المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هنا الشعر الفصيح ومايتعلق به


الصفحات : 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 [35] 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 100 101 102 103 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 114 115 116 117 118 119 120 121 122 123 124 125 126 127 128 129 130 131 132 133 134 135 136 137 138 139 140 141 142 143 144 145 146 147 148 149 150 151 152 153 154 155

الحمدان
07-15-2024, 05:04 PM
هاجت رياح بالشمال تجول
وتقدمت ريح الجنوب تصول

وتكافحت حتى كأن هبوبها
فرسان حرب اقبلت وخيول

اهبت وقد جعل الغمام ظليلها
فكانما هو قسطل مسبول

والبرق في افق السماء كانه
بين الرياح اسنة ونصول

والغيم في اوج الفضاء كأنه
درع عليه مزرد مقفول

ونما الضباب على الهضاب مغمما
قمم الجبال كأنه اكليل

نحرت سيوف البرق اعناق الغمام
فسال منه دمعه المهطول

وتزاحمت فرق السحاب وقد بدا
للرعد في وسط الغيوم صهيل

ما زالت الأنواء يخبط جيشها
حتى علا نور الضياء افول

والشمس قد كسفت بسلخ محرم
وعقيب هذا الكسف جاء سيول

وتكاثف النو الشديد وقد اتى
صفر بغرته الرياح تجول

وبجمعة في ثالث منه أتى
ثلج يطوف على البطاح مهول

ثلج عجيب ما رأينا مثله
كلا ولم يخبر به منقول

متدفق متزايد يومان مع
ليل تواصل هطله الموصول

عم الجبال كذا البطاح سويّة
وتعممت منه الربى وسهول

وبدا بامصار وحل بها ولم
يعرف له قبلا بهن نزوال

وتراه في تلك البقاع مقدّرا
فوق الذراع وبعضهن يطول

واشتد هذا الثلج حتى لم يكن
من هوله لابن السبيل دخول

قد لازم الناس البيوت مخافة
يوم وكل بالدعا مشغو

واستدت الطرقات حتى ليس
بين الجار والجار القريب سبيل

كم قرية أضحت به مغمورة
فكأنّ ليس لها ربى وطاول

وبجلق لما اناخ ركابه
ملئت صحاريها به وتلول

لله كم من انفس هلكت وكم
من مخصب غض علاه ذبول

ولفرط شدته وهول مصابه
دهشت به ابصارنا وعقول

وعرا الأنام مهابة لمّا دنى
خطب جسيم بالثلوج جليل

فتصايحت تلك الخلايق بالدعا
للَه فهو الحافظ المسؤول

متشبثين ملطفه وبحلمه
فهو الرحيم المالك المأمول

قد كاد ان يفنى الورى لو لم يكن من
لطفه جرت عليه ذيول

شمل الأنام برأفة نلنا بها
امنا وزال الهم والتنكيل

والشمس مذ كسفت فقلت مؤرخا
ثلج اتى وبه الكسوف دليل


بطرس كرامة

الحمدان
07-15-2024, 05:04 PM
سقيت ندى الغفران يا لحد يوسفٍ
بهتّان رحماتٍ من العفو يوكف

لقد حلّ فيه راقداً نعم مفردٌ
وأبقى لنا دمعاً يصبُّ ويذرف

وأمسى بعيداً عن ديار فنيّةٍ
فاصبح في الفردوس من يسرى ويهتف

ونال برضوان الإله محلةً
تميل لها الأبرار شوقاً وتعطف

ولما بدا في جنة الخلد أرخوا
فضاءَ باخلاط الملائك يوسف


بطرس كرامة

الحمدان
07-15-2024, 05:05 PM
غدر الزمان واظهر التفنيدا
واشتق منا أعيناً وكبودا

تبّا لدهرِ في حادث مكرهِ
أخذ الرقاد وخلّف التسهيدا

ويريش من نبل الحمام اسنّةً
يخرقنَ منا أعظماً وجلودا

قد كنت أرغب في الحيوة وعيشها
لو أن في هذا المقام خلودا

يا صاح ما هذا الزمان مصافياً
فدع التثبت واطلب التجريدا

واحذر من الأيام إن طباعها
تنفي السرور وتجلب التنكيدا

إن المنون عيونهنّ رواصدٌ
يلحظنَ عمراً للفنا مرصودا

والدهر سيفٌ والمنايا خارقٌ
يتواردان مصابنا توريدا

إن المنية والسلامة للورى
أمر تراهُ يقظة ورقودا

أنّى تودُّ من الحتوف سلامةً
هل أن ترى بالما لظىً موقودا

يا دهر هلّكَ أن تحافظ ذمةً
أم يا منية تحفظين عهودا

كيف استطعتِ أيا منيّة غدر من
قد كان للرأي القويم مشيدا

كيف استطعتِ أيا منية غدر من
قد كان نوراً للهدى ورشيدا

يبكي الأنام على غناطيوس الذي
صرف الضلال بوهظه منفد

البطريرك أبو الفضائل والحجى
من كان في هذا الممان فريدا

وتشقُ لباتُ الصدور عليهِ إذ
أضحى جديلاً يصدع الجلمودا

كيف الذي صرع الأسود بوعظهِ
أمسى صريعاً في الثرى ممدودا

أم كيف مصباح الهداية والهدى
متوارياً في تربةٍ ملحودا

أبكيه ثم أقول عند أفولهِ
لا زال حزنك بالفؤاد جديدا

إن كان أرثنا البكاءَ فإنهُ
وهب الملائكة السرور مزيدا

وإن يكن أمسى قتيلاً أنهُ
في روضة الشهداءِ لاح سعيدا

غدر البغاة به فأصبح غدرهم
شرّاً على أعناقهم مردودا

لم يحسبنهم قلدوه صوارماً
بل قلّدوه جواهراً وعقودا

مكروا بأنفسهم فأصبح مكرهم
لم يجدهم إلّا أسىً ووعيدا

يا ويحهم هل يشتفون بغدرهم
صدراً وقد كفروا أباً وجدودا

أم هل يحط بذاك شان علائه
كلّا ولكن زاده تأييدا

إن المسيح أراق طوع رضائه
دمه البغاة ووسدوه العودا

والهامة المفضال بطرس قد قضى
من فوق عودٍ ناكساً مشدودا

وكذا المعظم بولس المصداح قد
جزّ الحسام وريده والجيدا

والرسل والشهداءُ طرّاً هكذا
حازوا بسفك دماهم التمجيدا

وكذا أغنا طيوس الشهيد قد أقتدى
بهم وصار بصفهم معدودا

بلغ الشهادة أرّخوهُ مبرراً
بدماه أضحى للمسيح شهيدا


بطرس كرامة

الحمدان
07-15-2024, 05:06 PM
يا من له روض الفؤاد مكان
وهواه في قلب الشجي فتان

يهديك وجد الصب اشواقا كما
تهدي لنا من بعدك الأشجان

يا وحشتي مذغاب انس جمالكم
والانس في مصربكم ريعان

ما راعني الا الفراق ولم يكن
لي منكم يوم الفراق عيان

لا تحسبوا ترك التودع عن قلى
كلا فما لي عنكم سلوان

لكن لفرط مودتي لم تستطع
يوم الفراق تراكم الأجفان

ان تحسبوه على المحب جناية
فالعفوان العفو منك امان

تاللَه مذ غبتم وشط مزاركم
اني لورد لقاكم ظمآن

فطويل دهر مثل يوم معكم
وقصير يوم عنكم ازمان

ان تنعموا ردوا الرقاد لعل ان
يحظى بطيف ناظر وسنان

فسقى اويقات السرور ومهدها
دمع المشوق الوافر الهتان

اني المقيم على العهود ان تطل
بعد فعهدك بالضمير يصان

ان تسألوا عن حال صب مغرم
فالنوم ليس تذوقه العينان

ولقد عراني منكم يوم النوى
أشواق قلب بعضها النيران

فصبابتي تهدي اليك مع الصبا
أرواح شوق عرفها الريحان

يا آل ودي هل يفوز بطيفكم
صب قلوقٌ طرفه يقظان

قد كاد يعلن بالغرام لبعدكم
قلب صبور شانه الكتمان

فمتى يراك الطرف شرفت الحمى
وتسرفيك الآل والأوطان

يا حبذا مصر السعيدة قد دنا
ومن روض مغناها البهي عثمان

إنسان عشق للعلوم ونيلها
ولعين مقلة انسنا انسان

صبّ لآداب تعشق قلبه
ويلوح من آدابه البرهان

أضحى لتحصيل العلوم مهاجرا
ولذيذ وصل العاشق الهجران

قد كان لي منه حديث مطرب
يحكي السلاف وكاسه الآذان

والآن وردي ذكره وثناؤه
والورد لي ما تذرف الأجفان

فغرامه ابدا سميري كلما
هبت صبا وحديثه الألحان

يا أيها الخل الوفي بعهده
عطفا علي فإنني ولهان

فعليك مني لطف كل تحية
وسلام عهد حفظه ايمان

ويخص منا بالسلام حبيبنا
الألمعي أبو العلا عثمان.
فليوهبنكما العلوم وحفظها
وليفتحن عليكما المنان

وليرجعنكما الينا بالمنى
في كل فضل دونه الأقران

أرجوكم خير الدعا بمعالم
قرنت بها البركات والأذعان

والعيسوي ابن الكرامة ناظم
عقد الثنا في الحب ليس يشان

ويقبل الراحات وهو حسبيكم
والعفو عن تقصيره احسان


بطرس كرامة

الحمدان
07-15-2024, 05:06 PM
زارت فكان بأمر الله اسراها
غراء مذ خطرت فالكل أسراها

خليلة الوجد قد هام الخليل بها
وبات من وله بالنحو يهواها

أحيت عروض فواد الصب مذ بسمت
ثغرا وقام ابن بسام لمحياها

تروي شقائق خديها ممنعة
عن ثابت وعن النعمان نعماها

اربت على ابن كثير في محاسنها
حسنا كثيرا وعين اللطف ترعاها

بكرٌ لمى فمها عذب مراشفه
صافي المودة عند الصب اوفاها

لو قابل العامري أسرار طلعتها
لهام في بيتها المعمور اوباهي

رشيقة اللفظ قد جادت وقد سمحت
من البديع بما نالته كفاها

شمس تعبدها العبديّ مذ بزغت
يوما واغنت عن المغني بمغناها

واستمطرت لؤلوءا من لؤلوء وروى
عن النسيم غصن البان عطفاها

كأنما القطر من ترشاف ريقتها
تحيي بمبسمها صبا معنّاها

شهباء وافت من الشهباء ترتع في
برد الجمال فكان القلب مرعاها

غرّ مطالعها زهر مراتعها
بين المضارب من عدنان مرباها

رقت كما رقّ جسمي بالهوى اسفا
لبعد من بلالي نظمها فاها

البارع الفاضل الموصوف سيدها
رب المفاخر من بالحسن انشاها

الجحدف السجل بالألفاظ عن زله
ملك المعاني فاقصاها وادناها

بدا القريض اثينا منه في طربٍ
لما احتسى من كؤوس الفضل اصفاها

المشمعل الى الآداب وهي له
عرنا ويزرع في احكام مجراها

سباق غايات نظم فالبروق إذا
جارته اوقفها سيرا وأعياها

في النظم تصفو له اهل القريض وكم
قلائد من لألي النثر وشأها

تملك الروع مني حبه وبدت
بين الجوانح نار الشوق يصلاها

بحبه يا هواه جد بطرق كرى
لعل بالطيف تلك الذات نلقاها

يا نسيم الصبا ان جزت مربعه
فخبري عن صباباتي وشجواها

وان ظفرت بشيء من براعته
فصافحيها وحييني برياها

قد كاد يتلفني شوقي لطلعته
لو لم يكن في جنان القلب مأواها

سقيت يا حلب الشهباء غيث ندى
وجادك من غوادي البر نداها

شهباء مذ بزغت خضراء مذ نشرت
قعساء منبت زهر العز صحراها

جليلة القدر ذات الفخر معجبة
جلا العيون من الاقذاء مرآها

فاقت على كل مصر وهي مشرقة
ثغرا اضا وبنصر الله منشاها

يا سعد من نظرت عيناه روضتها
ونزه الطرف في فياح مغناها

حسناء غارت على الحور الحسان ضحى
فاستخلصت من ثغور الغيد لألاها

اني متميها اني المشوق لها
اني المعنى بها اني لمضناها

يا صاحبيّ اطرباني وانشدا سحرا
وعللا الصب من وجد بذكراها

عذراء مدت على كل البلاد يدا
مخضوبة الكف واشوقي لحنّاها

فاضلا حل في ساحاتها رغدا
بشراك في عزها اذ فيك بشراها

افت رسالتك الغراء تبسم عن
در تضمن نظما في ثناياها

مدت كؤوسا باسماع الورى شربت
فعطلت كل خمر عند صهباها

بيدت بياتها اللاتي سمت وبدت
فكلنا قاصر عن نيل علياها

يا عست فتداني كل مرتفع
لما سما في سما القرطاس بدراها

فاقت على العرب لما اعربت ورووا
عنها البلاغات لما استنطقوا فاها

تفاخر البارعون الناظمون بها
والكل يعجز عن ادراك معناها

مني اليك لها اهديك جارية
مغضوضة من قذا النقصان عيناها

من العدية قدما غرس كرمتها
والآن في روضة الفيحاء سكناها

فاسبل عليها ذيول الستر اذ خطرت
ترجو القبول ورفقا عند مسراها

هل ظالع مدرك يوما على عجز
شأو الظليع فعفو عند مرماها

واسلم ودم في هناء غير منتقل
ورتبة فوق مرقى الشهب مرقاها

ما قال حبك عن شوق وعن ولهٍ
زارت وكان بنصر الله اسراها


بطرس كرامة

الحمدان
07-15-2024, 05:07 PM
ورد الكتاب مصرحاً ومسطراً
بحديث محبوب عشقت ولم أرى

وافى وكان وروده وردا لذي
ظلم المّ به الغرام واسعرا

ففضضت منه ختامه ولطالما
فاضت دموع قبله لن تكرا

ولثمت محياه فاشرق ثغره
ورشفت كاسا من لماه معطرا

اهدي إلى المشاق نشأة مغرم
فاحت رياح الشوق منها عنبرا

فكأن اسطره ذوائب غادة
هيفاء لاحت من ترائب قيصرا

وكأن صفحته صفيحة وجه من
ملك الجمال بها العذار تعذّرا

أو ان احرفه مراشف أعين
تعطي الرحيق معللا ومقطرا

وقلائد العقيان خلت جمانه
او ثغر محبوب تبسمّ جوهرا

اربى على سحبان سحب فصاحة
لو شامها الكندي عاد موخرا

وكذا ابن ساعدة الايادي لو رآه
لعاد منه مخجلا متسترا

رق النسيم للطف معناه كما
شهد الفواد بفضله لما قرا

يا حسن برق من محياه بدا
عن نصر فتح الله لاح مخبرا

نشأت ينصر الله روح صبابة
وابى الفؤاد لغيرها ان يذكرا

فرع لفتح الله اينع مخصبا
بحديقة الأداب شب واثمرا

ولذا اسم قلبي حين اشبه قلبه
فبناه صرف الحب لما ان طرا

فاليك يعزى الفضل يا من لاح لي
منه الوداد ولن يراني ويبصرا

قربا لدار كنت فيها وحبذا
الشهباء نصر الله فيها قد سرى

واهاً لها لما حللت ربوعها
رغداً وآها من بعادك اوفرا

يا ليت لا كان البعاد ولا النوى
يا ليت لاشط المزار ولا الذرى

الواه من حر البعاد وطالما
جار البعاد على الأحبة وافترى

خذها لقد وافت من ابن كرامة
برسائل الأشواق تهدي الأسطرا

تنبيك عن حب سماعيّ الهوى
متجاوز حدّ القياس لدى الورى


بطرس كرامة

الحمدان
07-15-2024, 05:07 PM
يا سمي النبي رفقا بصبّ
عبد حق ما رام شوقا سواكا

وفؤادي قد ذاب من حر بعد
وحياتي يا مالكي بلقاكا

انشقت النسيم إلّا لعلمي
يا حبيبي مؤرجا من شذاكا

يبعث السطور مني لتنبي
عن أسير مقيد بهواكا

نشرت الغرام علي احظى
ربّ يوم ببعض نور سناكا

كم أنادي ولم تجب وتلبي
وفؤادي مولع بداكا

تداوي الفؤاد جد بكتاب
رب خط أراه فيما أراكا

شعري أتيت في ذا صدوداً
أم بعاداً حاشاك حاشا علاكا

ان قلبي اضحى لذاتك دارا
افترضى تلاف قلب حواكا

إذا كنت راضيا بعذابي
يا منائي فحبذا لي رضاكا


بطرس كرامة

الحمدان
07-15-2024, 05:08 PM
انظر إلى النهر كم أبدى لنا طربا
إن السرور كصافي مائه دفقا

تحكي عوارضه صدغ الحبيب إذا
دبّ العذار على خديه وافترقا

وشجرتان على شطيه قد ثبتا
تقابلا مثل معشوق ومن عشقا

كأن احداهما ذات الجمال بدت
وتلك عاشقها يشكو لها الحرقا


بطرس كرامة

الحمدان
07-15-2024, 05:08 PM
بانوا فصار الجسم من بعدهم
معتزلاً أثوابهُ عيّا

وذاب حتى صار من هجرهم
ما تصنع الشمس له فيّا

باي وجه اتلقاهم
ان لم أمت في حبهم طيّا

أكون من دين الهوى خالياً
إذا رأوني بعدهم حيّا


بطرس كرامة

الحمدان
07-15-2024, 05:09 PM
بروحي بدوراً بالحمى قد عهدتها
وأيام انس بالصفا راق وقتها

فباللَه دعني والبكا ان ذكرتها
أيا لائمي في عبرة قد سفحتها

لبينٍ واخرى قبلها للتجنبِ
فتلك فروضي بالغرام وسنتي

واعظم اجري ان الاقي منيَّتي
فكيف وهذا شان وجدي وصبوتي

تحاول مني شيمة غير شيمتي
وتطلب مني مذهباً غير مذهبي


بطرس كرامة

الحمدان
07-15-2024, 05:09 PM
رويدك بالهوى يا خير شادن
فما للعاشقين سواك فاتن

ومذ لحظ العدى ما كان كاين
هجرتك لا قلى مني ولكن

رأيت بقاء ودك بالصدود
ولم أك بالصدود أتيت حتما

وتابي النفس ان ترى ذاك سلما
ولكن الكرام تصدّ حلما

كهجر الحائمات الورد لما
رأت انّ المنية بالورود


بطرس كرامة

الحمدان
07-15-2024, 05:10 PM
لما بدا بدر الجمال بعجبه
يختال تيها بارزاً من حجبه

ناديت لما ان دنا من صبه
من ذا الذي يختار فرقة حبه

إلا أنا فاخترت ان تتفرقا
ما كان قصدي بالبعاد لهجره

لا والدلال ورقة في خصره
لكن تمنى البعد ظاهر سره

حتى أفوز بقبلة من ثغره
عند الوداع ومثلها عند اللقا


بطرس كرامة

الحمدان
07-15-2024, 05:10 PM
يا صاحبيّ اطرباني في دجا سحر
وهنئياني بما اجلوه من درر

يا قلب يهنيك امنا صرت في ظفر
جاء الحبيب الذي أهواه من سفر

والشمس قد اثرت في وجهه اثرا
بدرٌ تطوق بالجوزاء عن صغر

ومن محياه نور جلّ عن نظر
ومذ غدا وجهه بالشمس ذا أثر

عجبت من أثر للشمس في قمر
والشمس لا ينبغي أن تدرك القمرا


بطرس كرامة

الحمدان
07-15-2024, 05:11 PM
جدي ووجدي برى جسمي انعطافهما
نحو الحبيب وأعياني ائتلافهما

خلي وخلي فقد عزّ انتصافهما
ليلي وليلى نفا نومي اختلافهما

بالطول والطول يا طوبى لو اعتدلا
فلو ظلمت رقيبا بالهوى عدلت

وان أتيت لوصل طالما عدلت
فانظر إلى حادثات الحب ما فعلت

يجود بالطول ليلي كلما بخلت
بالطول ليلى وان جادت به بخلا


بطرس كرامة

الحمدان
07-15-2024, 05:11 PM
خليليّ جروح القلب شتى
ووجدي زاد بي والعقل شتا

وصاف السقم في جسمي وشتا
وليلى ما كفاها الهجر حتى

إلى قاضي المحبة تشتكيني
سألت وصالها فأبت وآلت

على أن لا تواصلني ومالت
ولم ترحم متيميها وصالت

فقلت لها ارحمي يا ميّ قالت
وهل في الحب يا أمي ارحميني


بطرس كرامة

الحمدان
07-15-2024, 05:12 PM
شفاك الله من ضعف وسقم
وعافاك الإله بكل نعمه

عسى الأيام تجمعنا بخير
ونجلي بالتلاقي كل غمّة

فزوّدني دعاء حيث أني
من التيسير في سفر بهمه


بطر كرامة

الحمدان
07-15-2024, 05:13 PM
طردت سرح الكرى في حبه فسرى
وذاع سري بعتب الدمع حين جرى

يا ناظري لا تطل عتبا ألست ترى
ان متعت عين معشوق بطيب كرى

فعين عاشقه لا تعرف الوسنا
ينام قلبي عسى أن يأتي زائره

طيف الذي بالهوى اضنى سرائره
وبات طرفي سهيدا كي يناظره

فاستقصي عن شان كل منهما تره
يشير بالعين للمعنى المراد هنا


بطرس كرامة

الحمدان
07-15-2024, 05:13 PM
دارة الانس التي قد زفها
نصر السعود بكل حسن باهي

تروي المحاسن عن سناء مآثر
ذات الجمال بكل مغنى زاهي

فيحاء ذات مطالع تسمو على
زهر النجوم بحلية الأشباه

لمياء ذات مشارق بسمت لنا
ثغرا حلا متدفق الامواه

تاريخها سعد تسامى بانيا
دار الهنا تزهي بنصر الله


بطرس كرامة

الحمدان
07-15-2024, 05:14 PM
فز برشف الانس من صافي سنا
غرفة فيها التهاني وردت

وتسامى العز في أيوانها
وشوادي السعد فيها قد شدت

حبذا لألاءها في رونق
فبها كل البها لما رقت

جادها الانس فنادى حسنها
ادخلوها بسلام قد زهت

يا لها منزل امن وهنا
حازت الأوصاف حسنا وحوت

وعلى ركن معاليها شدا
بلبل الأفراح دامت وعلت

بلغت أوج كمال وكذا
بسمت ثغرا بعزّ وجلت

حاكت الأفلاك في قوس لذا
ساريات الافق فيها اشرقت

ونسيمات الصفا في روضها
عن هناء وسرور قد روت

زفها السعد فأرخ لهنا
طبقة في نعمة اللَه سمت


بطرس كرامة

الحمدان
07-15-2024, 05:14 PM
يا رعى اللَه معالي طبقة
زفها السعد وحيّاها الوفود

وبدا العز على اركانها
باسم الثغر ينادي للورود

قد كساها اللَه أثواب البها
بجمال وحباها كل جود

لاح فيها الانس مذ حلّ بها
عاطر الازهار من تلك الورود

منزل الأفراح لا زال بها
منهل الخير ارتشافا وورود

وتلالا حسنها الزاهي لنا
بالتهاني وتبدّى للوجود

شيّدت من هبة الله الذي
لاح من صدقة بارينا الودود

وبدا التاريخ شفعا ظاهراً
أخراً في مفرد در العقود

قد حوى تاريخنا في معجم
وكذا المهمل تاريخ بجود

غرفة يشدو بها سعد كما
صاح شادي عزها رحب السعود


بطرس كرامة

الحمدان
07-15-2024, 05:15 PM
أراك سخي الدمع طال بك الأمر
ابرّح فيك الحب ام نفد الصبر

أبحت الذي قد كان عندي مكنما
واعلنت وجدا فيك ام خفي السر

نعم انني في الحب ميت صبابة
فاطوي غراما ثم ينشره الفكر

يهيجني ذكر الربوع وأهلها
وكل اخي عشق يهيجه الذكر

تذكرت أزمان الأحبة واللقا
ليال وأيام بوصلهم قصر

ليال قطعناها ونحن بمجلس
تجلى على بدر السماء لنا بدر

من الخود هيفاء القوام غريرة
تحلت بها الجوزاء وابتهج النسر

وقد ظهر المريخ في سيف لحظها
وقابلت الأقمار فانبهم الأمر

ومن نور ثدييها النجوم قد اكتست
ومن سحر جفنيها القد علم السحر

كلفت بها حبا وشط مزارنا
وكم منع العشاق من لذة دهر

رضغت هواها ثم صرت فطيمها
فبدء الهوى حلو واخره مرّ

ويوما على وصل المشوق تعذرت
فلذّ لنا سقيم ولذ لها هجر

لقد كنت في رحب قبيل غرامها
فرحت بها مضنى وضاق بي البر

الا رب يوم كان لي فيه موعد
بصدق اجتماع الشمل وارتفع العذر

فجئت وقد غاب المنيران والسهى
وقد ظهرت في الافق انجمه الزهر

ولما توافينا وقد غاب كاشح
ونام رقيب واطمأن بنا الخدر

أماطت عن الوجه المنير لثامه
فاشرق منه البدر اذ بسم الثغر

تذود عن المرجان في صحن خدها
حياءا بأجفان لها النهي والأمر

وازرت قضيب البان لما تمايلت
بأعطافها الحسنا يرنحها سكر

واعجب مما في الجبين رايته
ظلاما وصبحا لاح بينهما بدر

فلولا ظلام الشعر لاح بنا الضيا
ولولا ضياء الوجه جنّ بنا الشعر

فباتت تعاطيني المدام صبابة
ومن ثغرها الألمى المدامة والخمر

تدير الحميا بالظلام على سنا
كؤوس عقيق قد تضمنها الدر

تصافحني وجدا فيعطفني الهوى
واضممها شوقا فينعطف الخصر

وما راعني إلّا الصباح مفاجئا
وقد ذهب الديجور مذ طلع الفجر

ولما اعتنقنا للتودع وانقضت
لويلتنا رحنا وادمعنا بحر

وقمت عليلا بالغرام مقيّدا
واودعتها قلبا تلظى به الجمر


بطرس كرامة

الحمدان
07-15-2024, 05:15 PM
يهيجني التذكار عشقا ولوعة
وتردفني الأشواق وجدا على وجدي

أتاني بنقل عن عبيد وشاكر
حديث رواه الخال عن صفحة الخد

إلا أن تقبيل المباسم قربة
وأقرب منها ضم نهد إلى نهد

وفي شرح تأليف العذار مسطر
أساطير ياقوت كتبن بذي ند

فمن رام تقبيلا عبيد له لمى
رقيق خطاب راق انساً بلا صد

ومن رام ضم المعطفين فشاكر
يميس كخوط البان بالخصر والقد

وكل امرءٍ خال من الحب قلبه
فعندي ذاك المرء كالحجر الصلد


بطرس كرامة

الحمدان
07-15-2024, 05:16 PM
باح الفؤاد بسرّ كنت أخفيه
فكيف يخفى الهوى والشوق يبديه

ما زلت أكتم سر الحب في كبدي
حتى أباحت دموعي بالذي فيه

وحق أيام أنس والتقاء به
وحق ورد جني كنت أجنيه

وحق ما فعلت تلك الجفون بنا
وحق خمر حواه الدر في فيه

ما باح نطقي بكثمان الهوى أبداً
لكن عيوني أبدت ما أواريه

وجد بي الوجد من عذل العذول وكم
بدا رقيب بهذا الوجد يلحيه

فيا ليالٍ قضيناها معانقة
مع الحبيب قصيرات بناديه

وكم أويقات انس بالربوع لنا
فوق الأماني سقاها الغيث ساريه

كم موعد قد أقمنا للقاء بها
وضمنا الربع إذ ضمت حواشيه

يا طالما ذاب قلبي في هواه وكم
بد لويلا برشف الثغر ينشيه

عجبت من شخص قلبي مات فيه اسى
وكيف رشف زلال الريق يحييه

فيا نسيما سرى من مهجتي سحراً
قف بالجديد واعطف عن يمانيه

تجد نيسم غرام نافح وبه
معطار نشر فعرج نحو هاديه

وسر بطلف إلى المحبوب متبعا
شذاء عرف زكي ثمّ من فيه

فانزل وسلم على ذاك الغزال وقل
يقريك حبك شوقا كاد يفنيه

واخفض جناحا لديه عند رؤيته
واشرح غرامي الذي فيه أعانيه

وقد تركت كئيبا فيكم شبحا
من الصبابة قد بانت خوافيه

يا صاح ان جزت ذاك الحي معتمدا
نحو الأنيس الذي طابت لعانيه

أو جئت يا صاحبي نحو الديار فجز
حمي العبيد وعطفا عن شماليه

واقرا تحية حب كالخيال فلم
يدع له الوجد معنى من معانيه

فيا لويلاتنا اللاتي سلفن لنا
هل أنت بالطيف ميت الحب تأتيه

أحبابنا لم يكن لي بعد بعدكم
صبر ولا جلد مما أقاسيه

لك السلام أيا ربع الحبيب ويا
حما الحبيب ويا مغنى أهاليه

لك السلام أيا يوم العناق ويا
يوم الوداع ويا يوما ألاقيه


بطرس كرامة
سوريا

الحمدان
07-15-2024, 05:17 PM
الخالدون جمال الأرض ما طلعوا
و الخالدون سنا الآباد ما همدوا

في العبقرية أحقابٌ لهم قُشُبٌ
و في البطولة آبادٌ له، م جُدُدُ

عاشوا جمال الدُّنا نَزَلَت
بهم مناياهُمُ بين الوَرَى خَلَدوا

كأنما يبدءونَ العُمُرَ ثانية ً
فإنْ هُمُ لَفَظوا أنفاسَهَم وُلِدُوا


أنور العطار

الحمدان
07-15-2024, 05:17 PM
ألا زوديني منك آخر نظرة
تركت بها أهل الغرام عبيدا

وتعطّفي رفقاً عليّ فربما
أموت قتيلاً في الفلاة شهيدا


خالد زريق

الحمدان
07-15-2024, 05:18 PM
أشكو الغرام وأنت عني غافل
ويجدّ بي وجدي وطرفك هازل

البدر يكمل كل شهر مرة
وهلال وجهك كل يوم كامل

وحلوله في قلب برج واحد
ولك القلوب جميعهن منازل

قتل النفوس محرّم لكنه
حِلّ إذا كان الحبيبَ الفاعلُ

أرضى فيغضب قاتلي فتعجبوا
يرضى القتيل وليس يرضى القاتل


خالد زريق

الحمدان
07-15-2024, 05:18 PM
يا قاتل الله العيون فإنها
خلقن لحاظاً ما خلقن سهاما

يفتكن بالأحشا وهن نواعس
فتك النصال فلا يخفن ملاما


خالد زريق

الحمدان
07-15-2024, 05:19 PM
تشير بلحظ دونه السحر والخمر

مهاة لفرط الحسن يحسدها البدر

تقول وقد ألوى بأعطافها السكر

أراك عصي الدمع شيمتك الصبر

أما للهوى نهي عليك ولا أمر

فما لك لا تصبيك في الحب صبوة

أما لك في العشاق قبلك أسوة

فقلت وهزتني من الشوق رعشة

نعم أنا مشتاق وعندي لوعة

ولكن مثلي لا يذاع له سر

أغازل عذالي إذا ذُكر الهوى

وأصبر دائي حين لا أجد الدوا

ألم تعلمي أني ومن فلق النوى

إذا الليل أضواني بسطت يد الهوى

وأذللت دمعاً من خلائقه الكبر


خالد زريق

الحمدان
07-15-2024, 05:19 PM
أتيتك نادماً أسِفاً حزيناً
جزوعاً أرتجي عفواً وحلما

فإن تعفُ فمن شيم وخُلقِ
وإن عاقبتَ ماعاقبتَ ظلما

وإني قد دخلتُ إلى حماكَ
ومن دخل الحمى لا شك يُحمى


خالد زريق

الحمدان
07-15-2024, 05:20 PM
فخرت بنو الغزّي فيه وإنه
شهم تقر بفضله الثقلان

حبر تسلسل من سلالة ماجد
من بيت مجد شيد بالإيمان

قوم إذا آب النزيل ببابهم
فهناك يأمن من يد الحدثان

ملك إذا هاجت بحار نواله
يخشى على الدنيا من الطوفان


خالد زريق

الحمدان
07-15-2024, 05:20 PM
أأكتم حباً من جفاك تجددا
وأبدي لدي الواشين عنك تجلدا

أكفكف غرب الدمع خوف عواذلي
وهيهات لدي الواشين عنك تجلدا

أيا ربة الخال المقيم بوجنة
أحاط به ماء وجمر توقّدا

وقالت وقد عبث الدلال بعطفها
أتطلب وصلاً دونه السقم والردى


خالد زريق

الحمدان
07-15-2024, 05:21 PM
لنا نفوس لنيل المجد عاشقة
والمجد يعشقها قِدماً من الأزل

ما إن تسلّت بما يجري لنا شرفا
وإن تسلت أسلناها على الأسل

ونحن والمجد إن شبّهت ألفتنا
كالنوم ليس له مأوى سوى المقل


خالد زريق

الحمدان
07-15-2024, 05:21 PM
خفيفة الروح لو رامت لخفتها
رقصاً على الماء ما ابتلت لها قدما

هيفاء لو وطات جفناً لذي رمد
لما أحسّ لها من وطئها ألما


خالد زريق
سوريا

الحمدان
07-15-2024, 09:53 PM
ولما أن رجعنا للديار
ونلنا العفو بعد الاقتدار

نهضنا للسياحة والتسلي
وجوب البر مع خوض البحار

نزلنا مصر ذات النيل فيها
رجال العلم كالاسد الضواري

فعلم مدرسي فاق وصفا
وعلم أزهري كالدراري

وفيها الحر يبدي كل فكر
علانية برابعة النهار

بها كل التسامح فهي حقا
وأيم الله منبع للفخار

بها العباس ذو حزم وعزم
كريم النفس محمود الاثار

هويناها ومن نهوى سواها
وفيها العلم بادي الانتشار

وأسسنا بها للطبع دارا
وللأسد اقتداء بالخيار


سليمان الباروني

الحمدان
07-15-2024, 09:54 PM
ألا يا ضيف هل وجب الفرار
أم اشتاقت لطلعتك الديار

أم استعذبت باللَه ارتحالا
على عجل ليقترب المزار

فان يك ذا الجواب فلست ممن
ورب البيت ينفعه اعتذار

على أنا تواعدنا ولكن
لاجراء القضا نسخ القرار

كلانا منجز في القصد وعداً
ولكن الفتى فلك يدار


سليمان الباروني

الحمدان
07-15-2024, 09:54 PM
اسمع نصيحتنا إن كنت ذا بصر
ودع كلاما رماك الآن في خطر

واعلم بان لنا أسداً ضراغم ان
رمت النزال سقوك السم من سقر

في كل عصر لنا قوم جهابذة
بضوئهم يهتدى للطرق في السفر

وفي الزوايا خبايا والثعالب لا
تصطاد بازاً نهارا أو على القمر


سليمان الباروني

الحمدان
07-15-2024, 09:55 PM
ليتها الغربة تقضي بعجل
ويصير العام شهرا أو أقل

ونرى الشهر كيوم ينقضي
والليالي تنطوي طي السجل

هين ذاك وان كان كما
قيل من أعمارنا ذاك العجل

ساعة تعدل شهراً عندنا
فمتى يا هل ترى نيل الامل

فابو النصر أني بالحق اذ
قال لما حل لالوت الجبل

رزقنا في دارنا خير لنا
شامنا جنة فردوس الحلل

أي شيء عندنا أشهى لنا
من لقاكم حاشا لو كان عسل

فمنانا وصلكم عزما على
أحسن الاحوال في ذاك المحل

بالنبيء المصطفى خير الورى
احمد الامي ذو القدر الاجل

صل يا رب عليه وعلى
آله ما ابن البروني اشتغل


سليمان الباروني

الحمدان
07-15-2024, 09:56 PM
وداعا يا ديار العز حتى
أعود إليك في أهنا نهار

إذا ما نحو قطرك مد خط
حديدي إلى تلك القفار

ونور الكهرباء أتاك يسعى
وقيل الماء في البيداء جاري

وطهرت العيون وقام حزب
بمعدنك النفيس وبالاثار

وشيدت المدارس واستقامت
رجالك واكتست ثوب الفخار

وخاطب فيك بالتلفون خل
يريد البحث عن حال التجار

وحررت الجرائد واستعدت
مطابعها الى نشر القرار

ورقيت الصنائع واستفاقت
شبيبتك الحليفة للديار

وجاب الشهم منها الارض علما
وخاض بحزمه لج البحار

وجاري في السياسة من أوروبا
رجالا زاحموا قطب المدار

وأبدى الكد مخترعا مجداً
يجر النفع من تحت الستار

هناك تكون يا وطن المعالي
غزير العلم مجتمع النضار

يسود المرء فيك ينال عزا
يحوز الأمن يطمع بانتصار

رزقت بدولة تسعى دواما
لتهذيب الكبار مع الصغار

وما نجع الدواء وما استفاقوا
لحبهم الدمار على العمار

الا يا قوم قد نمتم طويلا
وهمتم بالجهالة في البراري

فهل من يقظة تشفي غليلا
وتمحو ما استوى من سحب عار

فهموا واصدقوا فالصدق فيكم
عريق واحفظوا حق الديار

وإلا فالوداع وكل قطر
به الإسلام يصلح للقرار


سليمان الباروني

الحمدان
07-15-2024, 09:56 PM
قم يا محمد يا ختام المرسلين
وانظر بعينك كيف حال المؤمنين

تجد الأمور تحولت عن حالها
والدين في عهد السياسة قد أهين

حل الحرام بلا نصوص تقتفى
واستهزأ العاصي بحال المتقين

واستفحل الجهال واشتد البلا
واستصغر العلماء حزب الأمين

الخمر في سوق التجارة رائج
أما الخنا فغدا شعار العالمين

عيب امرؤ قال الصلاة فريضة
والصوم ضاع وحرم الحج الثمين

هذا الزنا أبوابه مفتوحة
اما الربا فتجارة المستسعدين

آه بمولدك الشريف تنوعت
طرق المعاصي في بلاد المسلمين

لا نهي بل لا أمر بل لا منتهى
حار الدليل وغار حزم المرشدين

من ذا لدينك يا محمد بعد ذا
والله أسدى أجره للمحسنين

غير الخليفة في الورى سلطاننا
من آل عثمان أمير المؤمنين

فليبذل الجهد العظيم مؤدياً
حقاً لينصر في دفاع المجرمين


سليمان الباروني

الحمدان
07-15-2024, 09:57 PM
هي الحياة تجددت بقوانا
ما مات كامل بل تعاظم شأنا

حياً وميتاً أنت قائد أمة
يا مصطفى كانت تقاد هوانا

لو كنت تعلم ان موتك جامع
تلك القلوب لكنت غبت زمانا

أحييت في يوم بموتك عنصرا
لو عشت ما ألفت منه عنانا

أبقيت ذكرا ساطعا لا ينطفي
وأقمت حزبا في العلا يتفانا

أبكيت من ملأ السرور جرابه
بل كان موتك في الصدور سنانا

ابكيت جل العالمين فكبروا
وتحسروا اذ قد بعدت مكانا

ما مت لكن قد تسلمك القضا
وجلاء خصمك من بلادك حانا

ما مات بل من قبل كنت معانداً
والآن قال الكل انت هدانا

ما مت لا غلط رثاؤك مصطفى
بل زدت عمرا والمعاند لانا

ما مت لا والناس كل للفنا
لكن سبقت لكي تحوز رثانا

ما مات من ترك السياسة تقتفي
فلم البكاء وقد شددت عرانا

قد كنت تسعى أن تؤلف أمة
فتألفت مذ نعي خطبك جانا

ما كنت تعهد أن حزبك هكذا
عددا وحزما يا مدار رحانا

ما كنت تعهد أن مصر بشعبها
تهز يوم الاربعين حنانا

ما كنت تعهد أن حبك كامن
في كل صدر يا عظيم رجانا

كم مات من شهم وكم بطل مضى
بل كم مليك للمنية عانا

شهدت جنازته الوفود تكلفا
وتوقياً وسياسة وأمانا

لكن لمشهدك العظيم تسارعوا
خيلا ورجلا عزة لحمانا

فكأن مغناطيس هاتيك الورى
بفسيح قبرك يوم ظعنك كانا

لو قمت قلت من الذي يرثونه
أولي أم ملك الملوك تفانا

لا تعجبن اذا القضية جاوزت
حد المقام فذا المصاب دهانا

صعب علينا رزء فقدك اذ علي
ذو المجد في صحف اللواء دعانا

لا زال يخفق والشبيبة ترتقي
والصيت يصعد والنفاق مهانا

ما مات من ترك الشقيق مؤديا
حق اللواء ولم يكن يتوانا

فاسلك أبا الحسن السبيل ولا تهب
فالحق حصحص والمخالف دانا

ما غاب صنوك والرياسة بعده
لفريد اذ خدم الكمال مجانا

والله يلهمك الرشاد ويرزقن
صبراً ليذعن للرحيل عدانا


سليمان الباروني

الحمدان
07-15-2024, 10:06 PM
الروض باكرها الغمام وهزها
روح النسيم فغنت الأطيار

وتعانقت أغصانها وتبسمت
منها الزهور وفاحت الأنوار

وبدا للألحان الحمام ترنم
باسم الجليل المجتبي المختار

والي الولاية حافظ باشا الذي
من حسن سيرته المجالس حاروا

بالحق والعدل المنير علاله
صيت له فوق السماك منار

فالحلم فيه سجية مشهورة
ولذا بدا من عفوه الاكثار

خدمته أيام السعادة والرضا
فاموره وفق القضا تختار

ما هم بأمر قط الا ناله
ما للصعوبة في مناه مدار

فيمينه من كفها نبع الهنا
وشماله للمجرمين قرار

ذو فكرة وقادة وفراسة
وجسارة منه الليوث تواروا

يبدي بثاقب فكره ما لم يكن
في طوق انس لم يشنه عواز

ضبط الامور وصان سبل نجاحها
في طوعه كل العباد تجاروا

فازت طرابلس به وتزينت
وتباشرت بقدومه الاسوار

بسط الهنا والأمن في أرجائها
فغدت تشد لقطرها الاوقار

نادى منادي العز في اكنافها
فتهللت لندائه الاقطار

ولذا الورى من كل أقليم انو
فكأن مكة بالحجيج تزار

وكأن مغناطيس أفئدة الورى
قطب بمركزها اليه يشار

يا من أردت سلامة ونزاهة
ورياضة تزهو بها الانظار

فاقبل على الزهر طرابلساً وعش
في ظل والٍ نعم ذاك الجار

واشرب هنيئا وساترح فيها ودع
مصراً وقل ما الهند ما البلغار


سليمان الباروني

الحمدان
07-15-2024, 10:07 PM
يا سيد ما أنت إلا سيد
للنشأة الزهرا دليل كالعلم

شهم إذا ما رمت قصداً للعلا
بحر السياسة ان تناولت القلم

بطل إذا ما شئت اعلان الولا
تسمو بك الاوطان يا بيت الحكم

أحييت جهرا ليلة سدنا بها
كل الورى وبها انجلت عنا الظلم

في يومها جلس الخيفة بالرضا
عبد الحميد على الكيان المنتظم

عرش الخلافة فاتحا بيمينه
باب الصفا وشماله سيف النقم

ما قامت الاعياد لولا يا فتى
ذا العيد أو كانت على وشك العدم

مالا تتم الواجبات بغيره
حق اتفاقا والاصول بذا حكم

عابوك حقداً شأن كل مهذب
ذي نعمة والله يجزي من ظلم

دع خائضا في غيه وأصبر كما
صبر الكرام الأولون من الامم

ولك الثنا والشكر من كل الملا
في دائرات الحرب أو حال السلم

ولمثل ذا فليعمل الاقوام او
فليفسحوا عند الزحام لمن عزم

وتفخر فعل لا مقال فكاهة
والذين بالافعال والاقوال تم


سليمان الباروني
ليبيا

الحمدان
07-15-2024, 10:07 PM
بأبي من زارني ملتثماً
وجلاً من رقباء الحرس

فهو كالبدر بدا مبتسماً
يتوارى تحت ذيل الغلس

جال ماء الحسن في وجنته
بين آس وبهار وشقيق

وبدور التم من غرته
تتجلى في صباح من بريق

وشموس الراح من ريقته
في كؤوس من جمان وعقيق

فترى الناس سكارى كلما
أسفرت فوق شقيق اللعس

يا حمى الله حمى ذاك اللمى
من شفاه الناظر المختلس

تعشق الألفاظ معناه فلا
تنكروا في وصفه اللفظ الرقيق

يترك اللب لماه ثملاً
كلما مر بمعناه العتيق

ترشف الأسماع منه غزلاً
كمنت في جسمه روح الرحيق

هل رأيتم أو سمعتم كلما
يثمر الدر بروض المجلس

فلماه قوت روح الندما
وجناه منية المغترس

مستعيراً خصره من جسدي
غصن بان يزدري بالخيزران

كلما يفتر أوهى جَلَدي
بأقاح من ثناياه الحسان

هل رأيتم عسكراً من بَرَد
في ثغور من عقيق وجمان

كلما يبدو لنا مبتسما
يغلب الوجد على المحترس

فاصطباري قد مضى منهزماً
وسلوِّي معرض في عبس

تغرس الآمال في روض المنى
كل حين شجراً لن يثمرا

طالما عللت لحظي بجنى
وجنتيه فاجتنيت السهرا

رقّ في معناه شعري فانثنى
خجلاً قول رئيس الشعرا

هل درى ظبي الحِمى أن قد حمى
قلب صب حله عن مكنس

فهو في حرّ وخفقٍ مثلما
لعبت ريح الصبا بالقبس

بأبي من زارني مختلساً
فرصة من بعد عجز الحيل

ليت شعري مذ تجلى هل كسا
بدمي خدّيه أم بالخجل

يا رعى الله غزالاً ما غزا
مهجة إلا سباها ونفر

إن تثنّى أو رنا أو برزا
ترَ غصناً وظبياً وقمر

فاق في الحسن فلما غمزا
قيل بدر التم في ليل الشعر

ها أنا من حبه مت أسى
وهو عن إعراضه لم يحل

ليته متَّع سمعي بعسى
أن تراني يا حليف العلل

أجتني التفاح من خدّ المليح
إن تبدّى بأكف الحدق

وأرى من ذلك الوجه الصبيح
فلقاً ينسخ نور الفلق

آل ودّي أن لي قلباً جريح
هائماً في حبكم لم يفق

فارحموا بالوصل صباً يئسا
من سوى السقم وقرب الأجل

فهو ساه ساهر ما أنسا
بأنيس بعدكم يا أملي

ضاع صبري في هوى الغزلان ضاع
وهو لم يسعفوا قلبي بشيّ

تركوني هائماً يوم الوداع
وكووا قلبي بنار الهجر كي

شاع شأني فيهم بالحب شاع
وأبوا أن يعطفوا يوماً عليّ

فمنامي من جفوني خلسا
وغرامي زائد لم يزل

آه من ذكر زمان عبسا
وتولى بعد صفو مقتل

يا أهيل الودّ قد ذاب الفؤاد
من لظى الهجران والدمع رقا

هل ترى ترجع أيام الوداد
ونعود مثل ما قد سبقا

ويرى طرفي عياناً من أراد
وأراني طيبه منتشقا

وترى منه إقاحاً حرسا
ذلك الريق الشهي السلسلي

وأرى طرفاً سقيماً نعسا
فاخر الكحل بغنج الكحل

ليته أبقى لعيني الوسنا
علني أحظى بطيف الحلم

فاشتياقي قد أضرّ البدنا
وبكائي شاب دمعي بدمي

يا لصب ذاب وجداً وضنا
وأسير في قيود الألم

قال بعض الناس لما أنسَ
حرق الشوق وفرط العلل

اعتزله فلقد ذبت أسى
قلت دعني لست بالمعتزلي


مصطفى بن زكري

الحمدان
07-15-2024, 10:08 PM
براني الضنى حتى خفيت عن الورى
وأمسيت في طي الوجود مقدرا

