوزَني الأنصارُ يومَ سويقةِ
ومن ذا الذي يلقى على البين أنصارا

ومَنْ عاشَ في الدنيا فطوراً تذيقُه
جنى العيشِ اِحلاءً يَلَذُّ واِمرارا

ولمّا تذاكرنا مِنَ العيشِ طيبَهُ
وصفوَ وصالٍ لم نجدْ فيه أكدارا

طَرِبتُ إلى أن خُيَّلَ الذكرُ نشوةً
كما كنتُ أستسقي المُدامةَ خَمّارا

فواللهِ ما أدرى أخمراً سقيتُها
وقد ملتُ سكراً أم سلافُ الهوى دارا

أجيرانَنا صارتْ احاديثُ وصلِنا
لأهلِ الحمى بعدَ التفرُّقِ أسمارا

وفي الجيرةِ الغادينَ مِن بطنِ وجرة
غزالٌ على نقضِ المواثيقِ قد جارا

يُكَلَّفُني الأخطارَ حتى أرى له
معاطفَ قَدّ تُخْجِلُ الرمحَ خطّارا

فلمْ لا يُراعيني وقد أسهلَ الهوى
بغيري وطُرْقي فيه أمسينَ أوعارا

ومالي نظيرٌ في هواهُ واِنْ غدا
رجالُ الهوى في مدنفِ الحبَّ أنظارا

وغيدٍ غدا قلبي بهنَّ مروعَّاً
على كلَّ ما يلقاهُ منهنَّ صبّارا

رقمنَ البرى بالخطوِ نحوي عشيَّةً
فللهِ كم أهدينَ للعينِ أقمارا

واِنّي واِنْ جاوزتُ في الوجدِ حدَّه
وأنجدَبي شوقي اليهنَّ أو غارا

فلستُ أرى وجدي عليهنَّ سُبَّةً
ولا كَلَفي نقصاً ولا أدمعي عارا

ولما رأيتُ العيسَ وهي مثارةٌ
لوشكِ النوى يحملن حُدْجاً وأكوارا

تنوءُ وفي تلكَ الحدوجِ حبائبٌ
بهنَّ قطعنا رَيَّقَ العيشِ أعمارا

وسرنَ وقد كنَّ الأداني مودَّةً
يَخُضْنَ سراباً بالنجائبِ مَوّارا

رجعتُ إلى الأجفانِ مستنصراً بها
فأسبلنَ دمعاً في المنازلِ مدرار

وناجيتُأطلالَ الديارِ وما الذي
أفادَ وقد خاطبتُ ترباً وأحجارا

فما لعهودِ الغانيات مضاعةً
وقد صارَ اِعلاناً غرامي واِسرارا

وزادَ غرامي في الظلامِ حمامةٌ
تغنَّتْ فأذكتْ في جوانحنا نارا

أثارتْ دفينَ الشوقِ حتى كأنَّنا
رأينا لليلى في المنازلِ آثارا

اِذا الريحُ هبَّتْ عن ديارٍ تحلُّها
حسبتُ الفضاءَ الرحبَ قد صار عطّارا

تَهُبُّ كأنْ مرَّتْ بدارِيْنَ سُحْرةً
مُعَنْبَرَةَ الضوعاتِ والنشرِ معطارا

وزائرةٍ بعد الهدوَّ كأنمَّا
وضعتُ بها عن كاهلِ الشوقِ أوزارا

منعَّمةٍ قابلة منها شمائلاً
فما عاينتْ عينايَ للحظَّ اِدبارا

غدا غزلي وقفاً عليها بديعُهُ
شَرُوداً وخيرُ الشَّعرِ ما كانَ سَبّارا


الملك الامجد

الحمدان
07-13-2024, 06:50 PM
ربعٌ وقفتُ عليه بعدَ أهليهِ
أسقيهِ مِنْ عَبَراتي ما يُروِّيهِ

كانوا معانيهِ فَهْوَ اليومَ بعدَهمُ
جسمٌ ولا روحَ يَلفى في مغانيهِ

شكا النوى بلسانِ الحالِ فابتدرتْ
مدامعي فوقَ سُحمٍ مِن أثافيهِ

كلُّ شكا بثَّهُ فيه وما أحدٌ
في الناسِ إلا له شانٌ يعانيهِ

ربعٌ كانتِ الليلاتُ وهي ضحًى
بطيبِ عيشٍ قطعنا في ضواحيهِ

وقفتُ فيه فكم مِن وحشةٍ نزلتْ
بي فيه مِن بعدِ أنسٍ كانَ لي فيهِ

مأوى الحسانِ غدا عَنْ وصلهنَّ كما
قد كانَ بينٌ أظلَّتنا عواديهِ

معالمٌ للهوى زادَ البكاءُ على
رسمٍ عهدتُ بِواديهِ بَواديهِ

ربعٌ نُواحي عليه قبلَ بينهمُ
قد كان قالَنواهمْ في نواحيهِ

وقفتُ عنسي به والعيشُ ظالِعَةٌ
مِنَ الكَلالِ أناديهِ بِناديهِ

فلم تُجبني رسومٌ منه دراسةٌ
حتى رثى الركبُ مِن شوقي وحاديهِ

يا أدمعي هذه اِلأطلالُ ماثلةٌ
فأين دمعٌ يُروِّي السُّحبَ هاميهِ

اِيهٍ فلي مِن لظى الأشواقِ نارُ جوِّى
تزدادُ وقداً إذا سَحَّبْ غواديهِ

هذا الفراقُ وكم عندَِ اللقِّاءِ لنا
صبحٌ إذا ما تغشَّتنا لياليهِ

ومغرمٍ باتَ والأحشاءُ في لَهَبٍ
مِنَ الغرامِ الذى زادتْ دواعيهِ

تأبى المنامَ مِنَ الذكرى لواحظُه
ويشتهيهِ لعلَّ الطيفَ يأتيهِ

بكى العدوُّ عليه مِن صبابتهِ
وحسبٌ ذي الشوقِ أن تبكي أعاديهِ

وشادنٍ بتُّ أجلو دَّر مبسَمِهِ
ووجهِهِ والدجى زُهْرٌ دراريهِ

فما رضيتُ بها عَنْ ثغرِه بَدَلاً
وما تَنظَّمَ فيه مِن لآليهِ

بدرٌ يدُيرُ عيوناً منه ساجيةً
في كَسْرِ جفنِ مريضِ اللحظِ ساجيهِ

يضمُّ مِن قدَّهِ الميادِ غصنَ نقاً
يَغارُ كلُّ قضيبٍ مِنَ تَثنِّيهِ

وردٌ بأجفانهِ الوسنى وأسهمُها
تبيتُ عن مُجْتَنٍ باللحظِ تحميهِ

يصدُّ ظلماً ويحمي ظلَمه عَنتَاً
عن مستهامٍ معنِّى القلبِ صاديهِ

لم يدعُني منه حُسْنٌ مِن محاسنهِ
اِلاّ وباردَةٌ وجَدي يُلَبيِّهِ

تكادُ تُعْقَدُ مِن لينٍ معاطفُهُ
على ضعيفِ مدارِ الخَصْرِ واهيهِ

يُغري العيونَ به ما فيه مِن مُلَحٍ
ومِن دلالٍ ومِن عُجْبٍ ومِن تيهِ

لاحتْ لنا في نِفارٍ منه بارقةٌ
مِنَ المنى والمنايا في أمانيهِ

وشيمةٌ منه ما يعتادُ أبداً
مِنَ التجنَّي ويُغريني تَجنَّيهِ

اِذا بدا محارَ بدرُ التمَّ فيه ومَنْ
للبيدرِ في الحسنِ لو أمسى يُدانيهِ

فالشمسُ والبدرُ هذى لا أُصانِعُها
وذاكَ وهو تمامٌ لا أُحاشيهِ

عندي مِنَ الوجدِ داءٌ لا دواءَ له
لم يدرِ كيف يُداويِه مُداويهِ

لو أن مَنْ سلبَ الأجفانَ رقدتَها
بهجرِه لم يُطِلْ فيه تَماديهِ

لكانَ يرجو إذا ما الغُمْضُ عاودَهُ
منه خيالاً يُحييَّهِ فيُحْييهِ

وربَّ دوحٍ بديعِ النَّورِ قابلَني
مثلَ الثغورِ نضيداً مِن أقاحيهِ

هبَّ النسيمُ به تندى نوافحُه
عليَّ والليلُ قد رقَّتْ حواشيهِ

دوحٌ تقامرَني لُبيَّ وقد صدحتْ
في كلَّ ناحيةٍ منهُ قَماريهِ

باتَ الحمامُ يغننَّي في جوانبهِ
وبتُّ مِن حَزَنٍ بالدمعِ أسقيهِ

أرتاحُ طوراً إلى ترجيعهِ طرباً
وأذكرُ العهدَ أحياناً فأبكيهِ

وقائلٍ والنوى قد طالَ موعدُها
هذا ادَّكاركَ طولُ البعدِ يُنسيهِ

فقلت من لم يكن مثلي ومثلهم
في الوجد والحسن فالتفريق يسليه

فكيف أسلوه ولي مِن قُربهمُ أملٌ
اِمّا مِنَ الطيفِ أو منهم ارجَّيهِ


الملك الامجد

الحمدان
07-13-2024, 06:51 PM
يا راقدَ الطرفِ طرفي في يدِ السَهرِ
داءٌ بُلِيتُ به مِن رائدِ النظرِ

نَمْ وادعاً ودعِ المشتاقَ تُقِلقُهُ
مما تخطَّتكَ أنواعٌ مِنَ الفِكَرِ

جنايةٌ ناظري كانَ الكفيلُ لها
وآفةُ المرءِ بينَ القلبِ والبصرِ

ما مرَّ يوم وبالي منكَ في دَعَةٍ
اِلاّ وأُعقِبَ ذاكَ الصفوُ بالكدرِ

تلهو وقد جدَّ بي ما قد علمتَ بهِ
اِنَّ الأحبَّةَ اعوانٌ على الضَّرَرِ

أكادُ والقلبُ تهفوبي نوازعُه
إليكَ مثلَ جناحِ الطائرِ الحَذِرٍِ

أذوبُ شوقاً لكنّي أخو جَلَدٍ
فيه وانْ كانَ طعمُ الصَّبْرِ كالصَّبِرِ

والسُّمرُ دونَ وصالِ السُّمرِ مُشْرَعَةٌ
فكم أعلَّلُ روحي عنه بالسَّمَرِ

وكم أبيتُ وعيني غيرُ هاجعةٍ
أرعى لوامعَ برقٍ طائرِ الشررِ

ماأ قلتُ وهو على الأجزاعِ معترضٌ
يا ساهرَ البرقِ أيقظْ راقِدَ السَّمُرِ

ولا طلبتُ وقد أودى السهادُ بنا
مِن نازلِ الجِزعِ أعواناً على السَّهَرِ


الملك الامجد

الحمدان
07-13-2024, 06:52 PM
هي العيسُ دعها بي إلى حاجرٍ تُحدَى
طِلاحاً تؤمُّ الجِزعَ أو تنتحي نَجْدا

تعجَّزُ في الموماةِ وهي ضوامرٌ
برى نَيَّها الاِيجافُ ظِلمانَها الرُّبْدا

خوامسُ أنضاها الذميلُ فكلَّما
شكتْ ظمأً أمستْ لها أدمعي وِردا

تُناثرُ في البيداءِ ورداً خِفافُها
وَينظِمُه الاِرقالُ مِن خلفِها عِقْدا

أجيرانَنا بالرقمتينِ نقضتُمُ
عهودي وكم راعيتُ بعدكُمُ العهْدا

نأيتمْ فلي عينٌ أضرّ َبها البكا
وبنتمْ فلي على النأْي لا يَهْدا

فمَنْ لغرامٍ ليس يخبو ضِرامُه
اِذا الريحُ لي بريّاكمُ بَردا

ارى في ضَلالٍ الحبَّ وجدي بكم هدًى
وغيَّ الهوى العذريَّ في مثلكمْ رُشدا

فللهِ رندُ الواديينِ وبانُهُ
وقد رنَّحتْ ريحُ الصَّبا قُضْبَهُ المُلْدا

كأنَّ القدودَ الهيفَ وهي موائسٌ
أعرنَ التثنَي ذلك البانَ والرَّندا

بَرودُ الرُّضابِ العَذْبِ أورثني الضنى
الى أن غدتْ أعضايَ لا تحملُ البَرْدا

وقد كنتُ حرّاً قبلَ أن أعرفَ الهوى
فلمّا عرفتُ الحبَّ صرتُ له عَبْدا

أحبّايَ طالَ البعدُ والعيسُ ترتمي
عِجافاً بنا تأتمَّ ارضكمُ قَصْدا

كأنَّ عليها السيرَ ضربةُ لازمٍ
لتنضى به وخداً واضنى بكم وجدا

وما زلتُ أخشى الهجرَ والبعدَ منكمُ
ومَنْ ذا الذي لم يلقَ هجراً ولا بُعدا

أعاتبُ في الأحبابِ قلبي ضلالة
ولي كَبِدٌ تَصْلى بنارِ الهوى وَقْدا

فليت هبوبَ الريحِ مِن نحوِ أرضهمْ
تُبَلَّغُ عن ميقاتِ عودهمُ وَعْدا

ليَ اللهُ مِن وجدِ إذا قلتُقد مضتْ
اواخرُه عنّي اعادَ الذي أبدى

كانيَ لمّا ألقَ مِن لاعجِ النوى
ومما أعانيهِ ومِن حبهمْ بُدّا

مَرادَ الهوى عهدي بمغناكَ ضاحياً
أنيقاً به نجلو لواحظَنا الرُّمدا

أُقبَّلُ ثُغراً في ربوعكَ أشنباً
وأهصِرُ بينَ البانِ مِن مثلِه قَدّا

قطعتُ به عيشاً رقيقاً اِهابُه
ومَنْ لي به لو أستطيعُ له ردّا

فكيف أحالَ الدهرُ حسنَكَ وانثنى
بياضُ التداني في عراصكَ مسودّا

ودِعْلَبةٍ صدت عنِ الوِرْدِ بعدَما
تراءَتْ لها مِن دونِ أهلِ الحمى صدّا

كأنّي واياها وقد أمتِ الغَضا
الى أربعِ الأحبابِ مسرعةً وخَدْا

شِهابٌ وسهمٌ بين اعوادِ كُورِها
رمتْ بي حنايا العيسِ قلبَ الفلا فَردا

لئن لم أجدْ في حبَّ جُملٍ على الهوى
جميلاً ولم تُسْعِفْ باِسعادِها سُعدى

فلي أسوةٌ بالأقدمينَ صبابةً
وقد وردوا للوجدِ منهلَه العِدّا

فراقٌ وهجرٌ كم تَجَلَّدْتُ مَعْهُما
وكم قَهَرا قبلي بنارَيهما جلْدا

وكم في المجاني مِن نبالِ لواحظٍ
فَرَتْ بعدَ أحشائي المضاعفةَ السَّردا

لحاظٌ مِراضٌ أنلَتْني كأنَّما
تَعَدَّى اليَّ السُّقمُ منهنَّ أو أعدى

ووردُ خدودٍ يُخْجِلُ الوردُ لونُها
مضرَّجةٍ أمستْ بماءِ الصَّبا تندى

اِذا رُمْتُ أن القى لِندَّةِ خالِها
نظيراً فلا مِثْلاً أراه ولا نِدّا


الملك الامجد

الحمدان
07-13-2024, 06:52 PM
عشيَّةَ عَجُنْا بالمطيَّ الرواسمِ
على الدارِ أبكتْنا رسومُ المعالمِ

وقفنا فكم فاضتْ على الربعِ عبرةٌ
لِما هاجَهُ منّا بكاءُ الحمائمِ

فللّهِ هذا القلبُ كم يستفزُّه
تعطُّفُ أغصانِ القدودِ النواعمِ

ويُعجِبُهُ لمعُ الثغورِ كأنَّها
بوارقُ تبدو مِنْ خِلالِ المباسمِ

ويصبوا إلى باناتِ سَلْعٍ إذا انبرتْ
تَمايلُ مِن مرَّ الرياحِ النواسمِ

سقاها مِنَ الوسميَّ كلُّ مجلجِلٍ
هتونِ ربابِ المزنِ أوطفَ ساجمِ

الى أن ترى الروضَ الأريضَ موشَّعاً
كما وشَّعَتْهُ بالحيا كفُّ راقمِ

وحيّا السحابُ الجَونُ أغصانَ دوحِه
دِراكاً كموجِ اللُّجَّةِ المتلاطمِ

اِذا حرَّكتْهنَّ الرياحُ تناثرتْ
الى تُرْبِهِ أزهارُها كالدراهمِ

لحا اللهُ قلبي كم يَحِنُّ إلى الحمى
وقد بانَ أهلوه حنينَ الروائمِ

وحتامَ لا يَفني بليلى ولوعُه
كأنَّ عليه الوجدُ ضربةُ لازمِ

ومما شجاني قولُها يومَ بينِها
وفي القلبِ منه مثلُ لذعِ السمائمِ

تُراكَ إذا طالتْ مسافةُ بيننا
تعودُ لأسرارِ الهوى الهوى غيرَ كاتمِ

فقلتُ لهاتأبى المروءةُ والنُّهى
اِذاعةَ سِرَّينْا وشرعُ المكارمِ

فلو كنتَ يوم البينِ يا حارِ حاضراً
لقبَّحتَ كالعُشّاقِ لومَ اللوائمِ

وعاينتَ لا عاينتَ للبينِ موقفاً
يُهَوَّنُ أخطارَ الأمورِ العظائمِ

وقد سِرنَ عن تلكَ الديارِ مُغِذَّةً
نياقهمُ نحوَ النقا فالأناعمِ

فكم مِن فمٍ شوقاً وقد سرنَ سُحرةً
لماثلِ أطلالِ المنازلِ لاثمِ

ومِن مدنفٍ لاقى البعادَ وهولَهُ
بأنف على حكم التفرُّقِ راغمِ

ومِن راحةٍ قد نهنهتْ فيضَ عبرةٍ
وأُخرى على أحشائهِ والحيازمِ

فليت المطايا حين سِرْنَ عَنِ الحمى
وباشرنَ حَزْنَ المنحنى بالمناسمِ

عُقِرنَ فلم يعملنَ في البيدِ أذرعاً
ولا جادَها للرِىَّ دَرُّ الغمائمِ

ولا برحتْ في القفرِ هيماً تجوسُهُ
نواحلَ يُعييهنَّ قطعُ المخارمِ

فلو كان هذا البينُ مما يَصُدُّهُ
صُدورُ العوالي أو ظهورُ العزائمِ

دفعناه بالخيلِ العتاقِ مغيرةً
تَمطَّى بفرسانِ الوغى في الشكائمِ

عليها رجالٌ يستضيئونَ كلَّما
غدا النقعُ مسوّداً ببيضِ الصوارمِ

اِذا أُلبسوا الماذيَّ خِلْتَ عنابساً
الى الموتِ تمشي في سلوخِ الأراقمِ

مطاعينُ في يومِ الكريهةِ كلَّما
بدا الموتُ محمرّاً بزرقِ الهاذمِ

اِذا رجموا صدرَ العجاجةِ بالقنا
تفرَّجَ ضيقُ المأزقِ المتلاحمِ

أسودٌ إذا هاجتْ ضراغمُ بيشةٍ
تلقَّيتُها منهم بمثلِ الضراغمِ

مناجيدُ حربٍ تعثُر الخيلُ تحتهمْ
اِذا ما ارتدوا أسيافَهم بالجماجمِ

غَنَوا بي فهم في الحربِ ما دار قطبُها
جناحٌ له عزمي مكانَ القوادمِ

وفي حلبةِ الأشعارِ سابقُها الذي
ترفَّعتُ فيها عن دعيًّ مقاومِ

وعن كلَّ نظّامٍ بضائعُ شعرِه
اِذا عرضوها لم تفزْ بمساومِ

عزيزٌ عليه أن يعودَ بنظمِه
عليماً وكم كدَّى به غيرَ عالمِ

له نظراتٌ كدَّرَ الحقدُ شزرَها
تَدُلُّ على ما عندَهُ مِن سخائمِ

فما الفضلُ في أهلِ الشرابيشِ سُبَّةً
ولا العلمُ مخصوصاً بأهلِ العمائمِ

اِذا سمعوها في ندىًّ فحظُّهمْ
مِن الحَسَدِ المبغوضِ عَضُّ الأباهمِ

وما انتفعوا منها بما يسمعونَهُ
كأنَّي قد أسمعتُها للبهائمِ


الملك الامجد

الحمدان
07-13-2024, 06:53 PM
ذنبي إلى البيضِ ذنبٌ غيرُ مغتفَرِ
لما توضَّحَ صبحُ الشيبِ في شَعَري

حورٌ شقنَ فؤادي مِن لواحظِها
بكلَّ سهمٍ عريقِ النَّزعِ في الحَوَرِ

فاعجبْ لهنَّ سِهاماً غيرَ طائشةٍ
مِنَ الجفونِ بلا قوسٍ ولا وترِ

كم نِمْنَ عنَّي وقد أغفلنَ ما جابتْ
يدُ التفرُّقِ مِن وجدي ومِن سَهَري

وكم خَفَرْتُ ذِمامَ النسكِ مِن وَلَهٍ
يعتادُني لذواتِ الدلَّ والخَفَرِ

بي مِن رسيسِ الهوى داءٌ يخامرُني
طولَ الزمانِ إلى ما صُنَّ بالخُمُرِ

مهفهفاتٌ يغارُ الغصنُ حين يرى
قدودَها بينَ منآدٍ ومنأطِرِ

أنكرنَني بعدَ عِرفاني وما بَرِحَ
الزَّمانُ يُعْقِبُ صفوَ العيشِ بالكَدَرِ

أيامَ غصنُ شبابي في بُلَهْنيَةٍ
أزهو بما فيه مِن زَهْرٍ ومِن ثَمَرِ

يا منزلاً أدمعي وقفٌ عليه اِذا
ضَنَّ السحابُ على الأطلالِ بالمَطَرِ

أوطانَ لهوي وكم قضَّيتُ مِن وَطَرٍ
فيهنَّ بالغيدِ والأوطانُ بالوطرِ

ومربعٍ ووصالُ السُّمرِ تكنفُني
أوقاتُه في ظِلالِ الضّالِ والسَّمُرِ

مضى لنا فيه أوقاتٌ مساعِفَةٌ
مُسْتَعْذَباتُ جَنَى الروضاتِ والبُكَرِ

أين الزمان الذي قد كنت أحمده
على التداني بلاعي ولا حصر

لم يخطرِ البينُ في بالي فأحذرَهُ
ولا تعيبتُ ما فيه مِنَ الخطرِ

ألهو بكلَّ غريرٍ مِن محاسِنه
أبيتُ منه ومِن وجدي على غَرَرِ

يا وجهَهُ أَرَني بدراً إذا طَلَعَتْ
منه بوادِرُ تُغنيني عنِ القمرِ

في كلَّ ذاتِ قوامٍ غصنُه نَضِرٌ
ما حظُّ عاشِقها منها سوى النظرِ

ما هبَّتِ الريحُ مِن نجدٍ معطَّرةً
لولا الولوعُ بريّا بَردِها العَطِرِ

ولا جرتْ أدمعي والشملُ مجتمعٌ
اِلاّ لما علمَ الأحبابُ مِن حَذَري

خوفاً ولولا ذاكَ ما وقفتْ
ركائبي بين وِرْدِ العَزْمِ والصَّدَرِ

كلاّ ولا كنتُ بعدَ القربِ مقتنعاً
منهمْ على عُدَواءِ الدارِ بالأثرِ

هم الأحبَّةُ أن خانوا واِنْ نقضوا
عهدي فما حلتُ عن عهدي ولا ذِكَري

فكم أضاعوا محبّاً في الغرامِ بلا
ذنبٍ وكم طُلُّ فيه مِ دمٍ هَدَرِ

يشكو أذى الهجرِ في سرًّ وفي علنٍ
شكوًى تؤثَّرُ في صلدٍ مِنَ الحجرِ

وهي الديار فكم جددنَ مِن حُرَقٍ
للمستهامِ بما فيهنَّ مِن أثرِ

يَزورُها بعدَما بانتْ أوانسُها
عنها فيمسحُ فضلَ الدمعِ بالأُزُرِ

وفي الجوانحِ نارٌ بعدَ بينهمُ
للشوقِ تَفْعَلُ فِعْلَ النارِ في العُشَرِ

فهل أُرى وبيوتُ الحيَّ دانيةٌ
مني خليّاً مِنَ الأشجانِ والفِكَرِ

هيهاتَ هذا فؤادٌ لا يُغَيَّرُه
عن المحبَّةِ ما فيها مِنَ الغِيَرِ


الملك الامجد

الحمدان
07-13-2024, 06:54 PM
ألا حيَّ آثارَ الرسومِ الدوائرِ
سَقَتْها شآبيبُ الغيوثِ البواكرِ

وجادِ على أطلالِها كلُّ هاطلٍ
مِنَ المزنِ ثَجاجِ الأماعجِ هامرِ

منازلُ احبابٍ ومَبْرَكُ أينُقٍ
ومجمعُ خُلاّنٍ ومجلسُ سامرِ

حبستُ عليها اليَعْملاتِ ضوامراً
مِنَ الوخدِ والارقالِ خُوصَ النواظرِ

عليها أولو شوقٍ إذا ذُكِرَ النوى
أسالوا غُرُوبَ الدمعِ بينَ المحاجرِ

كأنَّ عتاقَ النُّجْبِ قد ضمنتْ لهمْ
وشيكَ التلاقي أو متونَ الأباعرِ

فمِنْ ناشدٍ بينَ المنازلِ قلبَهُ
ومِن مشتكٍ فيها صدودَ الجآذرِ

اِذا ما تساقَى القومُ كاساتِ حبَّهمْ
عليها سَقَوها بالدموعِ البوادرِ

براها أذى التَّرحالِ أعادَها
مِنَ الضُّمْرِ في الأنساعِ شِبهَ المخاصرِ

لواغبُ أنضاها الذميلُ بواركاً
مِنَ الأينِ يَفْحَصْنَ الحصى بالكَراكِرِ

قِرًى في صِحافَ البيدِ اضحتْ لحومُها
لحوماً لِعقْبانِ الرَّعانِ الكواسرِ

فللهِ كم في الخَرقِ منها رذيَّةٌ
تُناشُ بأفواه المنايا الفواغرِ

فيا صاحبيَّ اليومَ عوجا لعلَّنا
نُجَدَّدُ أوقاتَ اللَّقاءِ بحاجرِ

ففيه ظباءٌ آنساتٌ سوافرٌ
تخجَّلُ آرامَ الظباءِ النوافرِ

ولا تُنكروا أن شمتُ بارقُ أرضهِ
غراماً إلى تلكَ الخدودِ النواضرِ

اِذا نفحتْ عن روضهِ نفحةُ الصَّبا
نشقنا شَذا ضوعاتِها بالمناخرِ

تُجَرَّرُ مِن فوقِ الرياضِ ذيولها
فَتُودعُها أنفاسَ فارةِ تاجرِ

أما وليالٍ في الوصالِ تصرَّمتْ
أوائلُها ما رُوعَّتْ بأواخرِ

ليالي ما وكَّلْتُ طرفي صبابةً
برعي النجومِ النيَّراتِ الزواهرِ

لقد عُدْتُ في أِثْرِ الصبابةِ بعدَهمْ
رهيناً بتَذكارِ الليالي الغوابرِ

وأيامِ لهوٍ كلَّما عَنَّ ذِكرُها
وجدتُ له في القلبيِ حَرَّ الهواجرِ

فيا عهدَها الخالي بميثاءِ حاجرٍ
سقاكَ عِهادٌ مِن دموعي المواطرِ

دموعٌ إذا ما الغيثُ أثجمَ أثجمتْ
سحائبُها كاللؤلؤ المتناثرِ

ويا معهدَ الأحبابِ حوشيتَ أن أُرى
لعهدِكَ روَاكَ الحيا غيرَ ذاكرِ

حلفتُ بِشُعْثٍ في الرَّحالِ كأنمَّا
على كلَّ كُورٍ منهمُ ظِلُّ طائرِ

وبالعيسِ أشباهِ الحنايا مُغِذَّةً
تسابقُ أنفاسَ الرَّياحِ الخواطرِ

وبالجُرْدِ أمثالِ السَّعالى وحبَّذا
عِشارُ المذاكي بالقنا المتشاجرِ

ووقفةِ مشبوحِ الذراعِ غَشَمشَمٍ
جريءٍ على حربِ الكُماةِ المساعرِ

بأني واِنْ كانَ القريضُ سجيَّةً
لغيريَ مِن بادي القريضِ وحاضرِ

لأُخرِسُ اربابَ الفصاةِ منهمُ
بنظمٍ يُعِيدُ النظمَ صُلْبَ المكاسرِ

وما الناسُ إلا كالبحورِ فبعضُهمْ
عقيمٌ وبعضٌ مَعدِنٌ للجواهرِ


الملك الامجد

الحمدان
07-13-2024, 06:54 PM
هل في المنازلِ بعدَ القومِ آثارُ
نعمْ معالمُ لا تُغني وأحجارُ

اِذا وقفتَ بها بكّاكَ ما حلُها
وآيةُ الشوقِ أن تبكي لكَ الدارُ

منازلٌ لم تزلْ مأوًى لغانيةٍ
دمعي عليها واِنْ لم يُجْدِ مِدْرارُ

نأت فلم يبق مذ زمت ركائبها
للبين إلا أحاديث وأخبار

مِن بعدِ ما كانتِ الأيامُ تُتْحِفُني
بقربِها زمناً والوصلُ أطوارُ

أبكي وقد باعدَتْها عن مرابِعها
نوًى لعوبٌ بها والدهرُ غدّارُ

وفي الدموعِ اِذا ما الصبرُ أعوزَني
على الصبابةِ أعوانٌ وأنصارُ

أين الأحبَّةُ كانوا في الديارِ لَهاً
وهمْ شُمُوسٌ منيراتٌ وأقمارُ

بانوا فلي مِن دموعي بعدَ بينهمُ
وفي ازديادِ الهوى العذريَّ أعذارُ

يا حارِ عنديَ سِرٌّ لا أبوحُ بهِ
اِلاّ إليكَ وللعُشّاقِ أسرارُ

شوقٌ تضاعفَ حتى ليس لي قِبَلٌ
به ونارُ غرامٍ دونَها النارُ

ومقلةٌ لم تذقْ بعدَ النوى وَسَناً
أنَّي ومِن دونِهمْ بيدٌ وأخطارُ

قد ملَّ تَسهادَها إلا ظلامُ بعدهمُ
وملَّني فيه حدّاثٌ وسمّارُ

تنامُ عينُ الخليَّ القلبِ مِن شَجَنٍ
ولي على السَّهَرِ المقليَّ اِصرارُ

اِيهٍ حديثَكَ عن نَعمانَ أين مضى
سكانُه فحديثُ الوجدِ أسمارُ

حَدَّثتَني ما أجدَّ الذكرَ أيسرُه
أعِدُْهُ أن الهوى والشوقَ تَذكارُ

فكم أثارتْ لنا ذكراهمُ حُرَقاً
كأنَّ ذكراهمُ في الربعِ آثارُ

وكم وقفتُ به مِنْ وقفةٍ صدعتْ
قلبي وقد أزمعَ الحبابُ أو ساروا

مخاطباً لعراصٍ كم زهتْ بهمُ
وهكذا الدهرُ اِقبالٌ واِدبارُ

مَلُّوا الثواءَ بها فاستبدلوا بدلاً
عنها وبانوا فهم في القلبِ حُضّارُ

فهل عليَّ إذا بكَّيتُ دراسَها
بعدَ الخليطِ الذى ودَّعتُه عارُ

ومهمهٍ قذفتْ بي في مجاهلهِ
الى الأحبَّةِ أحلاسٌ وأكوارُ

يختبُّ في هبواتِ المُورِ مُنْصَلتاً
بي بازلٌ قلِقُ الأنساعِ مَوّارُ

أحثُّهُ والهوى مِن فوقِ غاربهِ
يَحثُّني فهو في الحالينِ صبّارُ

وما المدامةُ كالابريزِ صافيةً
قد شَقَّ عنها ثيابَ القارِ خمّارُ

تضوعُ طيباً وقد دارتْ زجاجتُها
كأنَّما عَلَّها بالملكِ عطّارُ

يسعى بها رشأٌ في الشَّربِ تحسبُه
كالبدرِ قد بتَّ منه الخصرَ زُنّارُ

أمالَهُ في خفاراتِ الصَّبا مرحٌ
بينَ النَّدامى فغارَ البانُ والغارُ

يوماً بألعبَ منه بالعقولِ وقد
سَجا له ناظرٌ لِلُّبَّ سحّارُ

ولا الخمائلُ قد أضحتْ موشَّعَةً
تُصْبِيكَ منهنَّ أنهارٌ وأزهارُ

تَرِفٌ فيها غصونٌ مِن حدائقها
وتستبيكَ على الباناتِ أطيارُ

يوماً بأحسنَ مِن نظمٍ أوشَّعُهُ
والناسُ مِن بعدِه في الشَّعرِ أنظارُ

يروقُ سمعَكَ منها شُرَّدٌ عُرُبٌ
مختارٌة والنُّضارُ الطلقُ مُخْتارُ


الملك الامجد

الحمدان
07-13-2024, 06:55 PM
أعائدٌ ليَ أيامٌ نعِمتُ بها
بالرقمتينِ وأهلُ البانِ ما بانوا

أيامَ كنا وكانَ الربعُ يجمعُنا
ولم نقل اِننا كنّا ولا كانوا

في لذةٍ مِن وصالٍ لا يُنغَّصُه
بينٌ ولا كاشحٌ يُغريهِ شنآنُ

فهل معيدٌ لنا أيامَهنَّ كما
كنّا على الجِزعِ لا خُنّا ولا خانوا

لا خيرَ في كاشحٍ يسعى ليمنعَني
فرباً نعمتُ به والوقتُ جَذْلانُ

قطعتُ أطيبَهُ بالرقمتينِ ولي
في الربعِ والغيدِ أوطارٌ وأوطانُ


الملك الامجد

الحمدان
07-13-2024, 06:55 PM
بانوا وبانَ لذيذُ العيشِ مذ بانوا
فلي وللدمعِ مِن بعدَ النوى شانُ

