مشاهدة النسخة كاملة : هنا الشعر الفصيح ومايتعلق به
الحمدان
08-06-2024, 06:06 PM
يا صاحِ ما أَلِفَ الإِعجابَ مِن نَفَرٍ
إِلّا وَهُم لِرُؤوسِ القَومِ أَعجابُ
ما لي أَرى المَلِكَ المَحبوبَ يَمنَعُهُ
أَن يَفعَلَ الخَيرَ مُنّاعٌ وَحُجّابُ
قَد يَنجُبُ الوَلَدُ النامي وَوالِدُهُ
فَسلٌ وَيَفسِلُ وَالآباءُ أَنجابُ
فَرَجِّبِ اللَهَ صِفراً مِن مَحارِمِهِ
فَكَم مَضَت بِكَ أَصفارٌ وَأَرجابُ
وَيَعتَري النَفسُ إِنكارٌ وَمَعرِفَةٌ
وَكُلُّ مَعنىً لَهُ نَفيٌ وَإيجابُ
وَالمَوتُ نَومٌ طَويلٌ مالَهُ أَمَدٌ
وَالنَومُ مَوتٌ قَصيرٌ فَهو مُنجابُ
ابو علاء المعري
الحمدان
08-06-2024, 06:07 PM
قَد أَسرَفَ الإِنسُ في الدَعوى بِجَهلِهِمُ
حَتّى اِدَّعوا أَنَّهُم لِلخَلقِ أَربابُ
إِلبابُهُم كانَ بِاللَذّاتِ مُتَّصِلاً
طولَ الحَياةِ وَما لِلقَومِ أَلبابُ
أَجرى مِنَ الخَيلِ آمالٌ أُصَرِّفُها
لَها بَحَثِّيَ تَقريبٌ وَإِخبابُ
في طاقَةِ النَفسِ أَن تُعنى بِمَنزِلِها
حَتّى يُجافَ عَلَيها لِلثَرى بابُ
فَاِجعَل نِساءَكَ إِن أُعطيتَ مَقدِرَةً
كَذاكَ وَاِحذَر فَلِلمِقدارِ أَسبابُ
وَكَم خَنَت مِن هَجولٍ حُجِّبَت وَوَفَت
مِن حُرَّةٍ ما لَها في العينِ جِلبابُ
أَذىً مِنَ الدَهرِ مَشفوعٌ لَنا بِأَذىً
هَذا المَحَلُّ بِما تَخشاهُ مِربابُ
يَزورُنا الخَيرُ غِبّاً أَو يُجانِبُنا
فَهَل لِما يَكرَهُ الإِنسانُ إِغبابُ
وَقَد أَساءَ رِجالٌ أَحسَنوا فَقُلوا
وَأَجمَلوا فَإِذا الأَعداءُ أَحبابُ
فَاِنفَع أَخاكَ عَلى ضُعفٍ تُحِسُّ بِهِ
إِنَّ النَسيمَ بِنَفعِ الروحِ هَبّابُ
ابو علاء المعري
الحمدان
08-06-2024, 06:07 PM
لا تَسأَلِ الضَيفَ إِن أَطعَمتَهُ ظُهُراً
بِاللَيلِ هَل لَكَ في بَعضِ القِرى أَرَبُ
فَإِنَّ ذَلِكَ مِن قَولٍ يُلَقِّنُهُ
لا أَشتَهي الزادَ وَهوَ الساغِبُ الحَرِبُ
قَدِّم لَهُ ما تَأَتّى لا تُؤامِرُهُ
فيهِ وَلَو أَنَّهُ الطُرثوثُ وَالصَرَبُ
ابو علاء المعري
الحمدان
08-06-2024, 06:07 PM
أَخلاقُ سُكّانِ دُنيانا مُعَذَّبَةٌ
وَإِن أَتَتكَ بِما تَستَعذِبُ العَذَبُ
سَمَّوا هِلالاً وَبَدراً وَأَنجُماً وَضُحى
وَفَرقَداً وَسِماكاً شَدَّ ما كَذَبوا
وَلَم يُنَط بِحِبالِ الشَمسِ مِن نَظَرٍ
إِلّا لَهُ في حِبالِ الشَرِّ مُجتَذِبُ
ابو علاء المعري
الحمدان
08-06-2024, 06:07 PM
أَعَيَّبونِيَ حَيّاً ثُمَّ قامَ لَهُم
مُثنٍ وَقَد غَيَّبوني إِنَّ ذا عَجَبُ
نَحنُ البَرِيَّةُ أَمسى كُلُّنا دَنِفاً
يُحِبُّ دُنياهُ حُبّاً فَوقَ ما يَجِبُ
ابو علاء المعري
الحمدان
08-06-2024, 06:08 PM
لا يُغبَطَنَّ أَخو نُعمى بِنِعمَتِهِ
بِئسَ الحَياةُ حَياةٌ بَعدَها الشَجَبُ
وَالحِسُّ أَوقَعَ حَيّاً في مَساءَتِهِ
وَلِلزَمانِ جُيوشٌ ما لَها لَجَبُ
لَو تَعلَمُ الأَرضَ ما أَفعالُ ساكِنِها
لَطالَ مِنها لِما يَأتي بِهِ العَجَبُ
بَدءُ السَعادَةِ أَن لَم تُخلَقِ اِمرَأَةٌ
فَهَل تَوَدُّ جُمادى أَنَّها رَجَبُ
وَلَم تَتُب لِاِختِيارٍ كانَ مُنتَجَباً
لَكِنَّكَ العودُ إِذ يُلحى وَيُنتَجَبُ
وَما اِحتَجَبتَ عَنِ الأَقوامِ مِن نُسُكٍ
وَإِنَّما أَنتَ لِلنَكراءِ مُحتَجِبُ
قالَت لِيَ النَفسُ إِنّي في أَذىً وَقَذىً
فَقُلتُ صَبراً وَتَسليماً كَذا يَجِبُ
ابو علاء المعري
الحمدان
08-06-2024, 06:08 PM
إِذا أَقبَلَ الإِنسانُ في الدَهرِ صُدِّقَت
أَحاديثُهُ عَن نَفسِهِ وَهوَ كاذِبُ
أَتوهِمُني بِالمَكرِ أَنَّكَ نافِعي
وَما أَنتَ إِلّا في حِبالِكَ جاذِبُ
وَتَأكُلُ لَحمَ الخِلِّ مُستَعذِباً لَهُ
وَتَزعُمُ لِلأَقوامِ أَنَّكَ عاذِبُ
ابو علاء المعري
الحمدان
08-06-2024, 06:08 PM
غَدَوتُ عَلى نَفسي أُثَرِّبُ جاهِداً
وَأَمثالَها لامَ اللَبيبُ المُثَرِّبُ
إِذا كانَ جِسمِيَ مِن تُرابٍ مَآلَهُ
إِلَيهِ فَما حَظّي بِأَنِّيَ مُترِبُ
وَما زالَتِ الدُنيا بِأَصنافِ أَلسُنٍ
تُبَيِّنُ عَن غَيرِ الجَميلِ وَتُعرِبُ
إِذا أَغرَبَت يَوماً بِرُزءٍ عَلى الفَتى
فَلَيسَت عَلى نَفسي بِما حُمَّ تُغرِبُ
وَجَرَّبتُها أُمَّ الوَليدِ لِطامِعٍ
وَيَيئِسُ مِن أُمِّ الوَليدِ المُجَرِّبُ
يَحِقُّ لِمَن يَهوى الحَياةَ بُكاؤُهُ
إِذا لاحَ قُرنُ الشَمسِ أَو حينَ تَغرُبُ
وَما نَفَسٌ إِلّا يُباعِدُ مَولِداً
وَيُدني المَنايا لِلنُفوسِ فَتَقرُبُ
فَهَل لِسُهَيلٍ في مَعَدِّكَ ناصِرٌ
إِذا أَسلَمَتهُ لِلحَوادِثِ يَعرُبُ
وَأَهدى إِلى نهجِ الهُدى مِن مَعاشِرٍ
نَواضِحُ تَسنو أَو عَوامِلُ تَكرُبُ
أَلا تَفرَقُ الأَحياءُ مِمّا بَدا لَها
وَقَد عَمَّها بِالفَجرِ أَزرَقُ مُغرَبُ
وَشَفَّ بَقاءٌ صِرتُ مِن سوءِ فِعلِهِ
أَهَشُّ إِلى المَوتِ الزُؤامِ وَأَطرَبُ
فَشِم صارِماً وَارِكُز قَناةً فَلِلردى
يَدُ هِيَ أَولى بِالحِمامِ وَأَدرَبُ
أَفَضُّ لِهاماتٍ وَأَرمى بِأَسهُمٍ
وَأَطعَنُ في قَلبِ الخَميسِ وَأَضرَبُ
أَرى مُطعِمَ الرَمسِ اللِهَمَّ خَليلَهُ
سَيَأكُلُ مِن بَعدِ الخَليلِ وَيَشرَبُ
ابو علاء المعري
الحمدان
08-06-2024, 06:08 PM
بَقَيتُ وَما أَدري بِما هُوَ غائِبٌ
لَعَلَّ الَّذي يَمضي إِلى اللَهِ أَقرَبُ
تَوَدُّ البَقاءَ النَفسُ مِن خيفَةِ الرَدى
وَطولُ بَقاءِ المَرءِ سُمٌّ مُجَرَّبُ
عَلى المَوتِ يَجتازُ المَعاشِرُ كُلُّهُم
مُقيمٌ بِأَهلَيهِ وَمَن يَتَغَرَّبُ
وَما الأَرضُ إِلّا مِثلُنا الرِزقَ تَبتَغي
فَتَأكُلُ مِن هَذا الأَنامِ وَتَشرَبُ
وَقَد كَذَبوا حَتّى عَلى الشَمسِ أَنَّها
تُهانُ إِذا حانَ الشُروقُ وَتُضرَبُ
كَأَنَّ هِلالاً لاحَ لِلطَعنِ فيهِمُ
حَناهُ الرَدى وَهوَ السِنانُ المُجَرَّبُ
كَأَنَّ ضِياءَ الفَجرِ سَيفٌ يَسُلُّهُ
عَلَيهُم صَباحٌ بِالمَنايا مُذَرَّبُ
ابو علاء المعري
الحمدان
08-06-2024, 06:09 PM
إِذا كانَ إِكرامي صَديقِيَ واجِباً
فَإِكرامُ نَفسي لا مَحالَةَ أَوجَبُ
وَأَحلِفُ ما الإِنسانُ إِلّا مُذَمَّمٌ
أَخو الفَقرِ مِنّا وَالمَليكُ المُحَجَّبُ
أَيَعقِلُ نَجمُ اللَيلِ أَو بَدرُ تِمِّهِ
فَيُصبِحَ مِن أَفعالِنا يَتَعَجَّبُ
ابو علاء المعري
الحمدان
08-06-2024, 06:09 PM
لَعَلَّ أُناساً في المَحاريبِ خَوَّفوا
بِآيٍ كَناسٍ في المَشارِبِ أَطرَبوا
إِذا رامَ كَيداً بِالصَلاةِ مُقيمُها
فَتارِكُها عَمداً إِلى اللَهِ أَقرَبُ
فَلا يُمسِ فَخّاراً مِنَ الفَخرِ عائِدٌ
إِلى عُنصُرِ الفَخّارِ لِلنَفعِ يُضرَبُ
لَعَلَّ إِناءً مِنهُ يُصنَعُ مَرَّةً
فَيَأكُلُ فيهِ مَن أَرادَ وَيَشرَبُ
وَيُحمَلُ مِن أَرضٍ لِأُخرى وَما دَرى
فَواهاً لَهُ بَعدَ البِلى يَتَغَرَّبُ
ابو علاء المعري
الحمدان
08-06-2024, 06:09 PM
لَعَمرُكَ ما بي نُجعَةٌ فَأَرومَها
وَإِنّي عَلى طولِ الزَمانِ لَمُجدِبُ
حَمَلتُ عَلى الأُلى الحَمامَ فَلَم أَقُل
يُغَنّي وَلَكِن قُلتُ يَبكي وَيَندُبُ
وَذَلِكَ أَنَّ الحادِثاتِ كَثيرَةٌ
وَغالِبُهُنَّ الفَظُّ لا المُتَحَدِّبُ
وَكُلٌّ أَديبٍ أَي سَيُدعى إِلى الرَدى
مِنَ الأَدبِ لا أَنَّ الفَتى مُتَأَدِّبُ
ابو علاء المعري
الحمدان
08-06-2024, 06:09 PM
نَقِمتَ عَلى الدُنيا وَلا ذَنبَ أَسلَفَت
إِلَيكَ فَأَنتَ الظالِمُ المُتَكَذِّبُ
وَهَبها فَتاةً هَل عَلَيها جِنايَةٌ
بِمَن هُوَ صَبٌّ في هَواها مُعَذَّبُ
وَقَد زَعَموا هَذي النُفوسَ بَواقِياً
تَشَكَّلُ في أَجسامِها وَتَهَذَّبُ
وَتُنقَلُ مِنها فَالسَعيدُ مُكَرَّمٌ
بِما هُوَ لاقٍ وَالشَقِيُّ مُشَذَّبُ
وَما كُنتَ في أَيّامِ عَيشِكَ مُنصَفاً
وَلَكِن مُعَنّى في حِبالِكَ تُجَذَّبُ
وَلَو كانَ يَبقى الحِسُّ في شَخصٍ مَيِّتٍ
لَآلَيتُ أَنَّ المَوتَ في الفَمِ أَعذَبُ
ابو علاء المعري
الحمدان
08-06-2024, 06:10 PM
لِيَشغَلكَ ما أَصبَحتَ مُرتَقِباً لَهُ
عَنِ العَيبِ يُبدي وَالخَليلِ يُؤَنَّبُ
فَما أَذنَبَ الدَهرُ الَّذي أَنتَ لائِمٌ
وَلَكِن بَنو حَوّاءَ جاروا وَأَذنَبوا
سَيَدخُلُ بَيتَ الظالِمِ الحَتفُ هاجِماً
وَلَو أَنَّهُ عِندَ السِماكِ مُطَنَّبُ
وَقَد كانَ يَهوى الطَعنَ أَمّا قَناتُهُ
فَذاتُ لَمىً وَالخِرصُ كَالنابِ أَشنَبُ
وَدِرعُ حَديدٍ عِندَهُ دِرعُ كاعِبٍ
مِنَ الوُدِّ وَاِسمُ الحَربِ هِندٌ وَزَينَبُ
وَيَطوي المَلا بَعدَ المَلا فَوقَ كَورِهِ
إِذا العيسُ تُزجى وَالسَوابِقُ تُجنَبُ
لَهُ مِن فِرِندٍ جَدوَلٌ إِن أَسالَهُ
عَلى رَأسِ قِرنٍ جاشَ بِالدَمِ مِذنَبُ
وَلَيسَ يُقيمُ الظَهرَ حَنَّبَهُ الرَدى
قَوامُ رُدَينِيٍّ وَطِرفٌ مُحَنَّبُ
ابو علاء المعري
الحمدان
08-06-2024, 06:10 PM
يَدُلُّ عَلى فَضلِ المَماتِ وَكَونِهِ
إِراحَةَ جِسمٍ أَنَّ مَسلَكَهُ صَعبُ
أَلَم تَرَ أَنَّ المَجدَ تَلَقّاكَ دونَهُ
شَدائِدُ مِن أَمثالِها وَجَبَ الرُعبُ
إِذا اِفتَرَقَت أَجزاؤُنا حُطَّ ثُقلُنا
وَنَحمِلُ عِبئاً حينَ يَلتَئِمُ الشَعبُ
وَأَمسِ ثَوى راعيكَ وَهوَ مُوَدِّعٌ
وَلَو كانَ حَيّاً قامَ في يَدِهِ قَعبُ
ابو علاء المعري
الحمدان
08-06-2024, 06:10 PM
يعِلمِ إِلَهي يوجِدُ الضَعفُ شيمَتي
فَلَستُ مُطيقاً لِلغُدُوِّ وَلا المَسرى
غَبَرتُ أَسيراً في يَدَيهِ وَمَن يَكُن
لَهُ كَرَمٌ تُكرَم بِساحَتِهِ الأَسرى
أَأُصبِحُ في الدُنِّيا كَما هُوَ عالِمٌ
وَأَدخُلُ ناراً مِثلَ قَيصَرَ أَو كِسرى
وَإِنّي لَأَرجو مِنهُ يَومَ تَجاوُزٍ
فَيَأمُرُ بي ذاتَ اليَمينِ إِلى اليُسرى
إِذا راكِبٌ نالَت بِهِ الشَأوَ ناقَةٌ
فَما أَينُقي إِلّا الظَوالِعُ وَالحَسرى
وَإِن أُعفَ بَعدَ المَوتِ مِمّا يُريبُني
فَما حَظِّيَ الأَدنى وَلا يَدِيَ الخُسرى
ابو علاء المعري
الحمدان
08-06-2024, 06:10 PM
حَياةٌ عَناءٌ وَمَوتٌ عَنا
فَلَيتَ بَعيدَ حِمامٍ دَنا
يَدٌ صَفَرَت وَلَهاةٌ ذَوَت
وَنفَسٌ تَمَنَّت وَطَرفٌ رَنا
وَمَوقِدُ نيرانِهِ في الدُجى
يَرومُ سَناءً بِرَفعِ السَنا
يُحاوِلُ مَن عاشَ سَترَ القَميصِ
وَمَلءَ الخَميصِ وَبُرءَ الضَنى
وَمَن ضَمَّهُ جَدَثٌ لَم يُبَل
عَلى ما أَفادَ وَلا ما اِقتَنى
يَصيرُ تُراباً سَواءٌ عَلَيهِ
مَسُّ الحَريرِ وَطَعنُ القَنا
وَشُربُ الفَناءِ بِخَضرِ الفِرنِدِ
كَأَنَّ عَلى أُسِّهِنَّ الفِنا
وَلا يَزدَهي غَضَبٌ حِلمَهُ
أَلَقَّبَهُ ذاكِرٌ أَم كَنى
يُهَنَّأُ بِالخَيرِ مَن نالَهُ
وَلَيسَ الهَناءُ عَلى ما هُنا
وَأَقرَب لِمَن كانَ في غَبطَةٍ
بِلُقيا المُنى مِن لِقاءِ المَنا
أَعائِبَةٌ جَسَدي روحُهُ
وَما زالَ يَخدُمُ حَتّى وَنى
وَقَد كَلَّفَتهُ أَعاجيبَها
فَطَوراً فُرادى وَطَوراً ثُنا
يُنافي اِبنُ آدَمَ حالَ الغُصونِ
فَهاتيكَ أَجنَت وَهَذا جَنى
تُغَيِّرُ صِنّاؤُهُ شيبَهُ
فَهَل غَيَّرَ الظَهرَ لَمّا اِنحَنى
إِذا هُوَ لَم يُخنِ دَهرٌ عَلَيهِ
جاءَ الفَرِيَّ وَقالَ الخَنى
وَسَيّانِ مَن أُمُّهُ حُرَّةٌ
حَصانٌ وَمَن أُمُّهُ فَرتَنى
وَلي مَورِدٌ بِإِناءِ المَنونِ
وَلَكِنَّ ميقاتَهُ ما أَنى
زَمانٌ يُخاطِبُ أَبناءَهُ
جِهاراً وَقَد جَهَلوا ما عَنى
يُبَدِّلُ بِاليُسرِ إِعدامَهُ
وَتَهدِمُ أَحداثُهُ ما بَنى
لَقَد فُزتَ إِن كُنتَ تُعطى الجِنانَ
بِمَكَّةَ إِذ زُرتَها أَو مِنى
ابو علاء المعري
الحمدان
08-06-2024, 06:11 PM
سَرَينا وَطالَبنا هاجِعٌ
وَعِندَ الصَباحِ حَمِدنا السُرى
بَنو آدَمٍ يَطلُبونَ الثَراءَ
عِندَ الثُرَيّا وَعِندَ الثَرى
فَتىً زارِعٌ وَفَتىً دارِعٌ
كِلا الرَجُلَينِ غَدا فَاِمتَرى
فَهَذا بِعَينٍ وَزايٍ يَروحُ
وَذاكَ يَؤوبُ بِضادِ وَرا
وَعامِلُ قوتٍ ذَرا حَبَّهُ
وَخِدنُ رِكازٍ ضَحا فَاِذَّرى
وَكورُكَ فَوقَ طَويلِ المَطا
وَسَرجُكَ فَوقَ شَديدِ القَرا
وَتَجري دَفارِ بِها جَدَّها
بِمِثلِ الظَلامِ إِذا ما جَرى
كَأَنَّ بِضاقَ الدَبى فَوقَها
إِذا وَقَدَت في الأُنوفِ البُرى
وَذَلِكَ مِن حَرِّ أَنفاسِها
يُضاعِفُهُ حَرُّ يَومٍ جَرى
تَلومُ عَلى أُمِّ دَفرٍ أَخاكَ
وَراءَكَ إِن هَوىً قَد وَرى
عَهِدتُكَ تُشبِهُ سيدَ الضَرّاءِ
وَلَستَ مُشابِهَ لَيثِ الشَرى
تَدِبُّ فَإِن وَجَدتَ خِلسَةً
فَيا لِلسُلَيكِ أَو الشَنفَرى
هُوَ الشَرُّ قَد عَمَّ في العالَمينَ
أَهلَ الوُهودِ وَأَهلَ الذُرى
لِيَفتَنَّ في صَمتِهِ ناسِكٌ
إِذا اِفتَنَّ فيما يَقولُ الوَرى
فَكَنَّوا صَبوحِيَّةَ الشَربِ أُمَّ
لَيلى وَمَكَّةَ أُمَّ القُرى
وَقالوا بَدا المُشتَري في الظَلامِ
فَيا لَيتَ شِعرِيَ ماذا اِشتَرى
وَتَرجو الرِباحَ وَأَينَ الرِباحُ
وَنَعتُكَ في نَفسِكَ الخَيسَرا
عَذيرِيَ مِن مارِدٍ فاجِرٍ
تَقَرَّأَ وَالمُختَزَياتِ اِقتَرى
فَهَوِّن عَلَيكَ لِقاءَ المَنونِ
وَقُل حينَ تَطرِقُ أَطرُق كَرا
وَنادِ إِذا أَوعَدتُكَ اِعتَري
فَصَبراً عَلى الحُكمِ لَمّا اِعتَرى
وَنَفسي تُرَجّي كَإِحدى النُفوسِ
وَتَذري النَوائِبُ سَكنَ الذُرى
وَكَم نَزَلَ القَيلُ عَن مِنبَرٍ
فَعادَ إِلى عُنصُرٍ في الثَرى
وَأُخرِجَ عَن مُلكِهِ عارِياً
وَخَلَّفَ مَملَكَةً بِالعَرا
إِذا الضَيفُ جاءَكَ فَاِبسِم لَهُ
وَقَرِّب إِلَيهِ وَشيكَ القِرى
وَلا تَحقِر المُزدَرى في العُيونِ
فَكَم نَفَعَ الهَيِّنُ المُزدَرى
وَلا تَحمِلُ البُزلُ تِلكَ الوُسوقَ
إِلاّ بِأَزرارِها وَالعُرا
أَجَل خَزَرَتنِيَ وَثّابَةٌ
سِواها الَّتي مَشَت الخَيزَرى
فَإِنَّ سُراءَ اللَيالي رَمى
أَوانَ شَبيبَتِنا فَاِنسَرى
وَنَومِيَ مَوتٌ قَريبُ النُشورِ
وَمَوتِيَ نَومٌ طَويلُ الكَرى
نُؤَمِّلُ خالِقَنا إِنَّنا
صُرَينا لِنَشرَبَ ذاكَ الصَرا
سَواءٌ عَلَيَّ إِذا ما هَلَكتُ
مَن شادَ مَكرُمَتي أَو زَرى
فَأَودى فُلانٌ بِسُقمٍ أَضَرَّ
وَأَدوى فُلانٌ بِعِرقٍ ضَرا
أَبِا لِنَبلِ أُدرَكَ أَم بِالرِماحِ
بَينَ أَسِنَّتِها وَالسَرا
فَهَل قامَ مِن جَدَثٍ مَيِّتٌ
فَيُخبِرَ عَن مَسمَعٍ أَو مَرى
وَلَو هَبَّ صَدَّقَهُ مَعشَرٌ
وَقَالَ أُناسٌ طَغى وَاِفتَرى
وَلَم يَقرِ في الحَوضِ راعي السَوامِ
إِلّا لِيورِدَهُ ما قَرى
أَفِرُّ وَما فَرَأٌ نافِرٌ
بِمُعتَصِمٍ مِن قَضاءٍ فَرا
أَحِنُّ إِلى أَمَلٍ فاتَني
وَما لِلشَبوبِ وَعَيشِ الفِرى
مَتّى قَرقَرَ الهاتِفُ العِكرِمِيُّ
هَيَّجَ صَبّاً إِلى قَرقَرى
وَقَد يَفسُدُ الفِكرُ في حالَةٍ
فَيوهِمُكَ الدُرَّ قَطرُ السُرى
سَقاكَ المُنى فَتَمَنَّيتُها
وَصاغَ لَكَ الطَيفَ حَتّى اِنبَرى
فَلا تَدنُ مِن جاهِلٍ آهِلٍ
لَو اِنتُزِعَت خُمسُهُ ما دَرى
أَبى سَيفُهُ قَتلَ أَعدائِهِ
وَسافَ وَليدَتَهُ أَو هَرا
وَتَختَلِفُ الإِنسُ في شَأنِها
وَأَبعِد بِمَن باعَ مِمَّن شَرى
مُغَنِّيَةٌ أُعطِيَت مُرغِباً
فَغَنَّت وَنائِحَةٌ تُكتَرى
وَهاوٍ لِيُخرِجَ ماءَ القَليبِ
وَراقٍ لِيَجنِيَ ثَولاً أَرى
فَإِن نالَ شَهداً فَأَيسِر بِهِ
عَلى أَنَّهُ بِسُقوطٍ حَرا
نَزولُ كَما زالَ أَجدادُنا
وَيَبقى الزَمانُ عَلى ما نَرى
نَهارٌ يُضيءُ وَلَيلٌ يَجيءُ
وَنَجمٌ يَغورُ وَنَجمٌ يُرى
ابو علاء المعري
الحمدان
08-06-2024, 06:11 PM
أَقيمي لا أَعَدُّ الحَجَّ فَرضاً
عَلى عُجُزِ النِساءِ وَلا العَذارى
فَفي بَطحاءِ مَكَّةَ سِرُّ قَومٍ
وَلَيسوا بِالحُماةِ وَلا الغَيارى
وَإِنَّ رِجالَ شَيبَةَ سادِنيها
إِذا راحَت لِكَعبَتِها الجِمارا
قِيامٌ يَدفَعونَ الوَفدَ شَفعاً
إِلى البَيتِ الحَرامِ وَهُم سُكارى
إِذا أَخَذوا الزَوائِفَ أَولَجوهُم
وَلَو كانوا اليَهودَ أَو النَصارى
مَتى آداكِ خَيرٌ فَاِفعَليهِ
وَقولي إِن دَعاكِ البِرُّ آرا
فَلَو قيلَ الغُواةُ عَرَفتِ كَشفي
مِنَ الكَذِب المُمَوَّهِ ما تَوارى
وَلا تَثِقي بِما صَنَعوا وَصاغوا
فَقَد جاءَت خُيولُهُمُ تَبارى
جَرَت زَمَناً وَتَسكُنُ بَعدَ حينٍ
وَأَقضِيَةُ المُهَيمِنِ لا تُجارى
لَعَلَّ قِرانَ هَذا النَجمِ يَثني
إِلى طُرُقِ الهُدى أُمَماً حَيارى
فَقَد أَودى بِهِم سَغَبٌ وَظِمءٌ
وَأَينُقُهُم بِمَتلَفَةٍ حَسارى
وَما أَدري أَمَن فَوقَ المَهارى
أَلَبُّ إِذا نَظَرتُ أَمِ المَهارى
أَتَتهُم دَولَةٌ قَهَرَت وَعَزَّت
فَباتوا في ضَلالَتِها أُسارى
وَظَنّوا الطُهرَ مُتَّصِلاً بِقَومٍ
وَأُقسِمُ أَنَّهُم غَيرُ الطَهارى
وَما كَرِيَت عُيونُ الناسِ جَمعاً
وَلَكِن في دُجُنَّتِها تَكارى
لَهُم كَلِمٌ تُخالِفُ ما أَجَنّوا
صُدورَهُمُ بِصِحَّتِهِ تَمارى
ابو العلاء المعري
الحمدان
08-06-2024, 06:11 PM
قَضى اللَهُ أَنَّ الآدَمِيَّ مُعَذَّبٌ
إِلى أَن يَقولَ العالِمونَ بِهِ قَضى
فَهَنِّئ وُلاةَ المَيتِ يَومَ رَحيلِهِ
أَصابوا تُراثاً وَاِستَراحَ الَّذي مَضى
ابو العلاء المعري
الحمدان
08-06-2024, 06:11 PM
اِنفَرَدَ اللَهُ بِسُلطانِهِ
فَما لَهُ في كُلِّ حالٍ كِفاء
ما خَفِيَت قُدرَتُهُ عَنكُمُ
وَهَل لَها عَن ذي رَشادٍ خَفاء
إِن ظَهَرَت نارٌ كَما خَبَّروا
في كُلِّ أَرضٍ فَعَلَينا العَفاء
تَهوي الثُرَيّا وَيَلينُ الصَفا
مِن قَبلِ أَن يوجَدَ أَهلُ الصَفاء
قَد فُقِدَ الصِدقُ وَماتَ الهُدى
وَاِستُحسِنَ الغَدرُ وَقَلَّ الوَفاء
وَاِستَشعَرَ العاقِلُ في سُقمِهِ
أَنَّ الرَدى مِمّا عَناهُ الشِفاء
وَاِعتَرَفَ الشَيخُ بِأَبنائِهِ
وَكُلُّهُم يَنذِرُ مِنهُ اِنتِفاء
رَبَّهُمُ بِالرِفقِ حَتّى إِذا
شَبّوا عَنا الوالِدَ مِنهُم جَفاء
وَالدَهرُ يَشتَفُّ أَخِلّاءَهُ
كَأَنَّما ذَلِكَ مِنهُ اِشتِفاء
ابو العلاء المعري
الحمدان
08-06-2024, 06:11 PM
تَقواكَ زادٌ فَاِعتَقِد أَنَّهُ
أَفضَلُ ما أَودَعتَهُ في السَقاء
آهٍ غَداً مِن عَرَقٍ نازِلٍ
وَمُهجَةٍ مولَعَةٍ بِاِرتِقاء
ثَوبِيَ مُحتاجٌ إِلى غاسِلٍ
وَلَيتَ قَلبي مِثلَهُ في النَقاء
مَوتٌ يَسيرٌ مَعهُ رَحمَةٌ
خَيرٌ مِنَ اليُسرِ وَطولِ البَقاءِ
وَقَد بَلَونا العَيشَ أَطوارَهُ
فَما وَجَدنا فيهِ غَيرَ الشَقاء
تَقَدَّمَ الناسُ فَيا شَوقَنا
إِلى اِتِّباعِ الأَهلِ وَالأَصدِقاء
ما أَطيَبَ المَوتَ لِشُرّابِهِ
إِن صَحَّ لِلأَمواتِ وَشكُ اِلتِقاء
ابو العلاء المعري
الحمدان
08-06-2024, 06:12 PM
ما خَصَّ مِصراً وَبَأٌ وَحدَها
بَل كائِنٌ في كُلِّ أَرضٍ وَبَأ
أَنبَأَنا اللُبُّ بِلُقيا الرَدى
فَالغَوثُ مِن صِحَّةِ ذاكَ النَبَأ
هَل فارِسٌ وَالرومُ وَالتُركُ أَو
رَبيعَةٌ أَو مُضَرٌّ أَو سَبَأ
ناجِيَةٌ في عِزِّ أَملاكِها
أَن يُظهِرَ الدَهرُ لَها ما خَبَأ
وَمِن سَجايا نَبلِهِ أَنَّها
كُلُّ قَتيلٍ قَتَلَت لَم يُبَأ
إِن سارَ أَو حَلَّ الفَتى لَم يَزَل
يَلحَظُهُ المِقدارُ بِالمَرتَبَأ
ابو العلاء المعري
الحمدان
08-06-2024, 06:12 PM
الساعُ آنِيَةُ الحَوادِثِ ما حَوَت
لَم يَبدُ إِلّا بَعدَ كَشفِ غَطائِها
وَكَأَنَّما هَذا الزَمانُ قَصيدَةٌ
ما اِضطُرَّ شاعِرُها إِلى إيطائِها
لَيسَت لَياليهِ مُحِسَّةُ كائِنٍ
وُصِفَت بِسُرعَتِها وَلا إِبطائِها
وَالمِصرُ آنَسُ مِنهُ خَرقُ مَفازَةٍ
أَنَسَ الدَليلُ بِقافِها مَعَ طائِها
وَسِهامُ دَهرِكَ لا تَزالُ مُصيبَةً
صُرِفَت بِإِذنِ اللَهِ عَن أَخطائِها
إِنَّ المَواهِبَ كُلَّها عارِيَّةٌ
وَمِنَ السَفاهَةِ غَبطَةٌ بِعَطائِها
ابو العلاء المعري
الحمدان
08-06-2024, 06:12 PM
القَلبُ كَالماءِ وَالأَهواءُ طافِيَةٌ
عَلَيهِ مِثلَ حَبابِ الماءِ في الماءِ
مِنهُ تَنَمَّت وَيَأتي ما يُغَيِّرُها
فَيُخلِقُ العَهدَ مِن هِندٍ وَأَسماءِ
وَالقَولُ كَالخَلقِ مِن سَيءٍ وَمِن حَسَنٍ
وَالناسُ كَالدَهرِ مِن نورٍ وَظَلماءِ
يُقالُ إِنَّ زَماناً يَستَقيدُ لَهُم
حَتّى يُبَدِّلَ مِن بُؤسٍ بِنَعماءِ
وَيوجَدُ الصَقرُ في الدَرماءِ مُعتَقِداً
رَأيَ اِمرِىءِ القَيسِ في عَمرو بنِ دَرماءِ
وَلَستُ أَحسِبُ هَذا كائِناً أَبَداً
فَاِبغِ الوُرودَ لِنَفسٍ ذاتَ أَظماءِ
ابو العلاء المعري
الحمدان
08-06-2024, 06:12 PM
أَوصَيتُ نَفسي وَعَن وُدٍّ نَصَحتُ لَها
فَما أَجابَت إِلى نُصحي وَإِيصائي
وَالرَملُ يُشبِهُ في أَعدادِهِ خَطَئي
فَما أَهُمُّ لَهُ يَوماً بِإِحصاءِ
وَالرِزقُ يَأتي وَلَم تُبسَط إِلَيهِ يَدي
سِيّانِ في ذاكَ إِدنائي وَإِقصائي
لَو أَنَّهُ في الثُرَيّا وَالسِماكِ أَو الشِع
رى العَبورِ أَو الشِعرى الغَميصاءِ
ابو العلاء المعري
الحمدان
08-06-2024, 06:14 PM
إِذا صَاحَبتَ في أَيّامِ بُؤسٍ
فَلا تَنسَ المَوَدَّةَ في الرَخاءِ
وَمَن يُعدِم أَخوهُ عَلى غِناهُ
فَما أَدّى الحَقيقَةَ في الإِخاءِ
وَمَن جَعَلَ السَخاءَ لِأَقرَبيهِ
فَلَيسَ بِعارِفٍ طُرُقَ السَخاءِ
ابو العلاء المعري
الحمدان
08-06-2024, 06:14 PM
إِذا كانَ عِلمُ الناسِ لَيسَ بِنافِعٍ
وَلا دافِعٍ فَالخُسرُ لِلعُلَماءِ
قَضى اللَهُ فينا بِالَّذي هُوَ كائِنٌ
فَتَمَّ وَضاعَت حِكمَةُ الحُكَماءِ
وَهَل يَأبَقُ الإِنسانُ مِن مُلكِ رَبِّهِ
فَيَخرُجَ مِن أَرضٍ لَهُ وَسَماءِ
سَنَتبَعُ آثارَ الَّذينَ تَحَمَّلوا
عَلى ساقَةٍ مِن أَعبُدٍ وَإِماءِ
لَقَد طالَ في هَذا الأَنامُ تَعَجُّبي
فَيا لِرَواءٍ قوبِلوا بِظِماءِ
أُرامي فَتُشويَ مَن أُعاديهِ أَسهُمي
وَما صافَ عَنّي سَهمُهُ بِرِماءِ
وَهَل أَعظُمٌ إِلّا غُصونٌ وَريقَةٌ
وَهَل ماؤُها إِلّا جَنِيُّ دِماءِ
وَقَد بانَ أَنَّ النَحسَ لَيسَ بِغافِلٍ
لَهُ عَمَلٌ في أَنجُمِ الفُهَماءِ
وَمَن كانَ ذا جودٍ وَلَيسَ بِمُكثِرٍ
فَلَيسَ بِمَحسوبٍ مِنَ الكُرَماءِ
نَهابُ أُموراً ثُمَّ نَركَبُ هَولُها
عَلى عَنَتٍ مِن صاغِرين قِماءِ
أَفيقوا أَفيقوا يا غُواةُ فَإِنَّما
دِيانَتَكُم مَكرٌ مِنَ القُدَماءِ
أَرادوا بِها جَمعَ الحُطامِ فَأَدرَكوا
وَبادوا وَماتَت سُنَّةُ اللُؤَماءِ
يَقولونَ إِنَّ الدَهرَ قَد حانَ مَوتُهُ
وَلَم يَبقَ في الأَيّامِ غَيرُ ذَماءِ
وَقَد كَذَبوا ما يَعرِفونَ اِنقِضاءَهُ
فَلا تَسمَعوا مِن كاذِبِ الزُعَماءِ
وَكَيفَ أُقَضّي ساعَةً بِمَسَرَّةٍ
وَأَعلَمُ أَنَّ المَوتَ مِن غُرَمائي
خُذوا حَذَراً مِن أَقرَبينَ وَجانِبٍ
وَلا تَذهَلوا عَن سيرَةِ الحُزماءِ
ابو العلاء المعري
الحمدان
08-06-2024, 06:14 PM
تَوَحَّد فَإِنَّ اللَهَ رَبَّكَ واحِدٌ
وَلا تَرغَبَن في عِشرَةِ الرُؤَساءِ
يُقِلُّ الأَذى وَالعَيبَ في ساحَةِ الفَتى
وَإِن هُوَ أَكدى قِلَّةُ الجُلَساءِ
فَأُفٍّ لِعَصرَيهِم نَهارٍ وَحِندِسٍ
وَجِنسَي رِجالٍ مِنهُمُ وَنِساءِ
وَلَيتَ وَليداً ماتَ ساعَةَ وَضعِهِ
وَلَم يَرتَضِع مِن أُمِّهِ النُفَساءِ
يَقولُ لَها مِن قَبلِ نُطقِ لِسانِهِ
تُفيدينَ بي أَن تُنكَبي وَتُسائي
ابو العلاء المعري
الحمدان
08-06-2024, 06:14 PM
قَد نالَ خَيراً في المَعاشِرِ ظاهِراً
مَن كانَ تَحتَ لِسانِهِ مَخبوءا
باءَ الكَلامُ بِمَأثَمٍ وَالصَمتُ لَم
يَكُ في الأَعَمِّ بِمَأثَمٍ لِيَبوءا
إِن يَرتَفِع بَشَرٌ عَلَيكَ فَكَم غَدا
عَلَمٌ بِتابِعِ فِتنَةٍ مَربوءا
مَهلاً أَمِن وَباءٍ فَرَرتَ وَهَل تَرى
في الدَهرِ إِلّا مَنزِلاً مَوبوءا
تُسبى الكَرائِمُ وَالكُمَيتُ شَرابُها
يُلفى لِأَلأَمِ شارِبٍ مَسبوءا
حِلفُ العَباءَةِ سَوفَ يُصبِحُ مِثلَهُ
مَلِكٌ وَيُترَكُ طَيبَهُ المَعبوءا
ابو العلاء المعري
الحمدان
08-06-2024, 06:15 PM
نَرجو الحَياةَ فَإِن هَمَّت هَواجِسُنا
بِالخَيرِ قالَ رَجاءُ النَفسِ إِرجاءَ
وَما نُفيقُ مِنَ السُكرِ المُحيطِ بِنا
إِلّا إِذا قيلَ هَذا المَوتُ قَد جاءَ
ابو العلاء المعري
الحمدان
08-06-2024, 06:15 PM
رُوَيدَكَ قَد غُرِرتَ وَأَنتَ حُرٌّ
بِصاحِبِ حيلَةٍ يَعِظُ النِساءَ
يُحَرِّمُ فيكُمُ الصَهباءَ صُبحاً
وَيَشرَبُها عَلى عَمَدٍ مَساءَ
تَحَسّاها فَمِن مَزجٍ وَصِرفٍ
يَعُلُّ كَأَنَّما وَرَدَ الحِساءَ
يَقولُ لَكُم غَدَوتُ بِلا كِساءٍ
وَفي لَذَّتِها رَهَنَ الكِساءَ
إِذا فَعَلَ الفَتى ماعَنهُ يَنهى
فَمِن جِهَتَينِ لا جِهَةٍ أَساءَ
ابو العلاء المعري
الحمدان
08-06-2024, 06:15 PM
دُنياكَ ماوِيَّةٌ لَها نُوَبٌ
شَتّى سَماوِيَّةٌ وَأَنباءُ
أُفٍّ لَها جُلُّ ما يُفيدُ بِها
مَن فازَ فيها الطَعامُ وَالباءُ
جُدَّ مُقيمٌ وَخابَ ذو سَفَرٍ
كَأَنَّهُ في الهَجيرِ حِرباءُ
أَقَضِيَةٌ لا تَزالُ وارِدَةٌ
تَحارُ في كَونِها الأَلِبّاءُ
قامَ بَنو القَومِ في أَماكِنِهِم
وَغُيِّبَت في التُرابِ آباءُ
وَزالَ عِزُّ الأَميرِ وَاِفتَرَقَت
أَحباؤُهُ عَنهُ وَالأَحِبّاءُ
وَكُلَّ حينٍ حَوبٌ وَمَعصِيَةٌ
زادَتها في الذُنوبِ حَوباءُ
ابو العلاء المعري
الحمدان
08-06-2024, 06:15 PM
ما لي غَدَوتُ كَقافِ رُؤبَةٍ قُيِّدَت
في الدَهرِ لَم يُقدَر لَها إِجراؤُها
أُعلِلتُ عِلَّةَ قالَ وَهيَ قَديمَةٌ
أَعيا الأَطِبَّةَ كُلَّهُم إِبراؤُها
طالَ الثَواءُ وَقَد أَنى لِمَفاصِلي
أَن تَستَبِدَّ بِضَمِّها صَحراؤُها
فَتَرَت وَلَم تَفتُر لِشُربِ مَدامَةٍ
بَل لِلخُطوبِ يَغولُها إِسراؤُها
مَلَّ المُقامُ فَكَم أُعاشِرُ أُمَّةً
أَمَرَت بِغَيرِ صَلاحِها أُمَراؤُها
ظَلَموا الرَعيَّةَ وَاِستَجازوا كَيدَها
فَعَدَوا مَصالِحَها وَهُم أُجَراؤُها
فِرَقاً شَعَرتُ بِأَنَّها لا تَقتَني
خَيراً وَأَنَّ شِرارَها شُعَراؤُها
أَثَرَت أَحاديثَ الكِرامِ بِزَعمِها
وَأَجادَ حَبسَ أَكُفِّها إِثراؤُها
وَإِذا النُفوسُ تَجاوَزَت أَقدارَها
حَذوَ البَعوضِ تَغَيَّرَت سَجَراؤُها
كَصَحيحَةِ الأَوزانِ زادَتها القُوى
حَرفاً فَبانَ لِسامِعٍ نَكراؤُها
كَرِيَت فَسُرَّت بِالكَرى وَحَياتُها
أَكرَت فَجَرَّ نَوائِباً إِكراؤُها
سُبحانَ خالِقِكَ الَّذي قَرَّت بِهِ
غَبراءُ توقَدُ فَوقَها خَضراؤُها
هَل تَعرِفُ الحَسَدَ الجِيادُ كَغَيرِها
فَالبُهمُ تُحسَدُ بَينَها غَرّاؤُها
وَوَجَدتُ دُنيانا تُشابِهُ طامِثاً
لا تَستَقيمُ لِناكِحٍ أَقراؤُها
هُوِيَت وَلَم تُسعِف وَراحَ غَنِيُّها
تَعِباً وَفازَ بِراحَةٍ فُقَراؤُها
وَتَجادَلَت فُقَهاؤُها مِن حُبِّها
وَتَقَرَّأَت لِتَنالَها قُرّاؤُها
وَإِذا زَجَرتُ النَفسَ عَن شَغَفٍ بِها
فَكَأَنَّ زَجرَ غَويِّها إِغراؤُها
ابو العلاء المعري
الحمدان
08-06-2024, 06:15 PM
أَسَيتُ عَلى الذَوائِبِ أَن عَلاها
نَهارِيُّ القَميصِ لَهُ اِرتِقاءُ
لَعَلَّ سَوادَها دَنَسٌ عَلَيها
وَإِنقاءُ المُسِنِّ لَهُ نَقاءُ
وَدُنيانا الَّتي عُشِقَت وَأَشقَت
كَذاكَ العِشقُ مَعروفاً شَقاءُ
سَأَلناها البَقاءَ عَلى أَذاها
فَقالَت عَنكُمُ حُظِرَ البَقاءُ
بُعادٌ واقِعٌ فَمَتى التَداني
وَبَينٌ شاسِعٌ فَمَتى اللِقاءُ
وَدِرعُكَ إِن وَقَتكَ سِهامَ قَومٍ
فَما هِيَ مِن رَدى يَومٍ وِقاءُ
ولَستُ كَمَن يَقولُ بِغَيرِ عِلمٍ
سِواءٌ مِنكَ فَتكٌ وَاِتِّقاءُ
فَقَد وَجَبَت عَلَيكَ صَلاةُ ظُهرٍ
إِذا وافاكَ بِالماءِ السَقاءُ
لَقَد أَفنَت عَزائِمَكَ الدَياجي
وَأَفرادُ الكَواكِبِ أَرفِقاءُ
فَيا سِربي لِتُدرِكنا المَنايا
وَنَحنُ عَلى السَجِيَّةِ أَصدِقاءُ
أَرى جَرعَ الحَياةِ أَمَرَّ شَيءٍ
فَشاهِد صِدقَ ذَلِك إِذ تُقاءُ
ابو العلاء المعري
الحمدان
08-06-2024, 06:16 PM
أَراهُم يَضحَكونَ إِلَيَّ غِشّاً
وَتَغشاني المَشاقِصُ وَالحِظاءُ
فَلَستُ لَهُم وَإِن قَرُبوا أَليفاً
كَما لَم تَأتَلِف ذالٌ وَظاءُ
ابو العلاء المعري
الحمدان
08-06-2024, 06:16 PM
تَعالى رازِقُ الأَحياءِ طُرّاً
لَقَد وَهَتِ المُروءةُ وَالحَياءُ
وَإِنَّ المَوتَ راحَةُ هِبرِزِيٍّ
أَضَرَّ بِلُبِّهِ داءٌ عَياءُ
وَما لي لا أَكونُ وَصيَّ نَفسي
وَلا تَعصي أُمورِيَ الأَوصِياءُ
وَقَد فَتَّشتُ عَن أَصحابِ دينٍ
لَهُم نُسكٌ وَلَيسَ لَهُم رِياءُ
فَأَلفَيتُ البَهائِمَ لاعُقولٌ
تُقيمُ لَها الدَليلَ وَلا ضِياءُ
وَإِخوانَ الفَطانَةِ في اِختِيالٍ
كَأَنَّهُمُ لَقَومٍ أَنبِياءُ
فَأَمّا هَؤُلاءِ فَأَهلُ مَكرٍ
فَأَمّا الأَوَّلونَ فَأَغبِياءُ
فَإِن كانَ التُقى بَلَهاً وَعِيّاً
فَأَعيارُ المَذَلَّةِ أَتقِياءُ
وَأَرشَدُ مِنكَ أَجرَبُ تَحتَ عِبءٍ
تَهُبُّ عَلَيهِ ريحٌ جِربِياءُ
وَجَدتُ الناسُ كُلُّهُمُ فَقيرٌ
وَيُعدَمُ في الأَنامِ الأَغنِياءُ
نُحِبُّ العَيشَ بُغضاً لِلمَنايا
وَنَحنُ بِما هَوينا الأَشقِياءُ
يَموتُ المَرءُ لَيسَ لَهُ صَفيٌّ
وَقَبلَ اليَومِ عَزَّ الأَصفِياءُ
أَتَدري الشَمسُ أَنَّ لَها بَهاءً
فَتَأسَفَ أَن يُفارِقَها الأَياءُ
ابو العلاء المعري
الحمدان
08-06-2024, 06:16 PM
قَد حُجِبَ النورُ وَالضِياءُ
وَإِنَّما دينُنا رِياءُ
وَهَل يَجودُ الحَيا أُناساً
مُنطَوِياً عَنهُمُ الحَياءُ
يا عالمَ السَوءِ ما عَلِمنا
أَنَ مُصَلّيكَ أَتقِياءُ
لا يَكذِبَنَّ اِمرُؤٌ جَهولٌ
ما فيكَ لِلَّهِ أَولِياءُ
وَيا بِلاداً مَشى عَليها
أُولوا اِفتِقارٍ وَأَغنِياءُ
إِذا قَضى اللَهُ بِالمَخازِي
فَكُلُّ أَهليكِ أَشقِياءُ
كَم وَعَظَ الواعِظونَ مِنّا
وَقامَ في الأَرضِ أَنبِياءُ
فَاِنصَرَفوا وَالبَلاءُ باقٍ
وَلَم يَزُل داؤُكِ العَياءُ
حُكمٌ جَرى لِلمَليكِ فينا
وَنَحنُ في الأَصلِ أَغبِياءُ
ابو العلاء المعري
الحمدان
08-06-2024, 06:17 PM
إِن مازَتِ الناسُ أَخلاقٌ يُعاشُ بِها
فَإِنَّهُم عِندَ سوءِ الطَبعِ أَسواءُ
أَو كانَ كُلُّ بَني حَوّاءَ يُشبِهُني
فَبِئسَ ما وُلِدَت في الخَلقِ حَوّاءُ
بُعدي مِنَ الناسِ بُرءٌ مِن سَقامِهِمُ
وَقُربُهُم لِلحِجى وَالدينِ أَدواءُ
كَالبَيتِ أُفرِدَ لا ايطاءَ يُدرِكُهُ
وَلا سَنادٌ وَلا في اللَفظِ إِقواءُ
نوديتَ أَلوَيتَ فَاِنزِل لا يُرادُ أَتى
سَيري لِوى الرَملِ بَل لِلنَبتِ إِلواءُ
وَذاكَ أَنَّ سَوادَ الفَودِ غَيَّرَهُ
في غُرَّةٍ مِن بَياضِ الشَيبِ أَضواءُ
إِذا نُجومُ قَتيرٍ في الدُجى طَلَعَت
فَلِلجُفونِ مِنَ الإِشفاقِ أَنواءُ
ابو العلاء المعري
الحمدان
08-06-2024, 06:17 PM
إِنَّ الأَعِلّاءَ إِن كانوا ذَوي رَشَدٍ
بِما يُعانونَ مِن داءٍ أَطِبّاءُ
وَما شَفاكَ مِنَ الأَشياءِ تَطلُبُها
إِلّا الأَلِبّاءُ لَو تُلفى الأَلِبّاءُ
نَفِرُّ مِن شُربِ كَأسٍ وَهيَ تَتبَعُنا
كَأَنَّنا لِمَنايانا أَحِبّاءُ
ابو العلاء المعري
الحمدان
08-06-2024, 06:18 PM
يَأتي عَلى الخَلقِ إِصباحٌ وَإِمساءُ
وَكُلُّنا لِصُروفِ الدَهرِ نَسّاءُ
وَكَم مَضى هَجَرِيٌّ أَو مُشاكِلُهُ
مِنَ المَقاوِلِ سَرّوا الناسَ أَم ساءوا
تَتوى المُلوكُ وَمِصرٌ في تَغَيُّرِهِم
مِصرٌ عَلى العَهدِ وَالأَحساءُ أَحساءُ
خَسِستِ يا أُمَّنا الدُنيا فَأُفِّ لَنا
بَنو الخَسيسَةِأَوباشٌ أَخِسّاءُ
وَقَد نَطَقتِ بِأَصنافِ العِظاتِ لَنا
وَأَنتِ فيما يَظِنُّ القَومُ خَرساءُ
وَمن لِصَخر بنِ عَمرٍو أَنَّ جُثَّتَهُ
صَخرٌ وَخَنساءَهُ في السِربِ خَنساءُ
يَموجُ بَحرُكِ وَالأَهواءُ غالِبَةٌ
لِراكِبَيهِ فَهَل لِلسُفنِ إِرساءُ
إِذا تَعَطَّفتِ يَوماً كُنتِ قاسِيَةً
وَإِن نَظَرتِ بِعَينٍ فَهيَ شَوساءُ
إِنسٌ عَلى الأَرضِ تُدمي هامَها إِحَنٌ
مِنها إِذا دَمِيَت لِلوَحشِ أَنساءُ
فَلا تَغُرَّنكَ شُمٌّ مِن جِبالِهِمُ
وَعِزَّةٌ في زَمانِ المُلكِ قَعساءُ
نالوا قَليلاً مِنَ اللَذّاتِ وَاِرتَحَلوا
بِرَغمِهِم فَإِذا النِعماءُ بَأساءُ
ابو العلاء المعري
الحمدان
08-06-2024, 06:18 PM
بَني الدَهرِ مَهلاً إِن ذَمَمتُ فِعالَكُم
فَإِنّي بِنَفسي لا مَحالَةَ أَبدَأُ
مَتى يَتَقَضّى الوَقتُ وَاللَهُ قادِرٌ
فَنَسكُنُ في هَذا التُرابِ وَنَهدَأُ
تَجاوَرَ هَذا الجِسمُ وَالرَوحُ بُرهَةٌ
فَما بَرِحَت تَأَذى بِذاكَ وَتَصدَأُ
ابو العلاء المعري
الحمدان
08-06-2024, 06:18 PM
سَأَلتُ رِجالاً عَن مَعَدٍّ وَرَهطِهِ
وَعَن سَبَإٍ ما كانَ يَسبي وَيَسبَأُ
فَقالوا هِيَ الأَيّامُ لَم يُخلِ صَرفُها
مَليكاً يُفَدّى أَو تَقِيّاً يُنَبَّأُ
أَرى فَلَكاً مازالَ بِالخَلقِ دائِراً
لَهُ خَبَرٌ عَنّا يُصانُ ويُخبَأُ
فَلا تَطلُبِ الدُنِيا وَإِن كُنتَ ناشِئاً
فَإِنّيَ عَنها بِالأَخلّاءِ أَربَأُ
وَما نُوَبُ الأَيّامِ إِلّا كَتائِبٌ
تُبَثُ سَرايا أَو جُيوشٌ تُعَبَّأُ
ابو العلاء المعري
الحمدان
08-06-2024, 06:18 PM
أُرائيكَ فَليَغفِر لِيَ اللَهُ زَلَّتي
بِذاكَ وَدينُ العالَمينَ رِياءُ
وَقَد يُخلِفُ الإِنسانُ ظَنَّ عَشيرِهِ
وَإِن راقَ مِنهُ مَنظَرٌ وَرُواءُ
إِذا قَومُنا لَم يَعبُدوا اللَهَ وَحدَهُ
بِنُصحٍ فَإِنّا مِنهُمُ بُرَآءُ
ابو العلاء المعري
الحمدان
08-06-2024, 06:19 PM
تُكَرَّمُ أَوصالُ الفَتى بَعدَ مَوتِهِ
وَهُنَّ إِذا طالَ الزَمانُ هَباءُ
وَأَرواحُنا كَالراحِ إِن طالَ حَبسُها
فَلا بُدَّ يَوماً أَن تَكونَ سِباءُ
يُعَيِّرُنا لَفظَ المَعَرَّةِ أَنَّها
مِنَ العُرِّ قَومٌ في العُلا غُرَباءُ
فَإِنَّ إِباءَ اللَيثِ ماحَلَّ أَنفُهُ
بِأَنَّ مَحَلّاتِ اللُيوثِ إِباءُ
وَهَل لَحِقَ التَثريبُ سُكّانَ يَثرِبٍ
مِنَ الناسِ لا بَل في الرِجالِ غَباءُ
هُمُ ضارَبوا أَولادَ فِهرٍ وَجالَدوا
عَلى الدينِ إِذا وَشّى المُلوكَ عَباءُ
ضَراباً يُطَيِّرُ الفَرخَ عَن وَكرِ أُمِّهِ
وَيَترُكُ دِرعَ المَرءِ وَهيَ قَباءُ
وَذو نَجَبٍ إِن كانَ ما قيلَ صادِقاً
فَما فيهِ إِلّا مَعشَرٌ نُجَباءُ
هَل الدينُ إِلّا كاعِبٌ دونَ وَصلِها
حِجابٌ وَمَهرٌ مُعوزٌ وَحَياءُ
وَما قَبِلَت نَفسي مِنَ الخَيرِ لَفظَةً
وَإِن طالَ ما فاهَت بِهِ الخُطَباءُ
تَفَزَّعُ أَعرابِيَّةٌ إِن جَرَت لَها
نَواعِبُ يَستَعرِضنَها وَظِباءُ
وَما الأُرَبى لِلحَيِّ إِلّا مُسِفَّةٌ
عَلى أَنَّهُم في أَمرِهِم أُرَباءُ
تَعادَت بَنو قَيسِ بنِ عَيلانَ بِالغِنى
فَثابوا كَأَنَّ العَسجَدَ الثُؤَباءُ
وَلَولا القَضاءُ الحَتمُ أُخَبِيَ واقِدٌ
وَلَم يُبنَ حَولَ الرافِدَينَ خِباءُ
وَعادوا إِلى ماكانَ إِن جادَ عارِضٌ
رَأَوا أَنَّ رَعياً في البِلادِ رِباءُ
يُبيئونَ قَتلاهُم بِأَكثَرَ مِنهُم
وَإِن قَتَلوا حُرّاً فَلَيسَ يُباءُ
ابو العلاء المعري
الحمدان
08-06-2024, 06:19 PM
أُلو الفَضلِ في أَوطانِهِم غُرَباءُ
تَشِذُّ وَتَنأى عَنهُمُ القُرَباءُ
فَما سَبَأوا الراحَ الكُمَيتَ لِلَذَّةٍ
وَلا كانَ مِنهُم لِلخِرادِ سِباءُ
وَحَسبُ الفَتى مِن ذِلَّةِ العَيشِ
أَنَّهُ يَروحُ بِأَدنى القَوتِ وَهوَ حِباءُ
إِذا ما خَبَت نارُ الشَبيبَةِ ساءَني
وَلَو نُصَّ لي بَينَ النُجومِ خِباءُ
أُرابيكَ في الوِدِّ الَّذي قَد بَذَلتَهُ
فَأُضعِفُ إِن أَجدى إِلَيكَ رِباءُ
وَما بَعدَ مَرَ الخَمسَ عَشرَةَ مِن صِباً
وَلا بَعدَ مَرِّ الأَربَعينَ صَباءُ
أَجِدَّكَ لاتَرضى العَباءَةَ مَلبَساً
وَلَو بانَ ما تُسديهِ قيلَ عَباءُ
وَفي هَذِهِ الأَرضِ الرَكودِ مَنابِتٌ
فَمِنها عَلَندى ساطِعٌ وَكِباءُ
تَواصَلَ حَبلُ النَسلِ ما بَينَ آدَمٍ
وَبَيني وَلَم يوصِلَ بِلامِيَ باءُ
تَثاءَبَ عَمروٌ إِذ تَثاءَبَ خالِدٌ
بِعَدوى فَما أَعَدَتنِيَ الثُؤباءُ
وَزَهَّدَني في الخَلقِ مَعرِفَتي بِهِم
وَعِلمي بِأَنَّ العالَمينَ هَباءُ
وَكَيفَ تَلافِيَّ الَّذي فاتَ بَعدَما
تَلَفَّعَ نيرانَ الحَريقِ أَباءُ
إِذا نَزَلَ المِقدارُ لَم يَكُ لِلقَطا
نُهوضٌ وَلا لِلمُخَدِراتِ إِباءُ
وَقَد نُطِحَت بِالجَيشِ رَضوى فَلَم تُبَل
وَلُزَّ بِراياتِ الخَميسِ قُباءُ
عَلى الوُلدِ يَجني والِدٌ وَلَو أَنَّهُم
وُلاةٌ عَلى أَمصارِهِم خُطَباءُ
وَزادَكَ بُعداً مِن بَنيكَ وَزادَهُم
عَلَيكَ حُقوداً أَنَّهُم نُجَباءُ
يَرَونَ أَباً أَلقاهُمُ في مُؤَرَّبٍ
مِنَ العَقدِ ضَلَّت حَلَّهُ الأُرَباءُ
وَما أَدَبَ الأَقوامِ في كُلِّ بَلدَةٍ
إِلى المَينِ إِلّا مَعشَرٌ أُدَباءُ
تَتَبُّعُنا في كُلِّ نَقبٍ وَمَخرَمٍ
مَنايا لَها مِن جِنسِها نُقَباءُ
إِذا خافَت الأُسدُ الخِماصُ مِنَ الظُبى
فَكَيفَ تَعَدّى حوكمَهُنَّ ظِباءُ
ابو العلاء المعري
العصر العباسي
الحمدان
08-06-2024, 06:44 PM
إِنْ لَمْ تَكُنْ لِيْ فِيْ الحَيَاةِ مُرَافِقًا
فَأَنَا الذِيْ فِيْ المَوتِ قَدْ آتِي مْعَكْ
يَا مَنْ بَذَلْتُ لَهُ مَطَارِفَ مُهجَتِيْ
جِئْتُ مِنْ أَقْصَى الشَّتَاتِ لِأَجْمَعَكْ
لا تَرْحَلَنَّ ولا تَذَرْ قَلْبِي مَعِي
أَخْشَى عَلَيْكَ بِأَن يَئِنًّ فَيُوجِعَكْ
......