كأني ضمير يستحيل بروزه
أقدّر في الأوهام شيئاً ولا أرى

وقد كنت أشكو قلة النوم والضنى
فمن لي بأن ألقى السقام وأسهرا

وأنكرني من لست أعرف غيره
وقال متى رق الفتى وتغيرا

فواحرقي مما ألاقيه في الهوى
وشوقي إلى من لا يرى فيه ما أرى

أعلل نفسي باللقاء وأجتني
ثمار الأماني في الغرام تصبّرا


مصطفى بن زكري

الحمدان
07-15-2024, 10:09 PM
وينسبني للترك والروم معشر
ولست بتركِّي ولست بروماني

ولكنني من يعلم الله سره
ويعلم بالإسلام وجدي ووجداني


مصطفى بن زكري

الحمدان
07-15-2024, 10:10 PM
وظائف الإنسان في دنياه
أن يعبد الله وأن يخشاه

وأن يكون راضياً بما قضى
ولم يكن لحكمه معترضا

واعلم بأن لعلم نور وهدى
والجهل لا يأتي بخير أبدا

سبحان من منّ علينا بالقلم
وعلّم الإنسان ما لم يعلم

من مارس العلوم والعرفانا
يجني ثمار المجد حيث كانا

والزهد في العلم من الحرمان
والمرء بالقلب واللسان

من لم تهذبه فنون الوقت
لا زال ملحوظاً بعين المقت

والبحث عن طبائع الزمان
من الضروريات للانسان

من لم تحنكه يد التجريب
يعيش في دنياه كالغريب

وعزة المرء من رأس المال
فلا تهن نفسك بالسؤال

وتبتغي من فضله تعالى
رزقاً هنيئاً طيّباً حلالا

وأقرب الناس إلى الحرمان
من قطع الأيام بالأماني

فانهض بخير حسب الاستطاعة
ونعم كنز المؤمن القناعة

والقصد في العيش من التدبير
والمال لا يبقى مع التبذير

كما تدين في الورى تدان
ومن أهان غيره يُهان

ولا تَردِ موردَ الشقاق
والزور والبهتان والنفاق

فربنا جلَّ عظيم الشان
يأمر بالعدل والإحسان

واستعمل الرفق تجد رفيقاً
ولا تجد لأحمق صديقاً



مصطفى بن زكري

الحمدان
07-15-2024, 10:10 PM
زمانك حياة نشر الترقي
فبشرى طرابلس بالترقي

وشمس المعارف بالغرب لاحت
فتاة بطلعتها كل شرقي

تدير سلاف الحوادث صرفاً
وراح الأماني براحة صدق

وطالع سعد المنى حيث وافى
يؤرخ حياة نشر الترقي


مصطفى بن زكري

الحمدان
07-15-2024, 10:11 PM
بدا ثغر الولاية في أمان
بحسن مآثر السعي الحميد

وبدر تمامه وافى بشيراً
بنصر الدين في العصر السعيد

فقلت مؤرخاً نصر سعيد
بنصب مدافع الطرز الجديد


مصطفى بن زكري

الحمدان
07-15-2024, 10:11 PM
فعال البرِّ لا تخفى ولكن
يخص الله منها من أراده

ويرشد من يشاء لخير سعي
ويجعل من جنى تقواه زاده

وأرشد أحمد الرخصي لمّا
بنى لله مسجده وشاده

وقد وافاه تاريخ هناء
تدوم لك المكارم والسعاده


مصطفى بن زكري

الحمدان
07-15-2024, 10:12 PM
ألا يا راجياً عفواً ولطفاً
بفعل البر أبشر نلت زلفى

لقد أحدثت بئراً في فلاةٍ
وأجرك عند ربك ليس يخفى

ومن عطش شفيت صدور قوم
فمن حوض المشفع سوف تشفى

وقال لدى التمام أرّخ
ردوه فماءه عذب مصفى


مصطفى بن زكري

الحمدان
07-15-2024, 10:12 PM
بشير السعد أم ثغر التهاني
بدا يفترّ عن در الأماني

بدا يدعو طرابلساً لمجد
وفخر لا تطاوله اليدان

فأطربنا براح من سرور
يدار على القلوب بلا أوان

بتعليم السلاح وأي مجد
كتعليم الرماية والطعان

وطال مطاله عن طالبيه
وهل تجنى الثمار بلا أوان

وحيث دعاك للعلياء داعٍ
فلا تقنع بمنزلة الجبان

ترى هل تنكر العلياء نفس
وتسمح نفس حر بالهوان

ومن يجد المزيد من المعالي
أيحسن أن يقول إذاً كفاني

أيطرق عين همتنا سهاد
وهمّتنا تجلُّ عن البيان

ألسنا في الطراد بنو نزال
وفي الهيجا بنو سبق الرهان

سلونا كل شاغلة وقمنا
بتعليم الرماية والطعان

وهل تهوى أكف الأسد إلاّ
مصافحة المهنّد واليماني

وأشهد أنه أولى مهم
وأفضل ما تقدمه اليدان

وقد منّ الحميد به علينا
فما عذر اللبيب عن التواني

وكم لك أيها الملك المهنى
علينا من أيادٍ كل آن

أيادٍ لا يقوم بهن شكر
وشكر لا يقوم به لساني

وهل تجد البلاغة من سبيل
إلى معنى شمائلك الحسان

سمت علياك عن رتب المعالي
فخرَّت سجداً آي المعاني

فلا زالت عبيدك في هناء
ولا زالت بلادك في أمان


مصطفى بن زكري

الحمدان
07-15-2024, 10:13 PM
شهدت بحزمك في الأمور مساجدُ
ونفوذ همتك الزكية شاهد

وسعود سعيك في الولاية أسفرت
بين الأنام فما يقول الجاحد

ماذا يروم الحاسدون وما عسى
أن يكتموه وحسن ذكرك شايد

تغفى جفون سواك عن رتب العلا
جهلاً بها ويبيت جفنك ساهد

حتى جمعت من الفخار مراتباً
تقضي بأنك في المفاخر واحد

شاهدتم فعل الزمان بمسجد
نزل الخراب به وفرّ العابد

فكأنما فيه الغراب مؤذن
وارمل معتكف لديه وساجد

يشكو تصدّع قلبه من هجره
ويقول ما للهاجرين تباعدوا

فأجبتموه وقد جبرتم قلبه
ودعا كثيراً قبلكم فتزاهدوا

وجمعتم في كل وقت شمله
بالعابدين وأجره لك عايد

ونسبتموه إلى الحميد فيا لها
من نسبة شهدت بأنك حامد

وتمامه وافى بألطف مسجد
يفنى الزمان وفيه ذكرك خالد


مصطفى بن زكري

الحمدان
07-15-2024, 10:33 PM
عوارض آس ما أرى أم زبرجد
وياقوتة أم ذاك خدّ مورّد

وطل أقاح أم رحيق معطر
وأسهم لحظ أم حسام مجرد

بروحي أغن فاتر اللحظ فتنة
رقيق المباني أزهر اللون أغيد

يعنفني فيه العذول بجهله
وهل يبصر الشمس المنيرة أرمد

وقد شهدت كل الأنام بأنه
أغنى وقلبي في هواه مقيد

كما شهدت لابن الحبيب بأنه
همام إليه المجد يعزى ويسند

جواد ترى في كفه البحر تارة
وأخرى ترى ناراً بها تتوقد

وفي صدره بحر من العلم وافر
طويل مديد كامل لا يحدّد

كفيل بتوضيح المعاني بيانه
وألفاظه در فريد منضد

فيا واحد الدنيا مثناك لم يرد
وجمع العلى يقضي بأنك مفرد

وأمرك ماض ما له من مضارع
وحمع العلى يقضي بأنك مفرد

خفضت العدا لما انتصبت لجزمهم
وقدرك مرفوع البناء مشيد

قطعت رقاباً طهّر الأرض قطعها
وواصلها منك الحسام المهند

كأن ذباب السيف مغرىً بحبها
وتقبيلها فرض عليه مؤكد

ولما براه الشوق ألقى بنفسه
عليها كأن الحرب للوصل موعد

وكم جرع الأبطال نجلك في الوغى
كؤوس المنايا والحسام لها يد

وهل تلد الآساد إلا ضراغماً
تصول وتحظى بالثناء وتحمد

وجاد ولم يبخل أخوك بنفسه
فلله فضل قد حواه وسؤدد

وحسن ختام المرء فكيف من
قضى في سبيل الله وهو مجاهد


مصطفى بن زكري

الحمدان
07-15-2024, 10:33 PM
يهيم قلبي بمن رقّت شمائله
ويسأل الوصل ممن لا يواصله

فليت شعري وثوب الصبر منخرق
ما ضرّه لو بمعروف يعامله

يا مفرداً سحرت قلبي لواحظه
أما ترق لجفن رق وابله

يا قلب ما لك في نيل المنى طمع
قد صحّ بأسك ممن كنت تأمله

فدع هواه وقلد عقد مدحك من
يطوي الزمان ولا تطوى فضائله

كنز المفاخر بحر الجود وافره
وليس يعلم شخص أين ساحله

ولا مخافة من محل السنين ومن
تأخر الغيث ما دامت أنامله

وما دها المجد يتم بعد والده
وكيف يبقى يتيماً وهو كافله

لله متسم بالعدل مغتنم
للفضل مبتسم من ذا يشاكله

كأنه في سماء المجد بدر دجى
وسعده لاح بالبشرى يقابله

يا مدَّعي جمع ما قد حاز من شرف
أفنيت عمرك فيما لا تطاوله

فكيف تجمع ما في البحر من درر
تحصى الرمال ولا تحصى فواضله

عوامل الرفع لا زالت مصاحبة
له ويخفض من عاداه عامله

تراه في موكب الشجعان حمزتهم
وظافراً بالذي يرجو ويأمله

لم يشتغل بعلوم عن فرائضه
بل أتعبت كاتب اليمنى نوافله

يا خير من أسس العلياء وافتخرت
به على سائر الدنيا قبائله

يرجو ابن ذكري دعاء منك ينفعه
يفوز بالخير في الدارين نائله

فاسمح فدتك نفوس العالمين بما
رجوت منك فخير البر عاجله


مصطفى بن زكري

الحمدان
07-15-2024, 10:34 PM
قمر تجلى في سماء كماله
ولدى الخلافة تم بدر جلاله

سلطاننا عبدالحميد وناصر الدين
الذي حمدت جميع خلاله

ورث الخلافة والمفاخر بعدما
حرز المكارم والعلى بنباله

وبما تشبَّه أو تقاس خصاله
ومكارم الأخلاق بعض خصاله

بلغت به الأيام من رتب العلى
شرفاً يزول الدهر قبل زواله

وسمت برتبته الخلافة واكتسى
بوجوده الإسلام نور جماله

جادت بطلعته العصور وأقسمت
أن لا تجود على الورى بمثاله

ولئن تأخر في الزمان وجوده
فلقد تقدم في جميع فعاله

فإذا ذكرت المجد فهو أساسه
ورضيعه في المهد قبل فصاله

وإذا تنازع في المكارم معشر
فهو الذي عمَّت صلات نواله

وسلوا خزائنه وما شهدت به
من فيض جود يمينه وشماله

فالجود من قرنائه والحمد من
أسمائه والشكر من أقواله

ساس الأمور بنفسه فدنت له
وسعى بهمته إلى آماله

ولربما ترك المهم سياسة
فيظنه الجهال من إهماله

خضعت لطالع سعده وسنائه
همم الملوك مهابة لجلاله

ليث الكفاح وناصر الدين الذي
ضاقت بطاح الأرض عن أبطاله

فرقاب من عاده غمد حسامه
ودماؤهم لا زال ورد نباله

ودفاعه بمدافع الطرز الذي
كادت تمور الأرض من زلزاله

فترى وتسمع إن شهدت حروبه
ليلاً ورعداً مبرقاً بنزاله

فأعيذه بالله من حسّاده
وأجيره بالهاشمي وآله

وأقول في حسن الختام مؤرخاً
قمر تجلى في سماء كماله


مصطفى بن زكري

الحمدان
07-15-2024, 10:34 PM
أفديه من طيف أتى وانثنى
في صفة المستعجل المختفي

أباحني رشف اللّمى والطلا
وافترّ عن درّ بلا صدف

فلن يزال المسك عطر فمي
ولن يزال الشهد مرتشفي

ملأت قلبي من هواه كما
ملأت من أوصفاه صحفي


مصطفى بن زكري

الحمدان
07-15-2024, 10:35 PM
جرى بشقائي عليك القدر
فيومي بكاء وليلي سهر

وقد نسجت لي برود الجوى
يد العبرات بغزل الصبر


مصطفى بن زكري

الحمدان
07-15-2024, 10:35 PM
يسوم منا العداة ودّاً
والمكر في ودّهم كمين

فلا تصدق لهم بودّ
كُلٌ عدوّ لنا مبين

وكيف نرعى ذمام قوم
ليس لهم في الزمام دين


مصطفى بن زكري

الحمدان
07-15-2024, 10:36 PM
يمر الزمان ولا نلتقي
وقد جلب البين ما نتقي

فبالله يا وجد لا تنقضِ
وبالله يا دمع لا ترتقِ

ويا عاذلي عنه لا أرعوي
ولو كان وجدي به محرقي

ولا زلت مغرىً به مغرماً
ولو ضحك الشيب في مفرقي

وماذا عسى أن يقال سوى
فتنت ببدر الدجى المشرقي


مصطفى بن زكري

الحمدان
07-15-2024, 10:36 PM
تقنع بالورد من لطفه
ليخفي الجمال فلم يخفه

وراقبني مقبلاً فاختفى
فنمّ عليه شذا عرفه

وحيّا فأحيا قتيل الأسى
وفزت بقبضي على كفه

وأدهق كاس الوداد وطاف
به دعج السحر في طرفه

ومال بخصر رقيق البنا
أرق وألطف من وصفه


مصطفى بن زكري

الحمدان
07-15-2024, 10:37 PM
لوصفك ينتمي كلمي
ويطرب في يدي قلمي

وغيرك لا يمر على
ضميري إن جرى بفمي

فما لك معرضاً عمن
تعرَّض فيك للألم

وحقك لا أقيلك في
هواك ولو أرقتدمي

أعوذ بحسن وجهك أن
أسوم هواك بالسأم


مصطفى بن زكري

الحمدان
07-15-2024, 10:37 PM
يرق لوصفك الغزل
وتألف حسنك المقل

وحيث أتيت منفرداً
أتت لصفاتك الجمل

يسام بك الغرام ولا
يباع بسوقك العدل

وإنك في الهوى ملك
تودّ نفوذه الدول

فأسألك العدالة في ال
محب وأنت معتدل

فصبري عنك منقطع
ووجدي فيك متصل


مصطفى بن زكري

الحمدان
07-15-2024, 10:38 PM
أسير هواك لا يرجو سراحا
ولا يلتذّ بعد لماك راحا

وقد طال المطال فليت شعري
أيحسن أن يقول الناس باحا

وما سلّمت مذ حرّمت وصلي
فكيف تحرم النظر المباحا

بروحي فاتر الألحاظ أحوى
بكسر جفونه مزج المزاحا

يصول على الفؤاد بها صحاحاً
ويثخن كسرها قلبي جراحا


مصطفى بن زكري

الحمدان
07-15-2024, 10:38 PM
إذا لم تطق ذل الهوى وهوانه
فدع عنك أمراً لا يقوم به الصبر

وسل أن يعافيك الإله من الهوى
إذا شئت عيشاً لا ينغِّصه الهجر


مصطفى بن زكري

الحمدان
07-15-2024, 10:39 PM
تعجب قومي من بديع تغزُّلي
وقالوا لقد زفت إليك البدائع

وما بفتى يستخرج الدرَّ بدعة
وفي نسخ الوجه الجميل يطالع

مصطفى بن زكري

الحمدان
07-15-2024, 10:39 PM
وروض يروق الناظرين وإنما
جرى ذكر من أهوى فهمت به وجدا

وقلت لعيني هل تجاري عيونه
فجارت ولم تترك لوفد الأسى وردا


مصطفى بن زكري

الحمدان
07-15-2024, 10:40 PM
سأسعف قلبي في الهوى بعذابه
وأترك ذكري خالداً بذهابه

وأمنع لحظي أن يفوز من الكرى
بطيف خيال يقتضي سدّ بابه

فسر بي رعاك الله يا داعي الهوى
إلى منتهى وادي الأسى وسرابه

وعرِّج على حيّ الغرام وحيه
وسله متى نحظى بوصل ترابه

وروّح فؤادي من شمائل مبعدي
براح يهيم الصب قبل شرابه


مصطفى بن زكري
ليبيا

الحمدان
07-15-2024, 11:51 PM
أترى هل لسؤالي من مجيب
مقنع في رده يشفي الغليل

والليل العقل عني لا يغيب
أفلا يعقبه الصبح الجميل

ما لعيني لا ترى السر العجيب
في اختفاء الروح بالجسم الثقيل

ما لسمعي لا يعي صوت الرقيب
عم هذا الكون أم ذا مستحيل

أنا لا أدري ومن لي باليقين
ما وجودي بين خلق وممات

ما جداء العقل في ليل الظنون
وهو سلطاني لحل المشكلات

ما لروحي ألفت سكنى السجون
وهي نور كيف تهوى الظلمات

من أنا إني إمام الجاهلين
وقصارى العلم عندي ترهات

أنا أهوى الظلم لا أدري لما
لا أحب العدل فيما أحكم

لا أقول الحق إلا مرغما
ولغش الناس جهدي أقسم

من نفاقي حكت ثوبا محكما
ظاهري شيء وسري مظلم

من أنا إني مثال رسما
لبني آدم رسما يفهم

أنا في سرى لئيم فاسق
وأمام الناس أدعو للصلاح

أتقى الخلق وأما الخالق
فأرى عصيانه سر النجاح

ما أطعت الله إلا واثق
من جحيم ما لغاشيه براح

من أنا إني مثال ناطق
لك يا إنسان والحق صراح

أنا عن رغمي أرى غيري يسود
أو أرى في الناس شخصا نابها

وبودي ليس في الدنيا سعيد
ما عداني فأنا أحرى بها

أتمنى الناس لي مثل العبيد
أن قطيع الضان في أعشابها

من أنا إني إنسان رشيد
وقف النفس على محرابها

أنا إنسان ترى أين الضمير
أين وجداني وأين العاطفه

أدعيها للورى ظلما وزور
وهي مني قد تولت خائفة

أنا وحش أنا شيطان نكير
أنا من شب الحروب الخاطفة

وأنا الإنسان ذو العلم الغزير
واختراع الطائرات القاذفة

من أنا ماذا استفاد العالم
من وجودي ليت حوا لم تلد

وأنا أنت كلانا ظالم
لا يحب الحق غاو مستبد

ضجت الأرض وربي عالم
أنها ضاقت بإنسان فسد

على طوفانا عليها عائم
يذهب الرجس فقد طال الأمد


ابراهيم الاسطى

الحمدان
07-15-2024, 11:52 PM
من لي الهي بصبر في ملماتي
في الحال منها وفي الماضي وفي الآتي

خلقتني شاعرا لو مر بي ملك
خاف عن العين لاسترعى انتباهاتي

أو غرد الطير في الأحرش من طرب
أو حرقة لغدت تؤسيه آهاتي

أو هبت الريح هونا أو بزوبعة
أو قصف رعد وبرق في دجنات

أو زمجر البحر والأمواج هائجة
أو أرسلت شهبها زرق السماوات

لحست الروح في كل مآثره
وأظهرتها شعورا في بويتان

من أين لي الصبر والأحداث قاطبة
خلقتها لتعكر صفو ساعاتي

في السوق في البيت في نومي وفي سهري
في ثورتي في سكوني في خيالاتي

في الدار في الحان في الأفراح في مرحى
بين الرياض وحتى في صلاواتي

في كل هذا أرى شبح الشقاوة ما
ينفك يتبعني في كل أوقاتي

وارتجي عبثا يوما أعيش به
قرير عين فلم أطلب بتاراتي


ابراهيم الاسطى

الحمدان
07-15-2024, 11:53 PM
غرد فشأن البلبل التغريد
لا يسكتن الصادح التهديد

واترك قصيداً في الحياة مدويا
فكأنه الذرات والطوربيد

يبقى مع الأيام ما سجلته
من كل قافية لها ترديد

ويزول وهم الواهمين وينجلي
ليل دقائقه البغيضة سود

رجع من الألحان نغمة مصلح
واترك رؤوس المفسدين تميد

يا شاعر الوطن المشتت شله
لحن نشيدك فالشباب جنود

واقرع لهم طبل الحماس فإنهم
يوم الكريهة جنة وأسود

لا يرهبون الموت إن دماءهم
ستراق إن لم يحصل التوحيد

توحيد هذا القطر ثم خلاصه
ثم الإمارة ما لها تقييد

هذي مبادئنا وهذا قولنا
في كل حين والأنام شهود

إن الشباب موحد في رأيه
وكما علمت فرأيه محمود

قف دون رأيك في الحياة مجاهدا
إن الجهاد فضيلة وخلود

غذ العقول بوحي شعرك إنه
للنفس نعم البلسم المنشود

شيطان شعرك كالملاك لأنه
يدعو لوحدتنا وذا المقصود

وعصاك مثل عصا الكليم فلا تخف
سحرا فباطل سحرها محدود

فالحق يعلو فوق كل منمق
من باطل في طعمة القنديد

لا تخش لوم اللائمين وكيدهم
فعليم الكيد الوضيع يعود


ابراهيم الاسطى

الحمدان
07-15-2024, 11:54 PM
الله أكبر والتكبير من دأبي
إذا اعتراني ما يدعو إلى العجب

قل لي بربك ما هذا النداء وما
هذا الذي جعل الأقوام في طرب

ماجد في الشرق قل إني أرى عجبا
في كل عاصمة عيد بلا سبب

دار السلام بها الأعلام خافقة
وجلق ظهرت في ثوبها القشب

ومصر أحسبها والبشر يغمرها
مجموعة نسقت من لامع الشهب

وعدن في حسنها صارت كجنتها
والأرز من فخره يعلو على السحب

أما الرياض فقد حاكت ببهجتها
ما قيل عن جنة في أشرف الكتب

وفي فلسطين هذا اليوم منقطع
نظيره بهجة في سائر الحقب

عمان يا حسنها والعيد مزدوج
والنهر من طرب في شبه مضطرب

والقوم في كل قطر للعروبة قد
علاهم البشر بعد الغم والنصب

وفي نداءاتهم تمجيد وحدتهم
وفي قلوبهم شيء من الغضب

إن زال موجبه زالت بوادره
وإن يظل فإن الحكم للقضب

الآن آمنت هذا العيد يعصمنا
من التفرق أو من حكم مغتصب

الله أكبر هذا اليوم للعرب
عيد لوحدتهم في القصد والأدب

عيد به وقعوا ميثاق جامعة
توحد العرب في قصد وفي طلب

وشيدوا ركنها العالي وغايتهم
توحيد ضاد ونعم الرمز من نسب

وحققوا أملا كم كان ينشده
أمثال فيصل ذي ملك وذي نشب

لو أن معجزة لله تبعثه
حيا لأعجب بالعزام والنجب

من البهاليل أبناء العروبة من
جاءوا بمعجزة في وحدة العرب

لو أن غايتهم فوق النجوم لما
أعيتهم وأتوا للقصد بالسبب

يا بارك الله فيهم من جهابذة
صانوا الكيان من التصديع والعطب

إن العروبة ما دامت تمجدهم
جدت إلى الجد أم خفت إلى اللعب

أبناء يعرب هذا العيد مرحلة
قطعتموها فجدوا السير في الطلب

فعصرتا قلب خطوا طريقكم
وحاذروا من وعود الزور والكذب

لا ترجعوا أبدا سيروا بنا قدما
إلى الأمام فإن الوقت من ذهب

نشيدنا دائما في كل مرحلة
الحق للسيف ليس الحق للكتب


ابراهيم الاسطى

الحمدان
07-15-2024, 11:54 PM
أقبل الشعب ثائراً فاستهانا
بالمنايا ولا يلاقي الهوانا

غضب الشعب حين قال حليف
بعد عامين نرجع الطليانا

هب كالسيل لا السدود استطاعت
وقف تياره فجاز المكانا

يرفض القول بالفعال فكانت
ثورة الحق عنده البرهانا

أعلن الشعب سخطه لاتفاق
بين أحلافنا وبين عدانا

عجبا للزمان صار عدو الأمس
خلا وخل أمس مهانا

هكذا الانجليز لا عهد يرعون
ولا ذمة ولا أيمانا

قد تناسوا صراعنا ثلث قرن
في دفاع مروع عن حمانا

فاشترينا الخلاص بالثمن الغالي
لأن الخلاص جل منانا

ودفعنا النقود حمرا فكانت
ليس إلا أرواحنا ودمانا

إننا نأخذ الحقوق اقتدارا
من ترى نال حقه إحسانا

هزت الكل ثورة الشعب حتى
غير الجل رأيه وتوانى

قرر الشعب في وضوح وحزم
أنه اليوم أعلن العصيانا

ثم يأتي من بعد هذا جهاد
لا نبالي لو أنه أفنانا

وإذا لم يكن من الموت يد
فمن العجز أن تكون جبانا

غضبة الأسد في العرين أعادت
للعقول الصواب والاتزان

عندما صوت الكثير على المشروع
رفضا تغيرت ألوانا

بعضهم واجم وبعض طروب
قال مرحى وصفق استحسانا

ورسول الحليف قد هز كتفيه
كأن اقتراحه ما كانا

كاد يبكي على المصير وللتمساح
دمع يحرك الأشجانا

إن عهد الرقيق يا جون ولى
لا تخادع ولا تكن غلطانا

إن أمر المصير قرره الشعب
جهارا وإن أردت بيانا

ليبيا شاءت أن تستقل سواء
عارض الغير حقها أم أعانا


ابراهيم الاسطى

الحمدان
07-15-2024, 11:55 PM
قيل صمتا فقلت لست بميت
إنما الصمت ميزة للجماد

إن معنى الحياة قول وفعل
وهي رمز مقدس للجهاد

لا أطيق السكوت ما دام قلبي
خافقا واللسان يروى مرادي

إنما البلبل المغرد يشدو
أينما كان في الربى في الوهاد

ذاك دابي مدى الحياة وإني
لا أبالي بما تجيء العوادي

ما أظن الأقفاص مهما ادلهمت
تمنع الطير لذة الإنشاد

إنما الرزق والمعيشة والموت
جميعا بأمر رب العباد


ابراهيم الاسطى

الحمدان
07-15-2024, 11:56 PM
أيها المسجون في ضيق القفص
صادحا من لوعة طول النهار

ردد الألحان من مر الغصص
وبكى في لحنه بعد الديار

ذكر الغصن تثنى
وأليفا يتغنى

وهو في السجن معنى
فشكى الشوق وأن

والأماني ما أحيلالها خيال
يتلاشى أو كحلم في منام

لو ضحا في روضة والغصن مال
من نسيم الفجر وانجاب الظلام

ومضى يصدح في دنيا الجمال
طائرا حرا طليقا في الأكام

راويا للطير من تلك القصص
ما به هوى وذكرى واعتبار

كيف حازته أحابيل القفص
وهو يبغى الحب في عرض القفار

ذاق ذرعا بالأماني
وهو في نفس المكان

ويعاني ما يعاني
ردد الحزن أغاني

شارد اللب إليه ناظرا
قال ملتاعا ألا تسعفني

قلت لو كنت قويا قادرا
لم تذق يا طير مر المحن

ولهدمت النظاو الجائرا
ولما أستخذى فقير لغنى

ولكان الشر في الدنيا نقص
ولكان العدل للناس شعار

رزقنا يقسم فينا بالحصص
لا غنى لا فقر لا فينا شرار

هكذا تصفو الحياة
لجميع الكائنات

وتزول السيئات
سعينا في الحسنات

غير أني أيها الطير الكئيب
عاجز مثلك مغلول اليدين

في بلادي بين هلي كالغريب
وأنا الحر ولو تدري سجين

فلتكن دعواك للرب المجيب
نعم من يدعى وعون المستعين

وارتقب فالحظ في الدنيا فرص
ربما جاءت على غير أنتظار

واترك اليأس وغرد في القفص
وتناساه وغنى يا هزار

آه لو يدوى مقالي
لشجاه اليوم حالي

غير أني بخيالي
في رشاد أو ضلال

أيها الإنسان ما ذنب الطيور
تودع الأقفاص هل كانت جناه

هل تمادت في ضلال أو فجور
مثلنا ما الحكم أين البينات

أمن العدل ظلوم في القصور
وبريء سجنه من قصبات

ليس في المعقول والمنقول نص
يدعيه المرء في صيد الهزار

هو غريد إذا غنى رقص
كل غصن طربا والكأس دار

بين أطيار وزهر
سكرت فيغمر خمر

وأنا وحدي بفكري
تائه يا ليت شعري


ابراهيم الاسطى

الحمدان
07-15-2024, 11:56 PM
إيه يا بلبل ما هذا الجمود
أين تغريدك ما بين الشجر

ابعث الألحان في هذا الوجود
واملأ الدنيا نشيدا أو سمر

لا تطق هما لحرب أو سلام
واترك الدنيا بأهليها تموج

في عراك دائم أو في خصام
تحت سطح البحر أو فوق المروج

سيمرون كما مر الكرام
في طريق ما لهم منه عروج

لهف نفسي هل ترى الخير يسود
فيه عدل اللَه ما بين البشر

أم يسود الشر والدنيا تعود
لحياة ليس فيها مستقر

إيه يا بلبل قد طال الأمد
عن لقانا يوم كنا في وفاق

كنت في دنيا جمال استمد
منك وحي الشعر في حسن السياق

فغشى بعدك عيني الرمد
وأصاب القلب هم لا يطاق

وغدا الجسم نحيلا مثل عود
وكسى الرأس بياض مزدهر

هكذا أحيا وفكري في شرود
حائرا بين قضاء وقدر

عن لي يا طير من لحنك ما
يبعث الآمال في النفس اليؤوس

واحك لي هل زرت قوما حكما
دهرنا فيهم بأحكام المجوس

هل رأيت الوكر أم قد هدما
وغدا سكانه تحت الرموس

قل لي الحق ولا تخشى وعيد
واسقني الكأس بحلو أو بمر

إنما الدنيا نحوس وسعود
طعمها سيان عند المصطبر

فانبرى البلبل يشدو نغما
لا كشدو الطير أيام الربيع

إنه السحر بفيه انسجما
بفصيح اللفظ في نظم بديع

قال والحزن عليه ارتسما
وبدت في العين آثار الدموع

ارع لي سمعا ومولاي شهيد
إن في القصة ما يدمي الحجر

عشت دهرا وسط غاب لا وجود
فيه للحب ولا جنس الثمر

ذئبه يعوي إذا جن الظلام
فتصيح البوم مثل المنذرة

وزئير الأسد في تلك الأكام
مثل غارات الليالي المقمرة

وإذا الشمس رمت بعض السهام
أصبحت غربانه منتشرة

وعلت في الجو صيحات القرود
والذي في باطن الأرض ظهر

عالم لا خير فيه وصعيد
ساءت العشرة فيه والمقر

مرت الأيام في طول السنين
حافلات بالمآسي المؤلمة

ذات صبح برح الوجد الكمين
فسرت في الغاب منى نغمه

هي تسبيح وشكوى وأنين
وهي للقلب صلاة قيمه

تبعث الإيمان في النفس الشرود
وتعيد الصبر للقلب الضجر

ردد الغاب صدى ذاك النشيد
في سكون الفجر كالسحر انتشر

سمعوا اللحن فهاجوا ثائرين
ثم قالوا وسط صيحات الغضب

اقتلوا الساحر أيان يكون
ابحثوا عنه أذيقوه العطب

قبلما يمسخكم مستأنسين
إنه الساحر يأتي بالعجب

فاعتراني منهم خوف شديد
وتواريت بأوراق الشجر

وإذا الشحرور يأتي من بعيد
وينادي يا عصافير السفر

حمت في الجو فألفيت الرفاق
جوقة من عندليب وهزار

وشحارير ضناها الاشتياق
وبخاتي وقعاري وكنار

طرن أسرابا غداة الجو راق
صادحات بأناشيد الفخار

مسرعات في هبوط وصعود
في ضياء الشمس في نور القمر

قاصدات وطن الشيخ الشهيد
فارس الهيجا وحاميها عمر

كبرت أسرابنا لما رأت
روضة أنهارها من سلسبيل

جنة أشجارها قد أينعت
جوها صاف وواديها جميل

طيرها شاد بأنغام شجت
سامعيها بعد صمت مستطيل

فدخلنا الوكر في يوم سعيد
وقضيناها سويعات غرر

بينما نحن على الماء ورود
إذ ينادي النحس فينا بالصدر

فرق البين ولم أقض وداع
وتركت القلب في الوكر رهين

عدت للغاب ولو تدري السباع
أنني عدت لهاجت في العرين

غير أن الصمت وهو المستطاع
يخفني عنهم فبي لا يشعرون

هكذا الدنيا إذا والت فعيد
وإذا ولت فشر مكفهر

حسبنا الصبر لها حتى تجود
بالمنى والدهر ولاد العبر

أطرق البلبل في صمت عميق
ورأيت الدمع في العينين جال

قلت لا تيأس ففي الجو بروق
لامعات وغيوم في الشمال

فإذا ما ارعدت فهي حريق
تسعر الأعداء في تلك التلال

وإلى أوطاننا ثان نعود
إن يشاء الله في وقت مسر

قال أستودعك اللَه المجيد
وإلى أن نلتقي أخرى وفر

فتلفت يمينا وشمال
باحثا عن بلبل في حيرتي

وإذا البلبل من نسج الخيال
وخيالي حلم في يقظتي

لم أجد غير تلال ورمال
كنت فيها هائما في وحدتي

باكيا حينا كما يبكي الوليد
صابرا طورا على وخز الإبر

ساخطا آنا على هذا الوجود
يائسا حينا وطورا منتظر


ابراهيم الاسطى

الحمدان
07-15-2024, 11:57 PM
بدد الفجر مطبقات الظلام

وصحا العرب بعد طول المنام

ومضي الركب في سبيل سوى

بعد خبط وفرقة وخصام

جمعت شملهم فلسطين لما

أن غزتها جيوش قوم لئام

وادعت بعث دولة إسرائيل

فيها وأغلظت في الكلام

وتمادت في غيها تذبج العزل

انتقاما من عاجز أو غلام

دير يس سله عن منكرات


ابراهيم الاسطى

الحمدان
07-15-2024, 11:58 PM
حار الفؤاد فما أدري أأنتحر
أم أرتضي بالذي يأتي به القدر

وكيف يقبل ذو عقل بما رسموا
إن القضاء على التفكير ينتصر

ما من قضاء جرى إلا له سبب
منا كما أثبت المحسوس والأثر

إن المصائب إن حلت بما كسبت
أيديكم ولكم في حكمه عبر

فليس ثمت شيء جاءنا قدرا
لكن بأفعالنا والمرء مقتدر

إنا لقوم أبت أهواؤنا ولعا
بالشر إن يستقيم الفكر والنظر

كل يغني على ليلاه مرتقبا
منها الوصال ويقضي الدهر ينتظر


ابراهيم الاسطى

الحمدان
07-15-2024, 11:59 PM
مجلة الرأي يا خير المجلات
إليك من معجب أزكى التحيات

أقبلت كالغادة الحسناء زينتها
سمو أخلاقها بين الفتيات

جئت الدليل على فجر لنهضتنا
يضيء مطلعه سود الدجنات

فنبصر الحق في ضوء النهار بما
يزيل عن أعين الناس الغشاواته

ويهزم الظلم مع شبح الظلام فلا
نعود نسمع ذكرا للعداوات

هناك نذكر للجيل الجديد يدا
فاقت يدي حاتم فعلا لخيرات

إلى الأمام أيا رأى الشباب ولا
تخشى الهزية واصبر للملمات

فما الحياة سوى ميدان معركة
فاز الشجاع به من صبر ساعات

أهجت مني شعورا كامنا فبدا
رغمي وأبرزته في بعض أبيات

وكان شيطان شعري لا يطاوعني
ولا يجود بشيء غير آهات

فما الذي جاء بالملعون أحسبه
قد طالع الراي أو بعض المجلات

لناقد لا يرى في النقد فائدة
إن لم يكن خالصا للعلم والذات

أو كاتب ثائر يدعو الشباب إلى
خير الفعال وترك للضلالات

أو رامز لفكاهات يخالطها
جد يمازحه حلو الدعابات

ومن هم إنهم طلاب مدرسة
هذا هو الفوز في المستقبل الآتي


ابراهيم الاسطى

الحمدان
07-15-2024, 11:59 PM
لمن خلقت النهى أللذين بغوا
سعادة العيش في دنيا السعادات

أم للذين طغوا في الأرض وارتكبوا
فيها الجرائم أو فيها جنايات

أم للذين قست دهرا قلوبهم
لا يحرمون فقيرا بالكسيرات

وهم وإن كانت الدنيا تراقبهم
لا يشعرون بمن يشكو جراحات

وهم وإن يتعاموا عن حقيقتهم
شزرا إذا صوبوا للناس نظرات

وللذين اتقوا رباه قد خلقت
شقاوة العيش في دنيا الشقاوات

مستعبدين عراة جائعين ولا لهم
مساكن تؤويهم لميقات

دنياهم كل يوم مثل بعثهم
يجزون ظلما أشد السوء حالات

رباه رفقا بنا وارحم عبادك من
كفران عدلك هذا في البريات

أو زل شعورهم مثل البهائم لا يبغون
شيئا سوى ملء البطينات

رباه إن الخنا أخنى علينا فلا
تجز علينا إنتقاما بالخطيئات

فأنت قلت ونعم القول ما نزلت
فيه المكارم ترجى ضمن آيات

سادوا علينا فاسموا العذاب إلى
أن أورثونا أفانين العداوات

خانوا العهود وأمس موسوليني على
كرسي الوزارة يورينا العلامات

ألا فقل لمن اغتروا بخطبته
لا تفرحوا واستعدوا للملمات


ابراهيم الاسطى

الحمدان
07-16-2024, 12:00 AM
قف بنا عند صخرة الإسراء
نستمع همها بهذا الفضاء

هي صخرة وللصخور كلام
من قبيل الإلهام والإيحاء

فيه روح وفيه علم غزير
فيه مجد يسير نحو الفناء

عبقري الوجود أسرى إليه
مسرعا كالبرق لي الظلماء

قال لي صاحبي وقد ضاق ذرعا
أين للصخر منطق الفصحاء

أنت ترجو من الجماد كلاما
وكلام الأنام كالضوضاء

قلت مهلا واسمع معي همسات
كطنين البعوض في الإمساء

قال حقا لقد سمعت فماذا
يا ترى سرها فهل من رجاء

أخذ الصوت ينجلي في معان
أكرهت سمعنا على الإصغاء

ثم قالت ما تصنعان عندي
بعد أن خنتما عهود الولاء

جاءكم صاحبي بما لو حفظتم
واتبعتم في جهركم والخفاء

لانتصرتم على جميع الأعادي
ونشرتم معالم الغراء

وتوارت بعدلكم صور الظلم
وعاش العباد في السراء

وسرت موجة السعادة في الكون
وزالت منابت الضراء

وتآخى العباد وانتشر السلم
وتطوى صحيفة الاعتداء

فاغتررتم كغيركم واتبعتم
داء النفس في الهوى والرياء

وانصرفتم عن الهدى ونزعتم
للملاهي من زينة ونساء

وعبثتم بدينكم وافترقتم
في خلاف وحسبكم من بلاء

وبهذا أصبحتم اليوم شتى
كل شعب يسير في عشواء

واستكنتم من بعد عز مقيم
وخضعتم لسلطة الأعداء

فدعاني في هيبتي وجلالي
واتركا ساحتي بحق السما

إنما الذكريات تنفع من فيهم
قلوب أو هم من الأحياء


ابراهيم الاسطى

الحمدان
07-16-2024, 12:01 AM
بين آلامي وصبري
بين يأسي ورجائي

بين إيماني وكفري
بين ضحكي وبكائي

يا لقومي طال دائي
آه بل عز دوائي

عز نومي دام سهري
طال سيرى في الظلام

خابطا في الشوك وحدي
بينما الناس نيام

أطلب النور وقصدي
ينجلي هذا القتام

أتراني كالمعري
عاش في الشك المرير

ليتني طلقت فكري
وضلالي وندائي

يا لقومي طال دائي
آه بل عز دوائي

أين غاب النور عني
أين آثار الطريق

ومتى يكذب ظني
فلقد كدت أضيق

بحياتي والتمني
إن للشمس شروق

ولقد أوشك عمري
ينتهي قبل الوصول

الهدى يا ليت شعري
أم أنادي من شقائي

يا لقومي طال دائي
آه بل عز دوائي

آه ما أحلى الأماني
في خيال الشاعرا

تطرب النفس ثوان
ثم يتلوها العنا

فالبكا مثل الأغاني
والشقا مثل الهنا

ليس في الدنيا لعمري
مرهم يبري الجراح

وإذا بحت بسري
مزق الشوك ردائي

يا لقومي طال دائي
آه بل عز دوائي


ابراهيم الاسطى

الحمدان
07-16-2024, 12:02 AM
ذكراك تبقى مدى الأيام يا عمر
ما دام للناس سمع أولهم بصر

