المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هنا الشعر الفصيح ومايتعلق به


الصفحات : 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 [51] 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 100 101 102 103 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 114 115 116 117 118 119 120 121 122 123 124 125 126 127 128 129 130 131 132 133 134 135 136 137 138 139 140 141 142 143 144 145 146 147 148 149 150 151 152 153 154 155

الحمدان
08-07-2024, 07:11 PM
الرِفقُ يَبلُغُ ما لا يَبلُغُ الخَرَقُ
وَقَلَّ في الناسِ مَن يَصفو لَهُ خُلُقُ

لَم يَقلَقِ المَرءُ عَن رُشدٍ فَيَترُكُهُ
إِلّا دَعاهُ إِلى ما يَكرَهُ القَلَقُ

الباطِلُ الدَهرَ يُلفى لا ضِياءَ لَهُ
وَالحَقُّ أَبلَجُ فيهِ النورُ يَأتَلِقُ

مَتى يَفيقُ حَريصٌ دائِبٌ أَبَداً
وَالحِرصُ داءٌ لَهُ تَحتَ الحَشا قَلَقُ

يَستَغنِمُ الناسُ مِن قَومٍ فَوائِدَهُم
وَإِنَّما هِيَ في أَعناقِهِم رَبَقُ

وَيَجهَدُ الناسُ في الدُنيا مُنافَسَةً
وَلَيسَ لِلناسِ شَيءٌ غَيرَ ما رُزِقوا

يا مَن بَنى القَصرَ في الدُنيا وَشَيَّدَهُ
أَسَّستَ قَصرَكَ حَيثُ السَيلُ وَالغَرَقُ

لا تَغفُلَنَّ فَإِنَّ الدارَ فانِيَةٌ
وَشُربُها غُصَصٌ وَصَفوُها رَنَقُ

وَالمَوتُ حَوضٌ كَريهٌ أَنتَ وارِدُهُ
فَاِنظُر لِنَفسِكَ قَبلَ المَوتِ يا مَئِقُ

اِسمُ العَزيزِ ذَليلٌ عِندَ ميتَتِهِ
وَاِسمُ الجَديدِ بُعَيدَ الجِدَّةِ الخَلَقُ

يَبلى الشَبابُ وَيُفني الشَيبُ نَضرَتَهُ
كَما تَساقَطُ عَن عيدانِها الوَرَقُ

ما لي أَراكَ وَما تَنفَكُّ مِن طَمَعٍ
يَمتَدُّ مِنكَ إِلَيهِ الطَرفُ وَالعُنُقُ

تَذُمُّ دُنياكَ ذَمّا ما تَبوحُ بِهِ
إِلّا وَأَنتَ لَها في ذاكَ مُعتَنِقُ

فَلَو عَقَلتُ لَأَعدَدتُ الجِهازَ لِما
بَعدَ الرَحيلِ بِها ما دامَ بي رَمَقُ

إِذا نَظَرتَ مِنَ الدُنيا إِلى صُوَرٍ
تَخَيَّلَت لَكَ مِنها فَوقَها الخِرَقُ

فَاِذكُر ثَموداً وَعاداً أَينَ أَينَ هُمُ
لَو أَنَّ قَوماً بَقوا مِن قَبلِهِم لَبَقوا

ما نَحنُ إِلّا كَرَكبٍ ضَمَّهُ سَفَرٌ
يَوماً إِلى ظِلِّ فَيءٍ ثُمَّتَ اِفتَرَقوا

وَلا يُقيمُ عَلى الأَسلافِ غابِرُهُم
كَأَنَّهُم بِهِمُ مَن بَعدَهُم لَحِقوا

ما هَبَّ أَو دَبَّ يَفنى لا بَقاءَ لَهُ
وَالبَرُّ وَالبَحرُ وَالأَقطارُ وَالأُفُقُ

نَستَوطِنُ الأَرضَ داراً لِلغُرورِ بِها
وَكُلُّنا راحِلٌ عَنها فَمُنطَلِقُ

لَقَد رَأَيتُ وَما عَيني بِراقِدَةٍ
نَبلَ الحَوادِثِ بَينَ الخَلقِ تَختَرِقُ

كَم مِن عَزيزٍ أَذَلَّ المَوتُ مَصرَعَهُ
كانَت عَلى رَأسِهِ الراياتُ تَختَفِقُ

كُلُّ اِمرِئٍ فَلَهُ رِزقٌ سَيَبلُغُهُ
وَاللَهُ يَرزُقُ لا كَيسٌ وَلا حُمُقُ

إِذا نَظَرتَ إِلى دُنياكَ مُقبِلَةً
فَلا يَغُرُّكَ تَعظيمٌ وَلا مَلَقُ

أُخَيَّ إِنّا لَنَحنُ الفائِزونَ غَداً
إِن سَلَّمَ اللَهُ مِن دارٍ لَها عَلَقُ

فَالحَمدُ لِلَّهِ حَمداً لا اِنقِطاعَ لَهُ
ما إِن يُعَظَّمُ إِلّا مَن لَهُ وَرِقُ

وَالحَمدُ لِلَّهِ حَمداً دائِماً أَبَداً
فازَ الَّذينَ إِلى ما عِندَهُ سَبَقوا

وَالحَمدُ لِلَّهِ شُكراً لا نَفادَ لَهُ
الناسُ في غَفلَةٍ عَمّا لَهُ خُلِقوا

ما أَغفَلَ الناسَ عَن يَومِ اِبتِغائِهِمُ
وَيَومِ يُلجِمُهُم في المَوقِفِ العَرَقُ


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 07:11 PM
داوِ بِالرِفقِ جِراحاتِ الخَرَق
وَابلِ قَبلَ الحَمدِ وَالذَمِّ وَذُق

وَسِعَ الناسَ بِخُلقٍ حَسَنٍ
لَم يَضِق شَيءٌ عَلى حُسنِ الخُلُق

كُلُّ مَن لَم تَتَّسِع أَخلاقُهُ
بَعُدَ الإِحسانُ مِنهُ وَسَحُق

كَم تَرانا يَأَخي نَبقى عَلى
جَوَلانِ المَوتِ في هَذا الأُفُق

نَحنُ أَرسالٌ إِلى دارِ البَلى
نَتَوالى عُنُقاً بَعدَ عُنُق


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 07:11 PM
عامِلِ الناسَ بِرَأيٍ رَفيقِ
وَالقِ مَن تَلقى بِوَجهٍ طَليقِ

فَإِذا أَنتَ جَميلُ الثَناءِ
وَإِذا أَنتَ كَثيرُ الصَديقِ


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 07:11 PM
قَطَّعَ المَوتُ كُلَّ عَقدٍ وَثيقِ
لَيسَ لِلمَيتِ بَعدَهُ مِن صَديقِ

مَن يَمُت يَعدَمِ النَصيحَةَ وَالإِش
فاقَ مِن كُلِّ ناصِحٍ وَشَفيقِ

نَزَلَ الساكِنُ الثَرى مِن ذَوي الأَل
طافِ في المَنزِلِ البَعيدِ السَحيقِ

كُلُّ أَهلِ الدُنيا يَعومُ عَلى الغَف
لَةِ مِنها في غَمرِ بَحرٍ عَميقِ

يَتَبارَونَ في السِباحِ فَهُم مِن
بَينِ ناجٍ مِنهُم وَبَينِ غَريقِ

وَاِلتِماسي لِما أُطالِبُ مِنها
لَم أَكُن لِاِلتِماسِهِ بِحَقيقِ


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 07:12 PM
طَلَبتُ أَخاً في اللَهِ في الغَربِ وَالشَرقِ
فَأَعوَزَني هَذا عَلى كَثرَةِ الخَلقِ

فَصِرتُ وَحيداً بَينَهُم مُتَسَبِّراً
عَلى الغَدرِ مِنهُم وَالمَلالَةَ وَالمَذقَ

أَرى مَن بِها يَقضي عَلَيَّ لِنَفسِهِ
وَلَم أَرَ مَن يَرعى عَلَيَّ وَلا يُبقي

وَكَم مِن أَخٍ قَد ذُقتُهُ ذا بَشاشَةٍ
إِذا ساغَ في عَيني يَغَصُّ بِهِ حَلقي

وَلَم أَرَ كَالدُنيا وَكَشفي لِأَهلِها
فَما انكَشَفوا لي عَن وَفاءٍ وَلا صِدقِ

وَلَم أَرَ أَمراً واحِداً مِن أُمورِها
أَعَزَّ وَلا أَعلى مِنَ الصَبرِ لِلحَقِّ


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 07:12 PM
ما أَغفَلَ الناسَ وَالخُطوبُ بِهِم
في خَبَبٍ مَرَّةً وَفي عَنَقِ

وَفي فَناءِ المُلوكِ مُعتَبَرٌ
كَفى بِهِ حُجَّةً عَلى السَوقِ


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 07:12 PM
أَلَم تَرَ هَذا المَوتَ يَستَعرِضُ الخَلقا
تَرى أَحَداً يَبقى فَتَطمَعَ أَن تَبقى

لِكُلِّ امرِئٍ حَيٍّ مِنَ المَوتِ خُطَّةٌ
يَصيرُ إِلَيها حينَ يَستَكمِلُ الرِزقا

تَزَوَّد مِنَ الدُنيا فَإِنَّكَ شاخِصٌ
إِلى المُنتَهى وَاجعَل مَطِيَّتَكَ الصِدقا

وَأَمسِك مِنَ الدُنيا الكَفافَ وَجُد عَلى
أَخيكَ وَخُذ بِالرِفقِ وَاجتَنِبِ الخُرقا

فَإِنّي رَأَيتُ المَرءَ يُحرَمُ حَظَّهُ
مِنَ الدينِ وَالدُنيا إِذا حُرِمَ الرِفقا

وَلا تَجعَلَنَّ الحَمدَ إِلّا لِأَهلِهِ
وَلا تَدَعِ الإِمساكَ بِالعُروَةِ الوُثقى

وَلا خَيرَ فيمَن لا يُواسي بِفَضلِهِ
وَلا خَيرَ فيمَن لا يُرى وَجهُهُ طَلقا

وَلَيسَ الفَتى في فَضلِهِ بِمُقَصِّرٍ
إِذا ما اتَّقى الرَحمَنَ وَاتَّبَعَ الحَقّا


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 07:13 PM
أَتَبكي لِهَذا المَوتِ أَم أَنتَ عارِفُ
بِمَنزِلَةٍ تَبقى وَفيها المَتالِفُ

كَأَنَّكَ قَد غُيِّبتَ في اللَحدِ وَالثَرى
فَتَلقى كَما لاقى وَفيها السَوالِفُ

أَرى المَوتَ قَد أَفنى القُرونَ الَّتي مَضَت
فَلَم يَبقَ ذو إِلفٍ وَلَم يَبقَ آلِفُ

كَأَنَّ الفَتى لَم يَغنَ في الناصِ ساعَةً
إِذا عُصِبَت يَوماً عَلَيهِ اللَفائِفُ

وَقامَت عَلَيهِ عُضبَةٌ يَندُبونَهُ
فَمُستَعبِرٌ يَبكي وَآخَرُ هاتِفُ

وَغودِرَ في لَحدٍ كَريهٍ حُلولُهُ
وَتُعقَدُ مِن لِبنٍ عَلَيهِ السَقائِفُ

لَقَلَّ الغِنى عَن صاحِبِ اللَحدِ وَالثَرى
بِما ذَرَفَت فيهِ العُيونُ الذَوارِفُ

وَما مَن يَخافُ البَعثَ وَالنارَ آمِنٌ
وَلَكِن حَزينٌ موجَعُ القَلبِ خائِفُ

إِذا عَنَّ ذِكرُ المَوتِ أَوجَعَ قَلبَهُ
وَهَيَّجَ أَحزاناً ذَنوبٌ سَوالِفُ

وَأَعلَمُ غَيرَ الظَنِّ أَن لَيسَ بالِغاً
أَعاجيبَ ما يَلقى مِنَ الناسِ واصِفُ


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 07:13 PM
اللَهُ كافٍ فَمالي دونَهُ كافِ
عَلى اِعتِدائي عَلى نَفسي وَإِسرافي

تَشَرَّفَ الناسُ بِالدُنيا وَقَد غَرِقوا
فيها فَكُلُّ عَلى أَمواجِها طافِ

هُمُ العَبيدُ لِدارٍ قَلبُ صاحِبِها
ما عاشَ مِنها عَلى خَوفٍ وَإيجافِ

حَسبُ الفَتى بِتُقى الرَحمَنِ مِن شَرَفٍ
وَما عَبيدُكَ يا دُنيا بِأَشرافِ

يا دارُ كَم قَد رَأَينا فيكِ مِن أَثَرٍ
يَنعى المُلوكَ إِلَينا دارِسٍ عافِ

أَودى الزَمانُ بِأَسلافي وَخَلَّفَني
وَسَوفَ يُلحِقُني يَوماً بِأَسلافي

كَأَنَّنا قَد تَوافَينا بِأَجمَعِنا
في بَطنِ ظَهرٍ عَلَيهِ مَدرَجُ الساف
ي
أُخَيَّ عِندي مِنَ الأَيّامِ تَجرِبَةٌ
فيما أَظُنُّ وَعِلمٌ بارِعٌ شافِ

لا تَمشِ في الناسِ إِلّا رَحمَةً لَهُمُ
وَلا تُعامِلهُمُ إِلّا بِإِنصافِ

وَاِقطَع قُوى كُلِّ حِقدٍ أَنتَ مُضمِرَهُ
إِن زَلَّ ذو زَلَّةٍ أَو إِن هَفا هافِ

وَاِرغَب بِنَفسِكَ عَمّا لا صَلاحَ لَهُ
وَأَوسَعِ الناسِ مِن بِرٍّ وَإِلطافِ

وَإِن يَكُن أَحَدٌ أَولاكَ صالِحَةً
فَكافِهِ فَوقَ ما أَولى بِأَضعافِ

وَلا تُكَشِّف مُسيئاً عَن إِساءَتِهِ
وَصِل حِبالَ أَخيكَ القاطِعِ الجافي

فَتَستَحِقَّ مِنَ الدُنيا سَلامَتَها
وَتَستَقِلَّ بِعِرضٍ وافِرٍ وافِ

ما أَحسَنَ الشُغلَ في تَدبيرِ مَنفَعَةٍ
أَهلُ الفَراغِ ذَوُو خَوضٍ وَإِرجافِ


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 07:13 PM
مَتى تَتَقَضّى حاجَةُ المُتَكَلِّفُ
وَلا سِيَّما مِن مُترَفِ النَفسِ مُسرِفُ

طَلَبتُ الغِنى في كُلِّ وَجهٍ فَلَم أَجِد
سَبيلَ الغِنى إِلّا سَبيلَ التَعَفُّفِ

إِذا كُنتَ لا تَرضى بِشَيءٍ تَنالُهُ
وَكُنتَ عَلى ما فاتَ جَمَّ التَلَهُّفِ

فَلَستَ مِنَ الهَمِّ العَريضِ بِخارِجٍ
وَلَستُ مِنَ الغَيظِ الطَويلِ بِمُشتَفِ

أَراني بِنَفسي مُعجَباً مُتَغَرِّراً
كَأَنّي عَلى الآفاتِ لَستُ بِمُشرِفِ

وَإِنّي لَعَينُ البائِسِ الواهِنِ القُوى
وَعَينُ الضَعيفِ البائِسِ المُتَطَرِّفِ

وَلَيسَ امرُؤٌ لَم يَرعَ مِنكَ بِجَهدِهِ
جَميعَ الَّذي تَرعاهُ مِنهُ بِمُنصِفِ

خَليلَيَّ ما أَكفى اليَسيرَ مِنَ الَّذي
نُحاوِلُ إِن كُنّا بِما كَفَّ نَكتَفي

وَما أَكرَمَ العَبدَ الحَريصَ عَلى النَدى
وَأَشرَفَ نَفسَ الصابِرِ المُتَعَفِّفِ


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 07:13 PM
إِن كانَ لا بُدَّ مِن مَوتٍ فَما كَلَفي
وَما عَنائي بِما يَدعو إِلى الكُلَفِ

لا شَيءَ لِلمَرءِ أَغنى مِن قَناعَتِهِ
وَلا اِمتِلاءَ لِعَينِ المُلتَهي الطَرِفِ

مَن فارَقَ القَصدَ لَم يَأمَن عَلَيهِ هَوىً
يَدعو إِلى البَغيِ وَالعُدوانِ وَالسَرَفِ

ما كُلُّ رَأيِ الفَتى يَدعو إِلى رَشَدٍ
إِذا بَدا لَكَ رَأيٌ مُشكِلٌ فَقِفِ

أَخَيَّ ما سَكَنَت ريحٌ وَلا عَصَفَت
إِلّا لِتُؤذِنَ بِالنُقصانِ وَالتَلَفِ

ما أَقرَبَ الحَينَ مِمَّن لَم يَزَل بَطِراً
وَلَم تَزَل نَفسُهُ توفي عَلى شَرَفِ

كَم مِن عَزيزٍ عَظيمِ الشَأنِ في جَدَثٍ
مُجَدَّلٍ بِتُرابِ الأَرضِ مُلتَحِفِ

لِلَّهِ أَهلُ قُبورٍ كُنتُ أَعهَدُهُم
أَهلَ القِبابِ الرُخامِيّاتِ وَالغُرَفِ

يا مَن تَشَرَّفَ بِالدُنيا وَزينَتِها
حَسبُ الفَتى بِتُقى الرَحمَنِ مِن شَرَفِ

وَالخَيرُ وَالشَرُّ في التَصويرُ بَينَهُما
لَو صُوِّرا لَكَ بَونٌ غَيرُ مُؤتَلِفِ

أُخَيَّ آخِ المُصَفّى ما اِستَطَعتَ وَلا
تَستَعذِبَنَّ مُؤاخاةَ الأَخِ النَطِفِ

ما يَحرُزُ المَرءُ مِن أَطرافِهِ طَرَفاً
إِلّا تَخَوَّنَهُ النُقصانُ مِن طَرَفِ

وَاللَهُ يَكفيكَ إِن أَنتَ اِعتَصَمتَ بِهِ
مَن يَصرِفِ اللَهُ عَنهُ السوءِ يَنصَرِفِ

الحَمدُ لِلَّهِ شُكراً لا شَريكَ لَهُ
ما نيلَ شَيءٌ بِمِثلِ اللَينِ وَاللَطَفِ


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 07:14 PM
لِلَّهِ دَرُّ أَبيكَ أَيَّةُ لَيلَةٍ
مَخَضَت صَبيحَتَها لِيَومِ المَوقِفِ

لَو أَنَّ عَيناً وَهَّمَتها نَفسُها
يَومَ الحِسابِ مُمَثِّلاً لَم تَطرِفِ


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 07:14 PM
أَيُّ عَيشٍ يَكونُ أَبلَغَ مِن عَيشٍ
كَفافٍ قوتٍ بِقَدرِ البَلاغِ

صاحِبُ البَغيِ لَيسَ يَسلَمُ مِنهُ
وَعَلى نَفسِهِ بَغى كُلُّ باغِ

رُبَّ ذي نِعمَةٍ تَعَرَّضَ مِنها
حائِلٌ بَينَهُ وَبَينَ المَساغِ

أَبلَغَ الدَهرُ في مَواعِظِهِ بَل
زادَ فيهِنَّ لي عَلى الإِبلاغِ

غَبَنَتني الأَيّامُ عَقلي وَمالي
وَشَبابي وَصِحَّتي وَفَراغي


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 07:14 PM
ما بالُ نَفسِكَ بِالآمالِ مُنخَدِعَه
وَما لَها لا تُرى بِالوَعظِ مُنتَفِعَه

أَما سَمِعتَ بِمَن أَضحى لَهُ سَبَبٌ
إِلى النَجاةِ بِحَرفٍ واحِدٍ سَمِعَه


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 07:14 PM
النَفسُ بِالشَيءِ المُمَنَّعِ مولَعَه
وَالحادِثاتُ أُصولُها مُتَفَرِّعَه

وَالنَفسُ لِلشَيءِ البَعيدِ مُريدَةٌ
وَلِكُلِّ ما قَرُبَت إِلَيهِ مُضَيَّعَه

مَن عاشَ عاشَ بِخاطِرٍ مُتَصَرِّفٍ
مُتَنَقِّلٍ في الضيقِ طَوراً وَالسَعَه

وَالمَرءُ يَضعُفُ عَن عَزيمَةِ صَبرِهِ
فَيَضيقُ عَن شَيءٍ وَعَنهُ بِهِ سَعَه

وَالمَرءُ يَغلَطُ في تَصَرُّفِ حالِهِ
وَلَرُبَّما اِختارَ العَناءَ عَلى الدِعَه

كُلٌّ يُحاوِلُ حيلَةً يَرجو بِها
دَفعَ المَضَرَّةِ وَاِجتِلابَ المَنفَعَه

وَالمَرءُ لا يَأتيهِ إِلّا رِزقُهُ
فَاِقنَع بِما يَأتيكَ مِنهُ في دِعَه


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 07:15 PM
لا عَيشَ إِلّا المَوتُ يَقطَعُهُ
لا شَيءَ دونَ المَوتِ يَمنَعُهُ

وَالمَرءُ في شَهَواتِ غَفلَتِهِ
وَالدَهرُ يَخفِضُهُ وَيَرفَعُهُ

وَمُدافِعٍ لِلشَيبِ يَخضُبُهُ
وَالشَيبُ نَحوَ المَوتِ يَدفَعُهُ

وَالعَيشُ كُلُّ جَديدِهِ خَلَقٌ
كُلٌّ لَهُ عَيشٌ يُرَقِّعُهُ

وَلَقَلَّ ما جَرَتِ الخُطوبُ فَلَم
تَخطُر عَلى قَلبٍ تُرَوِّعُهُ

وَلَخَيرُ قَولِ المَرءِ أَصدَقُهُ
وَلَخَيرُ فِعلِ المَرءِ أَنفَعُهُ

وَالمَوتُ لا يُبقي عَلى أَحَدٍ
وَلِكُلِّ جَنبٍ مِنهُ مَصرَعُهُ

وَجَميعُ ما لِلمَرءِ مِن عَمَلٍ
فَالمَرءُ يَحصِدُهُ وَيَزرَعُهُ

عَجَباً لِذي عَيشٍ تَيَقَّنَ أَننَ
المَوتَ حَقٌّ كَيفَ يَنفَعُهُ


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 07:15 PM
شِدَّةُ الحِرصِ ما عَلِمتَ وَضاعَه
وَعَناءٌ وَفاقَةٌ وَضَراعَه

إِنَّما الراحَةُ المُريحَةُ في اليَأسِ
مِنَ الناسِ وَالغِنى في القَناعَه

نَحنُ في دارِ مَرتَعٍ غِبُّهُ المَوتُ
وَدارٍ صَرّاعَةٍ خَدّاعَه

ما بَقاءُ الدُنيا وَساعاتَها
تَحفِزُها بِالحَوادِثِ الفَجّاعَه

عَزَمَ اللَيلُ وَالنَهارُ عَلى أَن
لا يَملَأَ تَفريقَ كُلِّ جَماعَه

لَيسَ حَيٌّ بِمُستَقيلٍ بِما وَللَت
بِهِ مِنهُ ساعَةٌ بَعدَ ساعَه


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 07:15 PM
عِندَ البِلى هَجَرَ الضَجيعَ ضَجيعُهُ
وَجَفاهُ مُلطِفُهُ وَشَتَّ جَميعُهُ

وَكَذاكَ كُلُّ مُفارِقِ لا يَرتَجي
مَن كانَ يَحفَظُهُ فَسَوفَ يُضيعُهُ

مَن ماتَ فاتَ وَفي المَقابِرِ يَستَوي
تَحتَ التُرابِ رَفيعُهُ وَوَضيعُهُ

لَو كُنتَ تُبصِرُ يَومَ يَطلُعُ طالِعٌ
يَنعاكَ لا يُبقي عَلَيكَ طُلوعُهُ

لَرَأَيتَ أَنفَسَ مَن يَليكَ أَكُفُّهُ
بِنَواكَ أَحسَنُ ما يَكونُ صَنيعُهُ

وَأَشَدَّ أَهلِكَ مِنكَ ثُمَّ تَبَرُّماً
مَن كُنتَ تَقبَلُ نُصحَهُ وَتُطيعُهُ

وَأَجَلَّ زادِكَ مِن تُراثِكَ رَيطَةٌ
وَأَسَرَّ سَيرِكَ لِلحَبيبِ سَريعُهُ

إِن كانَ مَن يَبكيكَ بَعدَكَ صادِقاً
فيما يَقولُ فَلَن تَجِفَّ دُموعُهُ

هَيهاتَ كَلّا إِنَّ أَكثَرَ هَمِّهِ
فيما جَمَعتَ يَشيدُهُ وَيَبيعُهُ


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 07:15 PM
حَتّى مَتى يَستَفِزُّني الطَمَعُ
أَلَيسَ لي بِالكَفافِ مُتَّسَعُ

ما أَفضَلَ الصَبرَ وَالقَناعَةَ لِل
ناسِ جَميعاً لَو أَنَّهُم قَنِعوا

وَأَخدَعَ اللَيلَ وَالنَهارَ لِأَق
وامٍ أَراهُم في الغَيِّ قَد رَتَعوا

أَمّا المَنايا فَغَيرُ غافِلَةٍ
لِكُلِّ حَيٍّ مِن كَأسِها جُرَعُ

أَيُّ لَبيبٍ تَصفو الحَياةُ لَهُ
وَالمَوتُ وِردٌ لَهُ وَمُنتَجَعُ

الخَلقُ يَمضي يَأُمُّ بَعضُهُمُ
بَعضاً فَهُم تابِعٌ وَمُتَّبَعُ

يا نَفسُ ما لي أَراكِ آمِنَةً
حَيثُ تَكونُ الرَوعاتُ وَالفَزَعُ

ما عُدَّ لِلناسِ في تَصَرُّفِ
حالاتِهِم مِن حَوادِثٍ تَقَعُ

لَقَد حَلَبتُ الزَمانَ أَشطُرَهُ
فَكانَ فيهِنَّ الصابُ وَالسَلَعُ

ما لي بِما قَد أَتى بِهِ فَرَحٌ
وَلا عَلى ما وَلّى بِهِ جَزَعُ

لِلَّهِ دَرُّ الدُنيا لَقَد لَعِبَت
قَبلي بِقَومٍ فَما تُرى صَنَعوا

بادوا وَوَفَّتهُمُ الأَهِلَّةُ ما
كانَ لَهُم وَالأَيّامُ وَالجُمَعُ

أَثرَوا فَلَم يُدخِلوا قُبورَهُمُ
شَيئاً مِنَ الثَروَةِ الَّتي جَمَعوا

وَكانَ ما قَدَّموا لِأَنفُسِهِم
أَعظَمَ نَفعاً مِنَ الَّذي وَدَعوا

غَداً يُنادى مَن في القُبورِ إِلى
هَولِ حِسابٍ عَلَيهِ يُجتَمَعُ

غَداً تُوَفّى النُفوسُ ما كَسَبَت
وَيَحصُدُ الزارِعونَ ما زَرَعوا

تَبارَكَ اللَهُ كَيفَ قَد لَعِبَت
بِالناسِ هَذي الأَهواءُ وَالبِدَعُ

شَتَّتَ حُبُّ الدُنيا جَماعَتَهُم
فيها فَقَد أَصبَحوا وَهُم شِيَعُ


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 07:16 PM
أَلَم تَرَ أَنَّ لِلأَيّامِ وَقعا
وَأَنَّ لِوَقعِها عَقراً وَجَدعا

وَأَنَّ الحادِثاتِ إِذا تَوالَت
جَذَبنَ بِقُوَّةٍ وَصَرَعنَ صَرعا

أَلَم تَعلَم بِأَنَّكَ يا أَخانا
طُبِعتَ عَلى البَلى وَالنَقصِ طَبعا

وَأَنَّ خُطا الزَمانِ مُواصِلاتٌ
وَأَنَّ لِكُلِّ ما واصَلنَ قَطعا

إِذا اِنقَلَبَ الزَمانُ أَذَلَّ عِزّا
وَأَخلَقَ جِدَّةً وَأَبادَ جَمعا

أَراكَ تُدافِعُ الأَيّامَ يَوماً
فَيَوماً بِالمُنى دَفعاً فَدَفعا

أُخَيَّ إِذا الجَديدانِ اِستَدارا
أَرَتكَ يَداهُما حَصداً وَزَرعا

إِذا كَرَّ الزَمانُ بِناطِحَيهِ
فَإِنَّ لِكَرِّهِ خَفضاً وَرَفعا

وَلَستَ الدَهرَ مُتَّسِعاً لِفَضلِ
إِذا ما ضِقتَ بِالإِنصافِ ذَرعا

إِذا ما المَرءُ لَم يَنفَعكَ حَيّاً
فَلَو قَد ماتَ كانَ أَقَلَّ نَفعا


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 07:16 PM
لِلَّهِ عاقِبَةُ الأُمورِ جَميعاً
أَخشى التَفَرُّقَ أَن يَكونَ سَريعا

أَفَتَأمَنُ الدُنيا كَأَنَّكَ لا تَرى
في كُلِّ وَجهٍ لِلخُطوبِ صَريعا

أَصبَحتَ أَعمى مُبصِراً مُتَحَيِّراً
في ضَوءِ باهِرَةٍ أَصَمَّ سَميعا

لِلمَوتِ ذِكرٌ أَنتَ مُطَّرِحٌ لَهُ
حَتّى كَأَنَّكَ لا تَراهُ ذَريعاً

ما لي أَرى ما ضاعَ مِنكَ كَأَنَّما
ضَيَّعتَهُ مُتَعَمِّداً لِيَضيعا

وَتَشَوَّفَت لِذَوي مَخايِلِها المُنى
وَكَتَمنَ سُمّاً تَحتَهُنَّ نَقيعا

وَإِلى مَدىً سَبَقَت جِيادُ ذَوي التُقى
فَأَصَبنَ فيهِ مِنَ الحَياءِ رَبيعا

وَلَتَفتَنَنَّ عَنِ الهُدى إِن لَم تَكُن
لِأَعِنَّةِ الدُنيا إِلَيهِ خَليعا

كَم عِبرَةٍ لَكَ قَد رَأَيتَ إِنِ اِعتَبَرتَ
بِها وَكَم عَجَباً رَأَيتَ بَديعا

إِن كُنتَ تَلتَمِسُ السَلامَةَ في الأُمورِ
فَكُن لِرَبِّكَ سامِعاً وَمُطيعا


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 07:17 PM
إِنقِطاعُ الأَيّامِ عَنّي سَريعُ
إِنَّ ما عِندَ اللَهِ لَيسَ يَضيعُ

عَجَباً إِنَّ مَن تَعَبَّدَتِ الدُن
يا بَصيرٌ أَعمى أَصَمٌّ سَميعُ

كَم تَعَلَّلتَ بِالمُنى وَكأَنّي
بِكَ يا ذا المُنى وَأَنتَ صَريعُ

خَلَعَتكَ الدُنيا مِنَ الدينِ حَتّى
صِرتَ تَبغي الدُنيا وَأَنتَ خَليعٌ

وَبَديعُ السَماءِ وَالأَرضِ يَكفي
كَ فَسَلِّم لَهُ وَأَنتَ مُطيعُ

سائِلُ اللَهِ لا يَخيبُ وَجارُ اللَهِ
مِن كُلِّ يَومِ بُؤسٍ مَنيعُ

طاعَةُ اللَهِ خَيرُ زادٍ إِلَيهِ
حِكمَةُ اللَهِ لِلقُلوبِ رَبيعُ

وَجَنابُ الإِفسادِ مُرٌّ وَبيءٌ
وَجَنابُ الإِصلاحِ حُلوٌ مَريعُ

إِنَّما العَيشُ ما صَفا لَكَ إِن نِلتَ
وَما نِلتَهُ وَأَنتَ وَديعُ

عَجَباً زُيِّنَت لَنا زينَةُ الدُن
يا وَمَن تَحتِها سِمامٌ نَقيعُ

نَتَعامى وَنَحنُ نَسعى لِغَيٍّ
كَيفَ نَبقى وَالمَوتُ فينا ذَريعُ

اِصنَعِ الخَيرَ ما اِستَطَعتَ إِلى الناسِ
وَبِاللَهِ وَحدَهُ تَستَطيعُ

وَاِبسِطِ الوَجهَ لِلشَفيعِ وَإِلّا
كانَ أَولى بِالفَضلِ مِنكَ الشَفيعُ

أَيُّ شَيءٍ يَكونُ أَعجَبُ مِمّا
يَلعَبُ الناسُ وَالفَناءُ سَريعُ


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 07:17 PM
جَزِعتُ وَلَكِن ما يَرُدُّ لِيَ الجَزَع
وَأَعوَلتُ لَو أَغنى العَويلُ وَلَو نَفَع

أَيا ساكِني الأَجداثِ هَل لي إِلَيكُم
عَلى قُربِكُم مِنّي مَدى الدَهرِ مُطَّلَع

فَوَ اللَهِ ما أَبقى لِيَ الدَهرُ مِنكُمُ
حَبيباً وَلا ذُخراً لَعَمري وَلا وَدَع

فَأَيَّكُمُ أَبكي بِعَينٍ سَخينَةٍ
وَأَيَّكُمُ أَرثي وَأَيَّكُمُ أَدَع

أَيا دَهرُ قَد قَلَّلتَني بَعدَ كَثرَةٍ
وَأَوحَشتَني مِن بَعدِ أُنسٍ وَمُجتَمِع


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 07:17 PM
أَلا إِنَّ وَهنَ الشَيبِ فيكَ لَمُسرِعٌ
وَأَنتَ تَصابى دائِباً لَستَ تُقلِعُ

سَتُصبِحُ يَوماً ما مِنَ الناسِ كُلِّهِم
وَحَبلُكَ مَبتوتُ القُوى مُتَقَطِّعِ

فَلِلَّهِ بَيتُ الهَجرِ لَو قَد سَكَنتَهُ
لَوُدِّعتَ تَوديعَ امرِئٍ لَيسَ يَرجِعِ


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 07:17 PM
أَمّا بُيوتُكَ في الدُنيا فَواسِعَةٌ
فَلَيتَ قَبرَكَ بَعدَ المَوتِ يَتَّسِعُ

وَلَيتَ ما جَمَعَت كَفّاكَ مِن نَشبٍ
يُنجيكَ مِن هَولِ ما إِن أَنتَ مُطَّلِعُ

أَيَفرَحُ الناسُ بِالدُنيا وَقَد عَلِموا
أَنَّ المَنازِلَ في لَذّاتِنا قَلَعُ

مَن كانَ مُغتَبِطاً فيها بِمَنزِلَةٍ
فَإِنَّهُ لِسِواها سَوفَ يَنتَجِعُ

وَكُلُّ ناصِرِ دُنيا سَوفَ تَخذُلُهُ
وَكُلُّ حَبلٍ عَلَيها سَوفَ يَنقَطِعُ

ما لي أَرى الناسَ لا تَسلوا ضَغاأُنَهُم
وَلا قُلوبُهُمُ في اللَهِ تَجتَمِعُ

إِذا رَأَيتَ لَهُم جَمعاً تُسَرُّ بِهِ
فَإِنَّهُم حينَ تَبلو شَأنَهُم شِيَعُ

يا جامِعَ المالِ في الدُنيا لِوارِثِهِ
هَل أَنتَ بِالمالِ بَعدَ المَوتِ تَنتَفِعُ

لا تُمسِكِ المالَ وَاِستَرضِ الإِلَهَ بِهِ
فَإِنَّ حَسبَكَ مِنهُ الرَيُّ وَالشَبَعُ


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 07:18 PM
الشَيءُ مَحروصٌ عَلَيهِ إِذا اِمتَنَع
وَلَقَلَّ مَن يَخلو هَواهُ مِن وَلَع

وَالمَرءُ مُتَّصِلٌ بِخَيرِ صَنيعِهِ
وَبِشَرِّهِ حَتّى يُلاقي ما صَنَع

وَالدَهرُ يَخدَعُ مَن تَرى عَن نَفسِهِ
إِنَّ اِبنَ آدَمَ يَستَريحُ إِلى الخُدَع

وَلِمَن يَضيقُ عَنِ المَكارِمِ ضيقَةٌ
وَلِمَن تَفَسَّحَ في المَكارِمِ مُتَّسَع

وَالناسُ بَينَ مُسَلِّمٌ رَبِحَ الرِضى
فيما يُمَضُّ وَبَينَ مَن خَسِرَ الجَزَع

وَالحَقُّ مُتَّصِلٌ وَمُتَّصِلٌ بِهِ
فَإِذا سَمِعتَ بِمَيِّتٍ فَقَدِ اِنقَطَع

وَلَرُبَّ مُرٍّ قَد أَفادَ حَلاوَةً
وَلَرُبَّ حُلوٍ في مَغَبَّتِهِ شُنَع

وَأَمامَكَ الوَطَنُ المَخوفُ سَبيلُهُ
فَتَزَوَّدِ التَقوى إِلَيهِ وَلا تَدَع

لَيسَ المُوَفّى حَظُّهُ مِن مالِهِ
إِلّا المُوَفّى زادَ هَولِ المُطَّلَع

وَاِعلَم بِأَنَّكَ لَستَ تَطرِفُ طَرفَةً
إِلّا تَفاوَتَ مِنكَ ما لا يُرتَجَع

عَبدُ المَطامِعِ في لِباسِ مَذَلَّةٍ
إِنَّ الذَليلَ لَمَن تَعَبَّدَهُ الطَمَع

وَلَرُبَّما مُحِقَ الكَثيرُ وَرُبَّما
كَثُرَ القَليلُ إِلى القَليلِ إِذا جُمِع

وَالمَرءُ أَسلَمُ ما يَكونُ بِدينِهِ
عِندَ التَحَفُّظِ وَالسَكينَةِ وَالوَرَع


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 07:18 PM
ما يُرتَجى بِالشَيءِ لَيسَ بِنافِعِ
ما لِلخُطوبِ وَلِلزَمانِ الفاجِعِ

وَلَقَلَّ يَومٌ مَرَّ بي أَو لَيلَةٌ
لَم يَقرَعا كَبِدي بِخَطبٍ رائِعِ

كَم مِن أَسيرِ العَقلِ في شَهَواتِهِ
ظَفِرَ الهَوى مِنهُ بِعَقلٍ ضائِعِ

سُبحانَ مَن قَهَرَ المُلوكَ بِقُدرَةٍ
وَسِعَت جَميعَ الخَلقِ ذاتِ بَدائِعِ

أَيُّ الحَوادِثِ لَيسَ يَشهَدُ أَنَّهُ
صُنعٌ وَيَشهَدُ بِاِقتِدارِ الصانِعِ

ما الناسُ إِلّا كَاِبنِ أُمٍّ واحِدٍ
لَولا اِختِلافُ مَذاهِبٍ وَطَبائِعِ

وَالحَقُّ في المَجرى أَغَرُّ مُحَجَّلٌ
تَلقاكَ غُرَّتُهُ بِنورٍ ساطِعِ

ما خَيرُ مَن يُدعى لِيُحرِزَ حَظَّهُ
مِن دينِهِ فَيَكونُ غَيرَ مُطاوِعِ

ما لِاِمرِئٍ عَيشٌ بِغَيرِ بَقائِهِ
ماذا تُحِسُّ يَدٌ بَغَيرِ أَصابِعِ

أَتُطالِعُ الآمالَ مُنتَظِراً وَلا
تَدري لَعَلَّ المَوتَ أَوَّلُ طالِعِ

وَإِذا اِبنُ آدَمَ حَلَّ في أَكفانِهِ
حَلَّ اِبنُ أُمِّكَ في المَكانِ الشاسِعِ

وَإِذا الخَطوبُ جَرَت عَلَيكَ بِوَقعِها
تَرَكَتكَ بَينَ مُفَجَّعِ أَو فاجِعِ

كَم مِن مُنىً مَثُلَت لِقَلبِكَ لَم تَكُن
إِلّا بِمَنزِلَةِ السَرابِ اللامِعِ

لُذ بِالإِلَهِ مِنَ الرَدى وَطُروقِهِ
فَتَحُلَّ مِنهُ في المَحَلِّ الواسِعِ


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 07:18 PM
لِطائِرِ كُلَّ حادِثَةٍ وُقوعُ
وَلِلدُنيا بِصاحِبِها وَلوعُ

تُريدُ الأَمنَ في دارِ البَلايا
وَما تَنفَكُّ مِن حَدَثٍ يَروعُ

وَقَد يَسلو المَصائِبَ مَن تَعَزّى
وَقَد يَزدادُ في الحُزنِ الجَزوعُ

هِيَ الآجالُ وَالأَقدارُ تَجري
بِقَدرِ الدَرَّ تُحتَلَبُ الضُروعُ

هِيَ الأَعراقُ بِالأَخلاقِ تَنمي
بِقَدرِ أُصولِها تَزكو الفُروعُ

هِيَ الأَيّامُ تَحصِدُ كُلَّ زَرعٍ
لِيَومِ حِصادِها زُرِعَ الزُروعُ

تَشَهّى النَفسُ وَالشَهَواتُ تَنمي
فَلَيسَ لِقَلبِ صاحِبِها خُشوعُ

وَما تَنفَكُّ دائِرَةً بِخَطبٍ
وَما يَنفَكُّ جَمّاعٌ مَنوعُ

مُعَلَّقَةً بِثُغرَتِهِ المَنايا
وَفَوقَ جَبينِهِ الأَجَلُ الخَدوعُ

رَأَيتُ المَرءَ مُغتَرِماً يُسامي
وَرائِحَةُ البِلى مِنهُ تَضوعُ

عَجِبتُ لِمَن يَموتُ وَلَيسَ يَبكي
عَجِبتُ لِمَن تَجِفُّ لَهُ دُموعُ


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 07:19 PM
رُبَّما ضاقَ الفَتى ثُمَّ اتَّسَع
وَأَخو الدُنيا عَلى النَقصِ طُبِع