الحمدان
08-06-2024, 06:45 PM
ليتَ الذي أشتاقُهُ يَشتاقُني
ليتَ القُلوبَ القاسِياتِ تُعارُ
أحيا على ذِكْراه في عينِي لها
نورٌ وفي القلبٍ المتيم نارُ
......
الحمدان
08-06-2024, 06:46 PM
دَاوَيتُ بِالأَمْسِ أَروَاحَاً مَجرُحَةً
وَالْيَومَ تَرجُو رُوحِي مَنيُدَاوِيهَا
وأَمْضِي وَحِيداً في طَرَائِقِ غُرْبَتَي
فَدَرْبِي طَوِيلٌ والدّرُوبُ عَوَاثِرُ
أُصَبِّرُ نَفْسِي والنُفُوسُ وَدَائِعٌ
وأَذْكُرُ صَحْبِي والصِّحَابُ نَوَادِرُ
......
الحمدان
08-06-2024, 06:49 PM
اِستَودِعُ اللَهَ فِي بَغدادَ لِي قَمَراً
بِالكَرخِ مِن فَلَكِ الأَزرارَ مَطلَعُهُ
وَدَّعتُهُ وَبوُدّي لَو يُوَدِّعُنِي
صَفوَ الحَياةِ وَأَنّي لا أَودعُهُ
وَكَم تَشبَّثَ بي يَومَ الرَحيلِ ضُحَىً
وَأَدمُعِي مُستَهِلّاتٍ وَأَدمُعُهُ
لا أَكُذب اللَهَ ثوبُ الصَبرِ مُنخَرقٌ
عَنّي بِفُرقَتِهِ لَكِن أَرَقِّعُهُ
إِنّي أَوَسِّعُ عُذري فِي جَنايَتِهِ
بِالبينِ عِنهُ وَقلبي لا يُوَسِّعُهُ
رُزِقتُ مُلكاً فَلَم أَحسِن سِياسَتَهُ
وَكُلُّ مَن لا يُسُوسُ المُلكَ يَخلَعُهُ
......
الحمدان
08-06-2024, 06:53 PM
دَعِ الاعْتِرَاضَ فَمَا الأمْرُ لَكْ
وَلَا الحُكْمُ فِي حَرَكَاتِ الفَلَكْ
وَلَا تَسْألِ اللهَ عَنْ فِعْلِهِ
فَمَنْ خَاضَ لُجَّةَ بَحْرٍ هَلَكْ
إلَيْهِ تَصِيرُ أُمُورُ العِبَادِ
دَعِ الاعْتِرَاضَ فَمَا أجْهَلَكْ
......
الحمدان
08-06-2024, 06:54 PM
إليك مدَدت الكف في كل شدّةٍ
ومنك وجدتُ اللطف في كل نائبِ
وأنتَ ملاذي والأنامُ بمعزلٍ
وهل مستحيلٌ في الرجاءِ كواجِبِ
فحقق رجائي فيك يا رب واكفِني
شماتَ عدوٍّ أو إسائةَ صاحبِ
......
الحمدان
08-06-2024, 07:18 PM
أُغازلُها و من غزلي أغارُ
فكيف اذا يعانقها الخِمارُ
أغارُ اذا يَمسُّ الشالُ شعراً
وأُصعَقُ حين يحضنها الإزارُ
و إن مسَّ العينين قليلُ كحل
سيُضرَمُ في الحشا وتشبُّ نارُ
و إنْ رقد العبير على خدودٍ
أُقاتلهُ ! ....... فإن الامرَ ثارُ
لها نظرٌ كسهم الصيد وقعْاً
فمالي حيلةٌ إلّا الفرارُ
و إلّا فالمَنيَّةُ لا محالٌ
وهل في الموت في عينيكِ عارٌ
......
الحمدان
08-06-2024, 07:23 PM
رفَعتُ للهِ في الآفاقِ أُمنِيةً
حاشاهُ يحرِمُ قلبي ما تمنّاهُ
سأُحسِنُ الظنّ مهما طالَ بي أملي
كم مُستحيلٍ بحُسنِ الظنّ نِلناهُ
......
الحمدان
08-06-2024, 07:25 PM
من أحسن الظن بالرحمن في سعة
والله الخير في الدارين أدناه
كنا نريد وقد راحت إرادتنا
إرادة الله تفني ما أردناه
......
الحمدان
08-06-2024, 07:26 PM
ياظالماً جار فيمن لا نصير له
إلا المُهيمنُ لا تغترَّ بالمهَلِ
غداً تموتُ ويقضي اللهُ بينكما
بحِكمةِ الحقِّ لا بالزيغِ والحيلِ
......
الحمدان
08-06-2024, 07:32 PM
يا نفسُ عودي للحياةِ وأمّلي
فالخيرُ آتٍ في الصباحِ المُقبلِ
لا تجزعي مما أصابكِ وارفعي
للهِ في الآفاقِ كفّ مُؤَمِّلِ
وتوشّحي ثوبَ السعادةِ والرضا
وتلحّفي بالصبرِ كي لا تذبُلي
فلَعَلَّ أوجاعَ السنينِ ستنْتَهِي
وعَسى الأَسى يوماً يزولُ وينْجَلِي
......
الحمدان
08-06-2024, 07:33 PM
أرواحُنا عندَ الإلهِ وديعةٌ
حاشاهُ يتركُها لتشقى وحدَها
سيُغيثُها يومًا ويجبرُ كسْرها
حتى وإنْ طالَ البلاءُ وهدّها
......
الحمدان
08-06-2024, 07:33 PM
وإن ضاقت عليّ الأرضُ يومًا
وصـرتُ مُقيّـدًا فيـها بِهَمّي
سأُغمِضُ جفنَ عيني في هناءٍ
وأنسى الهمّ في أحضانِ أُمي
......
الحمدان
08-06-2024, 07:34 PM
المرء حيث يجعل نفسه، إن رفعها ارتفعت وإن قصّر بها اتضعت
يقول الشاعر :
وما المرءُ إلّا حيث يجعل نفسه
ففي صالح الأخلاق نفسكَ فاجعلِ
الحمدان
08-06-2024, 07:36 PM
أشباه ونظائر:
قال أبو فراس الحمداني:
سيذكُرُني قومي إذا جَدّ جدُّهم
وفي الليلةِ الظَّلماءِ يُفتَقَدُ البدرُ
وقال تأبّط شرًّا:
لَتقرعَنَّ عليَّ السِّنَّ مِن ندمٍ
إذا تذكّرتِ يومًا بعضَ أخلاقي
وقال آخر:
ستذكُرُني إذا جرّبتَ غيري
وتندمُ حين لا تُغني الندامَهْ
وقال آخر:
ستذكُرُني إذا جربتَ غيري
وتبكي فُرقتي زمنًا طويلا.
ٖ
الحمدان
08-06-2024, 07:37 PM
يامُضرم الشوق إن الشوق أضناني
يامُدمي القلب من طعنات أحزاني
أبيتُ وحدي في ليلٍه بلا قــــمر
يانُور بدري هل ضيعت عنوانــي
أين القميصُ لــ عين فيك باكيةً
مالي سواك إذا مالحزنُ أعماني
......
الحمدان
08-06-2024, 07:41 PM
إن تك لبنى قد أتى دون قربها
حجابٌ منيعٌ ما إليه سبيل
فإن نسيمَ الجو يجمع بيننا
ونبصرُ قرن الشمس حين تزولُ
وتجمعنا الأرض القرار وفوقنا
سماء نرى فيها النجوم تجولُ
قيس بن ذريح
الحمدان
08-06-2024, 07:42 PM
وإن ندمتُ على ما بحتهُ فلقد
أكون أكثر لو أخفيتهُ ندَما
تلومُ نفسَكَ في شيءٍ سعيتَ لهُ
أخَفُّ من لومِها إن فاتَ وانعداما
......
الحمدان
08-06-2024, 07:48 PM
من أرق قصائد بشار وأعذبها:
يا طيبَ عَبدَةَ وَيلي مِنكَ يا طيبي
قَطَّعتَ قَلبي بِشَوقٍ غَيرَ تَعتيبِ
قُل لِلَّتي نَفسُها نَفسي وَما شَعَرَت
مُنّي عَلَيَّ بِنَومٍ مِنكِ مَوهوبِ
إِنَّ الرَسولَ الَّذي أَرسَلتِ غادَرَني
بِغُلَّةٍ مِثلِ حَرِّ النارِ مَشبوبِ
وَقائِلٍ إِذ رَأى شَوقي وَصَفحَكُمُ :
دَعها فَما لَكَ مِنها غَيرُ تَنصيبِ
لا شَيءَ أَبعَدُ مِمّا لَستَ نائِلَهُ
إِنَّ البَخيلَ بَعيدٌ غَيرُ مَقروبِ
فَقُلتُ:* كَلّا سَيَجزي مَن لَهُ كَرَمٌ
شَوقاً بِشَوقٍ .. وَتَقريباً بِتَقريبِ ..
لا خَيرَ في العَيشِ إِن لَم تُقضَ حاجَتُنا
مِمّا نُحِبُّ عَلى رَغمِ الأَقاريبِ
يَزيدُ في الداءِ مَن تُقلى زِيارَتُهُ
إِذا اِلتَقَينا وَشافٍ كُلُّ مَحبوبِ
يا عَبدَ حَتّامَ لا أَلقاكِ خالِيَةً
وَلا أَنامُ لَقَد طَوَّلتِ تَعذيبي
أَهدَيتِ لي الطيبَ في رَيحانِ ساحِرَةٍ
يا عَبدَ ريقُكِ أَشهى لي مِنَ الطيبِ
أَمّا النِساءُ فَإِنّي لا أَعيجُ بِها
قَد صُمتُ عَنها بِنَحبٍ مِنكِ مَنحوبِ
أَنتِ الَّتي تَشتَفي عَيني بِرُؤيَتِها
وَهُنَّ عِندي كَماءٍ غَيرَ مَشروبِ
وَفي المُحِبّينَ صَبُّ لا شِفاءَ لَهُ
دونَ الرِضى بَينَ مَرشوفٍ وَمَصبوبِ
لا يَخرُجُ الحَمدُ مِنّي قَبلَ تَجرُبَةٍ
وَلا أَكونُ أُجاجاً بَعدَ تَجريبِ
الحمدان
08-06-2024, 07:51 PM
وماكنتُ في زيف الحياةِ بطامعٍ
وماعشتُ عمري للأنامِ ذليلا
نأيتُ بنفسي عن أمورٍ كثيرةٍ
ولم أتخذ غير الجميلِ خليلا
وعاشرتُ من عاشرتُ لينًا وعفةً
وماكنتُ إن شح الزمان بخيلا
أُحبُّ سمو النفس عن كل خسةٍ
وللخير أسعى ما أستطعت سبيلا
فلا يستقيمُ المجد دون مروءةٍ
ولا عاشقٌ للمكرمات رذيلا
......
الحمدان
08-06-2024, 07:57 PM
وَقَـد زَعَموا أَنَّ الـمُحِبَّ إِذا دَنــا
يَمَلُّ، وَأَنَّ النَأيَ يَشفي مِنَ الوَجدِ
بِـكُـلٍّ تَداوَينا فَـلَـم يُشـفَ ما بِنا
عَلى أَنَّ قُربَ الدارِ خَيرٌ مِنَ البُعدِ
......
الحمدان
08-06-2024, 07:59 PM
أشهی مِنَ النَّومِ يا أقسی من الأرَقِ
سهرتُ أقضي دُيونَ الشّوقِ في عُنُقي
كأنّني أمُّ هذا الليلِ أرضِعُهُ
سوادَ عينيَّ أو أغذوهُ مِن قَلَقي
......
الحمدان
08-06-2024, 08:00 PM
وقعُ الكلامِ على الفؤادِ ثقيلُ
مِن كلِّ مَن مِنْهُ اللسانُ طويلُ
فكِّرْ بقولِكَ لا تكن مُتعجِّلًا
إن الحماقةَ ثوبُها التَّعجيلُ
ولربما صارَ اللسانُ كخنجرٍ
قدّ سُلّ مِن غِمدٍ وصارَ يجولُ
يُدمي القلوبَ بقولهِ وبفعلهِ
يُعمي العيونَ وقَصدهُ التَكحيلُ
......
الحمدان
08-07-2024, 03:58 PM
كَأَنَّها يَومَ راحَت في مَحاسِنِها
فَاِرتَجَّ أَسفَلُها وَاِهتَزَّ أَعلاها
حَوراءُ جاءَت مِنَ الفِردَوسِ مُقبِلَةً
فَالشَمسُ طَلعَتُها وَالمِسكُ رَيّاها
مِنَ اللَواتي اِكتَسَت قَدّاً وَشَقَّ لَها
مِن ثَوبِهِ الحُسنُ سِربالاً فَرَدّاها
راحَت وَلَم تُعطِهِ بِرّاً لِلوعَتِهِ مِنها
وَلَو سَأَلَتهُ النَفسَ أَعطاها
......
الحمدان
08-07-2024, 04:00 PM
زماني كلّه غضبٌ وعتبُ
وأنت عليّ والأيّام إلبُ
وأنت وأنت دافع كلّ خطبٍ
مع الخطب الملمّ عليّ خَطبُ
إلى كم ذا العقابُ وليس جرمٌ
وكم ذا الاعتذارُ وليس ذنبُ؟
فلا تحمل على قلبٍ جريحٍ
به لحوادث الأيّام ندبُ
أمثلي تُقبل الأقوال فيهِ
ومثلُك يستمرُّ عليهِ كذبُ
......
الحمدان
08-07-2024, 06:03 PM
غَنيتَ عَنِ الوِدِّ القَديمِ غَنيتا
وَضَيَّعتَ عَهداً كانَ لي وَنَسيتا
تَجاهَلتَ عَمّا كُنتَ تُحسِنُ وَصفَهُ
وَمُتَّ عَنِ الإِحسانِ حينَ حَيِيتا
وَقَد كُنتَ بي أَيامَ ضَعفٍ مِنَ القِوى
أَبَرَّ وَأَوفى مِنكَ حينَ قَويتا
عَهِدتُكَ في غَيرِ الوِلايَةِ حافِظاً
فَأَغلَقتَ بابَ الوِدِّ حينَ وَليتا
وَمِن عَجَبِ الأَيّامِ أَن بادَ مَن يَفي
وَمَن كُنتَ تَرعاني لَهُ وَبَقيتا
غِناكَ لِمَن يَرجوكَ فَقرٌ وَفاقَةٌ
وَذُلٌّ وَيَأسٌ مِنكَ يَومَ رُجيتا
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 06:04 PM
يَقولُ أُناسٌ لَو نَعَتَّ لَنا الهَوى
وَوَاللَهِ ما أَدري لَهُم كَيفَ أَنعَتُ
سَقامٌ عَلى جِسمي كَثيرٌ مُوَسَّعٌ
وَنَومٌ عَلى عَيني قَليلٌ مُفَوَّتُ
إِذا اِشتَدَّ ما بي كانَ أَفضَلُ حيلَتي
لَهُ وَضعَ كَفّي فَوقَ خَدّي وَأَسكُتُ
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 06:04 PM
وَلي فُؤادٌ إِذا طالَ العَذابُ بِهِ
هامَ اِشتِياقاً إِلى لُقيا مُعَذِّبِهِ
يَفديكَ بِالنَفسِ صَبٌّ لَو يَكونُ لَهُ
أَعَزُّ مِن نَفسِهِ شَيءٌ فَداكَ بِهِ
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 06:04 PM
قَد شابَ رَأسي وَرَأسُ الحِرصِ لَم يَشِبِ
إِنَّ الحَريصَ عَلى الدُنيا لَفي تَعَبِ
ما لي أَراني إِذا حاوَلتُ مَنزِلَةً
فَنِلتُها طَمَحَت نَفسي إِلى رُتَبِ
لَو كانَ يَنفَعُني عِلمي وَتَجرِبَتي
لَم أَشفِ غَيظي مِنَ الدُنيا وَلا كَلَبي
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 06:05 PM
أَلَم يَكُ في وَجدي وَبَرحِ تَلَدُّدي
نِهايَةُ نَهيٍ لِلعَذولِ المُفَنِّدِ
وَأَخذُ مَشيبٍ مِن شَبابٍ أَرى بِهِ
تَقاضِيَ دَينٍ أَو تَنَجُّزَ مَوعِدِ
سَأَلتُ الغَوادي مُلحِفاً في سُؤالِها
وَناشَدتُها في سَقيِ بُرقَةِ ثَهمَدِ
مَنازِلُ ما أَبقى البِلى مِن عِراصِها
سِوى أَرسُمٍ مَعفُوَّةِ الآيِ هُمَّدِ
مَعاهِدُ مِن خَودٍ تَناصَرَ حُسنُها
تَناصُرَ ضَوءِ الكَوكَبِ المُتَوَقِّدِ
تَثَنّى عَلى لَحظِ العُيونِ إِذا مَشَت
تَثَنِّيَ غُصنِ البانَةِ المُتَأَوِّدِ
يَهونُ عَلى الحَسناءِ إِغرامُ مُغرَمٍ
بِها لَم يُهَوِّن مِنهُ إِسعادُ مُسعِدِ
وَلَو حَرِجَت مِمّا أَتَتهُ لَراعَها
مُصابُ رَمِيٍّ عَن جَوى الحُبِّ مُقصَدِ
أَرى اِبنَ نُصَيرٍ مُفضِلاً في نَوالِهِ
عَطاءَ مُعيدٍ في السَماحَةِ مُبتَدِ
غَدَونا نَذودُ الدَهرَ عَن سَيبِ كَفِّهِ
بِمَشكورِ نَيلِ الأَمسِ مُنتَظِرِ الغَدِ
يَرُدُّ الشُكوكَ المُشكِلاتِ إِذا اِلتَوَت
عَلَيهِ إِلى شَزرٍ مِنَ الرَأيِ مُحصَدِ
فَواضِلُ مِن ساعاتِ عَزمِ مُناجِزٍ
تُطَبَّقُ تَطبيقَ الحُسامِ المُهَنَّدِ
وَبادي مَواعيدٍ يَعودُ بِمِثلِها
مَتى يُصدِرِ المَوعودَ بِالنُجحِ يورِدِ
وَكافي كُفاةٍ مُستَقِلٍّ بِعِبئِهِم
مَتى يَهزِلوا في مُعظَمِ الأَمرِ يَجدُدِ
مَقاوِمُ ماتَنفَكُّ تُهدى كِفايَةً
إِلى الرُؤَساءِ مِن أَميرٍ وَسَيِّدِ
يَقولُ أَبو الجَيشِ الأَميرُ بِفَضلِها
وَيُثنى بِحُسناها الحُسَينُ بنُ أَحمَدِ
إِلَيكَ رَحَلنا العيسَ مِن أَرضِ بابِلٍ
يَجورُ بِها سَمتَ الدَبورِ وَيَهتَدي
فَكَم جَزَعَت مِن وَهدَةٍ بَعدَ وَهدَةِ
وَكَم قَطَعَت مِن فَدفَدٍ بَعدَ فَدفِ
طَلَبنَكَ مِن أُمِّ العِراقِ نَوازِعاً
بِنا وَقُصورُ الشامِ مِنكَ بِمَرصَدِ
إِلى إِرَمٍ ذاتِ العِمادِ وَإِنَّها
لَمَوضِعُ قَصدي موجِفاً وَتَعَمُّدي
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 06:05 PM
عادَ لي مِن ذِكرِها نَصَبٌ
فَدُموعُ العَينِ تَنسَكِبُ
وَكَذاكَ الحُبُّ صاحِبُهُ
يَعتَريهِ الهَمُّ وَالوَصَبُ
خَيرُ مَن يُرجى وَمَن يَهَبُ
مَلِكٌ دانَت لَهُ العَرَبُ
وَحَقيقٌ أَن يُدانَ لَهُ
مَن أَبوهُ لِلنَبِيِّ أَبُ
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 06:05 PM
مَن كانَ يَزعُمُ أَن سَيَكتُمُ حُبَّهُ
أَو يَستَطيعُ السَترُ فَهوَ كَذوبُ
الحُبُّ أَغلَبُ لِلرِجالِ بِقَهرِهِ
مِن أَن يُرى لِلسِرِّ فيهِ نَصيبُ
وَإِذا بَدا سِرُّ اللَبيبِ فَإِنَّهُ
لَم يَبدُ إِلّا وَالفَتى مَغلوبُ
إِنّي لَأَحسُدُ ذا هَوىً مُستَحفِظاً
لَم تَتَّهِمهُ أَعيُنٌ وَقُلوبُ
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 06:06 PM
بَينا الفَتى مَرِحُ الخُطى فَرِحاً بِها
يُسقى لَهُ إِذ قيلَ قَد مَرِضَ الفَتى
إِذ قيلَ باتَ بِلَيلَةٍ ما باتَها
إِذ قيلَ أَصبَحَ مُثخَناً ما يُرتَجى
إِذ قيلَ أَمسى شاخِصاً وَمُوَجَّهاً
وَمُعَلَّلاً إِذ قيلَ حَلَّ بِهِ الرَدى
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 06:06 PM
نَموتُ وَنُنسى غَيرَ أَنَّ ذُنوبَنا
وَإِن نَحنُ مِتنا لا تَموتُ وَلا تُنسى
أَلا رُبَّ ذي عَينَينِ لا تَنفَعانِهِ
وَهَل تَنفَعُ العَينانِ مَن قَلبُهُ أَعمى
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 06:06 PM
وَكَلَّفتَني ما حُلتَ بَيني وَبَينَهُ
وَقُلتُ سَأَبغي ما تُريدُ وَما تَهوى
فَلَو كانَ لي قَلبانِ كَلَّفتُ واحِداً
هَواكَ وَكَلَّفتُ الخَلِيَّ لِما يَهوى
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 06:06 PM
وَما ذاكَ إِلّا أَنَّني واثِقٌ بِما
لَدَيكَ وَأَنّي عالِمٌ بِوَفائِكا
كَأَنَّكَ في صَدري إِذا جِئتَ زائِراً
تُقَدِّرُ فيهِ حاجَتي بِابتِدائِكا
وَإِنَّ أَميرَ المُؤمِنينَ وَغَيرَهُ
لَيَعلَمُ في الهَيجاءِ فَضلَ غِنائِكا
كَأَنَّكَ عِندَ الكَرِّ في الحَربِ إِنَّما
تَفِرُّ مِنَ السِلمِ الَّذي مِن وَرائِكا
كَأَنَّ المَنايا لَيسَ تَجري لَدى الوَغى
إِذا التَقَتِ الأَبطالُ إِلّا بِرائِكا
فَما آفَةُ الأَملاكِ غَيرَكَ في الوَغى
وَلا آفَةُ الأَموالِ غَيرُ حِبائِكا
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 06:07 PM
جَزى اللَهُ عَنّي صالِحاً بِوَفائِهِن
وَأَضعَفَ أَضعافاً لَهُ في جَزائِهِ
بَلَوتُ رِجالاً بَعدَهُ في إِخائِهِم
فَما ازدَدتُ إِلّا رَغبَةً في إِخائِهِ
صَديقٌ إِذا ما جِئتُ أَبغيهِ حاجَةً
رَجَعتُ بِما أَبغي وَوَجهي بِمائِهِ
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 06:07 PM
ما أَغفَلَ الناسِ عَن بَلائي
وَعَن عَنائي وَعَن شَقائي
يَلومُني الناسُ في صَديقٍ
وَالناسُ لايَعرِفونَ دائي
يا لَهفَ نَفسي عَلى خَليلٍ
أَصبَحَ في بُعدِهِ شَقائي
صَيَّرَني نَأيُهُ غَريباً
في غَيرِ أَرضي وَلاسَمائي
قَد بَلَغَ الحُزنُ بي مَداهُ
فَما اصطِباري وَما عَزائي
أَنتَ بَلائي وَأَنتَ دائي
وَأَنتَ تَدري فَما دَوائي
وَأَنتُمُ الهَمُّ في صَباحي
وَأَنتُمُ الهَمُّ في مَسائي
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 06:07 PM
يا عُتبُ هَجرُكِ مورِثُ الأَدواءِ
وَالهَجرُ لَيسَ لِوُدِّنا بِجَزاءِ
يا صاحِبَيَّ لَقَد لَقيتُ مِنَ الهَوى
جُهداً وَكُلَّ مَذَلَّةٍ وَعَناءِ
عَلِقَ الفُؤادُ بِحُبِّها مِن شِقوَتي
وَالحُبُّ داعِيَةٌ لِكُلِّ بَلاءِ
إِنّي لَأَرجوها وَأَحذَرُها فَقَد
أَصبَحتُ بَينَ مَخافَةٍ وَرَجاءِ
بَخِلَت عَلَيَّ بِوُدِّها وَصَفائِها
وَمَنَحتُها وُدّي وَمَحضَ صَفائي
فَتَخالَفَ الأَهواءَ فيما بَينَنا
وَالمَوتُ عِندَ تَخالُفِ الأَهواءِ
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 06:08 PM
الحَمدُ لِلَّهِ عَلى تَقديرِهِ
وَحُسنِ ما صَرَفَ مِن أُمورِهِ
الحَمدُ لِلَّهِ بِحُسنِ صُنعِهِ
شُكراً عَلى إِعطائِهِ وَمَنعِهِ
يَخيرُ لِلعَبدِ وَإِن لَم يَشكُرُه
وَيَستُرُ الجَهلَ عَلى مَن يُظهِرُه
خَوَّفَ مَن يَجهَلُ مِن عِقابِهِ
وَأَطمَعَ العامِلَ في ثَوابِهِ
وَأَنجَدَ الحُجَّةَ بِالإِرسالِ
إِلَيهِمُ في الأَزمُنِ الخَوالي
نَتَعصِمُ اللَهَ فَخَيرُ عاصِمِ
قَد يُسعِدُ المَظلومَ ظُلمُ الظالِمِ
فَضَّلَنا بِالعَقلِ وَالتَدبيرِ
وَعِلمِ ما يَأتي مِنَ الأُمورِ
يا خَيرَ مَن يُدعى لَدى الشَدائِدِ
وَمَن لَهُ الشُكرُ مَعَ المَحامِدِ
أَنتَ إِلَهي وَبِكَ التَوفيقُ
وَالوَعدُ يُبدي نورَهُ التَحقيقُ
حَسبُكَ مِمّا تَبتَغيهِ القوتُ
ما أَكثَرَ القوتَ لِمَن يَموتُ
إِن كانَ لا يُغنيكَ ما يَكفيكا
فَكُلُّ ما في الأَرضِ لا يُغنيكا
الفَقرُ فيما جاوَزَ الكَفافا
مَن عَرَفَ اللَهَ رَجا وَخافا
إِنَّ القَليلِ بِالقَليلِ يَكثُرُ
إِنَّ الصَفاءَ بِالقَظى لَيَكدُرُ
يا رُبَّ مَن أَسخَطَنا بِجَهدِهِ
قَد سَرَّنا اللَهُ بَغَيرِ حَمدِهِ
مَن لَم يَصِل فَاِرضَ إِذا جَفاكَ
لا تَقطَعَنَّ لِلهَوى أَخاكا
اللَهُ حَسبي في جَميعِ أَمري
بِهِ غَنائي وَإِلَيهِ فَقري
لَن تُصلِحَ الناسَ وَأَنتَ فاسِدُ
هَيهاتَ ما أَبعَدَ ما تُكابِدُ
التَركُ لِلدُنيا النَجاةُ مِنها
لَم تَرَ أَنهى لَكَ مِنها عَنها
لِكُلِّ ما يُؤذي وَإِن قَلَّ أَلَم
ما أَطوَلَ اللَيلَ عَلى مَن لَم يَنَم
مَن لاحَ في عارِضِهِ القَتيرُ
فَقَد أَتاهُ بِالبَلى النَذيرُ
مَن جَعَلَ النَمّامَ عَيناً هَلَكا
مُبلِغُكَ الشَرَّ كَباغيهِ لَكا
يُغنيكَ عَن قولِ قَبيحٍ تَركُهُ
قَد يوهِنُ الرَأيَ الأَصيلَ شَكُّهُ
لِكُلِّ قَلبٍ أَمَلٌ يُقَلِّبُه
يَصدُقُهُ طَوراً وَطَوراً يَكذِبُه
المَكرُ وَالخِبُّ أَداةُ الغادِرِ
وَالكَذِبُ المَحضُ سِلاحُ الفاجِرِ
لَم يَصفُ لِلمَرءِ صَديقٌ يَذُقُه
لَيسَ صَديقُ المَرءِ مَن لا يَصدُقُه
مَعروفُ مَن مَنَّ بِهِ خِداجُ
ما طابَ عَذبٌ شابَهَ عَجاجُ
ما عَيشُ مَن آفَتُهُ بَقاؤُهُ
نَغَّصَ عَيشاً طَيِّباً فَناؤُهُ
إِنّا لَنَفنى نَفَساً وَطَرفا
لَم يَترُكِ المَوتُ لِإِلفٍ إِلفا
وَلِلكَلامِ باطِنٌ وَظاهِرُ
في ساعَةِ العَدلِ يَموتُ الجاجِرُ
عَلِمتَ يا مُجاشِعُ بنَ مَسعَدَه
أَنَّ الشَبابَ وَالفَراغَ وَالجِدَه
مَفسَدَةٌ لِلمَرءِ أَيُّ مَفسَدَة
يا لِلشَبابِ المَرِحِ التَصابي
رَوائِحُ الجَنَّةِ في الشَبابِ
لَيسَ عَلى ذي النُصحِ إِلّا الجَهدُ
الشَيبُ زَرعٌ حانَ مِنهُ الحَصدُ
الغَدرُ نَحسٌ وَالوَفاءُ سَعدُ
هِيَ المَقاديرُ فَلُمني أَو فَذَر
تَجري المَقاديرُ عَلى غَرزِ الإِبَر
إِن كُنتُ أَخطَأتُ فَما أَخطا القَدَر
إِنَّ الفَسادَ بَعدَهُ الصَلاحُ
يا رُبَّ جِدٍّ جَرَّهُ المِزاحُ
ما تَطلُعُ الشَمسُ وَلا تَغيبُ
إِلّا لِأَمرٍ شَأنُهُ عَجيبُ
لِكُلِّ شَيءٍ مَعدَنٌ وَجَوهَرُ
وَأَوسَطٌ وَأَصغَرٌ وَأَكبَرُ
وَكُلُّ شَيءٍ لاحِقٌ بِجَوهَرِه
أَصغَرُهُ مُتَّصِلٌ بِأَكبَرِه
مَن لَكَ بِالمَحضِ وَكُلٌّ مُمتَزِج
وَساوِسٍ في الصَدرِ مِنكَ تَعتَلِج
مَن لَكَ بَالمَحضِ وَلَيسَ مَحضُ
يَخبُثُ بَعضٌ وَيَطيبُ بَعضُ
لِلكُلِّ إِنسانٍ طَبيعَتانِ
خَيرٌ وَشَرٌّ وَهُما ضِدّانِ
إِنَّكَ لَو تَستَنشِقُ الشَحيحا
وَجَدتَهُ أَخبَثَ شَيءٍ ريحا
عَجِبتُ لَمّا ضَبَّني السُكوتُ
حَتّى كَأَنّي حائِرٌ مَبهوتُ
كَذا قَضى اللَهُ فَكَيفَ أَصنَعُ
وَالصَمتُ إِن ضاقَ الكَلامُ أَوسَعُ
نَعوذُ بِاللَهِ مِنَ الشَيطانِ
ما أَولَعَ الشَيطانَ بِالإِنسانِ
خَيرُ الأُمورِ خَيرُها عَواقِبا
مَن يُرِدِ اللَهُ يَجِد مَذاهِبا
الجودُ مِمّا يُثبِتُ المَحَبَّةَ
وَالبُخلُ مِمّا يُثبِتُ المَسَبَّه
لِكُلِّ شَيءٍ أَجَلٌ مَكتوبُ
وَطالِبُ الرِزقِ بِهِ مَطلوبُ
لِكُلِّ شَيءٍ سَبَبٌ وَعاقِبَه
وَكُلُّها آتِيَةٌ وَذاهِبَة
يا عَجَباً مِمَّن يُحِبُّ الدُنيا
وَلَيسَ لِلدُنيا عَلَيهِ بُقيا
الصِدقُ وَالبِرُّ هُما الوِقاءُ
يَومَ تَقومُ الأَرضُ وَالسَماءُ
وَكُلُّ قَرنٍ فَلَهُ زَمانُ
وَلَم يَدُم مُلكٌ وَلا سُلطانُ
ما أَسرَعَ المَوتَ وَإِن طالَ العُمُر
وَرُبَّما كانَ قَليلاً فَكَثُر
مَسَرَّةُ الدُنيا إِلى تَنغيصِ
وَرُبَّما أَكَت يَدُ الحَريصِ
ما هِيَ إِلّا دُوَلٌ بَعدَ دُوَل
تَجري بِأَسبابٍ تَأَتّى وَعِلَل
ما قَلَبَ القَلبَ كَتَقليبِ الأَمَل
لِلقَلبِ وَالآمالِ حَلٌّ وَرَحَل
وَكُلُّ خَيرٍ تَبَعٌ لِلعَقلِ
وَكُلُّ شَرٍّ تَبَعٌ لِلجَهلِ
لِكُلِّ نَفسٍ مِمَمٌ وَنَجوى
لا كَرَمٌ يُعرَفُ إِلّا التَقوى
لِيَجهَدِ المَرءُ فَما يَعدو القَدَر
وَرُبَّما قادَ إِلى الحَينِ الحَذَر
ما صاحِبُ الدُنيا بِمُستَريحٍ
وَالداءُ داءُ النَهِمِ الشَحيحِ
لَم نَرَ شَيئاً يَعدِلُ السَلامَه
لا خَيرَ فيما يُعقِبُ النَدامَه
بِحَسبِكَ اللَهُ فَما يَقضي يَكُن
وَما يُهَوِّنهُ مِنَ الأَمرِ يَهُن
كَم مِن نَقِيِّ الثَوبِ ذي قَلبٍ دَنِس
فَالموحِشُ الباطِلِ وَالحَقُّ أَنِس
تَحَرَّ فيما تَطلُبُ البَلاغا
وَاِغتَنِمِ الصِحَّةَ وَالفَراغا
المَرءُ يَبغي كُلَّ مَن يَبغيهِ
وَكُلُّ ذي رِزقٍ سَيَستَوفيهِ
في كُلِّ شَيءٍ عَجَبٌ مِنَ العَجَب
وَكُلُّ شَيءٍ فَبِوَقتٍ وَسَبَب
الحَقُّ ما كانَ أَحَقُّ ما اِتُّبِع
وَرُبَّما لَجَّ لَجوجٌ فَرَجَع
الأَمرُ قَد يَحدُثُ بَعدَ الأَمرِ
كُلُّ اِمرِئٍ يَجري وَلَيسَ يَدري
دُنيايَ يا دُنيايَ غُرّي غَيري
إِنّي مِنَ اللَهَ بِكُلِّ خَيرِ
لِكُلِّ نَفسٍ صِبغَةٌ وَشيمَه
وَلَن تَرى عَزيمَه
لا تَترُكِ المَعروفَ حَيثُ كُنتا
وَاِعزِم عَلى الخَيرِ وَإِن جَبُنتا
الحَمدُ لِلَّهِ كَثيراً شُكرا
اللَهُ أَعلى وَأَعَزُّ أَمرا
لا بُدَّ مِمّا لَيسَ مِنهُ بُدُّ
وَالغَيُّ لا يَنزِلُ حَيثُ الرُشدُ
ما شاءَ رَبّي أَن يَكونَ كانا
وَالمَرءُ يُردي نَفسَهُ أَحيانا
كُلُّ اِجتِماعٍ فَإِلى اِفتِراقِ
وَالدَهرُ ذو فَتحٍ وَذو إِغلاقِ
كُلٌّ يُناغي نَفسَهُ بِهاجِسِ
تَقَلُّقٌ مِن عُلَقِ الوَساوِسِ
نَستَوفِقُ اللَهَ لِما نُحِبُّ
ما أَقبَحَ الشَيخَ الكَبيرَ يَصبو
في كُلِّ رَأسٍ نَزوَةٌ وَطَربَه
رُبَّ رِضىً أَفضَلُ مِنهُ غَضبَه
كَم غَضبَةٍ طابَت بِها المَغَبَّه
يا عاشِقَ الدُنيا تَسَلَّ عَنها
وَيلي عَلى الدُنيا وَوَيلي مِنها
ما أَسرَعَ الساعاتِ في الأَيّامِ
وَأَسرَعَ الأَيّامَ في الأَعوامِ
لِلمَوتِ بي جِدٌّ وَأَيُّ جِدِّ
وَلَستُ لِلمَوتِ بِمُستَعِدِّ
هَل أُذُنٌ تَسمَعُ ما تُسَمِّعُ
قَوارِعُ الدَهرِ الَّتي تُقَرِّعُ
ما طابَ فَرعٌ لا يَطيبُ أَصلُهُ
اِحذَر مُؤاخاةَ اللَئيمِ فِعلُهُ
اِنظُر إِذا آخَيتَ مَن تُؤاخي
ما كُلُّ مَن آخَيتَ بِالمُؤاخي
الحَمدُ لِلَّهِ الكَثيرِ خَيرُهُ
لَم يَسَعِ الخَلقَ جَميعاً غَيرُهُ
مَن يَشتَكِ الدَهرَ يَطُل في الشَكوى
الدَهرُ ما لَيسَ عَلَيهِ عَدوى
لَم نَرَ مَن دامَ لَهُ سُرورُ
وَصاحِبُ الدُنيا بِها مَغرورُ
نَعوذُ بِاللَهِ مِنَ الشَقاءِ
ما أَطمَعَ الإِنسانَ في البَقاءِ
لَم يَخلُ مِن حُسنِ يَدٍ مَكانُهُ
وَالمَرءُ لَم يُسلِمَهُ إِحسانُهُ
مَن يَأمَنُ المَوتَ وَلَيسَ يُؤمِنُ
نَحنُ لَهُ في كُلِّ يَومٍ نُؤذَنُ
يا رُبَّ ذي خَوفٍ أَتى مِن مَأمَنِه
كَم مُبتَلىً مِن يَأسِهِ بِأَمَنِه
اِستَغنِ بِاللَهِ تَكُن غَنِيّاً
اِرضَ عَنِ اللَهِ تَعِش رَضِيّا
يا رَبِّ إِنّا بِكَ يا عَظيمُ
إِنَّكَ أَنتَ الواسِعُ الحَكيمُ
يَكونُ ما لا بُدَّ أَن يَكونا
وَكُلُّ راجٍ رَجَّمَ الظُنونا
سُبحانَ مَن لا يَنقَضي
سُبحانَ مَن لا يَخيبُ طالِبُه
لَم يَعدَمِ اللَهُ وَلِلَّهِ القِدَم
وَالسابِقُ اللَهُ إِلى كُلِّ كَرَم
ما كُلُّ شَيءٍ يُبرَغى يُنالُ
وَطَلِبُ الحَقِّ لَهُ مَقالُ
أَفَلحَ مَن كانَ لَهُ تَفَكُّرُ
ما كُلُّ ذي عَيشٍ يَرى ما يُبصِرُ
وَكُلُّ نَفسٍ فَلَها تَعَلُّلُ
وَإِنَّما النَفسُ عَلى ما تُحمَلُ
وَعادَةُ الشَرِّ فَشَرُّ عادَه
وَالمَرءُ بَينَ النَقصِ وَالزِيادَة
لِكُلِّ ناعٍ ذاتَ يَومٍ ناعِ
وَإِنَّما النَعيُ بِقَدرِ الناعي
وَكُلُّ نَفسٍ فَلَها دَواعِ
ما أَكرَهَ الإِنسانَ لِلتَفَضُّلِ
وَإِنَّما الفَضلُ لِكُلِّ مُفضِلِ
رَبِّ لَكَ الحَمدُ وَأَنتَ أَهلُهُ
مَن لَزِمَ التَقوى أَنارَ عَقلُهُ
ما غايَةُ المُؤمِنِ إِلّا الجَنَّه
تَبارَكَ اللَهُ العَظيمُ المِنَّه
يا عَجَباً لِلَّيلِ وَالنَهارِ
لا بَل لِساعاتِهِما القِضارِ
ما أَطحَنَ الأَيّامَ لِلقُرونِ
كَم لِاِمرِئٍ مِن مَأمَنٍ خَؤونِ
يا رُبَّ حُلوٍ سَيَعودُ سُمّا
وَرُبَّ حَمدٍ سَيَعودُ ذَمّا
وَرُبَّ سِلمٍ سَيَعودُ حَربا
وَرُبَّ إِحسانٍ يَعودُ ذَنبا
المَوتُ لا يُفلِتُ حَيٌّ مِنهُ
كَم ذائِقٍ لِلمَوتِ لاهٍ عَنهُ
ما أَسرَعَ البَغيَ لِكُلِّ باغِ
وَرُبَّ ذي بَغيٍ مِنَ الفَراغِ
لِكُلِّ جَنبٍ ذاتَ يَومٍ مَصرَعُ
وَالحَقُّ ذو نورٍ عَلَيهِ يَسطَعُ
لا تَطلُبُ المَعروفَ إِلّا مِن أَخِ
يَسومُكَ الوِدَّ بِهِ سَومَ السَخي
الزُهدُ في الدُنيا هُوَ العَيشُ الرَخي
يا رُبَّ شُؤمٍ صارَ لِلبَخيلِ
أَكرِم بِأَهلِ العِلمِ بِالجَميلِ
مَن كانَ في الدُنيا لَهُ زَهادَه
فَعِندَها طابَت لَهُ العِبادَه
أَصلِح وَمَن يُصلِح فَماذا يَربَح
وَالشَيءُ لا يَصلُحُ إِن لَم يُصلَح
كُلُّ جَديدٍ سَيَعودُ مُخلِقاً
وَمَن أَصابَ مَرَفِقا
ما اِنتَفَعَ المَرءُ بِمِثلِ عَقلِه
وَخَيرُ ذُخرِ المَرءِ حَسنُ فِعلِه
لَم يَزَلِ اللَهُ عَلَينا مُنعِما
وَمَن طَغى عاشَ فَقيراً مُعدَما
اليُبسُ وَالبَأسِ لِأَهلِ الباسِ
وَسادَةُ الناسِ خِيارُ الناسِ
أَيُّ بِناءٍ لَيسَ لِلخَرابِ
وَأَيُّ آتٍ لَيسَ لِلذَهابِ
كَأَنَّ شَيئاً لَم يَكُن إِذا اِنقَضى
وَما مَضى مِمّا مَضى فَقَد مَضى
ما أَزيَنَ العَقلَ لِكُلِّ عاقِلِ
ما أَشيَنَ الجَهلَ لِكُلِّ جاهِلِ
بُؤسى لِمَن قالَ بِما لا يَعلَمُ
وَصاحِبُ الحَقِّ فَلَيسَ يَندَمُ
الخَيرُ أَهلٌ أَن يُحِبَّ أَهلُهُ
وَالحَقُّ ذو خِفٍّ ثَقيلٍ حَملُهُ
وَالحَينُ خَتّالٌ لَطيفٌ خَتلُهُ
أَينَ يَفِرُّ المَرءُ أَينَ أَينا
كُلُّ جَميعٍ سَيُلاقي بَينا
إِلَيكِ يا دُنيا إِلَيكِ عَنّي
ماذا تُريدينَ تَخَلّي مِنّي
يا دارُ دارَ الهَمِّ وَالمَعاصي
هَل فيكِ لي بابٌ إِلى الخَلاصِ
نَطلُبُ أَن نَبقى وَلَيسَ نَبقى
كُلٌّ سَيَلقى اللَهَ حَقّا حَقّا
لِكُلِّ عَينٍ عِبرَةٌ فيما تَرى
وَالحَقُّ مَحفوفٌ بِأَعلامِ الهُدى
يَقبَلُهُ العَقلُ وَيَنفيهِ الهَوى
كَم بارَكَ اللَهُ لِقَلبي فَاِتَّسَع
وَاللَهُ إِن بارَكَ في شَيءٍ نَفَع
لا تُتبِعِ المَعروفَ مِنكَ مِنّا
أُخِيَّ أَحسِن بِأَخيكَ الظَنّا
سُبحانَكَ اللَهُمَّ سَلِّم سَلِّمِ
وَتَمِّمِ النُعمى عَلَينا تَمَم
طوبى لِمَن صَحَّت بَناتُ حِسِّهِ
وَمَن كَفاهُ اللَهُ شَرَّ نَفسِهِ
كَم دَولَةٍ سَوفَ يَكونُ غَيرُها
وَسَوفَ يَفنى شَرُّها وَخَيرُها
يا عَجَباً لِلدَهرِ في تَقَلُّبِه
المَرءُ مُذ كانَ عَلى تَوَثُّبِه
ما بَينَ نابَيهِ وَبَينَ مِخلَبِه
ما أَعظَمَ الحُجَّةَ إِن عَقَلنا
ما يَغفُلُ المَوتُ وَإِن غافَلنا
اِعتَبِرِ اليَومَ بِأَمسِ الذاهِبِ
وَاِعجَب فَما تَنفَكُّ مِن عَجائِبِ
تَرى الأُمورَ
وَاللَهُ في كُلِّ الأُمورِ يَقضي
تَبارَكَ اللَهُ
يا صاحِبَ التَسويفِ ماذا تَنتَظِر
مَن قَنِعَ وَالمَوتُ ما أَسرَعَهُ وَأَوحى
يا رَبِّ إِنّي بِكَ أَنتَ رَبّي
وَمِنكَ إِحسانٌ وَمِنّي ذَنبي
أَستَغفِرُ اللَهَ فَنِعمَ القادِرُ
اللَهُ لي مِن شَرِّ ما أُحاذِرُ
حَتّى مَتى المُذنِبُ لا يَتوبُ
أَما تَرى ما تَصنَعُ الخُطوبُ
ما المُلكُ إِلّا الجاهُ عِندَ اللَهِ
الجاهُ عِندَ اللَهِ خَيرُ جاهِ
كاسَ اِمُؤٌ مُنتَظِرٌ لِلمَوتِ
وَكاسَ مَن بادَرَ قَبلَ الفَوتِ
سَبيلُ مَن ماتَ هُوَ السَبيلُ
بَقاؤنا مِن بَعدِهِم قَليلُ
قَد يَضحَكُ القَلبُ بِعَينٍ تَبكي
وَالأَخذُ قَد يَجري بِمَعنى التَركِ
ما هِيَ إِلّا الحادِثاتُ حَتّى
تَترُكَ أَهلَ الأَرضِ بَتّا بَتّا
لا بُدَّ لا بُدَّ مِنَ الحَوادِثِ
تَمُرُّ تَطوي حادِثاً بِحادِثِ
لا عَيشَ إِلّا عَيشُ أَهلِ الآخِرَه
إِنّا لَنَعمى وَالعُيونُ ناظِرَه
المَوتُ حَقٌّ لَيسَ فيهِ شَكٌّ
تَفنى المُلوكُ وَيَبيدُ المُلكُ
اللَهُ رَبّي وَهوَ المَليكُ
لَيسَ لَهُ في مُلكِهِ شَريكُ
اللَهُ يَفنينا وَلَيسَ يَفنى
لَهُ الجَلالُ وَالصِفاتُ الحُسنى
اللَهُ مَولانا وَنِعمَ المَولى
فَقُل لِمَن يَعصيهِ أَولى أَولى
ما هُوَ إِلّا عَفوُهُ وَحِلمُهُ
سُبحانَ مَن لا حُكمَ إِلّا حُكمُهُ
نَتائِجُ الأَحوالِ مِن لا وَنَعَم
وَالنَفسُ مِن بَينِ صُموتٍ وَعَدَم
يَذهَبُ شَيءٌ وَيَجيءُ شَيُّ
ما هُوَ إِلّا رَشَدٌ وَغَيُّ
وَإِنَّما العِلمُ بِعَينٍ وَأَثَر
وَإِنَّما التَعليمُ عِلمٌ وَخَبَر
نَحنُ مِنَ الدُنيا عَلى وِفازِ
طوبى لِمَن أَسرَعَ في الجِهازِ
وَكُلُّ مَأخوذٍ فَسَوفَ يُترَكُ
وَالمُلكُ لا يَبقى وَلا المُمَلَّكُ
أَتَت مُلوكٌ وَمَضَت مُلوكُ
غَرَّتهُمُ الآمالُ وَالشُكوكُ
المَلِكُ الحَيُّ هُوَ المُميتُ
لَهُ الجَميعُ وَلَهُ الشَتيتُ
في كُلِّ شَيءٍ عِبرَةٌ مِنَ العِبرِ
