المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هنا الشعر الفصيح ومايتعلق به


الصفحات : 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 [30] 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 100 101 102 103 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 114 115 116 117 118 119 120 121 122 123 124 125 126 127 128 129 130 131 132 133 134 135 136 137 138 139 140 141 142 143 144 145 146 147 148 149 150 151 152 153 154 155

الحمدان
06-28-2024, 05:57 PM
تعالي أحبك قبل الرحيل
فما عاد في العمر إلا القليل

أتينا الحياة بحلم بريء
فعربد فينا زمان بخيل

حلمنا بأرض تلم الحيارى
وتأوي الطيور وتسقي النخيل

رأينا الربيع بقايا رماد
ولاحت لنا الشمس ذكرى أصيل


......

الحمدان
06-28-2024, 05:57 PM
شربتُ الصَّبرَ رغمَ مَرَارِ كأسي
‏وواجهتُ الصِّعابَ بدونِ يأسِ

‏وثـقتُ بخالقي مذ كنتُ طفلًا
‏وعاملتُ البلاءَ كبعض درسِ

‏أخشى من برحمتِهِ حباني
‏وأكرمني وها قد شابَ رأسي

‏لقد أحسنتُ ظنِّي فيكَ ربي
‏فنلتُ رضًا يفوقُ همومَ نفسي


......

الحمدان
06-28-2024, 05:57 PM
أهديتك قلبي وأنت ردّتَهُ
‏لله درك أمثل قلبي يُبدَلُ

‏لا تعتذر فالقلب أنت جَرحتَه
‏والجرح منك ياعزيزي مُدبَلُ

‏ها أنت أهملت الفؤاد وخنته
‏لله ذنبك أمثل قلبي يهملُ


......

الحمدان
06-28-2024, 05:58 PM
هوى قلبي غداة هوت صروحي
وهدّ أضالعي هزُّ الليالي

وما خلت المنايا راي عيني
تلوح تخطّفا مثل الخيال

وتقطف من ثمار الوجد زهري
وتكلُمني تعصف لا تبالي

فلا الخنسا تحسّس ما بقلبي
ولا زيرُ التغالب في النزالِ

ولا الهذليُّ خمّن ما جرى لي
ولا جرّبت الربابُ ضياع حالي

فرفقا يا إلهي لم يعد لي
جلادُ الفقد أو ردُّ الخبالِ

فصلني بالتفاتك نحو قلبي
برحْمات وشدّ بها حبالي


خالد محمود

الحمدان
06-28-2024, 05:58 PM
إِنّي ذَكَرتُكِ بِالزّهراءَ مُشتاقا
والأُفقُ طَلقٌ وَمَرأى الأَرضِ قَد راقا

وللنّسيمِ اعتلالٌ في أَصائِلِهِ
كَأَنَّهُ رَقَّ لي فَاعتَلَّ إِشفاقا

كُلٌّ يَهيجُ لَنا ذِكرى تَشَوُّقنا
إِليكِ لَم يَعدُ عَنها الصّدرُ أَن ضاقا

لا سَكَّنَ اللَهُ قَلباً عَقَّ ذِكرَكُمُ
فَلَم يَطِر بِجَناحِ الشّوقِ خَفّاقا

لَو شاءَ حَملي نَسيمُ الصُبحِ حينَ سَرى
وافاكُمُ بِفَتىً أَضناهُ ما لاقى

لَو كانَ وَفّى المُنى في جَمعِنا بِكُم
لَكانَ مِن أَكرَمِ الأَيّامِ أَخلاقا


ابن زيدون

الحمدان
06-28-2024, 05:58 PM
ماذا جنيتُ لكي تمل وصالي
‏إني سألتك هل تجيب سؤالي

‏حاولتُ أن ألقى لهجرك حجةً
‏فوقعت بين حقيقةٍ وخيالي

‏كنتُ القريب وكنتَ أنت مقربي
‏يوم الوفاق وبهجة الإقبالِ

‏فغدوتُ أشبهَ بالخصيم لخصمه
‏عجبًا إذًا لتقلب الأحوالِ

‏ياصاحبًا سكن الملالُ فؤادهُ
‏أسمعتَ مني سيءَ الأقوالِ


......

الحمدان
06-28-2024, 05:59 PM
أورثتني وجعَ الغيابِ، فكُلّ ما
‏بي من محطّاتِ انتظارٍ مُتعَبةْ

‏للشَّوقِ في روحي صَهيلٌ لاهبٌ
‏كصهيلِ خيلِ الفاتحينَ بقُرطُبَةْ


......

الحمدان
06-28-2024, 05:59 PM
يا غائبينَ، وما غابتْ مَحاسِنُهم
‏ونازِحين وأقصى بَينِهم أممُ

‏قد كان ليلي نهارًا من ضِيائكُمُ
‏فاليومَ ضوءُ نهاري بعدكمْ ظُلَمُ


......

الحمدان
06-28-2024, 05:59 PM
وبأي حرفٍ قد اصوغ جمالك
‏وبأي شعرٍ أحتوي عيناك

‏ذهب الجمالُ بكل دارٍ يبحثُ
‏حتى أتاك مقبّلاً يمناك

‏لا والذي وضعَ العيون بِحجرها
‏ماسرتْ العينان قبلَ رؤاك


......

الحمدان
06-28-2024, 05:59 PM
وأكثر ما يزيد الوردُ حُسناً
‏بأن يهدى أيا قمري إليكِ

‏كأن الورد قبل لقاكِ غصنٌ
‏أبى الإزهار إلا في يديكِ


......

الحمدان
06-28-2024, 06:00 PM
يَا مَن يُعَاتِبُ مَذبُوحًا على دَمِهِ
وَنَزفُ شِريَانِهِ مَا أسهلَ العَتَبَا

مَن جرَّبَ الكَيَّ لا يَنسى مواجِعهُ
ومَنْ رأى السُّمَّ لا يَشقَى كَمَنْ شَربَا

حَبْلُ الفَجيعةِ ملتَفٌّ على عُنقِي
مَن ذَا يُعاتِبُ مَشنُوقًا إذَا اضطرَبَا


......

الحمدان
06-28-2024, 06:00 PM
‏ما زلتُ بعدَكُم أهذي بذِكركمُ
كأنّ ذكركمُ بالقلبِ قد رُصفا

أموتُ شوقاً ولا ألقاكمُ أبدًا
يا حسرتا ثمّ يا شوْقا ويا أسَفا

العباس بن الأحنف

الحمدان
06-28-2024, 06:00 PM
‏وإِنِّي منَ القَوْمِ الَّذِينَ عَرَفْتَهُمْ
إِذا ماتَ منهم سَيِّدٌ قام صاحِبُهْ

نُجُومُ سَمَاءٍ كُلَّمَا غار كَوْكَبٌ
بدَا كَوْكَبٌ تَأْوِي إِلَيْهِ كَوَاكِبُهْ

لقيط بن زرارة

الحمدان
06-28-2024, 06:00 PM
‏هناك وقفنا والشِّفاهُ صوامتٌ
كأنَّ بنا عيّاً وليس بنا وَجدُ

سكتنا ولكنَّ العيونَ نواطق
أرق حديث ما العُيون به تشدو

إيليا أبو ماضي

الحمدان
06-28-2024, 06:01 PM
الكَوْنُ عيناكِ لا الشَمْسُ وَلا القَمَرُ
والرّوْضُ خّدّاكِ لا الغُصْنٌ ولا الثَمَرُ

وانْتِ في الدَوْحَةِ الاحْلامِ اغْنيَه
يشدو بِها الحُبّ لا نَايٌ ولا وَتَرُ


......

الحمدان
06-28-2024, 06:01 PM
فلما تلاقينا وقد طال صدُّنا
صمتنا طويلًا والعيون نواطقُ

فكم من كلام ظلَّ في القلب كامنًا
وكم من عيونٍ بالكلام سوابقُ


......

الحمدان
06-28-2024, 06:01 PM
يا أيها القَمَرُ المُنِيرُ السّاحِرُ
‏الأمْلَحُ العَالي الرّفِيعُ البَاهرُ

‏بَلّغْ شَبيهتَكَ السّلامَ وَهَنِّها
‏بالنّومِ واشْهَدْ لي بأني ساهرُ


......

الحمدان
06-28-2024, 06:02 PM
إِنَّ المُلوكَ بَلاءٌ حَيثُما حَلّوا
فَلا يَكُن لَكَ في أَبوابِهِم ظِلُّ

ماذا تُؤَمِّلُ مِن قَومٍ إِذا غَضِبوا
جاروا عَلَيكَ وَإِن أَرضَيتَهُم مَلّوا

فَاِستَغنِ بِاللَهِ عَن أَبوابِهِم كَرَما
إِنَّ الوقوفَ عَلى أَبوابِهِم ذُلُّ


......

الحمدان
06-28-2024, 06:02 PM
لا تأسفن على غدر الزمان لطالما
رقصت على جثث الأسود كلاب

لاتحسبن برقصها تعلو على أسيادها
تبقى الأسود أسوداً والكلاب كلاب

تموت الأسد في الغابات جوعاً
ولحم الضأن تأكله الكلاب

وذو جهل قد ينام على حرير
وذو علم مفارشه التراب


......

الحمدان
06-28-2024, 06:02 PM
قالتْ بلغتُ من العمر الثلاثينا
فقلتُ ما ضرّ إنْ صارتْ ثمانينا

فالوردُ وردٌ وإنْ طالَ الزمانُ بهِ
ترويهِ أرواحُنا حُبَّاً ويروينا

......

الحمدان
06-28-2024, 06:02 PM
‏رأيتُ الناسَ ترفعُ كل وغدٍ
وتَخفضُ كُلَّ ذي شِيَمٍ شريفة

كمِثْلِ البحر يغرقُ فيهِ دُر
ولا ينفكُ تطفو فيه جيفة


......

الحمدان
06-28-2024, 06:03 PM
لا تألُف الروحُ إلا من يُلاطِفُها
‏ويهجر القلبُ من يقسو ويجفاهُ

فلا وصال لمن بالوصل قد بخلوا
‏ومن تناسى.. فإنّا قد نسيناهُ


......

الحمدان
06-28-2024, 06:03 PM
‏وامشِ على ضُوءِ الصَّباح، فإن خَبا
فامشِ على ضُوءِ الهلالِ السَّاري

عِش في الخلاءِ تَعش خليًّا هانئًا
كالطَّيرِ حرًّا، كالغديرِ الجَاري


......

الحمدان
06-28-2024, 06:03 PM
‏ليلٌ طَويلٌ، وحُزنٌ ثَقِيلٌ
وخَدٌّ أسيلٌ، ودَمعٌ يَسِيلْ

وذِكرى تَلوحُ، وَرُوحٌ تَنوحُ
وقَلبٌ جَرِيحٌ، وصَبرٌ جَمِيلْ


......

الحمدان
06-28-2024, 06:03 PM
لا ليسَ لليأسِ دربٌ في مشاعرِنا
مهما تناوبَ للأرزاءِ حدثانُ

بقيةُ السيفِ بالأبطالِ ممرعةٌ
والثأرُ جرحٌ فإعصارٌ فطوفانُ


......

الحمدان
06-28-2024, 06:04 PM
أمرُّ عَلَىظ° الدِّيَارِ ولَستُ أدرِي
أتَذكُرُنِي؟ أتَعرِفُنِي الدِّيَارُ؟!

وكَم قَبَّلتُ جُدرَانًا وبَابًا
فَلَا بَابٌ يَحِنُّ ولَا جِدَارُ

جَمَادَاتٌ وأدرِي غَيرَ أنِّي
أتُوقُ لِأهلِهَا والشَّوقُ نَارُ


......

الحمدان
06-28-2024, 06:04 PM
إنّي لصعبٌ على الأقوامِ لو جعلوا
رضوَى لأنفِي خُشاشًا لم يقودونِي

نفسي هي النّفس آبى أن أُواتِيهَا
على الهوانِ وتأبى أن تواتينِي


اسماعيل ابن يسار النّسائي

الحمدان
06-28-2024, 06:04 PM
وَالْعِلْمُ يَا أَخِي مُقَارِنُ الْعَمَلْ
بِلَا انْفِكَاكٍ فَاتّبِعْ مَنِ امْتَثَلْ

وإذْ بهِ لَمْ يُرْقَ للأَعمَالِ
فَحَسْرَةٌ يَا خَيْبَةَ الْآمَالِ

وَلَمْ يُنَلْ بِهِ كَمَالُ الْأَجْرِ
وَحُجَّةٌ عَلَيْكَ يَوْمَ الْحَشْرِ

فَالْعِلْمُ حُلةٌ مِنَ أحْسَنِ الْحُلَلْ
وَيَجْمُلُ الْعِلْمُ بِإصْلَاحِ الْعَمَلْ


......

الحمدان
06-28-2024, 06:04 PM
إلجأْ لربِّك إنْ ضَاقتْ بكَ السُّبل
واسقِ الدُّعاءَ بمَا جَادتْ بهِ المُقلُ

وكنْ علىظ° ثقةٍ فِيمنْ تَلوذُ بِهِ
سَهمُ الدُّعاءِ إذَا أطلَقتهُ يَصلُ


......

الحمدان
06-28-2024, 06:05 PM
أأعودُ منتصِرا بكل معاركي
وأمام عَيْنيها البريئة أُهْزَمُ !

لي ألف بيتٍ بالفصيح أجدْتُها
لكنني في حبها أتلعثمُ


......

الحمدان
06-28-2024, 06:05 PM
تعبَ البكاءُ من البكاءِ وملّني
ليلٌ طويلٌ بالمواجعِ أقطعـُهْ

ياقلبُ حتّامَ انتصاركَ للذي
أفنيتَ دهركَ تتّقيهِ وتمنعُه؟

ثكْلى الأماني مااغتَدَتْ بمودَّعٍ
إلا وعادتْ في الرَّوَاحِ تُشيّعه

اليومَ أُجزى والغرامُ جريرتي
أضعافَ شوقٍ كنتُ قبلَ أجرِّعه


......

الحمدان
06-28-2024, 06:05 PM
أنتركُ الغربَ يلهينا بزخرفهِ
ومشرقُ الشمسِ يبكينا وينتحبُ

وعندنا نهرٌ عذبٌ لشاربهِ
فكيفَ نتركهُ في البحرِ ينسربُ

وأيما لغةٍ تنسي امرأً لغةً
فإنها نكبةٌ من فيهِ تنسكبُ


......

الحمدان
06-28-2024, 06:13 PM
تمنيتُ اللقاء وكان ظني
‏بأن تأتي الحياةُ بما أظنُّ

‏فخانتني الحياةُ وتاهَ دربي
‏وظلَّ القلبُ في صدري يئنُّ


......

الحمدان
06-28-2024, 06:14 PM
‏وقَد تبدو سعيدًا كلَّ يومٍ
‏وفي أعماقِكَ الشيءُ النقيضُ

‏ يَلُفُّ الليلُ دربَكَ أينَ تَمضي
‏ولا نورٌ يَشُعُّ ولا وَمِيضُ


......

الحمدان
06-28-2024, 07:50 PM
سأحمل روحي على راحتي
وألقي بها في مهاوي الردى

فإما حياةٌ تسر الصديق
وإما ممات يغيظ العدى

ونفس الشـريف لها غـايتان
ورود المنـايا ونيـلُ المنى

لَعَمْرُكَ هذا ممـات الرجـال
ومن رَامَ موتـًا شـريفًا فَذَا


......

الحمدان
06-28-2024, 07:52 PM
أَديرا عَليَّ الراحَ لا تَشرَبا قَبلي
وَلا تَطلُبا مِن عِندِ قاتِلَتي ذَحلي

فَما حَزَني أَنّي أَموتُ صَبابَةً
وَلَكِن عَلى مَن لا يَحِلُّ لَهُ قَتلي

أُحِبُّ الَّتي صَدَّت وَقالَت لِتُربِها
دَعيهِ الثُرَيّا مِنهُ أَقرَبُ مِن وَصلي

أَماتَت وَأَحيَت مُهجَتي فَهيَ عِندَها
مُعَلَّقَةٌ بَينَ المَواعيدِ وَالمُطلِ

وَما نِلتُ مِنها نائِلاً غَيرَ أَنَّني
بِشَجوِ المُحِبّينَ الأُلى سَلَفوا قَبلي

بَلى رُبَّما وَكَّلتُ عَيني بِنَظرَةٍ
إِلَيها تَزيدُ القَلبَ خَبلاً عَلى خَبلِ

صريع الغواني

الحمدان
06-28-2024, 07:55 PM
رسالتُهُ تَحثُّ على المعالي
وسيرَتُهُ جَمالٌ في جَمالِ

و طلْعَتُهُ تفوقُ البدرَ حُسْنًا
و مَنطِقُهُ يقُودُ إلى الكمالِ

تحيّرَ واصفوهُ و ما استطاعوا
فقد أثنى و كرَّمَ ذو الجلالِ

عليهِ الله صلّى ما تراءتْ
لعيْنِي طيْبةٌ فارتاحَ بالي


......

الحمدان
06-28-2024, 08:08 PM
من أنتَ؟
وسحرٌ في عينيك
يزفُّ العمرَ لأمنية

لكأنك من قمرٍ تأتي
من نجمةِ صبحٍ ذهبية

من أرضٍ فيها شمسُ الحب
تعانقُ وجهَ الحرية

وأنا في العمرِ مسافرةٌ
ومعي عيناكَ وأغنية

عيناكَ ليالٍ صيفية
ورؤىً وقصائدُ وردية


نزار قباني

الحمدان
06-28-2024, 08:16 PM
فـلـيـستْ هذِهِ الدنيا بِشيءٍ
تَـسُـوؤكَ حِـقْبَةً وتَسُرُّ وَقتا

وغـايَـتُـها إذا فكَّرْتَ فيها
كَـفَيئِكَ أو كَحُلْمِكَ إن حَلَمْتا

سُـجِنْتَ بِها وأنتَ لها مُحِبٌ
فـكـيفَ تُحِبُّ ما فيه سُجِنتا

وتُطعِمُكَ الطَّعامَ وعن قريبٍ
سـتَطْعَمُ منك ما مِنها طَعِمْتا

وتَـعـرى إنْ لبِستَ لها ثِياباً
وتُـكـسى إنْ ملابسها خَلَعْتا

وتـشـهـدُ كلَّ يومٍ دفنَ خِلٍ
كـأنـكَ لا تُـراد بِما شَهِدتا

ولـمْ تُـخْلَق لِتَعْمُرَها ولكن
لِـتَـعْـبُـرها فَجِدَّ لِما خُلِقتا

و إن هُدمت فزدها انت هدما
و حصن امر دينك ما استطعتا

ولا تحزن على ما فات منها
إذا مـا أنت في أُخراكَ فُزتا

فـلـيـس بنافعٍ ما نِلتَ فيها
مِنَ الفاني إذا الباقي حُرِمتا

ولا تضحك مع السفهاءِ لَهوًا
فإنكَ سوفَ تبكي إن ضَحِكتا

وكيفَ لك السُّرورُ وأنتَ رَهْنٌ
ولا تَـدري أَتُـفْدى أم غَلِقْتا

وسَـلْ من ربك التوفيق فيها
وأخلصْ في السؤالِ إذا سألتا

ونـادِ إذا سـجدتَ لهُ اعترافاً
بـمـا ناداهُ ذو النُّون بنُ مَتّى

ولازِم بـابَـهُ قـرعـاً عَسَاهُ
سـيـفـتحُ بابَهُ لكَ إن قَرَعتا

وأَكْـثِرْ ذكرَهُ في الأرضِ دَأبًا
لِـتُـذْكَرَ في السماءِ إذا ذَكَرتا


الألبيري

الحمدان
06-28-2024, 08:17 PM
‏فَلا تَحسِباني أَذرِفُ الدَمعَ عادَةً
وَلا تَحسِباني أُنشِدُ الشِعرَ لاهِيا

‏وَلَكِنَّها نَفسي إِذا جاشَ جَأشُها
وَفاضَ عَلَيها الهَمُّ فاضَت قَوافِيا


......

الحمدان
06-28-2024, 08:18 PM
لَحَى الله الفراقَ ولا رعاهُ
فكم قد شكَّ قلبيَ بالنبالِ

أقاتلُ كلَّ جبارٍ عنيدٍ
ويهزمُني الفراقُ بلا قتالِ


عنترة بن شداد

الحمدان
06-28-2024, 09:52 PM
أَلا يا حَماماتِ الحِمى عُدنَ عَودَةً
فَإِنّي إِلى أَصواتِكُنَّ حَنونُ

فَعُدنَ فَلَمّا عُدنَ عُدنَ لِشِقوَتي
وَكِدتُ بِأَسرارٍ لَهُنَّ أُبينُ

وَعُدنَ بِقَرقارِ الهَديرِ كَأَنَّما
شَرِبنَ مُداماً أَو بِهِنَّ جُنونُ

فَلَم تَرَ عَيني مِثلَهُنَّ حَمائِماً
بَكَينَ فَلَم تَدمَع لَهُنَّ عُيونُ

وَكُنَّ حَماماتٍ جَميعاً بِعَيطَلٍ
فَأَصبَحنَ شَتّى ما لَهُنَّ قَرينُ

فَأَصبَحنَ قَد قَرقَرنَ إِلّا حَمامَةً
لَها مِثلَ نَوحِ النائِحاتِ رَنينُ

تُذَكِّرُني لَيلى عَلى بُعدِ دارِها
رَواجِفُ قَلبٍ باتَ وَهوَ حَزينُ

إِذا ما خَلا لِلنَومِ أَرَّقَ عَينَهُ
نَوائِحُ وُرقٍ فَرشُهُنَّ غُصونُ

تَداعَينَ مِن بَعدِ البُكاءِ تَأَلُّقاً
فَقَلَّبنَ أَرياشاً وَهُنَّ سُكونُ

فَيا لَيتَ لَيلى بَعضُهُنَّ وَلَيتَني
أَطيرُ وَدَهري عِندُهُنَّ رَكينُ

أَلا إِنَّما لَيلى عَصا خَيزُرانَةٍ
إِذا غَمَزوها بِالأَكُفِّ تَلينُ


قيس بن الملوح

الحمدان
06-28-2024, 09:52 PM
أَيا أَبَتي دَعني وَما قَد لَقَيتُهُ
وَلا تَلحَ مَحزونَ الفُؤادِ سَقيما

عَديمَ التَشَكّي باكِيَ العَينِ ساهِراً
حَليفَ الأَسى لِلِاِصطِبارِ عَديما

كَلِفتُ بِها حَتّى أَذابَنِيَ الهَوى
وَصَيَّرَ عَظمي بِالغَرامِ رَميما

يَقولُ أَبي يا قَيسُ عِندي خِلافُها
وَأَكثَرُ مِنها بَهجَةً وَنَعيما

ذي أُمُّها كانَت مِنَ الرومِ أَصلُها
وَقَصدي أَنا أَصلٌ يَكونُ كَريما

رَضيتُ الَّذي قَد عيتَ يا أَبَتي بِها
وَدَع أَصلَها بَينَ النِساءِ ذَميما


قيس بن الملوح

الحمدان
06-28-2024, 09:53 PM
خَليلَيَّ هَذا الرَبعُ أَعلَمُ آيَهُ
فَبِاللَهِ عوجا ساعَةً ثُمَّ سَلِّما

أَلَم تَعلَما أَنّي بَذَلتُ مَوَدَّتي
لِلَيلى وَأَنَّ الحَبلَ مِنها تَصَرَّما

سَأَلتُكُما بِاللَهِ لَمّا قَضَيتُما
عَلَيَّ فَقَد وُلّيتُما الحُكمَ فَاِحكُما

بِجودي عَلى لَيلى بِوُدّي وَبُخلِها
عَلَيَّ سَلاها أَيُّنا كانَ أَظلَما

أَحِنُّ إِلَيها كُلَّما ذَرَّ شارِقٌ
كَحُبِّ النَصارى قُدسَ عيسى بنَ مَريَما

فَوَاللَهِ ثُمَّ اللَهِ إِنّي لَصادِقٌ
لَذِكرُكِ في قَلبي أَجَلَّ وَأَعظَما

كَلامُكِ أَشهى فَاِعلَمي لَو أَنالُهُ
إِلى النَفسِ مِن بَردِ الشَرابِ عَلى الظَما

وَوَاللَهِ ما أَحبَبتُ حُبَّكِ فَاِعلَمي
لِنُكرٍ وَلا أَحبَبتُ حُبَّكِ مَأثَما

لَقَد أَكثَرَ اللُوّامُ فيكِ مَلامَتي
وَكانوا لِما أَبدَوا مِنَ اللَومِ أَلوَما

وَقَد أَرسَلَت لَيلى إِلَيَّ رَسولَها
بِأَن آتِنا سِرّاً إِذا اللَيلُ أَظلَما

فَجِئتُ عَلى خَوفٍ وَكُنتُ مُعَوِّذاً
أُحاذِرُ أَيقاظاً عُداةً وَنُوَّما

فَبِتُّ وَباتَت لَم نَهُمَّ بِريبَةٍ
وَلَم نَجتَرِح يا صاحِ وَاللَهِ مَحرَما

وَكَيفَ أُعَزّي القَلبَ عَنها تَجَلُّداً
وَقَد أَورَثَت في القَلبِ داءَ مُكَتَّما

فَلَو أَنَّها تَدعو الحَمامَ أَجابَها
وَلَو كَلَّمَت مَيتاً إِذاً لَتَكَلَّما

وَلَو مَسَحَت بِالكَفِّ أَعمى لَأَذهَبَت
عَماهُ وَشيكاً ثُمَّ عادَ بِلا عَمى

مُنَعَّمَةٌ تَسبي الحَليمَ بِوَجهِها
تَزَيَّنُ مِنها عِفَّةً وَتَكَرُّما

فَتِلكَ الَّتي مَن كانَ داءً دَوائُهُ
وَهاروتُ كُلَّ السِحرِ مِنها تَعَلَّما


قيس بن الملوح

الحمدان
06-28-2024, 09:53 PM
راحوا يَصيدونَ الظِباءَ وَإِنَّني
لَأَرى تَصَيُّدُها عَلَيَّ حَراما

أَشبَهنَ مِنكِ سَوالِفاً وَمَدامِعاً
فَأَرى عَلَيَّ لَها بِذاكَ ذِماما

أَعزِز عَلَيَّ بِأَن أُرَوِّعَ شِبهَها
أَو أَن يَذُقنَ عَلى يَدَيَّ حِماما


قيس بن الملوح

الحمدان
06-28-2024, 09:53 PM
أَلا حَبَذا يَومَ يَقَرُّ بِهِ الصَبا
لَنا وَعَشِيّاتٌ تَجَلَّت غُيومُها

بِنَعمانَ إِذ أَهلي بِنَعمانَ جيرَةٌ
لَيالِيَ لا تُرضى بِلادٌ نُقيمُها

أَيا جَبَلَي نَعمانَ بِاللَهِ خَلِّيا
نَسيمَ الصَبا يَخلُص إِلَيَّ نَسيمُها

أَجِد بَردَها أَو تَشفِ مِني حَرارَةً
عَلى كَبِدٍ لَم يَبقَ إِلّا صَميمُها

فَإِنَّ الصَبا ريحٌ إِذا ما تَنَسَّمَت
عَلى نَفسِ مَحزونٍ تَجَلَّت هُمومُها

تَذَكَّرتُ مِنها بِالعَشِيّاتِ وَالضُحى
لَذاذَةَ دُنيا قَد تَوَلّى نَعيمُها

أَتَعذِرُ لَيلى ما لِغَيري بِلَومِها
وَلَيلى فِدى نَفسي الَّتي لا أَلومُها

أَيا زينَةَ الدُنيا الَّتي لا يَنالُها
مُنايَ وَلا يَبدو لِقَلبي صَريمُها

بِعَيني قَذاةٌ مِن هَواكِ لَوَ اِنَّها
تُداوي بِمَن تَهوى لَسَحَّ سَقيمُها

وَما صَبَرَت عَن ذِكرِكِ النَفسُ ساعَةً
وَإِن كُنتُ أَحياناً كَثيراً أَلومُها

عَلَيَّ نُذورٌ يَومَ زُرتُكِ خالِياً
لَيالٍ وَأَيامٌ كَثيرٌ أَصومُها

وَإِنّي لَمَجلوبٌ إِلى الشَوقِ كُلَّما
بَدا لِيَ مِن أَعلامِ لَيلى رُسومُها


قيس بن الملوح

الحمدان
06-28-2024, 09:54 PM
أَيا جَبَلَي نَعمانَ بِاللَهِ خَلِّيا
سَبيلَ الصَبا يَخلُص إِلَيَّ نَسيمُها

أَجِد بَردَها أَو تَشفِ مِنّي حَرارَةً
عَلى كَبِدٍ لَم يَبقَ إِلّا صَميمُها

فَإِنَّ الصَبا ريحٌ إِذا ما تَنَسَّمَت
عَلى نَفسِ مَحزونٍ تَجَلَّت هُمومُها

لَيالِيَ أَهلونا بِنَعمانَ جيرَةٌ
وَإِذ نَحنُ نُرضيها بِدارٍ نُقيمُها

وَيا ريحُ مُرّي بِالدِيارِ فَخَبِّري
أَباقِيَةٌ أَم قَد تَعَفَّت رُسومُها

أَلا إِنَّ أَدوائي بِلَيلى قَديمَةٌ
وَأَقتَلُ داءِ العاشِقينَ قَديمُها

تَذَكَّرتُ وَصلَ الناعِجيّاتِ بِالضُحى
وَلَذَّةَ عَيشٍ قَد تَوَلّى نَعيمُها

وَأَنتِ الَّتي هَيَّجتِ عَينِيَ بِالبُكا
فَأَسجَمَ غَرباها فَطالَ سُجومُها

وَقَد قَذِيَت عَيني بِلَيلى وَأَتبَعَت
قَذاها وَقَد يَأتي عَلى العَينِ شومُها

خَليلَيَّ قوما بِالعِصابَةِ فَاِعصِبا
عَلى كَبِدٍ لَم يَبقَ إِلّا رَميمُها


قيس بن الملوح

الحمدان
06-28-2024, 09:54 PM
فَلَو زُرتُ بَيتَ اللَهَ ثُمَّ رَأَيتُها
بِأَبوابِهِ حَيثُ اِستَجارَت حَمامُها

لَمَسَّت ثِيابي إِن قَدِرتُ ثِيابَها
وَلَم يَنهَني عَن مَسِّهِنَّ حَرامُها

وَلَو شَهِدَتني حينَ تَحضُرُ ميتَتي
جَلا سَكَراتِ المَوتِ عَنّي كَلامُها

كَذَلِكَ ما كانَ المُحِبّونَ قَبلَنا
إِذا ماتَ مَوتاها تُزاوَرَ هامُها

فَيا لَيتَنا نَحيا جَميعاً فَإِن نَمُت
تُجاوِرُ في الهَلكى عِظامي عِظامُها

وَفي الظَعنِ بَيضاءُ العَوارِضِ طَفلَةٌ
مُنَعَّمَةٌ يَسبي الحَليمَ اِبتِسامُها

إِذا سُمتُها التَقبيلَ صَدَّت وَأَعرَضَت
صُدودَ شَموسِ الخَيلِ صَلَّ لِجامُها

وَعَضَّت عَلى إِبهامِها ثُمَّ أَومَأَت
أَخافُ عُيوناً أَن تَهُبَّ نِيامُها


قيس بن الملوح

الحمدان
06-28-2024, 09:54 PM
أَلا أَيُّها القَلبُ الَّذي لَجَّ هائِماً
بِلَيلى وَليداً لَم تُقَطَّع تَمائِمُه

أَفِق قَد أَفاقَ العاشِقونَ وَقَد أَنى
لَكَ اليَومَ أَن تَلقى طَبيباً تُلائِمُه

فَما لَكَ مَسلوبُ العَزاءِ كَأَنَّما
تَرى نَأيَ لَيلى مَغرَماً أَنتَ غارِمُه

أَجَدَّكَ لا تُنسيكَ لَيلى مُلِمَّةٌ
تُلِمُّ وَلا عَهدٌ يَطولُ تَقادُمُه


قيس بن الملوح

الحمدان
06-28-2024, 09:54 PM
وَأَنتِ الَّتي كَلَّفتِني دَلَجَ السُرى
وَجونُ القَطا بِالجِلهَتَينِ جُثومُ

وَأَنتِ الَّتي قَطَّعتِ قَلبي حَزازَةً
وَرَقرَقتِ دَمعَ العَينِ فَهيَ سَجُومُ

وَأَنتِ الَّتي أَغضَبتِ قَومي فَكُلُّهُم
بَعيدُ الرِضى داني الصُدودِ كَظيمُ

وَأَنتِ الَّتي أَخلَفتِني ما وَعَدتِني
وَأَشمَتِّ بي مَن كانَ فيكِ يَلومُ

وَأَبرَزتِني لِلناسِ ثُمَّ تَرَكتِني
لَهُم غَرَضاً أُرمى وَأَنتِ سَليمُ

فَلَو أَنَّ قَولاً يَكلِمُ الجِسمَ قَد بَدا
بِجِسمِيَ مِن قَولِ الوُشاةِ كُلومُ


قيس بن الملوح

الحمدان
06-28-2024, 09:55 PM
اِقرَأ عَلى الوَشلِ السَلامَ وَقُل لَهُ
كُلُّ المَشارِبِ مُذ هَجَرتَ ذَميمُ

جَبَلٌ يَزيدُ عَلى الجِبالِ إِذا بَدا
بَينَ الذَرائِعِ وَالحُثومِ مُقيمُ

تَسري الصَبا فَتَبيتُ في أَلوادِهِ
وَيَبيتُ فيهِ مَعَ الشَمالِ نَسيمُ

سُقياً لِظِلِّكِ بِالعَشِيِّ وَبِالضُحى
وَلِبَردِ مائِكَ وَالمِياهُ حَميمُ

لَو كُنتُ أَملِكُ مَنعَ مائِكَ لَم يَذُق
ما في قِلاتِكَ ما حَيِيتُ لَئيمُ


قيس بن الملوح

الحمدان
06-28-2024, 09:55 PM
تَعَشَّقتُ لَيلى وَاِبتُليتُ بِحُبِّها
وَأَصبَحتُ مِنها في القِفارِ أَهيمُ

وَأَصبَحتُ فيها عاشِقاً وَمُوَلَّهاً
مَضى الصَبرُ عَنّي وَالغَرامُ مُقيمُ

فَيا أَبَتي إِن كُنتَ حَقّاً تُريدُني
وَتَرجو حَياتي بَينَكُنَّ أُقيمُ

فَجُد لي بِلَيلى وَاِصطَنِعني بِقُربِها
أَصيرُ لَها زَوجاً وَأَنتَ سَليمُ

لِلَيلى عَلى قَلبي مِنَ الحُبِّ حاجِزٌ
مُقيمٌ وَلَكِنَّ اللِسانُ عَقيمُ

فَواحِدَةٌ تَبكي مِنَ الهَجرِ وَالقِلى
وَأُخرى تُبَكّي شَجوَها وَتُقيمُ

وَتَنهَشُني مِن حُبِّ لَيلى نَواهِشٌ
لَهُنَّ حَريقٌ في الفُؤادِ عَظيمُ

إِلى اللَهِ أَشكو حُبَّ لَيلى كَما شَكا
إِلى اللَهِ فَقدَ الوالِدَينِ يَتيمُ

يَتيمٌ جَفاهُ الأَقرَبونَ فَعَظمُهُ
ضَعيفٌ وَحُبُّ الوالِدَينِ قَديمُ

وَإِنَّ زَماناً فَرَّقَ الدَهرُ بَينَنا
وَبَينَكِ يا لَيلى فَذاكَ ذَميمُ


قيس بن الملوح

الحمدان
06-28-2024, 09:55 PM
لِصَفراءَ في قَلبي مِنَ الحُبِّ شُعبَةٌ
هَوىً لَم تَرُمهُ الغانِياتُ صَميمُ