إِنَّ مَن يَطمَعُ في كُلِّ مُناً
أَطمَعَتهُ النَفسُ فيها لَطَمِع

لِلتُقى عاقِبَةٌ مَحمودَةٌ
وَالتُقى المَحضُ لِمَن كانَ يَزِع

وَقَنوعُ المَرءِ يَحمي عِرضَهُ
ما القَريرُ العَينِ إِلّا مَن قَنِع

وَسُرورُ المَرءِ فيما زادَهُ
وَإِذا ما نَقَصَ المَرءُ جَزِع

عِبَرُ الدُنيا لَنا مَكشوفَةٌ
قَد رَأى مَن كانَ فيها وَسَمِع

وَأَخو الدُنيا غَداً تَصرَعُهُ
فَبِأَيِّ العَيشِ فيها يَنتَفِع

وَأَرى كُلِّ مُقيمٍ زائِلاً
وَأَرى كُلِّ اتِّصالٍ مُنقَطِع

وَاعتِقادُ الخَيرِ وَالشَرِّ إِسىً
بَعضُنا فيهِ لِبَعضِ مُتَّبِع

أُمَمٌ مَزروعَةٌ مَحصودَةٌ
كُلُّ مَزروعٍ فَلِلحَصدِ زُرِع

يَصرَعُ الدَهرُ رِجالاً تارَةً
هَكَذا مَن صارَعَ الدَهرَ صُرِع

إِنَّما الدُنيا عَلى ما جُبِلَت
جيفَةٌ نَحنُ عَليها نَصطَرِع

التَقِيُّ البَرُّ مَن يَنبُذُها
وَالمُحامي دونَها الخِبُّ الخَدِع

فَسَدَ الناسُ وَصاروا إِن رَأَوا
صالِحاً في الدينِ قالوا مُبتَدِع

اِنتَبِه لِلمَوتِ يا هَذا الَّذي
عِلَلُ المَوتِ عَلَيهِ تَقتَرِع

خَلَّ ما عَزَّ لِمَن يَمنَعُهُ
قَد تَرى الشَيءَ إِذا عَزَّ مُنِع

وَاِسلُ في دُنياكَ عَمّا اِسطَعتَهُ
وَاِلهُ عَن تَكليفِ ما لَم تَستَطِع


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 07:19 PM
أَيُّها المُبصِرُ الصَحيحُ السَمَيعُ
أَنتَ في اللَهوِ وَالهَوى مَخدوعُ

كَيفَ يَعمى عَنِ السَبيلِ بَصيرٌ
عَجَباً ذا أَو يَستَصِمُّ سَميعُ

ما لَنا نَستَطيعُ أَن نَجمَعَ المالَ
وَرَدَّ المَماتِ لا نَستَطيعُ

حُبِّبَ الأَكلُ وَالشَرابُ إِلَينا
وَبِناءُ القُصورِ وَالتَجميعُ

وَصُنوفُ اللَذاتِ مِن كُلِّ لَونٍ
وَالفَنا مُقبِلٌ إِلَينا سَريعُ

لَيسَ يَنجو مِنَ الفَنا فاخِرُ البَيتِ
وَلا السِفلَةُ الدَنيءُ الوَضيعُ

كُلُّ حَيٍّ سَيَطعَمُ المَوتَ كَرهاً
ثُمَّ خَلفَ المَماتِ يَومٌ فَظيعُ

كَيفَ نَلهو وَكَيفَ نَسلو بِعَيشٍ
هُوَ مِنّا مُستَرجَعٌ مَنزوعُ

نَجمَعُ الفانِيَ القَليلَ مِنَ المالِ
وَنَنسى الَّذي إِلَيهِ الرُجوعُ

في مَقامٍ تَعشى العُيونُ لَدَيهِ
وَالمُلوكُ العِظامُ فيهِ خُضوعُ


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 07:20 PM
خَيرُ أَيّامِ الفَتى يَومَ نَفَع
وَاصطِناعُ الخَيرِ أَبقى ما صَنَع

وَنَظيرُ المَرءِ في مَعروفِهِ
شافِعٌ مَتَّ إِلَيهِ فَشَفَع

ما يُنالُ الخَيرُ بِالشَرِّ وَلا
يَحصِدُ الزارِعُ إِلّا ما زَرَع

لَيسَ كُلُّ الدَهرِ يَوماً واحِداً
رُبَّما ضاقَ الفَتى ثُمَّ اتَّسَع

خُذ مِنَ الدُنيا الَّذي دَرَّت بِهِ
وَاسلُ عَمّا فاتَ مِنها وَانقَطَع

إِنَّما الدُنيا مَتاعٌ زائِلٌ
فَاقتَصِد فيهِ وَخُذ مِنهُ وَدَع

وَاِرضَ لِلناسِ بِما تَرضى بِهِ
وَاِتبَعِ الحَقَّ فَنِعمَ المُتَّبَع

وَاِبغِ ما اِستَعتَ عَنِ الناسِ الغِنى
فَمَنِ اِحتاجَ إِلى الناسِ ضَرَع

أَبلِغِ الجامِعَ أَن لَو قَد أَتى
يَومُهُ لَم يُغنِ عَنهُ ما جَمَع

إِنَّ لِلخَيرِ لَرَسماً بَيِّناً
طَبَعَ اللَهُ عَلَيهِ مَن طَبَع

قَد بَلَونا الناسَ في أَخلاقِهِم
فَرَأَيناهُم لِذي المالِ تَبَع

وَحَبيبُ الناسِ مَن أَطمَعَهُم
إِنَّما الناسُ جَميعاً بِالطَمَع

اِحمَدِ اللَهَ عَلى تَقديرِهِ
قَدَّرَ الرِزقَ فَأَعطى وَمَنَع

سُمتُ نَفسي وَرَعاً تَصدُقُهُ
فَنَهاها النَقصُ عَن ذاكَ الوَرَع

فَلِنَفسي عِلَلٌ لاتَنقَضي
وَلَها مَكرٌ لَطيفٌ وَخُدَع

وَلِنَفسي غَفَلاتٌ لَم تَزَل
وَلَها بِالشَيءِ أَحياناً وَلَع

وَلِنَفسي حينَ تُعطى فَرَحٌ
وَاضطِرابٌ عِندَ مَنعٍ وَجَزَع

عَجَباً مِن مُطمَئِنٍ آمِنٍ
إِنَّما يُغذى بِأَلوانِ الفَزَع

عَجَباً لِلناسِ ما أَغفَلَهُم
مِن وُقوعِ المَوتِ عَمّا سَيَقَع

عَجَباً إِنّا لَنَلقى مَرتَعاً
كُلُّنا قَد عاثَ فيهِ وَرَتَع

يا أَخا المَيتِ الَّذي شَيَّعَهُ
فَحَثا التُربَ عَلَيهِ وَرَجَع

لَيتَ شِعري ما تَزَوَّدتَ مِنَ ال
زادِ يا هَذا لِهَولِ المُطَلَع

يَومَ يَهديكَ مُحِبّوكَ إِلى
ظُلمَةِ القَبرِ وَضيقِ المُضطَجَع


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 07:20 PM
هُوَ المَوتُ فَاصنَع كُلَّما أَنتَ صانِعُ
وَأَنتَ لِكَأسِ المَوتِ لا بُدَّ جارِعُ

أَلا أَيُّها المَرءُ المُخادِعُ نَفسَهُ
رُوَيداً أَتَدري مَن أَراكَ تُخادِعُ

وَياجامِعَ الدُنيا لِغَيرِ بَلاغِهِ
سَتَترُكُها فَانظُر لِمَن أَنتَ جامِعُ

فَكَم قَد رَأَينا الجامِعينَ قَدَ اِصبَحَت
لَهُم بَينَ أَطباقِ التُرابِ مَضاجِعُ

لَوَ أَنَّ ذَوي الأَبصارِ يَرعونَ كُلَّ ما
يَرَونَ لَما جَفَّت لِعَينٍ مَدامِعُ

طَغى الناسُ مِن بَعدِ النَبِيِّ مُحَمَّدٍ
فَقَد دَرَسَت بَعدَ النَبِيِّ الشَرائِعُ

وَصارَت بُطونُ المُرمِلاتِ خَميصَةً
وَأَيتامُها مِنهُم طَريدٌ وَجائِعُ

وَإِنَّ بُطونَ المُكثِراتِ كَأَنَّما
يُنَقنِقُ في أَجوافِهِنَّ الضَفادِعُ

فَما يَعرِفُ العَطشانُ مَن طالَ رِيُّهُ
وَما يَعرِفُ الشَبعانُ مَن هُوَ جائِعُ

وَتَصريفُ هَذا الخَلقِ لِلَّهِ وَحدَهُ
وَكُلٌّ إِلَيهِ لا مَحالَةَ راجِعُ

وَلِلَّهِ في الدُنيا أَعاجيبُ جَمَّةً
تَدُلُّ عَلى تَدبيرِهِ وَبَدائيعُ

وَلِلَّهِ أَسرارُ الأُمورِ وَإِن جَرَت
بِها ظاهِراً بَينَ العِبادِ المَنافِعُ

وَلِلَّهِ أَحكامُ القَضاءِ بِعِلمِهِ
أَلا فَهوَ مُعطٍ مَن يَشاءُ وَمانِعُ

إِذا ضَنَّ مَن تَرجو عَلَيكَ بِنَفعِهِ
فَدَعهُ فَإِنَّ الرِزقَ في الأَرضِ واسِعُ

وَمَن كانَتِ الدُنيا هَواهُ وَهَمَّهُ
سَبَتهُ المُنى وَاستَعبَدَتهُ المَطامِعُ

وَمَن عَقَلَ اِستَحيا وَأَكرَمَ نَفسَهُ
وَمَن قَنِعَ استَغنى فَهَل أَنتَ قانِعُ

لِكُلِّ امرِئٍ رَأيانِ رَأيٌ يَكُفُّهُ
عَنِ الشَيءِ أَحياناً وَرَأيٌ يُنازِعُ


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 07:20 PM
إِيّاكَ أَعني يا اِبنَ آدَمَ فَاِستَمِع
وَدَعِ الرُكونَ إِلى الحَياةِ فَتَنتَفِع

لَو كانَ عُمرُكَ أَلفَ حَولٍ كامِلٍ
لَم تَذهَبِ الأَيّامُ حَتّى تَنقَطِع

إِنَ المَنِيَّةَ لا تَزالُ مُلِحَّةً
حَتى تُشَتِّت كُلَّ أَمرٍ مُجتَمِع

فَاِجعَل لِنَفسِكَ عُدَّةً لِلِقاءِ مَن
لَو قَد أَتاكَ رَسولُهُ لَم تَمتَنِع

شُغِلَ الخَلائِقُ بِالحَياةِ وَأَغفَلوا
زَمَناً حَوادِثُهُ عَلَيهِم تَقتَرِع

ذَهَبَت بِنا الدُنيا فَكَيفَ تَغُرُّنا
أَم كَيفَ تَخدَعُ مَن تَشاءُ فَيَنخَدِع

وَالمَرءُ يوطِنُها وَيَعلَمُ أَنَّهُ
عَنها إِلى وَطَنٍ سِواها مُنقَلِع

لَم تَقبَلِ الدُنيا عَلى أَحَدٍ بِزي
نَتِها فَمَلَّ مِنَ الحَياةِ وَلا شَبَع

يا أَيُّها المَرءُ المُضَيِّعُ دينَهُ
إِحرازُ دينِكَ خَيرُ شَيءٍ تَصطَنِع

وَاللَهُ أَرحَمُ بِالفَتى مِن نَفسِهِ
فَاِعمَل فَما كُلِّفتَ ما لَم تَستَطِع

وَالحَقُّ أَفضَلُ ما قَصَدتَ سَبيلَهُ
وَاللَهُ أَكرَمُ مِن تَزورُ وَتَنتَجِع

فَاِمهَد لِنَفسِكَ صالِحاً تُجزى بِهِ
وَاِنظُر لِنَفسِكَ أَيَّ أَمرٍ تَتَّبِع

وَاِجعَل صَديقَكَ مَن وَفى لِصَديقِهِ
وَاِجعَل رَفيقَكَ حينَ تَنزِلُ مَن يَرِع

وَاِمنَع فُؤادَكَ أَن يَميلَ بِكَ الهَوى
وَاِشدُد يَدَيكَ بِحَبلِ دينِكَ وَاِتَّزِع

وَاِعلَم بِأَنَّ جَميعَ ما قَدَّمتَهُ
عِندَ الإِلَهِ مُوَفَّرٌ لَكَ لَم يَضِع

طوبى لِمَن رُزِقَ القَنوعَ وَلَم يُرِد
ما كانَ في يَدِ غَيرِهِ فَيُرى ضَرِع

وَلَئِن طَمِعتَ لَتَضرَعَنَّ فَلا تَكُن
طَمَعاً فَإِنَّ الحُرَّ عَبدٌ ما طَمِع

إِنّا لَنَلقى المَرءَ تَشرَهُ نَفسُهُ
فَيَضيقُ عَنهُ كُلُّ أَمرٍ مُتَّسِع

وَالمَرءُ يَمنَعُ ما لَدَيهِ وَيَبتَغي
ما عِندَ صاحِبِهِ وَيَغضَبُ إِن مُنِع

ما ضَرَّ مَن جَعلَ التُرابَ فِراشَهُ
أَلّا يَنامَ عَلى الحَريرِ إِذا قَنِع


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 07:21 PM
الحِرصُ لُؤمٌ وَمِثلُهُ الطَمَعُ
ما اِجتَمَعَ الحِرصُ قَطُّ وَالوَرَعُ

لَو قَنِعَ الناسُ بِالكَفافِ إِذاً
لَاِتَّسَعوا في الَّذي بِهِ قَنِعوا

لِلمَرءِ فيما يُقيمُهُ سَعَةٌ
لَكِنَّهُ ما يُريدُ ما يَسَعُ

يا حالِبَ الدَهرِ دَرَّ أَشطُرِهِ
هَل لَكَ في ما حاسَبتَ مُنتَفَعُ

يا عَجَباً لِاِمرِئٍ تُخادِعُهُ ال
ساعاتُ عَن نَفسِهِ فَيَنخَدِعُ

يا عَجَبا لِلزَمانِ يَأمَنُهُ
مَن قَد يَرى الصَخرَ عَنهُ وَالوَجَعُ

عَجِبتُ مِن آمِنٍ بِمَنزِلَةٍ
تَكثُرُ فيها الهُمومُ وَالوَجَعُ

عَجِبتُ مِن مَعشَرٍ وَقَد عَرَفوا ال
حَقَّ تَوَلَّوا عَنهُ وَما رَجَعوا

الناسُ في زَرعِ نَسلِهِم وَيَدُ ال
مَوتِ بِها حَصدُ كُلَّ ما زَرَعوا

ما شَرَفُ المَرءِ كَالقَناعَةِ وَال
صَبرِ عَلى كُلِّ حادِثٍ يَقَعُ

لَم يَزَلِ القانِعونَ أَشرَفَنا
يا حَبَّذا القانِعونَ ما قَنِعوا

لِلمَرءِ في كُلِّ طَرفَةٍ حَدَثٌ
يُذهِبُ مِنهُ ما لَيسَ يُرتَجَعُ

مَن يَضِقِ الصَبرُ عَن مُصيبَتِهِ
ضاقَ وَلَم يَتَّسِع بِهِ الجَزَعُ

الشَمسُ تَنعاكَ حينَ تَغرُبُ لَو
تَدري وَتَنعاكَ حينَ تَطَّلِعُ

حَتّى مَتى أَنتَ لاعِبٌ إِشِرٌّ
حَتّى مَتى أَنتَ بِالصِبا وَلِعُ

إِنَّ المُلوكَ الأُلى مَضَوا سَلَفاً
بادوا جَميعاً وَبادَ ما جَمَعوا

يا لَيتَ شِعري عَنِ الَّذينَ مَضَوا
قَبلي إِلى التُرابِ ما الَّذي صَنَعوا

بُؤساً لَهُم أَيَّ مَنزِلٍ نَزَلوا
بُؤساً لَهُم أَيَّ مَعقِعٍ وَقَعوا

الحَمدُ لِلَّهِ كُلُّ مَن سَكَنَ ال
دُنيا فَعَنها بِالمَوتِ يَنقَطِعُ


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 07:21 PM
لَعَمري لَقَد نوديتَ لَو كُنتَ تَسمَعُ
أَلَم تَرَ أَنَّ المَوتَ ما لَيسَ يُدفَعُ

أَلَم تَرَ أَنَّ الناسَ في غَفَلاتِهِم
وَأَنَّ المَنايا بَينَهُم تَتَقَعقَعُ

أَلَم تَرَ لَذّاتِ الجَديدِ إِلى البِلى
أَلَم تَرَ أَسبابَ الأُمورِ تَقَطَّعُ

أَلَم تَرَ أَنَّ الفَقرَ يَعقِبُهُ الغِنى
أَلَم تَرَ أَنَّ الضيقَ قَد يَتَوَسَّعُ

أَلَم تَرَ أَنَّ المَوتَ يَهتَزُّ سَيفُهُ
وَأَنَّ رِماحَ المَوتِ نَحوَكَ تُشرَعُ

أَلَم تَرَ أَنَّ الدَهرَ في كُلِّ ساعَةٍ
لَهُ عارِضٌ فيهِ المَنِيَّةُ تَلمَعُ

أَلَم تَرَ أَنَّ المَرءَ يَشبَعُ بَطنُهُ
وَناظِرُهُ فيما تَرى لَيسَ يَشبَعُ

أَيا بانِيَ الدُنيا لِغَيرِكَ تَبتَني
وَيا جامِعَ الدُنيا لِغَيرِكَ تَجمَعُ

أَلَم تَرَ أَنَّ المَرءَ يَحبِسُ مالَهُ
وَوارِثُهُ فيهِ غَداً يَتَمَتَّعُ

كَأَنَّ الحُماةَ المُشفِقينَ عَلَيكَ قَد
غَدَوا بِكَ أَو راحوا رَواحاً فَأَسرَعوا

وَما هُوَ إِلّا النَعشُ لَو قَد دَعَوا بِهِ
تُقَلُّ فَتُلقى فَوقَهُ ثُمَّ تُرفَعُ

وَما هُوَ إِلّا حادِثٌ بَعدَ حادِثٍ
عَلَيكَ فَمِن أَيِّ الحَوادِثِ تَجزَعُ

وَما هُوَ إِلّا المَوتُ يَأتي لِوَقتِهِ
فَما لَكَ في تَأخيرِهِ عَنكَ مَدفَعُ

أَلا وَإِذا وُدِّعتَ تَوديعَ هالِكٍ
فَآخِرُ يَومٍ مِنكَ يَومُ تُوَدَّعُ

أَلا وَكَما شَيَّعتَ يَوماً جَنائِزاً
فَأَنتَ كَما شَيَّعتَهُم سَتُشَيَّعُ

رَأَيتُكَ في الدُنيا عَلى ثِقَةٍ بِها
وَإِنَّكَ في الدُنيا لَأَنتَ المُرَوَّعُ

وَصَفتَ التُقى وَصفاً كَأَنَّكَ ذو تُقاً
وَريحُ الخَطايا مِن ثِيابِكَ تَسطَعُ

وَلَم تُعنَ بِالأَمرِ الَّذي هُوَ واقِعٌ
وَكُلُّ امرِئٍ يُعنى بِما يَتَوَقَّعُ

وَإِنَّكَ لَلمَنقوصُ في كُلِّ حالَةٍ
وَكُلُّ بَني الدُنيا عَلى النَقصِ يُطبَعُ

إِذا لَم يَضِق قَولٌ عَلَيكَ فَقُل بِهِ
وَإِن ضاقَ عَنكَ القَولُ فَالصَمتُ أَوسَعُ

وَلا تَحتَقِر شَيئاً تَصاغَرتَ قَدرَهُ
فَإِنَّ حَقيراً قَد يَضُرُّ وَيَنفَعُ

تَقَلَّبتَ في الدُنيا تَقَلُّبَ أَهلِها
وَذو المالِ فيها حَيثُما مالَ يُتبَعُ

وَما زِلتُ أُرمى كُلَّ يَومٍ بِعِبرَةٍ
تَكادُ لَهَ صُمُّ الجِبالِ تَصَدَّعُ

فَما بالُ عَيني لا تَجودُ بِمائِها
وَما بالُ قَلبي لا يَرِقُّ وَيَخشَعُ

تَبارَكَ مَن لا يَملِكُ المُلكَ غَيرُهُ
مَتى تَنقَضي حاجاتُ مَن لَيسَ يَقنَعُ

وَأَيُّ امرِئٍ في غايَةٍ لَيسَ نَفسُهُ
إِلى غايَةٍ أُخرى سِواها تَطَلَّعُ

وَبَعضُ بَني الدُنيا لِبَعضٍ ذَريعَةٌ
وَكُلُّ بِكُلِّ قَلَّ ما يَتَمَتَّعُ

يُحِبُّ السَعيدُ العَدلَ عِندَ احتِجاجِهِ
وَيَبغي الشَقِيُّ البَغيَ وَالبَغيُ يَصرَعُ

وَذو الفَضلِ لا يَهتَزُّ إِن هَزَّهُ الغِنى
لِفَخرِ وَلا إِن عَضَّهُ الدَهرُ يَضرَعُ

وَلَم أَرَ مِثلَ الحَقِّ أَقوى لِحُجَّةٍ
يَدُ الحَقِّ بَينَ العِلمِ وَالجَهلِ تَقرَعُ


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 07:22 PM
خُذ مِن يَقينِكَ ما تَجلو الظُنونَ بِهِ
وَإِن بَدا لَكَ أَمرٌ مُشكِلٌ فَدَعِ

قَد يُصبِحُ المَرءُ فيما لَيسَ يُدرِكُهُ
مُعَلَّقَ البالِ بَينَ اليَأسِ وَالطَمَعِ

لَم يَعمَلِ الناسُ في التَصحيحِ بَينَهُمُ
فَاِضطَرَّ بَعضُهُمُ بَعضاً إِلى الخُدَعِ


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 07:22 PM
أَجَلُ الفَتى مِمّا يُؤَمَّلُ أَسرَعُ
وَأَراهُ يَجمَعُ دائِباً لا يَشبَعُ

قُل لي لِمَن أَصبَحتَ تَجمَعُ ما أَرى
أَلِبَعلِ عِرسِكَ لا أَبا لَكَ تَجمَعُ

لا تَنظُرَنَّ إِلى الهَوى وَاِنظُر إِلى
رَيبِ الزَمانِ بِأَهلِهِ ما يَصنَعُ

المَوتُ حَقٌّ لا مَحالَةَ دونَهُ
وَلِكُلِّ مَوتٍ عِلَّةٌ لا تُدفَعُ

وَالمَوتُ داءٌ لَيسَ يَدفَعُهُ الدَوا
إِما أَتى وَلِكُلِّ جَنبٍ مَصرَعُ

كَم مِن أَخٍ قَد حيلَ دونَ لِقائِهِ
قَلبي إِلَيهِ مِنَ الجَوانِحِ يَنزِعُ

شَيَّعتُهُ ثُمَّ اِنصَرَفتُ مُوَلِّياً
عَن قَبرِهِ مُستَعبِراً أَستَرجِعُ

فَعَلى الصِبا مِنّي السَلامُ وَأَهلِهِ
ما بَعدَ ذا في أَن أُخَلَّدَ مَعمَعُ

وَإِذا كَبِرتَ فَهَل لِنَفسِكَ لَذَّةً
ما لِلكَبيرِ بِلَذَّةٍ مُستَمتِعُ

وَإِذا قَنِعتَ فَأَنتَ أَغنى مَن مَشى
إِنَّ الفَقيرَ لَكُلُّ مَن لا يَقنَعُ

وَإِذا طَلَبتَ فَلا إِلى مُتَضايِقٍ
مَن ضاقَ عَنكَ فَرِزقُ رَبِّكَ أَوسَعُ

إِنَّ المَطامِعَ ما عَلِمتَ مَذَلَّةٌ
لِلطامِعينَ وَأَينَ مَن لا يَطمَعُ

سَلِّم وَلا تُنكِر لِرَبِّكَ قُدرَةً
فَاللَهُ يَخفِضُ مَن يَشاءُ وَيَرفَعُ

وَلَرُبَّما اِنتَفَعَ الفَتى بِضِرارِ مَن
يَنوي الضِرارَ وَضَرَّهُ مَن يَنفَعُ

كُلُّ اِمرِئٍ مُتَطَبِّعٌ بِطِباعِهِ
لَيسَ اِمرُؤٌ إِلّا عَلى ما يُطبَعُ

لا شَيءَ أَسرَعُ مِن تَقَلُّبِ مَن لَهُ
أُذُنٌ تَسَمَّعُهُ الَّذي لا يَسمَعُ


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 07:22 PM
غَلبَتكَ نَفسَكَ غَيرَ مُتَّعِظَه
نَفسٌ مُقَرَّعَةٌ بِكُلِّ عِظَه

نَفسٌ مُصَرَّفَةٌ مُدَبَّرَةٌ
مَطلوبَةٌ في النَومِ وَاليَقَظَه

نَفسٌ سَتَعبِطُها وَساوِسُها
إِن لَم تَكُن مِنهُنَّ مُنحَفِظَه

فَاللَهُ حَسبُكَ لا سِواهُ وَمَن
راعى الرُعاةَ وَحافَظَ الحَفَظَه


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 07:22 PM
أَتَجمَعُ مالاً لا تُقَدِّمُ بَعضَهُ
لِنَفسِكَ ذُخراً إِنَّ ذا لَسُقوطُ

وَتُوصي بِهِ بَعدَ المَماتِ جَهالَةً
وَتَترُكُهُ حَياً وَأَنتَ بَسيطُ

نَصيبُكَ مِمّا صِرتَ تَجمَعُ دائِباً
ثُوَيبانِ مِن قُبطِيَّةٍ وَحَنوطُ

كَأَنَّكَ قَد جُهِّزتَ تُدعى إِلى البِلى
لِنَعشِكَ في أَيدي الرِجالِ أَطيطُ

وَعايَنتَ هَولاً لا يُعايَنُ مِثلُهُ
وَقُدرَةَ رَبٍّ بِالعِبادِ تُحيطُ

وَصِرتَ إِلى دارٍ هِيَ الدارُ لا الَّتي
أَقَمتَ بِها حَياً وَأَنتَ نَشيطُ

مَحَلٌّ بِهِ الأَقوامُ وَيحَكَ تَستَوي
فَصيدٌ كِرامٌ سادَةٌ وَنَبيطُ


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 07:23 PM
حَتّى مَتى تَصبو وَرَأسُكَ أَمشَطُ
أَحَسِبتَ أَنَّ الَمَوتَ بِاِسمِكَ يَغلَطُ

أَم لَستَ تَحسَبُهُ عَلَيكَ مُسَلَّطاً
وَبَلى وَرَبِّكَ إِنَّهُ لَمُسَلَّطُ

وَلَقَد رَأَيتُ المَوتَ يَفرِسُ تارَةً
جُثَثَ المُلوكِ وَتارَةً يَتَخَبَّطُ

يا آلِفَ الخُلّانَ مُعتَقِداً لَهُم
سَتَشُطُّ عَنهُم بِالمَماتِ وَتَشحَطُ

وَكَأَنَّني بِكَ بَينَهُم واهي القُوى
نِضواً تَقَلَّصُ بَينَهُم وَتَبَسَّطُ

وَكَأَنَّني بِكَ بَينَهُم خَفِقَ الحَشا
بِالَموتِ في غَمَراتِهِ يَتَشَحَّطُ

وَكَأَنَّني بِكَ في قَميصٍ مُدرَجاً
في رَيطَتَينِ مُلَفَّفٌ وَمُحَنَّطُ

لا رَيطَتَينِ كَرَيطَتي مُتَنَسِّمٍ
روحَ الحَياةِ وَلا القَميصُ مُخَيَّطُ


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 07:23 PM
خَليلَيَّ إِن لَم يَغتَفِر كُلُّ واحِدٍ
عِثارَ أَخيهِ مِنكُما فَتَرافَضا

وَما يَلبَثُ الحِبّانَ إِن لَم يِجَوِّزا
كَثيراً مِنَ المَكروهِ أَن يَتَباغَضا

خَليلَيَّ بابُ الفَضلِ أَن تَتَواهَبا
كَما أَنَّ بابَ النَقصِ أَن تَتَقارَضا


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 07:23 PM
ماذا يَصيرُ إِلَيكِ يا أَرضُ
مِمَّن غَذاهُ اللينُ وَالخَفضُ

أَبصَرتُ مَن وافى مَنِيَّتَهُ
فَكَأَنَّ حُبَّ حَبيبِهِ بُغضُ

عَجَباً لِذي أَمَلٍ يُغَرُّ بِهِ
وَيَقينُهُ بِفَنائِهِ مَحضُ

وَلِكُلِّ ذي عَمَلٍ يَدينُ بِهِ
يَوماً عَلى دَيّانِهِ عَرضُ

يا ذا المُقيمُ بِمَنزِلٍ أَشِبٍ
وَمَقامُ ساكِنِهِ بِهِ دَحضُ

ما لِاِبنِ آدَمَ في تَصَرُّفِ ما
يَجري بِهِ بَسطٌ وَلا قَبضُ


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 07:23 PM
حُبُّ الرِئاسَةِ أَطغى مَن عَلى الأَرضِ
حَتّى بَغى بَعضُهُم فيها عَلى بَعضِ

فَحَسبِيَ اللَهُ رَبّي لا شَريكَ لَهُ
إِلَيهِ ما كانَ مِن بَسطي وَمِن قَبضي

إِنَّ القُنوعَ لَزادٌ إِن رَضيتَ بِهِ
كُنتَ الغَنِيَّ وَكُنتَ الوافِرَ العِرضِ

ما بَينَ مَيتٍ وَبَينَ الحَيِّ مِن صِلَةٍ
مَن ماتَ أَصبَحَ في بَحبوحَةِ الرَفضِ

الدَهرُ يُبرِمُني طَوراً وَيَنقُضُني
فَما بَقائي عَلى الإِبرامِ وَالنَقضِ

ما زِلتُ مُذ كانَ فِيَّ الروحُ مُنتَقِصاً
يَموتُ في كُلَّ يَومٍ مَرَّ بي بَعضي


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 07:24 PM
رَضيتُ لِنَفسي بِغَيرِ الرِضا
وَكُلٌّ سَيُجزى بِما أَقرَضا

بُليتُ بِدارٍ رَأَيتُ الحَكيمَ
لِزَهرَتِها قالِياً مُعرِضا

سَيَمضي الَّذي هُوَ مُستَقبِلٌ
مُضِيَّ الَّذي مَرَّ بي فَاِنقَضى

وَإِنّا لَفي مَنزِلٍ لَم نَزَل
نَراهُ حَقيقاً بِأَن يُرفَضا

قَضى اللَهُ فيهِ عَلَينا الفَنا
لَهُ الحَمدُ شُكراً عَلى ما قَضى


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 07:24 PM
نَسأَلُ اللَهَ بِما يَقضي الرِضى
حَسبِيَ اللَهُ فَما شاءَ قَضى

قَد أَرَدنا فَأبى اللَهُ لَنا
وَأَرادَ اللَهُ شَيئاً فَمَضى

رُبَّ أَمرٍ بِتُّ قَد أَبرَمتُهُ
ثُمَّ ما أَسبَحتُ حَتّى انتَقَضا

كَم وَكَم مِن هَنَةٍ مَحقورَةٍ
تَرَكَت قَوماً كَثيراً حَرَضا

رُبَّ عَيشٍ لِأُناسٍ سَلَفوا
كانَ ثُمَّ انقَرَضوا وَانقَرَضا

عَجَباً لِلمَوتِ ما أَفظَعَهُ
مَن رَأَينا ماتَ إِلّا رُفِضا

رُفِضَ المَيِّتُ مِن ساعَتِهِ
وَجَفاهُ أَهلُهُ حينَ قَضى

شَرُّ أَيّامي هُوَ اليَومُ الَّذي
أَقبَلُ الدُنيا بِديني عِوَضا


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 07:24 PM
قَلَبَ الزَمانُ سَوادَ رَأسِكَ أَبيَضا
وَنَعاكَ جِسمُكَ رِقَّةً وَتَقَبُّضا

نَل أَيَّ شَيءٍ شِئتَ مِن نَوعِ المُنى
فَكَأَنَّ شَيئاً لَم تَنَلهُ إِذا اِنقَضى

وَإِذا أَتى شَيءٌ أَتى لِمُضِيِّهِ
وَكَأَنَّهُ لَم يَأتِ قَطُّ إِذا مَضى

نَبغي مِنَ الدُنيا الغِنى فَيَزيدُنا
فَقراً وَنَطلُبُ أَن نَصِحَّ فَنَمرَضا

لَن يَصدُقَ اللَهَ المَحَبَّةَ عَبدُهُ
إِلّا أَحَبَّ لَهُ وَمِنهُ وَأَبغَضا

وَالنَفسُ في طَلَبِ الخَلاصِ وَمالَها
مِن مَخلَصٍ حَتّى تَصيرَ إِلى الرِضى


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 07:25 PM
أقُولُ وَيَقضِي اللّهُ ما هوَ قاضِي،*
وإنّي بتَقْديرِ الإلهِ لَرَاضِي

أرَى الخَلْقَ يَمضِي واحداً بعدَ واحدٍ،*
فيَا ليْتَنِي أدْرِي متَى أنَا ماضِ

كأنْ لَمْ أَكُنْ حَيّاً إذا احتَثَّ غاسِلِي*
وَأحكَمَ دَرْجي في ثِيابِ بَيَاضِ


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 07:26 PM
نَنسى المَنايا عَلى أَنّا لَها غَرَضُ
فَكَم أُناسٍ رَأَيناهُم قَدِ اِنقَرَضوا

إِنّا لَنَرجو أُموراً نَستَعِدُّ لَها
وَالمَوتُ دونَ الَّذي نَرجوهُ مُعتَرِضُ

لِلَّهِ دَرُّ بَني الدُنيا لَقَد غُبِنوا
لِما اِطمَأَنّوا بِهِ مِن جَهلِهِم وَرَضوا

ما أَربَحَ اللَهُ في الدُنيا تِجارَةَ إِن
سانٍ يَرى أَنَّها مِن نَفسِهِ عِوَضُ

لَبِئسَتِ الدارُ داراً لا نَرى أَحَداً
مِن أَهلِها ناصِحاً لَم يَعدُهُ غَرَضُ

ما بالُ مَن عَرَفَ الدُنيا الدَنِيَّةَ لا
يَنكَفُّ عَن غَرَضِ الدُنيا وَيَنقَبِضُ

تَصِحُّ أَقوالُ أَقوامٍ بِوَصفِهِمُ
وَفي القُلوبِ إِذا كَشَّفتَها مَرَضُ

وَالناسُ في غَفلَةٍ عَمّا يُرادُ بِهِم
وَكُلُّهُم عَن جَديدِ الأَرضِ مُنقَرِضُ

وَالحادِثاتُ بِها الأَقدارُ جارِيَةٌ
وَالمَرءُ مُرتَفِعٌ فيها وَمُنخَفِضُ

يا لَيتَ شِعري وَقَد جَدَّ الرَحيلُ بِنا
حَتّى مَتى نَحنُ في الغِرّاتِ نَرتَكِضُ

نَفسُ الحَكيمِ إِلى الخَيراتِ ساكِنَةٌ
وَقَلبُهُ مِن دَواعي الشَرِّ مُنقَبِضُ

اِصبِر عَلى الحَقِّ تَستَعذِب مَغَبَّتَهُ
وَالصَبرُ لِلحَقِّ أَحياناً لَهُ مَضَضُ

وَما اِستَرَبتَ فَكُن وَقّافَةً حَذِراً
قَد يُبرَمُ الأَمرُ أَحياناً فَيَنتَقِضُ


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 07:26 PM
اِشتَدَّ بَغيُ الناسِ في الأَرضِ
وَعُلُوُّ بَعضِهِمُ عَلى بَعضِ

دَعهُم وَما اِختاروا لِأَنفُسِهِم
فَاللَهُ بَينَ عِبادِهِ يَقضي

عَجَباً لَهُم لا يَفكُرونَ فَيَع
تَبِرَ الَّذي يَبقى بِمَن يَمضي


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 07:26 PM
كُلٌّ عَلى الدُنيا لَهُ حِرصٌ
وَالحادِثاتُ أَناتُها عَفصُ

أَبغي مِنَ الدُنيا زِيادَتَها
وَزِيادَتي فيها هِيَ النَقصُ

وَكَأَنَّ مَن وارَتهُ حُفرَتُهُ
لَم يَبدُ مِنهُ لِناظِرٍ شَخصُ

لِيَدِ المَنِيَّةِ في تَلَطُّفِها
عَن ذُخرِ كُلِّ شَفيقَةٍ فَحصُ


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 07:26 PM
زادَ حُبّي لِقُربِ أَهلِ المَعاصي
دونَ أَهلِ الحَديثِ وَالإِخلاصِ

كَيفَ أَغتَرُّ بِالحَياةِ وَعُمري
ساعَةً بَعدَ ساعَةٍ في اِنتِقاصِ


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 07:27 PM
إِذا المَرءُ لَم يَربَع عَلى نَفسِهِ طاشا
سَيُرمى بِقَوسِ الجَهلِ مَن كانَ طَيّاشا

فَلا يَأمَنَنَّ المَرءُ سوءً يَغُرُّهُ
إِذا جالَسَ المَعروفَ بِالسوءِ أَوماشى

وَلَيسَ بَعيداً كُلُّ ما هُوَ كائِنٌ
وَما أَقرَبَ الأَمرَ البَطيءَ لِمَن عاشا


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 07:27 PM
لِلمَرءِ يَومٌ يُحتَمى قُربُهُ
وَتَظهَرُ الوَحشَةُ مِن أُنسِهِ

كَم مِن صَريعٍ قَد نَجا سالِماً
وَمِن عَروسٍ ماتَ في عُرسِهِ


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 07:27 PM
ما وَعَظَ العاقِلَ مِن واعِظٍ
أَبلَغُ في العاقِلِ مِن نَفسِهِ

قَد يَضرِبُ العاقِلُ أَمثالَهُ
في غَدِهِ يَوماً وَفي أَمسِهِ

فَمِنهُ ما يَنفَعُ أَهلَ الحِجى
مِن أَبعَدِ الناسِ وَمِن جِنسِهِ

قَد يَستَشيرُ الشَيخُ أَبناءَهُ
وَيَقبِسُ الحِكمَةَ مِن عِرسِهِ

وَالعَقلُ مَقسومٌ فَلا تَزهَدَن
في طَلَبِ العِلمِ وَفي قَبسِهِ

وَاسأَل فَقَد يَكشِفُ عَنكَ العَمى
سُؤالُكَ العالِمَ في أُنسِهِ


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 07:27 PM
نَعَتِ الدُنيا إِلَينا نَفسَها
وَأَرَتنا عِبَراً لَم نَنسَها

كُلَّما قامَت لِقَومٍ دَولَةٌ
عَجَّلَ الحَينُ عَلَيهِم نَكسَها

تَطلُبُ التَجديدَ مِن دارِ البِلى
أَسَسَ اللَهُ عَلَيها أُسَّها

كَم لَها مِن لُقَمٍ مَسمومَةٍ
يَستَبينُ القَلبُ مِنها لَمسَها

حابِسُ الدُنيا لَها مِن حَبسِهِ
فَلَتاتٍ لَم يُمَلَّك حَبسَها

يا لَها مَحروسَةً لَم يَستَطِع
أَحَدٌ دونَ المَنايا حَرسَها


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 07:28 PM
اللَهُ يَحفَظُ لا الحِراسَه
وَلَرُبَّما تُخطي الفِراسَه

طَلَبُ الرِئاسَةِ ما عَلِم
تَ تَفاقَمَت فيهِ النَفاسَه

وَالناسُ يَخبِطُ بَعضُهُم
بَعضاً عَلى طَلَبِ الرِئاسَه


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 07:28 PM
أَفنى شَبابَكَ كَرُّ الطَرفِ وَالنَفسِ
فَالمَوتُ مُقتَرِبٌ وَالدَهرُ ذو خُلَسِ

لا تَأمَنِ المَوتَ في طَرفٍ وَلا نَفَسٍ
وَإِن تَمَنَّعتَ بِالحُجّابِ وَالحَرَسِ

فَما تَزالُ سِهامُ المَوتِ نافِذَةً
في جَنبِ مُدَّرِعٍ مِنها وَمُتَّرِسِ

أَراكَ لَستَ بِوَقّافٍ وَلا حَذِرٍ
كَالحاطِبِ الخابِطِ الأَعوادَ في الغَلَسِ

تَرجو النَجاةَ وَلَم تَسلُك مَسالِكَها
إِنَّ السَفينَةَ لا تَجري عَلى اليَبَسِ

أَنّى لَكَ الصَحوُ مِن سُكرٍ وَأَنتَ مَتى
تَصِحُّ مِن سَكرَةٍ تَغشاكَ في نَكَسِ

ما بالُ دينِكَ تَرضى أَن تُدَنِّسَهُ
وَثَوبُكَ الدَهرَ مَغسولٌ مِنَ الدَنَسِ

لا تَأمَنِ الحَتفَ فيما تَستَلِذُّ وَإِن
لانَت مَلامِسَهُ في كَفِّ مُلتَمِسِ

الحَمدُ لِلَّهِ شُكراً لا شَريكَ لَهُ
كَم مِن حَبيبٍ مِنَ الأَهلينَ مُختَلَسِ


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 07:28 PM
إِنِ اِستَتَمَّ مِنَ الدُنيا لَكَ الياسُ
فَلَن يَغُمَّكَ لا مَوتٌ وَلا ناسُ

اللَهُ أَصدَقُ وَالآمالُ كاذِبَةٌ
وَكُلُّ هَذي المُنى في القَلبِ وَسواسُ

وَالخَيرُ أَجمَعُ إِن صَحَّ الرِضى لَكَ في
ما يَصنَعُ اللَهُ لا ما يَصنَعُ الناسُ


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 07:29 PM
خُذِ الناسَ أَو دَع إِنَّما الناسُ بِالناسِ
وَلا بُدَّ في الدُنيا مِنَ الناسِ لِلناسِ

وَلَستُ بِناسٍ ذِكرَ شَيءٍ تُريدُهُ
وَما لَم تُرِد شَيئاً فَأَنتَ لَهُ ناسِ

مِنَ الظُلمِ تَشغيبُ امرِئٍ غَيرِ مُنصِفٍ
وَما بِامرِئٍ لَم يَظلِمِ الناسَ مِن باسِ

أَلا قَلَّ ما يَنجو ضَميرٌ مِنَ المُنى
وَفيهِ لَهُ مِنهُنَّ شُعبَةُ وَسواسِ

وَلَم يُنجِ مَخلوقاً مِنَ المَوتِ حيلَةٌ
وَلو كانَ في حِصنٍ وَثيقٍ وَأَحراسِ

وَما المَرءُ إِلّا صُرَةٌ مِن سُلالَةٍ
يَشيبُ وَيَفنى بَينَ لَمحٍ وَأَنفاسِ

تُديرُ يَدُ الدُنيَ الرَدى بَينَ أَهلِها
كَأَنَّهُمُ شَربٌ قُعودٌ عَلى كاسِ

كَفى بِدِفاعِ اللَهِ عَن كُلِّ خائِفٍ
وَإِن كانَ فيما بَينَ نابٍ وَأَضراسِ

وَكَم هالِكٍ بِالشَيءِ مِمّا يَلُذُّهُ
وَكَم مِن مُعافاً خَرَّ مِن جَبَلٍ راسِ


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 07:30 PM
أَلا لِلمَوتِ كَأسٌ أَيُّ كاسِ
وَأَنتَ لِكَأسِهِ لا بُدَّ حاسِ