وَكُلُّ شَيءٍ بِقَضاءٍ وَقَدَر
رَبّي إِلَيهِ تُرجَعُ الأُمورُ
أَستَغفِرُ اللَهَ هُوَ الغَفورُ
عَمِلتُ سوءً وَظَلَمتُ نَفسي
وَخِبتُ يَومي وَأَضَعتُ أَمسي
وَلي غَدٌ يُؤخَذُ مِنّي لَهُما
هُما الدَليلانِ عَلى ذاكَ هُما
يا عَجَباً مِن ظُلمِ الذُنوبِ
إِنَّ لَها رَيناً عَلى القُلوبِ
اللَهُ فَعّالٌ لِما يَشاءُ
غَداً غَداً يَنكَشِفُ الغِطاءُ
كَم شِدَّةٍ مِن بَعدِها رَخاءُ
إِنَّ الشَقِيَّ لِلشَقِيُّ الخائِنُ
وَكُلُّنا عَمّا نَراهُ بائِنُ
كُلٌّ سَيَفنى عاجِلاً وَشيكا
تَرحَلُ عَن تَيّا وَتَنأى تيكا
ناهيكَ مِمّا سَتَرى ناهيكا
وَكُلُّ شَيءٍ مُقبِلٌ مُوَلِّ
وَكُلُّ ذي شَيءٍ لَهُ مُخَلِّ
رَضيتُ بِاللَهِ وَبِالقَضاءِ
ما أَكرَمَ الصَبرَ عَلى البَلاءِ
نَعَبُ وَالدَهرُ بِنا سَريعُ
وَالمَوتُ بينا دائِبٌ ذَريعُ
كُلُّ بَني الدُنيا لَها صَريعُ
أَلا اِنتَبِه ثُمَّ اِنتَبِه يا ناعِسُ
أُخَيَّ لا تَلعَب بِكَ الوَساوِسُ
دُنيايَ يا دُنيايَ يا دارَ الفِتَن
يا دارُ يا دارَ الهُمومُ وَالحَزَنَ
يا غَيرَ الدَهرِ وَيا صَرفَ الزَمَن
إِن أَنا لَم أَبكِ عَلى نَفسي فَمَن
لِكُلِّ هَمٍّ فَرَجٌ مِنَ الفَرَجِ
تَثَقَّفَ الحَقُّ فَما فيهِ عِوَج
يا عَجَباً ما أَسرَعَ الأَيّاما
عَجِبتُ لِلنائِمِ كَيفَ ناما
يا عَجَباً كُلٌّ لَهُ تَصريفُ
صَرَّفَهُ المُصَرِّفُ اللَطيفُ
وَأَيُّ شَيءٍ لَيسَ فيهِ فِكرَه
وَأَيُّ شَيءٍ لَيسَ فيهِ عِبرَه
نَرى اِفتِراقاً وَنَرى اِجتِماعا
نَرى اِتِّصالاً وَنَرى اِنقِطاعا
المُؤمِنُ المُخلِصُ لا يَضيعُ
وَحُكمَةُ اللَهِ لَهُ رَبيعُ
حَتّى مَتى لا تَرعَوي حَتّى مَتى
لَقَد عَصَيتَ اللَهَ كَهلاً وَفَتى
ما أَقرَبَ النَقصَ مِنَ النَماءِ
وَكُلُّ مَن تَمَّ إِلى فَناءِ
أَرى البِلى فينا لَطيفَ الفَحصِ
بَينَ الزِياداتِ وَبَينَ النَقصِ
إِن كُنتَ تَبغي أَن تَكونَ أَملَسا
فَكُن مِنَ الدُنيا أَصَمَّ أَخرَسا
وَأَرغَب إِلى اللَهِ عَسى اللَهُ عَسى
يا ذا الَّذي اِستيقاظُهُ مُشتَبَهُ
لا راقِدٌ أَنتَ وَلا مُستَنبِهُ
مَن آثَرَالمُلكَ عَلى الكَينونَه
كانَ مِنَ المُلكِ عَلى بَينونَه
لِيَخشَ عَبدٌ دَعوَةَ المَظلومِ
وَحِكمَةِ الحَيِّ بِها القَيّومِ
وَيحَكَ يا مُغتَصِبَ المِسكينِ
وَيحَكَ مِن دَيّانِ يَومِ الدَينِ
الدينُ لِلَّهِ هُوَ الدَيّانُ
وَحُجَّةُ اللَهِ هِيَ السُلطانُ
تُدانُ يَوماً ما كَما تَدينُ
وَيحَكَ يا مِسكينُ يا مِسكينُ
لِمِثلِ هَذا فَلَبَّيكَ الباكي
حَسبُكَ بِالبُيودِ مِن هَلاكِ
لَيسَ الرِضى إِلّا لِكُلِّ راضِ
وَكُلُّ أَمرِ اللَهِ فينا ماضِ
السُخطُ لا يَبرَحُ كُلَّ ساخِطِ
أَيُّ هَوىً فيهِ سُقوطُ الساقِطِ
وَصِلِ اللَهَ عَلى ما تَهوى
وَلازِمِ الرُشدَ لِكَي لا تَغوى
مَن ضاقَ حَلَّت نَفسُهُ في الضيقِ
لَيسَ اِمرُؤٌ ضاقَ عَلى الطَريقِ
ما أَوسَعَ الدُنيا عَلى المُسامِحِ
ما فازَ إِلّا كُلُّ عَبدٍ صالِحِ
عاقِبَةُ الصَبرِ لَها حَلَوَه
وَعادَةُ الشَرِّ لَها ضَراوَه
تَعَزَّ بِالصَبرِ عَلى ما تَكرَهُ
وَلا تُخَلِّ النَفسَ حينَ تَشرَهُ
النَفسُ إِن أَتبَعتَها هَواها
فاغِرَةٌ نَحوَ هَواها فاها
لا تَبغِ ما يَجزيكَ مِنهُ دونَهُ
وَإِن رَأَيتَ الناسَ يَطلُبونَهُ
أَيُّ غِنىً لِلمَرءِ في القُنوعِ
وَالمَرءُ ذو حِرصٍ وَذو وَلوعِ
المَرءُ دُنياهُ لَهُ غَرّارَه
وَالنَفسُ بِالسوءِ لَهُ أَمّارَه
ما النَفسُ إِلّا كَدرٌ وَصَفو
طَعمٌ لَهُ مُرُّ وَطَعمٌ حُلو
لِكُلِّنا يا دارُ مِنكِ شَجو
وَبَعضُنا مِن شَجوِ بَعضٍ خِلو
ما زالَتِ الدُنيا لَنا دارَ أَذى
مَمزوجَةَ الصَفوِ بِأَلوانِ القَذى
الخَيرُ وَالشَرُّ بِها أَزواجُ
لِذا نِتاجٌ وَلِذا نِتاجُ
سُبحانَ رَبّي فالِقِ الإِصباحِ
ما أَطلَبَ المَساءَ لِلصَباحِ
إِنَّ الجَديدَينِ هُما هُما هُما
هُما هُما دائِرَةٌ رَحاهُما
يا دارُ الباطِلِ المُعَتَّقِ
عَلِقتُ مِمَّن فيكَ كُلَّ مَعلَقِ
لا عَيشَ إِلّا عَيشُ أَهلِ الحَقِّ
دارُ خُلودٍ لِحِسابِ الحَقِّ
ما عَيشُ مَن ضَلَّ الرِضى بِعَيشِ
الساخِطِ العَيشِ كَثيرُ الطَيشِد
جَدَّ بِنا الأَمرُ وَنَحنُ نَلعَبُ
وَكُلُّ آتٍ فَكَذاكَ يَذهَبُ
يَنعى حَياةَ الحَيِّ مَوتُ المَيِّتِ
يُسمِعُهُ النَعيَ بِصَوتٍ صَيِّتِ
عَلَيكَ لِلناسِ بِنُصحِ الجَيبِ
وَكُن مِنَ الناسِ أَمينَ الغَيبِ
إِرضَ مِنَ الدُنيا بِما يَقوتُكا
وَاِعلَم بِأَنَّ الرِزقَ لا يَفوتُكا
القوتُ مِن حِلٍّ كَثيرٌ طَيِّبُ
وَالخَطَرُ بِكرٌ تارَةً وَثَيِّبُ
أَصلُ الخَطايا خَطرَةٌ وَنَظرَةُ
وَغَدرَةٌ ظاهِرَةٌ وَفَجرَةُ
لِيَسلَمِ الناسُ جَميعاً مِنكا
وَاِرضَ لَعَلَّ اللَهَ يَرضى عَنكا
تَبارَكَ اللَهُ وَجَلَّ اللَهُ
أَعظَمُ ما فاهَت بِهِ الأَفواهُ
ما أَوسَعَ اللَهَ وَجَلَّ خَلقِهِ
كُلٌّ فَفي قَبضَتِهِ وَرِزقِهِ
بِاللَهِ نَقوى لِأَداءِ حَقِّهِ
كُلُّ اِمرِئٍ في شَأنِهِ يُرَقِّعُ
وَالرَقعُ لا يَبقى وَلا المُرَقَّعُ
ما أَشرَفَ الكَسبَ مِنَ الحَلالِ
ما أَكرَمَ السَعِيَ عَلى العِيالِ
ما أَكذَبَ الآمالِ عِندَ الحَينِ
وَالسَيرُ في إِصلاحِ ذاتِ البَينِ
آيُّ رَجاءٍ لَيسَ فيهِ خَوفُ
وَرُبَّما خانَت عَسى وَسَوفُ
ما هُوَ إِلّا الخَوفُ وَالرَجاءُ
لا تَرجُ مَن لَيسَ لَهُ حَياءُ
يا عَينُ يا عَينُ أَما رَأَيتِ
أَما رَأَيتِ قَطُّ قَبرَ مَيتِ
يا عَينُ قَد نُكيتِ إِن بَكيتِ
بَيتُ البِلى أَقصَرُ بَيتٍ سَمكا
سُبحانَ مَن أَضحَكَنا وَأَبكى
يا لِلبَلى يا لِلبَلى يا لِلبَلى
إِنَّ البَلى يُسرِعُ تَغيّرَ الحِلا
لا بُدَّ يَوماً يُحصَدُ المَزروعُ
وَكُلُّنا عَن نَفسِهِ مَخدوعُ
نَحنُ جَميعاً كُلُّنا عَبيدُ
مَليكُنا مُقتَدِرٌ حَميدُ
لَنا مَليكٌ مُحسِنٌ إِلَينا
مَن نَحنُ لَولا فَضلُهُ عَلَينا
أَكثَرُ ما نُعنى بِهِ وَلوعُ
طوبى لِمَن كانَ لَهُ قُنوعُ
سُبحانُ مَن ذَلَّت لَهُ الأَشرافُ
أَكرَمُ مَن يُرجى وَمَن يُخافُ
ما هُوَ إِلّا العَزمُ وَالتَوَكُّلُ
البِرُّ يَعلو وَالفُجورُ يَسفُلُ
كَم مَرَّةٍ حَفَّت بِكَ المَكارِهُ
خارَ لَكَ اللَهُ وَأَنتَ كارِهُ
عَجِبتُ لِلدَهرِ وَلِاِنقِلابِهِ
ما لَكَ لا تُعنى بِما يُعنى بِهِ
إِذا جَعَلتَ الهَمَّ هَمّاً واحِدا
نَعِمتَ بالاً وَغَنيتَ راشِدا
يا عَجَباً لِلنَفسِ ما أَشرَدَها
ما أَقرَبَ النَفسَ وَما أَبعَدَها
النَفسُ أَعدى لَكَ مِمّا تَحسِبُ
حَسبُكَ مِن عِلمِكَ ما تُجَرِّبُ
يا عَجَباً يا عَجَباً يا عَجَبا
يا عَجَباً لِمَن لَها وَلَعِبا
يا عَجَباً لِلطَرفِ كَيفَ يَطمَحُ
يا عَجَباً لِلمَرءِ كَيفَ يَفرَحُ
ما أَسرَعَ المَوتَ لِذي طَرفٍ طَمَح
لَم يَترُكِ المَوتُ لِذي لُبِّ فَرَح
يا رَبِّ يا رَبِّ لَقَد أَنعَمتا
يا رَبِّ ما أَحسَنَ ما عَلَّمتا
يا رَبِّ أَسعِدني بِما عَلَّمتَني
وَلا تُهنِيِّ بَعدَ إِذ أَكرَمتَني
دَع عَنكَ يا هَذا بُنَيّاتِ الطُرُق
إِن لَم تَصُن وَجهَكَ يا هَذا خَلُق
دَع عَنكَ ما لَيسَ بِهِ مُستَمتَعُ
وَشَرُّ ما حاوَلتَ ما لا يَنفَعُ
وَخَيرُ أَيّامِكَ يَومُ تُنعِمُ
وَشَرُّ أَيّامِكَ يَومُ تَظلِمُ
وَخَيرُ ما قُلتَ بِهِ ما يُعرَفُ
وَشَرُّ مَن صاحَبتَ مَن لا يُنصِفُ
وَخَيرُ مَن قارَنتَ مَن لا يَخرُقُ
وَشَرُّ مَن خالَفتَ مَن لا يَرفُقُ
كُلٌّ إِذا ما مَسَّهُ الضُرُّ شَكا
وَكُلُّ مَن أَبكَتهُ دُنياهُ بَكى
يا عَينُ ما لَكِ لا تَبكينا
تَبَصَّري إِن كُنتِ تُبصِرينا
ما أَعجَبَ الأَمرَ لِمَن تَعَجَّبا
ما أَسرَعَ القَلبَ إِذا تَقَلَّبا
يَحُلُّ قَلبُ المَرءِ حَيثُ مالُهُ
ما كُلُّ مَن أَطمَعَني أَنالُهُ
قَدِّم لِما بَينَ يَدَيكَ قَدِّمِ
أُفٍّ وَتُفٍّ لِعَبيدِ الدِرهَمِ
الصِدقُ وَالبِرُّ أَصَبنا تَوأَما
وَالمُسلِمُ البَرُّ يَبَرُّ المُسلِما
لا سَعَةٌ أَوسَعَ مِن حُسنِ الخُلُق
مَنِ اِعتَدى تاهَ وَمَن تاهَ حُمُق
ما كُلُّ مَعقودٍ لَهُ وَثيقَه
وَالصِدقُ ما كانَت لَهُ حَقيقَه
في الغَيِّ خُسرانٌ وَفي الرُشدِ دَرَك
أَوسَعُ خَيرِ المَرءِ خَيرٌ مُشتَرَك
ما زالَتِ الدُنيا سُكوناً وَحَرَك
يا عَينُ أَبغي مِنكِ أَن تَجودي
بِأَدمُعٍ تَنهَلُّ كَالفَريدِ
يَئِستُ في الدُنيا مِنَ الخُلودِ
يَحِقُّ لي يا عَينُ أَن بَكَيتُ
أَبكي لِعِلمي بِالَّذي أَتَيتُ
أَنا المُسيءُ المُذنِبُ الخَطّاءُ
في تَوبَتي عَن حَوبَتي إِبطاءُ
ما عِندَ يَومي ثِقَةٌ لي بِغَدِ
لا بُدَّ مِن دارِ خُلودِ الأَبَدِ
يا حَزَني يا حَزَني يا حَزَني
لا بُدَّ أَن يَترُكَ روحي بَدَني
يا غَدرَةَ الأَيّامِ ما لي وَلَكِ
لَم تُبقِ لي شَيئاً وَلَم تَتَّرِكِ
قَرَّبَتِ الأَيّامِ مِنّي أَجَلي
بَرَّحَتِ الأَيّامُ بي في عِلَلي
زادَتنِيَ الأَيّامُ في تَجريبي
باعَدَتِ الأَيّامُ في تَقريبي
يا يَومُ يَومَ البَينِ وَالشُحوطِ
يا يَومُ يَومَ العودِ وَالحُنوطِ
يا يَومُ يَومَ العَلَزِ الشَديدِ
يا يَومُ يَومَ النَفَسِ البَعيدِ
يا يَومُ يَومَ الأَجَلِ المَعدودِ
يا يَومُ يَومَ المَنهَلِ المَورودِ
يا يَومُ يَومَ السِدرِ وَالكافورِ
يا يَومُ يَومَ الكَفَنِ المَنشورِ
يا يَومُ يَومَ الخَتمِ بِالوَفاةِ
يا يَومُ يَومَ الهَجرِ لِلحُماةِ
يا يَومُ يَومَ المَيِّتِ المُسَجّى
عَلى سَريرٍ لِلبَلى يُزَجّى
يا يَومُ يَومَ الرَنَّةِ الطَويلَه
يا يَومُ يَومَ العَجزِ عَن ذي الحيلَه
يا يَومُ يَومَ لَيسَ عَنهُ مَدفَعُ
يا يَومُ يَومَ النَفسِ حينَ تُرفَعُ
صارَ اِمرُؤٌ فيهِ إِلى ما فيهِ
يُسعِدُهُ ذَلِكَ أَو يُشقيهِ
ما أَشغَلَ المَيِّتَ عَن باكيهِ
أَسلَمَ مَقبوراً مُشَيِّعوهُ
اِنصَرَفوا عَنهُ وَخَلَّفوهُ
ساعَةَ سَوَّوا تُربَهُ عَلَيهِ
وَلَّوا وَلَم يَلتَفِتوا إِلَيهِ
سَيَضحَكُ الباكونَ بَعدَ المَيتِ
لا بَل سَيَلهونَ بِلَو وَلَيتِ
إِنّا إِلى اللَهِ لَراجِعونا
حَتّى مَتى نَحنُ مُضَيِّعونا
بَينا اِمرُؤٌ بَينَ يَدَيكَ حَيّاً
إِذ صِرتَ لا تُبصِرُ مِنهُ شَيّا
أَعانَنا اللَهُ عَلى لِقائِهِ
كَم مُخطِئٍ ذي عَجَبٍ بِرائِهِ
ما الناسُ إِلّا وارِدٌ وَصادِرُ
الطَمعُ لِلغالِبِ فَقرٌ حاضِرُ
طوبى لِمَن يَقنَعُ ما أَغناهُ
وَيحَ مَنِ اِستَعبَدَهُ هَواهُ
أُخَيَّ لا تَذهَب بِكَ المَذاهِبُ
أَظَلَّكَ المَوتُ وَأَنتَ لاعِبُ
أُخَيَّ إِنَّ المَوتَ قَد أَظَلَّكا
هَل لَكَ أَن تُعنى بِهِ لَعَلَّكا
اللَهُ رَبّي قُوَّتي وَحَولي
اللَهُ لي مِن يَومٍ كُلِّ هَولِ
يا رَبِّ سَلِّمنا وَسَلِّم مِنّا
وَتُب عَلَينا وَتَجاوَز عَنّا
يا رَبِّ إِنّا بِكَ حَيثُ كُنّا
كَم فَلتَةٍ لي قَد وُقيتُ شَرَّها
ما أَنفَعَ الدُنيا وَما أَضَرَّها
إِنّا مِنَ الدُنيا لَفي طَريقِ
إِلى الغَساقِ أَو إِلى الرَحيقِ
ما هِيَ إِلّا جَنَّةٌ وَنارُ
أَفلَحَ مَن كانَ لَهُ اِعتِبارُ
كاسَ اِمرُؤٌ مُتَّعِظٌ بِغَيرِهِ
دَع شَرَّ ما تَأتي وَخُذ في خَيرِهِ
خَلا أَخٌ عَنكَ فَلا تُخَلِّهِ
مَن لَكَ يَوماً بِأَخيكَ كُلِّهِ
مَن يَسأَلِ الناسَ يَهُن عَلَيهِمُ
بُؤسى لِمَن حاجَتُهُ إِلَيهِمُ
تَرى مُجتَمِعاً لا يَفتَرِق
وَكُلُّ ما زادَ فَلِلنَقصِ خُلِق
مَن يَسأَلِ الناسَ يُخَيِّبوهُ
وَيُعرِضوا عَنهُ وَيُصغِروهُ
مَن صَنَعَ الناسَ تَكَنَّفوهُ
وَاِقتَرَبوا مِنهُ وَكَرَّموهُ
سُبحانَ مَن باعَدَ في تَقَدُّمِه
نَعصيهِ في قَبضَتِهِ بِأَنعُمِه
كِلا الجَديدَينِ بِنا حَثيثُ
مِنَ الخُطوبِ عَجِلٌ مَكيثُ
طوبى لِمَن طابَ لَهُ الحَديثُ
ما يَستَوي الطَيِّبُ وَالخَبيثُ
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 06:08 PM
الحَمدُ لِلَّهِ عَلى تَقديرِهِ
وَحُسنِ ما صَرَفَ مِن أُمورِهِ
الحَمدُ لِلَّهِ بِحُسنِ صُنعِهِ
شُكراً عَلى إِعطائِهِ وَمَنعِهِ
يَخيرُ لِلعَبدِ وَإِن لَم يَشكُرُه
وَيَستُرُ الجَهلَ عَلى مَن يُظهِرُه
خَوَّفَ مَن يَجهَلُ مِن عِقابِهِ
وَأَطمَعَ العامِلَ في ثَوابِهِ
وَأَنجَدَ الحُجَّةَ بِالإِرسالِ
إِلَيهِمُ في الأَزمُنِ الخَوالي
نَتَعصِمُ اللَهَ فَخَيرُ عاصِمِ
قَد يُسعِدُ المَظلومَ ظُلمُ الظالِمِ
فَضَّلَنا بِالعَقلِ وَالتَدبيرِ
وَعِلمِ ما يَأتي مِنَ الأُمورِ
يا خَيرَ مَن يُدعى لَدى الشَدائِدِ
وَمَن لَهُ الشُكرُ مَعَ المَحامِدِ
أَنتَ إِلَهي وَبِكَ التَوفيقُ
وَالوَعدُ يُبدي نورَهُ التَحقيقُ
حَسبُكَ مِمّا تَبتَغيهِ القوتُ
ما أَكثَرَ القوتَ لِمَن يَموتُ
إِن كانَ لا يُغنيكَ ما يَكفيكا
فَكُلُّ ما في الأَرضِ لا يُغنيكا
الفَقرُ فيما جاوَزَ الكَفافا
مَن عَرَفَ اللَهَ رَجا وَخافا
إِنَّ القَليلِ بِالقَليلِ يَكثُرُ
إِنَّ الصَفاءَ بِالقَظى لَيَكدُرُ
يا رُبَّ مَن أَسخَطَنا بِجَهدِهِ
قَد سَرَّنا اللَهُ بَغَيرِ حَمدِهِ
مَن لَم يَصِل فَاِرضَ إِذا جَفاكَ
لا تَقطَعَنَّ لِلهَوى أَخاكا
اللَهُ حَسبي في جَميعِ أَمري
بِهِ غَنائي وَإِلَيهِ فَقري
لَن تُصلِحَ الناسَ وَأَنتَ فاسِدُ
هَيهاتَ ما أَبعَدَ ما تُكابِدُ
التَركُ لِلدُنيا النَجاةُ مِنها
لَم تَرَ أَنهى لَكَ مِنها عَنها
لِكُلِّ ما يُؤذي وَإِن قَلَّ أَلَم
ما أَطوَلَ اللَيلَ عَلى مَن لَم يَنَم
مَن لاحَ في عارِضِهِ القَتيرُ
فَقَد أَتاهُ بِالبَلى النَذيرُ
مَن جَعَلَ النَمّامَ عَيناً هَلَكا
مُبلِغُكَ الشَرَّ كَباغيهِ لَكا
يُغنيكَ عَن قولِ قَبيحٍ تَركُهُ
قَد يوهِنُ الرَأيَ الأَصيلَ شَكُّهُ
لِكُلِّ قَلبٍ أَمَلٌ يُقَلِّبُه
يَصدُقُهُ طَوراً وَطَوراً يَكذِبُه
المَكرُ وَالخِبُّ أَداةُ الغادِرِ
وَالكَذِبُ المَحضُ سِلاحُ الفاجِرِ
لَم يَصفُ لِلمَرءِ صَديقٌ يَذُقُه
لَيسَ صَديقُ المَرءِ مَن لا يَصدُقُه
مَعروفُ مَن مَنَّ بِهِ خِداجُ
ما طابَ عَذبٌ شابَهَ عَجاجُ
ما عَيشُ مَن آفَتُهُ بَقاؤُهُ
نَغَّصَ عَيشاً طَيِّباً فَناؤُهُ
إِنّا لَنَفنى نَفَساً وَطَرفا
لَم يَترُكِ المَوتُ لِإِلفٍ إِلفا
وَلِلكَلامِ باطِنٌ وَظاهِرُ
في ساعَةِ العَدلِ يَموتُ الجاجِرُ
عَلِمتَ يا مُجاشِعُ بنَ مَسعَدَه
أَنَّ الشَبابَ وَالفَراغَ وَالجِدَه
مَفسَدَةٌ لِلمَرءِ أَيُّ مَفسَدَة
يا لِلشَبابِ المَرِحِ التَصابي
رَوائِحُ الجَنَّةِ في الشَبابِ
لَيسَ عَلى ذي النُصحِ إِلّا الجَهدُ
الشَيبُ زَرعٌ حانَ مِنهُ الحَصدُ
الغَدرُ نَحسٌ وَالوَفاءُ سَعدُ
هِيَ المَقاديرُ فَلُمني أَو فَذَر
تَجري المَقاديرُ عَلى غَرزِ الإِبَر
إِن كُنتُ أَخطَأتُ فَما أَخطا القَدَر
إِنَّ الفَسادَ بَعدَهُ الصَلاحُ
يا رُبَّ جِدٍّ جَرَّهُ المِزاحُ
ما تَطلُعُ الشَمسُ وَلا تَغيبُ
إِلّا لِأَمرٍ شَأنُهُ عَجيبُ
لِكُلِّ شَيءٍ مَعدَنٌ وَجَوهَرُ
وَأَوسَطٌ وَأَصغَرٌ وَأَكبَرُ
وَكُلُّ شَيءٍ لاحِقٌ بِجَوهَرِه
أَصغَرُهُ مُتَّصِلٌ بِأَكبَرِه
مَن لَكَ بِالمَحضِ وَكُلٌّ مُمتَزِج
وَساوِسٍ في الصَدرِ مِنكَ تَعتَلِج
مَن لَكَ بَالمَحضِ وَلَيسَ مَحضُ
يَخبُثُ بَعضٌ وَيَطيبُ بَعضُ
لِلكُلِّ إِنسانٍ طَبيعَتانِ
خَيرٌ وَشَرٌّ وَهُما ضِدّانِ
إِنَّكَ لَو تَستَنشِقُ الشَحيحا
وَجَدتَهُ أَخبَثَ شَيءٍ ريحا
عَجِبتُ لَمّا ضَبَّني السُكوتُ
حَتّى كَأَنّي حائِرٌ مَبهوتُ
كَذا قَضى اللَهُ فَكَيفَ أَصنَعُ
وَالصَمتُ إِن ضاقَ الكَلامُ أَوسَعُ
نَعوذُ بِاللَهِ مِنَ الشَيطانِ
ما أَولَعَ الشَيطانَ بِالإِنسانِ
خَيرُ الأُمورِ خَيرُها عَواقِبا
مَن يُرِدِ اللَهُ يَجِد مَذاهِبا
الجودُ مِمّا يُثبِتُ المَحَبَّةَ
وَالبُخلُ مِمّا يُثبِتُ المَسَبَّه
لِكُلِّ شَيءٍ أَجَلٌ مَكتوبُ
وَطالِبُ الرِزقِ بِهِ مَطلوبُ
لِكُلِّ شَيءٍ سَبَبٌ وَعاقِبَه
وَكُلُّها آتِيَةٌ وَذاهِبَة
يا عَجَباً مِمَّن يُحِبُّ الدُنيا
وَلَيسَ لِلدُنيا عَلَيهِ بُقيا
الصِدقُ وَالبِرُّ هُما الوِقاءُ
يَومَ تَقومُ الأَرضُ وَالسَماءُ
وَكُلُّ قَرنٍ فَلَهُ زَمانُ
وَلَم يَدُم مُلكٌ وَلا سُلطانُ
ما أَسرَعَ المَوتَ وَإِن طالَ العُمُر
وَرُبَّما كانَ قَليلاً فَكَثُر
مَسَرَّةُ الدُنيا إِلى تَنغيصِ
وَرُبَّما أَكَت يَدُ الحَريصِ
ما هِيَ إِلّا دُوَلٌ بَعدَ دُوَل
تَجري بِأَسبابٍ تَأَتّى وَعِلَل
ما قَلَبَ القَلبَ كَتَقليبِ الأَمَل
لِلقَلبِ وَالآمالِ حَلٌّ وَرَحَل
وَكُلُّ خَيرٍ تَبَعٌ لِلعَقلِ
وَكُلُّ شَرٍّ تَبَعٌ لِلجَهلِ
لِكُلِّ نَفسٍ مِمَمٌ وَنَجوى
لا كَرَمٌ يُعرَفُ إِلّا التَقوى
لِيَجهَدِ المَرءُ فَما يَعدو القَدَر
وَرُبَّما قادَ إِلى الحَينِ الحَذَر
ما صاحِبُ الدُنيا بِمُستَريحٍ
وَالداءُ داءُ النَهِمِ الشَحيحِ
لَم نَرَ شَيئاً يَعدِلُ السَلامَه
لا خَيرَ فيما يُعقِبُ النَدامَه
بِحَسبِكَ اللَهُ فَما يَقضي يَكُن
وَما يُهَوِّنهُ مِنَ الأَمرِ يَهُن
كَم مِن نَقِيِّ الثَوبِ ذي قَلبٍ دَنِس
فَالموحِشُ الباطِلِ وَالحَقُّ أَنِس
تَحَرَّ فيما تَطلُبُ البَلاغا
وَاِغتَنِمِ الصِحَّةَ وَالفَراغا
المَرءُ يَبغي كُلَّ مَن يَبغيهِ
وَكُلُّ ذي رِزقٍ سَيَستَوفيهِ
في كُلِّ شَيءٍ عَجَبٌ مِنَ العَجَب
وَكُلُّ شَيءٍ فَبِوَقتٍ وَسَبَب
الحَقُّ ما كانَ أَحَقُّ ما اِتُّبِع
وَرُبَّما لَجَّ لَجوجٌ فَرَجَع
الأَمرُ قَد يَحدُثُ بَعدَ الأَمرِ
كُلُّ اِمرِئٍ يَجري وَلَيسَ يَدري
دُنيايَ يا دُنيايَ غُرّي غَيري
إِنّي مِنَ اللَهَ بِكُلِّ خَيرِ
لِكُلِّ نَفسٍ صِبغَةٌ وَشيمَه
وَلَن تَرى عَزيمَه
لا تَترُكِ المَعروفَ حَيثُ كُنتا
وَاِعزِم عَلى الخَيرِ وَإِن جَبُنتا
الحَمدُ لِلَّهِ كَثيراً شُكرا
اللَهُ أَعلى وَأَعَزُّ أَمرا
لا بُدَّ مِمّا لَيسَ مِنهُ بُدُّ
وَالغَيُّ لا يَنزِلُ حَيثُ الرُشدُ
ما شاءَ رَبّي أَن يَكونَ كانا
وَالمَرءُ يُردي نَفسَهُ أَحيانا
كُلُّ اِجتِماعٍ فَإِلى اِفتِراقِ
وَالدَهرُ ذو فَتحٍ وَذو إِغلاقِ
كُلٌّ يُناغي نَفسَهُ بِهاجِسِ
تَقَلُّقٌ مِن عُلَقِ الوَساوِسِ
نَستَوفِقُ اللَهَ لِما نُحِبُّ
ما أَقبَحَ الشَيخَ الكَبيرَ يَصبو
في كُلِّ رَأسٍ نَزوَةٌ وَطَربَه
رُبَّ رِضىً أَفضَلُ مِنهُ غَضبَه
كَم غَضبَةٍ طابَت بِها المَغَبَّه
يا عاشِقَ الدُنيا تَسَلَّ عَنها
وَيلي عَلى الدُنيا وَوَيلي مِنها
ما أَسرَعَ الساعاتِ في الأَيّامِ
وَأَسرَعَ الأَيّامَ في الأَعوامِ
لِلمَوتِ بي جِدٌّ وَأَيُّ جِدِّ
وَلَستُ لِلمَوتِ بِمُستَعِدِّ
هَل أُذُنٌ تَسمَعُ ما تُسَمِّعُ
قَوارِعُ الدَهرِ الَّتي تُقَرِّعُ
ما طابَ فَرعٌ لا يَطيبُ أَصلُهُ
اِحذَر مُؤاخاةَ اللَئيمِ فِعلُهُ
اِنظُر إِذا آخَيتَ مَن تُؤاخي
ما كُلُّ مَن آخَيتَ بِالمُؤاخي
الحَمدُ لِلَّهِ الكَثيرِ خَيرُهُ
لَم يَسَعِ الخَلقَ جَميعاً غَيرُهُ
مَن يَشتَكِ الدَهرَ يَطُل في الشَكوى
الدَهرُ ما لَيسَ عَلَيهِ عَدوى
لَم نَرَ مَن دامَ لَهُ سُرورُ
وَصاحِبُ الدُنيا بِها مَغرورُ
نَعوذُ بِاللَهِ مِنَ الشَقاءِ
ما أَطمَعَ الإِنسانَ في البَقاءِ
لَم يَخلُ مِن حُسنِ يَدٍ مَكانُهُ
وَالمَرءُ لَم يُسلِمَهُ إِحسانُهُ
مَن يَأمَنُ المَوتَ وَلَيسَ يُؤمِنُ
نَحنُ لَهُ في كُلِّ يَومٍ نُؤذَنُ
يا رُبَّ ذي خَوفٍ أَتى مِن مَأمَنِه
كَم مُبتَلىً مِن يَأسِهِ بِأَمَنِه
اِستَغنِ بِاللَهِ تَكُن غَنِيّاً
اِرضَ عَنِ اللَهِ تَعِش رَضِيّا
يا رَبِّ إِنّا بِكَ يا عَظيمُ
إِنَّكَ أَنتَ الواسِعُ الحَكيمُ
يَكونُ ما لا بُدَّ أَن يَكونا
وَكُلُّ راجٍ رَجَّمَ الظُنونا
سُبحانَ مَن لا يَنقَضي
سُبحانَ مَن لا يَخيبُ طالِبُه
لَم يَعدَمِ اللَهُ وَلِلَّهِ القِدَم
وَالسابِقُ اللَهُ إِلى كُلِّ كَرَم
ما كُلُّ شَيءٍ يُبرَغى يُنالُ
وَطَلِبُ الحَقِّ لَهُ مَقالُ
أَفَلحَ مَن كانَ لَهُ تَفَكُّرُ
ما كُلُّ ذي عَيشٍ يَرى ما يُبصِرُ
وَكُلُّ نَفسٍ فَلَها تَعَلُّلُ
وَإِنَّما النَفسُ عَلى ما تُحمَلُ
وَعادَةُ الشَرِّ فَشَرُّ عادَه
وَالمَرءُ بَينَ النَقصِ وَالزِيادَة
لِكُلِّ ناعٍ ذاتَ يَومٍ ناعِ
وَإِنَّما النَعيُ بِقَدرِ الناعي
وَكُلُّ نَفسٍ فَلَها دَواعِ
ما أَكرَهَ الإِنسانَ لِلتَفَضُّلِ
وَإِنَّما الفَضلُ لِكُلِّ مُفضِلِ
رَبِّ لَكَ الحَمدُ وَأَنتَ أَهلُهُ
مَن لَزِمَ التَقوى أَنارَ عَقلُهُ
ما غايَةُ المُؤمِنِ إِلّا الجَنَّه
تَبارَكَ اللَهُ العَظيمُ المِنَّه
يا عَجَباً لِلَّيلِ وَالنَهارِ
لا بَل لِساعاتِهِما القِضارِ
ما أَطحَنَ الأَيّامَ لِلقُرونِ
كَم لِاِمرِئٍ مِن مَأمَنٍ خَؤونِ
يا رُبَّ حُلوٍ سَيَعودُ سُمّا
وَرُبَّ حَمدٍ سَيَعودُ ذَمّا
وَرُبَّ سِلمٍ سَيَعودُ حَربا
وَرُبَّ إِحسانٍ يَعودُ ذَنبا
المَوتُ لا يُفلِتُ حَيٌّ مِنهُ
كَم ذائِقٍ لِلمَوتِ لاهٍ عَنهُ
ما أَسرَعَ البَغيَ لِكُلِّ باغِ
وَرُبَّ ذي بَغيٍ مِنَ الفَراغِ
لِكُلِّ جَنبٍ ذاتَ يَومٍ مَصرَعُ
وَالحَقُّ ذو نورٍ عَلَيهِ يَسطَعُ
لا تَطلُبُ المَعروفَ إِلّا مِن أَخِ
يَسومُكَ الوِدَّ بِهِ سَومَ السَخي
الزُهدُ في الدُنيا هُوَ العَيشُ الرَخي
يا رُبَّ شُؤمٍ صارَ لِلبَخيلِ
أَكرِم بِأَهلِ العِلمِ بِالجَميلِ
مَن كانَ في الدُنيا لَهُ زَهادَه
فَعِندَها طابَت لَهُ العِبادَه
أَصلِح وَمَن يُصلِح فَماذا يَربَح
وَالشَيءُ لا يَصلُحُ إِن لَم يُصلَح
كُلُّ جَديدٍ سَيَعودُ مُخلِقاً
وَمَن أَصابَ مَرَفِقا
ما اِنتَفَعَ المَرءُ بِمِثلِ عَقلِه
وَخَيرُ ذُخرِ المَرءِ حَسنُ فِعلِه
لَم يَزَلِ اللَهُ عَلَينا مُنعِما
وَمَن طَغى عاشَ فَقيراً مُعدَما
اليُبسُ وَالبَأسِ لِأَهلِ الباسِ
وَسادَةُ الناسِ خِيارُ الناسِ
أَيُّ بِناءٍ لَيسَ لِلخَرابِ
وَأَيُّ آتٍ لَيسَ لِلذَهابِ
كَأَنَّ شَيئاً لَم يَكُن إِذا اِنقَضى
وَما مَضى مِمّا مَضى فَقَد مَضى
ما أَزيَنَ العَقلَ لِكُلِّ عاقِلِ
ما أَشيَنَ الجَهلَ لِكُلِّ جاهِلِ
بُؤسى لِمَن قالَ بِما لا يَعلَمُ
وَصاحِبُ الحَقِّ فَلَيسَ يَندَمُ
الخَيرُ أَهلٌ أَن يُحِبَّ أَهلُهُ
وَالحَقُّ ذو خِفٍّ ثَقيلٍ حَملُهُ
وَالحَينُ خَتّالٌ لَطيفٌ خَتلُهُ
أَينَ يَفِرُّ المَرءُ أَينَ أَينا
كُلُّ جَميعٍ سَيُلاقي بَينا
إِلَيكِ يا دُنيا إِلَيكِ عَنّي
ماذا تُريدينَ تَخَلّي مِنّي
يا دارُ دارَ الهَمِّ وَالمَعاصي
هَل فيكِ لي بابٌ إِلى الخَلاصِ
نَطلُبُ أَن نَبقى وَلَيسَ نَبقى
كُلٌّ سَيَلقى اللَهَ حَقّا حَقّا
لِكُلِّ عَينٍ عِبرَةٌ فيما تَرى
وَالحَقُّ مَحفوفٌ بِأَعلامِ الهُدى
يَقبَلُهُ العَقلُ وَيَنفيهِ الهَوى
كَم بارَكَ اللَهُ لِقَلبي فَاِتَّسَع
وَاللَهُ إِن بارَكَ في شَيءٍ نَفَع
لا تُتبِعِ المَعروفَ مِنكَ مِنّا
أُخِيَّ أَحسِن بِأَخيكَ الظَنّا
سُبحانَكَ اللَهُمَّ سَلِّم سَلِّمِ
وَتَمِّمِ النُعمى عَلَينا تَمَم
طوبى لِمَن صَحَّت بَناتُ حِسِّهِ
وَمَن كَفاهُ اللَهُ شَرَّ نَفسِهِ
كَم دَولَةٍ سَوفَ يَكونُ غَيرُها
وَسَوفَ يَفنى شَرُّها وَخَيرُها
يا عَجَباً لِلدَهرِ في تَقَلُّبِه
المَرءُ مُذ كانَ عَلى تَوَثُّبِه
ما بَينَ نابَيهِ وَبَينَ مِخلَبِه
ما أَعظَمَ الحُجَّةَ إِن عَقَلنا
ما يَغفُلُ المَوتُ وَإِن غافَلنا
اِعتَبِرِ اليَومَ بِأَمسِ الذاهِبِ
وَاِعجَب فَما تَنفَكُّ مِن عَجائِبِ
تَرى الأُمورَ
وَاللَهُ في كُلِّ الأُمورِ يَقضي
تَبارَكَ اللَهُ
يا صاحِبَ التَسويفِ ماذا تَنتَظِر
مَن قَنِعَ وَالمَوتُ ما أَسرَعَهُ وَأَوحى
يا رَبِّ إِنّي بِكَ أَنتَ رَبّي
وَمِنكَ إِحسانٌ وَمِنّي ذَنبي
أَستَغفِرُ اللَهَ فَنِعمَ القادِرُ
اللَهُ لي مِن شَرِّ ما أُحاذِرُ
حَتّى مَتى المُذنِبُ لا يَتوبُ
أَما تَرى ما تَصنَعُ الخُطوبُ
ما المُلكُ إِلّا الجاهُ عِندَ اللَهِ
الجاهُ عِندَ اللَهِ خَيرُ جاهِ
كاسَ اِمُؤٌ مُنتَظِرٌ لِلمَوتِ
وَكاسَ مَن بادَرَ قَبلَ الفَوتِ
سَبيلُ مَن ماتَ هُوَ السَبيلُ
بَقاؤنا مِن بَعدِهِم قَليلُ
قَد يَضحَكُ القَلبُ بِعَينٍ تَبكي
وَالأَخذُ قَد يَجري بِمَعنى التَركِ
ما هِيَ إِلّا الحادِثاتُ حَتّى
تَترُكَ أَهلَ الأَرضِ بَتّا بَتّا
لا بُدَّ لا بُدَّ مِنَ الحَوادِثِ
تَمُرُّ تَطوي حادِثاً بِحادِثِ
لا عَيشَ إِلّا عَيشُ أَهلِ الآخِرَه
إِنّا لَنَعمى وَالعُيونُ ناظِرَه
المَوتُ حَقٌّ لَيسَ فيهِ شَكٌّ
تَفنى المُلوكُ وَيَبيدُ المُلكُ
اللَهُ رَبّي وَهوَ المَليكُ
لَيسَ لَهُ في مُلكِهِ شَريكُ
اللَهُ يَفنينا وَلَيسَ يَفنى
لَهُ الجَلالُ وَالصِفاتُ الحُسنى
اللَهُ مَولانا وَنِعمَ المَولى
فَقُل لِمَن يَعصيهِ أَولى أَولى
ما هُوَ إِلّا عَفوُهُ وَحِلمُهُ
سُبحانَ مَن لا حُكمَ إِلّا حُكمُهُ
نَتائِجُ الأَحوالِ مِن لا وَنَعَم
وَالنَفسُ مِن بَينِ صُموتٍ وَعَدَم
يَذهَبُ شَيءٌ وَيَجيءُ شَيُّ
ما هُوَ إِلّا رَشَدٌ وَغَيُّ
وَإِنَّما العِلمُ بِعَينٍ وَأَثَر
وَإِنَّما التَعليمُ عِلمٌ وَخَبَر
نَحنُ مِنَ الدُنيا عَلى وِفازِ
طوبى لِمَن أَسرَعَ في الجِهازِ
وَكُلُّ مَأخوذٍ فَسَوفَ يُترَكُ
وَالمُلكُ لا يَبقى وَلا المُمَلَّكُ
أَتَت مُلوكٌ وَمَضَت مُلوكُ
غَرَّتهُمُ الآمالُ وَالشُكوكُ
المَلِكُ الحَيُّ هُوَ المُميتُ
لَهُ الجَميعُ وَلَهُ الشَتيتُ
في كُلِّ شَيءٍ عِبرَةٌ مِنَ العِبرِ
وَكُلُّ شَيءٍ بِقَضاءٍ وَقَدَر
رَبّي إِلَيهِ تُرجَعُ الأُمورُ
أَستَغفِرُ اللَهَ هُوَ الغَفورُ
عَمِلتُ سوءً وَظَلَمتُ نَفسي
وَخِبتُ يَومي وَأَضَعتُ أَمسي
وَلي غَدٌ يُؤخَذُ مِنّي لَهُما
هُما الدَليلانِ عَلى ذاكَ هُما
يا عَجَباً مِن ظُلمِ الذُنوبِ
إِنَّ لَها رَيناً عَلى القُلوبِ
اللَهُ فَعّالٌ لِما يَشاءُ
غَداً غَداً يَنكَشِفُ الغِطاءُ
كَم شِدَّةٍ مِن بَعدِها رَخاءُ
إِنَّ الشَقِيَّ لِلشَقِيُّ الخائِنُ
وَكُلُّنا عَمّا نَراهُ بائِنُ
كُلٌّ سَيَفنى عاجِلاً وَشيكا
تَرحَلُ عَن تَيّا وَتَنأى تيكا
ناهيكَ مِمّا سَتَرى ناهيكا
وَكُلُّ شَيءٍ مُقبِلٌ مُوَلِّ
وَكُلُّ ذي شَيءٍ لَهُ مُخَلِّ
رَضيتُ بِاللَهِ وَبِالقَضاءِ
ما أَكرَمَ الصَبرَ عَلى البَلاءِ
نَعَبُ وَالدَهرُ بِنا سَريعُ
وَالمَوتُ بينا دائِبٌ ذَريعُ
كُلُّ بَني الدُنيا لَها صَريعُ
أَلا اِنتَبِه ثُمَّ اِنتَبِه يا ناعِسُ
أُخَيَّ لا تَلعَب بِكَ الوَساوِسُ
دُنيايَ يا دُنيايَ يا دارَ الفِتَن
يا دارُ يا دارَ الهُمومُ وَالحَزَنَ
يا غَيرَ الدَهرِ وَيا صَرفَ الزَمَن
إِن أَنا لَم أَبكِ عَلى نَفسي فَمَن
لِكُلِّ هَمٍّ فَرَجٌ مِنَ الفَرَجِ
تَثَقَّفَ الحَقُّ فَما فيهِ عِوَج
يا عَجَباً ما أَسرَعَ الأَيّاما
عَجِبتُ لِلنائِمِ كَيفَ ناما
يا عَجَباً كُلٌّ لَهُ تَصريفُ
صَرَّفَهُ المُصَرِّفُ اللَطيفُ
وَأَيُّ شَيءٍ لَيسَ فيهِ فِكرَه
وَأَيُّ شَيءٍ لَيسَ فيهِ عِبرَه
نَرى اِفتِراقاً وَنَرى اِجتِماعا
نَرى اِتِّصالاً وَنَرى اِنقِطاعا
المُؤمِنُ المُخلِصُ لا يَضيعُ
وَحُكمَةُ اللَهِ لَهُ رَبيعُ
حَتّى مَتى لا تَرعَوي حَتّى مَتى
لَقَد عَصَيتَ اللَهَ كَهلاً وَفَتى
ما أَقرَبَ النَقصَ مِنَ النَماءِ
وَكُلُّ مَن تَمَّ إِلى فَناءِ
أَرى البِلى فينا لَطيفَ الفَحصِ
بَينَ الزِياداتِ وَبَينَ النَقصِ
إِن كُنتَ تَبغي أَن تَكونَ أَملَسا
فَكُن مِنَ الدُنيا أَصَمَّ أَخرَسا
وَأَرغَب إِلى اللَهِ عَسى اللَهُ عَسى
يا ذا الَّذي اِستيقاظُهُ مُشتَبَهُ
لا راقِدٌ أَنتَ وَلا مُستَنبِهُ
مَن آثَرَالمُلكَ عَلى الكَينونَه
كانَ مِنَ المُلكِ عَلى بَينونَه
لِيَخشَ عَبدٌ دَعوَةَ المَظلومِ
وَحِكمَةِ الحَيِّ بِها القَيّومِ
وَيحَكَ يا مُغتَصِبَ المِسكينِ
وَيحَكَ مِن دَيّانِ يَومِ الدَينِ
الدينُ لِلَّهِ هُوَ الدَيّانُ
وَحُجَّةُ اللَهِ هِيَ السُلطانُ
تُدانُ يَوماً ما كَما تَدينُ
وَيحَكَ يا مِسكينُ يا مِسكينُ
لِمِثلِ هَذا فَلَبَّيكَ الباكي
حَسبُكَ بِالبُيودِ مِن هَلاكِ
لَيسَ الرِضى إِلّا لِكُلِّ راضِ
وَكُلُّ أَمرِ اللَهِ فينا ماضِ
السُخطُ لا يَبرَحُ كُلَّ ساخِطِ
أَيُّ هَوىً فيهِ سُقوطُ الساقِطِ
وَصِلِ اللَهَ عَلى ما تَهوى
وَلازِمِ الرُشدَ لِكَي لا تَغوى
مَن ضاقَ حَلَّت نَفسُهُ في الضيقِ
لَيسَ اِمرُؤٌ ضاقَ عَلى الطَريقِ
ما أَوسَعَ الدُنيا عَلى المُسامِحِ
ما فازَ إِلّا كُلُّ عَبدٍ صالِحِ
عاقِبَةُ الصَبرِ لَها حَلَوَه
وَعادَةُ الشَرِّ لَها ضَراوَه
تَعَزَّ بِالصَبرِ عَلى ما تَكرَهُ
وَلا تُخَلِّ النَفسَ حينَ تَشرَهُ
النَفسُ إِن أَتبَعتَها هَواها
فاغِرَةٌ نَحوَ هَواها فاها
لا تَبغِ ما يَجزيكَ مِنهُ دونَهُ
وَإِن رَأَيتَ الناسَ يَطلُبونَهُ
أَيُّ غِنىً لِلمَرءِ في القُنوعِ
وَالمَرءُ ذو حِرصٍ وَذو وَلوعِ
المَرءُ دُنياهُ لَهُ غَرّارَه
وَالنَفسُ بِالسوءِ لَهُ أَمّارَه
ما النَفسُ إِلّا كَدرٌ وَصَفو
طَعمٌ لَهُ مُرُّ وَطَعمٌ حُلو
لِكُلِّنا يا دارُ مِنكِ شَجو
وَبَعضُنا مِن شَجوِ بَعضٍ خِلو
ما زالَتِ الدُنيا لَنا دارَ أَذى
مَمزوجَةَ الصَفوِ بِأَلوانِ القَذى
الخَيرُ وَالشَرُّ بِها أَزواجُ
لِذا نِتاجٌ وَلِذا نِتاجُ
سُبحانَ رَبّي فالِقِ الإِصباحِ
ما أَطلَبَ المَساءَ لِلصَباحِ
إِنَّ الجَديدَينِ هُما هُما هُما
هُما هُما دائِرَةٌ رَحاهُما
يا دارُ الباطِلِ المُعَتَّقِ
عَلِقتُ مِمَّن فيكَ كُلَّ مَعلَقِ
لا عَيشَ إِلّا عَيشُ أَهلِ الحَقِّ
دارُ خُلودٍ لِحِسابِ الحَقِّ
