المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هنا الشعر الفصيح ومايتعلق به


الصفحات : 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 [41] 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 100 101 102 103 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 114 115 116 117 118 119 120 121 122 123 124 125 126 127 128 129 130 131 132 133 134 135 136 137 138 139 140 141 142 143 144 145 146 147 148 149 150 151 152 153 154 155

الحمدان
07-26-2024, 03:08 PM
زَرَعتُ هَواهُ في جَريبِ مُثلَث
وَأَشقَيتَهُ ماءَ الدَوامِ عَلى العَهدِ

وَسَرجَنتُهُ بِالوَصلِ لَم آلَ جاهِدا
لِيَحرِزُهُ السَرجَينِ مِن آفَةِ الصَد

فَلَمّا تَعالى النَبتُ وَاِخضَرَّ يانِعا
وَأَفرَكَ حُبُّ الحُبِّ في سُنبُلِ الوُدِّ

أَتَتهُ أَكَفُّ الهَجرِ فيها مَناجِل
فَأَسرَعنَ فيهِ حينَ أَدرَكَ بِالحَصدِ

فَيا شُؤمُ مالي إِذ يَعطُل لِلشَّقا
وَيا وَيحَ ثَوري صارَ مُعلَفَه كَبِدي


الجاحظ

الحمدان
07-26-2024, 03:08 PM
إِن يَهدُمَ الصَدُّ مِن جِسمي مَعالِفَه
فَإِنَّ قَلبي بَقَت الوَجدِ مَعمور

إِنّي اِمرُؤٌ في وُثاقِ الحُبِّ يَكبَحَهُ
لَجامَ هَجرُ عَلى الأَسقامِ مَعذور

أَنَل خَليلَكَ نَيلاً مِن وِصالَكَ أَو
حُسنُ الرِقادِ فَإِنَّ النَومَ مَأسور

أَصابَ حَبلُ شِكالِ الوَصلِ حينَ بَدا
وَمُبضِعُ الصَدِّ في كَفَّيهِ مَشهور

لَبِستَ بِرَقعِ هَجرٍ بَعدَ ذلِكَ في
اِصطَبلِ وُد فَروثُ الحُبِّ مَنثور


الجاحظ

الحمدان
07-26-2024, 03:09 PM
يَطيبُ العَيشَ أَن تَلقى حَكيماً
غَذاهُ العِلمُ وَالظَنُّ المُصيب

فَيَكشِفُ عَنكَ حيرَةَ كُلِّ جَهل
فَفَضلُ العِلمِ يَعرِفُهُ الأَديب

سَقامَ الحِرصِ لَيسَ لَهُ دَواءُ
وَداءُ الجَهلِ لَيسَ لَهُ طَبيب


الجاحظ

الحمدان
07-26-2024, 03:09 PM
قَد أَماتَ الهِجرانُ صِبيانُ قَلبي
فَفُؤادي مُعَذَّبٌ في خِبال

كَسَرَ البَينُ لَوحَ كَبدي فَما أَطمَعَ
مِمَّن هَوَيتَهُ في وِصال

رَفَعَ الرَقَمُ مِن حَياتي وَقَد أَطلَقَ
مَولايَ حَبلَهُ مِن حِبالي

مَشقُ الحُبِّ في فُؤادي لَو حينَ
فَاِغرى جَوانِحي بِالسِلالِ

لاقَ قَلبي بَنانَه فَمَدادُ العَينِ
مِن هَجرِ مالِكي في اِنهِمالِ

كَرَسفِ البَينِ سودُ الوَجهِ مِن وَصلي
فَقَلبي بِالبَينِ في اِشعالِ


الجاحظ..العصر العباسي

الحمدان
07-26-2024, 03:10 PM
لولا اتقاءُ الله قمتُ بمفخرٍ
لا يبلغُ الثقَلانِ فيه مَقامي

بأبوةٍ في الجاهلية سادةٍ
بذُّوا العلا أمراءَ في الإسلام

جادوا فسادوا مانعين أذاهم
لنداهمُ، بذل لدى الأقوام

قد أنجبوا في السؤددين وأنجبوا
بِنجابة الأخوالِ والأعمام

من بالمخاشن وابنهِ جَون
ومن بالغز أو بالمهزمين يسامي

قوم إذا سكتوا تكلمَ مجدهم
عنهم وأخرسَ دونَ كل كلام


ولادة المهزمية
العصر العباسي

الحمدان
07-26-2024, 04:51 PM
ما للبريّةِ من لا شيءَ تختصمُ
فيطرُدَ الحبَّ جُرحٌ غائرٌ ودمُ

فيمَ الحروبُ وخيرُ الأرضِ يغمُرُنا
حتى لتعجزُ عن إرباكِه أممُ

لا نقصَ في الأرضِ بل في خُلقِ ساكنِها
أبِالجحودِ يُجابُ العطفُ والكرَمُ

إنزَعْ من الحربِ راءً أنتَ واضعُها
تهنأْ وإلّا جحيمٌ منكَ ينتقمُ

قدِ اقتضبتُ فسِلمٌ ناجزٌ هدفي
لا ما يُخربشُ في قِرطاسِه قلمُ

دريد رزق

الحمدان
07-26-2024, 06:23 PM
بيَان بيان الحقّ أنت بيانه
وكل بيان ٍأنت منه لسانهُ

أشرتُ إلى حقّ ٍبحق ٍوكل من
أشار إلى حقّ فأنْتَ أَمانهُ

تشير بحقّ ِالحقّ والحق ناطقٌ
وكل لسان ٍقد أتاك أوانهُ

إذا كان نعْت الحقّ للحقّ بَيّناً
فما بالُهُ في الناس يَخْفَي مكانه


الحلاج .. العصر العباسي

الحمدان
07-26-2024, 06:24 PM
أنْتَ بين الشغاف والقلب تجري
مثل جري الدموع من أجفاني

وتُحِلُّ الضميرَ جوفَ فؤادي
كحلول الأرواح في الأبدان

ليس من ساكن ٍتَحَرَّكَ إلّا
أنت حَرَّكْتَهُ خَفَّي المكان

يا هلالاً بدا لأربع عشر ٍ
لثمان ٍوأربع ٍو اثنان


الحلاج

الحمدان
07-26-2024, 06:25 PM
آهٍ أنا أم أنْتَ؟ هَذَيْن ِإلهَيْن ِ
حاشاي حاشاي مِن إثبات أثنَيْن ِ

هويةٌ لك في لايئتي ابَداً
كلّي على الكلّ تلبيسٌ بِوَجْهَيْن ِ

فَأَيْنَ ذاتك عنّي حيث كنت أرى
فقد تَبَيّنَ ذاتي حيت لا أين

وأَيْنَ وَجْهُك مقصود بناظرتّي
في ناظر القلب أم في ناظر العين

بَيْنِي وبَيْنك أنّيٌ يُزاحِمُنِي
فارفعْ بِأنَّك أَنّي مِن البين


الحلاج

الحمدان
07-26-2024, 06:26 PM
قلبك شيء وفيه منك أسماء
لا النور يدري به كلّا ولا الظلم

ونور وجهك سرّ حين أشهده
هذا هو الجود والإحسان والكرم

فخُذْ حديثي حِبِّي أنت تعلمه
لا اللوح يعلمه حقاً ولا القلم


الحلاج

الحمدان
07-26-2024, 06:26 PM
تفكّرتُ في الأديان جدَّ تحقّق ٍ
فألفيتها اصلاً له شُعَباً جّما

فلا تَطْلُبَنْ للمرء ديناً فإنّه يُصَدُّ
عن الأصل الوثيق وإنّما

يطالبه اصلٌ يعبِّر عنده
جميعُ المعالي والمعاني فَيَفْهَمَا


الحلاج

الحمدان
07-26-2024, 06:28 PM
ثلاثة أحرف لا عُجْمَ فيها
ومعجومان ِوانقطع الكلام

فمعجومٌ يشاكل واجديِهِ
ومتروكٌ يُصَدّقُهُ الأنام

وباقي الحَرْف ِمرموزٌ مُعَمَّى
فلا سفر ينال و لا مقام


الحلاج

الحمدان
07-26-2024, 06:28 PM
نِعْمَ الإِعَانَةُ رَمْزٌ في خفا لُطُف
في بارق ٍلاحَ فيها من حُلَى خِلَلِهْ

والحال يرمقني طوراً وأَرْمُقُه ُ
إن شا يغشى على الإخوان من قُلَلِهْ

حال إليه رأى به فيه بِهِمّته
عن فيض بحرٍ من التمويه من مِلَِلهْ

فالكلّ يشهده كُلّاً وأشهده
مع الحقيقة لا بالشخص من طللهْ


الحلاج

الحمدان
07-26-2024, 06:29 PM
عليك يا نفس بالتسلّي
العزّ بالزهد و التخلّي

عليك بالطلْعة التي
مشكاتها الكشف و التجلّي

قد قام بعضي ببعض بعضي
و هام كلي بكلّ كلي


الحلاج

الحمدان
07-26-2024, 06:29 PM
دُنْيَا تُخَادِعُنِي كأنّي
لستُ أعرف حالها

ذمّ الِإلهُ حرامها
وأنا اجتنبت حلالها

مدَّتْ إلىَّ يمينها
فرددْتها وشمالها

ورايتُها محتاجة
فوهبتُ جملتها لها

ومتى عرفت وصالها
حتّى أخاف ملالها


الحلاج

الحمدان
07-26-2024, 06:30 PM
دَخَلْتَ بناسوتي لديك على الخلق
ولولاك لاهوتِي خَرجْتُ من الصِدْق

فإنّ لسان العلم للنطق و الهدى
وإنّ لسان الغيب جلّ عن النطق

ظهرتَ لقوم ٍ والتبستَ لفتيةٍ
فتاهوا وضلّوا واحتجبتَ عن الخلق

فتظهر للألباب في الغرب تارة ً
وطورا على الألباب تغرب في الشرق


الحلاج

الحمدان
07-26-2024, 06:31 PM
عجبتُ لكلّي كيف يحمله بعضي
ومن ثقل بعضي ليس تحملني أرضي

لئن كان في بسط من الأرض مَضْجَعٌ
فبعضي على بسط من الأرض في قبضي


الحلاج

الحمدان
07-26-2024, 06:31 PM
يا نسيم الروح قولي للرشا
لم يزدني الِورْد إلا عطشا

لي حبيبٌ حبّه وسط الحشا
إن يشا يمشي على خدّي مشا

روحه روحي وروحي روحه
إن يشا شئتُ وإن شئتُ يشا


الحلاج

الحمدان
07-26-2024, 06:32 PM
والله ما طلعت شمسٌ ولا غربت
إلا و حبّك مقرون بأنفاسي

ولا خلوتُ إلى قوم أحدّثهم
إلا و أنت حديثي بين جلاسي

ولا ذكرتك محزوناً و لا فَرِحا
إلا و أنت بقلبي بين وسواسي

ولا هممت بشرب الماء من عطش
إلا رَأَيْتُ خيالاً منك في الكأس

ولو قدرتُ على الإتيان جئتُكم
سعياً على الوجه أو مشياً على الرأس

ويا فتى الحيّ إن غّنيت لي طربا
فغّنني وأسفا من قلبك القاسي

ما لي وللناس كم يلحونني سفها
ديني لنفسي ودين الناس للناس


الحلاج

الحمدان
07-26-2024, 07:44 PM
أَيا مَن جاءَني مِنهُ
كِتابٌ يَشتَكي الوَصَبا

بَعيدٌ عَنكَ ماتَشكو
وَبِالواشينَ وَالرُقُبا

لَقَد ضاعَفتَ ياروحي
لِروحي الهَمَّ وَالنَصَبا

وَقُلتُ لَعَلَّهُ أَلَمٌ
يَكونُ لَهُ الهَوى سَبَبا

وَرُحتُ أَظُنُّهُ قَولاً
يُكاذِبُني بِهِ لَعِبا

فَلَيتَ اللَهُ يَجعَلُهُ
وَحاشا سَيِّدي كَذِبا

......

الحمدان
07-26-2024, 07:46 PM
عيناكِ غابتا نخيلٍ ساعةَ السحَر
‏أو شُرفتان راح ينأى عنهما القمر

‏عيناك حين تبسمان تورق الكروم
‏وترقص الأضواء كالأقمار في نهَر


......

الحمدان
07-26-2024, 07:52 PM
‏فما فارقتُ قُرب الناسِ من عبثٍ
‏و لا أقوى على مِلىء الفراغاتِ

‏لكنَ جُرحاً من الأحباب أقنعني
‏أن القريبينَ أولى بالخساراتِ

......

الحمدان
07-26-2024, 09:07 PM
خَرَجنا مِنَ الدُنيا وَنَحنُ مِنَ اَهلِها
فَلَسنا مِنَ الأَمواتِ فيها وَلا الأَحيا

إِذا دَخَلَ السَجّانُ يَوماً لِحاجَةٍ
عَجِبنا وَقُلنا جاءَ هَذا مِنَ الدُنيا

وَنَفرَحُ بِالرُؤيا فَجُلُّ حَديثِنا
إِذا نَحنُ أَصبَحنا الحَديثُ عَنِ الرُؤيا

فَإِن حَسُنَت كانَت بَطيئاً مَجيئُها
وَإِن قَبُحَت لَم تَنتَظِر وَأَتَت سَعيا


عبدالله بن معاوية

الحمدان
07-26-2024, 09:08 PM
رَأَيتُ فُضَيلاً كانَ شَيئاً مُلَفَّفاً
فَكَشَّفَهُ التَمحيصُ حَتّى بَدا لِيا

فَأَنتَ أَخي ما لَم تَكُن لِيَ حاجَةٌ
فَإِن عَرَضَت أَيقَنتُ أَن لا أَخا لِيا

فَلا زادَ ما بَيني وَبَينَكَ بَعدَما
بَلَوتُكَ في الحاجاتِ إِلّا تَمادِيا

فَلَستُ بِراءٍ عَيبَ ذي الوُدِّ كُلَّهُ
وَلا بَعضَ ما فيهِ إِذا كُنتُ راضِيا

فَعَينُ الرِضا عَن كُلِّ عَيبٍ كَليلَةٌ
وَلَكِنَّ عَينَ السُخطِ تُبدي المُساوِيا

كِلانا غَنِيٌّ عَن أَخيهُ حَياتَهُ
وَنَحنُ إِذا مِتنا أَشَدُّ تَغانِيا


عبدالله بن معاوية

الحمدان
07-26-2024, 09:08 PM
يا أَيُّها الزاجِرِي عَن شيمَتي سَفَهاً
عَمداً عَصَيتُ مَقالَ الزاجِرِ الناهي

أَقصِر فَإِنَّكَ مِن قَومٍ أَرومَتُهُم
في اللُؤمِ فَاِفخَر بِهِم ما شِئتَ أَو باهِ

يُزَيِّنُ الشِعرُ أَفواهاً إِذا نَطَقَت
بِالشِعرِ يَوماً وَقَد يُزري بِأَفواهِ

قَد يُرزَقُ المَرءُ لا مِن فَضلِ حيلَتِهِ
وَيُصرَفُ الرِزقُ عَن ذي الحيلَةِ الداهي

لا شيمَتي تُجتَوى يَوماً وَلا خُلُقي
وَلَيسَ حَبلي لِمَن صافَيتُ بِالواهي

لا بَل أَبيحُ صَديقي مَحضَ خالِصَتي
وَلَستُ عَن نَفعِهِ ما عِشتُ بِالساهي

لَقَد عَجِبتُ لِقَومٍ لا أُصولَ لَهُم
أَثرَوا وَلَيسوا وَإِن أَثرَوا بِأَشباهي

ما نالَني مِن غِنىً يَوماً وَلا عَدَمٍ
إِلّا وَقَولي عَلَيهِ الحَمدُ لِلّهِ


عبدالله بن معاوية

الحمدان
07-26-2024, 09:09 PM
أَيُّها المَرءُ لا تَقولَنَّ قَولاً
لَستَ تَدري ماذا يَعيبُكَ مِنهُ

وَاِلزَمِ الصَمتَ إِنَّ في الصَمتِ حُكماً
وَإِذا أَنتَ قُلتَ قَولاً فَزِنهُ

وَإِذا القَومُ أَلغَطوا في كَلامٍ
لَستَ تُعنى بِشَأنِهِ فَاِلهَ عَنهُ


عبدالله بن معاوية

الحمدان
07-26-2024, 09:10 PM
العَينُ تُبدي الَّذي في قَلبِ صاحِبِها
مِنَ الشَناءَةِ أَو وُدّاً إِذا كانا

إِنَّ العَدُوَّ لَهُ عَينٌ يُقَلِّبُها
لا يَستَطيعُ لِما في القَلبِ كِتمانا

وَعَينُ ذي الوُدِّ ما تَنفَكُّ مُقلَتُها
تُبدي لَهُ مِحجَراً بَشّاً وَإِنسانا

فَالعَينُ تَنطِقُ وَالأَفواهُ صامِتَةٌ
حَتّى يَرى مِن ضَميرِ القَلبِ تِبيانا


عبدالله بن معاوية

الحمدان
07-26-2024, 09:11 PM
لِسانُ الفَتى نِصفٌ وَنِصفٌ فُؤادُهُ
فَلَم يَبقَ إِلّا صورَةُ اللَحمِ وَالدَمِ

وَكائِن فَتىً مِن مُعجِبٍ لَكَ حُسنُهُ
زِيادَتُهُ أَو نَقصُهُ في التَكَلُّمِ


عبدالله بن معاوية

الحمدان
07-26-2024, 09:11 PM
أَلا تَزَعُ القَلبَ عَن جَهلِهِ
وَعَمّا تُؤَنَّبُ مِن أَجلِهِ

يَهيمُ بِجُملٍ وَما إِن يَرى
لَهُ مِن سَبيلٍ إِلى جُملِهِ

كَأَن لَم يَكُن عاشِقٌ قَبلَهُ
وَقَد عَشِقَ الناسُ مِن قَبلِهِ

فَمِنهُم مَنِ الحُبُّ أَودى بِهِ
وَمِنهُم مَنَ اَشفى عَلى قَتلِهِ

فَأُبدِلَ بَعدَ الصِبا حُلمَهُ
وَأَقصَرُ ذو العَدلِ عَن عَدلِهِ

فَلا تَركَبَنَّ الصَنيعَ الَّذي
تَلومُ أَخاكَ عَلى مِثلِهِ

وَلا يُعجِبَنَّكَ قَولُ اِمرِئٍ
يُخالِفُ ما قالَ في فِعلِهِ

وَلا تُتبِعِ الطَرفَ ما لا تَنالُ
وَلَكِن سَلِ اللَهَ مِن فَضلِهِ

فَكَم مِن مُقِلٍّ يَنالُ الغِنى
وَيُحمَدُ في رِزقِهِ كُلِّهِ


عبدالله بن معاوية

الحمدان
07-26-2024, 09:12 PM
لا يُزهِدَنَّكَ في أَخٍ
لَكَ أَن تَراهُ زَلَّ زَلَّه