للّهِ كم غادَروا في الربعِ بعدَهمُ
مضنىً له مِن أتيِّ الدمعِ غُدْرانُ

يشتاقُ نُعماً ونعماناً وبغيتُه
على تنائيهما نُعْمُ ونُعمانُ

هيهاتَ مالي وقد سارت مودِّعَةً
قلبٌ إلى أبرُقِ الحنّانِ حَنّانُ

لا خيرَ في الربعِ تُصبيني ملاعبُه
حسناً إذا لم يكنْ في الربعِ سكّانُ

ما الدارُ مِن بعدِها داري ولو ملأتْ
عَيني رُواءٌ ولا الأوطانُ أوطانُ

قد كنتُ أصبو اليها وهي آهلَةٌ
بها وجيرانُ ذاكَ الحيِّ جيرانُ

سقَّى زمانَ التلاقي صيِّبٌ غَدِقٌ
مزمجرُ الرعدِ داني السحبِ هتّانُ

زمانَ أنسٍ قطعناهُ بعرصتِها
والدهرُ مبتسِمٌ والوقتُ جذلانُ

والغانياتُ إذا ما شئتُ ساعدَني
منهنَّ حسنٌ على وجدي واِحسانُ

فيهنَّ حاليةٌ بالحسن خاليةٌ
مما اغتدى منهُ قلبي وهو ملآنُ

كأنَّما غازلَتْني مِن لواحِظها
عندَ التغازلِ آرامٌ وغِزلانُ

مِنَ البدورِ اللواتي قد كَمُلْنَ فما
يَطرأ عليهنَّ كالأقمارِ نقصانُ

هيفُ القدودِ إذا مالَ الدلالُ بها
وسُكُره غارَفي أوطانهِ البانُقد

كانَ للطيفِ لودامتْ زيارتُهُ
نحوى إذا نمتُ اِلمامٌ وغشيانُ

أيامَ كانَ أحبائي الذين نأوا
على عهودِ الوفا مثلي كما كانوا

ما خنتُ عهدَهمُ كلاّ ولا خطرتْ
ليَ الخيانةُ في بالٍ ولا خانوا

واليومُ أصبحَ حظي وهو بعدَهمُ
مِن طولِ وصلِهمُ مَطْلٌ وليّانُ

ما مرَّ في خَلَدي للراحلينَ وقد
مَلُّوا ومالوا على الِعلاّتِ سُلوانُ

ولا لذكرِ لياليَّ التي ذهبتْ
حميدةً بأهَيْلِ الحيِّ نِسيانُ

مِن كلِّ دعجاءَ قنواءِ اللثامِ لها
لحظٌ بقلبيَ فتاكُ وفتانُ

حلَّتْ بنجدٍ فأضحى وهو مِن أرَبي
اِذا اطّبى الناسَ أوطانٌ وبلدانُ

سارتْ بها سَحَراً عن أرضِ كاظمةٍ
نجائبٌ ثُوِّرتْ عنها وأظعانُ

كأنِّها وَهْيَ في الأرسانِ ناحلةً
وقد ترامتْ تؤمُّ الجِزعَ أرسانُ

وفي البُرِينَ وقد راحتْ على عجلٍ
تسابقُ الريحَ في الموماةِ ظِلمانُ

تنكبتْ قُلَلَ الأعلامِ مِن أجاً
وشاقَها دونَه سَلْعٌ وعُفانُ

ثمَّ انبرتْ تتهادى في أزمَّتِها
لم يُثنِها دونَه رمْثٌ وحَوْذانُ

يا هندُ لم أنسَ يوَم البينِ موقفنا
والتربَ مِن عبراتي وهو ريّانُ

والعيشُ مُحْدَجةٌ تبغي الرحيلَ وما
طارتْ ولا ذعِرَتْ لليلِ غرِيانُ

وموقفُ البينِ لا ينساه ذو شَجَنٍ
حرانُ مِن وَلَهِ التفريقِ حيرانُ

أحباَبنا أن أطالَ الليلُ شقَّتَهُ
وحالَ دونكمُ بيدٌ وغِطانُ

لا تبعثوا لي سلاماً في النسيمِ فلي
قلبٌ كما عَهِدَ الأحبابُ غيرانُ

يبيتُ بينَ ضلوعي كلّما نفحتْ
صباً تمر عليكم وهو خَشيانُ

وفي الخدورِ التي صانتْ جمالكَمُ
عنِ النواظرِ قُضبانٌ وكُثبانُ

أمسْت تَحُفُّ بها والظعنُ سائرةٌ
بيضٌ مجرَّدَةٌ تَدْمَى وخِرصانُ

يا صاحبيَّ ولولا الوجدُ ما حفزتْ
عَنْسي على الأينِ للحاديَن ألحانُ


الملك الامجد

الحمدان
07-13-2024, 06:56 PM
برقٌ على الجِزعِ بدا يلمعُ
حَنَّتْ اليهِ الاِبِلُ الضُّلَّعُ

أومضَ والركبُ نشاوى هوًى
فاندفعتْ أعينُهمْ تَدمَعُ

بَكَوا مِنَ الوجدِ على جيرةٍ
ساروا عنِ الخَيْفِ وما ودَّعوا

اَسْرَوا مِنَ الخَيْفِ إلى لَعْلَعٍ
ولم تَزَلْ دارَ الهوى لَعْلَعُ

يا برقُ كم هجتَ لهم من جوًى
باتتْ عليه تنطوي الأضلعُ

ما لمعتْ منكَ سنا شعلةٍ
اِلاّ وسحَّتْ منهمُ الأدمعُ

وكان في الدمعِ لهمْ راحةٌ
لو أنَّه بعدَهمُ ينفعُ

يبكونَ في أربعِ أحبابِهم
شوقاً وقد بكَّتْهُمُ الأربُعُ

خلتْ مِن السكّان أقطارُها
فهي قِفارٌ منهمُ بلقعُ

وحلَّها مِن بعدِ غِزلانِها
مِنَ الفلا غِزلانُها الرّتَّعُ

أقسمتُ ما السحبُ غدتْ حُفَّلاً
على الرُّبى مُثجِمةً تَهْمَعُ

غصَّ يَفاعُ الرضِ مِن مائِها
ليستْ تَني سَحّاً ولا تُقلِعُ

يكادُ أن يدفعَها خيفةً
يكفَّهِ مِن قربِها المُرضِعُ

اهمعَ مِن دمعي غداةَ النوى
والعيسُ في بيدِهمُ تُوضِعُ

ناديتُ بالحادي واظعانُهم
للبينِ لا كان النوى تُرفَعُ

قفْ ساعةً يحظُ بتوديِعهم
صبٌّ من التفريقِ لا يهجعُ

لم يُلهِه بعدَهمُ ملعبٌ
ولا اطبَّاهُ لهمُ مربعُ

لموقه سارتْ مطاياهمُ
قلبٌ على بينهمُ مُوجَعُ

ساروا فسارَ القلبُ في اِثرهم
كيف استقلَّتْ عيسهمْ يَتبعُ

يا سُجَّعَ الورقِ لقد شاقَني
حمامةٌ فوقَ النقا تَسجعُ

ما سمعتْ أذنٌ وقد رَّجعتْ
كصوتِها طيباً ولا تَسمعُ

أطرَبها الدوحُ فناحتْ على
أفنانهِ وهو لها مُونِعُ

ونحتُ مِن تَذكارِ عهدِ الهوى
فهل له بعدَ النوى مَرجِعُ

وعِرْمِسٍ حَنَّتْ إلى حاجرٍ
فهي برحلي في الفلا تَنْزِعُ

تشوقُها أنوارُ نُوّارِه
فروضُهُ غِبَّ الحيا مُمرِعُ

كأنَّها الهَيْقُ إذا ما بدا
نعمانُ أو لاحَ الأجرَعُ

منازلٌ راقَ لها نبتُها
مِن بعدِما راقَ لها المشرَعُ

فهي من الآل وتهاره
نحو الحمى ظامئة تطلع

يغرُّها الرقراقُ مِن بحرِه
فمِن صداها تَنثني تكرعُ

تطلبُ وصلاً فاتَ ميقاتُه
وفائتُ الأزمانِ لا يَرْجِعُ


الملك الامجد

الحمدان
07-13-2024, 06:57 PM
وِكناسَ كلِّ غزالةٍ اِنسيَّةٍ
ما وعدُها إلا كلمعِ سرابِ

وعدتكَ يا حارِ الاِيابَ فلم تَفُزْ
منها ولا مِن طيفِها باِيابِ

منعتكَ بل منحتكَ حرَّجوًى وقد
سنحتْ على غِرَرٍ وبردَ رُضابِ

رحلتْ وبُدَّلَ ربعُها مِن بعدِها
بنئيمِ بومٍ أو نعيقِ غرابِ

ومُنيتُ بعدَ ذَهابِها وفراقِها
برسيمِ دِعْلِبَةٍ وحَثَّ رِكابِ

تسري بيَ الوجناءُ بينَ بسابسٍ
طَمَسَتْ مسالِكُها على الأصحابِ

تبغي دنوَّ الدارِ بعدَ بِعادِها
هيهاتَ قد أعيتْ على الطُّلاّبِ

أين الدنوُّ وقد تباعدَ أهلُها
بعدَ النوى وتطاولِ الأحقابِ

يا راكبَ الوكماءِ تعسِلُ تحتَه
عَسَلانَ طاويةِ البطونِ ذِئابِ

قد شامَ سيفَ عزيمةٍ ما حَدُّهُ
في البيدِ والغرضِ البعيدِ بنابِ

بلَّغْ إذا جئتَ النُخيلَ تحيَّتي
أهلَ النُخيلِ وصِفْ لهم أطرابي

فهناكَ أظلالُ الأراكِ تشوقُني
افياؤها ومرابعُ الأحبابِ

وفسيحُ أنديةٍ يروقُ رُواؤها
وصهيلُ مُقْرَبَةٍ وفَيْحُ رِحابِ

والخيلُ تمزعُ في الأعنَّةِ شُزَّبا
قُبَّ البطونِ لواحقَ الأقرابِ

هي ما علمتَ أمانةٌ مرعبّةٌ
وجبتْ رعايتُها على الأنجابِ

اِنْ كنتَ لا ترعى مواثقَ عهدِها
فيها فأين مواثقُ الأعرابِ

اِنَّ الأمانةَ في الزمانِ وأهلِه
من أشرفِ الأدواتِ والأنسابِ


الملك الامجد

الحمدان
07-13-2024, 06:57 PM
عهدُ الصِّبا ومعاهدُ الأحبابِ
دَرَسا كما دَرَستْ رقومُ كتابِ

أىَ يلوحُ لرجعِ طرفكَ رسمُها
بعدَ التوسُّمِ مِثلَ وشمِ خِضابِ

سفهاً وقفتُ على الطلولِ مخاطباً
ما ليس يَسمعُ لي بردِّ جوابِ

لم ألقَ لمّا أن وقفتُ بربعِها
جمَّ الكآبِة غيرَ أورقَ هابِ

ندَّتْ عليه مدامعي فسترتُها
حَذَراً على سِرِّ الهوى بثيابي

ومِنَ السفاهةِ أن أنهنَهَ أدمعي
فيها وقد عَلِمَ العواذلُ مابي

بانَ الحبائبُ عن مرابعِها التي
قد كنَّ وِجْهَةَ مقَصْدي وطِلابي

والدارُ ليس تطيبُ بهجةُ أُتسِها
اِلاّبطيبِ تَزاورِ الأترابِ

كم سارَ عن تلكَ المنازلِ معشرٌ
كانوا أُهيلَ مودَّتي وصِحابي

اِنْ قدَّرَ الدهرُ اللقاءَ عَتَبْتُهُمْ
فيما جَنَوهُ ولاتَ حينَ عتابِ

أتُرى يعودُ العيشُ يَبسِمُ ثغرُه
بهمُ كبرقِ العارضِ السكّاب

أم هل يعودُ الدهرُ يرَجِعُ ما مضى
هيهاتَ أن يرتدَّ بعدَ ذَهابِ

بَعُدوا وأسبابُ الحنينِ قريبةُ
منّي وذِكْرُ زمانِهم مِن دابي

ونأى الشبابُ وما أسِفْتُ لنأيهِ
حَسَنَ المُلأةِ رائقَ الجِلْبابِ

طمعاً بأنَّ وصالَ جيرانِ النقا
مما يعيدُ علَّي عصرَ شبابيِ

فسقى قطارُ المزنِ لابلْ جودُه
الهامي منازلَ زينبٍ وربابِ

مُتهدِّلاً فوقَ الخيامِ ربابُه
فكأنَّه قد شُدَّ بالأطنابِ

مأوى الرعابيبِ الملاحِ وملعبَ
الغيدِ الحسانِ ومجمعَ الأترابِ


الملك الامجد

الحمدان
07-13-2024, 06:58 PM
نوقٌ براهنَّ السُّرى
طِرْنَ بنا لولا البُرى

حنَّتْ وقد لاحَ لها
البرقُ على وادي القُرى

فأرقلتْ تؤمُّ مِن
فرطِ الحنينِ الأجفُرا

روازحٌ يأمرُها
حنينُها أن تَصْبِرا

كم يسَّرَتْ مِن مطلبٍ
قد طالما تَعَسَّرا

وسهَّلَتْ لي أرَباً
مِن قبلِها تعذَّرا

هل تُبْلِغَنَّي الريحُ عن
أحبابِ قلبي خَبَرا

يسرى اليَّ نشرُه
في طيِّها معطَّرا

بانوا كأنِّي ما
قضيتُ من لقاءٍ وَطَرا

وأظهرتْ في بُعدِهم
لنا الليالي عِبَرا

يا مربعاً راعَ الفِرا
ق ظبيه والجؤذرا

ومنزلاً سقيتُهُ
دمعاً يُحاكي المَطَرا

ما بَخِلَ المزنُ
على الأطلالِ اِلاّهَمَرا

وجادَ تربَ أرضِه
مغْلَنْطِفاً مُتْعَنْجِرا

يا ملعباً كانَ بهِا
الوصالُ غَضّاً نَضِرا

كم قد شَمَمْتُ مِن
ثراكَ مَنْدَلاً وعَنْبَرا

أحيانَ جرَّتْ ذيلَها
فيكَ النُّعامى سَحَرا

وأودَعَتْها زينبٌ
طيبَ شذاها الاذْغَرا

فكادَ أن يُسكرَني
نسيمُها لمّا سَرى

للّهِ كم غازلتُ في
الربعِ غزالاً أحْوَرا

يرنو اليَّ لظُهُ
فيستَبيني نَظَرا

بدرٌ تبدَّىفأهنْ
ت في هواهُ البِدَرا

وأخجلَ الشمسَ بهاءُ
نُوُّرِه والقمرا

ما مالَ مِن سُكرِ الصَّبا
وتيههِ أو خَطَرا

الا رَكْبتث في هواهُ
مِن غرامي خَطَرا

والحبُّ ما أورثَني
بعدَ الخليطِ السَّهرا

بُعْدُ الدِّيار والمَزارِ
مَنَعا جفني الكَرى

وشرَّداهُعن طروقِ
مضجعي ونفَّرا

حتى بقيتُ شَبَحَاً
للعائدينَ لا أُرى

مَنْ لي بعودِ الوصلِ لو
عادَ رطيباً أخْضَرا

رَياّنّ قد أينعَ لي
بقربهَ وأثمرا

يَرِفُّ أويميلُ
كالنَّزيفِ عُلَّ المَسْكِرا

أسحبُ تحتَ ظِلِّهِ
مِنَ السُّرورِ الاُزرا


الملك الامجد

الحمدان
07-13-2024, 06:58 PM
أرى العيشَ بعدَ المالكيَّةِ لا يحلو
وقلبي مِنَ الشوقِ المبرَّحِ لا يَخْلو

ومَنْ عرفَ الأحبابَ والوصلَ والهوى
فهيهاتَ أن ينسى على النأي أو يَسْلو

جزى اللهُ حينَ الوصلِ خيراً وعصرَهُ
وجادَ دياراً فارقوا أرضَها الوَبْلُ

منازلُ كانتْ بالغواني حوالياً
فمذْ بِنَّ عنها فهي مِن أُنسِها عُطْلُ

وحيّا ثراها مِن دموعي مواطرٌ
على عَرَصاتِ الدارِ سحّاحةٌ هُطْلُ

يوشَّعُ أقطارَ الخمائِل ماؤها
اِذا ما مضى سَجْلٌ تلا اِثْرَهُ سَجْلُ

وما الدمعُ مِن الحبائبِ سُبَّةً
وقد باعدتْهنَّ المخزَّمَةِ البُزلُ

نأينَ فلي عندَ الخدورِ لبانةٌ
تذكَّرُنيها دونَها الحَدَقُ النُّجْلُ

سأطلبُها بالعيسِ تَنتهِبُ الفلا
سِراعاً إذا ما هابتِ المهمةَ الاِبْلُ

نواحلُ أنضاها الوجيفُ إذا انبرتْ
تَراقَلُ في ارسانِها خَجِلَ الهِقْلُ

نمتْها كما اختار الرَّكابُ جوانحاً
على مضضِ السيرِ الغريريَّةُ الهُدْلُ

نجائبُ مِن نسلِ الجَديلِ وشَدْقَمٍ
تَطيرُ بنا لولا الأزِمَّةُ والجُدْلُ

اِذا ما رأتْ برقاً وقد عَسْعَسَ الدُّجى
يلوحُ على بُعدٍ كما لمعَ النَّصْلُ

تُراعُ كأنَّ البرقَ جرَّدَ سيفَه
عليها إذا امتدَّتْ بركبانِها السُّبْلُ

فتعسِلُ تحتَ الليلِ والليلُ عاتمٌ
الى الغرضِ النائي كما يَعْسِلُ الطَّمْلُ

تَغُذُّ بركبانِ الغرامِ إلى الحِمى
وقد شاقَها مِن دونِه الضَّالُ والأثْلُ

الى أن وصلتُ الحيَّ مِن دونِ سربهِ
محامونَ قد أحمى صدورَهمُ الغَلُّ

مساعيرُ قد أنضجتُ غيظاً كبودَهمْ
فكلُّ فتًى منهمْ يضرَّمُهُ الذَّحْلُ

يغضُّونَ دوني الطرفَ وهو مردَّدٌ
اليَّ اختلاساً مثلما نظرَ الصَّلُّ

صغيرُهمُ يُدمي عليَّ بنانَه
فكيفَ تراه يصنعُ الرَّجُلُ الكَهْلُ

فكشَّفْتُ أستارَ الحِجابِ كأنَّني
لِمَنْ دونَها بَعْلٌ واِن كَرِهَ البَعْلُ

بعزمٍ يعيدُ اليومَ أسودَ قاتماً
يخوضونَهُ الخيلُ الكرائمُ والرَّجْلُ

وجَدًّ إذا أضحتْ كتائبُ خيلِهم
كثيراً ولاقيناهمُ في الوغى قلُّوا

واِن هيَ أمستْ في الديارِ عزيزةً
غزونا مغانيها فحلَّ بها الذُّلُّ

فلا ظلَّ إلا ما تظلَّلُه القنا
أو النقعُ أن الموتَ تحتَهما فَضْلُ

وما روضةٌ سقَّى الغمامُ نباتَها
وبدَّدَ فيها عِقْدَ أدمعِه الطَّلُ

غدا النَّوْرُ في أرجائها متبسَّماً
اِذا ما اعترى أرضاً سوى أرضِها المَحْلُ

تفتَّحُ عن مِثِل الثغورِ أقاحُها
فأصبحَ لي فيها بأشباهِها شُغْلُ

كسعدي وقد أبدتْ شتيتاً مؤشَّراً
غداةَ التقينا بعدَما افترقَ الشَّمْلُ

وما المزنُ أرخى وبلَهُ فسقَى الرُّبى
كدمعي عُقَيْبَ البينِ أن النوى ثُكْلُ

فيا عاذليَّ الآمِرَىَّ على الهوى
بما لستُ أرضاهُ لقد برَّحَ العّدْلُ

أأسلو وقد جادَتْ بطيبِ وصالِها
لقد شابَ مِن امر ترومانِه الطَّفْلُ

فأين التذاذي بالتداني وطيبِه
ثَكِلْتُكُما أم أين ما أتقنَ الرُّسْلُ

وأين الشُّعورُ السودُ تبدو كأنَّها
أساوِدُ يُبديها لي الشَّعَرُ الجَثْلُ

اِذا كنتُ لا ارعى العهودَ فخانني
نَسيبي على الأحبابِ والمنطقُ الجَزْلُ


الملك الامجد

الحمدان
07-13-2024, 06:59 PM
أرِْقتُ مِن بارقٍ بالجِزْعِ لمّاعِ
بدا فهيَّجَ أشواقي وأوجاعي

أهدَى الحنينَ وقد لاحتْ لوامِعُهُ
لمغرمٍ مِن بعادِ الحيَّ مُرْتاعِ

مصاحبُ البينِ ما تنفكُّ أينُقُهُ
مغذّةً بينَ أجراعٍ وأجزاعِ

تَعافُ أن تردَ الماءَ الجِمامَ وأنْ
ترعَى الجميمَ على خِصْبٍ واِمراعِ

في كلَّ هَجْلٍ بعيدِ القفرِ تقطعُهُ
سواهماً بينَ اِيجافٍ واِيضاعِ

تهوى بكلَّ ربيطِ الجأْشِ مُدَّرعٍ
ماضي العزيمةِ حامي العِرْضِ شرّاعِ

يحمي السوامَ إذا الأذوادُ أهملَها
رعاتُها وأناخوها بِجَعْجاعِ

مُهَمّلاتٍ غَدَتْ في كلَّ ناحيةٍ
مضاعةً لم تَصُنْها سطوةُ الراعي

يذودُ عنها العِدى يقظانَ ما اكتحلتْ
عيناهُ عمّا يراعيهِ بِتَهْجاعِ

بكلَّ أسمرَ دامي الحدَّ لَهْذَمُهُ
وكلَّ أبيضَ ماضي الغَرْبِ قَطّاعِ

مِن حولهِ غِلْمَةٌ يحمونَ جارَهُمُ
يومَ الصريخِ إذا ما ثوَّبَ الداعي

يمشونَ والموتُ قد أبدَى نواجِذَهُ
اليهِ ما بينَ سبّاقٍ وسرّاعِ

لا يعرفونَ بروداً غيرَ ما لبسوا
مِنَ الشجاعةِ أو مِنْ زَغْفِ أدراعِ

في الحربِ والسلمِ مِنْ كَرًّ ومِنْ كَرَمٍ
لم يَبْرَحوا بينَ ضرّارٍ ونفّاعِ

يا صاحِبَيَّ أعيدا ذكرَ كاظمةٍ
على فؤادٍ إلى الأحبابِ نَزّاعِ

واستنشقا نفحاتِ البانِ أن نسمتْ
بنافحٍ مِنْ عبيرِ العِقْدِ ضَوّاعِ

فثمَّ موضعُ أطرابي ومألَفُها
بلْ ثمَّ شهوةُ أبصاري وأسماعي

فلا عدا أرضَها تَسكابُ دمعيَ اِنْ
ضنَّ السحابُ بِتَهْمالٍ وتَهْماعِ

دمعٌ إذا أقلعَ الغيثُ المُلِثُ هَمَى
على المنازلِ لم يُؤْذِنْ باِقلاعِ

أرضٌ تباعدَ أهلُوها وما نَقَصَتْ
عمّا عَهِدْتُ صباباتي وأطماعي

ما هبَّتِ الريحُ إلا هِمْتُ مِنْ طَرَبٍ
إليكِ يا ظبيةَ الوَعْساءِ والقاعِ

بيني وبينكِ بيدٌ لا يُقَرَّبُها
اِلاّ عزيمةُ اِمضائي واِزماعي

فما الأناةُ ونُجْبي في معاطِنِها
سئمنَ عطلة أقتادٍ وأنساعِ

شُدَّ الرحالُ عليها فَهْيَ كافلةٌ
بالوخدِ تقريبَ ما أعيا على الساعي

عيسٌ إذا غمراتُ الآلِ طُفْنَ بها
حسبتَها منه في لُجًّ ودُفّاعِ

يطولُ باعي إذا الباغي أرادَ بها
سوءاً ويَقْصُرُ عن نيلِ الخَنا باعي

تُحْمَى بأشوسَ ضرّابٍ بصارمِهِ
مفارقَ الصَّيدِ شرّابٍ بأنقاعِ

لا يعرِفُ الأمنَ إلا أن تراهُ على
أَقَبَّ نحوَ قِراعِ البيضِ مُنْصاعِ

تسري بذمَّتِهِ في مَهْمَهٍ قَذَفٍ
خُوصٌ تَدافَعُ في كُثْبٍ وأجراعِ

خِرْقٍ هُمامٍ كحدَّ السيفِ مُنْصَلِتٍ
مُشَيَّعٍ لِثنايا المَجْدِ طَلاّعِ


الملك الامجد

الحمدان
07-13-2024, 07:00 PM
أَعرفْتَ مِنْ داءِ الصبابةِ شافيا
هيهاتَ لستَ ترى لدائكَ راقيا

لا ترجُ مِنْ بعدِ انقيادكَ للهوى
بُرءاً وقد لبَّيتَ منه الداعيا

عزَّ الدواءُ فليس تلقى بعدَها
طَبّاً لدائكَ في الغرامِ مُداويا

ما هذه في الحبَّ أوَّلَ وقفةٍ
تركتكَ مستعرَ الأضالِعِ باكيا

قَلِقَ الوِسادِ وقد تعرَّضتِ النوى
حيرانَ تسأَلُ أرسُماً ومغانيا

تتبادُر العبراتُ في عرصاتِها
بدداً لقد أقرحتَ طرفاً داميا

دِمَنٌ طُوينَ على البِلَى وأحالَها
مَرُّ الرياحِ مُراوِحاً ومُغادِيا

جرَّتْ عليها السافياتُ ذيولَها
فَطَمْسَ ما قد كانَ منها باديا

ذهبتْ بشاشَتُها وأوحشَ ربعُها
وتبدَّلَتْ عُفْر الظِباءِ جوازيا

ظعنَ الأحبَّةُ راحلينَ وخلَّفوا
قلباً بنيرانِ التفرُّقِ صاليا

كانتْ بهنَّ حوالياً فأعادَها
ريبُ الزمانِ عواطلاً وخواليا

مِنْ كلَّ مائةِ القَوامِ رشيقةٍ
جَيْداءَ خجَّلتِ الغزالَ العاطيا

ترنو اليَّ بمقلةٍ مُرتاعةٍ
حَذَرَ الرقيبِ فلا عَدِمْتُ الرانيا

يا منزلاً بينَ العُذَيْبِ وحاجرٍ
حُوشيتَ أن ألْفَى لعهدِكَ ناسيا

فسقَى رياضَكَ مِلْعِهادِ سحائبٌ
تَتْرَى عليهِ بَواكراً وسَواريا

وسقَى زمانَكَ مِنْ دموعي صيَّبٌ
أمسى على ما فاتَ منه هاميا

زمناً عَهِدْتُ بهِ الزمانَ قشيبةً
أبرادُهُ والدهرُ غِرّاً لاهيا

جَذِلاً ركضتُ بهِ جوادَ شبيبتي
وسحبتُ مِنْ مَرَحٍ عليهِ رِدائيا

أقسمتُ ما لمعتْ بوارقُ مزنةٍ
اِلاّ عَقَدْتُ بهنَّ طرفاً كاليا

سهرانَ قد رفضَ الرقادَ وباتَ
مِنْحُرَقِ الصبابةِ للبوارقِ راعيا

أذكَرْنَهُ ومضَ المباسمِ في الدجى
بوميضِها فأَسالَ دمعاً جاريا

ما للفراقِ بينهنَّ يروعُني
فأبيتُ مسجورُ الجوانحِ عانيا

أَأُراعُ منه وما شَحَذْتُ عزيمَتي
اِلاّ وفلَّلتُ السيوفَ مواضيا

مِنْ مرهفاتِ الهندِ غيرِ كليلةٍ
طُبِعَتْ قواضبَ فانثنينَ قواضيا

والعيسُ في أعطانِهنَّ بواركاً
تُدني مناسِمُها المحلَّ النائيا

تجتابُ خرقاً بالرياحِ مُخَرَّقاً
ويبيدُ بيداً سيرُها وفيافيا

تنصاعُ مِنْ خوفِ السياطِ كأنَّما
خالتْ على أعجازهنَّ أفاعيا

تنحو بيَ البلدَ البعيدَ مزارُهُ
وخداً فًتُرْجِعُهُ قريباً دانيا

يا ظبيةَ الوادي نداءَ مولَّهٍ
ناداكِ مِنْ ألمِ التفرُّقِ شاكيا

قد كانَ يكفيني هواكِ فما الذي
جلبَ البعادَ ومَنْ أباحَ جفائيا

أصبحتُ أسألُ عنكِ برقاً لامعاً
يبدو كحاشيةِ الرداءِ يمانيا

لا شيءَ أقتلُ مِنْ تباريحِ الهوى
للمستهامِ إذا رَجَعْنَ أمانيا

خُدَعٌ وعوُدكِ بالوصالِ وقاتلٌ
لبّانُها لو كانَ قلبي واعيا

أَأَرومُ وصلكِ بعدَما زجرَ النُّهَى
عنه طماعِيَتي وكفَّ غراميا

مالي ووصلِ الغانياتِ وقد بدا
منهنَّ ما قد كانَ قِدْماً خافيا

كلاّ رجعتُ عنِ الغَوايةِ والهَوَى
أَنِفاً لقد جذبَ العفافُ زمانيا

ورفضتُ أياماً بهنَّ تصرَّمَتْ
ومآربا قَضَّيتُها ولياليا


الملك الامجد

الحمدان
07-13-2024, 07:00 PM
دعِ العيسَ تَرْفُلُ في الفَدْفَدِ
عِجالاً إلى بُرْقَتَي تَهْمَدِ

أيانِقُ تقطعُ عَرْضَ الفلا
صَوادٍ إلى الأمدِ الأبعدِ

سِواهمِ تهدي إلى حاجرٍ
اِذا ضلَّتِ الاِبْلُ عن مَقْصَدِ

فكم بازلٍ حينَ لاحَ السرابُ
وحنَّ إلى بحرِه المُزْبِدِ

وأعمَلَ يأتمُّهُ كالظليمِ
حثيثاً فعادَ بِلا مَوْرِدِ

اِذا لمعَ البرقُ مِن أرضِها
وأومضَ كالقَبَسِ المُوقَدِ

طربتُ كأنّي نزيفٌ سَقَوْهُ
سُلافَةَ غُمدانَ أو صَرْخَدِ

فللّهِ قلبيَ قبلَ الهوى
لقد كانَ كالصخرةِ الجَلْمَدِ

ولكنَّه الوجدُ ما للقلوبِ
بهِ مِن قَبيلٍ ولا مِن يَدِ

سلامٌ على بانةِ المازِمَيْنِ
سَلامُ شَجٍ بالجوَى مُفْرَدِ

فهاتيكَ أوَّلُ أرضٍ بها
عَرَفْتُ هوى العُرُبِ النُّهَّدِ

منازلُ غيدٍ حِسانِ الوجوهِ
عَقائلَ شِبْه الدُّمى خُرَّدِ

فلا زالَ يسقي ثراها العِهادُ
دِراكاً على ذلكَ المعهدِ

واِنْ أنفدَ القطرُ تَسكابَهُ
فدِيمةُ جفنيَّ لم تَنْفَدِ

سأسفحُها أربَعاً لا تغيضُ
على سُفْعِ أحجارِها الركَّدِ

كأنَّ دموعيَ في تُربِها
تَحَدَّرُ مِن ناظرٍ أَرْمَدِ

أما وهوًى بِتُّ مِن حَرَّه
أُراعي غراماً سنا الفَرْقَدِ

وزفرةِ صدرٍ غداةَ النوى
وقد قوَّضَ الحيُّ لم تَبْرُدِ

لقد حلَّ بي مِن نواهنَّ ما
يَهُدُّ الشوامخَ مِن ضَرْغَدِ

ومذْ بانَ عن حاجرٍ حُورُه
خَفِيتُ سقاماً عنِ العوَّدِ

فيا عينُ كم تألفينَ السُّهادَ
أحتماً على الوجدِ أن تسهدي

ويا طَيْفَهُنًّ إذا ما هَجَعْتُ
بحقَّكَ زُرني بِلا موعدِ

فليتَ الحبائبَ لما ظَعَنَّ
ودّعتني بالبنانِ النَّدي

خليليَّ لولا الهوى والنوى
لما قلتُهل ليَ مِن مُنْجِدِ

ولا كنتُ لولاهما ضَلَّةًً
أديمُ سَنا البارقِ المنجدِ

ولولا ولوعي بِسكّانها
وهبتُ التغزُّلَ للمجتدي

فما أنا مِمَّنْ يرى صوغَهُ
عطاءً مِنَ الزمنِ الأنكَدِ

ولا أشتهيِهِ إذا حكتُهُ
يمرُّ على شفةِ المنشدِ

واِنْ كانَ يَعْبَقُ مِن حسنِه
دلالاً بجيدِ الطَّلا الأجْيَدِ

اِذا ما القريضُ مشى في
الحضيضِ تطلَّعَ مِن شاهقٍ أقوَدِ


الملك الامجد

الحمدان
07-13-2024, 07:01 PM
يميناً لقد بالغتَ يا خِلَّ في العذلِ
وما هكذا فِعْلَ الأخلاءِ بالخِلَّ

اِذا أنتَ لم تُسعِدْ خليلكَ في الهوى
فَذَرْهُ لقد أمسى عنِ العَذْلِ في شُغْلِ

فلا تحسبنَّ العذلَ يُذهِبُ وجدَه
فلومُكَ بالمحبوبِ يُغري ولا يُسلي

وما كنتُ مِمَّنْ يُذهِبُ الوجدُ حزمَه
لعمرُكَ لولا أسهُم الأعينِ النُّجلِ

ولا كنتُ مِمَّنْ يشتكي جُمْلَةَ الهوى
وتفصيلَهُ لولا أليمُ هوى جُمْلِ

فمَنْ لمشوقٍ دمعُهُ بعدَما نأتْ
مُذالٌ على الأطلالِ يسفحُ كالوَبْلِ

يُسَقّي دياراً طالما عرصاتُها
تشكَّتْ اليه ما تُعانيهِ مِن مَحْلِ

تناءَى بهِ عن أربُعِ الجِزعِ أهوجٌ
يُباري الرياحَ الهوجَ في الحَزْنِ والسهلِ

يخوضُ الدجى والقفرَ لا يعرفُ الوَجا
اِذا ما اشتكاه العيسُ في لاحبِ السُّبلِ

وينصاعُ في ثِني الزمامِ كأنَّه
يحاذِرُ صلاً منه أو نهشةَ الصَّلِ

واِنْ أسدلَ الليلُ البهيمُ ستورَه
سَرَى عَنَقاً في البيدِ يَعْسِلُ كالطَّملِ

اِذا رامتِ البزلُ الصَّعابُ لحاقَه
وقد ذرعَ الموماةَ أعيا على البزلِ

فترجِعُ دونَ القصدِ وهي طلائحٌ
سواهمَ مثلَ الجِذْلِ تنفخُ في الجُدْلِ

فهل يُبْلِغَنَّي دار هندٍ واِنْ نأتْ
وأصبحَ منها الوصلُ منصرِمَ الحبلِ

لئن جئتُها مِن بَعْدِ بُعْدٍ فظهرُه
حرامٌ على الكُورِ المبرَّحِ والرَّحْلِ

فما ذكرتْها النفسُ إلا تحدَّرتْ
مدامعُ تُغني الأرضَ عن ساجمِ الهَطْلِ

تجودُ عليها بالعشيَّ وبالضحى
فتزهو بمخضرًّ مِنَ النبتِ مُخضلَّ


الملك الامجد

الحمدان
07-13-2024, 07:01 PM
أمِنْ مرمًى بعيدِ القفرِ شاسعْ
رَجَعْتَ وأنتَ دامي الجفنِ دامعْ