بِهِ حَلَّ بَيتَ الحَيِّ ثُمَّ اِنثَنى بِهِ
فَزالَت بُيوتُ الحَيِّ وَهوَ مُقيمُ

وَمَن يَتَهيَّض حُبَّهُنَّ فُؤادَهُ
يَمُت وَيَعِش ما عاشَ وَهوَ سَقيمُ

فَحَرّانَ صادٍ ذيدَ عَن بَردِ مَشرَبٍ
وَعَن بَلَلاتِ الماءِ وَهوَ يَحومُ

بَكَت دارُهُم مِن فَقدِهِم وَتَهَلَّلَت
دُموعي فَأَيَّ الجازِعَينِ أَلومُ

أَهَذا الَّذي يَبكي مِنَ الهونِ وَالبَلا
أَم آخَرَ يَبكي شَجوَهُ وَيَهيمُ

إِلى اللَهِ أَشكو حُبَّ لَيلى كَما شَكا
إِلى اللَهِ فَقدَ الوالِدَينِ يَتيمُ

يَتيمٌ جَفاهُ الأَقرَبونَ فَعَظمُهُ
كَسيرٌ وَفَقدُ الوالِدَينِ عَظيمُ

أَفي الحَقِّ هَذا أَنَّ قَلبَكَ فارِغٌ
وَقَلبِيَ مِمّا قَد أُجَنَّ يَهيمُ

إِذا ذُكِرَت لَيلى أَإِنُّ لِذِكرِها
كَما أَنَّ بَينَ العائِداتِ سَقيمُ

عَلَيَّ دِماءُ البُدنِ إِن كانَ حُبُّها
عَلى النَأيِ في طولِ الزَمانِ يَريمُ

دَعوني فَما عَن رَأيِكُم كانَ حُبُّها
وَلَكِنَّهُ حَظٌّ لَها وَقَسيمُ


قيس بن الملوح

الحمدان
06-28-2024, 09:56 PM
أَيا لَيلُ بَكّى لي بِعَينَيكِ رَحمَةً
مِنَ الوَجدِ مِمّا تَعلَمينَ وَأَعلَمُ

أَلَيسَ عَجيباً أَن نَكونَ بِبَلدَةٍ
كِلانا بِها يَشقى وَلا نَتَكَلَّمُ

لَإِن كانَ ما أَلقى مِنَ الحُبِّ أَنَّني
بِهِ كَلِفٌ جَمُّ الصَبابَةِ مُغرَمُ

لَعَلَّكِ أَن تَرثي لِعَبدٍ مُتَيَّمٍ
فَمِثلُكِ يا لَيلى يَرِقُّ وَيَرحَمُ

بَكى لِيَ يا لَيلى الضَميرُ وَإِنَّهُ
لَيَبكي بِما يَلقى الفُؤادُ وَيَعلَمُ


قيس بن الملوح

الحمدان
06-28-2024, 09:56 PM
أَنا الوامِقُ المَشغوفُ وَاللَهُ ناصِري
وَمُنتَقِمي مِمَّن يَجورُ وَيَظلِمُ

أَنا الناحِلُ المَهمومُ وَالقائِمُ الَّذي
أُراعي الثُرَيّا وَالخَلِيّونَ نُوَّمُ

أَظَلُّ بِحُزنٍ دائِمٍ وَتَحَسُّرٍ
وَأَشرَبُ كَأساً فيهِ سُمٌّ وَعَلقَمُ

فَحَتّامَ يا لَيلى فُؤادي مُعَذَّبٌ
بِروحِيَ تَقضي ما تُحِبُّ وَتَحكُمُ

لَعَمرِيَ ما لاقى جَميلُ بنُ مَعمَرٍ
كَوَجدي بِلَيلى لا وَلَم يَلقَ مُسلِمُ

وَلَم يَلقَ قابوسٌ وَقَيسٌ وَعُروَةٌ
وَلَم يَلقَهُ قَبلي فَصيحٌ وَأَعجَمُ

صَبا يوسُفٌ وَاِستَشعَرَ الحُبَّ قَلبُهُ
وَلا كادَ داوُودٌ مِنَ الحُبِّ يَسلَمُ

وَبِشرٌ وَهِندٌ ثُمَّ سَعدٌ وَوامِقٌ
وَتَوبَةُ أَضناهُ الهَوى المُتَقَسِّمُ

وَهاروتُ لاقى مِن جَوى الحُبِّ سَطوَةً
وَماروتُ فاجَأهُ البَلاءُ المُصَمِّمُ

وَلَم يَخلُ مِنهُ المُصطَفى سَيِّدُ الوَرى
أَبو القاسِمِ الزاكي النَبيُّ المُكَرَّمُ

أَبيتَ صَريعَ الحُبِّ أَبكي مِنَ الهَوى
وَدَمعي عَلى خَدّي يَفيضُ وَيَسجُمُ

وَلَولا طُروقُ اللَيلِ أَودَت بِنَفسِهِ
مُنَعَّمَةُ اللَحظَينِ تَبري وَتُسقِمُ

إِذا هِيَ زادَت في النَوى زادَ في الهَوى
فَلا قَلبُهُ يَسلو وَلا هِيَ تَرحَمُ

أَعارَتهُ أَنفاسُ الصَبا بِكِ صَبوَةً
لَها بَينَ جَنبَيهِ سَعيرٌ مُضَرَّمُ

أَلا إِنَّ دَمعَ الصَبِّ عَمّا يُجِنُّهُ
وَإِن لَم يَفُه يَوماً بِهِ مُتَكَلِّمُ

لِساني عَيِيٌّ في الهَوى وَهوَ ناطِقٌ
وَدَمعي فَصيحٌ في الهَوى وَهوَ أَعجَمُ

وَكَيفَ يُطيقُ الصَبُّ كِتمانَ سِرِّهِ
وَهَل يَكتُمُ الوَجدَ اِمرُؤٌ وَهوَ مُغرَمُ

عَذيرَيَ مِن طَيفٍ أَتى بَعدَ مَوهِنٍ
بَرامَةِ حَزوى عَرفُهُ يَتَقَدَّمُ

تَنَفُّسَ رَوضٍ جادَهُ ماءُ مُزنَةٍ
وَأَطرافُهُ تَبكي النَدى ثُمَّ تَبسِمُ


قيس بن الملوح

الحمدان
06-28-2024, 09:57 PM
لَقَد هَتَفَت في جُنحِ لَيلٍ حَمامَةٌ
عَلى فَنَنٍ وَهناً وَإِنّي لَنائِمُ

فَقُلتُ اِعتِذاراً عِندَ ذاكَ وَإِنَّني
لِنَفسِيَ فيما قَد أَتَيتُ لَلائِمُ

أَأَزعُمُ أَنّي عاشِقٌ ذو صَبابَةٍ
بِلَيلى وَلا أَبكي وَتَبكي البَهائِمُ

كَذَبتُ وَبَيتِ اللَهِ لَو كُنتُ عاشِقاً
لَما سَبَقَتني بِالبُكاءِ الحَمائِمُ


قيس بن الملوح

الحمدان
06-28-2024, 09:57 PM
وَإِنّي وَإِن لَم آتِ لَيلى وَأَهلَها
لَباكٍ بُكا طِفلٍ عَلَيهِ التَمائِمُ

بُكاً لَيسَ بِالنَزرِ القَليلُ وَدائِمٌ
كَما الهَجرُ مِن لَيلى عَلى الدَهرِ دائِمُ

هَجَرتُكِ أَيّاماً بِذي الغَمرِ إِنَّني
عَلى هَجرِ أَيّامٍ بِذي الغَمرِ نادِمُ

فَلَمّا مَضَت أَيّامُ ذي الغَمرِ وَاِرتَمى
بِيَ الهَجرُ لامَتني عَلَيكِ اللَوائِمُ

وَإِنّي وَذاكَ الهَجرَ ما تَعلَمينَهُ
كَعازِبَةٍ عَن طِفلِها وَهيَ رائِمُ

أَلَم تَعلَمي أَنّي أَهيمُ بِذِكرِها
عَلى حينِ لا يَبقى عَلى الوَصلِ هائِمُ

أَظَلُّ أُمَنّي النَفسَ إِيّاكِ خالِياً
كَما يَتَمَنّى بارِدَ الماءِ صائِمُ


قيس بن الملوح

الحمدان
06-28-2024, 09:57 PM
إِنَّ الَّتي زَعَمَت فُؤادَكَ مَلها
خُلِقَت هَواكَ كَما خُلِقتَ هَوىً لَها

فَإِذا وَجَدتُ لَها وَساوِسَ سَلوَةٍ
شَفَعَ الضَميرُ إِلى الفُؤادِ فَسَلَّها

بَيضاءُ باكَرَها النَعيمُ فَصاغَها
بِلَباقَةٍ فَأَدَقَّها وَأَجَلَّها

إِنّي لَأَكتُمُ في الحَشا مِن حُبِّها
وَجداً لَوَ اَصبَحَ فَوقَها لَأَظَلَّها

وَيَبيتُ تَحتَ جَوانِحي حُبٌّ لَها
لَو كانَ تَحتَ فِراشِها لَأَقَلَّها

ضَنَّت بِنائِلِها فَقُلتُ لِصاحِبي
ما كانَ أَكثَرَها لَنا وَأَقَلَّها


قيس بن الملوح

الحمدان
06-28-2024, 09:58 PM
لَيالِيَ أَصبو بِالعَشِيِّ وَبِالضُحى
إِلى خُرَّدٍ لَيسَت بِسودٍ وَلا عُصلِ

مُنَعَّمَةِ الأَطرافِ هَيفٍ بُطونُها
كَواعِبَ تَمشي مَشيَةَ الخَيلِ في الوَحلِ

وَأَعناقُها أَعناقُ غِزلانِ رَملَةٍ
وَأَعيُنُها مِن أَعيُنِ البَقَرِ النُجلِ

وَأَثلاثُها السُفلى بُرادِيُّ ساحِلٍ
وَأَثلاثُها الوُسطى كَثيبٌ مِنَ الرَملِ

وَأَثلاثُها العُليا كَأَنَّ فُروعَها
عَناقيدُ تُغذى بِالدِهانِ وَبِالغِسلِ

وَتَرمي فَتَصطادُ القُلوبَ عُيونُها
وَأَطرافَها ما تُحسِنُ الرَميَ بِالنَبلِ

زَرَعنَ الهَوى في القَلبِ ثُمَّ سَقَينَهُ
صُباباتِ ماءِ الشَوقِ بِالأَعيُنِ النُجلِ

رَعابيبُ أَقصَدنَ القُلوبَ وَإِنَّما
هِيَ النَبلُ ريشَت بِالفُتورِ وَبِالكُحلِ

فَفيمَ دِماءُ العاشِقينَ مُطِلَّةٌ
بِلا قَوَدٍ عِندَ الحِسانِ وَلا عَقلِ

وَيَقتُلنَ أَبناءَ الصَبابَةِ عَنوَةً
أَما في الهَوى يا رَبِّ مِن حَكَمٍ عَدلِ


قيس بن الملوح

الحمدان
06-28-2024, 09:58 PM
أَأَعقَرَ مَن جَرّا كَريمَةَ ناقَتي
وَوَصلِيَ مَفروشٌ لِوَصلِ مُنازِلِ

إِذا جاءَ قَعقَعنَ الحُلِيَّ وَلَم أَكُن
إِذا جِئتُ أَرضي صَوتَ تِلكَ الخَلاخِلِ

وَلَم تُغنِ سيجانُ العِراقَينِ نَقرَةً
وَرُقشُ القَلَنسى بِالرِجالِ الأَطاوِلِ

وَلَم تُغنِ عَنّي بُردَتي وَتَجَمُّلي
وَقَومي وَنَسلي مِن كِرامٍ أَفاضِلِ

مَتى ما اِنتَضَلنا بِالسِهامِ نَضَلتُهُ
وَإِن نَرمِ رَشقاً عِندَها فَهوَ ناضِلي

وَإِنِّيَ مِن إِعراضِها مُتَأَلِّمٌ
قَليلُ العَزا وَالصَدُّ لا شَكَّ قاتِلي


قيس بن الملوح

الحمدان
06-28-2024, 09:58 PM
أَلا إِنَّ لَيلى العامِريَّةَ أَصبَحَت
تَقَطَّعُ إِلّا مِن ثَقيفٍ حِبالُها

إِذا اِلتَفَتَت وَالعيسُ صُعرٌ مِنَ البُرى
بِنَخلَةَ غَشَّ عَبرَةَ العَينِ حالُها

فَهُم حَبَسوها مَحبَسَ البُدنِ وَاِبتَغى
بِها المالَ أَقوامٌ أَلا قَلَّ مالُها

خَليلَيَّ هَل مِن حيلَةٍ تَعلَمانِها
يُدَنّي لَنا تَكليمَ لَيلى اِحتِيالُها

فَإِن أَنتُما لَم تَعلَماها فَلَستُما
بِأَوَّلَ باغٍ حاجَةً لا يَنالُها

كَأَنَّ مَعَ الرَكبِ الَّذينَ اِغتَدوا بِها
غَمامَةُ صَيفٍ زَعزَعَتها شَمالُها

نَظَرتُ بِمُفضى سَيلِ جَوشَينِ إِذ غَدوا
تَخُبُّ بِأَطرافِ المَخارِمِ آلُها

بِشافِيَةِ الأَحزانِ حَيَّجَ شَوقَها
مُجامَعَةُ الأُلّافِ ثُمَّ زِيالُها


قيس بن الملوح

الحمدان
06-28-2024, 09:58 PM
أَقولُ لِمُفتٍ ذاتَ يَومٍ لَقيتُهُ
بِمَكَّةَ وَالأَنضاءُ مُلقىً رِحالُها

بِرَبِّكَ أَخبِرني أَلَم تَأثَمِ الَّتي
أَضَرَّ بِجِسمي مِن زَمانٍ خَيالُها

فَقالَ بَلى وَاللَهِ سَوفَ يَمَسُّها
عَذابٌ وَبَلوى في الحَياةِ تَنالُها

فَقُلتُ وَلَم أَملِك سَوابِقَ عَبرَةٍ
سَريعٍ إِلى جَيبِ القَميصِ اِنهِمالُها

عَفا اللَهُ عَنها ذَنبَها وَأَقالَها
وَإِن كانَ في الدُنيا قَليلاً نَوالُها


قيس بن الملوح

الحمدان
06-28-2024, 09:59 PM
وَإِنّي لَأَرضى مِنكِ يا لَيُ بِالَّذي
لَوَ اَيقَنَهُ الواشي لَقَرَّت بَلابِلُه

بِلا وَبِأَن لا أَستَطيعُ وَبِالمُنى
وَبِالوَعدِ حَتّى يَسأَمَ الوَعدُ آمِلُه

بِالنَظرَةِ العَجلى وَبِالحَولِ يَنقَضي
أَواخِرُهُ لا نَلتَقي وَأَوائِلُه


قيس بن الملوح

الحمدان
06-28-2024, 09:59 PM
إِنّي لَأَجلِسُ في النادي أُحَدِّثُهُم
فَأَستَفيقُ وَقَد غالَتنِيَ الغولُ

يُهوي بِقَلبي حَديثُ النَفسِ نَحوَكُمُ
حَتّى يَقولُ جَليسي أَنتَ مَخبولُ

قالوا شَبيهَكَ لا يَخفى عَلى أَحَدٍ
لَيلى الجَمالِ رِضاها القَصدُ وَالسولُ

لَيلى هِيَ البَدرُ ما لي قَطُّ مُصطَبَرٌ
عَنها وَإِن كَثُرَت فيها الأَقاويلُ


قيس بن الملوح

الحمدان
06-28-2024, 09:59 PM
أَحُبّاً عَلى حُبٍّ وَأَنتِ بَخيلَةٌ
وَقَد زَعَموا أَن لا يُحِبُّ بَخيلُ

بَلى وَالَّذي حَجَّ المُلَبّونُ بَيتَهُ
وَيَشفى الجَوى بِالنَيلِ وَهوَ قَليلُ

وَإِنَّ بِنا لَو تَعلَمينَ لُغَلَّةٍ
إِلَيكَ كَما بِالحائِماتِ غَليلُ


قيس بن الملوح

الحمدان
06-28-2024, 10:00 PM
فَما وَجدُ مَغلوبٍ بِصَنعاءَ موثَقٍ
لِساقَيهِ مِن ثِقلِ الحَديدِ كُهولُ

قَليلُ المَوالي مُستَهامٌ مُرَوَّعٌ
لَهُ بَعدَ نَوماتِ العِشاءِ عَويلُ

يَقولُ لَهُ الحَدّادُ أَنتَ مُعَذَبٌ
غَداةَ غَدٍ أَو مُسلِمٌ فَقَتيلُ

بِأَعظَمَ مِنّي رَوعَةً يَومَ راعَني
فِراقُ حَبيبٍ ما إِلَيهِ سَبيلُ


قيس بن الملوح

الحمدان
06-28-2024, 10:00 PM
أَلا هَل إِلى شَمِّ الخُزامى وَنَظرَةٍ
إِلى قَرقَري قَبلَ المَماتِ سَبيلُ

فَأَشرَبَ مِن ماءِ الحُجَيلاءِ شَربَةٍ
يُداوي بِها قَبلَ المَماتِ عَليلُ

فَيا أَثَلاتِ القاعِ قَد مَلَّ صُحبَتي
مَسيري فَهَل في ظِلِّكُنَّ مَقيلُ

وَيا أَثَلاتِ القاعِ ظاهِرُ ما بَدا
بِجِسمي عَلى ما في الفُؤادِ دَليلُ

وَيا أَثَلاتِ القاعِ مِن بَينِ توضِحٍ
حَنيني إِلى أَفيائِكُنَّ طَويلُ

وَيا أَثَلاتِ القاعِ قَلبي مُوَكَّلٌ
بِكُنَّ وَجَدوى خَيرِكُنَّ قَليلُ

أَرومُ اِنحِداراً نَحوَها فَيَرُدُّني
وَيَمنَعُني دَينٌ عَلَيَّ ثَقيلُ

أُحَدِّثُ عَنكِ النَفسَ إِذ لَستُ راجِعاً
إِلَيكَ فَحُزني في الفُؤادِ دَخيلُ


قيس بن الملوح

الحمدان
06-28-2024, 10:00 PM
واخَجلَتي مِن وُقوفي وَسطَ دارِكُمُ
وَقولِ واشيكُمُ مَن أَنتَ يا رَجُلُ

فَقُلتُ حَيرانُ قَد ضَلَّ الطَريقُ بِهِ
فَأَرشِدوني فَلي في حَيِّكُم شُغُلُ

فَقالَ لي مُر راجِعاً لَيسَ الطَريقُ كَذا
كَيفَ اِحتِيالي وَقَد ضاقَت بِيَ الحِيَلُ


قيس بن الملوح

الحمدان
06-28-2024, 10:00 PM
أَلا أَيُّها القَلبُ اللَجوجُ المُعَذَّلُ
أَفِق عَن طِلابِ البيضِ إِن كُنتَ تَعقِلُ

أَفِق قَد أَفاقَ الوامِقونَ وَإِنَّما
تَماديكَ في لَيلى ضَلالٌ مُضَلِّلُ

سَلا كُلُّ ذي وُدٍّ عَنِ الحُبِّ وَاِرعَوى
وَأَنتَ بِلَيلى مُستَهامٌ مُوَكَّلُ

فَقالَ فُؤادي ما اِجتَرَرتُ مَلامَةَ
إِلَيكَ وَلَكِن أَنتَ بِاللَومِ تَعجَلُ

فَعَينَكَ لُمها إِنَّ عَينَكَ حَمَّلَت
فُؤادَكَ ما يَعيا بِهِ المُتَحَمِّلُ

لَحا اللَهُ مَن باعَ الخَليلَ بِغَيرِهِ
فَقُلتُ نَعَم حاشاكَ إِن كُنتَ تَفعَلُ

وَقُلتُ لَها بِاللَهِ يا لَيلَ إِنَّني
أَبَرُّ وَأَوفى بِالعُهودُ وَأَوصَلُ

هَبي أَنَّني أَذنَبتُ ذَنباً عَلِمتِهِ
وَلا ذَنبَ لي يا لَيلَ فَالصَفحُ أَجمَلُ

فَإِن شِئتِ هاتي نازِعيني خُصومَةً
وَإِن شِئتِ قَتلاً إِنَّ حُكمَكِ أَعدَلُ

نَهاري نَهارٌ طالَ حَتّى مَلِلتُهُ
وَلَيلي إِذا ما جَنَّني اللَيلُ أَطوَلُ

وَكُنتِ كَزِئبِ السَوءِ إِذ قالَ مَرَّةً
لِبَهمٍ رَعَت وَالذِئبُ غَرثانُ مُرمِلُ

أَلَستِ الَّتي مِن غَيرِ شَيءٍ شَتَمتِني
فَقالَت مَتى ذا قالَ ذا عامُ أَوَّلُ

فَقالَت وُلِدتُ العامَ بَل رُمتَ كِذبَةً
فَهاكَ فَكُلني لا يُهَنّيكَ مَأكَلُ

وَكُنتِ كَذَبّاحِ العَصافيرِ دائِباً
وَعَيناهُ مِن وَجدٍ عَلَيهِنَّ تَهمَلُ

فَلا تَنظُري لَيلى إِلى العَينِ وَاِنظُري
إِلى الكَفِّ ماذا بِالعَصافيرِ تَفعَلُ


قيس بن الملوح

الحمدان
06-28-2024, 10:01 PM
أَظُنُّ هَواها تارِكي بِمَضَلَّةٍ
مِنَ الأَرضِ لا مالٌ لَدَيَّ وَلا أَهلُ

وَلا أَحَدٌ أُفضي إِلَيهِ وَصيَّتي
وَلا صاحِبٌ إِلّا المَطيَّةُ وَالرَحلُ

مَحا حُبُّها حُبَّ الأُلى كُنَّ قَبلَها
وَحَلَّت مَكاناً لَم يَكُن حُلَّ مِن قَبلُ

فَحُبّي لَها حُبٌّ تَمَكَّنَ في الحَشا
فَما إِن أَرى حُبّاً يَكونُ لَهُ مِثلُ


قيس بن الملوح

الحمدان
06-28-2024, 10:01 PM
أَمُزمِعَةٌ لِلبَينِ لَيلى وَلَم تَمُت
كَأَنَّكَ عَمّا قَد أَظَلَّكَ غافِلُ

سَتَعلَمُ إِن شَطَّت بِهِم غُربَةُ النَوى
وَزالوا بِلَيلى أَنَّ لُبَّكِ زائِلُ

وَأَنَّكَ مَمنوعُ التَصَبُّرِ وَالعَزا
إِذا بَعُدَت مِمَن تُحِبُّ المَنازِلُ


قيس بن الملوح

الحمدان
06-28-2024, 10:01 PM
أَقولُ لِظَبيٍ مَرَّ بي وَهوَ رائِعُ
أَأَنتَ أَخو لَيلى فَقالَ يُقالُ

أَيا شِبهَ لَيلى إِنَّ لَيلى مَريضَةٌ
وَأَنتَ صَحيحٌ إِنَّ ذا لَمُحالُ

فَإِلّا تَكُن لَيلى غَزالاً بِعَينِهِ
فَقَد أَشبَهَتها ظَبيَةٌ وَغَزالُ


قيس بن الملوح

الحمدان
06-28-2024, 10:02 PM
أَقولُ وَقَد صاحَ اِبنُ دَأيَةَ غُدوَةً
بِبُعدِ النَوى لا أَخطَأَتكَ الشَبائِكُ

أَفي كُلِّ يَومٍ رائِعي أَنتَ رَوعَةً
بِبَينونَةِ الأَحبابِ إِلفُكَ فارِكُ

وَلا بِضتَ في خَضراءَ ما عِشتَ بَيضَةً
وَضاقَت بِرَحبَيها عَلَيكَ المَسالِكُ

وَفارَقتَ أُمَّ الأَفرُخِ السوءِ عَن قِلىً
وَناحَت عَلى اِبنَيكَ الضَروسُ المُماحِكُ

وَأَصبَحتَ مِن بَينِ الأَحِبَّةِ هالِكاً
كَما أَنا مِن بَينِ الأَحِبَّةِ هالِكُ


قيس بن الملوح

الحمدان
06-28-2024, 10:02 PM
إِنَّ الغَوانِيَ قَتَّلَت عُشّاقَها
يا لَيتَ مَن جَهَلَ الصَبابَةَ ذاقَها

في صُدغِهِنَّ عَقارِبٌ يَلسَعنَنا
ما مَن لَسَعنَ بِواجِدٍ تِرياقِها

إِنَّ الشِفاءَ عِناقُ كُلِّ خَريدَةٍ
كَالخَيزُرانَةِ لا نَمَلُّ عِناقَها

بيضٌ تُشَبَّهُ بِالحِقاقِ ثُديُّها
مِن عاجَةٍ حَكَتِ الثُديُّ حِقاقَها

يُدمي الحَريرُ جُلودَهُنَّ وَإِنَّما
يُكسَينَ مِن حُلَلِ الحَريرِ رِقاقَها

زانَت رَوادِفَها دِقاقُ خُصورِها
إِنّي أُحِبُّ مِنَ الخُصورِ دِقاقَها

إِنَّ الَّتي طَرَقَ الرِجالَ خَيالُها
ما كُنتُ زائِرَها وَلا طَرّاقَها


قيس بن الملوح

الحمدان
06-28-2024, 10:02 PM
وَعارٍ مِنَ الأَرياشِ كاسٍ مِنَ الهَوى
مِنَ المالِ مُعدامٍ لَئيمِ الخَلائِقِ

تُرى هَل أَتى لَيلى بِعَزمَةِ صادِقٍ
كَما هاجَ بي مِن نَوفَلِ بنِ مُساحِقِ

إِذا جِئتَهُ في الناسِ مِنهُ عَلى الرَجا
أَلَمَّ بِقَلبٍ مُستَطارِ الخَوافِقِ

أَمِن أَجلِ هَذا الحُبِّ صِرتَ كَما أَرى
فَقُلتُ نَعَم وَالحُبُّ مُرُّ المَذائِقِ

سَأُفضي إِلى سُبلِ الهَلاكِ وَإِنَّني
لَمُحتَسِبٌ راضٍ مَشيئَةَ خالِقي

وَجادَ بِوَعدٍ خالَطَ الشَهدُ طَعمَهُ
وَأَلقى عَلَيهِ موبِقاتِ البَرائِقِ

وَقالوا وَأَيمِ اللَهِ لا صارَ بَينَنا
إِلى أَن تُزيلَ البيضُ شُعثَ المَفارِقِ

وَقالوا دَمُ المَجنونِ في الحَيِّ مُهدَرٌ
وَقالوا اِضرُبوا وَالقَولُ غَيرُ مُوافِقِ

أَبى اللَهُ أَرجو القُربَ إِلّا تَطايَرَت
بِتَفريقِنا بِالبَينِ سِربٌ نَواعِقُ

وَلا أَرتَجي يَوماً مِنَ الدَهرِ راحَةً
أُسَرُّ بِها إِلا رُميتُ بِعائِقِ

وَلَمّا بَلَغنا الحَيَّ وَالجِسمُ ناحِلٌ
وَقَلبِيَ مَوجوعٌ كَثيرُ الخَوافِقِ

فَوَ اللَهِ ما أَدري لَقَلبي مُخَصَّصٌ
بِهَذا فَأَلقاهُ بِتَسليمِ صادِقِ

أَما الحُبُّ فَعّالٌ بِغَيري كَما أَرى
فَقَلبِيَ مِنها خَصَّهُ بِالبَوائِقِ

حَلَفتُ بِعَهدِ اللَهَ يا أُمَّ مالِكٍ
لِأَنَّكِ مِن قَلبي مَكانَ عَلائِقي

وَأَكثَرُ شَيءٍ نِلتُهُ مِن نَوالِها
أَمانيُّ لَم تَعلَق كَبَرقَةِ بارِقِ

فَلِلَّهِ قَلبٌ في الهَوى ذو صَبابَةٍ
وَلِلَّهِ قَلبٌ مِن مَشوقٍ وَشائِقِ

وَإِنّي لَأَهوى قُربَ لَيلى وَذِكرَها
هَوى صادِقٍ في الحُبِّ غَيرِ مُنافِقِ

سَأَصبِرُ لِلمَقدورِ يا أُمَّ مالِكٍ
وَأَعلَمُ أَنَّ الصَبرَ مُرُّ المَذائِقِ


قيس بن الملوح

الحمدان
06-28-2024, 10:03 PM
فَيا لَيتَ لَيلى وَافَقَت كُلَّ حَجَّةٍ
قَضاءً عَلى لَيلى وَأَنّي رَفيقُها

فَتَجمَعَنا مِن نَخلَتَينِ ثَنِيَّةٌ
يَغَصُّ بِأَعضادِ المَطِيِّ طَريقُها

فَأَلقاكِ عِندَ الرُكنِ أَو جانِبَ الصَفا
وَيَشغَلَ عَنّا أَهلَ مَكَّةَ سوقُها

فَأُنشِدُها أَن تَجزِيَ الهَونَ وَالهَوى
وَتَمنَحَ نَفساً طالَ مَطلاً حُقوقُها



قيس بن الملوح

الحمدان
06-28-2024, 10:03 PM
لَقَد طَرَقَتني أُمُّ خِشفٍ وَإِنَّها
إِذا صَرَعَ القَومَ الكَرى لَطَروقُ

أَقامَ فَريقٌ مِن أُناسٍ بِوُدِّهِم
بِذاتِ الشَرى عِندي وَباتَ فَريقُ

بِحاجَةِ مَحزونٍ كَئيبٍ فُؤادُهُ
رَهينٌ بِبَيضاتِ الحِجالِ صَديقُ

تَخَيَّلنَ أَن هَبَّت لَهُنَّ عَشيَّةٌ
جَنوبٌ وَأَن لاحَت لَهُنَّ بُروقُ

فَيا كَبِداً أَخشى عَلَيها وَإِنَّها
مَخافَةَ هَضباتِ اللِوى لَخَفوقُ

كَأَنَّ فُضولَ الرَقمِ حينَ جَعَلنَها
غَريّاً عَلى أُدمِ الجِمالِ عُذوقُ

وَفيهِنَّ مِن نُجلِ النِساءِ نَجيبَةٌ
تَكادُ عَلى غُرِّ السَحابِ تَروقُ

هِجانٌ فَأَمّا الضَعصُ مِن أُخرَياتِها
فَوَعثٌ وَأَمّا خَصرُها فَدَقيقُ


قيس بن الملوح

الحمدان
06-28-2024, 10:03 PM
أَلا إِنَّ لَيلى بِالعِراقِ مَريضَةٌ
وَأَنتَ خَليُّ البالِ تَلهو وَتَرقُدُ

فَلَو كُنتَ يا مَجنونُ تَضنى مِنَ الهَوى
لَبِتَّ كَما باتَ السَليمُ المُسَهَّدُ

يَقولونَ لَيلى بِالعِراقِ مَريضَةٌ
فَما لَكَ لا تَضنى وَأَنتَ صَديقُ

شَفى اللَهُ مَرضى بِالعِراقِ فَإِنَّني
عَلى كُلِّ مَرضى بِالعِراقِ شَفيقُ

فَإِن تَكُ لَيلى بِالعِراقِ مَريضَةً
فَإِنِّيَ في بَحرِ الحُتوفِ غَريقُ

أَهيمُ بِأَقطارِ البِلادِ وَعَرضِها
وَمالي إِلى لَيلى الغَداةَ طَريقُ

كَأَنَّ فُؤادي فيهِ مورٍ بِقادِحٍ
وَفيهِ لَهيبٌ ساطِعٌ وَبُروقُ

إِذا ذَكَرَتها النَفسُ ماتَت صَبابَةً
لَها زَفرَةٌ قَتّالَةٌ وَشَهيقُ

سَقَتنِيَ شَمسٌ يُخجِلُ البَدرَ نورُها
وَيَكسِفُ ضَوءَ البَرقِ وَهوَ بَروقُ

غُرابيَّةُ الفِرعَينِ بَدرِيَّةُ السَنا
وَمَنظَرُها بادي الجَمالِ أَنيقُ

وَقَد صِرتُ مَجنوناً مِنَ الحُبِّ هائِماً
كَأَنِّيَ عانٍ في القُيودِ وَثيقُ

أَظَلُّ رَزيحَ العَقلِ ما أُطعَمُ الكَرى
وَلِلقَلبِ مِنّي أَنَّةٌ وَخُفوقُ

بَرى حُبُّها جِسمي وَقَلبي وَمُهجَتي
فَلَم يَبقَ إِلّا أَعظُمٌ وَعُروقُ

فَلا تَعذِلوني إِن هَلَكتُ تَرَحَّموا
عَلَيَّ فَفَقدُ الروحِ لَيسَ يَعوقُ

وَخُطّوا عَلى قَبري إِذا مِتُّ وَاِكتُبوا
قَتيلُ لِحاظٍ ماتَ وَهوَ عَشيقُ

إِلى اللَهِ أَشكو ما أُلاقي مِنَ الهَوى
بِلَيلى فَفي قَلبي جَوىً وَحَريقُ


قيس بن الملوح

الحمدان
06-28-2024, 10:04 PM
أَيا شِبهَ لَيلى لا تُراعي فَإِنَّني
لَكِ اليَومَ مِن بَينِ الوُحوشِ صَديقُ

وَيا شِبهَ لَيلى أَقصِرِ الخِطوَ إِنَّني
بِقُربِكِ إِن ساعَفتِني لَخَليقُ

وَيا شِبهَ لَيلى رُدَّ قَلبي فَإِنَّهُ
لَهُ خَفَقانٌ دائِمٌ وَبُروقُ

وَيا شِبهَها أَذكَرتَ مَن لَيسَ ناسِياً
وَأَشعَلتَ نيراناً لَهُنَّ حَريقُ

وَيا شِبهَ لَيلى لَو تَلَبَّثتَ ساعَةً
لَعَلَّ فُؤادي مِن جَواهُ يُفيقُ

وَيا شِبهَ لَيلى لَن تَزالَ بِرَوضَةٍ
عَلَيكَ سَحابٌ دائِمٌ وَبُروقُ

فَما أَنا إِذ أَشبَهتُها ثُمَّ لَم تَؤُب
سَليماً عَلَيها في الحَياةِ شَفيقُ

عُتِقتِ فَأَدّي شِكرَ لَيلى بِنِعمَةٍ
فَأَنتِ لِلَيلى إِن شَكَرتِ طَليقُ

فَعَيناكِ عَيناها وَجيدُكِ جيدُها
سِوى أَنَّ عَظمَ الساقِ مِنكِ دَقيقُ

وَكادَت بِلادُ اللَهِ يا أُمَّ مالِكٍ
بِما رَحُبَت مِنكُم عَلَيَّ تَضيقُ

يُذَكِّرُني لِلوَصلِ أَيّامَنا الأُلى
مَرَرنَ عَلَينا وَالزَمانُ وَريقُ

أَرُدُّ سَواءَ الطَرفِ عَنكِ وَما لَهُ
عَلى أَحَدٍ إِلّا عَلَيكِ طَريقُ

عَسى إِن حَجَجنا أَن نَرى أُمَّ مالِكٍ
وَيَجمَعَنا بِالنَخلَتَينِ مَضيقُ

تَتوقُ إِلَيكِ النَفسُ ثُمَّ أَرُدُّها
حَياءً وَمِثلي بِالحَياءِ حَقيقُ

وَلَو تَعلَمينَ الغَيبَ أَيقَنتِ أَنَّني
وَرَبِّ الهَدايا المُشعِراتِ صَديقُ

سَلي هَل قَلاني مِن عَشيرٍ صَحِبتُهُ
وَهَل ذَمَّ رَحلي في الرِفاقِ رَفيقُ


قيس بن الملوح

الحمدان
06-28-2024, 10:04 PM
وَما الناسُ إِلّا العاشِقونَ ذَوُو الهَوى
وَلا خَيرَ فيمَن لا يُحِبُّ وَيَعشَقُ