ما مِن أَخٍ لَكَ لا تَعيبُ
وَلَو حَرِصتَ عَلَيهِ خِلَّه

وَالمَرءُ يَطرَحُهُ الَّذينَ
يَلونَهُ في شَرِّ إِلَّه

وَيَخونُهُ مِن مَأمَنٍ
أَهلُ البِطانَةِ وَالدِخِلَّه

وَالمَوتُ أَعظَمُ حادِثٍ
مِمّا يَمُرُّ عَلى الجِبِلَّه


عبدالله بن معاوية

الحمدان
07-26-2024, 09:12 PM
أَصُدُّ صُدودَ اِمرِئٍ مُجمِلٍ
إِذا حالَ ذو الوُدِّ عَن حالِهِ

وَلَستُ بِمُستَعتِبٍ صاحِباً
إِذا جَعَلَ الهَجرَ مِن بالِهِ

وَلَكِنَّني صارِمٌ حَبلَهُ
وَذَلِكَ فِعلي بِأَمثالِهِ

وَمَهما أَدَلَّ بِحَقٍّ لَهُ
عَرَفتُ لَهُ حَقَّ إِدلالِهِ

وَإِنّي عَلى كُلِّ حالٍ لَهُ
مِنِ اِدبارِ وُدٍّ وَإِقبالِهِ

لَراعٍ لِأَحسَنِ ما بَينَنا
بِحِفظِ الإِخاءِ وَإِجلالِهِ


عبدالله بن معاوية

الحمدان
07-26-2024, 09:13 PM
اِصبِر إِذا عَضَّكَ الزَمانُ وَمَن
أَصبَرُ عِندَ الزَمانِ مِن رَجُلِه

وَلا تُهِن لِلصَديقِ تُكرِمُهُ
نَفسَكَ حَتّى تُعَدَّ مِن خَوَلِه

يَحمِلُ أَثقالَهُ عَلَيكَ كَما
يَحمِلُ أَثقالَهُ عَلى جَمَلِه

وَلَستَ مُستَبقِياً أَخاً لَكَ لا
تَصفَحُ عَمّا يَكونُ مِن زَلَلِه

لَيسَ الفَتى بِالَّذي يَحولُ عَنِ العَهدِ
وَيُؤتى الصَديقُ مِن قِبَلِه


عبدالله بن معاوية

الحمدان
07-26-2024, 09:13 PM
أَنّى يَكونُ أَخاً أَو ذا مُحافَظَةٍ
مَن أَنتَ مِن غَيبِهِ مُستَشعِرٌ وَجَلا

إِذا تَغَيَّبتَ لَم تَبرَح تَظُنُّ بِهِ
ظَنّاً وَتَسأَلُ عَمّا قالَ أَو فَعَلا

يُري الصَديقَ لَهُ مِنهُ مُكاشَرَةً
كَيما يَصولَ بِهِ يَوماً إِذا غَفَلا

فَلا عَداوَتُهُ تَبدو فَتَعرِفُها
مِنهُ وَلا وُدُّهُ يَوماً لَهُ اِعتَدَلا


عبدالله بن معاوية

الحمدان
07-26-2024, 09:14 PM
أَرى نَفسي تَتوقُ إِلى أُمورٍ
وَيَقصُرُ دونَ مُبلَغِهِنَّ مالي

فَنَفسي لا تُطاوِعُني بِبُخلٍ
وَمالي لا يُبَلِّغُني فَعالي

فَلا وَاللَهِ ما أَحبَبتُ مالاً
لِشَيءٍ قَطُّ إِلّا لِلنَوالِ

أَفيدُ وَيَستَفيدُ الناسُ مِنّي
وَما يَبقى يَصيرُ إِلى الزَوالِ


عبدالله بن معاوية

الحمدان
07-26-2024, 09:15 PM
أَقولُ لَمّا بَدَت بَيضاءُ لائِحَةٌ
قَولَ اِمرِىءٍ عِن طِلابِ اللَهوِ مُنخَزِلِ

أَهلاً بِوافِدَةٍ لِلشَيبِ واعِظَةٍ
تَنعى الشَبابَ وَتَنهانا عَنِ الغَزَلِ


عبدالله بن معاوية

الحمدان
07-26-2024, 09:16 PM
إِذا كُنتَ في حاجَةٍ مُرسِلاً
فَأَرسِل حَكيماً وَلا توصِهِ

وَإِن بابُ أَمرٍ عَلَيكَ اِلتَوى
فَشاوِر لَبيباً وَلا تَعصِهِ

وَإِن ناصِحٌ مِنكَ يَوماً دَنا
فَلا تَنأَ عَنهُ وَلا تُقصِهِ

وَذا الحَقِّ لا تَنتَقِص حَقَّهُ
فَإِنَّ القَطيعَةَ في نَقصِهِ

وَلا تَحرِصَنَّ فَرُبَّ اِمرِئٍ
حَريصٍ مَضيعٌ عَلى حِرصِهِ

وَلا تَذكُرِ الدَهرَ في مَجلِسٍ
حَديثاً إِذا أَنتَ لَم تُحصِهِ

وَنُصَّ الحَديثَ إِلى أَهلِهِ
فَإِنَّ الأَمانَةَ في نَصِّهِ

فَكَم مِن فَتىً عازِبٍ لُبُّهُ
وَقَد تَعجَبُ العَينُ مِن شَخصِهِ

وَآخَرَ تَحسَبُهُ أَنوَكاً
وَيَأتيكَ بِالأَمرِ مِن فَصِّهِ


عبدالله بن معاوية

الحمدان
07-26-2024, 09:16 PM
بُنَيَّ إِذا ما سامَكَ الذُلَّ قاهِرٌ
عَزيزٌ فَبَعضُ الذُلِّ أَبقى وَأَحرَزُ

وَلا تَحمَ مِن بَعضِ الأُمورِ تَعَزُّزاً
فَقَد يورِثُ الذُلَّ الطَويلَ التَعَزُّزُ


عبدالله بن معاوية

الحمدان
07-26-2024, 09:17 PM
قُل لِذي الوُدِّ وَالصَفاءِ حُسَينٍ
أَقدِرِ الوُدَّ بَينَنا قَدَرَه

لَيسَ لِلدابِغِ المُحَلَّمِ بُدٌّ
مِن عِتابِ الأَديمِ ذي البَشَرَه

لَستُ إِن زاغَ ذو إِخاءٍ وَوُدٍّ
عَن طَريقٍ بِتابِعٍ أَثَرَه

بَل أُديمُ الثَناءَ وَالوُدَّ حَتّى
يَتبَعَ الحَقَّ بَعدُ أَو يَذَرَه


عبدالله بن معاوية

الحمدان
07-26-2024, 09:17 PM
أَتَتني تَجَنّى عَلَيَّ الذُنوبَ
وَمالِيَ ذَنبٌ سِوى الشَيبِ صارا

وَما زادَني الشَيبُ إِلّا نَوى
وَإِلّا عَفافاً وَإِلّا وَقارا

وَإِلّا اِصطِباراً عَلى النائِباتِ
وَالمَرءُ يَمنَعُ مَن قَد أَجارا

فَلا تَعجَبي مِن مَشوقٍ صَحا
وَعَمَّمَهُ الشَيبُ مِنهُ خِمارا


عبدالله بن معاوية

الحمدان
07-26-2024, 09:18 PM
إِذا اِفتَقَرَت نَفسي قَصَرتُ اِفتِقارَها
عَلَيها فَلَم يَظهَر لَها أَبَداً فَقرُ

وَإِن تَلقَني في الدَهرِ مَندوحَةُ الغِنى
يَكُن لِأَخِلاّئي التَوَسُّعُ وَاليُسرُ

فَلا العُسرُ يُزري بي إِذا هُوَ نالَني
وَلا اليُسرُ يَوماً إِن ظَفَرتُ هُوَ الفَخرُ


عبدالله بن معاوية

الحمدان
07-26-2024, 09:19 PM
لا تَبخَلَن بِالنُصحِ إِنَّ ضُؤولَةً
بِالمَرءِ غِشُّ المُستَشيرِ المُجهَدِ

وَأَجِب أَخاكَ إِذا اِستَشارَكَ ناصِحاً
وَعَلى أَخيكَ نَصيحَةً لا تَردُدِ


عبدالله بن معاوية

الحمدان
07-26-2024, 09:19 PM
أُبلُ الرِجالَ إِذا أَرَدتَ إِخاءَهُم
وَتَوَسَّمَنَّ أُمورَهُم وَتَفَقَّدِ

فَإِذا رَأَيتَ أَخا العَفافَةِ وَالنُهى
فَبِهِ اليَدَينِ قَريرَ عَينٍ فَاِشدُدِ


عبدالله بن معاوية

الحمدان
07-26-2024, 09:20 PM
وَلا أَقولُ نَعَم يَوماً فَأُتبِعُها
مَنعاً وَلَو ذَهَبَت بِالمالِ وَالوَلَدِ

وَلا اِؤتُمِنتُ عَلى سِرٍّ فَبُحتُ بِهِ
وَلا مَدَدتُ إِلى غَيرِ الجَميلِ يَدي


عبدالله بن معاوية

الحمدان
07-26-2024, 09:20 PM
وَرُبَّ أَخٍ لَيسَت بِأُمِّكَ أُمُّهُ
مَتى تَدعُهُ لِلرَوعِ يَأتيكَ أَبلَجا

يُواسيكَ في الجُلَّى وَيَحبوكَ بِالنَدى
وَيَفتَحُ ما كانَ القَضا عَنكَ أَرتَجا


عبدالله بن معاوية

الحمدان
07-26-2024, 09:21 PM
حُكمُ اللَيالِيَ تَفريقٌ لِما جَمَعَت
وَجَمعُ ما فَرَّقَت مُذ كانَتِ الحِجَجُ

فَهَل رَأَيتَ نَعيماً لا زَوالَ لَهُ
وَلا أَخا كَربَةٍ إِلّا لَهُ فَرَجُ


عبدالله بن معاوية

الحمدان
07-26-2024, 09:21 PM
خَلِّ عَنكَ المَزحَ مُجتَنِبا
إِنَّهُ يُدني لَكَ العَطَبا

رُبَّ مَن كانَت مَنِيَّتُهُ
في مُزاحٍ هاجَهُ لَعِبا


عبدالله بن معاوية

الحمدان
07-26-2024, 09:23 PM
إِنَّ اللَبيبَ الَّذي يَرضى بِعيشَتِهِ
لا مَن يَظَلُّ عَلى ما فاتَ مُكتَئِبا

لا تَحقِرَنَّ مِنَ الأَقوامِ مُحتَقَراً
كُلُّ اِمرِئٍ سَوفَ يَجري بِالَّذي اِكتَسَبا

لا تُفشِ سِرّاً إِلى غَيرِ اللَبيبِ وَلا
الخَرقِ المُشيعِ لَهُ يَوماً إِذا غَضِبا

قَد يَحقِرُ المَرءُ ما يَهوى فَيَركَبُهُ
حَتّى يَكونَ إِلى تَوريطِهِ سَبَبا

شَرُّ الأَخِلّاءِ مَن كانَت مَوَدَّتُهُ
مَعَ الزَمانِ إِذا ما خافَ أَو رَغِبا

إِذا وَتَرتَ اِمرَأً فَاِحذَر عَداوَتَهُ
مَن يَزرَعِ الشَوكَ لا يَحصُد بِهِ عِنَبا

إِنَّ العَدُوَّ وَإِن أَبدى مُسالَمَةً
إِذا رَأى مِنكَ يَوماً فُرصَةً وَثَبا


عبدالله بن معاوية

الحمدان
07-26-2024, 09:23 PM
أُصافي خَليلي ما اِستَقامَ بِوُدِّهِ
وَأَمنَحُهُ وُدّي إِذا يَتَجَنَّبُ

وَلَستُ بِبادي صاحِبي بِقَطيعَةٍ
وَلَستُ بِمُفشٍ سِرَّهُ حينَ يَغضَبُ

عَلَيكَ بِإِخوانِ الثِقاتِ فَإِنَّهُم
قَليلٌ فَصِلهُم دونَ مَن كُنتَ تَصحَبُ

وَما الخِدنُ إِلّا مَن صَفا لَكَ وُدُّهُ
وَمَن هُوَ ذو نُصحٍ وَأَنتَ مُغَيَّبُ


عبدالله بن معاوية

الحمدان
07-26-2024, 09:24 PM
اُنظُر إِلى قُرَناءِ المَرءِ تَعرِفُهُ
بِهِم وَإِن أَنتَ لَم تَكشِفهُ عَن خَبَرِ

فَلَستُ بِأَوَّلِ مَن فاتَهُ
عَلى إِربِهِ بَعضُ ما يَطلُبُ

وَكائِن تَعَرَّضَ مِن خاطِبٍ
فَزُوِّجَ غَيرَ الَّتي يَخطِبُ

وَأُنكِحَها بَعدَهُ غَيرُهُ
وَكانَت لَهُ قَبلَهُ تُحجَبُ

وَكُنّا حَديثاً صَفِيَّينِ لا
نَخافُ الوُشاةَ وَما سَبَّبوا

فَإِن شَطَّتِ الدارُ عَنّا بِها
فَبانَت وَفي الناسِ مُستَعتَبُ

وَأَصبَحَ صَدعُ الَّذي بَينَنا
كَصَدعِ الزُجاجَةِ ما يُشعَبُ

وَكَالدَرِّ لَيسَت لَهُ رَجعَةٌ
إِلى الضَرعِ مِن بَعدِ ما يُحلَبُ


عبدالله بن معاويه
العصر الأموي

الحمدان
07-27-2024, 09:54 AM
ما احتِيالي يا رِفاقي في غزالْ
‏علَّمَ الغُصنَ التَّثَنِّي حينَ مالْ

‏ ذُبتُ شوقًا وهْوَ عنِّي مُعرِضٌ
‏لستُ أدري أهْوَ بُخلٌ أم دلالْ

......

الحمدان
07-27-2024, 09:58 AM
وَ يَكفِينِي مِنَ الدُّنيَا جَمَالًا
دُعَاءٌ مِن مُحِبٍّ دُونَ عِلمِي

يُناجِي اللّٰهَ يَسألُهُ هَنَائِي
وَ يُرسِلُ فِي الدُّجَىٰ للَّهِ إسمِي

......

الحمدان
07-27-2024, 10:53 AM
بَنانُ يَدٍ تُشيرُ إِلى بَنانِ
تَجاوَبَتا وَما يَتَكَلَّمانِ

جَرى الإيماءُ بينَهُما رَسولاً
فَأَحكَمَ وَحيَهُ المُتَناجِيانِ

فَلَو أَبصَرتَهُ لَغَضَضتَ طَرفاً
عَنِ المُتَناجِيَينِ بِلا لِسانِ


ماني الموسوس

الحمدان
07-27-2024, 10:54 AM
لي إِلى الريحِ حاجَةٌ لَو قَضَتها
كُنتُ لِلريحِ ما حَييتُ غُلاما

حَجَبوها عَنِ الريحِ لِأَنّي
قُلتُ يا ريحُ بَلِّغيها السَلاما

لَو رَضوا بِالحِجابِ هانَ وَلَكِن
مَنَعوها يَومَ الريحِ الكَلاما

فَتَنَفَّستُ ثُمَّ قُلتُ لِطَيفي
وَيكَ إِن زُرتَ طَيفَها إِلماما

حَيِّها بِالسَلامِ سِرّاً وَإِلّا
مَنَعوها لِشَقوَتي أَن تَناما


ماني الموسوس

الحمدان
07-27-2024, 10:55 AM
لَمّا رَأَيتُ البَدرَ في
أُفُق السَماءِ قَد اِستَقَلّا

وَرَأَيتُ قَرنَ الشَمسِ في
أُفُقِ الغُروبِ وَقَد تَدَلّى

شَبَّهتُ ذاكَ وَهَذِهِ
فَأَرى شَبيهَهُما أَجَلّا

وَجهُ الحَبيبِ إِذا بَدا
وَقَفا الحَبيبِ إِذا تَوَلّى


ماني الموسوس

الحمدان
07-27-2024, 10:55 AM
زَعَموا أَنَّ مَن تَشاغَلَ بِال
ذاتِ عَمَّن يُحِبُّهُ يَتَسَلّى

كَذَبوا وَالَّذي تُساقُ لَهُ البُ
دنُ وَمَن عاذَ بِالطَوافِ وَصَلّى

إِنَّ نارَ الهَوى أَحَرُّ مِنَ الجَمرِ
عَلى قَلبِ عاشِقٍ يَتَقَلّى


ماني الموسوس

الحمدان
07-27-2024, 10:56 AM
مُدمِنُ التَخفيفِ مَوصولُ
وَمُطيلُ اللَبثِ مَملولُ

لَيسَ لي خِلٌّ فَيُعطِفُني
فارَقَت نَفسي الأَباطيلُ

أَنا مَوصولٌ بِنِعمَةِ مَن
حَبلُهُ بِالحَمدِ مَوصولُ

أَنا مَشمولٌ بِمِنَّةِ مَن
مَنُّهُ في الخَلقِ مَبذولُ

أَنا مَغبوطٌ بِزَورَةِ مَن
رَبعُهُ بِالجودِ مَأهولُ

مَلِكٌ عَزَّ النَظيرُ لَهُ
زانَهُ الغُرُّ البَهاليلُ

طاهِرِيُّ في مَواكِبِهِ
عُرفُهُ في الناسِ مَبذولُ

دَمُ مَن يَشقى بِصارِمِهِ
مَع هُبوبِ الريحِ مَطلولُ

يا أَبا العَبّاسِ صِن أَدَباً
حَدُّهُ بِالدَهرِ مَفلولُ


ماني الموسوس

الحمدان
07-27-2024, 10:56 AM
لَمّا أَناخوا قُبَيلَ الصُبحِ عيسَهُم
وَثَوَّروها فَثارَت بِالهَوى الإِبِلُ

وَأَبرَزَت مِن خِلالِ السَجفِ ناظِرَها
تَرنو إِلَيَّ وَدَمعُ العَينِ يَنهَمِلُ

وَوَدَّعَت بِبَنانٍ خِلتُهُ عَنَماً
فَقُلتُ لا حَمَلَت رِجلاكَ يا جَمَلُ

وَيلي مِنَ البَينِ ماذا حَلَّ بي وَبِها
مِن نازِحِ الوَجدِ حَلَّ البَينُ فَاِرتَحَلوا