وكيف ننسى فتى حاكت عزيمته
حد المهند وهو الصارم الذكر

ومن تجرد للسعي الكريم
والمفعل العظيم وللمظلوم ينتصر

ومن أهاب بنا واليأس قاتلنا
لنصبرن وفضل الله ننتظر

ومن تعلم شبان البلاد به
حب البلاد فكان الفعل والخبر

كلا فلا الموت ينسينا فضائله
ولا الزمان وما يأتي به القدر

تظل ذكراه في الأذهان ماثلة
وكل نفس بها من فضله أثر

يا غارسا في شباب الجيل نزعته
سقيا لغرسك ها قد أثمر الشجر

ويا رسولا أفدنا من رسالته
كيف الجهاد إذا ما داهم الخطر

أحييت فينا شعورا كاد يقتله
حكم الطغاة فلا عادوا ولا ظفروا

وكنت فينا طبيبا للنفوس إذا ما
مسها الجرح أو ما هدها الكدر

وكنت فينا صحافيا له وطن
وإن تحكم أعداء له وطر

تلك الدروس أحذنا عنك أكثرها
وعلمتنا صروف الدهر والغير

إنا بلا وطن حر كماشية
في سمنها مدية الجزار تنتظر

يبكي البريد إذا ناحت مصورة
وللصحائف دمع كله عبر

على المحيشي من كانت صحائفه
فخر البلاد إذا ما القوم قد فخروا

سبحانك الله ربي هذه صحف
تيتمت بعده ما أن لها خبر

وهي التي عرفت من جهد صاحبها
ما لا يقوم به جن ولا بشر

فلا تلام إذا ما الذكر هيجها
إن تبكه أحرف بالدمع أو صور

أو يبكه أدب قد كان ينشره
في كل ناد لأهل الفن محتكر

أو يبكه الشعر عل الدمع يسعفه
بأبحر من عروض غير ما ذكروا

أو يبكه النشر في ألفاظه سلس
كأنه جدول ينساب أو درر

أو يبكه قلم كالسيف عادته
يوم الكريهة لا يبقى ولا يذر

أو يبكه الدين والأخلاق تندبه
وكل ذي حاجة أزرى به الضرر

وليبك من شاء ما في الدمع متسع
على الفقيد فلا لوم ولا ضرر

أما أنا فدموعي كنت أعرفها
ثجاجة عند ذكر البين تنهمر

ما با لها اليوم لا ينهل وابلها
كي تنطفي زفرة في القلب تستعر

ثم أيها الليث فالأشبال ساهرة
على حماها فلا سهو ولا ضجر

وقر عينا بقرب الله في دعة
واهنأ عليك سلام الله يا عمر


ابراهيم الاسطى
ليبيا

الحمدان
07-16-2024, 12:02 AM
ولما أن رجعنا للديار
ونلنا العفو بعد الاقتدار

نهضنا للسياحة والتسلي
وجوب البر مع خوض البحار

نزلنا مصر ذات النيل فيها
رجال العلم كالاسد الضواري

فعلم مدرسي فاق وصفا
وعلم أزهري كالدراري

وفيها الحر يبدي كل فكر
علانية برابعة النهار

بها كل التسامح فهي حقا
وأيم الله منبع للفخار

بها العباس ذو حزم وعزم
كريم النفس محمود الاثار

هويناها ومن نهوى سواها
وفيها العلم بادي الانتشار

وأسسنا بها للطبع دارا
وللأسد اقتداء بالخيار


سليمان الباروني

الحمدان
07-16-2024, 12:03 AM
ألا يا ضيف هل وجب الفرار
أم اشتاقت لطلعتك الديار

أم استعذبت باللَه ارتحالا
على عجل ليقترب المزار

فان يك ذا الجواب فلست ممن
ورب البيت ينفعه اعتذار

على أنا تواعدنا ولكن
لاجراء القضا نسخ القرار

كلانا منجز في القصد وعداً
ولكن الفتى فلك يدار


سليمان الباروني

الحمدان
07-16-2024, 12:03 AM
اسمع نصيحتنا إن كنت ذا بصر
ودع كلاما رماك الآن في خطر

واعلم بان لنا أسداً ضراغم ان
رمت النزال سقوك السم من سقر

في كل عصر لنا قوم جهابذة
بضوئهم يهتدى للطرق في السفر

وفي الزوايا خبايا والثعالب لا
تصطاد بازاً نهارا أو على القمر


سليمان الباروني

الحمدان
07-16-2024, 12:04 AM
ليتها الغربة تقضي بعجل
ويصير العام شهرا أو أقل

ونرى الشهر كيوم ينقضي
والليالي تنطوي طي السجل

هين ذاك وان كان كما
قيل من أعمارنا ذاك العجل

ساعة تعدل شهراً عندنا
فمتى يا هل ترى نيل الامل

فابو النصر أني بالحق اذ
قال لما حل لالوت الجبل

رزقنا في دارنا خير لنا
شامنا جنة فردوس الحلل

أي شيء عندنا أشهى لنا
من لقاكم حاشا لو كان عسل

فمنانا وصلكم عزما على
أحسن الاحوال في ذاك المحل

بالنبيء المصطفى خير الورى
احمد الامي ذو القدر الاجل

صل يا رب عليه وعلى
آله ما ابن البروني اشتغل


سليمان الباروني

الحمدان
07-16-2024, 12:04 AM
وداعا يا ديار العز حتى
أعود إليك في أهنا نهار

إذا ما نحو قطرك مد خط
حديدي إلى تلك القفار

ونور الكهرباء أتاك يسعى
وقيل الماء في البيداء جاري

وطهرت العيون وقام حزب
بمعدنك النفيس وبالاثار

وشيدت المدارس واستقامت
رجالك واكتست ثوب الفخار

وخاطب فيك بالتلفون خل
يريد البحث عن حال التجار

وحررت الجرائد واستعدت
مطابعها الى نشر القرار

ورقيت الصنائع واستفاقت
شبيبتك الحليفة للديار

وجاب الشهم منها الارض علما
وخاض بحزمه لج البحار

وجاري في السياسة من أوروبا
رجالا زاحموا قطب المدار

وأبدى الكد مخترعا مجداً
يجر النفع من تحت الستار

هناك تكون يا وطن المعالي
غزير العلم مجتمع النضار

يسود المرء فيك ينال عزا
يحوز الأمن يطمع بانتصار

رزقت بدولة تسعى دواما
لتهذيب الكبار مع الصغار

وما نجع الدواء وما استفاقوا
لحبهم الدمار على العمار

الا يا قوم قد نمتم طويلا
وهمتم بالجهالة في البراري

فهل من يقظة تشفي غليلا
وتمحو ما استوى من سحب عار

فهموا واصدقوا فالصدق فيكم
عريق واحفظوا حق الديار

وإلا فالوداع وكل قطر
به الإسلام يصلح للقرار


سليمان الباروني

الحمدان
07-16-2024, 12:05 AM
قم يا محمد يا ختام المرسلين
وانظر بعينك كيف حال المؤمنين

تجد الأمور تحولت عن حالها
والدين في عهد السياسة قد أهين

حل الحرام بلا نصوص تقتفى
واستهزأ العاصي بحال المتقين

واستفحل الجهال واشتد البلا
واستصغر العلماء حزب الأمين

الخمر في سوق التجارة رائج
أما الخنا فغدا شعار العالمين

عيب امرؤ قال الصلاة فريضة
والصوم ضاع وحرم الحج الثمين

هذا الزنا أبوابه مفتوحة
اما الربا فتجارة المستسعدين

آه بمولدك الشريف تنوعت
طرق المعاصي في بلاد المسلمين

لا نهي بل لا أمر بل لا منتهى
حار الدليل وغار حزم المرشدين

من ذا لدينك يا محمد بعد ذا
والله أسدى أجره للمحسنين

غير الخليفة في الورى سلطاننا
من آل عثمان أمير المؤمنين

فليبذل الجهد العظيم مؤدياً
حقاً لينصر في دفاع المجرمين


سليمان الباروني

الحمدان
07-16-2024, 12:06 AM
هي الحياة تجددت بقوانا
ما مات كامل بل تعاظم شأنا

حياً وميتاً أنت قائد أمة
يا مصطفى كانت تقاد هوانا

لو كنت تعلم ان موتك جامع
تلك القلوب لكنت غبت زمانا

أحييت في يوم بموتك عنصرا
لو عشت ما ألفت منه عنانا

أبقيت ذكرا ساطعا لا ينطفي
وأقمت حزبا في العلا يتفانا

أبكيت من ملأ السرور جرابه
بل كان موتك في الصدور سنانا

ابكيت جل العالمين فكبروا
وتحسروا اذ قد بعدت مكانا

ما مت لكن قد تسلمك القضا
وجلاء خصمك من بلادك حانا

ما مات بل من قبل كنت معانداً
والآن قال الكل انت هدانا

ما مت لا غلط رثاؤك مصطفى
بل زدت عمرا والمعاند لانا

ما مت لا والناس كل للفنا
لكن سبقت لكي تحوز رثانا

ما مات من ترك السياسة تقتفي
فلم البكاء وقد شددت عرانا

قد كنت تسعى أن تؤلف أمة
فتألفت مذ نعي خطبك جانا

ما كنت تعهد أن حزبك هكذا
عددا وحزما يا مدار رحانا

ما كنت تعهد أن مصر بشعبها
تهز يوم الاربعين حنانا

ما كنت تعهد أن حبك كامن
في كل صدر يا عظيم رجانا

كم مات من شهم وكم بطل مضى
بل كم مليك للمنية عانا

شهدت جنازته الوفود تكلفا
وتوقياً وسياسة وأمانا

لكن لمشهدك العظيم تسارعوا
خيلا ورجلا عزة لحمانا

فكأن مغناطيس هاتيك الورى
بفسيح قبرك يوم ظعنك كانا

لو قمت قلت من الذي يرثونه
أولي أم ملك الملوك تفانا

لا تعجبن اذا القضية جاوزت
حد المقام فذا المصاب دهانا

صعب علينا رزء فقدك اذ علي
ذو المجد في صحف اللواء دعانا

لا زال يخفق والشبيبة ترتقي
والصيت يصعد والنفاق مهانا

ما مات من ترك الشقيق مؤديا
حق اللواء ولم يكن يتوانا

فاسلك أبا الحسن السبيل ولا تهب
فالحق حصحص والمخالف دانا

ما غاب صنوك والرياسة بعده
لفريد اذ خدم الكمال مجانا

والله يلهمك الرشاد ويرزقن
صبراً ليذعن للرحيل عدانا


سليمان الباروني

الحمدان
07-16-2024, 12:06 AM
أبك الدماء وقل لمصر قد عفا
ربع تجندل فيه كامل مصطفى

مزق فؤادك يا غيور تأسفا
واندب خطيبا كان بدرا واختفى

أجرح برمح الحزن أكباد وأقل
للدهر قد عاكستنا هلا كفى

من ذا الذي ابقيت اذ غالبتنا
في كامل لم يا ترى هذا الجفا

أرضاء خصم كنت تطلب أم غدا
أجل الهمام المستنير على شفا

أطربت فردا يا زمان مزعزعا
ركنا به حزب الشهامة قد صفا

الله اعظم يا زمان فمن يشأ
تأييده فوعوده لن تخلفا

ما أنت الا للقضاء مسخر
لست الحياة ولا الممات ولا الشفا

فارفق بمصر العارفين بقدرهم
وفخارهم وجدودهم أهل الرفا

الناهضين لقمع طاعن دينهم
النابذين لكل خداع هفا

الذائدين عن المواطن غيرة
الحاملين لواء كامل مصطفى


سليمان الباروني

الحمدان
07-16-2024, 12:07 AM
قل لمن تاه دلالا وهوى
انتبه للموت واهجر ذا الهوى

فمنادي الحزن قد أزعجنا
وغراب البين قد هد القوى

إذ نعانا بوفاة المرتضى
قاسم شهم همام ولوا

فسكبت الدمع ممزوجا دما
سائلا من قطره الورد روى

قائلا مسترجعا واها على
فقد هذا المنتحى والمنتوى

كيف يهنا الصبر يا قوم وقد
غار بحركان للدر حوى

هل لنا من بعد هذا أحد
يعظ الناس ويشفي بالدوا

هل لنا من يقتفي آثاره
بعده من كان يدري ما روى

من يقيم الليل احياءا له
بركوع من تحاشى وارعوى

من يرى الصوم دواما حرفة
وله من خشية الله انزوا

من لسكب الدمع خوفا للذي
جعل الارض بساطا واستوى

من اذا ما جئته زائره
تلق بحرا منه تزداد ارتوا

أبني مصعب زوروا قبره
واطلبوا الله لنا حسن النوى

ابني مصعب أبكوه دماً
ما حييتم وان الجسم ضوى

قد بكاه الناس طرا ولذا
كل قلب سمع النعي انطوى

وبكته الكتب اذ فارقها
وبه قد شفها حر الجوى

لا تقولوا انه ميت ولا
غاب عنابل مع الحور ثوى

وجنان الخلد من مسكنه
برد الله ثرى عنه احتوى

أبني مصعب لا تستسلموا
واحذر والا تتبعوا طرق الهوى

فجميل الذكر ذاك المنتقى
نجله الاكبر قد صارلوا

وغدا فضلاً هما ما سيداً
فيصلا قاضٍ بعد ما نوى

وأبو بكر كذا من بعده
اذ حوى الفضل وللعلم روى

واذا الليث ثوى في رمسه
صار للدين من الشبل قوى

يا أبا بكر تجلد واصطبر
ان في الصبر لأجراً ودوا

قد أصبنا وبلينا يا لها
قصة عمت ببلواها الهوا

لا تقل اني بها منفرد
اننا والله فيها لسوا

واذا ضاق بك الحال فقم
واذكر الله تر الأمر انزوى

وتذكر من مضى من قبلنا
من أطاع الله مع من قد غوى

كنبيء الله نوح جدنا
ملك الموت له العمر طوى

وسليمان بن داود الذي
قهر الجن وللملك حوى

صلوات الله عنهم قد مضوا
بقضاء هكذا الرسل روى

أين فرعون وشداد ومن
بعده ممن على العرش استوى

هدموا قصرا وعلوا غيره
وطغوا في الارض طوعا للهوى

كلهم بادوا ولم يبق لهم
غير ذكر بلسان ذي التوا

واذا لم يكف فامعن نظرا
تلق فقد المصطفى يسلي الجوى

وقل ان الموت حوض والورى
كله يشرب كاسا بالسوا

وهي باب كلنا ندخله
من حقير وجليل ذي قوى

عظم الله لك الاجر فلا
جزع يورث غير الاكتوا

وكذا كل قراري صفا
وبنو مصعب أهل الاستوا

واذا ما جئت نحو القبر قل
رب روح روح من فيه انطوى

وعلى المختار صلى ربنا
ما أضا برق وما رعد دوى


سليمان الباروني

الحمدان
07-16-2024, 12:07 AM
أهدى الحبيب إلى الحبيب رسالة
صدرت من الفكر السليم الصائب

دلت على ما للمحب من الرضا
ومن السرور بعود هذا الغائب

قامت مقام العز والإجلال إذ
وصلت فأعلينا مقام النائب

هنأتنا فلك الهنا ولك المنى
يا فاضل فاسعد بنيل رغائب

خذها إليك تحية مسكية
من مخلص الحب الغريب الآئب

ذاك ابن عبد الله راج سترما
يبديه من عيب بنان الهائب

ثم الصلاة على النبي وآله
ما رن حاد في الدجا لنجائب


سليمان الباروني

الحمدان
07-16-2024, 12:09 AM
الله أعظم هكذا
الاسلام من قبل أمر

لكن جهلنا وانتحلنا
الزهد فاشتد الخطر

ما ساد هذا الدين الا
بالمهند ذي الفقر

لا بالعزائم والضريح
وبالطلاسم والطرر

أو بالدفوف وهزها
عند العشية والسحر

أو بالقيان وبالمعا
رف والتكاسل والبطر

هيهات هذا والوق
ائع شاهدات لا خبر

من ذا يرينا انه
بالصحو يأتينا المطر

ان لم يكن برق ورعد
في غمام ذي شرر

في باطن التاريخ
شاهد قولنا يا من حضر

فلم النبيء بصحبه
خاض الحروب ولم هجر

ولم اعتلي ظهر الجواد
وفي النزال السيف جر

لم جهز الجيش القليل
وزاده بعض التمر

هل جاءهم بمثلث
ومربع أم هل سحر

هل قام فيهم شاطحا
متمائلا حتى سكر

حاشاه لا والله بل
بالخيل والتقوى أمر

طالع تر السلطان في
حصن منيع ما حذر

واذا تهاون أو ته
ور أو تملق واستتر

وبدت بحاجبه الخيانة
زال منصبه وخر

لا ريب في التاريخ
آيات تناجي بالعبر


سليمان الباروني

الحمدان
07-16-2024, 12:10 AM
دار الخلافة يا لها
دار بها يمحى الكدر

دار تمثل قوة
تسمو المجرة والقمر

دار تدبر في دوا
ئرها مهمات البشر

دار بها سيف اذا
ما سل يوماً ما نصر

دار بها السفراء ما
لم يستقيموا في خطر

دار الخلافة جنة
تجلو مناظرها البصر

دار اذا ما أمها
مستضعف القوى قدر

دار اذا اشتدت أعا
دينا غضنفرها زخر

دار بها الاكسير لا
يبقى بقاصدها ضرر

الدين فيها ظاهر
فهي الملاذ لمن هجر


سليمان الباروني

الحمدان
07-16-2024, 12:11 AM
نصول اذا حان الدفاع ولا نرى
جزاء من المولى سوى جنة الخلد

نحب اللقا لا نبغض الطعن إن يكن
نضالا عن الأوطان والدين والمجد

هنيئاً لمن أمسى صريعا مجاهدا
له حلة من أرجوان على الجرد

فيا مغرما بنا تقدم لفتية
ترى الموت فوزا في مصادمة الضد

خفاف ثقال في الجلاد جوادهم
مكر مفر مصدر القرب والبعد

أيا بطلاً رام النزال بضعفه
ألم تشف غلا نكبة الحبش الجعد

اراك زمانا طالما حمت حولهم
ولم يك الا ان صرعت على الخد

ألم تدع الأسرى هناك تسوقها
عصا الذل من ذاك النجاشي في الصفد

ألم تك ممن أدرك الناس أنه
أخف انهزاما من رباط الى السند

ألم يكفك النصر المقهقر خسة
فلا حول ما هذا التملق كالقرد

فدعك بنابلي لعل جبالها
تخر فتفنى أوتقيك من البرد

فان بها أفواه بيت تفتحت
لتمنح دفئاً عاري الجوف والجلد

وأما سليمى لا سبيل لوصلها
ولو تجعل الجوزاء منطقة الغمد

باذن الذي بالامس عزز نصرنا
فكانت سراقوزا لنا موقع الجند

وكانت وكانت في قطانيا وقعة
فسادت بمسينا الرجال على المرد

ألم تعلم ان المسلمين اذا سطوا
فواحدهم كالعشر في الجزر والمد

قديما حديثاً لا افتراء وان تشأ
فسل من أثيني قريب من العهد

فكف ودع هذا التظاهر وارتدع
فما لك أبطال تسرك أو تفدي

دع الطمع المذموم لا تغترر بما
تراه كأحلام على فرش المهد

محال محال ان تدنس روضة
عليها لواء حف بالنصر والحمد

خذ النصح أو فاحضر لكل مدرع
له لبد حوراء بارزة النهد

محيرة رجراجة الكفل غضة
نحيلة خضر ذات خال على الخد

يزيح سنا الاسلام ظلمة شركها
فيصبح منها الفرع أسود كالند

وحيا الاله الدين ما الترك زلزلت
حصونا وأهدت خيزرانية القد

وما دول الاسلام سادت ومهدت
من الدين ما يلفى ألذ من الشهد

وما تونس أنت وهمت جزائر
وعضت بفاس أنملا ربت المجد

وما زنجبار بالتأوه أعلنت
وما الهند أضحت تلطم الخد بالخد

وما مسقط بالعدل ما دامت فأصبحت
مظنة أطماع الممازح بالجد

وما اضطرب القوقاز ما حن هرسك
وما اشتد غيظاً بوسني ولم يجد

وما قبرص أبكت كريداً وما رثت
معاهد برنو مصرع الأمن والسعد

وما ناح في السودان والصين نائح
على ملة أضحت ضحية ذي حقد

وما أملت مصر نجاة ولم تفز
بفاتح عقد الاحتلال الممدد

وما قال آه ثم آه توجعاً
حريص على أن يلمع البرق في الرعد

فيا ليتها عبد الحميد يقولها
فنصبح والابطال تزأر كالأسد

ونمسي والنصر المبين يحفنا
فنجمع شملا شتته يد الوغد

ونغدو والعرش الحميدي زاهر
نعزز دينا ذل في عصرنا النكد


سليمان الباروني

الحمدان
07-16-2024, 12:11 AM
لها في الجبال الشامخات معاقل
أسود الوغى تقري السباع الجماجما

إذا ذكرت عبد الحميد تلألأت
سيوف لها تقري العدو المهاجما

نفوس ترى حمل السلاح فريضة
ترى الرمي حتماً قبل ان يتفاقما

لها همم عليا ترى الذل خسة
ترى الذود عن أوطانها متحتما

ومن لم يذد عن حوضه بسيوفه يهدم
مقال صاغه من تقدما

لها بشطوط البحر كل غضنفر
له بسلاح العصر علم تحكما

بها من صناديد الحروب جحافل
تسيل اذا ما قيل شدوا المحازما

صيام قيام لا يرون فضيلة
سوى خوضهم لله في لجج الدما

لهم بلوا عبد الحميد تعلق
يرون الهدى في طوعه ومغانما

بلى ولهم في كل قطر مساعد
اذا التهبت نار العدو ودمدما

فويل لمن قد ساقه النحس نحوهم
هم الحتف ان هزوا اللوا والعمائما


سليمان الباروني

الحمدان
07-16-2024, 12:12 AM
قريظ همام طافح اليمن حمدان
سمي ابن قيس بالسلامة هناني

فقلت ارتجالا ناشرا لكماله
هو البحر علما مالنصبه ثاني

له الادب الغض النضار خطابه
له الخلق السامي فأعجب بحسان

وكيف وعبد القادر الطود شيخه
فأكرم بتلميذ لمنبع عرفان

أحمدان حققت العلوم فأعنقت
بذكرك آي الحمد للانس والجان

سبقت فنلت الفضل فابق مكرما
وقل معلنا ان البروني حياني

وللأسد الاسلامي الحظان أن على
صحائفه قوى بمدحك برهاني

تقبل رعاك الله من فكر مخلص
لك الحب نظما واسترن عيبه الداني

فأنت أخ والناس في الدين اخوة
وهل مذهب الإنصاف هجري لإخواني

بلى ثم كلا فالوفاق محتم
وصف كل من بيدي شقاق بحرمان

علمنا من الأيام سوء انقسامنا
فبالاتحاد الفوز يا عين إنساني

أسافر كليما ألتقي بأجلة
لهم من سمي الفكر حظ ك حمدان


سليمان الباروني

الحمدان
07-16-2024, 12:13 AM
ختم الرسالة ربنا بمحمد
فهدى الأنام إلى الطريق الأرشد

وغدت ديانة عابد الاصنام في
بتر وقطع مالها من منجد

وحمى حمى دين الهدى بسيوفه
فغدا محجة ذي الفواد المهند

وأتى رجال شيدوا آثاره
خلف على سلف روى للمسند

فمضوا وأحياها امام قد سما
ورقى الى أوج المقام الاسعد

جمع العلوم فخاض لجة بحرها
فتراه في تأليفه كالمنشد

ذاك الهمام الاريحي محمد
من نسل يوسف بدر ليل مفرد

لغوامض الكافي أبان فكان لي
بختامه طرب وصفق باليد


سليمان الباروني

الحمدان
07-16-2024, 12:14 AM
الله أكبر ساد الحق وانتصرا
وأنجز السعد والاقبال ما نذرا

وألسن اليمن قد قالت مهنئة
بشرى فوفد الهدى قد عاد مفتخرا

وفد على نصرة الدين الحنيفي قد
لبى النداء فجاب البحر وابتدرا

وافوا مليك يحف النصر رايته
والعدل راحته والفضل قد نشرا

لينذروا قومهم اذ يرجعوا فيرى
آنا فانا بهم بدر الرقي سرى

أسرى نهاراً بهم فكان من أمرهم
ان شاهدوا العرش والكرسي والوزرا

من منبع الحق تحت الحجب قد شربوا
فما رأوه يقين لا كلام مرا

آيات كبرى عياناً ابصروا فغدا
ذاك الفؤاد بذاك القول مؤتمرا

قد ألهموا الرشد بالتوفيق فانتظموا
في سلك من قربوا قرب اجتبا وقرا

على بساط الرضا والانس صف لهم
موائد المن ضاها نورها القمرا

وخولوا رتباً أضحت تميزهم
وبالمجيدي تحلوا والحديث جرى

تشفعوا والامين الشهم وساطة
فخفوا وطأة الحكم الذي صدرا

فنلت عفواً ونال الفخر محتبسا
ذو العز عارف موسى اذ قضى وطرا

ذاك المقام المعلى لامزاح فيا
وفد الصلاح ايقظوا الشعب الذي فترا

عاد البراق بكم يطوى الخضم ومن
يرمي القسي سواكم بعد يا أمرا

واذ قفلتم وحل البدر منزله
والشمس مشرقه هل للنجوم سرى

كلا ومن أضمر التشبيه قيل له
الصيف ضيعت فاصمت واستقم حذرا

بشرى سعدنا وسدنا والزمان صفا
درب التمدن في أقطارنا عبرا

بهمة العدل والينا ومرشدنا
محمد حافظ باشا الذي شهرا

وهمة الشهم ذاك المجتبي رجب
باشا المشير الذي في نصحنا سهرا

عناية الله حفتنا فوفقنا
لمرتضى من على نهج الفلاح جرى

ظل الإله نصير الدين حافظه
أميرنا معشر الإسلام مذ ظهرا

حامي الخلافة قطب العرش ضيغمه
مزن غدا صوبه بالأمن منهمرا

عبد الحميد الذي سارت بحكمته
نجائب الحمد وانقادت له السفرا

فدم لك الظفر سيف الله مبتهجا
يحمي علاك الهدى ما جندنا نصرا


سليمان الباروني

الحمدان
07-16-2024, 12:15 AM
الروض باكرها الغمام وهزها
روح النسيم فغنت الأطيار

وتعانقت أغصانها وتبسمت
منها الزهور وفاحت الأنوار

وبدا للألحان الحمام ترنم
باسم الجليل المجتبي المختار

والي الولاية حافظ باشا الذي
من حسن سيرته المجالس حاروا

بالحق والعدل المنير علاله
صيت له فوق السماك منار

فالحلم فيه سجية مشهورة
ولذا بدا من عفوه الاكثار

خدمته أيام السعادة والرضا
فاموره وفق القضا تختار

ما هم بأمر قط الا ناله
ما للصعوبة في مناه مدار

فيمينه من كفها نبع الهنا
وشماله للمجرمين قرار

ذو فكرة وقادة وفراسة
وجسارة منه الليوث تواروا

يبدي بثاقب فكره ما لم يكن
في طوق انس لم يشنه عواز

ضبط الامور وصان سبل نجاحها
في طوعه كل العباد تجاروا

فازت طرابلس به وتزينت
وتباشرت بقدومه الاسوار

بسط الهنا والأمن في أرجائها
فغدت تشد لقطرها الاوقار

نادى منادي العز في اكنافها
فتهللت لندائه الاقطار

ولذا الورى من كل أقليم انو
فكأن مكة بالحجيج تزار

وكأن مغناطيس أفئدة الورى
قطب بمركزها اليه يشار

يا من أردت سلامة ونزاهة
ورياضة تزهو بها الانظار

فاقبل على الزهر طرابلساً وعش
في ظل والٍ نعم ذاك الجار

واشرب هنيئا وساترح فيها ودع
مصراً وقل ما الهند ما البلغار


سليمان الباروني

الحمدان
07-16-2024, 12:15 AM
يا سيد ما أنت إلا سيد
للنشأة الزهرا دليل كالعلم

شهم إذا ما رمت قصداً للعلا
بحر السياسة ان تناولت القلم

بطل إذا ما شئت اعلان الولا
تسمو بك الاوطان يا بيت الحكم

أحييت جهرا ليلة سدنا بها
كل الورى وبها انجلت عنا الظلم

في يومها جلس الخيفة بالرضا
عبد الحميد على الكيان المنتظم

عرش الخلافة فاتحا بيمينه
باب الصفا وشماله سيف النقم

ما قامت الاعياد لولا يا فتى
ذا العيد أو كانت على وشك العدم

مالا تتم الواجبات بغيره
حق اتفاقا والاصول بذا حكم

عابوك حقداً شأن كل مهذب
ذي نعمة والله يجزي من ظلم

دع خائضا في غيه وأصبر كما
صبر الكرام الأولون من الامم

ولك الثنا والشكر من كل الملا
في دائرات الحرب أو حال السلم

ولمثل ذا فليعمل الاقوام او
فليفسحوا عند الزحام لمن عزم

وتفخر فعل لا مقال فكاهة
والذين بالافعال والاقوال تم


سليمان الباروني
ليبيا

الحمدان
07-16-2024, 12:18 AM
بأبي من زارني ملتثماً
وجلاً من رقباء الحرس

فهو كالبدر بدا مبتسماً
يتوارى تحت ذيل الغلس

جال ماء الحسن في وجنته
بين آس وبهار وشقيق

وبدور التم من غرته
تتجلى في صباح من بريق

وشموس الراح من ريقته
في كؤوس من جمان وعقيق

فترى الناس سكارى كلما
أسفرت فوق شقيق اللعس

يا حمى الله حمى ذاك اللمى
من شفاه الناظر المختلس

تعشق الألفاظ معناه فلا
تنكروا في وصفه اللفظ الرقيق

يترك اللب لماه ثملاً
كلما مر بمعناه العتيق

ترشف الأسماع منه غزلاً
كمنت في جسمه روح الرحيق

هل رأيتم أو سمعتم كلما
يثمر الدر بروض المجلس

فلماه قوت روح الندما
وجناه منية المغترس

مستعيراً خصره من جسدي
غصن بان يزدري بالخيزران

كلما يفتر أوهى جَلَدي
بأقاح من ثناياه الحسان

هل رأيتم عسكراً من بَرَد
في ثغور من عقيق وجمان

كلما يبدو لنا مبتسما
يغلب الوجد على المحترس

فاصطباري قد مضى منهزماً
وسلوِّي معرض في عبس

تغرس الآمال في روض المنى
كل حين شجراً لن يثمرا

طالما عللت لحظي بجنى
وجنتيه فاجتنيت السهرا

رقّ في معناه شعري فانثنى
خجلاً قول رئيس الشعرا

هل درى ظبي الحِمى أن قد حمى
قلب صب حله عن مكنس

فهو في حرّ وخفقٍ مثلما
لعبت ريح الصبا بالقبس

بأبي من زارني مختلساً
فرصة من بعد عجز الحيل

ليت شعري مذ تجلى هل كسا
بدمي خدّيه أم بالخجل

يا رعى الله غزالاً ما غزا
مهجة إلا سباها ونفر

إن تثنّى أو رنا أو برزا
ترَ غصناً وظبياً وقمر

فاق في الحسن فلما غمزا
قيل بدر التم في ليل الشعر

ها أنا من حبه مت أسى
وهو عن إعراضه لم يحل

ليته متَّع سمعي بعسى
أن تراني يا حليف العلل

أجتني التفاح من خدّ المليح
إن تبدّى بأكف الحدق

وأرى من ذلك الوجه الصبيح
فلقاً ينسخ نور الفلق

آل ودّي أن لي قلباً جريح
هائماً في حبكم لم يفق

فارحموا بالوصل صباً يئسا
من سوى السقم وقرب الأجل

فهو ساه ساهر ما أنسا
بأنيس بعدكم يا أملي

ضاع صبري في هوى الغزلان ضاع
وهو لم يسعفوا قلبي بشيّ

تركوني هائماً يوم الوداع
وكووا قلبي بنار الهجر كي

شاع شأني فيهم بالحب شاع
وأبوا أن يعطفوا يوماً عليّ

فمنامي من جفوني خلسا
وغرامي زائد لم يزل

آه من ذكر زمان عبسا
وتولى بعد صفو مقتل

يا أهيل الودّ قد ذاب الفؤاد
من لظى الهجران والدمع رقا

هل ترى ترجع أيام الوداد
ونعود مثل ما قد سبقا

ويرى طرفي عياناً من أراد
وأراني طيبه منتشقا

وترى منه إقاحاً حرسا
ذلك الريق الشهي السلسلي

وأرى طرفاً سقيماً نعسا
فاخر الكحل بغنج الكحل

ليته أبقى لعيني الوسنا
علني أحظى بطيف الحلم

فاشتياقي قد أضرّ البدنا
وبكائي شاب دمعي بدمي

يا لصب ذاب وجداً وضنا
وأسير في قيود الألم

قال بعض الناس لما أنسَ
حرق الشوق وفرط العلل

اعتزله فلقد ذبت أسى
قلت دعني لست بالمعتزلي


مصطفى بن زكري

الحمدان
07-16-2024, 11:44 AM
لي حبيب حسنه قد ملك
‏مهجتي قصرا ومافي الأضلع

‏أيها البدر الذي لما بدا
‏ أترع الليل ضياء وهدى

‏أنت في قلبي مقيم أبدا
‏ولك الأحشاء أمست فلكا

......

الحمدان
07-16-2024, 02:07 PM
ليتهم إذ ملكوني أسجحوا
ليتهم إذ ما عفوا أن يصفحوا

رحلوا العيس ولم أشعر بهم
ليت شعري أيّ واد صبّحوا

أخذوا قلبي وماذا ضرهم
أن يكونوا بجميعي جنحوا

أيّ عيشٍ يهنا لي من بعدهم
طار قلبي وعظامي ملّحوا

ويح أهل العشق هذا حظهم
هلكي مهما كتموا أو صرّحوا


عبدالقادر الجزائري

الحمدان
07-16-2024, 02:08 PM
عن الحبّ ما لي كلما رمت سلوانا
أرى حشو أحشائي من الشوق نيرانا

لواعج لو أن البحار جميعها
صببن لكان الحر أضعاف ما كانا

تئج إذا ما نجد هبّ نسيمها
وتذكو بأرواح تناوح ألوانا

فلو أنّ ماء الأرض طرّاً شربته
لما نالني ريٌّ ولا زلت ظمآنا

وإن قلت يوما قد تدانت ديارنا
لأسلو عنهم زادني القرب أشجانا

فما القرب لي شاف ولا البعد نافع
وفي قربنا عشق دعاني هيمانا

وفي بعدنا شوق يقطع مهجتي
كتقطيع بيت الشعر للنظم ميزانا

فيزداد شوقي كلما زدت قربة
ويزداد وجدي كلما زدت عرفانا

فيا قلبي المجروح بالبعد واللقا
دواك عزيز لست تنفكّ ولهانا

ويا كبدي ذوبي أسىً وتحرّقاً
ويا ناظري لا زلت بالدمع غرقانا

أسائل عن نفسي فإني ضللتها
وكان جنوني مثل ما قيل أفنانا

أسائل من لاقيت عنّي والهاً
ولا أتحاشاهم رجالاً وركبانا

أقول لهم من ذا الذي هو جامعي
ويأخذني عبدا مدى الدهر حلوانا

وأسألُ عن نجد وفيه مخيّمي
وأطلب روض الرقمتين ونعمانا

منازل كانت لي مصيفا ومربعا
غداة بها أدعى صبيا وشيبانا

ومن عجب ما همت إلا بمهجتي
ولا عشقت نفسي سواها وما كانا

أنا الحبّ والمحبوب والحب جملة
أنا العاشق المعشوق سرا وإعلانا


عبدالقادر الجزائري

الحمدان
07-16-2024, 02:08 PM
أيا نفس إن الأمر غيبٌ فما تدري
بماذا يكون الكشف في آخر العمر

فإما بشيرٌ باللقاء وبالرضى
على طول عتب بالزيارة للزور

وإما بضدّ بل ولا كان ضدّ ذا
تعالى إلهي عن عذابي وعن ضري

وليس تلافٍ بل ولا ردّ فائت
هناك ولا يجدي سوى الجبر للكسر

أليس لهذا الخطب ويحك شاغل
عن الأهل والأصحاب زيد وعن عمرو

أيا سامع الشكوى ويا دافع البلا
ويا منقذ الغرقى ويا واسع البر

تجهتُ لكم وجهي بأكرم شافع
محمد المبعوث للعبد والحرّ

لترسل لي عند الوفاة مبشرا
برضوانك الأوفى وفوزي في الحشر


عبدالقادر الجزائري

الحمدان
07-16-2024, 02:09 PM
أيا نفس إن الأمر غيبٌ فما تدري
بماذا يكون الكشف في آخر العمر

فإمّا بشير باللقاء وبالرضى
على طول عتب بالزيارة للزور

وإمّا بضدّ بل ولا كان ضدّ ذا
تعالى إلهي عن عذابي وعن ضري


عبدالقادر الجزائري

الحمدان
07-16-2024, 02:09 PM
فلم يكن المولى لأكل عصيدةٍ
دعاكم ولا للجبن والخبز والخل

ولكن دعاكم للحلاوة والشوى
وكل لذيذ طاب من أنفس الأكل


عبدالقادر الجزائري

الحمدان
07-16-2024, 02:10 PM
يا ربّ يا ربّ يا ربّ الأنام ومن
إليه مفزعنا سرا وإعلانا

يا ذا الجلال وذا الأكرام مالكنا
يا حيّ يا موليا فضلا وإحسانا

يا ربّ أيّد بروح القدس ملجأنا
عبد المجيد ولا تبقيه حيرانا

أبن الخلائف وأبن الأكرمين ومن
توارثوا الملك سلطاناً فسلطانا

أحيا الجهاد لنا من بعد ما درست
وضاعف المال أنواعا وألوانا

فانصره نصرا عزيزا لا نظير له
حتى يزيد العدا هماً وأحزانا

واحفظ علاه وأرسل يا كريم له
من الملائك حفّاظاً وأعوانا

وانصر به الشرع وارفع يا رؤوف به
عن دينك الحق لا تعدمه برهانا

واجمع إلهي قلوب المسلمين على
وداده أعله أعظم له شانا

به الصواب أصب واجعل له فرجا
بطانة الخير أقطابا وأركانا

واهدم وزلزل وفرق جمع شانئه
واجعل فؤادهم بالرعب ملانا

وانصر وأيد وثبت جيش نصرته
أنصار دينك حقا آل عثمانا

الباذلون بيوم الحرب أنفسهم
للّه كم بذلوا نفسا وأبدانا

والضاربون ببيض الهند مرهفةً
تخالها في ظلام الحرب نيرانا

والطاعنون بسمر الخط عالية
إذا العدو رآها شرعت باتا

والمصطلون بنار الحرب شاعلة
مطلوبهم منك يا ذل الفضل رضوانا

والراكبون عتاق الخيل ضامرة
تخالها في مجال الحرب عقبانا

جيش إذا صاح صياح الحروب لهم
طاروا إلى الموت فرسانا ورجلانا

هم الجبال ثباتاً يوم حربهم
فصابرٌ من عداهم صبره خانا

هم الليوث ليوث الغاب غاضبةً
والليث لا يلتقي إن كان غضبانا

هم الألى دأبهم شقّ الصفوف لدى
حملاتهم صار جيش الكفر دهشانا

الدافعون عن الإسلام كلّ أذىً
بأنفسٍ قد غلت قدرا وأثمانا

كم غمة كشفوا كم كربة رفعوا
وكم أزاحوا عن الإسلام عدوانا

يا ربّ زدهم بتأييد إذا زحفوا
واقطع بسيفهم ظلما وكفرانا

ألق السكينة ربي في قلوبهم
وزدهم يا إله العرش إيمانا

وجّهت وجهي أنلني ما دعوت به
بأهل بدرٍ حماة الدين أركانا

من الإله لهم قال افعلوا وذروا
ما شئتم لكم أوجبت غفرانا

أعني الألى صرح الحفاظ ذكرهم
باسمهم تاركا من خلفهم بانا

بقطبهم أحمد المختار من مضمر
وسيد الخلق أملاكا وإنسانا

كذا خليفته الصديق ملجأنا
وأعظم الناس إيمانا وإيقانا

وبالمكنى أبي حفص الذي افتتحت
به المغالق حتى صعبها هانا

وبالخليفة ذي النورين ثالثهم
أعني بذلك عثمان بن عفانا

وبالإمام أخي المختار ذاك علي
من في الوغى بالعدا تلفيه فرحانا

وبابن عثمان عبد الله سيدنا
وابن البكير إياس ساد إعلانا

وحاطب وبلال ثم حمزة ذا
عم النبي كريم ساد قحطانا

بسعدهم وأبي طلحة وسهلهم
كذا سعيد ظهير ساد عدنانا

بصنوه وعبيد الله ثم أبي
حذيفةٍ وحبيب زاد رضوانا

بابن الربيع إلهي وابن رافعهم
رفاعة ثم زيد سيدا كانا

وبالزبير أبي زيد كذاك أبو
لبابة الخير من قد عزّ إخوانا

وبابن عوف وعمرو عقبة وكذا
عبيدة من لدين الله قد صانا

وعامر وخنيس ثم عاصهمهم
ثم ابن صامتهم من زاد إذعانا

عويمر ثم عتبان وحقّ لهم
سيادةٌ ومعاذ طاب أردانا

ومعوذٍ وأخيه ثم مسطحهم
كذاك مالكهم مقدام ما شانا

قدامةٍ وهلال لا نظير لهم
مرارةٍ وأبيّ فضلهم بانا

إني توسّلت يا رب الأنام بهم
أرجوك فضلا وغفرانا وإحسانا

ثم الصلاة على المختار سيدنا
ما صارت الشيبُ يوم الحرب شيّانا


عبدالقادر الجزائري

الحمدان
07-16-2024, 02:11 PM
الحمد للّه تعظيما وإجلالا
ما أقبل اليسر بعد العسر إقبالا

وما أتت نفحاتُ المسك ناسخة
من المكاره أنواعاً وأشكالا

وأشكر اللّه إذ لم ينصرم أجلي
حتى وصلتُ بأهل الدين إيصالا

وامتدّ عمري إلى أن نلت من سندي
خليفة اللّه أفياء وأظلالا

فاللّه أكرمني حقّاً وأسعدني
وحطّ عني أوزاراً وأثقالا

قد طال ما طمحت نفسي وما ظفرت
لكنّ للوصل أوقاتا وآجالا

اسكن فؤادي وقرّ الآن في جسدي
فقد وصلت بحزب اللّه أحبالا

هذا المرام الذي قد كنت تأمله
فطب مآلا بلقياه وطب حالا

وعش هنئيا فأنت اليوم آمن من
حمام مكة إحراماً وإحلالا

فأنت تحت لواء المجد مغتبطٌ
في حضرة جمعت فطبا وأبدالا

وته دلالا وهزّ العطف من طرب
و غنّ وارقص وجر الذيل مختالا

أمنت من كلّ مكروه ومظلمة
فبُح بما شئت تفصيلا وإجمالا

هذا مقام التهاني قد حللت به
فارتع ولا تخش بعد اليوم أنكالا

أبشر بقرب أمير المؤمنين ومن
قد أكمل اللّه فيه الدين إكمالا

عبد المجيد حوى مجدا وعز على
وجلّ قدرا كما قد عمّ أنوالا

كهف الخلافة كافيها وكافلها
وما عهدنا له في القرن أمثالا

يا رب فاشدد على الأعداء وطأته
واحم حماه وزده منك إجلالا

وأظهرن حزبه في كل متّجه
وسددن منه أوقالا وأفعالا

وابسط يديه على الغبراء قاطبة
وذلّلن كل من في الأرض إذلالا

فالمسلمون بأرض الغرب شاخصةٌ
أبصارهم نحوه يرجون إقبالا

كم ساهر يرتجى نوما بطلعته
وحائر يرتجي للحزن تسهالا

فرع الخلائف وابن الأكرمين ومن
شدوا عرى الدين أركانا وأطلالا

كم أزمة فرجوا كم غمة كشفوا
كم فككوا عن رقاب الخلق أغلالا

هم رحمة لبني الإيمان قاطبةً
هم الوقاية أسواء وأهوالا

أنصار دين النبي من بعد غيبته
في نصره بذلوا نفسا وأموالا

قد خصّهم ربهم في خير منقبة
ما خصّ صحبا بها قبلا ولا آلا

كم حاول الصحب والآل الكرام لها
واللّه يختصّ من قد شاء أفضالا

ما زال في كل عصر منهم خلفٌ
يحمي الشريعة قوّالا وفعّالا

حتى أتى دهرنا في خير منتخب
من آل عثمان أملاكاً وأقيالا

قد كنت مضمر خفضٍ ثم أكسبني
رفعا وقد عمني جوداً وأفضالا

وبالاضافة بعد القطع عرّفني
وحطّ عنّي تصغيراً وإعلالا

هذا وحق علاه كم أزاح وكم
أزال عنّي بمحض الفضل أثقالا

لا زال تخدمه نفسي وأمدحه
مستغرق الدهر أبكاراً وآصالا

أهدي مديحي وحمدي ما حييت له
أفادني أنعما جلّت وإقبالا

جزاه عنّي إله العرش أفضل ما
جزا به محسنا يوما ومفضالا


عبدالقادر الجزائري

الحمدان
07-16-2024, 02:12 PM
يا سيدي يا رسول اللّه يا سندي
ويا رجائي ويا حصني ويا مددي

ويا ذخيرة فقري يا عياذي يا
غوثي ويا عدتي للخطب والنكد

يا كهف ذلي ويا حامي الذمار ويا
شفيعنا في غد أرجوك يا سندي

لا علم عندي أرجيه ولا عمل
أمام نجواي من هدى ومن رشد

أبغي رضاك ولا شيء أقدمه
سوى افتقاري وذلّي واصفرار يدي

إن أنت راض فيا فخري ويا شرفي
ماذا علي إذا واليت من أحد


عبدالقادر الجزائري

الحمدان
07-16-2024, 02:12 PM
يا سوادَ العين يا روح الجسد
يا ربيع القلب يا نعم السند

كنت لي قرّة عينٍ وبها
هام قلبي لا بمالٍ وولد

فرمى الدهر بعيني أسهماً
مذ نأيتم لا أرى فيها أحد

أيروق الطرف شيءٌ بعدكم
لا وربّ البيت في هزل وجدّ

مذ ترّحلتم أذبتم مهجتي
ودموعي فائضات من كمد

فني الصبر ولم يفن الجوى
ما أراه فانيا حتى الأبد

وذوى ما كان رطباً يانعاً
ووهي العظم ولم يبق الجلد

مذ تواريتم توارى فرحي
ما يسر القلب في أخذ ورد

فحياتي بعدكم مذ غبتم
من مجاز مرسل عندي يعد

طال ليلي يا أحبّاي ولا
يعلم الحال سوى الفرد الصمد

كم أنادي حين يبدو صبحه
يا سعيدٌ هل خيالٌ لي يرُدّ

فتردّ الروح للجسم ويا
مصطفى هل من داء للكمد

شاقني حبّ حسين شاقني
ما لحكم اللّه في القلب مردّ

هل يجود الدهر من بعد النوى
باقتراب يحيى ميتاً لم يعد

فإذا لي تمّ ما أمّلتُه
عاد إنساني وروحي للجسد

يا ذوي القربى قريباً من أب
أنتم ذخري وكنزي والسند

ليّ كونوا مثلما كان الأولي
سلفوا لي أهل سعيِ لا يُردّ

فإذا ما أقبلت فلتبذلوا
وإذا ما أدبرت فارضوا بودّ

وعليكم من سلام طيب
طيّبٍ يترى إلى غير أمد

يشمل الأحبابَ أني قد ثووا
كل حب لي هو الصنو الأود


عبدالقادر الجزائري

الحمدان
07-16-2024, 02:13 PM
أقول على صدقٍ لأهل النهى طرّا
ولست بمستثن لئيما ولا حرّا