علامَ وأنتَ ذو وجدٍ وحزمٍ
يراكَ الخرقُ منه وأنت زامعْ

أَثِرْها كالهِضابِ هِضابِ رضَوى
تؤمُّ بكَ المنازلَ والمرابعْ

تَحِنُّ إذا رأتْ بالغورِ برقاً
بدا في حِندسِ الظلماءِ لامعْ

نجائبُ ترتمي في البيدِ بُدْناً
يَطِسْنَ إلى معالِمها اليرامِعْ

فَتُسْئدُ كالنَقانِقِ في مَوامٍ
ترى فيها ضليعَ النُّجبِ ظالعْ

نجائبُ دأْبُها في كلَّ مَرْتٍ
تشقُّ طلائحاً بحرَ اليلامعْ

اِذا ما رجَّعَ الحادي تهاوتْ
على ترجيعِهِ خُوصاً خواضعْ

تُهَيَّمُها الحداةُ على وَجاها
فتنتهِبُ الأباطحَ والأجارِعْ

تجاذبُ أو تجانبُ في مداها
الى المرمى الأزمَّةَ والمشارِعْ

تؤمُّ منازلاً قد كانَ فيها الشبابُ
الى الحِسانِ البيضِ شافعْ

لياليَ كانَ برقُ الثغرِ يُبدى
لشائمهِ مِنَ القُبَلِ المواقعْ

فيا ربعَ الأحبَّةِ طالَ عهدي
بظبيٍ كانَ في مغناكَ راتعْ

تناءى بعدَ ذاكَ القربِ عنّي
وأصبحَ بعدَ ذاكَ الوصلِ قاطعْ

سَقَى أيامَه الغرَّ المواضي
هزيمٌ مِن جفونِ الصبَّ هامعْ

فهل مِن بعدِما قد بانَ عنّي
أرى زمنَ التداني وهو راجعْ

يؤرَّقُ ناظري كَلَفاً ووَجْداً
هديلٌ باتَ في الباناتِ ساجعْ

تَوَقَّلَ فوقهنَّ فناحَ شجواً
وباحَ فخِلْتُهنَّ له صوامِعْ

وغرَّدَ شاكياً حتى كأنّي
شكوتُ اليهِ ما التفريقُ صانعْ


الملك الامجد

الحمدان
07-13-2024, 07:02 PM
وفيتُ لِمَنْ أُحبُّهُمُ فخانوا
وبانتْ راحتي اِبّانَ بانوا

وأجريتُ الدموعَ يَحارُ منها
عقيقاً في الخدودِ الاُرّجُوانُ

فليتهمُ وقد نزحوا دموعي
رثوا لأليمِ ما ألقى ولا نوا

وما مِنْ حقَّ دمعي وهو عِدٌّ
يُضاعُ على التباعدِ أو يُهانُ

فأيُّ مدامعٍ مِنْ بعدِ دمعي
تُكَرَّمُ في المحبَّةِ أو تُصانُ

وأوجعُ مِن بكاني كلَّ وقتٍ
وقوفي في المنازلِ حيث كانوا

لقد غدروا بذي عهدٍ متينٍ
تَنَزَّهَ أن يُغَيرَهُ الزمانُ

تعَّودَ أن يُراعوه قديماً
وقد زانَ الشبابَ العُنْفُوانُ

وحالوُا عن ودادِهمُ ومالوا
وكلُّ محبَّةٍ فلها أوانُ

تكدَّرَ صفوُ ذاكَ العيشِ لمّا
تناءَتْ عنّي العُرُبُ الحِسانُ

لقد وكَّلْنَ بالعبراتِ طرفاً
اِذا سكَّنتُه خَفَقَ الجَنان

حمتُهنَّ الُكماةُ الشُّوسُ حفت
بأظعنهِنَّ والسُّمْرُ اللِّدانُ

حبائبُ مذهجرنَفد معُ عيني
نشيرَُمثلما انتشرَ الُجمانُ

يَغارُ إذا مشينَ ومِلنَ تبهاَ
على سَرَقِ الحريرِ الخَيْزُرانُ


الملك الامجد

الحمدان
07-13-2024, 07:03 PM
حَيَّ عنّي مُنحني الوادي وأثلَه
ورُبَى سَلْعٍ على النأي ورَمْلَهْ

فبه ملعبُ أنسٍ صرتُ مذْ
بانَ أهلوه مِنَ التبريح مُثْلَه

لا عدا بانَ اللَّوى مِن أدمعي
صيَّبٌ يسقيهِ مِن جفني ونَخْلَه

فلكمْ لي في ظلالِ البانِ مِن
موقفٍ بكَّيتُهُ وجداً وأهلَه

ولكمْ لي نحوَ سكانِ الحِمى
مِن حنينٍ كلَّما استغشيتُ ظِلَّه

حنَّةٌ أُعقِبُها مِن أَلَمٍ
أنَّةً لو أنّها تنقعُ غُلَّه

كيف أرجو راحةً مِن بعدِما
سدَّدَ التفريقُ نحوَ القلبِ نَصلَه

أو أُرى بعدَهمُ مبتسماَ
جَذِلاً والبينُ قد ازمعَ رحلَه

فوَّقَ البينُ اليهمْ سهمَهُ
ليتَه كفَّ عنِ الأحبابِ نَبْلَه

فكأنَّي بأُهيلِ المُنحنى
للنوى والبينِ قد شَدُّوا الأكِلَّهْ

لم يُبَقَّ الهجرُ لي مِن أدمُعي
لِودَاعِ القومِ والتفريقُ فَضْلَه

أيُّ صبرٍ يومَ تنأَى بهمُ
عيسُهمْ ينأَى عنِ الصبَّ المولَّه

أينُقٌ كم ذرعتْ مَرْتاً وكم
قطعتْ حَزْنَ الفلا وخداً وسَهْلَه

تَتهادى في البُرى مُرقِلَةً
كالحنايا تنهبُ الخرقَ وهَجْلَه

عُقِرَتْ كم مِن فلاةٍ جبتُها
بعدَها فوقَ شِمِلًّ أو شِمِله

ليس يثنيها زمامٌ كلَّما
جاذبتينهِ ولا ترهبُ صَلَّه

ترتمي كالهيَْقِ بي معنِقَةً
فوقَها حِدْنُ سِفارٍ لنْ يَملَّه

كلَّما أومضَ برقٌ خالَه
ثغرَ سلمَى حينَ حيَّتْه بِقُبْلَه

بارقٌ كالسيفِ أمضى مُصْلَتاً
يتراءَى أسهرَ المضنَى المُدَلَّه

ذكرَ العهُدَ بهِ لمّا انتضَى
سيفَهُ في حِندسِ الليلِ وسَلَّه

ورضَابٍ شَبِمٍ مُنَّيتُه
منه بعدَ البينِ في أيسرِ نَهْلَه

خَصِرٍ بُغْيَتُه في وِرْدِه
حبَّذاهُ منعَ التَّرحالُ عَلَّه

فعسى يُنقِذُه البعدُ وقد
ذاقَ منه ما كفاه ولعلَّه

اِنْ يمتْ مِن فرطِ وجدٍ وهوىً
هذه سنَّةُ أهلِ الحبَّ قبلَه

مغرمٌ يسأَلُ ربعاً دائراً
قد محاهُ دمعُهُ إلا أقلَّه

لا تلُمْهُ في غرامٍ نالَهُ
فخليلُ المرِء مَنْ أنجدَ خِلَّه

أَتُرَجَّي طمعاً أن يهتدي
في دجى الحبَّ مَنِ الشوقُ أضلَّه

ما سرتْ ريحُ الصَّبا مِن نشرِها
نحوَه إلا وقد راجعَ خبلَه

تنتجيهِ بحديثٍ حَس
أحسنتْ عن ظبيةِ الوعساءِ نقلَه

يا نسيماً هبَّ مِن روضِ الِحمى
حَيَّ مَنْ بانَ عنِ الجِزعِ وحلَّه

عثرَ الدهرُ بهِ بعدَهمُ
ليته قالَ وقد زلَّ لعاً لَه

غدروا مِن بعدِ عهدٍ أحكموا
عقدَهُ كيف تولَّى البعدُ حلَّه

شيمةٌ للدهرِ لا أُنكِرُها
عُرِفَتْ منه فما أجهَلُ فِعْلَه

كم دمٍ راحَ جُباراً في الهوى
عندَهُ أجراهُ في الوجدِ وطلَّه

هوَّنَ الحبَّ على أربابِهِ
فلكم يصحَبُ للعشّاقِ ابلَه

اِبِلاً ذَلَّلَها قهراً فكمْ
فوقَها للمتطَيها مِن مَذَلَّه

فسقَى الله على علاتِهِ
زمنَ الوصلِ حَيا الدمعِ ووَبْلَه


الملك الامجد

الحمدان
07-13-2024, 07:03 PM
لاترضَ وجدَكَ في أهلِ الهوى وَسَطا
فأعْذَبُ الحبِّ ما غالبتَهُ وسَطا

وجدٌ تركتُ عِتاقَ النُّجبِ لاغبهً
لأجلهِ تقطع الِغيطانَ والغُوَطا

نأَى الخليطُ ولولا البينُ لم يَزُرِ
المشيبُ رأسي ولوا الهجرُ ما وَخَطَا

أشتاقُ دارَهمُ والدارُ جامعةٌ
أيامَ كنتُ بطيبِ الوصلِ مُغتَبِطا

سقَى الديارَ حَيا عينيَّ مُبجِساً
يَروي المنازلَ والالأفَ والخُلَطا

كانوا فبانواكأنَّ الدهرَ عاندَني
عليهمُأو بجمعِ الشملِ قد غَلِطا

هاتيكَ دارُهمُ يا ناقتي فَخِدي
كالهَيْقِ لا قَصُرَتْ في البيدِ منكِ خُطا

شَكَتْ وَجاها فلولا صحبةٌ سبقتْ
تركتُها فوقَ أعناقِ الحُداةِ تَطا

مازلتُ بعدَهمُ بالصبرِ معتصماً
اِنَّ اللبيبَ غدا بالصبرِ مُرتبِطا

عَدِمْتُ مذ نزحوا نومي فلا عَجَبٌ
اِنْ شَطَّ نوميَ أو أن سامني شَطَطا

هنَّ الغواني يُهيِّجنَ الشجونَ اِذا
سحبنَ مِن فوقِ وجهِ الروضةِ الرِّبطا

هَيَّمنني فاذلتُ الدمعَ مِنَ وَلَهٍ
وكم نَضا الدمعُ سِتراً للهوى وغِطا

ما كنتُ أوَّلَ مَنْ لم يُعْطَ مأرُبَةً
في وجدِهِ أن أهواءَ النفوسِ عَطا

حَظٌّ تنوَّلَه واِنْ قَرُبَ المزار ما
بين من يهوون أو شحِطا

فلستُ مِمَّنْ بِعادُ الدهرِ يُسخِطُه
اِنَّ الأكارمَ لم يَستَحسِنوا السَّخَطا


الملك الامجد

الحمدان
07-13-2024, 07:04 PM
دعني مِنَ العذلِ يا مَنْ باتَ يلحاني
فليس عذلُكَ مِن دأْبي ولا شاني

هيهاتَ يسمعُ منكَ العذلَ مكتئبٌ
مقسمٌ بينَ أفكارٍ وأشجانِ

القلبُ قلبي إذا ما شفَّني وَلَهٌ
والدمعُ دمعيَ والأحزانُ أحزاني

ما كنتُ لولا بِعادُ الحيَّ ذا جَزَعٍ
أَذري الدموعَ على نُؤْي وأوطانِ

بانَ الأحبَّةُ عن تلكَ الديارِ فقد
وزَّعتُه بينَ أطلالٍ وخُلانِ

مَرادُ لهوِ الصَّبا أقوتْ معالِمُه
بعدَ النضارةِ مِن أهلٍ وجيرانِ

ما كنتُ لولا النوى والبينُ أسأل
أطلالاً عفتْ من أحبّاءٍ وسكّانِ

لولاكِ يا ظبيةَ الوعساءِ لم أجُبِ
الظلامَ بينَ أهاضيبٍ وكثبانِ

ولا تركتُ المطايا في أزِمَّتِها
تحكي الأزمَّةَ في بيدٍ وغيظانِ

تَخُبُّ في الهَجْلِ كالارسانِ معنِقةً
مِن فوقِهنَّ مهازيلٌ كأرسانِ

أضناهمُ الوجدُ والاِرقالُ فوق مَطا
المطيَّ يا بؤسَ أجمالٍ وركبانِ

جفوا لذيذَ الحشايا في غوارِبها
فبدَّلوها بأحلاسٍ وكيرانِ

مالي وللريحِ بعدَ البعدِ ما نفحتْ
عليَّ بالطيبِ من نُعمٍ ونُعمانِ

مرَّتْ عليه وقد جرَّتْ ذلاذِلَها
فطابَ ما فيه مِن شيحٍ وحَوْذانِ

قد كنتُ أعهدُها عنها تُخَبَّرُني
بما أُحِبُّ وبالأسرارِ تلقاني

عَرْفٌ عَرَفْتُ به الأرواحَ تُتحَفُني
عن مُنحنى الجِزعِ أو عن ظبيةِ البانِ

طالَ الزمانُ فهبَّت بعدَ آونةٍ
نحوي فأنكرتُها مِن بعدِ عِرفاني

حالَ التفرُّقُ ما بيني وبينَهمُ
والموتُ والبعدُ بعدَ القربِ سِيّانِ

سقَى زمانَ التداني كلُّ مُنبعِقٍ
مُتْعَنْجرِ الودَقِ هامي المزنِ هتّانِ

أوقاتُ لهوٍ حميداتٌ سَعِدْتُ بها
بفاترِ الجفنِ ساجي اللحظِ فتّانِ

نأى فأدناهُ منّي الذكرُ حينَ نأى
نفسي الفداُ لذاكَ النازحِ الداني

صفا بهِ العيشُ حيناً ثمَّ كدَّره
بِعادُه عن محبًّ صبرُه فاني

فعادَ لمّا تمادَى البعدُ وانفصمتْ
عُرى الوصالِ بقلبٍ منه حرّانِ

قد كانَ يَسكَرُ مِن ريقٍ له عَطِرٍ
وقهوةٍ بينَ ناياتٍ وعيدانِ

فهل يُفيقُ فتىً يُمسي ويُصبحُ بينَ
العاشقينَ له في الوجدِ سُكرانِ

مشرَّدُ النومِ أجرى البينُ أدمعه
كأنّما فاضَ مِن عينيهِ عينانِ

يبكي إذا غرَّدتْ ورقاءُ مِن طربٍ
قبلَ الصباحِ على أعطافِ أغصانِ

تَهِيجُ بالنوحِ أشجاناً محرَّقةً
لقلبِ صبًّ إلى الحنّانِ حنّانِ

باتتْ تؤجَّجُ بالتغريدِ نارَ هوىً
تضرَّمتْ في فؤاد المغرمِ العاني

للهِ ماذا على الباناتِ يُذْكِرُني
الأهواءَ مِن طيبِ أسجاعٍ وألحانِ


الملك الامجد

الحمدان
07-13-2024, 07:04 PM
برقٌ تألَّق مِن تِهامَه
صَدَعَ القلوبَ المُستهامَهْ

تصبو اليه إذا بدا
يهتزُّ في ذيلِ الغمامَهْ

يبدو ويخبو تارةً
كالسيفِ أغمدَهُ وشامَه

بَكَرَ العذولُ يلومُ
صَبّاً ليس تثنيه الملامَه

ما للمحبِّ وللملامِ
لقد نضا عنه لِثامَه

مِن أين يسمعُه عزيم
هوًى أطال بهِ غرامَه

يهوَى لُمَى ظبي الصريمِ
فهل يَرى يوماً لمامَه

مازالَ يسألُ أو يرومُ
عن النقا أو ريمِ رامَه

ألهتْهُ حمرَةٌ ريقِهِ
في الحبِّ عن شربِ المُدامَه

عَطِرٌ تأرَّجَ عَرْفُه
كالمِسكِ تَسلُبهُ خِتامَه

ملَكَ الغرامُ عِنانَه
واقتادَ للبلوى زِمامَه

وأذلَّهُ مِن بعدِ عِزّ
كانَ لا يخشى انفصامَه

فأضاعَهُ مَنْ كانَ
يأمُلُ أنَّه يرعى ذِمامَه

والحبُّ ما منعَ البليغ
على بلاغتِهِ كلامَه

يلقى الحبيبَ فما يُطيقُ
إليه أن يشكو اهتِضامَه

ما أومضَ البرقُ اللموعُ
على رُبا نجدٍ فشامَهْ

اِلاّ وذكَّرَهُ مِنَ
المحبوبِ في الليلِ ابتسامَه

ما زارهَ كالبدرِ تجلو
منه غرَّتُه ظلامَه

اِلاّ وحيّاهُ محيّاهُ
بما روّى اُوامَه

يا راكباً يفلي الفلا
مِن فوقٍ أعيسَ كالنعامَه

ذرعَ القفازٌ وقد أطار
الاْينُ في المرمى لُغامَه

كالسهمِ في الخرقِ القصيِّ
يكادُ أن يشأى سَمامَه

مِن فوقهِ كَلِفٌُ يحنُّ
إذا تغرَّدتِ الحمامَه

ما غرَّدتْ إلا وعاودَ
مِن تذكُّرِه هُيامَه

باللهِ أن جئتَ الحِمى
ورأيتَ عن بعدٍ خيامَه

بلِّغْ أُغيلمَةً بهنَّ
إذا مررتَ بها سلامَه

عن مغرمٍ دَنِفٍ بَرَى
تَذكارُ قربهمُ عظامَه

ماهبَّ مِن روضِ الحمى
اِلاّ وأذكرنَي بَشامَه

يسري بريحِ ثُمامهِ
سقَّى حيا جفني ثُمامَه


الملك الامجد

الحمدان
07-13-2024, 07:05 PM
ليبجحِ الدهرُ لمّا ردَّني جَزِعاً
وكنتُ جَلْداً على احداثهِ مَصِعا

لا أستكينُ إذا ما الخَطْبُ فاجأَني
ولا ألينُ إذا مكروهُهُ صَدَعا

أُريهِ منّي إذا ما هاجَني أسداً
صعبَ العريكةِ لللأْواءِ ما خَضَعا

حتى رماني بما لو أن أيسرَه
يُرمى به البدرُ ما وافىَ ولا طَلَعا

بفادحٍ مِن خطوبِ الدهرِ أوقفني
في موقفٍ لذتُ فيه بالبكا ضَرِعا

وهلانَ ولهانَ ما أنفكُ منتحباً
مِن فرقةٍ أورثَتْني الهمَّ والهَلَعا

لمّا تسدَّدَ سهمُ الموتِ منتحياً
قومي ولم يرمِ عن قوسٍ ولا نَزَعا

أعادَني وربوعُ الأُنسِ خاليةٌ
فيهنَّ أسكبُ دمعاً قلما نقعا

تجودُ عينايَ فيها بالبكاءِ أسىً
بوبلِ دمعٍ غليلَ الحُزْنِ ما نَقَعا

جنبٌ جفا بعد أن بانوا
حشيَّتَهُ وبعدَما جرَّعوه دمعَه جُرَعا

وناظِرٌ بعدَما ولَّى أحِبَّتُه
لم يَطْعَمِ الغُمْضَ مِن حزنٍ ولا هَجَعا

عهدي به وزمانُ الوصلِ ملتئمٌ
جذلاَنُ ما عرفَ البلوى ولا دَمَعا

واليومَ يسفحُ فيها الدمعَ مِن حُرَقٍ
على زمانِهمُ يا ليتَه رَجَعا

يبكي الديارَوهل يشفي أخا كَمَدٍ
دمعٌ تَدافعَ في أرجائها دُفَعا

كأنَّما كانَ ذاكَ العيشُ في سِنَةٍ
رأيتُه وغرابُ البينِ ما وَقَعا

صاحَ الغرابُ بمَنْ فيهنَّ فابتدروا
الى الَمنونِ عِجالاً نحوهِ شَيعا

كأنَّما لم يكنْ في الناسِ غيرُهمٌ
خَلْقٌ يُجيبُ إذا داعي المماتِ دَعا

عَجِبْتُ منَّي ومِن قلبي وقد رحلوا
لامُتُّ بعدَهمُ همَّاً ولا انصَدَعا

هذا فؤادُ أراني فضلَ قسوَتِه
لا كنتُ أن لم اُعِدْهُ للنوى مِزَعا

لِمْ لا تَقَطَّعُ بعدَ البينِ مِن حَزَنٍ
حتى تحدَّرَ مِن أهوالِه قِطَعا

في كلِّ يومٍ أرى في التُّربِ مُتكَأً
لِمَنْ أَوَدُّ وفي الأجداثِ مُضطَجَعا

ماذا جزاؤهمُ منّي اعاينهمْ
صَرْعَى ولم أقضِ اِشفاقاً ولا جَزَعا

ليس البكاءْ واِنْ أكثرتُ يُقنِعُني
ما يعرفُ الفقدَ والحزانَ مَنْ قَنِعا

ابيتُ مِن ذكرِ ما قد نالني قَلِقاً
حتى يقولَ الخليُّ القلبِقد لُسِعا

قد كانَ عوَّدَني دهري إذا عثرتْ
رجلي سريعاَ بأنْ ينتاشَني بِلَعا

فكيفَ نكَّبَ عنّي عِطفَه حَنَقاً
كأنَّه ما راى حُزني ولا سَمِعا

يا أمتّاهُ وكم في الناسِ من رجلٍ
مِثلي يكابدُ مِن أحزانهِ وَجَعا

مرزءٍ ذاقَ طعمَ الثُّكلِ منذَهِلٍ
مثلي تجرَّعَ منه الصَّابَ والسَّلعا

لولاهمُ لقتلتُ النفسَ مِن شَجَنٍ
عليكِ أو لذممتُ الأزلمَ الجَذَعا

سقى ضريحكِ مِن عينَّي منبجِسٌ
اِنْ أمسكَ القَطرُ عن تَسكابهِ هَمَعا

فِانَّ دمعي بسُقيا تربِه قَمِنٌ
سَقَى زمانكِ هَطّالُ الحيا ورَعَى

دمعٌ يفيضُ وأحشاءٌ مُقَلْقَلَةٌ
اِذا الحمامُ على بانِ النقا سَجَعا

آليتُ ما هتفتْ ورقاءُ في فَنَنٍ
ولا تأَلَّقَ برقُ المزنِ أو لَمَعا

اِلاّ ذكرتُ زماناً كانَ يجمعُنا
والدهرُ بالأهلِ والأُلاّفِ ما وَلَعا

فهل أُرجيَّ لعيشٍ فاتَ فارِطُه
مِن بعدِ ما ذهبَ الحبابُ مُرتجَعا

هيهاتَ لم يبقَ إلا الحزنُ بعدَهمُ
يزيدُني فرطَ همًّ كلَّما شَسَعا


الملك الامجد

الحمدان
07-13-2024, 07:05 PM
أعيا العواذلَ ما عندي مِنَ الَكلَفِ
فيا خيولَهمُ دونَ المرامِ قِفي

يكلِّفُ القلبَ غيرَ عادتِه
مِنَ السلوِّ فوا لهفي مِنَ الُكَلفِ

يا عاذليَّ وِانْ ردَّدْتُما عَذَلي
فليس يُغنيكما ما فيه مِنَ سَرَفِ

ما تحصلانِ على حالٍ يسُّركُما
مما تُجِدّانِ من لومٍ ومن عَنَفِ

ما ينفعُ العذلُ والاحبابُ قد رحلوا
عنمُنحني أجرَعِ الصَّمَّانِ والنَّجَفِ

كانَ الزمانُ بهمْ والعيشُ مبتهجٌ
حتى جَزَ عنَ رمالَ المهمهِ القَذَفِ

بانوا بكلِّ رداحٍ كالقضيبِ اِذا
ماستْ أغارتْ غصونَ البانِ بالهَيَفِ

تَظَلُّ ترتعُ عيني في محاسِنها
كأنَّما رَتَعَتْ في روضةٍ أُنُفِ

غراءُ بَهنانةٌ لمياءُ بَهْكَنَةٌ
تميلُ بينَ دَلالِ التَّيهِ والتَّرَفِ

كُفَّي لِحاظَكِ يا ذاتَ الوشاحِ فقد
أصبتِ منَّي مكانَ الوَجْدِ والشَّغَفِ

أصبتِ مني مكاناً أنتِ ساكنةٌ
فيه ومُسْتَوْطَنَ الأشواقِ والأسَفِ

لم تُغنِني السابريّات الدَلامُى وما
تَخِذْتُ مِن جُنَنٍ تَحمي ومِن حَجَفِ

ما زلتُ بالعهدِ قبلَ البينِ مُعْتَصِماً
فكيفَ بالعهدِ بعدَ البينِ ليس يَفِي

نأتْ فغيَّرها طولُ البِعادِ وما
رعتْ هوايَ ولا ودَّي ولا شَغَفي

اِذا ذكَّرتُ أوقاتي ولذَّتَها
بها ألوذُ بفضلِ الأدمُعِ الذُّرُفِ

يا أدمعي ن حدَّثي بعدَ الفراقِ بما
عندي ونُمَّي بأسرارِ الهوى وصِفي

قد كنتُ أكتُمُه والشملُ مؤتِلفٌ
واليومَ اصبحَ شملي غيرَ مؤتِلفِ

هل بعدَ أن بانَ أحبابي وبدَّلني
بُعدُ الحبائبِ ذاكَ القربَ بالشَّظَفِ

والعيسُ قد ثورَّت للبينِ حاملةً
تلكَ الهوادجَ في داجٍ مِنَ السَّدَفِ

يصونهنَّ عنِ الأبصارِ قاطبةً
وغيرُ بِدْعٍ حلولُ الدرَّ في الصَّدَفِ

يُعيدُهنَّ على رغمِ الرقيبِ كما
قد كنتُ أعهدُ وخدُ الأينقِ الخُنُفِ

تسري بكلَّ ربيطِ الجأْشِ مُدَّرِعٍ
عزماً أعادَ المطايا الخوصَ في كَنَفِ

كم فدفدٍ قَطَعَتْهُ وهي لاغِبةٌ
عُجْفٌ فللّهِ عزمُ اللُّغَّبِ والعُجُفِ

اِنْ فاتَها الوِردُ لم تَصْعَرْ اليهِ اِذا
تباعدَ المرتمى مِن شِدَّةِ الأَنَفِ

سارَ الأحبَّةُ عن أرجاِ كاظمةٍ
فكم طريحٍ على آثارِهمْ سَهِفِ

لو كانَ يومُ النوى والعيسُ سائرةٌ
وكلُّ صبَّ مِنَ التفريقِ في جَنَفِ

لم تلقَ غيرَ حشاً للبينِ مُضْطَرِبٍ
ومدمعٍ مِنْ اتيَّ الدمعِ مُغْترفِ

ومُدْنَفٍ ضَلَّ عنه الرشدُ حين نأى
عنه الخليطُ فمَنْ للهائمِ الدَّنِفِ

يُذكي صباباتِه تَذكارُ قربِهمُ
اِنَّ ادَّكارهمُ عونٌ على التَلَفِ

لم ينسَ لذةَ ما قد عُلَّ من شَنَبٍ
أحببْ بذلكَ مِن خمرٍ لمرتشفِ


الملك الامجد
العصر الايوبي

الحمدان
07-13-2024, 08:15 PM
أَكُلِّفتَ تَصعيدَ الحُدوجِ الرَوافِعِ
كَأَنَّ خَبالي بَعدَ بُرءٍ مُراجِعي

قِفا نَعرِفِ الرَبعَينِ بَينَ مُلَيحَةٍ
وَبُرقَةِ سُلمانينَ ذاتِ الأَجارِعِ

سَقى الغَيثُ سُلمانينَ وَالبُرَقَ العُلا
إِلى كُلِّ وادٍ مِن مُلَيحَةَ دافِعِ

أَرَجَّعتَ مِن عِرفانِ رَبعٍ كَأَنَّهُ
بَقِيَّةُ وَشمٍ في مُتونِ الأَشاجِعِ

مَتى أَنتَ مُهتاجٌ بِحِلمِكَ بَعدَما
وَصَلتَ بِهِ حَبلَ القَرينِ المُنازِعِ

إِذا ما رَجا الظَمآنُ وِردَ شَريعَةٍ
ضَرَبنَ حِبالَ المَوتِ دونَ الشَرائِعِ

إِذا قُلنَ لَيسَت لِلرِجالِ أَمانَةٌ
وَفَينا فَلَم نَنقُض عُهودَ الوَدائِعِ

سَقَينَ البَشامَ المِسكَ ثُمَّ رَشَفنَهُ
رَشيفَ الغُرَيرِيّاتِ ماءَ الوَقائِعِ

لَقَد هاجَ هاذا الشَوقُ عَيناً مَريضَةً
وَنَوحُ الحَمامِ الصادِحاتِ السَواجِعِ

فَذَكَّرنَ ذا الإِعوالِ وَالشَوقِ ذِكرَهُ
فَهَيَّجنَ ما بَينَ الحَشا وَالأَضالِعِ

أَلَم تَكُ قَد خَبَّرتَ إِن شَطَّتِ النَوى
بِأَنَّكَ يَوماً عِندَها غَيرُ جازِعِ

فَلَمّا اِستَقَلّوا كِدتَ تَهلِكُ حَسرَةً
وَراعَتكَ إِحدى المُفظِعاتِ الرَوائِعِ

سَمَت بِيَ مِن شَيبانَ أُمٌّ نَزيعَةٌ
كَذالِكَ ضَربُ المُنجِباتِ النَزائِعِ

فَلَمّا سَقَيتُ السُمَّ خِنزيرَ تَغلِبٍ
أَبا مالِكٍ جَدَّعتُ قَينَ الصَعاصِعِ

رَمَيتُ ذَوي الأَضغانَ حَتّى تَناذَروا
حِمايَ وَأَلقى قَوسَهُ كُلُّ نازِعِ

فَإِنّي بِكَيِّ الناظِرينِ كِلَيهِما
طَبيبٌ وَأَشفي مَن نَسا المُتَظالِعِ

إِذا ما اِستَضافَتني الهُمومُ قَرَيتُها
زِماعي وَلَيلَ الذامِلاتِ الهَوابِعِ

حَراجيجَ يُعلَفنَ الذَميلَ كَأَنَّها
مَعاطِفُ نَبعٍ أَو حَنِيُّ الشَراجِعِ

إِذا بَلَّغَ اللَهُ الخَليفَةَ لَم تُبَل
سِقاطَ الرَزايا مِن حَسيرٍ وَظالِعِ

سَمَونا إِلى بَحرِ البُحورِ وَلَم نَسِر
إِلى ثَمَدٍ مِن مُعرِضِ العَينِ قاطِعِ

تَؤُمُّ عِظامَ الجَمِّ عادِيَةَ الجَبا
عَلى الطُرُقِ المُستَورَداتِ المَهايِعِ

فَلَمّا اِلتَقى وَفدا مَعَدٍّ عَرَضتَهُم
بِسِجلَينِ مِن آذِيِّكَ المُتَدافِعِ

وَأَنتَ اِبنُ أَعياصٍ تَمَكَّنَ في الذُرى
وَأَنتَ اِبنُ سَيلِ الراسِياتِ الفَوارِعِ

عَلَوتَ مِنَ الأَعياصِ في مُتَمَنِّعٍ
مُقايَسَةً طالَت مِدادَ المُذارِعِ

فَلَمّا تَسَربَلتَ الخِلافَةَ أَقبَلَت
عَلَيكَ بِأَبوابِ الأُمورِ الجَوامِعِ

تَبَحبَحَ هَذا المُلكُ في مُستَقَرِّهِ
فَلَيسَ إِلى قَومٍ سِواكُم بِراجِعِ

وَضارَبتُمُ حَتّى شَفَيتُم مِنَ العَمى
قُلوباً وَحَتّى جازَ نَقشُ الطَوابِعِ

فَقَد سَرَّني أَن لا يَزالَ يَزيدُكُم
يَسيرُ بِأَمرِ الأُمَّةِ المُتَتابِعِ

أَتَتكَ قُرَيشٌ لاجِئينَ وَغَيرُهُم
إِلى كُلِّ دِفءٍ مِن جَناحِكَ واسِعِ

وَيَرجو أَميرَ المُؤمِنينَ وَسَيبَهُ
مَراضيعُ مِثلُ الريشِ سُفعُ المَدامِعِ


جرير

الحمدان
07-13-2024, 08:15 PM
مَتى ما اِلتَوى بِالظاعِنينَ نَزيعُ
فَلِلعَينِ غَربٌ وَالفُؤادِ صُدوعُ

وَلَيسَ زَمانٌ بِالكُمَيتَينِ راجِعاً
وَلَيسَ إِلى ذاكَ الزَمانِ رُجوعُ

وَقالوا لَهُ لا يولَعَنَّ بِكَ الهَوى
بَلى إِنَّ هاذا فَاِعلَمَنَّ وُلوعُ

لَيالِيَ لا سِرّي لَدَيهِنَّ شائِعٌ
وَلا أَنا لِلمُستَودَعاتِ مُضيعُ

أَبا مالِكٍ لا بُدَّ أَنّي قارِعٌ
لِعَظمِكَ إِنّي لِلعِظامِ قَروعُ

أَتَغضَبُ لَمّا ضَيَّعَ القَينُ عِرضَهُ
وَأَنتَ لِأُمٍّ دونَ ذاكَ مُضيعُ

أَصابَ قَرارَ اللُؤمِ في بَطنِ أُمِّهِ
وَراضَعَ ثَديَ اللُؤمِ فَهوَ رَضيعُ


جرير

الحمدان
07-13-2024, 08:16 PM
أَتَجعَلُ يا اِبنَ القَينِ أَولادَ دارِمٍ
كَشَيبانَ شَلَّت مِن يَدَيكَ الأَصابِعُ

وَأَينَ مَحَلُّ المَجدِ إِلّا عَلَيهِمُ
وَأَينَ النَدى إِلّا لَهُم وَالدَسائِعُ

فَما رَحَلَت شَيبانُ إِلّا رَأَيتَها
إِماماً وَإِلّا سائِرُ الناسِ تابِعُ

لَهُم يَومُ ذي قارٍ أَناخوا فَضارَبوا
كَتائِبَ كِسرى حينَ طارَ الوَشائِعُ

وَما راحَ فيها يَشكُرِيٌّ وَلا غَدا
لِذُهلٍ وَتَيمِ اللَهِ رَأسٌ مُشايِعُ


جرير

الحمدان
07-13-2024, 08:16 PM
أَواصِلٌ أَنتَ أُمَّ العَمروُ أَم تَدَعُ
أَم تَقطَعُ الحَبلَ مِنهُم مِثلَ ما قَطَعوا

تَمَّت جَمالاً وَديناً لَيسَ يَقرَبُها
قَسُّ النَصارى وَلا مِن هَمِّها البِيَعُ

مَن زائِرٌ زارَ لَم تَرجِع تَحِيَّتُهُ
ماذا الَّذي ضَرَّهُم لَو أَنَّهُم رَجَعوا

حَلَّأتِ ذا غُلَّةٍ هَيمانَ عَن شِرَعٍ
لَو شِئتِ رَوّى غَليلَ الهائِمِ الشَرَعُ

ما رَدُّكُم ذا لُباناتٍ بِحاجَتِهِ
قَد فاتَ يَومَئِذٍ مِن نَفسِهِ قِطَعُ

بَل حاجَةٌ لَكَ في الحَيِّ الَّذينَ غَدَوا
مَرّوا عَلى السِرِّ ذي الأَغيالِ فَاِجتَزَعوا