يا حادِيَ العيسِ عَرِّج كَي أُوَدِّعَها
يا حادِيَ العيسِ في تِرحالِكَ الأَجَلُ

إِنّي عَلى العَهدِ لَم أَنقُض مَوَدَّتَهُم
يا لَيتَ شِعري بِطولِ العَهدِ ما فَعَلوا


ماني الموسوس

الحمدان
07-27-2024, 10:58 AM
جَعَلتُ عِنانَ وُدّي في يَدَيكا
فَلَم أَرَ ذاكَ يُنفَعُني لَدَيكا

وَقَد وَاللَهِ ضِقتُ فَلَيتَ رَبّي
قَضى أَجَلي عَلَيَّ وَلا عَلَيكا

فَلَم أَرَ عاشِقاً لَكَ قَطُّ مِثلي
أَغارُ عَلَيكَ مِن نَظَري إِلَيكا


ماني الموسوس

الحمدان
07-27-2024, 10:59 AM
وَما في الأَرضِ أَشقى مِن مُحِبٍّ
وَإِن وَجَدَ الهَوى عَذبَ المَذاقِ

تَراهُ باكِياً في كُلِّ حينٍ
مَخافَةَ فُرقَةٍ أَو لِاِشتِياقِ

فَيَبكي إِن نَأَوا شَوقاً إِلَيهِم
وَيَبكي إِن دَنَو خَوفَ الفِراقِ

فَتَسخَنُ عَينُهُ عِندَ التَنائي
وَتَسخَنُ عَينُهُ عِندَ التَلاقي


ماني الموسوس

الحمدان
07-27-2024, 10:59 AM
دَعَتني إِلى وَصلِها جَهرَةً
وَلَم تَدرِ أَنّي لَها أَعشقُ

فَقُمتُ وَلِلسَقمِ في مَفرِقي
إِلى قَدَمي أَلسُنٌ تَنطِقُ


ماني الموسوس

الحمدان
07-27-2024, 10:59 AM
لَيتَ شِعري أَيُّ قَومٍ أَجدَبوا
فَأُغيثوا بِكَ مِن طولِ العَجَف

نَظَرَ الرَحمَنُ بِالصُنعِ لَهُم
وَحُرَمناكَ لِذَنبٍ قَد سَلَف

يا أَبا إِسحَقَ سِر مُستَودِعاً
وَاِمضِ مَحموداً فَما مِنكَ خَلَف

إِنَّما أَنتَ رَبيعٌ صَيِّبٌ
حَيثُ ما صَرَّفَّهُ اللَهُ اِنصَرَف


ماني الموسوس

الحمدان
07-27-2024, 11:00 AM
لَو كانَ يَقعُدُ فَوقَ الشَمسِ مِن كَرَمٍ
قَومٌ لَقيلَ اِقعُدوا يا آلَ عَبّاسِ

ثُمَّ اِرتَقوا في شُعاعِ الشَمسِ كُلَّكُم
إِلى السَماءِ فَأَنتُم سادةُ النَاسِ


ماني الموسوس

الحمدان
07-27-2024, 11:00 AM
ذَنبي إِلَيهِ خُضوعي حينَ أُبصِرُهُ
وَطولُ شَوقي إِلَيهِ حينَ أَذكُرُهُ

وَما جَرَحتُ بِطَرفِ العَينِ مُهجَتُهُ
إِلّا وَمِن كَبِدي يَقتَصُّ مَحجَرُهُ

نَفسي عَلى بُخلِهِ تَفديهِ مِن قَمَرٍ
وَإِن رَماني بِذَنبٍ لَيسَ يَغفِرُهُ

وَعاذِلٍ بِاِصطِبارِ القَلبِ يَأمُرُني
فَقُلتُ مِن أَينَ لي قَلبٌ أُصَبِّرُهُ


ماني الموسوس

الحمدان
07-27-2024, 11:01 AM
مِنَ الظِباءِ ظِباءٌ هَمُّها السُخُبُ
تَرعى القُلوبَ وَفي قَلبي لَها عُشُبُ

أَفدي الظِباءَ اللَواتي لا قُرونَ لَها
وَحَليُها الدُرُّ وَالياقوتُ وَالذَهَبُ

يا حُسنَ ما سَرَقَت عَيني وَما اِنتَهَبَت
وَالعَينُ تَسرِقُ أَحياناً وَتَنتَهِبُ

فَتِلكَ مِن حُسنِ عَينَيها وَهَبتُ لَها
قَلبي لَو قَبِلَت مِنّي الَّذي أَهَبُ

وَما أُريدُهُما إِلّا لِرُؤيَتِها
فَإِن تَأَبَّت فَما لي فيهِما أَرَبُ

إِذا يَدٌ سَرَقَت فَالحَدُّ يَقطَعُها
وَالحَدُّ في سِرقَةِ العَينَينِ لا يَجِبُ


ماني الموسوس
العصر العباسي

الحمدان
07-27-2024, 11:01 AM
من لي برد الصبا واللهو والغزل
هيهات ما فات من أيامك الأول

طوى الجديدان ما قد كنت انشره
وأنكرتني ذوات العين النجل

وقد نهاني النهى عنها وأدبني
فلست أبكي على رسم ولا ظلل

مالي وللدمنة البوغاء أنبها
وللمنازل من خوف ومن ملل

متى ينال الفتى اليقظان همته
إذا المقام بدار اللهوى والغزل

في الخيل والخافقات السود لي شغل
ليس الصبابة والصهباء من شغلي

ما كان لي أمل في غير مكرمة
والنفس مقرونةٌ بالحرص والأمل

ذنبي إلى الخيل كري في جوانبها
إذا مشى الليث فيها مشي مختبل

ولي من الفيلق الجأواء غمرتها
إذا تقحمها الأبطال بالحيل

كم جأنب خشن صبحت عارضه
بعارض للمنايا مسبل هطل

وغمرة خضت أعلاها وأسفلها
بالضرب والطعن بين البيض والأسل

سل الجرادة عني يوم تحملني
هل فاتني بطل أو خمت عن بطل

وهل شآني إلى الغايات سابقها
وهل فزعت إلى غير القنا الذبل

ما لي أرى ذمتي يستمطرون دمي
ألست أولاهم بالقول والعمل

كيف السبيل إلى ورد خبعثنة
طلائع الموت في أنيابه العصل

وما يريدون لولا الحين من أسد
بالليل مشتمل بالجمر مكتحل

لا يشرب الماء إلا من قليب دم
ولا يبيت له جار على وجل

لولا الإمام ولولا حق طاعته
لقد شربت دما أحلى من العسل


أبو سعد المخزومي

الحمدان
07-27-2024, 11:02 AM
ولولا معد وأيامها
وأنهم السنخ والمنصل

لضاق الفضاء على أهله
ولم يك ناس ولا منزل

وزلزلت الأرض زلزالها
وأدخل في امه دعهل


أبو سعد المخزومي

الحمدان
07-27-2024, 11:02 AM
ولست بنظار إلى جانب الغني
إذا كانت العلياء من جانب الفقر

وإني لصبار على ما ينوبني
لأني رأيت اللّه أثنى على الصبر


أبو سعد المخزومي

الحمدان
07-27-2024, 11:03 AM
ثقي بجميل الصبر مني على الدهر
ولا تثقي بالصبر مني على الهجر

أصابت فؤادي بعد خمسين حجة
عيون الظباء العفر في البلد القفر

ولست بنظار إلى جانب الغنى
إذا كانت العلياء من جانب الفقر

ولكنني مرّ العداوة واترٌ
كثير ذنوب الشعر والأسل السمر

رميت بها أركان قيس بن جحدر
فطحطحتها أقذفُ المجانيق بالصخر

وما ظلم الغوئي بل أنا ظالم
وهل كان فرخ الماء يثبت للصقر

ألا إنما أبكي على الشعر أنني
أرى كل وطواط يزاحم في الشعر

ومن دونه بحر وليل يلفّه
فما ظنّه بالليل في لجة البحر

إليكم إليكم عن لؤي بن غالب
فإن لؤيا لا تبيت على الوتر

دعوا الحية النضناض لا تعرضوا لها
فإن المنايا بين أنيابها الخضر


أبو سعد المخزومي

الحمدان
07-27-2024, 11:03 AM
لم يبق لي لذة من طربة بدد
ولا المنازل من خيف ولا سند

أبعد خمسين عادت جاهليته
يا ليت ما عاد منها اليوم لم يعد

وما تريد عيون العين من رجل
كر الجديدان في أيامه الجدد

أبدى سرائره وجداً بغانية
ولو اطاع مشيب الرأس لم يجد

واستمطرت عبرات العين منزلة
لم يبق منها سوى الآري والوتد

وما بكاؤك داراً لا أنيس بها
إلا الخواضب من حيطانها الربد

لدعهل وطرٌ في كل فاحشة
لو باد لؤم بنى قحطان لم يبد

ولي قواف إذا أنزلتها بلداً
طارت بهن شياطيي إلى بلد

لم ينج من خيرها أو شرها أحد
فاحذر شآبيها إن كنت من أحد

إن الطرماح نالته صواعقها
في ظلمة القهر بين الهام والصرد

وأنت أولى بها أن كنت وارثه
فابعد وجهدك ان تنجو على البعد

تهجو نزاراً بها ان كنت وارثه
وتنتمي في أناس حاكة البرد

إنى إذا رجل دبت عقاربه
سقيتهُ سم حياتي فلم يعد

زهاني أزدك هوانا أنت موضعه
ومن يزيد إذا ما نحن لم نزد

لو كنت متئداً فيما تلفقه
لكان حظك منه حظ متئد

لو كنت معتمداً منه على ثقة
من المكارم قلنا طول معتمد

لقد تقلدت امرا لست نائله
بلا ولي ولا مولى ولا عضد

وقد رميت بياض الصبح تحسبه
بياض بطنك من لؤم ومن نكد

لا توعدني بقوم انت ناصرهم
واقعد فإنك نومان من القعد

للّه معتصم باللّه طاعته
قضية من قضايا الواحد الصمد

اصبر لها صبر أقوام نفوسهم
لا تستريح إلى عقل ولا قود


أبو سعد المخزومي

الحمدان
07-27-2024, 11:04 AM
أتيت بابك مراث لتأذن لي
فصار عني إذن الباب محجوبا

إن كنت تحجبنا بالذئب مزدهياً
فقد لعمري أبوكم كلم اللذيبا

فكيف لو كلم الليث الهصور إذن
تركتم الناس مأكولا ومشروبا

هذا السنيدي لا تخفى دمامته
يكلم الفيل تصعيداً وتصويبا

إني امرؤٌ من قريض في أرومتها
لا يستطيعُ لي الاعداء تكذيبا

ولا مصاهرة الحبشان من شيمي
ولا ترى لون وجهي الدهر غربيها

اذهب اليك فلن آتى عليك ولن
ألفى ببابك طلاباً ومطلوبا


أبو سعد المخزومي
العصر العباسي

الحمدان
07-27-2024, 12:39 PM
يا وجهَ أحسنِ من يمشي على قدمِ
بحُرمةِ الحُسنِ قُل لي كيفَ حلَّ دَمي

أما وخدَّينِ يسقي الوردَ ماؤُهما
في نسبةٍ تمنعُ الدنيا من الظلمِ

ومُقلةٍ كلما دارَت رأيتُ بها
من جَوهرِ اللحظِ أسقاماً بِلا ألمِ

مريضةِ الجفنِ تعدي وهي مصبيةُ
اللحظِ الذي ناءَ بالأوصابِ والسقمِ

ما إن دعوتُكَ إلا حينَ أسلمني
صبري ولم أبكِ إلا حينَ لم أنَمِ

وما لحسنِكَ أنصارٌ رُميتَ بها
في الشبهِ حسناً عن التمثيلِ والصنمِ

وماجدٍ من بني وهبٍ له خُلُقٌ
سمحٌ ينوءُ بغيرِ الفَضلِ والكرمِ

مذهبٌ في لبابِ الملكِ أسرتهُ
أهلُ الكِتابة والألبابِ والحلمِ

من بيتِ دَهقنةِ الأشرافِ في شرفٍ
أوفى على مَطلع العيُّوقِ في الشممِ

في ذروةٍ من بناء العزِّ باذخةٍ
علياءَ طالت عن الأوعالِ والعُصُمِ

أمضَى البريةِ في خطبٍ وأصوبُها
عُرفاً وأكتبُ من أملى على قلمِ

كأنهُ صارمٌ عدنٌ صريمَتُهُ
لم يؤتَ من طَبعٍ فيه ولا ثلَمِ

فتىً تحلَّت به الآدابُ وانصرفَت
منه العلومُ إلى ذي هِمَّةٍ فهمِ

نعمَ أخُو المرءِ في أحوالِ عيشتهِ
في الأمنِ والبأسِ والإيراء والعَدَمِ

فتىً معاني اسمه تأتيكَ واضحةً
في الفِعل من كثرةِ الآلاء والنعمِ

مبذلُ المالِ محمودٌ شمائلُهُ
صافي الوَفاء بِعَقدِ الوَعدِ والذِّمَمِ

من اسمُهُ حسنٌ وفعلُهُ حَسَنٌ
به استقلَّ بحُسن الذكرِ والكلمِ

لمَّا وقفتُ على حُسنِ الظنونِ بهِ
نَفسي تيقَّنتُ أنِّي لم تمُت هِمَمي

وفاضَحتني من الأنواءِ صائفةٌ
تجري بمنسَجمٍ في إثرِ منسجمِ

فضَحكت بابتسامِ المُزنِ عن زَهَرٍ
وإنما اجتُلِبت من أعيُنِ الدِّيَمِ

يا واسِع الباعِ بالمعروفِ شاهدُهُ
عتقُ البحارِ ومحمودٌ من الشيمِ

إن ترعَ ودِّي تخلصني بمن قسَمت
بالودِّ منكَ له المتليُّ بالقسمِ

أليس كلكَ حمداً لا كفاءَ له
سامٍ على الدهرِ من سلمى ومن إضَمِ


خالد الكاتب

الحمدان
07-27-2024, 12:39 PM
كانَ لي دَمعٌ فلما ظَلَما
وبكتهُ مقلتي صارَ دَما

وَالذي أهوَى يَميني وكفَى
بالذي أهواهُ عنديَ سقما

والهَوى والوجدُ والشوقُ معاً
سألا قلبي ولكن ليما

برِحَ الكِتمانُ لا ذنبَ بِمَن
كتمَ الشوقَ وأبدى السقَما


خالد الكاتب

الحمدان
07-27-2024, 12:40 PM
ظالمٌ يدعو عَلى من ظلَما
كُلَّما زيدَ وصالاً صرَما

يا إلهَ الناسِ لا تأخذُهُ
واعفُ عنه إنهُ قد ظُلما

كيفَ يحيا دنِفٌ مكتئبٌ
وقفَ الشوقُ عليهِ السقَما

كلما أن قد جرت مقلتُهُ
عبرةً تبدو على الخدِّ دَما


خالد الكاتب

الحمدان
07-27-2024, 12:40 PM
أتيتَ فؤاديَ من مأمَنه
وحرَّكتَ ما كانَ من ساكِنه

وأظهرتَ بالدمعِ ما لم يَزَل
مَصوناً عزيزاً على صائِنه

أرى الجِسم ظاهرُهُ ناطقٌ
شهيدٌ بما كانَ في باطِنه

يمازجهُ سقمٌ دائمٌ
لشوقِ الفؤادِ إلى فاتِنه


خالد الكاتب

الحمدان
07-27-2024, 12:40 PM
قَريحُ الفؤادِ قريحُ الجفونِ
كثيرُ البكاء طويلُ الحَنينِ

يَذوقُ الخَليُّ لذيذَ الكَرَى
ويقطعُ ليلتَهُ بالأنينِ

عَصى مَن يلومُ وقاسى الهُمومَ
بجسمٍ سقيمٍ وقلبٍ حزينِ

ذهابُ النفوسِ وجهدُ القلوبِ
ودَمعُ العيونِ بلحظِ العيونِ


خالد الكاتب

الحمدان
07-27-2024, 12:41 PM
عدَّ شَوقي إليهِ ذنباً إليهِ
لو تيقنتُ لاعتذرتُ إليهِ

أنا أذنبتُ أو فتورٌ بجفنَيهِ
دَعا مُقلتي إلى مُقلتيهِ

عينُهُ أذنبت وعيني أساءَت
بفؤادٍ أضحى أسيرَ يديهِ

أيُّها اللائِمون فيهِ أفِيقوا
أنا عبدٌ لهُ ووقفٌ عليهِ


خالد الكاتب

الحمدان
07-27-2024, 12:41 PM
حَسِبتُ لساني أن يكونَ خؤُونا
فأودعتُهُ سرِّي فكانَ أمينا

فقلتُ ليخفى دونَ سمعي وناظِري
أيا حَركاتي كنَّ فيهِ سكونا

فَما أبصَرت عينٌ لعينيَ نظرةً
ولا سَمِعت أذنٌ نعيً وَأنينا

لقد أحسَنت أحشَاي تربيةَ الهَوى
فَها هو ذا كهل وكانَ جَنينا


خالد الكاتب

الحمدان
07-27-2024, 12:42 PM
وقَفنا وثالثنا عبرةٌ
ويشكو إليَّ وأشكُو إليهِ

وقد زايلتنا الوشا بالفراق
عليَّ واني مُبلا عليهِ

وَولَّى يَخوضُ دُموعاً جَرَينَ
من مُقلتيَّ ومن مقلتيهِ

ويستودعُ اللَهَ ما في يَديَّ
وأستَودعُ اللَهَ ما في يَديهِ


خالد الكاتب

الحمدان
07-27-2024, 12:42 PM
أصدُّ عنه حذاراً من أعاديهِ
وفي فُؤادي من حبيّهِ ما فيهِ

شَمسٌ من الحُسنِ لا شَمسٌ ولا قَمرٌ
يَجِلُّ عن كلِّ تمثيلٍ وتَشبيهِ

يُستغرَقُ الوَصفُ في أدنى مَحاسِنهِ
فأيُ شَيءٍ من الأشياءِ يَحكيهِ

جِسمٌ من النورِ إلا أنهُ بَشَرٌ
فَردٌ وما شئتَ من كِبر ومن تِيهِ


خالد الكاتب

الحمدان
07-27-2024, 12:42 PM
تملكتَ يا مُهجَتي مُهجتي
وأسهرتَ يا ناظِري ناظِري

وفيكَ تعلَّمتُ نظمَ القريضِ
فلقَّبني الناسُ بالشاعرِ


خالد الكاتب

الحمدان
07-27-2024, 12:43 PM
كتبتُ إليكَ بماءِ الجفونِ
وقلبي بماءِ الهَوى مُشرَبُ