ألا خبروني أين ضلّت عقولكم
وكلكم يستهجن الشر والضرا

ويغفل عنه وهو منتبه له
ويطلب هذا الشر أعظم به شرّا

وجينئذ يقلاه كل مصاحب
ومن مس هذا الضرّ هيهات أن يبرا


عبدالقادر الجزائري

الحمدان
07-16-2024, 02:13 PM
أحلى المديحِ مديح خلّ فاخر
أقواله تنبي كدرّ باهر

عمّا أجنّ من الوداد جنانه
ألفاظه تترى كشهد قاطر

تكسو الملاحةُ والطلاوة وجهها
فالودّ من أرجائها كالعاطر

يا صاح خاتمه الأفاضل كلهم
من كل شهم كاتب أو شاعر

عندي لكم بين الضلوع مودةٌ
محفوظةٌ ومصونةٌ للغابر

كن كيف شئت فأنت أنت أمينها
ما بين بادي عربها والحاضر

ما الدر إلا ما أتانا منكم
أنا مخلص للود أول شاكر


عبدالقادر الجزائري

الحمدان
07-16-2024, 02:14 PM
سلامٌ يفوق المسك والند عرفُه
يعم حمى قومٍ كرام المحافل

كرام إذا ما العبد بينهم جنى
حبوه بعفوٍ شاملٍ ومآمل

بقدر عظيم الذنب يعظم عفوهم
فأكرم بهم قوما كرام الشمائل

على قدر نقصي عاملوني بفضلكم
أيا كاملين الوصف لست بكامل

ندمت على ما كان مني ونادمٌ
عقيب وقوع الفعل ليس بفاعل

على أنّ عقلَ المرء يذهب للقضا
فذو العقل ذو علم وليس بجاهل


عبدالقادر الجزائري

الحمدان
07-16-2024, 02:14 PM
بخيرٍ لقد أمسيت والقلب شيّقٌ
للقياكم شوق المحب لمن يهوى

أحنّ لرؤياكم وضرّي مانعي
وذكركم أنساني الضر والبلوى

لئن كان جسمي في الفراش فهمّتي
بساحتكم يا من هو الغاية القصوى

سألت إلهي أن يخفف ضرن
ويجمعنا فيكم ويكشف ذي الشكوى


عبدالقادر الجزائري

الحمدان
07-16-2024, 02:15 PM
نعم ولكم فضلٌ بأشرف دعوة
غدوت بها يا صاح منشرح الصدر

وقد قيل لا يأبى الكرامة غير من
له عرق لؤم لم يزل في الخنا يسري

لمجلسكم أعلى الكرامة عندنا
ولفظكم أشهى إلينا من الدر

رؤيتكم أجلى لهمي وإنني
غنيت بها عن طلعة الشمس والبدر

عليك تحيات القبول تكرّها
أيا واحداً عندي يعدّ بذا العصر


عبدالقادر الجزائري

الحمدان
07-16-2024, 02:16 PM
أيا سيّداً فاق الكرام بمجده
وخلق كريم لم يزل طيّب النشر

تراه يريح الهم حسن حديثه
ويبرئ مكلوم الفؤاد من الضر

ألا سمرٌ منكم بذا الليل عندنا
فألفاظكم أشهى إليّ من القطر

وان كان عذراً للتخلف منكم
فحسبي من أوصافكم طيب الذكر

عليك سلامُ اللَه ما قلب عاشق
لوصل حبيب راح يهوى مدى الدهر


عبدالقادر الجزائري

الحمدان
07-16-2024, 02:16 PM
سلامٌ عليكم طال شوقي إليكم
وقلبي سواكم في البرية ما أحب

سلامٌ يفوق المسك نشر عبيره
يعمّكم والآل يا سادة العرب

أتيتكم عبدا لقصد زيارة
لعلّي أؤدّي ما عليّ لقد وجب

فمنوا على العبد الذليل بدعوةٍ
ينال بها حسن الختام مع الأرب

وكان مرادي أن ألاقيكم على
بساطٍ عزيز الملك والحرب في نشب

وما كان في ظني أرى سيدي كما
رأيت ألا للّه ما تصنع النوب

فصبراً لحكم اللّه راج ثوابه
فإن ثواب اللّه يأتي على التعب


عبدالقادر الجزائري

الحمدان
07-16-2024, 02:17 PM
أهلا وسهلاً بالحبيب القادم
هذا النهار لديّ خير مواسم

جاء السرور مصاحبا لقدومه
وانزاح ما قد كان قبل ملازمي

أفديك بالنفس النفيسة زائراً
من غير ما منٍّ ولستُ بنادم

طالت مسائلتي الركاب تشوّقاً
لجمال رؤية وجهك المتعاظم

لا غرو إن أحببتكم من قبل ما
شاهدتكم أنتم جمال العالم

كانت على سمعي تغار نواظري
حتى رأيتك أنت أنتَ مكالمي

عندي الأيادي البيض حيث أريتني
ما كان قبلاً في يقين العالم

والآن صرت من اليقين بحقّه
وبعينه إن السرور منادمي

أسميّ قطب العارفين لك لعلا
متبوّئاً منه أجلّ معالم

أنت الذي في الفضل أصبح مفرداً
لعلاه ما من مدّعٍ ومزاحم

لا زلت ميمون النقيبة طالعا
بالسعد ذا فضلٌ وخدنُ مكارم


عبدالقادر الجزائري

الحمدان
07-16-2024, 02:17 PM
أخي نلتَ الذي قد كنت تطلبه
وفزت دوني بما ترجو وترغبه

وساعدتك الليالي لا شقيت فدُم
قريرِ عينٍ بوصلٍ ليس تسلَبه

قد طاب في طيبة الغرّا مقامكم
جوار محبوبنا من كنت ترقبه

يا هل ترى مثلما فزتم أفوز وهل
تعلو سعودي على نحسي فتقلبه


عبدالقادر الجزائري

الحمدان
07-16-2024, 02:18 PM
أقول لقومٍ لا تقيد نصيحتي
لديهم ولو أبديت كل الأدلة

ألا فاتركوا ورد الخدود وشأنه
فتخديدكم في الخد أقبحُ فعلة

أيعمد ذو لبّ لخدّ مورّد
ويقسمه عمداً إلى شرّ قسمة

ومادحُ شرط الخدّ في السود صادقٌ
وأما بخد البيض فالقبح عمدتي

أما يختشي من أن يكون مخدّدا
ويدخل في من حاز أفظع قولة

فباللحظ لا الموسى تخدّشُ وجنةٌ
فيا ويلتا منه ويا طول حسرتي

وإني لأهوى كلّ خدّ مورّدٍ
زها قطّ لم يمسسه موسى بخدشة


عبدالقادر الجزائري

الحمدان
07-16-2024, 02:19 PM
أيا أهل فن الطب باللّه خبروا
أيوجد للصبّ النحيل دواء

نهكت سقاماً لم أجد ليَ شافياً
وقلبي من غير الخليل هواء

كلفت بها وهي الفريدة والتي
تجمع فيها الحسن وهي ضياء

ولا عيب فيها غير فرط دلالها
وفي القلب منها للتباعد داء

أريد وصالا وهي تقصد ضدّه
أيمكن للضدين ثمّ لقاء

وأسأل من ربي اللقاء فإنه
قديرٌ ولي في ذي الجلال رجاء


عبدالقادر الجزائري

الحمدان
07-16-2024, 02:19 PM
أحباب قلبي كم بيني وبينكم
من أبحر وصفها قد دقّ عن حدّ

تحار فيها القطا والعي يدركها
حتى الجهات بها تخفى عن القصد

ما كنت أدري بأن الدهر يبعدكم
عني ويتركني من بعدكم وحدي

قد خانني الصبر ما أجدى بمنفعة
سيل المدامع قد سالت على خدّي

والطيف مثل لي أوصافكم فبدا
بشرى ومذقمت غير الحزن ما عندي

هل الغزال الذي أهواه يسعفني
بالوصل يوما كما قد كان في العهد

هل النفور الذي أهواه يسعدني
بالقرب من بعد ما أبدى من الصد

يا ذا النفور الذي في القلب مرتعه
ارتع به لا ترع فالصب في بعد

إني وإن كنت مني نافرا فلقد
أرضي بطيف خيال منك لا يجدي


عبدالقادر الجزائري

الحمدان
07-16-2024, 02:21 PM
أقاسي الحب من قاسي الفؤاد
وأرعاه ولا يرعى ودادي

أريد حياتها وتريد قتلي
بهجرٍ أو بصدّ أو بعاد

وأبكيها فتضحك ملء فيها
وأسهر وهي في طيب الرقاد

وتعمى مقلتي إما تناءت
وعيناها تعمّى عن مرادي

وتهجرني بلا ذنبٍ تراه
فظامي قد رأت دون العباد

وأشكوها البعاد وليس تصغي
إلى الشكوى وتمكث في ازدياد

وأبذل مهجتي في لثم فيها
فتمنعني وأرجع منه صاد

وأغتفر العظيم لها وتحصي
علي الذنب في وقت العداد

وأخضع ذلةً فتزيد تيهاً
وفي هجري أراها في اشتداد

فما تنفك عني ذات عزّ
وما أنفك في ذلي أنادي

فما في الذل للمحبوب عارٌ
سبيل الحب ذلٌّ للمراد

رضا المحبوب ليس له عديلٌ
بغير الذل عليس بمستفاد

ألا من منصفي من ظبي قفرٍ
لقد أضحت مراتعه فؤادي

ومن عجب تهاب الأسد بطشي
ويمنعني غزالٌ عن مرادي

وماذا غير أن له جمالاً
تملّك مهجتي ملك السواد

وسلطان الجمال له اعتزاز
على ذي الخيل والرجل الجواد

وهذا الفعل مغتفر وزين
إذا يوماً أبيت على معاد

فإن رضيت علي أرت محيا
بشوشا بالملاحة ظلّ باد

خليلي إن أتيتَ إليّ يوما
بشيراً بالوصال وبالوداد

فنفسي بالبشارة إن ترمها
فخذها بالطريف وبالتلاد

إذا ما الناس ترغب في كنوزٍ
فبنت العم مكتنزي وزادي


عبدالقادر الجزائري

الحمدان
07-16-2024, 02:22 PM
أودّ بأن أرى ظبي الصحاري
وأرقب طيفه والليل سار

وأطلب قربه فيزيد بعداً
قديماً من وصالٍ في نفار

وهذا الظبي لا يرعى ذماماً
ولا يرضى مؤانسةً لجار

يتية بدلّه ويصول عمدا
غنيٌّ بالجمال فلا يداري

أمازحه فلا يرضى مزاحاً
وأسأله المراء فلا يُماري

ويعتبني فيكسو القلب بسطاً
لأن العتب يطفي حر ناري

فإن هو لم يجد بالوصل أصلا
ويدني الطيف من سكني وداري

أقل للنفس ويك ألا فذوبي
وموتبي فالقضاه عليك جار

ويسلبني الحياة إذا تبدّى
بوجهٍ في الإضاءة كالنهار


عبدالقادر الجزائري

الحمدان
07-16-2024, 02:22 PM
يا عاذراً لامرئٍ قد هام في الحضر
وعاذلاً لمحبّ البدو والقفر

لا تذممنّ بيوتاً خفّ محملها
وتمدحنّ بيوت الطين والحجر

لو كنت تعلم ما في البدو تعذرني
لكن جهلت وكم في الجهل من ضرر

أو كنتَ أصبحت في الصحراء مرتقياً
بساط رملٍ به الحصباء كالدرر

أو جلتَ في روضةٍ قد راق منظرها
بكل لونٍ جميل شيّق عطر

تستنشقنّ نسيماً طاب منتشقاً
يزيد في الروح لم يمرر على قذَر

أو كنت في صبح ليل هاج هاتنه
علوت في مرقبٍ أو جلت بالنظر

رأيت في كلّ وجهٍ من بسائطها
سرباً من الوحش يرعى أطيب الشجر

فيا لها وقفة لم تبق من حزن
في قلب مضنى ولا كدّا لذي ضجر

نباكرُ الصيد أحيانا فنبغته
فالصيد منّا مدى الأوقات في ذعر

فكم ظلمنا ظليما في نعامته
وإن يكن طائراً في الجو كالصقر

يوم الرحيل إذا شدّت هوادجنا
شقائق عمّها مزنٌ من المطر

فيها العذارى وفيها قد جعلن كوىً
مرقعاتٍ بأحداقٍ من الحور

تمشي الحداة لها من خلفها زجلٌ
أشهى من الناي والسنطير والوتر

ونحن فوقَ جياد الخيل نركضها
شليلها زينة الأكفال والخصر

نطارد الوحش والغزلان نلحقها
على البعاد وما تنجو من الضمر

نروح للحيّليلا بعدما نزلوا
منازلاً ما بها لطخٌ من الوضر

ترابها المسك بل أنقى وجاد بها
صوب الغمائم بالآصال والبكر

نلقى الخيام وقد صفّت بها فغدت
مثل السماء زهت بالأنجم الزهر

قال الألى قد مضوا قولا يصدّقه
نقلٌ وعقلٌ وما للحق من غير

الحسن يظهر في بيتين رونقه
بيتٌ من الشعرِ أو بيتٌ من الشعَر

أنعامنا إن أتت عند العشيّ تخل
أصواتها كدويّ الرعد بالسحر

سفائن البرّ بل أنجى لراكبها
سفائن البحر كم فيها من الخطر

لنا المهارى وما للريم سرعتها
بها وبالخيل نلنا كل مفتخر

فخيلنا دائما للحرب مسرجةٌ
من استغاث بنا بشّره بالظفر

نحن الملوك فلا تعدل بنا أحداً
وأيّ عيشٍ لمن قد بات في خفر

لا نحمل الضيم ممن جار نتركه
وأرضه وجيمع العزّ في السفر

وإن أساء علينا الجار عشرته
نبين عنه بلا ضرٍّ ولا ضرَر

نبيت نار القرى تبدو لطارقتنا
فيها المداواة من جوع ومن خصر

عدوّنا ما له ملجا ولا وزرٌ
وعندنا عاديات السبق والظفر

شرابها من حليبٍ ما يخالطه
ماء وليس حليب النوق كالبقر

أموال أعدائنا في كلّ آونة
نقضي بقسمتها بالعدل والقدر

ما في البداوة من عيب تذمّ به
إلّا المروءة والإحسان بالبدرِ

وصحّة الجسم فيها غير خافيةٍ
والعيب والداء مقصورٌ على الحضَر

من لم يمت عندنا بالطعن عاش مدى
فنحن أطول خلق اللَه في العمر


عبدالقادر الجزائري

الحمدان
07-16-2024, 02:23 PM
تساءلني أمّ البنين وإنها
لأعلمُ من تحت السماء بأحوالي

ألم تعلمي يا ربّة الخدرِ أنني
أجلّي همومَ القوم في يوم تجوالي

وأغشى مضيق الموت لا متهيّباً
وأحمي نساء الحي في يوم تهوال

يثقن النسابي حيثما كنت حاضراً
ولا تثقن في زوجها ذات خلخال

أميرٌ إذا ما كان جيشيَ مقبلاً
وموقدُ نار الحرب إذ لم يكن صالي

إذا ما لقيت الخيل إنّي لأول
وإن جال أصحابي فإني لها تال

أدافع عنهم ما يخافون من ردى
فيشكر كلّ الخلق من حسن أفعالي

وأورد رايات الطعان صحيحةً
وأصدرها بالرمى تمثال غربال

ومن عادة السادات بالجيش تحتمي
وبي يحتمي جيشي وتحرسُ أبطالي

وبي تتّقي يوم الطعان فوارسٌ
تخالينهم في الحرب أمثال أشبال

إذا ما اشتكت خيلي الجراحَ تحمحماً
أقول لها صبرا كصبري وإجمالي

وأبذل يوم الروع نفسا كريمة
على أنها في السلم أغلى من الغالي

وعنّي سلي جيشَ الفرنسيس تعلمي
بأن مناياهم بسيفي وعسّالي

سلي الليل عني كم شققت أديمه
على ضامر الجنبين معتدل عال

سلي البيد عني والمفاوز والربى
وسهلا وحزنا كم طويتُ بترحالي

فما همّتي إلا مقارعة العدا
وهزمي أبطالاً شداداً بأبطالي

فلا تهزئي بي واعلمي أنني الذي
أهاب ولو أصبحتُ تحت الثرى بالي


عبدالقادر الجزائري

الحمدان
07-16-2024, 02:23 PM
إلى الصون مدّت تلمسان يداها
ولبّت فهذا حسن صوت نداها

وقد رفعت عنها الإزار فلج به
وبرد فؤاداً من زلال نداها

وذا روض خدّيها تفتق نَوره
فلا ترضَ من زاهي الرياض عداها

ويا طالما عانت نقاب جمالها
عداةٌ وهم بين الأنام عداها

وكم رائمٍ رام الجمال الذي ترى
فأرداه منها لحظها ومناها

وحاول لثمَ الخال من ورد خدها
فضنّت بما يبغي وشطّ مداها

وكم خاطبٍ لم يدع كفئاً لها ولم
يشم طرفاً من وشي ذيلِ رداها

وآخر لم يعقد عليها بعصمةٍ
وما مسّها مسّاً أبان رضاها

وخابت ظنون المفسدين بسعيهم
ولم تنل الأعدا هناك مناها

قد انفصمت من تلمسان حبالها
وبانت وآلت لا يحل عراها

سوى صاحب الإقدام في الرأي والوغى
وذي الغيرة الحامي الغداة حماها

ولما علمت الصدق منها بأنها
أنالتني الكرسي وحزت علاها

ولم أعلمن في القطر غيري كافلاًُ
ولا عارفا في حقها وبهاها

فبادرت حزما وانتصاراً بهمّتي
وأمهرتها حبا فكان دواها

فكنت لها بعلا وكانت حليلتي
وعرسي وملكي ناشراً للواها

ووشحتها ثوباً من العز رافلاً
فقامت بإعجابٍ تجرّ رداها

ونادت أعبد القادر المنقذ الذي
أغثتَ أناساً من بحور هواها

لانك أعطيت المفاتيح عنوة
فزدني أيا عزّ الجزائر جاها

ووهران والمرساة كلا بما حوت
غدت حائزاتٍ من حماك مناها


عبدالقادر الجزائري

الحمدان
07-16-2024, 02:24 PM
لنا في كل مكرمة مجال
ومن فوق السماك لنا رجالُ

ركبنا للمكارم كل هول
وخضنا أبحراً ولها زجال

إذا عنها توانى الغير عجزاً
فنحن الراحلون لها العجال

سوانا ليس بالمقصود لما
ينادي المستغيث ألا تعالوا

ولفظُ الناسِ ليس له مسمّى
سوانا والمنى منّا ينال

لنا الفخر العميم بكل عصرٍ
ومصر هل بهذا ما يقال

رفعنا ثوبنا عن كل لؤمٍ
وأقوالي تصدّقها الفعال

ولو ندري بماء المزن يزري
لكان لنا على الظمإ احتمال

ذُرا ذا المجد حقا قد تعالت
وصدقا قد تطاول لا يطال

فلا جزعٌ ولا هلعٌ مشينٌ
ومنّا الغدرُ أو كذبٌ محال

ونحلم إن جنى السفهاء يوماً
ومن قبل السؤال لنا نوال

ورثنا سؤددا للعرب يبقى
وما تبقى السماء ولا الجبال

فبالجدّ القديم علت قريش
ومنا فوق ذا طابت فعال

وكان لنا دوام الدهر ذكرٌ
بذا نطق الكتاب ولا يزال

ومنّا لم يزل في كل عصرٍ
رجالٌ للرجال همُ الرجال

لقد شادوا المؤسّس من قديم
بهم ترقى المكارم والخصال

لهم هممٌ سمت فوقَ الثريا
حماة الدين دأبهم النضال

لهم لسنُ العلوم لها احتجاج
وبيضٌ ما يثّلمها النزال

سلوا تخبركم عنا فرنسا
ويصدق إن حكت منها المقال

فكم لي فيهم من يوم حربٍ
به افتخر الزمان ولا يزال


عبدالقادر الجزائري

الحمدان
07-16-2024, 02:25 PM
أبونا رسول اللَه خيرُ الورى طرّا
فمن في الورى يبغي يطاولنا قدرا

ولانا غدا ديناً وفرضاً محتّما
على كل ذي لبّ به يأمن الغدرا

وحسبي بهذا الفخر من كل منصب
وعن رتبةٍ تسمو وبيضاء أو صفرا

بعليائنا يعلو الفخار وإن يكن
به قد سما قومٌ ونالوا به نصرا

وباللَه أضحى عزّنا وجمالنا
بتقوى وعلمٍ والتزوّد للأخرى

ومن رامَ إلالاً لنا قلتُ حسبنا
إله الورى والجدّا أنعم به ذخرا


عبدالقادر الجزائري

الحمدان
07-16-2024, 02:25 PM
لئن كان هذا الرسم يعطيك ظاهري
فليس يُريكِ الرسم صورتنا العظمى

فثمّ وراء الرسم شخصٌ محجّبٌ
له همّةٌ تعلو بأخمصها النجما

وما المرء بالوجه الصبيح افتخارُه
ولكنه بالعقل والخُلُق الأسمى

وإن جمعت للمرء هذي وهذه
فذاك الذي لا يبتغى بعده نعمى


عبدالقادر الجزائري

الحمدان
07-16-2024, 02:26 PM
ولو شئتِ لمّا أزمع الحيُّ رَوْحَةً
أشرتِ إلينا بالبنانِ المُقَمَّعِ

فما بان ماضٍ بان وهو مودَّعٌ
وقد بان كلَّ البين غيرَ مودَّعِ

وصَدَّكِ قومٌ عن زيارةِ مُقْلتِي
فلِمْ لمْ تزورِي القلبَ ساعةَ مضجعي

وحاذرتِ وصلاً يعرف النّاسُ حالَه
فما ضرّ من وَصْلٍ ولا أحدٌ معي


عبدالقادر الجزائري

الحمدان
07-16-2024, 02:27 PM
صبراً على مضضِ الخطوب
وإِن أسَأْن بنا صنيعا

يعطي الزَّمانُ وليتَه
أعطى ولم ينوِ الرّجوعا

مَنْ عاذِري مِن مَطْمَعٍ
أَغدو لَهُ دَهري مُطيعا

أَفنى الأصولَ وَلَيتَه
أبقى فلم يُفنِ الفروعا

أَينَ الّذين تبوّأُوا
نَشْزَاً من الدُّنيا رفيعا

خَلفوا البدور إِذا اِمّحتْ
ولَطالما خَلَفوا الرّبيعا

وإذا الجسومُ تدرَّعتْ
جعلوا عزائمهمْ دروعا


عبدالقادر الجزائري

الحمدان
07-16-2024, 02:27 PM
لو أنصف النّاس قالوا أنتُمُ جبلٌ
يأوِي إليه بنو الإشفاقِ والحَذَرِ

لولاكُمُ سنداً لي والعدا أَثَري
ما كُنتُ مِن مَكرِهمْ إلّا عَلى غَرَرِ

قَد كُنتُمُ نِلتُمُ ما يَبتَغيهِ لكمْ
ذَوو المَودّةٍ لولا عائقُ القدرِ

سَطا عَلى شَملِكُمْ يَوماً فمزّقهُ
كلَّ التمزّقِ نَبْواتٌ من الغِيَرِ

فَمَن يَكُن عندهُ يا قومُ مُصطَبَرٌ
فإنّني طولَ عمري غيرُ مصطبرِ


عبدالقادر الجزائري
الجزائري

الحمدان
07-16-2024, 02:28 PM
مَالَتْ تُمَزِّقُ فَوْقَ النَّعْشِ أَكْفَانِي
مِنْ فَرْطِ مَا اقْتَرَفَ الآسِي بِجُثْمَانِي

تَرْجُو انْبِعَاثِي وَمَا لِي غَيْرُ حُرْقَتِهَا
نَفْسِي وَقَدْ أَوْعَدَ الإِلْحَادُ أَدْيَانِي

أَجَبْتُ ثَوْبُ الأَسَى فِي المَهْدِ جلَّلَنِي
والسَّيْرُ بَيْنَ ثَنَايَا الجَمْرِ أَضْنَانِي

جُرِّعْتُ كَأْسَ الشَّجَا مِمَّنْ أُنَادِمُهُمْ
وَالنَّحْتُ عِنْدَ جِدارِ اللَحْدِ أَدْمَانِي

طَرَقْتُ أَبْوَابَ مَنْ عَاثُوا بِنَسْمَتِنَا
وَخُضْتُ حَرْباً ضَرُوساً دُونَ فُرْسَانِ

فَمَا وَجَدْتُ لِنَيْلِ الثَّأْرِ خَاصِرَةً
تُزِيحُ عَنْ كَاهِلِي المَنْهُوكِ أَحْزَانِي

سَوَاحِلُ الضَّيْمِ أَدْنَتْنِي مَرَافِؤُهَا
وَاسْتَقْبَحَ الرَّسْفُ فِي الأَغْلاَلِ إِذْعَانِي

أَنَا الأَبِيُّ سَلِيلُ المَجْدِ آلَمَنِي
فُقْدَانُ حَتْفِي وَمَكْثُ الرُّوحِ أَشْقَانِي

أَرَى الحَيَاةَ بِلاَ مَعْنَىً مُذِ انْفَرَطَتْ
قُيُودُ عَزْلِي وَسَيرُ الجَلْدِ أَقْصَانِي

أَرَقْتُ جَفْنِي عَلَى دَمْعٍ أُلاَزِمُهُ
قَدْ ظَنَّهُ النَّاسُ بَحْراً دُونَ شُطْآنِ

وَخُضْتُ حَرْباً عَلَى طَيْفٍ أُنَازِعُهُ
نَبْذَ الهَوَانِ وَلَكِنْ حَالَ إِيمَانِي

عَنْ وَضْعِ حَدٍّ لِعَيْشٍ بِتُّ أَمْقُتُهُ
وَزَجْرِ ضَيْمٍ ثَوَى يَمْتَاحُ أَشْجَانِي

أَبْدَيْتُ جُرْحِي إِلَى الآسِي أُسَائِلُهُ
مِنْ فَرْطِ غَيْظِي لِمَ التَّمْثِيلُ بِالفَانِي

أَنَا الشَّقِيُّ رَدِيفُ النَّزْفِ أَرَّقَنِي
زَمُّ العِنَانِ وَعُسْرُ الحَالِ أَعْيَانِي

أَرَدْتُ ثَلْمَ وَمِيضٍ لِلنَّفَاذِ بِهِ
فَالْتَاعَ زَنْدِي وَسَيْفُ الوَيْلِ أَرْدَانِي

فَصَارَ جِسْمِي عَدِيمَ الحِسِّ وَانْدَلَعَتْ
نِيرَانُ شَجْوِي وَمَجَّ الدَّمْعُ أَجْفَانِي

حَتَّى انْتَهَيْتُ بِلاَ حَتْفٍ وَمَزَّقَنِي
يَأْسِي وَفَوْقَ جَحِيمِ المَوْتِ أَحْيَانِي


صلاح الدين الغزال

الحمدان
07-16-2024, 02:28 PM
قَدْ مَسَّنِي الغَدْرُ مِمَّنْ أَحْتَمِي بِهِمُ
وَتَمَّ ذَبْحِي عَلَى أَيْدِي أَحِبَّائِي

مِنْ أَجْلِ لاَ شَيْءَ قَلْبِي مَزَّقُوا إِرَباً
وَشَمَّتُوا بِيَ عِنْدَ الفَتْكِ أَعْدَائِي

لَقَدْ خُدِعْتُ بِمَنْ قَدْ كُنْتُ أَحْسِبُهُمْ
أَدْنَى الأَنَامِ وَهَدَّ السُّهْدُ أَرْجَائِي

حَتَّى الْتَقَيْتُ بِحَسْنَاءٍ لَهَا أَلَقٌ
أَزَالَ حُزْنِي وَأَلْقَى فِي اللَظَى دَائِي

جَمِيلَةُ الوَجْهِ إِنْ لاَحَتْ فِإِنَّ لَهَا
ذَوْقاً رَفِيعاً وَعِطْراً يُسْكِرُ النَّائِي

حُورِيَّةٌ مِنْ جِنَانِ الخُلْدِ أَنْزَلَهَا
رَبِّي دَوَاءً لِكَيْ تَجْتَثَّ إِعْيَائِي

أَنْسَتْ فُؤَادِي الَّتِي أَوْدَتْ بِفَرْحَتِنَا
وَاسْتُلَّ خِنْجَرُهَا مِنْ بَيْنِ أَحْشَائِي

عَشِقْتُهَا غَيْرَ أَنَّ البَحْرَ يَفْصِلُنَا
وَخَلْفَنَا البِيدُ تَطْوِي نَوْحَ أَصْدَائِي

وَزَوْرَقِي حَطَّمَتْهُ أَمْسِ عَاصِفَةٌ
هَبَّتْ عَلَى سَاحِلِي مِنْ دُونِ أَنْوَاءِ

فَاجْتَاحَتِ الشِّعْرَ حَتَّى صِرْتُ قَافِيَةً
لاَ نَقْدَ يَرْضَى بِهَا مِنْ فَرْطِ إِقْوَائِي

فَرُدَّتِ الرُوحُ بَعْدَ النَّزْعِ ثَانِيَةً
بِالرَّغْمِ مِنْ قَصْفِهِمْ بِالسُّخْطِ أَحْيَائِي

أَنَا المُتَيَّمُ يَا حَسْنَاءُ مُذْ زَمَنٍ
وَالشَّوْقُ أَنْهَكَ قَبْلَ البُعْدِ أَفْيَائِي

إِنْسِيَّةٌ أَنْتِ أَمْ مِنْ عَبْقَرٍ قَدِمَتْ
وَهَلْ هُنَالِكَ وَصْلٌ عِنْدَ إِسْرَائِي

قَدْ قَسَّمَ الفَرْقُ فِي التَّوْقِيتِ كَوْكَبَنَا
فَالصُّبْحُ نُورُكِ أَمَّا اللَيْلُ ظَلْمَائِي


صلاح الدين الغزال

الحمدان
07-16-2024, 02:29 PM
لَقَدْ كَذَبَتْ وَحُقَّ لَهَا حَذَامِ
وَأَلْقَتْ بِالمُنَى بَعْدَ الوِئَامِ

وَكَانَ الصِّدْقُ قَبْلُ لَهَا رَفِيقاً
فَصَارَتْ وَالقَطَا وَقْرَ النِّيَامِ

وَلَوْ أَنَّ السُّيُوفَ مَلَكْتُ يَوْماً
لَجِئْتُ مُقَاتِلاً بَدَلَ السَّلاَمِ

وَلَكِنْ وَيْحَهُ الإِفْلاَسُ قَاسٍ
وَمَنْ يُفْلِسْ يَعِشْ دُونَ احْتِرَامِ

تَمَنَّى القَلْبُ أَنَّا مَا التَقَيْنَا
وَلَمْ يَسْقَمْ بِهَا يَوْماً حُطَامِي

تَبَدَّتْ مِثْلَ غُصْنِ البَانِ زَيْفاً
وَسَاقَتْنِي إِلَى جُبِّ الغَرَامِ

أَرَادَتْ هَاتِفاً لِيَكُونَ وَصْلاً
فَقَدْ أَزْرَى بِهَا هَوْلُ الهُيَامِ

وَكَانَتْ كُلَّمَا اسْتَمَعَتْ لِصَوْتِي
تَكُرُّ جُيُوشُهَا تَرْجُو اغْتِنَامِي

تَخَافُ اللَيْلَ لَكِنْ حِينَ أَبْدُو
تَهُبُّ بِشَوْقِهَا رَغْمَ الظَّلاَمِ

تَقُولُ بِأَنَّهَا شُغِفَتْ بِحُبِّي
وَأَنِّي عِنْدَهَا خَيْرُ الأَنَامِ

أَرَادَتْ أَنْ يَكُونَ لَهَا جَوَازٌ
فَشَهْرُ الشَّهْدِ يُرْجَى لِلْكِرَامِ

وَقَالَتْ أَنْتَ مَنْ تَرْجُوهُ رُوحِي
فَجُدْ بِالبَذْلِ وَلْتَحْذَرْ خِصَامِي

فَكَمْ مِنْ غَايَةٍ لِي لَمْ تُنَفَّذْ
وَلَمْ تَحْظَ المَطَالِبُ بِاهْتِمَامِ

فَحَارَ البَذْلُ إِذْ قَدْ ضَاقَ ذَرْعاً
فَلَمْ يَجْسُرْ فَجَاسَتْ لاِتِّهَامِي

بِأَنِّي لَسْتُ أَهْوَاهَا وَأَنِّي
عَدِيمُ الحِسِّ ذُو عَقْلٍ هُلاَمِي

وَأَلْقَتْ بِالعُهُودِ لأَجْلِ وَغْدٍ
وَحَتَّى الوَغْدَ خَانَتْ فِي الخِتَامِ


صلاح الدين الغزال

الحمدان
07-16-2024, 02:29 PM
قَالَ لِي قَوْمِي وَلَمَّا يَعْلَمُوا
كَمْ أَنَا صَلْبٌ وَطُوفَانِي عَنِيدْ

احْذِرِ الأَهْوَالَ وَلْتَخْشَ الرَّدَى
وَارْقُبِ الأَحْدَاثَ لَكِنْ مِنْ بَعِيدْ

كَمْ دَمٍ قَدْ سَالَ فِي الأَرْضِ وَكَمْ
مُهْجَةٍ قَدْ هَزَّهَا نَزْعٌ شَدِيدْ

إِنَّمَا المَوْتُ هُوَ الصَّمْتُ هُنَا
وَحَيَاةُ الخُلْدِ تُؤْتَى لِلْعَنِيدْ

سَرَقُوا أَحْلاَمَ شَعْبِي وَادَّعَوْا
أَنَّهُمْ جَاءُوا لِتَحْرِيرِ العَبِيدْ

مَزَّقُوا الأَطْفَالَ فِي المَاضِي سُدَىً
بَعْدَمَا اقْتَادُوا شُيُوخِي بِالحَدِيدْ

فَدَعُونِي أُحْرِقِ الغَيْظَ بِهِمْ
ثَمَّ أَحْيَا بَعْدَ قَتْلِي مِنْ جَدِيدْ


صلاح الدين الغزال

الحمدان
07-16-2024, 02:30 PM
كَمْ هَامَةٍ تَمْشِي اخْتِيَالاً فِي بَطَرْ
لاَحَتْ فَظَنُّوا أَنَّ صَاحِبَهَا بَشَرْ

وَكَقَوْمِ هُودٍ إِذْ رَأَوْهُ عَارِضاً
مُسْتَقْبِلَ الوَادِي فَقَالُوا ذَا مَطَرْ

قَدْ يَلْمَعُ الذَّهَبِيُّ لَكِنْ هَلْ هُمَا
صِنْوَانِ أَعْشَابُ المَزَابِلِ وَالشَّجَرْ

بَانَتْ سُعَادٌ وَيْحَ كَعْبٍ بَعْدَمَا
بَانَتْ وَلَمْ يُدْرِكْ مُحَيَّاهَا الأَثَرْ

فِينَا وَفَاءٌ سَوْفَ يُدْنِي غَيْثَنَا
مِنْ بَعْدِ تَقْتِيرٍ وَإِنْ طَالَ السَّفَرْ

كَمْ فَارِسٍ مُتَرَجِّلٍ نَحْوَ الوَغَى
يَطْوِي غُبَارَ السَّهْلِ يَلْهُو بِالخَطَرْ

وَبَقَايَا أَشْبَاهِ الرِّجَالِ تَوَاثَبُوا
نَحْوَ المَنَافِذِ يَبْحَثُونَ عَنِ المَفَرّ

جَمَحَتْ بِنَا الفَرَسُ الذَّلُولَةُ وَاعْتَلَى
الأَوْبَاشُ قُرْصَ الشَّمْسِ وَاغْتَالُوا القَمَرْ

العَصْرُ عَصْرُكُمُ فَتِيهُوا وَارْقُبُوا
فَالصُّبْحُ آتٍ وَالمَدَى لَنْ يَنْدَحِرْ

حَتَّى وَإِنْ مِلْنَا سَنَبْقَى وَالعُلاَ
سَيْفَيْنِ تَخْشَانَا تَصَارِيفُ القَدَرْ


صلاح الدين الغزال

الحمدان
07-16-2024, 02:31 PM
لِتَعْذِرْنَا رَسُولَ اللهِ إِنَّا
نُعَانِي تَحْتَ أَهْوَالٍ عِظَامِ

أَمَاتُوا أُمَّةً هَانَتْ وَنَادُوا
بِأَنَّ سُبَاتَنَا لِلدِّينِ حَامِ

وَهُمْ أَعْدَاؤُنَا سِرّاً وَلَكِنْ
هُنَاكَ تَفَاوُتٌ عِنْدَ الصِّدَامِ

فَبَعْضٌ فِي التُّرَابِ يَدُسُّ رَأْساً
وَيَشْمَخُ بِاسْتِهِ مِثْلَ النَّعَامِ

وَآخَرُ يَدَّعِي الإِسْلاَمَ زَيْفاً
يَسُوسُ النَّاسَ قَسْراً بِالحُسَامِ

يَرَوْنَ دِمَاءَنَا لِلسَّفْكِ حِلاًّ
قُسَاةً يَلْهَثُونَ بِلاَ أُوَامِ

غَدَاةَ السِّلْمِ كُلُّهُمُ صُقُورٌ
وَعِنْدَ الحَرْبِ أَشْبَهُ بِالحَمَامِ

يَدُوسُونَ النُّفُوسَ بِلاَ حَيَاءٍ
وَقَدْ جُبِلُوا عَلَى سَحْلِ الأَنَامِ

غُثَاءُ السَّيْلِ صَارَ لَنَا شَبِيهاً
نَهِيمُ بِلاَ هُدَىً مِثْلَ السَّوَامِ

رَسُولَ اللهِ لاَ تَأْبَهْ لِرَسْمٍ
شَنِيعٍ صَاغَهُ بَعْضُ اللِئَامِ

تَصَدَّى نُورُ وَجْهِكَ دُونَ لأْيٍ
مَعَ الإِيمَانِ جَهْراً لِلظَّلاَمِ

فَزَالَ الكُفْرُ عَنْ قَيْسٍ وَأَضْحَتْ
بِكَ الرُّكْبَانُ تَرْفُلُ بِالسَّلاَمِ

وَهَا شَاهَدْتَ فِي الأَجْسَادِ نَزْفِي
وَقَدْ كَرُّوا عَلَى المَوْتِ الزُّؤَامِ

شَبَابٌ لاَ يَخَافُونَ المَنَايَا
تَداعَوا لِلَّظَى وَالأُفْقُ دَامِ

فِدَاكَ أَبِي وَرُوحِي دُونَ مَنٍّ
أُقَدِّمُهَا إِلَى مَرْمَى السِّهَامِ

وَلَوْ قَدْ كَانَ لِي رَهْطٌ وَخَيْلٌ
لأَسْمَعْتُ الأُلَى خَسِئُوا كَلاَمِي

وَلَكِنْ لاَ سِلاَحَ لَهُ نُفُوذٌ
سِوَى قَلَمِي لإِيقَاظِ النِّيَامِ

فَلَيْتَ لَنَا بِجَوْفِ الغِمْدِِ سَيْفاً
وَكَانَ لَنَا وَرَاءَ القَوْسِ رَامِ

جَمِيلُ الفِعْلِ لَيْسَ هُنَاكَ شَكٌّ
نَزِيهٌ أَنْتَ عَنْ كُلِّ اتِّهَامِ

نِدَائِي يَا رَسُولَ اللهِ يَوْماً
بِأَنْ أُشْفَى بِحَوْضِكَ مِنْ سَقَامِي

بِمَدْحِكَ أَرْتَجِي وَالوَيْلُ خَلْفِي
وَقَدْ عَاثَ العِدَى حُسْنَ الخِتَامِ


صلاح الدين الغزال

الحمدان
07-16-2024, 02:31 PM
قَدْ كُنْتِ بَارِعَةً فِي الفَتْكِ مَوْلاَتِي
صَدَّقْتُ زَيْفَكِ وَاسْتَغْنَيتُ عَنْ ذَاتِي

لَمْ أُبْصِرِ الخِنْجَرَ المَسْمُومَ فِي يَدِهَا
وَلاَ البَرَاثِنَ فِي دَيْجُورِهَا العَاتِي

فَاجْتَثَّتِ الرُّوحَ مِنِّي وَاقْتَفَتْ أَلَقِي
تُؤْذِي الجِرَاحَ وَلَمْ تَأْبَهْ لأَنَّاتِي

بَكَيْتُ حُزْناً قُبَيِلَ النَّزْعِ مِنْ أَلَمٍ
وَالذَّرْفُ فِي مُقْلَتِي يَرْثِي لِمَأْسَاتِي

قُتِلْتُ رُوحاً بِلاَ جِسْمٍ وَأَرَّقَنِي
سَلْبُ السِّيَاطِ لِمَا بِي مِنْ حَشَاشَاتِ

حَمْقَاءُ رَعْنَاءُ إِنْ قَالَتْ فَمَنْطِقُهَا
إِفْكٌ تَسَتَّرَ فِي دَيْمُومِ آفَاتِ

تُرِيدُ أَنْ تَغْتَنِي مِنْ جَيْبِ عَاشِقِهَا
بِالسَّلْخِ لِلْوَجْهِ كَيْداً قَبْلِ أَنْ تَأْتِي

كَمْ شَمَّمَتْنِي أَرِيجَ الصُّبْحِ مُنْتَشِياً
وَالشَّوْقَ مُؤْتَلِقاً عِنْدَ المُلاَقَاةِ

حَتَّى إِذَا كَادَ عَقْدُ الوَصْلِ يَجْمَعُنَا
أَذْكَتْ بِعُودَيْنِ مِنْ غَدْرٍ مُعَانَاتِي

أَنْيَابُهَا السُّحْمُ سَالَ السُّمُّ بَيْنَهُمَا
تُرِيدُ نَهْشِي وَقَذْفِي فِي المَتَاهَاتِ

مُلِحَّةٌ قَوَّضَتْ بِالزُّورِ نِقْمَتُهَا
لِلشَّامِتِينَ بِلاَ رِفْقٍ أَسَاسَاتِي

تَسِيرُ وَالهَاتِفُ المَحْمُولُ فِي يَدِهَا
كَأَنَّهَا حَيَّةٌ تَطْوِي المَسَافَاتِ


صلاح الدين الغزال

الحمدان
07-16-2024, 02:32 PM
كِتَابُ اللهِ أَعْظَمُهَا كِتَابا
بِهِ سُدْنَا وَلاَمَسْنَا السَّحَابَا

وَخُضْنَا اليَمَّ فِي ذَاتِ الصَّوَارِي
وَجَاوَزْنَا بِمَسْلَكِهِ العُبَابَا

وِفِي (تَوْلُوزَ) أَوْدَعْنَا رِجَالاً
رَوَوْا بِدِمَائِهِمْ تِلْكَ الهِضَابَا

وَبِالتَّرْغِيبِ أَصْبَحْنَا حُمَاةً
لِهَذَا الكَوْنِ مَنّاً وَاحْتِسَابَا

وَأَهْدَيْنَا الشُّعُوبَ وَقَدْ تَدَاعَتْ
عَلَى عِلاَّتِهَا تَطْوِي السَّرَابَا

وَمِيضَ النُّورِ مِنْ غَيْرِ امْتِنَانٍ
وَأَسْقَيْنَاهُمُ المِسْكَ المُذَابَا

بِهَدْيِ نَبِيِّنَا وَالصَّحْبِ كُنَّا
نَجُوبُ الأُفْقَ سَيحاً وَاغْتِرَابا

وَلَمْ نُذْخِرْ لِخَوْضِ الحَرْبِ جُهْداً
وَأَفْحَمْنَا الظَّلاَمَ فَمَا أَجَابَا

وَأَحْصَيْنَا خُيُولَ الشِّرْكِ عَدّاً
وَكَمْ نِلْنَا بَأَسْيُفِنَا الثَّوَابَا

وَذلَّلْنَا لَهُمْ دُونَ اسْتِلاَبٍ
لِنَدْحَرَ غَيَّهُمْ تِلْكَ الصِّعَابَا

وَكُنَّا وَالحُضُورُ دَوِيَّ رِيحٍ
وَصِرْنَا بَعْدَمَا اصْطَفَقَتْ غِيَابا

وَأَصْبَحْنَا كَمَا كَانَتْ نُمَيْرٌ
نَغُضُّ الطَّرْفَ كَعْباً أَوْ كِلاَبا

نُرَاوِدُ كُلَّ ذِي شَرَفٍ مَصُونٍ
وَمَا خِفْنَا عَلَى النَّفْسِ الحِسَابَا

لَقَدْ تُهْنَا عَنِ الأَقْصَى وَتَاهَتْ
مَسَالِكُنَا فَشَمَّرْنَا الثِّيَابَا

وَأَعْفَيْنَا اللُحَى ظَنّاً بِأَنَّا
وَبِالمِسْوَاكِ نَتَّبِعُ الصَّوَابَا

وَصَارَ الشَّارِبُ المَحْفُوفُ نَهْجاً
نُؤَنِّقُهُ لِذَا ازْدَدْنَا اغْتِرَابَا

عَجِبْتُ عَلاَمَ لاَ يُبْدَى اكْتِرَاثٌ
إِلاَمَ غَزَيَّةٌ تُحْنِي الرِّقَابَا

أَلَمْ تُرْشَدْ فِإنْ غَوِيَتْ غَوَيْنَا
وَبِالإِعْدَادِ نَمْتَشِقُ الحِرَابَا

وَنَفْتَرِشُ السَّمَاءَ بِخَيْرِ مُزْنٍ
لِنَجْعَلَ مَوْطِئَ القَدَمِ الرِّكَابَا


صلاح الدين الغزال

الحمدان
07-16-2024, 02:32 PM
عَقْدَانِ مِنْ زَمَنِي أُقَاسِي دُونَمَا
أَمَلٍ يُوَاسِينِي وَنَحْسِي لاَ يَلِينْ