حَلّوا الأَجارِعَ مِن نَجدٍ وَما نَزَلوا
أَرضاً بِها يَنبُتُ النَيتونُ وَالسَلَعُ

باعَدتِ بِالوَصلِ إِلّا أَن يُجَرَّ لَنا
حَبلُ الشَموسِ فَلا يَأسٌ وَلا طَمَعُ

لا لَومَ إِذ لَجَّ في مَنعٍ أَقارِبُها
إِنَّ الفُؤادَ مَعَ الشَيءِ الَّذي مَنَعوا

ماذا تَذَكُّرُ وَصلٍ لَم يَكُن صَدَداً
أَم ما زِيارَةُ رَكبٍ قَلَّما هَجَعوا

قَرَّبتُ وَجناءَ لَم يَعقِد حَوالِبَها
طَيُّ الصِدارِ وَلَم يُرشَح لَها رُبَعُ

كَأَنَّها قارِحٌ طارَت عَقيقَتُهُ
يَرعى السَماوَةَ أَو طاوٍ بِهِ سَفَعُ

كانَ الَّذينَ هَجَوني مِن ضَلالَتِهِم
مِثلَ الفِراشِ وَحَرِّ النارِ إِذ يَقَعُ

أَصبَحتُ عِندَ وُلاةِ الناسِ أَثبَتَهُم
فُلجاً وَأَبعَدَهُم غَلواً إِذا نَزَعوا

لَولا الخَليفَةُ وَالقُرآنُ يَقرَءُهُ
ما قامَ لِلناسِ أَحكامٌ وَلا جُمَعُ

أَنتَ الأَمينُ أَمينُ اللَهِ لا سَرِفٌ
فيما وَليتَ وَلا هَيّابَةٌ وَرَعُ

مِثلُ المُهَنَّدِ لَم تُبهَر ضَريبَتُهُ
لَم يَغشَ غَربَيهِ تَفليلٌ وَلا طَبَعُ

واري الزِنادِ مِنَ الأَعياصِ في مَهَلٍ
فَالعالَمونَ لِما يَقضي بِهِ تَبَعُ

ما عَدَّ قَومٌ بِإِحسانٍ صَنيعَهُمُ
إِلّا صَنيعُكُمُ فَوقَ الَّذي صَنَعوا

أَنتَ المُبارَكُ يَهدي اللَهُ شيعَتَهُ
إِذا تَفَرَّقَتِ الأَهواءُ وَالشِيَعُ

فَكُلُّ أَمرٍ عَلى يُمنٍ أَمَرتَ بِهِ
فينا مُطاعٌ وَمَهما قُلتَ مُستَمتَعُ

أَدلَيتُ دَلوِيَ في الفُرّاطِ فَاِغتَرَفَت
في الماءِ فَضلٌ وَفي الأَعطانِ مُتَّسَعُ

إِنّي سَيَأتيكُمُ وَالدارُ نازِحَةٌ
شُكري وَحُسنُ ثَناءِ الوَفدِ إِن رَجَعوا

يا آلَ مَروانَ إِنَّ اللَهَ فَضَّلَكُم
فَضلاً عَظيماً عَلى مَن دينُهُ البِدَعُ

الجامِعينَ إِذا ما عُدَّ سَعيُهُمُ
جَمعَ الكِرامِ وَلا يوعَونَ ما جَمَعوا

تَلقى الرِجالَ إِذا ما خيفَ صَولَتُهُ
يَمشونَ هَوناً وَفي أَعناقِهِم خَضَعُ

فَإِن عَفَوتَ فَضَلتَ الناسَ عافِيَةً
وَإِن وَقَعتَ فَما وَقعٌ كَما تَقَعُ

ما كانَ دونَكَ مِن مَقصىً لِحاجَتِنا
وَلا وَراءَكَ لِلحاجاتِ مُطَّلَعُ

إِنَّ البَرِيَّةَ تَرضى ما رَضيتَ لَها
إِن سِرتَ ساروا وَإِن قُلتَ اِربَعوا رَبَعوا


جرير

الحمدان
07-13-2024, 08:18 PM
لَيسَ زَمانٌ بِالكُمَيتَينِ راجِعاً
وَلَيسَ إِلى ذاكَ الزَمانِ رُجوعُ

لَيالِيَ لا سَرّي إِلَيهِنَّ شائِعُ
وَلا أَنتَ لِلمُستَودَعاتِ مُشيعُ

فَلَو أَنجَبَت أُمُّ الفَرَزدَقِ لَم يَعِب
فَوارِسَنا لا ماتَ وَهوَ جَميعُ

أَلا رُبَّما فَدّى بُكوراً فَوارِسي
بِأُمّيهِ مَلهوفُ الفُؤادِ مَروعُ

هُوَ النَخبَةُ الخَوّارُ ما دونَ قَلبِهِ
حِجابٌ وَلا حَولَ الفُؤادِ ضُلوعُ

أَصابَ قَرارَ اللُؤمِ في بَطنِ أُمِّهِ
وَراضَعَ ثَديَ اللُؤمِ وَهوَ رَضيعُ


جرير

الحمدان
07-13-2024, 08:19 PM
حَيّوا المَقامَ وَحَيّوا ساكِنَ الدارِ
ما كِدتَ تَعرِفُ إِلّا بَعدَ إِنكارِ

إِذا تَقادَمَ عَهدُ الحَيِّ هَيَّجَني
خَيالُ طَيِّبَةِ الأَردانِ مِعطارِ

لا يَأمَنَنَّ قَوِيٌّ نَقضَ مِرَّتِهِ
إِنّي أَرى الدَهرَ ذا نَقضٍ وَإِمرارِ

قَد أَطلُبُ الحاجَةَ القُصوى فَأَدرِكُها
وَلَستُ لِلجارَةِ الدُنيا بِزَوّارِ

إِلّا بِغُرٍّ مِنَ الشيزى مُكَلَّلَةٍ
يَجري السَديفُ عَلَيها المُربِعُ الواري

إِذا أَقولُ تَرَكتُ الجَهلَ هَيَّجَني
رَسمٌ بِذي البَيضِ أَو رَسمٌ بِدُوّارِ

تُمسي الرِياحُ بِهِ حَنّانَةً عُجُلاً
سَوفَ الرَوائِمِ بَوّاً بَينَ أَظآرِ

هَل بِالنَقيعَةِ ذاتِ السِدرِ مِن أَحَدٍ
أَو مَنبِتِ الشيحِ مِن رَوضاتِ أَعيارِ

سُقيتِ مِن سَبَلِ الجَوزاءِ غادِيَةً
وَكُلَّ واكِفَهِ السَعدَينِ مِدرارِ

قَد كُدتُ إِنَّ فُراقَ الحَيِّ يَشعَفُني
أَنسى عَزايَ وَأُبدي اليَومَ أَسراري

لَولا الحَياءُ لَهاجَ الشَوقَ مُختَشِعٌ
مِثلُ الحَمامَةِ مِن مُستَوقِدِ النارِ

لَمّا رَمَتني بِعَينِ الرَيمِ فَاِقتَتَلَت
قَلبي رَمَيتُ بِعَينِ الأَجدَلِ الضاري

مِلءُ العُيونِ جَمالاً ثُمَّ يونِقُني
لَحنٌ لَبيثٌ وَصَوتٌ غَيرُ خَوّارِ

قَومي تَميمٌ هُمُ القَومُ الَّذينَ هُمُ
يَنفونَ تَغلِبَ عَن بُحبوحَةِ الدارِ

النازِلونَ الحِمى لَم يُرعَ قَبلَهُمُ
وَالمانِعونَ بِلا حِلفٍ وَلا جارِ

ساقَتكَ خَيلي مِنَ الأَشرافِ مُعلِمَةً
حَتّى نَزَلتَ جَحيشاً غَيرَ مُختارِ

لَن تَستَطيعَ إِذا ما خِندِفٌ خَطَرَت
شُمَّ الجِبالِ وَلُجَّ المُزبِدِ الجاري

تَرمي خُزَيمَةُ مَن أَرمي وَيَغضَبُ لي
أَبناءُ مُرٍّ بَنو غَرّاءَ مِذكارِ

إِنَّ الَّذينَ اِجتَنَوا مَجداً وَمَكرُمَةً
تِلكُم قُرَيشِيَ وَالأَنصارُ أَنصاري

وَالحَيُّ قَيسٌ بِأَعلى المَجدِ مَنزِلَةً
فَاِستَكرَموا مِن فُروعٍ زَندُها واري

قَومي فَأَصلُهُمُ أَصلي وَفَرعُهمُ
فَرعي وَعَقدُهُمُ عَقدي وَإِمراري

مِنّا فَوارِسُ ذي بَهدى وَذي نَجَبٍ
وَالمُعلِمونَ صَباحاً يَومَ ذي قارِ

مُستَرعِفينَ بِجَزءٍ في أَوائِلِهِم
وَقَعنَبٍ وَحُماةٍ غَيرِ أَغمارِ

قَد غَلَّ في الغُلِّ بِسطاماً فَوارِسُنا
وَاِستَودَعوا نِعمَةً في آلِ حَجّارِ

ما أَوقَدَ الناسُ مِن نيرانِ مَكرُمَةٍ
إِلّا اِصطَلَينا وَكُنّا موقِدي النارِ

إِنّا لَنَبلو سُيوفاً غَيرَ مُحدَثَةٍ
في كُلِّ مُعتَقِدِ التاجَينِ جَبّارِ

إِنّي لَسَبّاقُ غاياتٍ أَفوزُ بِها
إِذاً أُطيلُ لَها شُغلي وَإِضميري

يا خُزرَ تَغلِبَ إِنّي قَد وَسَمتُكُمُ
عَلى الأُنوفِ وُسوماً ذاتَ أَحبارِ

لا تَفخَرُنَّ فَإِنَّ اللَهَ أَنزَلَكُم
يا خُزرَ تَغلِبَ دارَ الذُلِّ وَالعارِ

ما فيكُمُ حَكَمٌ تُرضى حُكومَتُهُ
لِلمُسلِمينَ وَلا مُستَشهَدٌ شاري

قَومٌ إِذا حاوَلوا حَجّاً لِبَيعَتِهِم
صَرّوا الفُلوسَ وَحَجّوا غَيرَ أَبرارِ

جِئني بِمِثلِ بَني بَدرٍ لِقَومِهِمُ
أَو مِثلِ أُسرَةِ مَنظورِ بنِ سَيّارِ

أَو مِثلِ آلِ زُهَيرٍ وَالقَنا قِصَدٌ
وَالخَيلُ في رَهَجٍ مِنها وَإِعصارِ

أَو عامِرِ بِن طُفَيلٍ في مُرَكَّبِهِ
أَو حارِثٍ يَومَ نادى القَومُ يا حارِ

أَو فارِسٍ كَشُرَيحٍ يَومَ تَحمِلُهُ
نَهدُ المَراكِلِ يَحمي عَورَةَ الجارِ

أَو آلِ شَمخٍ وَهَل في الناسِ مِثلُهُمُ
لِلمُعتَفينَ وَلا طُلّابِ أَوتارِ

نَبَّأتَ أَنَّكَ بِالخابورِ مُمتَنِعٌ
ثُمَّ اِنفَرَجتَ اِنفِراجاً بَعدَ إِقرارِ

قَد كانَ دوني مِنَ النيرانِ مُقتَبَسٌ
أَخزَيتَ قَومَكَ وَاِستَشعَلتَ مِن ناري

لَم تَدرِ أُمُّكَ ما الحُكمُ الَّذي حَكَمَت
إِذ مَسَّها سَكَرٌ مِن دَنِّها الضاري


جرير

الحمدان
07-13-2024, 08:19 PM
تَنعى النُعاةُ أَميرَ المُؤمِنينَ لَنا
يا خَيرَ مَن حَجَّ بَيتَ اللَهِ وَاِعتَمَرا

حُمِّلتَ أَمراً عَظيماً فَاِصطَبَرتَ لَهُ
وَقُمتَ فيهِ بِأَمرِ اللَهِ يا عُمَرا

فَالشَمسُ كاسِفَةٌ لَيسَت بِطالِعَةٍ
تَبكي عَلَيكَ نُجومَ اللَيلِ وَالقَمَرا


جرير

الحمدان
07-13-2024, 08:19 PM
زارَ القُبورَ أَبو مالِكٍ
فَكانَ كَأَلأَمِ زُوّارِها

سَتَبكي عَلَيهِ دَرومُ العِشاءِ
خَبيثٌ تَنَسُّمُ أَسحارِها

تَنوحُ بَناتُ أَبي مالِكٍ
بِبوقِ النَصارى وَمِزمارِها

لَقَد سَرَّني وَقعُ خَيلِ الهُذَيلِ
وَتَرغيمُ تَغلِبَ في دارِها

وَفاتَ الهُذَيلُ بَني تَغلِبٍ
وَجَحّافُ قَيسٍ بِأَوتارِها

تَحُضّونَ قَيساً وَلا تَصبِرونَ
لِزَبنِ الحُروبِ وَإِضرارِها


جرير

الحمدان
07-13-2024, 08:20 PM
يا عَينُ جودي بِدَمعٍ هاجَهُ الذِكَرُ
فَما لِدَمعِكَ بَعدَ اليَومِ مُدَّخَرُ

إِنَّ الخَليفَةَ قَد وارى شَمائِلَهُ
غَبراءُ مَلحودَةٌ في جولِها زَوَرُ

أَمسى بَنوها وَقَد جَلَّت مُصيبَتُهُم
مِثلَ النُجومِ هَوى مِن بَينِها القَمَرُ

كانوا شُهوداً فَلَم يَدفَع مَنِيَّتَهُ
عَبدُ العَزيزِ وَلا رَوحٌ وَلا عُمَرُ

وَخالِدٌ لَو أَرادَ الدَهرُ فِديَتَهُ
أَغلَوا مُخاطَرَةً لَو يُقبَلُ الخَطَرُ

قَد شَفَّني رَوعَةُ العَبّاسِ مِن فَزَعٍ
لَمّا أَتاهُ بِدَيرِ القَسطَلِ الخَبَرُ


جرير

الحمدان
07-13-2024, 08:20 PM
هاجَ الهَوى وَضَميرَ الحاجَةِ الذِكَرُ
وَاِستَعجَمَ اليَومَ مِن سَلّومَةَ الخَبَرُ

عُلِّقتُ جِنِّيَّةً ضَنَّت بِنائِلِها
مِن نِسوَةٍ زانَهُنَّ الدَلُّ وَالخَفَرُ

قَد كُنتُ أَحسِبُ في تَيمٍ مُصانِعَةً
وَفيهِمُ عاقِلاً بَعدَ الَّذي اِئتَمَروا

هَلّا اِدَّرَأتُم سِوانا يا بَني لَجَإٍ
أَمراً يُقارِبُ أَو وَحشاً لَها غِرَرُ

أَو تَطلُبونَ بِتَيمٍ لا أَبا لَكُمُ
مَن تَبلُغُ التَيمُ أَو تَيمٌ لَهُ خَطَرُ

تَرجو الهَوادَةَ تَيمٌ بَعدَما وَقَعَت
صَمّاءُ لَيسَ لَها سَمعٌ وَلا بَصَرُ

قَد كانَتِ التَيمُ مِمَّن قَد نَصَبتُ لَهُ
المَنجَنيقِ وَكَلّاً دَقَّهُ الحَجَرُ

ذاقوا كَما ذاقَ مَن قَد كانَ قَبلَهُمُ
وَاِستَعقَبوا عَثرَةَ الأَقيانِ إِذ عَثَروا

قَد كانَ لَو وُعِظَت تَيمٌ بِغَيرِهِمُ
في ذي الصَليبِ وَقَينَي مالِكٍ عِبَرُ

خَلِّ الطَريقَ لِمَن يَبني المَنارَ بِهِ
وَاِبرُز بِبَرزَةَ حَيثُ اِضطَرَّكَ القَدَرُ

ما زِلتَ تَحفِزُ أَقواماً وَتُبلِغُني
ذيخَ المُرَيرَةِ حَتّى اِستَحصَدَ المِرَرُ

قَد حانَ قَبلَكَ أَقوامٌ فَقُلتُ لَهُم
جَدَّ النِضالُ وَقَلَّت بَينَنا العِذَرُ

لَن تَستَطيعَ بِتَيمٍ أَن تُغالِيَني
حينَ اِستَحَنَّ جِذابَ النَبعَةِ الوَتَرُ

ما التَيمُ إِلّا ذُبابٌ لا جَناحَ لَهُ
قَد كانَ مَنَّ عَلَيهِم مَرَّةً نَمِرُ

أَزمانَ يَغشى دُخانُ الذُلِّ أَعيُنَهُم
لا يُستَعانونَ في قَومٍ إِذا ذُكِروا

وَالتَيمُ عَبدٌ لِأَقوامٍ يَلوذُ بِهِم
يُعطي المَقادَةَ إِن أَوفَوا وَإِن غَدَروا

أَتَبتَغي التَيمُ عُذراً بَعدَما غَدَروا
لا يَقبَلُ اللَهُ مِن تَيمٍ إِذا اِعتَذَروا

لا تَمنَعونَ لَكُم عِرساً وَما لَكُمُ
إِلّا بِغَيرِكُمُ وِردٌ وَلا صَدَرُ

يا تَيمُ تَيمَ عَدِيٍّ لا أَبا لَكُمُ
لا يوقِعَنَّكُمُ في سَوأَةٍ عُمَرُ

يا تَيمُ إِنَّ جَسيمَ الأَمرِ لَيسَ لَكُم
وَلا الجَراثيمُ عِندَ الدَعوَةِ الكُبَرُ

وَالتَيمُ كانَ سَطيحاً ثُمَّ قيلَ لَهُم
شَأنَ السَطيحِ إِلى تَخبيلِهِ العَوَرُ

إِنَّ الكِرامَ إِذا مَدّوا حِبالَهُمُ
أَزرى بِحَبلِكَ ضَعفُ العَقدِ وَالقِصَرُ

لَولا قَبائِلُ مِن زَيدٍ تَلوذُ بِها
كانَت عَصاكَ الَّتي تُلحى وَتُقتَشَرُ

جاءَت فَوارِسُنا غُرّاً مُحَجَّلَةً
إِذ لَيسَ في التَيمِ تَحجيلٌ وَلا غُرَرُ

جِئنا بِكُم مِن زُهَيراتٍ وَمِن سَبَإٍ
وَلِلجَوامِعِ في أَعناقِكُم أَثَرُ

في جِلهِمَ اللُؤمُ مَعلوماً مَعادِنهُ
وَفي حَويزَةَ خُبثُ الريحِ وَالأَدَرُ

قولوا لِتَيمٍ أَعَصبٌ فَوقَ آنُفِهِم
إِذ يَرأَمونَ الَّتي مِن مِثلِها نَفَروا

قَد خِفتَ يا اِبنَ الَّتي ماتَت مُنافِقَةً
مِن خُبثِ بَرزَةَ أَن لا يَنزِلَ المَطَرُ

أَنتَ اِبنُ بَرزَةَ مَنسوباً إِلى لَجَإِ
عَبدُ العُصارَةِ وَالعيدانُ تَعتَصَرُ

أَخزَيتَ تَيماً وَما تَحمي مَحارِمها
إِذ أَنتَ نَفّاخَةٌ لِلقَينِ مُؤتَجَرُ

ما بالُ بَرزَةَ في المَنحاةِ إِذ نَذَرَت
صَومَ المُحَرَّمِ إِن لَم يَطلَعِ القَمَرُ

وَصَّت بَنيها وَقالَت دونَ أَكبَرِكُم
فادوا أَباكُم فَإِنَّ التَيمَ قَد كَفَروا

إِنّي لَمُهدٍ لَكُم غُرّاً مُقَشَّبةً
فيها السِمامُ وَأُخرى بَعدُ تُنتَظَرُ

إِنَّ الحَفافيثَ حَقّاً يا بَني لَجَإٍ
يُطرِقنَ حينَ يَسورُ الحَيَّةُ الذَكَرُ

لَولا عَدِيٌّ وَلَستُم شاكِرينَ لَهُم
لَم تَدرِ تَيمٌ بِأَيِّ القُنَّةِ الحَفَرُ

يا رُبَّ حَيٍّ نَعَشنا بَعدَ عَثرَتِهِم
كُنّا لَهُم كَسَقيفِ العَظمِ فَاِجتَبَروا

ذُدنا العَدُوَّ وَأَدنَينا مَحَلَّهُمُ
حَتّى اِبتَنوا بِقِبابٍ بَعدَما اِحتَجَزوا

يَوماً نَشُدُّ وَراءَ السَبيِ عادِيَةً
شُعثَ النَواصي وَيَوماً تُطرَدُ البَقَرُ

قَد يَعلَمُ الناسَ أَنَّ التَيمَ أَلأَمُهُم
أَأُخبِرُ الناسَ لُؤمَ التَيمِ أَم أَذَرُ

يا تَيمُ يا تَيمُ إِنَّ التَيمَ لَم يَرِثوا
بَيتاً كَريماً وَلا يَوماً إِذا اِفتَخَروا

لا تُنكِرُ التَيمُ يَوماً أَن يَكونَ لَهُم
سُؤرُ العَشِيِّ وَشُربُ التابِعِ الكَدِرُ

يا تَيمُ خالَطَ مَكحولٌ أَبا لَجَإٍ
ذا نُقبَةٍ قَد بَدا في لَونِهِ عَرَرُ

أَنا اِبنُ فَرعَي بَني زَيدٍ إِذا نُسِبوا
هَل يُنكَرُ المُصطَفى أَو يُنكَرُ القَمَرُ

وَاللُؤمُ حالَفَ تَيماً في دِيارِهِمُ
وَاللُؤمُ صُيِّرَ في تَيمٍ إِذا حَضَروا

اِقبِض يَدَيكَ فَإِنَّ التَيمَ قَد سُبِقوا
يَومَ التَفاخُرِ وَالغاياتُ تُبتَدَرُ

إِن تَصبِرِ التَيمُ مُخضَرّاً جُلودُهُمُ
عَلى الهَوانِ فَقَبلَ اليَومِ ما صَبَروا

إِنَّ الَّذينَ أَضاؤوا النارَ قَد عَرَفوا
آثارَ بَرزَةَ وَالآثارُ تُقتَفَرُ

قالَت لِتَيمِ بنِ قُنبٍ وَهيَ تَعذُلُهُم
يا تَيمُ ما لَكُمُ البُشرى وَلا الظَفَرُ

تُخزيكَ أَحياءُ تَيمٍ إِن فَخَرتَ بِهِم
وَالخِزيُ أَمواتُ تَيمٍ إِن هُمُ نَشَروا

أَعياكَ والِدُكَ الأَدنَونَ فَاِلتَمِسَن
هَل في شُعاعَةَ ذي الأَهدامِ مُفتَخَرُ

لا يَشهَدونَ نَجِيَّ القَومِ بَينَهُمُ
تُقضى الأُمورُ عَلى تَيمٍ وَما شَعَروا


جرير

الحمدان
07-13-2024, 08:21 PM
أَدارَ الجَميعِ الصالِحينَ بِذي السِدرِ
أَبيني لَنا إِنَّ التَحِيَّةَ عَن عُفرِ

لَقَد طَرَقَت عَينَيَّ في الدارِ دِمنَةٌ
تَعاوَرَها الأَزمانُ وَالريحُ بِالقَطرِ

فَقُلتُ لِأَدنى صاحِبَيَّ وَإِنَّني
لَأَكتُمُ وَجداً في الجَوانِحِ كَالجَمرِ

لَعَمرُكُما لا تَعجَلا إِنَّ مَوقِفاً
عَلى الدارِ فيهِ القَتلُ أَو راحَةِ الدَهرِ

فَعاجا وَما في الدارِ عَينٌ نُحِسُّها
سِوى الرُبدِ وَالظِلمانُ تَرعى مَعَ العُفرِ

فَلِلَّهِ ماذا هَيَّجَت مِن صَبابَةٍ
عَلى هالِكٍ يَهذي بِهِندٍ وَما يَدري

طَوى حَزَناً في القَلبِ حَتّى كَأَنَّما
بِهِ نَفثُ سِحرٍ أَو أَشَدُّ مِنَ السِحرِ

أَخالِدَ كانَ الصَرمُ بَيني وَبَينَكُم
دَلالاً فَقَد أَجرى البِعادُ إِلى الهَجرِ

جُزيتِ أَلا تَجزينَ وَجداً يَشُفُّني
وَإِنِّيَ لا أَنساكِ إِلّا عَلى ذُكرِ

خَليلَيَّ ماذا تَأمُراني بِحاجَةٍ
وَلَولا الحَياءُ قَد أَشادَ بِها صَدري

أَقيما فَإِنَّ اليَومَ يَومٌ جَرَت لَنا
أَيامِنُ طَيرٍ لا نُحوسٍ وَلا عُسرِ

فَإِن بَخِلَت هِندٌ عَلَيكَ فَعَلَّها
وَإِن هِيَ جادَت كانَ صَدعاً عَلى وَقرِ

مِنَ البيضِ أَطرافاً كَأَنَّ بَنانَها
مَنابِتُ ثَدّاءٍ مِنَ الأَجرَعِ المُثري

لَقَد طالَ لَومُ العاذِلينَ وَشَفَّني
تَناءٍ طَويلٌ وَاختِلافٌ مِنَ النَجرِ

أَثَعلَبَ أولي حَلفَةً ما ذَكَرتُكُم
بِسوءٍ وَلَكِنّي عَتَبتُ عَلى بَكرِ

فَلا توبِسوا بَيني وَبَينَكُمُ الثَرى
فَإِنَّ الَّذي بَيني وَبَينَكُمُ مُثري

عِظامُ المَقاري في السِنينَ وَجارُكُم
يَبيتُ مِنَ اللاتي تُخافُ لَدى وَكرِ

أَثَعلَبَ إِنّي لَم أَزَل مُذ عَرَفتُكُم
أَرى لَكُمُ سِتراً فَلا تَهتِكوا سِتري

فَلَولا ذَوُو الأَحلامِ عَمروُ بنُ عامِرٍ
رَمَيتُ بَني بَكرٍ بِقاصِمَةِ الظَهرِ

هُمُ يَمنَعونَ السَرحَ لا يَمنَعونَهُ
مِنَ الجَيشِ أَن يَزدادَ نَفراً عَلى نَفرِ

جَزى اللَهُ يَربوعاً مِنَ السيدِ قَرضَها
وَما في شِيَيمٍ مِن جَزاءٍ وَلا شُكرِ

بَني السيدِ آوَيناكُمُ قَد عَلِمتُمُ
إِلَينا وَقَد لَجَّ الظَعائِنُ في نَفرِ

مَنَنّا عَلَيكُم لَو شَكَرتُم بَلاءَنا
وَقَد حَمَلَتكُم حَربُ ذُهلٍ عَلى قُترِ

بَني السيدِ لا يَمحي تَرَمُّزُ مُدرِكٍ
نُدوبَ القَوافي في جُلودِكُمُ الخُضرِ

بِأَيِّ بَلاءٍ تَحمَدونَ مُجاشِعاً
غَباغِبَ أَثوارٍ تَلَظّى عَلى جَسرِ

أَلا تَعرِفونَ النافِشينَ لِحاهُمُ
إِذا بَطِنوا وَالفاخِرينَ بِلا فَخرِ

أَنا البَدرُ يُعشي طَرفَ عَينَيكَ ضَوؤُهُ
وَمَن يَجعَلِ القِردَ المُسَروَلَ كَالبَدرِ

حَمَتني لِيَربوعٍ جِبالٌ حَصينَةٌ
وَيَزخَرُ دوني قُمقُمانٌ مِنَ البَحرِ

فَضَلَّ ضَلالَ العادِلينَ مُجاشِعاً
ثُلوطَ الرَوايا بِالحُماةِ عَنِ الثَغرِ

فَما شَهِدَت يَومَ الغَبيطِ مُجاشِعٌ
وَلا نَقَلانَ الخَيلِ مِن قُلَّتَي يُسرِ

وَلا شَهِدَتنا يَومَ جَيشِ مُحَرِّقٍ
طُهَيَّةُ فُرسانُ الوَقيدِيَّةِ الشُقرِ

وَلا شَهِدَت يَومَ النَقا خَيلُ هاجَرٍ
وَلا السيدُ إِذ يَنحِطنَ في الأَسَلِ الحُمرِ

وَنَحنُ سَلَبنا الجَونَ وَاِبنَي مُحَرِّقٍ
وَعَمرواً وَقَتَّلنا مُلوكَ بَني نَصرِ

إِذا نَحنُ جَرَّدنا عَلَيهِم سُيوفَنا
أَقَمنا بِها دَرءَ الجَبابِرَةِ الصُعرِ

إِذا ما رَجا روحُ الفَرَزدَقِ راحَةً
تَغَمَّدَهُ آذِيُّ ذي حَدَبٍ غَمرِ

فَطاشَت يَدُ القَينِ الدَعِيِّ وَغَمَّهُ
ذُرى واسِقاتٍ يَرتَمينَ مِنَ البَحرِد

لَعَلَّكَ تَرجو أَن تَنَفَّسَ بَعدَما
غُمِمتَ كَما غُمَّ المُعَذَّبُ في القَبرِ

فَما أَحصَنَتهُ بِالسُعودِ لِمالِكٍ
وَلا وَلَدَتهُ أُمُّهُ لَيلَةَ القَدرِ

فَلا تَحسِبَنَّ الحَربَ لَمّا تَشَنَّعَت
مُفايَشَةً إِنَّ الفِياشَ بِكُم مُزري

أَبَعدَ بَني بَدرٍ وَأَسلابِ جارِكُم
رَضيتُم بِضَيمٍ وَاِحتَبَيتُم عَلى وِترِ

وَنُبِّئتُ جَوّاباً وَسَكناً يَسُبُّني
وَعَمروَ بنَ عِفرى لا سَلامَ عَلى عَمروِ


جرير

الحمدان
07-13-2024, 09:54 PM
إِذا المَرءُ لَم يُدنَس مِنَ اللُؤمِ عِرضُهُ
فَكُلُّ رِداءٍ يَرتَديهِ جَميلُ

وَإِن هُوَ لَم يَحمِل عَلى النَفسِ ضَيمَها
فَلَيسَ إِلى حُسنِ الثَناءِ سَبيلُ

تُعَيِّرُنا أَنّا قَليلٌ عَديدُنا
فَقُلتُ لَها إِنَّ الكِرامَ قَليلُ

وَما قَلَّ مَن كانَت بَقاياهُ مِثلَنا
شَبابٌ تَسامى لِلعُلى وَكُهولُ

وَما ضَرَّنا أَنّا قَليلٌ وَجارُنا
عَزيزٌ وَجارُ الأَكثَرينَ ذَليلُ

لَنا جَبَلٌ يَحتَلُّهُ مَن نُجيرُهُ
مَنيعٌ يَرُدُّ الطَرفَ وَهُوَ كَليلُ


السمؤل

الحمدان
07-13-2024, 09:55 PM
ما تَنظُرونَ بِحَقِّ وَردَةَ فيكُمُ
صَغُرَ البَنونَ وَرَهطُ وَردَةَ غُيَّبُ

قَد يَبعَثُ الأَمرَ العَظيمَ صَغيرُهُ
حَتّى تَظَلَّ لَهُ الدِماءُ تَصَبَّبُ

وَالظُلمُ فَرَّقَ بَينَ حَيَّي وائِلٍ
بَكرٌ تُساقيها المَنايا تَغلِبُ

قَد يورِدُ الظُلمُ المُبَيَّنُ آجِناً
مِلحاً يُخالَطُ بِالذُعافِ وَيُقشَبُ

وَقِرافُ مَن لا يَستَفيقُ دَعارَةً
يُعدي كَما يُعدي الصَحيحَ الأَجرَبُ

وَالإِثمُ داءٌ لَيسَ يُرجى بُرؤُهُ
وَالبِرُّ بُرءٌ لَيسَ فيهِ مَعطَبُ

وَالصِدقُ يَألَفُهُ الكَريمُ المُرتَجى
وَالكِذبُ يَألَفَهُ الدَنيءُ الأَخيَبُ

وَلَقَد بَدا لِيَ أَنَّهُ سَيَغولُني
ما غالَ عاداً وَالقُرونَ فَأَشعَبوا

أَدّوا الحُقوقَ تَفِر لَكُم أَعراضُكُم
إِنَّ الكَريمَ إِذا يُحَرَّبُ يَغضَبُ


طرفه بن العبد

الحمدان
07-13-2024, 09:55 PM
صَحِبَ النّاسُ قَبلَنا ذا الزّمَانَا
وَعَنَاهُمْ مِن شأنِهِ مَا عَنَانَا

وَتَوَلّوْا بِغُصّةٍ كُلّهُمْ مِنْهُ
وَإنْ سَرّ بَعْضَهُمْ أحْيَانَا

رُبّمَا تُحسِنُ الصّنيعَ لَيَالِيهِ
وَلَكِنْ تُكَدّرُ الإحْسَانَا

وَكَأنّا لم يَرْضَ فينَا برَيْبِ الدّهْرِ
حتى أعَانَهُ مَنْ أعَانَا

كُلّمَا أنْبَتَ الزّمَانُ قَنَاةً
رَكّبَ المَرْءُ في القَنَاةِ سِنَانَا

وَمُرَادُ النّفُوسِ أصْغَرُ من أنْ
تَتَعَادَى فيهِ وَأنْ تَتَفَانَى

غَيرَ أنّ الفَتى يُلاقي المَنَايَا
كالِحَاتٍ وَلا يُلاقي الهَوَانَا

وَلَوَ أنّ الحَيَاةَ تَبْقَى لِحَيٍّ
لَعَدَدْنَا أضَلّنَا الشّجْعَانَا

وَإذا لم يَكُنْ مِنَ المَوْتِ بُدٌّ
فَمِنَ العَجْزِ أنْ تكُونَ جَبَانَا

كلّ ما لم يكُنْ من الصّعبِ في
الأنفُسِ سَهْلٌ فيها إذا هوَ كانَا


المتنبي

الحمدان
07-13-2024, 09:56 PM
لا تفرَحنّ بفألٍ إنْ سمعتَ به
ولا تَطَيّرْ إذا ما ناعِبٌ نعبا

فالخطبُ أفظعُ من سرّاءَ تأمُلها
والأمرُ أيسرُ من أن تُضْمِرَ الرُّعُبا

إذا تفكّرتَ فكراً لا يمازِجُهُ
فسادُ عقلٍ صحيحٍ هان ما صعبُا

فاللُّبُّ إن صَحّ أعطى النفس فَترتها
حتى تموت، وسمّى جِدّها لَعبِا

وما الغواني الغوادي، في ملاعِبها
إلاّ خيالاتُ وقتٍ، أشبهتْ لُعَبا

زيادَةُ الجِسمِ عَنّتْ جسمَ حامله
إلى التّرابِ، وزادت حافراً تَعَبا


ابو علاء المعري

الحمدان
07-13-2024, 09:56 PM
كانَ لِنَفْسِي أَمَلٌ فانقَضَى
فأصبحَ اليأْسُ لها مَعْرِضا