إِذا لُمتُها قالَت وَعَيشِكَ إِنَّنا
حِراصٌ عَلى اللُقيا وَلا نَتَفَرَّقُ

فَإِن كُنتَ مُشتاقاً فَسِر نَحوَ بابِنا
فَنَحنُ إِلى ما كانَ مِن ذاكَ أَشوَقُ


قيس بن الملوح

الحمدان
06-28-2024, 10:04 PM
أَإِن سَجَعَت في بَطنِ وادٍ حَمامَةٌ
تُجاوِبُ أُخرى دَمعُ عَينِكَ دافِقُ

كَأَنَّكَ لَم تَسمَع بَكاءَ حَمامَةٍ
بِلَيلٍ وَلَم يَحزُنكَ إِلفٌ مَفارِقُ

وَلَم تَرَ مَفجوعاً بِشَيءٍ يُحِبُّهُ
سِواكَ وَلَم يَعشَق كَعِشقِكَ عاشِقُ

بَلى وَأَفِق عَن ذِكرِ لَيلى فَإِنَّما
أَخو الحُبِّ مَن ذاقَ الهَوى وَهوَ تائِقُ


قيس بن الملوح

الحمدان
06-28-2024, 10:05 PM
لَعَمرُكَ إِنَّ البَيتَ بِالقِبَلِ الَّذي
مَرَرتُ وَلَم أُلمِم عَلَيهِ لَشائِقُ

وَبِالجَزعِ مِن أَعلى الجُنَينَةِ مَنزِلٌ
شَجا حَزَناً صَدري بِهِ مُتَضايِقُ

كَأَنّي إِذا لَم أَلقَ لَيلى مُعَلَّقٌ
بِسِبَّينِ أَهفو بَينَ سَهلٍ وَحالِقُ

عَلى أَنَّني لَو شِئتُ هاجَت صَبابَتي
عَلَيَّ رُسومٌ عَيَّ فيها التَناطُقُ

لَعَمرُكِ إِنَّ الحُبَّ يا أُمَّ مالِكٍ
بِقَلبي يَراني اللَهُ مِنهُ لَلاصِقُ

يَضُمُّ عَلَيَّ اللَيلُ أَطرافَ حُبِّكُم
كَما ضَمَّ أَطرافَ القَميصِ البَنائِقُ

وَماذا عَسى الواشونَ أَن يَتَحَدَّثوا
سِوى أَن يَقولوا إِنَّني لَكِ عاشِقُ

نَعَم صَدَقَ الواشونَ أَنتِ حَبيبَةٌ
إِلَيَّ وَإِن لَم تَصفُ مِنكِ الخَلائِقُ

أَمُستَقبِلي نَفحُ الصِبا ثُمَّ شائِقي
بِبَردِ ثَنايا أُمَّ حَسّانِ شائِقُ

كَأَنَّ عَلى أَنيابِها الخَمرَ شَجَّها
بِماءِ سَحابٍ آخِرَ اللَيلِ غابِقُ

وَما ذِقتُهُ إِلّا بِعَيني تَفَرُّساً
كَما شيمَ في أَعلى السَحابَةِ بارِقُ


قيس بن الملوح

الحمدان
06-28-2024, 10:05 PM
قَمَرٌ نَمَّ عَلَيهِ نورُهُ
كَيفَ يُخفي اللَيلُ بَدراً طَلَعا

رَصَدَ الخَلوَةَ حَتّى أَمكَنَت
وَرَعى الساهِرَ حَتّى هَجَعا

رَكِبَ الأَخطارَ في زَورَتِهِ
ثُمَّ ما سَلَّمَ حَتّى وَدَّعا


قيس بن الملوح

الحمدان
06-28-2024, 10:05 PM
ما بالُ قَلبِكَ يا مَجنونُ قَد خُلِعا
في حُبِ مَن لا تَرى في نَيلِهِ طَمَعا

الحُبُّ وَالوُدُّ نِيطا بِالفُؤادِ لَها
فَأَصبَحا في فُؤادي ثابِتَينِ مَعا

طوبى لِمَن أَنتِ في الدُنيا قَرينَتُهُ
لَقَد نَفى اللَهُ عَنهُ الهَمَّ وَالجَزَعا

بَل ما قَرَأتُ كِتاباً مِنكِ يَبلُغُني
إِلّا تَرَقرَقَ ماءُ العَينِ أَو دَمَعا

أَدعو إِلى هَجرِها قَلبي فَيَتبَعُني
حَتّى إِذا قُلتُ هَذا صادِقٌ نَزَعا

لا أَستَطيعُ نُزوعاً عَن مَوَدَّتِها
وَيَصنَعُ الحُبُّ بي فَوقَ الَّذي صَنَعا

كَم مِن دَنيءٍ لَها قَد كُنتُ أَتبَعُهُ
وَلَو صَحا القَلبُ عَنها كانَ لي تَبَعا

وَزادَني كَلَفاً في الحُبِّ أَن مُنِعَت
أَحَبُّ شَيءٍ إِلى الإِنسانِ ما مُنِعا

اِقرَ السَلامَ عَلى لَيلى وَحَقَّ لَها
مِنّي التَحيَّةُ إِنَّ المَوتَ قَد نَزَعا

أَماتَ أَم هُوَ حَيٌّ في البِلادِ فَقَد
قَلَّ العَزاءُ وَأَبدى القَلبُ ما جَزِعا


قيس بن الملوح

الحمدان
06-28-2024, 10:05 PM
أَتَبكي عَلى لَيلى وَنَفسُكَ باعَدَت
مَزارَكَ مِن لَيلى وَشِعباكُما مَعا

فَما حَسَنٌ أَن تَأتِيَ الأَمرَ طائِعاً
وَتَجزَعَ أَن داعي الصَبابَةَ أَسمَعا

قِفا وَدِّعا نَجداً وَمَن حَلَّ بِالحِمى
وَقَلَّ لِنَجدٍ عِندَنا أَن يُوَدَّعا

وَلَمّا رَأَيتُ البِشرَ أَعرَضَ دونَنا
وَجالَت بَناتُ الشَوقِ يَحنُنَّ نُزَّعا

تَلَفَّتُ نَحوَ الحَيِّ حَتّى وَجَدتُني
وَجِعتُ مِنَ الإِصغاءِ ليتاً وَأُخدَعا

بَكَت عَينِيَ اليُسرى فَلَمّا زَجَرتُها
عَنِ الجَهلِ بَعدَ الحِلمِ أَسبَلَتا مَعا

وَأَذكُرُ أَيّامُ الحِمى ثُمَّ أَنثَني
عَلى كَبِدي مِن خِشيَةٍ أَن تَصَدَّعا

فَلَيسَت عَشَيّاتِ الحِمى بِرَواجِعٍ
عَلَيكَ وَلَكِن خَلِّ عَينَيكَ تَدمَعا

مَعي كُلُّ غِرٍّ قَد عَصى عاذِلاتِهِ
بِوَصلِ الغَواني مِن لُدُن أَن تَرَعرَعا

إِذا راحَ يَمشي في الرِداءَينِ أَسرَعَت
إِلَيهِ العُيونُ الناظِراتُ التَطَلُّعا


قيس بن الملوح

الحمدان
06-28-2024, 10:06 PM
وَإِنَّكَ لَو بَلَّغتَها قَولِيَ اِسلَمي
طَوَت حَزَناً وَاِرفَضَّ مِنها دُموعُها

وَبانَ الَّذي تُخفي مِنَ الشَوقِ في الحَشى
إِذا هاجَها مِنّي حَديثٌ يَروعُها

وَفاضَت فَلَم تَملِك سِوى فَيضِ عَبرَةٍ
وَقَلَّ لِباقي العَيشِ مِنها قُنوعُها

إِذا طَلَعَت شَمسُ النَهارِ فَسَلِّمي
فَآيَةُ تَسليمي عَلَيكِ طُلوعُها

بِعَشرِ تَحِيّاتٍ إِذا الشَمسُ أَشرَقَت
وَعَشرٍ إِذا اِصفَرَّت وَحانَ وُقوعُها


قيس بن الملوح

الحمدان
06-28-2024, 10:06 PM
بِلادي لَو فَهِمتِ بَسَطتُ عُذري
إِذا ما القَلبُ عاوَدَهُ نُزوعُ

بِها الحينُ المُتاحُ لِمَن بَغاهُ
وَجَزعٌ لِلغَريبِ بِهِ مُريعُ

إِلى أَهلي الكِرامِ تُشاقُ نَفسي
فَهَل يَوماً إِلى وَطَني أُريعُ


قيس بن الملوح

الحمدان
06-28-2024, 10:06 PM
أَيا حَرَجاتِ الحَيِّ حينَ تَحَمَّلوا
بِذي سَلَمٍ لا جادَكُنَّ رَبيعُ

وَخَيماتُكِ اللاتي بِمُنعَرَجِ اللَوى
بَلينَ بَلىً لَم تَبلَهُنَّ رُبوعُ

أَلا هَل إِلى لَيلى قُبَيلَ مَنِيَّتي
سَبيلٌ وَهَل لِلناجِعينِ رُجوعُ

إِلى اللَهِ أَشكو نِيَّةً شَقَّتِ العَصا
هِيَ اليَومَ شَتّي وَهيَ أَمسِ جَميعُ

فَلَو لَم يَهِجني الظاعِنونَ لَهاجَني
حَمائِمُ وُرقٌ في الدِيارِ وُقوعُ

تَداعَينَ فَاِستَبكَينَ مَن كانَ ذا هَوى
نَوائِحُ لا تَجري لَهُنَّ دُموعُ

لَعُمرُكَ إِنّي يَومَ جَرعاءِ مالِكٍ
لَعاصٍ لِأَمرِ العاذِلينِ مُضيعُ

وَما كادَ قَلبي بَعدَ أَيّامَ جاوَزَت
إِلَيَّ بِأَجوازِ البَدِيِّ يَريعُ

وَإِنَّ اِنهِمالَ الدَمعِ يا لَيلَ كُلَّما
ذَكَرتُكِ يَوماً خالِياً لَسَريعُ

مَضى زَمَنٌ وَالناسُ يَستَشفِعونَ بي
فَهَل لي إِلى لَيلى الغَداةَ شَفيعُ

نَدِمتُ عَلى ما كانَ مِنّي نَدامَةً
كَما نَدِمَ المُغبونَ حينَ يَبيعُ

لَعَمرُكَ ما شَيءٌ سَمِعتُ بِذِكرِهِ
كَبَينِكِ يَأتي بُغتَةً فَيَروعُ

عَدَمتِكِ مِن نَفسٍ شَعاعاً فَإِنَّني
نَهَيتُكِ عَن هَذا وَأَنتِ جَميعُ

وَقَرَّبتِ لي غَيرَ القَريبِ وَأَشرَفَت
هُناكَ ثَنايا ما لَهُنَّ طُلوعُ

يُضَعِّفُني حُبَّيكِ حَتّى كَأَنَّني
مِنَ الأَهلِ وَالمالِ التَليدِ نَزيعُ

إِذا ما لَحاني العاذِلاتُ بِحُبِّها
أَبَت كَبِدٌ مِمّا أُجِنُّ صَديعُ

مَدى الدَهرِ أَو يَندى الصَفا مِن مُتونِهِ
وَيُشعَبُ مِن كَسرِ الزُجاجِ صُدوعُ

وَحَتّى دَعاني الناسُ أَحمَقَ مائِقاً
وَقالوا تَبوعٌ لِلضَلالِ مُطيعُ

وَكَيفَ أُطيعُ العاذِلاتِ وَحُبُّها
يُؤَرِّقُني وَالعاذِلاتُ هُجوعُ


قيس بن الملوح

الحمدان
06-28-2024, 10:07 PM
فَوَاللَهِ ما أَبكي عَلى يَومِ ميتَتي
وَلَكِنَّني مِن وَشكِ بَينِكِ أَجزَعُ

فَصَبراً لِأَمرِ اللَهِ إِن حانَ يَومُنا
فَلَيسَ لِأَمرٍ حَمَّهُ اللَهُ مَدفَعُ


قيس بن الملوح

الحمدان
06-28-2024, 10:07 PM
مُنِعتُ عَنِ التَسليمِ يَومَ وَداعِها
فَوَدَّعتُها بِالطَرفِ وَالعَينُ تَدمَعُ

وَأُخرِستُ عَن رَدِّ الجَوابِ فَمَن رَأى
مُحِبّاً بِدَمعِ العَينِ قَلباً يُوَدِّعُ

عَلَيكِ سَلامُ اللَهِ مِنّي تَحِيَّةً
إِلى أَن تَغيبَ الشَمسُ مِن حَيثُ تَطلَعُ


قيس بن الملوح

الحمدان
06-28-2024, 10:07 PM
وَإِنَّ أَخاكَ الكارِهَ الوِردَ وارِدٌ
وَإِنَّكَ مَرأى مِن أَخيكَ وَيَسمَعُ

وَإِنَّكَ لا تَدري بِأَيَّةِ بَلدَةٍ
تَموتُ وَلا عَن أَيِّ شِقَّيكَ تُصرَعُ

وَإِنَّكَ لا تَدري أَشَيءٌ تُحِبُّهُ
وَآخَرُ مِمّا تَكرَهُ النَفعَ أَنفَعُ


قيس بن الملوح

الحمدان
06-28-2024, 10:07 PM
أَلا أَيُّها القُصّادُ نَحوي لِتَعلَموا
بِحالي وَما أَصبَحتُ في القَفرِ أَصنَعُ

أَلَم تَعلَموا أَنَّ القَطا قَد أَلِفتُهُ
وَأَنَّ وُحوشَ القَفرِ حَولِيَ تَرتَعُ

وَعَيشِكِ ما لي حيلَةٌ غَيرَ أَنَّني
بِلَفظِ الحَصا وَالخَطِّ في الأَرضِ مولَعُ

وَأَنَّ وُحوشَ البَرِّ يَأتَلِفونَ بي
ذُكورٌ إِناثٌ ثُمَّ خَشفٌ وَمُرضَعُ

وَدونَ مُقامي في الفَلاةِ وَوُحدَتي
وَعُشقي لِلَيلى لِلهُمومِ تَجَمُّعُ


قيس بن الملوح

الحمدان
06-28-2024, 10:08 PM
طَمِعتُ بِلَيلى أَن تَريعَ وَإِنَّما
تُقَطِّعُ أَعناقَ الرِجالِ المَطامِعُ

وَدايَنتُ لَيلى في خَلاءٍ وَلَم يَكُن
شُهودٌ عَلى لَيلى عُدولٌ مَقانِعُ


قيس بن الملوح

الحمدان
06-28-2024, 10:08 PM
نَهاري نَهارُ الناسِ حَتّى إِذا بَدا
لِيَ اللَيلُ هَزَّتني إِلَيكِ المَضاجِعُ

أُقَضّي نَهاري بِالحَديثِ وَبِالمُنى
وَيَجمَعُني وَالهَمَّ بِاللَيلِ جامِعُ

لَقَد ثَبَتَت في القَلبِ مِنكِ مَحَبَّةٌ
كَما ثَبَتَت في الراحَتَينِ الأَصابِعُ

وَلَو كانَ هَذا مَوضِعَ العَتبِ لَاِشتَفى
فُؤادي وَلَكِن لِلعِتابِ مَواضِعُ

وَأَنتِ الَّتي صَيَّرتِ جِسمي زُجاجَةٌ
تَنِمُّ عَلى ما تَحتَويهِ الأَضالِعُ

أَتَطمَعُ مِن لَيلى بِوَصلٍ وَإِنَّما
تُضَرِّبُ أَعناقَ الرِجالِ المَطامِعُ


قيس بن الملوح
العصر الأموي

الحمدان
06-28-2024, 11:52 PM
لطالما كُنتَ كالمجنونِ تتبعُني
حتى تمكّنْتَ من قلبي وإحساسي

فصِرتَ تسألُ عن حالي مُجامَلةً
ولا تشارِكُني حُزني وإيناسي

يا باردَ القلب قُل شيئاً يُطمئِنُني
لا تُبقِني غارقاً في بَحرِ وسواسي

حتى مَتى أكتمُ الأوجاعَ مُنكسِراً
ولا يلينُ لحالي قَلبُكَ القاسي


.....

الحمدان
06-28-2024, 11:55 PM
يا لائمي لا تزِد في اللومِ لا تزدِ
أنا أُغني وروحِي في لظَى الكمَدِ

ولا تسل عن غِنائي فيمَ أٌرسِلهٌ
ماكُل من يرسلُ الألحان مٌبتهجُ

......

الحمدان
06-28-2024, 11:56 PM
قال عفيف الدين: بلغني ما وقع من القتل في فتنة التتار فأنكرت في قلبي وقلت: يا رب كيف هذا وفيهم الأطفال ومن لا ذنب له؟ فرأيت في المنام…هذه الأبيات:

دع الاعتراض فما الامر لك
ولا الحكم في حركات الفلك

ولا تسأل ﷲ عن فعله
فمن خاض لجة بحر هلك

إليه تصير أمور العباد
دع الاعتراض فما أجهلك

الحمدان
06-29-2024, 01:04 AM
هلمَّا صديقيَّ العزيزين واغنما
من الصفوِ ما يهواه مستمعانِ

ففي كل شبرٍ للهواءِ عواطفٌ
وفي كلِّ خفقٍ للأثير أغاني

تناجتْ بها الأربابُ من كل جانبٍ
ويخطفها العُبَّادُ وهي دَوانِ

فتُغنم أعمارٌ من الأنس حولها
وتُولد أحلامٌ لهم وأمان

أدِرْها على سمعي كأني بسمعها
أذوق سَلافَ الخلد بين غوان

سمَوْنا إلى الأرباب بالروح والمنى
ونلنا من الأرباب كنزَ معان

وليست عصا موسى بأروع سِحرُها
من السحر في مفتاحها ببناني

تطاوعني أسرارُها وبيانُها
وقد شملتْ أسرارَ كل بيان

أجازت لنا التجوالَ في الأرض كلها
وفي غيرها في لمح بضع ثوان

فما هذه الدنيا التي نحن أهلها
سوى بعض دنيا سُخِّرتْ لجَنان

ولو أنَّ عصرَ المعجزاتِ التي خلتْ
أُعيدَ لدَانَ الناسُ دون توانِ


......

الحمدان
06-29-2024, 01:04 AM
حان الربيعُ ولكن غاب مَطلعُه
فما الرواءُ بنهر جفَّ مَنبعُه

رُدُّوا الكئوسَ فما راحٌ بمسعفةٍ
إذا تشاءَم هذا الكونُ أجمعه

حُجبتِ عن ناظري الصديان فاكتأبت
دنيا الجمالِ وعاف الفنَّ مبدعه

وشاطرتني الأسى حتى النجوم لها
دمعٌ وشجوٌ وبثٌّ كدت أسمعه

تتبعتْ شاعرًا في العمر بادلها
حبًّا وألهمها عمرًا تَتبعه

فكاد يصدم مجراها تأوُّهه
وكاد يصدع مبناها تَصدُّعه

وأنتِ يا نعمتي في الهجر ناعمةٌ
والهجرُ للحسن تقتيلٌ ينوِّعه

أوَّاه من ظمأٍ قاسٍ على ظمأٍ
ومن ظلام بوادي الموت مشرعه

الشاعرُ الخالد الفنان مندحرٌ
والساحرُ النورُ خلابًا يضيعه

تخاصما فأذاقا الكونَ لوعتَه
وأغرقاه بيأس كاد يفجعه

والفنُّ للكون إلهامٌ يضيء به
فإن خبا فحدادُ الكونِ مطلعه


......

الحمدان
06-29-2024, 01:05 AM
ذروني أعشْ في طاقتي عيشَ سيدٍ
ولا تُرهقوني بالديون إسارَا

فحسبي قيودٌ من حياة شقية
وقد بات حولي المنقذون حيارَى

وما قيمةُ المجد الذي تشتهونه
إذا كنت أفنى بالهموم مرارا

قنعتُ بعيش النحل يحيا لغيره
ولكن عزيزًا لا يطيق صَغارا

يجيء إلى الدنيا كريمًا وينثني
ويعطي الذي يعطي جَنًى وثمارا

ويقنع بالقوت اليسير كأنما
يصون له القوتُ اليسيرُ يسارا

ويمتلك المجدَ الأصيلَ بسعيه
إلى أن يُضحَّى كالشعاع نهارا

فحسبي إذن بذلي حياتي ونعمتي
لقومي مثالًا عاليًا وفخارا

هو المجدُ حين المجد في غيره دُنًى
وحين أرى حظَّ الغنيِّ مُعارَا

لخيرٌ لنفسي الهمُّ في نفع أمتي
من الهمِّ في دينٍ تأجَّج نارا

نعيش بدنيا تشبع الحرَّ قسوةً
وتجزيه ظلمًا صارخًا وبوارا

وترهقه في الغلِّ حتى كأنه
غريمٌ أثيمٌ لا يُكيَّفُ عارا

فبتنا سكارى الهمِّ واليأس حينما
حسدنا الألى قضُّوا الحياةَ سكارى


......

الحمدان
06-29-2024, 01:05 AM
أنَّى رأيتُكِ رَفَّ القلبُ من شغفٍ
وحاصر الحسنَ في تقديسكِ الأملُ

جسمٌ من النورِ تنبثُّ الحياةُ به
ومنه للناس ألوانًا وتشتعل

لو كان لي حظُّ تقبيل لما قنعتْ
روحي بما ألفَ العبادُ أو أمَلوا

وكنت أغزوه تقبيلًا وأُنهكه
رشفًا كما يتمادى الطائش الثمِل

حتى أراه طعينًا كله وبِه
من الغرام جراحٌ كلها قُبَل

هذا هو الحبُّ تقديسًا لعارفه
هذا هو الفنُّ يُسْتَهوى ويُحتَمل


......

الحمدان
06-29-2024, 01:06 AM
هيهات تنعم نفسي في مجانبةٍ
بل تستحي من عدوٍّ لا أعاديهِ

روحي السلامُ فما ذنبي إذا لُمِحَتْ
في الحرب حين عدوِّي في تغاليه

إني لتطفئُ نارَ الحقد ما رُزقتْ
نفسي من الحبِّ مهما اشتدَّ عاديه

لكنني عاجزٌ عن طبِّ ذي مرض
يعيش للسوءِ في حظٍّ وتأليه


......

الحمدان
06-29-2024, 01:06 AM
ألم ترَ كيف ذاك الحسنُ ولَّى
فحال من النقيضِ إلى النقيضِ

وأصبح مَدفنًا للزهر يُشجى
وكان روائعَ الروض الأريض

فلا تأسف على إحسانِ قلبٍ
يُجازَى السخطَ في البلد المريض

جرتْ فيه الحوادثُ في خبالٍ
فما تدري العلوَّ من الحضيض

فكيف تروم أن تلقى وفاءً
على أدبٍ من الأدب المهيض

حرامٌ أن تعدَّ الطرسَ ذخرًا
وأن تعتزَّ من مُلك القريض

مقاييسُ الزمان قد استحالتْ
فما أدنى الحبيبَ إلى البغيض


......

الحمدان
06-29-2024, 01:06 AM
غُضِّي أماني العلى عني وعاديني
فاليومَ يُنكر سمعي من يناديني

عِفْتُ التفاؤلَ إذْ ضحيت فلسفتي
على مذابح تبريحي وتأبيني

العمرُ ضاع بأحلام أداعبها
كالطفل يلهو بنَوَّار البساتين

مضى زمانٌ كأنَّ النحل تغبطني
للجهد والدَّأب في بؤسٍ وفي لين

فالآن والنجح موفورٌ له سببٌ
أرى الحظوظ حيارى كالمجانين

دنيا تخبَّط أعلاها بسافلها
فما انتفاعي بدنيا قدرُها دوني

لا تُخذَل النفسُ إلا من حقارتها
ولا يدوم الأسى إلا بمفتون

أصبحتُ أزهدَ محسودٍ لنخوتهِ
وصرتُ أعقلَ مجنونٍ ومأفون

وبتُّ أضحك أو أبكي بلا سببٍ
سوى مهازل عيش غير مأمون

تسمو الشواهينُ فيه وهي جاهلةٌ
أنَّ السقوط مآلٌ للشواهين

قد كنت أُصغر من يشكو الزمان فما
أصبحت أُكبر إلَّا كلَّ محزون

ساوى الزَّمانُ أحبائي وآصرتي
بمن يروم هواني أو يجافيني

فيا لضيفٍ أقمنا عند ساحته
على الولاءِ فكنا كالمساكين

ويا لدنيا يسوءُ الناسُ بعضهمو
بعضًا ليلهوا وهم بعضُ القرابين


......

الحمدان
06-29-2024, 01:07 AM
دعوني أناجي اليأسَ في نشوة اليأس
ولا توهموني أنَّ حوليَ ما يُنسي

أعيش بأرضٍ للشياطين والأذى
تُصَبَّحُ في رجسٍ وتُمسي على رجس

حرامٌ علينا مَأملٌ في ربوعها
وفيها تجلَّى مصرعُ الفكر والحس

علام التمادي في المنى حينما نرى
ضحايا المنى أضحوكة الحظِّ والبؤس

أنعلق بالآمالِ في البلد الذي
يصول به مَنْ صال بالشرِّ والدسِّ

خِفافٌ إلى الإفساد في كل مطلبٍ
ثقالٌ على الإحسان حربٌ على النفس

يباهون بالايذاء حتى كأنما
يبزُّون في الهيجاءِ عنترة العبسي

عجبتُ لشمسٍ أشرقت في سمائهمْ
وقد خُلقوا حربًا على النور والشمس


......

الحمدان
06-29-2024, 01:07 AM
ماذا أقول لحسنٍ في تخطُّره
ينسى محبيه حتى في تعثُّرِهِ

هوتْ قلوبٌ لتوفيه حمايتَه
فما جنتْ غيرَ لوم من تأثره

يأبى رعاياه حين الربُّ يشملهم
وينفض الحبَّ نفضًا في تكبره

حِرنا أمام تَغالٍ من غوايته
وما لحظنا خيالًا مِن تحيره

لا يستقرُّ قرارٌ مِن تَوزُّعِه
ولا يدوم سلامٌ من تهوُّره

دنيا اعترفنا بعجز عن تصورها
والحكم في الشيء فرعٌ من تصوره


......

الحمدان
06-29-2024, 01:07 AM
خبرْتُ طباعَ الناس عُمرًا فلم أجدْ
أحَطَّ ولا أغبى من اللؤم في الناس

وما الحيوانُ الماكرُ الواثبُ الذي
يُردِّيكَ ما بينَ الخيانة والياس

بأبشعَ في غدرٍ من اللُّؤم في امرئٍ
تناسَى أخاه في المرارة والياس

علامَ اقتتالُ الناس والدهرُ ضاحكٌ
عليهمْ وكلٌّ كالجريح بلا آس

لِننعمْ من الدنيا ولكنْ كأننا
ضيوفٌ فما نُغْرَى بحقدٍ ووسواس

يلاطفُ بعضٌ بعضَنا وجميعنا
يلاطف دنياه بشكرٍ وإيناس

ألَسْنا ضيوفًا عندها فحقوقُها
حقوقُ ولاءٍ لو يُكال بمقياس

سَخطْنا عليها سُخْطَ جهلٍ بطبعها
فيا لعقوق الساخط الجاهل الناسي

وجُزْنا حُدودَ الضيف في كل نزعةٍ
فلم نسْمُ في ذوقٍ وهُنَّا بإحساس

وما مَثَّل الدنيا بأقتم صَبْغةٍ
سوى أهلها بالغدر والعَبَثِ القاسي

فكانوا شرابَ الكأسِ وهي بهيةٌ
فلمَّا دَجَوا عابوا الظلامَ على الكاس


......

الحمدان
06-29-2024, 01:08 AM
دنا الليلُ والصحراءُ في روعةٍ له
وإنْ لُمِحَتْ في راحةٍ وسُكونِ

ولم يَبْقَ من شمس الغروب ونورها
سوى لوعةٍ في صُفرةٍ وحنينِ

تُقبِّل كثبانَ الرمال وكلُّ ما
تُقبِّل في وجدٍ ويأسِ حزينِ

غزتْها جنود الزِّنج والوقتُ مسعفُ
وكم داولتها في ألوف قرونِ

هو الوقتُ لا يرعَى جمالًا برحمةٍ
وكلُّ سعيدٍ عنده كغبينِ

دنا الليلُ والشمسُ السخيَّةُ أخلفتْ
حرارتُها موتًا وبُخلَ ضنينِ

وأقبل قُرُّ الليل قبلَ مجيئهِ
فيا لخئونِ سابقٍ لخئونِ

تهاربَ منه أهلها وتجمَّعوا
على النار مثلَ العابدين لدين

ومدُّوا الأيادي السائلاتِ نوالها
فنادت عليهم في لسان مُبينِ

ووزَّعتِ السحرَ الذي يرتجونه
حياةً وإيناسًا وأمنَ أمينِ

تكاد العيونُ الناظراتُ لهيبَها
تَناولُ منها ذُخْرَها لسنينِ

وتبخل حتى بالدخان يفوتها
وتُؤْخذُ من ألوانها بفنونِ

وقد وقفَ الجمَّالُ كالجملِ الذي
أطلَّ عليها في خشوع مدينِ

كأنَّ بها للشمس رُوحًا تنوعتْ
وقد سُجِنَتْ لكنْ كغير سجين

وهل دانت الصحراء إلَّا لشمسها
جمادًا وحيًّا قبل وجودِ عُيونِ

كأنَّ تلال الرمل كنزُ أشعةٍ
من الشمس فاعتزَّتْ بكلِّ ثمينِ

دنا الليلُ فاخطفْ قبل فوتٍ منوَّعًا
من الظلِّ والأصباغ غيرَ مهينِ

فهذي صنوفٌ من حياةٍ تبدَّدتْ
وهذي معانٍ مِنْ مُنًى ومَنونِ


......

الحمدان
06-29-2024, 01:08 AM
جَرت السنونُ كأنني ما شِمْتُها
تَجْري فلم أبرح سِنين صِبايَا

فإذا عشقتُ عشقتُ مِن رُوحِ الصِّبا
فلقد تعلَّقَ بالجمالِ نُهايَا

ما شاب قلبي في ربيعِ محبةٍ
لا يَنتهي حتى اتَّهمتُ خُطايَا

روحٌ تفيض على الزمان صبابةً
فإذا الجمالُ مُحاصَرٌ بهوايا


......

الحمدان
06-29-2024, 01:08 AM
أبليتُ أنفسَ أعوامي على حَرَق
فما حياتي بقلبٍ جدِّ محترقِ

ما كان يومًا لِيرعاني ويرحمني
فعشتُ مثلَ أسير اليمِّ في قلق
مُكافِحًا وهو في أمنٍ يُخالُ به
وكلُّ يومٍ له لونٌ من الغرقِ

ماذا استفدتُ وما جَدْوَاهُ مِنْ شجني
ومن عناءٍ بلا حَدٍّ ولا رَمَقِ

قد كادُ يطفأ إشعاعي ولا عجبٌ
بعضُ الرشاد شبيهُ الطيشِ والنَّزقِ

الناسُ تبخل في مالٍ وفي نشبٍ
وما بَخَلْتُ بروحي قبل مُرْتزَقِي

والشمسُ تَفْنى ضياءً وهي محسنةٌ
ولا ثناءَ لها حتى من الشَّفقِ

تمضي المآثرُ بين الناسِ ضائعةَ
كما يغيب شعاعُ الشمس في الغسقِ


......

الحمدان
06-29-2024, 01:10 AM
أيُشْعِلُ نيرانَ التَّطاحُنِ غاشمُ
ويَغفل عن نشرِ الحقيقة عالمُ

هلمَّ يراعي ولتكنْ أنتَ شعلة
تُضيء سبيلَ الرُّشدِ فالرشدُ ناقمُ

لقد كثر العُمْيُ الذين تهافتوا
على أن يشقُّوا النَّهجَ والنَّهجُ قاتم

ولو أنهم أُعطوا الضياءَ تعثروا
فما تنفع الأضواءُ واللحظُ نائمُ

وما حظُّهم من ثروة حين حالُهم
كحالِ فقيرٍ في يديْه الدراهمُ

وكم من أجيرٍ سكَّ مالًا مجدَّدًا
فلا هو ذو بأسٍ ولا هو غانمُ

تقدَّمْ يراعي وانظرِ الحقَّ ناصعًا
فلم أر مثل الحقِّ يؤذي المخاصمُ

تنادوْا به والكلُّ يهتفُ باسمهِ
وكلٌّ خُصومٌ حوله ومَغارمُ

لقد صغروا حتى كأنْ لم تكنْ لهم
عقولٌ وكادتْ تشمئزُّ الجماجمُ

وقد جهلوا فهمَ الحياةِ فلم تعدْ
تبين لُغى الأحداثِ وهي التراجمُ

وصاحوا وصاحوا والصَّدَى يُضحك الصَّدَى
وما هكذا تُشجَى الليوثُ الضراغمُ

ولو أنَّهم هبُّوا إلى الخير مرةً
مع الحِلْمِ لم تعبث بمصر المظالمُ

فهل فُقِدتْ من مصر كلُّ زعامةٍ
وهل تَخلق القوادَ فينا المزاعمُ

وما عُرِفَ الأبطالُ يومًا بصيحةٍ
ولكنْ هوَى الأبطالِ تلكَ العظائمُ

فيا وطَني لم يَبْقَ إلَّا التفافنا
على العَلَمِ المفديِّ والدهرُ راغمُ

لقد نال منَّا في قرونٍ طويلةٍ
فأَحْرِ بنا أن لا يُخادَعَ حالمُ

وأحْرِ بِنا أنْ يُنْهِكَ الأرضَ زحفُنا
وأن يُعْلِنَ الإقدامَ منا الزَّمازمُ

فأمَّا وماضِي المجدِ أصبح صورةً
وماتت كما مُتنا السيوفُ الصوارمُ

فهل يخذل القوادُ حتى بحبهمْ
ذويهم وهل دونَ التآخي الدعائمُ

لَخيرٌ لنا أن نغتدي دون قائدٍ
من الحربِ كلٌّ في ردَاها يُساهمُ

وما أنا مَنْ يَنْسى لهم فضلَ ما مَضى
ولا أنا مَنْ يَنْسى الذي هو قادمُ

ولكنَّما هذا التطاحنُ هوَّةٌ
تردَّوْا بها فالغانمُ اليومَ غارمُ


......

الحمدان
06-29-2024, 01:15 AM
غطَارفةٌ مِثلُ الجبَالِ حُلُومُهُم
تكونُ لَهُم شمُّ الجبَـالِ هضَـابا

إذا غضِبُوا للهِ أرَضـاكَ فتْكُهُـم
وأفتَكُ ما تَلقَى الأُسودُ غضَابا

......

الحمدان
06-29-2024, 02:09 AM
إن الأمور إذا اشتدت مسالكها
فالصبر يفتح منها كل مرتجا

لا تيأسن وإن طالت مطالبة
إذا استعنت بصبر أن ترى فرجا


......

الحمدان
06-29-2024, 02:11 AM
أصبحت أشهد أن الله يهديني
ووحده جل رب العرش يكفيني

أنا الفقير ولكني الغني به
هـو المؤمل في دنيـا وفي ديـن

.....