أَسْعَى لِنَيْلِ وَسِيلَةٍ أَحْيَا بِهَا
وَأُزِيحُ جُوعاً كَافِراً يَا مُؤْمِنِينْ

العَقْلُ فِي كَفَّيَّ أَضْحَى وَاجِماً
وَالعَهْدُ قَدْ أَعْيَاهُ خَذْلُ النَّاكِثِينْ

يَتَضَاحَكُونَ إِذَا الْتَقَوْا بِنَوَائِبِي
وَأَنَا بِهَمِّي نَازِفاً أُحْصِي السِّنِينْ

كَمْ مِنْ سَبِيلٍ قَدْ سَلَكْتُ فِجَاجَهُ
وَرَجَعْتُ مَخْذُولاً بِتَسْوِيفٍ مَتِينْ

ظَمْآنَ أَعْدُو دُونَ زَادٍ هَائِماً
وَالفَتْكُ يَرْنُو بِاشْتِهَاءٍ مُنْذُ حِينْ

يَرْجُو اجْتِثَاثِي دُونَمَا نَزْعٍ سُدَىً
وَالرُّوحُ مِثْلِي بِالمَآسِي تَسْتَهِينْ

كَمْ جَرَّدُوا خَلْفِي عُيُوناً تَقْتَفِي
آثَارَ أَقْلاَمِي وَعَادُوا خَائِبِينْ

وَتَشَبَّثُوا مِثْلَ الذُّبَابِ بِأَحْرُفِي
يَتَسَمَّعُونَ نَشِيجَ لَحْظِي وَالأَنِينْ

كَالسُّهْدِ بِالأَجْفَانِ عَاثُوا وَالأَسَى
قَدْ هَدَّنِي هَدّاً وَأَشْقَانِي الطَّنِينْ

هُمْ لَمْ يَشُوا إِلاَّ بِبَحْرٍ سَاقَهُ
المِجْدَافُ قَهْراً نَحْوَ مِينَاءٍ ضَنِينْ

لاَ ظِلَّ يُرْجَى لاِمْتِدَادِي عِنْدَهُ
أَوْ نَارَ بِالخُلْجَانِ تُقْرِي المُسْنِتِينْ

أَطْوِي رُفَاتِي فَوْقَ نَعْشِي سَالِكاً
دَرْباً مَلِيئاً بِالأَذَى لاَ أَسْتَكِينْ

حَتَّى أُزِيلَ الحُزْنَ عَنِّي رَاجِياً
إِيمَاضَ قَلْبِي فِي دَيَاجِي المُعْدِمِينْ

أَوْ أَلْتَقِي وَهْمَ اقْتِنَائِي صَادِراً
مِنْ نَزْفِ آلاَمِي وَأُسْقِي الحَالِمِينْ


صلاح الدين الغزال

الحمدان
07-16-2024, 02:33 PM
إِلَى الجَحِيمِ فِدَاكُمْ كُلُّ نَاكِثَةٍ
لِلعَهْدِ عُذْراً أَيَا نَجْلاَءُ فَابْتَعِدِي

عَنِّي فَوَاللهِ لَمْ يَصْدُرْ بِكُمْ وَلَهاً
مِنْ بَعْدِ غَدْرِكُمُ شِعْرِي وَلَمْ يَرِدِ

لَقَدْ نَسِيتُمْ وَكَانَ القُبْحُ شِيمَتَكُمْ
أَنَّ الجَمَالَ جَمَالُ الرُّوحِ لاَ الجَسَدِ

كَمْ مِنْ نَجِيبٍ جَلَبْتُمْ دُونَمَا رَسَنٍ
فِي غَفْلَةٍ مِنْهُ مَسْلُوباً بِلاَ رَشَدِ

وَعَادَ وَهْوَ كَلِيمُ النَّفْسِ مُكْتَئِباً
يَجُرُّ أَقْدَامَهُ الحَيْرَى بِلاَ جَلَدِ

مَهْمَا انْتَعَلْتُمْ فَمَا كَانَتْ أَنَامِلُكُمْ
سِوَى بَرَاثِنِ عَنْقَاءٍ عَلَى وَتَدِ

أَوْ أَنْصُلٍ ذَاتِ حَدٍّ فَاتِكٍ عَبَرَتْ
ظُلْماً عَلَى جَدَثِي وَاسْتَأْصَلَتْ خَلَدِي

وَجِئْتُ أَسْعَى بِنَحْسٍ لاَ يُفَارِقُنِي
إِلَى حِمَاكُمْ وَبُؤْسِي مُمْسِكاً بِيَدِي

فَلَمْ أُلاَقِ سِوَى هُدْبٍ عَلَى حَدَقٍ
تَسِيرُ بِاللُجَّةِ الظَّلْمَاءِ فِي رَمَدِ

وَلَمْ أُوَافِ سِوَى زَيْفٍ وَمُعْضِلَتِي
أَنِّي أُصَدِّقُ حُمْقاً كُلَّ ذِي إِدَدِ

يَا رَبَّةَ البَيْتِ لَوْ تَدْرِي الرَّبَابُ بِنَا
لأَغْرَقَتْنَا بِزَيْتِ الخَلِّ فِي كَمَدِ

مَا كُنْتِ يَوْماً فَتَاتِي غَيْرَ أَنَّ لَنَا
عَقْلاً بِهِ خَبَلٌ يَهْفُو إِلَى الوَلَدِ

إِنَّ الثَّرَاءَ سَيَأْتِي رَغْمَ مَنْ قَفَلُوا
كُوَى ارْتِزَاقِي وَأَوْدَوْا بِالسُّدَى أَمَدِي

وَرَغْمَ عُسْرِي فَحُلْمِي لَنْ تُكَبِّلَهُ
هَذِي الجَنَازِيرُ يَا نَجْلاَءُ فَاتَّئِدِي

لِتَسْمَعِينِي قُبَيْلَ العَادِيَاتِ غَداً
ضَبْحاً لِتَجْتَثَّ آلاَمِي وَلِلأَبَدِ

إِنِّي ذَكَرْتُكِ يَا نَجْلاَءُ لَيْسَ هَوَىً
بَلِ امْتِعَاضاً لِمَا لاَقَيْتُ مِنْ كَبَدِ

وَرَغْمَ بُؤْسِي فَلِي نَفْسٌ بِهَا أَنَفٌ
لَوْ شِئْتِ مِثْلِي بِهَذَا الكَوْنِ لَنْ تَجِدِي


صلاح الدين الغزال
ليبيا

الحمدان
07-16-2024, 02:38 PM
إِنَّ الَّتي راحَت مَوَدَّتُها
رَغماً عَلَيَّ فَبِتُّ مُكتَئِبا

حَوراءُ لَو وَهَبَ الإِلَهُ لَنا
مِنها الصَفاءَ لَحَلَّ ما وَهَبا

بشار بن برد

الحمدان
07-16-2024, 02:40 PM
يا طيبَ عَبدَةَ وَيلي مِنكَ يا طيبي
قَطَّعتَ قَلبي بِشَوقٍ غَيرَ تَعتيبِ

قُل لِلَّتي نَفسُها نَفسي وَما شَعَرَت
مُنّي عَلَيَّ بِنَومٍ مِنكِ مَوهوبِ

إِنَّ الرَسولَ الَّذي أَرسَلتِ غادَرَني
بِغُلَّةٍ مِثلِ حَرِّ النارِ مَشبوبِ

أُساوِرُ اللَيلَ تَحتَ الهَمِّ مُجتَنِحاً
مِن طولِ صَفحِكِ عَنّي في أَعاجيبِ

كَأَنَّ بي مِنكِ طَبّاً لا يُفارِقُني
وَإِن غَدَوتُ صَحيحاً غَيرَ مَطبوبِ

لقَد ذَكَرتُكِ وَالفَوقانُ يَأخُذُني
وَما نَسيتُكِ بَينَ الكَأسِ وَالكوبِ

وَقائِلٍ إِذ رَأى شَوقي وَصَفحَكُمُ
دَعها فَما لَكَ مِنها غَيرُ تَنصيبِ

لا شَيءَ أَبعَدُ مِمّا لَستَ نائِلَهُ
إِنَّ البَخيلَ بَعيدٌ غَيرُ مَقروبِ

فَقُلتُ كَلّا سَيَجزي مَن لَهُ كَرَمٌ
شَوقاً بِشَوقٍ وَتَقريباً بِتَقريبِ

يَهُزُّني الناسُ مِن واشٍ وَمُنتَصِحٍ
وَاللَيثُ يُفرَسُ بَينَ الكَلبِ وَالذيبِ

لا خَيرَ في العَيشِ إِن لَم تُقضَ حاجَتُنا
مِمّا نُحِبُّ عَلى رَغمِ الأَقاريبِ

يَزيدُ في الداءِ مَن تُقلى زِيارَتُهُ
إِذا اِلتَقَينا وَشافٍ كُلُّ مَحبوبِ

يا عَبدَ حَتّامَ لا أَلقاكِ خالِيَةً
وَلا أَنامُ لَقَد طَوَّلتِ تَعذيبي

أَهدَيتِ لي الطيبَ في رَيحانِ ساحِرَةٍ
يا عَبدَ ريقُكِ أَشهى لي مِنَ الطيبِ

أَهدي لَنا شُربَةً مِنهُ نَعيشُ بِها
إِن كُنتِ مُهدِيَةً رَوحاً لِمَكروبِ

إِنَّ البَغيضَ إِلَينا لا نُطالِبُهُ
ذاكَ الهَوى وَحَبيبٌ كُلُّ مَطلوبِ

أَمّا النِساءُ فَإِنّي لا أَعيجُ بِها
قَد صُمتُ عَنها بِنَحبٍ مِنكِ مَنحوبِ

أَنتِ الَّتي تَشتَفي عَيني بِرُؤيَتِها
وَهُنَّ عِندي كَماءٍ غَيرَ مَشروبِ

وَفي المُحِبّينَ صَبُّ لا شِفاءَ لَهُ
دونَ الرِضى بَينَ مَرشوفٍ وَمَصبوبِ

إِنّي وَإِن كُنتُ حَمّالاً أُجاوِرُهُ
صَرّامُ حَبلِ التَمَنّي بِالأَكاذيبِ

لا يَخرُجُ الحَمدُ مِنّي قَبلَ تَجرُبَةٍ
وَلا أَكونُ أُجاجاً بَعدَ تَجريبِ

بشار بن برد

الحمدان
07-16-2024, 02:58 PM
وَلَلمَوتُ خَيرٌ مِن حَياةٍ عَلى أَذىً
يَضيمُكَ فيهِ صاحِبٌ وَتُراقِبُه

كَأَنَّ حَياةَ الناسِ حينَ ضَمِنتَها
قَذىً في حُقوقِ العَينِ مِنّي أُوارِبُه

يَخونُكَ ذو القُربى مِراراً وَرُبَّما
وَفى لَكَ عِندَ الجَهلِ مَن لا تُقارِبُه

وَقَد رابَني قَلبٌ يُكَلِّفُني الصِبا
وَما كُلَّ حينٍ يَتبَعُ القَلبَ صاحِبُه

وَما قادَني في الدَهرِ إِلّا غَلَبتُهُ
وَكَيفَ يُلامُ المَرءُ وَالحُبُّ غالِبُه

وَأَحوَرَ مَحسودٍ عَلى حُسنِ وَجهِهِ
يَزينُ السُموطَ نَحرُهُ وَتَرائِبُه


بشار بن برد

الحمدان
07-16-2024, 02:58 PM
نَغَّصَ طيبَ العَيشِ تَنصيبُ
وَفي المُلِمّاتِ الأَعاجيبُ

وَالدَهرُ طَلّاعٌ بِأَحكامِهِ
وَالمَرءُ مَخدوعٌ وَمَكذوبُ

وَالناسُ مِن غادٍ وَمِن رائِحٍ
يُحصى عَلَيهِ البِرُّ وَالحوبُ

لا يَشتَهي المَوتَ وَيُمنى بِهِ
كَرهاً وَطيبُ العَيشِ تَعذيبُ

قُل لِاِبنِ داوُدَ إِذا جِئتَهُ
سَيبُكَ مَوجودٌ وَمَطلوبُ

أَنجَزَ حُرٌّ وَأيَهُ طائِعاً
وَالعَبدُ مَكدودٌ وَمَضروبُ

لِلمَرءِ مِن أَفعالِهِ مُشبِهٌ
فَاِفعَل شَبيهاً بِكَ يَعقوبُ

حَلَبتَ لِلقَومِ فَلا تَنسَني
وَأَنتَ عَرفُ الجودِ مَحلوبُ

يُبقي لِذي المَعروفِ مَعروفُهُ
حَمداً وَتَنزاحُ الأَكاذيبُ


بشار بن برد

الحمدان
07-16-2024, 02:59 PM
وَأَخٍ ذي ثِقَةٍ آخَيتُهُ
ماجِدِ الأَعراقِ مَأمونِ الأَدَب

أَمحَضَ اللَهُ لَهُ أَخلاقَهُ
فَهيَ كَالإِبريزِ مِن سِرِّ الذَهَب

عَزَّني المَعروفُ حَتّى عَلِقَت
كُلُّ كَفٍّ لِيَ مِنهُ بِسَبَب

فَهوَ يُعطيني وَأُعطى فَضلَهُ
سَبَلَ الغَيثِ تَدَلّى فَسَكَب

فَإِذا أَبصَرَ وَجهي مُقبِلاً
ضَحِكَت عَيناهُ مِن غَيرِ عَجَب

وَإِذا كَلَّمتُهُ واحِدَةً
هَيَّجَت مِنهُ عُلالاتِ الطَرَب

وَإِذا ما غِبتُ عَنهُ ساعَةً
أَنَّ لِلغَيبَةِ مِن غَيرِ وَصَب

فَهوَ لي وَالحَمدُ لِلَّهِ غِنىً
وَعَفافٌ مِن دَنِيِّ المُكتَسَب

مِن تِجاراتٍ أَشابَت مَفرِقي
وَكَسَتني ثَوبَ ذُلٍّ وَنَصَب

وَمُلوكٍ إِن تَعَرَّضتُ لَهُم
عَرَّضوا ديني وَشيكاً لِلعَطَب


بشار بن برد

الحمدان
07-16-2024, 02:59 PM
لا فَجعَ إِلّا كَما فُجِعتُ بِهِ
مِن فارِسٍ كانَ دونَنا حَدِبا

يا صَفَحهُ عَن جَوابِ جاهِلِنا
حِلماً وَيا عِزَّهُ إِذا غَلَبا

وَيا قِراهُ العَدُوَّ مُرهَفَةً
بيضاً وَيا لينَهُ إِذا صَحِبا

وَيا جَداهُ لِمَن أَلَمَّ بِهِ
يَوماً وَيا وَصلَهُ لِمَن قَرُبا

لَو نالَ خُلداً مِن قَبلِهِ أَحَدٌ
مَدَّت إِلى الخُلدِ كَفُّهُ سَبَبا


بشار بن برد

الحمدان
07-16-2024, 03:00 PM
أَلا ما لِقَلبي لا يَزولُ عَنِ الهَوى
وَقَد زَعَموا أَنَّ القُلوبَ تُقَلَّبُ

أَصَفراءُ ما لي في المَدامَةِ سُلوَةٌ
فَأَسلو وَلا في الغانِياتِ مُعَقَّبُ

إِذا لَم تَرَ الذُهلِيَّ أَنوَكَ فَاِلتَمِس
لَهُ نَسَباً غَيرَ الَّذي يَتَنَسَّبُ

وَأَمّا بَنو قَيسٍ فَإِنَّ نَبيذَهُم
كَثيرٌ وَلَكِن دِرهَمُ القَومِ كَوكَبُ

وَسَيِّدُ تَيمِ اللاتِ تَحتَ غِذائِهِ
هِزبَرٌ وَأَمّا في اللِقاءِ فَثَعلَبُ

وَقَد كانَ في شَيبانَ عِزٌّ فَحَلَّقَت
بِهِ في قَديمِ الدَهرِ عَنقاءُ مُغرِبُ

وَحَيّا لُجَيمٍ قَسوَرانِ تُنُزِّعَت
شَباتُهُما لَم يَبقَ نابٌ وَمِخلَبُ

وَأَنذَلُ مَن يَمشي ضُبَيعَةُ إِنَّهُم
زَعانِفُ لَم يَخطُب إِلَيهِم مُحَجَّبُ

وَيَشكُرُ خِصيانٌ عَلَيهِم غَضارَةٌ
وَهَل يُدرِكُ المَجدَ الخَصِيُّ المُحَجَّبُ

لَقَد زادَ أَشرافَ العِراقِ اِبنُ حاتِمٍ
كَما سادَ أَهلَ المَشرِقَينِ المُهَلَّبُ

صَفَت لي يَدُ الفَيّاضِ رَوحِ بنِ حاتِمٍ
بِمُلكِ يَدٍ كَالماءِ يَصفو وَيَعذُبُ

طَلوبٌ وَمِطلابٌ إِلَيهِ إِذا غَدا
وَخَيرُ خَليلَيكَ الطَلوبُ المُطَلَّبُ


بشار بن برد

الحمدان
07-16-2024, 04:43 PM
عَلَيك بِتَقوى اللَه وَالصدق إِنَّما
نَجاة الفَتى يا صاح بِالصدق وَالتُقى

وَقِس حال أَبناء الزَمان بِضدّهِ
تَرَ الفَرق ما بَين السَعادة وَالشَقا


عمر الانسي

الحمدان
07-16-2024, 04:44 PM
أَما وَلَيل عذاريه وَما وَسَقا
وَوَجهه القَمَر الزاهي إِذا اِتَّسَقا

وَصادِ صُبح جَبين تَحتَ دال دُجىً
تَغيب عَين الضُحى مِن فَرقهِ فَرَقا

إِنّي لَأَذكُر ما خَصّت شَمائله
بِهِ فَأَشكُر مِنهُ الخَلق وَالخُلقا

مُهفهف القَدِّ لَولاه لَما نَظرت
عَيناي بَدرَ دياجٍ فَوقَ غُصن نَقا

عَزيز حُسن لِمَعناه وَمَنطقه
طَرفي وَسَمعي إِلى أَبوابه اِستَبَقا

كَم رُحت مِن حدق الأَلحاظ مُصطَبِحاً
راحا وَمِن قَدَح الأَلفاظ مُغتَبِقا

جَلا لَنا خندريس الحان مرشفه
كَأَنَّما هِيَ شَمس أودعَت شَفَقا

فَاِحمرّ كَأس الطلا مِن خَدّه خَجَلاً
حَتّى تَصبّب مِن راووقهِ عرقا

حتّامَ يا ناعس الأَجفان تَمنَعني
كَرىً وَتَمنَحُ مَضناكَ الشَجي أَرَقا

فَتّان ناظرك الفَتّاك يا قَمَراً
تركيُّ لَحظيهِ لَم يَترُك بِنا رَمَقا

أسيّج الوَرد رَيحان بِخدِّك أَم
زَهر البَنَفسج يا مَن قَد سَما وَرَقا

رَعى رِياض الخُزامي طَرف واردها
مِن وَجنَتيك وَحيّاها الحَيا وَسَقى

عَجبت مِن جَنّة حازَت سَمير لَظىً
دَليله أَنّ في قَلبي لَها حرقا

هِيَ النَعيم بِها الظلّ الظَليل لَنا
ما بالُ قَلبي بِها يَلقى عَناً وَشَقا


عمر الانسي

الحمدان
07-16-2024, 04:45 PM
ذكر المَعاهد وَالوُقوف عَلى الصفا
أَخذ العُهود مِن القُلوب عَلى الصَفا

لِلّه أَيّام المحصّب وَالنَقى
وَزَمان وَصل بِالأَحبّة قَد صَفا

حَيّا الحَيا تِلكَ الطُلول فَطالَما
أَحيَت نسائمها عليلاً مدنفا

كَم بَين بانات اللوى مِن مربع
أَبَداً يَحنّ لَهُ الفُؤاد تَلهّفا

وَهَواي في ظلِّ الأَراكة لَم يَزَل
غَزَلاً يُغازل أَو غَزالاً أَوطَفا

وَلَقَد أَقول لَهُ وَقَد حجب الدُجا
عَين الرَقيب تَذلّلا وَتَلطّفا

يا نازِلاً خيفَ المحصّب مِن مِنىً
إِنّي أَمنت عَلَيك أَن أَتَخَوَّفا

أَخفيت سرّك عَن وشاتي في الحَشا
فَوَشى بِهِ دَمعي وَقَد بَرح الخَفا

يا غُصن ما لك لا تَميل مَع الهَوى
وَقوام قَدّك لا يَزال مهفهفا

يا ليّن الأَعطاف قَد غَلَب الجَوى
جَلد المُحبّ فَجد عَلَيهِ تَعطّفا

وَاِشفِ العَليل تَلافياً بِتعِلَّةٍ
إِنّ العَليل مِن التلاف عَلى شَفا

يا بَدر حُسنٍ بِالكَمال قَد اِنجَلى
اِرحَم كَئيباً بِالمحاقِ قَد اِختفى

إِن رُمت يا ريم الصَريم تصارما
فاِذكر عُهوداً بَينَنا لَن تخلفا

أَو كُنتُ قَد أَذنَبت فَاِعف تَكرُّماً
عَمّا جَنيت فَإِنّ صَبري قَد عَفا

هَبني الأَمان فَرمح قَدّك لَم يَزَل
ماضي السنان وَسَيف لَحظك مُرهفا

وَاِرحَم أَسيراً في اليَمين وَقَلبه
طَوع اليَسار إِذا أَرَدت تَصَرّفا

وَاِسمَح لِعَبدك إِن أَرَدَت بِنَظرَةٍ
إِن شئت يا مَولاي أَن أَتشَرَّفا

قَسماً بِخالك وَالمُقبَّلِ وَاللمى
وَوَثيق عَهدك وَالمَودَّة وَالوَفا

ما مال قَلبي عَن هَواك مصافياً
أَحَداً سِواك سِوى سميِّ المُصطَفى

المُفرد العلم الَّذي في أَرضنا
ما كانَ مَجهولاً لِكَي يتعرَّفا

شَهم عَلى ما فيهِ مِن شَرَف حَوى
طَبعاً أَرَقّ مِن النَسيم وَألطفا

يَزهو بِهِ رَوض المَسَرّة بهجَةً
فَيَنال مِنهُ ظَرائِفاً وَتَظرُّفا

وَلَهُ المَجالس وَالمَجالس لَم يَزَل
كُلٌّ يَميل تَشوّقاً وَتَشوُّفا

حَتّى لَقَد مَنَّ الإله بِهِ عَلى
هَذي الدِيار تَكرّما وَتَعطّفا

فَبَدا كَبَدر التمّ في غَسَق الدُجا
بَين الكَواكب مُشرِقا مُستَشرِفا

أَهلاً بِمَن رَقصت مَنازلنا بِهِ
طَرَباً كَمَن رَشف المدامة قرقفا

وَرَحبت مَنزلة فَكَم مِن أَعيُن
قَرَّت وَشَمل بِالسُرور تَأَلّفا

يا مَن إِذا ما رُمت وَصف صِفاته
عَجِزَ اللِسان بِهِ فَلم يَك منصفا

عيداً سَعيداً كانَ عودك لِلحمى
منَّ الإِلَه بِهِ وجادَ وأسعفا

وَلَقَد بَلَغتَ مِن العِناية غاية
ما نالَها ذُو مطمع إِلّا اِكتَفى

أَحرَمت تَسعى بِالتَعفُّف وَالتُقى
لا زِلت مُكتَسِياً تُقىً وَتَعفُّفا

وَبَذَلت كُلّ الجهد في طَلَب الرضى
مِن ذي العَطاءِ فمن يعدّكَ مُسرِفا

أَعطاك حجّاً مَع زِيارة أَحمَد
خَير الأَنام فَنِلت مِنهُ تَشرّفا

فاِسلم وَدُم وَاِهنَأ بِحجّك لابِساً
حلل الكَمال مكرّماً وَمشرّفا

وَلَنا التَهاني وَالمَسَرّة وَالهَنا
بلقا الأَحبّة فَالزَمان لَنا وَفى


عمر الانسي

الحمدان
07-16-2024, 04:46 PM
أَسرار أَشواقي الفُؤادُ أكنّها
لِلشام وَاللاحي يَقول دَعنَّها

طف في البِلاد وإِن قَصَدت أَغنَّها
عرّج رِكابك عَن دِمَشق لِأَنَّها

بَلد تَذلّ لَها الأُسود وَتَخضعُ
بَلد يَعزّ نَوال قرب بَعيدها

بَلد تَرى الأَحشا مَراتع غيدها
بَلد إِذا أَفلَت أَهلّة عيدها

ما بَين جابيها وَباب بَريدها
قمر يَغيب وألف بَدر يَطلَعُ


عمر الانسي

الحمدان
07-16-2024, 04:46 PM
إِنّ العَطاءَ عَطاءُ اللَه جادَ بِهِ
لِلناس يا مَن بِمَنع الناس عَنهُ سَعى

لا تَمنع الخَلق عَن إِحسان خالقهم
مَن ذا الَّذي لِعَطاء اللَه قَد مَنَعا


عمر الانسي

الحمدان
07-16-2024, 04:47 PM
خَليليَ لا تذكر أَخاك بِريبة
فَإِنّ كَمال الذات بِاللَه مُختصُّ

فَيا ربّ عَيب في اِمرئٍ غَير ظاهر
سِوى أَنَّهُ قَد راحَ يَذكره شَخصُ

فَلَمّا اِنتَهى مِن ذكر نَقص بِغَيره
بَدا لَك فيهِ ظاهِراً ذَلك النَقصُ


عمر الانسي

الحمدان
07-16-2024, 04:48 PM
يا صاح لا تذكر زَماناً قَد مَضى
رَغداً فَتَدعو العَيش أَن يَتنغَّصا

شيمُ الزَمان تَغيّر وَتَقلّب
فَلَكم أَطاع لَنا الزَمان وَكَم عَصى

أَسفاً إِذا كانَ التَأَسّف شافياً
عَمَّ البَلاء فَأيّ قَلب خصّصا

كانَت عَصا سَيفاً قاطِعاً
وَالآن أَصبَح سَيفهم شبه العَصا


عمر الانسي

الحمدان
07-16-2024, 04:48 PM
دَع السُفَلاءَ وَاِختَر ذا وَفاءٍ
مِن النُبَلاء وَاِغنَم طيب أنسه

وَلا تَرجو الصَداقة مِن جَهولٍ
فَقَد قيلَ الجَهول عَدوُّ نَفسِه


عمر الانسي

الحمدان
07-16-2024, 04:49 PM
وَقائِلَةٍ ما لي أَرى الناس أَصبَحَت
ذبالة أعصار السِنين العَوابسِ

فَقُلت لَها إني وَعَيشك فاعل
بِهم يا مَهاة الخدر فعل المَكانسِ

فَلَست بِمستبقٍ لَهُم مِن بَقيّةٍ
يضرّ قَذاها في عُيون المجالسِ


عمر الانسي

الحمدان
07-16-2024, 04:50 PM
قيل لي لِمَ تَرَكت نَظم القَوافي
مَع أنّ القَريض رَوضة أنسِ

قُلت إِنّي أَرى القَريض مضرّا
وَلِهَذا أَبيت إِضرار نَفسي

قيل ماذا الَّذي يضرّك مِنهُ
قُلت لَو تَسألوا يراعي وَطرسي

فَأَتوا يَقرأونه فَتَراءى
فيهِ عُنوان كُلّ طالع نَحسِ

قُلت ماذا وَجَدتُمُ فَأَجابوا
قَد وَجَدنا هُناكَ صَنعة هلسِ

قُلت هَلّا اِشتَرَيتُم الشِعرَ مِنّي
قيل إِنّا لا نَشتَريهِ بِفلسِ


عمر الانسي

الحمدان
07-16-2024, 04:50 PM
في هَوى آرام جَرعاء الحِمى
بِعت نَفسي بِالنَفيس الأَنفسِ

ناثِراً ياقوت دَمعي حَيثما
ينظمُ اللؤلؤَ ثَغر الأَلعسِ

بِأَبي أَحوى حَوى كُلّ البها
ذو جَمالٍ وَدَلال وَكَمال

أَغيدٌ تَسلب جفناه النُهى
حَيث تَكسو الجسم سقماً وَاِنتِحال

لا تَقولوا ما دَرى أَن قَد وَهى
جَلَدي ما كُلّ ما يُدرى يُقال

أَنا إِن متّ أَسىً لا جَرَما
أنَّني مِن وَصلهِ لَم أَيأسِ

قَدُّهُ العادل كَم قَد ظَلَما
وَهوَ عِندي مَحسن غَير مسي

يا غَزالاً علّم الظَبي النفار
أَنتَ مَألوفيَ مِن عَهد الصِبا

جُلُّ ناري حينَ يَزهو جُلّنار
خَدّك المائيِّ يَذكو لَهَبا


عمر الانسي

الحمدان
07-16-2024, 04:51 PM
يا مَن رَماه زَمانه بِعنائِهِ
لُذ بِالنَبيّ تَفز بحصن حمائِهِ

وَاِنشد إِذا وافيت بَيت عَلائِهِ
يا سَيّداً وَالكُلّ تَحتَ لِوائِهِ

ما بَين راجٍ جودَهُ أَو حائزِ
أَفلا ينال مِن النَوائب أَمنهُ

عَبد بمهجته هَواك أَكنَّهُ
أَنا مَن بِنَيل رضاك أَحسن ظَنَّهُ

وافيت بابك كَي أَفوز لِأَنّهُ
كَم ملتجٍ بعليّ بابك فائزُ

مَن ذا الَّذي بحمى علاك تريبُهُ
نوَبُ الزَمان وَإِن دَهَتهُ خُطوبُهُ

يا شافياً داءَ الضَمائر طيبُهُ
أَشكو إِلَيك ضنى وَأَنت طَبيبُهُ

وَأَنا العَليل وَذا الزَمان مبارزي
مَولاي يا مَن قَد بَسَطت لَهُ يَدي

بِالفَقر لا تَك بِالجِناية مُبعدي
سامح قُصوري إِذ رضاؤك مَقصدي

وَالعَجز عُذري عَن مَديحك سَيّدي
فاِجبر بِفَضلك كَسر قَلب العاجزِ


عمر الانسي

الحمدان
07-16-2024, 04:52 PM
رَغبت عَن الدُنيا وَزخرف أَهلها
وَقُلت لِنَفسي إِنَّما العَيش في الأُخرى

فَدَعني وَزُهدي في الحُطام فَإِنَّني
أَرى الزُهد في الدُنيا هُوَ الراحة الكُبرى


عمر الانسي

الحمدان
07-16-2024, 04:52 PM
إلهي بِما أَسبَغت مِن فَيض نعمة
عَلى عَبدك الأَتقى الإِمام أَبي عَمرِو

أَجب دَعوَة المُضطرّ يا مَن لِمَن دَعا
يُجيب وَبَعد العُسر يَأذن بِاليسرِ

دَعَوناك بِالأَمر الَّذي قَد أَمَرتنا
فَأَنجِز لَنا بِالوَعد يا مالك الأَمرِ


عمر الانسي

الحمدان
07-16-2024, 04:53 PM
سؤال سِوى مَليك الأَمر شرك
فَلَيسَ لِغَير رَبّ العَرش ملكُ

وَما لي وَالوَرى لِلّه ملكُ
أَبثّ لَدَيكُم حزني وَأَشكو

إِلَيكُم يا رِجال الغَيب عسري
نعم أنتم وَسيلة من توسّل

بِكُم يا خَير أُمّة خَير مُرسل
ألوذُ بِكُم وَلي بِاللَه مَأمل

ومِنكُم أرتَجي الإِسعاف ثمّ ال
مَعونَةَ وَالنَوال وَجبر كسري


عمر الانسي

الحمدان
07-16-2024, 04:53 PM
أَرى نَفسي أَبَت طَلَب التَمَنّي
وَقَد أَحسَنت بِالرزّاق ظَنّي

فَقُلت لَها إِلى كَم ذا التَأنّي
ذريني لِلعلى أَسعى فَإِنّي

رَأَيتُ الناس شرّهم الفَقيرُ
أَلا إِنّ التَعفُّفَ في ذَويهِ

بِأَهل زَماننا لا خَيرَ فيهِ
بِداعي فقر ذي الشَرَفِ النَبيهِ

يُباعِدُهُ القَريب وَتَزدَريهِ
حَليلتُهُ وَيَنهره الصَغيرُ

إِذا ما المَرء قلّ لَديهِ مالٌ
فَما حسنت لَهُ في الناس حالٌ

فَكَم يَعرو الفَقيرَ بِهم خبالٌ
وَقَد تَلقى الغَنيّ لَهُ جَلالٌ

يَكادُ فُؤاد صاحبه يَطيرُ
بِحسب أَخِ الحجا كَدَرٌ وَغَمّ

إِذا لَم يُغنِهِ شَرفٌ وَعِلمٌ
أَرى السفلَ الغَنيَّ عداهُ ذمٌّ

قَليلاً ذَنبُهُ وَالذَنب جمٌّ
وَلَكن للغني رَبٌّ غَفورُ


عمر الانسي

الحمدان
07-16-2024, 04:54 PM
أَرى الإِنسان ما بَلغ المَعالي
بِغَير العَقل ذي الشَرَف الشَهيرِ

فَما فَضل الأُلى سكروا فَزالَت
عُقولُهُم عَلى عَمى الحَميرِ

أَبوا نُصحي فَهُم بِالجَهل مَوتى
وَلَست بِمسمع مَن في القُبورِ


عمر الانسي

الحمدان
07-16-2024, 04:55 PM
ألا لِلّه عاقبة الأَمورِ
وَعاقِبَةُ الرضى فَوز الصَبورِ

إِذا ضيق ألمَّ بِصَدر حرٍّ
عَلَيهِ بِالزِيارَة لِلقُبورِ

عَلَيهِ أن يَزور هُناك لَحداً
عَلَيهِ تَرفّ أَجنِحَةُ النُسورِ

ثَوى فيه كديش عَزيز قَومٍ
رَفيع المَجد كَالعلم الشَهيرِ

كديش كان ذا صَبرٍ إِذا ما
رَماهُ الجوع بِالأَمر العَسيرِ

وَكانَ عَلى مَشَقّة كُلّ أينٍ
صَبوراً عِندَ مُشتدِّ الهَجيرِ

عَزيز النَفس كانَ طَليق عَيش
فَأَصبَح بِالإِهانَةِ كَالأَسيرِ

وَكانَ إِذا أَلَمَّ بِهِ اِضطِرارٌ
لِأَجل التبن يقنع بِاليسيرِ

وَكانَ يَودّ لَو في العُمر يَوماً
رَأى في نَومِهِ طَيف الشَعيرِ

وَكانَ إِذا بِهِ ظمأ تَناهى
يَخوض مِن التَجلُّد في بُحورِ

تَوفّى وَهوَ في ضنك يُنادي
أَلَيسَ لِمُستَجير مِن مُجيرِ

أَلَيسَ مَن اِستَغاثَ بِهِ طَنيب
وَلبّاه سَيظفر بِالأُجورِ

رَمَتهُ يَد الخطوب فَصيّرته
طَعاماً لِلوُحوش وَلِلطُيورِ

وَلَمّا أَن قَضى هَرَعَت إِلَيهِ
بَنو جسّاس بالجمّ الغَفيرِ

كَأَنَّ لَهُم دَعَت أَفراح عُرس
فَجاؤوا بِالطُبول وَبِالزُمورِ

فَمنهم مُسرِعون لَهُ مشاة
وَبَعضهُم عَلى عرج الحَميرِ

يُنادون البدار فَلو تَراهُم
إِذ اِنقَضّوا عَلَيهِ كَالصُقورِ

وَقَد سَلّوا الحَوافر مِن نِعالٍ
كَما سَلَخوا الجُلود مِن الشُعورِ

فَوا أسفي وَيا كدري وَحُزني
عَلى عُنق حَكى عُنق البَعيرِ

وَيا أَسَفي عَلى ذَنبٍ طَويل
رَخيم اللَمس أَنعَم مِن حَريرِ

وَيا أَسَفي عَلى جسدٍ نَحيف
وَيا أَسَفي عَلى طَرف حَسيرِ

وَيا لَهف القراد عَلَيهِ حُزناً
وَيا لهف الذباب المُستَطيرِ

فَكَم قَد كانَ ذا كَدٍّ وَجدٍّ
وَنَفع للكَبير وَلِلصَغيرِ

وَكَم سَوط لَهُ صَوت عَليه
وَندب في الأَصائل وَالبُكورِ

وَأَقلام العصيِّ لَها صَرير
بطرس أَديمه فَوقَ السُطورِ

إِذا ضربت خماساً في سُداس
عَلى أَعضاه تَرجع بِالكُسورِ

لَقَد نَشَبَت مَخالبها المَنايا
بِهِ فَرأى الحَياة مِن الغُرورِ

وَقَد أَوصى لِصاحبه برحل
وَجُلٍّ أَخلقته يَد الدُهورِ

وَأَوصى بِالحزام لَهُ وَلَكن
لِيلبس كَالوشاح عَلى الخُصورِ

وَأَوصى بِاللجام وَكان مِمَّن
يَرى حفظ الزمام إِلى العَشيرِ


عمر الانسي

الحمدان
07-16-2024, 04:56 PM
أَنا الَّتي اِختارَني قَومي سَمير عُلىً
إِنّ الأَديب فَصيح النطق مُختارُ

إِذا الهَوى بِفُؤادي مرّ أكتمه
وَلِلهَوى بِفُؤاد الحرّ إِسرارُ

قالوا تَحمَّلتِ نيراناً فَقُلت لَهُم
النار في حُبِّ مَن أَهوى وَلا العارُ

شهرت حَتّى غَدَت تَعشو السراة إِلى
ناري وَلي بِمَزيد الفَضل آثارُ

فَها أَنا مثل صَخر حَيث قيل بِهِ
كَأَنَّهُ علم في رَأسِهِ نارُ


عمر الانسي

الحمدان
07-16-2024, 04:56 PM
ناوَلته وَردة فَاِحمر مِن خَجل
وَلاحَ لُؤلؤ ذاكَ المَنظر النَضرِ

وَقام يَخطر عجباً في مَحاسنه
وَقال عِندي ما يغني عَن الزَهرِ

الوَرد خدّي وَعَيني نَرجس وَعَلى
قَضيب قدّيَ أَنواع مِن الثَمَرِ

فَما اِحتِياجي إِلى زَهر
الرِياض وَفي
خَدّي عذار كَريحان عَلى نَهرِ


عمر الانسي

الحمدان
07-16-2024, 04:57 PM
خُذ في هَوى الغيد عَنّي أَحسَن الخَبَرِ
وَقُل رَوَيناه بِالإِسناد عَن عُمَرِ

وَاِنقُل أَحاديث أَشجاني مُسلسلَةً
عَن صَبوَتي عَن مَجاري الدَمع عَن سَهَري

وَاِهجر مَواضيع عذّالي فَقَد وضعت
في العذل مفترياتٍ حكمهنَّ فَري

وَاِنسخ صحاح رِواياتي فَقَد نسخت
أَحكام شَرع الهَوى في سالف العصرِ

وَاِنقُل عَن الأَغيد البسّام لي أثراً
إِذا نَقلت عَن العبّاس مِن أَثَرِ

بِالروح أَحوى حَوى روحي بِراحتهِ
فَلم يَزَل خاطِري مِنهُ عَلى خَطَرِ

مرُّ التَجنّي إِذا ما مَرّ فيهِ حَلا
هَتكي وَفتكي وَتبريحي وَمُصطبري

أَشكو فَأَنثُر ياقوت الدُموع لَهُ
فَيَنثَني باسِماً يَفترّ عَن دررُ

مورَّس الوَجه أَغدو حينَ أَنظره
مَورَّد الخَدّ مِن تيه وَمِن خَفرِ

كَأَنّ في الخَدّ ما في القَلب مِن لَهَب
وَزيد فيهِ سَواد القَلب وَالبَصَرِ

ريم رَنا فَرَمى قَلبي فَأَنفذ بِي
سَهماً فَرى القَلب عَن قَوس بِلا وَتَرِ

فَمَن لِجرح بِهِ الآسي يحارُ أَسىً
مِن أَسهُم اللَحظ أَم مِن أَسهُم القَدَرِ

يا ساحر الطرفِ كَم بِالسحر تمرضني
أَنا السُها بِالخَفا يا كَوكَب السحرِ

نحولُ خصركَ يا مَولايَ أنحلني
وَطالَما قَد أَطَلت الهَجر فَاِختصرِ

بِما بِعطفيكَ مِن لين وَمِن هيف
وَما بِعينيك مِن غنجٍ وَمِن حورِ

وَما بصبّك مِن سكر وَمِن وَلَهٍ
وَما بِثَغرك مِن خَمر وَمِن سَكَرِ

إِلّا رَحمتَ عَليلاً لا عِلاج لَهُ
يا جارح القَلب إِلّا مرهم النَظَرِ

أشتاقُ رَشف اللَمى وَاللَحظ يَمنَعني
فَيَظمأ القَلب بَينَ الوِرد وَالصَدرِ

يا لَوعة الوَجد إن أُحرَم بِهِ أَمَلي
عَلى فُؤاديَ لا تبقي وَلا تَذري

ما أَنس لا أَنسَ لَمّا زارَني سحراً
وَقَد تَشاجر ورق الأَيك في الشَجَرِ

وَسنان يَفترّ عَن بَرق فَأنشدهُ
يا ساهر البَرق أَيقظ راقد السَمرِ

فَقامَ يَسعى وَشَمس الراح في يَدهِ
يا مَن رَأى الشَمس تجلى في يَد القَمَرِ

لاهوت حسن بناسوت الجَمال بَدا
في صورةٍ حارَ مِنها عابد الصُور

لَو قابل النسوة اللاتي فُتنَّ جَوىً
لَقُلن تاللّه ما هَذا مِن البَشَرِ

حَيّا مَرابع أنسي يَنثَني مَرَحا
فَقُلت أَهلاً بِغُصن البانة النَضرِ

وَماس في حللٍ خُضر فَذكّرني
خُضر الرُبوع زَهَت بِالسَيّد الخضري

مُختار أَهل التُقى وَالفَضل سَيّدهم
سَميّ مُختار رَبّ العَرش مِن مُضَرِ

مُحمّد الذات مَحمود الصِفات لَهُ
مِن المَحامد عدٌّ غَير منحصرِ

بَحرٌ مِن العلم لَكن لا قَرار لَهُ
طود مِن الحلم لَكن قطّ لَم يمرِ

مِن الألى رَسخت أَقدامهم وَسَما
إِقدامهم فَوق هام الأَنجُم الزهرِ

مُستَظهر الحَقّ حَتّى لا خفاءَ بِهِ
مُؤيّد الحُكم بِالبُرهان وَالأَثَرِ

فَالسَمع تَاللّه لَم يسمع بذي نَظرٍ
أَعلى يَداً مِنهُ بِالسَمعيِّ وَالنَظرِ

وَرُشد إِرشاده كَالماء يخمدُ ما
بِالقَلب أَورَت زِناد الغيّ مِن شَرَرِ

مَولى بِهِ ثَغر دمياط تَبسّم عَن
نَيل المُنى وَبُلوغ العزّ وَالوَطَرِ

بِهِ اللَيالي غَدَت صَفواً بِلا كَدَرٍ
وَتِلكَ أَيّامُها أَمناً بِلا حَذَرِ

سقيت يا ثغر دُمياط كُؤوس هنا
وَجادك الغَيث مِن هامٍ وَمُنهمرِ

رُبوع فَضل إِذا ما بِتّ أَذكُرُها
يَلتَذّ سَمعي كَما يَشتاقُها نَظَري

إِن يَسمح الدَهر لي يَوماً بِرؤيَتِها
لَم يَبقَ لِلدَهر ذَنب غَير مُغتَفرِ

أَحيا المَعالم نَشر العلم مِنهُ بِها
فَلو نَبا الغَيث أَغناها عَن المَطَرِ

يا دَوحَة لَم يَزَل في ظِلِّها مَلأ
أَعلى مِن الزُهر يجني يانع الزهرِ

وَنيّراً يَهتدي الساري بِطلعَتِهِ
يَسمو على النيّرين الشَمس وَالقَمَرِ

سقياً لجنّة فَضل أَنتَ غارسها
لَم يفسد المَنّ مِنها يانع الثَمَرِ

يا وارثَ العلم وَالإِسم اِرتَفع شَرَفاً
وَاِفخَر فَما فَوق ذا فَخرٌ لِمُفتَخرِ

جلّت مَساعيك في دَرس العُلوم فَكَم
مطوّلٍ عَنك مَأخوذ وَمُختَصرِ

إِنّ الفُنون الَّتي أَنشأت في صغرٍ
كانَت هُدىً لِشيوخ العَصر في الكبرِ

لِلّه مِنكَ همام بَذل همّته
في طاعة اللَه لا في طاعة البَشَرِ

صافي السَريرة إِلّا أنّ سيرته
مسك إِذا ضاع ما ضاعَت مَع السيرِ

يَسرو إِذا البَدر يَسري في أسرّته
شتّان ما بَين سارٍ مِنهما وَسَري

إِذا دَعا الطِرس أَقلامي لمدحته
لَبّت عَلى الراس تَسعى سَعي مُبتدرِ

صَريرها عِندَ سَمعي في طلاوته
ألذُّ مِن نَغمات الناي وَالوَتَرِ

أبتاع مِنها القَوافي كُلّها غررٌ
في سوق فِكري بِلا غبن وَلا غررِ

لِمَن عَلا الشعر سعراً في مَدائحهِ
حَتّى غَلا وَهوَ مَن رَيب الغلوّ بَري

أَكرم بمُنتسبٍ للحمد مكتسبٍ
لِلّه منتدبٍ بِاللَه مُنتصرِ

يَفوح طيب ثَناه في حَواسدهِ
كَفائح المسك بَينَ الفهر وَالحجرِ

مَن خَصّه اللَهُ بِالحُبّ القَديم كَما
عَلَيهِ أَجمَع حُبّ البَدوِ وَالحَضَرِ

عَذب المَناهل مَشمول الشَمائل في
نور الفَضائل باهي المَجد وَالخَطَرِ

هُوَ الهمام الَّذي في الدين همّتهُ
فاقَت عَلى فوق حَدّ الصارم الذكرِ

فاِنشر عَلَيهِ لِواء الحَمد واِدع لَهُ
عَلى المَدى بِمَزيد الفَضل وَالعُمرِ

وَرِد تَجد بَحر علم عِندَ بَحر تقىً
وَفُز لَدى مَجمَع البَحرين بِالدررِ

وَاِنظم عُقود الثَنا وَاِنثُر مَحامدهُ
فَرائِداً بَينَ مَنظوم وَمنتثرِ

وَقُل أَقل عثرَتي وَاِستُر عَلى زللي
وَاِصفح عَن العَجز وَاِمنَح عَفو مُقتدرِ

وَاِعذر قُصورَ فَتىً جَفَّت قَريحتهُ
يا خَير مُقترح عُذراً لِمعتذرِ

فقري لِسجع حَمام الرَوض أنظمهُ
إِلَيكَ فَضلاً عَن الأَسجاع وَالفقرِ

وَإِنَّما غيرة الأَيّام قَد منعت
سَبيل قصدي وإن الدَهر ذو غِيرِ

إِلَيكها مِن بنات الخدر جاريةً
بِها تَجرّى عَلى حسّان نَظم جَري

أمّت حِماكَ حَماكَ اللَه راجيَةً
قبولَها مِنكَ يا شَمسي وَيا قَمَري

فَاِسلم وَدم كَوكَب الأَسحار ما طَلَعت
غَزالة الأُفق تَرعى نَرجس السحرِ


عمر الانسي

الحمدان
07-16-2024, 04:58 PM
بِقَدر النهى بَينَ الوَرى يشرفُ القَدر
فَكُن سَيِّداً في مِثلِهِ يَفخَر الفَخرُ