اسخطني دهريَ بعد الرضا
وارتجَعَ العُرْفَ الذي قدْ مَضَى

لم يظلمِ الدهرُ ولكنّهُ
أقرَضَنِي الإِحْسَانَ ثُمَّ اقتَضَى


ابو تمام

الحمدان
07-13-2024, 09:57 PM
أبَني أبِينَا نَحْنُ أهْلُ مَنَازِلٍ
أبَداً غُرابُ البَينِ فيها يَنْعَقُ

نَبْكي على الدّنْيا وَمَا مِنْ مَعْشَرٍ
جَمَعَتْهُمُ الدّنْيا فَلَمْ يَتَفَرّقُوا

أينَ الأكاسِرَةُ الجَبابِرَةُ الأُلى
كَنَزُوا الكُنُوزَ فَما بَقينَ وَلا بَقوا

من كلّ مَن ضاقَ الفَضاءُ بجيْشِهِ
حتى ثَوَى فَحَواهُ لَحدٌ ضَيّقُ

خُرْسٌ إذا نُودوا كأنْ لم يَعْلَمُوا
أنّ الكَلامَ لَهُمْ حَلالٌ مُطلَقُ

فَالمَوْتُ آتٍ وَالنُّفُوسُ نَفائِسٌ
وَالمُسْتَعِزُّ بِمَا لَدَيْهِ الأحْمَقُ

وَالمَرْءُ يأمُلُ وَالحَيَاةُ شَهِيّةٌ
وَالشّيْبُ أوْقَرُ وَالشّبيبَةُ أنْزَقُ

وَلَقَدْ بَكَيْتُ على الشَّبابِ وَلمّتي
مُسْوَدّةٌ وَلِمَاءِ وَجْهي رَوْنَقُ

حَذَراً عَلَيْهِ قَبلَ يَوْمِ فِراقِهِ
حتى لَكِدْتُ بمَاءِ جَفني أشرَقُ


المتنبي

الحمدان
07-13-2024, 09:58 PM
ومن لم يصانع في أمورٍ كثيرةٍ
يُضَرّس بأنيابٍ ويوطأ بمنسم

ومن يجعل المعروف من دون عرضهِ
يفره ومن لا يتقي الشتم يُشتمِ

ومن يكُ ذا فضلٍ فيبخل بفضلِهِ
على قومه يُستغنَ عنه ويذمم

ومن هاب أسباب المنايا ينلنه
وإن يرقَ أسباب السماء بسلّمِ

ومن يجعل المعروف في غير أهلهِ
يكن حمده ذمّاً عليه ويندمِ

ومن يغترب يحسب عدوّاً صديقه
ومن لا يكرّم نفسه لا يُكرّمِ

ومهما تكن عند امرءِ من خليقةٍ
وإن خالها تخفى على الناس تُعلمِ

وكائن ترى من صامتٍ لك معجبٍ
زيادتهُ أو نقصه في التكلّمِ

لسان الفتى نصفٌ ونصفٌ فؤاده
فلم يبقَ إلا صورة اللحم والدمِ


زهير بن أبي سلمى

الحمدان
07-13-2024, 09:59 PM
ذو العقل يشقى في النعيم بعقله

وأخو الجهالة في الشقاوة ينعــم

بذا قضت الأيام ما بين أهلها

مصائـب قوم عند قوم فوائد

ذو العقل يشقى في النعيم بعقلِهِ

وأخو الجهالة في الشقاوة ينعمُ

والناس قد نبذو الحفاظ فمطلق

ينسى الذي يولي وعاف يندم

لا يخدعنّك من عدوّ دمعةً

وارحم شبابك من عدوٍ تُرحَمِ

ومن البليّة عذل من لا يرعوي

عن جهلِهِ وخطاب من لاي فهمِ
ومن العداوة ما ينالك نفعُهُ

ومن الصداقة ما يضر ويؤلمُ

والذل يظهر في الذليل مودةً

وأود منه لمن يود الأرقم

إذا اعتاد الفتى خوض المنايا

فأهون ما يمر به الوحول


المتنبي

الحمدان
07-13-2024, 09:59 PM
لا شيء مما ترى تبقى بشاشـته

يبقى الاله ويفني المال والولد

لم تغني عن هرمز يوماً خزائنه

و الخلدُ قد حاولت عـاد فما خلدوا

و لا سليمان اذ تجري الريـاح له

و الإنس والجن فيما بينها تردُ

أين الملوك التي كانت لعزتهـــا

مـن كــل أوب إليها وافـد يفــد

حوض هنالك مورود بلاكـدب


علي بن أبي طالب

الحمدان
07-14-2024, 01:11 AM
راحت لسرحة نعمان وواديها
غر السحائب تغدوها غواديها

من كل وطفاء يوزى البرق مزنتها
كأنما ثغر سعدى ضاحك فيها

أضحت محلتها بالشام نائية
يا بعدها منك والأشواق تدنيها

بيضاء عاندت فيها من يعاندها
عمدا وصافيت فيها من يصافيها

صدت فلا هي يوم البين ذاكرة
عهدي ولا أنا يوم البين ناسيها

تمشي فيثقلها رِيّ إذا خطَرَت
كأنها بانة طُلَّت حواشيها

كأن ريحانة في ثِني بردتها
بات النسيم قبيل الصبح يثنيها

زارت على غِرة الواشي مراقبة
تهدي الغرام لقلبي في تهاديها

تسري اختلاسا وليلُ الشَّعر يسترها
عن العيون وصبح الثغر يبديها

لا يعرف الشوق إلا من يكابده
ولا الصبابة إلا من يعانيها

ولا السماحة إلا المستهام بها
خليفة الله مسديها ومسنيها

رست على كبد الدنيا خلافتُه
فما تزول ولا زالت رواسيها

ما اختال مِذ نالها وهو المعدُّ لها
تيهاً ونالَته فاختالت به تيها

سعى إلى الغاية القصوى فأدركها
لما تباعد عنها سعي ساعيها

مردد الجود ما اعتلت له منن
فينا ولا احتجبت عن عين راجيها

خِرق تدل عليه من سجيَّته
خلائقٌ مثل صفوِ الراح صافيها

سهل الخليقة ميمون له شيم
ترى المعالي مثولا في معانيها

بذَّ الجيادَ إلى المعروفِ مبتدرا
سبقا وأقبل يحثو في نواصيها

له أحاديث جود لا ارتياب بها
إحسانه الغمر في الآفاق يرويها

وهمّة كثهاب الرجم يركبها
إلى العدو فيبنضيها ويمضيها

تموت آمال عافينا فينشرها
وينشر الدهر أحداثا فيطويها

من دوحةٍ بسقَت أغصانها وحلَت
عند القطافِ مَجانيها لجانيها

يعدّ في الفخرِ للعباس أولها
مجدا وللمقتفي بالله ثانيها

اعطو الوزارة عون الدين سائها
بالعدل منه فاعطى القوس ياريها

تغنيه آراؤه والحرب مظلمة
الأرجاء ما ليس يغنيه عواليها

به جوائز عندي قد حكمت لها
مع الفصاحة أني لا أجازيها

سقيت آمالنا منن بعد ما ظمئت
ماء المكارم فاخضرت مراعيها

إذا تيممت أرضا أخصبت وربت
تلاعها الغبن واهتزت روابيها

وكيف لا والربيع الطلق يضحك في
ربوعها والندى ينحو نواحيها

فانهض فقد أذنت بالطوع راضية
لك البرية قاصيها ودانيها

باك المواهب نقدا لا مؤجلة
كفعل غيرك ينساها وينسيها

جد لي باجرد أو جرداء سابحة
تنصر الريح شوطا أن تجاريها

إن لم أهدّ بها ركن العدوّ فلا
ملكت عند مثارِ النقعِ هاديها

ليعلم الناس أنَي شاعر بطل
لا مثلَ من يتعاطى ذلك تمويها

واسمع بمطربة الألفاظ محكمةٍ
الحسنُ قائدُها والطبعُ هاديها

تروى فلا يسأم التكرار سامعها
ولا يملّ من الإِضجار راويها

ترفَّعت عن عطايا الباخلين فما
يزال يغصبها من ليس يرضيها

أغليتها بعد رخص فاعتلت وسمَت
قدراً ولا زلت معليها ومغليها

أقول من بعد ما أحببت دولتكم
أنافعي عند ليلى فرطُ حبيها


الابله البغدادي

الحمدان
07-14-2024, 01:12 AM
أيا ريع ذاتِ الخالِ لا بت خاليا
وأصبحت من نور الخمائل حاليا

ولا برحت تحنو عليك غمائم
تغص شعابا باللوى ومجانيا

ولا ونت الأنواء فيك وحبذا
نسيما في ظل الأصائل وأنيا

على أنني رضت الهوى فيك جامحا
فلان ونلت العيش عندك راضيا

عشية لم أنزف من العين حمّة
رواء ولم أعرف لعلوة واشيا

ولم تقدح الأشواق بين جوانحي
زنادا إذا واريته عاد واريا

وبدر تمام فيه يحلو لي الهوى
خلوت به حتى بدا النجم هاويا

رمى مقتلي شاكي السلاح وقال لي
رميت بهجري إن رأيتك شاكيا

عند تعليه خنصر اللهو والمنى
وعدّ الثريا مثل صبري واهيا

رنا فاتر الألحانا نحو فخلتني
أعاطي الطلاظبيا بوجرة عاطيا

فلله كم يمنى الفؤاد بزفرة
إذا شمت برقا بالعقيق يمانيا

يذكرني في تلك الثغور ولم أكن
لها ناسيا كلا ولا متناسيا

سل الليل عني هل رآني راقدا
وسل بي عذولي هل رآني ساليا

وهيهات أن ترقا دموع لمن غدا
لنبغ غرام لم يجد منه رافيا

فلست أرى في الوجد مثل ثانيا
ولا لعلاء الدين في المجد ثانيا

علقت به مستمسكا فوجدته
أبيًّا إذا ماسمته الضيم أبيا

صقيل حواشي الحزم والعزم والعلي
ثقيل حصاة الحلم أغلب ساميا

به حلت الأيام وهي مريرة
وأصبح جيد الدهر أجيد خاليا

تحرك منه الأريحيه ماجدا
يوازن بالحلم الجبال الرواسيا

حسام ردى ظام إذا شهد الوغى
وبحر ندى طام إذا حل ناديا

محاربه يلقي المنايا سريعة
وسائله يلقى لديه الأمانيا

من الزينبين الذين تقبلوا
ظلل المعالي واستقلوا العواليا

إذا سوجلوا كانوا أعز مطنّها
وأكرم أعراقا وأعلى بانيا

لهم كعبة الله الحرام ومن بها
أنام ومن لبى ومن جاء ساعيا

فما كان فيهم عن سوى الخير أمرا
ولا كان فيهم عن سوى الشر ناهيا

ولولا أبو نصر وجدواه لم أطع
رجاء ولم أطلع من الأرض واديا

كريم يحب الصفح عن كل مذنب
مسيء ويعطي الصفو من جاء صافيا

كأن على يمناه في بذلها الندى
يمينا على أن لا تخيب راجيا

فيا شرف الإسلام لا زلت سالما
يسير فيك المادحون القوافيا

يرون غدير الجود عندك مفعما
ندى ورخيص المجد عندك غاليا

فخذها كما رق النسيم وغازلت
دموع الغمام المستهل الأقاحيا

إذا قصها في القوم راو حسبته
يقص على الأسماع سبعا مثانيا

بقيت على مر الليالي محسّدا
عزير الأيادي قاهر الجد عاليا


الابله البغدادي

الحمدان
07-14-2024, 01:13 AM
علاء الدين صب كرما فاني
عهدتك ذا يد بالجود صبه

تفرح بالسماحة كل هم
عن العافي وتكشف كل كربه

وبذلك للرغائب غير بدع
كما لك في اقتناء الحمد رغبه

حلفت لأنت أزكى الناس أصلا
وأوضح من ضياء الصبح نشيه

أيحسن أن أجيء بكل بكر ال
معاني سهلة إلا لفانا صعبه

فتحسبها لديك وما تساوى
وقد جابت لك الآفاق جبه

ولولا أن لي طمعا قويا
يحاشي الله مجدك قلت جبه


الابله البغدادي

الحمدان
07-14-2024, 01:14 AM
أيروى في الهوى غيري وأظما
وأقنع بالمنى كلا ولما

سأعطي النفس ما طلبت فأما
تهون فتحمل البلوى وأما

الام تسومني هجرا فهجرا
وتجعل لي وما أجرمت جرما

صددت غرغرة بالشوق ترقى
عليك وصلة بالدمع تدمى

أحاول ستر ما القى وتأبى
دموع العين إلا أن تنما

أحب الوعد منك وأن تنادي
واقنع بالخيال إذا ألما

عسى الأيام تمسح لي بوصل
وتأخذ لمن الهجران سلما

فأثني غدك الممشوق ضما
وأفني ريقك المسعول لثما

وكم ليل من التطوال بتنا
يقلب نجمه في الكأس نجما

يريني عطفا الغصن الرطيب
القوام وطرف الرشا الأجما

إلى أن مدت الجوزاء كفا
وساقت من خيول الليل دهما

وقد رق العتاب ودق حتى
ظننا الأسماع وهما

شربنا الراح بالأرواح طيبا
وبعنا الغم في حانات غما

ومائرة الملاط إذا أهيجت
وسمت بوخدها البيداء وسما

فليت بها الفلا والليل مرخ
ملائته وطرف النجم أعمى

إذا بلغت بنا عمرا ولانت
حميما من ندى كفيه جما

فلاحكت لها الأقتاب ظهرا
ولا وردت بها الأخطار حزما

أبرميمٍ قولا وفعلاً
وأكرم منتمٍ خالا وعما

له لحظيريه القرب بعدا
ولفنا يخرق السمع الأصما

وسيم ماسما الأمبيدا
عداه ولا رمى إلا وأعما

مضي العزم ذو رأي جلي
إذا ما حادث الدهر أدلهما

إذا حاربته حاربت ليثا
وإن جاريته جاريت يمّا

له بشر ينم على العطايا
وكيف سترت نشر المسك نما

أغريريك يوم الحرب طيشا
إذا أبلى ويوم السلم حلما

بجودك يا أمين الدين صحَّت
أماني الظنون وكن رجما

لقد شردت عنا العدم حتى
كأن لم يخلق الرحمان عدما

وتمت بسنة المعروف حتى
جعلت عني العفاة عليا حتما

فداؤك يا كما لالدين عار
من النعمة إذ مدح استذما

كأني حين أسأله نوالا
أًُسائل من لوى تيماء رسما

سلمت على الزمان فأنت طود
تقاصر دونه أجما وسلمى


الابله البغدادي
العصر الايوبي

الحمدان
07-14-2024, 01:16 AM
وقَلْعَةٍ عَانَقَ العُيُّوقُ سَافِلَها
وجَازَ مَنْطِقَةَ الجَوْزا أَعالِيها

لا تَعْرِفُ القَطْرَ إِذْ كَان الغَمامُ لَها
أَرْضاً تَوَطّأُ قطريه مَواشيها

إِذا الغَمامَةُ لاحَتْ خاضَ ساكِنُها
حِياضَها قَبْلَ أَنْ تَهْمى عَزالِيها

يُعَدُّ مِنْ أَنْجُمِ الأَفْلاكِ مَرقَبُها
لَوْ أَنَّهُ كانَ يَجْري في مَجاريها

عَلى ذُرىً شامِخٍ وعرٍ قَد امْتَلأَتْ
كِبْراً بِهِ وهو مَمْلوءٌ بِها تِيها

لَهُ عقابٌ عقاب الجَوّ حَائِمةٌ
مِنْ دونِها فَهيَ تَخْفَى في خَوافيها

ردت مَكايِد أَمْلاكٍ مَكايِدها
وقَصَّرَتْ بِدَواهِيهِمْ دَواهيها

أَوْطَأَتْ هِمَّتكَ العَلْياءَ هامَتَها
لَما جَعَلْتَ العَوالي مِنْ مَراقيها

ولم تَقِسْ بِكَ خَلْقاً في البَريَّةِ إِذْ
رَأَتْ قُسِيَّ الرَّدى في كَفِ باريها


ابو عثمان الخالدي

الحمدان
07-14-2024, 01:16 AM
وإَذا أَرَدْتَ تَرى فَضيلَةَ صَاحِبٍ
فَانْظُرْ بِعَيْنِ البَحْثِ مَنْ نُدْمانُهُ

فَالمَرْءُ مَطْويٌّ عَلى عِلاَّتِهِ
طَيَّ الكِتابِ وصَحْبُهُ عُنْوَانُهُ


ابو عثمان الخالدي

الحمدان
07-14-2024, 01:17 AM
ومِنْ نَكَدِ الدُّنْيا إِذا ما تَعَذَّرتْ
أُمورٌ وإِنْ عُدَّتْ صِغاراً عَظائِمُ

إِذا رمتُ بِالمِنْقاشِ نَتْفَ أَشاهِبي
أُتيح لَها مِنْ بَيْنِهن الأَداهِمُ

فَأَنْتُفُ ما أَهْوى بِغَيْرِ إِرادَتي
وأَتْركُ ما أَقْلي وأَنْفِيَ راغِمُ


ابو عثمان الخالدي

الحمدان
07-14-2024, 01:18 AM
نَيْلُ المَطالِبِ بِالهِنْدِيَّةِ البُتُرِ
لا بِالأَماني والتَّأْميل لِلْقَدَرِ

فَإِنْ عَفا طَلَلٌ أَوْ بَادَ ساكِنُهُ
فَلا تَقِفْ فيهِ بَيْنَ البَثِّ والفِكَرِ

في شَمِّكَ المِسْكَ شُغُلٌ عَنْ مَذاقَتِهِ
وفي سَنا الشَّمْسِ ما يُغْني عَنْ القَمَرِ

لو لَمْ أَكُنْ مُشْبِهاً لِلنّاسِ في خُلُقي
لَقُلْتُ إِنّي مِنْ جيلٍ سِوى البَّشَرِ

أو لَمْ يَكُنْ ماءُ عِلْمي قاهِراً فِكْري
لأَحْرَقَتْني في نيرانِها فِكَري

تَزيدُني قَسْوَةُ الأَيّامِ طِيبَ ثَناً
كَأَنَّني المِسْكُ بَيْنَ الفِهْرِ والحَجَرِ

أَلفتُ مِنْ حادِثاتِ الدَّهْرِ أَكْبَرها
فَما أَعوج عَلى أَطْفالها الأُخَرِ

لاشَيْءَ أَعْجَبُ عِنْدي في تَباينِهِ
إِذا تَأَمَّلْتُهُ مِنْ هَذِهِ الصُّوَرِ

أَرى ثِياباً وفي أَثْنائها بَقَرٌ
بِلا قُرونٍ وذا عَيْبٌ عَلى البَقَرِ

قالَتْ رَقَدْتَ فقلت الهَمُّ أَرْقَدَني
والهَمُّ يمنع أَحياناً مِنَ السَّهَرِ

كَمْ قد وَقَعْتُ وُقوعَ الطَّيْرِ في شَرَكٍ
فَضَعْضَعَتْ مُنَّتي مِنْهُ قوى المِرَرِ

أَصْفو وأَكْدَرُ أَحْياناً لمختبري
ولَيْسَ مُسْتَحْسَناً صَفْوٌ بِلا كَدَرِ

إِنّي لأَسْيَرُ في الآَفاقِ مِنْ مَثَلٍ
سارٍ وأَمْلأُ لِلأَبْصارِ مِنْ قَمَرِ

إِذا تَشَكَّكْتَ فيما أَنْتَ مُبْصِرُهُ
فَلا تَقُلْ إِنَّني في النّاس ذو بَصَرِ

وكَيْفَ يَفْرَحُ إِنْسانٌ بغرّته
إِذا نَضاها فَلَمْ تصْدِقْهُ في النَّظَرِ

لَقَدْ فَرِحْتُ بِما عَانَيْتُ مِنْ عُدُمٍ
خوف القَبيحَيْنِ مِنْ كِبر ومِنْ بَطَرِ

ورُبَّما ابْتَهَجَ الأَعْمى بِحالَتِهِ
لأَنَّهُ قَدْ نَجا مِنْ طِيَرَةِ العَوَرِ

ولَسَتُ أَبْكي لِشَيْبٍ قَدْ مُنيتُ بِهِ
يَبْكي عَلى الشَّيْبِ مِنْ يَأْسى عَلى العُمُرِ

كُنْ مِنْ صَديقِكَ لا مِنْ غَيْرِهِ حَذِراً
إِنْ كانَ يُنْجيكَ مِنْهُ شِدَّةَ الحَذَرِ

ما أَطْمَئِنُّ إِلى خَلْقٍ فَأُخْبِرُهُ
إِلاَّ تَكَشَّفَ لي عَنْ لُؤْم مُخْتَبَرِ

وقَدْ نَظَرْتُ إِلى الدُّنْيا بِمُقْلَتها
فَاسْتَصْغَرَتْها جُفوني غايَةَ الصِّغَرِ

وما شَكَرْتُ زَماني وهو يَصْعَدُ بي
فَكَيْفَ أَشْكُرُهُ في حالِ مُنْحَدَري

لا عارٌ يلحقني أَنّي بِلا نَشَبٍ
وأَيُّ عار على عَيْنٍ بِلا حَوَرِ

فَإِنْ بَلَغْتُ الذي أَهْوى فَعَنْ قَدَرٍ
وإِنْ حُرِمْتُ الذي أَهْوى فَعَنْ عُذُرِ


ابو عثمان الخالدي
العصر العباسي

الحمدان
07-14-2024, 01:19 AM
يا عاصِمي يا سالِمي يا قاسِمي
لِلأَزلَمِ الجِذعِ الذَمولِ الراسِمِ

وَظُهورِ دَهدِ الرَينِ سَعدِ القينِ في
قَومٍ تَلَقّوهُ بِثَغرٍ باسِمِ

فيهِ اِبتِداعٌ ما سَمِعنا مِثلَهُ
مِن فاتِحِ الدُنيا لِهَذا الخاتَمِ

أَحبَبتُ لَو قامَت وَما أَبصَرَتهُ
في الرِقِّ مَسطوراً عَلَيَّ مَآتِمي

فَتوى قَضى الدينُ الحَنيفُ بِأَنَّهُ
مِنها بَرِئٌ فَهيَ زَلَّةُ عالِمِ

طَيفٌ مِنَ الشَيطانِ مَسَّ فَمَن لَها
بِتَذَكُّرٍ فَتَكونُ طَيفَ الحالِمِ

مَرَقَت عَلى الإِجماعِ وَالنَصّينِ وال
فِقهِ الَّذي بِهِما مُروقَ مُصارِمِ

إِبليسُ عاطاهُ خُرافَتهُ الهَوى
كَالكَأسِ بَينَ مُنادِمٍ وَمُنادَمِ

شَرعُ النَبِيِّ مُنوطَةٌ أَحكامُهُ
بِظَواهِرٍ مَضبوطَةٍ وَمَعالِمِ

قالوا تَناوَم وَاِلْه عَنها مُعرِضاً
أَدرَوا بِأَنَّ اللَهَ لَيسَ بِنائِمِ

لا في بَواطن خافِياتٍ عِلمُها
لِلعالِمِ الأَسرارِ لا المُتَعالِمِ

فَمَناطُ إِسلامِ الوَرى نُطقٌ بِما
يُدرى وَتُنطَقُ في اِنعِدامٍ عادِمِ

وَمُؤَلِّفِ الصُغرى وَكُلُّ مُؤَلِّفٍ
ما أَلِفوا في عَصرِهِ المُتَقادِمِ

فَالكُفرُ في التَقليدِ في الأُخرى فَقَط
يَختَصُّ بِالإِجماعِ عِندَ الجازِمِ

وَالكُلُّ في الدُنيا عَلى إِسلامِهِ
يَجري بِمَلزومِ الخِطابِ وَلازِمِ

وَنَفَوهُ عَن أَهلِ البَوادي وَالقُرى
إِذ كُلُّهُم أَهلُ اِعتِبارٍ دائِمِ

إِن يُشترَط نَظرُ المُكَلَّفِ تَتَّفِق
آراؤُهُ في نَهجِها المُتَعاظِمِ

كُلٌّ يَرى الجُملِيَّ يَكفي وَهوَ لا
يَحتاجُ تَقريراً بِقَيسٍ ناظِمِ

كَلّا وَلا دَفعاً لِشُبهَةِ مورِدٍ
شُبَهاً عَلَيهِ مُجادِلٍ وَمُخاصِمِ

وَالأَشعَرِيُّ الشَيخُ أَشهَدُ أَنَّهُ
لَم يَرمِ قِبلِيّاً بِكُفرٍ قاصِمِ

كَذَبَ الَّذي يَعزو إِلَيهِ كُفرَهُ
عِندَ القُشَيرِيِّ الصَؤومِ القائِمِ

مَن حادَ عَن سُنَنِ النَبِيِّ وَصَحبِهِ
وَالتابِعينَ الغُرّ لَيسَ بِسالِمِ

وَرَمى المَذاهِبَ كُلَّها ظِهرِيَّةً
كَالشاةِ شَذَّت خَلفَ شاءٍ سائِمِ

إِن راجَعَ المُفتي الصَوابَ تَراجَعَت
فيهِ اِعتِقاداتي وَكُنتُ كَخادِمِ

وَلَئِن تَمادى أَن يَعيشَ ليَقرَعَن
وَلِيَقرَعَن إِن ماتَ سِنَّ النادِمِ

اللَهُ يَنصُرُ دينَهُ وَيَحوطُه
وَيَرُدُّ عَن أَهليهِ كَيدَ الظالِمِ


بن رازكه

الحمدان
07-14-2024, 01:20 AM
هُوَ المَوتُ عَضبٌ لا تَخونُ مَضارِبُه
وَحَوضٌ زُعاقٌ كُلُّ مَن عاشَ شارِبُه

وَما الناسُ إِلّا وارِدوهُ فَسابِقٌ
إِلَيهِ وَمَسبوقٌ تَخِبُّ نَجائِبُه

يُحِبُّ الفَتى إِدراكَ ما هُوَ راغِبٌ
وَيُدرِكُهُ لابُدَّ ما هُوَ راهِبُه

فَكَم لابِسٍ ثَوبَ الحَياةِ فَجاءَهُ
عَلى فَجأَةٍ عادٍ مِنَ المَوتِ سالِبُه

وَلَم يَقِهِ فِرعَونَ عَونٌ أَعَدَّهُ
وَلا مُردُ نَمروذٍ حَمَت وَأَشايِبُه

وَهَل كانَ أَبقى بُختَنصَّرَ بَختُهُ
وَأَنصارُهُ لَمّا تَحَدّاهُ واجِبُه

فَما صانَ حِبراً عِلمُهُ وَكِتابُهُ
وَلا مَلِكاً أَعلامُهُ وَكَتائِبُه

وَلَسنا نَسُبُّ الدَهرَ فيما يُصيبُنا
فَلا الدَهرُ جاليهِ وَلا هُوَ جالِبُه

مَضى مُشرِقَ الأَيّامِ حَتّى إِذا اِنقَضَت
لَيالي أَبي حَفصٍ تَوَلَّت غَياهِبُه

نَقيبٌ نَسينا كُلَّ شَيءٍ لِرُزئِهِ
تُذَكِّرُناهُ كُلَّ آنٍ مَناقِبُه

أَناعِيَهُ أَرسَلتَ عَزلاءَ مُهجَتي
فَها دَمُها حِملاقَ جَفني ساكِبُه

طَوى نَعيُهُ وَعيي فَها أَنا غائِبٌ
عَنِ الحِسِّ فيهِ ذاهِلُ العَقلِ ذاهِبُه

تَمَكَّنَ مِن نَفسي بِنَفسٍ سَماعه
جَوى فيهِ كُلّي ذابَ قَلبي وَقالِبُه

فَلاقَيتُهُ لُقيا شَجٍ مُتَعَلِّلٍ
بِصِدقِ الأَماني والأَماني كَواذِبُه

عَزاءَ حَيِيٍّ عَمَّهُ الشَجوُ لا يَني
تُساوِرُهُ حَيّاتُهُ وَعَقارِبُه

أُعاتِبُهُ فيما أَقامَ وَلَم يَقُم
عَلى حُجَّةِ المُعذورِ فيما أُعاتِبُه

أَهذي السَحابُ الغُرُّ وَهيَ مُلِثَّةٌ
بَواكيهِ أَم تِلكَ الرُعودُ نَوادِبُه

تَضَعضَعَتِ الدُّنيا فَسَلمى رَأَيتُهُ
لِفَقدِ اِبنِ هَد هُدَّ بِالهَمِّ جانِبُه

فَلا حَيَّ إِلّا وَهوَ أَصبَحَ مَأتَماً
تُداوَلُهُ أَشياخُهُ وَكَواعِبُه

فَقَد صَحَّ مَوتُ المَكرماتِ بِمَوتِهِ
وَصَرَّحَ ناعيهِ وَلَوَّحَ ناعِبُه

إِلى أَينَ مَن أَيّامُهُ العيدُ كُلُّها
مَآكِلُهُ مَصفوفَةٌ وَمَواكِبُه

دَعاهُ السَميعُ المُستَجابُ وَطالَما
دَعا الأَجفَلى وَالعامُ أَشهَبُ آدِبُه

ألازِمُهُ المَكتوبُ أَن حَلَّ رابَنا
وَلَكِن نِظامُ العالَمِ اِنحَلَّ كاتِبُه

وَما مثلُ الدُنيا وَراءَ خِصالِهِ
بِشَيءٍ سِوى لَيلٍ تَهاوَت كَواكِبُه

فَيا طِرفَهُ ما كُنتَ كَالخَيلِ لا أَرى
سِواكَ غَداةَ الهَيعَةِ البَدر راكِبُه

هُوَ السَيِّدُ المُمتَدُّ في الناسِ ذِكرُهُ
وَفي البُؤسِ كَفّاهُ وَفي البَأسِ قاضِبُه

يُلايِنُ مُرتاضاً أَريباً وَيَنبَري
هِزَبراً أَبا أَجرٍ عَلى مَن يُغاضِبُه

فَتىً يَهَبُ الآلافَ عَفواً وَتَنكَفي
مَخافَتَهُ الأُلافُ حينَ تُحارِبُه

تَنَوَّعَ فيهِ الناسِبونَ فَكُلُّهُم
إِلى كُلِّ جِنسٍ كامِلِ الوَصفِ ناسِبُه

فَلِلأَبحُرِ الراوونَ أَخبارَ جودِهِ
وَلِلقَمَرِ الراؤونَ كَيفَ مَناصِبُه

وَلِلأُسُدِ الواعونَ شِدَّةَ بَأسِهِ
وَما دافَعَت في كُلِّ هَيجا مَناكِبُه

مَذاهِبُ مَن يولي الجَزيلَ وَيَقتَني
بِهِ الوَفرَ مَن أَعيَت عَلَيهِ مَذاهِبُه

يُجِدُّ فَيفني مَن يُناوي مَهابَةً
وَيُجدي وَيفني مَن يُوالي مَواهِبُه

عَلانِيَةً يَأتَمُّهُ الجَمُّ وارِداً
فَيَضرِبُهُ أَو مارِداً فَيُضارِبُه

يُناجي بِما في نَفسِ عافيهِ قَلبُهُ
فَيُتحِفُهُ ما فيهِ نيطَت مَآرِبُه

أَبى فَضلُهُ الحُذّاق أَن يَحذِقوا بِهِ
فَلا اليَدُ تُحصيهِ وَلا الفَمُ حاسِبُه

فَلَم يُغنِهِ المَجدُ الّذي هوَ حائِزٌ
تُراثاً عَنِ المَجدِ الَّذي هُوَ كاسِبُه

علا حَزمه مِن طَبعِهِ مُتَعَقِّبٌ
يُباعِدُهُ الأَمرَ المَلومَ مُقارِبُه

فَما سَدّهُ مُستَأنِساً ما يُريبُهُ
مُحاكِيهُ السَدُّ الَّذي شادَ مارِبُه

مَعاطِفُهُ ما ضِقنَ ذَرعاً بِحادِثٍ
جِليلٍ وَإِن كانَت تُخافُ مَعاطِبُه

إِمامُ نَدى في جامِعِ المَجدِ راتِبٌ
تُحيلُ القَضايا أَن تُنالَ مَراتِبُه

مُنَوَّرُ مِرآةِ الفُؤادِ مُوَفَّقٌ
تَراءى لَهُ مِن كُلِّ أَمرٍ عَواقِبُه

تُفَرِّقُ ما يَكفي البَرِيَّةَ كَفُّهُ
وَتَجمَعُ مَن فَوقَ التُرابِ تَرائِبُه

نسوجٌ عَلى مِنوالِ ما كانَ ناسِجاً
عَلى ذِكرِهِ مِن عَهدِ يَحيى عَناكِبُه

عَلى يَدِهِ الطولى تَقَمَّصَت مِطرَفاً
مِنَ العِزِّ وَالإِثراءِ ها أَنا ساحِبُه

أَيَجتَمِعُ البَحرانِ إِلّا إِذا رَسا
سَفينٌ مُدنّاتٌ إِلَيهِ قَوارِبُه

يُحَكِّمُهُ رُبّانُهُ في نَفيسِها
وَيَدعوهُ فيما يَصطَفي فَيُجاوِبُه

فَيُصدِرُ رَكباً بَعدَ رَكبٍ ثَقيلَةً
بِما وَهَبَت تِلكَ اليَمينُ رَكائِبُه

فَتُبصِرُهُ عَذباً فُراتاً غَطَمطَماً
يَذِلُّ لَهُ حِقوُ الأُجاجُ وَغارِبُه

يُزاحِمُ في بَثِّ الجَميلِ تَسابُقاً
إِلى شُكرِهِ أَفواهُهُ وَحَقائِبُه

إِلى بابِهِ في كُلِّ تَيهاء مَنهَجٍ
يُؤَدّي إِلَيهِ طالِبَ العُرفِ لاحِبُه

عَجِبتُ لِأَيدٍ كَيفَ وارَت بِمَضجَعٍ
غَمامَ أَيادٍ يوعِبُ الأَرضَ صائِبُه

سَقى اللَهُ قَبراً ضَمَّهُ وَبلَ رَحمَةٍ
مِنَ الرَوحِ وَالرَيحانِ تَهمي سَحائِبُه

وَأَوفَضَ في وَحشِ التُرابِ بِروحِهِ
إِلى حَيثُ أَترابُ الجِنانِ تُلاعِبُه

فَصاحِب عَلِيُّ الصَبرَ فيهِ وَآخِهِ
فَمَحمودَةٌ عُقبى مَنِ الصبرُ صاحِبُه

فَما حانَ حَتّى بانَ مِنكَ سَمَيذَعٌ
يُجاريهِ في مَيدانِهِ وَيُجاذِبُه

هُوَ الفاعِلُ الخَيراتِ قُدِّرَ حَذفُهُ
فَثِق بِوُجوبِ الرَفعِ إِنَّكَ نائِبُه

تَبارَيتُما بَدرَينِ في أُفُقِ العُلا
فَقَد سرَّ باديهِ وَأَحزَنَ غائِبُه

وَما قَلَّدوكَ الأَمرَ إِلّا تَيَقُّناً
لِإِدراكِكَ الأَمرَ الَّذي أَنتَ طالِبُه

فَقُم راشِداً وَاِقصُد عَدُوَّكَ واثِقاً
بِفَتحِكَهُ إِذ هَمُّ خَوفِكَ ناصِبُه

فَيُؤيدُكَ اللَهُ الَّذي هُوَ باسِطٌ
يَدَيكَ فَمَغلوبٌ بِهِ مَن تُغالِبُه

فَلا يَتنِكَ الحُسّادُ عَمّا تَشاؤُهُ
فَلَن يَمنَعَ الحُسّادُ ما اللَهُ واهِبُه

فَأَموالُهُم ما أَنتَ بِالسَيبِ واهِبٌ
وَأَعمارُهُم ما أَنتَ بِالسَيفِ ناهِبُه

كَما لَكَ يا إِنسانَ عَينِ زَمانِهِ
تَكَنَّفَهُ حِفظٌ مِنَ اللَهِ حاجِبُه


ابن رازكه
العصر العثماني

الحمدان
07-14-2024, 03:03 PM
قال أحدهم:
اعْشقْ مِنَ النِّسْاء كُلَّ قَصيرَةٍ
وَدَعِ العَواميدَ الطِّوالَ وَأَمْرَها

أَيْنَ الجَمالُ بِأَنْ تُحِبَّ زَرافَةً
تَحْتاجُ حَبلاً كي تُقَبِّلَ خَدِهَا

فردت إحداهن

اعْشَقْ مِنَ النِّسْاء كُلَّ طَويلَةٍ
وَدَعِ السَّنافِرَ بَيْنَها تَتَسَنْفَرُ

أَيْنَ الجَمالُ بِأَنَّ تُحِبَّ قَصيرَةً
إِنْ سِرْتَ غَفْلانًا بِها تَتَعَثَّر


......