ما عَيشُ مَن ضَلَّ الرِضى بِعَيشِ
الساخِطِ العَيشِ كَثيرُ الطَيشِد
جَدَّ بِنا الأَمرُ وَنَحنُ نَلعَبُ
وَكُلُّ آتٍ فَكَذاكَ يَذهَبُ
يَنعى حَياةَ الحَيِّ مَوتُ المَيِّتِ
يُسمِعُهُ النَعيَ بِصَوتٍ صَيِّتِ
عَلَيكَ لِلناسِ بِنُصحِ الجَيبِ
وَكُن مِنَ الناسِ أَمينَ الغَيبِ
إِرضَ مِنَ الدُنيا بِما يَقوتُكا
وَاِعلَم بِأَنَّ الرِزقَ لا يَفوتُكا
القوتُ مِن حِلٍّ كَثيرٌ طَيِّبُ
وَالخَطَرُ بِكرٌ تارَةً وَثَيِّبُ
أَصلُ الخَطايا خَطرَةٌ وَنَظرَةُ
وَغَدرَةٌ ظاهِرَةٌ وَفَجرَةُ
لِيَسلَمِ الناسُ جَميعاً مِنكا
وَاِرضَ لَعَلَّ اللَهَ يَرضى عَنكا
تَبارَكَ اللَهُ وَجَلَّ اللَهُ
أَعظَمُ ما فاهَت بِهِ الأَفواهُ
ما أَوسَعَ اللَهَ وَجَلَّ خَلقِهِ
كُلٌّ فَفي قَبضَتِهِ وَرِزقِهِ
بِاللَهِ نَقوى لِأَداءِ حَقِّهِ
كُلُّ اِمرِئٍ في شَأنِهِ يُرَقِّعُ
وَالرَقعُ لا يَبقى وَلا المُرَقَّعُ
ما أَشرَفَ الكَسبَ مِنَ الحَلالِ
ما أَكرَمَ السَعِيَ عَلى العِيالِ
ما أَكذَبَ الآمالِ عِندَ الحَينِ
وَالسَيرُ في إِصلاحِ ذاتِ البَينِ
آيُّ رَجاءٍ لَيسَ فيهِ خَوفُ
وَرُبَّما خانَت عَسى وَسَوفُ
ما هُوَ إِلّا الخَوفُ وَالرَجاءُ
لا تَرجُ مَن لَيسَ لَهُ حَياءُ
يا عَينُ يا عَينُ أَما رَأَيتِ
أَما رَأَيتِ قَطُّ قَبرَ مَيتِ
يا عَينُ قَد نُكيتِ إِن بَكيتِ
بَيتُ البِلى أَقصَرُ بَيتٍ سَمكا
سُبحانَ مَن أَضحَكَنا وَأَبكى
يا لِلبَلى يا لِلبَلى يا لِلبَلى
إِنَّ البَلى يُسرِعُ تَغيّرَ الحِلا
لا بُدَّ يَوماً يُحصَدُ المَزروعُ
وَكُلُّنا عَن نَفسِهِ مَخدوعُ
نَحنُ جَميعاً كُلُّنا عَبيدُ
مَليكُنا مُقتَدِرٌ حَميدُ
لَنا مَليكٌ مُحسِنٌ إِلَينا
مَن نَحنُ لَولا فَضلُهُ عَلَينا
أَكثَرُ ما نُعنى بِهِ وَلوعُ
طوبى لِمَن كانَ لَهُ قُنوعُ
سُبحانُ مَن ذَلَّت لَهُ الأَشرافُ
أَكرَمُ مَن يُرجى وَمَن يُخافُ
ما هُوَ إِلّا العَزمُ وَالتَوَكُّلُ
البِرُّ يَعلو وَالفُجورُ يَسفُلُ
كَم مَرَّةٍ حَفَّت بِكَ المَكارِهُ
خارَ لَكَ اللَهُ وَأَنتَ كارِهُ
عَجِبتُ لِلدَهرِ وَلِاِنقِلابِهِ
ما لَكَ لا تُعنى بِما يُعنى بِهِ
إِذا جَعَلتَ الهَمَّ هَمّاً واحِدا
نَعِمتَ بالاً وَغَنيتَ راشِدا
يا عَجَباً لِلنَفسِ ما أَشرَدَها
ما أَقرَبَ النَفسَ وَما أَبعَدَها
النَفسُ أَعدى لَكَ مِمّا تَحسِبُ
حَسبُكَ مِن عِلمِكَ ما تُجَرِّبُ
يا عَجَباً يا عَجَباً يا عَجَبا
يا عَجَباً لِمَن لَها وَلَعِبا
يا عَجَباً لِلطَرفِ كَيفَ يَطمَحُ
يا عَجَباً لِلمَرءِ كَيفَ يَفرَحُ
ما أَسرَعَ المَوتَ لِذي طَرفٍ طَمَح
لَم يَترُكِ المَوتُ لِذي لُبِّ فَرَح
يا رَبِّ يا رَبِّ لَقَد أَنعَمتا
يا رَبِّ ما أَحسَنَ ما عَلَّمتا
يا رَبِّ أَسعِدني بِما عَلَّمتَني
وَلا تُهنِيِّ بَعدَ إِذ أَكرَمتَني
دَع عَنكَ يا هَذا بُنَيّاتِ الطُرُق
إِن لَم تَصُن وَجهَكَ يا هَذا خَلُق
دَع عَنكَ ما لَيسَ بِهِ مُستَمتَعُ
وَشَرُّ ما حاوَلتَ ما لا يَنفَعُ
وَخَيرُ أَيّامِكَ يَومُ تُنعِمُ
وَشَرُّ أَيّامِكَ يَومُ تَظلِمُ
وَخَيرُ ما قُلتَ بِهِ ما يُعرَفُ
وَشَرُّ مَن صاحَبتَ مَن لا يُنصِفُ
وَخَيرُ مَن قارَنتَ مَن لا يَخرُقُ
وَشَرُّ مَن خالَفتَ مَن لا يَرفُقُ
كُلٌّ إِذا ما مَسَّهُ الضُرُّ شَكا
وَكُلُّ مَن أَبكَتهُ دُنياهُ بَكى
يا عَينُ ما لَكِ لا تَبكينا
تَبَصَّري إِن كُنتِ تُبصِرينا
ما أَعجَبَ الأَمرَ لِمَن تَعَجَّبا
ما أَسرَعَ القَلبَ إِذا تَقَلَّبا
يَحُلُّ قَلبُ المَرءِ حَيثُ مالُهُ
ما كُلُّ مَن أَطمَعَني أَنالُهُ
قَدِّم لِما بَينَ يَدَيكَ قَدِّمِ
أُفٍّ وَتُفٍّ لِعَبيدِ الدِرهَمِ
الصِدقُ وَالبِرُّ أَصَبنا تَوأَما
وَالمُسلِمُ البَرُّ يَبَرُّ المُسلِما
لا سَعَةٌ أَوسَعَ مِن حُسنِ الخُلُق
مَنِ اِعتَدى تاهَ وَمَن تاهَ حُمُق
ما كُلُّ مَعقودٍ لَهُ وَثيقَه
وَالصِدقُ ما كانَت لَهُ حَقيقَه
في الغَيِّ خُسرانٌ وَفي الرُشدِ دَرَك
أَوسَعُ خَيرِ المَرءِ خَيرٌ مُشتَرَك
ما زالَتِ الدُنيا سُكوناً وَحَرَك
يا عَينُ أَبغي مِنكِ أَن تَجودي
بِأَدمُعٍ تَنهَلُّ كَالفَريدِ
يَئِستُ في الدُنيا مِنَ الخُلودِ
يَحِقُّ لي يا عَينُ أَن بَكَيتُ
أَبكي لِعِلمي بِالَّذي أَتَيتُ
أَنا المُسيءُ المُذنِبُ الخَطّاءُ
في تَوبَتي عَن حَوبَتي إِبطاءُ
ما عِندَ يَومي ثِقَةٌ لي بِغَدِ
لا بُدَّ مِن دارِ خُلودِ الأَبَدِ
يا حَزَني يا حَزَني يا حَزَني
لا بُدَّ أَن يَترُكَ روحي بَدَني
يا غَدرَةَ الأَيّامِ ما لي وَلَكِ
لَم تُبقِ لي شَيئاً وَلَم تَتَّرِكِ
قَرَّبَتِ الأَيّامِ مِنّي أَجَلي
بَرَّحَتِ الأَيّامُ بي في عِلَلي
زادَتنِيَ الأَيّامُ في تَجريبي
باعَدَتِ الأَيّامُ في تَقريبي
يا يَومُ يَومَ البَينِ وَالشُحوطِ
يا يَومُ يَومَ العودِ وَالحُنوطِ
يا يَومُ يَومَ العَلَزِ الشَديدِ
يا يَومُ يَومَ النَفَسِ البَعيدِ
يا يَومُ يَومَ الأَجَلِ المَعدودِ
يا يَومُ يَومَ المَنهَلِ المَورودِ
يا يَومُ يَومَ السِدرِ وَالكافورِ
يا يَومُ يَومَ الكَفَنِ المَنشورِ
يا يَومُ يَومَ الخَتمِ بِالوَفاةِ
يا يَومُ يَومَ الهَجرِ لِلحُماةِ
يا يَومُ يَومَ المَيِّتِ المُسَجّى
عَلى سَريرٍ لِلبَلى يُزَجّى
يا يَومُ يَومَ الرَنَّةِ الطَويلَه
يا يَومُ يَومَ العَجزِ عَن ذي الحيلَه
يا يَومُ يَومَ لَيسَ عَنهُ مَدفَعُ
يا يَومُ يَومَ النَفسِ حينَ تُرفَعُ
صارَ اِمرُؤٌ فيهِ إِلى ما فيهِ
يُسعِدُهُ ذَلِكَ أَو يُشقيهِ
ما أَشغَلَ المَيِّتَ عَن باكيهِ
أَسلَمَ مَقبوراً مُشَيِّعوهُ
اِنصَرَفوا عَنهُ وَخَلَّفوهُ
ساعَةَ سَوَّوا تُربَهُ عَلَيهِ
وَلَّوا وَلَم يَلتَفِتوا إِلَيهِ
سَيَضحَكُ الباكونَ بَعدَ المَيتِ
لا بَل سَيَلهونَ بِلَو وَلَيتِ
إِنّا إِلى اللَهِ لَراجِعونا
حَتّى مَتى نَحنُ مُضَيِّعونا
بَينا اِمرُؤٌ بَينَ يَدَيكَ حَيّاً
إِذ صِرتَ لا تُبصِرُ مِنهُ شَيّا
أَعانَنا اللَهُ عَلى لِقائِهِ
كَم مُخطِئٍ ذي عَجَبٍ بِرائِهِ
ما الناسُ إِلّا وارِدٌ وَصادِرُ
الطَمعُ لِلغالِبِ فَقرٌ حاضِرُ
طوبى لِمَن يَقنَعُ ما أَغناهُ
وَيحَ مَنِ اِستَعبَدَهُ هَواهُ
أُخَيَّ لا تَذهَب بِكَ المَذاهِبُ
أَظَلَّكَ المَوتُ وَأَنتَ لاعِبُ
أُخَيَّ إِنَّ المَوتَ قَد أَظَلَّكا
هَل لَكَ أَن تُعنى بِهِ لَعَلَّكا
اللَهُ رَبّي قُوَّتي وَحَولي
اللَهُ لي مِن يَومٍ كُلِّ هَولِ
يا رَبِّ سَلِّمنا وَسَلِّم مِنّا
وَتُب عَلَينا وَتَجاوَز عَنّا
يا رَبِّ إِنّا بِكَ حَيثُ كُنّا
كَم فَلتَةٍ لي قَد وُقيتُ شَرَّها
ما أَنفَعَ الدُنيا وَما أَضَرَّها
إِنّا مِنَ الدُنيا لَفي طَريقِ
إِلى الغَساقِ أَو إِلى الرَحيقِ
ما هِيَ إِلّا جَنَّةٌ وَنارُ
أَفلَحَ مَن كانَ لَهُ اِعتِبارُ
كاسَ اِمرُؤٌ مُتَّعِظٌ بِغَيرِهِ
دَع شَرَّ ما تَأتي وَخُذ في خَيرِهِ
خَلا أَخٌ عَنكَ فَلا تُخَلِّهِ
مَن لَكَ يَوماً بِأَخيكَ كُلِّهِ
مَن يَسأَلِ الناسَ يَهُن عَلَيهِمُ
بُؤسى لِمَن حاجَتُهُ إِلَيهِمُ
تَرى مُجتَمِعاً لا يَفتَرِق
وَكُلُّ ما زادَ فَلِلنَقصِ خُلِق
مَن يَسأَلِ الناسَ يُخَيِّبوهُ
وَيُعرِضوا عَنهُ وَيُصغِروهُ
مَن صَنَعَ الناسَ تَكَنَّفوهُ
وَاِقتَرَبوا مِنهُ وَكَرَّموهُ
سُبحانَ مَن باعَدَ في تَقَدُّمِه
نَعصيهِ في قَبضَتِهِ بِأَنعُمِه
كِلا الجَديدَينِ بِنا حَثيثُ
مِنَ الخُطوبِ عَجِلٌ مَكيثُ
طوبى لِمَن طابَ لَهُ الحَديثُ
ما يَستَوي الطَيِّبُ وَالخَبيثُ
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 06:09 PM
كَأَنَّ الأَرضَ قَد طُوِيَت عَلَيّا
وَقَد أُخرِجتُ مِمّا في يَدَيّا
كَأَنّي يَومَ يُحثى التُربُ فَوقي
مَهيلاً لَم أَكُن في الناسِ حَيّا
كَأَنَّ القَومَ قَد دَفَنوا وَوَلَّوا
وَكُلٌّ غَيرُ مُلتَفِتٍ إِلَيّا
كَأَن قَد صِرتُ مُنفَرِداً وَحيداً
وَمُرتَهَناً هُناكَ بِما لَدَيّا
كَأَن بِالباكِياتِ عَلَيَّ يَوماً
وَما يُغني البُكاءُ عَلَيَّ شَيّا
ذَكَرتُ مَنِيَّتي فَبَكَيتُ نَفسي
أَلا أَسعِد أُخَيَّكَ يا أَخِيّا
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 06:10 PM
أَلا مَن لي بِأُنسِكَ يا أُخَيّا
وَمَن لي أَن أَبُثَّكَ ما لَدَيّا
طَوَتكَ خُطوبُ دَهرِكَ بَعدَ نَشرٍ
كَذاكَ خُطوبُهُ نَشراً وَطَيّا
فَلَو نَشَرَت قُواكَ لِيَ المَنايا
شَكَوتُ إِلَيكَ ما صَنَعَت إِلَيّا
بَكيتُكَ يا أُخَيَّ بَدَمعِ عَيني
فَلَم يُغنِ البُكاءُ عَلَيكَ شَيّا
وَكانَت في حَياتِكَ لي عِظاتٌ
وَأَنتَ اليَومَ أَوعَظُ مِنكَ حَيّا
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 06:10 PM
لَأَبكِيَنَّ عَلى نَفسي وَحَقَّ لِيَه
يا عَينُ لا تَبخَلي عَنّي بِعِبرَتِيَه
لَأَبكِيَنَّ لِفِقدانِ الشَبابِ وَقَد
نادى المَشيبُ عَنِ الدُنيا بِرِحلَتِيَه
لَأَبكِيَنَّ عَلى نَفسي فَيُسعِدُني
عَينٌ مُؤَرَّقَةٌ تَبكي لِفُرقَتِيَه
لَأَبكِيَنَّ عَلى نَفسي فَيُسعِدُني
أَهلي وَمَن كانَ حَولي مِن أَحِبَّتِيَه
لَأَبكِيَنَّ وَيَبكيني ذَوّ ثِقَتي
حَتّى المَماتِ أَخِلّائي وَإِخوَتِيَه
لَأَبكِيَنَّ فَقَد جَدَّ الرَحيلُ إِلى
بَيتِ اِنقِطاعي عَنِ الدُنيا وَوَحدَتِيَه
يا بَيتُ بَيتَ الرَدى يا بَيتَ مُنقَطَعي
يا بَيتُ بَيتَ الرَدى يا بَيتَ غُربَتِيَه
يا بَيتُ بَيتَ النَوى عَن كُلِّ ذي ثِقَةٍ
يا بَيتُ بَيتَ الرَدى يا بَيتَ وَحشَتِيَه
يا نَأيَ مُنتَجَعي يا هَولَ مُطَّلَعي
يا ضيقَ مُضطَجَعي يا بُعدَ شُقَّتِيَه
يا عَينُ كَم عِبرَةٍ لي غَيرِ مُشكِلَةٍ
إِن كُنتُ مُنتَفِعاً يَوماً بِعِبرَتِيَه
يا عَينُ فَاِنهَمِلي إِن شِئتِ أَو فَدَعي
أَمّا الزَمانُ فَقَد أَودى بِجِدَّتِيَه
يا كُربَتي يَومَ لا جارٌ يَبَرُّ وَلا
مَولى يُنَفِّسُ إِلّا اللَهُ كُربَتِيَه
يَوماً أُقَلِّبُ فيهِ شاخِصاً بَصَري
تَميدُ بي في حِياضِ المَوتِ سَكرَتِيَه
إِذا تَمَثَّلَ لي كَربُ السِياقِ وَقَد
قَلَّبتُ طَرفي وَقَد رَدَدتُ غُصَّتِيَه
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 06:10 PM
لِيَبكِ رَسولَ اللَهِ مَن كانَ باكِيا
وَلا تَنسَ قَبراً بِالمَدينَةِ ثاوِيا
جَزى اللَهُ عَنّا كُلَّ خَيرٍ مُحَمَّداً
فَقَد كانَ مَهديّاً دَليلاً وَهادِيا
وَلَن تَسرِيَ الذِكرى بِما هُوهَ أَهلُهُ
إِذا كُنتَ لِلبِرِّ المُطَهِّرِ ناسيّا
أَتَنسى رَسولَ اللَهِ أَفضَلَ مَن مَشى
وَآثارُهُ بِالمَسجِدَينِ كَما هِيا
وَكانَ أَبَرَّ الناسِ بِالناسِ كُلِّهِم
وَأَكرَمَهُم بَيتاً وَشِعباً وَوادِيا
تَكَدَّرَ مِن بَعدِ النَبيِّ مُحَمَّدٍ
عَلَيهِ سَلامُ اللَهِ ما كانَ صافِيا
فَكَم مِن مَنارٍ كانَ أَوضَحَهُ لَنا
وَمِن عَلَمٍ أَمسى وَأَصبَحَ عافِيا
رَكَنّا إِلى الدُنيا الدَنيَّةِ بَعدَهُ
وَكَشَّفَتِ الأَطماعُ مِنّا المَساوِيا
وَإِنّا لَنُرمى كُلَّ يَومٍ بِعِبرَةٍ
نَراها فَما تَزدَدُ إِلّا تَمادِيا
نُسَرُّ بِدارٍ أَورَثَتنا تَضاغُناً
عَلَيها وَدارٍ أَورَثَتنا تَعادِيا
إِذا المَرءُ لَم يَلبَس ثِياباً مِنَ التُقى
تَقَلَّبَ عُرياناً وَإِن كانَ كاسِيا
أَخي كُن عَلى يَأسٍ مِنَ الناسِ كُلِّهُم
جَميعاً وَكُن ما عِشتَ لِلَّهِ راجِيا
أَلَم تَرَ أَنَّ اللَهَ يَكفي عِبادَهُ
فَحَسبُ عِبادِ اللَهِ بِاللَهِ كافِيا
وَكَم مِن هَناتٍ ما عَلَيكَ لَمَستَها
مِنَ الناسِ يَوماً أَو لَمَستَ الأَفاعِيا
أَخي قَد أَبى بُخلي وَبُخلُكَ أَن يُرى
لِذي فاقَةٍ مِنّي وَمِنكَ مُؤاسِيا
كِلانا بَطينٌ جَنبُهُ ظاهِرُ الكُسى
وَفي الناسِ مَن يُمسي وَيُصبِحُ طاوِيا
كَأَنّا خُلِقنا لِلبَقاءِ وَأَيُّنا
وَإِن مُدَّتِ الدُنيا لَهُ لَيسَ فانِيا
أَبى المَوتُ إِلّا أَن يَكونَ لِمَن ثَوى
مِنَ الخَلقِ طُرّاً حَيثُما كانَ لاقِا.
حَسَمتَ المُنى يا مَوتُ حَسماً مُبَرِّحاً
وَعَلَّتَ يا مَوتُ البُكاءَ البَواكِيا
وَمَزَّقتَنا يا مَوتُ كُلَّ مُمَزَّقٍ
وَعَرَّفتَنا يا مَوتُ مِنكَ الدَواهِيا
أَلا يا طَويلَ السَهوِ أَصبَحتَ ساهِيا
وَأَصبَحتَ مُغتَرّاً وَأَصبَحتَ لاكِيا
أَفي كُلِّ يَومٍ نَحنُ نَلقى جَنازَةً
وَفي كُلِّ يَومٍ نَحنُ نَسمَعُ ناعِيا
وَفي كُلِّ يَومٍ مِنكَ نَرثي لِمُعوِلٍ
وَفي كُلِّ يَومٍ نَحنُ نُسعِدُ باكِيا
أَلا أَيُّها الباني لِغَيرِ بَلاغِهِ
أَلا لِخَرابِ الدَهرِ أَصبَحتَ بانِيا
أَلا لِزَوالِ العُمرِ أَصبَحتَ جامِعاً
وَأَصبَحتَ مُختالاً فَخوراً مُباهِيا
كَأَنَّكَ قَد وَلَّيتَ عَن كُلِّ ما تَرى
وَخَلَّفتَ مَن خَلَّفتَهُ عَنكَ سالِيا
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 06:11 PM
إِنَّ السَلامَةَ أَن تَرضى بِما قُضِيا
لَيَسلَمَنَّ بِإِذنِ اللَهِ مَن رَضِيا
المَرءُ يَأمُلُ وَالآمالُ كاذِبَةٌ
وَالمَرءُ تَصحَبُهُ الآمالُ ما بَقِيا
يا رُبَّ باكٍ عَلى مَيتٍ وَباكِيَةٍ
لَم يَلبَثا بَعدَ ذاكَ المَيتِ أَن بُكِيا
وَرُبَّ ناعٍ نَعى حيناً أَحِبَّتَهُ
ما زالَ يَنعى إِلى أَن قيلَ قَد نُعِيا
عِلمي بِأَنّي أَذوقُ المَوتَ نَغَّصَ لي
طيبَ الحَياةِ فَما تَصفو الحَياةُ لِيا
كَم مِن أَخٍ تَغتَذي دودُ التُرابِ بِهِ
وَكانَ حَيّاً بِحُلوِ العَيشِ مُغتَذِيا
يَبلى مَعَ المَيتِ ذِكرُ الذاكِرينَ لَهُ
مَن غابَ غَيبَةَ مَن لا يُرتَجى نُسِيا
مَن ماتَ ماتَ رَجاءُ الناسِ مِنهُ فَوَل
لَوهُ الجَفاءَ وَمَن لا يُرتَجى جُفِيا
إِنَّ الرَحيلَ عَنِ الدُنيا لَيُزعِجُني
إِن لَم يَكُن رائِحاً بي كانَ مُغتَدِيا
الحَمدُ لِلَّهِ طوبى لِلسَعيدِ وَمَن
لَم يُسعِدِ اللَهُ بِالتَقوى فَقَد شَقِيا
كَم غافِلٍ عَن حِياضِ المَوتِ في لَعِبٍ
يُمسي وَيُصبِحُ رَكّاباً لِما هَوِيا
وَمُنقَضٍ ما تَراهُ العَينُ مُنقَطِعٌ
ما كُلُّ شَيءٍ يُرى إِلّا لِيَنقَضِيا
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 06:11 PM
إِنَّ أَسوا يَومٍ يَمُرُّ عَلَيّا
يَومُ لا رُغبَةٌ تَكونُ إِلَيّا
كَم تَغُرُّ الدُنيا وَكَم يَجِدُ الإِن
سانُ فيها شَيئاً وَيُحرَمُ شَيّا
تَنشُرُ الحادِثاتُ طَوراً وَتَطوي
إِنَّما الحادِثاتُ نَشراً وَطِيّا
وَطِباعُ الإِنسانِ مُختَلِفاتٌ
رُبَّ وَعرِ الأَخلاقِ سَهلُ المُحَيّا
وَمِنَ الحَزمِ أَن أَكونَ لِنَفسي
قَبلَ مَوتي فيما مَلَكتُ وَصِيّا
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 06:11 PM
الصَمتُ في غَيرِ فِكرَةٍ سَهو
وَالقَولُ في غَيرِ حِكمَةٍ لَغو
وَمَن بَغى السَروَ فَالتَنَزُّهُ عَن
حُبِّ فُضولِ الدُنيا هُوَ السَروُو
تَسَلَّ عَنها فَإِنَّها لَعِبٌ
تَفنى سَريعاً وَإِنَّها لَهوُو
وَإِنَّ حُلوَ الدُنيا غَداً غَيرَ ما
شَكٍ لِمُرٍّ وَمُرُّها حُلو
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 06:12 PM
أَيا عَجَباً لِلناسِ في طولِ ما سَهَوا
وَفي طولِ ما اغتَرّوا وَفي طولِ ما لَهَوا
يَقولونَ نَرجو اللَهَ دَعوى مَريضَةً
وَلَو أَنَّهُم يَرجونَ خافوا كَما رَجَوا
تَصابى رِجالٌ مِن كُهولٍ وَجِلَّةٍ
إِلى اللَهوِ حَتّى لا يُبالونَ ما أَتَوا
فَيا سَوءَتا لِلشَيبِ إِذ صارَ أَهلُهُ
إِذا هَيَّجَتهُم لِلصِبا صَبوَةٌ صَبَوا
أَكَبَّ بَنو الدُنيا عَلَيها وَإِنَّهُم
لَتَنهاهُمُ الأَيّامُ عَنها لَوِ انتَهَوا
مَضى قَبلَنا قَومٌ قُرونٌ نَعُدُّها
وَنَحنُ وَشيكاً سَوفَ نَمضي كَما مَضَوا
أَلا في سَبيلِ اللَهِ أَيُّ نَدامَةٍ
نَموتُ كَما ماتَ الأُلى كُلَّما خَلَوا
وَلَم نَتَزَوَّد لِلمَعادِ وَهَولِهِ
كَزادِ الَّذينَ استَعصَموا اللَهَ وَاتَّقَوا
أَلا أَينَ أَينَ الجامِعونَ لِغَيرِهِم
وَما غَلَبوا غَشماً عَلَيهِ وَما اِحتَوَوا
رَأَيتُ بَني الدُنيا إِذا ما سَمَوا بِها
هَوَت بِهِمِ الدُنيا عَلى قَدرِ ما سَمَوا
وَكُلُّ بَني الدُنيا وَلَو تاهَ تائِهٌ
قَدِ اعتَدَلوا في الضَعفِ وَالنَقصِ وَاستَوَوا
وَلَم أَرَ مِثلَ الصِدقِ أَجلى لِوَحشَةٍ
وَلا مِثلَ إِخوانِ الصَلاحِ إِذا اتَّقَوا
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 06:12 PM
أَلَم يَأنِ لي يا نَفسُ أَن أَتَنَبَّها
وَأَن أَترُكَ اللَهوَ المُضِرَّ لِمَن لَها
أَرى عَمَلي لِلشَرِّ مِنّي بِشَهوَةٍ
وَلَستُ أَرومُ الخَيرَ إِلّا تَكَرُّها
كَفى بِامرِئٍ جَهلاً إِذا كانَ تابِعاً
هَواهُ مِنَ الدُنيا إِلى كُلِّ ما اشتَهى
وَفي كُلِّ يَومٍ عِبرَةٌ بَعدَ عِبرَةٍ
وَفي المَوتِ ناهٍ لِلفَتى لَو هُوَ انتَهى
وَكُلُّ بَني الدُنيا عَلى غَفَلاتِهِ
تُواجِهُهُ الأَقدارُ حَيثُ تَوَجَّها
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 06:12 PM
يا واعِظَ الناسِ قَد أَصبَحتَ مُهتَمّاً
إِذ عِبتَ مِنهُم أُموراً أَنتَ تاتيها
كَالمُلبِسِ الثَوبَ مِن عُريٍ وَعَورَتُهُ
لِلناسِ بادِيَةٌ ما إِن يُواريها
وَأَعظَمُ الإِثمِ بَعدَ الشِركِ نَعلَمُهُ
في كُلِّ نَفسٍ عَماها عَن مَساويها
وَشُغلُها بِعُيوبِ الناسِ تُبصِرُها
مِنهُم وَلا تُبصِرُ العَيبَ الَّذي فيها
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 06:12 PM
رُبَّ باكٍ لِلمَوتِ يُبكى عَلَيهِ
قَد حَوى مالَهُ بِكِلتا يَدَيهِ
إِنَّما هَمُّ وارِثي بَعدَ مَوتي
ما أُخَلّي لا ما أَصيرُ إِلَيهِ
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 06:12 PM
إِنَّما الشَيبُ لِاِبنِ آدَمَ ناعٍ
قامَ في عارِضَيهِ ثُمَّ نَعاهُ
كَم تَرى اللَيلَ وَالنَهارَ يَدومانِ
لِمَن مَدَّ لَهوَهُ وَصِباهُ
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 06:13 PM
الدَهرُ ذو دُوَلٍ وَالمَوتُ ذو عِلَلٍ
وَالمَرءُ ذو أَمَلٍ وَالناسُ أَشباهُ
وَلَم تَزَل عِبَرٌ فيهِنَّ مُعتَبَرٌ
يَجري بِها قَدَرٌ وَاللَهُ أَجراهُ
يَبكي وَيَضحَكُ ذو نَفسٍ مُصَرَّفَةٍ
وَاللَهُ أَضحَكَهُ وَاللَهُ أَبكاهُ
وَالمُبتَلى فَهُوَ المَهجورُ جانِبُهُ
وَالناسُ حَيثُ يَكونُ المالُ وَالجاهُ
وَالخَلقُ مِن خَلقِ رَبّي قَد يُدَبِّرُهُ
كُلٌّ فَمُستَعبَدٌ وَاللَهُ مَولاهُ
طوبى لِعَبدٍ لِمَولاهُ إِنابَتُهُ
قَد فازَ عَبدٌ مُنيبُ القَلبِ أَوّاهُ
يا بائِعَ الدينِ بِالدُنيا وَباطِلِها
تَرضى بِدينِكَ شَيئاً لَيسَ يَسواهُ
حَتّى مَتى أَنتَ في لَهوٍ وَفي لَعِبٍ
وَالمَوتُ نَحوَكَ يَهوي فاغِراً فاهُ
ما كُلُّ ما يَتَمَنّى المَرءُ يُدرِكُهُ
رُبَّ اِمرِئٍ حَتفُهُ فيما تَمَنّاهُ
إِنَّ المُنى لَغُرورٌ ضِلَّةً وَهَوىً
لَعَلَّ حَتفَ اِمرِئٍ في الشَيءِ يَهواهُ
تَغتَرُّ لِلجَهلِ بِالدُنيا وَزُخرُفِها
إِنَّ الشَقِيَّ لَمَن غَرَّتهُ دُنياهُ
كَأَنَّ حَيّاً وَقَد طالَت سَلامَتُهُ
قَد صارَ في سَكَراتِ المَوتِ تَغشاهُ
وَالناسُ في رَقدَةٍ عَمّا يُرادُ بِهِم
وَلِلحَوادِثِ تَحريكٌ وَإِنباهُ
أَنصِف هُديتَ إِذا ما كُنتَ مُنتَصِفاً
لا تَرضَ لِلناسِ شَيئاً لَستَ تَرضاهُ
يا رُبَّ يَومٍ أَتَت بُشراهُ مُقبِلَةً
ثُمَّ اِستَحالَت بِصَوتِ النَعيِ بُشراهُ
لا تَحقِرَنَّ مِنَ المَعروفِ أَصغَرَهُ
أَحسِن فَعاقِبَةُ الإِحسانِ حُسناهُ
وَكُلُّ أَمرٍ لَهُ لا بُدَّ عاقِبَةٌ
وَخَيرُ أَمرِكَ ما أَحمَدتَ عُقباهُ
تَلهو وَلِلمَوتِ مُمسانا وَمُصبِحُنا
مَن لَم يُصَبِّحهُ وَجهُ المَوتِ مَسّاهُ
كَم مِن فَتىً قَد دَنَت لِلمَوتِ رِحلَتَهُ
وَخَيرُ زادِ الفَتى لِلمَوتِ تَقواهُ
ما أَقرَبَ المَوتَ في الدُنيا وَأَفظَعَهُ
وَما أَمَرَّ جَنى الدُنيا وَأَحلاهُ
كَم نافَسَ المَرءُ في شَيءٍ وَكايَدَ في
هِ الناسَ ثُمَّ مَضى عَنهُ وَخَلّاهُ
بَينا الشَفيقُ عَلى إِلفٍ يُسَرُّ بِهِ
إِذ صارَ أَغمَضَهُ يَوماً وَسَجّاهُ
يَبكي عَلَيهِ قَليلاً ثُمَّ يُخرِجُهُ
فَيُمكِنُ الأَرضَ مِنهُ ثُمَّ يَنساهُ
وَكُلُّ ذي أَجَلٍ يَوماً سَيَبلُغُهُ
وَكُلُّ ذي عَمَلٍ يَوماً سَيَلقاهُ
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 06:13 PM
أَلا يا بَني آدَمَ اِستَنبِهوا
أَما قَد نُهيتُم فَلَم تَنتَهوا
أَيا عَجَباً مِن ذَوي الإِعتِبارِ
ما مِنهُمُ اليَومَ مُستَنبِهُ
طَغى الناسُ حَتّى رَأَيتَ اللَبيبَ
في غِيِّ طُغيانِهِ يَعمَهُ
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 06:13 PM
إِنَّ الحَوادِثَ لا مَحالَةَ آتِيَه
مِن بَينِ رائِحَةِ تَمُرُّ وَغادِيَه
فَلَرُبَّما اِعتَبَطَ السَليمُ فُجاءَةً
وَلَرُبَّما رُزِقَ السَقيمُ العافِيَه
اللَهُ يَعلَمُ ما تُجِنُّ قُلوبُنا
وَاللَهُ لا تَخفى عَلَيهِ خافِيَه
أَينَ الأُلى كَنَزوا الكُنوزَ وَأَمَّلوا
أَينَ القُرونُ بَنو القُرونِ الخالِيَه
دَرَجوا فَأَصبَحَتِ المَنازِلُ مِنهُمُ
قَفراً وَأَصبَحَتِ المَدائِنُ خالِيَه
عَجَباً لِمَن يَنسى المَقابِرَ وَالبِلى
سُبحانَ مَن يُحيّ العِظامَ البالِيَه
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 06:13 PM
أَيا نَفسُ مَهما لَم يَدُم فَذَريهِ
وَلِلمَوتِ رَأيٌ فيكِ فَاِنتَظِريهِ
مَضى مَن مَضى مِنّا وَحيداً بِنَفسِهِ
وَنَحنُ وَشيكاً لا نَشُكُّ نَليهِ
بَنو المَرءِ يُسليهِم عَنِ المَرءِ بَعدَهُ
إِذا ماتَ ما أَسلاهُ بَعدَ أَبيهِ
رَأَيتُ أَقَلَّ الناسِ هَمّاً أَشَدَّهُم
قُنوعاً وَأَرضاهُم بِما هُوَ فيهِ
فَطوبى لِمَن لَم يَلقَ أَمراً قَضى لَهُ
بِهِ اللَهُ إِلّا سَرَّهُ وَرَضيهِ
وَلا خَيرَ في مَن ظَلَّ يَبغي لِنَفسِهِ
مِنَ الخَيرِ ما لا يَبتَغي لِأَخيهِ
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 06:14 PM
مَن أَحَبَّ الدُنيا تَحَيَّرَ فيها
وَاِكتَسى عَقلُهُ اِلتِباساً وَتيها
رُبَّما أَتعَبَت بَنيها عَلى ذاكَ
فَكَعها وَخَلِّها لِبَنيها
قَنِّعِ النَفسَ بِالكِفافِ وَإِلّا
طَلَبَت مِنكَ فَوقَ ما يَكفيها
إِنَّما أَنتَ طولَ عُمرِكَ ما عُمِّرتَ
في الساعَةِ الَّتي أَنتَ فيها
وَدَعِ اللَيلَ وَالنَهارَ جَميعاً
يَنقُلانِ الدُنيا إِلى ساكِنيها
لَيسَ فيما مَضى وَلا في الَّذي لَم
يَأتِ مِن لَذَّةٍ لِمُستَحليها
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 06:14 PM
إِنَّما الذَنبُ عَلى مَن جَناهُ
لَم يَضُر قَبلُ جَهولاً سِواهُ
فَسَدَ الناسُ جَميعاً فَأَمسى
خَيرُهُم مَن كَفَّ عَنّا أَذاهُ
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 06:14 PM
حَتّى مَتى ذو التيهِ في تيهِهِ
أَصلَحَهُ اللَهُ وَعافاهُ
يَتيهُ أَهلُ التيهِ مِن جَهلِهِم
وَهُم يَموتونَ وَإِن تاهو
مَن طَلَبَ العِزَّ لَيَبقى بِهِ
فَإِنَّ عِزَّ المَرءِ تَقواهُ
لَم يَعتَصِم بِاللَهِ مِن خَلقِهِ
مَن لَيسَ يَرجوهُ وَيَخشاهُ
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 06:14 PM
أَغضِ عَنِ المَرءِ وَعَمّا لَدَيه
أَخوكَ مَن وَفَّرتَ ما في يَدَيه
وَقَلَّ مَن تَأتيهِ مِن حَيثُ لا
يَهواهُ إِلّا كُنتَ ثِقلاً عَلَيه
مَن ظَنَّ بي الرَغبَةَ في شَيإِهِ
باعَدَني مِنهُ دُنُوّي إِلَيه
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 06:14 PM
أَنَ بِاللَهِ وَحدَهُ وَإِلَيهِ
إِنَّما الخَيرُ كُلُّهُ في يَدَيهِ
أَحمَدُ اللَهَ وَهوَ أَلهَمَني الحَمدُ
عَلى المَنِّ وَالمَزيدُ لَدَيهِ
كَم زَمانٍ بَكَيتُ مِنهُ قَديماً
ثُمَّ لَمّا مَضى بَكَيتُ عَلَيهِ
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 06:15 PM
أَرى الدُنيا لِمَن هِيَ في يَدَيهِ
عَذاباً كُلَّما كَثُرَت لَدَيهِ
تُهينُ المُكرِمينَ لَها بِصُغرٍ
وَتُكرِمُ كُلَّ مَن هانَت عَلَيهِ
إِذا اِستَغنَيتَ عَن شَيءٍ فَدَعهُ
وَخُذ ما أَنتَ مُحتاجٌ إِلَيهِ
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 06:15 PM
تَصَبَّر عَنِ الدُنيا وَدَع كُلَّ تائِهِ
مُطيعِ هَواً يَهوي بِهِ في المَهامِهِ
دَعِ الناسَ وَالدُنيا فَبَينَ مُكالِبٍ
عَلَيها بِأَنيابٍ وَبَينَ مُشافِهِ
وَمَن لَم يُحاسِب نَفسَهُ في أُمورِهِ
يَقَع في عَظيمٍ مُشكِلٍ مُتَشابِهِ
وَما فازَ أَهلُ الفَضلِ إِلّا بِصَبرِهِم
عَنِ الشَهَواتِ وَاحتِمالِ المَكارِهِ
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 06:15 PM
إِكرَه لِغَيرِكَ ما لِنَفسِكَ تَكرَهُ
وَاِفعَل بِنَفسِكَ فِعلَ مَن يَتَنَزَّهُ
وَاِدفَع بِصَمتِكَ عَنكَ خاطِرَةَ الخَنا
حَذَرَ الجَوابِ فَإِنَّهُ بِكَ أَشبَهُ
وَكِلِ السَفيهَ إِلى السَفاهَةِ وَاِنتَصِف
بِالحِلمِ أَو بِالصَمتِ مِمَّن يَسفَهُ
وَدَعِ الفُكاهَةَ بِالمُزاحِ فَإِنَّهُ
يَردى وَيَسخَفُ مَن بِهِ يَتَفَكَّهُ
وَالصَمتُ لِلمَرءِ الحَليمِ وِقايَةٌ
يَنفي بِها عَن عِرضِهِ ما يَكرَهُ
لا تَنسَ حِلمَكَ حينَ يَقرَعُكَ الأَذى
مِن كُلِّ مَن يَجني عَلَيكَ وَيَجبَهُ
فَلَرُبَّما صَبَرَ الحَليمُ عَلى الأَذى
حَتّى يَرى وَكَأَنَّه يَتَدَلَّهُ
وَلَرُبَّما حَجَبَ الحَليمُ جَوابَهُ
بِالصَمتِ مِنهُ وَإِنَّهُ لَمُفَوَّهُ
وَلَرُبَّما جَمَحَ اسِفاهُ بِذي الحِجا
حَتّى يُذَلِّلُهُ الدَنيءُ الأَسفَهُ
وَلَرُبَّما نَسِيَ الوَقورَ وَقارَهُ
حَتّى تَراهُ جاهِلاً يَتَدَهدَهُ
وَلَرُبَّما نَهنَهتَ عَنكَ ذَوي الخَنا
بِالصَمتِ إِلّا أَحجَموا وَتَنَهنَهوا
إِنَّ الحَليمَ عَنِ الأَذى مُتَحَجِّبٌ
وَعَنِ الخَنا مُتَوَفِّرٌ مُتَنَزِّهُ
وَالبَغيُ يَصرَعُ أَهلَهُ وَيُريكَهُم
وَجَميعُهُم مِن صَرعِهِ يَتَأَوَّهُ
إِنَّ الزَمانَ لِأَهلِهِ لَمُؤَدَّبٌ
بِصُروفِهِ وَمُيَقِّظٌ وَمُنَبِّهُ
أَفَقِهتَ عَن عِبَرِ الزَمانِ صِفاتِها
هَيهاتَ لَستُ أَراكَ عَنها تَفقَهُ
وَلَقَد أَراكَ تَعِبتَ في طَلَبِ الغِنى
شَرِهاً وَلَيسَ يَنالُهُ مَن يَشرَهُ
وَأَراكَ في الدُنيا وَأَنتَ مُنازِعٌ
وَمَنافِسٌ وَمُمازِحٌ وَمُقَهقِهُ
قُل لِلَّذينَ تَشَبَّهوا بِذَوي التُقى
لا يَلعَبَنَّ بِنَفسِهِ مُتَشَبِّهُ
هَيهاتَ لا يَخفى التُقى مِن ذي التُقى
هَيهاتَ لا يَخفى اِمرُؤٌ مُتَأَلِّهُ
إِنَّ القُلوبَ إِذا طَوَت أَسرارَها
أَبدَت لَكَ الأَسرارَ مِنها الأَوجُهُ
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 06:15 PM
المَرءُ مَنظورٌ إِلَيهِ
ما دامَ يُرجى ما لَدَيهِ
مَن كُنتَ تَبغي أَن تَكونَ
الدَهرَ ذا فَضلٍ عَلَيهِ
فَابذُل لَهُ ما في يَدَيكَ
وَأَغضِ عَمّا في يَدَيهِ
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 06:16 PM
المَرءُ يَخدَعُهُ مُناهُ
وَالدَهرُ يُسرِعُ في بَلاه
يا ذا الغَوايَةِ لا تَكُن
مِمَّن تَعَبَّدَهُ هَواه
وَاعلَم بِأَنَّ المَرءَ مُر
تَهَنٌ بِما كَسَبَت يَداه
كَم مِن أَخٍ لَكَ لا تَرى
مُتَصَرِّفاً فيمَن تَراه
أَمسى قَريبُ الدارِ في ال
أَجداثِ قَد شَحِطَت نَواه
قَد كانَ مُغَرّاً بِيَومِ
وَفاتِهِ حَتّى أَتاه
الناسُ في غَفَلاتِهِم
وَالمَوتُ دائِرَةٌ رَحاه
فَالحَمدُ لِلَّهِ الَّذي
يَبقى وَيَهلِكُ ما سِواه
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 06:16 PM
إِذا ما سَأَلتَ المَرءَ هُنتَ عَلَيهِ
يَراكَ حَقيراً مَن رَغِبتَ إِلَيهِ
فَلا تَسأَلَنَّ المَرءَ إِلّا ضَرورَةً
وَوَفِّر عَلَيهِ كُلَّ ذاتِ يَدَيهِ
وَمَن جاءَ يَبغي ما لَدَيكَ فَأَرضِهِ
بِجُهدِكَ وَاترُك ما يَكونُ لَدَيهِ
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 06:16 PM
أَيا جامِعي الدُنيا لِمَن تَجمَعونَها
وَتَبنونَ فيها الدورَ لا تَسكُنونَها
وَكَم مِن مُلوكٍ قَد رَأَينا تَحَصَّنَت
فَعَطَّلَتِ الأَيّامُ مِنها حُصونَها
وَكَم مِن ظُنونٍ لِلنُفوسِ كَثيرَةٍ
فَكَذَّبَتِ الأَحداثُ مِنها ظُنونَها
وَإِنَّ العُيونَ قَد تَرى غَيرَ أَنَّهُ
كَأَنَّ القُلوبَ لَم تُصَدِّق عُيونَها
أَلا رُبَّ آمالٍ إِذا قيلَ قَد دَنَت
رَأَيتَ صُروفَ الدَهرِ قَد حُلنَ دونَها
أَيا آمِنَ الأَيّامِ مُستَأنِساً بِها
كَأَنَّكَ قَد واجَهتَ مِنها خُؤونَها
لَعَمرُكَ ما تَنفَكُّ تَهدي جَنازَةً
إِلى عَسكَرِ الأَمواتِ حَتّى تَكونَها
ذَوي الوُدِّ مِن أَهلِ القُبورِ عَلَيكُم
سَلامٌ أَما مِن دَعوَةٍ تَسمَعونَها
سَكَنتُم ظُهورَ الأَرضِ حيناً بِنَضرَةٍ
فَما لَبِثَت حَتّى سَكَنتُم بُطونَها
وَكُنتُم أُناساً مِثلَنا في سَبيلِنا
تَضِنّونَ بِالدُنيا وَتَستَحسِنونَها
وَما زالَتِ الدُنيا مَحَلَّ تَرَحُّلٍ
تَجوسُ المَنايا سَهلَها وَحُزونَها
وَقَد كانَ لِلدُنيا قُرونٌ كَثيرَةٌ
وَلَكِنَّ رَيبَ الدَهرِ أَفنى قُرونَها
وَلِلناسِ آجالٌ قِصارٌ سَتَنقَضي
وَلِلناسِ أَرزاقٌ سَيَستَكمِلونَها
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 06:16 PM
إِذا ما الشَيءُ فاتَ فَخَلَّ عَنهُ
وَلا تَشهَد بِما لَم تَستَبِنهُ
تَوَسَّط كُلَّ رَأيٍ أَنتَ فيهِ
وَخُذ بِمَجامِعِ الطَرَفَينِ مِنهُ
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 06:17 PM
لا تُكذَبَنَّ فَإِنَّني
لَكَ ناصِحٌ لا تُكذَبَنَّه
وَانظُر لِنَفسِكَ ما استَطَعتَ
فَإِنَّها نارٌ وَجَنَّه
وَاعلَم بِأَنَّكَ في زَمانِ