الحمدان
06-29-2024, 06:33 PM
في مرفأ عينيكِ الأزرقْ

أمطارٌ من ضوءٍ مسموعْ

و شموسٌ دائخةٌ و قلوعْ

ترسمُ رحلتها للمُطْلَقْ

في مرفأ عينيكِ الأزرقْ

شبّاكٌ بحريّ مفتوحْ

و طيورٌ في الأبعادِ تلوحْ

تبحثُ عن جزرٍ لَمْ تُخْلَقْ

في مرفأ عينيكِ الأزرقْ

يتساقطُ ثلجٌ في تمّوزْ

و مراكبُ حبلى بالفيروزْ

أغرقت البحرَ و لم تغرقْ

في مرفأ عينيكِ الأزرقْ

أركضُ كالطفل على الصَخْرْ

أستنشقُ رائحةَ البحرْ

و أعودُ كعصفورٍ مُرْهَقْ

في مرفأ عينيكِ الأزرقْ

أحلم بالبحر و بالابحارْ

و أصيد ملايينَ الأقمارْ

و عقودَ اللؤلؤ و الزنبقْ

في مرفأ عينيكِ الأزرقْ

تتكلّمُ في الليل الأحجارْ

في دفتر عينيكِ المُغْلقْ

مَنْ خبّأ آلافَ الأشعارْ؟

لو أنّي لو أنّي بحّارْ

لو أحدٌ يمنحني زورقْ

أرسيتُ قلوعي كلَّ مساءْ

في مرفأ عينيكِ الأزرقْ



نــــزار قـباني

الحمدان
06-29-2024, 06:36 PM
‏نَعُدُّ أَيَّامَنَا نَخشَى تَصَرُّمَهَا
أَقسَى مِنَ الفَقدِ فِينَا خَشيَةُ الفَقدِ

إِذَا تَذَكَّرتُ يَومَ البُعدِ أَرَّقَنِي
هَمٌّ فَكَيفَ بِنَا فِي سَاعَةِ البُعدِ

محمد المقرن

الحمدان
06-29-2024, 06:38 PM
‏فيا راحلاً لم أدرِ كيف رحيله
لما راعني من خطبه المتسرِّع

يلاطفني بالقول عند وداعه
ليُذهب عنّي لوعتي وتفجُّعي


بهاء الدين زهير

الحمدان
06-29-2024, 06:51 PM
ريمٌ على القاع ِ ما للريم ينتظرُ
أمنْ تذكِّر جيرانٍ و قد هجروا

بانتْ سعادُ وعادتْ لن أقولَ لها
إنَّ العيونَ التي في طرفها حوَرُ

شغلتُ نفسي عن الدنيا بسيِّدها
بآيةِ الحبِّ إلا أنه بشرُ

أنا الذي لم يكنْ يختارُ خطوتَه
أمشي لأمشي .. ولا خوفٌ ولا حذرُ

في أجمل الوردِ شوكٌ ليسَ يجرحه
و أطهرُ الدمع ما جادت به العِبرُ

حقائبُ الذنبِ لما أرهقتْ كتفي
بكيتُ خمسًا لعلَّ الذنبَ يُغتفرُ

بعضُ الدموع صلاةٌ بعضها سوَرٌ
و كلها عن خطايا العمر تعتذرُ

تعلَّقَ الليلُ تلو الليلِ في قدمي
ونصفُ دربي جفاءٌ نصفه كدَرُ

حتى مررتُ على قلبٍ يرتلها
ما ضل صاحبكم والدمعُ ينهمرُ

محمدٌ وحدها تكفي لتحملني
على الصراط فأمضي حيثما عبروا

أمانة النور حطَّتْ منذ آدمها
في حجْر آمنةٍ فاستكملَ القمرُ

يكفي اليتيمَ رغيفٌ من حليمته
و مثلها لحليب الحبِّ يُدَّخرُ

يا رب .. ناقة عبداللهِ ما رجعتْ
و الآن آمنة ! قل هكذا القدرُ

أن يصبحَ اليتمُ مشهورا بأحمدهِ
فخرٌ لكلِّ يتيمٍ حينَ يفتخرُ

مَنْ علَّمَ البيدَ أن تحنو على غنمٍ
صبرُ الصبيِّ نباتٌ صبرها مطرُ

قلبُ الغمامةِ موصولٌ بخطوتهِ
يدقُّ ظلا .. وقلبُ الشمس يستعرُ

تدري خديجة أنَّ الحبَّ مبتدأ
و أنَّ قلبا يضمُّ المصطفى خبرُ

عمائمُ القوم لم تتركْ جهالتها
حتى رأوْا في يديه سبَّحَ الحَجَرُ

يا عاشق الغار قلبُ الغار آمنة
كأنه غاية أو أنه الوطرُ

اقرأ فأم القرى ليست بقارئةٍ
اقرأ ألم يأتكم مني هدى سورُ

ترى الحمامةُ عندَ الغار قبلتها
صلتْ عليه وأهلُ الجهل لو نظروا

مهاجرٌ بالهدى يبني مدينته
وعائدٌ بالهدى والدهرُ ينتظرُ

و فاتحٌ بالهدى دنيا بأكملها
و خاتمٌ بالهدى والنورُ ينتشرُ

يا آية اللهِ في خَلْقٍ وفي خُلقٍ
محمدٌ فكرة تسمو بها الفكرُ

سلامُ روحي صلاةٌ فيكَ أختمها
إذا ظفرتُ بها هذا هو الظفرُ

محمدٌ نعمةٌ عظمى وليس لها
حدٌّ وليس لها عدٌّ فينحصرُ

يهدي إلى الرشدِ قلبٌ في بساطتهِ
يُفني الظلامَ ولا يَبقى له أثرُ

يحبه الله والإسراءُ موعده
في سدرة المنتهى وانزاحت السُّترُ

يحبه الروحُ والرسْلُ الكرامُ ..إذنْ
يحبه الناسُ حتى من به كفروا

والجنُّ والطيرُ حتى الوحشُ تألفه
والصخرُ والرملُ والأعشابُ والشجرُ

والحرفُ والظرفُ والأفعالُ تُنصفه
والشعرُ والنثرُ والإلهامُ والصورُ

والبيضُ والسودُ والهندوسُ تعرفه
والعُرْبُ والفرْسُ والرومانُ والتترُ

حتى انحنت هامة التاريخ حين رأى
محمدًا خيرَ من في قلبه سُطِروا

وحدَّقتْ أعينُ الأيام هائمةً
نحو النبيِّ وعادت ما بها عوَرُ

حتى الذين رأوا ما لا نفسره
واستهزءوا مرَّةً أو مرَّة سخروا

الآن قد أدركوا أنَّ الهدى رجلٌ
ينازلُ العلمَ أميٍّا وينتصرُ

عقل ابن آدم صخرٌ في تشدده
لو كنتَ فظا غليظ القلبِ ما انتظروا

أنت الحياةُ وأنتَ الروحُ ما عرفوا
يوما حياة بلا طه ولا ذُكِروا




عبد الله الشوربجي

الحمدان
06-30-2024, 01:04 PM
نعم الأنيسُ إذا خلوتَ كتابُ
تلهو به إنْ خانك الأحبابُ

لا مفشيًا سرًّا إذا استودعته
وتّفاد منه حكمةٌ وصوابُ


العقد الفريد

الحمدان
06-30-2024, 01:06 PM
قالت غلبتُكَ يا هذا ، فقلتُ لها
لم تغلبيني ولكنْ زِدتِني كرما

بعضُ المعاركِ في خُسرانِها شرفٌ
من عادَ مُنتَصراً من مثلها انهزما !


تميم البرغوثي

الحمدان
06-30-2024, 02:56 PM
يَطولُ اليَومُ فيهِ لا أَراكُم
وَيَومي عِندَ رُؤيَتِكُم قَصيرُ

وَقَد أَقرَحتِ بِالهِجرانِ قَلبي
وَهَجرُكِ فَاِعلَمي أَمرٌ كَبيرُ

فَدَيتُكِ أَطلِقي حَبلي وَجودي
فَإِنَّ اللَهَ ذو عَفوٍ غَفورُ

عمر بن أبي ربيعة

الحمدان
06-30-2024, 06:08 PM
ضحك الوردُ في قفا المنثورِ
واسترحنا من رعدة المقرورِ

واستطيب المقيلُ في برد ظلٍّ
وشممنا الريحان بالكافور

فالرحيلَ الرحيلَ يا عسكر الله
وِ إلى كل روضة وغدير

واهجر البيتَ وامزج الراح بالثلجِ
وأطفئ بالخمر حَرَّ الهجير


الصنوبري
العصر العباسي

الحمدان
06-30-2024, 06:08 PM
وصفرٍ من بناتِ النحل تكسى
بواطنها وأظهرها عَوارِ

عذارى يُفْتَضَضْنَ من الأعالي
إذا افتضْت من السفل الجواري

وليست تنتجُ الأَضواءَ حتى
تُلَقَّح في ذوائبها بنار

كواكبُ لسن عنك بآفلاتٍ
إذا ما أشرقتْ شمسُ العقار

بعثت بها إلى ملك كريم
شريف الأصل محمود النجار

فأهديتُ الضياءَ بها إلى من
محاسنه تضيءُ لكلِّ سار


الصنوبري

الحمدان
06-30-2024, 06:09 PM
وهضيم الحشا يجولُ وشاحاه
وَيُشجي الردفين منه الإزار

يغره لؤلؤٌ وريقته خمرٌ
شمولٌ وخدُّهُ جُلّنار

هو كالبدر بل إِنَّ نورَ البدرِ
من نور وجهه يستعارْ

صَرَعَتْني عقارُ عينيهِ سُكْراً
قبلَ تسطو براحتيه العقارُ


الصنوبري

الحمدان
06-30-2024, 06:09 PM
سقى حلباً ساقي الغمامِ ولا ونى
يروحُ على أكنافها ويبكّر

هي المألفُ المألوفُ والموطنُ الذي
تخيرتهُ من خير ما أَتخير

صحبتُ لديها الدهرَ والدهرُ أبيضٌ
ونادمتُ فيها العيشُ والعيشُ أخضر

لنا في بعاذينٍ مصيفٌ وَمَرْبَعٌ
وفي جوَ باصفراءَ مبدىً ومحضر

رباعُ بني الهمّاتِ حيث تشاءموا
لِيُعْرفَ معروفٌ ويُنكر منكر

ترى ترباً شتى فتربٌ مصندلٌ
ينافسه في الحسن تُرْبٌ مزعفر

وروضاً تلاقى بين أثناءِ نبته
مُمَسَّك نَوْرٍ يُجْتَنى ومعنبر


الصنوبري

الحمدان
06-30-2024, 06:09 PM
أفضلُ ما أعددتُه من العُدَدْ
وما حوى صحبي بهِ غِنى الأبَدْ

بناتُ قينٍ حازَ في الحذقِ الأمد
على مقاديرِ محاليبِ الصُّرَدْ

أو مثل ما عاينتَ أنصافَ الزرد
لها رؤوسٌ في أعاليها أود

كمثل أنيابِ الأفاعي وأحدّ
ذوات طعمٍ نكدٍ كلِّ النكد

تشدُّ في أذنابِ خيلٍ إِذ تشد
ممرّةِ الفتلِ كإِمرارِ المسَد

نيطتْ بأطراف يراع مستعد
صُمّ الأنابيب قريباتِ العقد

عُجنا بها من حيث ما عاج أحد
في ظلِّ صفصافٍ علينا قد بَرَد

شاطئ نهرٍ لابسٍ درع زبد
فأطلقت أيديهم إطلاق يد

ولم تزلْ ترسل طوراً وتمد
حتى تنادَوا قَدْ من الحيتانِ قد

ثم بعثنا ألفَ عين في جَسَد
فجئننا بمثلهنَّ في العدد

ألفٌ من الحيتان بيضٌ كالبرد
مكسوَّةٌ دراهماً ما تنتقد

كذلك الأرزاقُ من جزرٍ ومد
فالحمدُ للمهيمنْ الفردِ الصَّمَد


الصنوبري

الحمدان
06-30-2024, 06:11 PM
أهدى إِليّ فأيّ حسنٍ معجبٍ
أو معوز في غيره لم يهده

الراحُ تضحكُ عن عتيقِ فرندها
والوردُ يضحكُ ن حديث فرنده

فكأن حمرةَ ورده من راحه
وكأن نكهة راحِهِ من ورده

وكأن هذي تُمْتَرى من ريقه
وكأن هذي تُجْتَنى منْ خده


الصنوبري

الحمدان
06-30-2024, 06:12 PM
مُغرِّدُ الليل ما يألوكَ تغريدا
ملَّ الكرى فهو يدعو الصبحَ مجهودا

لما تَطَرَّب هزَّ العطفَ من طرَبٍ
ومدَّ للصوتِ لما مدَّه الجيدا

كلابسٍ مِطرفاً مرُخٍ جوانبهُ
تضاحِكُ البيضُ من أَطرافِه السودا

حالي المقلَّدِ لو قيستْ قلادته
بالورد قصَّرَ عنها الوردُ توريدا

رانٍ بِفُصَّيْ عقيقٍ يدركان له
من حِدَّةٍ فيهما ما ليس محدودا

تقولُ هذا عقيدُ الملك منتسباً
في آل كسرى عليه التاجُ معقودا

أو فارسٌ شدَّ مِهْمازَيْهِ حين رأى
لواءَ قائِدهِ للحربِ معقودا

مذكراً بابنه العنقود حين حكت
له الثريا قبيل الصبح عنقودا


الصنوبري

الحمدان
06-30-2024, 06:12 PM
تزايدَ ما ألقى فقد جاوز الحدا
وكان الهوى مَزْحاً فصار الهوى جدا

وقد كنتُ جَلْداً ثم أوهنني الهوى
وهذا الهوى ما زال يستوهنُ الجلْدا

فلا تعجبي من غُلبِ ضَعفِكِ قوتي
فكم من ظِباء في الهوى غلَبَتْ أُسْدا

غلبتمْ على قلبي فصرتمْ أحقَّ بي
وأملك لي مني فصرتُ لكم عبدا

جرى حُبُّكُمْ مَجْرى حياتي فقدكُمُ
كفقدِ حياتي لا رأيتُ لكم فقدا


الصنوبري

الحمدان
06-30-2024, 06:12 PM
ما بدت شَعْرَةٌ يخدَّكَ إلا
قلتُ في ناظريَّ أو في فؤادي

أنت بدرٌ جنى الخسوفُ عليه
ظلمةً لا أرى لها من نفاد

فاسودادُ العذارِ بعد ابيضاضٍ
كابيضاضِ العذارِ بعد اسوداد


الصنوبري

الحمدان
06-30-2024, 06:12 PM
أيها الحاسدُ المعدُّ لذمّي
ذمَّ ما شئتَ رُبَّ ذمٍّ كحمدِ

لا فقدتُ الحسودَ مدةَ عمري
إن فقْدَ الحسود أخيبُ فقد

كيف لا أُوثِرُ الحسودَ بشكري
وهو عنوانُ نعمةِ الله عندي


الصنوبري

الحمدان
06-30-2024, 06:13 PM
طربتُ إِلى شاطي الفراتِ عشيّةً
بكلّ فتىً كالسيف أروعَ صنديد

وقد عبثتْ فيه الصَّبا فتخاله
طريقَ لجينٍ ذا ربىً وأخاديد

تروقك داراتٌ عليه كأنها
خواتمُ حسنٍ في خدودِ مهاً غيد


الصنوبري

الحمدان
06-30-2024, 06:13 PM
هل أُضاخٌ كما عهدنا أضاخا
حبذا ذلك المناخُ مُناخا

لو يعافَى حيٌّ لعوفِيَ أرخٌ
في قلالِ الجبال يَفْلو إِراخا

يتقرّى شثّاً ويألفُ طبا
قاً ويقرو ضالاً ويرعى مراخا

أو أقبٌ طوراً يؤمُّ أضَا الرو
ضِ وطوراً مَيْثاءَها الجواخا

أو أصكٌّ أسكُّ لا يعرف الغضرو
فَ سمٌّ منه ولا صملاخا

أو فَشغوٌ قتمُ الجآجئ منه
يعجلُ القرهبَ الشبوبَ امتلاخا

هنَّ أو أعصمٌ كأنْ مِدْرَياهُ
حين عاجا على القذالين حاخا

كان عيشي بهم أنيقاً فولَّى
وزماني فيهم غلاماً فشاخا


الصنوبري

الحمدان
06-30-2024, 06:13 PM
وعواتقٍ باكرتُ بين حدائقٍ
ففضضتهنَّ وقد غنين صحاحا

أبرزتُهُنّ من الخدور حواسراً
وتركتُ صَوْنَ حريمهن مباحا

وموشَّحٍ نازعتُ فَضْلَ وشاحِهِ
وكسوتُهُ من ساعديَّ وشاحا

وصبحته كالورسِ بثَّ روائحاً
كالوردِ باكره النسيمُ ففاحا

وفعلتُ ما فَعَل المشوقُ بليلةٍ
عادت لذاذتها عليه جُناحا


الصنوبري

الحمدان
06-30-2024, 06:13 PM
حنَّتْ أباريقي وأقداحي
وارتاح ريحاني إلى الراح

واشتاق مصباحي إلى ضوئها
فإنها مصباحُ مصباحي

وافتقد التفاحُ خدَّ الذي
في خده وردي وتفاحي

هذا حديثي يا عليَّ العلى
فمن مناديَّ بإصلاحي


الصنوبري

الحمدان
06-30-2024, 06:14 PM
لاح لك الصبحُ فَقُمْ فاصطبحْ
واربحْ على دهرك فيمن ربحْ

الديكُ قد صاح مراراً وما
عليك صاحَ الديكُ أَم لم يصح

هاك انتخبْ هلك اقترحْ ما الفتى
إلا فتىً منتخبٌ مقترح

ووالِ بين الكاس والطاس أو
ببطحَكَ الزقُّ كما قد بُطح

ذا دمُهُ ينصبُّ من حلقه
كما رأينا حبشياً ذبِح

ما العيشُ إلا في ركوب الهوى
وأن تُرى منهمكاً مفتضح

في فتيةٍ ما شئتَ م فتيةٍ
يجارُ في مدحهُم الممتدح

إِبريقهمْ بينهمُ ضاحكٌ
باكٍ كإنسانٍ حزينٍ فَرِح


الصنوبري

الحمدان
06-30-2024, 06:14 PM
الجوُّ بين مُضمَّخٍ ومُضرَّجِ
والروضُ بين مزخرفٍ ومبدَّج

والثلجُ يهطلُ كالنثار فقم بنا
نلتذُّ بإبنة كرمةٍ لم تمزج

ضحك النهارُ وبانَ حسنُ شقائقٍ
وزهتْ غصونُ الوردِ بين بنفسج

فكأنَّ يومَكَ من غلائلِ فضّةٍ
والنورُ من ذهبٍ على فَيْروزج


الصنوبري

الحمدان
06-30-2024, 06:15 PM
أرى الشامَ جاد بتفاحِه
لنا والعراقُ بأُترُجِّه

إلى لازودٍ وفيروزجٍ
وماذينج اللون إِسرنجِه

فمن متلوٍّ على نايه
ومن متثنٍّ على صنجه


الصنوبري

الحمدان
06-30-2024, 06:15 PM
فللظَّهْر من حَلبٍ منزلٌ
تُثابُ العيونُ على حَجِّهِ

أَعِدْ نحو جوشنِهِ نظرةً
إلى بيعتيه إلى بُرْجِه

إلى بانقوساهُ تلك التي
حكتْ راكباً لاح من فَجِّه

لترتاضَ نَفْسُكَ في رَوضِهِ
ويمرحَ طَرفُكَ في مَرْجِه

وقد نَظمَ الروضُ سِمطَيْه من
سنانِ قُويقٍ إلى زُجِّه

كفرجِكَ خَفقتانَ وشيٍ بدا
بياضَ الغلالة من فرجه


الصنوبري

الحمدان
06-30-2024, 06:15 PM
بيضاءُ تُجلى للعيونِ فتنجلي
ورداً على صفيحةِ عاجِ

ولقد أنازعها سلافةَ قَرقَفٍ
كدم الذبيح جرى من الأوداج

حمراءَ تَزْهَرُ في الإناءِ كأنها
ياقوتةٌ كسيت قميصَ زجاج


الصنوبري

الحمدان
06-30-2024, 06:16 PM
ما بالُ أعلى قويقَ ينشرُ من
وَشْي الربيعِ الجديدِ ما أدْرَجْ

كأنما اختيرتِ الفصوصُ له
بين عقيقٍ وبين فيروزج

أما ترى البِيعتين أُفردتا
بمفردِ الأقحوان والمُزْوَج

أثوابُهُ المزنُ كيفما اتَّصَلَتْ
ونارُهُ البرقُ كيفما أجج

والعَوجَانُ الذي كلفتُ به
قد سُوِّيَ الحسنُ فيه مذ عَوَّج

ما أَخطأ الأيْمَ في تعوجه
شيئاً إذا ما استقامَ أو عرَّج

تدرَّجُ الريحُ مَتْنَهُ فترى
جَوْشَن ماءٍ عليه قد درّج

إن أعنقتْ بالجنوبِ أعنقَ في
لُطْفٍ وإن هَمْلَجَتْ به هملج

من أين طاقت شمسُ النهارِ به
حسبتَ شمساً من جوفه تخرج


الصنوبري

الحمدان
06-30-2024, 06:16 PM
ومواتي العناقِ غيرُ مواتي
مُطْمِعُ اللفظِ مُؤْيسِ اللحظات

لا ينيلُ التقبيلَ إلا اختطافاً
كاختطافِ الخطّافِ ماءَ الفرات


الصنوبري

الحمدان
06-30-2024, 06:16 PM
وحظِّيَ من نَقْلٍ إذا ما نَعَتُّهُ
نعتُّ لعمري منه أحْسَنَ منعوتِ

من الفستقِ الشاميِّ كلّ مصونةٍ
تُصانُ من الأحداقِ في بطن تابوت

زبرجدةٌ ملفوفةٌ في حريرةٍ
مضمنةٌ دراً مُغَشَّىً بياقوت


الصنوبري

الحمدان
06-30-2024, 06:16 PM
تقولُ لي وكلانا عند فرقتنا
ضدّان أدمعنا درٌّ وياقوت

أقمْ بأرضك هذا العامَ قلتُ لها
كيف المقامُ وما في منزلي قوت

ولا بأرضكِ حرٌّ يستجارُ به
إلا لئيمٌ ومذمومٌ وممقوت


الصنوبري

الحمدان
06-30-2024, 06:17 PM
قالوا لنا نخلةٌ وقد طَلَعَتْ
نَخْلَتُنا فاصطبرْ لطلعتها

حتى إذا صار طَلْعُها بَلَحاً
قالوا تَوَقَّعْ بلوغَ بُسْرتها

حتى إذا بُسْرها غدا رُطَباً
فازوا بأعذاقها برمّتها

عدمتها نخلةً كنخلةِ عر
قوبٍ ومن قصةٍ كقصَّتِها


الصنوبري

الحمدان
06-30-2024, 06:17 PM
تَشَبُّهُ الروضِ بالحبائِب قد
زاد المحبينَ في محبتها

كم منْ قدودٍ هناك من قُضُبٍ
تميلُ من لينها ونعمتها

كم وجنةٍ خالُها يلوحُ لنا
سوادُهُ في صفاءِ حمرتها

وكم ثنايا تسبى بنكهتها
وكم عيونٍ تُصبي بلحظتها

تسارقُ الغمزَ غمزَ خائفةً
رقيبَها من خفاءِ نظرتها


الصنوبري

الحمدان
06-30-2024, 06:17 PM
قويقُ إذا شمَّ ريحَ الشتاءِ
تُشَمُّ الخلافةُ من جَيْبِهِ

وفي الصيفِ وغدٌ متى عِبْتَهُ
فلستَ ملوماً على عيبه


الصنوبري

الحمدان
06-30-2024, 06:17 PM
هدم الشيبُ ما بناهُ الشبابُ
والغواني وما غضبنَ غِضابُ

قُلِبَ الآبنوسُ عاجاً فللأع
ين منه وللقلوبِ انقلاب

وضلالٌ في الرأي إن يُشنَأ البا
زي
على حسنه وَيُهْوى الغراب


الصنوبري

الحمدان
06-30-2024, 06:18 PM
أَثقلُ من حمَّى إذا ما بدت
تُرْعد بالنافضِ والصالبِ

لو مرَّ من ميلٍ توهمته
قد مرَّ بين العينِ والحاجب

ولو مشى في جانب الأرض من
ثِقْلٍ إِذنْ مالتْ إِلى جانب


الصنوبري

الحمدان
06-30-2024, 06:18 PM
سقى حَلَبُ المزنِ مغنى حَلَبْ
فكم وصَلَتْ طرباً بالطَّرَبْ

وكم مستطابٍ من العيشِ لذَّ
بها لي إِذِ العيشُ لم يُسْتَطبْ

إِذا نشر الزهرُ أَعلامَه
بها ومطارفَهُ والعَذَب

غدا وحواشيه من فضّةٍ
تروقُ وأوساطُهُ من ذهب

زبرجده بين فيروزجٍ
عجيبٍ وبين عقيقٍ عَجَب

تلاعبهُ الريحُ صدرَ الضُّحى
فَيُجْلى إلينا جلاءَ اللعب


الصنوبري

الحمدان
06-30-2024, 06:18 PM
يا ريمُ قومي الآن ويحكِ فانظري
ما للربى قد أظهرتْ إِعجابَها

كانت محاسنُ وجهها محجوبةً
فالآن قد كشفَ الربيعُ حجابَها

وردٌ بدا يحكي الخدودَ ونرجسٌ
يحكي العيونَ إذ رأتْ أحبابَها

ونباتُ باقِلاَّءَ يُشْبِهُ نَوْرُهُ
بُلْقَ الحمامِ مُشيلةً أذنابَها

والزرعُ شِبْهُ عساكرٍ مُصْطَفَّةٍ
قد فَوّقتْ عن قَسْيِها نُشَّابَها

وكأنَّ خُرَّمَهُ البديعُ وقد بدا
روسُ الطواوسِ إذ تديرُ رقابَها

والسروُ تحسبه العيونُ غوانياً
قد شمَّرتْ عن سوقِها أثوابَها

وكأنَّ إِحداهنَّ من نفح الصَّبَا
خودٌ تلاعبُ مَوْهِناً أترابَها

والنهرُ قد هَزَّتْهُ أرواحُ الصَّبَا
طرباً وَجَرَّتْ فَوْقَه أهدابَها

لو كنتُ أملكُ للرياض صيانةً
يوماً لما وطئ اللئامُ تُرابَها

ومجلسٍ لا ترى في من يطوفُ به
إِلا فتىً صيغَ من ظرْفٍ ومن أدبِ

نلهو بعذراسَ لا تفتضُّ عذرتها
إلا بكفِّ الذي تحويه من نشب

بكفّ ساقٍ كأن الكأسَ في يده
جسمٌ من النور أو روحٌ من الحبب

كأنما الماءُ لما سال من يده
في كأسها فضةٌ سالتْ على ذهب

ناهيك من فضةٍ تجري على ذهبٍ
نُورٌ من الماءِ في نارٍ من العنب

تخالُ هذا وذا في الكأسِ إذ جُمعا
ماءَ اللجين على ماءٍ من الذهب


الصنوبري

الحمدان
06-30-2024, 06:18 PM
يومٌ ذيولُ مُزنِهِ
على الثرى مُنسَحِبَهْ

بروقهُ سافرةٌ
وشمسه منتقبه

والرعدُ في أرجائه
ذو ألسنٍ مصطخبه

فما تني سماؤه
ضاحكةً منتحبه

طلبتُ أقصى أملي
فيه فنلتُ الطَّلِبَه

بسيِّدين ارتقيا
منقبةً فمنقبه

واتفقا في كنيةٍ
والتقيا في مرتبه

نشربها عذراءَ قد
قامتْ بحقّ الشربه

أكرمُ ذخرٍ ذاخرٍ
من كرمةٍ في عنبه

كأنما الراحات من
شعاعها مختضبه

متى سكبناها تَقُلْ
عقيقةٌ منسكبه

في مجلسٍ أطنابه
على العلا مُطَنّبه

بين رياضٍ كلّها
في حُللٍ مُكتَّبه

فروضةٌ مشرقة
وروضةٌ ملتهبه

تذهبُ منها العينُ في
مثلِ الحليِّ المذهبه

أكرم به يوماً مضتْ
ساعاته المستعذبه

كلحظةٍ مخلوسةٍ
وقبلةٍ مُسْتَلَبه


الصنوبري

الحمدان
06-30-2024, 06:19 PM
الشيبُ عنديَ والإِفلاسُ والجربُ
هذا هلاكٌ وذا شؤمٌ وذا عَطَبُ

إن دام ذا الحكُّ لا ظفرٌ يدومُ ولا
يدومُ جلدٌ ولا لحمٌ ولا عَصب

أما تراهُ على الكفين منتظماً
كأنه لؤلؤٌ ما إِن له ثقب

كحبةِ العنب الصغرى تبين ولا
تزالُ تعظمُ ما لا يعظمُ العنب

ولقبوه بحبِّ الظرفِ ليتهمُ
يا نفسُ ضاعوا كما قد ضاع ذا اللقب


الصنوبري

الحمدان
06-30-2024, 06:19 PM
يا لَحُدْب الظهور قُعسِ الرقاب
لدقاق الخرطوم والأذنابِ

للطافٍ آذانها والخراطيمُ
حدادِ لأظفاء والأنياب

خُلِقَت للفساد مذ خُلِقَ الخل
ق واللعيث والأذى والخراب

ناقباتٍ في الأرض والسقف
والحائطِ نقباً أعيا على النقَّاب

آكلاتٍ كل المآكل لات
أمها شاربات كل الشراب

آلفات قرضَ الثياب وقد
يَعدلُ قرضَ القلوب قرضُ الثياب

زاد همِّي بهنَّ أوراقُ تركيُّ
السبالين أنمرُ الجلباب

ليثُ غابٍ خَلقاً وخُلقاً فمن
عاينه قال إِنه ليث غاب

قنفذٌ في ازبئراره وهو ذئبٌ
في اغترار وحية في انسياب

ناصبٌ طرفه إِزاءَ الزوايا
وإِزاءَ السقوفِ والأبواب

ينتضي الظفرَ حين يظفر في
الحربِ وإلا فظفره في قراب

سحبُ الصيدَ في أقلَّ من اللمح
ولو كان صيده في السحاب
قرطوه وقلدوه وعالوه
أخيراً وأولاً بالخضاب

فهو طوراً يبدو بنحر عروسٍ
وهو طوراً يمشي على عُنَّاب


الصنوبري

الحمدان
06-30-2024, 06:19 PM
قويقُ إذا شمَّ ريحَ الشتاءِ
أظهرَ تيهاً وكبراً عجيبا

وناسبَ دجلةَ والنيلَ وال
فراتَ بهاءً وحسناً وطيبا

وإن أقبلَ الصيفُ أبْصَرْتَهُ
ذليلاً حقيراً حزيناً كئيباً

إذا ما الضفادع نادنيه
قويق قويق أبي إن يجيبا

فيأوِينَ منه بقايا كُسِينَ
من طُحْلُبِ الصَّيْفِ ثوباً قشيبا

وتمشي الجرادةُ فيه فلا
تكادُ قوائمها أنْ تغيبا


الصنوبري

الحمدان
06-30-2024, 06:20 PM
متى تتداركُ نعلي أَلا
فقد ذهبتْ أو بدتْ تذهبُ

بسوداء ذاتِ بريقٍ تراهُ
كالآل من فوقها يلعب

وإلا فصفراءَ كالشمس حينَ
يجلِّلها ثَوبُها المذهب

وإلا فبلقاءَ قد وُشِّحَتْ
بنقشٍ كما وُشِّحَ المشجب

وإلا فدكناءَ عرسيةٍ
يشاكلها العنبرُ الأشهب

وإلا فحمراء لون الشقيقِ
وإن كان هذا فذا أغرب

وإلا فصهباء ما إِن يزالُ
ينافسها السوسنُ الأصهب

ولو كنتُ أعرف خضراءَ قلتُ
كالماءِ دَبَّجَهُ الطحلب

وممّا يزيّنها في العيونِ
كما زيّه الفرَس المركب

شراكٌ كخُطّافةٍ رَنَّقتْ
تهمُّ بشربٍ وما تشرب

وإِلا كحمَّرةٍ رفرفتْ
فلا هيَ تنأى ولا تقرب

كأن عيون الدَّبا خَرْزُها
إذا ما بدا للديا موكب

له شمسٌة سال كِيمُخْتُها
كما انقضَّ من حالقٍ كوكب

هي البكر يخطبها كفؤها
كذا البكرُ أحسنُ ما يخطب

أبوها يمانٍ ولكنها
إلى السِّندِ في زيِّها تُنْسَب

محذَّفَةٌ الوسطِ شابورةٌ
حكتها بآذانها الزبزب

وفي وسطها طُرَّةٌ فَصُّها
على طُرَّةِ العود بل أعجب

إذا أقبلت أدبرت حيةٌ
وإن أدبرت أقبلت عقرب

وذا النعتُ يعزب إلا عليك
فأمَّا عليك فما يعزب


الصنوبري

الحمدان
06-30-2024, 06:20 PM
أنيسُ ظباءٍ كوحش الظباءِ
وصبغُ حياً مثلُ صِبغ الحياءِ

ويوم يكلله بالشموس
صفاء الهوى في صفاء الهواء

فشمْسُ الجنان وشمس الدنانْ
وشمس القيانِ وشمس السماء

واسحمَ ينثر من طلِّه
على درّ نواره درَّ ماءِ

وأصبحَ ركضُ صباه يثيرُ
عجاجةَ كافوره في الفضاء

تظلُّ به الطيرُ مشغولةً
تطارحُ فيه صروف الغناء

تروقُكَ بالصوتِ من غير عودٍ
وتصبيك بالزَّمْرِ من غير ناء

فقم نشتملْ برداءِ الزمانِ
فإن الزمانَ أنيقُ الرداء


الصنوبري

الحمدان
06-30-2024, 06:20 PM
قدم الصيفُ والشتاءُ تولَّى
وتولَّت مقدماتُ الشتاءِ

ويك دعْ باقيَ الإفك ما الرقة ال
بيضاء عندي بالرقة السوداء

اكتساءٌ من النبات ولطفٌ
غير لطف النبات والإكتساء

وأرى العمرَ عامراً لرباه
بعدما كان عافياً بعفاء

في ملاء من الرياض وقد
عطل حسن الرياض حسن الملاء

وحلى سوى الحلي وأشيا
ء من النبت زدن في الأشياء

ذهبٌ حيثما ذهبنا ودرٌّ
حيثُ دُرنا وفضةٌ في الفضاء

وفرندٌ مثلُ الفرندِ ولكن
ليس ذا في البها ولا في البهاء

وكأن البهارُ يصفرُّ في الروض
دنانير سكة صفراء

طاب هذا الهواء وازداد حتى
ليس يزداد طيبُ هذا الهواء


الصنوبري

الحمدان
06-30-2024, 06:21 PM
جديدُ هذي الرزايا رَهْنُ إِخلاق
وما أراق الأسى من عبرةٍ راقِ