فكفِّي تخط وقلبي يملُّ
وعينايَ تمحو الذي أكتبُ

فليسَ يتمُّ كتابي إليكَ
لشوقي فمن ها هنا أعجبُ


خالد الكاتب

الحمدان
07-27-2024, 12:43 PM
له من مهاةِ الرملِ عينٌ مريضةٌ
ومن ناضرِ الريحانِ خُضرةُ شاربِ

وَمِن يانعِ التفاحِ خد موردٌ
ومن خط حلو الخطِّ تقويسُ حاجبِ

ومن ناعمِ الأغصانِ قدٌّ وقامةٌ
ومن حالكِ الحبرِ اسودادُ الحَواجبِ

وَمن كلِّ ما تَهوى النفوسُ وتَشتَهي
نَصيبٌ وَما فيهِ نَصيبٌ لعائبِ


خالد الكاتب

الحمدان
07-27-2024, 12:44 PM
ظَعَنَ الغريبُ لغيبةِ الأبدِ
حيَّ المخافةِ نائيَ البَلَد

حَيران يُؤنسُهُ ويكلؤُهُ
يومٌ توعَّدَهُ بشَرِّ غدِ

سَنَح الغُرابُ له بأنكرِ ما
تَغدو النُّحوسُ بهِ على أحدِ

وابتاعَ أشأمَهُ بأيمنهِ
الجَدُّ العثورُ له يداً بِيدِ

حتَّى ينيخَ بأرض مهلَكةٍ
في حيثُ لم يُولَد ولم يَلدِ

جَزعت حليلتُهُ عليهِ فما
تخلو من الزفراتِ والكَمَدِ

نَزلَ الزَّمانُ بها فأهلكَها
منهُ وأهدى اليُتمَ للولدِ

ظَفِرَت بهِ الأيَّامُ فانحَسَرت
عنهُ بفاقرةٍ ولم تَكدِ

فتركنَ منهُ بعدِ طيتهِ
مثل الذي أبقين من لُبَدِ


خالد الكاتب

الحمدان
07-27-2024, 12:44 PM
قدُّ القَضيبِ حَكى رشاقةَ قدّهِ
والوردُ يحسدُ وَردَهُ في خَدِّهِ

وَالشمسُ جَوهرُ نورِها من نورهِ
والبَدرُ أسعدُ سعدِهِ من سَعدِهِ

خِشفٌ أرقُّ من البهاءِ بَهاؤُهُ
ومن الفِرندِ المحضِ في إفرندِهِ

لو مُكِّنت عيناكَ من وجناتهِ
لرأيتَ وجهَكَ في صفيحةِ خدِّهِ


خالد الكاتب

الحمدان
07-27-2024, 12:44 PM
تاهَ على ربهِ فأفقرهُ
حتَّى رآه الغنى فأنكرَهُ

فصارَ من طولِ حرفةٍ عَلما
يقذفهُ الرِّزقُ حيثُ أبصرَهُ

يا حَلبياً قضى الإلهُ لهُ
بالتيهِ والفقرِ حينَ صَوَّرَهُ

لو خَلطوهُ بالمِسكِ وسخَّهُ
أو طَرحوه في البحرِ كدَّرَهُ


خالد الكاتب

الحمدان
07-27-2024, 12:45 PM
بينَ صفوُ الزمانِ عن كدَره
في ضَحكاتِ الربيعِ عن زَهرِه

يا سُرَّ من را بُوركتِ من بلدٍ
بُوركَ في نبتهِ وفي شَجرِه

غَرسُ جدودِ الأنامِ يُنبتهُ
يابَكُ والمازَيارُ من ثمَرِه

فالفتحُ والنصرُ ينزلانِ بهِ
والخِصبُ في تربهِ وفي شَجرِه


خالد الكاتب

الحمدان
07-27-2024, 12:45 PM
بنى إمامُ الهُدى بُرجاً يقالُ لهُ
بُرجُ السرورِ وبُرجُ اليُمنِ والظفَرِ

كأنَّهُ والذي يُبقي الإمامَ لهُ
بُرجٌ من السعدِ بينَ الشمسِ والقَمَرِ


خالد الكاتب

الحمدان
07-27-2024, 12:45 PM
ما على الغضبانِ لو كانَ رَضي
وَرثَى لي من تمادِي مَرضِي

قالَ لي لمَّا تَشكَّيتُ الهَوى
احمدِ اللَهَ كذا كان قَضي

قلت حاشا اللَه أن يقضي بذا
بل قضاهُ صاحبُ الوجهِ الوَضِي

أنتَ شرَّدتَ رُقادي ظالماً
فاجعلِ الإنصافَ منهُ عِوَضِي


خالد الكاتب

الحمدان
07-27-2024, 12:46 PM
هِلالاً من القصورِ تجلَّى
صامَ قلبي لِمُقلتيهِ وصلَّى

أيُها المالكُ الذي سَهَ
رِي فيهِ كطعمِ الرُّقادِ بل هو أحلى

غَرضي ما يُريدهُ بي حَبيبي
لو سَقاني مَهلاً لما قلتُ مَهلا

لستُ أدري أطالَ ليليَ أم لا
كيفَ يَدري بذاكَ من يَتَقلَّى

إن للعاشقين في قصرِ الللِ
وفي طولهِ عن النومِ شُغلا

لو تفرَّعتُ لاستطالةِ ليلي
ولِرَعي النجومِ كنتُ مخلا

وغرامُ الفؤادِ مُذ غِبتَ عنهُ
لم يَحُل عن هواكَ حاشا وكلا


خالد الكاتب

الحمدان
07-27-2024, 12:46 PM
نظَرت إليَّ بعينِ من لم يَعدلِ
لمَّا تمكنَ طرفُها مِن مَقتلي

لما أضاءَت بالمَشيبِ مفارقي
صَدَّت صُدودَ مُفارقٍ مُتجمِّلِ

فَجعلتُ أطلبُ وصلَها بِتَملقٍ
والشيبُ يغمزُها بألا تفعلي


خالد الكاتب

الحمدان
07-27-2024, 12:46 PM
مُحبّ شَفَّهُ ألمُه
وخامرَ جسمَهُ سقمُه

وباحَ بما يُجمجمُهُ
من الأسرارِ مُكتتمُه

أما ترثى لِمكتَئبٍ
يُحبَّكَ لحمُهُ ودَمُه

يغارُ على قميصكَ حينَ
تلبسُهُ ويتهمُه


خالد الكاتب

الحمدان
07-27-2024, 12:47 PM
وشاعرٍ مقدمٍ له قومُ
ليسَ عليهم في نصرهِ لَومُ

قد ساعدوهُ في الجُوعِ كلهمُ
فقرى فكلّ غداؤُهُ الصَّومُ

يأتيكَ في جُبّةٍ مرقَّعةٍ
أطولُ أعمارِ مثلِها يومُ

وطَيلسانٍ كالآلِ يلبسُهُ
على قميصٍ كأنَّهُ غَيمُ

من حلبٍ في صميمِ سفلتها
غناهُ فَقرٌ وعزُّهُ ضيمُ


خالد الكاتب

الحمدان
07-27-2024, 12:47 PM
راعى النجومَ فقَد كادَت تكلمهُ
وانهلَّ بعدَ دموعٍ يا لها دَمُهُ

أشفى على سقمٍ يُشفى الرقيبُ بهِ
لو كان أسقمَهُ من كان يَرحمُهُ

يا من تجاهلَ عمَّا كانَ يعلمُهُ
عَمداً وباحَ بِسّرٍ كانَ يكتمُهُ

هذا خليلُكَ فِضواً لا حراكَ بهِ
لم يبقَ من جسمهِ إلا توهمُّهُ


خالد الكاتب

الحمدان
07-27-2024, 12:48 PM
رَحلتُم فكَم من أنَّةٍ بعدَ زَفرةٍ
مبينةٍ للناسِ شوقي إليكُمُ

وقد كنتُ أعتقتُ الجفونَ من البكا
فقد ردَّها في الرقِّ حزني عليكمُ


خالد الكاتب

الحمدان
07-27-2024, 12:48 PM
دَعني فَما طاعَة العذالِ من ديني
ما سالمُ القلبِ في الدنيا كَمَفتونِ

أيقَنتُ أنِّي مَجنونٌ بِحبِّكم
وليسَ لي عندَكُم عذرُ المَجانينِ

ذو طرَّةٍ نظمت في عاجِ جبهتهِ
من شَعرهِ حلقا سودَ الزرافينِ

كأنَّ خطَّ عذارٍ فوقَ عارِضه
مَيدانُ آسٍ على وردٍ ونَسرينِ


خالد الكاتب

الحمدان
07-27-2024, 12:48 PM
فديتُ محمَّداً من كلِّ سُوِّ
يُحاذرُ في رواحٍ أو غدوٍّ

أيا قَمرَ السَّماءِ سَفلتَ حتَّى
كأنَّكَ قد ضَجِرتَ من العُلوِّ

رأيتُكَ من حبيبكَ ذا بِعادٍ
ومِمَّن لا يُحبُّكَ ذا دُنوِّ

وحَسبُكَ حَسرةً لكَ من حَبيبٍ
رأيت زِمامَهُ بِيدي عَدوِّ


خالد الكاتب

الحمدان
07-27-2024, 12:48 PM
تُفاحةٌ خَرَجت بالدُّرِّ من فيها
أشهَى إليَّ من الدُّنيا وَما فيها

بيضاءُ في حُمرةٍ علَّت بغالبةٍ
كأنَّما قُطِفَت من خَدِّ مُهديها

جاءَت بها قَينةٌ من عند غانِية
روحي من السّوء والمكروه تَفديها

لو كنتُ مَيتاً ونادَتني بِنغمتِها
إذاً لأسرعتُ مِن لَحدي ألبيها


خالد الكاتب

الحمدان
07-27-2024, 12:49 PM
زَمُّوا المَطايا غداةَ البينِ وارتحلوا
وخلَّفوني على الأطلالِ أبكيها

أتَهجُرونَ فتىً أغري بكُم تيهاً
حقاً لدعوة صَبٍ أن تُجيبوها

أهدى إليكم على نأيٍ تَحيتَهُ
حيُّوا بأحسنَ منها أو فردُّوها

شيَّعتُهم فاسترابوني فقلتُ لَهُم
إنِّي بُعثتُ معَ الأجمالِ أَحدوها

قالوا فَما نفسٌ يعلوكَ ذا صُعُدٍ
وما لعينكَ لا ترقى مآقيها

قلتُ التنفسُ من تدآب سَيركم
والعينُ تذرفُ دَمعاً من قذىً فيها

حتَّى إذا ارتحلُوا والليلُ معتكِرٌ
خفضتُ في جنحهِ صَوتي أُناديها

يا من بها أنا هيمانٌ ومختبلٌ
هل لي إلى الوَصلِ من عقبى أرجِّيها

نفسي تساقُ إذا سيقَت ركابكم
فإن عزَمتم على قتلي فسوقُوها


خالد الكاتب
العصر العباسي

الحمدان
07-27-2024, 01:27 PM
كَم تَغَنّى إِذ رَأى فَويَ لَهُ
يَصدَعُ الباقِيَ صَدعاً مُسرِعا

لَم يَزِدني العَدلُ إِلّا وَلَعا
ضَرَّني أَكثَرَ مِمّا نَفَعا


الحمدوي

الحمدان
07-27-2024, 01:27 PM
أَراكَ الدَهرَ تَطرُقُ كُلَّ دارٍ
كَأَمرِ اللَهِ يَحدُثُ كُلَّ لَيلَه

فَإِن غَلَظَ الحِجابُ وَكانَ صَعباً
وَلَم تَقدِر هُناكَ عَلى دُخَيلَه

أَخَذَت لِكَي تُخاطِبَهُم خِلالاً
وَقُلتَ نَسيتُ عِندَكُمُ نُعَيلَه

فَتَلتَهِمُ الخِوانَ بِما عَلَيهِ
وَتَبدُرُهُم إِلى بَيضِ البُقَيلَه

وَتَأكُلُ أَكلَ مَيسَرَةٍ وَأَيضاً
فَلا بُدَّ لِعِرسِكَ مِن زُلَيلَه

وَأَنتَ بِفَضلِ حِذقِكَ ذا طُفَيلٌ
وَتِلكَ بِما تُزِلُّ لَها طُفَيلَه


الحمدوي

الحمدان
07-27-2024, 01:28 PM
لَكِ أَلحاظٌ كِلالٌ مِراضٌ
غَيرَ أَنَّ الطَرفَ عَنها أَكَلُّ

وَأَرى خَدَّيكَ وَرداً نَضيراً
قَد جَلاهُ مِن دُموعِيَ طَلُّ

عَذبَةُ الأَلفاظِ لَو لَم يَشِنها
كَرُّ تَفنيدٍ بِسَمعي يُظِلُّ

إِنَّ عَزّى الَّتي أَنِفَت بي
عَن سِواها كُثرُها لِيَ قُلُّ

ظَلتُ في أَفياءِ ظِلِّكِ حَتّى
ظَلَّ فَوقي لِلمَتالِفِ ظِلُّ

إِنَّ أَولى مِنكِ بي لَمَرامٌ
لا يَحُلُّ الهَوانُ حَيثُ يَحُلُّ

ما مُقامي وَحُسامي قاطِعٌ
وَسِناني صارِمٌ ما يُفَلُّ

وَسَنائي مِثلُ رَوضَةِ حَزنٍ
أَضحَكَتها ديمَةٌ تَستَهِلُّ

وَدَليلي بَينَ فَكَّيَّ يَعلو
كُلَّ صَعبٍ رَيِّضٍ فَيَذِلُّ

ثَمِلاً مِن خَمرَةِ العَجزِ أُسقى
نَهَلاً مِن بَعدِهِ لِيَ عَلُّ

إِن يَكُن قُربُكَ عِندي جَليلاً
فَأَقَلُّ الحَزمِ مِنهُ أَجَلُّ

أَقَعيداً لِلقَعيدَةِ إِلفاً
كُلُّ إِلفٍ بي لِعُدمي مُخِلُّ

وَيكِ لَيسَ اللَيثُ لِلَّيثِ يُضحي
مُخرِجاً مِن غيلِهِ وَهوَ كَلُّ

فَاِترُكي عَتباً وَلَوماً دَعي
وَعَلى الإِقتارِ عَتبُكِ كُلُّ

هُوَ سَيفٌ غِمدَهُ بُردَتاهُ
يَنتَضيهِ الحَزمُ حينَ يُسَلُّ

لا يَشُكُّ السمعُ حينَ يَراهُ
أَنَّهُ بِالبيدِ سِمعٌ أَزَلُّ

بَينَ ثَوبَيهِ أَخو عَزَماتٍ
يَتَّقيها الحادِثُ المُصمَئِلُّ

لَيسَ تَنبو بي رِحالٌ وَبيدٌ
إِن نَبا بي مَنزِلٌ وَمَحَلُّ

فَأَقِلّي بَعضَ عَذلِ مُقِلٍّ
لا يَرى صَرفَ الزَمانِ يَقِلُّ

إِنَّ وَخدَ العيسِ إِثمارُ رِزقٍ
يَجتَنيها المُسهِبُ المُشمَعِلُّ

لا تَفُلّي حَدَّ عَزمي بِلَومٍ
إِنَّني لِلعَزمِ وَالدَهرِ فَلُّ

فَالفَتى مَن لَيسَ يَرعى حِماهُ
طَمَعاً يَوماً لَهُ مُستَذِلُّ

مَن إِذا خَطبٌ أَطَلَّ عَلَيهِ
فَلَهُ صَبرٌ عَلَيهِ مُطِلُّ

يَصحَبُ اللَيلَ الوَليدَ إِلى أَن
يُهرَمَ اللَيلُ وَما أَن يَمَلُّ

وَيَرى السَيرَ قَد يُلَجلِجُ مِنهُ
مُضغَةً لكِنَّها لا تَصِلُّ

شُمِّرَت أَثوابُهُ تَحتَ لَيلٍ
ثَوبُهُ ضافٍ عَلَيهِ رِفَلُّ

سَأُضيعُ النَومَ كَيما تَرَيني
وَمُضيفي مُعظِمٌ لي مُجِلُّ

فَاِبتِناءُ العِزِّ هَدمُ المَهاري
وَاِنحِلالُ العُدمِ سَيرٌ وَحَلُّ


الحمدوي

الحمدان
07-27-2024, 01:29 PM
ثِنتانِ مِن أَدَواتِ العِلمِ قَد ثَنَتا
عِنانَ شَأوِيَ عَمّا رُمتُ مِن هِمَمي

أَمّا الدَواةُ فَأَدمى جُرمُها جَسَدي
وَقُلَّمُ الحَظِّ تَحريفٌ مِنَ القَلَمِ

وَحَبَّرَت لِيَ صُحفُ الحَرفِ مَحبَرَةً
تَذودُ عَنّي سَوامَ المالِ وَالنِعَمِ

وَالعِلمُ يَعلَمُ أَنّي حينَ آخُذُهُ
لِعِصمَتي نافِرٌ خِلوٌ مِنَ العِصَمِ


الحمدوي

الحمدان
07-27-2024, 01:29 PM
وَرَوضَةٍ صَنَعَت أَيدي الرَبيعِ لَها
بُرودَها وَكَسَتها وَشيَها عَدَنُ

عاجَت عَلَيها مَطايا الغَيثِ مُسبَلَةً
لَهُنَّ في ضَحِكّاتٍ أَدمُعٌ هُتُنُ

كَأَنَّما البَينُ يُبكيها وَيُضحِكُها
وَصلٌ حَباها بِهِ مِن بَعدِهِ سَكَنُ

فَوَلَّدَت صُفُراً أَثوابُها خُضُرٌ
أَحشاؤُهُنَّ لِأَحشاءِ النَدى وَطَنُ

مِن كُلِّ عَسجَدَةٍ في خِدرِها اِكتَتَمَت
عَذراءُ في بَطنِها الياقوتُ مُكتَمِنٌ


الحمدوي

الحمدان
07-27-2024, 01:29 PM
وَسَجَّعَت رَجعَ عودٍ بَينَ أَربَعَةٍ
سِرُّ الضَمائِرِ فيما بَينَها عَلَنُ