مُشَبَّهاتٍ هُنَّ هُنَّه
صارَ التَواضُعُ بِدعَةً
فيهِ وَصارَ الكِبرُ سُنَّه
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 06:17 PM
ما خَيرُ دارٍ يَموتُ ساكِنُها
وَأَغفَلُ الغافِلينَ آمِنُها
أَلَم تَرَ القادَةَ الَّتي سَلَفَت
قَد خَرِبَت بَعدَها مَدائِنُها
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 06:17 PM
المَرءُ نَحوٌ مِن خَدينِه
فيما تَكَشَّفَ مِن دَفينِه
كُن في أُمورِكَ ساكِناً
فَالمَرءُ يُدرِكُ في سُكونِه
وَأَلِن جَناحَكَ تَعتَقِد
في الناسِ مَحمَدَةً بِلينِه
وَاعمِد إِلى صِدقِ الحَديثِ
فَإِنَّهُ أَزكى فُنونِه
وَالصَمتُ أَجمَلُ بِالفَتى
مِن مَنطِقٍ في غَيرِ حينِه
لا خَيرَ في حَشوِ الكَلامِ
إِذا اهتَدَيتَ إِلى عُيونِه
وَلَرُبَّما احتَقَرَ الفَتى
مَن لَيسَ في شَرَفٍ بِدونِه
كُلُّ امرِئٍ في نَفسِهِ
أَعلى وَأَشرَفُ مِن قَرينِه
مَن ذا الَّذي يَخفى عَلَيكَ
إِذا نَظَرتَ إِلى خَدينِه
رُبَّ امرِئٍ مُتَيَقِّنٍ
غَلَبَ الشَقاءُ عَلى يَقينِه
فَأَزالَهُ عَن رُشدِهِ
فَابتاعَ دُنياهُ بِدينِه
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 06:17 PM
أَلا مَن لِمَهمومِ الفُؤادِ حَزينِهِ
إِذا ابتَزَّ مِنهُ العَزمَ ضَعفُ يَقينِهِ
وَإِذ هُوَ لا يَدري لَعَلَّ كِتابَهُ
سَيُعطاهُ مَنشوراً بِغَيرِ يَمينِهِ
وَيَلتَمِسُ الإِحسانَ بَعدَ إِساءَةٍ
فَلا تَحسَبَنَّ اللَهَ غَيرَ مُعينِهِ
إِذا ما اتَّقى اللَهُ امرُؤٌ في أُمورِهِ
وَكانَ إِلى الفِردَوسِ جُلُّ حَنينِهِ
سَعى يَبتَغي عَوناً عَلى البِرِّ وَالتُقى
لِيَبتاعَهُ مِن مالِهِ بِثَمينِهِ
فَصَفَّ الخَدينَ ما استَطَعتَ مِنَ القَذى
أَلا إِنَّما كُلُّ امرِئٍ بِخَدينِهِ
وَخَيرُ قَرينٍ أَنتَ مُقتَرِنٌ بِهِ
قَرينٌ نَصيحٌ مُنصِفٌ لِقَرينِهِ
وَكُلُّ امرِئٍ فيهِ وَفيهِ فَدارِهِ
عَلى ذاكَ وَاحمِل غَثَّهُ لِسَمينِهِ
لِكُلِّ مَقامٌ قائِمٌ لا يَجوزُهُ
فَدَع غَيَّ قَلبٍ خائِضٍ في فُتونِهِ
وَأَفضَلُ هَديٍ هَديَ سَمتِ مُحَمَّدٍ
نَبِيٍّ تَنَقّاهُ الإِلَهُ لِدينِهِ
عَلَيهِ السَلامُ كانَ في النُصحِ رَحمَةً
وَفي بِرِّهِ بِالعالَمينَ وَلينِهِ
إِمامُ هُداً يَنجابُ عَن وَجهِهِ الدُجى
كَأَنَّ الثُرَيّا عُلِّقَت بِجَبينِهِ
بِحَبلِ رَسولِ اللَهِ أَوثَقتُ عِصمَتي
وَخيرَتِهِ في خَلقِهِ وَأَمينِهِ
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 06:18 PM
رَكَنتَ إِلى الدُنيا عَلى ما تَرى مِنها
وَأَنتَ مُذُ استَقبَلتَها مُدبِرٌ عَنها
وَلِلنَفسِ دونَ العارِفاتِ صُعوبَةٌ
فَإِن صَعُبَت يَوماً عَلَيكَ فَهَوِّنها
وَلِلنَفسِ طَيرٌ يَنتَفِضنَ إِلى الهَوى
بِأَجنِحَةٍ تَهوي إِلَيهِ فَسَكِّنها
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 06:18 PM
إِنَّ الزَمانَ يَغُرُّني بِأَمانِهِ
وَيُذيقُني المَكروهَ مِن حَدَثانِهِ
وَأَنا النَذيرُ مِنَ الزَمانِ لِكُلِّ مَن
أَمسى وَأَصبَحَ واثِقاً بِزَمانِهِ
ما الناسُ إِلّا لِلكَثيرِ المالِ أَو
لِمُسَلِّتٍ ما دامَ في سُلطانِهِ
فَإِذا الزَمانُ رَمى الفَتى بِمُلُمَّةٍ
كانَ الثِقاتُ عَلَيهِ مِن أَعوانِهِ
أَقلِل زِيارَتَكَ الصَديقَ وَلا تُطِل
هِجرانَهُ فَيَلِجَّ في هِجرانِهِ
وَاِعلَم بِأَنَّكَ لا تُلائِمُ كُلَّ مَن
أَلقى إِلَيكَ تَلَهُّفاً بِلِسانِهِ
إِنَّ الضَديقَ يَلِجُّ في غِشيانِهِ
لِصَديقِهِ فَيَمَلُّ مِن غِشيانِهِ
حَتّى تَراهُ بَعدَ طولِ مَسَرَّةٍ
بِمَكانِهِ مُستَثقِلاً لِمَكانِهِ
وَأَخَفُّ ما يُلفى الفَتى ثِقلاً عَلى
إِخوانِهِ ما كَفَّ عَن إِخوانِهِ
وَإِذا تَوانى عَن صِيانَةِ نَفسِهِ
رَجُلٌ تُنُقِّصَ وَاِستُخِفَّ بِشانِهِ
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 06:18 PM
أَغَرَّكَ أَنّي صِرتُ في زِيِّ مِسكينِ
وَصِرتَ إِذِ استَغنَيتَ عَنّي تُنَحّيني
تَباعَدتُ إِذ باعَدتَني وَاطَّرَحتَني
وَكُنتُ قَريبَ الدارِ إِذ كُنتَ تَبغيني
فَإِن كُنتَ لا تَصفو صَبَرتُ عَلى القَذى
وَغَمَّضتُ عَيني مِن قَذاكَ إِلى حينِ
وَحَسَّنتُ أَو قَبَّحتُ كَيما تَلينَ لي
فَحَسَّنتَ تَقبيحي وَقَبَّحتَ تَحسيني
رَضيتُ بِإِقلالي فَعِش أَنتَ موسِراً
فَإِنَّ قَليلي عَن كَثيرَكَ يَكفيني
وَبَعدُ فَلا يَذهَب بِكَ التيهُ في الغِنى
لَعَلَّ الَّذي أَغناكَ عَنّي سَيُغنيني
وَما العِزُّ إِلّا عِزُّ مَن عَزَّ بِالتُقى
وَما الفَضلُ إِلّا فَضلُ ذي الفَضلِ وَالدينِ
وَفي اللَهِ ما أَغنى وَفي اللَهِ ما كَفى
وَفي الصَبرِ عَمّا فاتَني ما يُسَلّيني
وَعِندي مِنَ التَسليمِ لِلَّهِ وَالرِضى
إِذا عَرَضَ المَكروهُ لي ما يُعَزّيني
وَحَسبي فَإِنّي لا أُريدُ لِصاحِبٍ
قَبيحاً وَلا أُعنى بِما لَيسَ يَعنيني
وَإِنّي أَرى أَن لا أُنافِسَ ظالِماً
وَأُرضي بِكُلِّ الحَقِّ مَن لَيسَ يُرضيني
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 06:19 PM
إِنّي أَرِقتُ وَذِكرُ المَوتِ أَرَّقَني
وَقُلتُ لِلدَمعِ أَسعِدني فَأَسعِدني
يا مَن يَموتُ فَلَم تُحزِنهُ ميتَتُهُ
وَمَن يَموتُ فَما أَولاهُ بِالحَزَنِ
تَبغي النَجاةَ مِنَ الأَجداثِ مُحتَرِساً
وَإِنَّما أَنتَ وَالعِلّاتُ في قَرَنِ
يا صاحِبَ الروحِ ذي الأَنفاسِ في بَدَنِ
بَينَ النَهارِ وَبَينَ اللَيلِ مُرتَهَنِ
لَقَلَّما يَتَخَطّاكَ اِختِلافُهُما
حَتّى يُفَرِّقَ بَينَ الروحِ وَالبَدَنِ
طيبُ الحَياةِ لِمَن خَفَّت مَؤونَتُهُ
وَلَم تَطِب لِذَوي الأَثقالِ وَالمُؤَنِ
لَم يَبقَ مِمّا مَضى إِلّا تَوَهُّمُهُ
كَأَنَّ مَن قَد مَضى بِالأَمسِ لَم يَكُنِ
وَإِنَّما المَرءُ في الدُنيا بِساعَتِهِ
سائِل بِذالِكَ أَهلَ العِلمِ بِالزَمَنِ
ما أَوضَحَ الأَمرَ لِلمُلقي بِعِبرَتِهِ
بَينَ التَفَكُّرِ وَالتَجريبِ وَالفِطَنِ
أَلَستَ يا ذا تَرى الدُنيا مُوَلِّيَةً
فَما يَغُرُّكَ فيها مِن هَنٍ وَهَنِ
لَأَعجَبَنَّ وَأَنّي يَنقَضي عَجَبي
الناسُ في غَفلَةٍ وَالمَوتُ في سَنَنِ
وَظاعِنٍ مِن بَياضِ الرَيطِ كُسوَتُهُ
مُطَيَّبٍ لِلمَنايا غَيرِ مُدَّهِنِ
غادَرتُهُ بَعدَ تَشيِيعَيهِ مُنجَدِلاً
في قُربِ دارٍ وَفي بُعدٍ مِنَ الوَطَنِ
لا يَستَطيعُ اِنتِقاصاً في مَحَلَّتِهِ
مِنَ القَبيحِ وَلا يَزدادُ في الحَسَنِ
الحَمدُ لِلَّهِ شُكراً ما أَرى سَكَناً
يَلوي بِبَحبوحَةِ المَوتى عَلى سَكَنِ
ما بالُ قَومٍ وَقَد صَحَّت عُقولُهُمُ
فيما اِدَّعوا يَشتَرونَ الغَيَّ بِالثَمَنِ
لِتَجذِبَنّي يَدُ الدُنيا بِقُوَّتِها
إِلى المَنايا وَإِن نازَعتُها رَسِيَ
وَأَيُّ يَومٍ لِمَن وافى مَنِيَّتَهُ
يَومٌ تَبَيَّنُ فيهِ صورَةُ الغَبَنِ
لِلَّهِ دُنيا أُناسٍ دائِنينَ لَها
قَدِ اِرتَعَوا في رِياضِ الغَيِّ وَالفِتَنِ
كَسائِماتٍ رَواعٍ تَبتَغي سِمناً
وَحَتفُها لَو دَرَت في ذَلِكَ السِمَنِ
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 06:19 PM
غَلَبَ اليَقينَ عَليَّ شَكّي في الرَدى
حَتّى كَأَنّي لا أَراهُ عِيانا
فَعَميتُ حَتّى صِرتُ فيهِ كَأَنَّني
أُعطيتُ مِن رَيبِ المَنونِ أَمانا
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 06:19 PM
ما كُلُّ ما تَشتَهي يَكونُ
وَالدَهرُ تَصريفُهُ فُنونُ
قَد يَعرِضُ الحَتفُ في حِلابٍ
دَرَّت بِهِ اللَقحَةُ اللَبونُ
الصَبرُ أَنجى مَطيِّ عَزمٍ
يُطوى بِهِ السَهلُ وَالحُزونُ
وَالسَعيُ شَيءٌ لَهُ انقِلابٌ
فَمِنهُ فَوقٌ وَمِنهُ دونُ
وَرُبَّما لانَ مَن تُعاصي
وَرُبَّما عَزَّ مَن يَهونُ
وَرُبَّ رَهنٍ بِبَيتِ هَجرٍ
فيمِثلِهِ تَغلَقُ الرُهونُ
لَم أَرَ شَيئاً جَرى بِبَينٍ
يَقطَعُ ما تَقطَعُ المَنونُ
ما أَيسَرَ المُكثَ في مَحَلٍّ
مالَ إِلَيهِ بِنا الرُكونُ
لا يَأمَنَنَّ اِمرُؤٌ هَواهُ
فَإِنَّ بَعضَ الهَوى جُنونُ
وَكُلُّ حينٍ يَخونُ قَوماً
أَيُّ الأَحايِينِ لا يَخونُ
إِذا اعتَرى الحَينُ أَهلَ مُلكٍ
خَلَت لَهُ مِنهُمُ الحُصونُ
كَرُّ الجَديدَينِ حَيثُ كانا
مِمّا تَفانَت بِهِ القُرونُ
وَلِلبِلى فيهِمُ دَبيبٌ
كَأَنَّ تَحريكَهُ سُكونُ
كَيفَ رَضينا بِضيقِ دارٍ
أَم كَيفَ قَرَّت بِها العُيونُ
تَكَنَّفَتنا الهُمومُ مِنها
فَهُنَّ فيهَ لَنا سُجونُ
وَلَيسَ يَجري بِنا زَمانٌ
إِلّا لَهُ كَلكَلٌ طَحونُ
وَالمَرءُ ما عاشا لَيسَ يَخلو
مِن حادِثٍ كانَ أَو يَكونُ
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 06:19 PM
لَشَتّانَ ما بَينَ المَخافَةِ وَالأَمنِ
وَشَتّانَ ما بَينَ السُهولَةِ وَالحَزنِ
تَنَزَّه عَنِ الدُنيا وَإِلّا فَإِنَّها
سَتَأتيكَ يَوماً في خَطاطيفِها الحُجنِ
إِذا حُزتَ ما يَكفيكَ مِن سَدِّ خَلَّةٍ
فَصِرتَ إِلى ما فَوقَهُ صِرتَ في سِجنِ
أَيا جامِعَ الدُنيا سَتَكفيكَ جَمعَها
وَيا بانِيَ الدُنيا سَيَخرَبُ ما تَبني
أَلا إِنَّ مَن لا بُدَّ أَن يَطعَمَ الرَدى
وَشيكاً حَقيقٌ بِالبُكاءِ وَبِالحُزنِ
تَعَجَّبتُ إِذ أَلهو وَلَم أَرَ طَرفَةً
لِعَينِ امرِئٍ مِن سَكرَةِ المَوتِ لا تَدني
وَلِلدَهرِ أَيّامٌ عَلَينا مُلِحَّةٌ
تُصَرِّحُ لي بِالمَوتِ عَنهُنَّ لا تَكني
أَيا عَينُ كَم حَسَّنتِ لي مِن قَبيحَةٍ
وَما كُلُّ ما تَستَحسِنينَ بِذي حُسنِ
كَأَنَّ امرَأً لَم يَغنَ في الناسِ ساعَةً
إِذا نُفِضَت عَنهُ الأَكُفُّ مِنَ الدَفنِ
أَلا هَل إِلى الفِردَوسِ مِن مُتَشَوِّقٍ
تَحِنُّ إِلَيها نَفسُهُ وَإِلى عَدنِ
وَما يَنبَغي لي أَن أُسَرَّ بِلَيلَةٍ
أَبيتُ بِها مِن ظالِمٍ لي عَلى ضِغنِ
وَمَن طابَ لي نَفساً بِقُربٍ قَبِلتُهُ
وَمَن ضاقَ عَن قُربي فَفي أَوسَعِ الإِذنِ
لَعَمرُكَ ما ضاقَ امرُؤٌ بَرَّ وَاتَّقى
فَذو البِرِّ وَالتَقوى مِنَ اللَهِ في ضَمنِ
وَأَبعِد بِذي رَأيٍ مِنَ الحُبِّ لِلتُقى
إِذا كانَ لا يُقصي عَلَيها وَلا يُدني
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 06:20 PM
لَتَجدَعَنَّ المَنايا كُلَّ عِرنينِ
وَالسَلقُ يَفنى بِتَحريكٍ وَتَسكينِ
إِن كانَ عِلمُ اِمرِئٍ في طولِ تَجرِبَةٍ
فَإِنَّ دونَ الَّذي جَرَّبتُ يَكفيني
إِنّي لَأَقبَلُ مِن نَفسي المُنى طَمَعاً
وَالنَفسُ تَكذِبُني فيما تُمَنّيني
وَمِن عَلامَةِ تَضيِيعي لِآخِرَتي
أَن صِرتُ تُغضِبُني الدُنيا وَتُرضيني
يا مَن تَشَرَّفَ بِالدُنيا وَطينَتِها
لَيسَ التَشَرُّفُ رَفعَ الطينِ بِالطينِ
إِذا أَرَدتَ شَريفَ الناسِ كُلَّهُمُ
فَاِنظُر إِلى مَلِكٍ في زِيِّ مَسكينِ
ذاكَ الَّذي عَظُمَت في اللَهِ حُرمَتُهُ
وَذاكَ يَصلِحُ لِلدُنيا وَلِلدينِ
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 06:20 PM
عَجَباً ما يَنقَضي مِنّي لِمَن
مالَهُ إِن سيمَ مَعروفاً حَزِن
لَم يَضِر بُخلُ بَخيلٍ غَيرَهُ
فَهُوَ المَغبونُ لَو كانَ فَطِن
يَأَخا الدُنيا تَأَهَّب لِلبِلى
فَكَأَنَّ المَوتَ قَد حَلَّ كَأَن
كَم إِلى كَم أَنتَ في أُرجوحَةٍ
تَتَمَنّى زَمَناً بَعدَ زَمَن
وَمَتى ما تَتَرَجَّح في المُنى
تَتَعَرَّض لِمَضَلّاتِ الفِتَن
حَبَّذا الإِنسانُ ما أَكرَمَهُ
مَن يُسِئ يَخذَل وَمَن يُحسِن يُعَن
رُبَّ يَأسٍ قَد نَفى عَنكَ المُنى
فَاستَراحَ القَلبُ مِنها وَسَكَن
ساهِلِ الناسَ إِذا ما غَضِبوا
وَإِذا عَزَّ صَديقُكَ فَهُن
وَإِذا ما المَرءُ صَفّى صِدقَهُ
وافَقَ الظاهِرُ مِنهُ ما بَطَن
وَإِذا ما وَرَعُ المَرءِ صَفا
اِستَسَرَّ الخَيرُ مِنهُ وَعَلن
عَجَباً مِن مُطمَئِنٍّ آمِنٍ
أَوطَنَ الدُنيا وَلَيسَت بِوَطَن
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 06:20 PM
جَمَعوا فَما أَكَلوا الَّذي جَمَعوا
وَبَنوا مَساكِنَهُم فَما سَكَنوا
فَكَأَنَّهُم ظُعُنٌ بِها نَزَلوا
لَمّا اِستَراحوا ساعَةً ظَعَنو
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 06:20 PM
رَضيتُ بِبَعضِ الذُلِّ خَوفَ جَميعِهِ
وَلَيسَ لِمِثلي بِالمُلوكِ يَدانِ
وَكُنتُ امرَأً أَخشى العِقابَ وَأَتَّقي
مَغَبَّةَ ما تَجني يَدي وَلِساني
وَلَو أَنَّني عاتَبتُ صاحِبَ قُدرَةٍ
لَعَرَّضتُ نَفسي صَولَةَ الحَدَثانِ
فَهَل مِن شَفيعٍ مِنكَ يَضمَنُ تَوبَتي
فَإِنّي امرُؤٌ أوفي بِكُلِّ ضَمانِ
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 06:21 PM
هَوِّن عَلَيكَ العَيشَ صَفحاً يَهُن
لَقَلَّما سَكَّنتَ إِلّا سَكَن
إِقبَل مِنَ العَيشِ تَصاريفَهُ
وَارضَ بِهِ إِن لانَ أَو إِن خَشُن
كَم لَذَّةٍ في ساعَةٍ نِلتَها
كانَت فَوَلَّت فَكَأَن لَم تَكُن
صُن كُلَّ ما شِئتَ فَإِنَّ البِلى
يَمضي بِما صُنتَ وَما لَم تَصُن
تَأمَنُ وَالأَيّامُ خُوّانَةٌ
لَم نَرَ يَوماً واحِداً لَم يَخُن
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 06:21 PM
يا لِلمَنايا وَيا لِلبَينِ وَالحَينِ
كُلُّ اِجتِماعٍ مِنَ الدُنيا إِلى بَينِ
يُبلي الزَمانُ حَديثاً بَعدَ بَهجَتِهِ
وَالدَهرُ يَقطَعُ ما بَينَ القَريبَينِ
لَقَد رَأَيتَ يَدَ الدُنيا مُفَرَّقَةً
لا تَأمَنَنَّ يَدَ الدُنيا عَلى اِثنَينِ
الحَمدُ لِلَّهِ حَمداً دائِماً أَبَداً
لَقَد تَزَيَّنَ أَهلُ الحِرصِ بِالشينِ
لا زَينَ إِلّا لِراضٍ عَن تَقَلُّلِهِ
إِنَّ القُنوعَ لَثَوبُ العِزِّ وَالزَينِ
الدارُ لَو كُنتَ تَدري يا أَخا مَرَحٍ
دارٌ أَمامَكَ فيها قُرَّةُ العَينِ
حَتّى مَتى نَحنُ في الأَيّامِ نَحسُبُها
وَإِنَّما نَحنُ فيها بَينَ يَومَينِ
يَومٌ تَوَلّى وَيَومٌ نَحنُ نَأمَلُهُ
لَعَلَّهُ أَجلَبُ اليَومَينِ لِلحَينِ
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 06:21 PM
عَجَباً عَجِبتُ لِغَفلَةِ الباقينا
إِذ لَيسَ يَعتَبِرونَ بِالماضينا
ما زِلتَ وَيحَكَ يا اِبنَ آدَمَ دائِباً
في هَدمِ عُمرِكَ مِنذُ كُنتَ جَنينا
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 06:21 PM
تَزَوَّد مِنَ الدُنيا مُسِرّاً وَمُعلِنا
فَما هُوَ إِلّا أَن تُنادى فَتَظعَنا
يُريدُ امرُؤٌ أَلّا تُلَوَّنَ حالُهُ
وَتَأبى بِهِ الأَيّامُ إِلّا تَلَوَّنا
عَجِبتُ لِذي الدُنيا وَقَد حَطَّ رَحلَهُ
بِمُستَنِّ سَيلٍ فَابتَنى وَتَحَصَّنا
تَزَيَّن لِيَومِ العَرضِ ما دُمتَ مُطلَقاً
وَما دامَ دونَ المُنتَهى لَكَ مُمكِنا
وَلا تُمكِنَنَّ النَفسَ مِن شَهَواتِها
وَلا تَركَبَنَّ الشَكَّ حَتّى تَيَقَّنا
وَما الناسُ إِلّا مِن مُسيءٍ وَمُحسِنٍ
وَكَم مِن مُسيءٍ قَد تَلافى فَأَحسَنا
إِذا ما أَرادَ المَرءُ إِكرامَ نَفسِهِ
رَعاها وَوَقّاها القَبيحَ وَزَيَّنا
أَلَيسَ إِذا هانَت عَلى المَرءِ نَفسُهُ
وَلَم يَرعَها كانَت عَلى الناسِ أَهوَنا
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 06:22 PM
ما أَنا إِلّا لِمَن بَغاني
أَرى خَليلي كَما يَراني
لَستُ أَرى ما مَلَكتُ طَرفي
مَكانَ مَن لا يَرى مَكاني
مَنِ الَّذي يَرتَجي الأَقاصي
إِن لَم يَنَل خَيرَهُ الأَداني
أَصبَحتُ عَمَّن بِها غَنِيّاً
بِخالِقي في جَميعِ شاني
وَلي إِلى أَن أَموتُ رِزقٌ
لَو جَهَدَ الخَلقُ ما عَداني
لا تَرتَجِ الخَيرَ عِندَ مَن لا
يَصلُحُ إِلّا عَلى الهَوانِ
فَاِستَغنِ بِاللَهِ عَن فُلانٍ
وَعَن فُلانٍ وَعَن فُلانِ
وَلا تَدَع مَكسَباً حَلالاً
تَكونُ مِنهُ عَلى بَيانِ
فَالمالُ مِن حِلِّهِ قِوامٌ
لِلعِرضِ وَالوَجهِ وَاللِسانِ
وَالفَقرُ ذُلٌّ عَلَيهِ بابٌ
مِفتاحُهُ العَجزُ وَالتَواني
وَرِزقُ رَبّي لَهُ وُجوهٌ
هُنَّ مِنَ اللَهِ في ضَمانِ
سُبحانَ مَن لَم يَزَل عَلِيّا
لَيسَ لَهُ في العُلُوِّ ثانِ
قَضى عَلى خَلقِهِ المَنايا
فَكُلُّ حَيٍّ سِواهُ فانِ
يا رَبِّ لَم نَبكِ مِن زَمانٍ
إِلّا بَكَينا عَلى زَمانِ
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 06:22 PM
كُن عِندَ أَحسَنِ ظَنِّ مَن ظَنّا
وَإِذا ظَنَنتَ فَأَحسِنِ الظَنّا
لا تُتبِعَنَّ يَداً بَسَطتَ بِها ال
مَعروفَ مِنكَ أَذىً وَلا مَنّا
وَالعَتبُ يَنعَطِفُ الكَريمُ بِهِ
وَيُرى اللَئيمُ عَلَيهِ مُستَنّا
وَلَرُبَّ ذي إِلفٍ يُفارِقُهُ
فَإِذا تَذَكَّرَ إِلفَهُ حَنّا
وَلَقَلَّ ما اِعتَقَدَ اِمرُؤٌ هِبَةً
إِلّا رَأَيتَ لَهُ بِها ضَنّا
عَجَباً لَنا وَلِطولِ غَفلَتِنا
وَالمَوتُ لَيسَ بِغافِلٍ عَنّا
سَنَبينُ عَمّا نَحنُ فيهِ لِمَن
سَيَبينُ بَعدُ عَنِ الَّذي بِنّا
يا إِخوَةً خُنّا المُحيطَ بِنا
عِلماً وَأَنفُسَنا الَّتي خُنّا
إِنّا وَإِن طالَ الزَمانُ بِنا
غَرَضُ الحَوادِثِ حَيثُما كُنّا
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 06:22 PM
أَرى المَوتَ لي حَيثُ اعتَمَدتُ كَمينا
فَأَصبَحتُ مَهموماً هُناكَ حَزينا
سَيُلحِقُني حادي المَنايا بِمَن مَضى
أَخَذتُ شِمالاً أَو أَخَذتُ يَمينا
يَقينُ الفَتى بِالمَوتِ شَكٌّ وَشَكُّهُ
يَقينٌ وَلَكِن لا يَراهُ يَقينا
عَلَينا عُيونٌ لِلمُنونِ خَفِيَّةٌ
تَدِبُّ دَبيباً بِالمَنِيَّةِ فينا
وَما زالَتِ الدُنيا تُقَلِّبُ أَهلَها
فَتَجعَلُ ذا غَثّا وَذاكَ سَمينا
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 06:23 PM
سَبَقَ القَضاءُ بِكُلِّ ما هُوَ كائِنُ
وَاللَهُ يا هَذا لِرِزقِكَ ضامِنُ
تُعنى بِمَ تُكفى وَتَترُكُ ما بِهِ
توصى كَأَنَّكَ لِلحَوادِثِ آمِنُ
أَو ما تَرى الدُنيا وَمَصدَرُ أَهلِها
ضَنكٌ وَمَورِدُها كَريهٌ آجِنُ
وَاللَهِ ما اِنتَفَعَ العَزيزُ بِعِزِّهِ
فيها وَلا سَلِمَ الصَحيحُ الآمِنُ
وَالمَرءُ يُطِنُها وَيَعلَمُ أَنَّهُ
عَنها إِلى وَطَنٍ سِواها ظاعِنُ
يا ساكِنَ الدُنيا أَتَعمُرُ مَسكِناً
لَم يَبقَ فيهِ مَعَ المَنِيَّةِ ساكِنُ
المَوتُ شَيءٌ أَنتَ تَعلَمُ أَنَّهُ
حَقٌّ وَأَنتَ بِذِكرِهِ مُتَهاوِنُ
إِنَّ المَنِيَّةَ لا تُؤامِرُ مَن أَتَت
في نَفسِهِ يَوماً وَلا تَستَأذِنُ
اِعلَم بِأَنَّكَ لا أَبا لَكَ في الَّذي
أَصبَحتَ تَجمَعُهُ لِغَيرِكَ خازِنُ
فَلَقَد رَأَيتَ مَعاشِراً وَعَهِدتَهُم
فَمَضَوا وَأَنتَ مُعايِنٌ ما عايَنوا
وَرَأَيتُ سُكّانَ القُصورِ وَما لَهُم
بَعدَ القُصورِ سِوى القُبورِ مَساكِنُ
جَمَعوا فَما اِنتَفَعوا بِذاكَ وَأَصبَحوا
وَهُم بِما اِكتَسَبوا هُناكَ رَهائِنُ
لَو قَد دُفِنتَ غَداً وَأَقبَلَ نافِضاً
كَفَّيهِ عَنكَ مِنَ التُرابِ الدافِنُ
لَتَشاغَلَ الوارِثُ بَعدَكَ بِالَّذي
وَرِثوا وَأَسلَمَكَ الوَلِيُّ الباطِنُ
قارِن قَرينَكَ وَاِستَعِدَّ لِبَينِهِ
إِنَّ القَرينَ مِنَ القَرينِ مُبايِنُ
وَاِلبَس أَخاكَ فَإِنَّ كُلَّ أَخٍ تَرى
فَلَهُ مَساوٍ مَرَّةً وَمَحاسِنُ
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 06:23 PM
مُؤاخاةُ الفَتى البَطَرِ البَطينِ
تُهَيِّجُ قَرحَةَ الداءِ الدَفينِ
وَتُدخِلُ في اليَقينِ عَلَيكَ شَكّاً
وَلا شَيءٌ أَعَزَّ مِنَ اليَقينِ
فَدَعهُ وَاِستَجِر بِاللَهِ مِنهُ
فَجارَ اللَهِ في حِصنٍ حَصينِ
أَأَغفُلُ وَالمَنايا مُقبِلاتٌ
عَلَيَّ وَأَشتَري الدُنيا بِديني
وَلَو أَنّي عَقَلتُ لَطالَ حُزني
وَرُمتُ إِخاءَ كُلِّ أَخٍ حَزينِ
وَأَظمَأتُ النَهارَ لِرَوحِ قَلبي
وَبِتُّ اللَيلَ مُفتَرِشاً جَبيني
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 06:23 PM
أَمِنتُ الزَمانَ وَالزَمانُ خَؤونُ
لَهُ حَرَكاتٌ بِالبِلى وَسُكونُ
رُوَيدَكَ لا تَستَبطِ ما هُوَ كائِنٌ
أَلا كُلُّ مَقدورٍ فَسَوفَ يَكونُ
سَتَذهَبُ أَيّامٌ سَتَخلُقُ جِدَّةٌ
سَتَمضي قُرونٌ بَعدَهُنَّ قُرونُ
سَتَدرُسُ آثارٌ وَتَعقِبُ حَسرَةٌ
سَتَخلو قُصورٌ شُيِّدَت وَحُصونُ
سَتُقطَعُ آمالٌ وَتَذهَبُ جِدَّةٌ
سَيَغلَقُ بِالمُستَكثِرينَ رُهونُ
سَتَنقَطِعُ الدُنيا جَميعاً بِأَهلِها
سَيَبدو مِنَ الشَأنِ الحَقيرِ شُؤونُ
وَما كُلُّ ذي ظَنٍّ يُصيبُ بِظَنِّهِ
وَقَد يُستَرابُ الظَنُّ وَهوَ يَقينُ
يَحولُ الفَتى كَالعودِ قَد كانَ مَرَّةً
لَهُ وَرَقٌ مُخضَرَّةٌ وَغُصونُ
نَصونُ فَلا نَبقى وَلا ما نَصونُهُ
أَلا إِنَّنا لِلحادِثاتِ نَصونُ
وَكَم عِبرَةٍ لِلناظِرينَ تَكَشَّفَت
فَخانَت عُيونَ الناظِرينَ جُفونُ
نَرى وَكَأَنّا لا نَرى كُلَّ ما نَرى
كَأَنَّ مُنانا لِلعُيونِ شُجونُ
وَكَم مِن عَزيزٍ هانَ مِن بَعدِ عِزَّةٍ
أَلا قَد يَعِزُّ المَرءُ ثُمَّ يَهونُ
أَلا رُبَّ أَسبابٍ إِلى الخَيرِ سَهلَةٌ
وَلِلشَرِّ أَسبابٌ وَهُنَّ حُزونُ
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 06:23 PM
الحَمدُ لِلَّهِ اللَطيفِ بِنا
سَتَرَ القَبيحَ وَأَظهَرَ الحَسَنا
ما تَنقَضي عَنّا لَهُ مِنَنٌ
حَتّى يُجَدِّدَ ضِعفَها مِنَنا
فَلَوِ اِهتَمَمتُ بِشُكرِ ذاكَ لَما
أَصبَحتُ بِاللَذاتِ مُفتَتِناً
أَوطَنتُ داراً لا بَقاءَ لَها
تَعِدُ الغُرورَ وَتُنبِتُ الدَرَنا
ما يَتَبينُ سُرورُ صاحِبَها
حَتّى يَعودُ سُرورُهُ حَزَنا
عَجَباً لَها لا بَل لِمَوطِنَها ال
مَغرورِ كَيفَ يَعُدُّها وَطَنا
بَينا المُقيمُ بِها عَلى ثِقَةٍ
في أَهلِهِ إِذ قيلَ قَد ظَعَنا
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 06:24 PM
هَذا زَمانٌ أَلَحَّ الناسُ فيهِ عَلى
زَهوِ المُلوكِ وَأَخلاقِ المَساكينِ
أَما عَلِمتَ جَزاكَ اللَهُ صالِحَةً
وَزادَكَ اللَهُ خَيراً يا اِبنَ يَقطينِ
أَبي أُريدُكَ لِلدُنيا وَعاجِلِها
وَلا أُريدُكَ يَومَ الدينِ لِلدينِ
حَتّى مَتى لَيتَ شِعري يا اِبنَ يَقطينِ
أُثني عَلَيكَ بِشَيءٍ لَستَ توليني
إِنَّ السَلامَ وَإِنَّ البِشرَ مِن رَجُلٍ
في مِثلِ ما أَنتَ فيهِ لَيسَ يَكفيني
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 06:24 PM
إِلَهي لا تُعَذِّبني فَإِنّي
مُقِرٌّ بِالَّذي قَد كانَ مِنّي
وَما لي حيلَةٌ إِلّا رَجائي
وَعَفوُكَ إِن عَفَوتَ وَحُسنُ ظَنّي
فَكَم مِن زِلَّةٍ لي في البَرايا
وَأَنتَ عَلَيَّ ذو فَضلٍ وَمَنِّ
إِذا فَكَّرتُ في نَدَمي عَلَيها
عَضَضتُ أَنامِلي وَقَرَعتُ سِنّي
يَظُنُّ الناسُ بي خَيراً وَإِنّي
لَشَرُّ الناسِ إِن لَم تَعفُ عَنّي
أُجَنُّ بِزَهرَةِ الدُنيا جُنوناً
وَأُفني العُمرَ فيها بِالتَمَنّي
وَبَينَ يَدَيَّ مُحتَبَسٌ طَويلٌ
كَأَنّي قَد دُعيتُ لَهُ كَأَنّي
وَلَو أَنّي صَدَقتُ الزُهدَ فيها
قَلَبتُ لِأَهلِها ظَهرَ المِجَنِّ
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 06:24 PM
طالَ شُغلي بِغَيرِ ما يَعنيني
وَطِلابي فَوقَ الَّذي يَكفيني
وَاِحتِيالي بِما عَلَيَّ وَلا لي
وَاِشتِغالي بِكُلِّ ما يُلهيني
وَأَرى ما قَضى عَلَيَّ إِلَهي
مِن قَضاءٍ فَإِنَّهُ يَأتيني
وَلَوَ اِنّي كَفَفتُ لَم أَبغِ رِزقي
كانَ رِزقي هُوَ الَّذي يَبغيني
أَحمَدُ اللَهَ ذا المَعارِجِ شُكراً
ما عَلَيها إِلّا ضَعيفُ اليَقينِ
وَلَعَمري إِنَّ الطَريقَ إِلى الحَققِ
مُبينٌ لِلناظِرِ المُستَبينِ
وَيحَ نَفسي إِنّي أَراني بِدُنيايَ
ضَنيناً وَلا أَضِنُّ بِديني
لَيتَ شِعري غَداً أَأُعطى كِتابي
بِشِمالي لِشَقوَتي أَم يَميني
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 06:24 PM
لِلَّهِ دَرُّ أَبيكَ أَيَّ زَمانِ
أَصبَحتَ فيهِ وَأَيَّ أَهلِ زَمانِ
كُلٌّ يُوازِنُكَ المَوَدَّةَ دائِباً
يُعطي وَيَأخُذُ مِنكَ بِالميزانِ
فَإِذا رَأى رُجحانَ حَبَّةِ خَردَلٍ
مالَت مَوَدَّتُهُ مَعَ الرُجحانِ
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 06:25 PM
كُلُّ اِمرِئٍ فَكَما يَدينُ يُدانُ
سُبحانَ مَن لَم يَخلُ مِنهُ مَكانُ
سُبحانَ مَن يُعطي المُنى بِخَواطِرٍ
في النَفسِ لَم يَنطِق بِهِنَّ لِسانُ
سُبحانُ مَن لا شَيءَ يَحجُبُ عِلمَهُ
فَالسِرُّ أَجمَعُ عِندَهُ إِعلانُ
سُبحانُ مَن هُوَ لا يَزالُ مُسَبِّحاً
أَبَداً وَلَيسَ لِغَيرِهِ السُبحانُ
سُبحانُ مَن تَجري قَضاياهُ عَلى
ما شاءَ مِنها غائِبٌ وَعِيانُ
سُبحانَ مَن هُوَ لا يَزالُ وَرِزقُهُ
لِلعالَمينَ بِهِ عَلَيهِ ضَمانُ
سُبحانَ مَن في ذِكرِهِ طُرُقُ الرِضى
مِنهُ وَفيهِ الرَوحُ وَالرَيحانُ
مَلِكٌ عَزيزٌ لا يُفارِقُ عِزُّهُ
يُعصى وَيُرجى عِندَهُ الغُفرانُ
مَلِكٌ لَهُ ظَهرُ الفَضاءِ وَبَطنُهُ
لَم تُبلِ جِدَّةَ مُلكِهِ الأَزمانُ
مَلِكٌ هُوَ المَلِكُ الَّذي مِن حِلمِهِ
يُعصى بِحُسنِ بَلائِهِ وَيُخانُ
يَبلى لِكُلِّ مُسَلعَنٍ سُلطانُهُ
وَاللَهُ لا يَبلى لَهُ سُلطانُ
كَم يَستَصِمُّ الغافِلونَ وَقَد دُعوا
وَغَدا وَراحَ عَلَيهِمُ الحَدَثانُ
أَبشِر بِعَونِ اللَهِ إِن تَكُ مُحسِناً
فَالمَرءُ يُحسِنُ طَرفَةً فَيُعانُ
فَنِيَ التَعَزُّزُ عَن مُلوكٍ أَصبَحَت
في ذِلَّةٍ وَهُمُ الأَعِزَّةَ كانوا
أَأُسَرُّ في الدُنيا بِكُلِّ زِيادَةٍ
وَزِيادَتي فيها هِيَ النُقصانُ
وَيحَ اِبنَ آدَمَ كَيفَ تَرقُدُ عَينُهُ
عَن رَبِّهِ وَلَعَلَّهُ غَضبانُ
وَيحَ اِبنِ آدَمَ كَيفَ تَغفُلُ نَفسُهُ
وَلَهُ بِيَومِ حِسابِهِ اِستيقانُ
يَومُ اِنشِقاقِ الأَرضِ عَن أَهلِ البِلى
فيها وَيَبدو الخُخطُ وَالرِضوانُ
يَومُ القِيامَةِ يَومَ يُظلِمُ فيهِ ظُل
مُ الظالِمينَ وَيُشرِقُ الإِحسانُ
يا عامِرَ الدُنيا لِيَسكُنَها وَلَي
سَت بِالَّتي يَبقى لَها سُكَّنُ
تَفنى وَتَفنى الأَرضُ بَعدَكَ مِثلَما
يَفنى المَناخُ وَيَرحَلُ الرُكبانُ
أَهلَ القُبورِ نَسيتُكُم وَكَذاكُمُ ال
إِنسانُ مِنهُ السَهوُ وَالنِسيانُ
أَهلَ البِلى أَنتُم مُعَسكَرُ وَحشَةٍ
حَيثُ اِستَقَرَّ البُعدُ وَالهِجرانُ
الصِدقُ شَيءٌ لا يَقومُ بِهِ اِمرُؤٌ
إِلّا وَحَشوُ فُؤادِهِ الإيمانُ
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 06:25 PM
يا خَليلَيَّ لا أَذُمُّ زَماني
غَيرَ أَنّي أَذُمُّ أَهلَ زَماني
لَستُ أُحصي كَم مِن أَخٍ كانَ لي مِن
هُم قَليلَ الوَفاءِ حُلوَ اللِسانِ
لَم أَجِدهُ مُؤاتِياً فَتَصَدَّقتُ
بِحَظّي مِنهُ عَلى الشَيطانِ
لَيتَ حَظِّيَ مِنهُ وَمِن مِثلِهِ أَن
لا تَراهُ عَيني وَأَن لا يَراني
أَحمَدُ اللَهَ كَيفَ قَد فَسَدَ الناسُ
وَقَلَّ الوَفاءُ في الإِخوانِ
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 06:25 PM
عَجَباً عَجِبتُ لِغَفلَةِ الإِنسانِ
قَطَعَ الحَياةَ بِغِرَّةٍ وَأَمانِ
فَكَّرتُ في الدُنيا فَكانَت مَنزِلاً
عِندي كَبَعضِ مَنازِلِ الرُكبانِ
عِندي جَميعُ الناسِ فيها واحِدٌ
فَقَليلُها وَكَثيرُها سِيّانِ
فَإِلى مَتى كَلَفي بِما لَو كُنتُ تَحتَ
الأَرضِ ثُمَّ رُزِقتُهُ لَأَتاني
أَبغي الكَثيرَ إِلى الكَثيرِ مُضاعَفاً
وَلَوِ اِقتَصَرتُ عَلى القَليلِ كَفاني
لِلَّهِ دَرُّ الوارِثينَ كَأَنَّني
بِأَخَصِّهِم مُتَبَرِّماً بِمَكاني
قَلِقاً يُجَهِّزُني إِلى دارِ البِلى
مُتَحَرِّياً لِكَرامَتي بِهَواني
مُتَبَرِّئًا مِني إِذا نُضِدَ الثَرى
فَوقي طَوى كَشحاً عَلى هِجراني
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 06:25 PM
سُكرُ الشَبابِ جُنونُ
وَالناسُ فَوقٌ وَدونُ
وَلِلأُمورِ ظُهورٌ
تَبدو لَنا وَظُنونُ
وَلِلزَمانِ تَثَنٍّ
كَما تَثَنّى الغُصونُ
مِنَ العُقولِ سُهولٌ
مَعروفَةٌ وَحُزونُ
فيهِنَّ رَطبٌ مُؤاتٍ
مِنهُنَّ كَزٌّ حَرونُ
إِنّي وَإِن خانَني مَن
أَهوى فَلَستُ أَخونُ
لاأُعمِلُ الظَنَّ إِلّا
فيما تَسوغُ الظُنونَ
يا مَن تَمَجَّنَ مَهلاً
قَد طالَ مِنكَ المُجونُ
هَوَّنتَ عَسفَ اللَيالي
هَوَّنتَ ما لا يَهونُ
يا لَيتَ شِعري إِذا ما
دُفِنتَ كَيفَ تَكونُ
لَو قَد تُرِكتَ صَريعاً
وَقَد بَكَتكَ العُيونُ
لَقَلَّ عَنكَ غَناءً
دَمعٌ عَلَيكَ هَتونُ
لا تَأمَنَنَّ اللَيالي
فَكُلُّهُنَّ خَأونُ
إِنَّ القُبورَ سُجونٌ
ما مِثلُهُنَّ سُجونُ
كَم في القُبورِ قُرونٌ
مِمَّن مَضى وَقُرونُ
ما في المَقابِرِ وَجهٌ
عَنِ التُرابِ مَصونُ
لَتُفنِيَنّا جَميعاً
وَإِن كَرِهنا المَنونُ
أَمّا النُفوسُ عَلَيها
فَلِلمَنايا دُيونُ
لاتَدفَعُ المَوتَ عَمَّن
حَلَّ الحُصونَ الحُصونُ
ما لِلمَنايا سُكونٌ
عَنّا وَنَحنُ سُكونُ
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 06:26 PM
أَينَ مَن كانَ قَبلَنا أَينَ أَينا
مِن أُناسٍ كانوا جَمالاً وَزَينا
إِنَّ دَهراً أَتى عَلَيهِم فَأَفنى
مِنهُمُ الجَمعَ سَوفَ يَأتي عَلَينا
خَدَعَتنا الآمالُ حَتّى طَلَبنا
وَجَمَعنا لِغَيرِنا وَسَعَينا
وَاِبتَنَينا وَما نُفَكِّرُ في الدَه
رِ وَفي صَرفِهِ غَداةَ اِبتَنَينا
وَاِبتَغَينا مِنَ المَعاشِ فُضولاً
لَو قَنِعنا بِدونِها لَاِكتَفَينا
وَلَعَمري لَنَمضِيَنَّ وَلا نَم
ضي بِشَيءٍ مِنها اِذا ما مَضَينا
وَاِفتَرَقنا في المَقدُراتِ وَسَوّى ال
لَهُ في المَوتِ بَينَنا فَاِستَوَينا
كَم رَأَينا مِن مَيِّتٍ كانَ حَيّاً
وَوَشيكاً يُرى بِنا ما رَأَينا
ما لَنا نَأمَنُ المَنايا كَأَنّا
لا نَراهُنَّ يَهتَدينَ إِلَينا
عَجَباً لِاِمرِئٍ تَيَقَّنَ أَنَّ ال
مَوتَ حَقٌّ فَقَرَّ بِالعَيشِ عَينا