فما صدودكَ عن كاسِ السلوِّ إذا
ما كنتَ لابدَّ أنْ يَسقيكها السَّاقي

لو ردَّ دمعٌ لجدنا بالدموعِ فإن
نَفَدْنَ جُدنا بأجفانٍ وأحداق

مَنْ ليس يُشفقُ من كيدِ الخطوبِ وَمَنْ
رأيتَ أنجاه منها فرطُ إِشفاق

تهوي جبالُ الرزايا بيننا أبداً
فنتّقيها بأشباحٍ وأرماق

ما بات خَلْقٌ من البلوى على ثقة
لو بات منها على عَهْدٍ وميثاق

هل كان رفعي إلى الأيام مِنْ نظري
إلا كما كان إِغضائي وإِطراقي

إِن أُفْجَعِ اليومَ بالعِلْقِ النفيسِ فقد
تجاوزَ الدهرُ لي عن خيرِ أَعلاقي

آبى العزاءَ عن الماضي فيجذبني
إلى العزاءِ يقيني أنَّك الباقي

إِذا الغيوث أبا تمامٍ استبقت
سبقتها بندىً للغيثِ سبَّاق

يا أكملَ الناسِ في خَلْقٍ وفي خُلُقٍ
إذا غَدَتْ خِلَقٌ أضدادَ أخلاق

إِسلمْ وأَنْفِقْ من الأعمارِ أبعدَها
من أَنْ يبينَ عليه إِثْرُ إِنفاق

لو أنَّ خلقاً وقاه المجد من حَزَنٍ
إذن وقاكمْ لنا من مجدكمْ واق


الصنوبري

الحمدان
06-30-2024, 06:21 PM
يا عاشقاً كان معشوقاً فصارَمَه
معشوقُهُ وتسلَّى عنه عاشقُهُ

يظلُّ فرداً فلا هذا يلاحظُه
بغير وصلٍ ولا هذا يرامقُه

خرجتَ من بين قلبينا فما لبثا
أن مال هذا إلى هذا يُلاصِقه


الصنوبري

الحمدان
06-30-2024, 06:22 PM
لم أعْطِ نفسي حَقَّها
مَلَّكْتُ مِثْلَكَ رِقَّها

فالآن أعْتَقَها هواكَ
وكان رأيي عِتْقَها

رفقتْ بها نارُ الأسى
من حيث أهوى رِفْقَها

لم تلق في معشوقها
صوناً فصانت عشقها

يا باذلاً كذبَ المود
ةِ حين أَبْذُلُ صِدْقَها

ومسامحاً بهجائه
غربَ البلادِ وشرقها

إن صُعِّبَتْ طُرُقُ القلوبِ
إِليكَ سَهَّلَ طرقها

لو كنتَ رزقَ النفسِ ما
كانتْ لتطلبَ رزقها

قَبُحتْ غلالةُ وجهك ال
منسي الغلائلَ دِقَّها

ما كان أصْفَقَها إِذا
باشرْتُها وأرقَّها


الصنوبري

الحمدان
06-30-2024, 06:22 PM
إنه من علامةِ العشَّاقِ
اصفرارُ الوجوهِ عند التلاقي

وانقطاعٌ يكونُ من غير عيٍّ
وَوَلوعٌ بالصمتِ والإطراق

وقف الشوق بي فلما تبدَّى
عُرفَت فيه رغبةُ المشتاق

فتماسكتُ بعد ما أن أجلتُ الرأي بين الوقوف والانطلاق

لم تُسلِّمْ فسلَّمتْ لحظاتٌ
مخبراتٌ عن شدة الاشتياق

وإذا ما السلامُ ضنَّت به الأل
سنُ كان السلامُ بالأحداق


الصنوبري

الحمدان
06-30-2024, 06:23 PM
ويليَ من دمعكَ المراقِ
يومَ عَزَمْنا على الفراقِ

يا واهباً قلبَه لقلبي
فهو يلاقي الذي أُلاقي

بكيتُ من فُرقَتي بعينٍ
أَقرَّها الله بالتلاقي

فيا له من عقيق خدٍّ
جمَّشَهُ لؤلؤُ المآقي


الصنوبري

الحمدان
06-30-2024, 06:23 PM
يا عجباً أَبْصَرْتُ في السوقِ
ما أبْصَرَتْهُ عينُ مخلوقِ

ما راعني إلا فتىً عاشقٌ
وعينُهُ في عينِ معشوق

ضمّتهما الطُرْقُ إلى مَوْضعٍ
كحلقةِ الخاتَمِ في الضيق

فافترقا خَوْفَ رقيبيهما
عن موعدٍ باللحظِ مسروق


الصنوبري

الحمدان
06-30-2024, 06:23 PM
حمتني البراغيثُ طيبَ الكرى
فليس يطوفُ الكرى بالمآقي

طفقن يَردنَ رفاقاً دمي
ومن أطولِ الوِردِ وردُ الرفاق

تفوقُ الهماليجُ في مشيها
إليَّ وتقفز قفزَ العتاق

ذواتُ شِفارٍ رقاقٍ تفوقُ
في القطع حدَّ الشفارِ الرقاق

وكالرُّقَباءِ على العاشقين
فتفسدُ بالقَرصِ طيب العناق

تُباشرُ جِلدَ الفتى كالهباءِ
ويصدرنَ عن جلدِهِ كالزِّقاق


الصنوبري

الحمدان
06-30-2024, 06:24 PM
قد أَحْدَقَ الوردُ بالشقيق
خلالَ بستانِكَ الأنيقِ

كأنه حَوْلَهُ وجوهٌ
مستشرفاتٌ إلى حريق

فاشربْ على الشقيقِ كأساً
تشربْ عقيقاً على عقيق


الصنوبري

الحمدان
06-30-2024, 06:24 PM
أوْدِعِ العذلَ كفَّةَ المنجنيقِ
والقَ وجهَ اللاحي بوجهٍ صفيقِ

ذا طريقُ السلوِّ قد قَطَعَتْهُ
مقلةٌ تستحلُّ قَطْعَ الطريق

بأبي مطفئٌ حريقي بوصلٍ
لا يزيدُ الحريقَ غيرَ حريق

شادنٌ موثقٌ عقودَ المواثي
ق وما عقدُ خَصْرِهِ بوثيق

صاغه صائغُ الملاحةِ من ماءٍ
ولكنَّ خدَّهُ من رحيق

حقَّ خلعُ العذار فيه لم كان
بخلع العذارِ غيرَ حقيق

لو رآه الزنديقُ ما شكَّ فيه
أنه حُجَّةٌ على الزنديق

زار إذ زار في نقاب شقيقٍ
أنا أَفدي مُنقَّباً بالشقيق

كاسياً من رشاقةِ القدِّ ما لا
يكتسيه قدُّ القضيب الرشيق

ساحباً حُلَّةَ الدبيقيِّ لكن
في الدبيقيِّ منه جسمُ دبيقي

فدنونا دُنَوَّ نِضْوٍ عليلٍ
حين يدنو إلى طبيبٍ رفيق

واعتلقنا مثلَ اعتلاق الغريقي
ن غريقٍ مُعلَّقٍ بغريق

وتأملته وقد دقَّ معنى الحسن
فيه عن كلِّ معنى دقيق

فإذا وجهه ربيعٌ أنيقٌ
حين يصبو إلى الربيع الأنيق

وإذا جسمه نسيمٌ رقيقٌ
رقَّ عن رقَّةِ النسيم الرقيق

وإذا شاربُ الزبرجدِ منه
واقفٌ بين لؤلؤٍ وعقيق

ابنُ عشرٍ وبعضِ عشرٍ خليقٌ
بارتداءِ البلوغ غيرَ حَليق

حين أعدى خَفْتَانَه صدأ الدرع
وما إِن عداهُ رَدْعُ الخلوق

فهو طفلٌ بل يافعٌ في محلٍّ
حلَّ بين الدبّوس والدَبُّوق

ذو بنانٍ تُراضُ للخطِّ والعَقْ
د وطوراً للكاسِ والإِبريق

يستقيد التجميشُ منه عناناً
ليس تقتادُهُ يَدُ التحقيق

يا صديقي علامَ صرتَ عدوِّي
وعدوّي عليه غيرُ صديق

ما شفيقٌ مَنْ لامَ فيه وما مَن
لم يلمني في حبِّه بشفيق

شَرقَت من دمٍ مدامعُ عينٍ
ما رَثَت لي وقد شرقتُ بريقي


الصنوبري

الحمدان
06-30-2024, 06:24 PM
أنا بالشام والهوى بالعراق
موثَقٌ من صبابتي في وثاقِ

ذو اشتياق ألتذُّ بَردَ دموعي
لو وفى بَردُها بحرِّ اشتياقي

ليس يدري الفراق ما لوعةُ العش
قِ فيرثي للوعةِ العشاق

لو درى لا درى الفراق لما فرّ
ق بين المشتاق والمشتاق

سوف أدعو على الفراق وأدعو
للتلاقي سَقياً لعهد التلاقي

وإنَّ من قَدَّر الفراق قديرٌ
أن يُذيقَ الفراق طعمَ الفراق


الصنوبري

الحمدان
06-30-2024, 06:25 PM
تعالَ عندي مجلسٌ مونِقٌ
يزيدُ أَضعافاً على المونق

فقهوةٌ كالنار لكنها
إن تلقَ غيرَ الهمِّ لم تَحْرق

والنرجسُ الأبلقُ والنفسُ لا
تملُّ قربَ النرجس الأبلق

وكلُّنا من نَمَطٍ واحدٍ
في الزيِّ والمذهب والمنطق

ما عندنا مَن نَفسُهُ عنده
كالشاهِ والندمانُ كالبيذق

نديمُه قُدامَه ثعلبٌ
فدامَ ليث الغابةِ المطرق

إن شاء أن ينطقَ كان الذي
يشاءُ أو إن شاءَ لم ينطق


الصنوبري

الحمدان
06-30-2024, 06:25 PM
أما الرياضُ فَعِشقُها عِشْقُ
لم يبقَ فيَّ لغيرها طُرْق

انظر إلى حِذقِ الربيعِ فما
إن كاد يعدلُ حِذقَه حذق

نُسَخُ الرياض أتتك تُقرأُ مِن
بُعدٍ كأن سطورها مَشْق

نُشِرَت على تلك الرُّبى حُلَلٌ
مما يحوكُ الرعدُ والبرق

قمصانُ خِيْرِيٍّ ملوّنةٌ
وغلائلٌ مِنْ سُوْسَنٍ زُرْق

ظلَّ البهارُ تُضيءُ أوْجُهُهُ
فيضيءُ منها الغربُ والشَّرْق

وتلألأتْ أحْداقُ نرجِسِه
لما جلا أحْداقَهُ الودق

أما ابتسامُ الأقحوانِ إذا
عايَنْتَهُ فكأنَّهُ حُقُّ

وكأن وردَ الباقلاءِ على
خُضْرِ الغصونِ حمائمٌ بُلْق

زَهْرُ الرياضِ إذا هي ابتسمتْ
تدعو فيسرعُ نحوها الخلق

فتظلُّ تنطقُ وهي ساكتةٌ
إنَّ الرياضَ سكوتُها نُطْق


الصنوبري

الحمدان
06-30-2024, 06:25 PM
أمَّا الخيالُ فما يزالُ يَشُوقُهُ
يُدنيك منه على البعادِ طُروقُهُ

أَنَّى اهتدى للرقَّتين كأنما
بالرقَّتين زَرُودُه وعقيقه

بدنو إذا ما البينُ بانَ بِقُرْبه
عنّا وأزمعَ بالفراقِ فريقه

نعم النديمُ أرى ووردي خَدُّهُ
في النوم منتشياً وخمري ريقه

أفضى إلى الصبِّ المشوقِ بِكُنْهِ ما
لاقى به صبُّ الفؤادِ مشوقه

هجر الصبوحَ مع الغَبوقِ وإنما
فيضُ الدموعِ صَبوحُهُ وَغَبُوقُه

يا ناصحاً ما زال يُتْبِعُ نُصْحَه
غِشّاً إذا نصحَ الصديقَ صديقهُ

قلت العزاءُ يُرَامُ لستُ أرومُهُ
قلت السلو يطاق لست أُطيقه

أرسى بأرضِ الرقتين مُجَلْجِلٌ
يستنُّ فيه رَعْدُهُ وَبُرُوقُه

ولنعم مأوى اللهوِ للكلفِ الذي
للهو كان غُدُوُّهُ طرُوقه

روضٌ عهدناهُ تصوغُ بطونُهُ
لظهوره زهراً يلوحُ أنيقُهُ

سحبتْ سحائبُه عليه ذيولَها
حتى تَشَقَّقَ في رُباهُ شقيقُه

وكأنما هو عند ذلك عاشقٌ
صبٌّ أحبَّ وصالَهُ معشوقه

عِطرٌ فمبيضُّ الربى كافورُهُ
رَدعُ ومصفرُّ الوهادِ خَلوقه

كم قد سقاني الكاسَ فيه شادنٌ
كالغصن ممشوقُ القوام رشيقُه

ذهبية فإذا تُشَجُّ فإنما
هي في الإِناءِ لظىً يطير حريقه

وإذا القيانُ ترنَّمتْ أوتارُها
للشَّربِ قَهقَهَ ضاحكاً إِبريقه

ما زلتُ أَمزجُ ريقَهُ برحيقِه
سيَّانِ عندي ريقُهُ ورحيقه


الصنوبري

الحمدان
06-30-2024, 06:26 PM
دهرُنا ما عَلِمْتَهُ دهرُ ضِيْقِ
كم أرى في بحارِهِ منْ غريقِ

ما ترى الدهر كيفَ أحدثَ فينا
شركةَ العاشقين في المعشوق

فهو شطران يمنةً وشمالاً
مثل ذيلِ الدُرَّاعَةِ المشقوق

ذا يوازيه بالثريا وهذا
عنده أنه أخو العيوق

مستطارٌ كلاهما من جوى الودِّ
يرى بَيْضَهُ كبيض الأنوق
يستجيزان قسمةَ الوصلِ بالعدل
ويستحسنانِ أخْذَ الحقوق

لا يملاّن من موازنةِ اللثم
ولا يسأمانِ كَيْلَ الريق

لم يخالفْ هذا لذا قطّ إلا
والتقَتْ فَيْشَتاهما في الطريق

ما رأت مقلتايَ من قبلِ هذا
أو ترى رامِيَيْنِ في جَوْفِ فُوْق

فهما من هواهُ بين قريبٍ
في مغاني الهوى وبين سحيق

ذا كمحصي الأمواج إِذ ذكر العشقَ
وهذا كنافخٍ في بوق


الصنوبري

الحمدان
06-30-2024, 06:26 PM
يا مَن تعيِّرني بأني شاعرٌ
عيّرتِني بمكارم الأخلاق

لا تَعجلي وذري الملام سفاهةً
فالشعرُ أحسنُ زينةِ العشاق

أوما علمت بأنَّ فيه فضائلاً
أُنسُ الوحيد وراحةُ المشتاق

وبلاغةٌ تجلو العقولَ وحكمةٌ
ما إن تزالُ تُبَثُّ في الآفاق

لو لم يكن في الشعر إلا أنه
في مدح وصلٍ أو هجاءِ فراق

أو وصفِ وجهٍ مثلِ وَجْهِكِ لم يزلْ
أبداً يفوقُ الشمسَ بالإِشراق

أو نعتِ نَدْمانٍ يَظَلُّ بمجلسٍ
لا بالملولِ له ولا المذَّاق

أو رَجْع عودٍ يستبيك برجعه
والراحُ بارزةٌ بكفِّ الساقي

وكفاك أنَّ الشعرَ فيه غرائبٌ
ما إنْ تزالُ قلائدُ الأعناق

وبه يُعَزَّى كلَّ يومِ تفرُّقٍ
وبه يُهنَّا كلَّ يومِ تلاقي


الصنوبري

الحمدان
06-30-2024, 06:27 PM
قويقٌ له عهدٌ لدينا وميثاقُ
وهذي العهودُ والمواثيقُ أطْواقُ

نفى الخوفَ أنَّا لا غريقَ حِيالَهُ
فنحن على أَمْنٍ وذا الأمْنُ أرزاق

ونزَّههُ ألاَّ سفينةَ تمتطي
مَطاهُ لها وخْدٌ عليه وإِعناقُ

وإن ليس تَعتاقُ التماسيحُ شُربَه
إذا اعتاق شُربَ النيل منهنَّ مُعتاق

ولا فيه سِلَّورٌ ولو كان لم أَكُن
أرى أنه إلا حميمٌ وغَسَّاق

بلى يُعلِنُ التسبيحَ في جَنَباتِه
علاجمُ بالتسبيحِ مذ كنَّ حُذَّاق

أَقامت به الحيتانُ سوقاً ولم تزلْ
تُقامُ على شطِّيه للطير أَسواق

وسُربِلَ بالأرحاءِ مَثنى وموحداً
كما سَربَلَت غصناً من البان أوراق

وفاضت عيونٌ من نواحيه ذرَّفٌ
ولما تُعاونها جفونٌ وآماق

هو الماءُ إِن يوصف بكُنه صفاته
فللماءِ إِغضاء لديه وإِطراق

ففي اللون بَلُّورٌ وفي اللمع لؤلؤٌ
وفي الطِّيب قِنديدٌ وفي النفع درياق

إذا عَبَثَتْ أيدي النسيم بوجهه
وقد لاح وجهٌ منه أبيضُ بَرّاق

فطوراً عليه منه درعٌ خفيفةٌ
وطوراً عليه جوشنٌ منه رَقراق

ولم يعده نيلوفرٌ متشرف
بأرؤس تبرٍ والزبرجدُ أعناق

له ورقٌ يعلو على الماء مُطبَقٌ
كأطباق مدهونٍ يليهن أطباق

وقد عابه قومٌ وكلهمُ له
على ما تعاطوه من العيب عُشاق

وقالوا أليس الصيف يبلي ثيابَه
فقلتُ الفتى في الصيف يُقنعُه طاق

وما الصبحُ إلا آيبٌ ثمّ غائبٌ
تواريه آفاقٌ وتبديه آفاق

ولا البدرُ إلا زائدٌ ثمّ ناقصٌ
له في تمامِ الشهرِ حَبْسٌ واطلاق

ولو لم تطاولْ غيبةُ الوصالُ ولم يكنْ
فراقٌ ولا هجرٌ لما اشتاق مشتاق

وفضلُ الغنى لا يستبينُ لذي الغنى
إذا لم يبيِّنْ ذلك لما اشتاق مشتاق

قويقٌ رسيلُ الغيثِ يأتي وينقضي
ويأبى انسياقاً تارة ثم ينساق


الصنوبري

الحمدان
06-30-2024, 06:27 PM
قد وهبنا غزالنا المعشوقا
لك إِذ كنتَ بالغزالِ حقيقا

وعزمنا بأن تُفيقَ من الوج
دِ وما كان عزمُنا أن تُفيقا

ربما نؤثرُ الصديقَ بما نه
وى وقد يؤثرُ الصديقُ الصديقا

هاكَ خذهُ إليك بدراً منيراً
وغزالاً أحوى وغصناً أنيقا

أبداً تستفيد من وجهه النا
ظر معنىً من الجمال دقيقا

خلتُ عينيه نرجساً وثنايا
ه أقحواناً والوجنتين شقيقا

لك طَرْفٌ مذ كان كان جموحاً
وفؤادٌ مذ كان كان مشوقا

تجدُ الغَبْنَ أن يخال شفيقٌ
في تصابيكَ أنْ تطيعَ الشفيقا

كلَّ يومٍ ما إن تزال تنادي
مَن ببحرِ الهوى الغريقَ الغريقا

ساحباً في الفسوق ذيلَ خليعٍ
أفما آن أنْ تَمَلَّ الفسوقا

بأبي أنت سيداً أو عزيزاً
وخليلاً وصاحباً وشقيقا

سُنَّةُ العِشْقِ لم تؤسَّسْ على الشر
كةِ فارجعْ فقد غَلِطْتَ الطريقا

الصنوبري

الحمدان
06-30-2024, 06:27 PM
ما أراني إلا اتهمتُ اشتياقي
فأردتُ امتحانه بالفراق

وقديماً أبانَ هذا التنائي
فَضلَ ما بينه وبين التلاقي

أيّهذا الأستاذُ لولا انطلاقي
عنك لم أدرِ كيف قَدرُ انطلاقي

ذقتُ طعم النُّعمى التي سَلَفَت منك
فألفيتُهُ كريهَ المذاق
جدولٌ سُدَّ عنه بَحرُ المعالي

وقضيبٌ إِجتُثَّ من خير ساق
كنت في فيئك الكنيفِ فمالت

بيَ عنه خُلوقَهُ الأخلاق
أبن بي عن جنابكَ الزاهرِ الروضِ
وعن ظلِّك المديد الرّواق

حيثُ سُرْجُ العلوم ذات اتقادٍ
وعزالي الآداب ذات اندفاق

وسلاتٌ من البشاشةِ تجري
من أُناسٍ مجاريَ الأرزاق

لو تأملتني وآفاقُ ذكراك
أمامي في سائر الآفاق

ودموعي من الأسى في انسكابٍ
وضلوعي من الجوى في احتراق

وانقباضي عن الثقاتِ كأني
موثّقُ القلب دونهم في وَثاق

لرأيت الصفاءَ غضّاً جديداً
ووجدت الوفاءَ حيّاً باقي


الصنوبري

الحمدان
06-30-2024, 06:28 PM
لا يأخذِ العذلُ منكَ والملقُ
ووجه دنياك ابيضٌ يَقَقُ

ثلجٌ كما نوَّرَ الرياضُ له
عساكرٌ تلتقي وتفترق

استوت الأرض والسماءُ به
واشتبه الفجر فيه والغَسِق

وأورقَ الجوُّ فهو في حُلَلٍ
من ورقٍ غيرَ أنها وَرِق

إذا الصبا عارضته تنثره
طارت إليه العيونُ تستبق

يومٌ كما تشتهيه مُصطَبحٌ
وفوق ما يشتهيه مُغْتَبق

نظلُّ في ظلِّه رحارحنا
ألٌ مصوغٌ وراحُنا شفَق

في نرجسٍ ما عدا اللجينَ ولا ال
عسجدَ منه الجفونُ والحدق

أحرُّ يومٍ قصفاً وأبرَدُهُ
نَجمَدُ فيه ونحن نحترق

يا حُسْنَهُ لو أقلَّ رِجْليَ أو
سالمني الوحلُ فيه والزلق

أوكَفَّتِ الرميَ من جوانبه
قسيُّ ريحٍ سهامُها دمق

أضْيِعْ بماشٍ هناك قد لَثِقَتْ
نعلاه وابتلَّ طِمْرُهُ الخَلَق

ما بين بحرين زاخرين فما
يهمه أينما مضى الغرق

لا الحرَّ عن منكبيه ذاد ولا
حَصَّنَهُ ثَعْلَبٌ ولا دِلِق

إِذا سيوفُ الجليدِ لُحْنَ له
فكلُّ أعضاء جسمه دَرَق

كم ذي حمارٍ يَرى مُزاحمتي
كما يرى الثأر ثائرٌ حنق

على ثيابي خطٌّ حوافِرُهُ
أقلامُهُ والمحابرُ الطرق

حالٌ إذا ما أخ جفاه أخٌ
فيها فبابُ الملامِ منغلق

فابسطْ وَقَتْكَ النفوسُ عذْرَ فتىً
طواه عَنْ إن يزورك الفَرَق

وَثِقْ أبا القاسم ابن كوجك ذا ال
مجدِ بخلٍّ بمجدكم يَثِق

إِنْ يكنِ الشخصُ عنك محتبساً
فالشوقُ ماضٍ إليك منطلق


الصنوبري

الحمدان
06-30-2024, 06:28 PM
يا برقُ ألاّ عُدْتَ ذاك الأبْرَقَا
وأطلْتَ فيه تلألؤاً وتألُّقا

وجمعتَ شملَ المزنِ في الدار التي
ألفيتَ شَمْلَ جميها متفرقا

داراً هَرَفْنَا في معالمها دماً
لمّا توهمنا المعالمَ مُهْرَقا

طفقتْ تجددُ مُخْلَقَ الشوقِ الذي
ترك الجديدَ من التصبرِ مُخْلَقا

ما كان أحسنَ ما يكونُ لقاؤُنا
إذ نلتقي منها بأحْسَنِ ملتقى

أيامَ لا أخشى من الواشي الذي
من عذله يُخشى عليَّ ويُتَّقى

أيامَ ثنى عنه الوصالُ عنانَهُ
وجعلتُ مغربها لعيني مشرقا

أَقْصِرْ فللأيامِ عندي حُكْمها
إذ عُوْدُ ذاك العيشِ فيها مورقا

لا تلْحَني إن أَنْفَذَتْ حُرَقُ الهوى
مساءَ الجفون تهلُّلاً وترقرقا

ما كنتُ أوَّلَ موسرٍ مِنْ عبرةٍ
فقضى بها دَيْنَ الفراقِ وأَملقا

وندى أبي الحسن الذي اعتقدَ الندى
خُلُقاً ولمَّا يعتقدهُ تَخَلُّقا

لقد انتضى منه الأميرُ مهنّداً
عضباً لهاماتِ الخطوبِ مفلِّقا

أضْحَتْ له تلك الرويّةُ قائماً
والعزمُ حدّاً والطلاقةُ رونقا

حصنُ الشآمِ المبتني من رأيه
سوراً على أرضِ الشآم وخندقا

لولا تَيَقُّظُهُ لَمَزَّق بَدْرُهَا
من حَضْرِها ما كان قبل مُفَرَّقا

كلف البنان بأفْعوانٍ مُطْرِقِ
لا بل يفوقُ الأفْعُوانَ المطرقا

عينُ السليمِ إلى الرُّقَى وسليمُهُ
متيقّنٌ أنْ ليس تَنْفَعُهُ الرقى

قلمٌ إذا ما سار يقدمُ موكبَ ال
آراءِ كان له الفضاءُ مطرَّقا

تلقاه أخرسَ ناطقاً وكفى به
أُعجوبةً من اخرسٍ أن ينطقا

يرد القريبَ من الموارد أشهباً
جوناً ويصدرُ حين يصدرُ أبلقا

ومتى تلاحظْهُ العيْونُ مسوَّداً
تحسبْه من حُسْنِ السوادِ مُخَلَّقا

طبٌّ بتنميقِ الكلامِ كأنما
يعطيكَ وشياً في الطروسِ منمَّقا

تِرْبُ الحياةِ وربما فَتَحَتْ به
يقظاتُهُ بابَ الحِمامِ المغلقا

الله وَفَّقَهُ لإدراكِ الذي
تهوى النفوس فما يزالُ مُوَفَّقا

ما ضرَّه في حيث وجَّهَ حزمه
ألاَّ يوجِّه جحفلاً أو فيلقا

سلْ تجنِ عن عَوْدِ السؤالِ وبدئه
أذكى من المسكِ الذكيِّ وأعبقا

مَنْ بثَّ في الآفاقِ من آرائه
جيشاً محيطاً بالرعية مُحْدِقا

وأفاء رجم القرمطي مكذَّباً
عند الذين توهَموهُ مُصَدَّقا

جهلا بأنَّ الحربَ تبدو جدولاً
وتعودُ حين تعودُ بحراً مُتْأقا

حتى إذا رام الذهابَ مولياً
وجد الرحيبَ من المذاهب ضيّقا

هجم الفناءُ على بقيةِ نفسه
فثوى الفناءُ بها أحقَّ من البقا

كم فوقَ قسطَلهِ له من قسطلٍ
ملأت مُلاءَتُهُ الفضاءَ السَّوهقا

وأوان جاشَ الرومُ لم يترك لهم
جأشاً يتاركُ أَفْكَلاً أو أَولَقا

ركبوا الجبالَ الصمَّ فانهالت بهم
من خوفِ وقعته كما انهالَ النَّقا

أَنَجا من الأهوالِ منهم مَفْرقٌ
فتشيِّبُ الأهوالُ ذاك المفرقا

شَرعَ ابن يحيى النفّرِيّ مناقباً
أخذت عليه بالشريعة موثقا

فعلا من الهضَباتِ ما لا يُعتلى
ورقى من الدرجات ما لا يرتقى

متعشقاً حُسنَ الثناءِ مبرّءاً
من أن يكونَ لغيره متعشقاً

لو كان في زمن المرازبةِ الأولى
داوتْ حلومُهُمُ الزمانَ الأخرقا

أَنساهمُ بهرامَ جورَ تدفقاً
عند الخطوبِ ويزجردَ تبعُّقا

يا أيها الباني مراتبَ سؤددٍ
أضحى بأدناها في تعظيمها متأنّقا

هي حُلَّةُ المجدِ التي لو أنَّها
لِلُّبسِ كانت سندساً واستَبرَقا

أَغرقتَ في نُصح الأمير ولم يَقُم
بالنصح من لم يُلْفَ فيه مُغرقا

وهو الذي ملأ الشآمَ بعدله
حتى استنامَ شآمنا واستوسقا

سُمِّي ذكاءً في الحروبَ لأنه
يذكي الحروبَ مصمماً ومحققا

ومحرِّقٌ لو لمْ يُحَرِّقْ بابنهِ
مائةً تماماً لم يُسَمَّ محرِّقا

خُذْها تَحُثُّ إِليكَ أفئدةَ الورى
شوقاً كما حثَّ الحداةُ الأينقا

تذرُ الفرزدقَ وهو شاعرُ خندفٍ
متمنياً ألاَّ يكونَ فرزدقا


الصنوبري

الحمدان
06-30-2024, 06:29 PM
لسان المعالي عن لسانِكَ يَنْطِقُ
ووجهُ الضُّحى من وَجْهِ رأيِكَ يُشْرِقُ

وكم فتحتْ كَفَّاكَ من بابِ سُؤْدَدٍ
له غَلَقُ من دونِ غيرك مُغْلق

فلا زلتَ تَرْقَى في المكارم مُرْتقىً
يغضُّ الزمانُ الطرفَ منه ويُطْرِق

وهنِّيتَ مولوداً غدا اليمنُ مقبلاً
يَخُبُّ ببشراهُ إليك وَيُعْنِق

غَرَسْتَ أَباهُ قبله وغَرسْتَهُ
وغرسُ المعالي مثمرُ العودِ مورِق

تفاءَلْتَ إذ سميته بمظفَّرٍ
لعلمك أن الفألَ فيه سَيَصْدُق

فلم أرَ أمثالَ الوجوهِ تَسَرْبَلَتْ
خَلوقاً كأنَّ الدهرَ منه مخلَّق

ولا كالموالي إذ غدا وهو بينهم
كبدرٍ بدا في أنجمٍ تتألَّق

ولا مثلَ ما وافقته من سعادةٍ
حباك بها جَدٌّ سعيدٌ موفَّق


الصنوبري

الحمدان
06-30-2024, 06:29 PM
أَنعمانُ قد ألقيتَ خَلفك حاجتي
فلا أنت تقضيها ولا أنت تستعفي

وَمِنْ أين لا يُلقى الحوائجَ خَلفَه
مَنِ اعتادَ أن يقضي الحوائج من خلف


الصنوبري

الحمدان
06-30-2024, 06:29 PM
حسبُكَ من لَومٍ وتعنيف
وطول تهديدٍ وتخويفِ

ومن هجاءٍ لَذعُ نيرانِه
يُلهبُ ما تحتَ الشراسيف

أَنَّك قد أصبحتَ ذا لحيةٍ
تجلسُ في صفِّ المساليف

خُزيتَ يا شَعرُ فكم أمرداً
أَشقَيتَهُ من بعد تتريف

كم من موَفَّىً مَهرَهُ كاملاً
آل إلى بخسٍ وتطفيف

يا ابن رضىً دونك فاعمد إلى
ما شئت من نتف وتحذيف


الصنوبري

الحمدان
06-30-2024, 06:29 PM
يا شِبلُ دع ذكرَ ما سَلَفا
من مُرْدَةٍ محَّ رسمُها وعفا

عليك بالذلِّ والخضوع ولا
تَمِلْ إلى التيهِ وارفضِ الصَّلَفا

أُصيبَ خدَّاك باحمرارهما
وارتديا بالسَّوادِ والتحفا

جارت على وجهك الخطوبُ وكم
مَرَّتْ بوجهٍ فصيَّرَتْهُ قَفا


الصنوبري

الحمدان
06-30-2024, 06:29 PM
دع صاعداً إذ مضى يمضي ولا يَقِفُ
ففي أبي خَلَفٍ من صاعدٍ خَلَفُ

وقلْ له مستميتاً بالمقالِ ولا
يَغْرُرْكَ من صاعدٍ تيهٌ ولا صَلَف

يا من يحاولُ إِسرارَ الإِجارةِ وال
منقاشُ يَشْهَدُ والمقراضُ يَعْتَرِف

إن الإجارة سرّاً غير ممكنةٍ
لأنَّ سِراً تَعَدَّى اثنين ينكشف


الصنوبري

الحمدان
06-30-2024, 06:30 PM
إن عبدَ الرحمن أَعني ابنَ عَبْوَيهِ
عفيفٌ يجوزُ حَدَّ العفافِ

ليس ذا من تُقىً يبينُ ولكن
كسرتْهُ غضاضةُ الأسلاف

قبضَ الدهرُ عنه أَيديَ قومٍ
طالما قد بُسطنَ بالألطاف

ولقد كان ما عملتُ ظريفاً
باذلاً ما وراءَه للظراف


الصنوبري

الحمدان
06-30-2024, 06:30 PM
لا غروَ أن جارَ الزمانُ وحافا
وألمَّ حادثُهُ بكمْ وأطافا

مَن أصبحتْ أيدي الخطوبِ تنالُه
لم ينجُ من أيدي الخطوب كِفافا

ومتى يَزن ثِقلَ الرزايا إِمرؤٌ
ينؤ بهنَّ بلاؤهُنَّ خِفافا

إن تُفجَعوا أخرى الزمان بألفكمْ
فهي المنايا تفجعُ الألاَّفا

أحسنُ لم يُنصِفْ محاسِنَكَ البِلى
إن البِلى لا يُحسِنُ الإِنصافا

كم خائفٍ طولَ السقامِ عليك قد
ألقتْ مخافتُهُ إلى ما خافا

ما كنتَ إلا الغُصنَ أقبلَ مُورقاً
غضّاً وأسرع بعد ذاك جَفافا

إن يحوِ ذاك الشخصَ أطباقُ الثَّرى
فلقد حَوَتْ منه تقىً وعفافا

يا طَوْدَ عِلْمٍ ضُعْضِعَتْ أركانُهُ
لما تطاولَ شامخاً وأنافا

صبراً بني سلمون صبراً إِنها
دُوَلُ الزمانِ فَمُبْتلىً ومعافى

إنَّ المنايا كيف عارضَتِ الورى
وَجَدَتْهُمُ لسهامها أَهدافا

بل لو تجافتْ حادثاتُ الدهر عن
قومٍ لكانتٍ عنكمُ تتجافى


الصنوبري

الحمدان
06-30-2024, 06:30 PM
أستغفرُ اللهَ كم ذا الجهلُ والسَّرَف
أستغفرُ الله كم ذا الخُرْقُ والعُنُفُ

يدعو إلى الجهل داعينا فنتبعُهُ
يمضي على الجهل ماضينا ولا يَقف

كيف امترائيَ أخلافَ السرور وقد
رأيتُ رُسْلَ المنايا كيف تختلف

في كلِّ يومٍ لها جيشٌ يُروِّعنا
بشنِّ غارته فينا وينصرف

عندي مواعظُ لو أنّي اتَّعظتُ بها
مضى وأسلَفَنيها إذ مضى السَّلَف

لأدعونَّ بوالهفي ويا أسفي
إن كان يُجدي عليَّ اللهفُ والأسف

هي القلوبُ قد اسودّت وحقَّ لها
من الذنوب التي اسودَّت لها الصحف

حتى النزوع فحسبي ما جُنيتُ وما
اقترفتُ فكم أجني وأقترف

يا ويحَ نفسي أَغَرَّتْها سلامَتُها
إن السلامةَ مقرونٌ بها التلف

بئس الثراءُ ثراءً خَلْفَهُ عَدَمٌ
بئس الشبابُ شباباً خَلْفَهُ خَرَف

يا خائفاً ليس تثنيه مخافته
وعارفاً وهو في ذا ليس يَعْتَرِف

لا سيرَ إلا بزادٍ يُسْتَعانُ به
فاستأنفِ الزادَ إن الزّادَ مُؤتَنَف


الصنوبري

الحمدان
06-30-2024, 06:31 PM
واهاً لذاكَ الخِشْفِ منْ خِشْف
أُلْبِسَ تاجَ الحُسْنِ والظَّرْفِ