إِلى كَم وَالمَعادُ إِلى قَريبٍ
تُذَكِّرُ بِالمِعادِ وَأَنتَ ناسِ

وَكَم مِن عِبرَةٍ أَصبَحتَ فيها
يَلينُ لَها الحَديدُ وَأَنتَ قاسِ

بِأَيِّ قُوىً تَظُنُّكَ لَيسَ تَبلى
وَقَد بَلِيَت عَلى الزَمَنِ الرَواسي

وَما كُلُّ الظُنونِ تَكونُ حَقّا
وَلا كُلُّ الصَوابِ عَلى القِياسِ

وَكُلُّ مَخيلَةٍ رُفِعَت لِعَينٍ
لَها وَجهانِ مِن طَمَعٍ وَياسِ

وَفي حُسنِ السَريرَةِ كُلُّ أُنسٍ
وَفي خُبثِ السَريرَةِ كُلُّ باسِ

وَلَم يَكُ مُضمِرٌ حَسَداً وَبَغياً
لِيَنجُوَ مِنهُما رَأساً بِراسِ

وَما شَيءٌ بِأَخلَقَ أَن تَراهُ
قَليلاً مِن أَخي ثِقَةٍ مُؤاسِ

وَما تَنفَكُّ مِن دُوَلٍ تَراها
تَنَقَّلُ مِن أُناسٍ في أُناسِ


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 07:30 PM
مَن نافَسَ الناسَ لَم يَسلَم مِنَ الناسِ
حَتّى يُعَضَّ بِأَنيابٍ وَأَضراسِ

لا بَأسَ بِالمَرءِ ما صَحَّت سَريرَتُهُ
ما الناسُ إِلّا بِأَهلِ العِلمِ وَالناسِ

كاسَ الأُلى أَخَذوا لِلمَوتِ عُدَّتَهُ
وَما المُعِدّونَ لِلدُنيا بِأَكياسِ

حَتّى مَتى وَالمَنايا لي مُخاتِلَةٌ
يَغتَرُّني في صُروفِ الدَهرِ وَسواسي

أَينَ المُلوكُ الَّتي حُفَّت مَدائِنُها
دونَ المَنايا بِحُجّابٍ وَحُرّاسِ

لَقَد نَسيتُ وَكَأسُ المَوتِ دائِرَةٌ
في كَفِّ لا غافِلٍ عَنها وَلا ناسِ

لَأَشرَبَنَّ بِكَأسِ المَوتِ مُنجَدِلاً
يَوماً كَما شَرِبَ الماضونَ بِالكاسِ

أَصبَحتُ أَلعَبُ وَالساعاتُ مُسرِعَةٌ
يَنقُصنَ رِزقي وَيَستَقصينَ أَنفاسي

إِنّي لَأَغتَرُّ بِالدُنيا وَأَرفَعُها
مِن تَحتِ رِجلِيَ أَحياناً عَلى راسي

ما اِستَعبَدَ المَرءَ كَاِستِعبادِ مَطمَعِهِ
وَلا تَسَلّى بِمِثلِ الصَبرِ وَالياسِ


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 07:31 PM
سَلامٌ عَلى أَهلِ القُبورِ الدَوارِسِ
كَأَنَّهُمُ لَم يَجلِسوا في المَجالِسِ

وَلَم يَبلُغوا مِن بارِدِ الماءِ لَذَّةً
وَلَم يَطعَموا ما بَينَ رَطبٍ وَيابِسِ

وَلَم يَكُ مِهُم في الحَياةِ مُنافِسٌ
طَويلُ المُنى فيها كَثيرُ الوَساوِسِ

لَقَد صِرتُمُ في غايَةِ المَوتِ وَالبِلى
وَأَنتُم بِها ما بَينَ راجٍ وَآيِسِ

فَلَو عَلِمَ العِلمَ المُنافِسُ في الَّذي
تَرَكتُم مِنَ الدُنيا لَهُ لَم يُنافَسِ


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 07:31 PM
ما يَدفَعُ المَوتَ أَرصادٌ وَلا حَرَسٌ
ما يَغلِبُ المَوتَ لا جِنٌّ وَلا أَنَسُ

ما إِن دَعا المَوتُ أَملاكاً وَلا سُوَقاً
إِلّا ثَناهُم إِلَيهِ الصَرعُ وَالخُلَسُ

لِلمَوتِ ما تَلِدُ الأَقوامُ كُلُّهُمُ
وَلِلبَلى كُلُّ ما بَنَوا وَما غَرَسوا

هَلّا أُبادِرُ هَذا المَوتَ في مَهَلٍ
هَلّا أُبادِرُهُ ما دامَ بي نَفَسُ

يا خائِفَ المَوتِ لَو أَمسَيتَ خائِفَهُ
كانَت دُموعُكَ طولَ الدَهرِ تَنبَجِسُ

أَما يَهولُكَ يَومٌ لا دِفاعَ لَهُ
إِذ أَنتَ في غَمَراتِ المَوتِ مُنغَمِسُ

أَما تَهولُكَ كَأسٌ أَنتَ شارِبُها
وَالعَقلُ مِنكَ لِكوبِ المَوتِ مُلتَبِسُ

إِيّاكَ إِيّاكَ وَالدُنيا وَلَذَّتَها
فَالمَوتُ فيها لِخَلقِ اللَهِ مُفتَرِسُ

إِنَّ الخَلائِقَ في الدُنيا لَوِ اِجتَهَدوا
أَن يَحبِسوا عَنكَ هَذا المَوتَ ما حَبَسوا

إِنَّ المَنِيَّةَ حَوضٌ أَنتَ تَكرَهُهُ
وَأَنتَ عَمّا قَليلِ فيهِ تَنغَمِسُ

ما لي رَأَيتُ بَني الدُنيا قَدِ اِفتَتَنوا
كَأَنَّما هَذِهِ الدُنيا لَهُم عُرُسُ

إِذا وَصَفتُ لَهُم دُنياهُمُ ضَحِكوا
وَإِن وَصَفتُ لَهُم أُخراهُمُ عَبَسوا

ما لي رَأَيتُ بَني الدُنيا وَإِخوَتَها
كَأَنَّهُم لِكِتابِ اللَهِ ما دَرَسوا


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 07:31 PM
نَسيتُ مَنِيَّتي وَخَدَعتُ نَفسي
وَطالَ عَلَيَّ تَعميري وَغَرسي

وَكُلُّ ثَمينَةٍ أَصبَحتُ أُغلي
بِها سَتُباعُ مِن بَعدي بِوَكسِ

وَما أَدري وَإِن أَمَّلتُ عُمراً
لَعَلّي حينَ أُصبِحُ لَستُ أُمسي

وَساعَةُ ميتَتي لا بُدَّ مِنها
تُعَجِّلُ نُقلَتي وَتُحِلُّ حَبسي

أَموتُ وَيَكرَهُ الأَحبابُ قُربي
وَتَحضُرُ وَحشَتي وَيغيبُ أُنسي

أَلا يا ساكِنَ البَيتِ المُوَشّى
سَتُسكِنُكَ المَنِيَّةُ بَطنَ رَمسِ

رَأَيتُكَ تَذكُرُ الدُنيا كَثيراً
وَكَثرَةُ ذِكرِها لِلقَلبِ تُقسي

كَأَنَّكَ لا تَرى بِالخَلقِ نَقصاً
وَأَنتَ تَراهُ كُلَّ شُروقِ شَمسِ

وَطالِبِ حاجَةٍ أَعيا وَأَكدى
وَمُدرِكِ حاجَةٍ في لينِ مَسِّ

أَلا وَلَقَلَّ ما تَلقى شَجِيّاً
يَضيعُ صَجاهُ إِلّا بِالتَأَسّي


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 07:32 PM
يَخوضُ أُناسٌ في الكَلامِ لِيوجِزوا
وَلَلصَمتُ في بَعضِ الأَحايِنِ أَوجَزُ

إِذا كُنتَ عَن أَن تُحسِنَ الصَمتَ عاجِزاً
فَأَنتَ عَنِ الإِبلاغِ في القَولِ أَعجَزُ


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 07:32 PM
أَفنَيتَ عُمرَكَ بِاغتِرارِك
وَمُناكَ فيهِ وَانتِظارِك

وَنَسيتَ ما لا بُدَّ مِنهُ
وَكانَ أَولى بِادِّكارِك

فَإِنِ اِعتَبَرتَ بِما تَرى
فَكَفاكَ عِلماً بِاعتِبارِك

لَكَ ساعَةٌ تَأتيكَ مِن
ساعاتِ لَيلِكَ أَو نَهارِك

بادِر بِجِدِّكَ قَبلَ أَن
تُقصى وَتُزعَجَ مِن قَرارِك

مِن قَبلِ أَن يَتَثاقَلَ الز
زُوّارُ عَنكَ وَعَن مَزارِك

مِن قَبلِ أَن تُلفى وَلَيسَ
النَأيُ إِلّا نَأيَ دارِك

أَأُخَيَّ فَاذخَر ما اِستَطَعتَ
لِيَومِ بُؤسِكَ وَافتِقارِك

فَلتَنزِلَنَّ بِمَنزِلٍ
تَحتاجُ فيهِ إِلى ادِّخارِك


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 07:32 PM
عَجَباً أَعجَبُ مِن ذي بَصَرٍ
يَأمَنُ الدُنيا وَقَد أَبصَرَها

إِنَّ لِلإِنسانِ يَوماً صَرعَةً
يَنبَغي لِلمَرءِ أَن يَحذَرَها

كَم قُرونٍ حَضَرَتنا قَد مَضَت
وَنَسينا بَعدَها مَحضَرَها

صُوَرٌ كانَت أُناساً مِثلَنا
ثُمَّ أَفناها الَّذي صَوَّرَها

في سَبيلِ اللَهِ ما أَغفَلَنا
نَأمَنُ الدُنيا وَما أَغدَرَها

إِنَّما الدُنيا كَظِلٍّ زائِلٍ
أَحمَدُ اللَهَ كَذا قَدَّرَها


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 07:32 PM
لَكَم فَلتَةٍ لي قَد وَقى اللَهُ شَرَّها
طَلَبتُ لِنَفسي نَفعَ شَيءٍ فَضَرَّها

لَكَ الحَمدُ يا مَولايَ يا خالِقَ الوَرى
كَثيراً عَلى ما ساءَ نَفسي وَسَرَّها

أَرى العَينَ عَينَ السُخطِ عَيناً سَخينَةً
وَيا عَينُ يا عَينُ الرِضى ما أَقَرَّها

وَما زالَتِ الدُنيا تُكَدِّرُ صَفوَها
وَمازالَتِ الدُنيا تَنَغِّصُ دَرَّها

بُلِينا مِنَ الدُنيا عَلى حُبِّنا لَها
بِدارِ غُرورٍ وَيحَها ما أَغَرَّها

أَلَسنا نَرى الأَيامَ تَجري صُروفُها
أَلَسنا نَرى حَثَّ اللَيالي وَمَرَّها

أَلَسنا نَرى غَدرَ الزَمانِ بِأَهلِهِ
أَلَسنا نَرى عَطفَ المَنايا وَكَرَّها

لَعَمرُ أَبي إِنَّ الحَياةَ لَحُلوَةٌ
وَلَلمَوتُ كَأسٌ يا لَها ما أَمَرَّها


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 07:33 PM
أَخٌ طالَما سَرَّني ذِكرُهُ
فَقَد صِرتُ أَشجى لَدى ذِكرِهِ

وَقَد كُنتُ أَغدو إِلى قَصرِهِ
فَقَد صِرتُ أَغدو إِلى قَبرِهِ

وَكُنتُ أَراني غَنِيّاً بِهِ
عَنِ الناسِ لَو مُدَّ في عُمرِهِ

وَكُنتُ مَتى جِئتُ في حاجَةٍ
فَأَمري يَجوزُ عَلى أَمرِهِ

فَتىً لَم يُخَلِّ النَدى ساعَةً
عَلى يُسرِهِ كانَ أَو عُسرِهِ

تَظَلُّ نَهارَكَ في خَيرِهِ
وَتَأمَنُ لَيلَكَ مِن شَرِّهِ

فَصارَ عَلِيٌّ إِلى رَبِّهِ
وَكانَ عَلِيٌّ فَتى دَهرِهِ

أَتَتهُ المَنِيُّةُ مُغتالَةً
رُوَيداً تَخَلَّلُ مِن سِترِهِ

فَلَم تُغنِ أَجنادُهُ حَولَهُ
وَلا المُسرِعونَ إِلى نَصرِهِ

وَأَصبَحَ يَغدو إِلى مَنزِلٍ
سَحيقٍ تُؤُنِّقُ في حَفرِهِ

تُغَلَّقُ بِالتُربِ أَبوابُهُ
إِلى يَومَ يُؤذَنُ في حَشرِهِ

وَخَلّى القُصورَ الَّتي شادَها
وَحَلَّ مِنَ القَبرِ في قَعرِهِ

وَبُدِّلَ بِالبُسطِ فَرشَ الثَرى
وَريحَ ثَرى الأَرضِ مِن عِطرِهِ

أَخو سَفَرٍ ما لَهُ أَوبَةٌ
غَريبٌ وَإِن كانَ في مِصرِهِ

فَلَستُ مُشَيِّعَهُ غازِياً
أَميراً يَسيرُ إِلى ثَغرِهِ

وَلا مُتَلَقِّيَهُ قافِلاً
بِقَتلِ عَدُوٍّ وَلا أَسرِهِ

لِتُطرِهِ أَيّامُنا الصالِحاتُ
بِبِرٍّ إِذا نَحنُ لَم نُطرِهِ

فَلا يَبعَدَنَّ أَخي ثاوِياً
فَكُلٌّ سَيَمضي عَلى إِثرِهِ


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 07:33 PM
الخَلقُ مُختَلِفٌ جَواهِرُهُ
وَلَقَلَّ ما تَزكو سَرائِرُهُ

وَلَقَلَّ ما تَصفو طَبائِعُهُ
وَيَصِحُّ باطِنُهُ وَظاهِرُهُ

وَالناسُ في الدُنيا ذَوّ ثِقَةٍ
وَالدَهرُ مُسرِعَةٌ دَوائِرُهُ

لا خَيرَ في الدُنيا لِذي بَصَرٍ
نَفِذَت لَهُ فيحا بَصائِرُهُ

لَو أَنَّ ذِكرَ المَوتِ لازَمَنا
لَم يَنتَفِع بِالعَيشِ ذاكِرُهُ

كَم قَد ثَكِلنا مِن ذَوي ثِقَةٍ
وَمُعاشِرٍ كُنّا نُعاشِرُهُ

أَينَ المُلوكُ وَأَينَ عِزَّتُهُم
صاروا مَصيراً أَنتَ صائِرُهُ

فَسَبيلُنا في المَوتِ مُشتَرَكٌ
يَتلو أَصاغِرَهُ أَكابِرُهُ

مَن كانَ عِندَ اللَهِ مُذَّخِراً
فَسَتَستَبينُ غَداً ذَخائِرُهُ

أَمِنَ الفَناءِ عَلى ذَخائِرِهِ
وَجَرى لَهُ بِالسَعدِ طائِرُهُ

يا مَن يُريدُ المَوتُ مُهجَتَهُ
لا شَكَّ ما لَكَ لا تُبادِرُهُ

هَل أَنتَ مَعتَبِرٌ بِمَن خَرِبَت
مِنهُ غَداةَ قَضى دَساكِرُهُ

وَبِمَن خَلَت مِنهُ أَسِرَّتُهُ
وَبِمَن خَلَت مِنهُ مَنابِرُهُ

وَبِمَن خَلَت مِنهُ مَدائِنُهُ
وَتَفَرَّقَت عَنهُ عَساكِرُهُ

وَبِمَن أَذَلَّ الدَهرُ مَصرَعُهُ
فَتَبَرَّأَت مِنهُ عَشائِرُهُ

مُستَودَعاً قَبراً قَد اِقَلَهُ
فيها مِنَ الحَصباءِ قابِرُهُ

دَرَسَت مَحاسِنُ وَجهِهِ وَنَفى
عَنهُ النَعيمُ فَتِلكَ ساتِرُهُ

فَقَريبُهُ الأَدنى مُجانِبُهُ
وَصَديقُهُ مِن بَعدِ هاجِرُهُ

يا مُؤثِرَ الدُنيا وَطالِبَها
وَالمُستَعِدَّ لِمَن يُفاخِرُهُ

نَل ما بَدا لَكَ أَن تَنالَ مِنَ ال
دُنيا فَإِنَّ المَوتَ آخِرُهُ


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 07:33 PM
إِذا المَرءُ كانَت لَهُ فِكرَه
فَفي كُلِّ خَيءٍ لَهُ عِبرَه

وَكُلُّ اِمرِئٍ فَلَهُ جَوهَرٌ
تُكَشِّفُ مَكنونَهُ الخِبرَه

وَكَم حافِرٍ لِمرِئٍ حُفرَةً
فَصارَت لِحافِرِها حُفرَه

وَلَيسَ عَلى مِثلِ صَرفِ الزَمانِ
يَبقى أَميرٌ وَلا إِمرَه

كَذاكَ الزَمانُ وَتَصريفُهُ
لِكُلِّ ذَوي خِبرَةٍ عِبرَه


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 07:34 PM
ماذا يُريكَ الزَمانُ مِن عِبَرِه
وَمِن تَصاريفِهِ وَمِن غِيَرِه

طوبى لِعَبدٍ ماتَت وَساوِسُهُ
وَاِقتَصَرَت نَفسُهُ عَلى فِكَرِه

طوبى لِمَن هَمُّهُ المَعادُ وَما

أَخبَرَهُ اللَهُ عَنهُ مِن خَبَرِه
طوبى لِمَن لا يَزيدُ إِلّا تُقىً

لِلَّهِ فيما يَزدادُ مِن كِبَرِه
قَد يَنبَغي لِاِمرِئٍ رَأى نَكباتِ
الدَهرِ أَلّا يَنامَ مِن حَذَرِه

بِقَدرِ ما ذاقَ ذائِقٌ مِن صَفاءِ
العَيشِ يَوماً يَذوقُ مِن كَدَرِه

كَم مِن عَظيمٍ مُستَودَعٍ جَدَثاً
قَد أَوقَرَتهُ الأَكُفُّ مِن مَدَرِه

أَخرَجَهُ المَوتُ عَن دَساكِرِهِ
وَعَن فَساطيطِهِ وَعَن حُجَرِه

إِذا ثَوى في القُبورِ ذو خَطَرٍ
فَزُرهُ فيها وَاِنظُر إِلى خَطَرِه

ما أَسرَعَ اللَيلَ وَالنَهارَ عَلى ال
إِنسانِ في سَمعِهِ وَفي بَصَرِه

وَفي خُطاهُ وَفي مَفاصِلِهِ
نَعَم وَفي شَعرِهِ وَفي بَشَرِه

الوَقتُ آتٍ لا شَكَّ فيهِ فَلا
تَنظُر إِلى طولِهِ وَلا قِصَرِه

لَم يَمضِ مِنّا قُدّامَنا أَحَدٌ
إِلّا وَمَن خَلفَهُ عَلى أَثَرِه

فَلا كَبيرٌ يَبقى لِكَبرَتِهِ
وَلا صَغيرٌ يَبقى عَلى صِغَرِه


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 07:34 PM
إِنّي سَأَلتُ القَبرَ ما فَعَلَت
بَعدي وُجوهٌ فيكَ مُنعَفِرَه

فَأَجابَني صَيَّرتُ ريحَهُمُ
تُؤذيكَ بَعدَ رَوائِحٍ عَطِرَه

وَأَكَلتُ أَجساداً مُنَعَّمَةً
كانَ النَعيمُ يَهُزُّها نَضِرَه

لَم أُبقِ غَيرَ جَماجِمٍ عَرِيَت
بيضٍ تَلوحُ وَأَعظُمٍ نَخِرَه


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 07:34 PM
يا ناسِيَ المَوتِ وَلَم يَنسَهُ
لَم يَنسَكَ المَوتُ وَما تَذكُرُه

يُسَوِّفُ المَرءُ بِتَقديمِهِ
لِلبِرِّ وَالأَيّامُ لا تَنظِرُه

مَن يَصنَعِ المَعروفَ لِلَّهِ لا
يَمنَعهُ كُفرانُ مَن يَكفُرُه


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 07:34 PM
أَشهَدُ بِاللَهِ وَآياتِهِ
شَهادَةً باطِنَةً ظاهِرَه

ما شَرَفُ الدُنيا بِشَيءٍ إِذا
لَم يَتَّبِعهُ شَرَفُ الآخِرَة


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 07:35 PM
كُلُّ حَياةٍ فَلَها مُدَّةٌ
وَكُلُّ شَيءٍ فَلَهُ آخِرُ

سُبحانَ مَن أَلهَمَني حَمدَهُ
وَمَن هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ

وَمَن هُوَ الدائِمُ في مُلكِهِ
وَمَن هُوَ الباطِنُ وَالظاهِرُ

يا قاطِعَ الدَهرِ بِلَذّاتِهِ
لَيسَ لَهُ ناهٍ وَلا زاجِرُ

أَتاكَ يا مَغرورُ سَهمُ الرَدى
وَالمَوتُ في سَطوَتِهِ قاهِرُ

يا رَبِّ إِنّي لَكَ في كُلِّ ما
قَدَّرتَ عَبدٌ آمِلٌ شاكِرُ

فَاغفِر ذُنوبي إِنَّها جَمَّةٌ
وَاستُر خَطائي إِنَّكَ الساتِرُ


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 07:35 PM
إِلى اللَهِ كُلُّ الأَمرِ في الخَلقِ كُلِّهِ
وَلَيسَ إِلى المَخلوقِ شَيءٌ مِنَ الأَمرِ

إِذا أَنا لَم أَقبَل مِنَ الدَهرِ كُلَّ ما
تَكَرَّهتُ مِنهُ طالَ عَتبي عَلى الدَهرِ

تَعَوَّدتُ مَسَّ الضُرِّ حَتّى أَلِفتُهُ
وَأَحوَجَني طولُ العَزاءِ إِلى الصَبرِ

وَوَسَّعَ صَبري بِالأَذى الأُنسُ بِالأَذى
وَقَد كُنتُ أَحياناً يَضيقُ بِهِ صدَري

وَصَيَّرَني يَأسي مِنَ الناسِ راجِياً
لِسُرعَةِ لُطفِ اللَهِ مِن حَيثُ لا أَدري


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 07:35 PM
اللَهُ أَعلى يَداً وَأَكبَر
وَالحَقُّ فيما قَضى وَقَدَّر

وَلَيسَ لِلمَرءِ ما تَمَنّى
وَلَيسَ لِلمَرءِ ما تَخَيَّر

هَوَّن عَلَيكَ الأُمورَ وَاِعلَم
أَنَّ لَها مَورِداً وَمَصدَر

وَاِصبِر إِذا ما بُليتَ يَوماً
فَإِنَّ ما قَد سَلِمتَ أَكثَر

ما كُلُّ ذي نِعمَةٍ مُجازىً
كَم مُنعِمٍ لا يَزالُ يُكفَر

يا بُؤسَ لِلناسِ ما دَهاهُم
صاروا وَما يُنكِرونَ مُنكَر

يا أَيُّها الأَشيَبُ الَّذي قَد
حَذَّرَهُ شَيبُهُ وَأَنذَر

خُذ ما صَفا مِن جَميعِ أَمرِ ال
دُنيا وَدَع عَنكَ ما تَكَدَّر

وَاِلطُف لِكُلِّ اِمرِئٍ بِرِفقٍ
وَاِقبَل مِنَ الناسِ ما تَيَسَّر

فَإِنَّما المَرءُ مِن زُجاجٍ
إِن لَم تَرَفَّق بِهِ تَكَسَّر

وَكُلُّ ذي سَكرَةٍ فَأَعمى
حَتّى إِذا ما أَفاقَ أَبصَر

اِرضَ المَنايا لِكُلِّ طاغٍ
وَاِرضَ المَنايا لِمَن تَجَبَّر

يا رُبَّ ذي أَعظَمٍ رُفاتٍ
كانَ إِذا ما مَشى تَبَخَّر

في المَوتِ شُغلٌ لِكُلِّ حَيٍّ
وَأَيُّ شُغلٍ لِمَن تَفَكَّر


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 07:36 PM
أَلا إِلى اللَهِ تَصيرُ الأُمور
ما أَنتِ يا دُنيايَ إِلّا غُرور

إِنَّ امرَأً يَصفو لَهُ عَيشُهُ
لَغافِلٌ عَمّا تَجِنُّ القُبور

نَحنُ بَنو الأَرضِ وَسُكّانُها
مِنها خُلِقنا وَإِلَيها نَحور

لا وَالَّذي أَمسَيتُ عَبداً لَهُ
ما دامَ في الدُنيا لِعَبدٍ سُرور

حَتّى مَتى أَنتَ حَريصٌ عَلى
كَثيرِ ما يَكفيكَ مِنهُ اليَسير

إِذا عَرَفتَ اللَهَ فَاقنَع بِهِ
فَعِندَكَ الحَظُّ الجَزيلُ الكَثير

تَبارَكَ اللَهُ وَسُبحانَهُ
مَن جَهِلَ اللَهَ فَذاكَ الفَقير


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 07:36 PM
اِذكُر مَعادَكَ أَفضَلَ الذِكرِ
لا تَنسَ يَومَ صَبيحَةِ الحَشرِ

يَومَ الكَرامَةِ لِلأُلى صَبَروا
وَالخَيرُ عِندَ عَواقِبِ الصَبرِ

في كُلِّ ما تَلتَذُّ أَنفُسُهُم
أَنهارُهُم مِن تَحتِهِم تَجري

أَأُخَيَّ ما الدُنيا بِواسِعَةٍ
لِمُنىً تَلَجلَجُ مِنكَ في الصَدرِ

تَرتاحُ مِن عِبَرٍ إِلى سِعَةٍ
وَتَفِرُّ مِن فَقرٍ إِلى فَقرِ

وَطَفِقتُ كَالظَمآنِ مُلتَمِساً
لِلآلِ في الدَيمومَةِ القَفرِ

تَبغي الخَلاصَ بِغَيرِ مَأخَذِهِ
لِتَنالَ رَوحَ اليُسرِ بِالعُسرِ

أَكثَرتَ في طَلَبِ الغِنى لَعِباً
وَغِناكَ أَن تَرضى عَنِ الدَهرِ

وَالخَيرُ مالٍ أَنتَ كاسِبُهُ
ما كانَ عِندَ اللَهِ مِن ذُخرِ


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 07:37 PM
إِنَّ البَخيلَ وَإِن أَفادَ غِنىً
لَتَرى عَلَيهِ مَخايِلَ الفَقرِ

لَيسَ الغَنِيُّ بِكُلِّ ذي سِعَةٍ
في المالِ لَيسَ بِواسِعِ الصَدرِ

ما فاتَني خَيرُ اِمرِئٍ وَضَعتَ
عَنّي يَداهُ مَؤونَةَ الشُكرِ


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 07:37 PM
أَلا إِنَّما الدُنيا مَتاعٌ غُرورٍ
وَدارُ صُعودٍ مَرَّةٍ وَحُدورِ

كَأَنّي بِيَومٍ ما أَخَذتُ تَأَهُّباً
لَهُ في رَواحي عاجِلاً وَبُكوري

كَفى عِبرَةً أَنَّ الحَوادِثَ لَم تَزَل
تُصَيِّرُ أَهلَ المُلكِ أَهلَ قُبورِ

خَليلَيَّ كَم مِن مَيِّتٍ قَد حَضَرتُهُ
وَلَكِنَّني لَم أَنتَفِع بِحُضوري

وَمَن لَم يَزِدهُ السِنُّ ما عاشَ عِبرَةً
فَذاكَ الَّذي لا يَستَنيرُ بِنورِ

أَصَبتُ مِنَ الأَيامِ لينَ أَعِنَّةٍ
فَأَجرَيتُها رَكضاً وَلينَ ظُهورِ

مَتى دامَ في الدُنيا سُرورٌ لِأَهلِها
فَأَصبَحَ مِنها واثِقاً بِسُرورِ


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 07:38 PM
لَيتَ شِعري فَإِنَّني لَستُ أَدري
أَيُّ يَومٍ يَكونُ آخِرَ عُمري

وَبِأَيِّ البِلادِ تُقبَضُ روحي
وَبِأَيِّ البِقاعِ يُحفَرُ قَبري


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 07:38 PM
رَأَيتُكَ فيما يُخطِئُ الناسُ تَنظُرُ
وَرَأسُكَ مِن ماءِ الخَطيئةِ يَقطُرُ

تَوارى بِجُدرانِ البُيوتِ عَنِ الوَرى
وَأَنتَ بِعَينِ اللَهِ لَو كُنتَ تَشعُرُ

وَتَخشى عُيونَ الناسِ أَن يَنظُروا بِها
وَلَم تَخشَ عَينَ اللَهِ وَاللَهُ يَنظُرُ

وَكَم مِن قَبيحٍ قَد كَفى اللَهُ شَرَّهُ
أَلا إِنَّهُ يَعفو القَبيحَ وَيَستُرُ

إِلى كَم تَعامى عَن أُمورٍ مِنَ الهُدى
وَأَنتَ إِذا مَرَّ الهَوى بِكَ تُبصِرُ

إِذا ما دَعاكَ الرُشدُ أَحجَمتَ دونَهُ
وَأَنتَ إِلى ما قادَكَ الغَيُّ تَبدُرُ

وَلَيسَ يَقومُ الشُكرُ مِنكَ بِنِعمَةٍ
وَلَكِن عَلَيكَ الشُكرُ إِن كُنتَ تَشكُرُ

وَما كُلُّ ما لَم تَأتِ إِلّا كَما مَضى
مِنَ اللَهوِ في اللَذاتِ إِن كُنتَ تَذكُرُ

وَماهِيَ إِلّا تَرحَةٌ بَعدَ فَرحَةٍ
كَذالِكَ شُربُ الدَهرِ يَصفو وَيَكدُرُ

كَأَنَّ الفَتى المُغتَرَّ لَم يَدرِ أَنَّهُ
تَروحُ عَلَيهِ الحادِثاتُ وَتَبكُرُ

أَجَدَّكَ أَمّا كُنتَ وَاللَهوُ غالِبٌ
عَلَيكَ وَأَمّا السَهوُ مِنكا فَيَكثُرُ

وَأَمّا بَنو الدُنيا فَفي غَفَلاتِهِم
وَأَمّا يَدُ الدُنيا فَتَفري وَتَجزُرُ

وَأَمّا جَميعُ الخَلقِ فيها فَمَيِّتٌ
وَلَكِنَّ آجالاً تَطولُ وَتَقصُرُ

لَهَوتَ وَكَم مِن عِبرَةٍ قَد حَضَرتَها
كَأَنَّكَ عَنها غائِبٌ حينَ تَحضُرُ

تَمَنّى المُنى وَالريحُ تَلقاكَ عاصِفاً
وَفَوقَكَ أَمواجٌ وَتَحتَكَ أَبحُرُ

أَلَم تَرَ يا مَغبونُ ما قَد غُبِنتَهُ
وَأَنتَ تَرى في ذاكَ أَنَّكَ تَتجُرُ

خُدِعتَ عَنِ الساعاتِ حَتّى غُبِنتَها
وَغَرَّتكَ أَيّامٌ قِصارٌ وَأَشهُرُ

فَيا بانِيَ الدُنيا لِغَيرِكَ تَبتَني
وَيا عامِرَ الدُنيا لِغَيرِكَ تَعمُرُ

وَمالَكَ إِلّا الصَبرُ وَالبِرُّ عُدَّةٌ
وَإِلّا اعتِبارٌ ثاقِبٌ وَتَفَكُّرُ


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 07:38 PM
اللَهُ يُنجي مِنَ المَكروهِ لا حَذَري
وَكُلُّ خَيرٍ وَشَرٍّ خُطَّ بِالقَدَرِ

قَد يَسلَمُ المَرءُ مِمّا قَد يُحاذِرُهُ
وَقَد يَصيرُ إِلى المَكروهِ بِالحَذَرِ

الباطِلُ المَحضُ مَعروفٌ بِرُؤيَتِهِ
وَالحَقُّ يُعرَفُ بِالأَمثالِ وَالعِبَرِ

وَالغَيبُ يُثبِتُهُ في العَقلِ شاهِدُهُ
وَالعِلمُ أَجمَعُ مِن عَينٍ وَمِن أَثَرِ


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 07:39 PM
أَلا يا أَيُّها البَشَرُ
لَكُم في المَوتِ مُعتَبَرُ

لِأَمرٍ ما بَني حَوّاءَ
ما نُصِبَت لَكُم صَقَرُ

أَلَيسَ المَوتُ غايَتَنا
فَأَينَ الخَوفُ وَالحَذَرُ

رَأَيتُ المَوتَ لا يُبقي
عَلى أَحَدٍ وَلا يَذَرُ

لِحَثِّ تَقارُبِ الآجالِ
تَجري الشَمسُ وَالقَمَرُ

تَعالى اللَهُ ماذا تَصنَعُ
الأَيّامُ وَالغِيَرُ

وَما يَبقى عَلى الحَدَثانِ
لا صِغَرٌ وَلا كِبَرُ

وَما يَنفَكُّ نَعشُ جَنازَةٍ
يَمشي بِهِ نَفَرُ

رَأَيتُ عَساكِرَ المَوتى
فَهاجَ لِعَينِيَ العِبَرُ

مَحَلٌّ ما عَلَيهِم فيهِ
أَردِيَةٌ وَلا حُجَرُ

سُقوفُ بُيوتِهِم فيما
هُناكَ الطينُ وَالمَدَرُ

عُراةً رُبَّما غابوا
وَكانوا طالَما حَضَروا

وَكانوا طالَما راحوا
إِلى اللَذّاتِ وَابتَكَروا

فَقَد جَدَّ الرَحيلُ بِهِم
إِلى سَفَرٍ هُوَ السَفَرُ

وَقَد أَضحَوا بِمَنزِلَةٍ
يُرَجَّمُ دونَها الخَبَرُ

وَكانوا طالَما أَشِروا
وَكانوا طالَما بَطِروا

وَقَد خَرِبَت مَنازِلُهُم
فَلا عَينٌ وَلا أَثَرُ

تَفَكَّر أَيُّها المَغرورُ
قَبلَ تَفوتُكَ الفِكَرُ

فَإِنَّ جَميعَ ما عَظَّمتَ
عِندَ المَوتِ مُحتَقَرُ

وَلا تَغتَرَّ بِالدُنيا
فَإِنَّ جَميعَها غَرَرُ

وَقُل لِذَوي الغُرورِ بِها
رُوَيدَكُمُ أَلا انتَظِروا

فَأَقصى غايَةِ الميعادِ
فيما بَينَنا الحُفَرُ

كَذاكَ تَصَرُّفُ الأَيّامِ
فيها الصَفوُ وَالكَدَرُ


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 07:39 PM
ما لَنا لانَتَفَكَّر
أَينَ كِسرى أَينَ قَيصَر

أَينَ مَن قَد جَمَعَ المالَ
مَعَ المالِ فَأَكثَر

أَينَ مَن كانَ يُسامي
بِغِنى الدُنيا وَيَفخَر

لَيتَ شِعري أَيُّ شَيءٍ
بَعدَ شَيءٍ أَتَنَظَّر

قَد رَأَيتُ الدَهرَ يُفني
مَعشَراً مِن بَعدِ مَعشَر

لَيسَ يَبقى ذو يَسارٍ
لا وَلا مَن كانَ مُعسِر


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 07:39 PM
أَلا رُبَّ ذي أَجَلٍ قَد حَضَر
كَثيرِ التَمَنّي قَليلِ الحَذَر

إِذا هَزَّ في المَشيِ أَعطافَهُ
تَعَرَّفتَ في مَنكِبَيهِ البَطَر

يُؤَمِّلُ أَكثَرَ مِن عُمرِهِ
وَيَزدادُ يَوماً بِيَومٍ أَشَر

وَيُمسي وَيُصبِحُ في نَفسِهِ
كَريمَ المَساعي عَظيمَ الخَطَر

تَكونُ لَهُ صَولَةٌ تُتَّقى
وَأَمرٌ يُطاعُ إِذا ما أَمَر

يَريشُ وَيَبري وَفي يَومِهِ
لَهُ شُغُلٌ شاغِلٌ لَو شَعَر

يَعُدُّ الغُرورَ وَيَبني القُصورَ
وَيَنسى الفَناءَ وَيَنسى القَدَر

وَيَنسى القُرونَ وَرَيبَ المَنونِ
وَيَنسى الخُطوبَ وَيَنسى الغِيَر

وَيَنسى شُهوراً تُحيلُ الأُمورَ
فَإِمّا بِخَيرٍ وَإِمّا بِشَرِّ

يُجَرِّعُهُ الحِرصُ كَأسَ الفَنا
وَيَحمِلُهُ فَوقَ ظَهرِ الغَرَر

وَكَم مِن مُلوكٍ عَهِدناهُمُ
تَفانوا وَنَحنُ مَعاً بِالأَثَر

أَما تَعجَبونَ لِأَهلِ القُبورِ
كَأَنَّهُمُ لَم يَكونوا بَشَر

أَخَيَّ أَضَعتَ أُموراً أَراكَ
لِنَفسِكَ فيها قَليلُ النَظَر

فَحَتّى مَتى أَنتَ ذو صَبوَةٍ
كَأَن لَيسَ تَزدادُ فيها قِصَر

تُؤَمَّلُ في الأَرضِ طولَ الحَياةِ
وَعُمرُكَ يَزدادُ فيهِ قِصَر

أَرى لَكَ أَلّا تَمَلَّ الجِهازَ
لِقُربِ الرَحيلِ وَبُعدِ السَفَر

وَأَن تَتَدَبَّرَ ماذا تَصيرُ
إِلَيهِ فَتُعمِلَ فيهِ الفِكَر

وَأَن تَستَخِفَّ بِدارِ الغُرورِ
وَأَن تَستَعِدَّ لِإِحدى الكُبَر

هِيَ الدارُ دارُ الأَذى وَالقَذى
وَدارُ الفَناءِ وَدارُ الغَرَر

وَلَو نِلتَها بِحَذافيرِها
لَمُتَّ وَلَم تَقضِ مِنها الوَطَر

لَعَمري لَقَد دَرَجَت قَبلَنا
قُرونٌ لَنا فيهِمُ مُعتَبَر

فَيا لَيتَ شِعري أَبَعدَ المَشيبِ
سِوى المَوتِ مِن غائِبٍ يُنتَظَر

كَأَنَّكَ قَد صِرتَ في حُفرَةٍ
وَصارَ عَلَيكَ الثَرى وَالمَدَر

فَلا تَنسَ يَوماً تُسَجّى عَلى
سَريرِكَ فَوقَ رِقابِ البَشَر

وَقَدِّم لِذاكَ فَإِنَّ الفَتى
لَهُ ما يُقَدِّمُ لا ما يَذَر

وَمَن يَكُ ذا سِعَةٍ في الغِنى
يُعَظَّم وَمَن يَفتَقِر يُحتَقَر

وَمَن يَكُ بِالدَهرِ ذا غِرَّةٍ
فَإِنّي مِنَ الدَهرِ عِندي خَبَر

تَرى الدَهرَ يَضرُبُ أَمثالَهُ
لَنا وَيُرينا صُروفَ العِبَر

فَلا تَأمَنَنَّ لَهُ عَثرَةً
فَكَم مِن كَريمٍ بِهِ قَد عَثَر

يَحولُ عَلى المَرءِ حَتّى تَرا
طهُ
يَشرَبُ بَعدَ الصَفاءِ الكَدَر

وَحَتّى تَراهُ قَصيرَ الخُطى
بَطيءَ النُهوضِ كَليلَ النَظَر

أَيا مَن يُؤَمِّلُ طولَ الحَياةِ
وَطولُ الحَياةِ عَليهِ ضَرَر

إِذا ما كَبِرتَ وَبانَ الشَبابُ
فَلا خَيرَ في العَيشِ بَعدَ الكِبَر


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 07:40 PM
أَلا أَرى لِلمَرءِ أَن يَأمَنَ الدَهرا
فَإِنَّ لَهُ في طولِ مُهلَتِهِ مَكرا

فَكَم مِن مُلوكٍ أَمَّلوا أَن يُخَلَّدوا
رَأَيتَ صُروفَ الدَهرِ تَجزُرُهُم جَرا

بُليتُ بِدارٍ ما تَقَضّى هُمومُها
فَلَستُ أَرى إِلّا التَوَكُّلَ وَالصَبرا

إِذا ما انقَضى يَومٌ بِأَمرٍ فَقُلتُ قَد
أَمِنتُ أَذاهُ أَحدَثَت لَيلَةٌ أَمرا

أُحِبُّ الفَتى يَنفي الفَواحِشَ سَمعُهُ
كَأَنَّ بِهِ عَن كُلِّ فاحِشَةٍ وَقرا

سَليمَ دَواعي الصَدرِ لا باسِطاً يَداً
وَلا مانِعاً خَيراً وَلا قائِلاً هُجرا

إِذا ما بَدَت مِن صاحِبٍ لَكَ زَلَّةٌ
فَكُن أَنتَ مُحتالاً لِزَلَّتِهِ عُذرا

أَرى اليَأسَ مِن أَن تَسأَلَ الناسَ راحَةً
تُميتُ بِها عُسراً وَتُحيِي بِها يُسرا

وَلَيسَت يَدٌ أَولَيتَها بِغَنيمَةٍ
إِذا كُنتَ تَبغي أَن تُعِدَّ لَها شُكرا

غِنى المَرءِ ما يَكفيهِ مِن سَدِّ خَلَّةٍ
فَإِن زادَ شَيئاً عادَ ذاكَ الغِنى فَقرا


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 07:40 PM
لِأَمرٍ ما خُلِقتَ فَما الغُرورُ
لِأَمرٍ ما تُحَثُّ بِكَ الشُهورُ