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 06:26 PM
كَم مِن أَخٍ لَكَ نالَ سُلطانا
فَكَأَنَّهُ لَيسَ الَّذي كانا
ما أَسكَرَ الدُنيا لِصاحِبِها
وَأَضَرَّها لِلعَقلِ أَحيانا
دارٌ لَها شُبَهٌ مُلَبَّسَةٌ
تَدَعُ الصَحيحَ العَقلِ سَكرانا
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 06:26 PM
هِيَ النَفسُ لا أَعتاضُ عَنها بِغَيرِها
وَكُلُّ ذَوي عَقلٍ عَلى مِثلِها يَحنو
لَها أَطلُبُ الأُخرى فَإِن أَنا بِعتُها
بِشَيءٍ مِنَ الدُنيا فَذاكَ هُوَ الغَبنُ
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 06:26 PM
لَقَد طالَ يا دُنيا إِلَيكِ رُكوني
وَدامَ لُزومي ضِلَّتي وَفُتوني
وَطالَ إِخائي فيكِ قَوماً أَراهُم
وَكُلُّهُمُ مُستَأثِرٌ بِكِ دوني
وَكُلُّهُمُ عَنّي قَليلٌ غِنائُهُ
إِذا غَلِقَت في الهالِكينَ رُهوني
فَيا رَبِّ إِنَّ الناسَ لا يُنصِفونَني
وَكَيفَ وَلَو أَنصَفتُهُم ظَلَموني
وَإِن كانَ لي شَيءٌ تَصَدَّوا لِأَخذِهِ
وَإِن جِئتُ أَبغي شَيئَهُم مَنَعوني
وَإِن نالَهُم رِفدي فَلا شُكرَ عِندَهُم
وَإِن أَنا لَم أَبذُل لَهُم شَتَموني
وَإِن وَجَدوا عِندي رَخاءً تَقَرَّبوا
وَإِن نَزَلَت بي شِدَّةٌ خَذَلوني
وَإِن طَرَقَتني نَكبَةٌ فَكِهوا بِها
وَإِن صَحِبَتني نِعمَةٌ حَسَدوني
سَأَمنَعُ قَلبي أَن يَحِنَّ إِلَيهِمُ
وَأَحجُبُ عَنهُم ناظِري وَجُفوني
وَأَقطَعُ أَيّامي بِيَومِ سُهولَةٍ
أُزَجّي بِهِ عُمري وَيَومَ حُزونِ
أَلا إِنَّ أَصفى العَيشِ ما طابَ غِبُّهُ
وَما نِلتُهُ في عِفَّةٍ وَسُكونِ
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 06:27 PM
أَينَ القُرونُ بَنو القُرونِ
وَذَوُو المَدائِنِ وَالحُصونِ
وَذَوُو التَجَبُّرِ في المَجا
لِسِ وَالتَكَبُّرِ في العُيونِ
كانوا المُلوكَ فَأَيُّهُم
لَم يُفنِهِ رَيبُ المَنونِ
أَو أَيُّهُم لَم يُلفَ في
دارِ البِلى غَلِقَ الرُهونِ
وَلَقَد غَنوا في عيشَةٍ
لَيسَت لِأَنفَسِهِم بِدونِ
صاروا حَديثاً بَعدَهُم
إِنَّ الحَديثَ لَذو شُجونِ
وَالدَهرُ دائِبَةٌ عَجا
إِبُ صَرفِهِ جَمُّ الفُنونِ
لا بُدَّ فيهِ لِئامِنِ ال
أَيّامِ مِن يَومٍ خَأُونِ
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 06:27 PM
أَيا مَن بَينَ باطِيَةٍ وَدَنِّ
وَعودٍ في يَدي غاوٍ مُغَنِّ
إِذا لَم تَنهَ نَفسَكَ عَن هَواها
وَتُحسِن صَونَها فَإِلَيكَ عَنّي
فَإِنَّ اللَهوَ وَالمَلهى جُنونٌ
وَلَستُ مِنَ الجُنونِ وَلَيسَ مِنّي
وَأَيُّ قَبيحٍ اِقبَحُ مِن لَبيبٍ
يُرى مُتَطَرِّباً في مِثلِ سِنّي
إِذا ما لَم يَتُب كَهلٌ لِشَيبٍ
فَلَيسَ بِتائِبٍ ما عاشَ ظَنّي
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 06:27 PM
نَهنِه دُموعَكَ كُلُّ حَيٍّ فانِ
وَاِصبِر لِقَرعِ نَوائِبِ الحَدَثانِ
يا دارِيَ الحَقَّ الَّتي لَم أَبنِها
فيما أُشَيِّدُهُ مِنَ البُنيانِ
كَيفَ العَزاءُ وَلا مَحالَةَ إِنَّني
يَوماً إِلَيكِ مُشَيِّعي إِخواني
نَعشاً يُكَفكِفُهُ الرِجالُ وَفَوقَهُ
جَسَدٌ يُباعُ بِأَوكَسِ الأَثمانِ
لَولا الإِلَهُ وَأَنَّ قَلبِيَ مُؤمِنٌ
وَاللَهُ غَيرُ مُضَيِّعٍ إيماني
لَظَنَنتُ أَو أَيقَنتُ عِندَ مَنِيَّتي
أَنَّ المَصيرَ إِلى مَحَلِّ هَوانِ
فَبِنورِ وَجهِكَ يا إِلَهَ مُحَمَّدٍ
زَحزِح إِلَيكَ عَنِ السَعيرِ مَكاني
وَاِمنُن عَلَيَّ بِتَوبَةٍ تَرضى بِها
يا ذا العُلى وَالمَنِّ وَالإِحسانِ
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 06:27 PM
سَكَنٌ يَبقى لَهُ سَكَنُ
ما بِهَذا يُؤذِنُ الزَمَنُ
نَحنُ في دارٍ يُخَبِّرُنا
عَن بِلاها ناطِقٌ لَسِنُ
دارُ سَوءٍ لَم يَدُم فَرَحٌ
لِامرِئٍ فيها وَلا حَزَنُ
ما تَرى مِن أَهلِها أَحَداً
لَم تَمِل فيها بِهِ الفِتَنُ
عَجَباً مِن مَعشَرٍ سَلَفوا
أَيَّ غَبنٍ بَيِّنٍ غُبِنوا
وَفَّروا الدُنيا لِغَيرِهِمُ
وَابتَنَوا فيها وَما سَكَنوا
تَرَكوها بَعدَما اشتَبَكَت
بَينَهُم في حُبِّها الإِحَنُ
كُلُّ حَيٍّ عِندَ ميتَتِهِ
حَظُّهُ مِن مالِهِ الكَفَنُ
إِنَّ مالَ المَرءِ لَيسَ لَهُ
مِنهُ إِلّا ذِكرُهُ الحَسَنُ
ما لَهُ مِمّا يُخَلِّفُهُ
بَعدُ إِلّا فِعلُهُ الحَسَنُ
في سَبيلِ اللَهِ أَنفُسُنا
كُلُّنا بِالمَوتِ مُرتَهَنُ
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 06:28 PM
الجودُ لا يَنفَكُّ حامِدُهُ
وَالبُخلُ لا يَنفَكُّ لائِمُهُ
وَالعِلمُ حَيثُ يَصِحُّ عالِمُهُ
وَالحِلمُ حَيثُ يَعِفُّ حالِمُهُ
وَإِذا اِمرُؤٌ كَمَلَت لَهُ شُعَبُ ال
تَقوى فَقَد كَمَلَت مَكارِمُهُ
وَالصِدقُ حِصنٌ دونَ صاحِبِهِ
بُنِيَت عَلى رُشدٍ دَعائِمُهُ
وَالمَرءُ لا يَصفو هَواهُ وَلا
يَقوى عَلى خُلُقٍ يُداوِمُهُ
وَالنَفسُ ذاتُ تَخَلُّقٍ وَبِها
عَن نُصحِها داءٌ تُكاتِمُهُ
وَاِبنُ التَمائِمِ مِن حَوادِثِ رَي
بِ الدَهرِ لا تُغني تَمائِمُهُ
وَالدَهرُ يُسلِمُ مَن يَكونَ لَهُ
سَلِماً وَيُرغِمُ مَن يُراغِمُهُ
وَلَقَد بَليتُ وَكُنتُ مُطَّرِفاً
وَالشَيءُ يُخلِقُهُ تَقادُمُهُ
وَكَأَنَّ طَعمَ العَيشِ حينَ مَضى
حُلُمٌ يُحَدِّثُ عَنهُ حالِمُهُ
يا رُبَّ جيلٍ قَد سَمِعتُ بِهِ
وَرَأَيتُ قَد هَمَدَت خَضارِمُهُ
وَجَميعُ ما نَلهو بِهِ مَرَحاً
مِن لَذَّةٍ فَالمَوتُ هادِمُهُ
وَالناسُ في رَتعِ الغُرورِ كَما
رَتَعَت حِمى المَرعى بَهائِمُهُ
كُلٌّ لَهُ أَجَلٌ يُراوِغُهُ
وَيَحيدُ عَنهُ وَهوَ لازِمُهُ
يا ذا النَدامَةِ عِندَ ميتَتِهِ
وَالمَوتُ لَيسَ يُقالُ نادِمُهُ
أَمّا المُقِلُّ فَأَنتَ تَحقِرُهُ
فَإِذا اِستَراشَ فَأَنتَ خادِمُهُ
ما بالُ يَومِكَ لا تُعِدُّ لَهُ
فَلَيَقدَمَنَّ عَلَيكَ قادِمُهُ
رَقَدَت عُيونُ الظالِمينَ وَلَم
تَرقُد لِمَظلومٍ مَظالِمُهُ
وَالصُبحُ يُغبَنُ فيهِ لاعِبُهُ
وَاللَيلُ يُغبَنُ فيهِ نائِمُهُ
وَمَنِ اِعتَدى فَاللَهُ خاذِلُهُ
وَمَنِ اِتَّقى فَاللَهُ عاصِمُهُ
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 06:28 PM
الخَيرُ خَيرٌ كَاسمِهِ
وَالشَرُّ شَرٌّ كَاسمِهِ
سُبحانَ مَن وَسِعَ العِبادَ
بِعَدلِهِ في حُكمِهِ
وَبِعَفوِهِ وَبِعَطفِهِ
وَبِلُطفِهِ وَبِحِلمِهِ
وَجَميعُ ما هُوَ كائِنٌ
يَجري بِسابِقِ عِلمِهِ
قَد أَسعَدَ اللَهُ امرَأً
أَرضاهُ مِنهُ بِقِسمِهِ
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 06:28 PM
كَأَنّي بِالتُرابِ عَلَيكَ رَدما
بِرَبعٍ لا أَرى لَكَ فيهِ رَسما
بِرَبعٍ لَو تَرى الأَحبابَ فيهِ
رَأَيتَ لَهُم مُباعَدَةً وَصَرما
أَلا يا ذا الَّذي هُوَ كُلَّ يَومٍ
يُساقُ إِلى البِلى قِدماً فَقِدما
ضَرَبتَ عَنِ اِدِّكارِ المَوتِ صَفحاً
كَأَنَّكَ لا تَراهُ عَلَيكَ حَتما
أَلَم تَرَ أَنَّ أَقسامَ المَنايا
تُوَزَّعُ بَينَنا قِسماً فَقِسما
سَيُفنينا الَّذي أَفنى جَديساً
وَأَفنى قَبلَها إِرَماً وَطَسما
وَرُبَّ مُسَلَّطٍ قَد كانَ فينا
عَزيزاً مُنكَرَ السَطَواتِ ضَخما
وَلَو يَنشَقُّ وَجهُ الأَرضِ عَنهُ
عَدَدتَ عِظامَهُ عَظماً فَعَظما
وَكَم مِن خُطوَةٍ مَنَحَتهُ أَجراً
وَكَم مِن خُطوَةٍ مَنَحَتهُ إِثما
تَوَسَّع في حَلالِ اللَهِ أَكلاً
وَإِلّا لَم تَجِد لِلعَيشِ طَعما
فَإِنَّكَ لا تَرى ما أَنتَ فيهِ
وَأَنتَ بِغَيرِهِ أَعمى أَصَمّا
أَرى الإِنسانَ مَنقوصاً ضَعيفاً
وَما يَألو لِعِلمِ الغَيبِ رَجما
أَشَدُّ الناسِ لِلعِلمِ اِدِّعاءً
أَقَلُّهُمُ بِما هُوَ فيهِ عِلما
وَفي الصَمتِ المُبَلِّغِ عَنكَ حُكمٌ
كَما أَنَّ الكَلامَ يَكونُ حُكما
إِذا لَم تَحتَرِس مِن كُلِّ طَيشٍ
أَسَأتَ إِجابَةً وَأَسَأتَ فَهما
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 06:29 PM
شَحِطَت عَن ذَوي المَوَدّاتِ داري
وَالقَراباتِ مِن ذَوي الأَرحامِ
وَاِهتِمامي لَهُم مِنَ النَقصِ وَاللَهُ
لَهُم حافِظٌ فَفيمَ اِهتِمامي
إِن نَعِش نَجتَمِع وَإِلّا فَما أَش
غَلَ مَن ماتَ عَن جَميعِ الأَنامِ
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 06:29 PM
تَفَكَّر قَبلَ أَن تَندَم
فَإِنَّكَ مَيِّتٌ فَاعلَم
وَلا تَغتَرَّ بِالدُنيا
فَإِنَّ صَحيحَها يَسقَم
وَإِنَّ جَديدَها يَبلى
وَإِنَّ شَبابَها يَهرَم
وَإِنَّ نَعيمَها يَفنى
فَتَركُ نَعيمِها أَحزَم
وَمَن هَذا الَّذي يَبقى
عَلى الحَدَثانِ أَو يَسلَم
رَأَيتُ الناسَ أَتباعاً
لِذي الدينارِ وَالدِرهَم
وَما لِلمَرءِ إِلّا ما
نَوى في الخَيرِ أَو قَدَّم
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 06:29 PM
أَما وَاللَهِ إِنَّ الظُلمَ لومُ
وَما زالَ المُسيءُ هُوَ الظَلومُ
إِلى دَيّانِ يَومِ الدينِ نَمضي
وَعِندَ اللَهِ تَجتَمِعُ الخُصومُ
لِأَمرٍ ما تَصَرَّفَتِ اللَيالي
وَأَمرٍ ما تُوُلِّيَتِ النُجومُ
سَتَعلَمُ في الحِسابِ إِذا اِلتَقَينا
غَداً عِندَ الإِلَهَ مَنِ المَلومُ
سَيَنقَطِعُ التَرَوُّحُ عَن أُناسٍ
مِنَ الدُنيا وَتَنقَطِعُ الغُمومُ
تَلومُ عَلى السَفاهِ وَأَنتَ فيهِ
أَجَلُّ سَفاهَةً مِمَّن تَلومُ
وَتَلتَمِسُ الصَلاحَ بِغَيرِ حِلمٍ
وَإِنَّ الصالِحينَ لَهُم حُلومُ
تَنامُ وَلَم تَنَم عَنكَ المَنايا
تَنَبَّه لِلمَنِيَّةِ يا نَؤومُ
تَموتُ غَداً وَأَنتَ قَريرُ عَينٍ
مِنَ الغَفَلاتِ في لُجَجٍ تَعومُ
لَهَوتَ عَنِ الفَناءِ وَأَنتَ تَفنى
وَما حَيٌّ عَلى الدُنيا يَدومُ
تَرومُ الخُلدَ في دارِ المَنايا
وَكَم قَد رامَ غَيرُكَ ما تَرومُ
سَلِ الأَيّامَ عَن أُمَمٍ تَقَضَّت
سَتُخبِرُكَ المَعالِمُ وَالرُسومُ
وَما تَنفَكُّ مِن زَمَنٍ عَقورٍ
بِقَلبِكَ مِن مَخالِبِهِ كُلومُ
إِذا ما قُلتَ قَد زَجَّيتُ غَمّاً
فَمَرَّ تَشَعَّبَت مِنهُ غُمومُ
وَلَيسَ يَذُلُّ بِالإِنصافِ حَيٌّ
وَلَيسَ يَعِزُّ بِالغَشمِ الغَشومُ
وَلِلمُعتادِ ما يَجري عَلَيهِ
وَلِلعاداتِ يا هَذا لُزومُ
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 06:29 PM
اللَيلُ شَيَّبَ وَالنَهارُ كِلاهُما
رَأسي بِكَثرَةِ ما تَدورُ رَحاهُما
يَتَناهَبانِ لُحومَنا وَدِماءَنا
وَنُفوسَنا جَهراً وَنَحنُ نَراهُما
الشَيبُ إِحدى الميتَتَينِ تَقَدَّمَت
إِحداهُما وَتَأَخَّرَت إِحداهُما
فَكَأَنَّ مَن نَزَلَت بِهِ أولاهُما
يَوماً فَقَد نَزَلَت بِهِ أُخراهُما
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 06:29 PM
نادَت بِوَشكِ رَحيلِكَ الأَيّامُ
أَفَلَستَ تَسمَعُ أَم بِكَ اِستِصمامُ
وَمَضى أَمامَكَ مَن رَأَيتَ وَأَنتَ لِل
باقينَ حَتّى يَلحَقوكَ أَمامُ
ما لي أَراكَ كَأَنَّ عَينَكَ لا تَرى
عِبَراً تَمُرُّ كَأَنَّهُنَّ سِهامُ
تَأتي الخُطوبُ وَأَنتَ مُنتَبِهٌ لَهَا
فَإِذا مَضَت فَكَأَنَّها أَحلامُ
قَد وَدَّعَتكَ مِنَ الصِبا نَزَواتُهُ
فَاِحذَر فَما لَكَ بَعدَهُنَّ مُقامُ
عَرَضَ المَشيبُ مِنَ الشَبابِ خَليفَةً
وَكِلاهُما لَكَ حِليَةٌ وَنِظامُ
وَكِلاهُما حُجَجٌ عَلَيكَ قَوِيَّةٌ
وَكِلاهُما نِعَمٌ عَلَيكَ جِسامُ
أَهلاً وَسَهلاً بِالمَشيبِ مُؤَدَّباً
وَعَلى الشَبابِ تَحِيَّةٌ وَسَلامُ
وَلَقَد غَنيتَ مِنَ الشَبابِ بِغِبطَةٍ
وَلَقَد كَساكَ وَقارَهُ الإِسلامُ
لِلَّهِ أَزمِنَةٌ عَهِدتُ رِجالَها
في النائِباتِ وَإِنَّهُم لَكِرامُ
أَيّامَ أَعطِيَةُ الأَكُفِّ جَزيلَةٌ
إِذ لا يَضيعُ لِذي الذِمامِ ذِمامُ
فَلِعِبرَةٍ أُخِّرتَ لِلزَمَنِ الَّذي
هَلَكَ الأَرامِلُ فيهِ وَالأَيتامُ
زَمَنٌ مَكاسِبُ أَهلِهِ مَدخولَةٌ
دَخَلاً فُروعُ أُصولِهِ الآثامُ
زَمَنٌ تَحامى المَكرُماتِ سَراتُهُ
حَتّى كَأَنَّ المَكرُماتِ حَرامُ
زَمَنٌ هَوَت أَعلامُهُ وَتَقَطَّعَت
قِطَعاً فَلَيسَ لِأَهلِهِ أَعلامُ
وَلَقَد رَأَيتُ الطاعِمينَ لِما اِشتَهَوا
وَهُمُ لِأَطباقِ التُرابِ طَعامُ
ما زُخرُفُ الدُنيا وَزِبرِجُ أَهلِها
إِلّا غُرورٌ كُلُّهُ وَحُطامُ
وَلَرُبَّ أَقوامٍ مَضَوا لِسَبيلِهِم
وَلَتَمضِيَنَّ كَما مَضى الأَقوامُ
وَلَرُبَّ ذي فُرُشٍ مُمَهَّدَةٍ لَهُ
أَمسى عَلَيهِ مِنَ التُرابِ رُكامُ
وَعَجِبتُ إِذ عِلَلُ الحُتوفِ كَثيرَةٌ
وَالناسُ عَن عِلَلِ الحُتوفِ نِيامُ
الغَيُّ مُزدَحَمٌ عَلَيهِ وُعورَةٌ
وَالرُشدُ سَهلٌ ما عَلَيهِ زِحامُ
وَالمَوتُ يَعمَلُ وَالعُيونُ قَريرَةٌ
تَلهو وَتَلعَبُ بِالمُنى وَتَنامُ
وَاللَهُ يَقضي في الأُمورِ بِعِلمِهِ
وَالمَرءُ يُحمَدُ مَرَّةً وَيُلامُ
وَالخَلقُ يَقدُمُ بَعضُهُ بَعضاً يَقو
دُ الخَلفَ مِنهُ إِلى البِلى القُدّامُ
كُلٌّ يَدورُ عَلى البَقاءِ مُؤَمِّلاً
وَعَلى الفَناءِ تُديرُهُ الأَيّامُ
وَالدائِمُ المَلَكوتِ رَبٌّ لَم يَزَل
مَلِكاً تَقَطَّعُ دونَهُ الأَوهامُ
وَالناسُ يَبتَدِعونَ في أَهوائِهِم
بِدَعاً فَقَد قَعَدوا بِهِنَّ وَقاموا
وَتَخَيَّرَ الشُبَهاتِ مَن لَم يَنهَهُ
عَنهُنَّ تَسليمٌ وَلا اِستِسلامُ
وَمُحَمَّدٌ لَكَ إِن سَلَكتَ سَبيلَهُ
في كُلِّ خَيرٍ قائِدٌ وَإِمامُ
ما كُلُّ شَيءٍ كانَ أَو هُوَ كائِنٌ
إِلّا وَقَد جَفَّت بِهِ الأَقلامُ
فَالحَمدُ لِلَّهِ الَّذي هُوَ دائِمٌ
أَبَداً وَلَيسَ لِما سِواهُ دَوامُ
وَالحَمدُ لِلَّهِ الَّذي لِجَلالِهِ
وَلِحِلمِهِ تَتَصاغَرُ الأَحلامُ
وَالحَمدُ لِلَّهِ الَّذي هُوَ لَم يَزَل
لا تَستَقِلُّ بِعِلمِهِ الأَوهامُ
سُبحانَهُ مَلِكٌ تَعالى جَدُّهُ
وَلِوَجهِهِ الإِجلالُ وَالإِكرامُ
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 06:30 PM
مَن سالَمَ الناسَ سَلِم
مَن شاتَمَ الناسَ شُتِم
مَن ظَلَمَ الناسَ أَسا
مَن رَحِمَ الناسَ رُحِم
مَن طَلَبَ الفَضلَ إِلى
غَيرِ ذَوي الفَضلِ حُرِم
مَن حَفِظَ العَهدَ وَفى
مَن أَحسَنَ السَمعَ فَهِم
مَن صَدَقَ اللَهَ عَلا
مَن طَلَبَ العِلمَ عَلِم
مَن خالَفَ الرُشدَ غَوى
مَن تَبِعَ الغَيَّ نَدِم
مَن لَزِمَ الصَمتَ نَجا
مَن قالَ بِالخَيرِ غَنِم
مَن عَفَّ وَاِكتَفَّ زَكا
مَن جَحَدَ الحَقَّ أَثِم
مَن مَسَّهُ الضُرُّ شَكا
مَن عَضَّهُ الدَهرُ أَلِم
لَم يَعدُ حَيٍّ رِزقُهُ
رِزقُ اِمرِئً حَيثُ قُسِم
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 06:30 PM
أَلا إِنَّما التَقوى هُوَ العِزُّ وَالكَرَم
وَحُبُّكَ لِلدُنيا هُوَ الذُلُّ وَالعَدَم
وَلَيسَ عَلى عَبدٍ تَقِيٍّ نَقيصَةٌ
إِذا صَحَّحَ التَقوى وَإِن حاكَ أَو حَجَم
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 06:31 PM
أَيا رَبِّ يا ذا العَرشِ أَنتَ رَحيمُ
وَأَنتَ بِما تُخفي الصُدورُ عَليمُ
فَيا رَبِّ هَب لي مِنكَ حِلماً فَإِنَّني
أَرى الحِلمَ لَم يَندَم عَلَيهِ حَليمُ
وَيا رَبِّ هَب لي مِنكَ عَزماً عَلى التُقى
أُقيمُ بِهِ ما عِشتُ حَيثُ أُقيمُ
أَلا إِنَّ تَقوى اللَهِ أَكرَمُ نِسبَةٍ
تَسامى بِها عِندَ الفَخارِ كَريمُ
إِذا ما اجتَنَبتَ الناسَ إِلّا عَلى التُقى
خَرَجتَ مِنَ الدُنيا وَأَنتَ سَليمُ
أَراكَ امرَأً تَرجو مِنَ اللَهِ عَفوَهُ
وَأَنتَ عَلى ما لا يُحِبُّ مُقيمُ
فَحَتّى مَتى تَعصي وَيَعفو إِلى مَتى
تَبارَكَ رَبّي إِنَّهُ لَرَحيمُ
وَلَو قَد تَوَسَّدتَ الثَرى وَافتَرَشتَهُ
لَقَد صِرتَ لايَلوي عَلَيكَ حَميمُ
تَدُلُّ عَلى التَقوى وَأَنتَ مُقَصِّرٌ
أَيا مَن يُداوي الناسَ وَهوَ سَقيمُ
وَإِنَّ امرَأً لايَرتَجي الناسُ نَفعَهُ
وَلَم يَأمَنوا مِنهُ الأَذي لَلَئيمُ
وَإِنَّ امرَأً لَم يَجعَلِ البِرَّ كَنزَهُ
وَإِن كانَتِ الدُنيا لَهُ لَعَديمُ
وَإِنَّ امرَأً لَم يُلهِهِ اليَومَ عَن غَدٍ
تَخَوُّفُ ما يَأتي بِهِ لَحَكيمُ
وَمَن يَأمَنِ الأَيّامَ جَهلاً وَقَد رَأى
لَهُنَّ صُروفاً كَيدَهُنَّ عَظيمُ
فَإِنَّ مُنى الدُنيا غُرورٌ لِأَهلِها
أَبى اللَهُ أَن يَبقى عَلَيهِ نَعيمُ
وَأَذلَلتُ نَفسي اليَومَ كَيما أُعِزَّها
غَداً حَيثُ يَبقى العِزُّ لي وَيَدومُ
وَلِلحَقِّ بُرهانٌ وَلِلمَوتِ فِكرَةٌ
وَمُعتَبَرٌ لِلعالَمينَ قَديمُ
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 06:31 PM
أَلَستَ تَرى لِلدَهرِ نَقضاً وَإِبراما
فَهَل تَمَّ عَيشٌ لِامرِئٍ فيهِ أَو داما
لَقَد أَبَتِ الأَيّامُ إِلّا تَقَلُّباً
لِتَرفَعَ أَقواماً وَتَخفِضَ أَقواما
وَنَحنُ مَعَ الأَيّامِ حَيثُ تَقَلَّبَت
فَتَرفَعُ ذا عاماً وَتَخفِضُ ذا عاما
فَلا توطِنِ الدُنيا مَحَلّاً فَإِنَّما
مُقامُكَ فيها لا أَبا لَكَ أَيّاما
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 06:31 PM
يا نَفسُ ما هُوَ إِلّا صَبرُ أَيّامِ
كَأَنَّ لَذَّتَها أَضغاثُ أَحلامِ
يا نَفسُ ما لِيَ لا أَنفَكُّ مِن طَمَعٍ
طَرفي إِلَيهِ سَريعٌ طامِحٌ سامِ
يا نَفسُ كوني عَنِ الدُنيا مُباعِدَةً
وَخَلِّفيها فَإِنَّ الحَقَّ قُدّامي
يا نَفسِ ما الذُخرُ إِلّا ما اِنتَفَعتُ بِهِ
في القَبرِ يَومَ يَكونُ الدَفنُ إِكرامي
وَلِلزَمانِ وَعيدٌ في تَصَرُّفِهِ
إِنَّ الزَمانَ لَذو نَقضٍ وَإِبرامِ
أَمّا المَشيبُ فَقَد أَدّى نَذارَتَهُ
وَقَد قَضى ما عَلَيهِ مُنذُ أَعوامِ
إِنّي لَأَستَكثِرُ الدُنيا وَأُعظِمُها
جَهلاً وَلَم أَرَها أَهلاً لِإِعظامِ
يا ذا الَّذي يَومُهُ آتٍ بِساعَتِهِ
وَإِن تَأَخَّرَ عَن عامٍ إِلى عامِ
فَلَو عَلا بِكَ أَقوامٌ مَناكِبَهُم
حَثّوا بِنَعشِكَ إِسراعاً بِأَقدامِ
في يَومِ آخِرِ تَوديعٍ تُوَدَّعُهُ
تُهدى إِلى حَيثُ لا فادٍ وَلا حامِ
ما الناسُ إِلّا كَنَفسٍ في تَقارُبِهِم
لَولا تَفاوُتُ أَرزاقٍ وَأَقسامِ
كَم لِاِبنِ آدَمَ مِن لَهوٍ وَمِن لَعِبٍ
وَلِلحَوادِثِ مِن شَدٍّ وَإِقدامِ
كَم قَد نَعَت لَهُمُ الدُنيا الحُلولَ بِها
لَو أَنَّهُم سَمِعوا مِنها بِأَفهامِ
وَكَم تَخَرَّمَتِ الأَيّامُ مِن بَشَرٍ
كانوا ذَوي قُوَّةٍ فيها وَأَجسامِ
يا ساكِنَ الدارَ تَبنيها وَتَعمُرُها
وَالدارُ دارُ مَنِيّاتٍ وَأَسقامِ
لا تَلعَبَنَّ بِكَ الدُنيا وَخُدعَتُها
فَكَم تَلاعَبَتِ الدُنيا بِأَقوامِ
يا رُبَّ مُقتَصِدٍ عَن غَيرِ تَجرِبَةٍ
وَمُعتَدٍ بَعدَ تَجريبٍ وَإِحكامِ
وَرُبَّ مُكتَسِبٍ بِالحِلمِ واقِيَةً
وَرُبَّ مُستَهدِفٍ بِالبَغيِ لِلرامي
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 06:31 PM
سَمَّيتَ نَفسَكَ بِالكَلامِ حَكيما
وَلقَد أَراكَ عَلى القَبيحِ مُقيما
وَلَقَد أَراكَ مِنَ الغَوايَةِ مُثرِياً
وَلَقَد أَراكَ مِنَ الرَشادِ عَديما
مَنَعَ الجَديدانِ البَقاءَ وَأَبلَيا
أُمَماً خَلَونَ مِنَ القُرونِ قَديما
أَغفَلتَ مِن دارِ البَقاءِ نَعيمَها
وَطَلَبتَ في دارِ الفَناءِ نَعيما
وَعَصَيتَ رَبَّكَ يا اِبنَ آدَمَ جاهِداً
فَوَجَدتَ رَبَّكَ إِذ عَصَيتَ حَليما
وَسَأَلتَ رَبَّكَ يا اِبنَ آدَمَ رَغبَةً
فَوَجَدتَ رَبَّكَ إِذ سَأَلتَ كَريما
وَدَعَوتَ رَبَّكَ يا اِبنَ آدَمَ رَهبَةً
فَوَجَدتَ رَبَّكَ إِذ دَعَوتَ رَحيما
فَلَئِن شَكَرتَ لَتَشكُرَنَّ لِمُنعِمٍ
وَلَئِن كَفَرتَ لَتَكفُرَنَّ عَظيما
فَتَبارَكَ اللَهُ الَّذي هُوَ لَم يَزَل
مَلِكاً بِما تُخفي الصُدورُ عَليما
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 06:32 PM
عَلى رَسولِ اللَهِ مِنّي السَلام
ما كانَ إِلّا رَحمَةً لِلأَنام
أَحيا بِهِ اللَهُ قُلوباً كَما
أَحيا مَواتَ الأَرضِ صَوبُ الغَمام
أَكرِم بِهِ لِلخَلقِ مِن مُبلِغٍ
هادٍ وَلِلناسِ بِهِ مِن إِمام
وَأَصبَحَ الحَقُّ بِهِ قائِماً
وَأَصبَحَ الباطِلُ دَحضَ المَقام
كانَ رَسولُ اللَهِ يَدعو إِلى
مَدرَجَةِ الحَقِّ وَدارِ السَلام
يا عَينُ قَد نِمتِ فَاستَنبِهي
ما اجتَمَعَ الخَوفُ وَطيبُ المَنام
أَكرَهُ أَن أَلقى حِمامي وَلا
بُدَّ لِحَيٍّ مِن لِقاءِ الحِمام
لابُدَّ مِن مَوتٍ بِدارِ البِلى
وَاللَهُ بَعدَ المَوتِ يُحيِ العِظَم
يا طالِبَ الدُنيا وَلَذّاتِها
هَل لَكَ في مُلكٍ طَويلِ المُقام
مَن جاوَرَ الرَحمَنَ فيدارِهِ
تَمَّت لَهُ النِعمَةُ كُلَّ التَمام
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 06:32 PM
هُوَ التَنَقُّلُ مِن يَومٍ إِلى يَومِ
كَأَنَّهُ ما تُريكَ العَينُ في النَومِ
إِنَّ المَنايا وَإِن أَصبَحتَ في لَعِبٍ
تَحومُ حَولَكَ حَوماً أَيَّما حَومِ
وَالدَهرُ ذو دُوَلٍ فيهِ لَنا عَجَبٌ
دُنيا تَنَقَّلُ مِن قَومٍ إِلى قَومِ
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 06:32 PM
ماذا يَفوزُ الصالِحونَ بِهِ
سُقِيَت قُبورُ الصالِحينَ دِيَم
صَلّى الإِلَهُ عَلى النَبِيِّ لَقَد
مُحِيَت عُهودٌ بَعدَهُ وَذِمَم
لَولا بَقايا الصالِحينَ عَفا
ما كانَ أَثبَتَهُ لَنا وَرَسَم
سُبحانَ مَن سَبَقَت مَشيئَتُهُ
وَقَضى بِذاكَ لِنَفسِهِ وَحَكَم
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 06:32 PM
ما أَحسَنَ الدُنيا وَإِقبالَها
إِذا أَطاعَ اللَهَ مَن نالَها
مَن لَم يُؤاسِ الناسَ مِن فَضلِهِ
عَرَّضَ لِلإِدبارِ إِقبالَها
كَأَنَّنا لَم نَرَ أَيّامَها
تَلعَبُ بِالناسِ وَأَحوالَها
إِنّا لَنَزدادُ اغتِراراً بِها
وَاللَهُ قَد عَرَّفَنا حالَها
نَغضَبُ لِلدُنيا وَنَرضى لَها
كَأَنَّنا لَم نَرَ أَفعالَها
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 06:33 PM
لَن تَقومَ الدُنيا بِمَرِّ الأَهِلَّه
فَاِسلُ عَنها فَإِنَّها مُضمَحِلَّه
يا بَني الدُنيا أَتُغرَونَ بِالدُن
يا وَلَيسَت لِأَهلِها بِمَحَلَّه
مِن أَبٍ واحِدٍ خُلِقنا وَأُمٍّ
غَيرَ أَنّا في المالِ أَولادُ عَلَّه
إِنَّ في صِحَّةِ الإِخاءِ مِنَ النا
سِ وَفي صِحَّةِ الوَفاءِ لَقَلَّه
فَاِلبَسِ الناسَ ما اِستَطَعتَ عَلى الصَبرِ
وَإِلّا لَم تَستَقِم لَكَ خُلَّه
ما بَقاءُ الإِخاءِ مِن مُتَجَنٍّ
يَبتَغي مِنكَ عَلَّةً بَعدَ عِلَّه
عِش وَحيداً إِن كُنتَ لا تَقبَلُ العُذرَ
وَإِن كُنتَ لا تُجاوِزُ زَلَّه
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 06:33 PM
سَلِ القَصرَ أَودى أَهلُهُ أَينَ أَهلُهُ
أَكُلُّهُمُ عَنهُ تَبَدَّدَ شَملُهُ
أَكُلُّهُمُ حالَت بِهِ الحالُ وَانقَضَت
وَزَلَّت بِهِ عَن حَومَةِ العِزِّ نَعلُهُ
أَكُلُّهُمُ فَضَّت يَدُ الدَهرِ جَمعَهُ
وَأَفناهُ نَقضُ الدَهرِ يَوماً وَفَتلُهُ
أَكُلُّهُمُ مُستَبدَلٌ بَعدَهُ بِهِ
سِواهُ وَمَبتوتٌ مِنَ الناسِ حَبلُهُ
أَكُلُّهُمُ لا وَصلَ بَيني وَبَينَهُ
إِذا ماتَ أَو وَلّى امرُؤٌ بانَ وَصلُهُ
خَليلَيَّ ما الدُنيا بِدارِ فُكاهَةٍ
وَلا دارِ لَذّاتٍ لِمَن صَحَّ عَقلُهُ
تَزَوَّدتُ تَشميرَ المَشيبِ وَجِدَّهُ
وَفارَقَني زَهوُ الشَبابِ وَهَزلُهُ
وَكَم مِن هَواً لي طالَ ما قَد رَكِبتُهُ
وَمِن عاذِلٍ لي رُبَّما طالَ عَذلُهُ
وَعَذلُ الفَتى ما فيهِ فَضلٌ لِغَيرِهِ
إِذا ما الفَتى عَن نَفسِهِ ضاقَ عَذلُهُ
لَعَمرُكَ إِنَّ الحَقَّ لِلناسِ واسِعٌ
وَلَكِن رَأَيتُ الحَقَّ يُكرَهُ ثِقلُهُ
وَلِلحَقِّ أَهلٌ لَيسَ تَخفى وُجوهُهُم
يَخِفُّ عَلَيهِم حَيثُ ما كانَ حَملُهُ
وَما صَحَّ فَرعٌ أَصلُهُ الدَهرَ فاسِدٌ
وَلَكِن يَصِحُّ الفَرعُ ما صَحَّ أَصلُهُ
وَما لِامرِئٍ مِن نَفسِهِ وَتَليدِهِ
وَطارِفِهِ إِلّا تُقاهُ وَبَذلُهُ
وَما نالَ عَبدٌ قَطُّ فَضلاً بِقُوَّةٍ
وَلَكِنَّهُ مَنُّ الإِلَهُ وَفَضلُهُ
لَنا خالِقٌ يُعطي الَّذي هُوَ أَهلُهُ
وَيَعفو وَلا يَجزي بِما نَحنُ أَهلُهُ
أَلا كُلُّ شَيءٍ زالَ فَاللَهُ بَعدَهُ
كَما كُلُّ شَيءٍ كانَ فَاللَهُ قَبلُهُ
أَلا كُلُّ شَيءٍ ما سِوى اللَهِ زائِلٌ
أَلا كُلُّ ذي نَسلٍ يَموتُ وَنَسلُهُ
أَلا كُلُّ مَخلوقٍ يَصيرُ إِلى البِلى
أَلا إِنَّ يَومَ المَيتِ لِلحَيِّ مِثلُهُ
أَلا ما عَلاماتُ البِلى بِخَفِيَّةٍ
وَلَكِنَّما غَرَّ ابنَ آدَمَ جَهلُهُ
أُخَيَّ أَرى لِلدَهرِ نَبلاً مُصيبَةً
إِذا ما رَمانا الدَهرُ لَم تَخطُ نَبلُهُ
فَلَم أَرَ مِثلَ المَرءِ في طولِ سَهوِهِ
وَلا مِثلَ رَيبِ الدَهرِ يُؤمَنُ خَتلُهُ
وَحَسبُكَ مِمَّن إِن نَوى الخَيرَ قالَهُ
وَإِن قالَ خَيراً لَم يُكَذِّبهُ فِعلُهُ
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 06:33 PM
مَضى النَهارُ وَيَمضي اللَيلُ في مَهَلٍ
كِلاهُما مُسرِعٌ فينا عَلى مَهلِه
وَالريحُ مُقبِلَةٌ طَوراً وَمُدبِرَةٌ
وَالدَهرُ يَقرَعُ بَينَ الناسِ في دُوَلِه
يا نَفسُ لا تَرتَجينَ الغَوثَ مِن قَبلي
هَلَكتِ إِن لَم يُغِثكِ اللَهُ مِن قَبلِه
كَم مُترَفٍ كانَ ذا مالٍ وَذا خَوَلٍ
قَد صارَ مِن مالِهِ صِفراً وَمِن خَوَلِه
وَرُبَّ رَيثِ اِمرِئٍ أَقوى لِمَأخَذِهِ
لِما أَرادَ وَأَوحى فيهِ مِن عَجِلِه
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 06:33 PM
ما حالَ مَن سَكَنَ الثَرى ما حالُهُ
أَمسى وَقَد قُطِعَت هُناكَ حِبالُهُ
أَمسى وَلا رَوحُ الحَياةِ تُصيبُهُ
يَوماً وَلا لُطفُ الحَبيبِ يَنالُهُ
أَمسى وَحيداً موحِشاً مُتَفَرِّداً
مُتَشَتِّتاً بَعدَ الجَميعِ عِيالُهُ
أَمسى وَقَد دَرَسَت مَحاسِنُ وَجهِهِ
وَتَفَرَّقَت في قَبرِهِ أَوصالُهُ
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 06:34 PM
مِسكينُ مَن غَرَّتِ الدُنيا بِآمالِه
كَم قَد تَلاعَبَتِ الدُنيا بِأَمثالِه
يَنسى المُلِحُّ عَلى الدُنيا مَنِيَّتَهُ
بِطولِ إِدبارِهِ فيها وَإِقبالِه
وَما تَزالُ صُروفُ الدَهرِ تَختُلُهُ
حَتّى تَقَنَّصَهُ مِن جَرفِ سِربالِه
لَيسَ اللَيالي وَلا الأَيّامُ تارِكَةً
شَيئاً يَدومُ مِنَ الدُنيا عَلى حالِه
يا بُؤسَ لِلجاهِلِ المَغرورِ كَيفَ أَبى
أَن يُخطِرَ المَوتَ في الدُنيا عَلى بالِه
المَرءُ يُنقِذُهُ ما كانَ قَدَّمَ في ال
دُنيا مِنِ اِحسانِهِ فيها وَإِجمالِه
يا مَن يَموتُ غَداً ماذا اِعتَدَدتَ لِكَربِ
المَوتِ عِندَ غَواشيهِ وَأَهوالِه
يَموتُ ذو البِرِّ وَالتَقوى فَتَغبِطُهُ
وَلا تُنافِسُهُ في بَعضِ أَعمالِه
اِستَغنِ بِاللَهِ عَمَّن كُنتَ تَسأَلُهُ
فَاللَهُ أَفضَلُ مَسؤولٍ لِسُؤآلِه
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 06:34 PM
مَن جَعَلَ الدَهرَ عَلى بالِهِ
أَمَّ بِهِ أَفظَعَ أَهوالِهِ
وَحَطَّهُ بَعدَ سُمُوٍّ بِهِ
قَسراً إِلى أَخبَثِ أَحوالِهِ
قَد يُغبَنُ الإِنسانُ في دينِهِ
جَهلاً وَلا يُغبَنُ في مالِهِ
يَتَّعِظُ العاقِلُ مِن مِثلِهِ
وَيَحتَذي مِنهُ بِأَفعالِهِ
وَصاحِبُ المَرءِ شَبيهٌ بِهِ
فَسَل عَنِ المَرءِ بِأَمثالِهِ
وَسَل عَنِ الضَيفِ بِمَن أَمَّهُ
فَإِنَّهُ شِبهٌ بِنُزّالِهِ
لاتَغبِطَنَّ الدَهرَ ذا ثَروَةٍ
قَد جَعَلَ اللَذاتِ مِن بالِهِ
صاحِب إِذا صاحَبتَ ذا عُقدَةٍ
مُحتَمِلاً أَعباءَ أَثقالِهِ
لَهُ وَفاءٌ وَلَهُ عَزمَةٌ
تَأوي إِلى أَكنافِ أَظلالِهِ
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 06:34 PM
أَلا إِنَّ أَبقى الذُخرِ خَيرٌ تُنيلُهُ
وَشَرَّ كَلامِ القائِلينَ فُضولُهُ
عَلَيكَ بِما يَعنيكَ مِن كُلِّ ما تَرى
وَبِالصَمتِ إِلّا عَن جَميلٍ تَقولُهُ
أَلَم تَرَ أَنَّ المَرءَ في دارِ قُلعَةٍ
إِلى غَيرِها وَالمَوتُ فيها سَبيلُهُ
وَأَيُّ بَلاغٍ يُكتَفى بِكَثيرِهِ
إِذا كانَ لا يَكفيكَ مِنهُ قَليلُهُ
مَضاجِعُ سُكّانِ القُبورِ مَضاجِعٌ
يُجانِبُ فيهِنَّ الخَليلَ خَليلُهُ
تَزَوَّد مِنَ الدُنيا بِزادٍ مِنَ التُقى
فَكُلٌّ بِها ضَيفٌ وَشيكٌ رَحيلُهُ
وَخُذ لِلمَنايا لا أَبا لَكَ عُدَّةً
فَإِنَّ المَنايا مَن أَتَت لا تُقيلُهُ
وَما حادِثاتُ الدَهرِ إِلّا لِعُروَةٍ
تَفُتُّ قُواها أَو لِمُلكٍ تُزيلُهُ
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 06:34 PM
إِذا ما المَرءُ صِرتَ إِلى سُؤالِه
فَما تُعطيهِ أَكثَرَ مِن نَوالِه
وَمَن عَرَفَ المَحامِدَ جَدَّ فيها
وَحَنَّ إِلى المَحامِدِ بِاِحتِيالِه
وَلَم يَستَغلِ مَحمَدَةً بِمالٍ
وَلَو أَضحَت تُحيطُ بِكُلِّ مالِه
عِيالُ اللَهِ أَكرَمُهُم عَلَيهِ
أَبَثُّهُمُ المَكارِمَ في عِيالِه
أَتَدري مَن أَخوكَ أَخوكَ حَقّاً
أَخوكَ بِصَبرِهِ لَكَ وَاِحتِمالِه
أَخوكَ المُبتَغي لَكَ كُلَّ خَيرٍ
وَصاحِبُكَ المُداوِمُ في وِصالِه
إِذا غَضِبَ الحَليمُ فَفِرَّ عَنهُ
وَإِن غَضِبَ اللَئيمُ فَلا تُبالِه
وَلَم تَرَ مُثنِياً أَثنى عَلى ذي
فَعالٍ قَطُّ أَفصَحَ مِن فَعالِه
كَأَنَّ العَينَ لَم تَرَ ما تَقَضّى
وَإِن بَقِيَ التَوَهُّمُ مِن خَيالِه
وَأَسرَعُ ما يَكونُ الشَيءُ نَقصاً
فَأَقرَبُ ما يَكونُ إِلى كَمالِه
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 06:35 PM
رَجَعتُ إِلى نَفسي بِفِكري لَعَلَّها
تُفارِقُ ما قَد غَرَّها وَأَذَلَّها
فَقُلتُ لَها يا نَفسِ ما كُنتُ آخِذاً
مِنَ الأَرضِ لَو أَصبَحتُ أَملِكُ كُلَّها
فَهَل هِيَ إِلّا شَبعَةٌ بَعدَ جَوعَةٍ
وَإِلّا مُناً قَد حانَ لي أَن أَمَلَّها
وَمُدَّةُ وَقتٍ لَم يَدَع مُرُّ ما مَضى