ضو مقلةٍ هاروتُ في طَرْفِها
أَمْلَكُ بالطَّرْفِ من الطرف

حين استتمَّ العَشْر أو جازها
قريبَ عُهْدِ الأذْنِ بالشِّنْف

ما زال مثلَ المهرِ مُسْتَصْعَباً
يُراضُ بالرِّفْقِ وبالعنف

حتى إذا الدهرُ ثنَى عِطْفَهُ
وكان عنِّي مائلَ العطف

سامح منْ قُدَّامِهِ بالذي
ضَنَّ به المغرورُ مِنْ خَلْف

قفزتُ بالوجِهِ وَعُوِّضْتُ من
فَخْذَيْهِ ما نابَ عن الردف

أَفْنَيْتُهُ عضّاً ورشفاً وقد
فنيتُ بينَ العضِّ والرشف

لقد شَفَى إِبليسُ منه وما
زال إذا استشفيتَهُ يَشْفِي


الصنوبري

الحمدان
06-30-2024, 06:31 PM
أَجُفوناً مَنَحْتَنا أَمْ حُتُوفاً
أَلحاظاً أَبَحْتَنا أم سُيوفا

أثنايا أبديتَ أم بَرَداً أم
أُقحواناً أم لؤلؤاً مَصْفُوفا

يا نسيبَ التفّاح لوناً وغصنَ ال
بان ليناً والياسمينِ رفيفاً

هاك نفسي وصيفةً يا وصيفي
وإِذا شئتَ هاكَ قلبي وصيفا

لا أراني أراكَ إلا مليكاً
لا أَليفاً كما تراني أَليفا


الصنوبري

الحمدان
06-30-2024, 06:31 PM
الصدُّ والهجرُ والإعراضُ والصَّلَفُ
والبخل والشحُّ والإفراطُ والسَّرفُ

نأيٌ وبينٌ وبُعدٌ قد لهجتَ به
فليس تَثني ولا تُلوي ولا تَعف

لم يبقَ ضربٌ من الهجران تعلمُهُ
إلا وعندك منه سيِّدي طَرَف

وقائلٍ صفْ أبا بكرٍ خلائِقَه
في الحبِّ قلت له قد جُزنَ ما أَصف

لو أن للشمس جزءاً من خلائِقِهِ
من ألف جزءٍ تمنَّى الناسُ تنكسف

اللهَ اللهَ في قتلي فما ليَ مِن
جُرمٍ إليكم سوى أني بكمْ كَلِفُ

أضعتُ حُسنكَ إن لم أجنِ صَفوَتهُ
والعيشُ مقتبلٌ واللهو مؤتنَف

فالوردُ ممَّا ترى من حُسن صورته
من قبل يَذبُل في الأغصان يُقتَطف

يا سيدي لستُ أرضى من هواكَ بأن
تُطوى وتُنشرَ فيما بيننا الصُّحُف

إِن أنت أنصفتني فيما أُحاولُهُ
من الوصالِ وإلا سوف أَنْتَصِف


الصنوبري

الحمدان
06-30-2024, 06:31 PM
ما زارَ إِلا مثلَ زَوْره طيفه
عجلاً يخافُ مُحبَّهُ مِنْ خوْفِهِ

رَخُصَتْ لعلَّ وسوف منه وإِنما
رَخُصَ الأسى بلعلِّه وبِسَوْفِه

حَرَمُ الجمالِ بوجهه الحَرَم الذي
يسري الحجيجُ إلى مِناهُ وخَيْفِه

مُتَقلِّدٌ سَيْفاً متى عايَنْتَهُ
فجفونُ عَيْنَيْهِ حمائلُ سيفِه

يا ذا الذي أضحى فؤادي ضَيْفَهُ
ما عُذْرُ من لم يرْعَ حُرْمَة ضيْفِه

هل حظُّ خدِّك من ربيعِ زمانِنا
إِلا كَحظِّ قلوبنا من صيفه

كم قائلٍ ودمي يُدافُ بأدمعي
لمَّا رأى وَلَعَ الجفونِ بدَوْفِه

أَبَكى على عَدْلِ الحبيب إذا انقضى
أسفاً عليه أمْ بكى مِنْ حَيْفِه


الصنوبري

الحمدان
06-30-2024, 06:32 PM
للسبت عندي يُدٌ سأشكرُها
شُكْرَ مقرٍّ له ومعترفِ

اصطدتُ ظبيَ الفلاة في طَرفٍ
منه وظبيَ الأنيسِ في طرف

قَلَّدَني الفألُ إذ ظفرتُ بداً
بأنَّ هذا منِّي على شَرَف

عاديتُ ذا أوّلاً ورحتُ إلى
هذا أخيراً في وقتِ منصرفي

وكان ما بين ذين من تُحَف ال
قَصْفِ كما أَشتهي من التُّحَف


الصنوبري

الحمدان
06-30-2024, 06:32 PM
أُحِبُّ نحافةَ الرشأ النحيف
وهل يهوى اللطيفَ سوى اللطيفِ

قليلُ المسكِ أكثرُ من كثيرٍ
من الطيبِ انقياداً في الأنوف

كذاك نحولُ جسمِ الراح مما
يُزَيِّنها إلى قلبِ الظريف

أتُنْكِرُ أنَّ الهلالَ يخافُ يوماً
كخوفِ البدرِ من قُبْحِ الكسوف

وَوَصْفُهمُ لِغُصنِ البانِ ممّا
يدلُّ على السمين أم القضيف

إليك فَعُظْمُ جِرْمَ البَمِّ جاءت
فضيلته أم الزيرِ الرهيف

إذا كان الأليفُ كذا دقيقاً
رشيقاً كان ريحانَ الأليف

ينوبُ عن النديم وإن أردنا
وصيفاً قام نابَ عن الوصيف

وما أَرَبُ الخفيفِ الرُّوحِ إلا
خفيفُ الروحِ ذو جسمٍ خفيف

يُميلُهُمَا العناقُ إذا استكانا
له مَيْلَ النزيف إلى النزيف


الصنوبري

الحمدان
06-30-2024, 06:32 PM
ما حلَّ بي منكَ وَقْتَ مُنْصَرَفي
ما كنتُ إلا فريسةَ التلفِ

كم قال لي الشوقُ قفْ لتلثمَهُ
فقال خوفُ الرقيبِ لم أَقِف

بسطتُ خطوي كَرْهاً وقد قبَضَتْ
رجلي عن الخطو شِدَّةُ الكَلَف

فكان جسمي في زيِّ منطلِقٍ
وكان قلبي في زيِّ منعطف


الصنوبري

الحمدان
06-30-2024, 06:32 PM
جاريةٌ شعرُها ملاحِفُها
تعجزُ عن حمله وصائفُها

تنالُ أطرافُهُ إذا سقطت
في المشي ما لم تنلْ مطارفُها

مفترقُ الشَّمْل هاهنا وهنا
قد فَرَّقت شملَه روادفها

للَّيل فجرٌ يَسُرُّ منظرُهُ
وليلُها فجرُهُ سوالفها


الصنوبري

الحمدان
06-30-2024, 06:33 PM
وجوه شقائقٍ تبدو وتَخْفى
على قُضُبٍ تميدُ بهنَّ ضَعْفا

تراها كالعذارى مُسبِلاتٍ
عليها من جميمِ النبت سَجفا

تنازعتِ الخدودِ الحمرَ حُسناً
فما إِن أخطأت منهنَّ حرفا

إذا طَلَعتْ أَرَتْكَ السُّرجَ تُذكى
وإن غَرَبتْ أرتك السُّرجَ تطفا

تُخالُ إذا هي اعتدلت قياماً
زجاجاتٍ مُلِئن الخمرَ صِرْفا

إذا ما جمَّشتْها الريحُ أومَتْ
لتقبيل الخدود حياً وظرفا

يُجَنُّ بهنَّ زهرُ الرَّوض عُجباً
إذا ما زهرهُنَّ بهنَّ حَفَّا

فما تألو أقاحيهنَّ ضِحْكاً
وليس يُغضُّ نرجسهنَّ طَرْفا

وما ينفكُّ سُوسنُهنَّ يُصغي
بآذانٍ جَفَت قُرطاً وَشِنْفا

أَبيتُ فما أكفُّ عن التصابي
بهنَّ وكيف يَحسُننُ أن أَكفّا


الصنوبري

الحمدان
06-30-2024, 06:33 PM
أبا يوسفٍ يا أبا يوسفِ
دعاءَ صديقٍ شفيقٍ وفي

ألست ترى الجوَّ في مُطرَفٍ
من الغيم أَبهى من المطرف

وعينُ السماءِ كعين المَشوقِ
إِن يَدْعُها شوقُها تَذرف

وقد قلتَ هل لكَ في قَرْقَفٍ
وكيف أكونُ بلا قَرْقَفِ


الصنوبري

الحمدان
06-30-2024, 06:33 PM
مهما وَصَفتَ فَدَتك النفسُ من حسنٍ
فأنت أولى أبا عمروٍ بما تَصِفُ

يا فيلسوفاً يُقرُّ الفيلسوفُ له
ولابساً شرفاً ما مثلُه شرَف

ما بحرُ بقراطَ إلا غَرفةٌ بيدٍ
من بحركَ الصَّخِبِ التيار يُغتَرف

لا تصرفنَّ إلى الداءِ الدواءَ بلى
أَشِر إليه فإن الداءَ يَنصرف

كم مُدنَفٍ جُلْتَ في أوهامِه فغدا
كأنه ما درى مذ كان ما الدَّنَف

وخائفٍ تلَفاً ما زلتَ توسِعُهُ
نصراً فأمّته من خوفه التلف

أنت امرؤٌ شيمةُ الإنسان شيمتُهُ
لم تعدُهُ تُحَفُ الإحسان والطرف

في كلِّ يوم هدايا منك تُسرفُ في
إِهادئها هكذا يُستحسَن السَّرف

وبعد هذا فقد أَلْبَسْتَني نعماً
فلا تزد قد كفاني ذلك السَّلَف


الصنوبري

الحمدان
06-30-2024, 06:34 PM
نزعتَ عن المودة والتصافي
ومِلتَ إلى القطيعة والخِلافِ

وأوطأك العَشا ذو الجهل حتى
لكاد يَحُلُّ عقدَ الإئتلاف

أعرضي للذي ترميه ضاحٍ
وعرضُ سوايَ في ذمَمِ الغلاف

فهل أخلَلْتُ بعدكَ بالمعالي
أم استعجمتُ عن نظم القوافي

ثنائي عن عتابِكَ في أمور
حذارُ تعجرُفٍ بك أو تجافي

وكم من صعدةٍ ذاتِ اعوجاجٍ
أقام كعوبها غَمْزُ الثقاف

ولي خُلُقانِ ذا أرْيٌ مَشُورٌ
وذا في هيئة السّمِ الذُّعاف

جديرٌ إن أُجازيَ كل قومٍ
بما اجترموا إِليَّ وأن أُكافي

إليكَ فكم فتىً قد رام ثلبي
فأضحى وهو يَرضى بالكفاف

فلا تجمع إلى الحَلْفاءِ ناراً
فإن النارَ تُسرعُ في الحلافي

بعثتُ إلى دعيِّ عقيلَ هَجْواً
يُشَبّه وَقْعُهُ وَقْعَ الأشافي

فلم تُبْقِ القصائدُ منه إلا
كما أَبْقَتْ من التُّرْبِ السوافي

أبنْ لي كيفَ ينهضُ ذو جناحٍ
وَهَتْ منه القوادمُ والخوافي

علامَ وفيمَ أُصفي الودَّ جهلاً
أُناساً وُدُّهُمْ ليَ غيرُ صافي

وما ضرَّ البحارَ إذا علاها
قذى زَبَدٍ على الحافاتِ طافي

ومن قاس الرؤوس إلى الذُّنَابَى
فقد قاس السيولَ إلى النطاف

متى تكُ ذا انحرافٍ عن وصالي
تَجِدْني عن وصالِكَ ذا انحراف

وَمَنْ هذا الذي يجفو خليلاً
فلا يَلْقَى الخليلَ له بِجَاف


الصوبري

الحمدان
06-30-2024, 06:34 PM
وَجْهُ عهدي على الذي كنتَ تَعْرِفْ
غيرُ ما منزوٍ ولا مُتَحرِّفْ

وهواي الذي طُبِعْتُ عليه
كالذي كان لا هوى مُتَكَلف

غيرَ ناسٍ ذاك التآلف بالرّقَّةِ
إذ شَمْلُنَا بها مُتألِّف

لم يُغَيِّرْنيَ التنائي ولكنّ
الليالي وصَرْفَها المتصرّف

وُدِّيَ الدهرَ أَمردٌ يا أبا القاسمِ
في حينِ وُدُّ غيريَ مُسْلِف

لستُ استحسن الرِّبا في سوى الود
فأجزي مِثلاً بمثلٍ وأُضعِف

ولئن كان في كتابي تراخٍ
وتراخي الكتاب بالودِّ مُجحِف

فالتماسُ الجواب ضرب من التث
قيلِ عندي وعادتي أن أُخفِّف

يا أبا القاسم الذي ناظرُ الشو
قَ إليه مُحَدَّدٌ ليس يَطرِف

يا شهابَ الكتّاب أستشهدُ الخل
قَ على ما أَقولُ فيك وأَحلف

أَمنَ الصخر أنت تَنحتُ ألفا
ظَكَ في الكتب أم من البحر تغرف

كُلنا الدرَّ من كلامك نَستخ
رجٌ والزهرَ من كلامك نَقطِف

قد ألفتَ الإسراف في الجود حتى
خلتَ من كان مُسرفاً غيرَ مُسرف

فلذا أنت في الكلام رفيقٌ
فإذا جُدتَ جدت كالمتعجرف

مُتلفٌ مُخلفٌ وما اتصل الأت
لافُ من متلفٍ فليس بمخلِف

الأديبُ اللبيبُ أنت وأنت ال
متأتّي الملاطفُ المتلطِّف

السخيُّ الطباعِ لا المتساخي
والظريفُ النِّجارِ لا المتظرِّف

جارَ دهرٌ نأى بشخصِكَ عنّي
وعسى الدهرُ بعدما جارَ يُنْصِف

وأخي مدركٌ فنفسي التي أح
نو عليها وأَنحني وأرفرف

زار مصراً وهاتفٌ باسمِ مصرٍ
من أقاصي البلادِ باسمكَ يَهْتِف

وهو يرجو الإِسعافَ عندك والعط
فَ وما زلتَ مسعفاً متعطف

وإذا ما أَسعفتَ مستسعِفاً بي
قلتُ أم لم أَقل فإنِّيَ تُسعِف

أنا إِما خَلَفتني فيه بالح
نى ولم أَجْزِ عاجزٌ متخلِّف

وانتظاري لما يؤوبُ به عن
ك انتظارُ المستشرف المتشوِّف

قد جرى الشكرُ قبل أن تجريَ النع
مةُ يا من إليه ذو الشكر يُوجِف

وسبيلي أن لا أُكافئَ بالش
كر على نعمة ولكن أُسلِّف


الصنوبري

الحمدان
06-30-2024, 06:34 PM
عليُّ يا مَنْ عُلاهُ فَوْقَ ما أَصِفُ
لا تعتذرْ إِنني بالعُذْرِ مُعتَرِفُ

أنت الذي صِحَّةُ الآدابِ صِحَّتُهُ
فإن تَشَكَّى تشكَّى المجدُ والشَّرف

إذا اشتكيتَ فما الشكوى بضائرةٍ
تأتي فَتُعْقِبُ أَجراً ثم تَنْصَرِف

وأنجمُ الليل ما تنفكُّ يسترُها
سِتْرُ الغمامِ قليلاً ثم تَنْكَشِف

والبدرُ يلمسُهُ كفُّ المحاقِ فلا
يضرُّهُ لَمْسُها والشمسُ تنكف

لله قافِيةٌ أَهْدَيْتَها كلفاً
بودِّ ذي كَلَفٍ ما بَعْدَهُ كَلَف

فائيةٌ صَغُرَتْ في قلْب سامعها
استقبلَ الحيُّ بطنَ البِشْرِ أم عسفوا

أَحْبِبْ بها تُحْفَةً لو لم تكن ضَمِنَتْ
شكوى عواقِبُها للمشتكي تُحَف

قَصَفْتَ ظهري ببيتٍ قلت آخرَه
تكادُ مني قناةُ الظَّهْرِ تَنْقَصِف

بل يرْفُقُ اللهُ بالآمالِ فيك فلا
ينالُها بكَ لا عَسْفٌ ولا عُنُف

ويُنْصِفُ الدهرُ حتى لا تزال تُرى
كالبدر ليلةَ كاد الشهرُ يَنْتَصِف

مجدٌ أبوك أبو إِسحاق أَوَّلُهُ
والمجدُ سيَّانِ فيه الأصْلُ والطَّرَف

تصفو خلائقُ أيامِ الزمان بكم
إذ الخلائقُ فيها التمرُ والحَشَف

ويكتسي الدهرُ من عُجْبٍ بكمْ صَلَفاً
وليس من شأنه عُجْبٌ ولا صَلَف

ماذا أقولُ لمن شخصُ العلى بهمُ
بالحلمِ مؤتزرٌ بالحلمِ مُلْتَحِف

مَن حُبُّ أل رسولِ الله دينُهُمُ
دينٌ به عُرفوا في الناس مذ عُرفوا

وكلُّ وصفٍ جميلٍ ظلَّ مفترقاً
في الناس متَّفِقٌ فيهم ومؤتلف

أبا محمدٍ الماضي إلى أمَدٍ
من المكارم كلٌّ دونه يَقف

إن عُروَتي من بني بُسطامٍ انفصَمت
فأنت لي من بني بُسطامٍ الخَلَف

أَكرم بعمٍّ وخالٍ قمتَ بينهما
كما تقومُ على تَعديلها الألِف

أَهلُ الرياسة بل أهلُ السياسة لم
يخِلطْ سياسَتَهم زَيغٌ ولا جنف

كأن أقلامَهم فيمن يخالِفُهُم
سُمرٌ وبيضٌ خلالَ النَّقع تختلف

بلغتَ أقصى العلى قبل البلوغ لقد
أسرفْتَ حيث لعمري يُحمَد السَّرف

أعتدُّ إحدى وعشرٍ من سنيك مَضت
أدركتَ في الفخر ما لا يُدرِك السلف

أنشأَتَ تنظمُ شعراً لا تزال تعي ال
أسماعُ من درِّه ما لا تعي الصَّدَف

في كلَّ يوم لنا من روضه زَهَرٌ
لكنه زَهَرٌ بالفهم يُقتطَف

إذا تُصُفِّحَ لم نَملُلْ تصفُّحَه
لا كالذي صحَّفتْ ألفاظه الصحف

لله أنت صغيرٌ عقلهُ جَبلٌ
لله أنت صبيّاً حلُمه نَصَف

في كلِّ حبل من الآداب محتطِبٌ
من كل بحر من الآداب تَغترف

فاسلم فليس على شيء سواك إذا
سلمتَ نفديك لا غمٌّ ولا أَسف


الصنوبري
العصر العباسي

الحمدان
06-30-2024, 07:55 PM
أَبَنِيَّ إِنّي قَد كَبِرتُ وَرابَني
بَصَري وَفِيَّ لِمُصلِحٍ مُستَمتِعُ

فَلَئِن هَلَكتُ لَقَد بَنَيتُ مَساعِياً
تَبقى لَكُم مِنها مَآثِرُ أَربَعُ

ذِكرٌ إِذ ذُكِرَ الكِرامُ يَزينُكُم
وَوِراثَةُ الحَسَبِ المُقَدَّمِ تَنفَعُ

وَمَقامُ أَيّامٍ لَهُنَّ فَضيلَةٌ
عِندَ الحَفيظَةِ وَالمَجامِعُ تَجمَعُ

وَلُهىً مِنَ الكَسبِ الَّذي يُغنيكُمُ
يَوماً إِذا اِختَصَرَ النُفوسَ المَطمَعُ

وَنَصيحَةٌ في الصَدرِ صادِرَةٌ لَكُم
ما دُمتُ أُبصِرُ في الرِجالِ وَأَسمَعُ

أوصيكُمُ بِتُقى الإِلَهِ فَإِنَّهُ
يُعطي الرَغائِبِ مَن يَشاءُ وَيَمنَعُ

وَبِبِرِّ والِدِكُم وَطاعَةِ أَمرِهِ
إِنَّ الأَبَرَّ مِنَ البَنينَ الأَطوَعُ

إِنَّ الكَبيرَ إِذا عَصاهُ أَهلُهُ
ضاقَت يَداهُ بِأَمرِهِ ما يَصنَعُ

وَدَعوا الضَغينَةَ لا تَكُن مِن شَأنِكُم
إِنَّ الضَغائِنَ لِلقَرابَةِ توضِعُ

وَاِعصوا الَّذي يُزجي النَمائِمَ بَينَكُم
مُتَنَصِّحاً ذاكَ السَمامُ المُنقَعُ

يُزجي عَقارِبَهُ لِيَبعَثَ بَينَكُم
حَرباً كَما بَعثَ العُروقَ الأَخدَعُ

حَرّانَ لا يَشفي غَليلَ فُؤادِهِ
عَسَلٌ بِماءٍ في الإِناءِ مُشَعشَعُ

لا تَأمَنوا قَوماً يَشِبُّ صَبِيُّهُم
بَينَ القَوابِلِ بِالعَداوَةِ يُنشَعُ

فَضِلَت عَداوَتُهُم عَلى أَحلامِهِم
وَأَبَت ضِبابُ صُدورِهِم لا تُنزَعُ

قَومٌ إِذا دَمَسَ الظَلامُ عَلَيهِمُ
حَدَجوا قَنافِذَ بِالنَميمَةِ تَمزَعُ

أَمثالَ زَيدٍ حينَ أَفسَدَ رَهطَهُ
حَتّى تَشَتَّتَ أَمرُهُم فَتَصَدَّعوا

إِنَّ الَّذينَ تَرَونَهُم إِخوانَكُم
يَشفي غَليلَ صُدورِهِم أَن تُصرَعوا

وَثَنِيَّةٍ مِن أَمرِ قَومٍ عَزَّةٍ
فَرَجَت يَدايَ فَكانَ فيها المَطلَعُ

وَمَقامِ خَصمٍ قائِمٍ ظَلِفاتُهُ
مَن زَلَّ طارَ لَهُ ثَناءٌ أَشنَعُ

أَصدَرتُهُم فيهِ أُقَوِّمُ دَرأَهُم
عَضَّ الثِقافِ وَهُم ظِماءٌ جُوَّعُ

فَرَجَعتُم شَتّى كَأَنَّ عَميدَهُم
في المَهدِ يَمرُثُ وَدعَتَيهِ مُرضَعُ

وَلَقَد عَلِمتُ بِأَنَّ قَصري حُفرَةٌ
عَبراءُ يَحمِلُني إِلَيها شَرجَعُ

فَبَكى بَناتي شَجوَهُنَّ وَزَوجَتي
وَالأَقرَبونَ إِلَيَّ ثُمَّ تَصَدَّعوا

وَتُرِكتُ في غَبراءَ يُكرَهُ وِردُها
تَسفي عَلَيَّ الريحُ حينَ أُوَدَّعُ

فَإِذا مَضَيتُ إِلى سَبيلي فَاِبعَثوا
رَجُلاً لَهُ قَلبٌ حَديدٌ أَصمَعُ

إِنَّ الحَوادِثَ يَختَرِمنَ وَإِنَّما
عُمرُ الفَتى في أَهلِهِ مُستَودَعُ

يَسعى وَيَجمَعُ جاهِداً مُستَهتِراً
جِدّاً وَلَيسَ بِآكِلٍ ما يَجمَعُ

حَتّى إِذا وافى الحِمامُ لَوقَتِهِ
وَلِكُلِّ جَنبٍ لا مَحالَةَ مَصرَعُ

نَبَذوا إِلَيهِ بِالسَلامِ فَلَم يُجِب
أَحَداً وَصَمَّ عَنِ الدُعاءِ الأَسمَعُ


عبده بن يزيد
المخضرمون

الحمدان
06-30-2024, 07:55 PM
شَرَيتُ الأُمورَ وَغالَيتُها
فَأَولى لَكُم يا بَني الأَعرَجِ

تَدِبّونَ حَولَ رِكِيّاتِكُم
دَبيبَ القَنافِذِ في العَرفَجَ


عبده بن يزيد

الحمدان
06-30-2024, 07:56 PM
تَدارَكتُ عَبدَ اللَةِ قَد ثُلَّ عَرشُهُ
وَقَد عَلِقَت في كَفَّةِ الحابِلِ اليَدُ

سَمَوتُ لَهُ بِالرُكبِ حَتّى لَقيتُهُ
بِتيمارَ يَبكيهِ الحَمامُ المُغَرِّدُ


عبده بن يزيد

الحمدان
06-30-2024, 07:56 PM
ما مَعَ أَنَّكَ يَومَ الوِردِ ذو لَغَطٍ
ضَخمُ الجُزارَةِ بِالَسلمَينِ وَكّارُ

تَكفي الوَليدَةَ في النادِيِّ مُؤتَزِراً
فَاِحلُب فَإِنَّكَ حَلّابٌ وَصَرّارُ

ما كُنتَ أَوَّلَ ضَبٍّ صابَ تَلعَتَهُ
غَيثٌ فَأَمرَعَ وَاِستَرخَت بِهِ الدارُ

أَنتَ الَّذي لا نُرَجّي نَيلَهُ أَبَداً
جَلدُ النَدى وَغَداةَ الرَوعِ خَوّارُ

تَدعو بُنَيَّيكَ عَبّاداً وَحَذيَمَةً
فا فَأرَةٍ شَجَّها في الجُحرِ مِحفارُ


عبده بن يزيد

الحمدان
06-30-2024, 07:56 PM
إِن كُنتَ تَجهَلُ مَسعاتي فَقَد عَلِمَت
بَنو الحَوَيرِثِ مَسعاتي وَتَكراري

وَالحَيُّ يَومَ أُشَيٍّ إِذ أَلَمَّ بِهِم
يَومٌ مِنَ الدَهرِ إِنَّ الدَهرَ مَرّارُ

لَولا يَجودَةُ وَالحَيُّ الَّذينَ بِها
أَمسى المَزالِفُ لا تَذكو بِها نارُ


عبده بن يزيد

الحمدان
06-30-2024, 07:56 PM
تَذَكَّر ساداتُنا أَهلَهُم
وَخافوا عُمانَ وَخافوا قَطَر

وَخافوا الرَواطي إِذا عَرَّضَت
مَلاحِسَ أَولادِهِنَّ البَقَر


عبده بن يزيد

الحمدان
06-30-2024, 07:57 PM
خَليلَيَّ ما أَنصَفتُما إِذ وَجَدتُما
بِذي الأَثلِ داراً ثُمَّ لا تَقِفانِ

وَلَو كُنتُما مِثلي إِذاً لَوَقَفتُما
عَلى الرَبعِ أَو وَجدي الَّذي تَجِدانِ

فَلا تَقبَلَنَّ الدَهرَ مِن ذي خَلاخِلٍ
حَديثاً وَلا تُؤمِن لَها بِأَمانِ


عبده بن يزيد

الحمدان
06-30-2024, 07:57 PM
عَلَيكَ سَلامُ اللَهِ قَيسَ بنَ عاصِمٍ
وَرَحمَتُهُ ما شاءَ أَن يَتَرَحَّما

تَحِيَّةَ مَن أَلبَستَهُ مِنكَ نِعمَةً
إِذا زارَ عَن شَحطٍ بِلادَكَ سَلَّما

فَما كانَ قَيسٌ هُلكُهُ هُلكُ واحِدٍ
وَلَكِنَّهُ بُنيانُ قَومٍ تَهَدَّما


عبده بن يزيد

الحمدان
06-30-2024, 07:57 PM
يا أُمَّ عَمرٍو لا تَجُدّي صُرمَنا
وَكَيفَ تَصرِمينَ حَبلَ مَن يَصِل

وَذاكَ جَهلٌ بِكِ إِلّا أَنَّنا
قاتِلُنا حُبُّكِ إِن حُبٌّ قَتَل

باكَرني بِسُخرَةٍ عَواذِلي
وَلَومُهُنَّ خَبَلٌ مِنَ الخَبَل

يَلُمنَني في حاجَةٍ ذَكَرتُها
في عَصرِ أَزمانٍ وَدَهرٍ قَد نَسَل


عبده بن يزيد

الحمدان
06-30-2024, 07:57 PM
وَلَيسَ أَخوكَ الدائِمُ العَهدِ بِالَّذي
يَذُمُّكَ إِن وَلّى وَيُرضيكَ مُقبِلا

وَلَكِن أَخوكَ النائِي ما كُنتَ آمِناً
وَصاحِبُكَ الأَدنى إِذا الأَمرُ أَعضَلا


عبده بن يزيد

الحمدان
06-30-2024, 07:58 PM
خَليلَيَّ ما أَنصَفتُما إِذ وَجَدتُما
بِذي الأَثلِ داراً ثُمَّ لا تَقِفانِ

وَلَو كُنتُما مِثلي إِذاً لَوَقَفتُما
عَلى الرَبعِ أَو وَجدي الَّذي تَجِدانِ

فَلا تَقبَلَنَّ الدَهرَ مِن ذي خَلاخِلٍ
حَديثاً وَلا تُؤمِن لَها بِأَمانِ


عبده بن يزيد

الحمدان
06-30-2024, 07:58 PM
عَيرانَةٌ كَأَتانِ الضَحلِ ناجِيَةٌ
إِذا تَرقَّصُ بِالقَوزِ العَساقيلُ

مِن دونِها لِعِتاقِ العيسِ إِن طَلَبَت
خَبتٌ بَعيدٌ نِياطُ الماءِ مَجهولُ


عبده بن يزيد

الحمدان
06-30-2024, 07:59 PM
هَل حَبلُ خَولَةَ بَعدَ الهَجرِ موصولُ
أَم أَنتَ عَنها بَعيدُ الدارِ مَشغولُ

حَلَّت خُوَيلَةُ في دارٍ مُجاوِرَةً
أَهلَ المَدائِنِ فيها الديكُ وَالفيلُ

يُقارِعونَ رُؤوسَ العُجمِ ضاحِيَةً
مِنهُم فَوارِسُ لا عُزلٌ وَلا ميلُ

فَخامَرَ القَلبَ مِن تَرجيعِ ذِكرَتِها
رَسٌّ لَطيفٌ وَرَهنٌ مِنكَ مَكبولُ

رَسٌّ كَرَسِّ أَخي الحُمّى إِذا غَبَرَت
يَوماً تَأَوَّبَهُ مِنها عَقابيلُ

وَلِلأَحِبَّةِ أَيّامٌ تَذَكَّرُها
وَلِلنَوى قَبلَ يَومِ البَينِ تَأويلُ

إِنَّ الَّتي ضَرَبَت بَيتاً مُهاجِرَةً
بِكوفَةِ الجُندِ غالَت وُدَّها غولُ

فَعَدِّ عَنها وَلا تَشغَلكَ عَن عَمَلٍ
إِنَّ الصَبابَةَ بَعدَ الشَبِّ تَضليلُ

بِجَسرَةٍ كَعَلاةِ القَينِ دَوسَرَةٍ
فيها عَلى الأَينِ إِرقالٌ وَتَبغيلُ

عَنسٍ تُشيرُ بِقِنوانٍ إِذا زُحِرَت
مِن خَصبَةٍ بَقِيَت فيها شَعاليلُ

قَرواءَ مَقذوفَةٍ بِالنَحضِ يَشعَفُها
فَرطُ المِراحِ إِذا كَلَّ المَراسيلُ

وَما يَزالُ لَها شَأوٌ يُوَقِّرُهُ
مُحَرَّفٌ مِن سُيورِ الغَرفِ مَجدولُ

إِذا تَجاهَدَ سَيرُ القَومِ في شَرَكٍ
كَأَنَّهُ شَطَبٌ بِالسَروِ مَرمولُ

نَهجٍ تَرى حَولَهُ بَيضَ القَطا قُبَصاً
كَأَنَّهُ بِالأَفاحيصِ الحَواجيلُ

حَواجِلٌ مُلِئَت زَيتاً مُجَرَّدَةً
لَيسَت عَلَيهِنَّ مِن خوصٍ سَواجيلُ

وَقَلَّ ما في أَساقي القَومِ فَاِنجَرَدوا
وَفي الأَداوى بَقِيّاتٌ صَلاصيلُ

وَالعيسُ تُدلَكُ دَلكاً عَن ذَخائِرِها
يُنحَزنَ مِنهُنَّ مَحجونٌ وَمركولُ

وَمُزجَياتٍ بِأَكوارٍ مُحَمًّلَةٍ
شَوارُهُنَّ خِلالَ القَومِ مَحمولُ

تَهدي الرِكابَ سَلوفٌ غَيرُ غافِلَةٍ
إِذا تَوَقَّدَتِ الحِزّانُ وَالميلُ

رَعشاءُ تَنهَضُ بِالذِفرى مُواكِبَةٌ
في مِرفَقَيها عَن الدَفَّينِ تَفتيلُ

عَيهَمَةٌ يُنتَحى في الأَرضِ مَنسِمُها
كَما اِنتَحى في أَديمِ الصَرفِ إِزميلُ

تَخدي بِهِ قُدُماً طَوراً وَتَرجِعُهُ
فَحَدُّهُ مِن وِلافِ القَبضِ مَفلولُ

تَرى الحَصى مُشفَتِرّاً عَن مَناسِمِها
كَما تُجَلجِلُ بِالوَغلِ الغَرابيلُ

كَأَنَّها يَومَ وِردِ القَومِ خامِسَةً
مُسافِرٌ أَشعَبُ الرَوقَينِ مَكحولُ

مُجتابُ نِصعٍ جَديدٍ فَوقَ نُقبَتِهِ
وَلِلقَوائِمِ مِن خالٍ سَراويلُ

مُسَفَّعُ الوَجهِ في أَرساغِهِ خَدَمٌ
وَفَوقَ ذاكَ إِلى الكَعبَينِ تَحجيلُ

باكَرَهُ قانِصٌ يَسعى بِأَكلُبِهِ
كَأَنَّهُ مِن صِلاءِ الشَمسِ مَملولُ

يَأوي إِلى سَلفَعٍ شَعثاءَ عارِيَةٍ
في حِجرِها تَولَبٌ كَالقِردِ مَهزولُ

يُشلي ضَوارِيَ أَشباهاً مُجَوَّعَةً
فَلَيسَ مِنها إِذا أُمكِنَّ تَهليلُ

يَتبَعنَ أَشعَثَ كَالسِرحانِ مُنصَلِتاً
لَهُ عَلَيهِنَّ قَيدَ الرُمحِ تَمهيلُ

أَورَدتُهُ القَومَ قَد رانَ النُعاسُ بِهِم
فَقُلتُ إِذ نَهِلوا مِن جَمِّهِ قيلوا

حَدَّ الظَهيرَةِ حَتّى تَرحَلوا أُصُلاً
إِنَّ السِقاءَ لَهُ رَمٌّ وَتَبليلُ

لَمّا وَرَدنا رَفَعنا ظِلَّ أَردِيَةٍ
وَفارَ بِاللَحمِ لِلقَومِ المَراجيلُ

وَرداً وَأَشقَرَ لَم يُنهِئهُ طابِخُهُ
ما غَيَّرَ الغَليُ مِنهُ فَهوَ ماكولُ

ثُمِّتَ قُمنا إِلى جُردٍ مُسَوَّمَةٍ
أَعرافُهُنَّ لِأَيدينا مَناديلُ

ثُمَّ اِرتَحَلنا عَلى عيسٍ مُخَدَّمَةٍ
يُزجي رَواكِعَها مَرنٌ وَتَنعِيلُ

يَدلَحنَ بِالماءِ في وُفرٍ مُخَرِّبَةٍ
مِنها حَقائِبُ رُكبانٍ وَمعدولُ

نَرجو فَواضِلَ رَبٍّ سَيبُهُ حَسَنٌ
وَكُلُّ خَيرٍ لَدَيهِ فَهوَ مَقبولُ

رَبٌّ حَبانا بِأَموالٍ مُخَوَّلَةٍ
وَكُلُّ شَيءٍ حَباهُ اللَهُ تَخويلُ

وَالمَرءُ ساعٍ لِأَمرٍ لَيسَ يُدرِكُهُ
وَالعَيشُ شُحٌّ وَإِشفاقٌ وَتَأميلُ

وَعازِبٍ جادَهُ الوَسمِيُّ في صَفَرٍ
تَسري الذِهابُ عَلَيهِ فَهوَ مَوبولُ

وَلَم تَسَمَّع بِهِ صَوتاً فَيُفزِعَها
أَوابِدُ الرُبدِ وَالعينُ المَطافيلُ

كَأَنَّ أَطفالَ خيطانِ النَعامِ بِهِ
بَهمٌ مُخالِطُهُ الحَفّانُ وَالحولُ

أَفزَعتُ مِنهُ وُحوشاً وَهيَ ساكِنَةٌ
كَأَنَّها نَعَمٌ في الصُبحِ مَشلولُ

بِساهِمِ الوَجهِ كَالسِرحانِ مُنصَلِتٍ
طِرفٍ تَكامَلَ فيهِ الحُسنُ وَالطولُ

خاظي الطَريقَةِ عُريانٍ قَوائِمُهُ
قَد شَفَّهُ مِن رُكوبِ البَردِ تَذبيلُ

كَأَنَّ قُرحَتَهُ إِذ قامَ مُعتَدِلاً
شَيبٌ يُلَوَّحُ بِالحِنّاءِ مَغسولُ

إِذا أُبِسَّ بِهِ في الأَلفِ بَرَّزَهُ
عوجٌ مُرَكَّبَةٌ فيها بَراطيلُ

يَغلو بِهِنَّ وَيَثني وَهوَ مُقتَدِرٌ
في كَفتِهِنَّ إِذا اِستَرغَبنَ تَعجيلُ

وَقَد غَدَوتُ وَقَرنُ الشَمسِ مُنفَتِقٌ
وَدونَهُ مِن سَوادِ اللَيلِ تَجليلُ

إِذ أَشرَفَ الديكُ يَدعو بَعضَ أُسرَتِهِ
لَدى الصَباحِ وَهُم قَومٌ مَعازيلُ

إِلى التِجارِ فَأَعداني بِلِذَّتِهِ
رِخوُ الإِزارِ كَصَدرِ السَيفِ مَشمولُ

خِرقٌ يَجِدُّ إِذا ما الأَمرُ جَدَّ بِهِ
مُخالِطُ اللَهوِ وَاللَذّاتِ ضِلّيلُ

حَتّى اِتَّكَأنا عَلى فُرشٍ يُزَيِّنُها
مِن جَيِّدِ الرَقمِ أَزواجٌ تَهاويلُ

فيها الدَجاجُ وَفيها الأُسدُ مُخدِرَةً
مِن كُلِّ شَيءٍ يُرى فيها تَماثيلُ

في كَعبَةٍ شادَها بانٍ وَزَيَّنَها
فيها ذُبالٌ يُضيءُ اللَيلَ مَفتولُ

لَنا أَصيصٌ كَجِذمِ الحَوضِ هَدَّمَهُ
وَطءُ العِراكِ لَدَيهِ الزِقُّ مَغلولُ

وَالكوبُ أَزهَرُ مَعصوبٌ بِقُلَّتِهِ
فَوقَ السِياعِ مِنَ الرَيحانِ إِكليلُ

مُبَرَّدٌ بِمِزاجِ الماءِ بَينَهُما
حُبٌّ كَجَوزِ حِمارِ الوَحشِ مَبزولُ

وَالكوبُ مَلآنُ طافٍ فَوقَهُ زَبَدٌ
وَطابَقُ الكَبشِ في السَفّودِ مَخلولُ

يَسعى بِهِ مِنصَفٌ عَجلانُ مُنتَطِقٌ
فَوقَ الخِوانِ وَفي الصاعِ التَوابيلُ

ثُمَّ اِصطَبَحتُ كُمَيتاً قَرقَفاً أُنُفاً
مِن طَيِّبِ الراحِ وَاللَذّاتُ تَعليلُ