وَلا تَكُ إِلّا شاكرَ النِعمَة الَّتي
لَكَ اللَه قَد أَعطى لَهُ الحَمد وَالشُكرُ

مَراتب عزٍّ في سَما المَجد أَشرَقَت
فَما شَكَّ راءٍ أَنَّها الأَنجُم الزُهرُ

وَآيات سَعد لَو تَلاها الهَنا عَلى
زَمان عَبوسٍ لاحَ في وَجهِهِ البشرُ

فَيا لَكَ أَوقاتاً بِها سَمَحت لَنا
يَد الدَهر حَتّى قيل قَد أَحسَن الدَهرُ

بِها طالع الإِسعاد آذن بِالمُنى
فَقارنه التَوفيق وَالفَتح وَالنَصرُ

وقَد لاحَ بَعد العُسر يُسر لَدى المَلا
وَلا شَكّ أَن العُسر يَعقبه اليُسرُ

لأَحمَد حَمدي وَالثَنا وَلَهُ الهَنا
فَما الحَمد إِلّا ما بِهِ يحسن الذكرُ

فَلا عَجَباً إِن فاحَ طيب ثَنائِهِ
شَمائله رَوض وَأَخلاقه الزُهرُ

جَزى الدَولةَ الغَرّاءَ خَيرَ جَزائِهِ
إِلَهٌ لَهُ التَدبير وَالحُكم وَالأَمرُ

عَلى ما بِهِ جادَت وَلا زالَ جودها
مَدى الدَهر مَدّاً ما لِتيّاره جزرُ

حَبَتنا بِدَفتردارِها غاية المُنى
فَلا دَفتَر يحصي ثَناها وَلا سفرُ

بسعي مشير المَجد ذي الشِيَم الَّتي
مَحامدها شفع وَمَحمودها وترُ

نَديم العُلى وَالسَعد أَوحَد عَصره
عَلى أَنَّهُ ما جاءَ في مثله عَصرُ

هُوَ اللَيث إِلّا أَنَّهُ الغَيث نائِلاً
عَلى أَنَّهُ بَحر وَلَكنّهُ بَدرُ

لَهُ السَيف وَالأَقلام في السلم وَالوَغى
فَتِلكَ لَها نظم وَذاكَ لَهُ نَثرُ

عِناياته مَجد وَإِسعافه علىً
وَإِرضاؤهُ نَفع وَإِغضابُهُ ضرُّ

وَأنظارهُ عزٌّ وَتَقريبهُ غِنىً
وَإغضاؤُهُ ذُلٌّ وَتَبعيده فقرُ

وَمَن قَد حَباه اللَه نورَ بَصيرة
يَكاد بِها يَدري بِما كتم السرُّ

وَمَن يقرن الرَأيَ السَديد بِحَزمه
وَقَد حارَ فيما جالَ في فكره الفكرُ

وَمَن يَصنَع المَعروف مَع مُستحقّه
إِلى أَن يُرى رقّاً لإِحسانِهِ الحرُّ

وَمَن دَأبه فعلُ الجَميل وَحَظّه
بِما فيهِ خَير لِلوَرى وَلَهُ الأَجرُ

وَمَن شَرفت بَيروت عزّاً وَبَهجَةً
بِهِ وَأَعالي الفَخر حازَت وَلا فَخرُ

ألا وَهوَ مَحمود الشَمائل في المَلا
لَهُ كَرَم الأَخلاق وَالشِيَم الغُرُّ

سَيَنمو بِعَون اللَه إِصلاح شَأننا
بِأَيّامه فَالغَيث أَوّله قَطرُ

فَحَمداً لَكَ اللَهمَّ يا مَن هباته
تجلُّ وَتَسمو أَن يُحيط بِها حصرُ

عَلى ما بِهِ أَنعمت يا خَير مُنعمٍ
عَلَينا وَقَد داوَيت فَاِنجبرَ الكَسرُ

مَنحت المَعالي أَحمَد الناس منحة
لِمانحه يا مَن هُوَ المانح البرُّ

وَقلّدتَ جيد المَجد عقد مَحامدٍ
زَها بَهجَةً مِنهُ بِجَوهره الدرُّ

فَزدهُ مِن العَلياء عزّاً وَرفعَةً
مَدى الدَهر يا مَن فَضله لِلوَرى ذُخرُ

وَظيفة يسّرنا لَها مُستحقّها
فَقالَ الهَنا أَرّخ وَظائفه يسرُ


عمر الانسي

الحمدان
07-16-2024, 04:59 PM
تَرَفّعت عَن أَبناء عَصري بوحدَتي
وَلَم أَدع خلّاً في الأَنام لِنجدَتي

فَإِنّيَ مُذ جرّبتُ أَهلَ مَودَّتي
تَفَكَّرتُ في يَومَي رَخائي وَشدّتي

وَنادَيتُ في الأَحياء هَل مِن مُساعِدِ
فَلم ألف فيهم غَير حاكٍ وَصامِتٍ

وَمُعتَذِرٍ شاكٍ وَمُغض وَباهِتِ
وَكَم سمتهم عَوني لآتٍ وَفائِتٍ

فَلم أَرَ فيما ساءني غَير شامتِ
وَلَم أَرَ فيما سَرّني غَير حاسِدِ


عمر الانسي

الحمدان
07-16-2024, 04:59 PM
الجَهل أَسوءُ ما ماتَ الشَقيُّ بِهِ
وَالعلم خَير حَياة نالَها السعدا

فَاِعمل بِعلمك وَاِسمَع حكمَةً وَرَدَت
مَن صارَ بِالعلم حَيّاً لَم يَمُت أَبَدا


عمر الانسي

الحمدان
07-16-2024, 05:00 PM
سَل رَبّة الخال إِذ تَخلو بِها مددا
بسرّها الماء مِن أَعطافِها جَمدا

أَما تَرى النار فَوقَ الثَلج قَد ظَهَرَت
في وَجنَتيها حَواليها حياً وَنَدى

مِن سرّها إِن دَنَت أَنفاس عاشقها
لَهيبها لَم يذب مِن ثَغرِها بَردا

نار تمسّ قُلوب العاشِقين وَمِن
آياتِها لَم تَكُن مَسَّت لَهُم جَسَدا

نار إِذا ما كَليم الوَجد آنسها
وَجد قال لِعَلّي قَد وَجَدت هدى

كَم حَيّة في حِماها مِن غَدائرها
تَسعى فَلَم تَرم يَوماً بِالأَذى أَحَدا

وَحَربة مِن جُفون طالَما ضربَت
بِها صُدوراً غَوَت حَتّى حَوَت رشدا

وَسبحة درّها المَكنون قامَ بِهِ
يسبح الجيد مِنها الواحد الصَمدا

تِلكَ الكرامات مِن أَجفان منكرها
بِها الكَرى ماتَ لَمّا ساءَ مُعتقدا

وَعَقرب فَوقَ ذاكَ الصدغ ما لَدَغَت
شَيخاً بِها ساحَ مِن عشق وَلا وَلَدا

لَيسَ التَصوّف إِلّا لبس فَروتها
وَخَلع فَروة ما في ثَوبِها عهدا

لَو كانَ لِلمرد سرّ ما غَدَت خَدَما
فَالسرّ فيمَن غَدَت تَستَخدم المردا

هَل تُنكر العُرب قَولي أنَّها أَكَلَت
ناراً وَجُلّ رِجال التُرك قَد شَهدا

لا رَيب عِندي في هَذا وَكَم دَخَلَت
فُرن الفُؤاد وَمُذ حَلَّت بِهِ بردا


عمر الانسي

الحمدان
07-16-2024, 05:01 PM
ما فاحَ طيب شَذا صبا نَجد
إِلّا أَهاج بَلابل الوَجدِ

نَقَلت أَحاديث الَّذين رَعوا
ذمم العُهود وَحُرمة الودِّ

يا قَلب حَتماً تَذوب جَوىً
بِجَمال مَن أَذكى لَظى الصَدِّ

وَإِلامَ تَحفظ عَهد غادرة
خَفرت ظباها ذمّة العَهدِ

عِش واحِداً فَالناس حالهُم
حال الزَمان هُما عَلى حَدِّ

سيّان في ضَنك وَفي سعةٍ
شبهان في عَكس وَفي طَردِ

فَدَع الأَنام وَلا تَكُن رَجُلاً
غِرّاً بِذات البَرق وَالرَعدِ

ما كُلّ سارِية بِماطرة
ما كُلّ زند واري الزندِ

هَيهات كَم خَطب العُلى رَجل
فَنَبت بِهنّ عَواثر الجَدِّ

وَلربَّ ذي نَظَر إِلى شَرَف
وَالمَجد يضحك مِنهُ عَن بُعدِ


عمر الانسي

الحمدان
07-16-2024, 05:01 PM
لَيتَ مَن يَبكي عَلى مُفتقد
أَسَفاً يَبكي عَلى مَن وَلَدا

ذاكَ قَد فارَقَ في الدُنيا العَنا
وَإِلى الأَهوال هَذا قَد غَدا

لَيتَ شِعري أَيّ شَخص لَم يَمُت
لَم يَكُن ماتَ مِراراً كَمدا

فَاِعذُر الطفل إِذا الطفل بَكى
إِنَّهُ لاقٍ أَسى أَو نَكدا

وَهنا الوالد لِلطفل عزاً
فَلَقَد فارَقَ عَيشاً رَغدا

كانَ لا يَمتاز بَأساً مِن رَجاً
لا وَلا يرهبُ بَأساً مِن عِدا


عمر الانسي

الحمدان
07-16-2024, 05:02 PM
تَنَزَّه عَن بَني الدُنيا وَعادِ
أُناساً مِن بَقيّة قَوم عادِ

وَلا تَترك جَواد الحَزم يَغدو
لِمضمار الفَضائل غَير عادي

وَإِن يَبغي الجهول عَليك فاِصبر
فَإِنّ البَغيَ مَصرع كُلّ عادي

وَلا تك يا نَقيَّ العرض تصحب
دنيّا دَاؤه لَكَ شَرّ عادي

فَإِنّ الغَدر بِالأَسفال طَبع
وَإِنّ المَكر بِالأَسفاه عادي

عَرَفت بَني الزَمان فَلا تُؤمّل
بِهم خَيراً تَضلّ عَن الرَشادِ

إِلى كَم ذي الإِقامة بَينَ قَوم
أَرادوا خَيبَتي وَبَغوا عِنادي

وَحتّامَ أجمل غَرس وَدّي
وَهُم شَرٌّ عَلَيهِ مِن الجَرادِ

وَما عَيش الحليم بِأَرض حُمقٍ
أَعدّو الجَهل زاداً لِلمَعادِ

وَما تَعليل نَفسي في أُناس
أَضرّ عَلى العَليل مِن السُهادِ

خبرت بَني الزَمان فَلَيسَ عِندي
لَهُم ودٌّ فَأَمنحهم وِدادي

فَلا مَكر لَهُم عَنّي بِخاف
وَلا سرٌّ لَهُم عِندي بِبادي

فَيا نَفس اِقطَعي صِلة التَداني
فَحَسبك لا تكيد وَلا تكادي

لَو اِنتَقَد الزَمان بَنيه خبراً
لَما أَربى عَلى حُسن اِنتِقادي

وَلي نَفس مَقام الذُلّ تَأبى
وَلو رفعت عَلى السَبع الشِدادِ

تَرى رَفضَ اللئيم أَجلّ فَرضٍ
وَخَفر ذِمامِهِ خَير اِعتِقادِ

عَلامَ تَضيق بي أَعطان قَومي
وَأرض اللَه واسعة المَهادِ

سَأُقصي عَن مَنازلهم دِياري
وَأبعد عَن بِلادهم بِلادي

وَأسري في الفَلاة بِلا أَنيس
سِوى وَحش السَباسب وَالوهادِ

وَأَفري بِالمطهّم كُلّ حزنٍ
أَجوب بِهِ بِلا ماءٍ وَزادِ

لِعلمي أنّ عِندَ اللَه رِزقي
وَباب اللَه منهلُ كُلّ صادي

وَمَن طَلَب المَفاخر وَالمَعالي
يَهيم بِحُبِّها في كُلّ وادي

فَإِن يَرَ وَصلَها سَهر اللَيالي
وَجافى جفنه سنةَ الرقادِ

فَلا ماضي الزَمان بِمستعادٍ
وَلا ما فات مِنهُ بِمُستَفادِ


عمر الانسي

الحمدان
07-16-2024, 05:03 PM
قنينةٌ للعطرِ أنتِ فكيف لا
آتي إليكِ على خيالٍ عاتي؟!

يامَن إذا ابتسمت شفاهكِ رفَّ بي
طيرُ الضلوعِ وحشرجت آهاتي

بي ألفُ أمنيةٍ إليكِ وغربتي
ياحلوةَ العينينِ تلفحُ ذاتي

مرآةُ ذاتي أنتِ كيف أعيشُ لو
كسرتكِ دنيا الناسِ يا مرآتي؟!

بيني وبينكِ موعدٌ وقصيدةٌ
موزونةُ السكناتِ والحركاتِ

وأنا على ظهرِ المجازِ مسافرٌ
لكنني يوماً إليكِ سآتي

أديب بادي

الحمدان
07-16-2024, 06:25 PM
داعي المنيَّةِ في البريَّةِ قد دعا
لِيُنبِّه الغرقانَ في سِنَة الكَرَى

سكرَ الجميعُ بحبِّ ذي الدنيا فما
فاقَ امرُؤٌ منهم ولا أحدٌ صحا

في كلِّ يومٍ قامَ ميتٌ مُنذِرٌ
يدعو وما من سامعٍ ذاك الدُّعا

يشقى ويبني المرءُ طولَ حياتهِ
والموتُ ياتي هادماً ما قد بنى

يا وجهَ كاتبةَ الذي كَتَبَ القضا
لجمالهِ بالمحوِ يوماً فانمحى

كنا نراهُ أمسِ بدراً كاملاً
واليوم نرضى بالهلالِ فلا نرى

يا بنت موسى قد دعاكِ اللهُ من
طُورن الجَلالِ كما دعاهُ بما مضى

قد شقَّ موسى بالعصا بحراً طَغَى
ونراكِ شقَّقتِ القلوبَ بلا عصا

من بعضِ أهلِ الأرض كنتِ أمامنا
واليومَ قد أصبحتِ من أهلِ السما

قد أَنشَبَت فيكِ المنونُ سهامها
ظلماً ولم تشفق على ذَاكَ الصبِىَ

يا دُرّةً بَخُلَ الزمانُ بمثلها
فُقدَت فجادت كلُّ عينٍ بالبكا

بَكَتِ المعارفُ واللُّغاتُ تأَسُّفاً
يومَ الفراق معَ المكارمِ والتُّقَى

يا مَن إذا حُسِبَت نسآءُ بلادنا
عِقداً فأنتِ فريدةٌ بينَ النسا

يبكي الزمانُ على صبآئكِ نادباً
شِيَماً مُضَمَّخَةً بأرواحش الشذا

كنا نؤَمّلُ أن نرى لكِ عودةً
تحيا النفوسُ بها فسابقنا القضا

إن كنتِ غبتِ عن العيونِ فإنَّما
لكِ رسمُ شخصٍ لم يزل طيَّ الحَشَا

يا بينُ قد اَغمضتَ عينَ كريمةٍ
قد كانَ يُغمِضُها التأَدُّبُ والحيا

مهما طلبتَ من الفضائلِ عندَها
أَلفَيتَ كلَّ الصيدِ في جوفِ الفرا

أسفاً على شمسِ الضُّحَى أَسفاً على
بِدرِ الدُّجَى أَسفاً على غصنِ النقا

أَسِفاً على جسدٍ تضمَّنهُ الثرى
أَسفاً على الوجهِ المكلَّلِ بالبها

أسفاً على أَسفٍ وليس بنافعي
أَسَفٌ أُرَدِّدُهُ ولو طالَ المدى

فلاَبكينَّكِ ما حييتُ وإن أَمُت
فلتبكينَّكِ أَعظُمي تحت الثرى


ورده اليازجي

الحمدان
07-16-2024, 06:26 PM
زارَ الحبيبُ فزارَ أَجفاني الكَرَى
ودَنا سرورٌ كان عن قلبي سَرَى

لا تنكروا أن غابَ عنا مرَّةً
شِيَمُ الكواكب أَن تغيبَ فتظهرا

وافى كبدر الأفق بعدَ غروبهِ
فجلا عن العين الظلام الأَغبَرا

أهلاً بمَن أخَذ القلوب وديعةً
وأَعادها معهُ تخوض الأَبحرُا

إني ظننت لقاهُ وهماً كاذباً
إذ كان في عيني يظلُّ مصوَّرا

كم بتُّ في سهرٍ أراعي أَنجُماً
فحُرِمتُ طيفاً جآءَ منهُ مُبَشِّرا

أهديتهُ دُرَّ الكلام منظَّماً
يبدو لَدَى دُرّ الدموع منثَّرا

لا ردَّ أيَّام السُّرَى بعد اللقا
مَن ردَّ أيَّام اللقا بعد السُّرَى


ورده اليازجي

الحمدان
07-16-2024, 06:26 PM
الموتُ للناسِ كالجزَّارِ للغَنَمِ
فليسَ يتركُ من طفلٍ ولا هَرِمِ

كاسٌ يدورُ علينا ساقِياً ابداً
وليسَ يتركُ انساناً من الأممِ

سقى الكريمَ الذي قد كانَ يؤنسُنا
وخَلَّفَ الحزنَ بينَ النوح والأَلمِ

ذابت لفرقتهِ الأكبادُ والتهبت
أَجفاننا من دموعٍ ضُرّجَت بدمِ

يا ليت لا كان يومٌ أَلبَسُوهُ بهِ
ثوب البِلَى فلبسنا حُلَّةَ السَقَمِ

قد لازمَ الجفنُ منا السهدَ إذ لزمت
جفونهُ النومَ دهراً غير منصرمِ

قد كانت الناسُ ترجو أن تراهُ غداً
فسابَقَتها المنايا ربَّةُ الهمم

أبكى الشعيرةَ دمعاً فاضَ منسجماً
وأيُّ دمعٍ عليهِ غيرُ منسجمِ

هو الفريدُ الذي قد بات منفرداً
في اللحد بينَ هوام الأرض والرِممِ

من كان بالأمسِ في الأَبراج منتصباً
كيف ارتضى اليومَ تحتَ الارض بالرُجَمِ

تبكي عليهِ القوافي والصحائف وال
أقلامُ حزناً مع الآداب والكرمِ

آهاً من البينِ كم أجرَى مدامعنا
لقصفهِ غصن بانٍ كان كالعَلَمِ

لا تجزعوا يا بني النقاش واصطبروا
فأَحسَنُ الصبرِ عند الحادث الحَطِمِ

هذا الذي حَسنُت في الأرض سيرتهُ
واليومَ في العرش لاقَى مُختَتَمِ


ورده اليازجي

الحمدان
07-16-2024, 06:27 PM
تبسَّمَ الزهرُ في بستانهِ النَّضِرِ
لمَّا سقتهُ الغوادي باردَ المَطَرِ

وصفَّقَ النهرُ يجري في جوانبهِ
فغرَّدَ لطيرُ يحكي نغمةَ الوترِ

وقامَ يرقصُ فيهِ الدَوحُ من طربٍ
وقد ثنت معطفَيهِ نسمةُ السَحرِ

فقام يشدو نديمُ الكاسِ مبتهجاً
بذكرِ مَن وصفهُ من الطفِ السَمَرِ

هُوَ الكريمُ الذي في الشرقِ مسكنُهُ
وذكرُهُ سائرٌ كالعنبرِ العطرِ

فرعٌ نشا من كرامٍ في الأنامِ سَمَوا
قدراً فما تركوا فخراً لمفتخرِ

وَهوَ الذي في ذِرَى الأفلاكِ رتبته
وليس بدعٌ فهذه رتبةُ القمرِ

جادت لهُ الدولةُ الغرَّآءُ مرسلةً
وظيفةً حُسِبَت من أجمل الغُرَرِ

كانت لهُ شرفاً وافَى على شرفٍ
كالغصنِ زِيدَ عليهِ يانعُ الثمرِ

تناوَلَ المجدَ عن أَجدادِهِ فغدا
يتيهُ في شرفٍ سامٍ على البشرِ

كلُّ الفضائل في أخلاقهِ اجتمعت
مثلَ اجتماعِ الثريَّا غيرَ منتثرِ

إذا تبدَّى يريك البدرَ مكتملاً
وإن تكلَّمَ تجني أَفضلَ الدُّرَرِ

فلا يزالُ قريرَ العينِ ملتحفاً
ثوبَ السعادةِ والإقبالِ والظفرِ

ومتَّعَ الله في مرآهُ والدةً
فريدةً في نسآءِ البدوِ والحضَرِ

حتَّى ترى لأبيهِ عندها خلفاً
كأَنَّهُ غائبٌ قد عادَ من سفرِ


ورده اليازجي

الحمدان
07-16-2024, 06:27 PM
ما لي أرى الثغرَ من بيروت مبتسماً
والزهرُ ينبتُ فوقَ الروضِ أفواجا

فقلتُ ماذا اقتضى هذا السرورَ لها
قالوا رأت في أعالي راسها تاجا


ورده اليازجي

الحمدان
07-16-2024, 06:28 PM
قد بدَّل الدهرُ صفوَ العيش بالكَدَرِ
وبدَّل العينَ بعدَ النوم بالسَّهرِ

لا عيش يصفُو بذي الدُنيا التي طُبعَت
على الدمار فلم تبقي ولَم تَذرِ

ما كنتُ أَحسَب أن الدهرَ يفجعني
حتَّى دهَاني بخطبٍ غير مُنتظَرِ

يومٌ تفتَّت قلبي فيهِ واشتَعلَت
فيهِ الهمومُ اشتعال النار والشَرَرِ

يا بين ضيَّقتَ عيشي بعدَ مَصرعهِ
وضاقَت الأَرض بي اذقلَّ مُصطَبري

هلاَّ شَفقتَ على أَطفالهِ وعَلى
أُمٍ لهُ من ذَوات العجز والكَبرِ

واخوَةٍ فَقدوا طيب الحياة وأَيَّام
السُرور وحلوَ الوِرد والصَدَرِ

يا غصنَ بانٍ لواءُ البينُ منكسراً
فَلم يَدع فيهِ قلباً غير مُنكَسرِ

يا حافظَ الودّ صافي القَلبِ ليّنهُ
ما بالُ قلبكَ قد أَضحَى من الحَجَرِ

كنَّا بعيشٍ هنيٍّ طاب مورُدهُ
فزال عنا وحلَّ الحزنُ في الأَثَرِ

لا عيش بعدَكَ لي والموت أجمل بي
لا خيرَ في عيشةٍ بالهمّ والكَدَر

عَليكَ رحمةُ ربّي والسلام على
ذاكَ المحيَّا الصبوح المشبهِ القَمَرِ


ورده اليازجي

الحمدان
07-16-2024, 06:28 PM
مني السلامُ على ديارِ اَحبَّتي
كالمسكِ تحملُهُ الصَّبَا إذ هبَّتِ

مني السلامُ على الذي هجر الحمى
ولهُ خيالٌ لا يزالُ بمقلتي

قيَسَماً بذاكَ الربعِ قلبي ما صبا
إلاَّ لربعٍ في رُباهُ جَنَّتي

يا حبذا تِلكَ الديارُ وإن تَكُن
بَلِّغ اليهِ حَيءٌ ما برحتُ كَمّيِتِ

بالله يا مَن زارَ أَكنافَ الحمى
بَلِّغ اليه ألفَ الفِ تحيةِ

وسَلِ الحبيبَ متى اللقآءُ فإنني
في الحىِّ ما برحتُ كَميِّتِ


ورده اليازجي

الحمدان
07-16-2024, 06:29 PM
زارت بجنح الدُّجَى والليلُ معتكرُ
فقالتِ الدارُ ها قد أشرقَ السحرُ

خودٌ تميسُ بقدٍّ كالقناةِ بدا
إذا رأَتهُ غصونُ البانِ تنكسرُ

قدٌّ يقدُّ قلوبَ العاشقينَ إذا
ما اهتزَّ يوماً ترى الأكبادَ تنفطرُ

خطَّت لأهلِ الهَوَى سطراً بوجنتها
إيَّاكُم النارَ لا يؤذيكمُ الشررُ

يعودُ من وجهها ليلُ الظلام ضحىً
والصبحُ من فرعها ليلاً بهِ قمرُ

رأَيتُ عقدَ اللآلي في مُقَلَّدِها
فخلتهُ نظمَ مَن في نظمهِ العبرُ

هو الإمامُ الكريمُ العاقلُ الوَرِعُ ال
مُحي النفوسِ بنظم منهُ ينتشرُ

أهدَى اليَّ بيوتاً كلُّ قافيةٍ
منهنَّ تخجلُ منها الأَنجمُ الزُّهُرُ

أبهى الشمائلِ في الطافهِ جُمِعَت
مثل الثريا انجلت في الأُفقِ تشتهرُ

في صدرهِ بحرُ علمٍ مندفقاً
فليسَ تُنكَرُ من الفاظهِ الدررُ

لهُ المعاني عبيدٌ حيثما حضرت
صارت عبيداً لها الألبابُ والفِكَرُ

يخوضُ ابحارَها فكرٌ لهُ فترى
ظلامها عادَ صبحاً وهو ينفجرُ

سَحبانَ مصرَايا ركنَ البلاغةِ مَن
بهِ القوافي غدت تزهو وتفتخرُ

لأَنتَ دُرَّةُ تاجٍ لا نظيرَ لها
بها لقد كلَّلت أفكارَها البشرُ

اليكَ عذرآءَ ما قامت بوصفكُم
يوماً ولو ساعدتها البدوُ والحضرُ

تُبدِي اليكَ عن التقصيرِ معذرةً
وليسَ ذنبٌ على من جآءَ يعتذرُ


ورده اليازجي

الحمدان
07-16-2024, 06:29 PM
يا وردة التركِ إني وردةُ العَرَبِ
فبيننا قد وجدنا أَقرَبَ النَّسَبِ

أعطاكِ والدكِ الفنِّ الذي اشتهرت
الطافهُ بين أهل العلم والأَدَبِ

فكنتِ بين نساءِ العصر راقيةً
أعلى المنازل ف يالأقدار والرُّتَبِ

يا من جلت دُرَّ لفظٍ جآءَ يخبرنا
عن لطف خُلقٍ أتى في الناس بالعجبِ

أنتِ التي شَغَفَت قلب المحبّ بها
على السماع فكانت عنهُ لم تَغِبِ

كريمةٌ شَنَّفَت أخبارها أُذُني
لكن توارت عن الأبصار في الحُجُبِ

قد شرَّفَت قدر هذا الفنّ بارزةً
بحسن لطفٍ ورأيٍ غير مضطربِ

تزيّنُ الطرس في خطٍّ تنمقهُ
فينجلي مثل عقد اللؤلؤِ الرَّطِبِ


ورده اليازجي

الحمدان
07-16-2024, 06:30 PM
يا رُبَى لبنان حيَّاكِ الحَيا
وسَقَى تُربكِ هتانُ الغمَام

يا ربوعَ الأنس يا دارَ الصَفَا
يا جنانَ الخلدِ يا أَهنَا مقام

حبَّذا لبنان مع غاباتهِ
حبَّذا تلك الصَحَارى والأَكام

حبَّذا منهُ نسيمٌ عاطرٌ
يُنعِشُ الأرواحَ بل يشفي السقام

وخريرُ المآءِ في تلك الرُبَى
كحنينٍ من محبٍّ مُستَهام

حبَّذا منهُ ربيعٌ قد حكى
مَعرَض الأزهار يزهو بابتسام

بَسط الزهر على أرجائِه
بين وردٍ وَبهارٍ وخزَام

وزلال المآءِ في تلك العيون
يُعيدُ الكهلَ أَصبَى من غُلاَم

وتَرى الأَطيار في تلك الرُبَى
بينَ شحرورٍ وبازٍ ويمام

سابحاتٍ فَوق أَغَصان النقا
بينَ تَسجيعٍ وتغريدِ الحَمَام

يا لَهُ من منظَرٍ زاهٍ حَوىَ
كلَّما راق على أَبهى نَظَام

يا نسيمَ الصبح أَقرأهُ السلام
من محبٍّ في هَوَى الأَوطَانِ هام

أَنتَ لي يا خير أَرضٍ جنَّةٌ
جَمَعَت كلَّ سرورٍ وسلاَم

حبَّذا أَيام إنسٍ فيكَ يا
وَطَني المحبُوب زالَت كالمَنام

طَالما هيَّج لي تذكارُهَا
شَجناً يُشعِلُ في قلبي ضَرَام

يا سَقَى اللهُ أُويقاتاً مَضَت
بينَ أَهليكَ الأَجلاَّءِ الكَرام

هُمُ أَهل الفضل أَرباب الحجَى
واؤُلو الآداب أَصحاب المقام

فلَكَ التذكارُ مني دائماً
ولهُم من ودّنا أَوفَى ذمام


ورده اليازجي

الحمدان
07-16-2024, 06:30 PM
أزهارُ وردٍ قطفناها بابصارِ
ونشرُ وردٍ شممناهُ بأَفكارِ

ووردةٌ اثمرت في القلب إذ غُرِسَت
ولم أَرى وردةً تأتي باثمارِ

لقد سمت في الورى قدراً ولا عجبٌ
فالوردُ بين الورى سلطانُ أزهارِ

أهدت إِليَّ بروضٍ من أزاهرها
فالطرفُ في جنةٍ والقلبُ في نارِ

رسالةٌ بهرت حسناً وقد نقشت
مودَّةً في فؤَادي ذات آثارِ

فما نبالي إذا أجسادنا ابتعدت
وللقلوب اقترابٌ فهي في دارِ

يا من تكلفتِ مدحي والمديح على
مقدار منشئهِ في كلِّ مضمارِ

ما أَنتِ أَول سارٍ غرَّهُ قمرٌ
ولستُ أول بدرٍ أَوهم الساريِ

بيني وبينكِ في أسمآئنا نسبٌ
لكنما بيننا فرقٌ بأَفدارِ

والوردُ من بعضهِ النسرينُ يُشبِهُهُ
في العين لكنهُ من طيبهِ عارِ


ورده اليازجي

الحمدان
07-16-2024, 06:31 PM
تبدَّت فتاةُ الشرق تُجلَى من الخِدرِ
كما يتَبدَّى البدر مُنتَصف الشهرِ

وجآءَت بوشيٍ ما تحلَّت معاطفٌ
بهِ وبدّرٍ ما تنظَّم في نحرِ

تدبجّهُا أقلام أَكرم غادةٍ
كما دبَّج الروضَ الأنيق نَدَى القطر

مجلَّة فضلٍ كلَّ فنٍّ تضمنَّت
كما امتزَجَ العذبُ المبرَّد بالخمرِ

لها الفضلُ فيما أَتحفَتنَا بهِ كَما
علينا لَها ما تستحقُّ من الشكرِ


ورده اليازجي

الحمدان
07-16-2024, 06:32 PM
أَحَمامةَ الوادي بعيشكِ غرّدي
فوق الأَراكِ وبالمسرَّة أَنشدي

ولترقص الأغصان من طرَبٍ على
نَغَم البلابل في العشيَّةِ والغدِ

وليبتسم ثغر الأقاحي بهجةً
بازآءِ خدٍّ للشقيق مورَّدِ

في يوم بِشرٍ لاح فيه السعد إذ
منَّ الكريم بفضلهِ المتجدّدِ

وشَفَى الأمين بفيض وافر جودهِ
وعناية الشهم الكريم الاوحدِ

ذاك الطبيب الكامل النَدب الذي
ما زال بالحُسنَى يعود ويبتدي

صافي السريرة مُخلصٌ يمشي على
سُبُل الصلاح وبالمحامد يرتدي

يا النطاسيُّ الذي يشفي الضَنَى
قبل الدوآءِ بلطفهِ المتفرّدِ

والفاضل البَرُّ الذي إحسانهُ
ما إن يكافا باللسان ولا اليدِ

لك مِنَّةٌ ثَقُلَت عليَّ فلا يفي
شكري ولو سطَّرت ألف مجلَّدِ

لا زلت في الدنيا سعيداً سالماً
متمتعاً أبداً بعيش أرغدِ


ورده اليازجي

الحمدان
07-16-2024, 06:32 PM
يا زمانَ الصِبّا عليكَ السلاَمُ
يا ربيعاً تزهو بهِ الأَيَّامُ

فيكَ تَحلو الحياةُ يا زهرَةَ
العمر وتنمو العقول والأَجسامُ

رغدُ عيشٍ كنا بهِ آهُ لودا
مَ وهل للزمان يُرجَى دَوامُ

لهفَ نفسي على أُويقَات أُنسٍ
قد تقضَّت كأنها أَحلامُ

في رُبوعٍ كأنَّها جنَّة الخلدِ
بها يُضحِكُ الرِياضَ الغمامُ

حيثُ كان لزمان طلقَ المحيَّا
وعيون الأَكدار عنا نيامُ

حيثُ غصنُ الشباب غضٌ نضيرٌ
يجمع الورقُ فوقهُ والحَمامُ

يا ربوعَ الأَوطان حيَّا الحياتُر
بَكِ وليحيَا ساكنوكِ الكِرَامُ

يا مقرَّ الهنا عليكَ سَلاَمُ
يا جناناً بهِ يطيبُ المَقامُ

فلقلبي السلوُّ عنكَ حَرَامٌ
ولعَيني عَليكَ دمعٌ سِجَامُ


ورده اليازجي

الحمدان
07-16-2024, 06:32 PM
أهدت لنا نفحاتِ الوردِ في الكَلِمِ
كريمةٌ من بناتِ الجودِ والكرمِ

فريدةٌ قد سمت في الناسِ واشتهرت
الطافها بين عُربِ الأرض والعَجَمِ

فاقت على سائر الأمثالِ قاطبةً
بالنظمِوالنثرِ والآدابِ والشيمِ

صاغت لنا من نفيسِ الشعرِ أَحسنهُ
نظماً واجوَدَهُ في المدح والحِكَمِ

أبدت لنا السِحرَ في نظمِ البيان وقد
زهت وباهت نسآءَ العصرِ بالهممِ

لا زالَ طالعها بالسعد مقترناً
ما ضآءَ بدر الدُجى في حندسِ الظلم


ورده اليازجي

الحمدان
07-16-2024, 06:33 PM
زَوِّدِ النفسَ قبل شدِّ الرحالِ
إِنَّ هذي الحيوةَ طيفُ خيالِ

واصحَبَنَّ التُّقَى أمامكَ مصبا
حاً لتجلو ظلامَ تلكَ الليالي

إنَّ فعلَ الصلاحِ للناسِ أَولى
ذُخرُهُ من ذخائرِ الأموالِ

ليسَ هذي الدنيا بدارِ قرارٍ
إنها دارُ وقفةٍ وارتحالِ

والذي عاشَ في الزمانِ فلا بُدَّ
لهُ من تَقَلُّبِ الأحوالِ

وحيوةُ الدنيا طريقٌ يؤَدّي
نحوَ دَارِ البقآءِ ذاتِ الجلالِ

فالذي اختارَ أقرَبَ الطُّرقِ منها
غالبٌ من يختارُ طولَ المجالِ

كالنجيب الذي قضى عن قريبٍ
ومضى سابِقاً كهولَ الرجالِ

ذاكَ طفلٌ قد أودعَ اللهُ فيهِ
فطنةَ البالغينَ سنَّ الكمالِ

جفَّ مآءُ الحيوةِ من جسمهِ لمَّا
ذكت نارُ قلبهِ باشتعالِ

يا هلالاً قَدِ احتَوَى نورَ بدرٍ
كيفَ لو تمَّ نورُكَ المتلالي

قد أتاكَ الخسوفُ في غرَّةِ الشهرِ
وما عهدُنا بخسفِ الهلالِ

إن يَكُن قد خلا سريرُكَ يوماً
منكَ فالقلبُ ليسَ منكَ بخالِ

أو تكن قد بليتَ فالحزنُ في طيِّ
الحَشَا طولَ دهرِنا غيرُ بالِ

كفكفِ الدمعَ يا أباهُ فهذا
ما قضى حكمُ ربِّكَ المتعالي

عاجَلَ الدهرُ مستردًّا عطاهُ
وهو لا يستحي بردِّ النوالِ

هكذا يسبقُ النجيبُ مُجِدًّا
لنعيمٍ أُعشدَّ للأطفالِ

فعلى مثلهِ يُنَاحُ ويُبكَى
لا على درهمٍ ولا مثقالِ


ورده اليازجي

الحمدان
07-16-2024, 06:34 PM
يا بينُ ويحكَ كم أَشعلت نيرانا
طيَّ القلوب وكم أَدميت أجفانا

وَكم مَحقَت بدورَ اليمّ مشرقةً
وَكم طَويت بأَطباق الثَرى بأنَّا

واحرَّ قلبي عَلى غصنٍ بهِ فتَكَت
أيدي المنون وكم قصفَّنَ أَغصانا

يا ويح خنسآءِ عيني وهي باكيةٌ
صخراً بدمع لديهِ الصخر قد لانا

يا مَن سقتهُ المنايا خمرةً طفَحَت
من أجلها كلُّ قلبٍ باتَ سكرانا

يا بدر تمٍّ فؤَآدي كان مسكنُهُ
ملأتَهُ عَوض الأَفراح أَحزانا

يا مهجة القلبِ هل عودٌ نؤَملّهُ
وهل كتاب سلامٍ منكَ حيَّانا

بَكَت على فقدكَ الإخوان دمعَ دمٍ
واستبدَلَت عن لذيذ الأُنس هجرانا

أَلبستَني ثوب حزنٍ لست أَخلعهُ
حتى أُبدَّل منهُ فيهِ أَكفانا

أَبكي صباءَكَ ما ناح الحَمام وَما
غَنَّى الهزارُ على الأَغصان أَلحانا

قد كنتُ اشفقُ من دمعي عَلى بَصري
واليوم كلُّ عزيزٍ بعدكُم هانا

لا رطَّبِ اللهُ قلباً ظلَّ مُشتَعلاً
مني وَلا جفَّ دمعٌ سال غدرانا

ما كان أًسرَع ذاكَ السير وأسغى
فهل ترَى تُسرعُ الأيام لقيانا

وهل نعاينُ ذاكَ الوجهَ مُبتسماً
وهل يُشنّف ذك اللفظ آذانا

طال النَوَى يا شقيق الروح وأَسفى
وأَشعَل الحزن طىَّ القلب نيرانا

فاذهب عليك سلامُ الله ما طلعت
شمسٌ وزادَكَ من نعماهُ رضوانا


ورده اليازجي

الحمدان
07-16-2024, 06:34 PM
*يا حاسباً دنياكَ دَارَ قرارِ
أَقصِر عناك فتلك أخبثُ دارِ

لا تستقرُّ بها النفوسُ ولا ترى
قلباً بلا غمٍّ ولا اكدارِ

دنيا غرورٍ كلَّما طالَ المدى
طالَ الغرورُ بمكرها الغرَّارِ

غَدَرَت بحبرٍ كان في كرسيّهِ
راعي الرُّعاةِ وسيّدَ الأحبارِ

يا أيُّها الحبرُ الجليلُ مقامُهُ
هل بعدَ فقدِك غيرُ دمعٍ جارِ

لله يومُكَ في الأَنامِ فإنَّهُ
أَبقى لنا حزناً مدى الأدهارِ

يا بدرَ تمٍّ غابَ عنا في الثرى
ما كانَ ذلك عادة الأقمارِ

حَسَدَتهُ أفلاكُ العُلَى وتحسَّرت
لو أنهُ في طيِّها مُتَوارِ

قد كاد حزنُكَ يصدعُ الصخر الذي
قد كانَ منك يَلينُ بالإنذارِ

ويلاهُ من أبقيتَ بعدكَ راعياً
يرعى الرعيَّة حيثُ يُرضِي الباري

مَن للمَنابرِ والهياكلِ والحِجَى
والمشكلاتِ وغامض الأسرارِ

لا بدعَ إن بَكَتِ العيون عليك من
أَسَفٍ وفَاضَت بالدم المدرارِ

فَلَقَد بَكَتك كنائسٌ أنشأتها
في أَبعَدِ الأَمصارِ والأقطارِ

فَعَلَى ثراك تحيَّةٌ نَفَحَت بأَر
واحِ الخزامِ واطيبِ الأَزهارِ

وأجادَ مضجعكَ الندآءُ مكلّلاً
صَفَحاتهِ البيضآء في الأَسحارِ

قد سرتَ عن دارِ الفنآءِ مجاوراً
دار البقآءِ فنلتَ خيرَ جوارِ

ما كان حظكَ في النعيم مؤَرَّخاً
الاَّ مراحمَ ربِّكَ الغفَّارِ


ورده اليازجي

الحمدان
07-16-2024, 06:35 PM
ترى مَن غابَ عنا هل يعودُ
لعمرُكَ أنه أملٌ بعيدُ

فراقُ الحيِّ محدودٌ ولكن
فراق الميتِ ليسَ لهُ حدودُ

مضى عن أَرضنا بدرٌ فامست
ظلاماً والليالي البيضُ سودُ

شريفُ الأصلِ من أشراف دهرٍ
تسلسلَ والرُّواةُ لهُ شهودُ

شهابٌ كان يسطعُ في البرايا
ففاجأَهُ من البينِ الخمودُ

عجبنا للشهابِ يحلُّ أَرضاً
وكيفَ الشهبُ تحجبها اللحود

فَتِه عُجباً أَيا قبراً حواهُ
وقل أنا في الورى فَلَكٌ جديدُ

مضى من كان يفتكُ بالأعادي
وتخفقُ حولَ موكبهِ البنودُ

ترى أينَ القنا والبيضُ حتى
تقيهِ والمذاكي والجنودُ

أَلاَ يا راحلاً رحلت اليهِ
قلوبٌ بعدهُ ليست تعودُ

لقد ذَرَفت لكَ الأجفانُ دمعاً
كما ذابت لفرقتكَ الكبودُ

فريداً كنتَ ما بينَ البرايا
وأَنتَ اليومَ في قبرٍ فريدُ

وكنتَ تجودُ بالاموالِ دهراً
فصرتَ بجسمكَ الباهي تجودُ

بكت لفراقكَ الأبراجُ حزنا
ولأنّ لفقدكَ الحَجَرُ الصَّلُودُ

ولمَّا غبتَ عن لبنانَ كادت
رباهُ لفرطِ لوعتها تميدُ

لأَعينُ أَهلهِ سهدٌ طويلٌ
ومن عبراتهم بحرٌ مديدُ

أَيا غصنَ النقا قصفتكَ ظلماً
يدٌ في لفتك ساعِدُها شديدُ

لَئِن تكُ غبتَ عن دارٍ ستفنى
ففي الفردوسِ صارَ لكَ الخُلودُ

سقى الرحمنُ قبراً بتَّ فيهِ
سحاباً من مراحمهِ يجودُ

وأشرقَ نور تاريخٍ ينادي
بلطفِ اللهِ مغتبطٌ سعيدُ


ورده اليازجي

الحمدان
07-16-2024, 06:35 PM
وَليلةٍ من لَيالي الأنسِ زاهيَةً
بدَوحةٍ كثريَّا الأُفق تَزدَهرُ