عَلِيَّ مِنَ الأَيّامِ إِلّا أَقَلَّها
أَرى لَكَ نَفساً تَبتَغي أَن تُعِزَّها
وَلَستَ تُعِزُّ النَفسَ حَتّى تُذِلَّها
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 06:35 PM
أَتَدري أَيَّ ذُلٍّ في السُؤالِ
وَفي بَذلِ الوُجوهِ إِلى الرِجالِ
يَعِزُّ عَلى التَنَزُّهِ مَن رَعاهُ
وَيَستَغني العَفيفُ بِغَيرِ مالِ
إِذا كانَ النَوالُ بِبَذلِ وَجهي
فَلا قُرِّبتُ مِن ذاكَ النَوالِ
مَعاذَ اللَهِ مِن خُلُقٍ دَنيءٍ
يَكونُ الفَضلُ فيهِ عَلَيَّ لا لي
تَوَقَّ يَداً تَكونُ عَلَيكَ فَضلاً
فَصانِعُها إِلَيكَ عَلَيكَ عالِ
يَدٌ تَعلو يَداً بِجَميلِ فِعلٍ
كَما عَلَتِ اليَمينُ عَلى الشِمالِ
وُجوهُ العَيشِ مِن سَعَةٍ وَضيقٍ
وَحَسبُكَ وَالتَوَسُّعَ في الحَلالِ
أَتُنكِرُ أَن تَكونَ أَخا نَعيمٍ
وَأَنتَ تَصيفُ في فَيِءِ الظِلالِ
وَأَنتَ تُصيبُ قوتَكَ في عَفافٍ
وَرَيّا إِن ظَمِئتَ مِنَ الزُلالِ
مَتى تُمسي وَنُصبِحُ مُستَريحاً
وَأَنتَ الدَهرَ لا تَرضى بِحالِ
تُكابِدُ جَمعَ شَيءٍ بَعدَ شَيءٍ
وَتَبغي أَن تَكونَ رَخِيَّ بالِ
وَقَد يَجري قَليلُ المالِ مَجرى
كَثيرِ المالِ في سَدِّ الخِلالِ
إِذا كانَ القَليلُ يَسُدُّ فَقري
وَلَم أَجِدِ الكَثيرَ فَلا أُبالي
هِيَ الدُنيا رَأَيتُ الحُبَّ فيها
عَواقِبُهُ التَفَرُّقُ عَن تَقالِ
تُسَرُّ إِذا نَظَرتَ إِلى هِلالٍ
وَنَقصُكَ أَن نَظَرتَ إِلى الهِلالِ
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 06:35 PM
أَحمَدُ اللَهَ عَلى كُلِّ حالِ
إِنَّما الدُنيا كَفَيءِ الظِلالِ
إِنَّما الدُنيا مُناخٌ لِرَكبٍ
يُسرِعُ الحَثَّ بِشَدّي الرِحالِ
رُبَّ مُغتَرٍّ بِها قَد رَأَينا
نَعشَهُ فَوقَ رِقابِ الرِجالِ
مَن رَأى الدُنيا بِعَينَي بَصيرٍ
لَم تَكَد تَخطُرُ مِنهُ بِبالِ
إِنَّما المِسكينُ حَقّاً يَقيناً
مَن غَدا يَأمَنُ صَرفَ اللَيالي
لَيسَ مالٌ لَم يُقَدِّمهُ ذُخراً
رَبُّهُ بَينَ يَدَيهِ بِمالِ
ما أَرى لي ظالِماً غَيرَ نَفسي
وَيحَ نَفسي ما لِنَفسي وَمالي
يا مُضيعَ الجِدِّ بِالهَزلِ مِنهُ
مَن يُبالي مِنكَ ما لا تُبالي
في سَبيلِ اللَهِ ماذا أَضَعنا
إِذ تَشاغَلنا بِغَيرِ اشتِغالِ
إِنَّ أَيّاماً قِصاراً حَمَتنا
خَيرُ أَيّامٍ سَتَأتي طِوالِ
لَو عَقَلنا ما نَرى لَانتَفَعنا
وَاعتَبَرنا بِالقُرونِ الخَوالي
عَجَباً مِن راغِبٍ في حَرامٍ
لَم تَضِق عَنهُ وُجوهُ الحَلالِ
إِحتِيالُ المَرءِ تَأتي عَلَيهِ
ساعَةٌ تَقطَعُ كُلَّ احتِيالِ
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 06:35 PM
كَأَنَّ المَوتَ قَد نَزَلا
فَفَرَّقَ بَينَنا عَجِلا
كَفى بِالمَوتِ مَوعِظَةً
وَمُعتَبَراً لِمَن عَقَلا
أَلا يا ذاكِرَ الأَمَلِ اللَذي
لا يَذكُرُ الأَجَلا
وَما تَنَفَكُّ مِن مَثَلٍ
لِسَمعِكَ ضارِبٍ مَثَلا
وَحيلَتُكَ الَّتي لِلمَوتِ
في أَن تُحسِنَ العَمَلا
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 06:36 PM
الحَمدُ لِلَّهِ كُلٌّ زائِلٌ بالِ
لا شَيءَ يَبقى مِنَ الدُنيا عَلى حالِ
يا ذا الَّذي يَشتَهي ما لا ثَوابَ لَهُ
تَبغي الثَوابَ فَكُن حَمّالَ أَثقالِ
لا خَيرَ في المالِ إِلّا أَن تُقَدِّمَهُ
إِن لَم تُقَدِّمَهُ ما تَرجو مِنَ المالِ
أَما وَدَيّانِ يَومِ الدينِ ما طَلَعَت
شَمسٌ وَلا غَرَبَت إِلّا لآجالِ
كُلٌّ يَموتُ وَلَكِن نَحنُ في لَعِبٍ
وَالمَوتُ مُحتَجِبٌ عَنّا بِآمالِ
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 06:36 PM
يا نَفسُ ما أَوضَحَ قَصدَ السَبيل
خُلِقتِ يا نَفسُ لِأَمرٍ جَليل
يا نَفسُ ما أَقرَبَ مِنّا البِلى
أَنا الَّذي لا نَفسَ لي عَن قَليل
كُلُّ خَليلٍ فَلَهُ فُرقَةٌ
لابُدَّ يَوماً مِن فِراقِ الخَليل
يا عَجَباً إِنّا لَنَلهو وَقَد
نودِيَ في أَسماعِنا بِالرَحيل
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 06:36 PM
لا تَعجَبَنَّ مِنَ الأَيّامِ وَالدُوَلِ
وَمِن خُطوبٍ جَرَت بِالرَيثِ وَالعَجَلِ
مَن يَأمَنُ المَوتَ إِذ صارَت لَهُ عِلَلٌ
تَكونُ في الزُبدِ أَحياناً وَفي العَسَلِ
وَلَيسَ شَيءٌ وَإِن طالَ الزَمانُ بِهِ
إِلّا سَيَفنى عَلى الآفاتِ وَالعِلَلِ
أَمّا الجَديدانِ في صَرفِ اِختِلافِهِما
فَقَد وَجَدتَ مَقالاً فيهِما فَقُلِ
وَقَد أَتاكَ نَذيرُ المَوتِ يَقدُمُهُ
في عارِضَيكَ مَشيبٌ غَيرُ مُنتَقِلِ
يا لِلَّيالي وَلِلأَيامِ إِنَّ لَها
في الخَلقِ خَطفاً كَخَطفِ البَرقِ في مَهَلِ
ماذا يَقولُ اِمرُؤٌ لَيسَت لَهُ قَدَمٌ
يَومَ العِثارِ وَيَومَ الكَبوِ وَالزَلَلِ
رُبَّ اِمرِئٍ لاعِبٍ لاهٍ بِزُخرُفِ ما
يُلهيهِ عَن نَفسِهِ بِاللَهوِ مُشتَغِلِ
اِصرِب بِطَرفِكَ في الدُنيا فَإِنَّ لَهُ
ما شِئتَ مِن عِبَرٍ فيها وَمِن مَثَلِ
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 06:36 PM
ما لي أُفَرِّطُ فيما يَنبَغي مالي
إِنّي لَأُغبَنُ إِدباري وَإِقبالي
اليَومَ أَلعَبُ وَالأَيّامُ مُسرِعَةٌ
في هَدمِ عُمري وَفي تَصريفِ أَحوالي
يَجري الجَديدانِ وَالأَقدارُ بَينَهُما
تَغدو وَتَسري بِأَرزاقٍ وَآجالِ
يا مَن سَلا عَن حَبيبٍ بَعدَ غَيبَتِهِ
كَم بَعدَ مَوتِكَ مِن ناسٍ وَمِن سالِ
كَأَنَّ كُلَّ نَعيمٍ أَنتَ ذائِقُهُ
مِن لَذَّةِ العَيشِ يَحكي لَمعَةَ الآلِ
لا تَلعَبَنَّ بِكَ الدُنيا وَأَنتَ تَرى
ما شِئتَ مِن عِبَرٍ فيها وَأَمثالِ
الغَيُّ في ظُلمَةٍ وَالرُشدُ في صُوَرٍ
مُسَربَلاتٍ بِإِحسانٍ وَإِجمالِ
وَالقَولُ أَبلَغُهُ ما كانَ أَصدَقَهُ
وَالصِدقُ في مَوقِفٍ مُستَسهَلٍ عالِ
لَن يُصلِحَ النَفسَ إِن كانَت مُصَرَّفَةً
إِلّا التَنَقُّلُ مِن حالٍ إِلى حالِ
فَنَحمَدُ اللَهَ ما نَنفَكُّ مِن نُقَلٍ
كُلٌّ إِلى المَوتِ في حَلٍّ وَتَرحالِ
وَالشَيبُ يَنعى إِلى المَرءِ الشَبابَ كَما
يَنعى الأَنيسَ إِلَيهِ المَنزِلُ الخالي
لَأَظعَنَنَّ إِلى دارٍ خُلِقتُ لَها
وَخَيرُ زادي إِلَيها خَيرُ أَعمالي
ما حيلَةُ المَوتِ إِلّا كُلُّ صالِحَةٍ
أَو لا فَلا حيلَةٌ فيهِ لِمُحتالِ
وَالمَرءُ ما عاشَ يَجري لَيسَ غايَتُهُ
إِلّا مُفارَقَةً لِلأَهلِ وَالمالِ
إِنّي لَآمُلُ وَالأَحداثُ دائِبَةٌ
في نَشرِ يَأسِ وَفي تَقريبِ آمالِ
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 06:36 PM
أَلا هَل إِلى طولِ الحَياةِ سَبيلُ
وَأَنّي وَهَذا المَوتُ لَيسَ يُقيلُ
وَإِنّي وَإِن أَصبَحتُ بِالمَوتِ موقِناً
فَلي أَمَلٌ دونَ اليَقينِ طَويلُ
وَلِلدَهرِ أَلوانٌ تَروحُ وَتَغتَدي
وَإِنَّ نُفوساً بَينَهُنَّ تَسيلُ
وَمَنزِلِ حَقٍّ لا مُعَرَّجَ دونَهُ
لِكُلِّ امرِئٍ يَوماً إِلَيهِ رَحيلُ
أَرى عِلَلَ الدُنيا عَلَيَّ كَثيرَةً
وَصاحِبُها حَتّى المَماتِ عَليلُ
إِذا انقَطَعَت عَنّي مِنَ العَيشِ مُدَّتي
فَإِنَّ غَناءَ الباكِياتِ قَليلُ
سَيُعرَضُ عَن ذِكري وَتُنسى مَوَدَّتي
وَيَحدُثُ بَعدي لِلخَليلِ خَليلُ
وَفي الحَقِّ أَحياناً لَعَمري مَرارَةٌ
وَثِقلٌ عَلى بَعضِ الرِجالِ ثَقيلُ
وَلَم أَرَ إِنساناً يَرى عَيبَ نَفسِهِ
وَإِن كانَ لا يَخفى عَلَيهِ جَميلُ
وَمَن ذا الَّذي يَنجو مِنَ الناسِ سالِماً
وَلِلناسِ قالٌ بِالظُنونِ وَقيلُ
أَجَلَّكَ قَومٌ حينَ صِرتَ إِلى الغِنى
وَكُلُّ غَنِيٍّ في العُيونِ جَليلُ
وَلَيسَ الغِنى إِلّا غِناً زَيَّنَ الفَتى
عَشِيَّةَ يَقري أَو غَداةَ يُنيلُ
وَلَم يَفتَقِر يَوماً وَإِن كانَ مُعدَماً
جَوادٌ وَلَم يَستَغنِ قَطُّ بَخيلُ
إِذا مالَتِ الدُنيا إِلى المَرءِ رَغَّبَت
إِلَيهِ وَمالَ الناسُ حَيثُ يَميلُ
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 06:37 PM
غَفَلتُ وَلَيسَ المَوتُ عَنّي بِغافِلِ
وَإِنّي أَراهُ بي لَأَوَّلَ نازِلِ
نَظَرتُ إِلى الدُنيا بِعَينٍ مَريضَةٍ
وَفِكرَةِ مَغرورٍ وَتَدبيرِ جاهِلِ
فَقُلتُ هِيَ الدارُ الَّتي لَيسَ غَيرُها
وَنافَستُ مِنها في غُرورٍ وَباطِلِ
وَضَيَّعتُ أَهوالاً أَمامي طَويلَةً
بِلَذَّةِ أَيّامٍ قِصارٍ قَلائِلِ
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 06:37 PM
اُهرُب بِنَفسِكَ مِن دُنيا مُضَلَّلَةٍ
قَد أَهلَكَت قَبلَكَ الأَحياءَ وَالمِلَلا
مُرٌّ مَذاقَهُ عُقباها وَأَوَّلُها
غَدّارَةٌ تُكثِرُ الأَحزانَ وَالعِلَلا
إِن ذُقتُ حَلواءَها عادَت عَواقِبُها
مَرارَةً يَجتَويها كُلُّ مَن أَكَلا
لَم يَصفُ شُربُ اِمرِئٍ فيها فَأَعجَبَهُ
إِلّا تَكَدَّرَ أَو أَمسى لَهُ وَشَلا
زَوّالَةٌ ذاتُ إِبدالٍ بِصاحِبِها
تَرضى بِطارِفِها مِن تالِدٍ بَدَلا
يَرضى بِها ذاكَ مِن هَذا وَيَطعَمُ ذا
ما كانَ هَذا بِهِ مِن كَسبِهِ جَذِلا
تُذِلُّ هَذا لِهَذا بَعدَ عِزَّتِهِ
وَقَد تَرى ذا لِهَذا مَرَّةً خَوَلا
لَم تَعتَذِر قَطُّ مِن ذَنبٍ إِلى أَحَدٍ
وَالحُرُّ مُعتَذِرٌ إِن زَلَّةً فَعَلا
هِيَ الَّتي لَم تَدُم مِنها مَوَدَّتُها
لِصاحِبٍ قَطُّ إِلّا صارَمَت عَجَلا
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 06:37 PM
يا رُبَّ شَهوَةِ ساعَةٍ قَد أَعقَبَت
مَن نالَها حُزناً هُناكَ طَويلا
عَظُمَ البَلاءُ بِها عَلَيهِ وَإِنَّما
نالَ المُفَضِّلُ لِلشَقاءِ قَليلا
فَإِذا دَعَتكَ إِلى الخَطيئةِ شَهوَةٌ
فَاِجعَل لِطَرفِكَ في السَماءِ سَبيلا
وَخَفِ الإِلَهَ فَإِنَّهُ لَكَ ناظِرٌ
وَكَفى بِرَبِّكَ زاجِراً وَسَئولا
ماذا تَقولُ غَداً إِذا لاقَيتَهُ
بِصَغائِرٍ وَكَبائِرٍ مَسؤولا
لا تَركَنَنَّ إِلى الرَجاءِ فَإِنَّهُ
خَدَعَ القُلوبَ وَضَلَّلَ المَعقولا
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 06:37 PM
الدَهرُ يوعِدُ فُرقَةً وَزَوالا
وَخُطوبُهُ لَكَ تَضرِبُ الأَمثالا
يا رُبَّ عَيشٍ كانَ يُغبَطُ أَهلُهُ
بِنَعيمِهِ قَد قيلَ كانَ فَزالا
يا طالِبَ الدُنيا لِيُثقِلَ نَفسَهُ
إِنَّ المُخِفَّ غَداً لَأَحسَنُ حالا
إِنّا لَفي دارٍ نَرى الإِكثارَ لا
يَبقى لِصاحِبِهِ وَلا الإِقلالا
أَأُخَيَّ إِنَّ المالَ إِن قَدَّمتَهُ
لَكَ لَيسَ إِن خَلَّفتَهُ لَكَ مالا
أَأُخَيَّ كُلٌّ لا مَحالَةَ زائِلٌ
فَلِمَن أَراكَ تُثَمِّرُ الأَموالا
أَأُخَيَّ شَأنَكَ بِالكَفافِ وَخَلَّ مَن
أَثرى وَنافَسَ في الحُطامِ وَغالى
كَم مِن مُلوكٍ زالَ عَنهُم مُلكُهُم
فَكَأَنَّ ذاكَ المُلكَ كانَ خَيالا
وَالدَهرُ أَلطَفُ خاتِلٍ لَكَ خَتلُهُ
وَالدَهرُ أَحكَمُ مَن رَماكَ نِبالا
حَتّى مَتى تُمسي وَتُصبِحُ لاعِباً
تَبغي البَقاءَ وَتَأمُلُ الآمالا
وَلَقَد رَأَيتُ الحادِثاتِ مُلِحَّةً
تَنعى المُنى وَتُقَرِّبُ الآجالا
وَلَقَد رَأَيتُ مَساكِناً مَسلوبَةً
سُكّانُها وَمَصانِعاً وَظِلالا
وَلَقَد رَأَيتَ مَنِ اِستَطاعَ بجَمعِهِ
وَبَنى فَشَيَّدَ قَصرَهُ وَأَطالا
وَلَقَد رَأَيتُ مُسَلَّطاً وَمُمَلَّكاً
وَمُفَوَّهاً قَد قيلَ قالَ وَقالا
وَلَقَد رَأَيتُ الدَهرَ كَيفَ يُبيدُهُم
شيباً وَكَيفَ يُبيدُهُم أَطفالا
وَلَقَد رَأَيتُ المَوتَ يُسرِعُ فيهِمُ
حَقّاً يَميناً مَرَّةً وَشِمالا
فَسَلِ الحَوادِثَ لا أَبا لَكَ عَنهُمُ
وَسَلِ القُبورَ وَأَحفِهِنَّ سُؤالا
فَلتُخبِرَنَّكَ أَنَّهُم خُلِقوا لِما
خُلِقوا لَهُ فَمَضَوا لَهُ أَرسالا
وَلَقَلَّ ما تَصفو الحَياةُ لِأَهلِها
حَتّى تُبَدَّلَ مِنُهُم أَبدالا
وَلَقَلَّ ما دامَ السُرورُ لِمَعشِرٍ
وَلَطالَما خانَ الزَمانُ وَغالا
وَلَقَلَّ ما تَرضى خِصالاً مِن أَخٍ
آخَيتَهُ إِلّا سَخِطتَ خِصالا
وَلَقَلَّ ما تَسخو بِخَيرٍ نَفسُهُ
حَتّى يُقاتِلَها عَلَيهِ قِتالا
أَأُخَيَّ إِنَّ المَرءَ حَيثُ فِعالُهِ
فَتَوَلَّ أَحسَنَ ما يَكونُ فِعالا
فَإِذا تَحامى الناسُ أَن يَتَحَمَّلوا
لِلعارِفاتِ فَكُن لَها حَمّالا
أَقصِر خُطاكَ عَنِ المَطامِعِ عِفَّةً
عَنها فَإِنَّ لَها صَفاً زَلّالا
وَالمالُ أَولى بِاِكتِسابِكَ مُنفِقاً
أَو مُمسِكاً إِن كانَ ذاكَ حَلالا
وَإِذا الحُقوقُ تَواتَرَت فَاِصبِر لَها
أَبَداً وَإِن كانَت عَلَيكَ ثِقالا
فَكَفى بِمُلتَمِسِ التَواضُعِ رِفعَةً
وَكَفى بِمُلتَمِسِ العُلُوِّ سِفالا
أَأُخَيَّ مَن عَشِقَ الرِئاسَةَ خِفتُ أَن
يَطغى وَيُحدِثَ بِدعَةً وَضَلالا
أَأُخَيَّ إِنَّ أَمامَنا كُرَباً لَها
شَغبٌ وَإِنَّ أَمامَنا أَهوالا
أَأُخَيَّ إِنَّ الدارَ مُدبِرَةٌ وَإِن
كُنّا نَرى إِدبارَها إِقبالا
أَأُخَيَّ لا تَجعَل عَلَيكَ لِطالِبٍ
يَتَتَبَّعُ العَثَراتِ مِنكَ مَقالا
فَالمَرءُ مَطلوبٌ بِمُهجَةِ نَفسِهِ
طَلَباً يُصَرِّفُ حالَهُ أَحوالا
وَالمَرءُ لا يَرضى بِشُغلٍ واحِدٍ
حَتّى يُوَلِّدَ شُغلُهُ أَشغالا
وَلَرُبَّ ذي عُلَقٍ لَهُنَّ حَلاوَةٌ
سَيَعُدنَ يَوماً ما عَلَيهِ وَبالا
وَأَرى التَواصُلَ في الحَياةِ فَلا تَدَع
لِأَخيكَ جُهدَكَ ما حَيِيتَ وِصالا
أَأُخَيَّ إِنَّ الخَلقَ في طَبَقاتِهِ
يُمسي وَيُصبِحُ لِلإِلَهِ عِيالا
وَاللَهُ أَكرَمُ مَن رَجَوتَ نَوالَهُ
وَاللَهُ أَعظَمُ مَن يُنيلُ نَوالا
مَلِكٌ تَواضَعَتِ المُلوكُ لِعِزِّهِ
وَجَلالِهِ سُبحانَهُ وَتَعالى
لا شَيءَ مِنهُ أَدَقُّ لُطفَ إِحاطَةٍ
بِالعالَمينَ وَلا أَجَلُّ جَلالا
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 06:38 PM
أَلا طالَما خانَ الزَمانُ وَبَدَّلا
وَقَسَّرَ آمالَ الأَنامِ وَطَوَّلا
أَرى الناسَ في الدُنيا مُعافاً وَمُبتَلى
وَمازالَ حُكمُ اللَهِ في الأَرضِ مُرسَلا
مَضى في جَميعِ الناسِ سابِقُ عِلمِهِ
وَفَصَّلَهُ مِن حَيثُ شاءَ وَوَصَّلا
وَلَسنا عَلى حُلو القَضاءِ وَمُرِّهِ
نَرى حَكَماً فينا مِنَ اللَهِ أَعدَلا
بِلا خَلقَهُ بِالخَيرِ وَالشَرِّ فِتنَةً
لِيَرغَبَ فيما في يَدَيهِ وَيَسأَلا
وَلَم يَبغِ إِلّا أَن نَبوءَ بِفَضلِهِ
عَلَينا وَإِلّا أَن نَتوبَ فَيَقبَلا
هُوَ الأَحَدُ القَيومُ مِن بَعدِ خَلقِهِ
وَما زالَ في دَيمومَةِ الخَلقِ أَوَّلا
وَما خَلَقَ الإِنسانُ إِلّا لِغايَةٍ
وَلَم يَترُكِ الإِنسانَ في الأَرضِ مُهمَلا
كَفى عِبرَةً أَنّي وَأَنَّكَ يا أَخي
نُسَرَّفُ تَصريفاً لَطيفاً وَنُبتَلى
كَأَنّا وَقَد صِرنا حَديثاً لِغَيرِنا
يُخاضُ كَما خُضنا الحَديثَ بِمَن خَلا
تَوَهَّمتُ قَوماً قَد خَلَوا فَكَأَنَّهُم
بِاجمَعِهِم كانوا خَيالاً تَخَيَّلا
وَلَستُ بِأَبقى مِنهُمُ في دِيارِهِم
وَلَكِنَّ لي فيها كِتاباً مُؤَجَّلا
وَما الناسُ إِلّا مَيِّتٌ وَابنُ مَيِّتٍ
تَأَجَّلَ حَيٌّ مِنهُمُ أَو تَعَجَّلا
فَلا تَحسَبَنَّ اللَهَ يَخلُفُ وَعدَهُ
بِما كانَ أَوصى المُرسَلينَ وَأَرسَلا
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 06:38 PM
أَفنَيتَ عُمرَكَ إِدباراً وَإِقبالاً
تَبغي البَنينَ وَتَبغي الأَهلَ وَالمالا
لِلمَوتِ غولٌ فَكُن ما عِشتَ مُلتَمِساً
مِن غولِهِ حيلَةً إِن كُنتَ مُحتالا
وَلَستُ حَقّاً بِهَولِ المَوتِ مُنقَلِباً
حَتّى تُعايِنَ بَعدَ المَوتِ أَهوالا
أَمَّلتَ أَكثَرَ مِمّا أَنتَ مُدرِكُهُ
وَالعُمرُ لا بُدَّ أَن يَفنى وَإِن طالا
حَتّى مَتى أَنتَ بِالآمالِ مُشتَبِكٌ
إِذا اِنقَضى أَمَلٌ أَمَّلتَ آمالا
أَلَم تَرَ المَلِكَ الأُمِّيَّ حينَ مَضى
هَل نالَ حَيٌّ مِنَ الدُنيا كَما نالا
أَفناهُ مَن لَم يَزَل يُفني المُلوكَ فَقَد
أَمسى وَأَصبَحَ عَنهُ المُلكَ قَد زالا
كَم مِن مُلوكٍ مَضى رَيبُ الزَمانِ بِهِم
قَد أَصبَحوا عِبَراً فينا وَأَمثالا
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 06:38 PM
ما أَقطَعَ الآجالَ لِلآمالِ
وَأَسرَعَ الآمالَ في الآجالِ
يُعجِبُني حالي وَأَيُّ حالِ
يَبقى عَلى الأَيّامِ وَاللَيالي
وَكُلُّ شَيءٍ فَإِلى زَوالِ
يا عَجَباً مِنّي بِما اشتِغالي
وَالمَوتُ لا يَخطُرُ لي بِبالِ
وَنُبلُهُ مُسرِعَةٌ حِيالي
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 06:39 PM
يا ساكِنَ القَبرِ عَن قَليلِ
ماذا تَزَوَّدتَ لِلرَحيلِ
الحَمدُ لِلَّهِ ذي المَعالي
وَالحَولِ وَالقُوَّةِ الجَليلِ
إِنّا لَمُستَوطِنونَ داراً
نَحنُ بِها عابِرو سَبيلِ
دارٌ أَذىً لَم يَزَل عَليلٌ
يَشكو أَذاها إِلى عَليلِ
كَم شاهِدٍ أَنَّها سَتَفنى
مِن مَنزِلٍ مُقفِرِ مُحيلِ
كَم مُستَظِلٍّ بِظِلِّ مُلكٍ
أُخرِجَ مِن ظِلِّهِ الظَليلِ
لا بُدَّ لِلمُلكِ مِن زَوالٍ
عَن مُستَدالٍ إِلى مُديلِ
كَم تَرَكَ الدَهرُ مِن أُناسٍ
يَدعونَ بِالوَيلِ وَالعَويلِ
كَم نَغَّصَ الدَهرُ مِن مَبيتِ
عَلى سَريرٍ وَمِن مَقيلِ
كَم قَتَلَ الدَهرُ مِن أُناسٍ
مَضَوا وَكَم غالَ مِن قَبيلِ
هَيهاتَ لِلأَرضِ مِن عَزيزٍ
يَبقى عَلَيها وَلا ذَليلِ
يا عَجَباً مِن جُمودِ عَينٍ
لَم تَعرَ مِن حادِثٍ جَليلِ
كَأَنَّني لَم أُصَب بِإِلفٍ
وَلا قَرينٍ وَلا دَخيلِ
وَلا رَفيقٍ وَلا صَديقٍ
وَلا شَفيقٍ وَلا عَديلِ
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 06:39 PM
أَرى المَقاديرَ تَعمَلُ العَمَلا
وَالمَرءُ ما عاشَ آمِلٌ أَمَلا
كُلٌّ لَهُ عِلَّةٌ يَفوهُ بِها
سُبحانَ رَبّي ما أَكثَرَ العِلَلا
مَن عَرَفَ الناسَ في تَصَرُّفِهِم
لَم يَتَتَبَّع مِن صاحِبٍ زَلَلا
إِن أَنتَ كافَيتَ مَن أَساءَ فَقَد
صِرتَ إِلى مِثلِ سوءِ ما فَعَلا
لَيسَ مَعالي الأَخلاقِ إِلّا لِمَن
يَصبِرُ عِندَ المَكروهِ إِن نَزَلا
ذو الحِلمِ في جَنَّةٍ تَرُدُّ سِهامَ
الجَهلِ عَنهُ إِن جاهِلٌ جَهِلا
يَلتَمِسُ العُذرَ لِلصَديقِ وَإِن
أَتاهُ يَوماً بِعُذرِهِ قَبِلا
خَفِّف عَلى كُلِّ مَن صَحِبتَ وَإِن
كانَ لِحَملِ الثَقيلِ مُحتَمِلا
كَم قَد رَأَينا اِمرِئً مِنَ الخَيرِ عُر
ياناً وَإِن كانَ يَلبَسُ الحُلَلا
لا يَأمَنَنَّ اِمرُؤٌ مُساعَدَةَ ال
دُنيا فَإِنّي رَأَيتُها دُوَلا
كُلٌّ فَقُدّامَهُ لَهُ أَمَلٌ
يُلهي وَلَكِنَّ خَلفَهُ الأَجَلا
يا بُؤسَ لِلغافِلِ المُضَيِّعِ عَن
أَيِّ عَظيمٍ مِن أَمرِهِ غَفَلا
كُلُّ جَديدٍ فَالدَهرُ يُخلِقُهُ
وَكُلُّ حَيٍّ فَمَيِّتٌ عَجَلا
كُلٌّ يُوافي بِهِ القَضاءُ إِلى ال
مَوتِ وَيوفيهِ رِزقَهُ كَمَلا
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 06:39 PM
سَهَوتُ وَغَرَّني أَمَلي
وَقَد قَصَّرتُ في عَمَلي
وَمَنزِلَةٍ خُلِقتُ لَها
جَعَلتُ بِغَيرِها شُغُلي
أَرى الأَيّامَ مُسرِعَةً
تُقَرِّبُني إِلى أَجَلي
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 06:39 PM
نَعى نَفسي إِلَيَّ مِنَ اللَيالي
تَصَرُّفُهُنَّ حالاً بَعدَ حالِ
فَمالي لَستُ مَشغولاً بِنَفسي
وَمالي لا أَخافُ المَوتَ مالي
لَقَد أَيقَنتُ أَنّي غَيرُ باقٍ
وَلَكِنّي أَراني لا أُبالي
أَما لي عِبرَةٌ في ذِكرِ قَومٍ
تَفانَوا رُبَّما خَطَروا بِبالي
كَأَنَّ مُمَرِّضي قَد قامَ يَمشي
بِنَعشي بَينَ أَربَعَةٍ عِجالِ
وَخَلفي نُسوَةٌ يَبكينَ شَجواً
كَأَنَّ قُلوبُهُنَّ عَلى مَقالِ
سَأَقنَعُ ما بَقيتُ بِقوتِ يَومٍ
وَلا أَبغي مُكاثَرَةً بِمالِ
تَعالى اللَهُ يا سَلمَ اِبنَ عَمرٍ
أَذَلَّ الحِرصُ أَعناقَ الرِجالِ
هَبِ الدُنيا تُساقُ إِلَيكِ عَفواً
أَلَيسَ مَصيرُ ذاكَ إِلى زَوالِ
فَما تَرجو بِشَيءٍ لَيسَ يَبقى
وَشيكاً ما تُغَيِّرُهُ اللَيالي
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 06:39 PM
اِمهَد لِنَفسِكَ وَاِذكُر ساعَةَ الأَجَلِ
وَلا تُغَرَّنَّ في دُنياكَ بِالأَمَلِ
سابِق حُتوفَ الرَدى وَاِعمَل عَلى مَهَلٍ
ما دُمتَ في هَذِهِ الدُنيا عَلى مَهَلِ
وَاِعلَم بِأَنَّكَ مَسؤولٌ وَمُفتَحَصٌ
عَمّا عَمِلتَ وَمَعروضٌ عَلى العَمَلِ
لا تَلعَبَنَّ بِكَ الدُنيا وَزُخرُفُها
فَإِنَّها قُرِنَت بِالظِلِّ في المَثَلِ
لا يَحرُزُ النَفسَ إِلّا ذو مُراقَبَةٍ
يُمسي وَيُصبِحُ في الدُنيا عَلى وَجَلِ
ما أَقرَبَ المَوتَ مِن أَهلِ الحَياةِ وَما
أَحجى اللَبيبَ بِحُسنِ القَولِ وَالعَمَلِ
وَالمَوتُ مَدرَجَةٌ لِلناسِ كُلِّهِمُ
قَسراً إِلَيهِ بِكُرهٍ مَجمَعُ السُبُلِ
ما أَحسَنَ الدينَ وَالدُنيا إِذا اِجتَمَعا
وَأَقبَحَ الكُفرَ وَالإِفلاسَ بِالرَجُلِ
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 06:40 PM
شَرِهتُ فَلَستُ أَرضى بِالقَليلِ
وَما أَنفَكُّ مِن حَدَثٍ جَليلِ
وَما أَنفَكُّ مِن أَمَلٍ يُعَنّي
وَما أَنفَكُّ مِن قالٍ وَقيلِ
أَلا يا عاشِقَ الدُنيا المُعَنّى
كَأَنَّكَ قَد دُعيتَ إِلى الرَحيلِ
أَما تَنفَكُّ مِن شَهَواتِ نَفسٍ
تَجورُ بِهِنَّ عَن قَصدِ السَبيلِ
لَئِن عوفيتَ مِن شَهَواتِ نَفسٍ
لَقَد عوفيتَ مِن شَرٍّ طَويلِ
وَلِلدُنيا دَوائِرُ دائِراتٌ
لِتَذهَبَ بِالعَزيزِ وَبِالذَليلِ
وَلِلدُنيا يَدٌ تَهَبُ المَنايا
وَتَستَلِبُ الخَليلَ مِنَ الخَليلِ
وَما لَكَ غَيرُ عَقلِكَ مِن نَصيحٍ
وَما لَكَ غَيرُ عَقلِكَ مِن دَليلِ
وَما لَكَ غَيرُ تَقوى اللَهِ مالٌ
وَغَيرُ فِعالِكَ الحَسَنِ الجَميلِ
وَقارُ الحِلمِ يَقرَعُ كُلَّ جَهلٍ
وَعَزمُ الصَبرِ يَنهَضُ بِالجَليلِ
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 06:40 PM
تَنَكَّبتُ جَهلي فَاستَراحَ ذَوُو عَذلي
وَأَهمَدتُ غِبَّ العَذلِ حينَ انقَضى جَهلي
وَأَصبَحَ لي في المَوتِ شُغلٌ عَنِ الصِبا
وَفي المَوتِ شُغلٌ شاغِلٌ لِذَوي العَقلِ
إِذا أَنا لَم أُشغَل بِنَفسي فَنَفسُ مَن
مِنَ الناسِ أَرجو أَن يَكونَ بِها شُغلي
وَإِن لَم يَكُن عَقلٌ يَصونُ أَمانَتي
وَعِرضي وَديني ما حَيِيتُ فَما فَضلي
أَحِنُّ إِلى الدُنيا حَنيناً كَأَنَّني
وَلَستُ بِها مُستَوفِزاً قَلِقَ الرَحلِ
وَمَن ذا عَلَيها لَيسَ مُستَوحِشاً بِها
وَمُغتَرِباً فيها وَإِن كانَ ذا أَهلِ
سَأَمضي وَمَن بَعدي فَغَيرُ مُخَلَّدٍ
كَما لَم يُخَلَّدبَعدُ مَن قَد مَضى قَبلي
لَعَمرُكَ ما الدُنيا بِدارٍ لِأَهلِها
وَلَو عَقَلوا كانوا جَميعاً عَلى رِجلِ
وَما تَبحَثُ الساعاتُ إِلّا عَنِ البِلى
وَلا تَنطَوي الأَيامُ إِلّا عَلى ثُكلِ
وَإِنّا لَفي دارِ الفِراقِ وَلَن تَرَ
بِها أَحَداً ما عاشَ مُجتَمِعَ الشَملِ
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 06:40 PM
إِن قَدَّرَ اللَهُ أَمراً كانَ مَفعولا
وَكَيفَ نَجهَلُ أَمراً لَيسَ مَجهولا
إِنّا لَنَعلَمُ أَنّا لاحِقونَ بِمَن
وَلّى وَلَكِنَّ في آمالِنا طولا
ضَمِنتُ لِلطالِبِ الدُنيا وَزينَتَها
أَلّا يَزالَ بِها ما عاشَ مَشغولا
يا رَبُّ مَن كانَ مُغتَرّاً بِناصِرِهِ
أَمسى وَأَصبَحَ في الأَجداثِ مَجدولا
وَرُبَّ مُغتَبِطٍ بِالمالِ يَأكُلُهُ
يَوماً وَيَشرَبُهُ إِذ صارَ مَأكولا
ما زالَ يَبكي عَلى المَوتى وَيَنقُلُهُم
حَتّى رَأَيناهُ مَبكِيّاً وَمَنقولا
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 06:40 PM
أَصبَحتُ مَغلوباً عَلى عَقلي
لا يَستَوي قَولِيَ مَع فِعلي
عَدلُ القِيامَةِ غَيرُ مُختَلِفٍ
وَالمَوتُ أَوَّلُ ذَلِكَ العَدلِ
يا غَفلَتي عَمّا خُلِقتُ لَهُ
إِنّي بِمُنقَلَبي لَذو جَهلِ
وَلِيَلحَقَنّي مَن أُخَلِّفُهُ
وَلَأَلحَقَنَّ بِمَن مَضى قَبلي
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 06:41 PM
أَصبَحَ هَذا الناسُ قالاً وَقيل
فَالمُستَعانُ اللَهُ صَبرٌ جَميل
ما أَثقَلَ الحَقَّ عَلى مَن نَرى
لَم يَزَلِ الحَقُّ كَريهاً ثَقيل
أَيا بَني الدُنيا وَيا جيرَةَ ال
مَوتى إِلى كَم تُغفِلونَ السَبيل
إِنّا عَلى ذاكَ لَفي غَفلَةٍ
وَالمَوتُ يُفني الخَلقَ جيلاً فَجيل
إِنّي لَمَغرورٌ وَإِنَّ البِلى
يُسرِعُ في جِسمي قَليلاً قَليل
تَزَوَّدَن لِلمَوتِ زاداً فَقَد
نادى مُناديهِ الرَحيلَ الرَحيل
أَغتَرُّ بِالدَهرِ عَلى أَنَّ لي
في كُلِّ يَومٍ مِنهُ خَطبٌ جَليل
كَم مِن عَظيمِ الشَأنِ في نَفسِهِ
أَصبَحَ مُعتَزّاً وَأَمسى ذَليل
يا خاطِبَ الدُنيا إِلى نَفسِها
إِنَّ لَها في كُلِّ يَومٍ عَويل
ما أَقتَلَ الدُنيا لِأَزواجِها
تَعُدُّهُم عَدّاً قَتيلاً قَتيل
اُسلُ عَنِ الدُنيا وَعَن ظِلِّها
فَإِنَّ في الجَنَّةِ ظِلّاً ظَليل
وَإِنَّ في الجَنَّةِ لِلرَوحَ وَالر
رَيحانَ وَالراحَةَ وَالسَلسَبيل
مَن دَخَلَ الجَنَّةَ نالَ الرِضى
مِمّا تَمَنّى وَاِستَطابَ المَقيل
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 06:41 PM
تَعالى الواحِدُ الصَمدُ الجَليلُ
وَحَشى أَن يَكونَ لَهُ عَديلُ
هُوَ المَلِكُ العَزيزُ وَكُلُّ شَيءٍ
سِواهُ فَهُوَ مُنتَقَصٌ ذَليلُ
وَما مِن مَذهَبٍ إِلّا إِلَيهِ
وَإِنَّ سَبيلَهُ لَهُوَ السَبيلُ
وَإِنَّ لَهُ لَمَنّا لَيسَ يُحصى
وَإِنَّ عَطائَهُ لَهُوَ الجَزيلُ
وَكُلُّ قَضائِهِ عَدلٌ عَلَينا
وَكُلُّ بَلائِهِ حَسَنٌ جَميلُ
وَكُلُّ مُفَوَّهٍ أَثنى عَلَيهِ
لِيَبلُغَهُ فَمُنحَسِرٌ كَليلُ
أَيا مَن قَد تَهاوَنَ بِالمَنايا
وَمَن قَد غَرَّهُ الأَمَلُ الطَويلُ
أَلَم تَرَ أَنَّما الدُنيا غُرورٌ
وَأَنَّ مُقامَنا فيها قَليلُ
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 06:41 PM
حِيَلُ البَلى تَأتي عَلى المُحتالِ
وَمساكِنُ الدُنيا فَهُنَّ بَوالِ
شُغِلَ الأُلى كَنَزوا الكُنوزَ عَنِ التُقى
وَسَهوا بِباطِلِهِم عَنِ الآجالِ
سَلِّم عَلى الدُنيا سَلامَ مُوَدِّعٍ
وَاِرحَل فَقَد نوديتَ بِالتَرحالِ
ما أَنتِ يا دُنيا بِدارِ إِقامَةٍ
ما زِلتِ يا دُنيا كَفيءِ ظِلالِ
وَحُفِفتِ يا دُنيا بِكُلِّ بَلِيَّةٍ
وَمُزِجتِ يا دُنيا بِكُلِّ وَبالِ
قَد كُنتِ يا دُنيا مَلَكتِ مَقادَتي
فَقَرَيتِني بِوَساوِسٍ وَخَبالِ
حَوَّلتِ يا دُنيا جَمالَ شَبيبَتي
قُبحاً فَماتَ بِذاكَ نورُ جَمالي
غَرَسَ التَخَلُّصُ مِنكِ بَينَ جَوانِحي
شَجَرَ القَناعَةِ وَالقَناعَةُ مالي
الآنَ أَبصَرتُ الضَلالَةَ وَالهُدى
وَالآنَ فيكِ قَبِلتُ مِن عُذّالي
وَطَويتُ عَنكَ ذُيولَ بُردَي صَبوَتي
وَقَطَعتُ حَبلَكِ مِن وِصالِ حِبالي
وَفَهِمتُ مِن نُوَبِ الزَمانِ عِظاتِها
وَفَطِنتُ لِلأَيّامِ وَالأَحوالِ
وَمَلَكتُ قَودَ عِنانِ نَفسي بِالهُدى
وَطَوَيتُ عَن تَبَعِ الهَوى أَذيالي
وَتَناوَلَت فِكَري عَجائِبُ جَمَّةٌ
بِتَصَرُّفي في الحالِ بَعدَ الحالِ
لَمّا حَصَلتُ عَلى القَناعَةِ لَم أَزَل
مَلِكاً يَرى الإِكثارَ كَالإِقلالِ
إِنَّ القَناعَةَ بِالكَفافِ هِيَ الغِنى
وَالفَقرُ عَينُ الفَقرِ في الأَموالِ
مَن لَم يَكُن في اللَهِ يَمنَحُكَ الهَوى
مَزَجَ الهَوى بِمَلالَةٍ وَثِقالِ
وَإِذا اِبنُ آدَمَ نالَ رِفعَةَ مَنزِلٍ
قُرِنَ اِبنُ آدَمَ عِندَها بِسِفالِ
وَإِذا الفَتى حَجَبَ الهَوى عَن عَقلِهِ
رَشُدَ الفَتى وَصَفا مِنَ الأَوجالِ
وَإِذا الفَتى خَبَطَ الأُمورَ تَعَسُّفاً
حَمِدَ الهَرامَ وَذَمَّ كُلَّ حَلالِ
وَإِذا الفَتى لَزِمَ التَلَوُّنَ لَم تَجِد
أَبَداً لَهُ في الوَصلِ طَعمَ وِصالِ
وَإِذا تَوازَنَتِ الأُمورُ لِفَضلِها
فَالدينُ مِنها أَرجَحُ المِثقالِ
أَمسَت رِياضُ هُداكَ مِنكَ خَوالِياً
وَرِياضُ غَيِّكَ مِنكَ غَيرُ خَوالِ
قَيِّد عَنِ الدُنيا هَواكَ بِسَلوَةٍ
وَاِقمَع نَشاطَكَ في الهَوى بِنَكالِ
وَبِحَسبِ عَقلِكَ بِالزَمانِ مُؤَدَّباً
وَبِحَسبِهِ بِتَقَلُّبِ الأَحوالِ
بَرِّد بِيَأسِكَ عَنكَ حَرَّ مَطامِعٍ
قَدَحَت بِعَقلِكَ أَثقَبَ الأَشعالِ
قاتِل هَواكَ إِذا دَعاكَ لِفِتنَةٍ
قاتِل هَواكَ هُناكَ كُلَّ قِتالِ
إِن لَم تَكُن بَطَلاً إِذا حَمِيَ الوَغى
فَاِحذَر عَلَيكَ مَواقِفَ الأَبطالِ
اِحزُن لِسانَكَ بِالسُكوتِ عَنِ الخَنا
وَاِحذَر عَلَيكَ عَواقِبَ الأَقوالِ
وَإِذا عَقَلتَ هَواكَ عَن هَفَواتِهِ
أَطلَقتَهُ مِن خَينِ كُلِّ عِقالِ
وَإِذا سَكَنتَ إِلى الهُدى وَأَطَعتَهُ
أُلبِستَ حُلَّةَ صالِحِ الأَعمالِ
وَإِذا طَمِعتَ لَبِستَ ثَوبَ مَذَلَّةٍ
إِنَّ المَطامِعَ مَعدَنُ الإِذلالِ
وَإِذا سَبَحتَ إِلى الهَوى أَذيالَهُ
أَلقاكَ في قيلٍ عَلَيكَ وَقالِ
وَإِذا حَلَلتَ عَنِ اللِسانِ عِقالَهُ
أَلقاكَ في قيلٍ عَلَيكَ وَقالِ
وَإِذا ظَمِئتَ إِلى اِلتَقى أُسقيتَهُ
مِن مَشرَبٍ عَذبِ المَذاقِ زُلالِ
وَإِذا اِبتُليتَ بِبَذلِ وَجهِكَ سائِلاً
فَاِبذُلهُ لِلمُتَكَرِّمِ المِفضالِ
إِنَّ الكَريمَ إِذا حَباكَ بِوَعدِهِ
أَعطاكَهُ سَلِساً بَغَيرِ مِطالِ
ما اِعتاضَ باذِلُ وَجهِهِ بِلِسانِهِ
عِوَضاً وَلَو نالَ الغِنى بِسُؤالِ
وَإِذا السُؤالُ مَعَ النَوالِ قَرَنتَهُ
رَجَحَ السُؤالُ وَخَفَّ كُلُّ نَوالِ
عَجَباً عَجِبتُ لِموقِنٍ بِوَفاتِهِ
يَمشي التَبَختُرَ مِشيَةَ المُختالِ
رَجِّ العُقولَ الصافِياتِ فَإِنَّها
كَنزُ الكُنوزِ وَمَعدَنُ الإِفضالِ
صافِ الكِرامِ فَإِنَّهُم أَهلُ النُهى
وَاِحذَر عَلَيكَ مَوَدَّةَ الأَنذالِ
صِل قاطِعيكَ وَحارِميكَ وَأَعطِهِم
وَإِذا فَعَلتَ فَدُم بِذاكَ وَوالِ
وَالمَرءُ لَيسَ بِكامِلٍ في قَولِهِ
حَتّى يُزَيِّنَ قَولَهُ بِفِعالِ