صِرفاً مِزاجاً وَأَحياناً يُعَلِّلُنا
شِعرٌ كَمُذهَبَةِ السَمّانِ مَحمولُ

تُذري حَواشِيَهُ جَيداءُ آنِسَةٌ
في صَوتِها لِسَماعِ الشَربِ تَرتيلُ

تَغدو عَلَينا تُلَهّينا وَنُصفِدُها
تُلقى البُرودُ عَلَيها وَالسَرابيلُ



عبده بن يزيد

الحمدان
06-30-2024, 07:59 PM
كَأَنَّ اِبنَةَ الزَيدِيِّ يَومَ لَقيتُها
هُنَيدَةَ مَكحولُ المَدامِعِ مُرشِقُ

تُراعي خَذولاً يَنفُضُ المُردَ شادِناً
تَنوشُ مِنَ الضالِ القِذافَ وَتَعلَقُ

وَقُلتُ لَهُ يَوماً بَوادي مَبايِضٍ
أَلا كُلُّ عانٍ غَيرَ عانيكَ يُعتَقُ

يُصادِفُ يَوماً مِن مَليكٍ سَماحَةً
فَيَأخُذُ عَرضَ المالِ أَو يَتَصَدَّقُ

وَذَكَّرَنيها بَعدَ ما قَد نَسيتُها
دِيارٌ عَلَيها وابِلٌ مُتَبَعِّقُ

بِأَكنافِ شَمّاتٍ كَأَنَّ رُسومَها
قَضيمُ صَناعٍ في أَديمٍ مُنَمَّقُ

وَقَفتُ بِها وَالشَمسُ دونَ مَغيبِها
قَريباً وَهاجَ الشَوقُ مَن يَتَشَوَّقُ

قَليلاً فَلَما اِستَعجَمَت عَن جَوابِنا
تَعَزَّيتُ عَنها وَالدُموعُ تَرَقرَقُ

فَلا الدارُ تُدنيها لَنا غَيرَ فَينَةٍ
وَلا حُبُّها عَن شاحِطِ النَأيِ يُخلِقُ


عبده بن يزيد

الحمدان
06-30-2024, 08:00 PM
أَبَنِيَّ إِنّي قَد كَبِرتُ وَرابَني
بَصَري وَفِيَّ لِمُصلِحٍ مُستَمتِعُ

فَلَئِن هَلَكتُ لَقَد بَنَيتُ مَساعِياً
تَبقى لَكُم مِنها مَآثِرُ أَربَعُ

ذِكرٌ إِذ ذُكِرَ الكِرامُ يَزينُكُم
وَوِراثَةُ الحَسَبِ المُقَدَّمِ تَنفَعُ

وَمَقامُ أَيّامٍ لَهُنَّ فَضيلَةٌ
عِندَ الحَفيظَةِ وَالمَجامِعُ تَجمَعُ

وَلُهىً مِنَ الكَسبِ الَّذي يُغنيكُمُ
يَوماً إِذا اِختَصَرَ النُفوسَ المَطمَعُ

وَنَصيحَةٌ في الصَدرِ صادِرَةٌ لَكُم
ما دُمتُ أُبصِرُ في الرِجالِ وَأَسمَعُ

أوصيكُمُ بِتُقى الإِلَهِ فَإِنَّهُ
يُعطي الرَغائِبِ مَن يَشاءُ وَيَمنَعُ

وَبِبِرِّ والِدِكُم وَطاعَةِ أَمرِهِ
إِنَّ الأَبَرَّ مِنَ البَنينَ الأَطوَعُ

إِنَّ الكَبيرَ إِذا عَصاهُ أَهلُهُ
ضاقَت يَداهُ بِأَمرِهِ ما يَصنَعُ

وَدَعوا الضَغينَةَ لا تَكُن مِن شَأنِكُم
إِنَّ الضَغائِنَ لِلقَرابَةِ توضِعُ

وَاِعصوا الَّذي يُزجي النَمائِمَ بَينَكُم
مُتَنَصِّحاً ذاكَ السَمامُ المُنقَعُ

يُزجي عَقارِبَهُ لِيَبعَثَ بَينَكُم
حَرباً كَما بَعثَ العُروقَ الأَخدَعُ

حَرّانَ لا يَشفي غَليلَ فُؤادِهِ
عَسَلٌ بِماءٍ في الإِناءِ مُشَعشَعُ

لا تَأمَنوا قَوماً يَشِبُّ صَبِيُّهُم
بَينَ القَوابِلِ بِالعَداوَةِ يُنشَعُ

فَضِلَت عَداوَتُهُم عَلى أَحلامِهِم
وَأَبَت ضِبابُ صُدورِهِم لا تُنزَعُ

قَومٌ إِذا دَمَسَ الظَلامُ عَلَيهِمُ
حَدَجوا قَنافِذَ بِالنَميمَةِ تَمزَعُ

أَمثالَ زَيدٍ حينَ أَفسَدَ رَهطَهُ
حَتّى تَشَتَّتَ أَمرُهُم فَتَصَدَّعوا

إِنَّ الَّذينَ تَرَونَهُم إِخوانَكُم
يَشفي غَليلَ صُدورِهِم أَن تُصرَعوا

وَثَنِيَّةٍ مِن أَمرِ قَومٍ عَزَّةٍ
فَرَجَت يَدايَ فَكانَ فيها المَطلَعُ

وَمَقامِ خَصمٍ قائِمٍ ظَلِفاتُهُ
مَن زَلَّ طارَ لَهُ ثَناءٌ أَشنَعُ

أَصدَرتُهُم فيهِ أُقَوِّمُ دَرأَهُم
عَضَّ الثِقافِ وَهُم ظِماءٌ جُوَّعُ

فَرَجَعتُم شَتّى كَأَنَّ عَميدَهُم
في المَهدِ يَمرُثُ وَدعَتَيهِ مُرضَعُ

وَلَقَد عَلِمتُ بِأَنَّ قَصري حُفرَةٌ
عَبراءُ يَحمِلُني إِلَيها شَرجَعُ

فَبَكى بَناتي شَجوَهُنَّ وَزَوجَتي
وَالأَقرَبونَ إِلَيَّ ثُمَّ تَصَدَّعوا

وَتُرِكتُ في غَبراءَ يُكرَهُ وِردُها
تَسفي عَلَيَّ الريحُ حينَ أُوَدَّعُ

فَإِذا مَضَيتُ إِلى سَبيلي فَاِبعَثوا
رَجُلاً لَهُ قَلبٌ حَديدٌ أَصمَعُ

إِنَّ الحَوادِثَ يَختَرِمنَ وَإِنَّما
عُمرُ الفَتى في أَهلِهِ مُستَودَعُ

يَسعى وَيَجمَعُ جاهِداً مُستَهتِراً
جِدّاً وَلَيسَ بِآكِلٍ ما يَجمَعُ

حَتّى إِذا وافى الحِمامُ لَوقَتِهِ
وَلِكُلِّ جَنبٍ لا مَحالَةَ مَصرَعُ

نَبَذوا إِلَيهِ بِالسَلامِ فَلَم يُجِب
أَحَداً وَصَمَّ عَنِ الدُعاءِ الأَسمَعُ


عبده بن يزيد
المخضرمون

الحمدان
06-30-2024, 08:54 PM
لعمرك ما الدّنيا بدار بقاء
كفاك بدار الموت دار فناء

فلا تعشق الدّنيا أخيّ فإنّما
يرى عاشق الدّنيا بجهد بلاء

حلاوتها ممزوجة بمرارة
وراحتها ممزوجة بعناء

فلا تمش يوماً في ثياب مخيلة
فإنّك من طين خلقت وماء

لقلّ امرؤ تلقاه لله شاكراً
وقلّ امرؤ يرضى له بقضاء

وللّه نعماء علينا عظيمة
ولله إحسان وفضل عطاء

وما الدهر يوماً واحداً في اختلافه
وما كلّ أيام الفتى بسواء

وما هو إلاّ يوم بؤس وشدة
ويوم سرور مرّة ً ورخاء

وما كلّ ما لم أرج أحرم نفعه
وما كلّ ما أرجوه أهل رجاء

أيا عجبا للدهر لا بل لريبه
يخرّم ريب الدّهر كلّ إخاء

وشتّت ريب الدّهر كلّ جماعة
وكدّر ريب الدّهر كلّ صفاء

إذا ما خليلي حلّ في برزخ البلى
فحسبي به نأياً وبعد لقاء

أزور قبور المترفين فلا أرى
بهاءً وكانوا قبل أهل بهاء

وكلّ زمان واصل بصريمة
وكلّ زمان ملطف بجفاء

يعزّ دفاع الموت عن كلّ حيلة
ويعيا بداء الموت كلّ دواء

ونفس الفتى مسرورة بنمائها
وللنقص تنمو كلّ ذات نماء

وكم من مفدًّى مات لم ير أهله
حبوه ولا جادوا له بفداء

أمامك يا نومان دار سعادة
يدوم البقا فيها ودار شقاء

خلقت لإحدى الغايتين فلا تنم
وكن بين خوف منهما ورجاء

وفي النّاس شرّ لو بدا ما تعاشروا
ولكن كساه الله ثوب غطاء


ابو العتاهية

الحمدان
06-30-2024, 10:08 PM
أَمِنكَ البَرقُ أَرقُبُهُ فَهاجا
فِبِتُّ إِخالُهُ دُهماً خَلاجا

تَكَلَّلَ في الغِمادِ فَأَرضُ لَيلى
ثَلاثاً لا أُبينُ لَهُ اِنفِراجا

فَما أَصحى هَمِيُّ الماءِ حَتّى
كَأَنَّ عَلى نَواحي الأَرضِ ساجا


ابو ذؤيب الهذلي
المخضرمون

الحمدان
06-30-2024, 10:08 PM
وأَبلِغ لَدَيكَ مَعقِلَ بنَ خُوَيلِدٍ
مَلائِكَ يَهديها إِلَيكَ هُداتُها

عَلى إِثرِ أُخرى قَبلَ ذلِكَ قَد أَتَت
إِلَيكَ فَجاءَت مُقشَعِرّاً شَواتُها

وَقَد عَلِمَ الأَقوامُ أَنَّكَ سَيِّدٌ
وَأَنَّكَ مِن دارٍ شَديدٍ حَصاتُها

فَلا تُتبِعِ الأَفعى يَدَيكَ تَنوشُها
وَدَعها إِذا ما غَيَّبَتها سَفاتُها

وَأَطفِىء وَلا توقِد وَلا تَكُ مِحضَأً
لِنارِ العُداةِ أَن تَطيرَ شَكاتُها

فَإِنَّ مِنَ القَولِ الَّتي لا شَوى لَها
إِذا زَلَّ عَن ظَهرِ اللِسانِ اِنفِلاتُها

وَمَوقِعُها ضَخمٌ إِذا هِيَ أُرسِلَت
وَلَو كُفِتَت كانَت يَسيراً كِفاتُها

وَلَمّا تَطِب نَفسي بِإِرسالِها لَكُم
وَهَل يَنفَعَن نَفسي إِلَيكُم أَناتُها


ابو ذؤيب الهذلي

الحمدان
06-30-2024, 10:09 PM
أَلا لَيتَ شِعري هَل تَنظَّرَ خالِدٌ
عيادي على الهِجرانِ أَم هُوَ يائِسُ

فَلَو أَنَّني كُنتُ السَليمَ لَعُدتَني
سَريعاً وَلَم تَحبِسكَ عَنّي الكَوادِسُ

وَقَد أَكثَرَ الواشونَ بَيني وَبَينَهُ
كَما لَم يَغِب عَن غَيِّ ذُبيانَ داحِسُ

فَإِنّي عَلى ما كُنتَ تَعهَدُ بَينَنا
وَليدَينِ حَتّى أَنتَ أَشمَطُ عانِسُ

لِشانِئِهِ طولُ الضَراعَةِ مِنهُمُ
وَداءٌ قَد أَعيا بِالأَطِبّاءِ ناجِسُ


ابو ذؤيب الهذلي

الحمدان
06-30-2024, 10:09 PM
أَلا هَل أَتى أُمَّ الحُوَيرِثِ مُرسَلٌ
نَعَم خالِدٌ إِن لَم تَعُقهُ العَوائِقُ

يُرى ناصِحاً فيما بَدا وَإِذا خَلا
فَذلِكَ سِكّينُ عَلى الحَلقِ حاذِقُ

وَقَد كانَ لي دَهراً قَديماً مُلاطِفاً
وَلَم تَكُ تُخشى مِن لَدَيهِ البَوائِقُ

وَكُنتُ إِذا ما الحَربُ ضُرَّسَ نابُها
لِجائِحَةٍ وَالحَينُ بِالناسِ لاحِقُ

وَزافَت كَمَوجِ البَحرِ تَسمو أَمامَها
وَقامَت عَلى ساقٍ وَآنَ التَلاحُقُ

أَنوءُ بِهِ فيها فَيَأمَنُ جانِبي
وَلَو كَثُرَت فيها لَدَيَّ البَوارِقُ

وَلكِن فَتىً لَم تُخشَ مِنهُ فَجيعَةٌ
حَديثاً وَلا فيما مَضى أَنتَ وامِقُ

أَخٌ لَكَ مَأمونُ السَجِيّاتِ خِضرِمٌ
إِذا صَفَقَتهُ في الحُروبِ الصَوافِقُ

نُشَيبَةُ لَم توجَد لَهُ الدَهرَ عَثرَةٌ
يَبوحُ بِها في ساحَةِ الدارِ ناطِقُ

نَماهُ مِن الحَيَّينِ قِردٍ وَمازِنٍ
لُيوثٌ غَداةَ البَأسِ بيضُ مَصادِقُ

هُم رَجَعوا بِالعَرجِ وَالقَومُ شُهَّدُ
هَوازِنَ تَحدوها حُماةٌ بَطارِقُ


ابو ذؤيب الهذلي

الحمدان
06-30-2024, 10:09 PM
أَساءَلتَ رَسمَ الدارِ أَم لَم تُسائِلِ
عَنِ السَكنِ أَم عَن عَهدِهِ بِالأَوائِلِ

لِمَن طَلَلٌ بِالمُنتَضى غَيرُ حائِلِ
عَفا بَعدَ عَهدٍ مِن قِطارٍ وَوابِلِ

عَفا بَعدَ عَهدِ الحَيِّ مِنهُم وَقَد يُرى
بِهِ دَعسُ آثارٍ وَمَبرَكُ جامِلِ

عَفا غَيرَ نُؤيِ الدارِ ما إِن أُبينُهُ
وَأَقطاعِ طُفيٍ قَد عَفَت في المَعاقِلِ

وَإِنَّ حَديثاً مِنكِ لَو تَبذُلينَهُ
جَنى النَحلِ في أَلبانِ عوذٍ مَطافِلِ

مُطافيلَ أَبكارٍ حَديثٍ نِتاجُها
تُشابُ بِماءٍ مِثلَ ماءِ المَفاصِلِ

رَآها الفُؤادُ فَاِستُضِلَّ ضَلالُهُ
نِيافاً مِنَ البيضِ الحِسانِ العَطابِلِ

فَإِن وَصَلَت حَبلَ الصَفاءِ فَدُم لَها
وَإِن صَرَمَتهُ فَاِنصَرِم عَن تَجامُلِ

لَعَمري لِأَنتَ البيتُ أُكرِمُ أَهلَهُ
وَأَجلِسُ في أَفيائِهِ بِالأَصائِلِ

وَما ضَرَبٌ بَيضاءُ يَأوي مَليكُها
إَلى طُنُفٍ أَعيا بِراقٍ وَنازِلِ

تُهالُ العُقابُ أَن تَمُرَّ بَريدِهِ
وَتَرمي دُروءٌ دونَهُ بِالأَجادِلِ

تَنَمّى بِها اليَعسوبُ حَتّى أَقَرَّها
إِلى مَألَفٍ رَحبِ المَباءَةِ عاسِلِ

فَلَو كانَ حَبلٌ مِن ثَمانينَ قامَةً
وَسَبعينَ باعاً نالَها بِالأَنامِلِ

تَدَلّى عَلَيها بِالحِبالِ مُوَثِّقاً
شَديدَ الوَصاةِ نابِلٌ وَاِبنُ نابِلِ

إِذا لَسَعَتهُ الدَبرُ لَم يَرجُ لَسعَها
وَخالَفَها في بَيتِ نوبٍ عَواسِلِ

فَحَطَّ عَلَيها وَالضُلوعُ كَأَنَّها
مِنَ الخَوفِ أَمثالُ السِهامِ النَواصِلِ

فَشَّرجَها مِن نُطفَةٍ رَجَبِيَّةٍ
سُلاسِلَةٍ مِن ماءِ لِصبٍ سُلاسِلِ

بِماءٍ شُنانٍ زَعزَعَت مَتنَهُ الصَبا
وَجادَت عَلَيهِ ديمَةٌ بَعدَ وابِلِ

بِأَطيَبَ مِن فيها إِذا جِئتَ طارِقاً
وَأَشهى إِذا نامَت كِلابُ الأَسافِلِ

وَيَأشِبُني فيها الأولاءِ يَلونَها
وَلَو عَلِموا لَم يَأشِبوني بِطائِلِ

وَلَو كانَ ما عِندَ اِبنِ بُجرَةَ عِندَها
مِنَ الخَمرِ لَم تَبلُل لَهاتي بَناطِلِ

فَتِلكَ الِّتي لا يَبرَحُ القَلبَ حُبُّها
وَلا ذِكرُها ما أَرزَمَت أُمُّ حائِلِ

وَحَتّى يَؤوبَ القارِظانِ كِلاهُما
وَيُنشَرَ في القَتلى كُلَيبٌ لِوائِلِ


ابو ذؤيب الهذلي

الحمدان
06-30-2024, 10:09 PM
أَعاذِلُ إِنَّ الرُزءَ مِثلُ اِبنِ مالِكٍ
زُهَيرٍ وَأَمثالُ اِبنِ نَضلَةَ واقِدِ

وَمِثلُ السَدوسِيَّينِ سادا وَذَبذَبا
رِجالَ الحِجازِ مِن مَسودٍ وَسائِدِ

أَقَبّا الكُشوحِ أَبيَضانِ كِلاهُما
كَعالِيَةِ الخَطِّيِّ وارى الأَزانِدِ

أُعاذِلُ أَبقي لِلمَلامَةِ حَظَّها
إِذا راحَ عَنّي بِالجَلِيَّةِ عائِدي

فَقالوا تَرَكناهُ تَزَلزَلُ نَفسُهُ
إِذا أَسنَدوني أَو كَذا غَيرَ سانِدِ

وَقامَ بَناتي بِالنِعالِ حَواسِراً
وَأَلصَقنَ ضَربَ السِبتِ تَحتَ القَلائِدِ

يَوَدّونَ لَو يَفدونَني بِنُفوسِهِم
وَمَثنى الأَواقي وَالقِيانِ النَواهِدِ

وَقَد أَرسَلوا فُرّاطَهُم فَتَأَثَّلوا
قَليباً سَفاها كَالإِماءِ القَواعِدِ

مُطَأطَأَةً لَم يُنبِطوها وَإِنَّها
لَيَرضى بِها فُرّاطُها أُمَّ واحِدِ

قَضَوا ما قَضَوا مِن رَمِّها ثُمَّ أَقبَلوا
إِلَيَّ بِطاءَ المَشيِ غُبرَ السَواعِدِ

يَقولونَ لَمّا جُشَّتِ البِئرُ أَورِدوا
وَلَيسَ بِها أَدنى ذُفافٍ لِوارِدِ

فَكُنتُ ذَنوبَ البِئرِ لَمّا تَبَسَّلَت
وَسُربِلتُ أَكفاني وَوُسِّدتُ ساعِدي

أَعاذِلَ لا إِهلاكُ مالِيَ ضَرَّني
وَلا وَارِثي إِن ثُمَّرَ المالُ حامِدي


ابو ذؤيب الهذلي

الحمدان
06-30-2024, 10:10 PM
لَعَمرُكَ وَالمَنايا غالِباتٌ
لِكُلِّ بَني أَبٍ مِنها ذَنوبُ

لَقَد لاقى المَطِيَّ بِجَنبِ عُفرٍ
حَديثٌ لَو عَجِبتَ لَهُ عَجيبُ

أَرِقتُ لِذِكرِهِ مِن غَيرِ نَوبٍ
كَما يَهتاجُ مَوشِيٌّ ثَقيبُ

سَبِيٌّ مِن يَراعَتِهِ نَفاهُ
أَتِيٌّ مَدَّهُ صُحَرٌ وَلوبُ

إِذا نَزَلَت سَراةُ بَني عَدِيٍّ
فَسَلهُم كَيفَ ما صَعَهُم حَبيبُ

يَقولوا قَد وَجَدنا خَيرَ طِرفٍ
بِرُقيَةَ لا يُهَدُّ وَلا يَخيبُ

دَعاهُ صاحِباهُ حينَ خَفَّت
نَعامَتُهُم وَقَد حُفِزَ القُلوبُ

مَرَدٌّ قَد يَرى ما كانَ فيهِ
وَلكِن إِنَّما يُدعى النَجيبُ

فَأَلقى غِمدَهُ وَهَوى إِلَيهِم
كَما تَنقَضُّ خائِتَةٌ طَلوبُ

مُوَقَّفَةُ القَوادِمِ وَالذُنابى
كَأَنَّ سَراتَها اللَبَنُ الحَليبُ

نَهاهُم ثابِتٌ عَنهُ فَقالوا
تُعَيِّبُنا العَشائِرُ لَو يَؤوبُ

عَلى أَنَّ الفَتى الخُثَمِيَّ سَلّى
بِنَصلِ السَيفِ حاجَةَ مَن يَغيبُ

وَقالَ تَعَلَّموا أَن لا صَريخٌ
فَأُسمِعَهُ وَلا مَنجىً قَريبُ

وَأَن لا غَوثَ إِلّا مُرهَفاتٌ
مُسالاتٌ وَذو رُبَدٍ خَشيبُ

فَإِنَّكَ إِن تُنازِلُني تُنازَل
فَلا تَكذِبكَ بِالمَوتِ الكَذوبُ

كَأَنَّ مُحَرَّباً مِن أُسدِ تَرجٍ
يُنازِلُهُم لِنابَيهِ قَبيبُ

وَلكِن خَبِّروا قَومي بَلائي
إِذا ما اِسّاءَلَت عَنّي الشُعوبُ

وَلا تُخنوا عَلَيَّ وَلا تَشِطّوا
بِقَولِ الفَخرِ إِنَّ الفَخرَ حوبُ


ابو ذؤيب الهذلي

الحمدان
06-30-2024, 10:10 PM
أَبى اللَهُ إِلّا أَن يُقيدَكَ بَعدَما
تَراءَيتُموني مِن قَريبٍ وَمَودِقِ

وَمِن بَعدِ ما أُنذِرتُمُ وَأَضاءَني
لِقابِسِكُم ضَوءُ الشِهابِ المَحَرِّقِ

فَأَعشَيتُهُ مِن بَعدِ ما راثَ عِشيُهُ
بِسَهمٍ كَسَيرِ الثابِرِيَّةِ لَهوَقِ

وَقُلتُ لَهُ هَل كُنتَ آنَستَ خالِداً
فَإِن كُنتَ قَد آنَستَهُ فَتَأَرًّقِ


ابو ذؤيب الهذلي

الحمدان
06-30-2024, 10:10 PM
ما بالُ عَيني لا تَجِفُّ دُموعُها
كَثيرٌ تَشَكّيها قَليلٌ هُجوعُها

أُصيبَت بِقَتلى آلِ عَمرٍ وَنَوفَلٍ
وَبَعجَةَ فَاِختَلَّت وَراثَ رُجوعُها

إِذا ذَكَرَت قَتلى بِكَوساءَ أَشعَلَت
كَواهِيَةِ الأَخراتِ رَثٍّ صُنوعُها

وَكانوا السَنامَ اِجتُثَّ أَمسِ فَقَومُهُم
كَعَرّاءَ بَعدَ النَيِّ راثَ رَبيعُها


ابو ذؤيب الهذلي

الحمدان
06-30-2024, 10:11 PM
وَقائِلَةٍ ما كانَ حِذوَةُ بَعلِها
غَداتَئِذٍ مِن شاءِ قِردٍ وَكاهِلِ

تَوَقّى بِأَطرافِ القِرانِ وَعَينُها
كَعَينِ الحُبارى أَخطَأَتها الأَجادِلُ

رَدَدنا إِلى مَولىً بَنيها فَأَصبَحَت
تُعَدُّ بِها وَسطَ النِساءِ الأَرامِلِ

وَأَشعَثَ بَوشِىٍّ شَفَينا أُحاحَهُ
غَداتَئِذٍ ذي جَردَةٍ مُتَماحِلِ

أَهَمَّ بِنَيهِ صَيفُهُم وَشِتاؤُهُم
فَقالوا تَعَدَّ وَاِغزُ وَسطَ الأَراجِلِ

تَأَبَّطَ نَعلَيهِ وَشِقَّ فَريرِهِ
وَقالَ أَلَيسَ الناسُ دونَ حَفائِلِ

دَلَفتُ لَهُ تَحتَ الوَغى بِمُرِشَّةٍ
مُسَحسِحَةٍ تَعلو ظُهورَ الأَنامِلِ

كَأَنَّ اِرتِجازَ الجُعثُمِيّاتِ وَسطَهُم
نَوائِحُ يَجمَعنَ البُكا بِالأَزامِلِ

غَداةَ المُلَيحِ نَحنُ كَأَنَّنا
غَواشي مُضِرٍّ تَحتَ ريحٍ وَوابِلِ

رَمَيناهُمُ حَتّى إِذا اِربَثَّ أَمرُهُم
وَعادَ الرَصيعُ نُهيَةً لِلحَمائِلِ

عَلَوناهُمُ بِالمَشرَفِيِّ وَعُرِّيَت
نِصالُ السُيوفِ تَعتَلي بِالأَماثِلِ


ابو ذؤيب الهذلي

الحمدان
06-30-2024, 10:11 PM
صَبا صَبوَةً بَل لَجَّ وَهُوَ لَجوجُ
وَزالَت لَها بِالأَنعَمَينِ حُدوجُ

كَما زالَ نَخلٌ بِالعِراقِ مُكَمَّمٌ
أُمِرَّ لَهُ مِن ذي الفُراتِ خَليجُ

فَإِنَّكَ عَمري أَيَّ نَظرَةِ عاشِقٍ
نَظَرتَ وَقُدسٌ دونَنا وَدَجوجُ

إِلى ظُعُنٍ كَالدَومِ فيها تَزايُلٌ
وَهِزَّةُ أَجمالٍ لَهُنَّ وَسيجُ

غَدَونَ عَجالى وَاِنتَحَتهُنَّ خَزرَجٌ
مُعَفِّيَةٌ آثارَهُنَّ هَدوجُ

سَقى أُمَّ عَمروٍ كُلَّ آخِرِ لَيلَةٍ
حَناتِمُ سودٌ ماؤُهُنَّ ثَجيجُ

تَرَوَّت بِماءِ البَحرِ ثُمَّ تَنَصَّبَت
عَلى حَبَشِيّاتٍ لَهُنَّ نَئيجُ

إِذا هَمَّ بِالإِقلاعِ هَبَّت لَهُ الصَبا
فَأَعقَبَ نَشءٌ بَعدَها وَخُروجُ

يُضىءُ سَناهُ راتِقاً مُتَكَشِّفاً
أَغَرَّ كَمِصباحِ اليَهودِ دَلوجُ

كَما نَوَّرَ المِصباحُ لِلعُجمِ أَمرَهُم
بُعَيدَ رُقادِ النائِمينَ عَريجُ

أَرِقتُ لَهُ ذاتَ العِشاءِ كَأَنَّهُ
مَخاريقُ يُدعى وَسطَهُنَّ خَريجُ

تُكَركِرُهُ نَجدِيَّةٌ وَتَمُدُّهُ
يَمانِيَةٌ فَوقَ البِحارِ مَعوجُ

لَهُ هَيدَبٌ يَعلو الشِراجَ وَهَيدَبٌ
مُسِفٌّ بِأَذنابِ التِلاعِ خَلوجُ

ضَفادِعُهُ غَرقى رِواءٌ كَأَنَّها
قِيانُ شُروبٍ رَجعُهُنَّ نَشيجُ

لِكُلِّ مَسيلٍ مِن تِهامَةَ بَعدَما
تَقَطَّعَ أَقرانُ السَحابِ عَجيجُ

كَأَنَّ ثِقالَ المُزنِ بَينَ تُضارِعٍ
وَشامَةَ بَركٌ مِن جُذامَ لَبيجُ

فَذلِكَ سُقيا أُمُّ عَمرٍ وَإِنَّني
لِما بَذَلَت مِن سَيبِها لَبَهيجُ

كَأَنَّ اِبنَةَ السَهمِيِّ دُرَّةُ قامِسٍ
لَها بَعدَ تَقطيعُ النُبوحِ وَهيجُ

بِكَفَّي رَقاحِيٍّ يُحِبُّ نَماءَها
فَيُبرِزُها لِلبَيعِ فَهِيَ فَريجُ

أَجازَ إِلَيها لُجَّةً بَعدَ لُجَّةٍ
أَزَلُّ كَغُرنوقِ الضُحولِ عَموجُ

فَجاءَ بِها ما شِئتَ مِن لَطَمِيَّةٍ
يَدومُ الفُراتُ فَوقَها وَيَموجُ

فَجاءَ بِها بَعدَ الكَلالِ كَأَنَّهُ
مِنَ الأَينِ مِحراسُ أَقَذُّ سَحيجُ

عَشِيِّةَ قامَت بِالفَناءِ كَأَنَّها
عَقيلَةُ نَهبٍ تُصطَفى وَتَغوجُ

وَصُبَّ عَلَيها الطيبُ حَتّى كَأَنَّها
أَسِيٌّ عَلى أُمِّ الدِماغِ حَجيجُ

كَأَنَّ عَلَيها بالَةً لَطَمِيَّةً
لَها مِن خِلالِ الدَأيَتَينِ أَريجُ

كَأَنَّ اِبنَةَ السَهمِيِّ يَومَ لَقيتُها
مُوَشَّحَةٌ بِالطُرَّتَينِ هَميجُ

بِأَسفَلِ ذاتِ الدَبرِ أُفرِدَ خَشفُها
فَقَد وَلِهَت يَومَينِ فَهيَ خَلوجُ

فَإِن تَصرِمي حَبلي وَإِن تَتَبَدَّلي
خَليلاً وَمِنهُم صالِحٌ وَسَميجُ

فَإِنّي صَبَرتُ النَفسَ بَعدَ اِبنِ عَنبَسٍ
وَقَد لَجَّ مِن ماءِ الشُؤونِ لَجوجُ

لِأُحسَبَ جَلداً أَو لِيُنبَأَ شامِتٌ
وَلِلشَّرِّ بَعدَ القارِعاتِ فُروجُ

فَذلِكَ أَعلى مِنكِ فَقداً لِأَنَّهُ
كَريمٌ وَبَطني بِالكِرامِ بَعيجُ

وَذلِكَ مَشبوحُ الذِراعَينِ خَلجَمٌ
خَشوفٌ بِأَعراضِ الدِيارِ دَلوجُ

ضَروبٌ لِهاماتِ الرِجالِ بِسَيفِهِ
إِذا حَنَّ نَبعٌ بَينَهُم وَشَريجُ

يُقَرِّبُهُ لِلمُستِضيفِ إِذا أَتى
جِراءٌ وَشَدٌّ كَالحَريقِ ضَريحُ


ابو ذؤيب الهذلي

الحمدان
06-30-2024, 10:11 PM
وَيلُ أُمِّ قَتلى فَوَيقَ القاعِ مِن عُشَرٍ
مِن آلِ عُجرَةَ أَمسى جَدُّهُم هِصرا