فَوَلَّدَت لِلنَّدامى بَينَ نَغمَتِها
وَكَفِّها فَرَحاً تَفصيلُهُ حَزَنُ

فَما تَلَعثَمَ عَنها لَفظُ مِزهَرِها
وَلا تَحَيَّرَ في أَلحانِها لَحَنُ

تُهدي إِلى كُلِّ جُزءٍ مِن طَبائِعَها
بَنانُها نَغَماً أَثمارُها فِتَنُ

وَتَرتَعي العَينُ مِنها رَوضَ وَجنَتِها
طوراً وَتَسرَحُ في أَلفاظِها الأُذُنُ


الحمدوي

الحمدان
07-27-2024, 01:30 PM
حَجَّ مَواليكِ يا بُرهانُ وَاِعتَمَروا

وَقَد أَتَتكِ الهَدايا مِن مَواليكِ

فَأَطرِفيني بِما قَد أَطرَفوكِ بِهِ

وَلا تَكُن طُرفَتي غَيرَ المَساويكِ

وَلَستُ أَقبَلُ إِلّا ما جَلَوتِ بِهِ

ثَنِيَّتَيكِ وَما رَدَّدتِ في فيكِ


الحمدوي

الحمدان
07-27-2024, 01:30 PM
حي الربيع فقد أتاك حميدا
بدلت من خلق الزمان جديدا

خلق السحاب على الثرى وشياً ترى
منه الثرى ذا ثروة محسودا

روض أفادته السحاب صنائعا
أضحى بها كل البلاد سعيدا

نشأت سحابته عليه فأنشأت
نوراً تراه ناشئا ووليدا

فكأنها عدن لدى أكنافه
قد نشرت فيه التجار برودا

عن اقحوان ضاحك متبسم
يفتر عن برد يخال عقودا

فثغوره من لؤلؤ ولثاته
ذهب بريق سحابة قد جيدا

ومعصفرات من شقائق ألبست
مقلا ترى فيها محاجر سودا

فانهض بطرفك حيث شئت تجدله
من عطفه وردا يخال خدودا

تحكي لك الوجنات قد أشعرتها
خجلا فتشرب لونها توريدا

قد وشحت أكنافه ببنفسج
خنث يغازل غانيات غيدا

وترى العذارى من بهار باهر
للشمس تحسب نظمهن فريدا

زهر يظل الطرف في أكنافه
حسرا لرونقه النظير بليدا

فإذا الرياح مشين فيه ظللن من
كسل النعيم رواكعا وسجودا

يصددن صد متيم متهزم
أنحى له عذاله تفنيدا


الحمدوي

الحمدان
07-27-2024, 01:30 PM
ألا يا طبيب الفصد هل أنت عالم
بما صنعت كفاك في كف ذي المجد

أسلت دما من ساعد ينثني بها
حياء ندى فاقصد بدرعك في الفصد

فداويت كفا تعلم الناس أنها
دواء من المحال في الزمن النكد

ولما أتانا المخبرون بفصده
أردت بأن أهدي على قدر ما عندي

وشاورت فاستصحبت آلي وجيرتي
فلم أر أمراً من ثناء ومن حمد


الحمدوي

الحمدان
07-27-2024, 01:30 PM
لم أنله فنلته بالأماني
في منامي سراً من الهجران

واصل الحلم بيننا بعد هجر
والتقينا ونحن مفترقان

وكان الأرواح خافت رقيباً
فطوت سرها عن الأبدان

منظر كان نزهة العين إلا
أنه ناظر بغير عيان


الحمدوي
العصر العباسي

الحمدان
07-27-2024, 02:21 PM
صبوتُ إلى سُليْمى والرَّبابِ
وما لأخي المشيبِ وللتصابي

وربّ خريدةٍ ريّا رَداحٍ
خَدَلَّجةٍ بَرْهرَهةٍ كَعابِ

صموتِ الحَجِل تثنى المِرطَ منها
على كَفَلٍ كدِعصِ الرملِ رابي

خلوتُ بها فلم ألممْ بسوءِ
ولم يكُ بيننا غيرُ العتابِ

إذا ما المرء شابَ له قذالٌ
وعلَّله المواشطُ بالخضابِ

فقد ولّت بَشاشتُه وأودى
فقم يا صاحِ نَبكِ على الشبابِ

فليس بعائد ما فاتَ منه
إلى أحدٍ إلى يومِ المآبِ

إلى يوم يؤوبُ الناسُ فيه
إلى دنياهُم قبلَ الحسابِ

أدين بأنّ ذاك كذاكَ حقّاً
وما أنا بالنُّشورِ بذي ارتيابِ

لأن الله خبَّر عن رجالٍ
حيوا من بعدِ درسٍ بالترابِ

وأهوجَ نالَ جهلاً من عليٌّ
فقلتُ له رويدَك للجوابِ

أليس بذي المكارمِ من قريشٍ
إذا عُدوا وفي الحَسَب اللُّبابِ

وفي الإسلام أوَّلَ أوَّليهِ
وفي الهيجاءِ مشهورَ الضرابِ

ببدرٍ ثم أُحْدٍ ثم سَلْعٍ
غداةَ غدا بأبيضَ غير نابِ

إلى عمرٍو وعمرو من قريشٍ
تمكّن من ذُراها في النِّصابِ

ألا يا قومِ للعَجَبِ العُجابِ
لِخُفِّ أبي الحسين وللحُبابِ

عَدوٌّ من عُداةِ الجنِّ وغدٌ
بعيدُ في المَرادة من صوابِ

أتى خُفّاً له وانسابَ فيه
لنيهشَ رجلَه منه بنابِ

لينهشَ خيرَ من ركب المطايا
أميرَ المؤمنينَ أبا تُرابِ

فَخَرَّ من السماء له عُقاب
من العُقبان أو شبهُ العُقابِ

فطارَ به فحلّق ثم أهوى
به للأرضِ من دونِ السَّحابِ

فصكّ بِخُفِّهِ وانسابَ منه
وولّى هارباً حَذَرَ الحِصابِ

إلى جُحر له فانساب فيه
بعيدِ القعر لم يُرتَجْ ببابِ

كريهُ الوجهِ أسودُ ذو بصيصٍ
حديدُ النابِ أزرقُ ذو لُعابِ

يَهِلّ له الجريءُ إذا رآه
حثيثُ الشّدِّ محذورُ الوِثابِ

تأخرّ حَيْنُه ولقد رماه
فأخطأه بأحجارٍ صِلابِ

ودوفع عن أبي حسنٍ عليٍّ
نقيعُ سِمامِه بعدَ انسيابِ


السيد الحميري

الحمدان
07-27-2024, 02:21 PM
ألا أيّها اللاَّحي عَليّاً دعِ الخِنا
فما أنتَ من تأنيبِه بِمَصُوَّبِ

أتَلْحى وليَّ اللهِ بعد أَمينِهِ
وصاحبَ حوضٍ شُربُه خيرُ مَشْرَبِ

وحافاتُه دُرُّ ومِسكٌ تُرابُه
وقد حازَ ماءً من لُجينٍ مُذَهَّبِ

متى ما يُرِدْ مولاهُ يَشربْ وإن يُرِدْ
عدُوٌّ له يَرجعْ بِخِزيٍ ويُضْربِ


السيد الحميري

الحمدان
07-27-2024, 02:22 PM
عليٌّ أميرُ المؤمنينَ وعِزُّهُم
إذا الناس خافوا مُهلكاتِ العَواقبِ

عليٌّ هو الحامي المرجَّا بفعلِهِ
لدى كلِّ يومٍ باسلِ الشرِّ عاصبِ

عليٌّ هو المرهوبُ والذائذُ الذي
يَذودُ عن الإسلامِ كلَّ مُناصِبِ

عليٌّ هو الغيثُ الربيعُ مع الحِبا
إذا نَزلت بالناسِ إحدى المصائبِ

عليٌّ هو العُدل الموفّق والرِّضا
وفارجُ لُبسِ المبهماتِ الغرائبِ

عليٌ هو المأوى لكلِّ مُطَرَّدٍ
شريدٍ ومنحوبٍ من الشرِّ هاربِ

عليٌّ هو المهديُّ والمُقتَدى به
إذا الناسُ حاروا في فنونِ المذاهبِ

عليٌّ هو القاضي الخطيبُ بقولِه
يجيءُ بما يعيا به كلّ خاطِبِ

عليٌّ هو الخَصمُ القؤولُ بحجّةٍ
يَرُدُّ بها قولَ العدوِّ المُشاغبِ

عليٌّ هو البدرُ المنيرُ ضِياؤه
يُضيء سَناه في ظلامِ الغياهبِ

عليٌّ أعزُّ الناسِ جاراً وحامياً
وأقتلُهم للقِرنِ يومَ الكتائبِ

عليٌّ أعمُّ الناس حِلماً ونائلاً
وأجودُهم بالمالِ حقّاً لطالبِ

عليٌّ أَكَفُّ الناس عن كلّ مَحْرمٍ
وأتقاهم للهِ في كلّ جانبِ


السيد الحميري

الحمدان
07-27-2024, 02:22 PM
أيا راكباً نحو المدينةِ جَسْرَةً
عُذافِرَةً يَطوي بها كلَّ سبسب

إذا ما هداكَ الله عايَنت جَعفراً
فقل لوليِّ اللهِ وابن المهذبِ

ألا يا أمينَ الله وابنَ أمينِه
أتوبُ إلى الرحمن ثُمّ تأوُّبي

إليك من الأمر الذي كنتُ مُطنِباً
أحاربُ فيه جاهداً كلَّ مُعْرِبِ

إليكَ رددتُ الأمرَ غيرُ مخالِفٍ
وفِئتُ إلى الرحمنِ من كلّ مذهبِ

سوى ما تراه يا ابن بنتِ محمدٍ
فإنّه بِهِ عَقدي وزُلفى تَقرُِّبي

وما كان قولي في بن خولةَ مُبطِناً
معاندةً منّي لنسلِ المطيَّبِ

ولكنْ رَوينا عن وصيِّ محمدٍ
وما كان فيما قال بالمتكذِّبِ

بأن وليَّ الأمر يُفقد لا يُرى
ستيراً كفعل الخائف المترقِّبِ

فيقسِم أموالَ الفقيدِ كأنّما
تغيُّبه بينَ الصفيحِ المُنَصَّبِ

فيمكثُ حيناً ثم يُنْبعُ نَبعةً
كنَبعة جَدِّيٍّ من الأفق كوكبِ

يسيرُ بنصرِ اللهِ من بيت ربّهِ
على سؤدُدٍ منه وأمر مسبَّبِ

يسير إلى أعدائه بلوائه
فيقتلهم قتلاً كحران مغضب

فلمّا روى أنّ ابنَ خولةَ غائبٌ
صَرفنا إليه قولَنا لم نُكذِّبِ

وقلنا هو المهديُّ والقائمُ الذي
يَعيش به من عِدْلِه كلُّ مُجْدِبِ

فإن قلتُ لا فالحقُّ قولُك والذي
أمرتَ فَحتمٌ غيرُ ما مُتَعَصَّبِ

وأُشهِدُ ربّي أنّ قولَك حُجّةٌ
على الخَلق طُرّاً من مُطيعِ ومُذْنبِ

بأنّ وليَّ الأمرِ والقائمَ الذي
تَطَلَّعُ نَفسي نَحوَهُ بِتَطَرُّبِ

له غيبةٌ لا بدّ من أن يَغيبها
فصلّى عليه اللهُ من مُتَغَيِّبِ

فيمكثُ حيناً ثم يظهرُ حِينُه
فيملأُ عدلاً كلَّ شرقٍ ومَغْرِبِ

بذاك أدين اللهَ سِرّاً وجَهرةً
ولستُ وإنْ عُوتبتُ فيهِ بمُعْتِبِ


السيد الحميري

الحمدان
07-27-2024, 02:22 PM
لِعَلوةَ زارَ الزائرُ المتأوِّبُ
ومن دون مَسراها الصِّفاحِ فَكبْكَبُ

تسدَّتْ إلينا بعد هَدو ودونَها
طويلُ الذُّرى من بطنِ نَخلَة أَغلب

فقلت لها أنَّى اهتديتِ ودونَنا
قِفارٌ تَرامى بالركائبِ سَبْسَبُ

مخوف الرّدى قفرٌ كأنّ نَعامه
عَذارى عليهنَّ المِلاءُ المجوَّبُ

إلى أهلِ بيتٍ أذهبَ الرجسَ عنهمُ
وصُفُّوا من الأَدناسِ طُرّاً وطُيِّبوا

إلى أهلِ بيتٍ ما لمن كان مؤمِناً
من النّاسِ عنهم في الولايةِ مَذهبُ

وكمْ مِن خَصيمٍ لامني في هَواهمُ
وعاذلةٍ هبّتْ بِلَيْلٍ تُؤنِّبُ

تقولُ ولم تقصِدْ وتعتِبُ ضَلَّةً
وآفةُ أخلاقِ النِّساءِ التعتُّبُ

تركتَ امتداحَ المُفضِلين ذوي النَّدى
ومَن في ابتغاءِ الخير يَسعى ويَرغَبُ

وفارقتَ جيراناً وأهلَ مَودّةِ
ومَن أنت منهم حينَ تُدعى وتُنْسَبُ

فأنتَ غريبٌ فيهمُ متباعدٌ
كأنّك مّما يَتَّقونَكَ أجربُ

تَعٍيبُهمُ في دِينِهم وهمُ بما
تَدينُ به أَزرى عليكَ وأَعْيَبُ

فقلتُ دَعيني لن أُحَبِّر مدحةً
لغيرهمِ ما حجَّ للهِ أَرْكُبُ

أتنهَينَني عن حُبِّ آل محمدٍ
وحُبُّهمُ ممّا بهِ أتقرَّبُ

وحبّهمُ مثلُ الصلاة وإنّه
على الناسِ من بعضِ الصلاةِ لأوْجَبُ


السيد الحميري

الحمدان
07-27-2024, 02:23 PM
أنت ابنُ عمّي الذي قد كان بعدَ أبي
إذا غابَ عني أبي لي حاضِنا وأَبا

ما إِن عَرفتُ سوى عَمّي أبيكَ أباً
ولا سِواك أخاً طِفلاً ولا شِيَبا

كم فرّجتْ يدُك اليُمنى بذي شُطَبٍ
في مأزَقٍ حرِجٍ عن وجهيَ الكُرَبا

وهؤلاء أهلُ شركٍ لا خلاقَ لهم
من ماتَ كان لنارٍ أُوقدتْ حَطَبا


السيد الحميري

الحمدان
07-27-2024, 02:23 PM
وإن عليّاً قال في الصَّيدِ قبل أن
يُنزَّلَ في التنزيلِ ما كان أَوْجَبا

قضى فيه قبل الوحي خير قضية
فأنزلها الرحمن حقاً مرتبا

على قاتلِ الصيدِ الحرامِ كمثلهِ
من النَّعَمِ المفروضِ كان مُعَقَّبا

إلى البيت بيتِ الله معتمِداً إذا
تعمَّده كيلا يَعودَ فَيعطَبا

وسلَّمَ جبريلٌ وميكالُ ليلةً
عليه وإسرافيلُ حيَّاه مُعْرِبا

أحاطوا به في روعةٍ جاءَ يَستقي
وكلٌّ علىْ ألفٍ بها قد تحزَّبا

ثلاثة آلاف ملائكَ سلَّموا
عليه فأدناهمْ وحَيّا ورحَّبا

وأعتقَ ألفاً من صُلبِ مالهِ
أراد بهم وجهَ الإلهِ وسيَّبا

وليلةَ قاما يَمشيان بِظُلمةٍ
يجوبان جِلباباً من الليلِ غَيْهَبا

إلى صنم كانت خُزاعة كلُّها
تُوَقِّرُه كي يَكسراه ويَهربا

فقال اعْلُ ظهري يا عليُّ وحُطَّه
فقامَ به خيرُ الأَنامِ مركَّبا

يُغادِرُه قضّاً جُذاذاً وقال ثُبْ
جزاكَ به ربي جَزاءً مؤرَّبا


السيد الحميري

الحمدان
07-27-2024, 02:23 PM
ولقد عجبتُ لقائلٍ لي مرّةً
عَلاّمَةٌ فَهْمٌ من الفُهَماءِ

أَهَجَرْتَ قومَك طاعِناً في دينِهم
وسلكتَ غيرَ مسالكِ الفُقَهاء

هلا فَرَجْتَ بِحُبِّ آل محمد
حبَّ الجميعِ فكنتَ أهلَ وفاء

فأجبتُه بجوابِ غيرِ مباعدٍ
لِلحقِّ مَلبوس عليه غَطائي

أهلُ الكساءِ أحَبَّتي فهمُ الذينَ
فرضَ الإلُه لَهم عليَّ وَلائي

ولِمَنْ أَحَبَّهُمُ ووالى دينَهم
فَلَهمْ عليَّ مودّةٌ بِصفاء

والعاندونُ لهم عليهمْ لَعنتي
واخصُّهمُ مِنّي بقصدِ هِجاء

ولقد عَجِبُت لقائلٍ لي مَرّةً
علامةٍ فَهْمٍ من الفقهاء

سمَّاك قومُك سيّداً صدقوا بهِ
أنت الموفقُ سيدُ الشعراءِ

ما أنت حينَ تخصُّ آلَ محمدٍ
بالمدحِ منكَ وشاعرٌ بِسواء

مدَح الملوكَ ذوي الغِنى لِعطائِهمْ
والمدحُ منك لهم لغيرِ عَطاءِ

فابشِرْ فإِنّك فائزٌ في حُبِّهمْ
لو قد غدوتَ عليهِم بجزاءِ

ما تعدِلُ الدنيا جميعاً كُلُّها
من حوضِ أحمدَ شربةً من ماءِ


السيد الحميري

الحمدان
07-27-2024, 02:23 PM
سَميُّ نبيّنا لم يبقَ منهم
سواه فعندَه حصلَ الرجاءُ

فغُيِّب غَيْبةً من غير موتٍ
ولا قتلٍ وصارَ به القضاءُ

إلى رَضْوى فحلَّ بها بشعبٍ
تجاوره الخوامعُ والظباءُ

وبين الوحشِ يرعى في رياضٍ
من الآفاق مرتَعُها خَلاءُ

فحلَّ فما بها بشرٌ سواهُ
بِعُقْوَتِه له عسلٌ وماءُ

إلى وقتٍ ومدّةٍ كلِّ وقتٍ
وإنْ طالتْ عليهِ لها انقضاءُ

فَقُلْ للنّاصبِ الهادي ضَلالاً
تقومُ وليس عندَهُمُ غَناءُ

فداءٌ لابنِ خولةَ كلُّ نذلٍ
يُطيف به وأنتَ له فِداءُ

كأنا بابنِ خولةَ عن قريبٍ
وربُّ العرشِ يفعلُ ما يشاءُ

يهزّ دوينَ عينِ الشمس سَيفاً
كلمعِ البرقِ أخلَصَهُ الجَلاءُ

تُشَبِّهُ وجهَهُ قمراً منيراً
تُضيءُ له إذا طلع السَّماءُ

فلا يَخفى على أحدٍ بصيرٍ
وهل بالشمس ضاحيةً خفَاءُ

هنالك تعلم الأحزابُ أنّا
ليوثٌ لا يُنَهنهِنا الكِفاءُ

فنُدركُ بالذّحولِ بَني أميٍّ
وفي ذاك الذحولِ لهم فناءُ


السيد الحميري

الحمدان
07-27-2024, 02:24 PM
بيتُ الرسالةِ والنبوةِ والذينَ
نُعِدُّهمْ لِذنوبِنا شفعاءَ