وَلَرُبَّما ارتَفَعَ الوَضيعُ بِفِعلِهِ
وَلَرُبَّما سَفَلَ الرَفيعُ العالي
كَم عِبرَةٍ لِذَوي التَفَكُّرِ وَالنُهى
في ذا الزَمانِ وَذا الزَمانِ الخالي
كَم مِن ضَعيفِ العَقلِ زَيَّنَ عَقلَهُ
ما قَد رَعى وَوَعى مِنَ الأَمثالِ
كَم مِن رِجالٍ في العُيونِ وَما هُم
في العَقلِ إِن كَشَّفتَهُم بِرِجالِ
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 06:41 PM
أَيا مَن خَلفَهُ الأَجَلُ
وَمَن قُدّامَهُ الأَمَلُ
أَما وَاللَهِ لا يُنجيكَ
إِلّا الصِدقُ وَالعَمَلُ
رَأَيتُ المَوتَ داءً لَي
سَ تَنفَعُ دونَهُ الحِيَلُ
وَأَنَّ المَوتَ أَمرٌ بَينَ
خَلقِ اللَهِ مُعتَدِلُ
سَلِ الأَيّامَ عَن أَملا
كِنا الماضينَ ما فَعَلوا
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 06:42 PM
ما لِلجَديدَينِ لا يَبلى اِختِلافُهُما
وَكُلُّ غَضٍّ جَديدٍ فيهِما بالِ
يا مَن سَلا عَن حَبيبٍ بَعدَ ميتَتِهِ
كَم بَعدَ مَوتِكَ أَيضاً عَنكَ مِن سالِ
كَأَنَّ كُلَّ نَعيمٍ أَنتَ ذائِقُهُ
مِن لَذَّةِ العَيشِ يَحكي لَمعَةَ الآلِ
لا تَلعَبَنَّ بِكَ الدُنيا وَأَنتَ تَرى
ما شِئتَ مِن عِبَرٍ فيها وَأَمثالِ
ما حيلَةُ المَوتِ إِلّا كُلُّ صالِحَةٍ
أَو لا فَما حيلَةٌ فيهِ لِمُحتالِ
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 06:42 PM
يا ذا الَّذي يَقرَءُ في كُتبِهِ
ما قَد نَهى اللَهُ وَلا يَعمَلُ
قَد بَيَّنَ الرَحمَنُ مَقتَ الَّذي
يَأمُرُ بِالحَقِّ وَلا يَفعَلُ
مَن كانَ لا يُشبِهُ أَفعالُهُ
أَقوالَهُ فَصَمتُهُ أَجمَلُ
مَن عَذَلَ الناسَ فَنَفسي بِما
قَد قارَفَت مِن ذَنبِها أَعذَلُ
إِنَّ الَّذي يَنهى وَيَأتي الَّذي
عَنهُ نَهى في الحَقِّ لايَعدِلُ
وَالراكِبُ الذَنبِ عَلى جَهلِهِ
أَعذَرُ مِمَّن كانَ لايَجهَلُ
لا تَخلُطَن ما يَقبَلُ اللَهُ مِن
فِعلٍ بِقَولٍ مِنكَ لا يَقبَلُ
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 06:42 PM
قَطَّعتُ مِنكَ حَبائِلَ الآمالِ
وَحَطَطتُ عَن ظَهرِ المَطِيِّ رِحالي
وَيَئِستُ أَن أَبقى لِشَيءٍ نِلتُ مِم
ما فيكِ يا دُنيا وَأَن يَبقى لي
وَوَجَدتُ بَردَ اليَأسِ بَينَ جَوانِحي
وَأَرَحتُ مِن حَلّي وَمِن تَرحالي
وَلَئِن طَمِعتُ لِرُبَّ بَرقَةِ خُلَّبٍ
بَرَقَت لِذي طَمَعٍ وَلَمعَةِ آلِ
ما كانَ أَشأَمَ إِذ رَجاؤكِ قاتِلي
وَبَناتُ وَعدِكَ يَعتَلِجنَ بِبالي
الآنَ يا دُنيا عَرَفتُكِ فَاِذهَبي
يا دارَ كُلِّ تَشَتُّتٍ وَزَوالِ
وَالآنَ صارَ لي الزَمانُ مُؤَدَّباً
فَغَدا عَلَيَّ وَراحَ بِالأَمثالِ
وَالآنَ أَبصَرتُ السَبيلَ إِلى الهُدى
وَتَفَرَّغَت هِمَمي عَنِ الأَشغالِ
وَلَقَد أَقامَ لِيَ المَشيبُ نُعاتَهُ
يُفضي إِلَيَّ بِمَفرَقٍ وَقَذالِ
وَلَقَد رَأَيتُ المَوتَ يَبرُقُ سَيفُهُ
بِيَدِ المَنِيَّةِ حَيثُ كُنتُ حِيالي
وَلَقَد رَأَيتُ عُرى الحَياةِ تَخَرَّمَت
وَلَقَد تَصَدّى الوارِثونَ لِمالي
وَلَقَد رَأَيتُ عَلى الفَناءِ أَدِلَّةً
فيما تَنَكَّرَ مِن تَصَرُّفِ حالي
وَإِذا اِعتَبَرتُ رَأَيتُ حَطَّ حَوادِثٍ
يَجرينَ بِالأَرزاقِ وَالآجالِ
وَإِذا تَناسَبَتِ الرِجالُ فَما أَرى
نَسَباً يُقاسُ بِصالِحِ الأَعمالِ
وَإِذا بَحَثتُ عَنِ التَقِيِّ وَجَدتُهُ
رَجُلاً يُصَدِّقُ قَولَهُ بِفِعالِ
وَإِذا اِتَّقى اللَهَ اِمرُؤٌ وَأَطاعَهُ
فَتَراهُ بَينَ مَكارِمٍ وَمَعالِ
عَلى التَقِيِّ إِذا تَرَسَّخَ في التُقى
تاجانِ تاجُ سَكينَةٍ وَجَلالِ
وَاللَيلُ يَذهَبُ وَالنَهارُ تَعاوُراً
بِالخَلقِ في الإِدبارِ وَالإِقبالِ
وَبِحَسبِ مَن تُنعى إِلَيهِ نَفسُهُ
مِنهُم بِأَيّامٍ خَلَت وَلَيالِ
اِضرِب بِطَرفِكَ حَيثُ شِئتَ فَأَنتَ في
عِبَرٍ لَهُنَّ تَدارُكٌ وَتَوالِ
يَبلى الجَديدُ وَأَنتَ في تَجديدِهِ
وَجَميعُ ما جَدَّدتَ مِنهُ فَبالِ
يا أَيُّها البَطَرُ الَّذي هُوَ مِن غَدٍ
في قَبرِهِ مُتَفَرِّقُ الأَوصالِ
حَذَفَ المُنى عَنهُ المُشَمِّرُ في الهُدى
وَأَرى مُناكَ طَويلَةَ الأَذيالِ
وَلقَلَّ ما تَلقى أَغَرَّ لِنَفسِهِ
مِن لاعِبٍ مَرِحٍ بِها مُختالِ
يا تاجِرَ الغَيِّ المُضِرَّ بِرُشدِهِ
حَتّى مَتى بِالغِيِّ أَنتَ تُغالي
الحَمدُ لِلَّهِ الحَميدِ بِمَنِّهِ
خَسِرَت وَلَم تَربَح يَدُ البَطّالِ
لِلَّهِ يَومٌ تَقشَعِرُّ جُلودُهُم
وَتَشيبُ مِنهُ ذَوائِبُ الأَطفالِ
يَومُ النَوازِلِ وَالزَلازِلِ وَالحَوا
مِلِ فيهِ إِذ يَقذِفنَ بِالأَحمالِ
يَومُ التَغابُنِ وَالتَبايُنِ وَالتَوا
زُنِ وَالأُمورِ عَظيمَةِ الأَهوالِ
يَومٌ يُنادى فيهِ كُلُّ مُضَلِّلٍ
بُمُقَطَّعاتِ النارِ وَالأَغلالِ
لِلمُتَّقينَ هُناكَ نُزلُ كَرامَةٍ
عَلَتِ الوُجوهَ بِنَضرَةٍ وَجَمالِ
زُمَرٌ أَضاءَت لِلحِسابِ وُجوهُها
فَلَها بَريقٌ عِندَهُ وَتَلالي
وَسَوابِقٌ غُرٌّ مُحَجَّلَةٌ جَرَت
خُمصَ البُطونِ خَفيفَةَ الأَثقالِ
مِن كُلِّ أَشعَثَ كانَ أَغبَرَ ناحِلاً
خَلَقَ الرِداءَ مُرَقَّعِ السِربالِ
نَزَلوا بِأَكرَمِ سَيِّدٍ فَأَظَلَّهُم
في دارِ مُلكِ جَلالَةٍ وَظِلالِ
حِيَلُ اِبنِ آدَمَ في الأُمورِ كَثيرَةٌ
وَالمَوتُ يَقطَعُ حِليَةَ المُحتالِ
وَمِنَ النُعاةِ إِلى اِبنِ آدَمَ نَفسَهُ
حَرَكَ الخُطى وَطُلوعُ كُلِّ هِلالِ
ما لي أَراكَ لِحُرِّ وَجهِكَ مُخلِقاً
أَخَلَقتِ يا دُنيا وُجوهَ رِجالِ
قِستُ السُؤالَ فَكانَ أَعظَمَ قيمَةً
مِن كُلِّ عارِفَةٍ أَتَت بِسُؤالِ
كُن بِالسُؤالِ أَشَدَّ عَقدَ ضَنانَةٍ
مِمَّن يَضِنُّ عَلَيكَ بِالأَموالِ
وَصُنِ المَحامِدَ ما اِستَطَعتَ فَإِنَّها
في الوَزنِ تَرجُحُ بَذلَ كُلِّ نَوالِ
وَلَقَد عَجِبتُ مِنَ المُثَمِّرِ مالَهُ
نَسِيَ المُثَمِّرُ زينَةَ الإِقلالِ
وَإِذا اِمرُؤٌ لَبِسَ الشُكوكَ بِعَزمِهِ
سَلَكَ الطَريقَ عَلى قَعودِ ضَلالِ
وَإِذا دَعَت خُدَعُ الحَوادِثِ دَعوَةً
شَهِدَت لَهُنَّ مَصارِعُ الأَبطالِ
وَإِذا اِبتُليتَ بِبَذلِ وَجهِكَ سائِلاً
فَاِبذُلهُ لِلمُتَكَرِّمِ المِفاضِلِ
وَإِذا خَشيتَ تَعَذُّراً في بَلدَةٍ
فَاِشدُد يَدَيكَ بِعاجِلِ التَرحالِ
وَاِصبِر عَلى غَيرِ الزَمانِ فَإِنَّما
فَرَجُ الشَدائِدِ مِثلُ حَلِّ عِقالِ
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 06:59 PM
طولُ التَعاشُرِ بَينَ الناسِ مَملولُ
ما لِاِبنِ آدامَ إِن كَشَّفتَ مَعقولُ
لِلمَرءِ أَلوانُ دُنيا رَغبَةً وَهَوى
وَعَقلُهُ أَبَداً ما عاشَ مَدخولُ
يا راعِيَ النَفسِ لا تُغفِل رِعايَتَها
فَأَنتَ عَن كُلِّ ما اِستُرعيتَ مَسؤولُ
خُذ ما عَرَفتَ وَدَع ما أَنتَ جاهِلُهُ
لِلأَمرِ وَجهانِ مَعروفٌ وَمَجهولُ
وَاِحذَر فَلَستَ مِنَ الأَيّامِ مُنفَلِتاً
حَتّى تَغولَكَ مِن أَيّامِكَ الغولُ
فَالدائِراتُ بِرَيبِ الدَهرِ دائِرَةٌ
وَالمَرءُ عَن نَفسِهِ ما عاشَ مَختولُ
لَن تَستَسِمَّ جَميلاً أَنتَ فاعِلُهُ
إِلّا وَأَنتَ طَليقُ الوَجهِ بُهلولُ
ما أَوسَعَ الخَيرَ فَاِبسُط راحَتَيكَ بِهِ
وَكُن كَأَنَّكَ عِندَ الشَرِّ مَغلولُ
الحَمدُ لِلَّهِ في آجالِنا قِصَرٌ
نَبغي البَقاءَ وَفي آمالِنا طولُ
نَعوذُ بِاللَهِ مِن خِذلانِهِ أَبَداً
فَإِنَّما الناسُ مَعصومٌ وَمَخذولُ
إِنّي لَفي مَنزِلٍ ما زِلتُ أَعمُرُهُ
عَلى يَقيني بِأَنّي عَنهُ مَنقولُ
وَأَنَّ رَحلي وَإِن أَوثَقتُهُ لَعَلى
مَطِيَّةٍ مِن مَطايا الحَينِ مَحمولُ
فَلَو تَأَهَّبتُ وَالأَنفاسُ في مَهلٍ
وَالخَيرُ بَيني وَبَينَ العَيشِ مَقبولُ
وادي الحَياةِ مَحَلٌّ لا مُقامَ بِهِ
لِنازِليهِ وَوادي المَوتِ مَحلولُ
وَالدارُ دارُ أَباطيلٍ مُشَبَّهَةٍ
الجِدُّ مُرٌّ بِها وَالهَزلُ مَعسولُ
وَلَيسَ مَن مَوضِعٍ يَأتيهِ ذو نَفسٍ
إِلّا وَلِلمَوتِ سَيفٌ فيهِ مَسلولُ
لَم يُشغَلِ المَوتُ عَنّا مُذأُعِدَّ لَنا
وَكُلُّنا عَنهُ بِاللَذاتِ مَشغولُ
وَمَن يَمُت فَهوَ مَقطوعٌ وَمُجتَنَبٌ
وَالحَيُّ ما عاشَ مَغشِيٌّ وَمَوصولُ
كُل ما بَدا لَكَ فَالآكالُ فانِيَةٌ
وَكُلُّ ذي أُكُلٍ لا بُدَّ مَأكولُ
وَكُلُّ شَيءٍ مِنَ الدُنيا فَمُنتَقِصٌ
وَكُلُّ عَيشٍ مِنَ الدُنيا فَمَملولُ
سُبحانَ مَن أَرضُهُ لِلخَلقِ مائِدَةٌ
كُلٌّ يُوافيهِ رِزقٌ مِنهُ مَكفولُ
غَدّى الأَنامَ وَعَشاهُم فَأَوسَعَهُم
وَفَضلُهُ لِبُغاةِ الخَيرِ مَبذولُ
يا طالِبَ الخَيرِ أَبشِر وَاِستَعِدَّ لَهُ
فَالخَيرُ أَجمَعُ عِندَ اللَهِ مَأمولُ
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 06:59 PM
ما بالُ قَلبِكَ لا تُحَرِّكُهُ
عِظَةٌ عَلى ماذا تَوَرُّكُهُ
ماذا تُؤَمِّلُ لا أَبا لَكَ في
مالٍ تَموتُ وَأَنتَ تُمسِكُهُ
ما لَم تَكُن لَكَ فيهِ مَنفَعَةٌ
مِمّا مَلَكتَ فَلَستَ تَملِكُهُ
أَنفِق فَإِنَّ اللَهَ يُخلِفُهُ
لا تَمضِ مَذموماً وَتَترُكُهُ
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 06:59 PM
إِيّاكَ مِن كَذَبِ الكَذوبِ وَإِفكِهِ
فَلَرُبَّما مَزَجَ اليَقينَ بِشَكِّهِ
وَلَرُبَّما ضَحِكَ الكَذوبُ تَكَلُّفاً
وَبَكى مِنَ الشَيءِ الَّذي لَم يُبكِهِ
وَلَرُبَّما صَمَتَ الكَذوبُ تَخَلُّقاً
وَشَكى مِنَ الشَيءِ الَّذي لَم يُشكِهِ
وَلَرُبَّما كَذَبَ اِمرُؤٌ بِكَلامِهِ
وَبِصَمتِهِ وَبُكائِهِ وَبِضِحكِهِ
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 07:00 PM
إِلى اللَهِ فَارغَب لا إِلى ذا وَلا ذاكَ
فَإِنَّكَ عَبدُ اللَهِ وَاللَهُ مَولاكا
وَإِن شِئتَ أَن تَحيا سَليماً مِنَ الأَذى
فَكُن لِشِرارِ الناسِ ما عِشتَ تَرّاكا
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 07:01 PM
أَتَطمَعُ أَن تُخَلِّدَ لا أَبا لَك
أَمِنتَ مِنَ المَنِيَّةِ أَن تَبالَك
أَما وَاللَهِ إِنَّ لَها رَسولاً
وَأُقسِمُ لَو أَتاكَ لَما أَقالَك
تَنَظَّر حَيثُ كُنتَ قُدومَ مَوتٍ
يُشَتِّتُ بَعدَ جَمعِهِمُ عِيالَك
كَأَنّي بِالتُرابِ عَلَيكَ رَدماً
وَبِالباكينَ يَقتَسِمونَ مالَك
أَلا فَاِخرُج مِنَ الدُنيا جَميعاً
وَزَجِّ مِنَ المَعاشِ بِما زَجا لَك
فَلَستَ مُخَلِّفاً في الناسِ شَيئاً
وَلا مُتَزَوِّداً إِلّا فِعالَك
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 07:01 PM
لَنِعمَ التُقى تَقوى فَتاً ضامِرِ الحَشا
خَميصٍ مِنَ الدُنيا تَقِيِّ المَسالِكِ
فَتىً مَلَكَ اللَذاتِ أَن يَعتَبِدنَهُ
وَما كُلُّ ذي لُبٍّ لَهُنَّ بِمالِكِ
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 07:01 PM
أَلَم نَرَ يا دُنيا تَصَرُّفَ حالِكِ
وَغَدرَكِ يا دُنيا بِنا وَانتِقالِكِ
فَلَستِ بِدارٍ يَستَتِمُّ بِكِ الرِضا
وَلَو كُنتِ في كَفِّ امرِئٍ بِكَمَلِكِ
حَرامُكِ يا دُنيا يَعودُ إِلى الضَنا
وَذو اللُبِّ فينا مُشفِقٌ مِن حَلالِكِ
أَليفُكِ يا دُنيا كَثيرٌ غُمومُهُ
فَلَيسَ النَجاةُ مِنكِ غَيرَ اعتِزالِكِ
أَيا نَفسُ لا تَستَوطِني دارَ قُلعَةٍ
وَلَكِن خُذي في الزادِ قَبلَ ارتِحالِكِ
أَيا نَفسُ لا تَنسي كِتابَكِ وَاذكُري
لَكِ الوَيلُ إِن أُعطيتِهِ بِشِمالِكِ
أَيا نَفسُ إِنَّ اليَومَ يَومُ تَفَرُّغٍ
فَدونَكِهِ مِن قَبلِ يَومِ اشتِغالِكِ
وَمَسؤولَةٌ يا نَفسُ أَنتِ فَيَسِّري
جَواباً لِيَومِ الحَشرِ قَبلَ سُؤالِكِ
وَمِسكينَةٌ يا نَفسُ أَنتِ فَقيرَةٌ
إِلى خَيرِ ما قَدَّمتِهِ مِن فِعالِكِ
هُوَ المَوتُ فَاحتاطي لَهُ وَابشِري إِذا
نَجَوتِ كَفافاً لا عَلَيكِ وَلا لَكِ
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 07:02 PM
كَأَنَّ يَقينَنا بِالمَوتِ شَكٌّ
وَما عَقلٌ عَلى الشَهَواتِ يَزكو
نَرى الشَهَواتِ غالِبَةً عَلَينا
وَعِندَ المُتَّقينَ لَهُنَّ تَركُ
لَهَونا وَالحَوادِثُ واثِباتٌ
لَهُنَّ بِمَن قَصَدنَ إِلَيهِ فَتكُ
وَفي الأَجداثِ مِن أَهلِ المَلاهي
رَهائِنُ ما تَفوتُ وَلا تُفَكُّ
وَلِلدُنيا عِداتٌ بِالتَمَنّي
وَكُلُّ عِداتِها كَذِبٌ وَإِفكٌ
وَما مُلكٌ لِذي مُلكٍ بِباقٍ
وَهَل يَبقى عَلى الحَدَثانِ مُلكُ
أَلا إِنَّ العِبادَ غَداً رَميمٌ
وَإِنَّ الأَرضَ بَعدَهُمُ تُدَكُّ
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 07:02 PM
كَأَن قَد عَجَّلَ الأَقوامُ غَسلَك
وَقامَ الناسُ يَبتَدِرونَ حَملَك
وَنُجِّدَ بِالثَرى لَكَ بَيتُ هَجرٍ
وَأَسرَعَتِ الأَكُفُّ إِلَيهِ نَقلَك
وَأَسلَمَكَ اِبنُ عَمِّكَ فيهِ فَرداً
وَأَرسَلَ مِن يَدَيهِ أَخوكَ حَبلَك
وَحاوَلَتِ القُلوبُ سِواكَ ذِكراً
أَنِسنَ بِوَصلِهِ وَنَسينَ وَصلَك
وَصارَ الوارِثونَ وَأَنتَ صِفرٌ
مِنَ الدُنيا لِمالِكَ مِنكَ أَملَك
إِذا لَم تَتَّخِذ لِلمَوتِ زاداً
وَلَم تَجعَل بِذِكرِ المَوتِ شُغلَك
فَقَد ضَيَّعتَ حَظَّكَ يَومَ تُدعى
وَأَصلَكَ حينَ تَنسُبُهُ وَفَضلَك
أَراكَ تَغُرُّكَ الشَهَواتُ قِدماً
وَكَم قَد غَرَّتِ الشَهَواتِ مِثلَك
أَما وَلَتَذهَبَنَّ بِكَ المَنايا
كَما ذَهَبَت بِمَن قَد كانَ قَبلَك
بَخِلتُ بِما مَلَكتَ فَقِف رُوَيداً
كَأَنَّكَ قَد وَهَبتَ فَلَم يَجُز لَك
كَأَنَّكَ عَن قَريبٍ بِالمَنايا
وَقَد شَتَّتنَ بَعدَ الجَمعِ شَملَك
أَلا لِلَّهِ أَنتَ مَحَلُّ عِلمٍ
رَأَيتَ العِلمَ لَيسَ يَكُفُّ جَهلَك
أَلا لِلَّهِ أَنتَ حَسَبتَ فِعلي
عَلَيَّ فَعِبتَهُ وَنَسيتَ فِعلَك
أَلا لِلَّهِ أَنتَ دَعِ التَمَنّي
وَلا تَأمَن عَواقِبَهُ فَتَهلَك
وَخُذ في عَذلِ نَفسِكَ كُلَّ يَومٍ
لَعَلَّ النَفسَ تَقبَلُ مِنكَ عَذلَك
أَلَم تَرَ جِدَّةَ الأَيّامِ تَبلى
وَأَنَّ الحادِثاتِ يُرِدنَ قَتلَك
أَلا فَاِخرُج مِنَ الدُنيا مُخِفّاً
وَقَدِّم عَنكَ بَينَ يَدَيكَ ثِقلَك
رَأَيتُ المَوتَ مَسلَكَ كُلِّ حَيٍّ
وَلَم أَرَ دونَهُ لِلحَيِّ مَسلَك
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 07:03 PM
لاتَكُ في كُلِّ هَواً تَنهَمِك
وَلا تَكونَنَّ لَجوجاً مَحِك
نافِس إِذا نافَستَ في حِكمَةٍ
وَلاتَدَع خَيراً وَلا تَتَّرِك
وَاِصنَع إِلى الناسِ جَميلاً كَما
تُحِبُّ أَن يَصنَعَهُ الناسُ بِك
مَن قَرَّ عَيناً بِغِنى بُلغَةٍ
يَوماً بِيَومٍ عاشَ عَيشَ المَلِك
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 07:03 PM
المَوتُ بَينَ الخَلقِ مُشتَرَكُ
لاسوقَةٌ يَبقى وَلا مَلِكُ
ما ضَرَّ أَصحابَ القَليلِ وَما
أَغنى عَنِ الأَملاكِ ما مَلَكوا
لَم يَختَلِف في المَوتِ مَسلَكُهُم
لابَل سَبيلاً واحِداً سَلَكوا
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 07:03 PM
خَفِّض هَداكَ اللَهُ مِن بالِكا
وَاِفرَح بِما قَدَّمتَ مِن مالِكا
لاتَأمَنِ الدُنيا عَلى غَدرَةٍ
كَم غَدَرَت قَبلُ بِأَمثالِكا
كَم سَتَرى في الناسِ مِن هالِكٍ
وَهالِكٍ حَتّى تُرى هالِكا
فَانظُر سَبيلاً سَلَكوهُ وَلا
تَحسَب بِأَن لَستَ لَهُ سالِكا
أَصبَحَتِ الدُنيا لَنا عِبرَةً
وَالحَمدُ لِلَّهِ عَلى ذَلِكا
إِجتَمَعَ الناسُ عَلى ذَمِّها
وَلا أَرى مِنهُم لَها تارِكا
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 07:03 PM
لِيَبكِ عَلى نَفسِهِ مَن بَكى
فَما أَوشَكَ المَوتَ ما أَوشَكا
فَلا تَبكِيَنَّ عَلى هالِكٍ
فَإِنَّ قُصاراكَ أَن تَهلِكا
أَتَطمَعُ في الخُلدِ بَعدَ الَّذينَ
رَأَيتَهُمُ قَد مَضَوا قَبلَكا
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 07:04 PM
بَليتَ وَما تَبلى ثِيابُ صِباكا
كَفاكَ مِنَ اللَهوِ المُضِرِّ كَفاكا
أَلَم تَرَ أَنَّ الشَيبَ قَد قامَ ناعِياً
مَقامَ الشَبابِ الغَضِّ ثُمَّ نَعاكا
تَسَمَّع وَدَع مَن أَغلَقَ الغَيُّ سَمعَهُ
كَأَنّي بِداعٍ قَد أَتى فَدَعاكا
أَلا لَيتَ شِعري كَيفَ أَنتَ إِذا القُوى
وَهَت وَإِذا الكَربُ الشَديدُ عَلاكا
تَموتُ كَما ماتَ الَّذينَ نَسيتَهُم
وَتُنسى وَتَهوى العِرسُ بَعدُ سِواكا
تَمَنَّيتَ حَتّى نِلتَ ثُمَّ تَرَكتَها
تَنَقَّلُ بَينَ الوارِثينَ مُناكا
إِذا لَم تَكُن في مَتجَرِ البِرِّ وَالتِقى
خَسِرتَ نَجاةً وَاكتَسَبتَ هَلاكا
إِذا أَنتَ لَم تَعزِم عَلى الصَبرِ لِلأَذى
رَمَيتَ الَّذي مِنهُ الأَذى وَرَماكا
إِذا كُنتَ تَبغي البِرَّ فَاكفُف عَنِ الأَذى
وَما البِرُّ إِلّا أَن تَكُفَّ أَذاكا
أَخوكَ الَّذي مِن نَفسِهِ لَكَ مُنصِفٌ
إِذا المَرءُ لَم يُنصِفكَ لَيسَ أَخاكا
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 07:04 PM
إِرضَ بِالعَيشِ عَلى كُلِّ حالٍ
تَتَّسِع فيهِ وَإِن كانَ ضَنكا
خَيرُ أَيّامِكَ إِن كُنتَ تَدري
يَومَ تُغشى يُرتَجى الخَيرُ مِنكا
إِغتَنِم حاجاً لِراجيكَ فيها
قَبلَ أَن يُغنِيَهُ اللَهُ عَنكا
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 07:04 PM
رَزَأتُكَ يا هَذا فَهُنتُ عَلَيكا
وَصَغَّرتَني مُذ نِلتُ فَضلَ يَدَيكا
وَرَغَّبتَني حَتّى رَغِبتُ فَصِرتَ بي
إِلى بُغضِ ذُلِّ الراغِبينَ إِلَيكا
فَهاتيكَ مِنّي عَثرَةٌ إِن أَقَلتَها
وَإِلّا فَإِنّي في السُقوطِ لَدَيكا
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 07:04 PM
ما لي رَأَيتُكَ راكِباً لِهَواكا
أَظَنَنتَ أَنَّ اللَهَ لَيسَ يَراكا
اِنظُر لِنَفسِكَ فَالمَنِيَّةُ حَيثُ ما
وَجَّهتَ واقِفَةٌ هُناكَ حِذاكا
خُذ مِن حَراكِكَ لِلسُكونِ بِحَظِّهِ
مِن قَبلِ أَن لا تَستَطيعَ حَراكا
لِلمَوتِ داعٍ مُزعِجٌ وَكَأَنَّهُ
قَد قامَ بَينَ يَدَيكَ ثُمَّ دَعاكا
وَلِيَومِ فَقرِكَ عُدَّةٌ ضَيَّعتَها
وَالمَرءُ أَفقَرُ ما يَكونُ هُناكا
لَتُجهَزَنَّ جِهازَ مُنقَطِعِ القُوى
وَلَتَشحِطَنَّ عَنِ القَريبِ نَواكا
وَلَيُسلِمَنَّكَ كُلُّ ذي ثِقَةٍ وَإِن
ناداكَ بِاِسمِكَ ساعَةً وَبَكاكا
وَإِلى مَدىً تَجري وَتِلكَ هِيَ الَّتي
لا تُستَقالُ إِذا بَلَغتَ مَداكا
يا لَيتَني أَدري بِأَيِّ وَثيقَةٍ
تَرجو الخُلودَ وَما خُلِقتَ لِذاكا
يا جاهِلاً بِالمَوتِ مُرتَهَناً بِهِ
أَحَسِبتَ أَنَّ لِمَن يَموتُ فَكاكا
لا تَكذِبَنَّ فَلَو قَدِ اِحتُفِرَ الحَشا
بَطَلَ اِحتِيالُكَ عِندَهُ وَرُقاكا
حاوَلتَ رِزقَكَ دونَ دينِكَ مُلحِفاً
وَالرِزقُ لَو لَم تَبغِهِ لَبَغاكا
وَجَعَلتَ عِرضَكَ لِلمَطامِعِ بِذلَةً
وَكَفى بِذَلِكَ فِتنَةً وَهَلاكا
وَأَراكَ تَلتَمِسُ الغِنى لِتَنالَهُ
وَإِذا قَنِعتَ فَقَد بَلَغتَ غِناكا
وَلَقَد مَضى أَبَواكَ عَمّا خَلَّفا
وَلَتَمضِيَنَّ كَما مَضى أَبَواكا
لَو كُنتَ مُعتَبِراً بِعُظمِ مُصيبَةٍ
لَجَعَلتَ أُمَّكَ عِبرَةً وَأَباكا
ما زِلتَ توعَظُ كَي تُفيقَ مِنَ الصِبا
وَكَأَنَّما يُعنى بِذاكَ سِواكا
قَد نِلتَ مِن شَرخِ الشَبابِ وَسُكرِهِ
وَلَقَد رَأَيتَ الشَيبَ كَيفَ نَعاكا
لَن تَستَريحَ مِنَ التَعَبُّدِ لِلمُنى
حَتّى تُقَطِّعَ بِالعَزاءِ مُناكا
وَبَّختَ عَبدَكَ بِالعَمى فَأَفَدتَهُ
بَصَراً وَأَنتَ مُحَسَّنٌ لِعَماكا
كَفَتيلَةِ المِصباحِ تَحرُقُ نَفسَها
وَتُنيرُ واقِدَها وَأَنتَ كَذاكا
وَمِنَ السَعادَةِ أَن تَعِفَّ عَنِ الخَنا
وَتُنيلَ خَيرَكَ أَو تَكُفَّ أَذاكا
دَهرٌ يُؤَمِّنُنا الخُطوبَ وَقَد نَرى
في كُلِّ ناحِيَةٍ لَهُنَّ شِباكا
يا دَهرُ قَد أَعظَمتَ عِبرَتَنا بِمَن
دارَت عَلَيهِ مِنَ القُرونِ رَحاكا
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 07:05 PM
لا تَنسَ وَاِذكُر سَبيلَ مَن هَلَكا
سَتَسلُكُ المَسلَكَ الَّذي سَلَكا
أَنتَ سَيَخلو المَكانُ مِنكَ كَما
أَخلاهُ مَن كانَ فيهِ قَبلُ لَكا
كَأَنَّ ذا العَينِ في تَطَرُّفِها
لَعباً وَلَهواً قَد عايَنَ الهَلَكا
مَن لَم يَحُز ما لَهُ يَدُ البِرِّ فَال
آفاتُ أَولى مِنهُ بِما ما لَكا
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 07:05 PM
رَأَيتُ الشَيبَ يَعدوكا
بِأَنَّ المَوتَ يَنحوكا
فَخُذ حِذرَكَ يا هَذا
فَإِنّي لَستُ آلوكا
وَلا تَزدَد مِنَ الدُنيا
فَتَزدادَن بِها نوكا
فَتَقوى اللَهِ تُغنيكا
وَإِن سُمّيتَ صُعلوكا
تَناوَمتَ عَنِ المَوتِ
وَداعي المَوتِ يَدعوكا
وَحاديهِ وَإِن نِمتَ
حَثيثُ السَيرِ يَحدوكا
فَلا يَومُكَ يَنساكَ
وَلا رِزقُكَ يَعدوكا
مَتى تَرغَب إِلى الناسِ
تَكُن لِلناسِ مَملوكا
إِذا ما أَنتَ خَفَّفتَ
عَنِ الناسِ أَحَبّوكا
وَإِن ثَقُلتَ مَلّوكا
وَعابوكَ وَسَبّوكا
إِذا ما شِئتَ أَن تُعصى
فَمُر مَن لَيسَ يَرجوكا
وَمُر مَن لَيسَ يَخشاكا
فَيَدمى عِندَها فوكا
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 07:06 PM
يا رَبِّ أَرجوكَ لا سِواكَ
وَلَم يَخِب سَعيُ مَن رَجاكا
أَنتَ الَّذي لَم تَزَل خَفِيّاً
لا تَبلُغُ الأَوهامَ مُنتَهاكا
إِن أَنتَ لَم تَهدِنا ضَلَلنا
يا رَبِّ إِنَّ الهُدى هُداكا
أَحَطتَ عِلماً بِنا جَميعاً
أَنتَ تَرانا وَلا نَراكا
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 07:06 PM
خُذِ الدُنيا بِأَيسَرِها عَلَيكا
وَمِل عَنها إِذا قَصَدَت إِلَيكا
فَإِنَّ جَميعَ ما خُوِّلتَ مِنها
سَتَنفُضُهُ جَميعاً مِن يَدَيكا
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 07:06 PM
كَأَنَّ المَنايا قَد قَصَدنَ إِلَيكُما
يُرِدنَكَ فَانظُر ما لَهُنَّ لَدَيكا
سَيَأتيكَ يَومٌ لَستَ فيهِ بِمُكرَمٍ
بِأَكثَرَ مِن حَشوِ التُرابِ عَلَيكا
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 07:07 PM
إِن كُنتَ تُبصِرُ ما عَلَيكَ وَما لَكا
فَاِنظُر لِمَن تَسعى وَتَترُكُ مالَكا
وَلَقَد تَرى أَنَّ الحَوادِثَ جَمَّةٌ
وَتَرى المَنِيَّةَ حَيثُ كُنتَ حِيالَكا
يا إِبنَ آدَمَ كَيفَ تَرجو أَن يَكونَ
الرَأيُ رَأيَكَ وَالفِعالُ فِعالَكا
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 07:07 PM
نَموتُ جَميعاً كُلُّنا غَيرَ ما شَكٍ
وَلا أَحَدٌ يَبقى سِوى مالِكِ المُلكِ
أَيا نَفسُ أَنتِ الدَهرُ في حالِ غَفلَةٍ
وَلَيسَت صُروفُ الدَهرِ غافِلَةً عَنكَ
أَيا نَفسُ كَم لي مِنكِ مِن يومِ صَرعَةٍ
إِلى اللَهِ أَشكو ما أُعالِجُهُ مِنكَ
أَيا نَفسُ إِن لَم أَبكِ مِمّا أَخافُهُ
عَلَيكَ غَداً يَومَ الحِسابِ فَمَن يَبكي
أَيا نَفسُ هَذي الدارُ لا دارُ قُلعَةٍ
فَلاتَجعَلِنَّ القَصدَ إِلّا إِلى تِلكَ
أَيا نَفسُ لا تَنسي عَنِ اللَهِ فَضلَهُ
فَتَأيِيدُهُ مُلكي وَخِذلانُهُ هُلكي
وَلَيسَ دَبيبُ الذَرِّ فَوقَ الصَفاةِ في ال
ظَلامِ بِأَخفى مِن رِياءٍ وَلا شِركِ
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 07:07 PM
خَيرُ الرِجالِ رَفيقُها
وَنَصيحُها وَشَقيقُها
وَالخَيرُ مَوعِدُهُ الجِنانُ
وَظِلُّها وَرَحيقُها
وَالشَرُّ مَوعِدُهُ لَظاً
وَزَفيرُها وَشَهيقُها
وَما حُبُّ دارٍ لَيسَ يُؤمَنُ
سَيلُها وَحَريقُها
أَشقى بَني الدُنيا بِها
لِلَّهِ أَنتَ صَديقُها
إِنّي أُعيذُكَ أَن يَغُررَكَ
زَهرُها وَبَريقُها
وَهِيَ المُنغَصِّةَ السُرورِ
وَإِن زَهاكَ أَنيقُها
إِرغَب فَأَنتَ أَسيرُها
وَازهَد فَأَنتَ طَليقُها
خَلِّ الَّتي إِن رُمَت لَم
يَسهُل عَلَيكَ طَريقُها
وَلَرُبَّما خانَ الأَريبَ
مِنَ الأُمورِ وَثيقُها
مِحَنُ الرِجالِ إِذا سَمَت
سَعَةُ الصُدورِ وَضيقُها
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 07:08 PM
سَكِرتَ بِإِمرَةِ السُلطانِ جِدّاً
فَلَم تَعرِف عَدُوُّكَ مِن صَديقِك
رُوَيدَكَ في طَريقٍ سِرتُ فيها
فَإِنَّ الحادِثاتِ عَلى طَريقِك
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 07:08 PM
أَلا رُبَّ أَحزانٍ شَجاني طُروقُها
فَسَكَّنتُ نَفسي حينَ هَمَّ خُفوقُها
وَلَن يَستَتِمَّ الصَبرَ مَن لا يَرُبُّهُ
وَلَن يَعرِفَ الأَحزانَ مَن لا يَذوقُها
وَلِلناسِ خَوضٌ في الكَلامِ وَأَلسُنٌ
وَأَقرَبُها مِن كُلِّ خَيرٍ صَدوقُها
وَما صَحَّ إِلّا شاهِدٌ صَحَّ غَيبُهُ
وَما تُنبِتُ الأَغصانَ إِلّا عُروقُها
أَراني بِأَعباثِ المَلاعِبِ لاهِياً
وَبِاللَهوِ لَولا جَهلُ نَفسي وَموقُها
أُرَقِّعُ مِن دُنيايَ دُنيا دَنِيَّةً
وَداراً كَثيراً وَهيُها وَخُروقُها
فَإِن كانَ لي سَمعٌ فَقَد أَسمَعُ النِدا
يُنادي غُروبُ الشَمسِ لي وَشُروقُها
وَتَجرَةِ صِدقٍ لِلمَعادِ أَضَعتُها
وَقَد أَمكَنَتني مِن يَدِ الرِبحِ سوقُها
وَلَم تَخلُ نَفسي مِن نَهارٍ يَقودُها
إِلى الغايَةِ القُصوى وَلَيلٍ يَسوقُها
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 07:08 PM
أَلا أَيُّها القَلبُ الكَثيرُ عَلائِقُه
أَلَم تَرَ هَذا الدَهرَ تَجري بَوائِقُه
تُسابِقُ رَيبَ الدَهرِ في طَلَبِ الغِنى
بِأَيِّ جَناحٍ خِلتَ أَنَّكَ سابِقُه
رُوَيدَكَ لاتَنسَ المَقابِرَ وَالبِلى
وَطَعمَ حُسى المَوتِ الَّذي أَنتَ ذائِقُه
وَما المَوتُ إِلّا ساعَةٌ غَيرَ أَنَّها
نَهارٌ وَلَيلٌ بِالمَنايا تُساوِقُه
وَأَيُّ هَوىً أَو أَيُّ لَهوٍ أَصَبتَهُ
عَلى ثِقَةٍ إِلّا وَأَنتَ مُفارِقُه
إِذا اعتَصَمَ المَخلوقُ مِن فِتَنِ الهَوى
بِخالِقِهِ نَجّاهُ مِنهُنَّ خالِقُه
وَمَن هانَتِ الدُنيا عَلَيهِ فَإِنَّني
لَهُ ضامِنٌ أَن لا تُذَمَّ خَلائِقُه
أَرى صاحِبَ الدُنيا مُقيماً بِجَهلِهِ
عَلى ثِقَةٍ مِن صاحِبٍ لا يُوافِقُه
أَلا رُبَّ ذي طِمرَينِ في مَجلِسٍ غَدا
زَرابِيُّهُ مَبثوثَةٌ وَنَمارِقُه
رَفيقٌ وَجارٌ لِلنَبِيِّ مُحَمَّدٍ
لَقَد أَعظَمَ الزُلفى رَفيقٌ يُرافِقُه
وَرُبَّ مَحَلٍّ قَد صَدَقتَ حَلَلتَهُ
إِذا عَلِمَ الرَحمَنُ أَنَّكَ صادِقُه
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 07:09 PM
خَيرُ سَبيلِ المالِ تَفريقُهُ
في طاعَةِ اللَهِ وَتَمزيقُهُ
وَالدَهرُ لايَبقى عَلى أَهلِهِ
تَغريبُهُ طَوراً وَتَشريقُهُ
وَقَد أَرى العَقلَ إِذا ما صَفا
قَلَّت مِنَ الدُنيا مَعاليقُهُ
ما كُلُّ مَن بَرَّقَ تَأديبُهُ
يَغُرُّني ما عِشتُ تَبريقُهُ
مَن حَقَّقَ الإيمانَ في قَلبِهِ
أَوشَكَ أَن يَظهَرَ تَحقيقُهُ
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 07:09 PM
إِذا قَلَّ مالُ المَرءِ قَلَّ صَديقُهُ
وَضاقَت بِهِ عَمّا يُريدُ طَريقُهُ
وَقَصَّرَ طَرفُ العَينِ عَنهُ كَلالَةً
وَأَسرَعَ فيما لا يُحِبُّ شَقيقُهُ
وَذَمَّ إِلَيهِ خِدنُهُ طَعمَ عودِهِ
وَقَد كانَ يَستَحليهِ حينَ يَذوقُهُ
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 07:09 PM
كُلُّ رِزقٍ أَرجوهُ مِن مَخلوقِ
يَعتَريهِ ضَربٌ مِنَ التَعويقِ
وَأَنا قائِلٌ وَأَستَغفِرُ اللَهَ
مَقالَ المَجازِ لا التَحقيقِ
لَستُ أَرضى مِن فِعلِ إِبليسَ شَيئاً
غَيرَ تَركِ السُجودِ لِلمَخلوقِ
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 07:10 PM
أَرى الشَيءَ أَحياناً بِقَلبي مُعَلَّقاً
فَلا بُدَّ أَن يَبلى وَأَن يَتَمَزَّقا
تَصَرَّفتُ أَطواراً أَرى كُلَّ عِبرَةٍ
وَكانَ الصِبا مِنّي جَديداً فَأَخلَقا
وَكُلُّ اِمرِئٍ في سَعيِهِ الدَهرُ رُبَّما
تَفَتَّحَ أَحياناً لَهُ أَو تَغَلَّقا
وَمَن يُحرَمِ التَوفيقَ لَم يُغنِ رَأيُهُ
وَحَسبُ امرِئٍ مِن رَأيِهِ أَن يُوَفَّقا
وَما زادَ شَيءٌ قَطُّ إِلّا لِنَقصِهِ
وَما اجتَمَعَ الإِلفانُ إِلّا تَفَرَّقا
أَنا ابنُ الأُلى بادوا فَلِلمَوتِ نُسبَتي
فَيا عَجَباً ما زِلتُ بِالمَوتِ مُعرِقا
وَثِقتُ بِأَيّامي عَلى غَدَراتِها
وَلَم تُعطِني الأَيّامُ مِنهُنَّ مَوثِقا
أَلا حُقَّ لِلعاني بِما هُوَ صائِرٌ
إِلَيهِ وَشيكاً أَن يَبيتَ مُؤَرِّقا
أَيا ذِكرَ مَن تَحتَ الثَرى مِن أَحِبَّتي
وَصَلتُ بِهِم عَهدي عَلى بُعدِ مُلتَقى
تَشَوَّقتُ فَارفَدَّت دُموعي وَلَم أَكُن
بِأَوَّلِ مَحزونٍ بَكى وَتَشَوَّقا
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 07:10 PM
اِنظُر إِلى نَفسِكَ يا شَقِي
حَتّى مَتى لا تَتَّقي
أَوما تَرى الأَيّامَ تَخ
تَلِسُ النُفوسَ وَتَنتَقي
اِنظُر بِطَرفِكَ هَل تَرى
في مَغرِبٍ أَو مَشرِقِ
أَحَداً وَفى لَكَ في الشَدا
ئِدِ إِن لَجَأتَ بِمَوثِقِ
كَم مِن أَخٍ أَغمَضتُهُ
بِيَدي نَصيحٍ مُشفِقِ
وَيَإِستُ مِنهُ فَلَستُ أَط
مَعُ أَن يَعيشَ فَنَلتَقي
لا تَكذِبَنَّ فَإِنَّهُ
مَن يَجتَمِع يَتَفَرَّقِ
وَالمَوتُ غايَةُ مَن مَضى
مِنّا وَمَوعِدَ مَن بَقي
ابو العتاهية
الحمدان
08-07-2024, 07:10 PM
أَلا إِنَّما الإِخوانُ عِندَ الحَقائِقِ
وَلا خَيرَ في وُدِّ الصَديقِ المُماذِقِ
لَعَمرُكَ ما شَيءٌ مِنَ العَيشِ كُلِّهِ
أَقَرَّ لِعَيني مِن صَديقٍ مُوافِقِ
وَكُلُّ صَديقٍ لَيسَ في اللَهِ وُدُّهُ
فَإِنّي بِهِ في وُدِّهِ غَيرُ واثِقِ
أُحِبّو أَخي في اللَهِ ما صَحَّ دينُهُ
وَأَفرِشُهُ ما يَشتَهي مِن خَلائِقِ
وَأَرغَبُ عَمّا فيهِ ذُلٌّ وَريبَةٌ
وَأَعلَمُ أَنَّ اللَهَ ما عِشتُ رازِقي
صَفِيِّ مِنَ الإِخوانِ كُلُّ مُوافِقٍ
صَبورٍ عَلى ما نابَ عِندَ الحَقائِقِ
ابو العتاهية
vBulletin® v3.8.7, Copyright ©2000-2025, vBulletin Solutions, Inc Trans by mbcbaba
diamond