أَلَستَ تَرى الخُطوبَ لَها رَواحٌ
عَلَيكَ بِصَرفِها وَلَها بُكورُ

أَتَدري ما يَنوبُكَ في اللَيالي
وَمَركَبُكَ الجَموحُ بِكَ العَثورُ

كَأَنَّكَ لا تَرى في كُلِّ وَجهٍ
رَحى الحَدَثانِ دائِرَةً تَدورُ

أَلا تَأتي القُبورَ صَباحَ يَومٍ
فَتَسمَعَ ما تُخَبِّرُكَ القُبورُ

فَإِنَّ سُكونَها حَرَكٌ يُناجي
كَأَنَّ بُطونَ غائِبِها ظُهورُ

فَيالَكَ رَقدَةً في غِبِّ كَأسٍ
لِشارِبِها بَلىً وَلَهُ نُشورُ

لَعَمرُكَ ما يَنالُ الفَضلَ إِلّا
تَقِيُّ القَلبِ مُحتَسِبٌ صَبورُ

أُخَيَّ أَما تَرى دُنياكَ داراً
تَموجُ بِأَهلِها وَلَها بُحورُ

فَلا تَنسَ الوَقارَ إِذا اِستَخَفَّ ال
حِجى حَدَثٌ يَطيشُ لَهُ الوَقورُ

وَرُبَّ مُهَرِّشٍ لَكَ في سُكونٍ
كَأَنَّ لِسانَهُ السَبُعُ العَقورُ

لِبَغيِ الناسِ بَينَهُمُ دَبيبٌ
تَضايَقُ عَن وَساوِسِهِ الصُدورُ

أُعيذُكَ أَن تُسَرَّ بِعَيشِ دارٍ
قَليلاً ما يَدومُ بِها سُرورُ

بِدارٍ ما تَزالُ لِساكِنِيها
تُهَتَّكُ عَن فَضائِحِها السُتورُ

أَلا إِنَّ اليَقينَ عَلَيهِ نورٌ
وَإِنَّ الشَكَّ لَيسَ عَلَيهِ نورُ

وَإِنَّ اللَهَ لا يَبقى سِواهُ
وَإِن تَكُ مُذنِباً فَهُوَ الغَفورُ

وَكَم عايَنتَ مِن مَلِكٍ عَزيزٍ
تَخَلّى الأَهلُ عَنهُ وَهُم حُضورُ

وَكَم عايَنتَ مُستَلِباً عَزيزاً
تَكَشَّفُ عَن حَلائِلِهِ الخُدورُ

وَدُمِّيَتِ الخُدودُ عَلَيهِ لَطماً
وَعُصِّبَتِ المَعاصِمُ وَالنُحورُ

أَلَم تَرَ أَنَّما الدُنيا حُطامٌ
وَأَنَّ جَميعَ ما فيها غُرورُ


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 07:41 PM
أَلا يا نَفسُ ما أَرجو بِدارِ
أَرى مَن حَلَّها قَلِقَ القَرارِ

بِدارِ إِنَّما اللَذّاتُ فيها
مُعَلَّقَةٌ بِأَيّامٍ قِصارِ

نَرى الأَموالَ أَرباباً عَلَينا
وَما هِيَ بَينَنا إِلّا عِوارِ

كَأَنّي قَد أَخَذتُ مِنَ المَنايا
أَماناً في رَواحي وَاِبتِكاري

إِذا ما المَرءُ لَم يَقنَع بِعَيشٍ
تَقَنَّعَ بِالمَذَلَّةِ وَالصِغارِ


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 07:41 PM
لِلناسِ في السَبقِ بَعدَ اليَومِ مِضمارُ
وَالمُنتَهى جَنَّةٌ لا بُدَّ أَو نارُ

المَوتُ حَقٌّ وَلَكِن لَم أَزَل مَرِحاً
كَأَنَّ مَعرِفَتي بِالمَوتِ إِنكارُ

إِنّي لَأَعمُرُ داراً ما لِساكِنِها
أَهلٌ وَلا وَلَدٌ يَبقى وَلا جارُ

فَبِئسَتِ الدارُ لِلعاصي لِخالِقِهِ
وَهيَ لِمَن يَتَّقيهِ نِعمَتِ الدارُ


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 07:41 PM
إِنَّ داراً نَحنُ فيها لَدارُ
لَيسَ فيها لِمُقيمٍ قَرارُ

كَم وَكَم قَد حَلَّها مِن أُناسٍ
ذَهَبَ اللَيلُ بِهِم وَالنَهارُ

فَهُمُ الرَكبُ أَصابوا مُناخاً
فَاستَراحوا ساعَةً ثُمَّ ساروا

وَهُمُ الأَحبابُ كانوا وَلَكِن
قَدُمَ العَهدُ وَشَطَّ المَزارُ

عَمِيَت أَخبارُهُم مُذ تَوَلَّوا
لَيتَ شِعري كَيفَ هُم حَيثُ صاروا

أَبَتِ الأَجداثُ أَلّا يَزوروا
ما ثَوَوا فيها وَأَن لا يُزاروا

وَلَكَم قَد عَطَّلوا مِن عِراصٍ
وَدِيارٍ هِيَ مِنهُم قِفارُ

وَكَذا الدُنيا عَلى ما رَأَينا
يَذهَبُ الناسُ وَتَخلو الدِيارُ

أَيَّ يَومٍ تَأمَنُ الدَهرَ فيهِ
وَلَهُ في كُلِّ يَومٍ عِثارُ

كَيفَ ما فَرَّ مِنَ المَوتِ حَيٌّ
وَهوَ يُدنيهِ إِلَيهِ الفِرارُ

إِنَّما الدُنيا بَلاغٌ لِقَومٍ
هُوَ في أَيديهِمُ مُستَعارُ

فَاِعلَمَن وَاِستَيقِنَن أَنَّهُ لا
بُدَّ يَوماً أَن يُرَدَّ المُعارُ


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 07:41 PM
أُفِّ لِلدُنيا فَلَيسَت لَي بِدار
إِنَّما الراحَةُ في دارِ القَرار

أَبَتِ الساعاتُ إِلّا سُرعَةً
في بِلى جِسمي بِلَيلٍ وَنَهار

إِنَّما الدُنيا غُرورٌ كُلُّها
مِثلُ لَمعِ الآلِ في الأَرضِ القِفار

يا عِبادَ اللَهِ كُلٌّ زائِلٌ
نَحنُ نَصبٌ لِلمَقاديرِ الجَوار


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 07:42 PM
لا يَأمَنُ الدَهرُ إِلّا الخائِنُ البَطِرُ
مَن لَيسَ يَعقِلُ ما يَأتي وَما يَذَرُ

ما يَجهَلُ الرُشدُ مَن خافَ الإِلَهَ وَمَن
أَمسى وَهِمَّتُهُ في دينِهِ الفِكَرُ

فيما مَضى فِكرَةٌ فيها لِصاحِبِها
إِن كانَ ذا بَصَرٍ بِالرَأيِ مُعتَبَرُ

أَينَ القُرونُ وَأَينَ المُبتَنونَ لَنا
هَذي المَدائِنَ فيها الماءَ وَالشَجَرُ

وَأَينَ كِسرى أَنوشِروانُ مالَ بِهِ
صَرفُ الزَمانِ وَأَفنى مُلكَهُ الغِيَرُ

بَل أَينَ أَهلُ التُقى بَعدَ النَبِيِّ وَمَن
جاءَت بِفَضلِهِمُ الآياتُ وَالسُوَرُ

أُعدُد أَبا بَكرٍ الصِدّيقَ أَوَّلَهُم
وَنادِ مِن بَعدِهِ في الفَضلِ يا عُمَرُ

وَعُدَّ مِن بَعدِ عُثمانٍ أَبا حَسَنٍ
فَإِنَّ فَضلَهُما يُروى وَيُدَّكَرُ

لَم يَبقَ أَهلُ التُقى فيها لِبِرِّهِمُ
وَلا الجَبابِرَةُ الأَملاكُ ما عَمَروا

فَاِعمِل لِنَفسِكَ وَاِحذَر أَن تُوَرِّطَها
في هُوَّةٍ ما لَها وِردٌ وَلا صَدَرُ

ما يَحذَرُ اللَهَ إِلّا الراشِدونَ وَقَد
يُنجي الرَشيدَ مِنَ المَحذورَةِ الحَذَرُ

وَالصَبرُ يُعقِبُ رِضواناً وَمَغفِرَةً
مَعَ النَجاحِ وَخَيرُ الصُحبَةِ الصُبرُ

الناسُ في هَذِهِ الدُنيا عَلى سَفَرٍ
وَعَن قَريبٍ بِهِم ما يَنقَضي السَفَرُ

فَمِنهُمُ قانِعٌ راضٍ بِعيشَتِهِ
وَمِنهُمُ موسِرٌ وَالقَلبُ مُفتَقَرُ

ما يُشبِعُ النَفسَ إِن لَم تُمسِ قانِعَةً
شَيءٌ وَلَو كَثُرَت في مُلكِها البِدَرُ

وَالنَفسُ تَشبَعُ أَحياناً فَيُرجِعُها
نَحوَ المَجاعَةِ حُبُّ العَيشِ وَالبَطَرُ

وَالمَرءُ ما عاشَ في الدُنيا لَهُ أَثَرٌ
فَما يَموتُ وَفي الدُنيا لَهُ أَثَرُ


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 07:42 PM
كُلُّ حَيٍّ إِلى المَماتِ يَصيرُ
كُلُّ حَيٍّ مِن عَيشِهِ مَغرورُ

لا صَغيرٌ يَبقى عَلى حادِثِ الدَهرِ
أَلا لا وَلَيسَ يَنجو الكَبيرُ

كَيفَ نَرجو الخُلودَ أَو نَطمَعُ العَيشَ
وَأَبياتُ سالِفينا القُبورُ

رُبَّ يَومٍ يَمُرُّ قَصداً عَلَينا
تَسفي الريحُ تُربَها وَتَمورُ

مِنهُمُ الوالِدُ الشَفيقُ عَلَينا
وَالأَخُ المُمحِضُ الوَصولُ الأَثيرُ

وَاِبنُ عَمٍّ وَجارُ بَيتٍ قَريبٍ
وَصَديقٌ وَزائِرٌ وَمَزورُ

يا لَها زَلَّةً وَضِلَّةَ رَأيٍ
لَيسَ مِنّا في جَهلِنا مَعذورُ

أَورَدَتنا الدُنيا وَما أَصدَرَتنا
إِنَّ هَذا مِن فِعلِها لَغُرورُ


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 07:42 PM
قَد رَأَيتُ الدُنيا إِلى ما تَصيرُ
كُلُّ شَيءٍ مِنها صَغيرٌ حَقيرُ

أَنَ في حيلَةِ التَخَلُّصِ مِنها
وَعَلى ذَلِكَ الإِلَهُ قَديرُ

هُوَ رَبّي وَحَسبِيَ اللَهُ رَبّي
فَلَنِعمَ المَولى وَنِعمَ النَصيرُ

أَيُّ شَيءٍ أَبغي إِذا كانَ لي ظِللٌ
وَقوتٌ حِلٌّ وَثَوبٌ سَتيرُ

ما بِأَهلِ الكَفافِ فَقرٌ وَلَكِن
كُلُّ مَن لَم يَقنَع فَذاكَ فَقيرُ


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 07:42 PM
يا عَجَباً لَلناسِ لَو فَكَروا
أَو حاسَبوا أَنفُسَهُم أَبصَروا

وَعَبَروا الدُنيا إِلى غَيرِها
فَإِنَّما الدُنيا لَهُم مَعبَرُ

وَالخَيرُ ما لَيسَ بِخافٍ هُوَ ال
مَعروفُ وَالشَرُّ هُوَ المُنكَرُ

وَالمَورِدُ المَوتُ وَما بَعدَهُ ال
حَشرُ فَذاكَ المَورِدُ الأَكبَرُ

وَالمَصدَرُ النارُ أَوِ المَصدَرُ ال
جَنَّةُ ما دونَهُما مَصدَرُ

لافَخرَ إِلّا فَخرُ أَهلِ التُقى
غَداً إِذا ضَمَّهُمُ المَحشَرُ

لَيَعلَمَنَّ الناسُ أَنَّ التُقى
وَالبِرِّ كانا خَيرَ ما يُذخَرُ

ما أَحمَقَ الإِنسانَ في فَخرِهِ
وَهوَ غَداً في حُفرَةٍ يُقبَرُ

ما بالُ مَن أَوَّلُهُ نُطفَةٌ
وَجيفَةٌ آخِرُهُ يَفخَرُ

أَصبَحَ لا يَملِكُ تَقديمَ ما
يَرجو وَلا تَأخيرَ ما يَحذَرُ

وَأَصبَحَ الأَمرُ إِلى غَيرِهِ
في كُلِّ ما يُقضى وَمايُقدَرُ


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 07:43 PM
لَعَمرُ أَبي لَو أَنَّني أَتَفَكَّرُ
رَضيتُ بِما يُقضى عَلَيَّ وَيُقدَرُ

تَوَكَّل عَلى الرَحمَنِ في كُلِّ حاجَةٍ
أَرَدتَ فَإِنَّ اللَهَ يَقضي وَيَقدِرُ

مَتى ما يُرِد ذو العَرشِ أَمراً بِعَبدِهِ
يُصِبهُ وَما لِلعَبدِ ما يَتَخَيَّرُ

وَقَد يَهلِكُ الإِنسانُ مِن بابِ أَمنِهِ
وَيَنجو لَعَمرُ اللَهِ مِن حَيثُ يَحذَرُ


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 07:44 PM
سَتَرى بَعدَ ما تَرى
غَيرَ هَذا الَّذي تَرى

سَتَرى ما بَقيتَ ما
يَمنَعُ النائِمَ الكَرى

سَتَرى مَن يَصيرُ بَعدَ
نَعيمٍ إِلى الثَرى

سَتَرى كُلَّ حادِثٍ
كَيفَ يَجري إِذا جَر


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 07:44 PM
كَأَنَّكَ قَد جاوَرتَ أَهلَ المَقابِرِ
هُوَ المَوتُ يا ابنَ المَوتِ إِن لَم تُبادِرِ

تَسَمَّع مِنَ الأَيامِ إِن كُنتَ سامِعاً
فَإِنَّكَ فيها بَينَ ناهٍ وَآمِرِ

وَلا تَرمِ بِالأَخبارِ مِن غَيرِ خِبرَةٍ
وَلا تَحمِلِ الأَخبارَ عَن كُلِّ خابِرِ

فَكَم مِن عَزيزٍ قَد رَأَينا امتِناعَهُ
فَدارَت عَلَيهِ بَعدُ إِحدى الدَوائِرِ

وَكَم مَلِكٍ قَد رُكِّمَ التُربُ فَوقَهُ
وَعَهدي بِهِ في الأَمسِ فَوقَ المَنابِرِ

وَكَم دائِبٍ يُعنى بِما لَيسَ مُدرِكاً
وَكَم وارِدٍ ما لَيسَ عَنهُ بِصادِرِ

وَلَم أَرَ كَالأَمواتِ أَبعَدَ شُقَّةً
عَلى قُربِها مِن دارِ جارٍ مُجاوِرِ

لَقَد دَبَّرَ الدُنيا حَكيمٌ مُدَبِّرٌ
لَطيفٌ خَبيرٌ عالِمٌ بِالسَرائِرِ

إِذا أَبقَتِ الدُنيا عَلى المَرءِ دينَهُ
فَمافاتَهُ مِنها فَلَيسَ بِضائِرِ

إِذا أَنتَ لَم تَزدَد عَلى كُلِّ نِعمَةٍ
خُصِصتَ بِها شُكراً فَلَستَ بِشاكِرِ

إِذا أَنتَ لَم تُؤثِر رِضى اللَهِ وَحدَهُ
عَلى كُلِّ ما تَهوى فَلَستَ بِصابِرِ

إِذا أَنتَ لَم تَطهُر مِنَ الجَهلِ وَالخَنا
فَلَستَ عَلى عَومِ الفُراتِ بِطاهِرِ

إِذا لَم تَكُن لِلمَرءِ عِندَكَ رَغبَةٌ
فَلَستَ عَلى ما في يَدَيهِ بِقادِرِ

إِذا كُنتَ بِالدُنيا بَصيراً فَإِنَّما
بَلاغُكَ مِنها مِثلُ زادِ المُسافِرِ

وَما الحُكمُ إِلّا ما عَلَيهِ ذَوُ النُهى
وَما الناسُ إِلّا بَينَ بَرٍّ وَفاجِرِ

وَما مِن صَباحٍ مَرَّ إِلّا مُؤَدِّباً
لِأَهلِ العُقولِ الثابِتاتِ البَصائِرِ

أَراكَ تُساوى بِالأَصاغِرِ في الصَبايا
وَأَنتَ كَبيرٌ مِن كِبارِ الكَبائِرِ

كَأَنَّكَ لَم تَدفِن حَميماً وَلَم تَكُن
لَهُ في حِياضِ المَوتِ يَوماً بِحاصِرِ

وَلَم أَرَ مِثلَ المَوتِ أَكثَرَ ناسِياً
تَراهُ وَلا أَولى بِتَذكارِ ذاكِرِ

وَإِنَّ امرَأً يَبتاعُ ضُنيا بِدينِهِ
لَمُنقَلِبٌ مِنها بِصَفقَةِ خاسِرِ

وَكُلُّ امرِئٍ لَم يَرتَحِل بِتِجارَةٍ
إِلى دارِهِ الأُخرى فَلَيسَ بِتاجِرِ

رَضيتُ بِذي الدُنيا لِكُلِّ مُكابِرِ
مُلِحٍّ عَلى الدُنيا وَكُلِّ مُفاخِرِ

أَلَم تَرَها تَرقيهِ حَتّى إِذا صَبا
فَرَت حَلقَهُ مِنها بِمُديَةِ جازِرِ

وَما تَعدِلُ الدُنيا جَناحَ بَعوضَةٍ
لَدى اللَهِ أَو مِقدارَ زَغبَةِ طائِرِ

فَلَم يَرضَ بِالدُنيا ثَواباً لِمُؤمِنٍ
وَلَم يَرضَ بِالدُنيا عِقاباً لِكافِرِ


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 07:44 PM
أَلا في سَبيلِ اللَهِ ما فاتَ مِن عُمري
تَفاوَتُ أَيّامي بِعُمري وَما أَدري

فَلابُدَّ مِن مَوتٍ وَلابُدَّ مِن بِلاً
وَلابُدَّ مِن بَعثٍ وَلابُدَّ مِن حَشرِ

وَإِنّا لَنَبلى ساعَةً بَعدَ ساعَةٍ
عَلى قَدَرٍ لِلَّهِ مُختَلِفٍ يَجري

وَنَأمَلُ أَن نَبقى طَويلاً كَأَنَّنا
عَلى ثِقَةٍ بِالأَمنِ مِن غِبَرِ الدَهرِ

وَنَعبَثُ أَحياناً بِما لا نُريدُهُ
وَنَرفَعُ أَعلامَ المَخيلَةِ وَالكِبرِ

وَنَسمو إِلى الدُنيا لِنَشرَبَ صَفواها
بِغَيرِ قُنوعٍ عَن قَذاها وَلا صَبرِ

فَلَو أَنَّ ما نَسمو إِلَيهِ هُوَ الغِنى
وَلَكِنَّهُ فَقرٌ يَجُرُّ إِلى فَقرِ

عَجِبتُ لِنَفسي حينَ تَدعو إِلى الصِبا
فَتَحمِلُني مِنهُ عَلى المَركَبِ الوَعرِ

يَكونَ الفَتى في نَفسِهِ مُتَحَرِّزاً
فَيَأتيهِ أَمرُ اللَهِ مِن حَيثُ لا يَدري

وَما هِيَ إِلّا رَقدَةٌ غَيرَ أَنَّها
تَطولُ عَلى مَن كانَ فيها إِلى الحَشرِ


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 07:45 PM
إِنَّ لِلدَهرِ فَاِعلَمَنَّ عِثارا
فَإِلى كَم أَما تَرى الأَقدارا

تَتَوَخّى الأُلّافَ إِلفاً فَإِلفاً
وَتُنَقّي الجيرانَ جاراً فَجارا

لَو عَقَلنا إِذِ النَهارُ يَسوقُ اللَيلَ
وَاللَيلُ إِذ يَسوقُ النَهارا

لَرَأَيناهُما بِمَرٍّ حَثيثٍ
يَطوِيانِ الأَعمارَ وَالآثارا

ما اِستَوى الناسُ مُنذُ كانوا أُناساً
خَلَقَ اللَهُ خَلقَهُ أَطوارا

مَن رَأى عِبرَةً فَفَكَّرَ فيها
لَم يَزِدهُ التَفكيرُ إِلّا اِعتِبارا


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 07:45 PM
مَن سابَقَ الدَهرَ كَبا كَبوَةً
لَم يَستَقِلها مِن خُطى الدَهرِ

فَاِخطُ مَعَ الدَهرِ عَلى ما خَطى
وَاجرِ مَعَ الدَهرِ كَما يَجري

لَيسَ لِمَن لَيسَت لَهُ حيلَةٌ
مَوجودَةٌ خَيرٌ مِنَ الصَبرِ

ما أَسرَعَ الأَيامَ في الشَهرِ
وَأَسرَعَ الأَشهُرَ في العُمرِ


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 07:45 PM
طَلَبتُ المُستَقَرَّ بِكُلِّ أَرضٍ
فَلَم أَرَ لي بِأَرضٍ مُستَقَرّا

أَطَعتُ مَطامِعي فَاِستَعبَدَتني
وَلَو أَنّي قَنِعتُ لَكُنتُ حُرّا

ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 07:45 PM
تَوَّقَ مِمّا تَأتي وَما تَذَرُ
جَميعُ ما أَنتَ فيهِ مُعتَذَرُ

ما أَبعَدَ الشَيءَ مِنكَ ما لَم يُسا
عِدكَ عَلَيهِ القَضاءُ وَالقَدَرُ


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 07:46 PM
المَوتُ بابٌ وَكُلُّ الناسِ داخِلُهُ
فَلَيتَ شِعرِيَ بَعدَ البابِ ما الدارُ

الدارُ جَنَّةُ خُلدٍ إِن عَمِلتَ بِما
يُرضي الإِلَهَ وَإِن قَصَّرتَ فَالنارُ


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 07:46 PM
أَمِنّي تَخافُ اِنتِشارَ الحَديثِ
وَحَظِّيَ في صَونِهِ أَوفَرُ

وَلَو لَم يَكُن فيهِ مَعنىً عَلَيكَ
نَظَرتُ لِنَفسي كَما تَنظُرُ


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 07:47 PM
رُبَّ أَمرٍ يَسوءُ ثُمَّ يَسُرُّ
وَكَذاكَ الأُمورُ حُلوٌ وَمُرُّ

وَكَذاكَ الأُمورُ تَعثُرُ بِالنا
سِ فَخَطبٌ يَمشي وَخَطبٌ يَكُرُّ

ما أَغَرَّ الدُنيا لِذي الأَمرِ فيها
عَجَباً لِلدُنيا وَكَيفَ تَغُرُّ

وَلِمَكرِ الدُنيا خَطافيفُ لَهوٍ
وَخَطاطيفُها إِلَيها تَجُرُّ

وَلَقَلَّ اِمرُؤٌ يُفارِقُ ما يَع
تادُ إِلّا وَقَلبُهُ مُقشَعِرٌّ

وَإِذا ما رَضيتَ كُلَّ قَضاءِ اللَهِ
لَم تَخشَ أَن يُصيبَكَ ضُرُّ


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 07:47 PM
ما لِلفَتى مانِعٌ مِنَ القَدَرِ
وَالمَوتُ حَولَ الفَتى وَبِالأَثَرِ

بَينا الفَتى بِالصَفاءِ مُغتَبِطٌ
حَتّى رَماهُ الزَمانُ بِالكَدَرِ

كَم في اللَيالي وَفي تَقَلُّبِها
مِن عِبَرٌ لِلفَتى وَمِن فِكَرِ

سائِل عَنِ الأَمرِ لَيسَ تَعرِفُهُ
فَكُلُّ رُشدٍ يَأتيكَ في الخَبَرِ

إِنَّ اِمرَأً يَأمَنُ الزَمانَ وَقَد
عايَنَ شِدّاتِهِ لَفي غَرَرِ

ما أَمكَنَ القَولُ بِالصَوابِ فَقُل
وَاِحذَر إِذا قُلتَ مَوضِعَ الضَرَرِ

ما طَيِّبُ القَولِ عِندَ سامِعِهِ ال
مُنصِتِ إِلّا كَطَيِّبِ الثَمَرِ

لِلشَيبِ في عارِضَيكَ بارِقَةٌ
تَنهاكَ عَمّا أَرى مِنَ الأَشَرِ

ما لَكَ مُذ كُنتَ لاعِباً مَرِحاً
تَسحَبُ ذَيلَ السَفاهِ وَالبَطَرِ

تَلعَبُ لَعبَ الصَغيرِ جَهلاً وَقَد
عَمَّمَكَ الدَهرُ عِمَّةَ الكِبَرِ

لَو كُنتَ لِلمَوتِ خائِفاً وَجِلاً
أَقرَحتَ مِنكَ الجُفونُ بِالعِبَرِ

طَوَّلتَ مِنكَ المُنى وَأَنتَ مِنَ ال
أَيّامِ في قِلَّةٍ وَفي قِصَرِ

لِلَّهِ عَيناكَ تَكذِبانِكَ في
ما رَأَتا مِن تَصَرُّفِ الغَيرِ

يا عَجَباً لي أَقَمتُ في وَطَنٍ
ساكِنُهُ كُلُّهُم عَلى سَفَرٍ

ذَكَرتُ أَهلَ القُبورِ مِن ثِقَتي
فَاِنهَلَّ دَمعي كَوابِلِ المَطَرِ

فَقُل لِأَهلِ القُبورِ يا ثِقَتي
لَستُ بِناسيكُمُ مَدى عُمُري

يا ساكِني باطِنَ القُبورِ أَما
لِلوارِدينَ القُبورَ مِن صَدَرِ

ما فَعَلَ التارِكونَ مُلكَهُمُ
أَهلُ القِبابِ العِظامِ وَالحُجَرِ

هَل يَبتَنونَ القُصورَ بَينَكُم
أَم هَل لَهُم مِن عُلاً وَمِن خَطَرِ

ما فَعَلَت مِنهُمُ الوُجوهُ أَقَد
بُدِّدَ عَنها مَحاسِنُ الصُوَرِ

اللَهُ في كُلِّ حادِثٍ ثِقَتي
وَاللَهُ عِزّي وَاللَهُ مُفتَخَري

لَستُ مَعَ اللَهِ خائِفاً أَحَداً
حَسبي بِهِ عاصِماً مِنَ البَشَرِ


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 07:47 PM
إِنَّ ذا المَوتَ ما عَلَيهِ مُجيرُ
يَهلِكُ المُستَجارُ وَالمُستَجيرُ

إِن تَكُن لَستَ خابِراً بِاللَيالي
وَبِأَحداثِها فَإِنّي خَبيرُ

هُنَّ يُدنينَنا مِنَ المَوتِ قِدماً
فَسَواءٌ صَغيرُنا وَالكَبيرُ

أَيُّها الطالِبُ الكَثيرَ لِيَغنى
كُلُّ مَن يَطلُبُ الكَثيرَ فَقيرُ

وَأَقَلُّ القَليلِ يُغني وَيَكفي
لَيسَ يُغني وَلَيسَ يَكفي الكَثيرُ

كَيفَ تَعمى عَنِ الهُدى كَيفَ تَعمى
عَجَباً وَالهُدى سِراجٌ مُنيرُ

قَد أَتاكَ الهُدى مِنَ اللَهِ نُصحاً
وَبِهِ جاءَكَ البَشيرُ النَذيرُ

وَمَعَ اللَهِ أَنتَ ما دُمتَ حَيّاً
وَإِلى اللَهِ بَعدَ ذاكَ تَصيرُ

وَالمَنايا رَوائِحٌ وَغَوادٍ
كُلَّ يَومٍ لَها سَحابٌ مَطيرُ

لا تَغُرَّنَّكَ العُيونُ فَكَم أَع
مى تَراهُ وَإِنَّهو لَبَصيرُ

أَنا أَغنى العِبادِ ما كانَ لي كِننٌ
وَما كانَ لي مَعاشٌ يَسيرُ


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 07:47 PM
أَلا إِنَّما الدُنيا عَلَيكَ حِصارُ
يَنالُكَ فيها ذِلَّةٌ وَصَغارُ

وَمالَكَ في الدُنيا مِنَ الكَدِّ راحَةٌ
وَلا لَكَ فيها إِن عَقَلتَ قَرارُ

وَما عَيشُها إِلّا لَيالٍ قَلائِلُ
سِراعٌ وَأَيّامٌ تَمُرُّ قِصارُ

وَما زِلتَ مَزموماً تُقادُ إِلى البِلى
يَسوفُكَ لَيلٌ مَرَّةً وَنَهارُ

وَعارِيَةٌ ما في يَدَيكَ وَإِنَّما
تُعارُ لِرَدٍّ ما طَلَبتَ يُعارُ


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 07:48 PM
أَصبَحتِ يا دارَ الأَذى
وَصَفاكِ مُمتَلِئٌ قَذى

أَينَ الَّذينَ عَهِدتُهُم
قَطَعوا الحَياةَ تَلَذُّذا

دَرَجوا غَداةَ رَماهُمُ
رَيبُ الزَمانِ فَأَنفَذا

سَنَصيرُ أَيضاً مِثلَهُم
عَمّا قَليلٍ هَكَذا

يا هؤلاءِ تَفَكَّروا
لِلمَوتِ يَغدو مَن غَذا


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 07:48 PM
المَرءُ يَشقى بِكُلِّ أَمرٍ
لَم يُسعِدِ اللَهُ فيهِ جَدَّه

وَكُلُّ شَيءٍ فَقَدتَ يَوماً
وَاِعتَضتَ عَنهُ نَسيتَ فَقدَه

لَم يَفقِدِ المَرءُ نَفعَ شَيءٍ
سَدَّ لَهُ غَيرُهُ مَسَدَّه


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 07:48 PM
يا أَيُّهَذا الَّذي سَتَنقُلُهُ ال
أَيّامُ عَن أَهلِهِ وَعَن وَلَدِه

ما اِرتَدَّ طَرفُ اِمرِئٍ بِلَحظَتِهِ
إِلّا وَشَيءٌ يَموتُ مِن جَسَدِه


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 07:49 PM
لَكَم فَجَعَ الدَهرُ مِن والِدٍ
وَكَم أَثكَلَ الدَهرُ مِن والِدَه

وَكَم تَرَكَ الدَهرُ مِن سَيِّدٍ
يَنوءُ عَلى قَدَمٍ واحِدَه

وَكَم قَد رَأَينا فَتىً ماجِداً
تَفَرَّعَ في أُسرَةٍ ماجِدَه

يُشَمِّصُ في الحَربِ بِالدارِعينَ
وَيُطعِمُ في اللَيلَةِ البارِدَه

رَماهُ الزَمانُ بِسَهمِ الرَدى
فَأَصبَحَ في الثُلَّةِ الهامِدَه

فَما لي أَرى الناسَ في غَفلَةٍ
كَأَنَّ قُلوبَهُمُ سامِدَه

شَرَوا بِرِضا اللَهِ دُنياهُمُ
وَقَد عَلِموا أَنَّها بائِدَه

إِذا أَصبَحوا أَصبَحوا كَالأُسودِ
باتَت مُجَوَّعَةً حارِدَه

يُطيعونَ في الغَيِّ أَهواءَهُم
وَقَد زَعَموا أَنَّها راشِدَه

تَرى صُوَراً تُعجِبُ الناظِرينَ
وَمَخبَرَةً تَحتَها فاسِدَه


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 07:49 PM
أَيا لِلمَنايا وَيحَها ما أَجَدَّها
كَأَنَّكَ يَوماً قَد تَوَرَّدتَ وِردَها

وَيا لِلمَنايا ما لَها مِن إِقالَةٍ
إِذا بَلَغَت مِن مُدَّةِ الحَيِّ حَدَّها

أَلا يا أَخانا إِنَّ لِلمَوتِ طَلعَةً
وَإِنَّكَ مُذ صُوِّرتَ تَقصِدُ قَصدَها

وَلِلمَرءِ عِندَ المَوتِ كَربٌ وَغُصَّةٌ
إِذا مَرَّتِ الساعاتُ قَرَّبنَ بُعدَها

لَكَ الخَيرُ أَمّا كُلُّ نَفسٍ فَإِنَّها
تَموتُ وَإِن حادَت عَنِ المَوتِ جُهدَها

سَتُسلِمُكَ السَعاتُ في بَعضِ مَرِّها
إِلى ساعَةٍ لا ساعَةٌ لَكَ بَعدَها

وَتَحتَ الثَرى مِنّي وَمِنكَ وَدائِعٌ
قَريبَةُ عَهدٍ إِن تَذَكَّرتَ عَهدَها

مَدَدتَ المُنى طولاً وَعَرضاً وَإِنَّها
لَتَدعوكَ أَن تَهدا وَأَن لا تَمُدَّها

وَمالَت بِكَ الدُنيا إِلى اللَهوِ وَالصِبا
وَمَن مالَتِ الدُنيا بِهِ كانَ عَبدَها

إِذا ما صَدَقتَ النَفسَ أَكثَرتَ ذَمَّها
وَأَكثَرتَ شَكواها وَأَقلَلتَ حَمدَها

بِنَفسِكَ قَبلَ الناسِ فَاعنَ فَإِنَّها
تَموتُ إِذا ماتَت وَتُبعَثُ وَحدَها

وَما كُلُّ ما خُوِّلتَ إِلّا وَديعَةً
وَلَن تَذهَبَ الأَيامُ حَتّى تَرُدَّها

إِذا أَذكَرَتكَ النَفسُ دِنياً دَنِيَّةً
فَلا تَنسَ رَوضاتي الجِنانِ وَخُلدَها

أَلَستَ تَرى الدُنيا وَتَنغيصَ عَيشِها
وَأَتعابَها لِلمُكثِرينَ وَكَدَّها

وَأَدنى بَني الدُنيا إِلى الغَيِّ وَالعَمى
لَمَن يَبتَغي مِنها سَناها وَمَجدَها

وَلَو لَم تُصِب مِنها فُضولاً أَصَبتَها
إِذاً لَم تَجِد وَالحَمدُ لِلَّهِ فَقدَها

إِذا النَفسُ لَم تَصرِف عَنِ الحِرصِ جُهدَها
إِذا ما دَعاها أَضرَعَ الحِرصُ خَدَّها

هَوى النَفسِ في الدُنيا إِلى أَن تَغولَها
كَما غالَتِ الدُنيا أَباها وَجَدَّها



ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 07:49 PM
سَتُباشِرُ الأَجداثَ وَحدَك
وَسَيَضحَكُ الباكونَ بَعدَك

وَسَتَستَجِدُّ بِكَ البِلى
وَسَتُخلِقُ الأَيّامُ عَهدَك

وَسَيَشتَهي المُتَقَرِّبونَ
إِلَيكَ بَعدَ المَوتِ بُعدَك

لِلَّهِ دَرُّكَ ما أَجَددَكَ
في المَلاعِبِ ما أَجَدَّك

المَوتُ ما لا بُدَّ مِنهُ
عَلى احتِرازِكَ مِنهُ جَهدَك

فَلَيُسرِعَنَّ بِكَ البِلى
وَلَيَقصِدَنَّ الحَينُ قَصدَك

وَلَيُفنِيَنَّكَ بِالَّذي
أَفنى أَباكَ بِهِ وَجَدَّك

لَو قَد ظَعَنتَ عَنِ البُيوتِ
وَرَوحِها وَسَكَنتَ لَحدَك

لَم تَنتَفِع إِلّا بِفِعلٍ
صالِحٍ إِن كانَ عِندَك

وَإِذا الأَكُفُّ مِنَ التُرابِ
نُفِضنَ عَنكَ تُرِكتَ وَحدَك

وَكَأَنَّ جَمعَكَ قَد غَدا
ما بَينَهُم حِصَصاً وَكَدَّك

يَتَلَذَّذونَ بِما جَمَعتَ
لَهُم وَلا يَجِدونَ فَقدَك


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 07:50 PM
نُريدُ بَقاءً وَالخُطوبُ تَكيدُ
وَلَيسَ المُنى لِلمَرءِ كَيفَ يُريدُ

وَمَن يَأمَنُ الأَيامَ أَمّا اتِّساعُها
فَخَبلٌ وَأَمّا ضيقُها فَشَديدُ

وَأَيُّ بَني الأَيّامِ إِلّا وَعِندَهُ
مِنَ الدَهرِ عِلمٌ طارِفٌ وَتَليدُ

يَرى ما يَزيدُ وَالزِيادَةُ نَقصُهُ
أَلا إِنَّ نَقصَ الشَيءِ حينَ يَزيدُ

وَمِن عَجَبِ الدُنيا يَقينُكَ بِالفَنا
وَأَنَّكَ فيها لِلبَقاءِ مُريدُ

أَلَم تَرَ أَنَّ الحَرثَ وَالنَسلَ كُلَّهُ
يَبيدُ وَمِنهُ قائِمٌ وَحَصيدُ

لَعَمري لَقَد بادَت قُرونٌ كَثيرَةٌ
وَأَنتَ كَما بادَ القُرونُ تَبيدُ

وَكَم صارَ تَحتَ الأَرضِ مِن خامِدٍ بِها
وَقَد كانَ يَبني فَوقَها وَيَشيدُ

وَكَم مِن عَديدٍ قَد مَحا الدَهرُ ذِكرَهُم
كَذا الدَهرُ لايَبقى عَلَيهِ عَديدُ

وَلِلمَوتِ عِلّاتٌ تَجَلّى وَتَختَفي
وَلِلدَهرِ وَعدٌ مَرَّةً وَوَعيدُ

وَرَبِّ البِلى إِنَّ الجَديدَ إِلى البِلى
وَإِنَّ الَّذي يُبلي الجَديدَ جَديدُ


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 07:50 PM
كَأَنّا وَإِن كُنّا نِياماً عَنِ الرَدى
غَداً تَحتَ أَحجارِ الصَفيحِ المُنَضَّدِ

نُرَجّي خُلودَ العَيشِ حيناً وَضِلَّةً
وَلَم نَرَ مِن آبائِنا مِن مُخَلَّدِ

لَنا فِكرَةٌ في أَوَّلينا وَعِبرَةٌ
بِها يَقتَدي ذو العَقلِ فيها وَيَهتَدي

وَلَكِنَّنا نَأتي العَمى وَعُيونُنا
إِلَيهِ رَوانٍ هاكَذا عَن تَعَمُّدِ

كَأَنّا سَفاهاً لَم نُصَب بِمُصيبَةٍ
وَلَم نَرَ مِنّا مَيِّتاً جَوفَ مُلحَدِ

بَلى كَم أَخٍ لي ذي صَفاءٍ حَثَوتُهُ
عَلى الرَغمِ مِنّي مُلحَدَ الرَمسِ بِاليَدِ

أُهيلُ عَلَيهِ التُربَ مِن كُلِّ جانِبٍ
أَرى ذاكَ مِنّي حَقَّ زادِ المُزَوَّد

وَقَد كُنتُ أَفديهِ وَأَحذَرُ نَأيَهُ
وَأَفزَعُ إِمّا باتَ غَيرَ مُمَهَّدِ

لِكُلِّ أَخي ثُكلٍ عَزاءٌ وَأُسوَةٌ
إِذا كانَ مِن أَهلِ التُقى في مُحَمَّدِ


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 07:50 PM
ما أَقرَبَ المَوتَ جَدّا
أَتاكَ يَشتَدُّ شَدّا

يا مَن يُراحُ عَلَيهِ
بِالمَوتِ طَوراً وَيُغدى

هَل تَستَطيعُ لِما قَد
مَضى مِنَ العَيشِ رَدّا

الغَيُّ أَوضَحُ مِن أَن
يَراهُ ذو العَقلِ رُشدا

سامِح أُمورَكَ رِفقاً
وَاجعَل مَعاشَكَ قَصدا

مِن حَزمِ رَأيِكَ أَلّا
تَكونَ لِلمالِ عَبدا

ما تَأتِهِ مِن جَميلٍ
يُكسِبكَ أَجراً وَحَمدا

تَموتُ فَرداً وَتَأتي
يَومَ القِيامَةِ فَردا

طوبى لِعَبدٍ تَقيٍّ
لَم يَألُ في الخَيرِ جُهدا


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 07:50 PM
ما أَشَدَّ المَوتَ جِدّاً وَلَكِن
ما وَراءَ المَوتِ حَقّاً أَشَدُّ

كُلُّ حَيٍّ ضاقَتِ الأَرضُ عَنهُ
سَوفَ يَكفيهِ مِنَ الأَرضِ لَحدُ

كُلُّ مَن ماتَ سَها الناسُ عَنهُ
لَيسَ بَينَ الحَيِّ وَالمَوتُ وُدُّ


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 07:51 PM
لا والِدٌ خالِدٌ وَلا وَلَدُ
كُلُّ جَليدٍ يَخونُهُ الجَلَدُ

كَأَنَّ أَهلَ القُبورِ لَم يَسكُنوا ال
دورَ وَلَم يَحيَ مِنهُمُ أَحَدُ

وَلَم يَكونوا إِلّا كَهَيئَتِهِم
لَم يولَدوا قَبلَها وَلَم يَلِدوا

يا ناسِيَ المَوتِ وَهوَ يَذكُرُهُ
هَل لَكَ بِالمَوتِ إِن أَتاكَ يَدُ

يا ساكِنَ القُبَّةِ المُطيفِ بِها
أَحراسُهُ وَالجُنودُ وَالعُدَدُ

دارُكَ دارٌ يَموتُ ساكِنُها
دارُكَ يُبلي جَديدَها الأَبَدُ

تَختالُ في مَطرَفِ الصِبا مَرَحاً
يَخطِرُ مِنكَ الذِراعُ وَالعَضَدُ

تَبكي عَلى مَن مَضى وَأَنتَ غَداً
يورِدُكَ المَوتُ في الَّذي وَرَدوا

لَو كُنتَ تَدري ماذا يُريدُ بِكَ ال
مَوتُ لَأَبلى جُفونَكَ السَهَدُ


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 07:51 PM
كُلُّ يَومٍ يَأتي بِرِزقٍ جَديدِ
مِن مَليكٍ لَنا غَنِيٍّ حَميدِ

قادِرٌ قاهِرٌ قَوِيٌّ لَطيفٍ
ظاهِرٍ باطِنٍ قَريبٍ بَعيدِ

حَجَبَتهُ الغُيوبُ عَن كُلِّ عَينٍ
وَهوَ فينا أَنيسُ كُلِّ وَحيدِ

حَسبُنا اللَهُ رَبُّنا هُوَ مَولىً
خَيرُ مَولىً وَنَحنُ شَرُّ عَبيدِ

خَلَقَ الخَلقَ لِلفَناءِ فَهُم بَي
نَ شَقِيٍّ مِنهُم وَبَينَ سَعيدِ

لَيتَ شِعري وَكَيفَ حالُكَ يا نَفسُ
غَداً بَينَ سائِقٍ وَشَهيدِ

كُلُّنا صائِرٌ إِلى المَلِكِ الدَي
يانِ رَبِّ الأَربابِ يَومَ الوَعيدِ

وَالمَنايا تَأتي عَلى كُلِّ شَيءٍ
وَالبَلى مُرصَدٌ لِكُلِّ جَديدِ


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 07:51 PM
إِنّا لَفي دارِ تَنغيصٍ وَتَنكيدِ
دارٌ تُنادي بِها أَيّامُها بيدي