كانَت أَرِبَّتَهُم بَهزٌ وَغَرَّهُمُ
عَقدُ الجِوارِ وَكانوا مَعشَراً غُدُرا

كانوا مَلاوِثَ فَاِحتاجَ الصِدّيقُ لَهُم
فَقدَ البِلادِ إِذا ما تُمِحلُ المَطَرا

لا تَأمَنَنَّ زُبالِيّاً بِذِمَّتِهِ
إِذا تَقَنَّعَ ثَوبَ الغَدرِ وَأتَزَرا


ابو ذؤيب الهذلي

الحمدان
06-30-2024, 10:12 PM
أَلا زَعَمَت أَسماءُ أَن لا أُحِبُّها
فَقُلتُ بَلى لَولا يُنازِعُني شُغلي

جَزَيتُكِ ضِعفَ الوُدِّ لِما شَكَيتِهِ
وَما إِن جَزاكِ الضِعفَ مِن أَحَدٍ قَبلي

لَعَمرُكَ ما عَيساءُ تَتبَعُ شادِناً
يَعِنُّ لَها بِالجِزعِ مِن نَخِبِ النَجلِ

إِذا هِيَ قامَت تَقشَعِرُّ شَواتُها
وَيُشرِقُ بَينَ الليتِ مِنها إِلى الصُقلِ

تَرى حَمَشاً في صَدرِها ثُمَّ إِنَّها
إِذا أَدبَرَت وَلَّت بِمُكتَنِزٍ عَبلِ

وَما أُمُّ خِشفٍ بِالعَلايَةِ تَرتَعي
وَتَرمُقُ أَحياناً مُخاتَلَةَ الحَبلِ

بِأَحسَنَ مِنها يَومَ قالَت كُلَيمَةً
أَتَصرِمُ حَبلي أَم تَدومُ عَلى الوَصلِ

فَإِن تَزعُميني كُنتُ أَجهَلُ فيكُم
فَإِنّي شَرَيتُ الحِلمَ بَعدَكِ بِالجَهلِ

وَقالَ صِحابي قَد غُبِنتَ وَخِلتُني
غَبَنتُ فَلا أَدري أَشَكلُهُمُ شَكلي

فَإِن تَكُ أُنثى في مَعَدٍّ كَريمَةً
عَلَينا فَقَد أُعطيتِ نافِلَةَ الفَضلِ

عَلى أَنَّها قالَت رَأَيتُ خُوَيلِداً
تَنَكَّرَ حَتّى عادَ أَسوَدَ كَالجِذلِ

فَتِلكَ خُطوبٌ قَد تَمَلَّت شَبابَنا
زَماناً فَتُبلينا الخُطوبُ وَما نُبلي

وَتُبلى الأُولى يَستَلئِمونَ عَلى الأولى
تَراهُنَّ يَومَ الرَوعِ كَالحِدَإِ القُبلِ

فَهُنَّ كَعِقبانِ الشُرَيفِ جَوانِحٌ
وَهُم فَوقَها مُستَلئِمو حَلَقِ الجَدلِ

مَنايا يُقَرِّبنَ الحُتوفَ لِأَهلِها
جِهاراً وَيَستَمتِعنَ بِالأَنَسِ الجَبلِ

وَمُفرِهَةٍ عَنسٍ قَدَرتُ لِرِجلِها
فَخَرَّت كَما تَتّابَعُ الريحُ بِالقَفلِ

لِحَيٍّ جِياعٍ أَو لِضَيفٍ مُحَوَّلٍ
أُبادِرُ ذِكرا أَن يُلَجَّ بِهِ قَبلي

رَوَيتُ وَلَم يَغرَم نَديمي وَحاوَلَت
بَني عَمِّها أَسماءُ أَن يَفعَلوا فِعلي

فَما فَضلَةٌ مِن أَذرِعاتٍ هَوَت بِها
مُذَكَّرَةٌ عَنسٌ كَهادِيَةِ الضَحلِ

سُلافَةُ راحٍ ضُمِّنَتها إِداوَةٌ
مُقيَرَّةٌ رِدفٌ لِآخِرَةِ الرَحلِ

تَزَوَّدَها مِن أَهلِ مِصرٍ وَغَزَّةٍ
عَلى جَسرَةٍ مَرفوعَةِ الذَيلِ وَالكِفلِ

فَوافى بِها عُسفانَ ثُمَّ أَتى بِها
مَجَنَّةَ تَصفو في القِلالِ وَلا تَغلي

فَرَّوحَها مِن ذي المَجازِ عَشِيَّةً
يُبادِرُ أَولى السابِقاتِ إِلى الحَبلِ

فَجِئنَ وَجاءَت بَينَهُنَّ وَإِنَّهُ
لَيَسمَحُ ذِفراها تَزَغَّمُ كَالفَحلِ

فَجاءَ بِها كَيما يُوافِيَ حِجَّةً
نَديمُ كِرامٍ غَيرُ نِكسٍ وَلا وَغلِ

فَباتَ بِجَمعٍ ثُمَّ تَمَّ إِلى مِنىً
فَأَصبَحَ رَأداً يَبتَغي المَزجَ بِالسحلِ

فَجاءَ بِمَزجٍ لَم يَرَ الناسُ مِثلَهُ
هُوَ الضَحكُ إِلّا أَنَّهُ عَمَلُ النَحلِ

يَمانِيَةٍ أَحيا لَها مَظَّ مَأبِدٍ
وَآلِ قَراسٍ صَوبُ أَسقِيَةٍ كُحلِ

فَما إِن هَما في صَحفَةٍ بارِقِيَّةٍ
جَديدٍ أُرِقَّت بِالقَدومِ وَبِالصَقلِ

بِأَطيَبَ مِن فيها إِذا جِئتُ طارِقاً
وَلَم يَتَبَيَّن ساطِعُ الأُفُقِ المُجلى

إِذا الهَدَفُ المِعزابُ صَوَّبَ رَأسَهُ
وَأَمكَنَهُ ضَفوٌ مِنَ الثَلَّةِ الخُطلِ


ابو ذؤيب الهذلي

الحمدان
06-30-2024, 10:12 PM
يَقولونَ لي لَو كانَ بِالرَملِ لَم يَمُت
نُشَيبَةُ وَالطُرّاقُ يَكذِبُ قيلُها

وَلَو أَنَّني اِستَودَعتُهُ الشَمسَ لَاِرتَقَت
إِلَيهِ المَنايا عَينُها وَرَسولُها

وَكُنتُ كَعَظمِ العاجِماتِ اِكتَنَفنَهُ
بِأَطرافِهِ حَتّى اِستَدَقَّ نُحولُها

عَلى حينَ ساواهُ الشَبابُ وَقارَبَت
خُطايَ وَخِلتُ الأَرضَ وَعثاً سُهولُها

حَدَرناهُ بِالأَثوابِ في قَعرِ هُوَّةٍ
شَديدٍ عَلى ما ضَمَّ في اللَحدِ جولُها


ابو ذؤيب الهذلي

الحمدان
06-30-2024, 10:12 PM
هَلِ الدَهرُ إِلّا لَيلَةٌ وَنَهارُها
وَإِلّا طُلوعُ الشَمسِ ثُمَّ غِيارُها

أَبى القَلبُ إِلّا أُمَّ عَمروٍ وَأَصبَحَت
تُحَرَّقُ ناري بِالشَكاةِ وَنارُها

وَعَيَّرَها الواشونَ أَنّي أُحِبُّها
وَتِلكَ شَكاةُ ظاهِرٌ عَنكَ عارُها

فَلا يَهنَأ الواشينَ أَنّي هَجَرتُها
وَأَظلَمَ دوني لَيلُها وَنَهارُها

فَإِن أَعتَذِر مِنها فَإِنّي مُكَذَّبٌ
وَإِن تَعتَذِر يُردَد عَلَيها اِعتِذارُها

فَما أُمُّ خِشفٍ بِالعَلايَةِ شادِنٍ
تَنوشُ البَريرَ حَيثُ نالَ اِهتِصارُها

مُوَلَّعَةٌ بِالطُرَّتَينِ دَنا لَها
جَنى أَيكَةٍ يَضفو عَلَيها قِصارُها

بِهِ أَبَلَت شَهرَي رَبيعٍ كِلَيهِما
فَقَد مارَ فيها نَسؤُها وَاِقتِرارُها

وَسَوَّدَ ماءُ المَردِ فاها فَلَونُهُ
كَلَونِ النَوورِ فَهيَ أَدماءُ سارُها

بِأَحسَنَ مِنها يَومَ قامَت فَأَعرَضَت
تُواري الدُموعَ حينَ جَدّا اِنحِدارُها

كَأَنَّ عَلى فيها عُقاراً مُدامَةً
سُلافَةَ راحٍ عَتَّقَتها تِجارُها

مُعَتَّقَةً مِن أَذرِعاتٍ هَوَت بِها الر
رِكابُ وَعَنَّتها الزِقاقُ وَقارُها

فَلا تُشتَرى إِلّا بِرِنجٍ سِباؤُها
بَناتُ المَخاضِ شومُها وَحِضارُها

تَرى شَربَها حُمرَ الحِداقِ كَأَنَّهُم
أَساوى إِذا ما سارَ فيهِم سُوارُها

فَإِنَّكَ مِنها وَالتَعَذُّرَ بَعدَما
لَجِجَت وَشَطَّت مِن فُطَيمَةَ دارُها

كَنَعتِ الَّتي ظَلَّت تُسَبِّعُ سُؤرَها
وَقالَت حَرامٌ أَن يُرَجَّلَ جارُها

تَبَرَّأُ مِن دَمِّ القَتيلِ وَبَزِّهِ
وَقَد عَلِقَت دَمَّ القَتيلِ إِزارُها

فَإِنَّكِ لَو ساءَلتِ عَنّا فَتُخبَري
إِذا البُزلُ راحَت لا تُدِرُّ عِشارُها

لَأُنبِئتِ أَنّا نَجتَدي الفَضلَ إِنَّما
نُكَلَّفُهُ مِنَ النُفوسِ خَيارُها

لَنا صِرَمٌ يُنحَرنَ في كُلِّ شَتوَةٍ
إِذا ما سَماءُ الناسِ قَلَّ قِطارُها

وَسودٌ مِنَ الصيدانِ فيها مَذانِبٌ
نُضارٌ إِذا لَم نَستَفِدها نُعارُها

لَهُنَّ نَشيجٌ بِالنَشيلِ كَأَنَّها
ضَرائِرُ حِرمِيٍّ تَفاحَشَ غارُها

إِذا اِستُعجِلَت بَعدَ الخُبُوِّ تَرازَمَت
كَهَزمِ الظُؤارِ جُرَّ عَنها حُوارُها

إِذا حُبَّ تَرويجُ القُدورِ فَإِنَّنا
نُرَوِّحُها سُفعاً حَميداً قُتارُها

فَإِن تَصرِمي حَبلي وَإِن تَتَبَدَّلي
خَليلاً وَإِحداكُنَّ سوءٌ قُصارُها

فَإِنّي إِذا ما خُلَّةٌ رَثَّ وَصلُها
وَجَدَّت بِصُرمٍ وَاِستَمَرَّ عِذارُها

وَحالَت كَحَولِ القَوسِ طُلَّت وَعُطِّلَت
ثَلاثاً فَزاغَ عَجسُها وَظُهارُها

فَإِنّي جَديرٌ أضن أُوَدِّعَ عَهدَها
بِحَمدٍ وَلَم يُرفَع لَدَينا شَنارُها

وَإِنّي صَبَرتُ النَفسَ بَعدَ اِبنِ عَنبَسٍ
نُشَيبَةٌ وَالهَلكى يَهيجُ اِدِّكارُها

وَذلِكَ مَشبوحُ الذِراعَينِ خَلجَمٌ
خَشوفٌ إِذا ما الحَربُ طالَ مِرارُها

ضَروبٌ لِهاماتِ الرِجالِ بِسَيفِهِ
إِذا عُجِمَت وَسطَ الشُؤونِ شِفارُها

بِضَربٍ يَقُضُّ البَيضَ شِدَّةُ وَقعِهِ
وَطَعنٍ كَرَكضِ الخَيلِ تُفلى مِهارُها

وَطَعنَةِ خَلسٍ قَد طَعَنتَ مُرِشَّةٍ
كَعَطِّ الرِداءِ لا يُشَكُّ طَوارُها

مُسَحسِحَةٍ تَنفي الحَصى عَن طَريقِها
يُطَيِّرُ أَحشاءَ الرَعيبِ اِنثِرارُها

وَمُدَّعَسٍ فيهِ الأَنيضُ اِختَفَيتَهُ
بِجَرداءَ يَنتابُ الثَميلَ حِمارُها

وَعادِيَةٍ تُلقي الثِيابَ كَأَنَّها
تُيوسُ ظِباءٍ مَحصُها وَاِنبِتارُها

سَبَقتَ إِذا ما الشَمسُ كانَت كَأَنَّها
صَلاءَةُ طيبٍ لِيطُها وَاِصفِرارُها

إِذا ما سِراعُ القَومِ كانوا كَأَنَّهُم
قَوافِلُ خَيلٍ جَريُها وَاِقوِرارُها

إِذا ما الخَلاجيمُ العَلاجيمُ نَكَّلوا
وَطالَ عَلَيهِم حَميُها وَسُعارُها


ابو ذؤيب الهذلي

الحمدان
06-30-2024, 10:13 PM
أَمِنَ المَنونِ وَريبِها تَتَوَجَّعُ
وَالدَهرُ لَيسَ بِمُعتِبٍ مِن يَجزَعُ

قالَت أُمَيمَةُ ما لِجِسمِكَ شاحِباً
مُنذُ اِبتَذَلتَ وَمِثلُ مالِكَ يَنفَعُ

أَم ما لِجَنبِكَ لا يُلائِمُ مَضجَعاً
إِلّا أَقَضَّ عَلَيكَ ذاكَ المَضجَعُ

فَأَجَبتُها أَن ما لِجِسمِيَ أَنَّهُ
أَودى بَنِيَّ مِنَ البِلادِ فَوَدَّعوا

أَودى بَنِيَّ وَأَعقَبوني غُصَّةً
بَعدَ الرُقادِ وَعَبرَةً لا تُقلِعُ

سَبَقوا هَوَىَّ وَأَعنَقوا لِهَواهُمُ
فَتُخُرِّموا وَلِكُلِّ جَنبٍ مَصرَعُ

فَغَبَرتُ بَعدَهُمُ بِعَيشٍ ناصِبٍ
وَإَخالُ أَنّي لاحِقٌ مُستَتبَعُ

وَلَقَد حَرِصتُ بِأَن أُدافِعَ عَنهُمُ
فَإِذا المَنِيِّةُ أَقبَلَت لا تُدفَعُ

وَإِذا المَنِيَّةُ أَنشَبَت أَظفارَها
أَلفَيتَ كُلَّ تَميمَةٍ لا تَنفَعُ

فَالعَينُ بَعدَهُمُ كَأَنَّ حِداقَها
سُمِلَت بشَوكٍ فَهِيَ عورٌ تَدمَعُ

حَتّى كَأَنّي لِلحَوادِثِ مَروَةٌ
بِصَفا المُشَرَّقِ كُلَّ يَومٍ تُقرَعُ

لا بُدَّ مِن تَلَفٍ مُقيمٍ فَاِنتَظِر
أَبِأَرضِ قَومِكَ أَم بِأُخرى المَصرَعُ

وَلَقَد أَرى أَنَّ البُكاءَ سَفاهَةٌ
وَلَسَوفَ يولَعُ بِالبُكا مِن يَفجَعُ

وَليَأتِيَنَّ عَلَيكَ يَومٌ مَرَّةً
يُبكى عَلَيكَ مُقَنَّعاً لا تَسمَعُ

وَتَجَلُّدي لِلشامِتينَ أُريهِمُ
أَنّي لَرَيبِ الدَهرِ لا أَتَضَعضَعُ

وَالنَفسُ راغِبِةٌ إِذا رَغَّبتَها
فَإِذا تُرَدُّ إِلى قَليلٍ تَقنَعُ

كَم مِن جَميعِ الشَملِ مُلتَئِمُ الهَوى
باتوا بِعَيشٍ ناعِمٍ فَتَصَدَّعوا

فَلَئِن بِهِم فَجَعَ الزَمانُ وَرَيبُهُ
إِنّي بِأَهلِ مَوَدَّتي لَمُفَجَّعُ

وَالدَهرُ لا يَبقى عَلى حَدَثانِهِ
في رَأسِ شاهِقَةٍ أَعَزُّ مُمَنَّعُ

وَالدَهرُ لا يَبقى عَلى حَدَثانِهِ
جَونُ السَراةِ لَهُ جَدائِدُ أَربَعُ

صَخِبُ الشَوارِبِ لا يَزالُ كَأَنَّهُ
عَبدٌ لِآلِ أَبي رَبيعَةَ مُسبَعُ

أَكَلَ الجَميمَ وَطاوَعَتهُ سَمحَجٌ
مِثلُ القَناةِ وَأَزعَلَتهُ الأَمرُعُُ

بِقَرارِ قيعانٍ سَقاها وابِلٌ
واهٍ فَأَثجَمَ بُرهَةً لا يُقلِعُ

فَلَبِثنَ حيناً يَعتَلِجنَ بِرَوضَةٍ
فَيَجِدُّ حيناً في العِلاجِ وَيَشمَعُ

حَتّى إِذا جَزَرَت مِياهُ رُزونِهِ
وَبِأَيِّ حينِ مِلاوَةٍ تَتَقَطَّعُ

ذَكَرَ الوُرودَ بِها وَشاقى أَمرَهُ
شُؤمٌ وَأَقبَلَ حَينُهُ يَتَتَبَّعُ

فَاِفتَنَّهُنَّ مِن السَواءِ وَماؤُهُ
بِثرٌ وَعانَدَهُ طَريقٌ مَهيَعُ

فَكَأَنَّها بِالجِزعِ بَينَ يُنابِعٍ
وَأولاتِ ذي العَرجاءِ نَهبٌ مُجمَعُ

وَكَأَنَّهُنَّ رَبابَةٌ وَكَأَنَّهُ
يَسَرٌ يُفيضُ عَلى القِداحِ وَيَصدَعُ

وَكَأَنَّما هُوَ مِدوَسٌ مُتَقَلِّبٌ
في الكَفِّ إِلّا أَنَّهُ هُوَ أَضلَعُ

فَوَرَدنَ وَالعَيّوقُ مَقعَدَ رابِىءِ الض
ضُرَباءِ فَوقَ النَظمِ لا يَتَتَلَّعُ

فَشَرَعنَ في حَجَراتِ عَذبٍ بارِدٍ
حَصِبِ البِطاحِ تَغيبُ فيهِ الأَكرُعُ

فَشَرِبنَ ثُمَّ سَمِعنَ حِسّاً دونَهُ
شَرَفُ الحِجابِ وَرَيبَ قَرعٍ يُقرَعُ

وَنَميمَةً مِن قانِصٍ مُتَلَبِّبٍ
في كَفِّهِ جَشءٌ أَجَشُّ وَأَقطُعُ

فَنَكِرنَهُ فَنَفَرنَ وَاِمتَرَسَت بِهِ
سَطعاءُ هادِيَةٌ وَهادٍ جُرشُعُ

فَرَمى فَأَنفَذَ مِن نَجودٍ عائِطٍ
سَهماً فَخَرَّ وَريشُهُ مُتَصَمِّعُ

فَبَدا لَهُ أَقرابُ هذا رائِغاً
عَجِلاً فَعَيَّثَ في الكِنانَةِ يُرجِعُ

فَرَمى فَأَلحَقَ صاعِدِيّاً مِطحَراً
بِالكَشحِ فَاِشتَمَّلَت عَلَيهِ الأَضلُعُ

فَأَبَدَّهُنَّ حُتوفَهُنَّ فَهارِبٌ
بِذَمائِهِ أَو بارِكٌ مُتَجَعجِعُ

يَعثُرنَ في حَدِّ الظُباتِ كَأَنَّما
كُسِيَت بُرودَ بَني يَزيدَ الأَذرُعُ

وَالدَهرُ لا يَبقى عَلى حَدَثانِهِ
شَبَبٌ أَفَزَّتهُ الكِلابُ مُرَوَّعُ

شَعَفَ الكِلابُ الضارِياتُ فُؤادَهُ
فَإِذا يَرى الصُبحَ المُصَدَّقَ يَفزَعُ

وَيَعوذُ بِالأَرطى إِذا ما شَفَّهُ
قَطرٌ وَراحَتهُ بَلِيلٌ زَعزَعُ

يَرمي بِعَينَيهِ الغُيوبَ وَطَرفُهُ
مُغضٍ يُصَدِّقُ طَرفُهُ ما يَسمَعُ

فَغَدا يُشَرِّقُ مَتنَهُ فَبَدا لَهُ
أَولى سَوابِقَها قَريباً توزَعُ

فَاِهتاجَ مِن فَزَعٍ وَسَدَّ فُروجَهُ
غُبرٌ ضَوارٍ وافِيانِ وَأَجدَعُ

يَنهَشنَهُ وَيَذُبُّهُنَّ وَيَحتَمي
عَبلُ الشَوى بِالطُرَّتَينِ مُوَلَّعُ

فَنَحا لَها بِمُذَلَّقَينِ كَأَنَّما
بِهِما مِنَ النَضحِ المُجَدَّحِ أَيدَعُ

فَكَأَنَّ سَفّودَينِ لَمّا يُقتَرا
عَجِلا لَهُ بِشَواءِ شَربٍ يُنزَعُ

فَصَرَعنَهُ تَحتَ الغُبارِ وَجَنبُهُ
مُتَتَرِّبٌ وَلِكُلِّ جَنبٍ مَصرَعُ

حَتّى إِذا اِرتَدَّت وَأَقصَدَ عُصبَةً
مِنها وَقامَ شَريدُها يَتَضَرَّعُ

فَبَدا لَهُ رَبُّ الكِلابِ بِكَفِّهِ
بيضٌ رِهافٌ ريشُهُنَّ مُقَزَّعُ

فَرَمى لِيُنقِذَ فَرَّها فَهَوى لَهُ
سَهمٌ فَأَنفَذَ طُرَّتَيهِ المِنزَعُ

فَكَبا كَما يَكبو فِنيقٌ تارِزٌ
بِالخُبتِ إِلّا أَنَّهُ هُوَ أَبرَعُ

وَالدَهرُ لا يَبقى عَلى حَدَثانِهِ
مُستَشعِرٌ حَلَقَ الحَديدِ مُقَنَّعُ

حَمِيَت عَلَيهِ الدِرعُ حَتّى وَجهُهُ
مِن حَرِّها يَومَ الكَريهَةِ أَسفَعُ

تَعدو بِهِ خَوصاءُ يَفصِمُ جَريُها
حَلَقَ الرِحالَةِ فَهِيَ رِخوٌ تَمزَعُ

قَصَرَ الصَبوحَ لَها فَشَرَّجَ لَحمَها
بِالنَيِّ فَهِيَ تَثوخُ فيها الإِصبَعُ

مُتَفَلِّقٌ أَنساؤُها عَن قانِيٍ
كَالقُرطِ صاوٍ غُبرُهُ لا يُرضَعُ

تَأبى بِدُرَّتِها إِذا ما اِستُكرِهَت
إِلّا الحَميمَ فَإِنَّهُ يَتَبَضَّعُ

بَينَنا تَعَنُّقِهِ الكُماةَ وَرَوغِهِ
يَوماً أُتيحَ لَهُ جَرىءٌ سَلفَعُ

يَعدو بِهِ نَهِشُ المُشاشِ كَأَنّهُ
صَدَعٌ سَليمٌ رَجعُهُ لا يَظلَعُ

فَتَنادَيا وَتَواقَفَت خَيلاهُما
وَكِلاهُما بَطَلُ اللِقاءِ مُخَدَّعُ

مُتَحامِيَينِ المَجدَ كُلٌّ واثِقٌ
بِبَلائِهِ وَاليَومُ يَومٌ أَشنَعُ

وَعَلَيهِما مَسرودَتانِ قَضاهُما
داودٌ أَو صَنَعُ السَوابِغِ تُبَّعُ

وَكِلاهُما في كَفِّهِ يَزَنِيَّةٌ
فيها سِنانٌ كَالمَنارَةِ أَصلَعُ

وَكِلاهُما مُتَوَشِّحٌ ذا رَونَقٍ
عَضباً إِذا مَسَّ الضَريبَةَ يَقطَعُ

فَتَخالَسا نَفسَيهِما بِنَوافِذٍ
كَنَوافِذِ العُبُطِ الَّتي لا تُرقَعُ

وَكِلاهُما قَد عاشَ عيشَةَ ماجِدٍ
وَجَنى العَلاءَ لَو أَنَّ شَيئاً يَنفَعُ



ابو ذؤيب الهذلي

الحمدان
06-30-2024, 10:22 PM
أَهُمُّ بِشَيءٍ وَاللَيالي كَأَنَّها
تُطارِدُني عَن كَونِهِ وَأُطارِدُ

وَحيدٌ مِنَ الخُلّانِ في كُلِّ بَلدَةٍ
إِذا عَظُمَ المَطلوبُ قَلَّ المُساعِدُ


المتنبي

الحمدان
06-30-2024, 10:23 PM
قَد تَعترِيكَ مِنَ الحَياةِ كآبةٌ
‏تُذكِي الأسَى وتَشلُّ نبضَ الخَافقِ

‏فتَودُّ لو تبكي وما مِن أدمُعٍ
‏وتظَلُّ مختنِقًا وما مِن خَانقِ

‏وتظُنُّ أنَّك هالكٌ حتّى إذا
‏أعياكَ عُسرُكَ جَاءَ يُسرُ


......

الحمدان
06-30-2024, 10:25 PM
نعمَ الأنيسُ إذا خلوتَ كتاب
تلهو به إن خانكَ الأحباب

لا مفشيًا سرًا إذا استودعته
وتفاد منه حكمة وصواب


......

الحمدان
06-30-2024, 10:29 PM
قد ترتدي الأيامُ ثوبًا أسودًا
والخيرُ فيه مُخَبَّأٌ مَطوِيُّ

ما كانتِ العذراءُ تشكو حزنَها
لو أدركَتْ أنَّ الوليدَ نبيُّ


......

الحمدان
06-30-2024, 10:31 PM
أَعطَيتُها كفّي لِتقرأَ طَالعي
مَاهمَّنِي مَا قد يُقَال لِمَسمَعْي

أَحببتُ كفّي أَن يُلامِسَ كفّها
فَيَكُونَ حَظّي أَن تَحسَّ أصَابعِي

......

الحمدان
07-01-2024, 01:04 AM
‏يا مُخرِج الإصباحِ من حلقِ الدجىٰ
أنت البديع مُنوِر الأكوانِِ

اجعلهُ يومًا طيِبًا ومباركًا
واحفظ علينا نعمة الإيمانِِ

واكتب لنا فيه السلامة والرضا
واشملهُ بالتوفيقِ والإحسانِِ


......

الحمدان
07-01-2024, 01:08 AM
‏عَلَى ثِقَةٍ بِوَعدِ اللَّـه عِشْنَا
بِلَا يَأْسٍ وَمَا زِلنَا نَعِيشُ

تَجِيشُ قُلُوبُنَا حُزنًا وَلَكِن
بِذِكرِ اللَّـه يَهدَأ مَا يَجِيشُ

وَمَا غَيرُ الدُّعَاءِ إذَا عَجَزنَا
فَإِنَّ سِهَامَهُ لَيسَتْ تَطِيشُ


......

الحمدان
07-01-2024, 01:12 AM
وقل للنفسِ إنْ فقدَتْ رجاها
وصارَ اليأسُ يوهِنُها قواها

ثقي باللهِ، كم خافتْ نفوسٌ
مِن الدنيا وخالقُها كفاها

وكم باتتْ قلوبٌ ترتجيهِ
يُخفّف ما تُلاقي مِن أساها

فجاءَ الغيثُ من ربٍ كريمٍ
بإحسانٍ وجودٍ لا يُضاهى

وألبسها لباسًا من سرورٍ
كأنّ السّعد لم يعرف سواها

ستغمُرُنا السحائِب عن قريبٍ
بِبُشرى لا يُحاطُ بمنتهاها

فعاقبةُ البلاءِ إلى زوالٍ
عن الدنيا إذا بلغت مداها


......

الحمدان
07-01-2024, 01:15 AM
‏أيها الموجوعُ صبراً
‏إنَّ بعد الصبر بشرى

‏أيها البــــــاكي بِلَيلٍ
‏سوف يأتي النور فجرا

‏أيها المكسـورُ قل لي
‏هل يديم الله كســــرا

‏يا عزيز القلب مهلاً
‏إنَّ بعد العســرِ يسرا


......

الحمدان
07-01-2024, 01:50 AM
أشكو غراماً بقلبي كاد يقتلني
ونشوةَ الوصل للحسناء أرميها

بثغرها الساحر الفتان تأسرني
هي الغرام وقلبي مغرمٌ فيها

ماذا أحدث..من ذا قد يصدقني
إذا حلفتُ بأن الله يحميها

من أعين الناس إن عبروا بساحتها
أخاف من حاسدٍ..بالعين يؤذيها

إن هزَّت الطرف لبَّيتُ الندا طرباً
وإن أشارت بروحي سوف أفديها

هي الجمال الذي إن نمتُ أيقظني
وإن غفوتُ بأحلامي أناديها

ماذا أحدث عن سحرٍ تملَّكني
زاد إشتياقي ونار البين تكويها

والله إنَّ الهوى عنها يحدثني
ماذا بها..ولماذا النوم يجفيها؟

متى تئن..متى بالشوق تذكرني
متى تحِن إلى أسلاف ماضيها

هي الوحيدةُ في عصري وفي وطني
منحتها مهجتي..روحي بما فيها

وذلك الحَوَر الفتان يجذبني
لوصلها فمتى في الصدر أدفيها

متى تذوب حبال الهجر ياسَكني
أرجوك قولي غداً..بالله قوليها


......

الحمدان
07-01-2024, 01:53 AM
وجميلة فوق الجمال ووصفه
وعظيمة أسمى من الإعظام

تسمو كأجنحة الشعاع كأنّها
في الأفق أرواح بلا أجسام

لا: لا تقل لي: سمّها فجمالها
فوق الكناية فوق كلّ أسامي

إنّي أعيش لها وفيها إنّها
حبّي وسرّ بدايتي وختامي

وأحبها روحا نقيّا كالسَّنا
وأحبّها جسما من الآثام

وأحبّها نورا وحيرة ملحد
وأحبّها صحوا وكأس مدام

وأريدها غضبى وإنسانيّتي
وشذود طفل واتّزان عصامي

دعني أغرّد باسمها ما دام في
قدحي ثمالات من الأنغام

فتّشت عنها وهي أدنى من مُنى
قلبي: ومن شوقي وحرّ أُوامي

ولقيتها يا شوق أين لقيتها؟
عندي هنا في الحبّ والآلام


......

الحمدان
07-01-2024, 01:56 AM
ساءلتُ نفسي أين أحبابي مضَوْا
ومتـى سـتـجمعنـي بـهم أقداري

أصحو على طيفٍ يداعـب مُقْلتي
وأنام لـكـنْ طـيفُـهُم بـجواري

آوي إلى الأطلال أجلـس بائساً
فهـنـا رأيت أحبتـي فـي الـدارِ

وغدوتُ بعد البين أرنـو حـائراً
وإذا الكواكبُ فـي الـمـسا سُمَّاري

حَمَّـلْتُ أنسـامَ الشـتاءِ رسالةً
فأتـى الـجـوابُ إليَّ فـي أيـارِ

كم سافرت عبرَ الرياح قصائدي
لكـنهـا سئمـتْ مـن الأسـفـارِ

فمتى سيجمعنا الزمـان ونلتقي
أم هـل سأُمضي العُمْـر بالتّـذكـار

تُرى سيُجْمَعُ شـملُنا بحيـاتنا
أم بعـد رصــفِ القـبر بالأحجار


......

الحمدان
07-01-2024, 02:03 AM
‏أيا بعيدًا وَقَد قُرِّبت مِن قلبي
‏والناسُ تأكُلني عَدَلاً وإيلامًا

‏قالوُا جُنِنت إذا احبَبت مُبتعِدًا
‏أُجِيبُ أعشَقهُ لو كانَ اوهامًا

‏احيَا بقُرِبكَ يَامن لَستُ المِسُه
‏إلا بِحُلمٍ وقد أبليتُ أحلامًا

‏أنا و أنت مَتى الأيامُ تَجمعُنا؟
‏إني كَبْرتُ بهذا البُعدِ اعوَامًا


......

الحمدان
07-01-2024, 02:05 AM
‏فيا راحلاً لم أدرِ كيف رحيله
لما راعني من خطبه المتسرِّع

يلاطفني بالقول عند وداعه
ليُذهب عنّي لوعتي وتفجُّعي

......

الحمدان
07-01-2024, 02:06 AM
‏نَعُدُّ أَيَّامَنَا نَخشَى تَصَرُّمَهَا
أَقسَى مِنَ الفَقدِ فِينَا خَشيَةُ الفَقدِ

إِذَا تَذَكَّرتُ يَومَ البُعدِ أَرَّقَنِي
هَمٌّ، فَكَيفَ بِنَا فِي سَاعَةِ البُعدِ

......

الحمدان
07-01-2024, 02:07 AM
وعيرني الأعداءُ والعيبُ فيهم
فليس بعارٍ أن يُقال ضريرُ

إذا أبصرَ المرءُ المروءةَ والتُقى
فإن عمى العينين ليس يضيرُ

رأيتُ العمَى أجرًا وذُخرًا وعصمةً
وإني إلى تلك الثلاث فقيرُ


بشار بن برد

الحمدان
07-01-2024, 02:10 AM
رفيقةَ عُمري.. هل لجرحيَ بلسمُ
رحيلُك أَدماه وما انقطع الدمُ

أنامُ على صمتِ الجراح وصمتُها
يعبِّر عن حرِّ الجَوى ويُترجمُ

ولمّا استراش الفرخُ واشتدّ عودُه
وجاء الرَّغيدُ الحُلو وانزاحَ عَلقمُ

رَفيقينِ من بعد الثلاثين خمسة
مشينا بها في دربنا وهيْ أنجمُ

ففرَّقنا ريبُ المنون فها أنا
وحيدٌ يَعضُّ الحُزن فيَّ ويَقضمُ

سأَبقى إلى أن نلتقي بثرى الحِمى
وقلبي لصيقٌ بالتُراب مُتيّمُ



كتبها الدكتور الشيخ احمد الوائلي
في رثاء زوجته

الحمدان
07-01-2024, 02:12 AM
وَأَصبُرُ لِلحَبيبِ وَإِن جَفاني
وَلَم أَترُك هَواهُ وَلَستُ أَسلو

عَسى الأَيّامُ تُنعِمُ لي بِقُربٍ
وَبَعدَ الهَجرِ مُرُّ العَيشِ يَحلو

عنترة بن شداد