الطاهرينَ الصادقينَ العا
لمينَ السادةَ النجباءَ

إنّي علقتُ بحبهمْ متمسّكاً
أرجو بذاكَ من الإله رضاءَ

أَسِواهم أَبغي لنفسي قُدوةً
لا والذي فَطَر السماءَ سماءَ

مَن كان أوّلَ من أبادَ بسيفِهِ
كُفّارَ بدرِ واستباحَ دماءَ

مَن ذاكَ نوّهَ جُبرئيلٌ باسمِهِ
في يوم بدرٍ يَسمعونَ نداءَ

لا سيفَ إلاّ ذو الفقارِ ولا فتى
إلاّ عليٌّ رفعةً وعَلاءَ

مَن انزل الرحمنُ فيهمْ هل أتى
لما تَحدَّوْا للنذورِ وَفاءَ

من خمسةٍ جبريلُ سادِسهمْ وقد
مدَّ النبيُّ على الجميعِ عَباءَ

مَن ذا بِخاتَمهِ تَصَدَّقَ راكِعاً
فأثابه ذو العرشِ عنهُ وَلاءَ

يا رايةُ جبريلُ سارَ أمامَها
قِدماً واتبعَها النبيُّ دعاءَ

اللهُ فضّله بها ورسولُه
واللهُ ظاهَرَ عندَهُ اللآلاءَ

مَن ذا تَشاغل بالنبيِّ وغُسْلِه
ورأى عن الدنيا بذاكَ عَزاءَ

مَن كان أعلمَهمْ واقضاهمْ ومن
جعلَ الرعيةَ والرُّعاةَ سواءَ

مَن كان بابَ مدينةِ العلمِ الذي
ذكرَ النُّزولَ وفسَّر الأَنباءَ

مَن كان أخْطَبَهُم وأنْطَقَهُم ومن
قد كان يَشفي قولُه البُرَحاءَ

مَن كان أَنزعهم من الإشراكِ أو
للعلمِ كان البطنُ منه حَفاءَ

مَن ذا الذي أُمِروا إذا اختلفوا بأنْ
يَرضَوْا بهِ في أمرِهِمْ قَضَّاءَ

مَن كان أرسَله النبيُّ بسورةٍ
في الحجِّ كانت فَيْصَلاً وقضاءَ

مَن ذا الذي أوصى إليه محمدٌ
يَقضي العِداتِ فانفذَ الإيصاءَ

مَن ذا الذي حملَ النبيُّ برأفةٍ
ابنَيْهِ حتّى جاوزَ الغَمْضاءَ

مَن قال نعَم الراكبانِ هما ولم
يكنِ الذي قد كانَ منه خفَاءَ

مَن ذا مشى في لَمْعِ برقٍ ساطِعٍ
إذ راح من عندِ النبيِ عِشاءَ


السيد الحميري

الحمدان
07-27-2024, 02:24 PM
سَمّاه جَبّارُ السما
صِراطَ حَقٍّ فسما

فقال في الذَّكرِ وما
كانَ حديثاً يُفتَرى

هذا صراطي فاتبعوا
وعنهم لا تُخْدَعوا

فخالَفوا ما سَمِعوا
والخُلفُ مِمَّنْ شَرَعا

واجتمعوا واتفقُوا
وعاهدوا ثم التقوا

إذا مات عنهم وبقوا
أن يَهدِموا ما قد بَنى

له البساط إذ سرى
وفتيةُ الكهف دَعا

فما أجابوا في النِّدا
سوى الوصيِّ المُرْتَضى


السيد الحميري

الحمدان
07-27-2024, 02:24 PM
وكانَ له أخاً وأمينَ غيبٍ
على الوحيِ المنزّلِ حينَ يُوحى

وكان لأحمَد الهادي وزيراً
كما هارون كان وزيرَ موسى

وصيُّ محمدٍ وأبو بنيهِ
وأوّلُ ساجدٍ للهِ صلَّى

بمكَّةَ والبريةُ أهلُ شركٍ
وأَوثانٍ لها البَدَناتُ تُهدى


السيد الحميري

الحمدان
07-27-2024, 02:25 PM
صَبَّ الإِلَهُ عَلى عُبَيدٍ حَيَّةً
لا تَنفَعُ النَفَثاتُ فيها وَالرُقى

جَبَلِيَّةٌ تَسري إِذا ما جَنَّها
لَيلٌ وَتَكمُنُ بِالنَهارِ فَما تُرى

مَهروتَةُ الشِدقَينِ يَنطُفُ نابُها
سُمّا تَرى ما إِن يُهابُ وَيُتَّقى

خَضِرَت لَها عُنُقٌ وَسائِرُ خَلقِها
بَضٌّ يَبينُ كَمِثلِ مِصباحِ الدُجى

وَكَأَنَّمَا لَبِسَت بِأَعلى لَونِها
بُرداً مِنَ الأَثوابِ أَنهَجَهُ البِلى

رَقشاءُ تَقتَصِدُ الطَريقَ إِذا دَنا
مِنها المَساءُ كَأَنَّها ثِنيا رِشا

قَرناءُ أَنساها الزَمانُ فَأَدرَكَت
عاداً فَلَيسَ لِنَهشِهِ مِنها شَفا

أَو حَيَّةً ذا طُفيَتَينِ أَحَلَّهُ
آباؤُهُ في شامِخٍ صَعبِ الذُرى

فَنَشا بِغارِ مُظلِمٍ أَرجاؤُهُ
لا الريحُ تُصرِدُهُ ولا بَردُ الشِتا

لَم تَغشَهُ شَمسٌ وَحالَفَ قَعرَهُ
فَنَهارُهُ وَمَساؤُهُ فيهِ سَوا

لَو عَضَّ حَرفَي صَخرَةٍ لَتَطايَرَت
مِن نابِهِ فَلَقاً كَأَفلاقِ النَوى

أَو حالِكاً أَمّا النَهارُ فَكامِنٌ
مُتَطَرِّقٌ فَإِذا رَأى لَيلاً سَرى

في عَينِهِ قَبَلٌ وَفي خَيشومِهِ
فَطَسٌ وَفي أَنيابِهِ مِثلُ المُدى

يَلقى عُبَيداً ماشِياً مُتَفَضِّلاً
مُتَخَلِّقاً قَد مَلَّهُ طولُ السُرى

في لَيلَةٍ نَحسٍ يَحارُ هُداتُها
لا لابِساً خُفّاً يَقيهِ وَلا حِذا

فَيَحوصُهُ في كَعبِهِ بِمُذَرَّبٍ
ماضٍ إِذا أَنحى عَلى عَظمٍ فَرى


السيد الحميري
العصر العباسي

الحمدان
07-27-2024, 02:25 PM
لعمري لئن ركبُ الجُنَيد تحملوا
إلى الشأم من مرّ وراحت ركائبه

لقد غادر الركب الشامون خلفهم
فتىً غطفانيا يُعلل جانبُه

فتى كان يسرى للعدو كأنما
سروب القطا في كل يوم كتائبه

وكان كأن البدر تحت لوائه
اذا راح في جيش وراحت عصائبه


ابو نخله
العصر العباسي

الحمدان
07-27-2024, 02:49 PM
لساني كتومٌ لأسراركمُ
ودمعي نمومٌ لِسرِّي مُذيع

فلولا دموعي كتمتُ الهوى
ولولا الهوى لم يكن لي دُموع


المامون

الحمدان
07-27-2024, 02:49 PM
أوّلُ الحب مَزاحٌ وولَع
ثم يزداد إذا زادَ الطّمَع

كلُّ من يهوى وإن غالت بهِ
رتبةُ المُلكِ لمَن يهوَى تَبَع

فلِذا همٌّ وغدرٌ ونَوَى
ولذا شوقٌ ووجدٌ وجزع


المامون

الحمدان
07-27-2024, 02:50 PM
أُلامُ على شُكرِ الوصِيّ أبي الحَسَن
وذلكَ عِندي مِن عَجائِبِ ذا الزَّمَن

خليفةِ خيرِ الناسِ والأوّل الذي
أعانَ رسول الله في السِّرِّ والعَلَن

ولولاهُ ما عُدَّت لهاشمٍ امرَةٌ
وكانت على الأيّام تُفضَح وتُمتَهَن

فولَّى بني العبّاس ما اختصّ غَيرَهم
ومن منهُ أولى بالتكرُّم والمِنَن

فأوضحَ عبدُ الله بالبَصرَةِ الهُدى
وفاضَ عبيد الله جوداً على اليَمَن

وقَسَّمَ أعمالَ الخِلافةِ بينَهُم
فلا زِلتُ مربوطاً بِذا الشُّكرِ مُرتَهَن


المامون

الحمدان
07-27-2024, 02:50 PM
بَكَرَت تَلومُكَ مطلَعَ الفجرِ
ولقد تلومُ بغيرِ ما تدري

ما إن ملكتُ مصيبةً نزَلت
إذ لا يحكَّم طائعاً أمري

ملك الملوك عليَّ مقتدراً
يُعطي إذا ما شاء من يُسرِ

فلَرُبَّ مُغتَبِطٍ بمُرزِئةٍ
ومُفَجَّعٍ بنوائِبِ الدَّهرِ

ومكاشحٍ لي قد مدَدتُ لهُ
نحراً بلا ضَرعٍ ولا غمرِ

حتَّى يقول لِنفسِهِ لهفاً
في أي مذهبٍ غايةٍ أجري

وترى قناتي حيثُ يغمزها
غمزَ الثقافِ بطيئةِ الكسرِ


المامون

الحمدان
07-27-2024, 02:50 PM
أسمَعتَ غيرَ كهام السمعِ والبصر
لا يقطَع السيفُ إلا في يد الحَذِرِ

سيُصبحُ القومُ من سيفي وضارِبِهِ
مثلَ الهشيم ذَرَته الريحُ بالمطَرِ


المامون

الحمدان
07-27-2024, 02:50 PM
أرضٌ مُرَبَّعةٌ حمراءُ من أدَمٍ
ما بين إلفَينِ معرفَين بالكرَمِ

تذاكَرا الحربَ فاحتالا لها حِيَلاً
من غيرِ أن يأثَما فيها بسَفكِ دَمِ

هذا يُغيرُ على هذا وذاكَ على
هذا يُغيرُ وعَينُ الحَزمِ لم تَنَمِ

فانظُر إلى فِطَنٍ جالت بِمَعرِفَةٍ
في عسكَرينِ بلا طَبلٍ ولا عَلَمِ


المامون

الحمدان
07-27-2024, 02:51 PM
تكلَّم ليسَ يُجعُكَ الكلامُ
ولا يُزري محاسِنَك السَّلامُ

أنا المأمونُ والملِكُ الهُمامُ
ولكنِّي بحُبّكِ مُستهامُ

يَحقُّ عليكِ ألاَّ تقتليني
فيبقَى الناسُ لهم إمامُ


المامون

الحمدان
07-27-2024, 02:51 PM
نحنُ في أفضلِ السرورِ ولكن
ليسَ إلا بكُم يتمُّ السرورُ

عيبُ ما نحن فيه يا أهل ودِّي
أنَّكم غبتُمُ ونحنُ حُضورُ

فأجِدُّوا المسيرَ بل إن قدرتُم
أن تطيروا معَ الرياحِ فطيروا


المامون

الحمدان
07-27-2024, 02:51 PM
نحنُ الذينَ إذا تخموا عُصبةٌ
من معشَر كنّا لها أنكالا

ونرى القُرومَ مخالة لقرُومِنا
فيكَ اللقاءُ تقطرُ الأبوالا

نردُ المنيةَ لا نخافُ ورودَها
تحت العجاجةِ والعيونُ تلالا

نُعطي الجزيل فلا نمُنُّ عطاؤنا
قبل السؤالِ ونحمل الأثقالا

وإذا البلادُ على الأنامِ تزلزلَت
كُنّا لِزَلزَلةِ البلادِ جبالا


المأمون

الحمدان
07-27-2024, 02:51 PM
خرجنا إلى صيد الظِّباءِ فصادَني
هناك غزالٌ أدعجُ العينِ أَحورُ

غزالٌ كأنّ البدرَ حلّ جبينَه
وفي خدّه الشِّعرى المنيرةُ تَزهرُ

فصاد فُؤادي إذ رماني بسَهمه
وسهمُ غزالِ الإنسِ طرفٌ ومِحجَرُ

فيا من رأى ظبياً يصيدُ ومن رأى
أخا قَنَصٍ يُصطَادُ قَهراً ويُقسَرُ


المأمون

الحمدان
07-27-2024, 02:52 PM
أصبحَ ديني الذي أدينُ بهِ
ولَستُ منهُ الغداةَ مُعتَذِرا

حُبُّ عليٍّ بعدَ النبِيِّ ولا
أشتُمُ صِدّيقاً ولا عُمَرا

ثم ابنِ عفانَ في الجنانِ معَ
الأبرارِ ذلك القتيل مُصطَبِرا

ألا ولا أشتُمُ الزُّبيرَ ولا
طلحة إن قال قائلٌ غدَرا

وعائشٌ الأمُّ لستُ أشتُمُها
من يفتريها فنحنُ مِنهُ بَرا


المامون

الحمدان
07-27-2024, 02:52 PM
ومن غفلةِ الواشي إذا ما أتَيتُها
ومن زورتي أبياتها خالياً وحدي

ومن صيحّةٍ في الملتقى ثمّ سكتةٍ
وكلتاهما عندي ألذُّ منَ الخُلدِ


المامون
العصر العباسي

الحمدان
07-27-2024, 03:18 PM
أَلا قاتَلَ اللَهُ الأولى كفَروا بِهِ
وَفازوا بِرأس الهرثميِّ حُسَينِ

لَقَد أَورَدوا منه قناة صَليبةً
بِشَطبٍ يَمانيّ وَرمح رَدَينيّ

رَجا في خلاف الحَقّ عَزاً وإِمرَةً
فألبسه التأميل خُفَّ حُنَين


الخريمي

الحمدان
07-27-2024, 03:18 PM
إِذا المَرءُ وَفّى الأَربَعينَ وَلَم يَكُن
لَه دون ما يَهوى حَياءٌ وَلا سِترُ

فَدَعهُ ولآ تَنفَس عَلَيهِ الَّذي أَتى
وَإِن جَرَّ أَذيال الحَياة لَهُ الدَهر


الخريمي

الحمدان
07-27-2024, 03:18 PM
إِن يأَخذِ اللَه مِن عَينيَّ نورهما
فَفي لِساني وَقَلبي منهما نورُ

قَلبي ذَكي وَعَقلي غَيرُ ذي دَخَل
وَفي فَمي صارِم كالسَيف مَأثور


الخريمي

الحمدان
07-27-2024, 03:19 PM
ما أَحسَنَ الغَيرةَ في حينها
وَأَقبَحَ الغيرة في كُلِّ حين

من لم يَزَل متَّهِما عرسَه
مناصباً فيها لريب الظُنون

أَوشك أَن يُغريَها بِالَّذي
يَخاف أَن يُبرِزُها لِلعُيون

حَسبُك من تحصينها وَضعُها
منك إِلى عِرض صَحيح وَدين

لا تَطَّلِع منك عَلى ريبة
فَيتبعَ المَقرونُ حبلَ القَرين


الخريمي

الحمدان
07-27-2024, 03:19 PM
ثِقي بِجَميل الصَبر مِنّي عَلى الدَهر
وَلا تَثقي بِالصَبر مِنّي عَلى الهَجر

أَصابَت فُؤادي بَعدَ خَمسين حِجّةً
عُيونُ الظِباء العُفر بالبلد القَفر

وَلست بنظّار إِلى جانِب الغِني
إِذا كانَت العَلياء في جانِب الفَقرِ

وَلَكِنَّني مرُّ العَداوة واتِرٌ
كَثير ذُنوب الشِعر وَالأسَل السُمر

رَميتُ بِها أَركان قيسِ بن جحدَرٍ
فَطَحطحتُها قَذفَ المَجانيق بالصَخر

وَما ظلم الغوثيُّ بَل أَنا ظالِم
وَهَل كانَ فَرخُ الماءِ يُثبِت للصقر

أَلا إِنَّما أَبكي عَلى الشِعر أَنَّني
أَرى كل وَطواط يُزاحِم في الشعر

ومن دونه بحر وَلَيل يَلُفّه
فَما ظَنُّه بِاللَيل في لُجّة البَحر

إِلَيكم إِلَيكم عَن لُؤيّ بن غالِب
فَإِنَّ لُؤيّاً لا تَبيت عَلى الوِتر

دَعوا الحَيَّة النَضناض لا تَعرِضوا لَها
فَإِنَّ المَنايا بَينَ أَنيابها الخضر


الخريمي

الحمدان
07-27-2024, 03:19 PM
إِذا لَبِسوا عَمائمهم ثَنَوها
عَلى كَرَم وَإِن سَفَروا أَناروا

يَبيع وَيَشتَري لَهمُ سِواهم
وَلَكِن بِالسُيوف همُ تِجار

إِذا ما كُنتَ جار بني خُريم
فَأَنتَ لأكرم الثِقلَينِ جار


الخريمي

الحمدان
07-27-2024, 03:19 PM
أَقلّي عَليَّ اللَومَ يا أُمَّ مالِك
فَلَم يُؤتَ من حرص عَلى المال طالِبُه

فَواللَهِ ما قصّرتُ في وَجه مطلب
أَرى أَنَّ فيهِ مَطلباً فأُطالِبُه

وَلَكِن لِهَذا الرِزقَ وَقتٌ مُوقتٌ
يقسّمه بَينَ البَريَّةِ واهبه

وأسهرني طول التفكّر أَنَّني
عَجِبتُ لأمر ما تُقضّى عَجائِبُه

أَرى فاجِراً يُعى جَليداً لظلمه
وَلَو كُلّف التَقوى لكلّت مَضاربه

وَعفّا يُسمّى عاجِزاً لِعفافه
وَلَولا التَقى ما أَعجزته مَذاهِبُه

وَأَحمقَ مَصنوعاً له في أُموره
يُسوِّده إِخوانه وَأَقاربه

عَلى خَير حزم في الأُمور وَلا تقىً
وَلا نائلٍ جزل تُعدّ مَواهبه

فَلَيسَ لعجز المرء أَخطأه الغِنى
وَلا باحتيالٍ أدرك المالَ كاسبه

وَلَكِنَّه قبضُ الإِله وَبسطه
فمن ذا يُجاريه ومن ذا يُغالبه

هَل الدهر إِلّا صَرفُه وَنَوائِبُه
وَسرّاءُ عيش زائِلٍ وَمَصائِبُه

يَقول الفَتى ثَمّرتُ مالي وَإِنَّما
لِوارثه ما ثمّر المالَ كاسبه

يُحاسِب فيهِ نفسه عَن حَياتِهِ
وَيتركه نَهباً لمن لا يُحاسِبه

فكِلهُ وَأَطعِمه وَخالسه وارِثاً
شَحيحاً وَدَهراً تَعتَريكَ نَوائبه

أَرى المال وَالإِنسان للدهر نهبةً
فَلا البخل مبقيهِ وَلا الجود خاربه

لكل امرىء رزق وَللرزق جالِبٌ
وَلَيسَ يَفوت المَرءَ ما خَطّ كاتبه

يَخيبُ الفَتى من حَيثُ يَرزق غيره
وَيُعطى الفَتى من حَيثُ يحرم صاحبه

يُساق إِلى ذا رِزقة وَهوَ وادِع
وَيُحرم هَذا الرِزقَ وَهوَ يُغالِبه

وَإِنَّكَ لا تَدري أَرزقُك في الَّذي
تُطالِبه أَم في الَّذي لا تُطالِبُه

تناسَ ذنوبَ الأَقرَبين فانّه
لِكُلِّ حَميم راكِب هوَ راكبه

لَهُ هَفواتٌ في الرَخاءِ يشوبها
بنصرة يوم لا توارى كَواكبه

تَراهُ غُدوّاً ما أَمنت وَتَتّقي
بِجَبهَتِهِ يوم الوَغى مَن يُحارِبه

لِكُلِّ امرىء إِخوانُ بؤسٍ وَنعمة
وَأعظمهم في النائِبات أَقاربه

وَإِنّي لأرثي لِلكَريم إِذا غَدا
عَلى طمع عندَ اللَئيم يُطالِبُه

وَأُرثي لَهُ مِن وَقفة عِندَ بابه
كمرثيتي للطِرف وَالعلجُ راكبه


الخريمي
العصر العباسي

الحمدان
07-27-2024, 03:28 PM
سقاك الله يا يوم التلاقي
على سيف الغرام اللي مشيته

صحيح اني تجرعت الفراقي
لكن الله واكبر لا طريته

يحن القلب ويزيد اشتياقي
على الليل الطويل اللي سريته

......