لَقَد عَرَفناكِ يا دُنيا بِمَعرِفَةٍ
صَحَّت لَنا فَاِنقُصي إِن شِئتِ أَو زيدي

نَرى اللَيالِيَ وَالأَيّامَ مُسرِعَةً
فينا وَفيكِ بِتَفريقٍ وَتَبعيدِ

جَدَّ الرَحيلُ عَنِ الدُنيا وَساكِنها
يَرجو الخُلودَ وَلَيسَت دارَ تَخليدِ

يا نَفسُ لِلمَوتِ بي عَينٌ مُوَكَّلَةٌ
في كُلِّ وَجهٍ فَروغي عَنهُ أَو حيدي

إِن كانَتِ الدارُ لَيسَت لي بِباقِيَةٍ
فَما عَنائي بِتَأسيسٍ وَتَشيِيدِ

لَم يَكسُني الدَهرُ يَوماً مِن مَسَرَّتِهِ
إِلّا جَرى مِنهُ مَكروهٌ بِتَجريدِ

وَلي مِنَ المَوتِ يَومٌ لا دِفاعَ لَهُ
لَو قَد أَتاني لَقَد ضَلَّت أَقاليدي

الحَمدُ لِلَّهِ كُلُّ الخَلقِ مُنتَقِصٌ
مُصَرَّفٌ بَينَ خِذلانٍ وَتَأيِيدِ

وَكُلُّ ما وَلَدَتهُ الوالِداتُ إِلى
مَوتٍ تُؤَدّيهِ ساعاتُ المَواليد


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 07:52 PM
سَتَنقَطِعُ الدُنيا بِنُقصانِ ناقِصٍ
مِنَ الخَلقِ فيها أَو زِيادَةِ زائِدِ

وَمَن يَغتَنِم يَوماً يَجِدهُ غَنيمَةً
وَمَن فاتَهُ يَومٌ فَلَيسَ بِعائِدِ

وَما المَوتُ إِلّا مَورِدٌ عَنهُ مَصدَرٌ
وَما الناسُ إِلّا وارِدٌ بَعدَ وارِدِ


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 07:52 PM
أَراعَكَ نَقصٌ مِنكَ لَمّا وَجَدتَهُ
وَما زِلتَ في نَقصٍ وَأَنتَ وَليدُ

سَقَطتَ إِلى الدُنيا وَحيداً مُجَرَّداً
وَتَمضي عَنِ الدُنيا وَأَنتَ وَحيدُ

وَحِدتَ عَنِ المَوتِ الَّذي لَن تَفوتَهُ
وَلابُدَّ مِمّا أَنتَ عَنهُ تَحيدُ

وَمِن رُشدِ رَأيِ المَرءِ أَن يَمحَضَ التُقى
وَإِنَّ امرَأً مَحضَ التُقى لَسَعيدُ

هِيَ النَفسُ إِن تَصدُقكَ تَمنَحكَ نُصحَها
وَأَنتَ عَلَيها إِن صَدَقتَ شَحيدُ

وَما العَيشُ إِلّا مُستَفادٌ وَمُتلَفٌ
وَما الناسُ إِلّا مُتلِفٌ وَمُفيدُ

هُوَ اللَهُ رَبّي وَالقَضاءُ قَضاؤُهُ
وَرَبّي عَلى ما كانَ مِنهُ حَميدُ


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 07:52 PM
اِيأَس مِنَ الناسِ وَاِرجُ الواحِدَ الصَمَدا
فَإِنَّهُ هُوَ أَعلى مِنَّةً وَيَدا

إِن كانَ مَن نالَ سُلطاناً فَسادَ بِهِ
مُستَيقِناً أَنَّهُ يَبقى لَهُ أَبَدا

فَقُل لَهُ تِه فَقَد أُعطيتَ مَنزِلَةً
لَم يُعطِها اللَهُ في تَدبيرِهِ أَحَدا

أَو لا فَوَيحَكَ لا تَلعَب بِنَفسِكَ إِذ
لَم تَدرِ في اليَومِ ما يُقضى عَلَيكَ غَدا


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 07:52 PM
أَلا هَل عَلى زَمَني مُسعَدُ
وَأَنّى وَقَد ذَهَبَ الأَجوَدُ

وَأَصبَحتُ في غابِرٍ بَعدَهُم
تَراهُم كَثيراً وَلَن يُحمَدوا

أَلا أَيُّها الطَلِبُ المُستَغيثُ
بِمَن لا يُغيثُ وَلا يُسعِدُ

أَلا تَسأَلُ اللَهَ مِن فَضلِهِ
فَإِنَّ عَطاياهُ لا تَنفَدُ

أَلَم تَعي وَيحَكَ مِمّا تَقومُ
في طَلَبِ الرِزقِ أَو تَقعُدُ

فَما يَحرِمُ العَجزُ أَصحابَهُ
وَلا يُرزَقُ المالَ مَن يَجهَدُ

تَوَكَّل عَلى اللَهِ وَاِقنَع وَلا
تَرِد فَضلَ مَن فَضلُهُ أَنكَدُ

فَقَد حَلَفَ البُخلُ أَلّا يُرى
بِها مَن يَتِمُّ لَهُ مَوعِدُ

وَإِن جَمَدَت عَنكَ أَيدي العِبادِ
فَإِنَّ يَدَ اللَهِ لا تَجمَدُ

أَرى الناسَ طُرّا وَقَد أَبرَقوا
بِلُؤمِ الفِعالِ وَقَد أَرعَدوا

وَكُلٌّ يَرى أَنَّهُ سَيِّدٌ
وَلَيسَ لِأَفعالِهِ سودَدُ

فَيالَيتَ شِعري إِلى أَيِّهِم
إِذا عَرَضَت حاجَةٌ أَقصِدُ

إِذا جِئتُ أَفضَلَهُم لِلسَلامِ
رَدَّ وَأَحشاؤُهُ تُعِدُ

كَأَنَّكَ مِن خَوفِهِ لِلسُؤالِ
في عَينِهِ الحَيَّةُ الأَسوَدُ

فَفِرَّ إِلى اللَهِ مِن لُؤمِهِم
فَإِنّي أَرى الناسَ قَد أَصلَدوا

إِذا كانَ ذو المَجدِ مُستَأنِياً
بِبَذلِ النَدى فَمَتى يُحمَدُ


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 07:53 PM
الحَمدُ لِلَّهِ الواحِدِ الصَمَدِ
هُوَ الَّذي لَم يولَد وَلَم يَلِدِ

عَلَيهِ أَرزاقُنا فَلَيسَ مَعَ اللَهِ
بِنا حاجَةٌ إِلى أَحَدِ


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 07:53 PM
لا تَفرَحَنَّ بِما ظَفِرتَ بِهِ
وَإِذا نُكِبتَ فَأَظهِرِ الجَلَدا

وَإِذا نَطَقتَ فَلا تَكُن هَذِراً
وَاِقصِد فَخَيرُ الناسِ مَن قَصَدا

وَاِحفَظ أَخاكَ لِما رَجاكَ لَهُ
وَإِذا دَعاكَ فَكُن لَهُ عَضَدا

وَاِرفَع نَواظِرَهُ وَكُن سَنَداً
فَلَقَد يَكونُ أَخو الرِضا سَنَدا

وَتَعاهَدِ الإِخوانَ إِنَّهُمُ
زَينُ المَغيبِ وَزَينُ مَن شَهِدا


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 07:53 PM
جِدّوا فَإِنَّ الأَمرَ جِدُّ
وَلَهُ أَعِدُّا وَاستَعِدّوا

لا يُستَقالُ اليَومَ إِن
وَلّى وَلا لِلأَمسِ رَدُّ

لا تَغفُلُنَّ فَإِنَّما
آجالُكُم نَفَسٌ يُعَدُّ

وَحَوادِثُ الدُنيا تَروحُ
عَلَيكُمُ طَوراً وَتَغدو

وَالمَوتُ أَبعَدُ شُقَّةً
ما بَعدَ مَوتِ المَرءِ بُعدُ

إِنَّ الأُلى كُنّا نَرى
ماتوا وَنَحنُ نَموتُ بَعدُ

ما لي كَأَنَّ مُنايَ باسِطَةٌ
وَأَنفاسي تُعَدُّ

يا غَفلَتي عَن يَومِ يَج
مَعُ شِرَّتي كَفَنٌ وَلَحدُ

ضَيَّعتُ ما لا بُدَّ لي
مِنهُ بِما لِيَ مِنهُ بُدُّ

أَأُخَيَّ كُن مُستَمسِكاً
بِجَميعِ ما لَكَ فيهِ رُشدُ

ما نَحنُ فيهِ مَتاعُ أَي
يامٍ تُعارُ وَتُستَرَدُّ

هَوِّن عَلَيكَ فَلَيسَ كُللُ
الناسِ يُعطى ما يَوَدُّ

إِن كانَ لا يُغنيكَ ما
يَكفيكَ ما لِغِناكَ حَدُّ

وَتَوَقَّ نَفسَكَ مِن هَواكَ
فَإِنَّها لَكَ فيهِ ضِدُّ

لا تُمضِ رَأيَكَ في هَوىً
إِلّا وَرَأيُكَ فيهِ قَصدُ

مَن كانَ مُتَّبِعاً هَواهُ
فَإِنَّهُ لِهَواهُ عَبدُ


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 07:53 PM
سَلامٌ عَلى قَبرِ النَبِيِّ مُحَمَّدٍ
نَبِيِّ الهُدى وَالمُصطَفى وَالمُؤَيَّدِ

نَبِيٍّ هَدانا اللَهُ بَعدَ ضَلالَةٍ
بِهِ لَم نَكُن لَولا هُداهُ لِنَهتَدي

فَكانَ رَسولُ اللَهِ مِفتاحَ رَحمَةٍ
مِنَ اللَهِ أَهداها لِكُلِّ مُوَحِّدِ

وَكانَ رَسولُ اللَهِ أَفضَلَ مَن مَشى
عَلى الأَرضِ إِلّا أَنَّهُ لَم يُخَلَّدِ

شَهِدتُ عَلى أَن لا نُبُوَّةَ بَعدَهُ
وَأَن لَيسَ حَيٌّ بَعدَهُ بِمُخَلَّدِ

وَأَنَّ البِلى يَأتي عَلى كُلِّ جِدَّةٍ
وَأَنَّ المَنايا لِلعِبادِ بِمَرصَدِ

تَبارَكَ مَن يَجري الفِراقُ بِأَمرِهِ
وَيَجمَعُ مِن شَتّى عَلى غَيرِ مَوعِدِ

أَيا صاحِ إِنَّ الدارَ دارُ تَبَلُّغٍ
إِلى بَرزَخِ المَوتى وَدارُ تَزَوِّدِ

أَلَستَ تَرى أَنَّ الحَوادِثَ جَمَّةٌ
يَروحُ عَلَينا صَرفُهُنَّ وَيَغتَدي

تَبَلَّغ مِنَ الدُنيا وَنَل مِن كَفافِها
وَلا تَعتَقِدها في ضَميرٍ وَلا يَدِ

وَكُن داخِلاً فيها كَأَنَّكَ خارِجٌ
إِلى غَيرِها مِنها مِنَ اليَومِ أَو غَدِ


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 07:54 PM
إِنَّ القَريرَةَ عَينُهُ عَبدُ
خَشِيَ الإِلَهَ وَعَيشُهُ قَصدُ

عَبدٌ قَليلُ النَومِ مُجتَهِدٌ
لِلَّهِ كُلُّ فِعالِهِ رُشدُ

نَزِهٌ عَنِ الدُنيا وَباطِلِها
لا عَرضُ يَشغَلُهُ وَلا نَقدُ

مُستَجهِلٌ في اللَهِ مُحتَقِرٌ
هَزلُ المَخافَةِ عِندَهُ جِدُّ

مُتَذَلِّلٌ لِلَّهِ مُرتَقِبٌ
ما لَيسَ مِن إِتيانِهِ بُدُّ

رَفَضَ الحَياةَ عَلى حَلاوَتِها
وَاِختارَ ما فيهِ لَهُ الخُلدُ

يَكفيهِ ما بَلَغَ المَحَلَّ بِهِ
لا يَشتَكي إِن نابَهُ جَهدُ

فَاِشدُد يَدَيكَ إِذا ظَفِرتَ بِهِ
ما العَيشُ إِلّا القَصدُ وَالزُهدُ


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 07:54 PM
المَنايا تَجوسُ كُلَّ البِلادِ
وَالمَنايا تُفني جَميعَ العِبادِ

لَتَنالَنَّ مِن قُرونٍ أَراها
مِثلَ ما نِلنَ مِن ثَمودٍ وَعادِ

هُنَّ أَفنَينَ مَن مَضى مِن نِزارٍ
هُنَّ أَفنَينَ مَن مَضى مِن إِيادِ

هَل تَذَكَّرتَ مَن خَلا مِن بَني سا
سانَ أَربابِ فارِسٍ وَالسَوادِ

هَل تَذَكَّرتَ مَن مَضى مِن بَني الأَصفَرِ
أَهلِ القِبابِ كَالأَوطادِ

أَينَ أَينَ النَبِيُّ صَلّى عَلَيهِ اللَهُ
مِن مُهتَدٍ رَشيدٍ وَهادِ

أَينَ داوُودُ أَينَ أَينَ سُلَيمانُ
المَنيعُ الأَعراضِ وَالأَجنادِ

راكِبُ الريحِ قاهِرُ الجِنِّ وَالإِنسِ
بِسُلطانِهِ مُذِلُّ الأَعادي

أَينَ نُمرودُ وَاِبنُهُ أَينَ قارونُ
وَهامانُ ذو الأَوتادِ

إِنَّ في ذِكرِنا لَهُم لِاِعتِباراً
وَدَليلاً عَلى سَبيلِ الرَشادِ

وَرَدوا كُلُّهُم حِياضَ المَنيا
ثُمَّ لَم يَصدِروا عَنِ الإيرادِ

أَيُّها المُزمِعُ الرَحيلَ عَنِ الدُن
يا تَزَوَّد لِذاكَ مِن خَيرِ زادِ

لَتَنالَنَّكَ اللَيالي وَشيكاً
بِالمَنايا فَكُن عَلى اِستِعدادِ

أَتَناسَيتَ أَم نَسيتَ المَنايا
أَنَسيتَ الفِراقَ لِلأَولادِ

أَنَسيتَ القُبورَ إِذ أَنتَ فيها
بَينَ ذُلٍّ وَوَحشَةٍ وَاِنفِرادِ

أَيُّ يَومٍ يَومُ السِباقِ وَإِذ أَنتَ
تُنادى فَما تُجيبُ المُنادي

أَيُّ يَومٍ يَومُ الفِراقِ وَإِذ نَفسُكَ
تَرقى عَنِ الحَشا وَالفُؤادِ

أَيُّ يَومٍ يَومُ الفِراقِ وَإِذ أَنتَ
مِنَ النَزعِ في أَشَدِّ الجِهادِ

أَيُّ يَومٍ يَومُ الصُراخِ وَإِذ يَلطِمنَ
حُرَّ الوُجوهِ وَالأَجيادِ

باكِياتٍ عَلَيكَ يَندُبنَ شَجواً
خافِقاتِ القُلوبِ وَالأَكبادِ

يَتَجاوَبنَ بِالرَنينِ وَيَذرِفنَ
دُموعاً تَفيضُ فَيضَ المَزادِ

أَيُّ يَومٍ نَسيتُ يَومَ التَلاقي
أَيُّ يَومٍ نَسيتُ يَومَ التَنادِ

أَيُّ يَومٍ يَومُ الوُقوفِ إِلى اللَهِ
وَيَومُ الحِسابِ وَالإِشهادِ

أَيُّ يَومٍ يَومَ المَمَرِّ عَلى النارِ
وَأَهوالَها العِظَمِ الشِدادِ

أَيُّ يَومٍ يَومُ الخَلاصِ مِنَ النارِ
وَهَولِ العَذابِ وَالأَصفادِ

كَم وَكَم في القُبورِ مِن أَهلِ مُلكٍ
كَم وَكَم في القُبورِ مِن قُوّادِ

كَم وَكَم في القُبورِ مِن أَهلِ دُنيا
كَم وَكَم في القُبورِ مِن زُهّادِ

لَو بَذَلتُ النُصحَ الصَحيحَ لِنَفسي
لَم تَذُق مُقلَتايَ طَعمَ الرُقادِ

لَو بَذَلتُ النُصحَ الصَحيحَ لِنَفسي
هِمتُ أُخرى الزَمانِ في كُلِّ وادِ

بُؤسَ لي بُؤسَ مَيِّتاً يَومَ أَبكى
بَينَ أَهلي وَحاضِرِ العُوّادِ

كَيفَ أَلهو وَكيفَ أَسلو وَأَنسى
المَوتَ وَالمَوتُ رائِحٌ بي وَغادِ

أَيُّها الواصِلي سَتَرفُضُ وَصلي
عَنكَ لَو قَد أُذِقتَ طَعمَ اِفتِقادي

يا طَويلَ الرُقادِ لَو كُنتَ تَدري
كُنتَ مَيتَ الرُفادِ حَيَّ السُهادِ


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 07:55 PM
أُضيعُ مِنَ العُمرِ ما في يَدي
وَأَطلُبُ ما لَيسَ لي في يَدِ

أَرى الأَمسَ قَد فاتَني رَدُّهُ
وَلَستُ عَلى ثِقَةٍ مِن غَدِ

وَإِنّي لَأَجري إِلى غايَةٍ
وَأَستَقبِلُ المَوتَ مِن مَولِدي

وَما زِلتُ في طَبَقاتِ الرَدى
أَصَعَّدُ في مَصعَدٍ مَصعَدِ

فَيوشِكُ عَمّا قَليلٍ أَكونُ
مِنهُنَّ في البَرزَخِ الأَبعَدِ


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 07:55 PM
المَوتُ لا والِداً يُبقي وَلا وَلَدا
وَلا صَغيراً وَلا شَيخاً وَلا أَحَدا

كانَ النَبِيُّ فَلَم يَخلُد لِأُمَّتِهِ
لَو خَلَّدَ اللَهُ حَيّاً قَبلَهُ خَلَدا

لِلمَوتِ فينا سِهامٌ غَيرُ مُخطِئَةٍ
مَن فاتَهُ اليَومَ سَهمٌ لَم يَفُتهُ غَدا

ما ضَرَّ مَن عَرَفَ الدُنيا وَغِرَّتَها
أَلّا يُنافِسَ فيها أَهلَها أَبَدا


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 07:55 PM
اِصبِر لِكُلِّ مُصيبَةٍ وَتَجَلَّدِ
وَاِعلَم بِأَنَّ المَرءَ غَيرُ مُخَلَّدِ

أَوَما تَرى أَنَّ المَصائِبَ جَمَّةٌ
وَتَرى المَنِيَّةَ لِلعِبادِ بِمَرصَدِ

مَن لَم يُصِب مِمَّن تَرى بِمُصيبَةٍ
هَذا سَبيلٌ لَستَ فيهِ بِأَوحَدِ

وَإِذا ذَكَرتَ مُحَمَّداً وَمَصابَهُ
فَاِذكُر مُصابَكَ بِالنَبِيِّ مُحَمَّدِ


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 07:56 PM
تَبارَكَ مَن فَخري بِأَنّي لَهُ عَبدُ
وَسُبحانَهُ سُبحانَهُ وَلَهُ الحَمدُ

وَلا مُلكَ إِلّا مُلكُهُ عَزَّ وَجهُهُ
هُوَ القَبلُ في سُلطانِهِ وَهُوَ البَعدُ

فَيا نَفسُ خافي اللَهَ وَاجتَهِدي لَهُ
فَقَد فاتَتِ الأَيّامُ وَاقتَرَبَ الوَعدُ

فَخَيرَ المَماتِ قَتلَةٌ في سَبيلِهِ
وَخَيرُ المَعاشِ الخِفُّ وَالحِلُّ وَالقَصدُ

تَشاغَلتُ عَمّا لَيسَ لي مِنهُ حيلَةٌ
وَلا بُدَّ مِمّا لَيسَ مِنهُ لَنا بُدُّ

عَجِبتُ لِخَوضِ الناسِ في الهَزلِ بَينَهُم
صَراحاً كَأَنَّ الهَزلَ بَينَهُمُ جِدُّ

نَسوا المَوتَ فَارتاحوا إِلى اللَهوِ وَالصِبا
كَأَنَّ المَنايا لا تَروحُ وَلا تَغدو


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 07:56 PM
أَلا كُلُّ مَولودٍ فَلِلمَوتِ يولَدُ
وَلَستُ أَرى حَياً لِشَيءٍ يُخَلَّدُ

تَجَرَّد مِنَ الدُنيا فَإِنَّكَ إِنَّما
سَقَطتَ إِلى الدُنيا وَأَنتَ مُجَرَّدُ

وَأَفضَلُ شَيءٍ نِلتَ مِنها فَإِنَّهُ
مَتاعٌ قَليلٌ يَضمَحِلُّ وَيَنفَدُ

وَكَم مِن عَزيزٍ أَذهَبَ الدَهرُ عِزَّهُ
فَأَصبَحَ مَرحوماً وَقَد كانَ يُحسَدُ

فَلا تَحمَدِ الدُنيا وَلَكِن فَذُمَّها
وَما بالُ شَيءٍ ذَمَّهُ اللَهُ يُحمَدُ


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 07:56 PM
ما رَأَيتُ العَيشَ يَصفو لِأَحَد
دونَ كَدٍّ وَعَناءٍ وَنَكَد

كُن لِما قَدَّمتَهُ مُغتَنِماً
لاتُؤَخِّر عَمَلَ اليَومِ لِغَد

إِنَّ لِلمَوتِ لَسَهماً قاتِلاً
لَيسَ يَفدي أَحَداً مِنهُ أَحَد

قَد أَرى أَن لَستُ في الدُنيا وَلَو
بَقِيَت لَي دائِماً طولَ الأَبَد

إِنَّني مِنها غَداً مُرتَحِلٌ
أَو أَراني راحِلاً مِن بَعدِ غَد

أَجمَعُ المالَ لِغَيري دائِباً
وَأُقاسي العَيشَ مِنهُ في كَبَد

لِمَنِ المالُ الَّذي أَجمَعُهُ
أَلِنَفسي أَم لِأَهلي وَالوَلَد

ما يُبالي وَلَدي بَعدي إِذا
غَيَّبوا والِدَهُم تَحتَ اللِبَد

وَأَصابوا ما لَهُ مِن بَعدِهِ
أَلِغَيٍّ قَد مَضى أَم لِرَشَد

إِنَّما دُنياكَ يَومٌ واحِدٌ
فَإِذا يَومُكَ وَلّى لَم يَعُد

يَفعَلُ اللَهُ إِلَهي ما يَشا
ما لِأَمرِ اللَهِ فينا مِن مَرَد

يَرزُقُ الأَحمَقَ رِزقاً واسِعاً
وَتَرى ذا اللُبِّ مَحروماً نَكِد


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 07:56 PM
أَلا إِنَّ رَبّي قَوِيٌّ مَجيدُ
لَطيفٌ جَليلٌ غَنِيٌّ حَميدُ

رَأَيتُ المُلَوكَ وَإِن عَظُمَت
فَإِنَّ المُلوكَ لِرَبّي عَبيدُ

تُنافِسُ في جَمعِ هَذا الحُطامِ
وَكُلٌّ يَزولُ وَكُلٌّ يَبيدُ

وَكَم بادَ جَمعٌ أُلو قُوَّةٍ
وَحِصنٌ حَصينٌ وَقَصرٌ مَشيدُ

وَلَيسَ بِباقٍ عَلى الحادِثاتِ
لَشَيءٍ مِنَ الخَلقِ رُكنٌ شَديدُ

وَأَيُّ مَنيعِ يَفوتُ الفَنا
إِذا كانَ يَفنى الصَفا وَالحَديدُ

أَلا إِنَّ رَأياً دَعا العَبدَ أَن
يُنيبَ إِلى اللَهِ رَأيٌ رَشيدُ

فَلا تَتَكَثَّر بِدارِ البِلى
فَإِنَّكَ فيها وَحيدٌ فَريدُ

أَرى المَوتَ دَيناً لَهُ عِلَّةٌ
فَتِلكَ الَّتي كُنتَ مِنها تَحيدُ

تَيَقَّظ فَإِنَّكَ في غَفلَةٍ
يَميدُ بِكَ السُكرُ فيمَن يَميدُ

كَأَنَّكَ لَم تَرَ كَيفَ الفَنا
وَكيَفَ يَموتُ الغُلامُ الجَليدُ

وَكَيفَ يَموتُ المُسِنُّ الكَبيرُ
وَكيفَ يَموتُ الصَغيرُ الوَليدُ

وَمَن يَأمَنُ الدَهرَ في وَعدِهِ
وَلِلدَهرِ في كُلِّ وَعدٍ وَعيدُ

أَراكَ تُؤَمِّلُ وَالشَيبُ قَد
أَتاكَ بِنَعيِكَ مِنهُ بَريدُ

وَتَنقُصُ في كُلِّ تَنفيسَةٍ
وَأَنتَ بِظَنِّكَ فيها تَزيدُ

وَإِحسانُ مَولاكَ يا عَبدُهُ
إِلَيكَ مَدى الدَهرِ غَضٌّ جَديدُ

تُريدُ مِنَ اللَهِ إِحسانَهُ
فَيُعطيكَ أَكثَرَ مِمّا تُريدُ

وَمَن شَكَرَ اللَهَ لَم يَنسَهُ
وَلَم يَنقَطِع عَنهُ مِنهُ المَزيدُ

وَما يَكفُرُ العُرفَ إِلّا شَقِيٌّ
وَما يَشكُرُ اللَهَ إِلّا سَعيدُ


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 07:57 PM
قُل لِلجَليدِ المَنيعِ لَستَ مِنَ ال
دُنيا بِذي مِنعَةٍ وَلا جَلَدِ

يا صاحِبَ المُدَّةِ القَصيرَةِ لا
تَغفُل عَنِ المَوتِ قاطِعِ المُدَدِ

دَع عَنكَ تَقويمَ مَن تُقَوِّمُهُ
وَابدَأ فَقَوِّم ما فيكَ مِن أَوَدِ

يا مَوتُ كَم زائِدٍ قَرَنتَ بِهِ ال
نَقصَ فَلَم يَنتَقِص وَلَم يَزِدِ

قَد مَلَأَ المَوتُ كُلَّ أَرضٍ وَما
يَنزِعُ مِن بَلدَةٍ إِلى بَلَدِ


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 07:57 PM
يا راكِبَ الغَيِّ غَيرَ مُتَّئِدِ
شَتّانَ بَينَ الضَلالِ وَالرَشَدِ

حَسبُكَ ما قَد أَتَيتَ مُعتَمِداً
فَاِستَغفِرِ اللَهَ ثُمَّ لا تَعُدِ

يا ذا الَّذي نَقصُهُ زِيادَتُهُ
إِن كُنتَ لَم تَنتَقِص فَلَم تَزِدِ

عَجِبتُ مِن آمِلٍ وَواعِظُهُ ال
مَوتُ فَلَم يَتَّعِظ وَلَم يَكَدِ

ما أَسرَعَ اللَيلَ وَالنَهارَ بِسا
عاتٍ قِصارٍ تَأتي عَلى الأَمَدِ

لَيَجرِيَنَّ البَلى عَلَينا بِما
كانَ جَرى قَبلَنا عَلى لُبَدِ

يا مَوتُ يا مَوتُ كَم أَخي ثِقَةٍ
كَلَّفَني غَمضَ عَينِهِ بِيَدي

يا مَوتُ يا مَوتُ كَم أَضَفتَ إِلى ال
قِلَّةِ مِن ثَروَةٍ وَمِن كَبِدِ

يا مَوتُ يا مَوتُ كَم لِوَخزِكَ مِن
قَلبٍ جَريحٍ يَدمى وَمِن كَبِدِ

يا مَوتُ يا مَوتُ صَبَّحَتنا بِكَ ال
شَمسُ وَمَسَّت كَواكِبُ الأَسَدِ

يا مَوتُ يا مَوتُ لا أَراكَ مِنَ ال
خَلقِ جَميعاً تُبقي عَلى أَحَدِ

الحَمدُ لِلَّهِ دائِماً أَبَداً
قَد يَصِفُ القَصدَ غَيرَ مُقتَصِدِ

مَن يَستَنِر بِالهُدى يُنِرهُ وَمَن
يَبغِ إِلى اللَهِ مَطلَباً يَجِدِ


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 07:57 PM
لَكَ الحَمدُ يا ذا العَرشِ يا خَيرَ مَعبودِ
وَيا خَيرَ مَسؤولٍ وَيا خَيرَ مَحمودِ

شَهِدنا لَكَ اللَهُمَّ أَن لَستَ والِداً
وَلَكِنَّكَ المَولى وَلَستَ بِمَولودِ

وَأَنَّكَ مَعروفٌ وَلَستَ بِمَوصوفٍ
وَأَنَّكَ مَوجودٌ وَلَستَ بِمَجدودِ

وَأَنَّكَ رَبٌّ لا تَزالُ وَلَم تَزَل
قَريباً بَعيداً غائِباً غَيرَ مَفقودِ


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 07:57 PM
أَلا إِنَّنا كُلَّنا بائِدُ
وَأَيُّ بَني آدَمٍ خالِدُ

وَبَدؤُهُمُ كانَ مِن رَبِّهِم
وَكُلٌّ إِلى رَبِّهِ عائِدُ

فَيا عَجَبا كَيفَ يُعصى الإِلَهُ
أَم كَيفَ يَجحَدُهُ الجاحِدُ

وَلِلَّهِ في كُلِّ تَحريكَةٍ
عَلَينا وَتَسكينَةٍ شاهِدُ

وَفي كُلِّ شَيءٍ لَهُ آيَةٌ
تَدُلُّ عَلى أَنَّهُ واحِدُ


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 07:57 PM
إِنَّ الخُطوبَ غُدُوَّها وَرَواحَها
في الخَلقِ دائِبَةٍ تُجيلُ قِداحَها

يا ساكِنَ الدُنيا لَقَد أوطِنتَها
وَلَتَبرَحَنَّ وَإِن كَرِهتَ بَراحَها

خُذ لِلمَنايا لا أَبالَكَ عُدَّةً
وَاِنظُر لِنَفسِكَ إِن أَرَدتَ صَلاحَها

لا تَغتَرِر فَكَأَنَّني بِعُقابِ رَيبِ
الدَهرِ قَد نَشَرَت عَلَيكَ جَناحَها


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 07:58 PM
لاحَ شَيبُ الرَأسِ مِنّي فَاِتَّضَح
بَعدَ لَهوٍ وَشَبابٍ وَمَرَح

فَلَهَونا وَنَعِمنا ثُمَّ لَم
يَدَعِ المَوتُ لِذي لُبٍّ فَرَح

يا بَني آدَمَ صونوا دينَكُم
يَنبَغي لِلدينِ أَن لا يُطَّرَح

وَاحمَدوا اللَهَ الَّذي أَكرَمَكُم
بِنَبيٍّ قامَ فيكُم فَنَصَح

بِنَبيٍّ فَتَحَ اللَهُ بِهِ
كُلَّ خَيرٍ نِلتُموهُ وَشَرَح

مُرسَلٌ لَو يُوزَنُ الناسُ بِهِ
في التُقى وَالبِرِّ شالوا وَرَجَح

فَرَسولُ اللَهِ أَولى بِالعُلى
وَرَسولُ اللَهِ أَولى بِالمِدَح


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 07:58 PM
أُؤَمِّلُ أَن أَخَلَّدَ وَالمَنايا
يَثِبنَ عَلَيَّ مِن كُلِّ النَواحي

وَما أَدري إِذا أَمسَيتُ حَيّاً
لَعَلّي لا أَعيشُ إِلى الصَباحِ


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 07:58 PM
أَلَم تَرَ أَنَّ الحَقَّ أَبلَجُ لائِحُ
وَأَنَّ لَجاجاتِ النُفوسِ جَوائِحُ

إِذا المَرءُ لَم يَكفُف عَنِ الناسِ شَرَّهُ
فَلَيسَ لَهُ ما عاشَ مِنهُم مُصالِحُ

إِذا كَفَّ عَبدُ اللَهِ عَمّا يَضُرُّهُ
وَأَكثَرَ ذِكرَ اللَهِ فَالعَبدُ صالِحُ

إِذا العَبدُ لَم يَمدَحهُ حُسنُ فِعالِهِ
فَلَيسَ لَهُ وَالحَمدُ لِلَّهِ مادِحُ

إِذا ضاقَ صَدرُ المَرءِ لَم يَصفُ عَيشُهُ
وَما يَستَطيبُ العَيشَ إِلّا المُسامِحُ

وَبَينا الفَتى وَالمُلهِياتُ يُذِقنَهُ
جَنى اللَهوِ إِذ قامَت عَلَيهِ النَوائِحُ

وَإِنَّ امرَأً أَصفاكَ في اللَهِ وُدَّهُ
وَكانَ عَلى التَقوى مُعيناً لِصالِحُ

وَإِنَّ أَلَبَّ الناسِ مَن كانَ هَمُّهُ
بِما شَهِدَت مِنهُ عَلَيهِ الجَوارِحُ


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 07:59 PM
اللَهُ أَكرَمُ مَن يُناجى
وَالمَرءُ إِن داجَيتَ داجى

وَالمَرءُ لَيسَ بِمُعظِمٍ
شَيئاً يُقَضّي مِنهُ حاجا

كَدَرُ الصَفاءِ مِنَ الصَديقِ
فَما تَرى إِلّا مِزاجا

وَإِذا الأُمورُ تَزاوَجَت
فَالصَبرُ أَكرَمُها نِتاجا

وَالصِدقُ يَعقِدُ فَوقَ رَأسِ
حَليفِهِ لِلبِرِّ تاجا

وَالصِدقُ يَثقُبُ زَندُهُ
في كُلِّ ناحِيَةٍ سِراجا

وَلَرُبَّما صَدَعَ الصَفا
وَلَرُبَّما شَعَبَ الزُجاجا

يَأبى المُعَلَّقُ بِالهَوى
إِلّا رَواحاً وَادِّلاجا

اِرفُق فَعُمرُكَ عودُ ذي
أَوَدٍ رَأَيتُ لَهُ اعوِجاجا

وَالمَوتُ يَختَلِجُ النُفوسَ
وَإِن سَهَت عَنهُ اختِلاجا

اِجعَل مُعَرَّجَكَ التَكَرُّمَ
ما وَجَدتَ لَهُ انعِراجا

يا رُبَّ بَرقٍ شِمتُهُ
عادَت مَخيلَتُهُ عَجاجا

وَلَرُبَّ عَذبٍ صارَ بَعدَ
عُذوبَةٍ مِلحاً أُجاجا

وَلَرُبَّ أَخلاقٍ حِسانٍ
عُدنَ أَخلاقاً سِماجا

هَوِّن عَلَيكَ مَضايِقَ الدُنيا
تَعُد سُبُلاً فِجاجا

لا تَضجَرَنَّ لِضيقَةٍ
يَوماً فَإِنَّ لَها انفِراجا

مَن عاجَ مِن شَيءٍ إِلى
شَيءٍ فَإِنَّ لَهُ مَعاجا


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 07:59 PM
تَخَفَّف مِنَ الدُنيا لَعَلَّكَ أَن تَنجو
فَفي البِرِّ وَالتَقوى لَكَ المَسلَكُ النَهجُ

رَأَيتُ خَرابَ الدارِ يَحكيهِ لَهوَها
إِذا اجتَمَعَ المِزمارُ وَالعودُ وَالصَنجُ

أَلا أَيُّها المَغرورُ هَل لَكَ حُجَّةٌ
فَأَنتَ بِها يَومَ القِيامَةِ مُحتَجُّ

تَدَبَّر صُروفَ الحادِثاتِ فَإِنَّها
بِقَلبِكَ مِنها كُلَّ آوِنَةٍ سَحجُ

وَلا تَحسَبِ الحالاتِ تَبقى لِأَهلِها
فَقَد تَستَقيمُ الحالُ طَوراً وَتَعوَجُّ

مَنِ استَطرَفَ الشَيءَ استَلَذَّ اطِّرافَهُ
وَمَن مَلَّ شَيئاً كانَ فيهِ لَهُ مَجُّ

إِذا لَجَّ أَهلُ اللُؤمِ طاشَت عُقولُهُم
كَذاكَ لَجاجاتُ اللِئامِ إِذا لَجّوا

تَبارَكَ مَن لَم تَشفِ إِلّا بِهِ الرُقى
وَلَم يَأتَلِف إِلّا بِهِ النارُ وَالثَلجُ



ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 07:59 PM
خَليلَيَّ إِنَّ الهَمَّ قَد يَتَفَرَّجُ
وَمَن كانَ يَبغي الحَقَّ فَالحَقُّ أَبلَجُ

وَذو الحَقَّ لا يَرتابُ وَالعَدلُ قائِمٌ
عَلى طُرُقاتِ الهَقِّ وَالشَرُّ أَعوَجُ

وَأَخلاقُ ذي التَقوى وَذي البِرِّ في الدُجى
لَهُنَّ سِراجٌ بَينَ عَينَيهِ مُسرَجُ

وَنِيّاتُ أَهلِ الصِدقِ بيضٌ نَقِيَّةٌ
وَأَلسُنُ أَهلِ الصِدقِ لا تَتَلَجلَجُ

وَلَيسَ لِمَخلوقٍ عَلى اللَهِ حُجَّةٌ
وَلَيسَ لَهُ مِن حُجَّةِ اللَهِ مَخرَجُ

لَقَد دَرَجَت مِنّا قُرونٌ كَثيرَةٌ
وَنَحنُ سَنَمضي بَعدَهُنَّ وَنَدرُجُ

رُوَيدَكَ يا ذا القَصرِ في شُرُفاتِهِ
فَإِنَّكَ عَنها تُستَخَفُّ وَتُزعَجُ

وَإِنَّكَ عَمّا اختَرتَهُ لَمُبَعَّدٌ
وَإِنَّكَ مِمّا في يَدَيكَ لَمُخرَجُ

أَلا رُبَّ ذي طِمرٍ غَدا في كَرامَةٍ
وَمِلكٍ بِتيجانِ الخُلودِ مُتَوَّجُ

لَعَمرُكَ ما الدُنيا لَدَيَّ نَفيسَةٌ
وَإِن زَخرَفَ الغاوُونَ فيها وَزَبرَجوا

وَإِن كانَتِ الدُنيا إِلَيَّ حَبيبَةً
فَإِنّي إِلى حَظّي مِنَ الدينِ أَحوَجُ


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 07:59 PM
ذَهَبَ الحِرصُ بِأَصحابِ الدُلَج
فَهُمُ في غَمرَةٍ ذاتِ لُجَج

لَيسَ كُلُّ الخَيرِ يَأتي عاجِلاً
إِنَّما الخَيرُ حُظوظٌ وَدَرَج

لا يَزالُ المَرءُ ما عاشَ لَهُ
حاجَةٌ في الصَدرِ دَأباً تَعتَلِج

رُبَّ أَمرٍ قَد تَضايَقتَ بِهِ
ثُمَّ يَأتي اللَهُ مِنهُ بِالفَرَج


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 08:00 PM
اِسلُك مِنَ الطُرُقِ المَناهِج
وَاصبِر وَإِن حُمِّلتَ لاعِج

وَانبِذ هُمومَكَ أَن تَضيقَ
بِها فَإِنَّ لَها مَخارِج

وَاقضِ الحَوائِجَ ما استَطَعتَ
وَكُن لِهَمِّ أَخيكَ فارِج

فَلَخَيرُ أَيّامِ الفَتى
يَومٌ قَضى فيهِ الحَوائِج


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 08:00 PM
لَيسَ يَرجو اللَهَ إِلّا خائِفٌ
مَن رَجا خافَ وَمَن خافَ رَجا

قَلَّما يَنجو امرُؤٌ مِن فِتنَةٍ
عَجَباً مِمَّن نَجى كَيفَ نَجا

تَرغَبُ النَفسُ إِذا رَغَّبتَها
وَإِذا زَجَّيتَ بِالشَيءِ زَجا


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 08:00 PM
الناسُ في الدينِ وَالدُنيا ذَوّ دَرَجِ
وَالمالُ ما بَينَ مَوقوفٍ وَمُختَلِجِ

مَن عاشَ قَضّى كَثيراً مِن لُبانَتِهِ
وَلِلمَضايقِ أَبوابٌ مِنَ الفَرَجِ

مَن ضاقَ عَنكَ فَأَرضُ اللَهِ واسِعَةٌ
في وَجهِ كُلِّ مَضيقٍ وَجهُ مُنفَرِجِ

قَد يُدرِكُ الراقِدُ الهادي بِرَقدَتِهِ
وَقَد يَخيبُ أَخو الرَوحاتِ وَالدَلَجِ

خَيرُ المَذاهِبِ في الحاجاتِ أَنجَحُها
وَأَضيَقُ الأَمرِ أَدناهُ مِنَ الفَرَجِ

لَقَد عَلِمتُ وَإِن قَصَّرتُ في عَمَلي
أَنَّ اِبنَ آدَمَ لا يَخلو مِنَ الحُجَجِ

أَنّى يَكونُ تَقِيّاً غَيرُ ذي حَرَجٍ
ما يَتَّقي اللَهَ إِلّا كُلُّ ذي حَرَجِ


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 08:00 PM
قَلَّ لِلَّيلِ وَالنَهارِ اِكتِراثي
وَهُما دائِبانِ في اِستِحثاثي

ما بَقائي عَلى اِختِرامِ اللَيالي
وَدَبيبِ الساعاتِ بِالأَحداثِ

يا أَخي ما أَغَرَّنا بِالمَنايا
في اِتِّخاذِ الأَثاثِ بَعدَ الأَثاثِ

لَيتَ شِعري وَكَيفَ أَنتَ إِذا ما
وَلوَلَت بِاِسمِكَ النِساءُ الرَواثي

لَيتَ شِعري وَكَيفَ أَنتَ مُسَجّى
تَحتَ رَدمٍ حَثاهُ فَوقَكَ حاثِ

لَيتَ شِعري وَكَيفَ أَنتَ وَماحا
لُكَ فيما هُناكَ بَعدَ ثَلاثِ

إِنَّ يَوماً يَكونُ فيهِ بِمالِ المَرءِ
أَولى بِهِ ذَوّ الميراثِ

لَحَقيقٌ بِأَن يَكونَ الَّذي يَرحَلُ
عَمّا حَوى قَليلَ التُراثِ

أَيُّها المُستَغيثُ بي حَسبُكَ اللَهُ
مُغيثُ الأَنامِ مِن مُستَغاثِ

فَلَعَمري لَرُبَّ يَومِ قُنوطٍ
قَد أَتى اللَهُ بَعدَهُ بِالغِياثِ


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 08:01 PM
سُبحانَ مَن لَم تَزَل لَهُ حُجَجٌ
قامَت عَلى خَلقِهِ بِمَعرِفَتِه

قَد عَلِموا أَنَّهُ الإِلَهُ وَلَ
كِن عَجِزَ العالِمونَ عَن صِفَتِه


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 08:01 PM
يا ساكِنَ الدُنيا لَقَد أَوطَنتَها
وَأَمِنتَها عَجَباً وَكَيفَ أَمِنتَها