الحمدان
07-14-2024, 04:40 PM
والسيف أحسنُ ما تُلفَى مَضَاربُه
إذا استقلَّ بِكَفِ الفارسِ البطلِ

إذا جَعَلتُك لي ظهراً ومعتصماً
وساورتني صروفُ الدهرِ لم أبلِ


ابن هندو

الحمدان
07-14-2024, 04:40 PM
أبي عَزمَةَ السُّلوانِ قلبٌ مُتَيَّمٌ
يَمُدُّ التَّسلِّي عِشقَهُ بمدود

جليدٌ إذا حَرُّ الحديد أصَابهُ
وليس على حَرِّ الهوى بجليدِ

فلا تعذِلا قوماً لهم عند عِشقِهم
عزائمُ صعوٍ في قُلُوبِ أُسودِ


إبن هندو

الحمدان
07-14-2024, 04:41 PM
يا سيفُ إن تُدرك بحاشيةِ اللِّوى
ثأراً جعلتُ له غِرارَكَ غارما

أجعل قِرابَك فضَّةً مَسبُوكةً
وأصُغ عليك من الزَّبرجدِ قائما

كن للرؤوس فَدتكَ نفسي ناثراً
كيما أكونَ لمدحِ طَبِعك ناظماً

هل أرضَعَتكَ صَيَاقلي ماءَ الرَّدى
إلا لتُرضِعَني الدَّماءَ سواجِما


ابن هندو

الحمدان
07-14-2024, 04:41 PM
أحَقُّ ملكٍ بأن تَعنُو له الأممُ
مُلكٌ تَعاوَنَ فيه السيفُ والقَلَمُ

شيئانِ إن رَكَعا فالهامُ ساجدة
أو أسبَلا عبرَةً فالنصرُ مُبتَسمُ

أظمى وأبيض يهتَزَّان ريقهما
جَون وأحمرُ ذا نِقسٌ وذاك دمُ

هذا بكفِّ مليكٍ بَأسُهُ قَدَرٌ
وذا بكفِّ وزيرٍ رأيُه ضَرَمُ


إبن هندو

الحمدان
07-14-2024, 04:42 PM
وإنَّ لِصَرفِ الدهرِ بين جوانحي
وقائعَ أنفاسي لُهنَّ غبارُ

تَوَلَّى شبابي فارتدَيتُ الرِّضى به
ولا عجبٌ أن يُستَردَّ مُعارُ

وقالت تفاريقُ الشَّبَابِ بِلمَّتي
تَمَتَّع فما بعدَ العَشيِّ عَرارُ


ابن هندو

الحمدان
07-14-2024, 04:43 PM
لا خير في طبرستانٍ وجُرجانِ
فاضرب عليها بإيقاعٍ وألحانِ

وارحل فإنَّ بلادَ الله واسعةٌ
هذا العراقُ وذا مَنجا خُراسَانِ

من كلِّ شيءٍ لطُلاَّبِ العُلا بَدَلٌ
أرضٌ بأرضٍ وَسُلطَانٌ بِسُلطانِ


إبن هندو

الحمدان
07-14-2024, 04:43 PM
وعهدِ شبابٍ قد خَلعتُ جديدَهُ
على خُلَّبيِّ الودِّ غير أمين

نَجَلتُ له سرَّ الهوى وأبحتُه
حِمى النُّصحِ إني ناصحٌ لقريني

إذا قلتُ قد أعطى القيادَ رأيتُني
ألفُّ على كَفِّيَّ حَبلَ حَرونِ

فلما تأبى قَلبُه غَيرَ خَفقةٍ
بودِّ كبيت العنكبوتِ ظنين

أطرتُ غُرابَ البينِ في عَرَصاتِهِ
وقلتُ تأمَّل غيرُ دينك ديني

وودَّعتُ أسبابَ الصَّبابِة بَعدَهُ
فأخفيتُ دَمعي واختربتُ حنيني


إبن هندو

الحمدان
07-14-2024, 04:44 PM
خليليَّ ليس الرَّأي ما تَرَيَان
فَشأنكما أنِّي ذَهبتُ لِشَاني

خليليَّ لولا أنَّ في السَّعي نفعه
لما كان يوماً يدأبُ القَمَرانِ


إبن هندو

الحمدان
07-14-2024, 04:44 PM
سألتُ زماني وَهو بالجهلِ مُولعٌ
وبالسُّخفِ مُهتزٌّ وبالنقصِ مُختصُّ

فقلتُ له هل من طريقٍ إلى الغنى
فقال طريقان الوقاحةُ والنَّقصُ


إبن هندو

الحمدان
07-14-2024, 04:45 PM
جرى قلمُ القضاءِ بما يكونُ
فَسِيَّان التَّحَرُّكُ والسكونُ

جنونٌ منك أن تَسعَى لرزقٍ
ويُرزقُ في غِشَاوتِه الجنينُ


ابن هندو

الحمدان
07-14-2024, 04:45 PM
ألا مَن لقلب بالفِراقِ مُروَّعٍ
ودُفَّاعِ جَمرٍ صُبَّ بين ضُلوعي

وقِرطاسِ خدِّ في هواكِ مَشَقتُهُ
بأقلام هُدبي من مِدادِ دُموعي


ابن هندو

الحمدان
07-14-2024, 04:46 PM
إذا هَبَّت رِياحُك فاغتَنمِهَا
فإن لكلِّ خَافِقَة سُكونُ

ولا تعقُل عن الإحسانِ فيها
فما تدري السُّكون متى يكون


إبن هندو

الحمدان
07-14-2024, 04:46 PM
دعَاوَى الناسِ في الدّنيا فنونُ
وعلمُ الناسِ أكثرُهُ ظنونُ

وكم من قائلٍ أنا من فُلانٍ
وعند فُلانَة الخبرُ اليقينُ


ابن هندو

الحمدان
07-14-2024, 04:47 PM
قالوا أشتَغِل عنهمُ يوماً بغيرهِمُ
وخادِعِ النَّفسَ إن النفسَ تنخدِعُ

قد صِيغَ قَلبي على مِقدَارِ حُبِّهمُ
فما لِحُبِّ سواهُم فيه مُتَّسَعُ


إبن هندو

الحمدان
07-14-2024, 04:47 PM
يا مَن مُحَيَّاه كاسمه حسنُ
إن نِمتَ عنِّي فليس لي وسَنُ

قد كنتُ قبل العذارِ في مِحَنٍ
حتى تَبَدَّى فَزَادتِ المحنُ

يا شعرات جميعها فِتَنُ
تَتِيه في وصفِ كُنهِها الفِطنُ

ما غيروا من عذارِه سفهاً
قد كان غُصناً فأورَقَ الغُصنُ


إبن هندو

الحمدان
07-14-2024, 04:48 PM
لا ينتظر فزعاً من قلبيَ الجزعُ
ولا يكُن للنَّوى في دَمعَتي طَمَعُ

جَهلٌ مقاميَ في أرضٍ يضيقُ بها
ذرعي ولي في بلادِ الله مُتَّسعُ

لا تقنعنَّ من الدنيا فكم كَسَلٍ
مَعناهُ عَجزٌ ولكنَّ اسمَه القنَعُ


ابن هندو

الحمدان
07-14-2024, 04:48 PM
وإذا رأيتَ الفضلَ فازَ به الفتى
فاعلم بأنَّ هناك نقصاً خافياً

فالله أكملُ قُدرَةً من أن تَرَى
لكمالِه ممن بَرَاه ثانياً


إبن هندو

الحمدان
07-14-2024, 04:48 PM
ظَبيٌ إذا قَتَل النُّفُوسَ بصارمٍ
من طَرفِه رَضِيَت بِقُبلَته ديَه

وإذا دَعَوتُ عليه عندَ تَعَتُّبِي
فأشدُّ ما أدعو به أن أَفدِيَه


إبن هندو

الحمدان
07-14-2024, 04:49 PM
صارَ التَّصرُّف صَرفاً
للرزقِ عمن تَصَرَّف

يَروم نفعاً فيعطي
صفعاً به الفيل يَرعَف

دَعهُ كما هو إلا
لؤمٌ بشؤمٍ مُغلَّف

وإنَّ أحسَنَ منه
بالمرءِ أن يَتَكَفَّف


ابن هندو

الحمدان
07-14-2024, 04:49 PM
عارضَ وَردُ الغصون وَجنتهُ
فاتَّفقَا في الجمالِ واختَلفا

يَزدادُ بالقَطفِ وَردُ وجنَتِهِ
ويَنقُصُ الوردُ كلَّما قُطِفَا


ابن هندو

الحمدان
07-14-2024, 04:50 PM
أمَا من صاحبٍ أشكُو لَدَيهِ
وأَملأُ بالشِّكايَةِ مَسمَعيه

إذا زَمَن ذَمَمناه تَوَلى
أَتَى زَمَنٌ يُشوِّقُنا إليه

لَعَنَّا العامريَّ وكَانَ حَيَّا
فحين مَضَى تَرَحَّمنَا عليه


ابن هندو

الحمدان
07-14-2024, 04:50 PM
تمنيتُ مَن أهوى فلما لَقيتُهُ
بُهِتُّ فلم أملك لساناً ولا طَرفا

وقد كان في قلبي أمورٌ كثيرةٌ
فلم التقينا ما نطقتُ ولا حرفا

وأطرقتُ إجلالاً له ومَهَابةً
وحاولتُ أن يَخفَى الذي بي فَلَم يَخفَا

فلو أنني مُلِّكتُ من ثغرهِ الذي
تَمَكَّن فيه الدُّرُّ قبلته ألفا


ابن هندو

الحمدان
07-14-2024, 04:50 PM
كيف أرجو السَّمَاحَ أو أَبتَغيه
في زمانٍ عَمَّ البِغَاءُ بَنِيه

يُولَدُ التَّوأمَانِ فيه وَكُلٌّ
منهما مُمسِكٌ بأَيرِ أَخيه


ابن هندو

الحمدان
07-14-2024, 04:51 PM
كيف أرجو السَّمَاحَ أو أَبتَغيه
في زمانٍ عَمَّ البِغَاءُ بَنِيه

يُولَدُ التَّوأمَانِ فيه وَكُلٌّ
منهما مُمسِكٌ بأَيرِ أَخيه


ابن هندو

الحمدان
07-14-2024, 04:51 PM
أَصبَحَ من وُدِّي على حَرف
من لم أخُنه قطُّ في حرفِ

أسقمني طَرفُك من سُقمِهِ
وصحَّتي في سَقَم الطَّرفِ

منك صلاحي وفسادي معاً
والنفخ مُذكي النار والُمطفي

صُوِّرتَ من لُطفٍ فَلِم لا أرى
منك سوى الجفوةِ والعنفِ


ابن هندو

الحمدان
07-14-2024, 04:52 PM
تأَن فالمرءُ إن تَأَنَّى
أَدركَ لا شكَّ ما تَمَنَّى

وما لمُستَوفِزٍ عَجُول
حَظِّ سوَى أنه تَعَنَّى


ابن هندو

الحمدان
07-14-2024, 04:52 PM
بناه مكارمٍ وأساةُ كَلمٍ
دماؤهم م الكلب الشفاءُ

فلو أن السماءَ دنت لمجد
ومكرُمةٍ دنت لهم السماءُ


ابن هندو

الحمدان
07-14-2024, 04:52 PM
ألا ليتَ شعري كيف أشكُرُ بعض ما
تطوَّقتُ مِن مَنِّ الحَمَامِ الُمطَوَّقِ

فَدَت مُهجَتي أيكاً عليه سقوطه
وفرخاً بَدَا من بيضه المتفلّقِ

لَسَاعدَ نَوحي نَوحَه حين مَلَّني
خليلي وخلَّى صحبتي كلُّ مُشفِقِ

كلانا سواءٌ في البكا غير أنني
بَكَيتُ لأشواقي ول يتشوقِ


ابن هندو
العصر العباسي

الحمدان
07-14-2024, 06:05 PM
نظرت من البستان أحسن منظر
وقد حجبَ الأغصانُ شمسَ المشارق

إلى دوح كمثرى يلوحُ كأنه
قناديلُ تبر محكماتُ العلائقِ

وسافرة عن أوجهٍ من سفرجلٍ
يحيل على معنًى من الحسن فائقِ

حكت سرر الغاداتِ منها أسافلٌ
وتحكي أعاليها نهود العواتقِ


ابن رشيق القيروان

الحمدان
07-14-2024, 06:05 PM
اللهُ بَاقٍِ وَكُلُّ هَالِكٌ مُودِي
وَالمَوتُ لَيسَ عَلَى حَالٍ بِمَردُودِ

فَانظُر وَإنَّكَ فِي الدُّنيَا عَلَى خَطَرٍ
مَا يَفعَلُ الدَّهرُ فِي صُمِّ الجَلاَمِيدِ

وَقَد رَمَاهَا العَنَا فِي دَارِ غِبطَتِهِ
إذَا استَفَادَ بِلىً مِنهَأ بِتَجدِيدِ

هَذَا مُحَمَدٌّ المَحمُودُ أَجمَعُهُ
قَد خَلَّفَ الدَّهرَ فِينَا غَيرَ مَحمُودِ

فَأَيُّ حَظٍّ مِنَ المَعرُوفِ مُنقَطِعٍ
وَأيُّ رُكنٍ مِنَ الإِسلاَمِ مَهدُودِ

أودَى ابنُ عَبَّاسٍ الثَّانِي وَوَارِثُهُ
دُنيَا وَعِلماً وَفَضلاً غَيرَ مَجحُودِ

أودَآ وَلم يُبقِ شَيئاً كَانَ يَملِكُهُ
إلاَّ بُيُوتاً كَأمثَالِ المَسَاجِيدِ

مَن لاَ يَرُدُّ ضَعِيفاً عِندَ مَسأَلَةٍ
وَلاَ يُرَى وَهوَ ثَانِي العِطفِ وَالجِيد

فَليَبكِهِ كُلُّ مَلهُوفٍ لِحَاجَتِهِ
وَكُلُّ مُعفىً عَنِ الأبوَابِ مَطرُودِ

لَهُ التَّقَدُّمُ فِي فَرضٍ وَنَافِلَةٍ
عَلَى أَيِمَّتِنَا الغُرِّ الصَّنَادِيدش

فَمَا رَأيتُ مَصَابِيحَ الهُدَى اجتَمَعُوا
إِلاَّ وَأَلقَوا إلَيهِ بِالمَقَالِيدِ


إبن رشيق القيروان

الحمدان
07-14-2024, 06:06 PM
عَيناكَ أَمكَنَتِ الشَيطانَ مِن خَلَدِي
إِنَّ العُيونَ لَأَعوانُ الشَياطِينِ

كَم لَيلَةٍ بِتُّ مَطويّاً عَلى حَرَقٍ
أَشكُو إِلى النجمِ حَتّى كادَ يَشكُوني

ياما أُمَيِلحَهُ ظَبياً فُتِنَتُ بِهِ
وَأَيُّ خَلقٍ بِظَبيٍ غَيرُ مَفتُون

يَجلُو نَباتَ أَقاحٍ مِن بَناتِ فَمٍ
يُسقى بِمِثلِ بُنَيّاتِ الزَراجِينِ

وَوَجنَتَينِ هُما تُفّاحَتا قُبَلي
فَاتُرك سِوايَ وَتُفّاحَ البَساتِينِ

فُتُونُ عَينَيكَ تَنهاني وَتَأمُرُني
وَوَردُ خَدّيكَ يُغري بِي وَيُغرِيني

أَما لَئِن بِعتُ دِيني وَاشتَرَيتُ بِهِ
دُنيا لَما بِعتُ فيكَ الدِينَ بِالدُونِ

اِستَغفِرُ اللَهَ لا وَاللَهِ ما نَفَعَت
مِن سِحر مُقلَتِهِ آياتُ ياسِينِ

سُبحانَ مَن خَلَقَ الأَشياءَ قاطِبَةً
تُراهُ صَوَّرَ ذاكَ الجِسمَ مِن طِينِ

يا أَهل صَبرَةَ وَالأَحبابِ عِندَكُمُ
إِن كانَ عِندَكُمُ صَبرٌ فَواسُوني

إِنّي أَدينُ بِدِين الحُبّ وَيَحَكُمُ
وَاللَهُ قَد قالَ لا إِكراهَ في الدين

مَولايَ لا تُشمِتِ الأَعداءَ بِي وَإِذا
نَسِيتَ قَوليَ فاذكر قَولَ هارُونِ

حاسِب هَواكَ بِما أَنفَقتُ مِن عُمرِي
وَاللَهِ لَو كانَ عُمري كَنزَ قارُونِ

لَو كُنتُ أَملِكُ نَفسي يا مُعَذِّبَها
قَرَّبتُها لَكَ في بَعض القَرابين


إبن رشيق القيروان

الحمدان
07-14-2024, 06:06 PM
إِذا أَقْبَلَتْ أَقْعَتْ وَإِنْ أَدْبَرَتْ كَبَتْ
وَتَعْرِضُ طُولاً في الْعِنَانِ فَتَسْتَوي

وَكَلَّفْتُ حاجاتي شَبيهَةَ طائِرٍ
إِذا انْتَشَرَتْ ظَلَّتْ لَها الأَرْضُ تَنْطَوي

رَجَوْتُكَ لِلأَمْرِ المُهِمِّ وَفي يَدي
بَقايا أُمَنِّي النَّفْسَ فيها الأَمانِيا

فَساوَفْتَ بي الأَيَّامَ حَتَّى إِذا انْقَضَتْ
أَواخِرُ ما عِنْدي قَطَعْتَ رَجائِيا

وَكُنْتُ كأَنِّي نازِفُ البِئْرِ طالِباً
لأِجْمامِها أَوْ يَرْجِعَ المَاءُ صافيا

فلا هُوَ أَبْقَى ما أَصابَ لِنَفْسِهِ
وَلا هِيَ أَعْطَتْهُ الَّذي في ناظِرَيْهِ


إبن رشيق القيروان

الحمدان
07-14-2024, 06:07 PM
كَمْ كانَ فِيها منْ كِرامٍ سادَة
بِيضِ الْوُجوهِ شَوامخِ الإِيمانِ

مُتَعاوِنينَ على الدِّيانَةِ والتّقى
للهِ في الإِسْرارِ والإِعْلان

وَمُهَذَّبٍ جَمِّ الفَضائِلِ باذِلٍ
لِنَوالِهِ وَلعِرْضِهِ صَوَّانِ

وَأَئِمَّةٍ جَمَعُوا الْعُلُومَ وَهَذَّبُوا
سنَنَ الْحَديثِ وَمُشْكِلَ الْقُرْآنِ

عُلَماءَ إِنْ سَاءَلْتَهُمْ كشَفُوا الْعَمَى
بِفَقاهةٍ وَفَصاحَةٍ وَبَيانِ

وَإِذا الأْمُورُ اسْتَبْهَمَتْ وَاسْتَغْلَقَتْ
أَبْوابُها وَتَنازَعَ الْخَصْمانِ

حَلُّوا غَوامِضَ كُلِّ أَمْرٍ مُشْكِلٍ
بِدليلِ حَقٍّ واضِحِ البُرْهانِ

هَجَروا المَضاجِعَ قانِتينَ لِرَبِّهِمْ
طَلباً لِخَيْرِ مُعَرَّسٍ وَمغانِ

وَإِذا دَجا اللَّيْلُ البَهيمُ رَأَيْتَهُمْ
مُتَبَتِّلينَ تَبَتَّلَ الرُّهْبانِ

في جَنَّةِ الْفِرْدَوْسِ أَكْرَمِ مَنْزِلٍ
بَيْنَ الْحِسانِ الْحُورِ وَالغِلْمانِ

تَجِرُوا بِها الفِرْدَوْسَ مِنْ أَربْاحِهِمْ
نِعْمَ التِّجارَةُ طاعَةُ الرَّحْمانِ

المُتَّقينَ اللهَ حَقَّ تُقاتِهِ
وَالعارِفينَ مَكايِدَ الشَّيْطانِ

وَتَرى جَبابِرَةَ المُلوكِ لَدَيْهِمُ
خُضُعَ الرِّقابِ نَواكِسَ الأَذْقانِ

لا يَسْتَطيعُونَ الكلامَ مَهابَةً
إلاَّ إِشارَةَ أَعْيُن وَبَنانِ

خافُوا الإِلهَ فَخافَهُمْ كُلُّ الْوَرَى
حَتَّى ضِراءُ الأُسْدِ في الْغِيلانِ

تُنْسيكَ هَيْبتُهُمْ شَماخَةَ كُلِّ ذي
مُلْكِ وَهَيْبَةَ كُلِّ ذي سُلْطانِ

أَحْلامُهُمْ تَزِنُ الْجِبِالَ وَفَضْلُهُمْ
كالشَّمْسِ لا تَخْفى بِكُلِّ مَكانِ

كانَتْ تُعَدُّ القَيْرَوَانُ بِهِمُ إِذا
عُدَّ المَنابِرُ زَهْرَةَ البُلْدانِ

وَزَهَتْ على مِصْرٍ وَحُقَّ لَها كَما
تَزْهُو بِهِمْ وَغَدتْ على بَغْدانِ

حَسُنَتْ فَلما أَنْ تَكامَلَ حُسْنُها
وَسَما إِلَيْها كُلُّ طَرْفٍ رانِ

وَتَجَمَّعَتْ فيها الفَضائلُ كُلَّها
وَغَدَتْ مَحَلَّ الأَمْنِ الإِيمانِ

نَظَرَتْ لها الأَيَّامُ نَظْرَةَ كاشِحٍ
تَرْنُو بِنَظْرَةِ كاشِحٍ مِعْيانِ

حَتَّى إِذا الأَقْدارُ حُمَّ وَقوعُها
وَدَنا القَضاءُ لِمُدَّةٍ وَأَوَانِ

أَهْدَتْ لَها فِتَاً كلَيْلٍ مُظْلِمِ
وَأَرادَها كالنَّاطِحِ العيدانِ

بِمَصائِبٍ مِنْ فادِعٍ وأَشائِبٍ
مَمَّنْ تَجَمَّعَ مِنْ بَني دَهْمانِ

فَتَكوا بأمَّةِ أَحْمَدِ أتُراهُمُ
أَمِنُوا عِقابَ اللهِ في رَمَضانِ

نَقَضُوا العُهُودَ المُبْرَماتِ وَأَخْفَرُوا
ذِمَمَ الإلهِ وَلَمْ يَفُوا بِضَمانِ

فاسْتَحْسنوا غَدْرَ الْجِوارِ وَآثَرُوا
سَبْيَ الْحَريمِ وَكَشْفَةَ النِّسْوانِ

سامُوهُمُ سُوءَ العَذابِ وَأَظْهَروا
مُتَعَسِّفينَ كَوَامِنَ الأَضْغانِ

وَالمُسْلِمونَ مُقَسَّمونَ تَنالُهُمْ
أَيْدِي العُصاةِ بِذِلَّةٍ وَهَوانِ

ما بَيْنَ مُضْطَرٍّ وَبَيْنَ مُعَذَّبٍ
وَمُقَتَّلٍ ظُلْماً وَآخَرَ عانِ

يَسْتَصْرِخُونَ فلا يُغاثُ صَريخُهُمْ
حَتَّى إِذا سَئِمُوا مِنَ الارْنانِ

بادوا نُفُوسَهُمُ فَلَّما أَنْفَذُوا
ما جَمَّعوا مِنْ صامتٍ وَصوانِ

وَاسْتَخْلَصوا مِنْ جَوْهَرٍ وَمَلابِسٍ
وَطرائِفٍ وَذَخائِرٍ وَأَوانِ

خَرَجُوا حُفاةً عائِذينَ بِرَبِّهِمْ
مِنْ خَوْفِهِمْ وَمَصائِبِ الأَلْوانِ

هَرَبُوا بِكُلِّ وَليدَةٍ وَفَطيمَةٍ
وَبِكُلِّ أَرْمَلَةٍ وَكُلِّ حَصانِ

وَبِكُلِّ بكْرِ كالمَهاةِ عَزيزَةٍ
تَسْبي الْعُقولَ بِطَرْفِها الفَتَّانِ

خُودٍ مُبَتَّلةِ الوِشاحِ كأَنَّها
قَمَرٌ يَلوحُ على قَضيبِ الْبانِ

وَالمَسْجِدُ المَعْمُورُ جامِعُ عُقْبَةٍ
خَرِبُ المعاطِنِ مُظْلِمُ الأَرْكانِ

قَفْرٌ فَما تَغْشاهُ بَعْدُ جَماعَةٌ
لِصلاةِ خَمْسٍ لا ولا لأَذانِ

بَيْتٌ بِهِ عُبِدَ الإِلَهُ وَبُطِّلتْ
بَعْدَ الْغُلُوِّ عِبادَةُ الأَوْثانِ

بَيْتٌ بِوَحْي اللهِ كانَ بِناؤُهُ
نِعْمَ البِنا وَالمُبْتَنى وَالْباني

أَعْظِمْ بِتِلْكَ مُصيبَةً ما تَنْجَلي
حَسَراتُها أَوْ يَنْقضي المَلَوانِ

لَو أَنَّ ثَهْلاناً أُصيبَ بِعُشْرِها
لَتَدَكْدَكتْ مِنْها ذُرا ثَهلان

حَزِنَت لها كُوَرُ الْعِراقِ بأَسْرِها
وَقُرى الشَّآمِ وَمِصرُ والْخُرسانِ

وَنَزْعَزعَت لمصابها وَتَنَكَّدَتْ
أَسَفاً بلادُ الْهِنْدِ والسِّندانِ

وَعَفا مِنَ الأَقْطارِ بَعْدَ خَلائِها
ما بَيْنَ أَنْدَلُسٍ إِلى حُلْوانِ

وَأَرى النُّجومَ طَلَعْنَ غَيْرَ زَواهِرٍ
في أُفْقِهِنَّ وَأَظْلَمَ الْقَمَرانِ

وَأَرى الْجِبالَ الشُمَّ أَمْسَتْ حُشَّعا
لِمُصابِها وَتَزَعْزَعَ الثَّقلانِ

وَالأَرْضُ مِنْ وَلَهٍ بِها قَدْ أَصْبَحَتْ
بَعْدَ الْقَرارِ شَديدَةَ المَيَلانِ

أَتَرَى اللَّيالي بَعْدَ ما صَنَعَتْ بِنا
تَقْضي لَنا بِتَواصُلٍ وَتَدانِ

وَتُعيدُ أَرْضَ الْقَيْرَوانِ كَعَهْدِها
فيما مَضى مِنْ سالِفِ الأَزْمانِ

مِنْ بَعْدِ ما سَلَبَتْ نَضائِرَ حُسْنِها
الْأَيْامُ وَاخْتَلَفَتْ بها فئَتانِ

وَغَدَتْ كأَنْ لَمْ تَغْنَ قَطُّ وَلم تَكُنْ
حَرَماً عَزيزَ النَّصْرِ غَيْرَ مُهانِ

أَمْسَتْ وَقَدْ لَعِبَ الزَّمانُ بأَهْلِها
وتَقَطَّعَتْ بِهِمُ عُرا الأَقْرانِ

فَتَفَرَّقُوا أَيْدي سَبا وَتَشَتَّتُوا
بَعْدَ اجْتِماعِهِمُ على الأَوْطان


إبن رشيق القيروان

الحمدان
07-14-2024, 06:08 PM
ذُمَّتْ لِعَيْنِكَ أَعْيُنُ الْغِزْلانِ
قَمَرٌ أَقَرَّ لِحُسْنِهِ الْقَمَرانِ

وَمَشَتْ ولا واللهِ ما حِقْفُ الْنَّقا
مِما أَرَتْكَ وَلا قَضيبُ البانِ

وَثَنُ الْمَلاَحةِ غَيْرِ أَنَّ ديِانَتي
تَأْبى عَليَّ عِبادَةَ الأَوْثان

يا ابْنَ الأعِزَّةِ مِنْ أَكابِرِ حِمْيَرٍ
وَسُلاَلةِ الأَمْلاكِ مِنْ قَحْطانِ

مِنْ كُلِّ أَبْلَجَ آمِرٍ بلِسانِهِ
يَضَعُ السُّيُوفَ مَواضِعَ التِّيجانِ

وَحَلَلْتَ مِنْ عَلْياءِ صَبْرَةَ مَوْضِعاً
أَكْرِمْ بِهِ مِنْ مَوْضِعٍ وَمَكانِ

زادَتْ بناه على الْخَوَرْنَقِ بَسْطةً
وَحَوَتْ أَعَزَّ حِمى مِنَ النَّعْمانِ

وَغَدا ابْنُ ذي يَزَنٍ بِسُفْلٍ دُوَنهُ
هِمَماً نَزَلْنَ بِهِ على غَمْدانِ


ابن رشيق القيروان

الحمدان
07-14-2024, 06:08 PM
أَلا ساعَةٌ يَمْحو بِها الدَّهْرُ ذَنْبِهُ
فَقَدْ طالَ ما أَشْكُو وَما أَتَبَرَّمُ

فَلَمْ أَرَ مِثْلي بَيْنَ عَيْنَيْهِ جَنَّةٌ
وَبَيْنَ حَشاهُ والتَّراقي جَهَنَّمُ


إبن رشيق القيروان

الحمدان
07-14-2024, 06:09 PM
فَكَّرْتُ لَيْلَةٍ وَصْلِها في صَدِّها
فَجَرَتْ بَقايا أَدْمُعي كالْعَنْدَمِ

فَطَفِقْتُ أَمْسَحُ مُقْلَتي في نَحْرِها
إِذْ عادَةُ الكافُورِ امْساكُ الدَّمِ


إبن رشيق القيروان

الحمدان
07-14-2024, 06:09 PM
رَمَى حَرَّ قَلْبي بأَجْفانِهِ
رَشا ما دَرى قَدْرَ ما قَدْ رَمى

وَقَدْ كانَ قَدَّمَ إِحْسانَهُ
وَلكِنَّهُ قَدَّ ما قَدَّما

وَهَدَّمَ بُنْيانَ صَبْري بِهِ
فما أَحَدٌ هَدَّ ما هَدَّما

لَئِنْ كانَ حَرَّمَ مِنْ أُنْسِهِ
حَلالاً فَيا حَرَّ ما حَرَّما

وَإِنْ كانَ أَضْرَمَ نارَ الْجَوىَ
فَلا أَشْتَكي ضرَّ ما أَضْرَما

فَتَسْليمُ أَمْري بهِ لِلْقَضا
ذَخَرْتَ بِهِ أَجْرَ ما أَجْرَما


إبن رشيق القيروان

الحمدان
07-14-2024, 06:10 PM
أَذا بَرَدٌ تَحَدَّرَ مِنْ غَمامٍ
عَلَيْنا أَمْ تَناثَرَتِ النجومُ

إِذا أَتَتِ السَّماءُ بِمِثْلِ هذا
فما بالُ الْقِيامَةِ لا تَقُومُ

وَإِلاَّ فَهْيَ شُهْبٌ ثاقِباتٌ
وَكُلُّ النَّاسِ شَيْطانٌ رَجيمُ


ابن رشيق القيروان

الحمدان
07-14-2024, 06:27 PM
وَلَمْ أنْسَهُ إِذْ قَبَّلَ الرُّكْنَ خالِياً
وَوَضْعُ فَمي مِنْهُ على مَوْضِعِ الْفَمِ

فأَدْرَكْتُ ما في النَّفْسِ مِنْ غَيْرِ ريبَةٍ
وَقَبَّلْتُهُ إِلاَّ تَحَرُّجَ مُحْرِمِ

وَرُحْتُ بِجِجٍّ كالْجِهادِ لأَنَّني
جَمَعْتُ بِهِ ما يَيْنَ أَجْرٍ وَمَغْنَمِ


إبن رشيق القيروان

الحمدان
07-14-2024, 06:30 PM
فَتىً رَبُّهُ دِرْهَمُهْ
وَفارِسُهُ أَدْهَمُهْ

وَغَيْرُ حَلالٍ جَميع
مَا فِيهِ إِلاَّ دَمُهْ

تَكَوَّنَ مِنْ بُغْضِهِ
فَلا أَحَدٌ يَرْحَمُهْ

وَيشْتِمُ كُلَّ امْرِىءٍ
وَكُلُّ امْرىءٍ يَشْتِمُهْ

تَبَدَّى لَنا ضَاحِكاً
فَقُلْتُ ..... أَوْ فَمُهْ


ابن رشيق القيروان

الحمدان
07-14-2024, 06:30 PM
قَسَماً بما لا قَيْتُ مِنْ مَضَضِ الْهوى
إِني لأَسْرارِ الْهَوى لَكَتُومُ

أَمَّا المَحَبَّةُ في الْمَذَاقِ فإِنَّها
كالشَّهْدِ إِلاَّ أَنَّهُ مَسْمُومُ

ابن رشيق القيروان
تونس

الحمدان
07-14-2024, 06:32 PM
كان الأديبان الكبيران؛ ابن رشيق، وابن شرف القيروانيّان صديقين متلازمين، فأدّت الأحداث السياسيّة في القيروان إلى خروج ابن شرف إلى الأندلس، ودعا صديقه ابن رشيق إلى صحبته في الخروج، فتردّد ابن رشيق، وأنشد :

مِمّا يزهّدُني في أرضِ أندلُسٍ
أسماءُ مُقتدِرٍ فيها ومُعتضِدِ

ألقابُ مملكةٍ في غيرِ موضِعِها
كالهِرِّ يَحكي انتفاخاً صَولةَ الأسدِ

فأجابه ابن شرف على الفور:

إنْ ترمِكَ الغُربَةُ في معشرٍ
قد جُبِلَ الطبعُ على بُغضهمْ

فدارِهِمْ ما دمتَ في دارِهِم
وأرضِهِم ما دُمتَ في أرضِهِمْ

هذه هي قصّة الأبيات الأربعة المشتهرة على ألسنة الناس.!