الحمدان
07-27-2024, 03:29 PM
مات الهوى فتعالَ نقسِم ارثه
بيني و بينك والدموع شهودُ

خُذ أنت مِني ذكرياتكَ كُلّها
و أنا سأحمِلُ خَيبتي و أعودُ

......

الحمدان
07-27-2024, 03:31 PM
بُنيتَ على خُلقِ الرجال بأعظُمٍ
خِفافٍ تَثَنى تحتهن المفاصِلُ

وقلبٍ جلا عنهُ الشُكوكَ فإن تشأ
يُخبِّرك ظهر الغيب ما أنت فاعِلُ


عروة بن الورد

الحمدان
07-27-2024, 04:26 PM
هَذا كِتابي إِلَيْكُمْ فِيهِ مَعْذِرَتي
يُنْبِيكُمُ اليَوْمَ عَنْ شَوْقي وَعَنْ سَقَمِي

أَجْلَلْتُ ذِكْرَكُمُ عَنْ أَنْ يُدَنِّسَهُ
لَوْنُ المِدَادِ فَقَدْ حَبَّرْتُهُ بِدَمِي

وَلَوْ قَدَرْتُ عَلَى جَفْني لأَجْعَلَهُ
طِرْسِي وَأبْرِي عِظامِي مَوْضِعَ القَلَمِ

لَكانَ ذَاكَ قَلِيلاً في مَحَبَّتِكُمْ
وَمَا وَجَدْتُ لَهُ واللَهِ مِنْ أَلَمِ


الوأواء الدمشقي

الحمدان
07-27-2024, 04:27 PM
أَخْفَتْ عَنِ القَوْمِ مَا أَبْدَتْ عَزِيمَتُهُمْ
وَأَظْهَرَتْ لِلنَّوى وَالْبَيْنِ مَا كُتِما

بانُوا فَلَمْ يَبْقَ لِي في يَوْمِ بَيْنِهِمُ
قَلْبٌ أُحَمِّلُهُ مِنْ بَعْدِهِمْ أَلَمَا

فَالْبَيْنُ يَعْشَقُهُمْ وَالشَّوْقُ يَعْشَقُني
وَالجِسْمُ مُذْ فَارَقُوني يَعْشَقُ السَّقَما

يا لَيْتَني كُنْتُ أَعمى يَوْمَ صَاحَ بِهِمْ
حَادِي الرَّحِيلِ فَما لِلْبَيْنِ مَا رَحِمَا


الوأواء الدمشقي

الحمدان
07-27-2024, 04:27 PM
وَلَمَّا غَدا وَرْدُ الخُدُودِ بَنَفْسَجاً
وَرَاحَ عَقِيقُ الخَدِّ في الدَّمْعِ يَنْهَمِي

تَصَدَّتْ لَنا والبَيْنُ عَنَّا يَصُدُّها
بِإِقْبالِ ودٍّ دُونَ إِعْراضِ لُوَّمِ

وَقَدْ حُلِّيَتْ أَجْفانُها مِنْ دُمُوعِها
كَما حُلِّيَتْ لَيْلاً سَمَاءٌ بِأَنْجُمِ

فَقُلْتُ لأَصْحابٍ عَلَيَّ أَعِزَّةٍ
يَعِزُّ عَلَيْنا مَا بِكُمْ مِنْ تَأَلُّمِ

خُذُوا بِدَمي ذَاتَ الوِشَاحِ فَإِنَّني
رَأَيْتُ بِعَيْنِي في أَنامِلِها دَمِي


الوأواء الدمشقي

الحمدان
07-27-2024, 04:27 PM
اللَهُ يَعْلَمُ أَنِّي هائِمٌ قَلِقٌ
عَلَيَّ ثَوْبانِ مِنْ ضُرٍّ وَمِنْ سَقَمِ

وَقَدْ نَدِمْتُ عَلَى مَا كانَ مِنْ زَلَلي
وَأَنْتَ أَعْظَمُ مَنْ يُرْجى مِنَ الأُمَمِ

فَاغْفِرْ لِعَبْدِكَ يا مَوْلايَ زَلَّتَهُ
أَوْ لاَ فَحُكْمُكَ فِينا غَيْرُ مُحْتَكِمِ


الوأواء الدمشقي

الحمدان
07-27-2024, 04:28 PM
ما حُكِّمَ البَيْنُ إِلا جارَ مُحْتَكِما
وَلا انْتَضى سَيْفَهُ إِلا أَراقَ دَما

يا دَارَهُمْ خَبِّرِينا مَا الَّذي صَنَعُوا
فَرُبَّما جَهِلَ المُشْتَاقُ مَا عُلِما

قَدْ سَرَّني أَنَّهُمْ قَدْ سَرَّهُمْ سَقَمِي
فَازْدَدْتُ كَيْما يُسَرُّوا بِالضَّنى سَقَما

اللَهُ يَعْلَمُ أَنِّي يَوْمَ بَيْنِهِمُ
نَدِمْتُ إِذْ لَمْ أَمُتْ فِي إِثْرِهِمْ نَدَمَا

أَسْتَرْزِقُ اللَهَ لي صَبْراً أَعِيشُ بِهِ
يَكُونُ مَوْجُودُهُ مِنْ بَعْدِهِمْ عَدَمَا


الوأواء الدمشقي

الحمدان
07-27-2024, 04:28 PM
تَظَلَّمَ الوَرْدُ مِنْ خَدَّيهِ إِذْ ظَلَما
وَعَلَّمَ السُّقْمُ مِنْ أَجْفَانِهِ السَّقَما

وَلَمْ أرِدْ بِلِحاظِي ماءَ ناظِرِهِ
إِلا سَقى ناظِرِي مِنْ رِيِّهِ بِظَما

أَسْكَنْتُ مِنْ بَعْدِهِ صَبْري ثَرى جَلَدِي
فَماتَ فِيهِ وَلَمْ أَعْلَمْ بِما عَلِما

مَا سَوَّدَ الحُزْنُ مُبْيَضَّ السُّرُورِ بِهِ
إِلا وَدَيَّمَ دَمْعي فَوْقَهُ دِيمَا

أَمَا وَأَحْمَر دَمْعي فَوْقَ أَبْيَضِهِ
وَمَا بَنى الشَّوْقُ مِنْ صَبْري وَما هَدَما

لا رُعْتُ بِالبَيْنِ مِنْهُ مَا يُرَوِّعُنِي
وَلا حَكَمْتُ عَلَيْهِ بِالَّذي حَكَما

يَا رُبَّ يَوْمٍ حَجَرْنا في مَحاجِرِنا
مَاءَ العُيُونِ وَأَمْطَرْنا الخُدودَ دَمَا

في مَوْقِفٍ يَسْتَعِيذُ البَيْنُ مِنْهُ بِهِ
فَما يُقَبِّلُ قِرْطَاسٌ بِهِ قَلَما

كَتَبْتُهُ بِيَدِ الشَّكْوى إِلَيْكَ وَقَدْ
أَقْسَمْتُ فِيهِ عَلَى ما قُلْتُهُ قَسَما

هَذانِ طَرْفانِ لا واللَهِ ما عَزَمَا
إِلا عَلَى سَقَمِي أَوْ لا فَلِمْ سَقِما

وَيَوْمِ دَجْنٍ أَرَاقَ الغَيْمُ رَائِقَهُ
كَأنَّما شَمْسُهُ مَكْحُولَةٌ بِعَمَى

تَمَلْمَلَتْ سُحْبُهُ مِنْ طُولِ مَا سَحَبَتْ
وَهَمْهَمَ الرَّعْدُ مِنْها فِيهِ حِينَ هَمَى

بَكى عَلَيْهِ النَّدى لَيلاً فَعَبَّسَ لِي
مَا كَانَ لِي فِي نَهارٍ مِنْهُ مُبْتَسِما

لا زَالَ مُنْقَطِعاً ما كانَ مُتَّصِلاً
مِنْهُ وَمُنْتَثِراً مَا كانَ مُنْتَظِم
ا
كَمْ لي بِمَحْواهُ رَسْمٌ قَدْ مَحَوْتُ بِهِ
بِغَيْرِ كَفِّ البِلى رَسْماً وَما رَسَمَا

أَجْرَيْتُ مُذْهَبَ دَمْعِي فَوْقَ مَذْهَبِهِ
حَتَّى تَرَكْتُ بِهِ مَوْجُودَهُ عَدَمَا

لا أَجَّلَ اللَهُ آجالَ الدُّمُوعِ إِذا
مَا لَمْ يَكنَّ لأَبْنَاءِ الهَوى خَدَمَا

يا هذِهِ هَذِهِ رُوحي مَتَى أَلِمَتْ
مِنَ المَلامِ بِكُمْ قَطَّعْتُها أَلَمَا

كَمْ قَدْ تَدَيَّرَ قَلْبي مِنْ دِيارِكُمُ
دَاراً فَما سَئِمَتْ مِنْهُ وَلا سَئِمَا

ثَنَيْتُهُ وَعِنَانُ الشَّوْقِ يَجْمَحُ بِي
إِلَى الَّذي رَاحَتَاهُ تُنْبِتُ النِّعَمَا

إِلى ابْنِ مَنْ فُتِحَتْ أُمُّ الكِتَابِ بِهِ
وَبِالصَّلاةِ عَلَى آبائِهِ خُتِما

إِلى الَّذي افْتَخَرَتْ أَرْضُ العَقِيقِ بِهِ
وَمَنْ بِهِ أَصْبَحت بَطْحاؤُها حَرَمَا

إِلى فَتَىً تَضْحَكُ الدُّنْيا بِغُرَّتِهِ
فَما تَرى باكِياً فيها إِذا ابْتَسَما

سَمَا بِهِ الشَّرَفُ السَّامِي فَصَارَ بِهِ
مُخَيِّمَاً فَوْقَ أَطْبَاقِ العُلى خِيَما

لَوْ أَنَّ لِلْبُخْلِ أَغْصاناً وَقابَلَها
بِوَجْهِهِ أَنْبَتَتْ مِنْ وَقْتِها كَرَمَا

أَزْرَى عَلى الغَيْثِ غَيْثٌ مِنْ أَنَامِلِهِ
فِي رَوْضَةِ الشُّكْرِ لمَا بَخَّلَ الدِّيمَا

مَا إِنْ دَجَا لَيْلُ نَقْعٍ في نهارِ وَغىً
إِلا وَأَمْطَرَهُ مِنْ سَيْبِهِ نِقَما

تَأتِي المَنَايا إِلَى أَسْيافِهِ فِرَقاً
كَأَنَّمَا تَجْتَدِي مِنْ خَوْفِهِ سَلَمَا

لا يَخْطُرُ الفَرُّ فِي كَرٍّ بِخاطِرِهِ
وَلا يُؤَخِّرُ عَنْ إِقدَامِهِ قَدَمَا

كَمْ قَالَ خَطْبُ الرَّدى فِيمَا يُنَازِلُهُ
هَذا الَّذِي لَوْ رُمِي بِالدَّهْرِ مَا انْهَزَمَا

صَبٌّ إِلى شُرْبِ مَاءِ الطَّعْنِ فِيهِ فَمَا
نَراهُ إِلا بِصَيْدِ الصِّيْدِ مُلْتَزِمَا

هَذا ابْنُ خَيْرِ الوَرى مِنْ بَعْدِ خَيْرِهِمُ
هَذا الَّذي كَتَبَتْ لا كَفُّهُ نَعَما

هَذا الَّذي لا يُرى في جِيدِ مَكْرُمَةٍ
عِقدٌ مِنَ المَجْدِ إِلا بِاسْمِهِ نُظِما

يا مُلْزِمي غُرْمَ صَبْري بَعْدَ فُرْقَتِهِ
مَا إِن عَلى مُجْرِمٍ جُرْمٌ إِذا اجْتَرَمَا

ذَرِ الصَّوارِمَ فِي أَغْمادِهَا فَلَقَدْ
أَمْسَتْ نُفُوسُ المَنَايا في حِمَاهُ حِمىَ

قُلْ لِلَّتي وَدَّعَتْ بِالْجِزْعِ مِنْ جَزَعٍ
مَا إِنْ ظَلَمْتِ بَلِ البَيْنُ الَّذي ظَلَمَا

لا وَالهَوى وَحَياةِ الشَّوقِ مَا تَرَكَتْ
لِيَ النَّوى مِنْ فُؤَادي غَيْرَ مَا ثَلِمَا

مَتَى تَحَكَّمَ هَجْرِي في مُواصَلَتِي
جَعَلْتُ أَحْمَدَ فِيما بَيْنَنَا حَكَما

يَا مُعْلِماً بِطِرازِ الحُسْنِ نِسْبَتَهُ
وَمَنْ غَدا بَيْنَ أَبْنَاءِ العُلى عَلَمَا

وَمَنْ هُوَ الشَّمْسُ فِي أُفْقٍ بِلا فَلَكٍ
وَمَنْ هُوَ البَدْرُ في أَرْضٍ بِغَيْرِ سَمَا

هذِي يَمِينُكَ في الآجالِ صائِلَةٌ
فَاقْتُلْ بِسَيْفِ رَدَاها الخَوْفَ وَالعَدَمَا


الوأواء الدمشقي

الحمدان
07-27-2024, 04:28 PM
رأى ذُلِّي فَأَعْرَضَ وَاسْتَطالا
وَآلى لا يُكَلِّمُني دَلالا

وَكانَ يَزُورُني مِنْهُ خَيالٌ
فَلَمَّا أَنْ جَفَا مَنَعَ الخَيالا

أَزِيدُ صَبَابَةً في كلِّ يَوْمٍ
كَما تَزْدَادُ طَلْعَتُهُ جَمَالا


الوأواء الدمشقي

الحمدان
07-27-2024, 04:29 PM
بَخِلْتَ بِوَقْفَةٍ أَشْكُوكَ فيها
إِلَيْكَ وَأَيُّ عُذْرٍ لِلْبَخِيلِ

وَلَمْ يَكُ في الوُقُوفِ عَلَيْكَ عَارٌ
وَقَدْ يَقِفُ العَزِيزُ عَلَى الذَّلِيلِ

أَجِرْني مُتُّ قَبْلَكَ مِنْ زَمانٍ
رَمَاني مِنْهُ بِالخَطْبِ الجَلِيلِ


الوأواء الدمشقي

الحمدان
07-27-2024, 04:29 PM
وَزائِرٍ رَاعَ وَجْهَ البَيْنِ مَنْظَرُهُ
أَحْلَى مِنَ الأَمْنِ عِنْدَ الخَائِفِ الوَجِلِ

أَلْقَى عَلَى اللَّيْلِ لَيْلاً مِنْ ذَوَائِبِهِ
فَهَابَهُ الصُّبْحُ أَنْ يَبْدُو مِنَ الخَجَلِ

أَرادَ بِالهَجْرِ قَتْلي فَاسْتَجَرْتُ بِهِ
فَاسْتَلَّ بِالوَصْلِ رُوحي مِنْ يَدَيْ أَجَلِي


الوأواء الدمشقي

الحمدان
07-27-2024, 04:29 PM
وَلَيْلٍ كَيَوْمِ البَيْنِ في مِثْلِ طُولِهِ
كَبَسْطَةِ كَفِّي إِذْ حَوتْ قَائِمَ النَّصْلِ

جَلَوْتُ بِهِ عَنْ وَجْهِهِ كلَّ عَارِضٍ
بأَبْيَضَ مِثْلِ البَدْرِ في السِنِّ والشَّكلِ

كأَنَّ المَنايا كُمَّنٌ في لِحاظِهِ
فَهُنَّ إِلى قَبْضِ النُّفوسِ مِنَ الرُّسْلِ


الوأواء الدمشقي

الحمدان
07-27-2024, 04:30 PM
أَغارُ عَلَيْكَ مِنْ نَظَري وَإِنِّي
لأَخْشى ناظِرَيْكَ عَلَيْكَ مِنْكا

لَقَدْ نَطَقَتْ مَحاسِنُهُ بِعُذري
فَأَخْرَسَ عَاذِلي بِالعَذْلِ عَنْكا

أَمُوتُ مِنَ الصَّبابَةِ ثُمَّ أَحْيَا
كَذاكَ الحُبُّ أَضْحَكَنِي وَأَبْكى


الوأواء الدمشقي
العصر العباسي

الحمدان
07-27-2024, 05:47 PM
مَهلاً أَخي لَم تَلقَ ما قَد لَقيتُ
تَكادُ أَنفاسي بِروحي تَفوتُ