وَشَغَلتَ قَلبَكَ عَن مَعادِكَ بِالمُنى
وَخَدَعتَ نَفسَكَ بِالهَوى وَفَتَنتَها

إِن كُنتَ مُعتَبِراً فَقَد أَبصَرتَ أَحوالَ
الشَبيبَةِ مِنكَ وَاِستَيقَنتَها

أَوَلَم تَرَ الشَهَواتِ كَيفَ تَنَكَّرَت
عَمّا عَهِدتَ وَرُبَّما لَوَّنَتها

أَكرَمتَ نَفسَكَ بِالهَوانِ لَها وَلَو
كَرُمَت عَلَيكَ نَصَحتَها وَأَهَنتَها

يا ساكِنَ الدُنيا كَأَنَّكَ خِلتَ
أَننَكَ خالِدٌ فَجَمَعتَها وَخَزَنتَها

يا ساكِنَ الدُنيا طَفِقتَ تُزَيِّنُ
الدُنيا بِما لا يَستَقيمُ فَشِنتَها

اِذكُر أَحِبَّتَكَ الَّذينَ ثَكِلتَهُم
اِذكُر رُهوناً في التُرابِ رَهَنتَها

وَلَخَيرُ ما قَدَّمتَ سُنَّةُ صالِحٍ
لِلصالِحينَ فَعَلتَها وَسَنَنتَها


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 08:01 PM
لا يُعجِبَنَّكَ يا ذا حُسنُ مَنظَرَةِ
لَم يَجعَلِ اللَهُ فيها حُسنَ مَخبَرَةِ

خَيرُ اِكتِسابِ الفَتى ما كانَ مِن عَمَلٍ
زاكٍ وَصَبرٍ عَلى عُسرٍ وَمَيسَرَةِ

وَأَفضَلُ الزُهدِ زُهدٌ كانَ عَن جِدَةٍ
وَأَفضَلُ العَفوِ عَفوٌ عِندَ مَقدِرَةِ

لا خَيرَ لا خَيرَ لِلإِنسانِ في طَمَعٍ
يَصيرُ مِنهُ إِلى ذُلٍّ وَمَحقَرَةِ

أَستَغفِرُ اللَهَ مِن ذَنبي وَأَسأَلُهُ
عَيشاً هَنيئاً بِأَخلاقٍ مُطَهَّرَةِ


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 08:01 PM
بُليتُ بِنَفسي شَرَّ نَفسٍ رَأَيتُها
لَجوجٍ تَمادى بي إِذا ما نَهَيتُها

فَكَم مِن قَبيحٍ صِرتُ مُعتَرِفاً بِهِ
وَكَم مِن جِناياتٍ عِظامٍ جَنَيتُها

وَكَم مِن شَفيقٍ باذِلٍ لي نَصيحَةً
وَلَكِنَّني ضَيَّعتُها وَأَبَيتُها

دَعَتني إِلى الدُنيا دَواعٍ مِنَ الهَوى
فَأَرسَلتُ ديني مِن يَدي وَأَتَيتُها

وَلي حِيَلٌ عِندَ المَطامِعِ رُبَّما
تَلَطَّفتُ لِلدُنيا بِها فَرَقَيتُها

أَقولُ لِنَفسي إِذ شَكَت ضيقَ بَيتِها
كَأَنّي بِها في القَبرِ قَد ضاقَ بَيتُها

وَلي في خِصالِ الخَيرِ ضِدٌّ مُعانِدٌ
يُثَبِّطُني عَنها إِذا ما نَوَيتُها

وَلي مُدَّةٌ لا بُدَّ يَوماً سَتَنقَضي
كَأَن قَد أَتاني وَقتُها فَقَضَيتُها

فَلَو كُنتُ في الدُنيا بَصيراً وَقَد نَعَت
إِلى ساكِنيها نَفسَها لَنَعَيتُها

وَلَو أَنَّني مِمَّن يُحاسِبُ نَفسَهُ
لَخالَفتُ نَفسي في الهَوى وَعَصَيتُها

أَياذا الَّذي أَلقَتهُ في الغَيِّ نَفسُهُ
وَمَن غَرَّهُ مِنها عَساها وَلَيتُها

كَفانا بِهَذا مِنكَ جَهلاً وَغِرَّةً
لِأَنَّكَ حَيُّ النَفسِ في الأَرضِ مَيتُها


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 08:02 PM
المَرءُ في تَأخيرِ مُدَّتِهِ
كَالثَوبِ يَخلُقُ بَعدَ جِدَّتِهِ

مَن ماتَ حالَ ذَوّ مَوَدَّتهِ
عَنهُ وَمالوا عَن مَوَدَّتِهِ

وَحَياتُهُ نَفسٌ يُعَدُّ لَهُ
وَوَفاتُهُ اِستِكمالُ عِدَّتِهِ

وَمَصيرُهُ مِن بَعدِ مِرَّتِهِ
بِالناسِ ظُلمَةُ بَيتِ وَحدَتِهِ

عَجَباً لِمُنتَبِهٍ يُضَيِّعُ ما
يَحتاجُهُ في يَومِ رَقدَتِهِ

أَزِفَ الرَحيلُ وَنَحنُ في لَعِبٍ
ما نَستَعِدُّ لَهُ بِعُدَّتِهِ

وَلَقَلَّما تُبقي الخُطوبُ عَلى
أَشَرِ الشَبابِ وَحَرِّ وَقدَتِهِ


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 08:02 PM
نُريدُ بَقاءً وَالخُطوبُ تَكيدُ
وَلَيسَ المُنى لِلمَرءِ كَيفَ يُريدُ

وَمَن يَأمَنُ الأَيامَ أَمّا اتِّساعُها
فَخَبلٌ وَأَمّا ضيقُها فَشَديدُ

وَأَيُّ بَني الأَيّامِ إِلّا وَعِندَهُ
مِنَ الدَهرِ عِلمٌ طارِفٌ وَتَليدُ

يَرى ما يَزيدُ وَالزِيادَةُ نَقصُهُ
أَلا إِنَّ نَقصَ الشَيءِ حينَ يَزيدُ

وَمِن عَجَبِ الدُنيا يَقينُكَ بِالفَنا
وَأَنَّكَ فيها لِلبَقاءِ مُريدُ

أَلَم تَرَ أَنَّ الحَرثَ وَالنَسلَ كُلَّهُ
يَبيدُ وَمِنهُ قائِمٌ وَحَصيدُ

لَعَمري لَقَد بادَت قُرونٌ كَثيرَةٌ
وَأَنتَ كَما بادَ القُرونُ تَبيدُ

وَكَم صارَ تَحتَ الأَرضِ مِن خامِدٍ بِها
وَقَد كانَ يَبني فَوقَها وَيَشيدُ

وَكَم مِن عَديدٍ قَد مَحا الدَهرُ ذِكرَهُم
كَذا الدَهرُ لايَبقى عَلَيهِ عَديدُ

وَلِلمَوتِ عِلّاتٌ تَجَلّى وَتَختَفي
وَلِلدَهرِ وَعدٌ مَرَّةً وَوَعيدُ

وَرَبِّ البِلى إِنَّ الجَديدَ إِلى البِلى
وَإِنَّ الَّذي يُبلي الجَديدَ جَديدُ


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 08:02 PM
رَضيتَ لِنَفسِكَ سَوءاتِها
وَلَم تَألُ حُبّاً لِمَرضاتِها

وَحَسَّنتَ أَقبَحَ أَعمالِها
وَصَغَّرتَ أَكبَرَ زَلّاتِها

وَكَم مِن سَبيلِ لِأَهلِ الصِبا
سَلَكتَ بِهِم في بُنَيّاتِها

وَأَيُّ الدَواعي دَواعي الهَوى
تَطَلَّعتَ عَنها لِآفاتِها

وَأَيُّ المَحارِمِ لَم تَنتَهِك
وَأَيُّ الفَضائِحِ لَم تاتِها

كَأَنّي بِنَفسِكَ قَد عوجِلَت
عَلى ذاكَ في بَعضِ غِرّاتِها

وَقامَت نَوادِبُها حُسَّراً
تَداعى بِرَنَّةِ أَصواتِها

أَلَم تَرَ أَنَّ دَبيبَ اللَيالي
يُسارِقُ نَفسَكَ ساعاتِها

وَهَذي القِيامَةُ قَد أَشرَفَت
عَلى العالَمينَ لِميقاتِها

وَقَد أَقبَلَت بِمَوازينِها
وَأَهوالِها وَبِرَوعاتِها

وَإِنّا لَفي بَعضِ أَشراطِها
وَأَيّامِها وَعَلاماتِها

رَكَنّا إِلى الدارِ دارِ الغُرورِ
إِذ سَحَرَتنا بِلَذّاتِها

فَما نَرعَوي لَأَعاجيبِها
وَلا لِتَصَرُّفِ حالاتِها

نُنافِسُ فيها وَأَيّامُنا
تَرَدَّدُ فينا بِآفاتِها

وَما يَتَفَكَّرُ أَحياؤُها
فَيَعتَبِرونَ بِأَمواتِها


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 08:02 PM
كَم مِن حَكيمٍ يَبغي بِحِكمَتِهِ
تَسَلُّفَ الحَمدِ قَبلَ نِعمَتِهِ

وَلَيسَ هَذا الَّذي بِهِ حَكَمَ الـ
ـرَحمَنُ في عَدلِهِ وَرَحمَتِهِ

نَعوذُ بِاللَهِ ذي الجَلالِ وَذي الـ
ـإِكرامِ مِن سُخطِهِ وَنِقمَتِهِ

ما المَرءُ إِلّا بِهَديِهِ الحَسَنِ الـ
ـظاهِرِ مِنهُ وَطيبِ طُعمَتِهِ

ما المَرءُ إِلّا بِحُسنِ مَذهَبِهِ
سِرّاً وَجَهراً وَعَدلِ قِسمَتِهِ


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 08:03 PM
اِقطَعِ الدُنيا بِما اِنقَطَعَت
وَاِدفَعِ الدُنيا بِما اِندَفَعَت

وَاِقبَلِ الدُنيا إِذا سَلِسَت
وَاِترُكِ الدُنيا إِذا اِمتَنَعَت

يَطلُبُ العَيشَ الفَتى عَبَثاً
وَالغِنى في النَفسِ إِن قَنِعَت


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 08:03 PM
آمَنتُ بِاللَهِ وَأَيقَنتُ
وَاللَهُ حَسبي حَيثُما كُنتُ

كَم مِن أَخٍ لي خانَني وُدُّهُ
وَلا تَبَدَّلتُ وَلا خُنتُ

الحَمدُ لِلَّهِ عَلى صُنعِهِ
إِنّي إِذا عَزَّ أَخي هُنتُ

ما أَعجَبَ الدُنيا وَتَصريفَها
كَم لَوَّنَتني فَتَلَوَّنتُ

لِلبَينِ يَومٌ أَنا رَهنٌ بِهِ
لَو قَد دَنا يَومي لَقَد بِنتُ

ما أَنا إِلّا خائِضٌ في مُنىً
قَبَّحتُها طَوراً وَحَسَّنتُ

يا عَجَباً مِنّي وَما اِختَرتُ مِن
شَكّي عَلى ما قَد تَيَقَّنتُ

يا رَبَّ أَمرٍ زَلَّ عَنّي إِذا
ما قُلتُ إِنّي قَد تَمَكَّنتُ

وَالدَهرُ لا تَفنى أَعاجيبُهُ
إِن أَنا لِلدَهرِ تَفَطَّنتُ


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 08:04 PM
إِسمَع فَقَد آذَنَكَ الصَوتُ
إِن لَم تُبادِر فَهُوَ الفَوتُ

نَل كُلَّ ما شِئتَ وَعِش آمِناً
آخِرُ هَذا كُلِّهِ المَوتُ


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 08:04 PM
كَم غافِلٍ أَودى بِهِ المَوتُ
لَم يَأخُذِ الءُهبَةَ لِلفَوتِ

مَن لَم تَزُل نِعمَتُهُ قَبلَهُ
زالَ عَنِ النِعمَةِ بِالمَوتِ


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 08:04 PM
وَعَظتَكَ أَجداثٌ خُفُت
فيهِنَّ أَجسادٌ سُبُت

وَتَكَلَّمَت لَك بِالبِلى
مِنهُنَّ أَلسِنَةُ صُمُت

وَأَرَتكَ قَبرَكَ في القُبورِ
وَأَنتَ حَيٌّ لَم تَمُت

وَكَأَنَّني بِكَ عَن قَريبٍ
رَهنَ حَتفٍ لَم يَفُت


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 08:04 PM
أَيا عَجَبَ الدُنيا لِعَينٍ تَعَجَّبَت
وَيا زَهرَةَ الأَيّامِ كَيفَ تَقَلَّبَت

تُقَلِّبُني الأَيّامُ عَوداً وَبَدأَةً
تَصَعَّدَتِ الأَيّامُ لي وَتَصَوَّبَت

وَعاتَبتُ أَيّامي عَلى ما تَروعُني
فَلَم أَرَ أَيّامي مِنَ الرَوعِ أَعتَبَت

سَأَنعي إِلى الناسِ الشَبابَ الَّذي مَضى
تَخَرَّمَتِ الدُنيا الشَبابَ وَشَيَّبَت

وَلي غايَةٌ يَجري إِلَيها تَنَفُّسي
إِذا ما انقَضَت تَنفيسَةٌ لي تَقَرَّبَت

وَتُضرَبُ لي الأَمثالُ في كُلِّ نَظرَةٍ
وَقَد حَنَّكَتني الحادِثاتُ وَجَرَّبَت

تَطَرَّبُ نَفسي نَحوَ دُنيا دَنِيَّةٍ
إِلى أَيِّ دارٍ وَيحَ نَفسي تَطَرَّبَت

وَأُحضِرَتِ الشُحَّ النُفوسُ فَكُلُّها
إِذا هِيَ هَمَّت بِالسَماحِ تَجَنَّبَت

لَقَد غَرَّتِ الدُنيا قُروناً كَثيرَةً
وَأَتعَبَتِ الدُنيا قُروناً وَأَنصَبَت

هِيَ الدارُ حادي المَوتِ يَحدو بِأَهلِها
إِذا شَرَّقَت شَمسُ النَهارِ وَغَرَّبَت

بُليتُ مِنَ الدُنيا بِغولٍ تَلَوَّنَت
لَها فِتَنٌ قَد فَضَّضَتها وَذَهَّبَت

وَما أَعجَبَ الآجالَ في خُدَعاتِها
وَما أَعجَبَ الأَرزاقَ كَيفَ تَسَبَّبَت

رَأَيتُ بَغيضَ الناسِ مَن لا يُحِبُّهُم
يَفوزُ بِحُبِّ الناسِ نَفسٌ تَحَبَّبَت


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 08:05 PM
أَلا إِنَّ لي يَوماً أُدانُ كَما دِنتُ
سَيُحصي كِتابي ما أَسَأتُ وَأَحسَنتُ

أَما وَالَّذي أَرجوهُ لِلعَفوِ إِنَّهُ
لَيَعلَمُ ما أَسرَرتُ مِنّي وَأَعلَنتُ

كَفى حَزَناً أَنّي أُحَسِّنُ وَالبِلى
يُقَبِّحُ ما زَيَّنتُ مِنّي وَحَسَّنتُ

وَأَعجَبُ مِن هَذا هَناتٌ تَغُرُّني
تَيَقَّنتُ مِنهُنَّ الَّذي قَد تَيَقَّنتُ

تَصَعَّدتُ مُغتَرّاً وَصَوَّبتُ في المُنى
وَحَرَّكتُ مِن نَفسي إِلَيها وَسَكَّنتُ

وَكَم قَد دَعَتني هِمَّتي فَأَجَبتُها
وَكَم لَوَّثَتني هِمَّتي فَتَلَوَّثتُ

مُعاشَرَةُ الإِنسانِ عِندي أَمانَةٌ
فَإِن خُنتُ إِنساناً فَنَفسي الَّذي خُنتُ

وَلي ساعَةٌ لا شَكَّ فيها وَشيكَةٌ
كَأَنِّيَ قَد حُنِّطتُ فيها وَكُفِّنتُ

أَلَم تَرَ أَنَّ الأَرضَ مَنزِلُ قُلعَةٍ
وَإِن طالَ تَعميري عَلَيها وَأَزمَنتُ

وَإِنّي لَرَهنٌ بِالخُطوبِ مُصَرَّفٌ
وَمُنتَظِرٌ كَأسَ الرَدى حَيثُما كُنتُ


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 08:05 PM
قَد رَأَيتَ القُرونَ قَبلُ تَفانَت
دَرَسَت وَاِنقَضَت سَريعاً وَبانَت

كَم أُناسٍ رَأَيتَ أَكرَمَتِ الدُنـيا
بِبَعضِ العُروضِ ثُمَّ أَهانَت

كَم أُمورٍ قَد كُنتَ شَدَدتَ فيها
ثُمَّ حَوَّنتَها عَلَيكَ فَهانَت

هِيَ دُنيا كَحَيَّةٍ تَنفُثُ السُممَ
وَإِن كانَتِ المَجَسَّةُ لانَت


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 08:05 PM
أَنساكَ مَحياكَ المَماتا
فَطَلَبتَ في الدُنيا الثَباتا

أَوَثِقتَ بِالدُنيا وَأَنـتَ
تَرى جَماعَتَها شَتاتا

وَعَزَمتَ مِنكَ عَلى الحَياةِ
وَطولِها عَزماً بَتاتا

يا مَن رَأى أَبَوَيهِ في
ما قَد رَأى كانا فَماتا

هَل فيهِما لَكَ عِبرَةٌ
أَم خِلتَ أَنَّ لَكَ انفِلاتا

وَمَنِ الَّذي طَلَبَ التَفَللُتَ
مِن مَنِيَّتِهِ فَفاتا

كُلٌّ تُصَبِّحُهُ المَنِييَةُ
أَو تُبَيِّتُهُ بَياتا


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 08:05 PM
تَخَفَّف مِنَ الدُنيا لَعَلَّكَ تُفلِتُ
وَإِلّا فَإِنّي لا أَظُنَّكَ تَثبُتُ

أَلَم تَرَ أَنَّ الحِلمَ لِلجَهلِ قاطِعٌ
وَأَنَّ لِسانَ الرُشدِ لِلغَيِّ مُسِكتُ

لِكُلِّ امرِئٍ مِن سَكرَةِ المَوتِ سَكرَةٌ
وَأَيُّ امرِئٍ مِن سَكرَةِ المَوتِ يُفلِتُ

عَجِبتُ لِمَن قَرَّت مَعَ المَوتِ عَينُهُ
لِحَصدِ الرَدى ما ظَلَّتِ الأَرضُ تُنبِتُ


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 08:06 PM
مِنَ الناسِ مَيتٌ وَهوَ حَيٌّ بِذِكرِهِ
وَحَيٌّ سَليمٌ وَهوَ في الناسِ مَيِّتُ

فَأَمّا الَّذي قَد ماتَ وَالذِكرُ ناشِرٌ
فَمَيتٌ لَهُ دينٌ بِهِ الفَضلُ يُنعَتُ

وَأَمّا الَّذي يَمشي وَقَد ماتَ ذِكرُهُ
فَأَحمَقُ أَفنى دينَهُ وَهوَ أَموَتُ

سَأَضرِبُ أَمثالاً لِمَن كانَ عاقِلاً
يَسيرُ بِها مِنّي رَوِيٌّ مُبَيَّتُ

وَما زالَ مِن قَومي خَطيبٌ وَشاعِرٌ
وَحاكِمُ عَدلٍ فاصِلٌ مُتَثَبِّتُ

وَحَيَّةُ أَرضٍ لَيسَ يُرجى سَليمُها
تَراها إِلى أَعدائِها تَتَفَلَّتُ


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 08:06 PM
لِلَّهِ دَرُّ ذَوي العُقولِ المُشعِباتِ
أَخَذوا جَميعاً في حَديثِ التُرُّهاتِ

وَأَما وَرَبِّ المَسجِدَينِ كِلَيهِما
وَأَما وَرَبِّ مِنىً وَرَبِّ الراقِصاتِ

وَأَما وَرَبِّ البَيتِ ذي الأَستارِ وَالمَسعى
وَزَمزَمَ وَالهَدايا المُشعَراتِ

إِنَّ الَّذي خُلِقَت لَهُ الدُنيا وَما
فيها لَنازِلَةٌ تَجِلُّ عَنِ الصِفاتِ

فَليَنظُرِ الرَجُلُ اللَبيبُ لِنَفسِهِ
فَجَميعُ ما هُوَ كائِنٌ لا بُدَّ آتِ

عِش ما بَدا لَكَ أَن تَعيشَ بِغَبطَةٍ
ما أَقرَبَ المَحيا الطَويلِ مِنَ المَماتِ

فَتَجافَ عَن دارِ الغُرورِ وَعَن دَواعيها
وَكُن مُتَوَقِّعاً لِلحادِثاتِ
أَينَ المُلوكُ ذَوُو المَنابِرِ وَالدَسا

كِرِ وَالعَساكِرِ وَالقُصورِ المُشرِفاتِ
وَالمُلهِياتُ فَمَن لَها وَالغادِياتُ
الرائِحاتُ مِنَ الجِيادِ الصافِناتِ

هُم بَينَ أَطباقِ التُرابِ فَنادِهِم
أَهلَ الدِيارِ الخالِياتِ الخاوِياتِ

هَل فيكُمُ مِن مُخبِرٍ حَيثُ اِستَقَررَ
قَرارُ أَرواحِ العِظامِ البالِياتِ

فَلَقَلَّ ما لَبِثَ العَوائِدُ بَعدَكُم
وَلَقَلَّ ما ذَرَفَت عُيونُ الباكِياتِ

وَالدَهرُ لا يُبقي عَلى نَكَباتِهِ
صُمَّ الجِبالِ الراسِياتِ الشامِخاتِ

مَن كانَ يَخشى اللَهَ أَصبَحَ رَحمَةً
لِلمُؤمِنينَ وَرَحمَةً لِلمُؤمِناتِ

وَإِذا أَرَدتَ ذَخيرَةً تَبقى فَنا
فِس في اِدِّخارِ الباقِياتِ الصالِحاتِ

وَخَفِ القِيامَةَ ما اِستَطَعتَ فَإِنَّما
يَومُ القِيامَةَ يَومُ كَشفِ المُخبَآتِ


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 08:06 PM
أَلا مَن لِنَفسٍ في الهَوى قَد تَمادَتِ
إِذا قُلتُ قَد مالَت عَنِ الجَهلِ عادَتِ

وَحَسبُ امرِئٍ شَرّاً بِإِهمالِ نَفسِهِ
وَإِمكانِها مِن كُلِّ شَيءٍ أَرادَتِ

تَزاهَدتُ في الدُنيا وَإِنّي لَراغِبٌ
أَرى رَغبَتي مَمزوجَةً بِزَهادَتي

وَعَوَّدتُ نَفسي عادَةً فَلَزِمتُها
أَراهُ عَظيماً أَن أُفارِقَ عادَتي

إِرادَةُ مَدخولٍ وَعَقلُ مُقَصِّرٍ
وَلَو صَحَّ لي عَقلي لَصَحَّت إِرادَتي

وَلَو طابَ لي غَرسي لَطابَت ثِمارُهُ
وَلَو صَحَّ لي غَيبي لَسَحَّت شَهادَتي

أَيا نَفسُ ما الدُنيا بِأَهلٍ لِحَيِّها
دَعيها لِأَقوامٍ عَلَيها تَعادَتِ

أَلا قَلَّما تَبقى نُفوسٌ لِأَهلِها
إِذا راوَحَتهُنَّ المَنايا وَغادَتِ

أَلا كُلُّ نَفسٍ طالَ في الغَيِّ عُمرُها
تَموتُ وَإِن كانَت عَنِ المَوتِ حادَتِ

أَلا أَينَ مَن وَلّى بِهِ اللَهوُ وَالصِبا
وَأَينَ قُرونٌ قَبلُ كانَت فَبادَتِ

كَأَن لَم أَكُن شَيئاً إِذا صِرتُ في الثَرى
وَصارَ مِهادي رَضرَضاً وَوِسادَتي

وَما مَلجَأٌ لي غَيرَ مَن أَنا عَبدُهُ
إِلى اللَهِ رَبّي شِقوَتي وَسَعادَتي

ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 08:06 PM
نَعَت نَفسَها الدُنيا إِلَينا فَأَسمَعَت
وَنادَت أَلا جَدَّ الرَحيلُ وَوَدَّعَت

عَلى الناسِ بِالتَسليمِ وَالبِرِّ وَالرِضا
فَما ضاقَتِ الحالاتُ حَتّى تَوَسَّعَت

وَكَم مِن مُنىً لِلنَفسِ قَد ظَفِرَت بِها
فَحَنَّت إِلى ما فَوقَها وَتَطَلَّعَت

سَلامٌ عَلى أَهلِ القُبورِ أَحِبَّتي
وَإِن خَلُقَت أَسبابُهُم وَتَقَطَّعَت

فَما مُوِّتَ الأَحياءُ إِلّا لِيُبعَثوا
وَإِلّا لِتُجزى كُلُّ نَفسٍ بِما سَعَت


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 08:07 PM
يا عَلِيَّ بنَ ثابِتٍ أَينَ أَنتا
أَنتَ بينَ القُبورِ حَيثُ دُفِنتا

يا عَلِيَّ بنَ ثابِتٍ بانَ مِنّي
صاحِبٌ جَلَّ فَقدُهُ يَومَ بِنتا

يا شَريكي في الخَيرِ يَرحَمُكَ اللاهُ
فَنِعمَ الشَريكُ في الخَيرِ كُنتا

قَد لَعَمري حَكيتَ لي غُصَصَ المَو
تِ وَحَرَّكَتني لَها وَسَكَنتا


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 08:07 PM
أَما وَالَّذي يُحيى بِهِ وَيُماتُ
لَقَلَّ فَتىً إِلّا لَهُ هَفَواتُ

وَما مِن فَتاً إِلّا سَيَبلى جَديدُهُ
وَتُفني الفَتى الرَوحاتُ وَالدَلَجاتُ

يَغُرُّ الفَتى تَحريكُهُ وَسُكونُهُ
وَلا بُدَّ يَوماً تَسكُنُ الحَرَكاتُ

وَمَن يَتَتَبَّع شَهوَةً بَعدَ شَهوَةٍ
مُلِحّاً تَقَسَّم عَقلَهُ الشَهَواتُ

وَمَن يَأمَنُ الدُنيا وَلَيسَ لِحُلوِها
وَلا مُرِّها فيما رَأَيتَ ثَباتُ

أَجابَت نُفوسٌ داعِيَ اللَهِ فَانقَضَت
وَأُخرى لِداعي المَوتِ مُنتَظِراتُ

وَما زالَتِ الإِيامُ بِالسُخطِ وَالرِضا
لَهُنَّ وَعيدٌ مَرَّةٌ وَعِداتُ

إِذا اِزدَدتَ مالاً قُلتَ مالي وَثَروَتي
وَمالَكَ إِلّا اللَهُ وَالحَسَناتُ


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 08:07 PM
إِذا أَنتَ لايَنتَ الَّتي خَشُنَت لانَت
وَإِن أَنتَ هَوَّنتَ الَّتي صَعُبَت هانَت

تَزينُ أُمورٌ أَو تَشينُ كَثيرَةٌ
أَلا رُبَّما شانَت أُمورٌ وَمازانَت

وَتَأتي وَتَمضي الحادِثاتُ سَريعَةً
وَكَم غَدَرَتني الحادِثاتُ وَكَم خانَت

وَلِلدينِ دَيّانٌ غَداً يَومَ فَصلِهِ
تُدانُ نُفوسُ الناسِ فيهِ بِما دانَت


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 08:07 PM
كَأَنَّ المَنايا قَد قَرَعنَ صَفاتي
وَقَوَّسنَني حَتّى قَصَفنَ قَناتي

وَباشَرتُ أَطباقَ الثَرى وَتَوَجَّهَت
بِنَعيِي إِلى مَن غِبتُ عَنهُ نُعاتي

فَيا عَجَباً مِن طولِ سَهوي وَغَفلَتي
وَما هُوَ آتٍ لا مَحالَةَ آتِ

حُتوفُ المَنايا قاصِداتٌ لِمَن تَرى
مُوافينَ بِالرَوحاتِ وَالغَدَواتِ

وَكَم مِن عَظيمٍ شَأنُهُ لَم تَكُن لَهُ
بِمُهجَتِهِ الأَيامُ مُنتَظِراتِ

رَأَيتُ ذَوي قُرباهُ تَحثي أَكُفُّهُم
عَلَيهِ تُرابَ الأَرضِ مُبتَدِراتِ

وَقامَت عَلَيهِ حُسَّرٌ مِن نِسائِهِ
يُنادينَ بِالوَيلاتِ مُحتَجِراتِ


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 08:08 PM
تَمَسَّك بِالتُقى حَتّى تَموتا
وَلا تَدَعِ الكَلامَ أَوِ السُكوتا

وَقُل حَسَناً وَأَمسِك عَن قَبيحِ
وَلا تَنفَكَّ عَن سوءٍ صَموتا

لَكَ الدُنيا بِأَجمَعِها كَمالاً
إِذا عوفيتَ ثُمَّ أَصَبتَ قوتا

إِذا لَم تَحتَفِظ بِالشَيءِ يَوماً
فَلا تَأمَن عَلَيهِ أَن يَفوتا

يُعَلِّلُني الطَبيبُ إِلى قَضاءٍ
فَإِمّا أَن أُعافى أَو أَموتا

سَقى اللَهُ القُبورَ وَساكِنيها
مَحَلّاً أَصبَحوا فيها خُفوتا


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 08:08 PM
جَمَعتَ مِنَ الدُنيا وَحُزتَ وَمُنّيتا
وَما لَكَ إِلّا ما وَهَبتَ وَأَمضَيتا

وَما لَكَ مِمّا يَأكُلُ الناسُ غَيرُ ما
أَكَلتَ مِنَ المالِ الحَلالِ فَأَفنَيتا

وَما لَكَ إِلّا كُلُّ شَيءٍ جَعَلتَهُ
أَمامَكَ لا شَيءٌ لِغَيرِكَ بَقَّيتا

وَما لَكَ مِمّا يَلبَسُ الناسُ غَيرَ ما
كَسَوتَ وَإِلّا ما لَبِستَ فَأَبلَيتا

وَما أَنتَ إِلّا في مَتاعٍ وَبُلغَةٍ
كَأَنَّكَ قَد فارَقتَها وَتَخَلَّيتا

فَلا تَغبِطَنَّ الحَيَّ في طولِ عُمرِهِ
بِشَيءٍ تَرى إِلّا بِما تَغبِطُ المَيتا

أَلا أَيُّهَذا المُستَهينُ بِنَفسِهِ
أَراكَ وَقَد ضَيَّعتَها وَتَناسَيتا

إِذا ما غُبِنتَ الفَضلَ في الدينِ لَم تُبَل
وَإِن كانَ في الدُنيا قَطَبتَ وَبالَيتا

وَإِن كانَ شَيءٌ تَشتَهِهِ رَأَيتَهُ
وَإِن كانَ ما لا تَشتَهِهِ تَعامَيتا

لَهِجتَ بِأَنواعِ الأَباطيلِ غِرَّةً
وَأَدنَيتَ أَقواماً عَلَيها وَأَقصَيتا

وَجَمَّعتَ ما لا يَنبَغي لَكَ جَمعُهُ
وَقَصَّرتَ عَمّا يَنبَغي وَتَوانَيتا

وَصَغَّرتَ في الدُنيا مَساكِنَ أَهلِها
فَباهَيتَ فيها بِالبِناءِ وَعالَيتا

وَأَلقَيتَ جِلبابَ الحَيا عَنكَ ضِلَّةً
فَأَصبَحتَ مُختالاً فَخوراً وَأَمسَيتا

وَجاهَرتَ حَتّى لَم تَرِع عَن مُحَرَّمٍ
وَلَم تَقتَصِد فيما أَخَذتَ وَأَعطَيتا

وَنافَستَ في الأَموالِ مِن غَيرِ حِلِّها
وَأَسرَفتَ في إِنفاقِها وَتَعَدَّيتا

وَأَجلَيتَ عَنكَ الغُمضَ في كُلِّ حيلَةٍ
تَلَطَّفتَ في الدُنيا بِها وَتَأَنَّيتا

تَمَنّى المُنى حَتّى إِذاما بَلَغتَها
سَمَوتَ إِلى ما فَوقَها فَتَمَنَّيتا

أَيا صاحِبَ الأَبياتِ قَد نُجِّدَت لَهُ
سَتُبدَلُ مِنها عاجِلاً غَيرَها بَيتا

لَكَ الحَمدُ يا ذا المَنِّ شُكراً خَلَقتَنا
فَسَوَّيتَنا فيمَن خَلَقتَ وَسَوَّيتاد
وَكَم مِن بَلايا نازِلاتٍ بِغَيرِنا
فَسَلَّمتَنا يا رَبِّ مِنها وَعافَيتا

أَيا رَبِّ مِنّا الضَعفُ إِن لَم تُقَوِّنا
عَلى شُكرِ ما أَبلَيتَ مِنكَ وَأَولَيتا

أَيا رَبِّ نَحنُ الفائِزونَ غَداً لَئِن
تَوَلَّيتَنا يا رَبِّ فيمَن تَوَلَّيتا

أَيا مَن هُوَ المَعروفُ مِن غَيرِ رُؤيَةٍ
تَبارَكتَ يا مَن لا يُرى وَتَعالَيتا


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 08:08 PM
أَلَيسَ قَريباً كُلُّ ما هُوَ آتِ
فَما لي وَما لِلشَكِّ وَالشُبُهاتِ

أُنافِسُ في طيبِ الطَعامِ وَكُلُّهُ
سَواءٌ إِذا ما جاوَزَ اللَهَواتِ

وَأَسعى لِما فَوقَ الكَفافِ وَكُلَّما
تَرَفَّعتُ فيهِ ازدَدتُ في الحَسَراتِ

وَأَطمَعُ في المَحيا وَعَيشِيَ إِنَّما
مَسالِكُهُ مَوصولَةٌ بِمَماتِ

وَلِلمَوتِ داعٍ مُسمِعٌ غَيرَ أَنَّني
أَرى الناسَ عَن داعيهِ في غَفَلاتِ

فَلِلَّهِ عَقلي إِنَّ عَقلي لَناقِصٌ
وَلَو تَمَّ عَقلي لَاغتَنَمتُ حَياتي

وَلِلَّهِ نَفسي إِنَّها لَبَخيلَةٌ
عَلَيَّ بِما جادَت بِهِ لَأُلاتِ


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 08:08 PM
إيتِ القُبورَ فَنادِها أَصواتاً
فَإِذا أَجَبنَ فَسائِلِ الأَمواتا

أَينَ المُلوكُ بَنو المُلوكِ فَكُلُّهُم
أَمسى وَأَصبَحَ في التُرابِ رُفاتا

كَم مِن أَبٍ وَأَبي أَبٍ لَكَ بَينَ أَط
باقِ الثَرى قَد قيلَ كانَ فَماتا

وَالدَهرُ يَومٌ أَنتَ فيهِ وَأَخَرٌ
تَرجوهُ أَو يَومٌ مَضى لَكَ فاتا

هَيهاتَ إِنَّكَ لِلخُلودِ لَمُرتَجٍ
هَيهاتَ مِمّا تَرتَجي هَيهاتا

ما أَسرَعَ الأَمرَ الَّذي هُوَ كائِنٌ
لا بُدَّ مِنهُ وَأَقرَبَ الميقات


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 08:09 PM
إِلى كَم إِذا ما غِبتُ تُرجى سَلامَتي
وَقَد قَعَدَت بي الحادِثاتُ وَقامَتِ

وَعُمِّمتُ مِن نَسجِ القَتيرِ عِمامَةً
رُقومُ البِلى مَرقومَةٌ في عِمامَتي

وَكُنتُ أَرى لي في الشَبابِ عَلامَةً
فَصِرتُ وَإِنّي مُنكِرٌ لِعَلامَتي

وَما هِيَ إِلّا أَوبَةٌ بَعدَ غَيبَةٍ
إِلى الغَيبَةِ القُصوى فَثَمَّ قِيامَتي

كَأَنّي بِنَفسي حَسرَةً وَنَدامَةً
تَقَطَّعُ إِذ لَم تُغنِ عَنّي نَدامَتي

مُنى النَفسِ مِمّا يوطِئُ المَرءَ عَشوَةً
إِذا النَفسُ جالَت حَولَهُنَّ وَحامَتِ

وَمَن أَوطَأَتهُ نَفسُهُ حاجَةً فَقَد
أَساءَت إِلَيهِ نَفسُهُ وَأَلامَتِ

أَما وَالَّذي نَفسي لَهُ لَو صَدَقتُها
لَرَدَّدتُ تَوبيخي لَها وَمَلامَتي

فَلِلَّهِ نَفسٌ أَوطَأَتني مِنَ العَشا
حُزوناً وَلَو قَوَّمتُها لَاستَقامَتِ

وَلِلَّهِ يَومٌ أَيُّ يَومِ فَظاعَةٍ
وَأَفظَعُ مِنهُ بَعدُ يَومُ قِيامَتي

وَلِلَّهِ أَهلي إِذ حَبَوني بِحُفرَةٍ
وَهُم بِهَواني يَطلُبونَ كَرامَتي

وَلِلَّهِ دُنيا لا تَزالُ تَرُدُّني
أَباطيلُها في الجَهلِ بَعدَ استِقامَتي

وَلِلَّهِ أَصحابُ المَلاعِبِ لَو صَفَت
لَهُم لَذَّةُ الدُنيا بِهِنَّ وَدامَتِ

وَلِلَّهِ عَينٌ أَيقَنَت أَنَّ جَنَّةً
وَناراً يَقينٌ صادِقٌ ثُمَّ نامَتِ


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 08:09 PM
الخَيرُ أَفضَلُ ما لَزِمتا
وَالشَرُّ أَخبَثُ ما طَمِعتا

وَالناسُ ما سَلِموا عَلى الأَيّامِ
مِنكَ وَقَد سَلِمتا

أَمّا الزَمانُ فَواعِظٌ
وَمُبَيَّنٌ لَكَ إِن فَهِمتا

وَكَفى بِعِلمِكَ بِالأُمورِ
إِنِ انتَفَعتَ بِما عَلِمتا

أَنتَ المُهَذَّبُ إِن رَضيتَ
بِما رُزِقتَ وَما حُرِمتا

إِنَّ الأُلى طَلَبوا التُقى
يَتَيَقَّظونَ وَأَنتَ نِمتا

أَحسِن وَإِلّا لَم تُصِب
إِن أَنتَ لَم تُحسِن نَدِمتا

وَإِذا نَقِمتَ عَلى امرِئٍ
خُلُقاً فَجانِب ما نَقِمتا

وَارحَم لِرَبِّكَ خَلقَهُ
فَلَيَرحَمَنَّكَ إِن رَحِمتا

لا تَظلِمَنَّ تَكُن مِنَ الأَحزارِ
وَاعفُ إِذا ظُلِمتا

وَإِنِ اتَّقَيتَ اللَهَ في
كُلِّ الأُمورِ فَقَد غَنِمتا


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 08:09 PM
كَأَنَّكَ في أُهَيلِكَ قَد أُتيتا
وَفي الجيرانِ وَيحَكَ قَد نُعيتا

كَأَنَّكَ كُنتَ بَينَهُم غَريباً
بِكَأسِ المَوتِ صِرفاً قَد سَقيتا

أَصبَحتِ المَساكِنُ مِنكَ قَفراً
كَأَنَّكَ لَم تَكُن فيها غَنيتا

كَأَنَّكَ وَالحُتوفُ لَها سِهامٌ
مُفَوَّقَةٌ بِسَهمِكَ قَد رُميتا

وَإِنَّكَ إِذ خُلِقتَ خُلِقتَ فَرداً
إِلى أَجَلٍ تُجيبُ إِذا دُعيتا

إِلى أَجَلٍ تُعَدُّ لَكَ اللَيالي
إِذا وَفَّيتَ عِدَّتَها فَنيتا

وَكُلُّ فَتىً تُغافِصُهُ المَنايا
وَيُبليهِ الزَمانُ كَما بَليتا

فَكَم مِن موجَعٍ يَبكيكَ شَجواً
وَمَسرورِ الفُؤادِ بِما لَقيتا


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 08:09 PM
أَشرِب فُؤادَكَ بِغضَةَ اللَذّاتِ
وَاِذكُر حُلولَ مَنازِلِ الأَمواتِ

لا تُلهِيَنَّكَ عَن مَعادِكَ لَذَّةٌ
تَفنى وَتورِثُ دائِمَ الحَسَراتِ

إِنَّ السَعيدَ غَداً زَهيدٌ قانِعٌ
عَبدَ الإِلَهِ بِأَحسَنِ الإِخباتِ

أَقِمِ الصَلاةَ لِوَقتِها بِطُهورِها
وَمِنَ الضَلالِ تَفاوُتُ الميقاتِ

وَإِذا اِتَّسَعتَ بِرِزقِ رَبِّكَ فَاِجعَلَن
مِنهُ الأَجَلَّ لِأَوجُهِ الصَدَقاتِ

في الأَقرَبينَ وَفي الأَباعِدِ تارَةً
إِنَّ الزَكاةَ قَرينَةُ الصَلَواتِ

وَاِرعَ الجِوارَ لِأَهلِهِ مُتَبَرِّعاً
بِقَضاءِ ما طَلَبوا مِنَ الحاجاتِ

وَاِخفِض جَناحَكَ إِن رُزِقتَ تَسَلُّطاً
وَاِرغَب بِنَفسِكَ عَن هَنٍ وَهَناتِ


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 08:10 PM
أُحِبُّ مِنَ الإِخوانِ كُلَّ مُؤاتِ
وَفِيٍّ يَغُضُّ الطَرفَ عَن عَثَراتي

يُوافِقُني في كُلِّ خَيرٍ أُريدُهُ
وَيَحفَظُني حَيّاً وَبَعدَ وَفاتي

وَمَن لي بِهَذا لَيتَ أَنّي أَصَبتُهُ
فَقاسَمتُهُ مالي مِنَ الحَسَناتِ

تَصَفَّحتُ إِخواني فَكانَ أَقَلُّهُم
عَلى كَثرَةِ الإِخوانِ أَهلَ ثِقاتِ


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 08:10 PM
أَلَحَّت مُقيماتٌ عَلَينا مُلِحّاتُ
لَيالٍ وَأَيّامٌ بِنا مُستَحَثّاتُ