الحمدان
07-14-2024, 06:32 PM
بَنُو شَرَف شَرَفٌ أمُّهُم
وَلَيسَت أبَاكُم فَلا تَكذِبِ

وَلَكِنَّهَأ التَقَطَت شَيخَكُم
فَأثبِتَ فِي ذَلِكَ المَنصِبِ

أبِينُوا لَنَا أُمَّكُم أَوَّلاً
وَنَحنُ نُسَامِحُكُم بِالأَب


ابن شرف القيرواني

الحمدان
07-14-2024, 10:03 PM
بَكَرَت سُمَيَّةُ غُدوَةً فَتَمَتَّعِ
وَغَدَت غُدُوَّ مُفارِقٍ لَم يَرجِعِ

وَتَزَوَّدَت عَيني غَداةَ لَقيتُها
بِلِوى عُنَيزَةَ نَظرَةً لَم تَنفَعِ

وَتَصَدَّفَت حَتّى اِستَبَتكَ بِواضِحٍ
صَلتٍ كَمُنتَصَبِ الغَزالِ الأَتلَعِ

وَبِمُقلَتَي حَوراءَ تَحسُبُ طَرفَها
وَسنانَ حُرَّةِ مُستَهَلِّ الأَدمُعِ

وَإِذا تُنازِعُكَ الحَديثَ رَأَيتَها
حَسَناً تَبَسُّمُها لَذيذَ المَكرَعِ

كَغَريضِ سارِيَةٍ أَدَرَّتهُ الصَبا
مِن ماءِ أَسجَرَ طَيِّبِ المُستَنقَعِ

ظَلَمَ البِطاحَ بِهِ اِنهِلالُ حَريصَةٍ
فَصَفا النِطافُ بِها بُعَيدَ المُقلَعِ

لَعِبَ السُيولُ بِهِ فَأَصبَحَ ماؤُهُ
غَلَلاً تَقَطَّعَ في أُصولِ الخِروَعِ

فَسُمَيَّ وَيحَكِ هَل سَمِعتِ بِغَدرَةٍ
رُفِعَ اللِواءُ بِها لَنا في مَجمَعِ

إِنّا نَعِفُّ فَلا نَريبُ حَليفَنا
وَنَكُفُّ شُحَّ نُفوسِنا في المَطمَعِ

وَنَقي بِآمِنِ مالِنا أَحسابَنا
وَنُجِرُّ في الهَيجا الرِماحَ وَنَدَّعي

وَنَخوضُ غَمرَةَ كُلِّ يَومِ كَريهَةٍ
تُردي النُفوسَ وَغُنمُها لِلأَشجَعِ

وَنُقيمُ في دارِ الحِفاظِ بُيوتَنا
زَمَناً وَيَظعَنُ غَيرُنا لِلأَمرَعِ

بِسَبيلِ ثَغرٍ لا يُسَرِّحُ أَهلُهُ
سَقِمٍ يُشارُ لِقاؤُهُ بِالإِصبَعِ

فَسُمَيَّ ما يُدريكِ أَن رُبَ فِتيَةٍ
باكَرتُ لَذَّتَهُم بِأَدكَنَ مُترَعِ

مُحمَرَّةٍ عَقِبَ الصَبوحُ عُيونُهُم
بِمَرىً هُناكَ مِنَ الحَياةِ وَمَسمَعِ

مُتَبَطِّحينَ عَلى الكَنيفِ كَأَنَّهُم
يَبكونَ حَولَ جَنازَةٍ لَم تُرفَعِ

بَكَروا عَلَيَّ بِسُحرَةٍ فَصَبَحتُهُم
مِن عاتِقٍ كَدَمِ الذَبيحِ مُشَعشَعِ

وَمُعَرَّضٍ تَغلي المَراجِلُ تَحتَهُ
عَجَّلتُ طَبخَتَهُ لِرَهطٍ جُوَّعِ

وَلَدَيَّ أَشعَثُ باذِلٌ لِيَمينِهِ
قَسَماً لَقَد أَنضَجتَ لَم يَتَوَرَّعِ

وَمُسَهَّدينَ مِنَ الكَلالِ بَعَثتُهُم
بَعدَ الرُقادِ إِلى سَواهِمَ ظُلَّعِ

أَودى السِفارُ بِرِمِّها فَتَخالُها
هيماً مُقَطَّعَةً حِبالَ الأَذرُعِ

تَخِدُ الفَيافي بِالرِحالِ وَكُلُّها
يَعدو بِمُنخَرِقِ القَميصِ سَمَيدَعِ

وَمَطِيَّةٍ حَمَّلتُ رَحلَ مَطِيَّةٍ
حَرَجٍ تُتَمُّ مِنَ العِثارِ بِدَعدَعِ

وَمُناخِ غَيرِ تَئِيَّةٍ عَرَّستُهُ
قَمِنٍ مِنَ الحِدثانِ نابي المَضجَعِ

عَرَّستُهُ وَوِسادُ رَأسِيَ ساعِدٌ
خاظي البَضيعِ عُروقُهُ لَم تَدسَعِ

فَرَفَعتُ عَنهُ وَهوَ أَحمَرُ فاتِرٌ
قَد بانَ مِنّي غَيرَ أَن لَم يُقطَعِ

فَتَرى بِحَيثُ تَوَكَّأَت ثِفناتُها
أَثَراً كَمُفتَحَصِ القَطا لِلمَضجَعِ


الحادره

الحمدان
07-14-2024, 10:04 PM
أَظاعِنَةٌ وَلا تُوَدِّعُنا هِندُ
لِتَحزُنَنا عَزَّ التَصَدُّفُ وَالكُندُ

وَشَطَّت لِتَنأى لي المَزارَ وَخِلتُها
مُفَقَّدَةً إِنَّ الحَبيبَ لَهُ فَقدُ

فَلَسنا بِحَمّالي الكَشاحَةِ بَينَنا
لِيُنسِيَنا الذَحلَ الضَغائِنُ وَالحِقدُ

فَلا فُحُشٌ في دارِنا وَصَديقِنا
وَلا وُرُعُ النُهبى إِذا اِبتُدَرَ المَجدُ

وَإِنّا سَواءٌ كَهلُنا وَوَليدُنا
لَنا خُلُقٌ جَزلٌ شَمائِلُهُ جَلدُ

وَإِنّا لَيَغشى الطامِعونَ بُيوتَنا
إِذا كانَ عَوصاً عِندَ ذي الحَسَبِ الرِفدُ

وَإِنّي لَمِن قَومٍ فَأَنّى جَهِلتِهِم
مَكاسيبَ في يَومِ الحَفيظَةِ لِلحَمدِ

أَلا هَل أَتى ذُبيانَ أَنَّ رِماحَنا
بِكُشيَةَ عالَتها الجِراحَةُ وَالحَدُّ

فَأَثنوا عَلَينا لا أَبا لِأَبيكُمُ
بِإِحسانِنا إِنَّ الثَناءَ هُوَ الخُلدُ

بِمَحبَسِنا يَومَ الكُفافَةِ خَيلَنا
لِنَمنَعَ سَبيَ الحَيِّ إِذ كُرِهَ الرَدُّ

بِمَحبِسِ ضَنكِ وَالرِماحُ كَأَنَّها
دَوالي جَرورٍ بَينَها سَلَبٌ جُردُ

إِلى اللَيلِ حَتّى أُشرِقَت بِنُفوسِها
وَزَيَّنَ مَظلومٌ دَوابِرَها وَردُ

تُصَبُّ سِراعاً بِالمَضيقِ عَلَيهِمُ
وَتُثنى بِطاءً لا تُحَشُّ وَلا تَعدو

إِذا هِيَ شَكَّ السَمهَرِيُّ نُحورَها
وَخامَت عَنِ الأَبطالِ أَقحَمَها القِدُّ

سَوالِفُها عوجٌ إِذا هِيَ أَدبَرَت
لِكَرٍّ سَريعٍ فَهيَ قابِعَةٌ حُردُ


الحادره

الحمدان
07-14-2024, 10:05 PM
أَمسَت سُمَيَّةُ صَرَّمَت حَبلي
وَنَأَت وَخالَفَ شَكلُها شَكلي

وَعَدا العَوادي عَن زِيارَتِها
إِلّا تَلاقينا عَلى شُغلِ

وَرَجاهُمُ يَومَ الدَوارِ كَما
يَرجو المُقامِرُ نَيِّلَ الخَصلِ

وَلَقَد عَرَفتَ لَئِن نَأَت وَتَباعَدَت
أَلّا تُلاقِيَها سِنِيَّ الحِسلِ

فيئي إِلَيكِ فَإِنَّني رَجُلٌ
لَم يُخزِني حَسَبي وَلا أَصلي

أَدَعُ الفَواحِشَ أَن أُسَبَّ بِها
وَشَريكَها فَكِلَيهِما أَقلي

وَوَجَدتُ آبائي لَهُم خُلُقٌ
عَفُّ الشَمائِلِ غَيرُ ذي دَخلِ

لَو تَصدُقينَ لَقُلتِ إِنَّهُمُ
صُبُرٌ عَلى النَجَداتِ وَالأَزلِ

وَعَلى الرَزِيَّةِ مِن نُفوسِهِمِ
وَتَلاتِلَ اللَزباتِ وَالقَتلِ

هَلّا سَأَلتِ إِذا هُمُ اِحتَمَلوا
فَتَحَوَّلوا لِخَطيطَةٍ مَحلِ

يُعيِي الرِعاءَ بِها مَسارِحُهُم
وَجَفَت مَراتِعُها عَنِ البُزلِ

إِذ لا يُدَنِّسُنا الشِتاءُ وَلا
نَطَأُ الضَعيفَ إِرادَةَ الأَكلِ

وَيُنَفِّسونَ عَنِ المُضافِ إِذا
نَظَرَ الفَوارِسُ عَورَةَ الرَجلِ

المُقبِلينَ نُحورَ خَيلِهِمُ
حَدَّ الرِماحِ وَغَبيَةَ النَبلِ


الحادره

الحمدان
07-14-2024, 10:05 PM
كَأَنَّ عُقَيلاً في الضُحى حَلَّقَت بِهِ
وَطارَت بِهِ في الجَوِّ عَنقاءُ مُغرِبُ

وَذي كَرَمٍ يَدعوكُمُ آلَ عامِرٍ
لَدى مَعرَكٍ سِربالُهُ يَتَصَبَّبُ

رَأَت عامِرٌ وَقعَ السُيوفِ فَأَسلَموا
أَخاهُم وَلَم يَعطِف مِنَ الخَيلِ مُرهِبُ

وَسَلَّمَ لَمّا أَن رَأى المَوتَ عامِرٌ
لَهُ مَركَبٌ فَوقَ الأَسِنَّةِ أَحدَبُ

إِذا ما أَظَلَّتهُ عَوالي رِماحِنا
تَدَلّى بِهِ نَهدُ الجُزارَةِ مِنهَبُ

عَلى صَلَوَيهِ مُرهَفاتٌ كَأَنَّها
قَوادِمُ نَسرٍ بُزَّ عَنهُنَّ مَنكِبُ


الحادره

الحمدان
07-14-2024, 10:06 PM
وَنَحنُ مَنَعنا مِن تَميمٍ وَقَد طَغَت
مَراعي المَلا حَتّى تَضَمَّنَها نَجدُ

عَلى حينَ شالَت وَاِستَخَفَّت رِجالَهُم
جَلائِبُ أَحياءٍ يَسيلُ بِها الشَدُّ


الحادره

الحمدان
07-14-2024, 10:06 PM
لِعَمرَةَ بَينَ الأَخرَمَينِ طُلولُ
تَقادَمَ مِنها مُشهِرٌ وَمُحيلُ

وَقَفتُ بِها حَتّى تَعالى لِيَ الضُحى
لِأُخبِرَ عَنها إِنَّني لَسَؤولُ

فَإِن تَحسَبوها بِالحِجابِ ذَليلَةً
فَما أَنا يَوماً إِن رَكِبتُ ذَليلُ

سَأَمنَعُها في عُصبَةٍ ثَعلَبِيَّةٍ
لَهُم عَدَدٌ وافٍ وَعِزٌّ أَصيلُ

فَإِن شِئتُمُ عُدنا صَديقاً وَعُدتُمُ
وَإِمّا أَبَيتُم فَالمَقامُ زَحولُ


الحادره

الحمدان
07-14-2024, 10:07 PM
ذَكَرتُ اليَومَ داراً هَيَّجَتني
لِزَبّانَ بنَ سَيّارِ بنَ عَمروِ

لَيالِيَ تَستَبيكَ بِجيدِ رِئمٍ
وَمَفلوقٍ عَلَيهِ الفَرمُ يَجري


الحادره .. المخضرمون

الحمدان
07-14-2024, 10:07 PM
سُقيتَ الحَيا يا دَيرَ ياقوتَ مَنزِلاً
وَلا زال عَذباً وَردُ مائِكَ سَلسَلا

وَجرَّت عَلى مَغناكَ أَذيال نَفحَةٍ
تُفَتِّقُها أَيدي التَنَفُّسِ مَندِلا

زَمانُ الصِبا فيكَ اِنقَضَت طَيِّباتُهُ
فَما كانَ أهناهُ زَماناً وَأَجمَلا

ذَكَرتُكَ فَاِنهَلَّت دُموعي تَأَسُّفاً
وَحُقَّ للدَمعي أَن يَجودَ وَيَهمِلا


بلبل الغرام الحاجري

الحمدان
07-14-2024, 10:08 PM
بَينَ المُزَرَّدِ وَالمُوَرَّد
أَصبَحتُ ذا قَلبٍ مُشَرَّد

جاوَزتُ قَيساً في الصَبا
بَةِ وَالهَوى وَاللَهُ يَشهَد

وَيلاهُ مِن مُقَلٍ أبِيتُ
بِقَتلِها أَبَداً مُهَدَّد

أَنا صاحِبُ الجَفنِ القَريح
عَلَيكَ وَالطَرفِ المُسَهَّد


بلبل الغرام الحاجري
العصر الايوبي

الحمدان
07-14-2024, 10:09 PM
الِّلى يحب الجمال
يسمح بروحه وماله

قلبه إلى الحسن مال
ما للعوازل وماله

نام يا حبيبي نام
سِهرت عليك العناية

يا ريت تشوف في المنام
دمعي وتنظر ضنايا

الحب طير في الخمائل
شفنا غرائب جنونه

حاكم بأمره وشايل
على جناحه قانونه

تيجى تصيده يصيدك
ومين سِلِم من حباله

وكل خالي مسيره
يعذب الحب باله

يالِّلى مادُقت الغرام
من العيون السلامه

إسلم بروحك حرام
دى عين تقيم القيامة

الاسم عين وتلاقيها
قدح وخمره وساقى

وسحبة الرمش فيها
من بابل السحر باقي


احمد شوقي

الحمدان
07-14-2024, 10:09 PM
سلوا كؤوس الطلا هل لامست فاها
واستخبروا الراح هل مسّت ثناياها

باتت على الروض تسقيني بصافية
لا للسُّلاف ولا للورد رياها

ما ضر لوجعلت كأسي مراشفها
ولو سقتني بصافٍ من حمياها

هيفاء كالبان يلتف النسيم بها
وينثنى فيه تحت الوشى عِطفاها

حديثها السحر إلا أنه نغم
جرت على فم داود فغنّاها

حمامةُ الأيك من بالشجو طارحها
ومَن وراءَ الدجى بالشوق ناجاها

ألقت إلى الليل جيدا نافرا ورمت
إليه أذنا وحارت فيه عيناها

وعادها الشوق للأَحباب فانبعثت
تبكي وتهتف أحيانا بشكواها

يا جارة الأيك أيام الهوى ذهبت
كالحلمآها لآيام الهوى آها


احمد شوقي

الحمدان
07-14-2024, 10:10 PM
على قدر الهوى يأتي العتاب
ومن عاتبت تفديه الصحاب

صحوت فأنكر السلوانَ قلبي
علىّ وراجع الطربَ الشباب

وللعيش الصبا فإذا تولى
فكل بقية في الكأس صاب

وما ورثت له عندى حبال
ولا ضاقت له عني ثياب

كأنّ رواية الأشواق عود
على بدء وما كمل الكتاب

إذا ما اعتضت عن عشق بعشق
أُعيد الكأس وامتدّ الشراب

وكل هوى بلائمة مشوب
وحبك في الملامة لا يشاب

لأنك أنت للأوطان كهف
وأنت حقوق مصرِك والطِلاب

فأهلا بالأمير وما رأينا
هلالا تستقرّ به الركاب

ولا شمسا برأس التنين حلّت
وفي الدنيا ضحاها واللعاب

تغيب عن البلاد وعن بنيها
وما لك عن قلوبهم غياب

أظلتك الخلافة في ذراها
وبرت سوحها بك والرحاب

وفُتِّح للرعاية ألف باب
هناك وسُدّ للواشين باب

وردنا الماء بينكما نميرا
وأظمأَ من يريبكما السراب

وما وجدوا لمفسدة مجالا
ولكن تنبح القمر الكلاب

فعيشا فرقدين من الليالي
وعاش خلائق بكما وطابوا

نداء الخلف بينكما عقيم
وداعي الله بينكما مجاب


احمد شوقي

الحمدان
07-15-2024, 12:41 AM
فَوَجدي بِسَلمى مِثلُ وَجدِ مُرَقِّشٍ
بِأَسماءَ إِذ لا تَستَفيقُ عَواذِلُه

قَضى نَحبَهُ وَجداً عَلَيها مُرَقِّشٌ
وَعُلَّقتُ مِن سَلمى خَبالاً أُماطِلُه

لَعَمري لَمَوتٌ لا عُقوبَةَ بَعدَهُ
لِذي البَثِّ أَشفى مِن هَوىً لا يُزايِلُه

طرفة بن العبد

الحمدان
07-15-2024, 12:58 AM
قُل لِلَّتي هَجَرَت حَولَينِ عاشِقَها
لَو كُنتِ مُقبِلَةً في الوَصلِ ما رادا

هَجَرتِ مَن لَم يُرِد هِجرانَ وُدِّكُمُ
وَمَن يَبيتُ لِما ضَيَّعتِ عَدّادا

لَم يَنسَ أَيّامَكَ اللاتي وَصَلتِ بِها
وَالصُرمُ يُحصيهِ إِصداراً وَإِيرادا

فَالصُرمُ غُلٌّ لَنا نَخشى عَوائِدَهُ
وَالوَصلُ فيهِ شِفاءُ السُقمِ لَو عادا

لا تَصرِميني فَإِنّي مِن تَذَكُّرِكُم
لَتَعتَريني جُنودُ الحُبِّ أَجنادا

وَقَد أَرى أَنَّ أَقواماً أُخالِطُهُم
أَرَقُّ لي مِنكِ بِالمَملوكِ أَكبادا

قَد قُلتُ لَمّا وَنَت عَنّي زِيارَتُكُم
وَقَدَّحَ الحُبُّ في الأَحشاءِ فَاِزدادا

يا قَلبُ شُدَّ عَلى المَكتومِ غَيبَتَهُ
حَتّى تَرى حَولَكَ الإِخوانَ عُوّادا

إِنَّ المُحِبَّ عَلى رَيبِ الزَمانِ بِهِ
لا يَستَطيعُ لِهَذا الدَهرِ إِخلادا

ما كُنتِ مِنّي عَلى بالٍ وَزُلتِ بِها
أَرى العُداةَ وَإِن أَخلَفتِ أَصفادا

مَنَّيتِني مُنيَةً هَشَّ الفُؤادُ لَها
ثُمَّ اِنصَرَفتِ وَما زَوَّدتِني زادا

هَلّا تَحَرَّجتِ يا عَبّادَ مِن رَجُلٍ
قَد زَمَّهُ الحُبُّ حَتّى ذَلَّ فَاِنقادا

كَيفَ العَزاءُ وَقَد عُلِّقتُ مِنكِ هَوىً
لَو لَم يَرُح بِهَوىً مِن حُبِّكُم عادا

ما خُيِّرَ القَلبُ إِلّا اِختارَ قُربَكُمُ
وَلا سَرى الشَوقُ إِلّا هاجَ إِسهادا

وَلا أَلَمَّ بِعَيني مِن كَرى سِنَةٍ
إِلّا أَلَمَّ خَيالٌ مِنكِ فَاِعتادا

ما تَأَمُرينَ لِذي عَينٍ مُؤَرَّقَةٍ
قَد ماتَ مِن حُبِّكُم يا عَبدَ أَو كادا

لا يَذكُرُ القَلبُ مِن خَودٍ زِيارَتَها
في سالِفِ الدَهرِ إِلّا اِهتَزَّ أَو مادا

لا تَجعَلِن في غَدٍ وَعدي وَبَعدَ غَدٍ
فَإِن فَعَلتِ فَما وَفَّيتِ ميعادا

أَبلَيتِ وُدّي وَأَجَدَدنا مَوَدَّتَكُم
شَتّانَ بالٍ وَمَن يَزدادُ إِجدادا

قَد صُدتِ قَلبي فَأَنقَعتِ الهَوانَ لَهُ
ما كُلُّ حينٍ يُهينُ الصَيدَ مَن صادا

قالَت عُبَيدَةُ إِنّي سَوفَ أُعتِبُكُم
إِن غَيَّبَ اللَهُ عَن مَمشايَ حُسّادا

سَقياً وَرَعياً عَلى ما كانَ مِن زَمَنٍ
لِذَلِكَ الشَخصِ أَبدى البُخلَ أَم جادا


بشار بن برد

الحمدان
07-15-2024, 12:58 AM
قُل لِلَّتي هَجَرَت حَولَينِ عاشِقَها
لَو كُنتِ مُقبِلَةً في الوَصلِ ما رادا

هَجَرتِ مَن لَم يُرِد هِجرانَ وُدِّكُمُ
وَمَن يَبيتُ لِما ضَيَّعتِ عَدّادا

لَم يَنسَ أَيّامَكَ اللاتي وَصَلتِ بِها
وَالصُرمُ يُحصيهِ إِصداراً وَإِيرادا

فَالصُرمُ غُلٌّ لَنا نَخشى عَوائِدَهُ
وَالوَصلُ فيهِ شِفاءُ السُقمِ لَو عادا

لا تَصرِميني فَإِنّي مِن تَذَكُّرِكُم
لَتَعتَريني جُنودُ الحُبِّ أَجنادا

وَقَد أَرى أَنَّ أَقواماً أُخالِطُهُم
أَرَقُّ لي مِنكِ بِالمَملوكِ أَكبادا

قَد قُلتُ لَمّا وَنَت عَنّي زِيارَتُكُم
وَقَدَّحَ الحُبُّ في الأَحشاءِ فَاِزدادا

يا قَلبُ شُدَّ عَلى المَكتومِ غَيبَتَهُ
حَتّى تَرى حَولَكَ الإِخوانَ عُوّادا

إِنَّ المُحِبَّ عَلى رَيبِ الزَمانِ بِهِ
لا يَستَطيعُ لِهَذا الدَهرِ إِخلادا

ما كُنتِ مِنّي عَلى بالٍ وَزُلتِ بِها
أَرى العُداةَ وَإِن أَخلَفتِ أَصفادا

مَنَّيتِني مُنيَةً هَشَّ الفُؤادُ لَها
ثُمَّ اِنصَرَفتِ وَما زَوَّدتِني زادا

هَلّا تَحَرَّجتِ يا عَبّادَ مِن رَجُلٍ
قَد زَمَّهُ الحُبُّ حَتّى ذَلَّ فَاِنقادا

كَيفَ العَزاءُ وَقَد عُلِّقتُ مِنكِ هَوىً
لَو لَم يَرُح بِهَوىً مِن حُبِّكُم عادا

ما خُيِّرَ القَلبُ إِلّا اِختارَ قُربَكُمُ
وَلا سَرى الشَوقُ إِلّا هاجَ إِسهادا

وَلا أَلَمَّ بِعَيني مِن كَرى سِنَةٍ
إِلّا أَلَمَّ خَيالٌ مِنكِ فَاِعتادا

ما تَأَمُرينَ لِذي عَينٍ مُؤَرَّقَةٍ
قَد ماتَ مِن حُبِّكُم يا عَبدَ أَو كادا

لا يَذكُرُ القَلبُ مِن خَودٍ زِيارَتَها
في سالِفِ الدَهرِ إِلّا اِهتَزَّ أَو مادا

لا تَجعَلِن في غَدٍ وَعدي وَبَعدَ غَدٍ
فَإِن فَعَلتِ فَما وَفَّيتِ ميعادا

أَبلَيتِ وُدّي وَأَجَدَدنا مَوَدَّتَكُم
شَتّانَ بالٍ وَمَن يَزدادُ إِجدادا

قَد صُدتِ قَلبي فَأَنقَعتِ الهَوانَ لَهُ
ما كُلُّ حينٍ يُهينُ الصَيدَ مَن صادا

قالَت عُبَيدَةُ إِنّي سَوفَ أُعتِبُكُم
إِن غَيَّبَ اللَهُ عَن مَمشايَ حُسّادا

سَقياً وَرَعياً عَلى ما كانَ مِن زَمَنٍ
لِذَلِكَ الشَخصِ أَبدى البُخلَ أَم جادا


بشار بن برد

الحمدان
07-15-2024, 12:59 AM
تَقولُ اِبنَتي إِذ فاخَرَتها غَريبَةٌ
مُؤَزَّرَةٌ بِالوَبرِ في شَوذَرٍ قَدَد

لَها والِدٌ راعٍ إِذا راحَ عِندَها
بِأَشوِيَةٍ مِن قَلبِ ضَبٍّ وَمِن كَبِد

أَبي نَجلُ أَملاكٍ وَزَورُ خَليفَةٍ
يَلينُ لَهُ بابُ الهُمامِ إِذا وَفَد

طَلوبٌ للِأَيسارِ المُلوكِ إِذا غَدا
وَأَكرَمُ أَيسارِ المُلوكِ مِنَ الصَفَد

وَأَنتِ لَقاةٌ بَينَ خَلفٍ وَأَكلُبٍ
مَتاعٌ لِمَن جازَ السَبيلَ وَمَن قَصَد

وَإِنَّكِ مِن قَومٍ عَلَيهِم غَضاضَةٌ
تَرى غِيَراً بِالنَفسِ مِن عَيشِها النَكِد

مُعاوِدَةٌ حَملَ الهَشيمِ بِكَفِّها
عَلى كاهِلٍ قَد كادَ يَأوَدُ أَو أَوِد

لَشَتّانَ ما بَيني وَبَينَكِ في التُقى
وَفي الحَسَبِ الزاكي وَفي العَيشِ وَالحَفَد

سَبَقتُكِ فَاِرضَي بِالصَغارِ فَإِنَّما
رُزِقتِ وَلَيسَ الرِزقُ كَالسابِقِ السَنَد


بشار بن برد

الحمدان
07-15-2024, 12:59 AM
أَبكي الَّذينَ أَذاقوني مَودَّتَهُم
حَتّى إِذا أَيقَظوني في الهَوى رَقَدوا

وَاِستَنهَضوني فَلَمّا قُمتُ مُنتَصِباً
بِثقِلِ ما حَمَّلوني وُدَّهُم قَعَدوا

لَأَخرُجَنَّ مِنَ الدُنيا وَحُبُّهُمُ
بَينَ الجَوانِحِ لَم يَشعُر بِهِ أَحَد

أَلقَيتُ بَيني وَبَينَ الحُزنِ مَعرِفَةً
لا تَنقَضي أَبَداً أَو يَنقَضي الأَبَدِ


بشار بن برد

الحمدان
07-15-2024, 01:00 AM
فَوَاللَهِ ما أَدري وَكُلٌّ مُصيبَةٌ
بِأَيِّ مَكيداتِ النِساءِ أُكادُ

غُرورُ مَواعيدٍ كَأَنَّ جَداءَها
جَدى بارِقاتٍ مُزنُهُنَّ جَمادُ


بشار بن برد

الحمدان
07-15-2024, 01:00 AM
إِذا جِئتَهُ لِلحَمدِ أَشرَقَ وَجهُهُ
إِلَيكَ وَأَعطاكَ الكَرامَةَ بِالحَمدِ

لَهُ نِعَمٌ في القَومِ لا يَستَثيبُها
جَزاءً وَكَيلُ التاجِرِ المُدُّ بِالمُدِّ


بشار بن برد

الحمدان
07-15-2024, 01:01 AM
إِنَّ الوَداعَ مِنَ الأَحبابِ نافِلَةٌ
لِلظاعِنينَ إِذا ما يَمَّموا بَلَدا

وَلَستُ أَدري إِذا شَطَّ المَزارُ بِهِم
هَل تَجمَعُ الدارُ أم لا نَلتَقي أَبَدا


بشار بن برد
العصر العباسي

الحمدان
07-15-2024, 04:38 PM
للَه منزل قصفٍ قد سما شرفاً
حتى أرانا نجوم الزهر في الزهر

أهدى لنا نسمات الشرق خالصةً
ممزوجة من شذا لبنان بالعطرِ

يبدي لعينيك ما يحوي الشمال وما
يحوي الجنوب من الأعلام والأثر

زره تعد ذا انشراح فوق ذروته
مروّح القلب والعرنين والبصر

يريك طلعة بيت الدين ساميةً
تنزه القلب عن هم وعن كدرِ

كأنها فلك في الأرض منتصبٌ
هذي الثريا وهذا كوكب السحر

وكم ارتنا تماثيل السرور بهِ
من جانب الغرب مرآة من البحر

يشفي الفواد ويجلو العين فيه شذا
وادي الجنان ورؤيا دارة القمر

وقد جرت فيه أمواه الصفا فروت
من كوثر غدق ينبث كالدرر

كأنها جود مولاها البشير فلا
زالت مراتبه بالعز والظفر


بطرس كرامة

الحمدان
07-15-2024, 04:39 PM
للَّه بستان أنسٍ ساد مرتفعاً
مذ حلّ فيه بشير المجد ذي العظم

وقام ينشد والأغصان راقصةٌ
يا مرحباً بمفيض الخير والنعمِ

شرفت شرفت إذ وافيت بدر هدى
قد حفّ في أنجم تمحو دجى الظلم

خليل مجد أمين الفضل حيدرنا
رب الثنا حسن الأخلاق والشيمِ

قد زاره السعد لما زرتم شرفاً
واخصبت أرضه بالجود والكرم


بطرس كرامة

الحمدان
07-15-2024, 04:40 PM
ما لذة المرءِ بالكاسات والوترِ
بل باقتناص الثنا والمجد والظفر

وخير نزهته لعب الكواسر في
أوج الفلاليس لعب الغيد في الخدرِ

وكل ذي همةٍ بالصيد منشغفٌ
والليث ذو رغبة في نشبة الظفرِ

لذاك قد جعلوه سمية شهدت
على الشجاعة بين البدو والحضرِ

وصيرته بنو العلياءِ دابهمُ
لقولهِ حلّ صيد البر والبحرِ

وصاحبوا من سباع الجوِّ حيث هم
أسد البطاح كريم الخير والخبرِ

من كل أجدل من خير الكواسر ذي
فتك كسهم القضا المنقض أن يطرِ

البرق لمحته والريح هبّته
كالليث نهضته بل خير مختبر

وطالما كلفوا بالصيد واختبروا
كل الجوارح بالأطباع والصورِ

وقسموها لأجناس معددةٍ
بازٍ وحرٍّ وشاهينٍ بنو الصقرِ

وعندما ألفوا أنواعها اعتبروا
منها البزاة فكانت خير معتبرِ

وأن أول من ضرّى البزاة هم
ملوك فارس آل المجد والخطرِ

وقال بهرام أن الشهب أجودهم
يعني بذلك بيض الصدر والنحرِ

لكن ذا الفضل مولانا البشير روى
بأن أجود تلك السادةِ الغررِ

ما كان أشهب وافى القد معتدلاً
وعرضه نصف طولٍ منه فاعتبرِ

بدور الراس والعينين حقدتهُ
محفوفة بعريض الكحل كالحورِ

صفراءُ كالذهب الابريز نافرةٌ
كأنها أخذت من خالص الشررِ

وإن يكن أحمر الأحداق مكتحلاً
فذاك أجود من ذي الأعين الصفر

وحاجباه ورا أذنيه قد قرنا
بيض كأنهما سلك من الدررِ

ذا منخرٍ واسعٍ مع منسرٍ ضخمٍ
قصير أبتر مثل السيف منتشر

دقيق ريشٍ ونقش الصدر ذا عنقٍ
رقيق أبيض ذي طولٍ بلا قصر

قصير ساقٍ أقبّ الجانحين لهُ
صدرٌ فسيحٌ غزيرٌ أزرق الظهر

كبير كف غليظ الظفر مخلبهُ
ذا سابق طايلٍ أمضى من البتر

أقبّ ظهر دقيق الذيل ذا ذنبٍ
مدنرٍ أبيضاً مع أزرقٍ نضر

غزيرة الريش بيضا اللون كثتهُ
كقبضةٍ من لجينٍ غير منتشر

يريك من كرّه أن جال في قنصٍ
كر الشهابي على الأعداء بالسمر

أعني البشير الذي طابت مآثرهُ
واشرقت بشهاب العدل كالقمر

مولى كريماً حليماً ذا ثنا وندى
كأن في كفه فيض من المطر

أدامه اللَه في اللذات ذا نزه
سليمة من دواعي الهم والكدر

وجاده بسحاب الجود ما طلعت
زهر النجوم وهبت نسمة السحر


بطرس كرامة

الحمدان
07-15-2024, 04:46 PM
ما نزهة المرءِ إن سادت به الرتب
إلا البزاة التي في صيدها العجبُ