لا بدعَ إذ هي في دارٍ حكَت فلكاً
في أُفقها قد تلاَقَى الشمس والقَمرُ


ورده اليازجي

الحمدان
07-16-2024, 06:36 PM
كاسُ المنيَّةِ دائرٌ بينَ الوَرَى
يسقي الكبيرَ ولا يفوتُ الأَصغَرا

ما هذهِ الدنيا بدارِ إِقامةٍ
الاَّ كطيفِ الحلم في سِنَة الكرى

كلٌّ على هذا الطريقِ مسافرٌ
لا بدَّ منهُ مقدَّماً ومؤخراً

الموتُ لا يُبقى صحيحاً سالماً
الاّ بعلّةٍ فتكسَّرا

هذا أميرُ المجدِ باتَ موسَّدا
بضريحه المبرورِ محلولَ العُرَى

هذا هو السيف الصقيل أصابهُ
سيفٌ من القدر الذي قد قُدِّرا

هذا الذي بالأمس كانَ مكانهُ
شُمَّ القصورِ فكيفَ يرضي بالثرى

تبكي البلاغةُ والبراعةُ والحجى
والعزمُ في الخطبِ الشديدِ إذا اعترى

لو تعلمُ الشمسُ المنيرةُ فقدهُ
كسفت أو البدرُ المنيرُ تحيَّرا

أو كانَ للحَجرِ الأصمّ مخاجرٌ
أجرى عليهِ من المدامعِ أنهُرا

بكت المكارمُ والفضائلُ حسرةً
والحزمُ في الأمر المهمِّ إذا جرى

سارَ السرورُ عن السريرِ لفقدهِ
وعن السرائرِ والأسرَّةِ قد سرى

وتحسرت مهجُ الرجال تأسُّفاً
يومَ النوى ويحقُّ إن تتحسرا

تسقي مدامعُها جوانبَ تربهِ
مثل السحابِ منظَّماً ومنثَّرا

ركنٌ تهدَّمَ في البلادِ فأصبحت
صعقاتُ مصرعهِ تخوضُ الأبحرا

حسَدَت بهِ الأرضَ السمآءُ فارسلت
بملائكٍ صعدت بهِ أعلى الذرى

هذا نهارُ العيدِ أصبحَ مُظلِماً
وأعار بهجتهُ الثرى فتنوَّرا

يامَن تيَتَّمتِ البلادُ لفقدهِ
وتوشَّحت ثوبَ الحدادِ الأَغبَرا

كانت بإمدادِ الأمينِ أمينةً
والدهرُ لم يَمدُد إليها خنصرا

يا ركنَ لبنانَ العظيمَ عليكَ قد
كادت رُبضى لبنانَ أن تتفطَّرا

يا دُرَّةً خدرُ اللحودِ غدا لها
صَدَفاً ودمعُ العينِ بحراً احمرا

إن كنتَ غبتَ عن العيونِ فلم يزل
لكَ رسمُ شخصٍ في القلوبِ مصوَّرا

مهلاً أَدافِنَهُ بجانبِ قُبَّةٍ
أَيسوغُ دفنُكَ في الترابِ الجوهرا

لو كان يَظهرُ للسحابِ ضريحُهُ
الاَّ على صفحاتهِ لم يمطرا

قد سارَ عن وادي المدامع طالباً
كاساً طهوراً للنفوسِ مطهّرا

ناداهُ ربُّ العرشِ من كرسيِّه
ها نحنُ أعطينا الأمينَ الكوثرا


ورده اليازجي

الحمدان
07-16-2024, 06:36 PM
حلا بوصفك نظم الشعر فابتسما
عن دُرّ مدحٍ بمعناك البهي نُظما

شنَّفتَ في البعد آذاناً لنا ابتهجت
واستنطقت بالقوافي في ثناكَ فما

أنتَ الكريمُ الذي طابت شمائلهُ
عن طيب أصلٍ كريمٍ في الكرام سما

أخلاقُ لطفٍ على التهذيب قط طُبعت
وصدرُ حلمٍ حوى الآداب والكَرَما

شهمٌ تظلُّ القوافي خيرَ أَكؤُسهِ
والكُتبُ بين يديهِ أفضل النُدَما

هذي حديقة وردٍ قد بعثتُ بها
إلى حديقة فضلٍ في الوَرَى عَظُمَا

سيرتها نحو غيثٍ طاب موردُهُ
مشفوعةً بثنآءٍ أشبهَ النَسَما

يشدو بها كلّ بيتٍ في مناقبهِ
حلا بوصفكَ نظم الشعر فابتسما


ورده اليازجي

الحمدان
07-16-2024, 06:37 PM
يا قرَّة العين مالي عنكِ مُصطَبرُ
كيف السلوُّ ونار القلب تَستعرُ

وكيف أَسلو وعني اليومَ قد رَحلَلَت
أَسما وأَبقت دموعَ العين تَنهمرُ

فيا عيوني جُودِي بالدمُوع عَسَى
تخففّى بعضَ ما في القَلب يستَتِرُ

وساعدي مهجةَ المحزون علَّكِ أَن
تطفي لهيبَ فؤَادٍ كاد ينفطرُ

يا جمرة الحزن هلاَّ تتركي كبدي
يوماً بغير قُروحٍ قد مَضَى نضرُ

ربيتِ تسعة أعوامٍ معي وأَتَى
مَن ليس يمنعهُ كبرٌ ولا صغَرُ

ما كان أَقصر ذاك العمر واأَسفَي
كزَهرَةٍ في انبثاق الصبح تَنتَثرُ

يا لهفَ نفسي لأَيامٍ مَضَت عَجَلاً
كالحلم ولَّى فلا عينٌ ولاَ أَثَرُ

أوَّاهُ من طول ليلٍ بتُّ أسهرُهُ
كأَنَّما مالهُ صبح ولا سَحَرُ

قد كنت أشفَقُ من دمعي على بَصَري
واليومَ هان عليَّ الدمع والبَصَرُ

فلأَبكينَّكِ ماناحَت مطوَّقةٌ
وما سَرَى في ذُرَى أَفلاكهِ القَمرُ


ورده اليازجي

الحمدان
07-16-2024, 06:38 PM
تَنَبَّهتِ العيون النرجسيَّه
على نَغَمِ البلابلِ في العشيَّه

ولكن غارتِ الأَقمارُ لمَّا
تجلَّى وجهُ روزا الصالحيَّه

جميلةُ منظرٍ بَرَزَت فكُنَّا
نرى من وجهها الشمسَ المضيّه

زَهَت باللطفِ في خَلقٍ وخُلقٍ
وأوصافٍ حسانٍ عنبريَّه

أديبةُ عصرها من خيرِ قومٍ
لهم شرفٌ وأنسابٌ سنيَّه

تسامَوا في الملاَ أصلاً وفرعاً
وحازوا كلَّ مرتبةٍ عليَّه

بها افتخرت نسآءُ العصرِ لما
رأت أخلاقها الحسنى الرضيَّه

قد اجتمعت بها غُرَرُ السجايا
وزان جمالَها حسنُ الطويَّه

فدامت ترتقي أوجَ الأعالي
ودامَ يصونها ربُّ البريَّه


ورده اليازجي

الحمدان
07-16-2024, 06:38 PM
أَتَت فَشَفَت بطيب الوصل قلبي
فتاةٌ تَيَّمت قلب المحبِّ

بديعةُ منظرٍ سلبت فُؤَادي
ومَن لي أَن أطالبها بسلبي

جَلَت وجهاً كبدر التِمِّ لكن
يلوح من الغدائر تحت حُجبَ

بهِ وشمٌ كخطّ السِحر وافَى
لديهِ الخال بالتنقيط يسبي

فصيحةُ مَنطِقٍ ناغَت بلفظٍ
كسلسالٍ من الصهبآءِ عذبِ

أَتت تروي لنا عن لطف ذاتٍ
غدت باللطف تسبي كلَّ لبِّ

وقد أهدَت تحيَّاتٍ تحاكي
شذا النَسَماتِ عاطرةَ المَهَبِّ

رسولٌ للولآءِ دَعضت فُؤَادي
فبادَرَ عند دَعوَتِها يلبِي

ولآءُ كريمةٍ من خير قومٍ
سموا شرفاً على عُجمٍ وعُربِ

سراةٌ شاع ذكرهمُ فأَمسَى
مَناط المدح في شرقِ وغرب

لقد وَرثوا المعالي من قديمٍ
وصانوها بشفرة كل عَضبِ

هم النُجُبُ الألَى كَرُموا وطابوا
ولم يَلِدُوا كذلك غيرَ نُجبِ

وحَسبُكَ منهمُ خَودٌ تبدَّت
بهذا العصر تُخجِل كلَّ نَدبِ

فتاةٌ زيَّنَت جِيد المعالي
بِدُرٍّ من حِلَى الآداب رَطبِ

أهيمُ بها على بُعدٍ وماذا
على الأَقدار لو سَمَحَت بِقُربِ

على مِصرَ السلامُ وساكنيها
وما في مِصرَ من مآءٍ وتُربِ

على رَبعٍ بهِ قلبي مقيمٌ
ومَن لي أن أقيم مكانَ قلبي

أَلا يا مَن سَمَت في كل فضلٍ
ونالت كلَّ خُلقٍ مُستحَبِّ

ومَن فاضت مكارمُها فأَحيَت
لديَّ من القريحة كلَّ جَدبِ

لقد أَولَيتِني كَرَماً وجوداً
بمدحٍ عن صفاتكِ جآءَ يُنبِي

ثنآءٌ لستُ منهُ غيرَ أَنّي
بهِ فاخرتُ أَترابي وصَحبي

ورُبَّ مؤَلفٍ كالروض أجرَت
عليهِ سما البلاغة أيَّ سُحبِ

تهادَت فيهِ أبكار المعاني
تجرُّ من الفصاحة ذيل عُجبِ

لقد طابت فُكاهتهُ وأَهدَى
لأَسقام القرائح خير طِبِّ

جلا الحِكَم التي كانت مناراً
لكلّ بصيرةٍ في كل خطبِ

رأَيت نتائج الأحوال فيهِ
ممثَّلةً تلوح بغير نُقبِ

لتيموريَّة العصر المحلَّى
بما نَسَجَت يداها كلُّ حُبِ

أديبةُ معشرٍ شَرُفَت أصولاً
وسادَت بين أقلامٍ وكُتبٍ

حَوَت قَصَب السباق بكل فنٍّ
وراضت في المعاني كلَّ صعبِ

ودونكِ غادةً عذرآءَ اهدت
تحيَّةَ شيِّقٍ لِلقاكِ صَبِّ

ولو أَنّي قَدَرتُ جعلتُ ذاتي
بها سطراً ينادي الرَكبَ سِر بي

تقرُّ بعجز من نَظَمَت حِلاها
وتلتمس القَبُول وذاك حَسبي


ورده اليازجي

الحمدان
07-16-2024, 06:39 PM
مني السلامُ إلى مَن سارَ في السَّحَرِ
وبدَّلَ العينَ بعد النوم بالسَّهَرِ

هذا سلامٌ إليه اليومَ ابعثهُ
مضمَّخاً بشذآءِ العنبر العَطِرِ

غابَ الحبيبُ وما غَابَت مآثرهُ
عنا فأَردَفَ ذاكَ الخُبرَ بالخَبَرِ

إن كانَ قد بانَ عن عيني فلا عَجَبٌ
إذا اعتبرتُ فهذه عادة القمر

عسى الذي فرَّقَ الأحبابَ يجمعهم
ولا يعودُ يرينا حالةَ السَّفَر


ورده اليازجي

الحمدان
07-16-2024, 06:39 PM
يا عينَ وردةَ في الأسحار والأُصُلِ
أبكي لفقد حبيبٍ عنك مرتحلِ

ويا فؤَادي تفتَّت بعد مصرعهِ
فإن سيف المنايا سابقُ العَذَل

ويا سلوُّ ابتعد عن مهجتي أبداً
ويا دموع انزلي كالعارض الهَطِلِ

ويا حمائِمُ نوحي واندبيهِ معي
وغرّدي بالأَسَى والحزن لا الجَذَلِ

غاب الحبيبُ حبيب الروح عن حِلَلٍ
باتت لفرقتهِ في أسوَد الحُلَلِ

ويحي من البين إن البين جارحُنا
بأَسهُمٍ لم نَزَل منها على وَجَلِ

ويحي من البين كم أجرى مدامعنا
بما جنى من أَليم الفتك والغِيَل

ويحي من البين كم يرمي القلوب فلا
يُخطِي كأَنَّ يديهِ من بني ثُعَلِ

رمى الحبيب بسهمٍ قد أُصيبَ بهِ
فبات منطرحاً كالشارب الثَمِلِ

روحي فدى ذلك القدِّ الذي قصفت
منهُ المنايا قواماً كان كالأَسَلِ

روحي فدَى ذلك الوجه الذي كَسَفَت
جمالهُ حادثات الدهر والعِلَلِ

روحي فدى من بقلبي ذكرهُ أبداً
وشخصهُ من أمام العين لم يَحُلِ

يا فارسُ اليومَ أَبشِر قد أتاك على
قربٍ حبيبٌ فلا تشكو من المَللِ

بدران أظلمت الآفاق بعدهما
في مقلتيَّ وضاقت بالأسى سُبُليِ

قد كدَّرت غِيَرُ الأَيَّام مَورِدَنا
وبدّل الدهر مانرجوهُ من أمَلِ

كنا نرجّي بهِ الأفراح فانقلبت
أفراحنا مأتماً أوَّاهُ من بَدَلِ

يا من مضى وفؤَادي قد مضى مَعَهُ
هل عودةٌ يا ترى تُرجَى لمرتحل

وهل تعود أُوَيقاتٌ لنا سَبَقَت
وهل ترى كليالي أُنسنا الأُوَلِ

إن كان قلبك بالأفراح مشتغلاً
فإن قلبي عن الأفراح في شُغُلِ

أو كنتَ قد نمَت نوم الدهر واأسفي
فعندنا النوم لا يأوي إلى المُقَلِ

لا أَخمد الله ناراً في الحشا اشتعلت
مني ولا نشفت عيني من البَلَلِ

ولا عرفتُ سلوًّا في لحياةِ إلى
أن أَلتقي بك في مستقبل الأَجَلِ

لله ما ضمَّ ذاك القبر من كَرمٍَ
ومن جَمالٍ ومن علمٍ ومن عَمَلِ

ومن مناهل لطفٍ راق مورِدُها
ومن محاسن خُلقٍ غير مُنتَحلِ

ويا سقى لاله ذاك القبرَ مرحمةً
تجودهُ من سمآء الواحد الاَزَلي

ولا تزَل فوقهُ الأزهارُ نابتةً
بوابلٍ من عيون السُحب منهمِل


ورده اليازجي

الحمدان
07-16-2024, 06:40 PM
أكرم بهِ شاعراً في الشام قد ظَهَرَا
يُبدِي دقاقَ معانٍ تفتنُ الشعرا

نعمَ التجارة إذ أهديتهُ صَدَفاً
من بعد ما صاغَ لي من نظمهِ دُرَرا

جُزيا نسيم على وادي النقا سَحَرا
وَسَل عن الصحب هل تلقى لهم خَبرَا

وحيّهم عن محبٍّ لا يزالُ على
عهد المودَّة طَال البعدُ أم قصُرَا

واشرح لهم سوءَ حالي بعد فرقتهم
لعلَّهم يعطفُوا أو يُلفتوا النَظَرا

كنا وكانوا وكان الأُنسُ يجمعَنا
فصيَّر لدهر ذاكَ الجمعَ مُنتثرا

مَن لي برؤيتهِم يوماً ويسعفُني
حظي وتبلغ عيني منهمُ الوَطَرا

مضَىَ زمانُ الصفا ما كان أَقصرَهُ
وعوَّض الدهرُ عن ذاك الصَّفا كدَرَا

يا جيرة الحيِّ هل عودٌ نؤَملهُ
ويا ليالي الهنا هل ترجَعين ترَى

أَحبابنا ما أَمرَّ العيش بعدكُم
وهل يطيبُ لقلبٍ بات مُنفَطرا

فيا سَقَى الله أياماً لنا سَلفَت
كنا بانسكُم لا نعرف الضَجَرا

فكدَّر الدهرُ ذاك العيش واأسغى
من بعد ما كان فيكم زاهياً نضِرا


ورده اليازجي
لبنان

الحمدان
07-16-2024, 06:40 PM
فَليَعلَم الكَونُ أَنَّ الخَيرَ يَغمُرُهُ
لِأَنَّ مالِكُهُ بِاللُطفِ يَنظرُهُ

وَليُبشر الملكُ في تَأييدِ شَوكَتِهِ
لِأَنَّ رَبَّ العُلى ما زالَ يَنصرُهُ

فَقَد أَقامَ عَلى عَلياء سَدَّتِهِ
عَبدَ العَزيز مَليكاً طابَ عُنصرَهُ

جُلوسَهُ كانَ تاريخَ السَعادة في
الدُنيا وَعَصراً إِلى الإِقبال يَنشُرُهُ

فَغَرَدَت السُنُ العَلياءِ صادِحَةً
بِمَدحِهِ وَشُعوب الأَرضِ تَشكُرُهُ

هَذا هُوَ المَلِكُ المحيي العِبادَ بِما
قَد جادَ يَنظُمُ مِن فَضلٍ وَيَنثُرُهُ

شَمسُ الوجودِ مَفيضُ الجودِ منهلَهُ
بَدرُ الهِدايَةِ بَحرُ العَدلِ نَيّرهُ

تاجَ الخِلافَةِ نور الفهم قوَّتهُ
جسمُ اللطَافَةِ روحُ الحلم جَوهَرَهُ

طَوالِعُ النَصرِ في أَوجاهِ عَسكَرِهِ
كَأَنَّما أَنجُمُ الإِسعادِ عَسكَرَهُ

ما زالَ يَعلي مَنار المُلكِ في هممٍ
عَنها يَقصّرُ كَسراهُ وَقَيصَرَهُ

وَالآن أَنعشَ سوريّا مؤَلَّفةً
وِلايَةً بِنِظامٍ فاحَ عَنبَرَهُ

فَعَبدت لإِزديادِ السَعدِ ذاكِرَةً
يَومَ الجُلوسِ الَّذي قَد راقَ مَنظَرَهُ

فكانَ خامسَ عيدٍ مِن خِلافَتِهِ لَها
وَأَوَّلَ عيدٍ طافَ كَوثَرَهُ

وَكُلُّ يَومٍ لَنا عيدٌ بِدَولَتِهِ
عَلى البَشائرِ وَالأَفراحِ نَشهرهُ

وَقَد تَميَّزَ هَذا اليَومُ أَرَّخهُ
بِمَجدِ عيدِ جُلوسٍ عادَ نَذكُرُهُ


خليل الخوري
لبنان

الحمدان
07-16-2024, 08:24 PM
أسفري وجهاً فتاةَ العرب
وافيضي منه أخلاقاً ودينا

واعبثي بالحجب
والزمي من دينك الحصن الحصينا

اسفري وجهاً وصوني الخلقا
في ذمارٍ من تقى

إنما لحظاك لما خلقا
خلقا كي يرقما

لو أراد اللَه أن تحتجبي
لابي ان يخلق اللَه العيونا

واجهي سافرةً وجه السما
والضحى المبتسما

اعشقي النور وجافي الظلما
فالضيا ما حرما

ان ربي لم يقل في الكتب
ان يكون اللحظ عن نورٍ مصونا

حصلي العلم وحسن العمل
واظهري في المحفل

واجعلي نفسك أعلى مثل
بالتقى للرجل

والبسي الثوب ثوب الأدب
انه أجمل ثوب تلبسينا

بنت زين الدين هزي العلما
واحمليه علما

قد مشى جيشك جيشاً عرما
خاذلاً من ظلما

لا يطيب العيش عيش العرب
قبل أن ينقبلج النصر مبينا

يا بني يعرب طيبوا شيما
واستطيلوا همما

حرروا الأم تسودوا الأمما
وتعيشوا عظما

واتبعوا في أمرها شرع النبي
إنها مثلكم روحاً وطينا


وديع عقل

الحمدان
07-16-2024, 08:25 PM
عرف المشيب مقامه فتقدما
وبدا على عرض العلاء وسلما

ما عاقه وقر الزمان عن العلى
فعلا ذراها ناهضاً وتسنما

والبطل راح بذيله متعثراً
والحق رمم بيته المتردما

والقلب ضمد جرحه لما رأى
روض الهناء له يوفر بلسما

والعين قرت بعدما أجرت له
عهد السهاد سخين مدمعها دما

والعدل نبه طرفه من رقدةٍ
من قال ان العدل ادركه العمى

فيمين ايليا الزمان تعيد عا
دي البطل عن ربع الحقيقة محجما

لما رأى تلك الكلوم تجسمت
بقلوبنا اهدى إلينا المرهما

ولدن رأى عرش العلى متأوداً
القى إليه صخرةً فتقوما

فليهجع الطرف السهود فقد بدا
قمر الهدى ومحا الضلال المظلما

وليتئد رامي السهام فربما
رجعت وقد نزلت بمهجة من رمى

وليرهب الحمل الوديع رماته
فلقد يكون لدى الوقيعة ضيغما

حسب الليالي ما جنت وكفى العلى
شوق لبطرس في الفؤاد تكتما

فاليوم موعدها بمطلع وجهه
في عرشها طلق الجبين مكرما

واليوم يوم فتاك يا مولاي في
هذا المجال لكي يكون مقدما

ما شاقني إلا طلوعك راعياً
شعباً تنهجه الطريق الأقوما

فإذا بك الراقي إلى أوج العلي
متوخياً بيض المآثر سلما

فادر لحاظك بالوجوه تجد بها
سر القلوب على الأسرة ترجما

وتوسم الشعب الذي ينساب من
حوليك فيك هناءه متوسما

واغفر لدهرك ما جنى فلقد أتى
بالذل عن آثامه متأثما

ان كان قد خان الشباب بعهده
فإلى المشيب عن الشباب تندما

فاطلق بطرفك في مقام قد بدا
فلكاً يضمُّ من الأكارم انجما

يشدو هزار البشر في جناته
مستهزماً عنها الغراب الازسحما

مولاي حسبك ما بلغت وحسبنا
أنا نراك لنا الإمام القيما

ونهجت نهجاً من صباك على رضى
مولاك ترضى الأرض عنه والسما

ان كان يغضبك المديح من الملا
فلسان فضلك لم يزل متكلما

فاليكها بكراً لأصدق خاطرٍ
جاءت لتعلن وجه المتكتما

تمشي إليك وعقدها در الثنا
وسوارها حبٌّ يزين المعصما

بدأت بمطلعك الوضئ ولم تشأ
إلا بلثم يديك ان تتختما


وديع عقل

الحمدان
07-16-2024, 08:26 PM
سلام البيانِ وفتيانهِ
عليكم معاشرَ اعوانه

لأنتم مؤمَّل ملهوفه
وأنتم مؤمنُ فزعانه

ولولا بقية أمثالكم
لضاعت بقية قحطانه

ففي الشرق باغٍ على حقه
وشانٍ يغير على شانه

أصيب البيان بما راعه
وهز رواسخ أركانه

بكل دخيلٍ على ثوبه
تغلغلَ داخلَ قمصانه

فعاثَ ببهجة منثوره
وفكَّ قلائد عِقيانه

واطمع باقلَ من مجده
بإرث سلالة سحبانه

فبات يثغثغُ في داره
دعيٌّ المَّ بديوانه

وحلَّ الغرابُ على روضه
محلّ الحمامة من بانه

أرى الشرق يمنع عيني ترى
أديباً عزيزاً باحضانه

أراه يهيم بطاغوته
ويزري بعترة لقمانه

ويشقي الصحافي في ارضه
لينعم كسرى بإيوانه

ويولي المشانق اعناقنا
فدى للامير وتيجانه

ويغذي المنايا باكبادنا
لتسلم مهجةُ سلطانه

تعدى وصيةَ انجيله
وخالف آية قرآنه

فهذا يضج على شيخه
وذاك يصيح بمطرانه

هو الشرق يكرم عُماته
ويرعى قلانس رهبانه

ويعنى بكل فتىً آمرٍ
ولو هو اصغر غلمانه

واما الأديبُ ففيه يذلُّ
وقد عزَّ خارج أوطانه

يروع الصحافة ان لا ترى
فتاها كثيراً بإخوانه

يموت ليسعد لبنانه
ويحيا شقياً بلبنانه

وكم ليلةٍ باتها ساهراً
يعضُّ اليراع بأسنانه

وذو البغي لاوٍ على ناهدٍ
يُداعب ناضج رمانه

يهون عليه تبيد الديارُ
وتقضي لبانة شيطانه

وذو المالِ خالٍ إلى ماله
يقبل وجنةَ رنانه

وقسط الصحافة من كفهِ
كقسطِ مؤملِ احسانه

أما في البلاد اخو همةٍ
يجرُّ العتيَّ بآذانه

بردُّ الأديب إلى تخته
يعيد الغبي إلى خانه

كفى ما شهدنا من المضحكات
لهذا الزمان وصبيانه

افدوى فديتك لا تجزعي
لبث الأديب واحزانه

وغني حمامة غني له
فسجعك يمضي بأشجانه

وخلي الانيس بألحانه
يسوق النفوس إلى حانه

فنحن بنو دولةٍ نلتقي
كراحِ الربيعِ وريحانه

إلى الخلد نعلو بأحلامنا
ندق نوافذ رضوانه

وهذا يطير بأشعاره
وذاك يطير بألحانه

يميناً بديني يمين امرئٍ
يفي للمسيح وقربانه

لو أن النبوغ له وزنه
وفي الشرق منصب ميزانه

لكان فتاناً فتىً راجحاً
وداس معاطس أقرانه

ولكن للشرق يوماً يجيءُ
فيا نفس صبراً لا بانه


وديع عقل

الحمدان
07-16-2024, 08:26 PM
أكابدُ هماً لو توزعَ بعضه
على الناس لم يسلم من اليأس واحدُ

وأكتمُ عن قومي وصحبي بوارحي
ويعلم ربي وحده ما أكابد

ارى الذل في الشكوى ودون مذلتي
مصاعب منها ان تذل الفراقد

وهل تنفع الشكوى فتىً احدقت به
عيونُ الدواهي والعيونُ الحواسدُ

لعمركَ ما لبنان بالوطنِ الذي
على أرضه تصفو لمثلي المواردُ

افتش فيه لا أرى غير واجدٍ
علي وما قلبي على الغير واجد

وذنبي أني راسخٌ في مكانتي
وأن قوافي الغوالي خوالدُ

وأني على رغم النميمة واقفٌ
وأن حسودي خاملُ الذكرِ قاعدُ

وأني إذا الظلام القوا حديدهم
تلقته اقلامي وهن مباردُ

تحير دهري في طرادي فلا يرى
منالاً لسهمٍ منه فيمن يطاردُ

تجلدت حتى ادبرَ اليأسُ خائباً
وقد فشلت آفاته والمكايدُ

سأرحلُ عن لبنان يوم منيَّتي
وتبقى له اصنامه والجلامدُ


وديع عقل

الحمدان
07-16-2024, 08:28 PM
ناموا فكلُّ المجد في ذا المنام
بين السوافي تحت دمع الغمام

ان يجعلوا الرمل لكم مرقداً
ويفرشوا للغير ريشَ النعام

فحظكم في عيشكم مثله
في موتكم يقضي بهذا النظام

قد كنتم أولى بذاك الرخام
وغيركم أولى بهذا الرغام

بل كنتم أولى بان تسلموا
ونحن أولى منكم بالحمام

فما الذي يرجى وقد أُوحشت
أوطاننا من مصلحيها الكرام

ونحن في جيلٍ عداهُ الوفا
ملون الوجه ضعيف الذمام

يكرعُ من جامات أفراحه
في وطن يشقى وأهل يُضام

جدتم بأرواحٍ له وهو لم
يجد عليكم بضريح يُقام

يا ضيعة الأرواح أرواحكم
في أُمةٍ أخلاقها في سقام

في أُمة مشيتها قهقري
كأنَّ عينيها لغير الأَمام

تقرعها أنباءُ سفَّاحها
ينعم بالعيش عزيز المقام

جمال باشا يا سماءُ اشهدي
ينزل في الغرب بظل السلام

ينزل في الغرب عزيزاً فيا
لبنان سطر واذكري يا شآم

جريمة للغرب لا تمحى
من مهجة الشرق ليوم القيام


وديع عقل

الحمدان
07-16-2024, 08:28 PM
لا تقل عن لغتي أم اللغاتِ
انها تبرأ من تلك البنات

لغتي أكرمُ امٍّ لم تلد
لذويها العُرب غيرَ المكرمات

ما رأت للضاد عيني اثراً
في لغاتِ الغربِ ذات الثغثغات

ان ربي خلق الضادَ وقد
خصها بالحسنات الخالدات

وعدا عادٍ من الغرب على
ارضنا بالغزواتِ الموبقاتِ

ملك البيتَ وامسى ربَّه
وطوى الرزق واودى بالحياة

هاجم الضاد فكانت معقلاً
ثابتاً في وجهه كلَّ الثباتِ

معقلٌ ردَّ دواهيهِ فما
باءَ إلا بالأماني الخائباتِ

أيها العُربُ حمى معقلكم
ربكم من شر تلك النائبات

إن يوماً تجرح الضاد به
هو واللَه لكم يومُ المماتِ

أيها العربُ إذا ضاقت بكم
مدن الشرق لهول العاديات

فاحذروا ان تخسروا الضاد ولو
دحرجوكم معها في الفلوات


وديع عقل

الحمدان
07-16-2024, 08:29 PM
أُسائلُ لبنان عما بقي
له عند هذا الخيال الشقي

قضيت له كل حقّ عليَّ
قضاءَ رقيقٍ ولم آبق

ألم أبلِ ذهني عليه وقلبي
ألم أبل ثوب الصبا الريق

ألبنان ماذا يفيدك مني
على مثل حالي ان نلتقي

انا غير ذلك الهزار الخلي
المغني على عودك المورق

انا غير ذاك الصبيّ الملاقي
بناتك في زهوه الشيق

وما أنت أنت ولا نحن نحن
كلانا افترقنا على مفرق

وصرنا إلى مأزقٍ واحدٍ
ومتنا شهيدين في المأزقِ


وديع عقل

الحمدان
07-16-2024, 08:29 PM
يا رب ان كانت حياتي
ديناً عليَّ إلى الممات

فاستوف دينك عاجلاً
إني مللت من الحياة

الظل ظل الأرز
خيم فوقه ظل البغاة

ما القوم في لبنان من
أحفاد اجدادي الأباة

السم في الأصلاب دس
وفي بطون الأمهات

لا في البنين فتى يعف
ولا عفافٌ في البنات

وإذا شكوت إلى القضاة
وجدت ظلامي قضاتي

يا حبذا موتي ويطوي
غير لبنان رفاتي


وديع عقل

الحمدان
07-16-2024, 08:30 PM
أنامُ وروعي لا ينام فكلما
حماني الكرى منه دهاني باحلامي

وما زارني الطيف المحب وإنما
يلم بي الطيف الولوعُ بإيلامي

ولم أنس رؤيا روعتني بوقفةٍ
لدى المجلس العرفي يقضي بأعدامي

وقفت وكف الموت تلطم وجنتي
ومستقبلي خلفي وماضي قدامي

ولما أتى الجلاد يحكم حبله
على عنقي والليل يستر ظلامي

نظرت إلى لبنان آخر نظرة
ختمت بها آمال نفسي وآلامي

ولكني استيقظت والروع ماثل
لعيني في صحبي وأبناء أعمامي

فيا ليت ذاك الحلم كان حقيقةً
ويا ليت نومي طال طيلة أيامي


وديع عقل

الحمدان
07-16-2024, 08:30 PM
أيها الشامتون لؤماً بنا
لما دهانا من دهرنا ما دهانا

لم يضرنا أنا شقينا ومتنا
قد نجونا بعرضنا وكفانا

أيها المطعمون خيلكم القمح
وأولادنا تسف الزؤانا

نحن جعنا ولم نهن وسوانا
كثر الزاد في يديه وهانا

أيها الرافلون بالخز زهواً
نحن قوم نفضل الأكفانا

ليس من يلبس الدمقس بذي
سترٍ إذا كان عرضه عريانا

أيها المفتدون أرواحهم بالعرض
يولون أمره الشيطانا

قد حميتهم أرواحكم وبذلناها
لنحمي الأعراض والاوطانا


وديع عقل

الحمدان
07-16-2024, 08:31 PM
رث يا دهر ثوبنا فعرينا
ولبسنا القميص صبراً جميلا

وكتمنا آلامنا وسكتنا
ومنعنا عيوننا ان تسيلا

قد قنعنا في أرض لبنان بالم
اء زلالاً وبالنسيم عليلا

وترانا كأننا ما حملنا ال
يأس حياً ولا الرجاء قتيلا

وكأن الليل الذي قد سهرنا
ه جياعاً ما كان ليلاً طويلا

وكأن البغي الذي قد حملنا
ه زماناً ما كان حملاً ثقيلا

قد رضينا بكل ذا منك يا دهر
فحاذر أن تبتغي المستحيلا

الفتى عندنا يموت ظليماً
وعديماً ولا يموت ذليلا


وديع عقل

الحمدان
07-16-2024, 08:32 PM
يرى لي الناس شعراً غالياً وإذا
عرضته لا أرى للشعر من شارِ

قد طيب اللَه أنفاسي لانفحهم
بها وما نفحوا كفي بدينار

وأطفئ النار في اكبادهم وأنا
واللَه ذو كبدٍ تشوى على نار

وأذهب الوجد عن قلب الشجي ولي
قلب به الوجد يقضي شهوة الضاري

أنا هو العود والعواد أطرب
سماعي بايلام اضلاعي وأوتاري

يا أهل لبنان لا حيّاً منابتكم
غادٍ إذا متُّ مظلوماً ولا سار

ولا رعى العشب مهرٌ في مرابعكم
إلا على طلل عافٍ من الدار

عرضت في سوقكم روحي وقد كسدت
فيها وما هي روحي غير اشعاري


وديع عقل

الحمدان
07-16-2024, 08:32 PM
وددت والحر في بيروت يكويني
ان لا أعيش لشهر غير كانون

وأن أكون ولي مالٌ ينقلني
في الصيف ما بين جزين وصنين

اما تراني وهذا الحر ذوبني
حتى استجف دمائي في الشرايين

كأن بيروت في ذا الصيف قد نفحت
من الجحيم بأنفاس الشياطين


وديع عقل

الحمدان
07-16-2024, 08:33 PM
لبس الأفقُ جلابيب الغمام
فاختفى النورُ بها والنجمُ غار

وهزيم الرعد قد هز الاكام
وانتضى البرق من السحب الشفار

سح من قلب السما الغيث الركام
وسرى الريح يغني في القفار

كلهم في بيت لحم رقدوا
غير ام اللَه والطفل الصغير

لبثت راكعة والمذود
قام فيه طفلها لا في السرير

تلك أم وفتاها ربها
آيةٌ تقضي علينا بالعجب

أي حبٍّ كان فيه حبها
أي بشر وسرور وطرب

كلما اهوى عليه قلبها
شعرت ان الحشا منها انجذب

ثم قالت ايهذا الولد
انت ربي وعلى كلٍّ قدير

هكذا ظلت لديه تسجد
وهويتني نحوها الطرف القرير

اوشك الليل يولي والثنا
كاد يفترُّ به ثغر الرقيع

والاله الطفل عاف الوسنا
يصطلي ما بين انفاس القطيع

امه في قربه تشدو الغنا
وهو مفتر لها غير هجيع

طرفه فيها مجالٌ واليد
تتسنى فوق مجلاه المنير

بات يقظاناً وباتت تنشد
والهوى ينفخ والغيث همير

نم حبيبي فقد امتدَّ الغسق
وتوالى الغيث في قلب السحاب

قرس البرد فما هذا الأرق
كيف هذا الضحك في هذا العذاب

جسمك الغض من البدر فرق
لا سرير لا صلاء لا ثياب

انت مع ذا ضاحك لا ترقد
ضاجع في مذود لا تستدير

نم حبيبي حان انا نهجد
فالدجى شدّ المطايا للمسير

ان تنم وافتك احلام الذهب
وعلى اجفانك امتد السلام

فالكرى يذهب أنواع التعب
إنما السهد عذاب للأنام

ليلة يا ابني تقضي بالعجب
ليلة تسهر ما طال الدوام

ليلةٌ عذراء فيها تلدُ
ربها طبقاً لما قال البشير

يا بني آدم تيهوا واسعدوا
فلكم قد ولد الفادي المجير

لم تزل مريمُ في ذاك النغم
وابنها مبتسمٌ يأبى الرقاد

ثم قالت ولدي اما تنم
فانا ابكي لما طال السهاد

لفظت ذلك والدمعُ انسجم
وانحنت فوق فتاها بارتعاد

مذ رآها طفلها ترتعد
وعلى وجنتها الدمع يسير

اغمض الجفن وطاب المرقد
ومضى يحلم في شأن المصير

وقفة في بيت لحم للعفاف
لم تزل سراً عجبيباً في البشر

مريم تضجع في كهف الخراف
ابنها اللَه المسيح المنتظر

لا قميص لا فراش لا لحاف
لا بكاء لا ضجيج لا ضجر

ركعت قرب فتاها تعبد
خالق الأكوان فحاص الضمير

ابنها وهو الاله الامجد
نائمٌ ما بين تبن وشعير


وديع عقل

الحمدان
07-16-2024, 08:34 PM
يا من يُشب الشيبَ عالج سواي
واللَه مالي مطمع في صباي

أنا الذي لم استرح ساعةً
قبل مشيبي وتلاشي قواي

تروعني ذكر الصبا عندما
أذكر ما عانيتهُ من هواي

تروعني ذكرى الصبا إنها
ذكرى عذابي وتدجي هداي

ما عشت إلا بعد موت المُنى
وكنت ميتاً وقت عاشت مناي

ما عشت إلا بعد أن أخمدت
نيران قلبي وتراخت خطاي

ما عشت إلا بعد أن أجفلت
عن جانبي ليلى وعافت حماي

ولى الصبا لا عادني عهده
فكل أهوالي أراها وراي

ان ورائي من بلايا الهوى
ما لم يمت فيه شهيدٌ سواي

لا تغرني بالليل ليل الصبا
فإنني ضيعت فيه كراي

قطعته اسري إلى حاجة
حتى تجلى الصبح ينعى سُراي

حباحبٌ افنيت في أثره
قلبي وسالت خلفه مقلتاي

لا نوره نور ولا ناره
كظل نار شبها في حشاي

رجعت عنه بعد جهد السرى
ولم أنل شيئاً وهذي يداي


وديع عقل

الحمدان
07-16-2024, 08:34 PM
يا نخلةً كلما مرَّ النسيم بها
حنّت اماليدها خفضاً تحييه

وتحتها رشاء شعري يمرُّ به
مسلماً وهو لا يرنو من التيه

كأنه صنمٌ اقبلتُ اعبده
فلا تحركه نجوى مناجيه

ارسلتُ أغلى القوافي في تحيته
فكان كالصخر بالياقوت ارميه

وطفت بالنخلة الشماء اسألها
هل من سبيل إلى روح فتحييه

فاسقطت تمرها من فوقه فهوى
إلى الحضيض يلم التمر في فيه

يا ليته لم يكن حياً ولا نظرت
عيني جميلاً ببعض التمر تحنيه

يغرى من الثمر الفاني بساقطة
وليس اغلى ثمار النفس يغريه

مضيت ابحث في دنياي عن رشاءٍ
من عالم الروحِ قوت الروح يغذيه


وديع عقل

الحمدان
07-16-2024, 08:35 PM
أيا منهلَ الباروك لو كنتَ عاشقاً
لما كنتَ الامثلَ غلي دمي تغلي

ولو مر قبلي من يعلمك الهوى
لما بت حتى اليوم في مثل ذا الجهل

الست ترى الصفصاف فوقك حانياً
حنوَّ وليهٍ لج في طلب الوصل

الست تراه كيف أرخى ذوائباً
عليك ثناها الوجدُ خصلا على خصل

فجاوبني الباروك لو كنتَ عارفاً
بسر الهوى مثلي لا عرضتُ عن عذلي

إذا رمتَ تستبقي الهوى فاجعل اللقا
قصيراً فطولُ الوصل في الحب كالقتل

وصُدَّ عن المحبوب ان لج وجدُه
وكن بارداً مثلي ورح جارياً مثلي


وديع عقل
لبنان

الحمدان
07-16-2024, 09:24 PM
ومن محن الدنيا عداوة جاهل
تفتح بالدعوى وفي فهمه رتج

اصم عن البرهان اعمى عن الهدى
فهل مثله تبغى له الخير او ترجو


احمد فارس الشدياق

الحمدان
07-16-2024, 09:24 PM
خلفوا لي كآبة وهموما
وغراما ووحشة وغموما

يوم بانوا ولم يقولوا وداعا
مثلما انهم قلوا تسليما

لا كلام ولا سلام فهلا
كلموني بما يداوي الكلوما

طال ليل من بعدهم وسهادي
ان ليل المحب كان اليما

غاب عن مقلتي بدور كمال
فهي ترعى طول الليالي النجوما

وجوى في الحشا تاجج حتى
خلتني في الحياة اصلي جحيما

معدما من صبر غنيا من الشوق
فهلا بقيت من ذا عديما

ان تكن لي النوى افتراسا واني
فارس فاللديغ يسمى سليما

يا فوادي واين اين فوادي
انت ايضا ممن اراه غريما

انت سولت لي الغرام فلما
ان تجلدت ذبت منه هيوما

ثم ان تاثر الرواة حديثا
عن طلول آثرت داء قديم
ا
ثم تشكو ومن شكا وهو ياتي
ما شكا منه كان فيه ظلوما

بئس عيش تعيش فيه فلا تحيي
سعيدا ولا تموت رحيما

ان من همت فيه ملك حتى
صار من ذكر كل عهد سؤوما

فالام الرجا والياس روح
حين لا ينفع الدواء سقيما

وعلام المنى وشانك باد
انك الدهر لن تذوق نعيما

هكذا شان كل من خاض بحرا
للهوى وارتضى به ان يعوما

يا خليلي خلياني وشاني
لا يحيك الملام بي ان تلوما

لست ابغى لعلتي من دواء
فاكفياني الرقى لها والتميما

ودعاني على ابتئاسي فاني
اوثر الحزن لي سميرا نديما

خلوتي مونسي فما انا راء
لي بين الانام ندا وليما

كل ما لذهم فذلك عندي
الم غير ذكر ابراهيما

عبقري مهذب قد حوى في
صدره قبل ان يشب العلوما

ولهذا يدعى فصيحا وقد جاء
فصيحا بكل فن عليما

كم له من متن وشرح افادا
واجادا المنثور والمنظوما

وقواف من كل بحر اذا ما
سردت خلتهن درا نظيما

عن ابيه وجده مستفيض
كل فضل فكان ارثا مقيما

سادة للفخار كانوا اصولا
وقطوبا وللمعالي اروما

علمت كل امة من اعزوا
واذلوا عربا وعجما وروما

كلهم كان كالفصيح حكيما
حازما ماجدا حليما زعيما

كم له من يد على تقاضت
حق شكري لها وفيا صميما

رد عني السفيه بالنظم والنثر
فكانا لذا الرجيم رجوما

لم يحر بعدها جوابا وقد كا
ن تصدى له عتلا زنيما

قد كساه بهتانه ثوب خزي
اينما سار سار فيه ذميما

مستكينا مطردا مخصوما
مستذلا مبعدا مشتوما

وسيبقى ما دام حيا شقيا
ومن الخير عاريا مشتوما

ثم يدعو يوم الحمام ثبورا
ثم يستانف العذاب الاليما

انه كان للجوائب ضدا
وعلى المسلمين طرا خصيما

كاد لي عن تغترف وعتو
ان كيد البرجيس كان عظيما

علم الناس ابرهيم خليلا
وصديقا لي ان دعوت حميما

هكذا من يغار للعلم يحمى
حق مستنصر ويخزى اللئيما

هكذا كل مومن يبتغى من
فضل مولى الآلاء فوزا عميما

ولهذا آتاه ذو العرش علما
ومقاما اعلى ورزقا كريما

وسجايا احلى من الشهد طعما
لست معها تستذكر المطعوما

هذه مدحتي فان كنت قصرت
فاني مدحت برا حليما


احمد فارس الشدياق

الحمدان
07-16-2024, 09:25 PM
أيها القارئون صبرا على ما
تستطيلون من جدال وبيل

رب حق بالصمت يخفى ويخفو
بلجاج ما بين قال وقيل

يا زمانا يسوء من لم يسؤ
ويسر المسيئ حلف البطول

جئتنا اليوم بالطبيب المداوي
للاصحاء وهو جدّ عليل

زعم الفضل والفضول سواء
واقام الدعوى بغير دليل

جير لولا الدليل ما كان فرق
قط ما بين عالم وجهول

لم يميز ما بين قول فصيح
وركبك ومحكم ودخيل

فتراه يثغو ويرغو ويلغو
جامعاً بين ذلة وزليل

لم يكن مسندا الى سيويه
ما ادعاه ولا انتمى للخليل

بل رأى كل ما اقول خطاء
دون ما حجة ولا تعليل

كل حلو في فم ذي السقم مرّ
والدجى للاعمى نظير الاصيل

قد كسته الدعوى من الخزي ثوباً
سايغا ضافيا طويل الذيول

فلعل البصير ليس يراه
بعد حتى يلومه للفضول

فاذا كان ذاك فليبلغنه
مع ابيل ما شاء من تعذيل

فهو لحانة ويلحن منه
كل شيء اجملت بالتفضيل

يالها خطة تضاحك منها
كل باك على دروس الطلول

جاهل يدعى الفنون جميعا
دون جد لها ولا تحصيل

كيف يدري التعريب اذ هو لا يفرق
بين المعلوم والمجهول

كيف يدري الحساب اذ هو لا
يعلم ان الكثير فوق القليل

كيف يدري شيا وما هو شيء
ان هذا في حيز المستحيل

ذاك حكم الاله فيما قضاه
وهو يهدي الى سواء السبيل


احمد فارس الشدياق

الحمدان
07-16-2024, 09:26 PM
من سره عاجل الدنيا فسوف يرى
ما فيه مشجبه في ساعة الاجل