نَحِنُّ مِنَ الدُنيا إِلى كُلِّ لَذَّةٍ
وَلَكِنَّ آفاتِ الزَمانِ كَثيراتُ

وَكَم مِن مُلوكٍ شَيَّدوا وَتَحَصَّنوا
فَما سَبَقوا الأَيّامَ شَيئاً وَلا فاتوا

وَكَم مِن أُناسٍ قَد رَأَينا بِغِبطَةٍ
وَلَكِنَّهُم مِن بَعدِ غِبطَتِهِم ماتوا

لَقَد أَغفَلَ الأَحياءُ حَتّى كَأَنَّهُم
بِما أَغفَلوا مِن طاعَةِ اللَهِ أَمواتُ

أَلا رُبَّما غَرَّ ابنَ آدَمَ أَنَّهُ
لَهُ مُدَّةٌ تَخفى عَلَيهِ وَميقاتُ

وَكُلُّ بَني الدُنيا يُعَلِّلُ نَفسَهُ
بِمَرِّ شُهورٍ وَهيَ لِلعُمرِ آفاتُ

أَخي أَنَّ أَملاكاً تَوافَوا إِلى البِلى
وَكانَت لَهُم في مُدَّةِ العَيشِ آياتُ

أَلَم تَرَ إِذ رُصَّت عَلَيهِم جَنادِلٌ
لَهُم تَحتَها لُبثٌ طَويلٌ مُقيماتُ

دَعِ الشَرَ وَاِبغِ الخَيرَ في مُستَقَرِّهِ
فَلِلخَيرِ عاداتٌ وَلِلشَرِ عاداتُ

وَما لَكَ مِن دُنياكَ مالٌ تَعُدُّهُ
عَلى غَيرِ ما تُعيهِ مِنها وَتَقتاتُ


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 08:10 PM
إِن كُنتَ تَطمَعُ في الحَياةِ فَهاتِ
كَم مِن أَبٍ لَكَ صارَ في الأَمواتِ

ما أَقرَبَ الشَيءِ الجَديدَ مِنَ البِلى
يَوماً وَأَسرَعَ كُلَّ ما هُوَ آتِ

اللَيلُ يَعمَلُ وَالنَهارُ وَنَحنُ عَم
ما يَعمَلانِ بِأَغفَلِ الغَفلاتِ

يا ذا الَّذي اِتَّخَذَ الزَمانَ مَطِيَّةً
وَخُطا الزَمانِ كَثيرَةُ العَثَراتِ

ماذا تَقولُ وَلَيسَ عِندَكَ حُجَّةٌ
لَو قَد أَتاكَ مُنَغِّصُ اللَذّاتِ

أَو ما تَقولُ إِذا حَلَلتَ مَحَلَّةً
لَيسَ الثِقاتُ لَأَهلِها بِثِقاتِ

أَو ما تَقولُ إِذا حَلَلتَ مَحَلَّةً
لَيسَ الثِقاتُ لِأَهلِها بِثِقاتِ

أَو ما تَقولُ وَلَيسَ حُكمُكَ نافِذاً
فيما تُخَلِّفُهُ مِنَ التَرِكاتِ

ما مَن أَحَبَّ رِضاكَ عَنكَ بِخارِجٍ
حَتّى تَقَطَّعَ نَفسُهُ حَسَراتِ

زُرتَ القُبورَ قُبورَ أَهلَ المُلكِ في
الـدُنيا وَأَهلِ الرَتعِ في الشَهَواتِ

كانوا مُلوكَ مَآكِلٍ وَمَشارِبٍ
وَمَلابِسٍ وَرَوائِحٍ عَطِراتِ

فَإِذا بِأَجسادٍ عَرينَ مِنَ الكِسا
وَبِأَوجِهٍ في التُربِ مُنعَفِراتِ

لَم تُبقِ مِنها الأَرضُ غَيرَ جَماجِمٍ
بيضٍ تَلوحُ وَأَعظُمٍ نَخِراتِ

إِنَّ المَقابِرَ ما عَلِمتُ لِمَنظَرٌ
يُهدي الشَجا وَيُهَيِّجُ العَبَراتِ

سُبحانَ مَن قَهرَ العِبادَ بِقُدرَةٍ
باري السُكونِ وَناشِرِ الحَركاتِ


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 08:10 PM
مَن يَعِش يَكبَر وَمَن يَكبَر يَمُت
وَالمَنايا لا تُبالي ما أَتَت

كَم وَكَم قَد دَرَجَت مِن قَبلِنا
مِن قُرونٍ وَقُرونٍ قَد مَضَت

أَيُّها المَغرورُ ما هَذا الصِبا
لَو نَهَيتَ النَفسَ عَنهُ لَاِنتَهَت

أَنَسيتَ المَوتَ جَهلاً وَالبِلى
فَسَلَت نَفسُكَ عَنهُ وَلَهَت

نَحنُ في دارِ بَلاءٍ وَأَذىً
وَشَقاءٍ وَعَناءٍ وَعَنَت

مَنزِلٌ ما يَثبُتُ المَرءُ بِهِ
سالِماً إِلّا قَليلاً إِن ثَبَت

بَينَما الإِنسانُ في الدُنيا لَهُ
حَرَكاتٌ مُسرِعاتٌ إِذ خَفَت

أَبَتِ الدُنيا عَلى سُكّانِها
في البِلى وَالنَقصِ إِلّا ما أَتَت

إِنَّما الدُنيا مَتاعُ بُلغَةٍ
كَيفَما زَجَّيتَ في الدُنيا زَجَت

رَحِمَ اللَهُ امرَأً أَنصَفَ مِن
نَفسِهِ إِذ قالَ خَيراً أَو صَمَت


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 08:10 PM
نَسيتُ المَوتَ فيما قَد نَسيتُ
كَأَنّي لا أَرى أَحَداً يَموتُ

أَلَيسَ المَوتُ غايَةَ كُلِّ حَيٍّ
فَما لي لا أُبادِرُ ما يَفوتُ


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 08:12 PM
كَأَنَّني بِالدِيارِ قَد خَرِبَت
وَبِالدُموعِ الغِزارِ قَد سُكِبَت

فَضَحتِ لا بَل جَرَحتِ وَاِجتَحتِ يا
دُنيا رِجالاً عَلَيكِ قَد كَلِبَت

المَوتُ حَقٌّ وَالدارُ فانِيَةٌ
وَكُلُّ نَفسٍ تُجزى بِما كَسَبَت

يا لَكَ مِن جيفَةٍ مُعَفَّنَةٍ
أَيُّ اِمتِناعٍ لَها إِذا طُلِبَت

ظَلَّت عَلَيها الغُواةُ عاكِفَةً
وَما تُبالي الغُواةُ ما رَكِبَت

هِيَ الَّتي لَم تَزَل مُنَغَّصَةً
لا دَرَّ دَرُّ الدُنيا إِذا اِحتُلِبَت

وَالناسُ في غَفلَةٍ وَقَد حَلَّتِ
الآجالُ في وَقتِها وَقَد قَرُبَت

ما كُلُّ ذي حاجَةٍ بِمُدرِكِها
كَم مِن يَدٍ لا تَنالُ ما طَلَبَت

في اناسِ مَن تَسهُلُ المَطالِبُ
أَحياناً عَلَيهِ وَرُبَّما صَعُبَت

وَشِرَّةُ النَفسِ رُبَّما جَمَحَت
وَشَهوَةُ النَفسِ رُبَّما غَلَبَت

مَن لَم يَسَعهُ الكَفافُ مُقتَنِعاً
ضاقَت عَلَيهِ الدُنيا بِما رَحُبَت

وَبَينَما المَرءُ تَستَقيمُ لَهُ الدُنيا
عَلى ما اِشتَهى إِذِ اِنقَلَبَت

ما كَذَّبَتني عَينٌ رَأَيتُ بِها الأَمواتَ
وَالعَينُ رُبَّما كَذَبَت

وَأَيُّ عَيشٍ وَالعَيشُ مُنقَطِعٌ
وَأَيُّ طَعمٍ لِلَذَّةٍ ذَهَبَت

وَيحَ عُقولِ المُستَعصِمينَ بِدارِ
الذُلِّ في أَيِّ مَنشَبٍ نَشِبَت

مَن يَبرِمُ الإِنتِقاضَ مِنها وَمَن
يُخمِدُ نيرانَها إِذا اِلتَهَبَت

وَمَن يُعَزّيهِ مِن مَصائِبِها
وَمَن يُقيلُ الدُنيا إِذا نَكَبَت

يا رُبَّ عَينٍ لِلشَرِّ جالِبَةٍ
فَتِلكَ عَينٌ تَشقى بِما جَلَبَت


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 08:12 PM
لِمَ لا نُبادِرُ ما نَراهُ يَفوتُ
إِذ نَحنُ نَعلَمُ أَنَّنا سَنَموتُ

مَن لَم يُوالِ اللَهَ وَالرُسُلَ الَّتي
نَصَحَت لَهُ فَوَلِيُّهُ الطاغوتُ

عُلَماؤُنا مِنّا يَرونَ عَجائِباً
وَهُمُ عَلى ما يُبصِرونَ سُكوتُ

تَفنيهُمُ الدُنيا بِوَشكِ زَوالِها
فَجَميعُهُم بِغُرورِها مَبهوتُ

وَبِحَسبِ مَن يَسمو إِلى الشَهَواتِ ما
يَكفيهِ مِن شَهَواتِهِ وَيَقوتُ

يا بَرزَخَ المَوتى الَّذي نَزَلوا بِهِ
فَهُمُ رُقودٌ في ثَراهُ خُفوتُ

كَم فيكَ مِمَّن كانَ يوصَلُ حَبلُهُ
قَد صارَ بَعدُ وَحَبلُهُ مَبتوتُ


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 08:12 PM
اِصبِر عَلى نُوَبِ الزَمانِ
وَرَيبِهِ وَتَقَلُّبِه

لا تَجزَعَنَّ فَمَن تَعَتتَبَ
دامَ وَصلُ تَعَتُّبِه

شَرَفُ الفَتى طَلَبُ الكَفافِ
بِعِفَّةٍ في مَكسَبِه

يَرضى بِقَسمٍ مَليكِهِ
مُتَجَمِّلاً في مَطلَبِه


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 08:13 PM
إِيّاكَ وَالبَغيَ وَالبُهتانَ وَالغيبَة
وَالشَكَّ وَالشِركَ وَالطُغيانَ وَالريبَه

ما زادَكَ السِنُّ مِن مِثقالِ خَردَلَةٍ
إِلّا تَقَرَّبَ مِنكَ المَوتُ تَقريبَه

فَما بَقاؤكَ وَالأَيّامُ مُسرِعَةٌ
تَصعيدَةً فيكَ أَحياناً وَتَصويبَه

وَإِنَّ لِلدَهرِ لَو يُحصى تَقَلُّبُهُ
في كُلِّ طَرفَةِ عَينٍ مِنكَ تَقليبَه


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 08:13 PM
دارٌ بُليتُ بِحُبِّها
خَوّانَةٌ لِمُحِبِّها

كُلٌّ مُعَنّى مُبتَلىً
بِعَطائِها وَبِسَلبِها

وَبِخَلبِها وَغُرورِها
وَبِبُعدِها وَبِقُربِها

وَبِحَمدِها وَبِذَمِّها
وَبِحُبِّها وَبِسَبِّها

إِن لَم تُعَن بِقَناعَةٍ
ضاقَت عَلَيكَ بِرُحبِها

ما تَنقَضي لَكَ لَذَّةٌ
إِلّا بِرَوعَةِ خَطبِها

إِن أَقبَلَت بِغَضارَةٍ
سَحَّ النَعِيُّ بِجَنبِها


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 08:13 PM
عَجِبتُ لِلنارِ نامَ راهِبُها
وَجَنَّةِ الخُلدِ نامَ راغِبُها

عَجِبتُ لِلجَنَّةِ الَّتي شَوَّقَ اللاهُ
إِلَيها إِذ نامَ طالِبُها

إِنّا لَفي ظُلمَةٍ مِنَ الحُبِّ لِلدُنيا
وَأَهلُ التُقى كَواكِبُها

مَن لَم تَسَعهُ الدُنيا لِبُلغَتِهِ
ضاقَت عَلى نَفسِهِ مَذاهِبُها

مَن سامَحَ الحادِثاتِ ذَلَّت لَهُ
الأَرضُ وَلانَت لَهُ مَناكِبُها

وَالمَرءُ ما دامَ في الحَياةِ فَلا
يَنفَكُّ مِن حاجَةٍ يُطالِبُها

يا عَجَباً لِلدُنيا كَذا خُلِقَت
مادِحُها صادِقٌ وَعائِبُها


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 08:13 PM
كُلٌّ إِلى الرَحمَنِ مُنقَلَبُه
وَالخَلقُ ما لا يَنقَضي عَجَبُه

سُبحانَ مَن جَلَّ اِسمُهُ وَعَلا
وَدَنا وَوارَت عَينَهُ حُجُبُه

وَلَرُبَّ غادِيَةٍ وَرائِحَةٍ
لَم يُنجِ مِنها هارِباً هَرَبُه

وَلَرُبَّ ذي نَشَبٍ تَكَنَّفَهُ
حُبُّ الحَياةِ وَغَرَّهُ نَشَبُه

قَد صارَ مِمّا كانَ يَملِكُهُ
صِفراً وَصارَ لِغَيرِهِ سَلَبُه

يا صاحِبَ الدُنيا المُحِبَ لَها
أَنتَ الَّذي لا يَنقَضي تَعَبُه

أَصلَحتَ داراً هَمُّها أَشِبٌّ
جَمُّ الفُروعِ كَثيرَةٌ شَعَبُه

إِنَّ اِستَهانَتَها بِمَن صَرَعَت
لَبِقَدرِ مَن تَسمو بِهِ رُتَبُه

وَإِنِ اِستَوَت لِلنَملِ أَجنِحَةٌ
حَتّى يَطيرَ فَقَد دَنا عَطَبُه

إِنّي حَلَبتُ الدَهرَ أَشطُرَهُ
فَرَأَيتُهُ لَم يَصفُ لي حَلَبُه

فَتَوَقَّ دَهرَكَ ما اِستَطَعتَ وَلا
تَغرُركَ فِضَّتُهُ وَلا ذَهَبُه

كَرَمُ الفَتى التَقوى وَقُرَّتُهُ
مَحضُ اليَقينِ وَدينُهُ حَسَبُه

حِلمُ الفَتى مِمّا يُزَيِّنُهُ
وَتَمامُ حِليَةِ فَضلِهِ أَدَبُه

وَالأَرضُ طَيِّبَةٌ وَكُلُّ بَني
حَوّاءَ فيها واحِدٌ نَسَبُه

إيتِ الأُمورَ وَأَنتَ تُبصِرُها
لا تَأتِ ما لَم تَدرِ ما سَبَبُه


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 08:13 PM
نُنافِسُ في الدُنيا وَنَحنُ نَعيبُها
لَقَد حَذَّرَتناها لَعَمري خُطوبُها

وَما نَحسَبُ الصاعاتِ تُقطَعُ مُدَّةً
عَلى أَنَّها فينا سَريعٌ دَبيبُها

وَإِنّي لَمِمَّن يَكرَهُ المَوتَ وَالبِلى
وَيُعجِبُني رَوحُ الحَياةِ وَطيبُها

فَحَتّى مَتى حَتّى مَتى وَإِلى مَتى
يَدومُ طُلوعُ الشَمسِ ثُمَّ غُروبُها

أَيا هادِمَ اللَذاتِ ما مِنكَ مَهرَبٌ
تُحاذِرُ نَفسي مِنكَ ما سَيُصيبُها

كَأَنّي بِرَهطي يَحمِلونَ جَنازَتي
إِلى حُفرَةٍ يُحثى عَلَيَّ كَثيبُها

فَكَم ثَمَّ مِن مُستَرجِعٍ مُتَوَجِّعٍ
وَباكِيَةٍ يَعلو عَلَيَّ نَحيبُها

وَداعِيَةٍ حَرّى تُنادي وَإِنَّني
لَفي غَفلَةٍ عَن صَوتِها ما أُجيبُها

رَأَيتُ المَنايا قُسِّمَت بَينَ أَنفُسٍ
وَنَفسي سَيَأتي بَعدَهُنَّ نَصيبُها


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 08:14 PM
المَرءُ يَطلُبُ وَالمَنِيَّةُ تَطلُبُه
وَيَدُ الزَمانِ تُديرُهُ وَتُقَلِّبُه

لَيسَ الحَريصُ بِزائِدٍ في رِزقِهِ
اللَهُ يَقسِمُهُ لَهُ وَيُسَبِّبُه

لا تَغضَبَنَّ عَلى الزَمانِ فَإِنَّ مَن
يُرضي الزَمانُ أَقَلُّ مِمَّن يُغضِبُه

أَيُّ اِمرِئٍ إِلّا عَلَيهِ مِنَ البِلى
في كُلِّ ناحِيَةٍ رَقيبٌ يَرقَبُه

المَوتُ حَوضٌ لا مَحالَةَ دونَهُ
مُرٌّ مَذاقَتُهُ كَريهٌ مَشرَبُه

وَتَرى الفَتى سَلِسَ الحَديثِ بِذِكرِهِ
وَسطَ النَدِيِّ كَأَنَّهُ لا يَرهَبُه

وَأَسَرُّ ما يُلقى الفَتى في نَفسِهِ
يَبتَزُّهُ نابُ الزَمانِ وَمَخلَبُه

وَلَرُبُّ مُلهِيَةٍ لِصاحِبِ لَذَّةٍ
أَلفَيتُها تَبكي عَلَيهِ وَتَندُبُه

مَن كانَتِ الدُنيا مِنَ كبَرِ هَمِّهِ
نَصَبَت لَهُ مِن حُبِّها ما يُتعِبُه

فَاِصبِر عَلى الدُنيا وَطولِ غُمومِها
ما كُلُّ مَن فيها يَرى ما يُعجِبُه

ما زالَتِ الأَيّامُ تَلعَبُ بِالفَتى
طَوراً تُخَوِّلُهُ وَطَوراً تَسلُبُه

مَن لَم يَزَل مُتَعَجِّباً مِن كُلِّ ما
تَأتي بِهِ الأَيّامُ طالَ تَعَجُّبُه


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 08:14 PM
أَينَ المَفَرُّ مِنَ القَضاءِ
مُشَرِّقاً وَمُغَرِّبا

اِنظُر تَرى لَكَ مَذهَباً
أَو مَلجَأً أَو مَهرَبا

سَلِّم لِأَمرِ اللَهِ وَأَرضَ
بِهِ وَكُن مُتَرَقِّبا

وَلَقَلَّ ما تَنفَكُّ مِن
حَدَثٍ يَجيءُ لِيَذهَبا

وَكَذاكَ لَم يَزَلِ الزَمانُ
بِأَهلِهِ مُتَقَلِّبا

يَزدادُ مِن حَذَرِ المَنِييَةِ
بِالفَرارِ تَقَرُّبا

فَلَقَد نَعاكَ الشيبُ يَومَ
رَأَيتَ رَأسَكَ أَشيَبا

ذَهَبَ الشَبابُ بِلَهوِهِ
وَأَتى المَشيبُ مُؤَدِّبا

وَكَفاكَ ما جَرَّبتَهُ
حَسبُ امرِئٍ ما جَرَّبا

يُمسي وَيُصبِحُ طالِبُ
الدُنيا مُعَنّى مُتعَبا

يَبني الخَرابَ وَإِنَّما
يُبنى الخَرابُ لِيَخرَبا


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 08:14 PM
مَن لَم يَعِظهُ التَجريبُ وَالأَدَبُ
لَم يَثنِهِ شَيبُهُ وَلا الحِقَبُ

يا أَيُّها المُبتَلى بِهِمَّتِهِ
أَلَم تَرَ الدَهرَ كَيفَ يَنقَلِبُ

مِن أَيِّ خَلقِ الإِلَهِ يَعجَبُ مَن
يَعجَبُ وَالخَلقُ كُلُّهُ عَجَبُ

وَبِالرِضى وَالتَسليمِ يَنقَطِعُ الهَمُّ
وَبِالكُفرِ يَكثُرُ العَطَبُ
وَعِندَ حُسنِ التَقديرِ يَستَحكِمُ
الـجَدُّ وَيَنبَتُّ اللَهوُ وَاللَعِبُ

وَفي جَميلِ القُنوعِ يَنخَفِضُ العَيشُ
وَبِالحِرصِ يَعظُمُ التَعَبُ

إِنَّ الغِنى في النُفوسِ وَالعِزُّ
تَقوى اللَهِ لا فِضَّةٌ وَلا ذَهَبُ

وَحادِثاتُ الأَقدارِ تَجري وَما
تَجري بِشَيءٍ إِلّا لَهُ سَبَبُ


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 08:14 PM
مِن تُرابٍ خُلِقتَ لا شَكَّ فيهِ
وَغَداً أَنتَ صائِرٌ لِلتُرابِ

كَيفَ تَلهو وَأَنتَ مِن حَمَأِ الطينِ
وَتَمشي وَأَنتَ ذو إِعجابِ

فَخَفِ اللَهَ وَاِترُكِ الزَهوَ وَاِذكُر
مَوقِفَ الخاطِئينَ يَومَ الحِسابِ

وَسَلِ اللَهِ زُلفَةً وَاِعتِصاماً
وَخَلاصاً مِن مُؤلِماتِ العِقابِ


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 08:15 PM
كَم لِلحَوادِثِ مِن صُروفِ عَجائِبِ
وَنَوائِبٍ مَوصولَةٍ بِنَوائِبِ

وَلَقَد تَفاوَتَ مِن شَبابِكَ وَاِنقَضى
ما لَستَ تُبصِرُهُ إِلَيكَ بِآيِبِ

تَبغي مِنَ الدُنيا الكَثيرَ وَإِنَّما
يَكفيكَ مِنها مِثلُ زادِ الراكِبِ

لا يُعجِبَنَّكَ ما تَرى فَكَأَنَهُ
قَد زالَ عَنكَ زَوالَ أَمسِ الذاهِبِ

أَصبَحتَ في أَسلابِ قَومٍ قَد مَضَوا
وَرِثوا التَسالُبَ سالِباً عَن سالِبِ


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 08:15 PM
سُبحانَ مَن يُعطي بَغَيرِ حِسابِ
مَلِكِ المُلوكِ وَوارِثِ الأَربابِ

وَمُدَبِّرِ الدُنيا وَجاعِلِ لَيلَها
سَكَناً وَمَنزِلِ غَيثِ كُلِّ سَحابِ

يا نَفسُ لا تَتَعَرَّضي لِعَطِيَّةٍ
إِلّا عَطِيَّةَ رَبِّكَ الوَهّابِ

يا نَفسُ هَلّا تَعمَلينَ فَإِنَّنا
في دارِ مُعتَمَلٍ لِدارِ ثَوابِ


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 08:15 PM
تَبارَكَ رَبٌّ لايَزالُ وَلَم يَزَل
عَظيمَ العَطايا رازِقاً دائِمَ السَيبِ

لَهِجتُ بِدارِ المَوتِ مُستَحسِناً لَها
وَحَسبي لِدارِ المَوتِ بِالمَوتِ مِن عَيبِ

لِيَخلُ امرُؤٌ دونَ الثِقاتِ بِنَفسِهِ
فَما كُلُّ مَوثوقٍ بِهِ ناصِحُ الجَيبِ

لَعَمرُكَ ما عَينٌ مِنَ المَوتِ في عَمىً
وَما عَقلُ ذي عَقلٍ مِنَ البَعثِ في رَيبِ

وَما زالَتِ الدُنيا تُري الناسَ ظاهِراً
لَها شاهِدٌ مِنهُ يَدُلُّ عَلى غَيبِ


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 08:15 PM
أَنَلهو وَأَيّامُنا تَذهَبُ
وَنَلعَبُ وَالمَوتُ لا يَلعَبُ

عَجِبتُ لِذي لَعِبٍ قَد لَها
عَجِبتُ وَمالِيَ لا أَعجَبُ

أَيَلهو وَيَلعَبُ مَن نَفسُهُ
تَموتُ وَمَنزِلُهُ يَخرَبُ

نَرى كُلَّ ما ساءَنا دائِباً
عَلى كُلِّ ما سَرَّنا يَغلِبُ

نَرى الخَلقَ في طَبَقاتِ البِلى
إِذا ما هُمُ صَعَّدوا صَوَّبوا

تَرى اللَيلَ يَطلُبُنا وَالنَهارَ
وَلَم نَدرِ أَيُّهُما أَطلَبُ

أَحاطَ الجَديدانِ جَمعاً بِنا
فَلَيسَ لَنا عَنهُما مَهرَبُ

وَكُلٌّ لَهُ مُدَّةٌ تَنقَضي
وَكُلٌّ لَهُ أَثَرٌ يُكتَبُ

إِلى كَم تُدافِعُ نَهيَ المَشيبِ
يا أَيُّها اللاعِبُ الأَشيَبُ

وَما زِلتَ تَجري بِكَ الحادِثاتُ
فَتَسلَمُ مِنهُنَّ أَو تُنكَبُ

سَتُعطى وَتُسلَبُ حَتّى تَكونَ
نَفسُكَ آخِرَ ما يُسلَبُ


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 08:15 PM
طَلَبتُكِ يا دُنيا فَأَعذَرتُ في الطَلَب
فَما نِلتُ إِلّا الهَمَّ وَالغَمَّ وَالنَصَب

فَلَمّا بَدا لي أَنَّني لَستُ واصِلاً
إِلى لَذَّةٍ إِلّا بِأَضعافِها تَعَب

وَأَسرَعتُ في ديني وَلَم أَقضِ بُغيَتي
هَرَبتُ بِديني مِنكِ إِن نَفَعَ الهَرَب

تَخَلَّيتُ مِمّا فيكِ جُهدي وَطاقَتي
كَما يَتَخَلّى القَومُ مِن عَرَّةِ الجَرَب

فَما تَمَّ لي يَوماً إِلى اللَيلِ مَنظَرٌ
أُسَرُّ بِهِ لَم يَعتَرِض دونَهُ شَغَب

وَإِنّي لَمِمَّن خَيَّبَ اللَهُ سَعيَهُ
إِذا كُنتُ أَرعى لَقحَةً مُرَّةَ الحَلَب

أَرى لَكَ أَن لا تَستَطيبَ لِخِلَّةٍ
كَأَنَّكَ فيها قَد أَمِنتَ مِنَ العَطَب

أَلَم تَرَها دارَ افتِراقٍ وَفَجعَةٍ
إِذا ذَهَبَ الإِنسانُ فيها فَقَد ذَهَب

أُقَلِّبُ طَرفي مَرَّةً بَعدَ مَرَّةٍ
لِأَعلَمَ ما في النَفسِ وَالقَلبُ يَنقَلِب

وَسَربَلتُ أَخلاقي قُنوعاً وَعِفَّةً
فَعِندي بِأَخلاقي كُنوزٌ مِنَ الذَهَب

فَلَم أَرَ خُلقاً كَالقُنوعِ لِأَهلِهِ
وَأَن يُجمِلَ الإِنسانُ ما عاشَ في الطَلَب

وَلَم أَرَ فَضلاً تَمَّ إِلّا بِشيمَةٍ
وَلَم أَرَ عَقلاً صَحَّ إِلّا عَلى أَدَب

وَلَم أَرَ في الأَعداءِ حينَ خَبَرتُهُم
عَدُوّاً لِعَقلِ المَرءِ أَعدى مِنَ الغَضَب

وَلَم أَرَ بَينَ اليُسرِ وَالعُسرِ خُلطَةً
وَلَم أَرَ بَينَ الحَيِّ وَالمَيتِ مِن سَبَب


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 08:16 PM
لِدوا لِلمَوتِ وَاِبنوا لِلخَرابِ
فَكُلُّكُمُ يَصيرُ إِلى ذَهابِ

لِمَن نَبني وَنَحنُ إِلى تُرابٍ
نَصيرُ كَما خُلِقنا مِن تُرابِ

أَلا يا مَوتُ لَم أَرَ مِنكَ بُدّاً
أَبيتَ فَلا تَحيفُ وَلا تُحابي

كَأَنَّكَ قَد هَجَمتَ عَلى مَشيبي
كَما هَجَمَ المَشيبُ عَلى شَبابي

وَيا دُنيايَ ما لي لا أَراني
أَسومُكِ مَنزِلاً إِلّا نَبا بي

أَلا وَأَراكَ تَبذُلُ يا زَماني
لي الدُنيا وَتَسرِعُ بِاِستِلابي

وَإِنَّكَ يا زَمانُ لَذو صُروفٍ
وَإِنَّكَ يا زَمانُ لَذو اِنقِلابِ

وَمالي لَستُ أَحلُبُ مِنكَ شَطراً
فَأَحمَدَ غِبَّ عاقِبَةِ الحِلابِ

وَمالي لا أُلِحُّ عَلَيكَ إِلّا
بَعَثتَ الهَمَّ لي مِن كُلِّ بابِ

أَراكَ وَإِن طُلِبتَ بِكُلِّ وَجهٍ
كَحُلمِ النَومِ أَو ظِلَّ السَحابِ

أَوِ الأَمسِ الَّذي وَلّى ذَهاباً
فَلَيسَ يَعودُ أَو لَمعِ السَرابِ

وَهَذا الخَلقُ مِنكَ عَلى وَفازٍ
وَأَرجُلُهُم جَميعاً في الرِكابِ

وَمَوعِدُ كُلِّ ذي عَمَلٍ وَسَعيٍ
بِما أَسدى غَداً دارُ الثَوابِ

تَقَلَّدتُ العِظامَ مِنَ الخَطايا
كَأَنّي قَد أَمِنتُ مِنَ العِقابِ

وَمَهما دَمتُ في الدُنيا حَريصاً
فَإِنّي لا أُوَفَّقُ لِلصَوابِ

سَأَسأَلُ عَن أُمورٍ كُنتُ فيها
فَما عُذري هُناكَ وَما جَوابي

بِأَيَّةِ حُجَّةٍ أَحتَجُّ يَومَ الـحِسابِ
إِذا دُعيتُ إِلى الحِسابِ

هُما أَمرانِ يوضِحُ عَنهُما لي
كِتابي حينَ أَنظُرُ في كِتابي

فَإِمّا أَن أُخَلَّدَ في نَعيمٍ
وَإِمّا أَن أُخَلَّدَ في عَذابِ


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 08:16 PM
بَكيتُ عَلى الشَبابِ بِدَمعِ عَيني
فَلَم يُغنِ البُكاءُ وَلا النَحيبُ

فَيا أَسَفا أَسِفتُ عَلى شَبابِ
نَعاهُ الشَيبُ وَالرَأسُ الخَضيبُ

عَريتُ مِنَ الشَبابِ وَكانَ غَضّاً
كَما يَعرى مِنَ الوَرَقِ القَضيبُ

فَيا لَيتَ الشَبابَ يَعودُ يَوماً
فَأُخبِرُهُ بِما صَنَعَ المَشيبُ


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 08:16 PM
يا نَفسُ أَينَ أَبي وَأَينَ أَبو أَبي
وَأَبوهُ عُدّي لا أَبا لَكِ وَاِحسُبي

عُدّي فَإِنّي قَد نَظَرتُ فَلَم أَجِد
بَيني وَبَينَ أَبيكِ حَيّاً مِن أَبِ

أَفَأَنتِ تَرجينَ السَلامَةَ بَعدَهُم
مَهلاً هُديتِ لِسَمتِ وَجهِ المَطلَبِ

قَد ماتَ ما بَينَ الجَنينِ إِلى الرَضيـ
ـعِ إِلى الفَطيمِ إِلى الكَبيرِ الأَشيَبِ

فَإِلى مَتى هَذا أَراني لاعِباً
وَأَرى المَنونَ إِذا أَتَت لَم تَلعَبِ


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 08:16 PM
لَقَد لَعِبتُ وَجَدَّ المَوتُ في طَلَبي
وَإِنَّ في المَوتِ لي شُغلاً عَنِ اللَعِبِ

لَو شَمَّرَت فِكرَتي فيما شُلِقتُ لَهُ
ما اِشتَدَّ حِرصي عَلى الدُنيا وَلا طَلَبي

سُبحانَ مَن لَيسَ مِن شَيءٍ يُعادِلُهُ
إِنَّ الحَريصَ عَلى الدُنيا لَفي تَعَبِ


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 08:17 PM
يا رُبَّ رِزقٍ قَد أَتى مِن سَبَب
لَو سَلَّمَ العَبدُ إِلَيهِ الطَلَب

وَرُبَّ مَن قَد جاءَهُ رِزقُهُ
مِن حَيثُ لايَرجو وَلايَحتَسِب

ما أَنفَعَ العَقلَ لِأَصحابِهِ
نَتيجَةُ العَقلِ تَمامُ الأَدَب

إِنّي أَرى المَغرورَ مَن غَرَّهُ
الدَهرُ عَلى كَثرَةِ ما يَنقَلِب

ما يَستَقيمُ الأَمرُ إِلّا التَوى
وَلا يَجيءُ الشَيءُ إِلّا ذَهَب

وَالدَهرُ لا تَفنى أَعاجيبُهُ
في كُلِّ ما فَكَّرتَ فيهِ عَجَب


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 08:17 PM
سُبحانَ رَبِّكَ ما أَراكَ تَتوبُ
وَالرَأسُ مِنكَ بِشَيبِهِ مَخضوبُ

سُبحانَ رَبِّكَ ذي الجَلالِ أَما تَرى
نُوَبَ الزَمانِ عَلَيكَ كَيفَ تَنوبُ

سُبحانَ رَبِّكَ كَيفَ يَغلِبُكَ الهَوى
سُبحانَهُ إِنَّ الهَوى لَغَلوبُ

سُبحانَ رَبِّكَ ما تَزالُ وَفيكَ عَن
إِصلاحِ نَفسِكَ فَترَةٌ وَنُكوبُ

سُبحانَ رَبِّكَ كَيفَ يَلتَذُّ اِمرُؤٌ
بِالعَيشِ وَهوَ بِنَفسِهِ مَطلوبُ


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 08:17 PM
قَد سَمِعنا الوَعظَ لَويَنفَعُنا
وَقَرَأنا جُلَّ آياتِ الكُتُب

كُلُّ نَفسٍ سَتُوَفّى سَعيَها
وَلَها ميقاتُ يَومٍ قَد وَجَب

جَفَّتِ الأَقلامُ مِن قَبلُ بِما
خَتَمَ اللَهُ عَلَينا وَكَتَب

كَم رَأَينا مِن مُلوكٍ سادَةٍ
رَجَعَ الدَهرُ عَلَيهِم فَاِنقَلَب

وَعَبيدٍ خُوِّلوا ساداتِهِم
فَاِستَقَرَّ المُلكُ فيهِم وَرَسَب

لا تَقولَنَّ لِشَيءٍ قَد مَضى
لَيتَهُ لَم يَكُ بِالأَمسِ ذَهَب

وَاِسعَ لِليَومِ وَدَع هَمَّ غَدٍ
كُلُّ يَومٍ لَكَ فيهِ مُضطَرَب

يَهرُبُ المَرءُ مِنَ المَوتِ وَهَل
يَنفَعُ المَرءَ مِنَ المَوتِ الهَرَب

كُلُّ نَفسٍ سَتُقاسي مَرَّةً
كُرَبَ المَوتِ فَلِلمَوتِ كُرَب

أَيُّها الناسِ ما حَلَّ بِكُم
عَجَباً مِن سَهوِكُم كُلَّ العَجَب

أَسَقامٌ ثُمَّ مَوتٌ نازِلٌ
ثُمَّ قَبرٌ وَنُشورٌ وَجَلَب

وَحِسابٌ وَكِتابٌ حافِظٌ
وَمَوازينُ وَنارٌ تَلتَهِب

وَصِراطٌ مَن يَزُل عَن حَدِّهِ
فَإِلى خِزيٍ طَويلٍ وَنَصَب

حَسبِيَ اللَهُ إِلَهاً واحِداً
لا لَعَمرُ اللَهِ ما ذا بِلَعِب


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 08:17 PM
إِنَّ الفَناءَ مِنَ البَقاءِ قَريبُ
إِنَّ الزَمانَ إِذا رَمى لَمُصيبُ

إِنَّ الزَمانَ لِأَهلِهِ لَمُؤَدَّبٌ
لَو كانَ يَنفَعُ فيهِمُ التَأديبُ

صِفَةُ الزَمانِ حَكيمَةٌ وَبَليغَةٌ
إِنَّ الزَمانَ لَشاعِرٌ وَخَطيبُ

وَأَراكَ تَلتَمِسُ البَقاءَ وَطولُهُ
لَكَ مُهرِمٌ وَمُعَذِّبٌ وَمُذيبُ

وَلَقَد رَأَيتُكَ لِلزَمانِ مُجَرِّباً
لَو كانَ يُحكِمُ رَأيَكَ التَجريبُ

وَلَقَد يُكَلِّمُكَ الزَمانُ بِأَلسُنٍ
عَرَبِيَّةٍ وَأَراكَ لَستَ تُجيبُ

لَو كُنتَ تَفهَمُ عَن زَمانِكَ قَولَهُ
لَعَراكَ مِنهُ تَفَجُّعٌ وَنَحيبُ

أَلحَحتَ في طَلَبِ الصِبا وَضَلالِهِ
وَالمَوتُ مِنكَ وَإِن كَرِهتَ قَريبُ

وَلَقَد عَقَلتَ وَما أَراكَ بِعاقِلٍ
وَلَقَد طَلَبتَ وَما أَراكَ تُصيبُ

وَلَقَد سَكَنتَ صُحونَ دارِ تَقَلُّبٍ
أَبلى وَأَفنى دارَكَ التَقليبُ

أَمَعَ المَماتِ يَطيبُ عَيشُكَ يا أَخي
هَيهاتَ لَيسَ مَعَ المَماتِ يَطيبُ

زُغ كَيفَ شِئتَ عَنِ البِلى فَلَهُ عَلى
كُلَّ اِبنِ أُنثى حافِظٌ وَرَقيبُ

كَيفَ اِغتَرَرتَ بِصَرفِ دَهرِكَ يا أَخي
كَيفَ اِغتَرَرتَ بِهِ وَأَنتَ لَبيبُ

وَلَقَد حَلَبتَ الدَهرَ أَشطُرَ دَرِّهِ
حِقَباً وَأَنتَ مُجَرِّبٌ وَأَريبُ

وَالمَوتُ يَرتَصِدُ النُفوسَ وَكُلُّنا
لِلمَوتِ فيهِ وَلِلتُرابِ نَصيبُ

إِن كُنتَ لَستَ تُنيبُ إِن وَثَبَ البِلى
بَل يا أَخي فَمَتى أَراكَ تُنيبُ

لِلَّهِ دَرُّكَ عائِباً مُتَسَرِّعاً
أَيَعيبُ مَن هُوَ بِالعُيوبِ مَعيبُ

وَلَقَد عَجِبتُ لِغَفلَتي وَلِغِرَّتي
وَالمَوتُ يَدعوني غَداً فَأُجيبُ

وَلَقَد عَجِبتُ لِطولِ أَمنِ مَنِيَّتي
وَلَها إِلَيَّ تَوَثُّبٌ وَدَبيبُ

لِلَّهِ عَقلي ما يَزالُ يَخونَني
وَلَقَد أَراهُ وَإِنَّهُ لَصَليبُ

لِلَّهِ أَيّامٌ نَعِمتُ بِلينِها
أَيّامَ لي غُصنُ الشَبابِ رَطيبُ

إِنَّ الشَبابَ لَنافِقٌ عِندَ النِسا
ما لِلمَشيبِ مِنَ النِساءِ حَبيبُ


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 08:18 PM
أَيا إِخوَتي آجالُنا تَتَقَرَّبُ
وَنَحنُ مَعَ اللاهينَ نَلهو وَنَلعَبُ

أُعَدِّدُ أَيّامي وَأُحصي حِسابَها
وَما غَفلَتي عَمّا أَعُدُّ وَأَحسُبُ

غَداً أَنا مِن ذا اليَومِ أَدنى إِلى الفَنا
وَبَعدَ غَدٍ أَدنى إِلَيهِ وَأَقرَبُ


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 08:18 PM
ما اِستَعبَدَ الحِرصُ مَن لَهُ أَدَبُ
لِلمَرءِ في الحِرصِ هِمَّةٌ عَجَبُ

لِلَّهِ عَقلُ الحَريصِ كَيفَ لَهُ
في كُلِّ ما لا يَنالَهُ أَرَبُ

ما زالَ حِرصُ الحَريصِ يُطعِمُهُ
في دَركِهِ الشَيءَ دونَهُ العَطَبُ

ما طابَ عَيشُ الحَريصُ قَطُّ وَلا
فارَقَهُ التَعسُ مِنهُ وَالنَصَبُ

البَغيُ وَالحِرصُ وَالهَوى فِتَنٌ
لَم يَنجُ مِنها عُجمٌ وَلا عَرَبُ

لَيسَ عَلى المَرءِ في قَناعَتِهِ
إِن هِيَ صَحَّت أَذىً وَلا نَصَبُ

مَن لَم يَكُن بِالكَفافِ مُقتَنِعاً
لَم تَكفِهِ الأَرضُ كُلُّها ذَهَبُ

مَن أَمكَنَ الشَكَّ مِن عَزيمَتِهِ
لَم يَزَلِ الرَأيُ مِنهُ يَضطَرِبُ

مَن عَرَفَ الدَهرَ لَم يَزَل حَذِراً
يَحذَرُ شِدّاتِهِ وَيَرتَقِبُ

مَن لَزِمَ الحِقدَ لَم يَزَل كَمِداً
تُغرِقُهُ في بُحورِها الكُرَبُ

المَرءُ مُستَأنِسٌ بِمَنزِلَةٍ
تَقتُلُ سُكّانَها وَتَستَلِبُ

وَالمَرءُ في لَهوِهِ وَباطِلِهِ
وَالمَوتُ في كُلِّ ذاكَ مُقتَرِبُ

يا خائِفَ المَوتِ لَستَ خائِفُهُ
وَالعُجبُ وَاللَهُ مِنكَ وَاللَعِبُ

دارُكَ تَنعي إِلَيكَ ساكِنَها
قَصرُكَ تُبلي جَديدَةَ الحِقَبُ

يا جامِعَ المالِ مُنذُ كانَ غَداً
يَأتي عَلى ما جَمَعتَهُ الحَرَبُ

إِيّاكَ أَن تَأمَنَ الزَمانَ فَما
زالَ عَلَينا الزَمانُ يَنقَلِبُ

إِيّاكَ وَالظُلمَ إِنَّهُ ظُلَمٌ
إِيّاكَ وَالظَنَّ إِنَّهُ كَذِبٌ

بَينا تَرى القَومَ في مَحَلَّتِهِم
إِذ قيلَ بادوا بِلىً وَقَد ذَهَبوا

يا بانِيَ القَصرِ يا مُشَيِّدَهُ
قَصرُكَ يُبلي جَديدَهُ الحِقَبُ

إِنّي رَأَيتُ الشَريفَ مُعتَرِفاً
مُصطَبِراً لِلحُقوقِ إِذ تَجِبُ

وَقَد عَرَفتُ اللِئامَ لَيسَ لَهُم
عَهدٌ وَلا خِلَّةٌ وَلا حَسَبُ

إِحذَر عَلَيكَ اللِئامَ إِنَّهُمُ
لَيسَ يُبالونَ مِنكَ ما رَكِبوا

فَنِصفُ خُلقِ اللِئامِ مُذ خُلِقوا
دُلٌّ ذَليلٌ وَنِصفُهُ شَغَبُ

فِرَّ مِنَ اللُؤمِ وَاللِئامِ وَلا
تَدنُ مِنهُم فَإِنَّهُم جَرَبُ


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 08:18 PM
أَلا لِلَّهِ أَنتَ مَتى تَتوبُ
وَقَد صَبَغَت ذَوائِبَكَ الخُطوبُ