يقول خلخالها الفضي إذ تشبُ
أيلول وافى وحان الصيد فاصطحبوا

كواسراً تنشب الأظفار في العنقِ
فإنها للموالي خير ما قصدوا

وإن في الصيد معنى ذاقه الأسدُ
فلازموه فأوقات الهنا جدُدُ

وآل حجلان قد خضّبن فاعتمدوا
أسابراً تهتك المرجان بالحدقِ

بيض الصدور قويات الظهور فرت
أظفارها كل ذي جنح به ظفرت

فيا لهنَّ بزاة كالسهام سرت
من كل شهبا من القرناس قد ظهرت

منقوشة الصدر تسبي كل معتلقِ
مدوراً راسها غراءَ صافية

مدنراً ذيلها وقطاءَ باهية
جدلاءَ مصقولة الجنحين ساميةً

تقوم فوق يد البزدار زاهية
كأنها الصبح في ثوبٍ من الغسقِ

قصيرة الساق والمنسار ناضيةً
مخالباً كسيوف الهند ماضية

جيداءَ واسعة العرنين راضيةً
تلوح للعين إذ تنقضُّ بازبة

ضيا سوابقها كالبرق في الشفق
كم اغتنمنا بها يا صاح من فرصٍ

تنزه القلب عن همٍّ وعن غصصٍ
وكم لها عند أهل المجد من قصصٍ

تكرّان أرسلت يوماً على قنص
كأنها البدر منقضّاً من الأفق


بطرس كرامة

الحمدان
07-15-2024, 04:47 PM
لهفي على فتاكةٍ غدرت بها
أيدي المنية والحمام سقاها

فهي التي كانت إذا ما أُرسلت
في معركٍ تفني صفوف عداها

أسفاً على تلك البزاة وحسنها
وعلى جراءتها الوفية أها

كالريح في هباتها والليث في
نهضاتها والبرق في مسراها

سهم القضا منسارها سمر القنا
أظفارها بيض الظبا جنحاها

نورُ الصباح بصدرها إذ حلّيت
لون السماءِ وذُهّبت عيناها

غراءُ قد كانت إذا صالت ضحى
سهم المنون يهاب أن يلقاها

سل موكب الحجلات إذ سلت على
ركبانها سيف القضا كفاها

قسماً وحق يمين ذي الفتك الذي
هو مطلع المجد السني مولاها

عني البشير الجنبلاطي المرتضى
ذا المكرمات وفيض سحب نداها

مالي سلوٌّ عن رثا قاقونةٍ
إلا بزرقا أصبحت تتباهى

حسناءُ كف البدر يرقم صدرها
في آية الحسن البهي وضحاها

فكأن ليل الصيف قبل صباحهِ
من أزرق الجو البهيج كساها

أن حركت فوق الكنادر مخلباً
تتناذر العقبان بل تخشاها

فيها سلوت جمال من هلكت وقد
أضحت غداة أتى الحمام فداها


بطرس كرامة

الحمدان
07-15-2024, 04:47 PM
للصيد فضل في ثمان فوائدٍ
من بعدها عشر تشيد أساسه

سلوان همٍ ثم ترك بطالةٍ
وفصحاة التعبير ثم رياسه

ولذاذة ونزاهة ونشاطة
ويقاظة ونباهة وحماسه

ورياضة الأجسام ثم طلاقة
الأبصار ثم جلادة وفراسه

وصيانة ثم اكتساب معيشةٍ
والعلم بالطرقات ثم سياسه


بطرس كرامة

الحمدان
07-15-2024, 04:48 PM
ألا فاسجدوا في مسجدٍ ضاءَ نورهُ
واهدى وجوه الراكعين ضيا الهدى

مقامٌ لدين اللَه أضحى منوّراً
بآياته الحسنى واطلع فرقدا

تناهُ البشير الجنبلاطيّ يرتجي
من اللَه عفواً والثواب المشيّدا

تلوح بمحراب التقى منه أرّخوا
وقارٌ وأمنٌ فادخلوا الباب سُجَّدا


بطرس كرامة

الحمدان
07-15-2024, 04:49 PM
نظرت فوّار ماءٍ زاد دافقهُ
كعمرك الزايد الوافي مدى الأبدِ

يفيض في دررٍ يروي بها خبراً
عن كفك الفائض المعطي بلا عددِ

وراق منظرهُ للعين في طربٍ
كأنه من مرائي دهرك الرغدِ

وقد حلا طعمه في فم شاربهِ
كأنهُ مدحك السامي على الشهدِ

لما رأى فيه أوصافاً مشابهةً
لبعض وصفك جارى كل ذي زيدِ

وطاع أمرك منقاداً لروضك في
سلساله بصفاءٍ خير متَحدِ

يقول حيّيتَ يا نعم البشير ويا
مولى العلى شرفاً يا أعظم السند

وزادك اللَه اسعاداً ومقدرة
مدى الزمان بلا همّ ولا نكدِ


بطرس كرامة

الحمدان
07-15-2024, 04:49 PM
جرى الصفاءُ فأحيى القلب منهله
وفاض سلساله الفوّار منحدرا

تراهُ مندفقاً من فوق قنطرةٍ
هب النسيم بوادي سفحها وسرى

تخاله وهو منهلٌّ بغرّتها
من اللجين عقيقاً ينثر الدررا

فيا له كوثراً قد جاء في عجبٍ
أحيى البطاح وأروى القاع حين جرى

وعن بنان أمير المجد مورده
روى بجدوله الطامي لنا خبرا

وقد شدا وهو جارٍ دام سيدنا
نعم البشير المفدّى كوكب الأمرا


بطرس كرامة

الحمدان
07-15-2024, 04:50 PM
سهم المنية أنّى جئت قانصة
من كان سهم المنايا من مخالبها

ويا لها اسبراً صال الحمام بها
وطالما كان من قتلى قواضبها

سل آل حجلان عنها عند ما شهرت
بيض الجناح وكرّت في مطالبها

كم أحرقت كفها طهراً وكم فجرت
صدراً وكم أذهلتنا من غرائبها

لم انسها حينما شقت فريستها
يوم الشميسة من صلبٍ لغاريها

واستخرجت كبدها في رأس مخلبها
بضربةٍ هي بعض من عجائبها

كيف السبيل لكي انسى مآثرها
واعظم الفتك جزءٌ من مناقبها

ما لاعبت سابقاً إلا وقد سبقت
ريح الجنوب وهبت في مناكبها

يا ليتها سلمت من كل غائلة
وكل بازٍ فداها من معاطيها

لكنها قد غدت لما قضت ومضت
هي الفدا عن أمير المجد صاحبها


بطرس كرامة

الحمدان
07-15-2024, 04:50 PM
يا لهف نفسي على القاقون من أسفٍ
كيف المنية في أجناحها ظفرت

كانت كسهم القضا الفتاك في قنصٍ
والريح في هبةٍ والبرق إن خطرت

لما راتها المنايا وهي صائلةٌ
غارت وقد حسدت حتى بها غدرت

يا ليت ما الحارث الغدار في تلفٍ
وليت من ببزاة الطير قد خليت

ابدى لمولاتهِ غدراً فاهلكها
فهو ابو ظالم وهي بهِ ظلمت

في جبِّ جنين لما ان قضت اجلاً
أرخت واطالما بالصيد قد فتكت


بطرس كرامة

الحمدان
07-15-2024, 04:51 PM
الا دع يا ابن كلثوم فخاراً
بيوم عنيزةٍ إذ قلت شعرا

لقد جادت اسابرنا صحاءً
بيوم شميسةٍ كرّاً وفرّا

سللن صوارم الأجناح بيضاً
فعادت من دم الحجلات حمرا


بطرس كرامة

الحمدان
07-15-2024, 04:51 PM
للَّه درّ طيور الصيد كم فتكت
تحت العريض وكم حالت بلا مثل

لو أن هاني رأى وادي السفينة إذ
كرّت اسابرنا فيه على الحجل

شاهدت مقلتاه فوق ما نظرت
في أرض ذيقار من كرّ ومن ميَل


بطرس كرامة

الحمدان
07-15-2024, 04:52 PM
الحمد لله الذي قد حللا
للناس صيد البر من جوف الفلا

وخلق الأطيار والحيوانا
جميعها لتخدم الإنسانا

وجعل النزهة تنفي الغما
والصيد يجلو البؤس ثم الهما

وخصص النزهة بالتسيار
لاسميا في قنص الأطيار

وبعده ان اقتناص الشارد
الذ من كل اكتساب وارد

حيث به رياضة الأجسام
وهو دليل المرء بالأقدام

قد سنة الأسود والكماة
فحبه الملوك والولاة

وقال آل الفضل والفراسه
ومن لهم معرفة السياسه

من يعشق الصيد هو اليقظانُ
وتارك الصيد هو الكسلانُ

وعلماءُ الطبِّ عنهُ قرروا
أنَّ لهُ منافعاً تشتهرُ

فهو الذي يمنع داء الثقله
من كل جسم ثم يشفي العله

لان بالسير نشاط البدن
وفيهِ تحليلٌ لخلطٍ عفِن

وطائر الصيد لهُ أنواعُ
معلومةٌ قد حدَّها الإجماعُ

أسماءُها لدى الورى مشتهره
معدودة مذكورة في البذدره

الحرُّ والصفيُّ هذا قسمُ
وأحسن الشكلين حرٌّ يسمو

وصيد هذا النوع في أرض سَهل
وهو عديم النفع في أرض جبل

كذلك الشاهين والجفانزُ
لكنما الثاني بحسنٍ فائزُ

ثم الذي يعلو على القسمين
بازٌ عريض ظاهر الكتفين

وهو الذي لقب بالدوغانِ
لكنهُ نوع على أفنانِ

أحسنهُ المسودُ الأردانِ
وهو الشهير بالقدي دوغان

فإن ذا الكاسر محمود الخبر
وفعله بالصيد حسناً مشتهر

وإنما الأرفع منهُ رتبه
الأسبريُّ المرتقي بالنسبة

أنواعهُ غريبة الألفاظِ
نوع الأجٌ ثم نوعٌ غاظي

أعلاهما الشهم الالاج الكاسر
ودونهُ الغاطي السني الباهر

لأن هذا القسم صياد الجبل
وهو الذي يفتك في أبهى عمل

يصعدن أدنى عريض الوادي
فيخرق الريح كسهمٍ غادي

وكل طير ذكرٍ فيهم يرى
من هذه الأنواع سمّي بالجرى

وأجمل الأنواع في الأطيارِ
الأسبريُّ الأحمر الأبصار

وهو الذي منشأهُ الكرج وذا
مولى بني الصقر فقل واحبذا

مسبولةٌ أجناحهُ مزرقه
متسع الصدر بهي الخلقه

مشتهر هذا بحسن الطلب
مخصّصٌ في سرعةِ المنقلب

فهذه أجناسهم بالجمل
وإنما المطلوب حسن العمل

لأنّ للصيد وللبازي سنَن
محدودة قد سنها ذوو الفطن

فينبغي لهُ غلام خادم
يكون في تدبيره ملازم

يطعمهُ اللحم النظيف الناصحا
مبتعداً عن كل شيءٍ مالحا

وإن يوخر هضمهُ عن حدِّهِ
أقامهُ على مثاني يدهِ

وحينما يدعى ويأتي دعهُ
يلقمُ من دعوٍ ولا تشبعهُ

وأمسك لهُ بالقوت حدّاً واحدا
فلا ضعيفاً أو سميناً زائدا

واجعلهُ في طبقةِ مساهمه
لطبعِه وهي لهُ ملائمَه

ويبتدي التعليل والمعلولُ
في نسقٍ إذ يبتدي أيلولُ

وإن بدا تشرين والبازي نشا
في حسن تدبير فصد بما تشا

ولا تصد يوماً بهِ الريح بدا
لأنهُ غير مصادٍ أبداً

كذلك اليوم الكثير الحرِّ
فلا تصد فإنهُ ذو صرِّ

لكنما الصيد بيوم معتدل
ما بين غيمٍ ثم شمسٍ متّصل

وكن خبيراً محكم التهذيب
واتخذ الأعمال بالترتيب

فموضع الصيد يكون وادي
كما روى أيمة الصيادِ

واجعل وكيلاً ياخذ الرجالا
يملّكون المصيد الحجالا

كذاك ناطوراً وصياحا حلا
عرفهما النشاش يوحي الحجلا

وإن بالناطور نعني الراقبا
يرقب طيراً حاضراً أو ذاهبا

وهو الذي يصرخ ان مرّا الحجل
ها واصلٌ ها واصلٌ ها قد وصل

وإن هوت خوفاً لستر حجله
نادى عليها وقعت بالعجله

حتى إذا قامت وطارت صاحا
الرجل الصياح ثم لاحا

وعلت الضجة من نداهُ
إياك ها هو يا أخيَّ ها هو

كذا إذا ما الحجل الهاوي انستر
غقامه النشاش في ضرب الحجر

وضربه يكون بالتنحي
وهو الذي لقّب بالموحي

وصاحب الصيد الكريم المولى
يجلس ثمّ في المحل الأعلى

وعندهُ تلك البزة الكاسره
معدودةٌ لقنص وحاضره

وكلما مرّ عليهِ حجلُ
فيرسل البازي لهُ ويعجلُ

وليكن الإرسال بالمقابله
فإنه يأخذهُ بالعاجله

وحينما ترسل نادي عجله
إياك فالطير أتى والحجله

لكن يكون بالسرار حاضر
شاب خفيف بالتلبي ماهر

ليدرك البازي على هبته
أجرى من الرياح في سرعته

فإن رآه أخذاً يقولُ
اللَه هو وهو لهُ الدليلُ

وبعد أن يخلّصَ المصادا
يطعم منهُ الراس والفؤادا

أما الصغارية ذات النشّ
فإنها مع الملبي تمشي

حتى إذا ما ضاع من بعض الحجل
شيءٌ فيلقاهُ الصغارى بالعجل

واعلم بأن الصيد ليس يصلحُ
إن لم يكن فيه الصغارى تمرحُ

وداوم الصيد بهذا العملِ
لمنتهى نيسان ثم بطل

وروّض البزاة من نوّار
لمنتهى أيلول وهو الجاري

فصيرنهُ في مكانٍ رطبِ
ليطفي حرّ طبعهِ الملتهبِ

وينزع الريش العتيق الفاني
وبكتسي ريشاً جديداً ثاني

ولقبت رياضة القناص
ما بين أهل الصيد بالقرناص

لكنه قد نوّع التدبيرُ
والحق ما قد قالهُ الأميرُ

فإنما جمهورهم قد حدّدا
يكون في مظلةٍ منفردا

وقولهم رُدَّ بأن الكاسر
إن ينفرد بعد جموحاً نافر

وقال رب الفضل وهو المشتهر
بكل فضلٍ الأمير المعتبر

يكون ذا القرناص بين الناسِ
يبقى بهِ البازي أخا استيناسِ

والصايدون ابتعوا ذي العاده
واتخذوها عن إمام الساده

فهذه منظومةٌ مرجزّه
فيها مباني الصيد تمت موجزه

قد صُدِّرَت بالحمد ثمَّ خُتِمَت
داعية لمن مزاياهُ سمَت

أعني به الشهم أمير الأمرا
من ساد في علياه كل الكبر

خير بشيرٍ قد سما بالعدلِ
وضاءَ مجداً بشهاب الفضل

أدامهُ اللَه بعزٍّ وهنا
لأنهُ رب المعالي والثنا

أخصهُ بالنصر والإقبالِ
ما كرّت الأيام والليالي


بطرس كرامة

الحمدان
07-15-2024, 04:53 PM
سالت مأسورة قامت مخاصمة
نركيلة شهرت بالجور والفتن

كيف اعتديت ورمت حرب فاجرة
ترك الحيا عندما من أجمل السنن

وكان عهدي بك حسن التأدب
والصمت الجميل بلا حقد ولا ضغن

فافثر مبسمها الزاهي مجاوبة
جواب فهم بلفظ رائق حسن

لي عادة كلما خاصمتها وأنا
فقيرة ظفرت كفاي بالمنن

وان تسامت على ضعفي بقوتها
يأتي لنصري معينا عسكر التتن


بطرس كرامة

الحمدان
07-15-2024, 04:53 PM
نادت ذوابلهُ في كفهِ عجباً
أين الألى حسدوا أين الذي بغضا

ليثٌ على ضامرٍ كالنجم غرتهُ
والريح هبتهُ والبرق ان ركضا

كأن أسمره لقمان حين بدا
يبري القلوب إذا أخفت بها المرضا

كريم أصلٍ إذا جادت مكارمهُ
خلت السحاب على تلك الربى عرضا

سادت بهمته الأراءُ واكتسبت
من حزم فطنته إيضاح ما غمضا

هذا هو الجنبلاطيّ الذي امتثلت
أهل المعالي لما قد سنهُ وقضا

وربما انتقضت تلك الجبال وما
يقوله ذا ثبات ليس منتقضا

إليك أهدي الثنايا من بمدحته
جواهر المدح درٌّ لم تكن عرضا

باهت محاسنك الغراء في شيم
جاد النظام بها والمدح قد فُرضا

قد جاءَ عبدك مشتاقاً للثم يدٍ
يحوز لاثمها من دهره الغرضا

دم في سعودٍ شدا من شام طالعها
برقٌ بلبنان أم نجم الصباح اضا


بطرس كرامة

الحمدان
07-15-2024, 04:54 PM
لك اللَه من مولىً به المجد قاسمُ
بأنك شهمٌ للمكارم قاسم

وللّه راحتك التي فاض بذلها
ففي لثمها للقادمين مغانم

أتيت بفضلٍ دونهُ الفضل واقفٌ
وجئت بجودٍ دونهُ بات حائم

كأنَّ بكفيك السحاب لأننا
نرى دائماً منها تفيض الغمائم


بطرس كرامة

الحمدان
07-15-2024, 04:55 PM
سعد العلياء جلا ثغرا
فرحا لما شهد القمرا

وقماري العز شدت طربا
بربوع قد نفحت عطرا

اكرم بهلال قد لمعت
بشهاب محياه البشرى

وتقلد جيد المجد به
وبمولده عقدا دررا

نجحت آمال الفوز به
لما وافى يحكي البدرا

قد أخصب روض الحي هنا
بمحاسنه وروى خبرا

وتمايل غصن البان به
لما بهناه الريح سرى

واستيقظ أعين نرجسه
ترعى محياه بغير كرى

طفل بالمهد تراه على
متن العليا خير الكبرا

عجبا لسرير يحضنه
أنى يحوى المهد البحرا

نعم المولود وخير فتى
محمود الجود علا قدرا

أعني ذا الفضل وبحر البذل
ومن بالعدل سما كسرى

الهادي المال ومهدي الضال
بنور شهاب قد ظهرا

ورشيد الراي ومأمون
الاقبالومعتصم طهرا

انعم ببشير ذي كرم
لم يبق لمن حادوا ذكرا

جلت أوصاف محامده
عن ان تحصي البعض الشعرا

ليث غيث بحر فخر
رشد سعد من يدن يرى

حدت ما شئت به مدحا
فخليل المجد به نصرا

نعم المسعود ابو المحمود
ومن بالجود حكى القطرا

اسد رئبال إذا ما صال
على الابطال أرى العبرا

شهدت بنجابته شيم
طابت بمحاسنها نثرا

ضاءت للحزم نباهته
فسما همما وذكى فكرا

مولى يوليك العجب اذا
اعتقل الخطي وعلا الضمرا

فكأن البدر على برق
قد ضم براحته فجرا

ولكم رأت الاعدا عجبا
من حملته لما كرا

وإذا الأمجاد رأت حمدا
أضحى لمحامدهم صدرا

وتزين في أبهى خلق
ثغر الأزهار له افترا

ومعالي المجد له وفدت
فراته خليلا منتصرا

تهنى بأمير محمود
قد جاد الله به برا

ورعاه بعين الأمن وقد
جعل الأدهار له عمرا

وتراه أخا وأبا لجدود
بالعلياء بدوا غررا

هناك الله ببهجته
ووقاك الشدة والضررا

وحباك سرورا لم يبرح
كاس الآمال به وفرا

واسلم بالعز فان لكم
سعد العلياء جلا ثغرا


بطرس كرامة

الحمدان
07-15-2024, 04:55 PM
ورب خرساء اضحت بعد لكنتها
فصحاء ذات فم للضد رداد

قامت بمبسمها الزاهي ترد على
نركيلة فجرت في قولها البادي

تنددين بأني غير ناطقة
ألم تري منطقي يروي ظما الصادي

ألم تري ما جدا نعم الأمير ومن
أحيى وجود الندا في كفه النادي

فهو الذي قد غدا لي منجدا وبه
ثغري يغرد في مدح وانشاد


بطرس كرامة

الحمدان
07-15-2024, 04:56 PM
يا ذا الخليل الذي في قوله ثقةٌ
والدر في نظمه الوضاح منتظم

زرني وكن منصفا حبّا بعهدك لي
إني لوفدك بالمرصاد ملتزم

ها قد أتى لك برذونٌ وعدك لي
قد حان والشوق عندي شأنه ضرم

فقم وبادر فتحظى في سنا فرحٍ
ولثم كفّ أمير زانهُ الكرم

وحيّ ربعاً بهِ الأفراح سامية
وقد تأيد فيهِ للثنا عَلم

وصاح في دوحه ورق السرور على
غصن الهناء بروضٍ زهره النعم

وأمّ بيتاً لدين المجد منتهضاً
في خير مولى شدت في فضله الأمم

فهو البشيرُ الذي أدنى مآثرهِ
لم يحصها عدداً كلّا ولا قلم

به تسامى هنا لبنان مرتفعاً
وجادهُ هاطل الأنعام والديم

لا زال في السعد والإقبال ما مدحت
سواجعٌ ليغني في ثناهُ فمُ


بطرس كرامة

الحمدان
07-15-2024, 04:57 PM
صاح وافى داعي الهناء يشير
في سعود وقد تجلى السرورُ

وهذار الأفراح غرد صبحا
في ربوع لها الأماني زهورُ

وتغنت بلابل الدوح لما
ماس تيها غصن الصفاء النضيرُ

أشرقت أنجم التهاني جملا
حين ضاءت بالاقتران بدورُ

حيث أضحى على الثريا أمينا
في سماء الزفاف بدر منيرُ

وتبدت من المسرات تجلى
راح انس على الندامى تدورُ

وتجلت فوق الأرائك ورق
تتناجى بشرا بأمن يفورُ

يا نديمي قد راق وقت التصابي
وتداني المنى وفاض الحبورُ

نسمات السرور هبت علينا
يتهادى من نشرهن عبيرُ

قم وبادر معاهد الصفو واغنم
طيب عيش لك الأمان سميرُ

إن عرف الأزهار بت شذاها
حين وافت صبا التهاني تمورُ

ولطيف النسيم حرك نايا
عندما صاح بالصفاء الغديرُ

وإيادي الرياح دقت دفوفا
وتثنى لذاك ظبي غريرُ

وغصون الرياض ماست دلالا
حين غنت من فوقهنّ الطيورُ

وكؤوس الآمال أهدت نجاحا
حين دارت بنا ولذّ الحضورُ

يا سقاة الأقداح هبوا صباحا
بصبوح لها القلوب تطيرُ

واديروا مع الصبابة راحا
من سناه تجلى وتنفى الكدورُ

أخصبت العيش والتمني لما
من نبات البشير فاضت بحورُ

فهو ذو السؤدد الشريف ومولى
قد تعالى به المقام الخطيرُ

كم تدانت له المقاصد رشدا
وتحلت من المعالي ثغورُ

كل جود طليق كفيه لكن
كل حمد لراحتيه أسيرُ

ذو أياد تفيض بحر هبات
لو رآها كعب الأيادي يجيرُ

حاز لبنان من سناه ابتهاجا
وحباه بشر وخير فخيرُ

يا بشير له السعود اشارت
وشهابا به العلى تستنيرُ

أنت للمجد والمكارم رب
وهمام على المعالي أميرُ

كل نصر لروض عزك دان
حيث نادى للسعد فيه البشيرُ

قام داعي الأنام يشدو بربع
أنت للعدل فيه نعم النصيرُ

ليس يلقى بين العوالم طرا
لك ند ياذا الثنا أو نظيرُ

ما تجلى شهاب سعدك إلّا
فوق شهب النجوم اضحى يسيرُ

أنت طود الفخار يا خير مولى
في حماه بنو العلى تستجيرُ

قد تهنى الزمان فيك اعتزازاً
وعلاه من ثغر عدلك نورُ

فزهناء في حسن انجال سعد
هم نجوم العلى ونعم الصدورُ

شهب افق أشبال فتك سراة
حيث أنت الغضنفر المشهورُ

وكرام من كل قاسم جيش
قد تسامى به النداء الغزيرُ

وخليل ان كر فوق جواد
خلت نسرا يعلوه ليث جسورُ

وأمين العلياء أحسن شهم
قد تبدى به الهناء الوفيرُ

أن هذا الزفاف أجمل عرس
وسعيد مبارك وطهورُ

وزواج أضحى أمين اقتران
كل سعد يأتي به ويزورُ

ناشدتنا الأفراح ذات ابتسام
حين زف المولى الأمين الوقورُ

وجبين الأيام أشرق حسنا
وتردت ثوب الجمال العصورُ

تتهنى فيه وفي أخويه
وبنيهم ما تستدير الدهورُ


بطرس كرامة

الحمدان
07-15-2024, 04:57 PM
لا ينفعنّ الفتى إلّا سريرته
بالله أو حل خطب فهي عمدته

هيهات ذو ثقة ترضيك صحبته
ما في زمانك من ترجى مودته

ولا صديق إذا جار الزمان وفا
لو كان صحبك مثل الرمل في عدد

لم تلق غير اله الخلق من سند
ان كنت ذا فطنة أو كنت ذا رشد

فعش فريدا ولا تركن إلى أحد
إني نصحتك في ما قلته وكفى


بطرس كرامة

الحمدان
07-15-2024, 04:58 PM
يا من بنور شهابه العليا تضي
وبكفه سيف العزيمة ينتضي

أنت الذي يندائه المتعرض
قسم الفخار بأنه لا يرتضي

مولى سواه فكان أصدق قاسم
شهم له العياء تصدح بالثنا

وبفضله قد ضاء مفتاح السنا
لله كم نلنا براحته المنا

ولكم عطاياه التي قسمت لنا
تشدو أدام الله نعمة قاسمي


بطرس كرامة

الحمدان
07-15-2024, 04:58 PM
يا من له الآداب تسمو نسبة
وهو الذي يسمو بحسن الأدب

فإليّ عنو بالمغاربة التي
ما منهم إلّا شديد الطلب

دعهم ففضول يعاني أمرهم
وهلمّ كي تحظى بنيل الأرب

والثم من الشهم البشير المرتضى
كفا نديا فاض فيض السحب

ونزِّه الألحاظ ما بين الربى
في ذلك الغض النزيه الخصب

وانظر لجارية تبدّت بالصفا
ذات القنا الخطي بنت العجب

فهي التي تجلو عن القلب الأسى
بالرشف من ماء الصفاء العذب

كأنها من كوثر جرّت بأنبيق
لجين قد طلي بالذهب

ان شئت بادر ولتكن ذا حذر
من ذلك البرد الوفير الرطب

فإنه ينشدنا ليلا صبا
تدعو الفتى كالراقص المنطرب


بطرس كرامة

الحمدان
07-15-2024, 04:59 PM
يا رب ليل طويناه على قلق
ما متعت مقلتي فيه بطيب كرى

كأنه ليل مجنون ترقب ان
يأتي الصباح عسى أن يقمع الكدرا

ترى جفوني من الدخان هامية
تجري كدلف بدا من سقفنا وجرى

فالدلف يمنعنا طيب المنام إذا
من فوقنا حل بالأوجاه وانحدرا

كذا الدخاخين مذ هاجت لكثرتها
أعمت جوار حنا والقلب والنظر

تقول أخشابه في حال طقطقة
يا قوم لا تأمنوا التدمير والضررا

من فوقنا منحني الأخشاب مندثرا
كيف المنام وسقف البيت انظره

كذاك أبوابنا مفتوحة فعسى
الدخان يخرج كي نسترجع البصرا

دخان صادوم من جيراننا وكذا
من سقفنا طوفان الدلف قد قطرا

وضجة قد بدت في بابل ظهرت
من العطية عندي تدهش الفكرا

فهذه حالنا منذ المغيب إلى ال
صباح نلقى شديد الريح والمطرا

لكننا من ضيا نور الأمير لنا
طبنا قلوبا ولم نعبا بما صدرا

وعند ما شرفت أفواهنا سحرا
بلثم راحته زال الأسى وسرى


بطرس كرامة

الحمدان
07-15-2024, 04:59 PM
رعى الله منشيها ولا فضّ فاهه
لقد فاه في درّ ليكتب بالدرّ

وما هي إلا تحفة كسروية
تشير إلى الفضلين بالنظم والنثر

من الترك وافت ذات فخر ومن رأى
يقر لها فضلا على السر والجهر

فهذا مقام الهزل منه بجوهر
فجدّا مقام الجد يزهو على الزهر


بطرس كرامة

الحمدان
07-15-2024, 05:00 PM
ألا أيها الخلّ المودع مغرماً
لك اللَه فيما أنت فيهِ تسيرُ

لعمري لقد كادت تذوب حشاشتي
من البين والهجران فيما تشيرُ

فحسبي غرامي والسهاد منادمي
وأعشار نيران الغرام تفورُ

لقد راعني هذا الوداع وإنما
لأمرٍ قضاهُ اللَه إني صبورُ

فإني وإن غبتم وشط مزاركم
فمنزلكم قلبي وفيه تمورُ

ولي كبدٌ حرّى وقلبٌ مولعٌ
فذي خلفكم تجري وذاك يطيرُ

فسيروا بحفظٍ فاللقاءُ مقرّبٌ
بعون إلهي والبعاد قصيرُ

وإني لأرجوا أن أراك ميمهاً
ومن نيل مطلوبٍ عليك سرورُ


بطرس كرامة

الحمدان
07-15-2024, 05:01 PM
يا شقيق الروح إنّا لم نزل
منذ بنتم في عناء وفكر

وغدا قلبي وفكري عندكم
عجبا لم يأتنا منكم خبر

فعسى البيت سليما ما به
نكد أو تلف يجدي الكدر

ولعل السقف مع اخشابه
سالما من كل ريب وخطر

وعسى القوت بحفظ لم يضع
منه شيء وعسى أن لا ضرر

فامنح المشغول بالا خبرا
بالذي صار وفيما قد خطر

قد وقاك اللَه من غيظ ومن
كل سوء وعناء وعثر

وحماك الله من كل البلا
ووقاك اللَه آفات المطر

كيف من يبني بيوتا دررا
يهدم اللَه له بيتا حجر

عمّر اللَه بيوت الشعرا
وحباها كل لطف منحدر


بطرس كرامة

الحمدان
07-15-2024, 05:01 PM
يا من له الآداب أحسن خلة
ولسانه في ذاك أعظم شادي

ما لي أراك محجبا متوارياً
وإلى قدومك نحن بالمرصاد

كيف الإقامة حيث جاء أميرنا
ربّ الكمال وسيد الأمجاد

ألهاك مولود يغرد صوته
في المهدام الهاك صوت الحادي

ما أن سمعت بان مولودا أتى
يثني أبا عن خدمة الأسياد

ومن العجائب أن تقيم بمربع
لم تحظ من أطلاله بمراد

فدع التشبث بالمعاهد واغتنم
رؤيا البشير شهاب نور الهادي

يكفيك ما قضيته وسمعته
من صوت مولود وربة نادي

فأسرع وبادر كي تعود مشرّفا
إذ تلثم الكف الكريم النادي


بطرس كرامة

الحمدان
07-15-2024, 05:02 PM
يا نائيا وفؤاد الصبِّ مأواه
رفقا بمن أضرمت بالوجد أحشاهُ

وعامل الله في قلب غدا دنفا
قد بات يرعى حبيبا ليس يرعاه

كسا النوى بدني ثوب السقام وقد
نفى الحبيب منامي ورد ذكراه

معذبي بالهوى عطفا على كبد
اسير ايدي النوى والحب أغراه

دعاه يوم تنائينا الهوى فاتى
طوعا على عجل يسعى ولبّاه

لا آنس الله أيام العراق فقد
أودت بقلب فتى ذابت سويداه

حسبي الغرام الذي لا أرتضي أبداً
الّا المنام قرى والبين ولاه

استودع الله من بالطرف منزله
حبّا وان سار كان القلب مسراه

اني ولو بالنوى والهجر المفنى
قربا وبعدا على الحالين أهواه

سلوه ان يمنح المشتاق بعض كرى
لعلّ طيف خيال منه نقاه

لا آخذ الله عينيه بما فعلت
فالصبر ولى وهذا القلب يفداه

كيف السلو ولي عهد يذكرني
من الحبيب وداداً لست أنساه

سقا معاهد لبنان الحيا غدقا
وجاده من سحاب الجود أوفاه

لقد سما طوده بالأمن مفتخرا
والبرّ زينه والعدل انشاه

طابت مرابعه بالشيح واتشحت
من الخزامى بثوب الرند صحراه

وقام غصن النقا يهتز من طرب
لما شدت في رياض العز ورقاه

وفاح زهر الربى عرفا شذا عطرا
يا حبذا نشره الذاكي ورياه

وغار سوسنه من عين نرجسه
وقام ورد البها يزهو بسماه

ولؤلؤ الطل في جيد الأقاح حكى
ثغر الحبيب إذا افترّت ثناياه

والياسمين من النسرين في وله
يصافح البان لما اهتزّ عطفاه

يا حبذا بيت دين المجد ان له
عزّا تسامى على الأفلاك مبناه

طوبى لمن فاز في قرب ولثم ثرى
وعفر الخد في لألاء حصباه

ضائت بافق علاه الشهب وارتفعت
فوق الثريا ثريّاه وجوزاه

باهت محاسنه بالعز وافتخرت
كل المحاسن في أوصاف مولاه

أعني البشير الذي بالنصر جاء وقد
روى شهاب الثنا عن نور علياه

أميرنا الماجد المفضال من وكفت
للسائلين بسحب الجود كفاه

حوى المحامد من جود ومن كرم
وكل حسن تراه فهو معناه

ان قلت بحر فمن كفيه مندفق
أو قلت ليثٌ فإن الليث يخشاه

أو قلت فتكا فسل عنه السيوف وسل
جمع الصفوف تقل لا ضيغم الأمر

وحقه وهبات من يديه بدت
لنا وروضته الغنا ويمناه

ومجده ومعاليه وشيمته
وطيب أخلاقه الحسنى ونعماه

ما حلت عن حب من يبدي لنا دررا
في سلك شعر لسمعي ما أحيلاه

البارع الفاضل الندب الشهير أبو ال
نظم البديع فيا شوقي لرؤياه

مهذّب من بني الاتراك قد شهدت
لنظمه العرب لما استنطقوا فاه

كأنه بلبل الآداب حين شدا
نظما بليغا غدا قلبي معنّاه

لقد سما الأدب السامي بنور سنا
آدابه وعلا حسنا بانشاه

رعى المهيمن ذاك الخل أنّ له
بين الجوانح شوقا بتّ أصلاه

أخا الوداد أما من حيكم خبر
يشفي الذي كحلت بالسهاد عيناه

ويا خليلا على الأشواق مطلعا
كيف انثنيت لسهو ما عهدناه

كفى المتيم ان البين أتلفه
والصبر عز وداعي الشوق اضناه

بحق أيامنا اللائي سلفن لنا
وكاس صفو هناء قد رشفناه

رفقا بصبّ غدا بالحب ذا وصب
يا نائيا وفؤاد الصب مأواه


بطرس كرامة

الحمدان
07-15-2024, 05:02 PM
بخضاب قد زين الكف كفّي
يا سليمي نبل العيون فيكفي

فأجابت قد جلّ عن ذاك وصفي
ليس حسن الخضاب زين كفي

لا وثغري العذب اللمى والرضاب
فبخدي سباك خالي وافتن

وبجيدي حسن الحلي قد تفنن
واذا منكر اصرّ واعلن

فضياء البنان يشهد لي أن
حسن كفي مزيّن للخضاب


بطرس كرامة

الحمدان
07-15-2024, 05:03 PM
واخت الثريا بهجة واضاءة
تلوح كأن البدر طفل بنهدها

نجلت بقلبي ثم صدت وحبها
لقد قطّعت قلبي بصمصام صدها

ولم يكفها حتى سويداه اخرجت
بأيدي هواها وادعت وضع يدها

فأفتى لنا شرع الغرام بأخذها
وقد مثّلتها للجمال بخدها

وعنى نأت عجبا وروحي تمسكت
بأعطافها الحسنى وأطراف بردها

وقام فؤادي يستغيث مجاذبا
بأذيالها عشقا فمن لي بردها


بطرس كرامة