لا غرو ان كان منهوما بعاجلها
فانما خلق الانسان من عجل


احمد فارس الشدياق

الحمدان
07-16-2024, 09:26 PM
أقول وفي فوادي السر ينمو
ودمعي منه لا للحزن ساكب

إذا صبر المصاب على بلاء
غدت بلواه اجرا في العواقب

على أن لم يكن ما بين يأسي
وآمالي سوى ميقات قارب

فولى ذو الشماتة عن يميني
وعن يسراي ذو الحسد المراقب

وعدت إلى الجوائب عود صاد
إلى الماء الزلال من السباسب

فقلت لنفسي ابتهجي بداب
وجد ليس غير الجد صاحب

فقالت بل سروري في ثناي
على الصدر المعظم ذي المواهب

فؤاد الدولة العليا المفدى
يد للملك يمنى والمراتب

فلولاه لجاب اليأس بيني
وبين جوائبي من كل جانب

ولولاه لما ساوت يراع
تدر بها البلاغة عود حاطب

هو الآسى الذي ما كان داء
ليعضله من الخطط النوائب

فاشكره على ان قد شفاني
بشا في فضله ما ذرّ ثاقب

وهل محيي سواد الشام يعيي
باحياي بتسويد الجوائب

لو ان الناس كلهم نحوه
لما الفيت منهم قط خائب

وبين البشر والايناس منه
بشائر عندها تقع المآرب

وبين الاحمدين وبين صبحي
كمال تزهوا عن ذام عائب

درارئ دولة سمكت مباني
مفاخرها على اسنى المناقب

سرت ذكرى محامدها وطارت
الى افق المشارق والمغارب

يصيب نوالها دان وقاص
وتحمدها الاباعد والاجانب

ولما جددت منها العطايا
دوارس ذي الرغائب والغرائب

دعوت لها وذاك على فرض
وارخت انقضى درس الجوائب


احمد فارس الشدياق

الحمدان
07-16-2024, 09:26 PM
شكوت من الدنيا فقالت ظلمتني
فقلت ومن اشكو فقالت من الناس

فقلت فهم يشكونني ان شكوتهم
فقالت اذا فالصمت للمبتلى آسى


احمد فارس الشدياق

الحمدان
07-16-2024, 09:27 PM
إن الجوائب والدنيا قد اعتدتا
على أب محسن وابن رض لهما

فبئس من مانتا بالوعد الفهما
وساء من خانتا بالعهد اهلهما


احمد فارس الشدياق

الحمدان
07-16-2024, 09:27 PM
أقول وفي فوادي النار تذكو
ودمعي ساجم فوق الترائب

إذا كان البليغ بغير حظ
بدت حسناته الكبرى معايب

يحاول ما يكون النفع فيه
فتعذله الأباعد والأقارب

فإن يظفر يقولوا عارض من
عوارض أو جهام غير صائب

وان يخفق يقولوا قد رأينا
له الاخفاق في صدر العواقب

وعن يمناه لاح ذو شمات
وعن يسراه ذو حسد مراقب

كذا هي عادة الدنيا على من
بجانب سعيه الجد المجانب

اقلت ذي الجوائب قدر حمل
الجنين واسقطتها في المتارب

ومن يك قرنه الافلاش دهرا
فكيف يطيعه عاصي المطالب

لقد تربت يدي عن نيل طرس
اخط به من الخطط الغرائب

ولم يك ما استفدت بها كفاء
لما هو في ليالي البرد واجب

فعدت محلاً عما حلالي
وقلبي حول ذاك الورد لائب

وما لي حيلة في حكم ربي
وقد سدت على اربى المذاهب

ومالي من يسيغ شجاي يوما
سوى الصبر الجميل على النوائب

بكيت وليس يجديني بكاء
وارخت انقضى درس الجوائب


احمد فارس الشدياق

الحمدان
07-16-2024, 09:28 PM
أرى الدهر خوانا يعادي الجوائبا
وينصب لي فيها الصديق محاربا

لقد كان ذا عقم فلما بدت له
نتائجها الغراء ولي مغاضبا

وقد كان يرجو وهو ذو خرف بان
اعلله منها بداح مداعبا

فلما رآها انها الجدّ نفسه
اذا هو قد اضرى عليها المشاغبا

وما تلك اولى فعلة سآني بها
ولا تلك اولى ما تحملت شاحبا

ايحبسني من اجل اني صادح
ويحيط سعيي ان رآني دائبا

ايحسبني اني اذل لعزه
عليّ وامسى من رزاياه هائبا

ولي قلم ان لم يكن في جوائب
يكن في سواها حيثما كنت جائبا

يمنعني الجدران والنبت والحصى
اكثبها جندا عليه كتائبا

الا ليت شعري كم اعاني نوائبا
ويحمل منها منكباي نواكبا

اضام ومالي ناصى اتقى به
رواسب دهر تستفز الرواسبا

اذا رمت امرا حال بيني وبينه
واصبح لي فيه خصيما مراقبا

فلا هو يأتيد بغبري ولا يرى
سراحي واني منه اقضى المآربا

اقام عليّ اليوم عينا رقيبة
واقعد كل الليل عندي حاجبا

وهل انا الا بين يوم وليلة
فاني اذا فاتا اطول المطالبا

افي كل سعي لاح لي منه مطمع
اجازى بحرمان فارجع خائبا

نخلت لاهل العصر نصحي وطيتي
فلحت عيانا منه في الحال شائبا

وما كنت احجو انهم يجهلونه
وينسيهم منه الدهاء التجاربا

اان صم عني معشر شمل العمى
معاشر حتى لا يرون المخاطبا

اذا لم يجد حر خدينا مصافيا
فاحرى له ان لا يخادن صاحبا

ومن لم يجد من بين اهل له اخا
فاولى له ان لا يؤاخى الاجانبا

ومن كان لم يحفظ له العهد حاضر
فلا يطلبنه عند من كان غائبا

ومن طلب البرهان منه على الضحى
فاجدر به ان لا يجيب المطالبا

ومن عد سهلا أن يكذب صادقا
تعود جهلا ان يصدق كاذبا

ومن زيف النقد الصحيح فانه
يجاد الى زيف فيأتيه لائبا

أعوذ برب الناس من شر حاسد
يرى كل ما تحوى العياب معايبا

يرعى كل عيب دون عيب بنفسه
وان كان منه قد تردى جلاببا

اتاني كلام ا لناس ما بين حاسد
وآخر خلاق عليّ شوائبا

وما دريا اني امرؤ لا تضيره
ضواري كلام لو لغيري لاسبا

إذا كان دهري مولعا باساءتي
فذلك شان لا يشين المناقبا

وإن كان سعيي في الجوائب خاسرا
فإني لذخر الفخر أصبحت كاسبا


أحمد فارس الشدياق

الحمدان
07-16-2024, 09:28 PM
اذا ما رمت من دنياك امرا
فلا تك بالهنئ ولا المرئ

فقد طبعت على اخلاق انثى
وما خلب النساء سوى الجريء


أحمد فارس الشدياق

الحمدان
07-16-2024, 09:29 PM
يذوب فؤادي لإذكار الحبائب
ومن هيف الأتراب تهفو ترائبي

ويطربني عهد الوصال وإن غدا
بعبد التنائي من بعيد المآرب

كأن جيوش الشوق في غزو مهجتي
طوالب ثأر من دموعي السواكب

فقد حسبتها مطفئان لحره
وما تطفىء الأبحار ما ضم جانبي

ومذ خفقت لي أضلع خلت أنني
رئيس على بعث الهوى في المغارب

فلم ألف من هذي الرئاسة راحة
وما ازددت إلا بؤس عيش مواثبي

رعى اللّه عهدا لم ينغص نعيمه
حواجب قرب أو عيون مراقب

زمان ترى عيناي طلعة أحمد
وبي من حديث منه هزة شارب

حليفي على غدر الزمان وأهله
خليلي على شحط المزار وصاحبي

بديع المعاني ليس إلا بيانه
بباءاته الأغناء عن باء كاعب

يكاتبني مناوذلك دأبه
وما العتق إلا من نجار المكاتب

علا في المعالي رتبة ومكانة
ونقب عن إدراك اسنى المناقب

له منطق كالراح يلعب بالنهى
وحاشاه فيه من محاكاة لاعب

تطاوعه عصم القوافي وان تكن
قد اعتصمت عن غير في شناخب

تنزه عن ذأم وذم وقلما
ترى في الورى خلا خلا عن معايب

له الفضل أن يقبل مديحي وأنه
بمدحته إياي أفضل واهب


أحمد فارس الشدياق
لبنان

الحمدان
07-16-2024, 10:51 PM
لا نِبغيضُ الروسَ لَكِن لا نُحِبُّهُمُ
فَحَربُنا حَربُ أَقرانٍ لِأَقرانِ

وَلا الفَرنسيسَ ما هُمَ بِالعُداةِ لَنا
لَكِنَّهُم غَيرُ أَصحابٍ وَإِخوانِ

إِنّا نُبادِلُهُم وَالنَقعُ مُنسَدِلٌ
طَعناً بِطَعنٍ وَنيراناً بِنيرانِ

وَذي بَيارِقُنا في الفَوجِ خافِقَةٌ
وَجَيشُنا ظافِرٌ في كُلِّ مَيدانِ

قُلوبَنا لَيسَ فيها غَيرُ موجِدَةٍ
ذو الشَيبِ فيها وَفَحمُ الشَزِ سِيّانِ

نَهوى وَنَحنُ جُموعٌ لا عِدادَ لَها
كَواحِدٍ وَكَذا نُقلى كَإِنسانِ

عَدُوُّنا واحِدٌ الكُلُّ يَعرِفُهُ
ذاكَ الحَسودُ الخَبيثُ الماكِرُ الشاني

تَرُدُّنا عَنهُ أَمواجٌ يَلوذُ بِها
سَميكَةٌ كَالنَجيعِ اليابِسِ القَني

أَرى بِهِ وَهوَ الطوفانِ مُختَبِئٌ
طوفانَ غَيظٍ تَوارى خَلفَ طوفانِ

قَد أَصبَحَ الماءُ يَحميهِ وَيَمنَعُهُ
الوَيلُ لِلماءِ مِنّا إِنَّهُ جانِ

قِفوا أَمامَ القَضاءِ العَدلِ كُلُّكُمُ
وَليَحلِفَنَّ يَميناً كُلُّ أَلماني

غَليظَةً كَالحَديدِ الصَلبِ صارِمَةً
كَالمَوتِ تَبَقّى لِأَدهارٍ وَأَزمانِ

وَأَن نَبغُضَ البُغضَ لا تَبلى مَرائِرُهُ
وَلا يُقاسُ وَلا يُحصى بِميزانِ

وَأَن نُرَدِّدَهُ في كُلِّ ناحِيَةٍ
وَأَن نُكَرِّرَهُ تَكريرَ أَلحانِ

وَأَن نُعَلِّمَ مِنّا كُلَّ ذي كَبِدٍ
أَن يَبغُضَ القَومَ في سِرٍّ وَإِعلانِ

بُغضاً إِلى نَسلِنا بِالإِرثِ مُنتَقِلاً
إِلى بَينِهِم وَمِن جيلٍ إِلى ثانِ

عَدُوُّنا واحِدٌ الكُلُّ يَعرِفُهُ
ذاكَ الحَسودُ الخَبيثُ الماكِرُ الشاني

أَلا اِسمَعوا أَيُّها الأَلمانُ وَاِعتَبِروا
فَأَنتُمُ أَهلُ أَلبابٍ وَأَذهانِ

في مَحفَلٍ جَلَسَ القُوّادُ كُلُّهُمُ
كَمُحكَمِ العِقدِ أَو مَرصوصِ بُنيانِ

وَقامَ واحِدُهُم وَالكَأسُ في يَدِهِ
كَأَنَّها قَبَسٌ أَو عَينُ غَضبانِ

فَقالَ يا قَومُ هَذا سِرُّ يَومِكُمُ
أَلا اِشرَبوا إِنَّ سِرَّ اليَومَ سِرّانِ

مَقالَةُ فَعَلَت في الجَمعِ فِعلَتَها
فَأَصبَحوا وَكَأَنَّ الواحِدَ اِثنانِ

ما ضَربَةُ السَيفِ مِن ذي مُرَّةٍ بَطَلٍ
وَمُستَطيرُ اللَظى مِن قَلبِ صَوّانِ

وَلا السَفينَةُ في التَيّارِ جارِيَةً
وَلا الشِهابُ هَوى في إِثرِ شَيطانِ

أَمضى وَأَنفَذَ مِنها وَهيَ خارِجَةٌ
مِن فيهِ كَالسَهمِ مِن أَحشاءِ مِرنانِ

فَضاءَ مَن كانَ في الكَأسِ الَّتي اِرتَفَعَت
وَمَن يُريدُ وَيَعني القائِلُ العاني

بَني بَريطانيا نادوا جُموعَكُمُ
وَاِستَصرِخوا الخَلقَ مِنإِنسٍ وَمِن جانِ

وَاِبنوا المَعاقِلَ وَالأَسوارَ مِن ذَهَبٍ
وَاِستَأجِروا الجُندَ مِن بيضٍ وَعُبدانِ

مُروا أَساطيلَكُم في البَحرِ تَرصُدُنا
وَتَأصُدُ البَحرَ مِن مَوجٍ وَحيتانِ

تَاللَهِ لا ذي وَلا هَذي تَرُدُّ يَداً
إِذا رَمَت دَكَّتِ البُنيانَ وَالباني

لا نُبغِضُ الروسَ لَكِن لا نُحِبُّهُمُ
فَحَربُنا حَربُ أَقرانٍ لِأَقرانِ

وَلا الفَرَنسيسَ ما هُم بِالعُداةِ لَنا
لَكِنَّهُم غَيرُ أَصحابٍ وَإِخوانِ

إِنّا نُبادِلَهُم وَالنَقعُ مُنسَدِلٌ
طَعناً بِطَعنٍ وَنيراناً بِنيرانِ

نَأتي وَيَأتونَ وَالهَيجاءَ قائِمَةٌ
بِكُلِّ ماضٍ وَفَتّاكٍ وَطَعّانِ

لَكِنَّما في غَدٍ يُرخي السَلامُ عَلى
هَذي الوَغى وَعَلَيهِمِ سِترَ نِسيانِ

وَيَمَّحي كُلُّ بُغضٍ غَيرُ بَغضِكُمُ
فَإِنَّهُ آمِنٌ مِن كُلِّ نُقصانِ

حِقدُ القُلوبِ عَلَيكُم لا يَزولُ وَإِن
زُلتُم وَزُلنا وَزالَ العالَمُ الفاني

في الأَرضِ بُعدُكُمُ وَاماءُ مِثلَهُما
وَالبُغضُ في الحُرِّ مِثلُ البُغضِ في العاني

الكوخُ يَبغِضُكُم وَالقَصرُ يُبغيضُكُم
وَكُلُّ ذي مُهجَةٍ مِنّا وَوُجدانِ

نَهوى وَنَحنُ جُموعٌ لا عِدادَ لَها
كَواحِدٍ وَكَذا نَقلى كَإِنانِ

عَدُوُّنا واحِدٌ الكُلُّ يَعرِفُهُ
ذاكَ الحَسودُ الخَبيثُ الماكِرُ الشاني


إيليا ابو ماضي

الحمدان
07-16-2024, 10:52 PM
وَقائِلَةٍ هَجَرتَ الشِعرَ حَتّى
تَغَنّى بِالسَخافاتِ المُغَنّي

أَتى زَمَنُ الرَبيعِ وَأَنتَ لاهٍ
وَقَد وَلّى وَلَم تَهتِف بِلَحنِ

وَنَفسُكَ كَالصَدى في قاعِ بِئرٍ
وَمِثلِ الفَجرِ مُلتَحِفاً بِدَجنِ

فَما لَكَ لَيسَ يَستَهويكَ حُسنٌ
وَأَنتَ المَرءُ تَعشَقُ كُلَّ حُسنِ

أَتَسكُتُ وَالشَبابُ عَلَيكَ ضافٍ
وَحَولَكَ لِلهَوى جَنّاتُ عَدنِ

رُكودُ الماءِ يورِثُهُ فَساداً
فَقُلتُ لَها اِستَكيني وَاِطمَإِنّي

فَما حَطَّمَت يَدُ الأَيّامِ روحي
وَإِن حَطَّمَت أَباريقي وَدَنّي

وَلَم أَعقِد عَلى خَوفٍ لِساني
وَلا ضَنّاً عَلى الدُنيا بِفَنّي

وَلَكِنّي إِمرُؤٌ لِلناسِ ضِحكي
وَلي وَحدي تَباريحي وَحُزني

إِذا أَشكو إِلى خِدنٍ هُمومي
وَفي وُسعي السُكوتُ ظُلِمتُ خِدني

وَتَأبى كِبرِيائي أَن يَراني
فَتىً مُغرَورِقاً بِالدَمعِ جَفني

فَأَستُرُ عَبرَتي عَنهُ لِأَلّا
يَضيقُ بِها وَإِن هيَ أَحرَقَتني

وَيَبكي صاحِبي فَإِخالُ أَنّي
أَنا الجاني وَإِن لَم يَتَّهِمني

فَأَمسَحُ أَدمُعاً في مُقلَتَيهِ
وَإِن حَكَتِ اللَهيبَ وَإِن كَوَتني

لِأَنّي كُلَّما رَفَّهتُ عَنهُ
طَرِبتُ كَأَنَّني رَفَّهتُ عَنّي


إيليا ابو ماضي

الحمدان
07-16-2024, 10:52 PM
عِش لِلجَمالِ تَراهُ العَينُ مُؤتَلَقاً
في أَنجُمِ اللَيلِ أَو زَهرِ البَساتينِ

وَفي الرُبى نَصَبَت كَفُّ الأَصيلِ بِها
سُرادِقاً مِن نُضارٍ لِلرَياحينِ

وَفي الجِبالِ إِذا طافَ المَساءُ بِها
وَلَفَّها بِسَرابيلِ الرَهابينِ

وَفي السَواقي لَها كَالطِفلِ ثَرثَرَةٌ
وَفي البُروقِ لَها ضِحكُ المَجانينِ

وَفي اِبتِساماتِ أَيّارٍ وَرَوعَتِها
فَإِن تَوَلّى فَفي أَجفانِ تِشرينِ

لا حينَ لِلحُسنِ لا حَدَّ يُقاسُ بِهِ
وَإِنَّما نَحنُ أَهلُ الحَدِّ وَالحينِ

فَكَم تَماوَجَ في سِربالِ غانِيَةٍ
وَكَم تَأَلَّقَ في أَسمالِ مِسكينِ

وَكَم أَحَسَّ بِهِ أَعمى فَجُنَّ لَهُ
وَحَولَهُ أَلفُ راءٍ غَيرِ مَفتونِ

عِش لِلجَمالِ تَراهُ هَهُنا وَهُنا
وَعِش لَهُ وَهوَ سِرٌّ جِدُّ مَكنونِ

خَيرٌ وَأَفضَلُ مِمَّن لا حَنينَ لَهُم
إِلى الجَمالِ تَماثيلٌ مِنَ الطينِ


إيليا ابو ماضي

الحمدان
07-16-2024, 10:53 PM
قُلتُ السَعادَةُ في المُنى فَرَدَدتَني
وَزَعِمتَ أَنَّ المَرءَ آفَتُهُ المُنى

وَرَأَيتُ في ظِلِّ الغِنى تِمثالَها
وَرَأَيتَ أَنتَ البُؤسَ في ظِلِّ الغِنى

ما لي أَقولُ بِأَنَّها قَد تُقتَنى
فَتَقولُ أَنتَ بِأَنَّها لا تُفتَنى

وَأَقولُ إِن خُلِقَت فَقَد خُلِقَت لَنا
فَتَقولُ إِن خُلِقَت فَلِم تُخلَق لَنا

وَأَقولُ إِنّي مُؤمِنٌ بِوُجودِها
فَتَقولُ ما أَحراكَ أَن لا تُؤمِنا

وَأَقولُ سِرٌّ سَوفَ يُعلَنُ في غَدٍ
فَتَقولُ لا سِرُّ هُناكَ وَلا هُنا

يا صاحِبي هَذا حِوارٌ باطِلٌ
لا أَنتَ أَدرَكتَ الصَوابَ وَلا أَنا


إيليا ابو ماضي

الحمدان
07-16-2024, 10:53 PM
دِارُ السَلامِ وَأَرضُ الهَنا
يَشُقُّ عَلى الُلِّ أَن تَحزَنا

فَخَطبُ فِلِسطينَ خَطبُ العُلى
وَما كانَ رِزءُ العُلى هَيِّنا

سَهِرنا لَهُ فَكَأَنَّ السُيوفَ
تَحُزُّ بِأَكبادِنا هَهُنا

وَكَيفَ يَزورُ الكَرى أَعيُناً
تَرى حَولَها لِلرَدى أَعيُنا

وَكَيفَ تَطيبُ الحَياةُ لِقومٍ
تُسَدُّ عَلَيهِم دُروبُ المُنى

بِلادَهُم عُرضَةً لِلضَياعِ
وَأُمَّتُهُم عُرضَةً لِلفَنا

يُريدُ اليَهودُ بِأَن يَصلُبوها
وَتَأبى فِلِسطينُ أَن تَذعُنا

وَتَأبى المُروأَةُ في أَهلِها
وَتَأبى السُيوفُ وَتَأبى القنا

أَأَرضُ الخَيالِ وَآياتِهِ
وَذاتُ الجَلالِ وَذاتُ السَنا

تَصيرُ لِغَوغائِهِم مَسرَحاً
وَتَغدو لِشُذّاهِم مَكمَنا

بِنَفسِيَ أُردُنِّها السَلسَبيلُ
وَمَن جاوَروا ذَلِكَ الأُردُنا

لَقَد دافَعوا أَمسِ دونَ الحِمى
فَكانَت حُروبُهُمُ هَربَنا

وَجادوا بِكُلِّ الَّذي عِندَهُم
وَنَحنُ سَنَبذُلُ ما عِندَنا

فَقُل لِليَهودِ وَأَشيَعَهُم
لَقَد خَدَعَتكُم بُروقُ السَنا

أَلا لَيتَ بِلفورَ أَعطاكُم
بِلاداً لَهُ لا بِلاداً لَنا

فَلُندُنُ أَرحَبُ مِن قُدسِنا
وَأَنتُم أَحَبُّ إِلى لُندُنا

وَمَنّاكُمُ وَطَناً في النُجومِ
فَلا عَرَبِيَّ بِتِلكَ الدُنى

أَيَسلُبُ قَومَكُم رُشدَهُم
وَيَدعوهُ قَومِكُم مُحسِنا

وَيَدفَعُ لِلمَوتِ بِالأَبرِياءِ
وَيَحسَبُهُ مَعشَرٌ دَيِّنا

وَيا عَجَباً لَكُم توغِرونَ
عَلى العَرَبِ التامِزَ وَالهَدسَنا

تَرمونَهُم بِقَبيحِ الكَلامِ
وَكانوا أَحَقَّ بِضافي الثَنا

وَكُلُّ خَطيآتِهِم أَنَّهُم
يَقولونَ لا تُسرِفوا بَيتَنا

فَلَيسَت فِلِسطينُ أَرضاً مَشاعاً
فَتُعطى لِمَن شاءَ أَن يَسكُنا

فَإِن تَطلُبوها بِسُمرِ القَنا
نَرُدُّكُم بِطِوالِ القَنا

فَفي العَرَبِيِّ صِفاتُ الأَنامِ
سِوى أَن يَخافَ وَأَن يَجبُنا

وَإِن تَحجُلوا بَينَنا بِالخِداعِ
فَلَن تَخدَعوا رَجُلاً مُؤمِنا

وَإِن تَهجُروها فَذَلِكَ أَولى
فَإِنَّ فِلِسطينَ مُلكٌ لَنا

وَكانَت لِأَجدادِنا قَبلَنا
وَتَبقى لِأَحفادِنا بَعدَنا

وَإِنَّ لَكُم بِسِواها غِنىً
وَلَيسَ لَنا بِسِواها غِنى

فَلا تَحسَبوها لَكُم مَوطِناً
فَلَم تَكُ يَوماً لَكُم مَوطِنا

وَلَيسَ الَّذي نَبتَغيهِ مُحالاً
وَلَيسَ الَّذي رُمتُمُ مُمكِنا

نَصَحناكُمُ فاِرعَوُّا وَاِنبُذوا
بَليفورَ ذَيّالِكَ الأَرعَنا

وَإِمّا أَبَيتُم فَأوصيكُمُ
بِأَن تَحمُلو مَعكُمُ الأَكفُنا

فَإِنّا سَنَجعَلُ مِن أَرضِها
لَنا وَطَناً وَلَكَم مَدفَنا


إيليا ابو ماضي

الحمدان
07-16-2024, 10:54 PM
إِنّي عَرَفتُ مِنَ الإِنسانِ ما كانا
فَلَستُ أَحمَدُ بَعدَ اليَومِ إِنسانا

بَلَوتُهُ وَهوَ مُشتَدُّ القِوى أَسَداً
صَعبِ المِراسِ وَعِندَ الضَعفِ ثُعبانا

تَعَوَّدَ الشَرَّ حَتّى لَو نَبَت يَدُهُ
عَنهُ إِلى الخَيرِ سَهواً باتَ حَسرانا

خِفهُ قَديراً وَخَفهُ لا اِقتِدارَ لَهُ
فَالظُلمُ وَالغَدرُ إِمّا عَزَّ أَو هانا

القَتلُ ذَنبٌ شَنيعٌ غَيرُ مُغتَفَرٍ
وَالقَتلُ يَغفُرَهُ الإِنسانُ أَحيانا

أَحَلَّ قَتلَ نُفوسِ السائِماتِ لَهُ
وَالطَيرُ وَالقَتلُ قَتلٌ حَيثَما كانا

أَذاقَ ذِئبَ الفَلا مِن غَدرِهِ طُرُفاً
فَلا يَزالُ مَدى الأَيّامِ يَقظانا

وَنَفَّرَ الطَيرَ حَتّى ما تُلِمُّ بِهِ
إِلّا كَما اِعتادَتِ الأَحلامُ وَسنانا

سُرورُهُ في بُكاءِ الأَكثَرينَ لَهُ
وَحُزنُهُ أَن تَرى عَيناهُ جَذلانا

كَأَنَّما المَجدُ رَبٌّ لَيسَ يَعطِفُهُ
إِلّا إِذا قَدَّمَ الأَرواحَ قُربانا

هُوَ الَّذي سَلَبَ الدُنيا بَشاشَتَها
وَراحَ يَملَءُها هَمّاً وَأَحزانا

لا تَصطَفيهِ وَإِن أَثقَلَتهُ مِنَناً
يَعدو عَلَيكَ وَإِن أَولاكَ شُكرانا

قالوا تَرقّى سَليلُ الطينِ قُلتُ لَهُم
الآنَ تَمَّ شَقاءُ العالَمِ الآنا

إِنَّ الحَديدَ إِذا ما لانَ صارَ مُدىً
فَكُن عَلى حَذَرٍ مِنهُ إِذا لانا

وَالمَرءُ وَحشٌ وَلَكِن حُسنُ صورَتِهِ
أَنسى بَلاياهُ مَن سَمّاهُ إِنسانا

قَد حارَبَ الدينَ خَوفاً مِن زَواجِرِهِ
كَأَنَّ بَينَ الوَرى وَالدينِ عُدوانا

وَرامَ يَهدِمُ ما الرَحمَنُ شَيَّدَهُ
وَلَيسَ ما شَيَّدَ الرَحمَنُ بُنيانا

إِنّي لَيَأخُذُني مِن أَمرِهِ عَجَبٌ
أَكُلَّما زادَ عِلماً زادَ كُفرانا

وَكُلَّما اِنقادَتِ الدُنيا وَصارَ لَهُ
زِمامُها اِنقادَ لِلآثامِ طُغيانا

يَرجو الكَمالَ مِنَ الدُنيا وَكَيفَ لَهُ
نَيلُ الكَمالِ مِنَ الدُنيا وَما دانا

إِذا اِرتَدى المَرءُ ما في الأَرضِ مِن بُرُدٍ
وَعافَ لِلدينِ بُرداً عادَ عُريانا

هُوَ الحَياةُ الَّتي ما غادَرَت جَسداً
إِلّا اِغتَدى امَيتُ أَحيا مِنهُ وِجدانا

وَهوَ الضِياءُ الَّذي يَمحو الظَلامَ فَمَن
لا يَهتَدي بِسَناهُ ظَلَّ حَيرانا

وَالمَنهَلُ الرائِقُ العَذبُ الوُرودِ فَمَن
لا يَستَقي مِنهُ دامَ الدَهرَ عَطشانا

لَيسَ المُبَذِّرُ مَن يَقلي دَراهِمَهُ
إِنَّ المُبَذِّرَ مَن لِلدينِ ما صانا

لَيسَ الكَفيفُ الَّذي أَمسى بِلا بَصَرٍ
إِنّي أَرى مِن ذَوي الأَبصارِ عُميانا


إيليا ابو ماضي

الحمدان
07-16-2024, 10:55 PM
ذَهَبَ الرَبيعُ فَفي الخَمائِلِ وَحشَةٌ
مِثلُ الكَآبَةِ مِن فِراقِكَ فينا

لَو دُمتَ لَم تَحزَن عَلَيهِ قُلوبُنا
وَلَئِن أَضَعنا الوَردَ وَالنَسرينا

فَلَقَد وَجَدنا في خِلالِكَ زَهرَهُ
المُفتَرَّ وَبِالماءِ الَّذي يَروينا

وَنَسيمَهُ الساري كَأَنفاسِ الرِضى
وَشُعاعَهُ يَغشى المُروجَ فُتونا

جَزَتِ المَحاسِنَ في الرَبيعِ وَفُقتَهُ
إِذ لَيسَ عِندَكَ عَوسَجٌ يُدمينا

يا أَشهُراً مَرَّت سِراعاً كَالمُنى
لَو أَستَطيعُ جَعَلتُكُنَّ سِنينا

وَأَمَرتُ أَن يَقِفَ الزَمانُ عَنِ السُرى
كَيلا نَمُرَّ بِساعَةٍ تُبكينا

وَنَمُدُّ أَيدِيَنا فَتَرجِعُ لَم تُصبِ
وَتَعودَ فَوقَ قُلوبِنا أَيدينا

خَوفاً عَلَيها أَن تَساقَطَ حَسرَةً
أَو أَن تَفيضَ لَواعِجاً وَشُجونا

قَد كُنتِ خِلتُ الدَهرَ حَطَّمَ قَوسَهُ
حَتّى رَأَيتُ سِهامَهُ تُصمينا

فَكَأَنَّما قَد سائَهُ وَأَمَضَّهُ
أَنّا تَمَتَّعنا بِقُربِكِ حينا


إيليا ابو ماضي

الحمدان
07-16-2024, 10:55 PM
أَباعِثَةَ المَطايا مِن حَديدٍ
كَأَسرابِ القَطا لِلعالَمينا

رَكائِبٌ في فِجاجِ الأَرضِ تَسري
تُقِلُّ الذاهِبينَ الآيِبينا

تَقُصُّ عَلى المَدائِنِ وَالقَرايا
حِكايَةَ قَومِكِ المُستَنبِطينا

وَكَيفَ العَقلُ يُخلَقُ مِن زَرِيِّ
مَهينٍ لا زَرِيَّ وَلا مُهينا

وَيَنفُخُ في الجَمادِ قِوىً وَحِسّاً
فَيَركُضُ تارَةً وَيَطيرُ حينا

وَيَهتِفُ بَِلقَصائِدِ وَالأَغاني
وَقَد ذَهَبَ الرَدى بِالمُنشِدينا

لَقَد حَسَدَتكِ أُمُّ الفَنِّ روما
كَما حَسَدَتكِ ضَرَّتُها أَثِنا

فَمَجدُكِ فَوقَ مَجدِهِما عَلاءً
وَحُسنُكِ فَوقَ حُسنِهِما فُتونا

نَزَلنا في حِماكِ فَقَرِّبينا
وَبارَكنا ثَراكَ فَبارِكينا

فَما لِطَماعَةٍ بِنُضارِ فوردٍ
وَفَضَّتِهِ إِلَيكِ اليَومَ جينا

فَما هُوَ في سَماحَتهِ كَمَعنٍ
وَلَيسَت نوقُهُ لِلذابِحينا

وَلَكِن فيكِ إِخوانٌ هَوَينا
لِأَجلِهِمِ جَميعَ الساكِنينا

أَحِبّونا كَأَنَّهُمُ ذَوُنا
وَطَنسونا بِلُطفِهِمِ ذَوينا

وَعاهَدناهُمُ إِذ عاهَدونا
فَلَم نَنكُث وَلا نَكَثوا يَمينا

إِذا غَضِبوا عَلى الدُنيا غَضِبنا
وَإِن يَرضوا عَلى الدُنيا رَضينا

دَعاهُم لِلعُلى وَالخَيرِ داعٍ
مِنَ الوادي فَلَبّوا أَجمَعينا

أَيَخذِلُ جارَةَ الوادي بَنوها
مَعاذَ اللَهِ هَذا لَن يَكونا

فَما لاقَيتُ زَحلِيّاً جَباناً
وَلا لاقَيتُ زَحلِيّاً ضَنينا

تَأَمَّل كَيفَ أَدحى تَلُّ شيحا
يُحاكي في الجَلالَةِ طورَسينا

فَعَن هَذا تَحَدَّرَتِ الوَصايا
وَفي هَذا يَجَدنا المُحسِنينا

عَلى جَنَباتِهِ وَعَلى ذَراهُ
جَمالٌ يُبهِرُ المُتَأَمِّلينا

فَلَم أَرَ مِثلَهُ لِلخَيرِ دُنيا
وَلَم أَرَ مِثلَهُ فَتحاً مُبينا

فَيا أَشبالَ لُبنانَ المُفَدّى
وَيا إِخوانِنا وَبَني أَبينا

تَرَنَّحَ عَصرُكُم فَخراً وَهَشَّت
لِصُنعِكُم عِظامُ المائِتينا

تَبارى الناسُ في طَلَبِ المَعالي
فَكُنتُم في المَجالِ السابِقينا

بَنى الأَهرامَ فِرعَونٌ فَدامَت
لِتُخبِرَ كَيفَ كانَ الظالِمونا

وَكَم أَشقى الجُموعَ الفَردُ مِنهُم
وَكَم طَمَسَ الأُلوفَ لِكَي يَبينا

وَشُدتُم مَعهَداً في تَلِّ شيحا
سَيَبقى مَلجَأً لِلبائِسينا

يُطِلُّ الفَجرُ مُبتَسِماً عَلَيهِ
وَيَرجِعُ مُطمَإِنّاً مُستَكينا

وَيَمضي يَملَءُ الوادي ثَناءً
عَلَيكُم وَالأَباطِحَ وَالحُزونا

أَرى غَيثَينِ يَستَبِقانِ جوداً
هُما مَطَرُ السَما وَالغائِثونا

لَئِن حَجَبَ الغَمامُ الشَمسَ عَنّا
فَلَم يَطمِس ضِياءَ اللَهِ فينا

وَلَم يَستِر سَبيلَ الخَيرِ عَنكُم
وَلَم يَقبِض أَكُفّ الباذِلينا

وَجَدتُ المَرءَ حُبَّ الخَيرِ فيهِ
فَإِن يَفقُدُهُ صارَ المَرءُ طينا

تَكَمَّشَ في الحُقولِ الشَوكُ بُخلاً
فَذُلَّ فَعاشَ مُكتَإِباً حَزينا

وَأَسنى الوَردُ إِذ أَعطى شَذاهُ
مَكانَتَهُ فَكُن في الواهِبينا

سَأَلتُ الشِعرَ أَن يَثني عَلَيكُم
فَقالَت لِيَ القَوافي قَد عَيِنا

سَيَجزيهُمُ عَنِ البُؤَساءِ رَبٌّ
يُكافِئُ بِالجَميلِ المُحسِنينا


إيليا ابو ماضي

الحمدان
07-16-2024, 10:56 PM
كَم خَفَضنا الجَناحَ لِلجاهِلينا
وَعَذَرناهُمُ فَما عَذَرونا

خَبِّروهُم يا أَيُّها العاقِلونا
إِنَّما نَحنُ مَعشَرُ الشُعَراءِ

يَتَجَلّى سِرُّ النُبُوَّةِ فينا
ذَكِروهُم فَرُبَّ خَيرٍ كَبيرِ

فَعَلتهُ الهُداةُ بِالتَذكيرِ
إِنَما الناسُ مِن تُرابٍ وَنورِ

فَبَنو النورِ يَعبَدونَ النورا
وَبَنو الطينِ يَعبُدونَ الطينا

قيلَ عَنّا قُصورُنا مِن هَباءِ
تَتَلاشى في ضَحوَةٍ وَمَساءِ

أَو سُطورٌ بِالماءِ فَوقَ الماءِ
لَو سَكَنتُم قُصورَنا بَعضَ ساعَه

لَنَسَيتُم شُهورَكُم وَالسِنينا
لَو دَخَلتُم هَياكِلَ الإِلهامِ

وَسَرَحتُم في عالَِ الأَحلامِ
وَاِجتَلَيتُم سِرَّ الخَيالِ السامي

وَعَرَفتُم كَما عَرَفنا اللَهَ
لَخَرَرتُم أَمامَنا ساجِدينا

قَد سَقَتنا الحَياةُ كاساً دُهاقاً
حَسُنَت نَكهَةً وَطابَت مَذاقا

وَسَقَينا مِمّا شَرِبنا الرِفاقا
فَتَرَناهُمُ حَيارى سُكارى

يَتَمَنّونَ أَنَّهُم لا يَعونا
هَمُّكُم في الكُؤوسِ وَالأَكوابِ

آهِ لَو كانَ هَمُّكُم في الشَرابِ
لَطَرَحتُم عَنكُمُ قُيودَ التُرابِ

وَشَعَرتُم بِلَذَّةٍ أَو عَذابِ
هَذِهِ الخَمرُ لَيتَكُم تَشرَبونا

أَتَقولونَ إِنَّهُ مَجنونُ
أَتَقولونَ إِنَّهُ مَفتونُ

أَتَقولونَ شاعِرٌ مِسكينُ
كَم مَليكٍ كَم قائِدٍ كَم وَزيرِ

وَدَّلو كانَ شاعِراً مِسكينا
عاشَ مِلتِن فَلَ يَكُن مَذكورا

وَهوميروسُ كَالشَيخِ كانَ ضَريرا
وَلَقَد ماتَ اِبنُ بُردٍ فَقيرا

أَرَأَيتُم كَما رَأى العُميانُ
أَفَلَستُم بِنورِهِم تَهتَدونا


إيليا ابو ماضي

الحمدان
07-16-2024, 10:57 PM
زَعَمَ المَرءُ إِنَّما هُوَ رَبٌّ
كَم يَلوكُ الكَلامَ هَذا الإِلَهُ

يَلفُظُ البَحرُ وَهوَ مُلحٌ أُجاجٌ
لُؤلُؤً يُبهِرُ العُيونَ سَناهُ

ما اِدَّعى الدُرُّ أَنَّةَ صورَةُ البَحرِ
وَلا قالَ إِنَّني إِيّاهُ

لا وَلا قالَ كُلُّ شَيءٍ إِلى المَح
وِ وَما خَصَّ بِالخُلودِ سِواهُ

إِن تَكُن لِلخُلودِ ذاتَكَ في الدُن
يا فَماذا الأَمرُ الَّذي تَهواهُ

وَإِذا صِرتَ غَيرَ شَخصِكَ في الءُ
خرى فَهَذا الفَنا الَّذي تَخشاهُ

في التُرابِ الَّذي تَدوسُ عَلَيهِ
أَلفُ دُنيا وَعالَمٍ لا تَراهُ

أَنتَ جُزءٌ مِنَ الكَيانِ وَفيهِ
كَثَراهُ كَنَبتِهِ كَحَصاهُ

كَالوَردِ الَّتي تُحِبُّ شَذاها
وَالبَعوضُ الَّذي تَخافُ أَذاهُ

ما لِحَيٍّ بِالمَوتِ عَنهُ اِنفِصالٌ
إِنَّ دُنياهُ هَذِهِ أُخراهُ


إيليا ابو ماضي

الحمدان
07-16-2024, 10:59 PM
لَمّا سَأَلتُ عَنِ الحَقيقَةِ قيلَ لي
الحَقُّ ما اِتَّفَقَ السَوادُ عَلَيهِ

فَعَجِبتُ كَيفَ ذَبَحتُ ثَورِيَ في الضُحى
وَالهِندُ ساجِدَةٌ هُناكَ لَدَيهِ

نَرضى بِحُكمِ الأَكثَرِيَّةِ مِثلَما
يَرضى الوَليدُ الظُلمَ مِن أَبَوَيهِ

إِمّا لِغُنمٍ يَرتَجيهِ مِنهُما
أَو خِفيَةً مِن أَن يُساءَ إِلَيهِ


إيليا ابو ماضي

الحمدان
07-16-2024, 11:00 PM
يا أَيُّها الشِعرُ أَسعِفني فَأَرثيهِ
وَيا دُموعَ أَعينيني فَأَبكيهِ

بَحَثتُ لي عَن مُعَزٍّ يَومَ مَصرَعِهِ
فَلَم أَجِد غَيرَ مَحزونٍ أُعَزّيهِ

وَما سَأَلتُ اِمرَأً فيما تُفَجِّعُهُ
إِلّا وَجاوَبَ إِنّي مِن مُحِبّيهِ

كَأَنَّما كُلُّ إِنسانٍ أَضاعَ أَخاً
أَوِ اِنطَوَت فَجأَةً دُنيا أَمانيهِ

فَذا أَساهُ لَهيبٌ في أَدالُعِهِ
وَذا أَساهُ دُموعٌ في مَآقيهِ

فَهَل دَرى أَيَّ سَهمٍ في القُلوبِ رَمى
لَمّا نَعاُ إِلى الأَسماعِ اعيهِ

يا شاعِرَ الحُسنِ هَذا الرَوضُ قَد طَلَعَت
فيهِ الرَياحينُ وَاِفتَرَّت أَقاحيهِ

وَشاعَ أَيّارُ عِطراً في جَوانِبِهِ
وَنَضرَةً وَاِخضِراًّ في رَوابيهِ

فَأَينَ شِعرُكَ يَسري مَع نَسائِمِهِ
وَأَينَ سِحرُكَ يَجري في سَواقيهِ

هَجَرتَهُ فَاِمَّحَت مِنهُ بَشاشَتُهُ
ماتَ الهَوى فيهِ لمّا ماتَ شاديهِ

أَغنى عَنِ الدُرِّ في القيعانِ مُختَبِئً
دُرٌّ يُساقيطُهُ الحَدّادُ مِن فيهِ

وَكانَ لِلسِحرِ تَأثيرٌ فَأَبطَلَهُ
بِالسِحرِ يَجري حَلالاً في قَوافيهِ

بَلاغَةُ المُتَنَبّي في مَدائِحِهِ
وَدَمعُ خَنساءَ صَخرٍ في مَراثيهِ

لا يَعذَبُ الشِعرُ إِلّا حينَ يَنظُمُهُ
أَو حينَ يُنشِدُهُ أَو حينَ يَرويهِ

وَيا طَبيباً يُداوي الناسَ مِن عِلَلٍ
داءُ الأَسى اليَومَ فيهِم مَن يُداويهِ

أَمسى الَّذي كانَ يَشجينا وَيُطرِبُنا
لا شَيءَ يُطرِبُهُ لا شَيءَ يَشجيهِ

لَقَد تَساوى لَدَيهِ شَدوُ ساجِعَةٍ
وَصَوتُ نائِحَةٍ في الحَيِّ تَبكيهِ

صارَت لياليهِ نَوماً غَيرَ مُنقَطِعِ
وَلَم تَكُن هَكَذا قَبلاً لَياليهِ

قَد كانَ نِبراسُنا في الموعضِلاتِ إِذا
ما لَيلُها جُنَّ وَاِربَدَّت نَواصيهِ

فَمَن لَنا في غَدٍ إِن أَزمَةٌ عَرَضَت
وَلَيسَ فينا أَخو حَزمٍ يُضاهيهِ

مَن لِلحَزينِ يُواسيهِ وَيُسعِدُهُ
وَلِلمَريضِ يُداويهِ فَيَشفيهِ

يا قائِدَ القَومِ إِن تَسأَل فَإِنَّهُم
باتوا حَيارى كَإِسرائيلَ في التيهِ

لَمّا رَأوكَ مُسَجّى بَينَهُم عَلِموا
ما العَيشُ غَيرَ أَخايِّلٍ وَتَمويهِ

يا رِزقُ قَلبي عَلَيكَ اليَومَ مُنفَطِرٌ
وَكُلُّ قَلبٍ كَقَلبي في تَشَظّيهِ

لَم يَحُِ نَعشُكَ جِسماً لا حِراكَ بِهِ
بَل أَنتَ آمالُنا مَوضوعَةٌ فيهِ

غَداً يُواريكَ عَن أَبصارُنا جَدَثٌ
لَكِنَّ فَضلَكَ لا شِئٌ يُواريهِ


إيليا ابو ماضي