كَأَنَّكَ لَستَ تَعلَمُ أَيُّ حَثٍّ
يَحُثُّ بِكَ الشُروقُ وَلا الغُروبُ

أَلَستَ تَراكَ كُلَّ صَباحِ يَومٍ
تُقابِلُ وَجهَ نائِبَةٌ تَنوبُ

لَعَمرُكَ ما تَهُبُّ الريحُ إِلّا
نَعاكَ مُصَرِّحاً ذاكَ الهُبوبُ

إِلا لِلَّهِ أَنتَ فَتىً وَكَهلاً
تَلوحُ عَلى مَفارِقِهِ الذُنوبُ

هُوَ المَوتُ الَّذي لا بُدَّ مِنهُ
فَلا تَلعَب بِكَ الأَمَلُ الكَذوبُ

وَكَيفَ تُريدُ أَن تُدعى حَكيماً
وَأَنتَ لِكُلِّ ما تَهوى رَكوبُ

وَما تَعمى العُيونُ عَنِ الخَطايا
وَلَكِن إِنَّما تَعمى القُلوبُ

وَتُصبِحُ ضاحِكاً ظَهراً لِبَطنٍ
وَتَذكُر ما اِجتَرَمتَ فَلا تَذوبُ

أَلَم تَرَ إِنَّما الدُنيا حُطامٌ
تَوَقَّدُ بَينَنا فيها الحُروبُ

إِذا نافَستَ فيهِ كَساكَ ذُلّاً
وَمَسَّكَ في مُطالِبِهِ اللُغوبُ

أَراكَ تَغيبُ ثُمَّ تَأوبُ يَوماً
وَيوشِكُ أَن تَغيبَ وَلا تَأوبُ

أَتَطلُبُ صاحِباً لا عَيبَ فيهِ
وَأَيُّ الناسِ لَيسَ لَهُ عُيوبُ

رَأَيتُ الناسَ صالِحُهُم قَليلٌ
وَهُم وَاللَهُ مَحمودٌ ضُروبُ

وَلَستُ مُسَمِّياً بَشَراً وَهوباً
وَلَكِنَّ الإِلَهَ هُوَ الوَهوبُ

فَحاشَ لِرَبِّنا عَن كُلِّ نَقصٍ
وَحاشَ لِسائِليهِ أَن يَخيبوا


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 08:18 PM
لِكُلِّ أَمرٍ جَرى فيهِ القَضا سَبَبُ
وَالدَهرُ فيهِ وَفي تَصريفِهِ عَجَبُ

ما الناسُ إِلّا مَعَ الدُنيا وَصاحِبِها
فَكَيفَ ما اِنقَلَبَت يَوماً بِهِ اِنقَلَبوا

يُعَظِّمونَ أَخا الدُنيا وَإِن وَثَبَت
يَوماً عَلَيهِ بِما لا يَشتَهي وَثَبوا

لا يَحلِبونَ لِحَيٍّ دَرَّ لَقحَتِهِ
حَتّى يَكونَ لَهُم صَفّو الَّذي حَلَبوا


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 08:38 PM
إِذا ما خَلَوتَ الدَهرَ يَوماً فَلا تَقُل
خَلَوتُ وَلَكِن قُل عَلَيَّ رَقيبُ

وَلا تَحسَبَنَّ اللَهَ يُغفِلُ ما مَضى
وَلا أَنَّ ما يَخفى عَلَيهِ يَغيبُ

لَهَونا لَعَمرُ اللَهِ حَتّى تَتابَعَت
ذُنوبٌ عَلى آثارِهِنَّ ذُنوبُ

فَيا لَيتَ أَنَّ اللَهَ يَغفِرُ ما مَضى
وَيَأذَنُ في تَوباتِنا فَنَتوبُ

إِذا ما مَضى القَرنُ الَّذي كُنتَ فيهِم
وَخُلِّفتَ في قَرنٍ فَأَنتَ غَريبُ

وَإِنَّ امرَأً قَد سارَ خَمسينَ حِجَّةً
إِلى مَنهَلٍ مِن وِردِهِ لَقَريبُ

نَسيبُكَ مَن ناجاكَ بِالوِدِّ قَلبُهُ
وَلَيسَ لِمَن تَحتَ التُرابِ نَسيبُ

فَأَحسِن جَزاءً ما اجتَهَدتَ فَإِنَّما
بِقَرضِكَ تُجزى وَالقُروضُ ضُروبُ


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 08:39 PM
أَذَلَّ الحِرصُ وَالطَمَعُ الرِقابا
وَقَد يَعفو الكَريمُ إِذا اِستَرابا

إِذا اِتَّضَحَ الصَوابُ فَلا تَدَعهُ
فَإِنَّكَ كُلَّما ذُقتَ الصَوابا

وَجَدتَ لَهُ عَلى اللَهَواتِ بَرداً
كَبَردِ الماءِ حينَ صَفا وَطابا

وَلَيسَ بِحاكِمٍ مَن لا يُبالي
أَأَخطَأَ في الحُكومَةِ أَم أَصابا

وَإِنَّ لِكُلِّ تَلخيصٍ لَوَجهاً
وَإِنَّ لِكُلِّ مَسأَلَةٍ جَوابا

وَإِنَّ لِكُلِّ حادِثَةٍ لَوَقتاً
وَإِنَّ لِكُلِّ ذي عَمَلٍ حِسابا

وَإِنَّ لِكُلِّ مُطَّلَعٍ لَحَدّاً
وَإِنَّ لِكُلِّ ذي عَمَلٍ حِسابا

وَكُلُّ سَلامَةٍ تَعِدُ المَنايا
وَكُلُّ عِمارَةٍ تَعِدُ الخَرابا

وَكُلُّ مُمَلَّكٍ سَيَصيرُ يَوماً
وَما مَلَكَت يَداهُ مَعاً تَبابا

أَبَت طَرَفاتُ كُلِّ قَريرِ عَينٍ
بِها إِلّا اِضطِراباً وَاِنقِلابا

كَأَنَّ مَحاسِنَ الدُنيا سَرابٌ
وَأَيُّ يَدٍ تَناوَلتِ السَرابا

وَإِن تَكُ مُنيَةٌ عَجِلَت بِشَيءٍ
تُسَرُّ بِهِ فَإِنَّ لَها ذَهابا

فَيا عَجَباً تَموتُ وَأَنتَ تَبني
وَتَتَّخِذُ المَصانِعَ وَالقِبابا

أَراكَ وَكُلَّما أَغلَقتَ باباً
مِنَ الدُنيا فَتَحتَ عَلَيكَ بابا

أَلَم تَرَ أَنَّ كُلَّ صَباحِ يَومٍ
يَزيدُكَ مِن مَنِيَّتِكَ اِقتِرابا

وَحَقَّ لِموقِنٍ بِالمَوتِ أَلّا
يُسَوِّغَهُ الطَعامَ وَلا الشَرابا

يُدَبِّرُ ما نَرى مَلِكٌ عَزيزٌ
بِهِ شَهِدَت هَوادِثُهُ وَغابا

أَلَيسَ اللَهُ مِن كُلِّ قَريباً
بَلى مِن حَيثُ ما نودي أَجابا

وَلَم تَرَ سائِلاً لِلَّهِ أَكدى
وَلَم تَرَ راجِياً لِلَّهِ خابا

رَأَيتُ الروحَ جَدبَ العَيشِ لَمّا
عَرَفتُ العَيشَ مَخضاً وَاِحتِلابا

وَلَستَ بِغالِبِ الشَهَواتِ حَتّى
تُعِدَّ لَهُنَّ صَبراً وَاِحتِسابا

فَكُلُّ مُصيبَةٍ عَظُمَت وَجَلَّت
تَخِفُّ إِذا رَجَوتَ لَها ثَوابا

كَبِرنا أَيُّها الأَترابُ حَتّى
كَأَنّا لَم نَكُن حيناً شَبابا

وَكُنّا كَالغُصونِ إِذا تَثَنَّت
مِنَ الرَيحانِ مونِقَةً رِطابا

إِلى كَم طولُ صَبوَتِنا بِدارٍ
رَأَيتُ لَها اِغتِصاباً وَاِستِلابا

أَلا ما لِلكُهولِ وَلِلتَصابي
إِذا ما اِغتَرَّ مُكتَهِلُ تَصابى

فَزِعتُ إِلى خِضابِ الشَيبِ مِنهُ
وَإِنَّ نُصولَهُ فَضَحَ الخِضابا

مَضى عَنّي الشَبابُ بِغَيرِ وُدّي
فَعِندَ اللَهِ أَحتَسِبُ الشَبابا

وَما مِن غايَةٍ إِلّا المَنايا
لِمَن خَلِقَت شَبيبَتُهُ وَشابا

وَما مِنكَ الشَبابُ وَلَستَ مِنهُ
إِذا سَأَلَتكَ لِحيَتُكَ الخِضابا


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 08:39 PM
إِنَّ الطَبيبَ بِطِبِّهِ وَدَوائِهِ
لا يَستَطيعُ دِفاعَ مَكروهٍ أَتى

ما لِلطَبيبِ يَموتُ بِالداءِ الَّذي
قَد كانَ يُبرِئُ جُرحَهُ فيما مَضى

ذَهَبَ المُداوي وَالمُداوى وَالَّذي
جَلَبَ الدَواءَ وَباعَهُ وَمَنِ اِشتَرى


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 08:41 PM
مَنَ اَحَسَّ لي أَهلَ القُبورِ وَمَن رَأى
مَنَ اَحَسُّهُم لي بَينَ أَطباقِ الثَرى

مَنَ اَحَسَّ لي مَن كُنتُ آلَفُهُ وَيَأ
لَفُني فَقَد أَنكَرتُ بُعدَ المُلتَقى

مَنَ اَحَسَّهُ لي إِذ يُعالِجُ غُصَّةً
مُتَشاغِلاً بِعِلاجِها عَمَّن دَعا

مَنَ اَحَسَّهُ لي فَوقَ ظَهرِ سَريرِهِ
يَمشي بِهِ نَفَرٌ إِلى بَيتِ البِلى

يا أَيُّها الحَيُّ الَّذي هُوَ مَيِّتٌ
أَفنَيتُ عُمرَكَ بِالتَعَلُّلِ وَالمُنى

أَمّا المَشيبُ فَقَد كَساكَ رِداؤُهُ
وَاِبتَزَّ عَن كَفَّيكَ أَثوابَ الصِبا

وَلَقَد مَضى القَرنُ الَّذينَ عَهَدتَهُم
لِسَبيلِهِم وَلَتَلحَقَنَّ بِمَن مَضى

وَلَقَلَّ ما تَبقى فَكُن مُتَوَقَّعاً
وَلَقَلَّ ما يَصِفو سُرورُكَ إِن صَفا

وَهِيَ السَبيلُ فَخُذ لِذَلِكَ عُدَّةً
فَكَأَنَّ يَومَكَ عَن قَريبٍ قَد أَتى

إِنَّ الغِنى لَهُوَ القُنوعُ بِعَينِهِ
ما أَبعَدَ الطِبعَ الحَريصَ مِنَ الغِنى

لا يَشغَلَنَّكَ لَو وَلَيتَ عَنِ الَّذي
أَصبَحتَ فيهِ وَلا لَعَلَّ وَلا عَسى

خالِف هَواكَ إِذا دَعاكَ لِرَيبَةٍ
فَلَرُبَّ خَيرٍ في مُخالَفَةِ الهَوى

عَلَمُ المَحَجَّةِ بَيِّنٌ لِمُريدِهِ
وَأَرى القُلوبَ عَنِ المَحَجَّةِ في عَمى

وَلَقَد عَجِبتُ لِهالِكٍ وَنجاتُهُ
مَوجودَةٌ وَلَقَد عَجِبتُ لِمَن نَجا

وَعَجِبتُ إِذ نَسي الحِمامَ وَلَيسَ مِن
دونِ الحِمامِ وَإِن تَأَخَّرَ مُنتَهى

ساعاتُ لَيلِكَ وَالنَهارِ كِلَيهِما
رُسُلٌ إِلَيكَ وَهُنَّ يُسرِعنَ الخُطا

وَلَئِن نَجَوتَ فَإِنَّما هِيَ رَحمَةُ الـ
ـمَلِكِ الرَحيمِ وَإِن هَلَكتَ فَبِالجَزا

يا ساكِنَ الدُنيا أَمِنتَ زَوالَها
وَلَقَد تَرى الأَيّامَ دائِرَةَ الرَحى

وَلَكُم أَبادَ الدَهرُ مِن مُتَحَصِّنٍ
في رَأسِ أَرعَنَ شاهِقٍ صَعبِ الذُرى

أَينَ الأُلى بَنوا الحُصونَ وَجَنَّدوا
فيها الجُنودَ تَعَزُّزاً أَينَ الأُلى

أَينَ الحُماةُ الصابِرونَ حَمِيَّةً
يَومَ الهِياجِ لِحَرِّ مُجتَلَبِ القَنا

وَذَوُو المَنابِرِ وَالعَساكِرِ وَالدَسا
كِرِ وَالمَحاصِرِ وَالمَدائِنِ وَالقُرى

وَذَوُو المَواكِبِ وَالمَراكِبِ وَالكَتا
أَئبِ وَالنَجائِبِ وَالمَراتِبِ في العُلى

أَفناهُمُ مَلِكُ المُلوكِ فَأَصبَحوا
ما مِنهُمُ أَحَدٌ يُحَسُّ وَلا يُرى

وَهُوَ الخَفِيُّ الظاهِرُ المَلِكُ الَّذي
هُوَ لَم يَزَل مَلِكاً عَلى العَرشِ اِستَوى

وَهُوَ المُقَدِّرُ وَالمُدَبِّرُ خَلقَهُ
وَهُوَ الَّذي في المُلكِ لَيسَ لَهُ سِوى

وَهُوَ الَّذي يَقضي بِما هُوَ أَهلُهُ
فينا وَلا يُقضى عَلَيهِ إِذا قَضى

وَهُوَ الَّذي بَعَثَ النَبِيَّ مُحَمَّداً
صَلّى الإِلَهُ عَلى النَبِيِّ المُصطَفى

وَهُوَ الَّذي أَنجى وَأَنقَذَنا بِهِ
بَعدَ الصَلالِ مِنَ الضَلالِ إِلى الهُدى

حَتّى مَتى لا تَرعَوي يا صاحِبي
حَتّى مَتى حَتّى مَتى وَإِلى مَتى

وَاللَيلُ يَذهَبُ وَالنَهارُ وَفيهِما
عِبَرٌ تَمُرُّ وَفِكرَةٌ لِأُلي النُهى

حَتّى مَتى تَبغي عِمارَةَ مَنزِلٍ
لا تَأمَنُ الرَوعاتِ فيهِ وَلا الأَذى

يا مَعشَرَ الأَمواتِ يا ضيفانَ تُربِ
الأَرضِ كَيفَ وَجَدتُمُ طَعمَ الثَرى

أَهلَ القُبورِ مَحا التُرابُ وُجوهَكُم
أَهلَ القُبورِ تَغَيَّرَت تِلكَ الحُلى

أَهلَ القُبورِ كَفى بِنَأيِ دِيارَكُم
إِنَّ الدِيارَ بِكُم لَشاحِطَةُ النَوى

أَهلَ القُبورِ لا تَواصُلَ بَينَكُم
مَن ماتَ أَصبَحَ حَبلُهُ رَثَّ القِوى

كَم مِن أَخٍ لي قَد وَقَفتُ بِقَبرِهِ
فَدَعَوتُهُ لِلَّهِ دَرُّكَ مِن فَتى

أَأُخَيَّ لَم يَقِكَ المَنِيَّةَ إِذ أَتَت
ما كانَ أَطعَمَكَ الطَبيبُ وَما سَقى

أَأُخَيَّ لَم تُغنِ التَمائِمُ عَنكَ ما
قَد كُنتُ أَحذَرُهُ عَلَيكَ وَلا الرُقى

أَأُخَيَّ كَيفَ وَجَدتَ مَسَّ خُشونَةِ المَأوى
وَكَيفَ وَجَدتَ ضيقَ المُتَّكا

قَد كُنتُ أَفرَقُ مِن فِراقِكَ سالِماً
فَأَجَلُّ مِنهُ فِراقُ دائِرَةِ الرَدى

فَاليَومَ حَقَّ لي التَوَهُّعُ إِذ جَرى
قَدَرُ الإِلَهِ عَلَيَّ فيكَ بِما جَرى

تَبكيكَ عَيني ثُمَّ قَلبي حَسرَةً
وَتَقَطُّعاً مِنهُ عَلَيكَ إِذا بَكى

وَإِذا ذَكَرتُكَ يا أُخَيَّ تَقَطَّعَت
كَبِدي فَأُقلِقتُ الجَوانِحُ وَالحَشا


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 08:42 PM
مَنَ اَحَسَّ لي أَهلَ القُبورِ وَمَن رَأى
مَنَ اَحَسُّهُم لي بَينَ أَطباقِ الثَرى

مَنَ اَحَسَّ لي مَن كُنتُ آلَفُهُ وَيَأ
لَفُني فَقَد أَنكَرتُ بُعدَ المُلتَقى

مَنَ اَحَسَّهُ لي إِذ يُعالِجُ غُصَّةً
مُتَشاغِلاً بِعِلاجِها عَمَّن دَعا

مَنَ اَحَسَّهُ لي فَوقَ ظَهرِ سَريرِهِ
يَمشي بِهِ نَفَرٌ إِلى بَيتِ البِلى

يا أَيُّها الحَيُّ الَّذي هُوَ مَيِّتٌ
أَفنَيتُ عُمرَكَ بِالتَعَلُّلِ وَالمُنى

أَمّا المَشيبُ فَقَد كَساكَ رِداؤُهُ
وَاِبتَزَّ عَن كَفَّيكَ أَثوابَ الصِبا

وَلَقَد مَضى القَرنُ الَّذينَ عَهَدتَهُم
لِسَبيلِهِم وَلَتَلحَقَنَّ بِمَن مَضى

وَلَقَلَّ ما تَبقى فَكُن مُتَوَقَّعاً
وَلَقَلَّ ما يَصِفو سُرورُكَ إِن صَفا

وَهِيَ السَبيلُ فَخُذ لِذَلِكَ عُدَّةً
فَكَأَنَّ يَومَكَ عَن قَريبٍ قَد أَتى

إِنَّ الغِنى لَهُوَ القُنوعُ بِعَينِهِ
ما أَبعَدَ الطِبعَ الحَريصَ مِنَ الغِنى

لا يَشغَلَنَّكَ لَو وَلَيتَ عَنِ الَّذي
أَصبَحتَ فيهِ وَلا لَعَلَّ وَلا عَسى

خالِف هَواكَ إِذا دَعاكَ لِرَيبَةٍ
فَلَرُبَّ خَيرٍ في مُخالَفَةِ الهَوى

عَلَمُ المَحَجَّةِ بَيِّنٌ لِمُريدِهِ
وَأَرى القُلوبَ عَنِ المَحَجَّةِ في عَمى

وَلَقَد عَجِبتُ لِهالِكٍ وَنجاتُهُ
مَوجودَةٌ وَلَقَد عَجِبتُ لِمَن نَجا

وَعَجِبتُ إِذ نَسي الحِمامَ وَلَيسَ مِن
دونِ الحِمامِ وَإِن تَأَخَّرَ مُنتَهى

ساعاتُ لَيلِكَ وَالنَهارِ كِلَيهِما
رُسُلٌ إِلَيكَ وَهُنَّ يُسرِعنَ الخُطا

وَلَئِن نَجَوتَ فَإِنَّما هِيَ رَحمَةُ الـ
ـمَلِكِ الرَحيمِ وَإِن هَلَكتَ فَبِالجَزا

يا ساكِنَ الدُنيا أَمِنتَ زَوالَها
وَلَقَد تَرى الأَيّامَ دائِرَةَ الرَحى

وَلَكُم أَبادَ الدَهرُ مِن مُتَحَصِّنٍ
في رَأسِ أَرعَنَ شاهِقٍ صَعبِ الذُرى

أَينَ الأُلى بَنوا الحُصونَ وَجَنَّدوا
فيها الجُنودَ تَعَزُّزاً أَينَ الأُلى

أَينَ الحُماةُ الصابِرونَ حَمِيَّةً
يَومَ الهِياجِ لِحَرِّ مُجتَلَبِ القَنا

وَذَوُو المَنابِرِ وَالعَساكِرِ وَالدَسا
كِرِ وَالمَحاصِرِ وَالمَدائِنِ وَالقُرى

وَذَوُو المَواكِبِ وَالمَراكِبِ وَالكَتا
أَئبِ وَالنَجائِبِ وَالمَراتِبِ في العُلى

أَفناهُمُ مَلِكُ المُلوكِ فَأَصبَحوا
ما مِنهُمُ أَحَدٌ يُحَسُّ وَلا يُرى

وَهُوَ الخَفِيُّ الظاهِرُ المَلِكُ الَّذي
هُوَ لَم يَزَل مَلِكاً عَلى العَرشِ اِستَوى

وَهُوَ المُقَدِّرُ وَالمُدَبِّرُ خَلقَهُ
وَهُوَ الَّذي في المُلكِ لَيسَ لَهُ سِوى

وَهُوَ الَّذي يَقضي بِما هُوَ أَهلُهُ
فينا وَلا يُقضى عَلَيهِ إِذا قَضى

وَهُوَ الَّذي بَعَثَ النَبِيَّ مُحَمَّداً
صَلّى الإِلَهُ عَلى النَبِيِّ المُصطَفى

وَهُوَ الَّذي أَنجى وَأَنقَذَنا بِهِ
بَعدَ الصَلالِ مِنَ الضَلالِ إِلى الهُدى

حَتّى مَتى لا تَرعَوي يا صاحِبي
حَتّى مَتى حَتّى مَتى وَإِلى مَتى

وَاللَيلُ يَذهَبُ وَالنَهارُ وَفيهِما
عِبَرٌ تَمُرُّ وَفِكرَةٌ لِأُلي النُهى

حَتّى مَتى تَبغي عِمارَةَ مَنزِلٍ
لا تَأمَنُ الرَوعاتِ فيهِ وَلا الأَذى

يا مَعشَرَ الأَمواتِ يا ضيفانَ تُر
بِ الأَرضِ كَيفَ وَجَدتُمُ طَعمَ الثَرى

أَهلَ القُبورِ مَحا التُرابُ وُجوهَكُم
أَهلَ القُبورِ تَغَيَّرَت تِلكَ الحُلى

أَهلَ القُبورِ كَفى بِنَأيِ دِيارَكُم
إِنَّ الدِيارَ بِكُم لَشاحِطَةُ النَوى

أَهلَ القُبورِ لا تَواصُلَ بَينَكُم
مَن ماتَ أَصبَحَ حَبلُهُ رَثَّ القِوى

كَم مِن أَخٍ لي قَد وَقَفتُ بِقَبرِهِ
فَدَعَوتُهُ لِلَّهِ دَرُّكَ مِن فَتى

أَأُخَيَّ لَم يَقِكَ المَنِيَّةَ إِذ أَتَت
ما كانَ أَطعَمَكَ الطَبيبُ وَما سَقى

أَأُخَيَّ لَم تُغنِ التَمائِمُ عَنكَ ما
قَد كُنتُ أَحذَرُهُ عَلَيكَ وَلا الرُقى

أَأُخَيَّ كَيفَ وَجَدتَ مَسَّ خُشونَةِ المَأوى
وَكَيفَ وَجَدتَ ضيقَ المُتَّكا

قَد كُنتُ أَفرَقُ مِن فِراقِكَ سالِماً
فَأَجَلُّ مِنهُ فِراقُ دائِرَةِ الرَدى

فَاليَومَ حَقَّ لي التَوَهُّعُ إِذ جَرى
قَدَرُ الإِلَهِ عَلَيَّ فيكَ بِما جَرى

تَبكيكَ عَيني ثُمَّ قَلبي حَسرَةً
وَتَقَطُّعاً مِنهُ عَلَيكَ إِذا بَكى

وَإِذا ذَكَرتُكَ يا أُخَيَّ تَقَطَّعَت
كَبِدي فَأُقلِقتُ الجَوانِحُ وَالحَشا


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 08:43 PM
أَما مِنَ المَوتِ لِحَيٍّ نَجا
كُلُّ امرِئٍ آتٍ عَلَيهِ الفَنا

تَبارَكَ اللَهُ وَسُبحانَهُ
لِكُلِّ شَيءٍ مُدَّةٌ وَانقِضا

يُقَدِّرُ الإِنسانُ في نَفسِهِ
أَمراً وَيَأباهُ عَلَيهِ القَضا

وَيُرزَقُ الإِنسانُ مِن حَيثُ لا
يَرجو وَأَحياناً يُضِلُّ الرَجا

اليَأسُ يَحمي لِلفَتى عِرضَهُ
وَالطَمَعُ الكاذِبُ داءٌ عَيا

ما أَزيَنَ الحِلمَ لِأَربابِهِ
وَغايَةُ الحِلمِ تَمامُ التُقى

وَالحَمدُ مِن أَربَحِ كَسبِ الفَتى
وَالشُكرُ لِلمَعروفِ نِعمَ الجَزا

يا آمِنَ الدَهرِ عَلى أَهلِهِ
لِكُلِّ عَيشٍ مُدَّةٌ وَانتِها

بَينَا يُرى الإِنسانُ في غِبطَةٍ
أَصبَحَ قَد حَلَّ عَلَيهِ البِلى

لا يَفخَرِ الناسُ بِأَنسابِهِم
فَإِنَّما الناسُ تُرابٌ وَما


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 08:43 PM
نَصَبتِ لَنا دونَ التَفَكُّرِ يا دُنيا
أَمانِيَّ يَفنى العُمرُ مِن قَبلِ أَن تَفنى

مَتى تَنقَضي حاجاتُ مَن لَيسَ واصِلاً
إِلى حاجَةٍ حَتّى تَكونَ لَهُ أُخرى

لِكُلِّ امرِئٍ فيما قَضى اللَهُ خُطَّةٌ
مِنَ الأَمرِ فيها يَستَوي العَبدُ وَالمَولى

وَإِنَّ امرَأً يَسعى لِغَيرِ نِهايَةٍ
لَمُنغَمِسٌ في لُجَّةِ الفاقَةِ الكُبرى


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 08:43 PM
أَشَدُّ الجِهادِ جِهادُ الهَوى
وَما كَرَّمَ المَرءَ إِلّا التُقى

وَأَخلاقُ ذي الفَضلِ مَعروفَةٌ
بِبَذلِ الجَميلِ وَكَفِّ الأَذى

وَكُلُّ الفُكاهاتِ مَملولَةٌ
وَطولُ التَعاشُرِ فيهِ القِلى

وَكُلُّ طَريفٍ لَهُ لَذَّةٌ
وَكُلُّ تَليدٍ سَريعُ البِلى

وَلا شَيءَ إِلّا لَهُ آفَةٌ
وَلا شَيءَ إِلّا لَهُ مُنتَهى

وَلَيسَ الغِنى نَشَبٌ في يَدٍ
وَلَكِن غِنى النَفسِ كُلُّ الغِنى

وَإِنّا لَفي صُنُعٍ ظاهِرٍ
يَدُلُّ عَلى صانِعٍ لا يُرى


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 08:44 PM
لِلَّهِ أَنتَ عَلى جَفائِكَ
ماذا أُؤَمِّلُ مِن وَفائِك

إِنّي عَلى ما كانَ مِنكَ
لَواثِقٌ بِجَميلِ رائِك

فَكَّرتُ فيمَ جَفَوتَني
فَوَجَدتُ ذاكَ لِطولِ نائِك

فَرَأَيتُ أَن أَسعى إِلَيكَ
وَأَن أُبادِرَ في لِقائِك

حَتّى أُجَدِّدُ ما تَغَيَّرَ
لي وَأَخلَقَ مِن إِخائِك


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 08:44 PM
يا طالِبَ الحِكمَةِ مِن أَهلِها
النورُ يَجلو لَونَ ظَلمائِهِ

وَلأَصلُ يَسقي أَبَداً فَرعَهُ
وَتُثمِرُ الأَكمامُ مِن مائِهِ

مَن حَسَدَ الناسَ عَلى مالِهِم
تَحَمَّلَ الهَمَّ بِأَعبائِهِ

وَالدَهرُ رَوّاغٌ بِأَبنائِهِ
يَغُرُّهُم مِنهُ بِحَلوائِهِ

يُلحِقُ آباءً بِأَبنائِهِم
وَيُلحِقُ الإِبنَ بِآبائِهِ

وَالفِعلُ مَنسوبٌ إِلى أَهلِهِ
كَلشَيءِ تَدعوهُ بِأَسمائِهِ


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 08:44 PM
بَكى شَجوَهُ الإِسلامُ مِن عُلَمائِهِ
فَما اكتَرَثوا لِما رَأَوا مِن بُكائِهِ

فَأَكثَرُهُم مُستَقبِحٌ لِصَوابِ مَن
يُخالِفُهُ مُستَحسِنٌ لِخَطائِهِ

فَأَيُّهُمُ المَرجُوُّ فينا لِدينِهِ
وَأَيُّهُمُ المَوثوقُ فينا بِرائِهِ


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 08:44 PM
أَلا نَحنُ في دارٍ قَليلٍ بَقائُها
سَريعٍ تَدانيها وَشيكٍ فَنائُها

تَزَوَّد مِنَ الدُنيا التُقى وَالنُهى فَقَد
تَنَكَّرَتِ الدُنيا وَحانَ انقِضاؤُها

غَداً تَخرَبُ الدُنيا وَيَذهَبُ أَهلُها
جَميعاً وَتُطوى أَرضُها وَسَماؤُها

وَمَن كَلَّفَتهُ النَفسُ فَوقَ كَفافِها
فَما يَنقَضي حَتّى المَماتِ عَناؤُها

تَرَقَّ مِنَ الدُنيا إِلى أَيِّ غايَةٍ
سَمَوتَ إِلَيها فَالمَنايا وَراؤُها


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 08:45 PM
لَعَمرُكَ ما الدُنيا بِدارِ بَقاءِ
كَفاكَ بِدارِ المَوتِ دارَ فَناءِ

فَلا تَعشَقِ الدُنيا أُخَيَّ فَإِنَّما
تَرى عاشِقَ الدُنيا بِجُهدِ بَلاءِ

حَلاوَتُها مَمزوجَةٌ بِمَرارَةٍ
وَراحَتُها مَمزوجَةٌ بِعَناءِ

فَلا تَمشِ يَوماً في ثِيابِ مَخيلَةٍ
فَإِنَّكَ مِن طينٍ خُلِقتَ وَماءِ

لَقَلَّ امرُؤٌ تَلقاهُ لِلَّهِ شاكِراً
وَقَلَّ امرُؤٌ يَرضى لَهُ بِقَضاءِ

وَلِلَّهِ نَعماءٌ عَلَينا عَظيمَةٌ
وَلِلَّهِ إِحسانٌ وَفَضلُ عَطاءِ

وَما الدَهرُ يَوماً واحِداً في اختِلافِهِ
وَما كُلُّ أَيّامِ الفَتى بِسَواءِ

وَما هُوَ إِلّا يَومُ بُؤسٍ وَشِدَّةٍ
وَيَومُ سُرورٍ مَرَّةً وَرَخاءِ

وَما كُلُّ ما لَم أَرجُ أُحرَمُ نَفعَهُ
وَما كُلُّ ما أَرجوهُ أَهلَ رَجاءِ

أَيا عَجَباً لِلدَهرِ لا بَل لِرَيبِهِ
تَخَرَّمَ رَيبُ الدَهرِ كُلَّ إِخاءِ

وَمَزَّقَ رَيبُ الدَهرِ كُلَّ جَماعَةٍ
وَكَدَّرَ رَيبُ الدَهرِ كُلَّ صَفاءِ

إِذا ما خَليلٌ حَلَّ في بَرزَخِ البِلى
فَحَسبي بِهِ نَأياً وَبُعدَ لِقاءِ

أَزورُ قُبورَ المُترَفينَ فَلا أَرى
بَهاءً وَكانوا قَبلُ أَهلَ بَهاءِ

وَكُلٌّ رَماهُ واصِلٌ بِصَريمَةٍ
وَكُلٌّ رَماهُ مُلطِفٌ بِجَفاءِ

طَلَبتُ فَما أَلفَيتُ لِلمَوتِ حيلَةً
وَيَعيا بِداءِ المَوتِ كُلُّ دَواءِ

وَنَفسُ الفَتى مَسرورَةٌ بِنَمائِهَ
وَلِلنَقصِ تُنمي كُلُّ ذاتِ نَماءِ

وَكَم مِن مُفَدّاً ماتَ لَم أَرَ أَهلَهُ
حَبَوهُ وَلا جادوا لَهُ بِفِداءِ

أَمامَكَ يا نَدمانُ دارُ سَعادَةٍ
يَدومُ النَما فيها وَدارُ شَقاءِ

خُلِقتَ لِإِحدى الغايَتَينِ فَلا تَنَم
وَكُن بَينَ خَوفٍ مِنهُما وَرَجاءِ

وَفي الناسِ شَرٌّ لَو بَدا ما تَعاشَروا
وَلَكِن كَساهُ اللَهُ ثَوبَ غِطاءِ


ابو العتاهية

الحمدان
08-07-2024, 08:46 PM
الخَيرُ وَالشَرُّ عاداتٌ وَأَهواءُ
وَقَد يَكونُ مِنَ الأَحبابِ أَعداءُ

لِلحِلمِ شاهِدُ صِدقٍ حينَ ما غَضَبٌ
وَلِلحَليمِ عَنِ العَوراتِ إِغضاءُ

كُلٌّ لَهُ سَعيُهُ وَالسَعيُ مُختَلِفٌ
وَكُلُّ نَفسٍ لَها في سَعيِها شاءُ

لِكُلِّ داءٍ دَواءٌ عِندَ عالِمِهِ
مَن لَم يَكُن عالِماً لَم يَدرِ ما الداءُ

الحَمدُ لِلَّهِ يَقضي ما يَشاءُ وَلا
يُقضى عَلَيهِ وَما لِلخَلقِ ما شاؤوا

لَم يُخلَقِ الخَلقُ إِلّا لِلفَناءِ مَعاً
نَفنى وَتَفنى أَحاديثٌ وَأَسماءُ

يا بُعدَ مَن ماتَ مِمَّن كانَ يُلطِفُهُ
قامَت قِيامَتُهُ وَالناسُ أَحياءُ

يُقصي الخَليلُ أَخاهُ عِندَ ميتَتِهِ
وَكُلُّ مَن ماتَ أَقصَتهُ الأَخِلّاءُ

لَم تَبكِ نَفسَكَ أَيّامَ الحَياةِ لِما
تَخشى وَأَنتَ عَلى الأَمواتِ بَكّاءُ

أَستَغفِرُ اللَهَ مِن ذَنبي وَمِن سَرَفي
إِنّي وَإِن كُنتُ مَستوراً لَخَطّاءُ

لَم تَقتَحِم بي دَواعي النَفسِ مَعصيةً
إِلّا وَبَيني وَبَينَ النورِ ظَلماءُ

كَم راتِعٍ في ظِلالِ العَيشِ تَتبَعُهُ
مِنهُنَّ داهِيَةٌ تَرتَجُّ دَهياءُ

وَلِلحَوادِثِ ساعاتٌ مُصَرَفَةٌ
فيهِنَّ لِلحَينِ إِدناءٌ وَإِقصاءُ

كُلٌّ يُنَقَّلُ في ضيقٍ وَفي سَعَةٍ
وَلِلزَمانِ بِهِ شَدٌّ وَإِرخاءُ

الحَمدُ لِلَّهِ كُلٌّ ذو مُكاذَبَةٍ
صارَ التَصادُقُ لا يُسقى بِهِ الماءُ


ابو العتاهية
العصر العباسي

الحمدان
08-07-2024, 08:54 PM
يا قاتلي هلّا رحمت تلوّعي
ما عدتُ أصبرُ و الدموعُ هواطلُ

رتّلتُ هجركَ بالقصيد فسافرت
في مقلتَيك مع القصيدِ رَسائلُ

......

الحمدان
08-07-2024, 08:56 PM
قُم ناجِ محبوبًا ونادِ خليلا
واجعلْ حنينَ القافياتِ رسولا

ودعِ الملامة عنكَ واقبل عذرهُ
كذِّبْ ظنونك واسمع التأويلا

طبْعُ المحب إذا تبسّم خِلهُ
ينسى العتاب ويقبل التعليلا

ويراهُ عذبًا في الخصامِ وفِي الرضا
ويراهُ في كل الظروفِ جميلا

......

الحمدان
08-07-2024, 08:58 PM
خواطرنا إلى المختار تُهدى
له الكلمات أرقاها دواما

فقُدوَتنا إذا ما الناس ساروا
إلى الأعمال أعسرها مهاما

يُنير الدرب ما تلقى ضِرارًا
على البسمات إذ يقضي مراما

عسانا نقتدي قولًا وفعلًا
يوافقها إذا قلنا كلاما


‎......

الحمدان
08-07-2024, 09:00 PM
يا قدسُ تشتاق القلوب رباكِ
تحنو لك الأرواح كي تلقاكِ

سيظل حرفي في حماك مصليا
حتى أصلي الفجر في أقصاكِ

......

الحمدان
08-07-2024, 09:01 PM
یاللحماقةِ كم بدوتُ مُصدقًا
وفرحتُ أنكَ بالبقاءِ وعدتَني

أإلى هُنا وسينتَهي ما عشتُهُ؟
كالحُلمِ جئتَ بلحظةٍ وتركتني

هل هكذا كانت نهايةُ قصتي
أني أضيعُ وأنت من ضيّعتني


......

الحمدان
08-07-2024, 09:02 PM
أمَا اِنتَهَت مِن سِنِينٍ قِصَتي مَعَهُ
ألَم تَمُت كَخُيوطِ الشَمسِ ذِكرَاهُ

أمَا كَسرنَا كُؤوسَ الحُبِ مِن زَمَنٍ
فَكَيفَ نَبكي عَلى كَأسٍ كَسَرناهُ

......

الحمدان
08-07-2024, 09:04 PM
إِنْ لَمْ تَكُنْ لِيْ فِيْ الحَيَاةِ مُرَافِقًا
‏فَأَنَا الذِيْ فِيْ المَوتِ قَدْ آتِي مْعَكْ

‏يَا مَنْ بَذَلْتُ لَهُ مَطَارِفَ مُهجَتِيْ
‏جِئْتُ مِنْ أَقْصَى الشَّتَاتِ لِأَجْمَعَكْ

‏لا تَرْحَلَنَّ ولا تَذَرْ قَلْبِي مَعِي
‏أَخْشَى عَلَيْكَ بِأَن يَئِنًّ فَيُوجِعَكْ

......

الحمدان
08-07-2024, 09:10 PM
ومن أقصى المدينة قد أتيتُ
وبالبشرى لساعيها سعيتُ

تبعت الحلم حتى ضل قلبي
وكم قلباً بإحساسي هَدَيتُ

وفي صدري سراجٌ من ضياءٍ
ويجري في مدى الشريان زيتُ

وأملأ ساحة الدنيا وروداً
وأنزع شوك قلبي ما اشتكيتُ

وأحمل دمعهم في كف عيني
وإن طابت مواجعهم شُفِيتُ

ولم تدمع من الآلام عيني
ومن خوفي على غيري بكيتُ

وألبسهم رداءً من سروري
وفي كفنٍ على كتفي اكتفيتُ

وأُسْقِيهم على ظمأي بكأسي
كأني قد سُقيتُ إذا سَقَيتُ

وإن مرت على سمعي خطايا
وضاقت بي ثيابي ما حكيتُ

وأنظر للحياة بعين راضٍ
ويكسوني إذا ساءت سكوتُ

رأيت جمالها في كل شيء
فكم حسناً سَمِعتُ وكم رأيتُ


......

الحمدان
08-07-2024, 09:16 PM
لاتطلب الرفق ممن ليس يملكه
حتى وإن كان يبدو أنه بشر

فقد يبالغ في كيل العداء أخ
وقد يرق على اوجاعنا حجر

......

الحمدان
08-08-2024, 09:52 AM
أَفيكُم فَتىً حَيٌّ فَيُخبِرُني عَنّي
بِما شَرِبَت مَشروبَةُ الراحِ مِن ذِهني

غَدَت وَهيَ أَولى مِن فُؤادي بِعَزمَتي
وَرُحتُ بِما في الدِنِّ أَولى مِنَ الدِنِّ

لَقَد تَرَكَتني كَأسُها وَحَقيقَتي
مُحالٌ وَحَقٌّ مِن فِعالِيَ كَالظَنِّ

هِيَ اِختَدَعَتني وَالغَمامُ وَلَم أَكُن
بِأَوَّلَ مَن أَهدى التَغافُلَ لِلدَجنِ

إِذا اِشتَعَلَت في الطاسِ وَالكاسِ نارُها
صَليتُ بِها مِن راحَتَي ناعِمٍ لَدنِ

قَرينُ الصِبا في وَجنَتَيهِ مَلاحَةٌ
ذَكَرتُ بِها أَيّامَ يوسُفَ في الحُسنِ

إِذا نَحنُ أَومَأنا إِلَيهِ أَدارَها
سُلافاً كَماءِ الجَفنِ وَهيَ مِنَ الجِفنِ

تُقَلِّبُ روحَ المَرءِ في كُلِّ وِجهَةٍ
وَتَدخُلُ مِنهُ حَيثُ شاءَت بِلا إِذنِ

وَمُسمِعُنا طَفلُ الأَنامِلِ عِندَهُ
لَنا كُلُّ نَوعٍ مِن قِرى العَينِ وَالأُذنِ

لَنا وَتَرٌ مِنهُ إِذا ما اِستَحَثَّهُ
فَصيحٌ وَلَحنٌ في أَمانٍ مِنَ اللَحنِ

وَفي رَوضَةٍ نَبتِيَّةٍ صَبَغَت لَها
جَداوِلَها أَنوارُها صِبغَةَ الدُهنِ

ظَلِلنا بِها في جَنَّةٍ غابَ نَحسُها
تُذَكِّرُنا جَنّاتُها جَنَّةَ العَدنِ

نَعِمنا بِها في بَيتِ أَروَعَ ماجِدٍ
مِنَ القَومِ آبٍ لِلدَناءَةِ وَالأَفنِ

فَتىً شُقَّ مِن عودِ المَحامِدِ عودُهُ
كَما اِشتَقَّ مُسموهُ لَهُ اِسماً مِنَ الحُسنِ


ابو تمام