في القَولِ يَأتيكَ بَيانُ الفَتى
وَالعَيُّ ما أَغناكَ عَنهُ السُكوتُ

مِن حِكَمٍ صَمتٌ فَدَع مَنطِقاً
إِن كانَ خَيراً لَكَ مِنهُ الصُموتُ

إِن تَجفُني فَإِنّي اِمرُؤٌ
أَصبو وَأَصبي رُبَّما قَد جُفيتُ

قُل أَيُّها اللائِمُ في حُبِّها
لَم تَدرِ ما وُدّي وَلا ما هَويتُ

سَلمى هِيَ النَفسُ وَهَمُّ الفَتى
رَضيتُ مِنها بِمَقالٍ رَضيتُ

مِن حُبِّ سَلمى عَبرَتي ثَرَّةٌ
تَمنَعُني النَومَ وَرَأيي شَتيتُ

قَد مُتُّ مِن شَوقٍ إِلى وَجهِها
وَلَو أَراها في مَنامي حَيِيتُ

يا حَبَّذا سَلمى عَلى بُخلِها
صَدَّت وَقَلبي هالِكٌ مُستَميتُ

وَبِالمُنَهّى يَومَ راحَ العِدى
ذَكَّرتُها وَأياً فَقالَت نَسيتُ

وَرُبَّما راحَت عَلى رِقبَةٍ
تَنوي لِقائي مَعَها العَنكَبوتُ

أَيّامَ مَعروفٌ عَلَيَّ الضَنا
مِنها وَلَو لا حُبُّها ما ضَنيتُ

لَمّا رَأَتني غَرِقاً في الحَوى
أَجرَضُ بِالمَوتِ وَحَولي كَتيتُ

قالَت ثَقيلٌ قَد دَنا مَوتُهُ
فَقُلتُ ما كُلُّ مَريضٍ يَموتُ

تَحتَ يَدِ اللَهِ فَلا تَحزَني
إِن مُتُّ مِن داءِ الهَوى أَو بَريتُ

وَروقَةٍ بِكرٍ يُصَلّى بِها
حينَ تُجَلّى وَيُطالُ القُنوتُ

جَهَّزتُها لَيلاً إِلى مالِكٍ
يَفوتُ أَجناداً وَمَن لا يَفوتُ

لَمّا أَتَت قالَ لَها مَرحَباً
فَداكِ مَن ضُمَّت عَلَيهِ البُيوتُ

بِمِثلِها أَعطى الفَتى مالَهُ
وَمالُ ذي الوَفرِ مَعاشٌ وَصيتُ

عِندي لِمَن زَفَّكِ طولُ الغِنى
مِن نائِلٍ يَبقى لَهُ ما بَقيتُ

مِن طَعَمِ اللَهِ المُحَيّا بِهِ
بَلجُ المُحَيّا أَريَحِيٌّ زَميتُ


بشار بن برد

الحمدان
07-27-2024, 05:49 PM
لا تَجعَلَن أَحَداً عَلَيكَ إِذا
أَحبَبتَهُ وَهَويتَهُ رَبّا

وَصِلِ الخَليلَ إِذا شُغِفتَ بِهِ
وَاِطوِ الزِيارَةَ دونَهُ غِبّا

فَلَذاكَ خَيرٌ مِن مُواصَلَةٍ
لَيسَت تَزيدُكَ عِندَهُ قُربا

لَكِن يَمَلُّ ثُمَّ تَدعو بِاِسمِهِ
فَيَقولُ هاهِ وَطالَما لَبّى


بشار بن برد

الحمدان
07-27-2024, 05:50 PM
وَما كُلُّ ذي رَأيٍ بِمُؤتيكَ نُصحَهُ
وَلا كُلُّ مُؤتٍ نُصحَهُ بِلَبيبِ

وَلَكِن إِذا ما اِستَجمَعا عِندَ واحِدٍ
فَحَقٌّ لَهُ مِن طاعَةٍ بِنَصيبِ


بشار بن برد

الحمدان
07-27-2024, 05:50 PM
تَزِلُّ القَوافي عَن لِساني كَأَنَّها
حُماتُ الأَفاعي ريقُهُنَّ تَصَبُّبُ

فَكَم مِن أَخٍ قَد كانَ يَأمَلُ نَفعَكُم
شُجاعٍ لَهُ نابٌ حَديدٌ وَمِخلَبُ

أَخٌ لَو شَكَرتُم فَضلَهُ وَعَضَضتُمُ
رُؤوسَ الأَفاعي عَضَّ لا يَتَهَيَّبُ


بشار بن برد

الحمدان
07-27-2024, 05:50 PM
لِأَلقى بَني عَيلانَ إِنَّ فِعالِهُم
تَزيدُ عَلى كُلِّ الفَعالِ مَراتِبُه

أَولاكَ الأُلى شَقّوا العَمى بِسُيوفِهِم
مِنَ العَينِ حَتّى أَبصَرَ الحَقَّ طالِبُه


بشار بن برد

الحمدان
07-27-2024, 05:50 PM
وَلَلمَوتُ خَيرٌ مِن حَياةٍ عَلى أَذىً
يَضيمُكَ فيهِ صاحِبٌ وَتُراقِبُه

كَأَنَّ حَياةَ الناسِ حينَ ضَمِنتَها
قَذىً في حُقوقِ العَينِ مِنّي أُوارِبُه

يَخونُكَ ذو القُربى مِراراً وَرُبَّما
وَفى لَكَ عِندَ الجَهلِ مَن لا تُقارِبُه

وَقَد رابَني قَلبٌ يُكَلِّفُني الصِبا
وَما كُلَّ حينٍ يَتبَعُ القَلبَ صاحِبُه

وَما قادَني في الدَهرِ إِلّا غَلَبتُهُ
وَكَيفَ يُلامُ المَرءُ وَالحُبُّ غالِبُه

وَأَحوَرَ مَحسودٍ عَلى حُسنِ وَجهِهِ
يَزينُ السُموطَ نَحرُهُ وَتَرائِبُه


بشار بن برد

الحمدان
07-27-2024, 05:51 PM
يَقولونَ في أُنثى مِن أنثى خَليفَةٌ
وَقَد كَذَبوا بَعضُ الأَوانِسِ نَيرَبُ

وَقَد كانَ لي فيهِنَّ داعي قَرابَةٍ
وَلَكِن ذَواتُ الوُدِّ أَدنى وَأَقرَبُ


بشار بن برد

الحمدان
07-27-2024, 05:51 PM
أَصبَحَ القَلبُ بِالنَحيلَةِ صَبّا
بَعدَ ما قَد صَحا وَراجَعَ لُبّا

زادَهُ مَدخَلُ الوَليدِ عَلَيهِ
وَخَيالٌ سَرى بِعَبدَةَ عُجبا

وَمَقالُ الفَتاةِ إِذ هُتِكَ السَت
رُ لَها عَن مَقالِ ما كانَ عَبّا

أَيُّها المُستَجيرُ مِن حُبِّ عَبّا
دَةَ إِذ راعَهُ خَيالٌ فَهَبّا

لَيسَ مِن حُبِّها مُجيرٌ سِواها
بَعدَ ما سارَ في الفُؤادِ وَدَبّا

يا خَليلَيَّ أَخرِجاني مِنَ الحُببِ
سَوِيّاً وَلا تَلوما مُحِبّا

فَاِترُكا لَومَهُ وَلوما خَليلاً
يَتَجَنّى ذَنباً وَلَم يَدرِ ذَنبا

كُلَّ يَومٍ تَعَتَّبَ الوُدُّ مِنهُ
لَيتَ شِعري أَيُحسَبُ الوُدُّ عَتبا

تِلكَ عَبّادَةُ الَّتي لَم تَنَلهُ
غَيرَ ما أَصبَحَت لِعَينَيهِ نَصبا

شَرِبَت سَلوَةً عُبَيدَةُ عَنّي
وَكَأَنّي شَرِبتُ بِالحُبِّ طَبّا

فَتَقَضّى الرَجاءُ مِنها لَقَد صَددَ
طَبيبي عَنّي وَقَضَّيتُ نَحبا

أَنا إِن لَم أَمُت بِذاكَ فَإِنّي
مَيِّتٌ مِن مَخافَتي ذاكَ رُعبا

لَيتَها تاقَ قَلبُها فَاِستَوَينا
أَو رُزِقنا كَقَلبِ عَبدَةَ قَلبا

فَصَبَرنا عَنها كَما صَبَرَت عَنا
وَلَم نَتَّخِذ عُبَيدَةَ رَبّا

فَاِكشِفي ما بِنا وَعودي عَلَينا
قَد لَقينا إِلَيكِ في الحُبِّ
حَسبا


بشار بن برد

الحمدان
07-27-2024, 05:51 PM
نَغَّصَ طيبَ العَيشِ تَنصيبُ
وَفي المُلِمّاتِ الأَعاجيبُ

وَالدَهرُ طَلّاعٌ بِأَحكامِهِ
وَالمَرءُ مَخدوعٌ وَمَكذوبُ

وَالناسُ مِن غادٍ وَمِن رائِحٍ
يُحصى عَلَيهِ البِرُّ وَالحوبُ

لا يَشتَهي المَوتَ وَيُمنى بِهِ
كَرهاً وَطيبُ العَيشِ تَعذيبُ

قُل لِاِبنِ داوُدَ إِذا جِئتَهُ
سَيبُكَ مَوجودٌ وَمَطلوبُ

أَنجَزَ حُرٌّ وَأيَهُ طائِعاً
وَالعَبدُ مَكدودٌ وَمَضروبُ

لِلمَرءِ مِن أَفعالِهِ مُشبِهٌ
فَاِفعَل شَبيهاً بِكَ يَعقوبُ

حَلَبتَ لِلقَومِ فَلا تَنسَني
وَأَنتَ عَرفُ الجودِ مَحلوبُ

يُبقي لِذي المَعروفِ مَعروفُهُ
حَمداً وَتَنزاحُ الأَكاذيبُ


بشار بن برد

الحمدان
07-27-2024, 05:52 PM
وَأَخٍ ذي ثِقَةٍ آخَيتُهُ
ماجِدِ الأَعراقِ مَأمونِ الأَدَب

أَمحَضَ اللَهُ لَهُ أَخلاقَهُ
فَهيَ كَالإِبريزِ مِن سِرِّ الذَهَب

عَزَّني المَعروفُ حَتّى عَلِقَت
كُلُّ كَفٍّ لِيَ مِنهُ بِسَبَب

فَهوَ يُعطيني وَأُعطى فَضلَهُ
سَبَلَ الغَيثِ تَدَلّى فَسَكَب

فَإِذا أَبصَرَ وَجهي مُقبِلاً
ضَحِكَت عَيناهُ مِن غَيرِ عَجَب

وَإِذا كَلَّمتُهُ واحِدَةً
هَيَّجَت مِنهُ عُلالاتِ الطَرَب

وَإِذا ما غِبتُ عَنهُ ساعَةً
أَنَّ لِلغَيبَةِ مِن غَيرِ وَصَب

فَهوَ لي وَالحَمدُ لِلَّهِ غِنىً
وَعَفافٌ مِن دَنِيِّ المُكتَسَب

مِن تِجاراتٍ أَشابَت مَفرِقي
وَكَسَتني ثَوبَ ذُلٍّ وَنَصَب

وَمُلوكٍ إِن تَعَرَّضتُ لَهُم
عَرَّضوا ديني وَشيكاً لِلعَطَب


بشار بن برد

الحمدان
07-27-2024, 05:52 PM
أَفنَيتُ عُمري وَتَقَضّى الشَباب
بَينَ الحُمَيّا وَالجَواري الأَواب

فَالآنَ شَفَّعتُ إِمامَ الهُدى
وَرُبَّما طِبتُ لِحُبٍّ وَطاب

صَحَوتُ إِلّا أَنَّ ذِكرَ الهَوى
يَدعو إِلى الشَوقِ فَأَنسى مَآب

لِلَّهِ دَرّي لا أَرى عاشِقاً
إِلّا جَرى دَمعي وَطالَ اِنتِحاب

كَأَنَّ قَلبي بِبَقايا الهَوى
مُعَلَّقٌ بَينَ خَوافي عُقاب

يا حَبَّذا الكَأسُ وَحورُ الدُمى
أَزمانَ أَلهو وَالهَوى لا يُعاب

يا صاحِ بَلّاني طِلابُ الهَوى
وَصَرفُ إِبريقٍ عَلَيهِ النِقاب

يَوما نَعيمٍ أَخلَقا جِدَّتي
وَلِمَّةً مِثلَ جَناحِ الغُراب

وَاللَهِ ما لاقَيتُ مِثلَيهِما
في عامِرِ الأَرضِ وَلا في الخَراب

لَهفي عَلى يَومي بِذي باسِمٍ
وَمَجلِسٍ بَينَ خَليجٍ وَغاب

يا مَجلِساً أَكرِم بِهِ مَجلِساً
حُفَّ بِرَيحانٍ وَعَيشٍ عُجاب

بِتُّ بِهِ أُسقى رُهاوِيَّةً
لَعيبَ سِتٍّ خُلِقَت لِلِّعاب

ثُمَّ غَدَونا وَغَدا ذاهِباً
وَكُلُّ عَيشٍ مُؤذِنٌ بِالذَهاب

لَهَوتُ حَتّى راعَني غادِياً
صَوتُ أَميرِ المُؤمِنينَ المُجاب

لَبَّيكَ لَبَّيكَ هَجَرتُ الصِبا
وَنامَ عُذّالي وَماتَ العِتاب

لا ناكِثاً عَهداً وَلا طالِباً
سُخطَكَ ما غَنّى الحَمامُ الطِراب

أَبصَرتُ رُشدي وَهَجَرتُ المُنى
وَرُبَّما ذَلَّت لَهُنَّ الرِقاب

يا حامِدَ القَولِ وَلَم يَبلُهُ
سَبَقتَ بِالسَيلِ اِنهِلالَ السَحاب

الفِعلُ أَولى بِثَناءِ الفَتى
ما جاءَهُ مِن خَطَلٍ أَو صَواب

دَع قَولَ واءٍ وَاِنتَظِر فِعلَهُ
يُثني عَلى اللِقحَةِ ما في العِلاب

إِذا غَدا المَهدِيُّ في جُندِهِ
أَو راحَ في آلِ الرَسولِ الغِضاب

بَدا لَكَ المَعروفُ في وَجهِهِ
كَالظَلمِ يَجري في ثَنايا الكَعاب

لا كَالفَتى المَهدِيُّ في رَهطِهِ
ذو شَيبَةٍ كَهلٍ وَلا ذو شَباب

لا يُحسِنُ الفُحشَ وَيَنكي العِدى
وَيَعتَريهِ الجودُ مِن كُلِّ باب

ضَرّابُ أَعناقٍ وَفَكّاكُها
في مَجلِسِ المُلكِ وَظِلِّ العُقاب

في صَدرِهِ حِلمٌ وَفي دِرعِهِ
مُظَفَّرُ الحَزمِ كَريمُ المَآب

تَرى حِجاباً دونَهُ هائِلاً
وَالرَوحُ وَالأَمنُ وَراءَ الحِجاب

جَرى اللَهاميمُ عَلى إِثرِهِ
جَريَ البَراذينِ خِلافَ العِراب


بشار بن برد

الحمدان
07-27-2024, 05:52 PM
أَجارَتَنا لا تَجزَعي وَأَنيبي
أَتاني مِنَ المَوتِ المُطِلِّ نَصيبي

بُنَيِّي عَلى قَلبي وَعَيني كَأَنَّهُ
ثَوى رَهنَ أَحجارٍ وَجارَ قَليبِ

كَأَنّي غَريبٌ بَعدَ مَوتِ مُحَمَّدٍ
وَما المَوتُ فينا بَعدَهُ بِغَريبِ

صَبَرتُ عَلى خَيرِ الفُتُوِّ رُزِئتُهُ
وَلَو لا اِتِّقاءُ اللَهِ طالَ نَحيبي

لَعَمري لَقَد دافَعتُ مَوتَ مُحَمَّدٍ
لَو أَنَّ المَنايا تَرعَوي لِطَبيبِ

وَما جَزَعي مِن زائِلٍ عَمَّ فَجعُهُ
وَمِن وِردِ آباري وَقَصدِ شَعيبي

فَأَصبَحتُ أُبدي لِلعُيونِ تَجَلُّداً
وَيا لَكَ مِن قَلبٍ عَلَيهِ كَئيبِ

يُذَكِّرُني نَوحُ الحَمامِ فِراقَهُ
وَإِرنانُ أَبكارِ النِساءِ وَثيبِ

وَلي كُلَّ يَومٍ عَبرَةٌ لا أُفيضُها
لِأَحظى بِصَبرٍ أَو بِحَطِّ ذُنوبِ

إِلى اللَهِ أَشكو حاجَةً قَد تَقادَمَت
عَلى حَدَثٍ في القَلبِ غَيرِ مُريبِ

دَعَتهُ المَنايا فَاِستَجابَ لِصَوتِها
فَلِلَّهِ مِن داعٍ دَعا وَمُجيبِ

أَظَلُّ لِأَحداثِ المَنونِ مُرَوَّعاً
كَأَنَّ فُؤادي في جَناحِ طَلوبِ

عَجِبتُ لِإِسراعِ المَنِيَّةِ نَحوَهُ
وَما كانَ لَو مُلّيتُهُ بِعَجيبِ

رُزِئتُ بُنَيِّي حينَ أَورَقَ عودُهُ
وَأَلقى عَلَيَّ الهَمَّ كُلُّ قَريبِ

وَقَد كُنتُ أَرجو أَن يَكونَ مُحَمَّدٌ
لَنا كافِياً مِن فارِسٍ وَخَطيبِ

وَكانَ كَرَيحانِ العَروسِ بَقاؤُهُ
ذَوى بَعدَ إِشراقِ الغُصونِ وَطيبِ

أَغَرُّ طَويلُ الساعِدَينِ سَمَيذَعٌ
كَسَيفِ المُحامي هُزَّ غَيرَ كَذوبِ

غَدا سَلَفٌ مِنّا وَهَجَّرَ رائِحٌ
عَلى أَثَرِ الغادينَ قَودَ جَنيبِ

وَما نَحنُ إِلّا كَالخَليطِ الَّذي مَضى
فَرائِسُ دَهرٍ مُخطِئٍ وَمُصيبِ

نُؤَمِّلُ عَيشاً في حَياةٍ ذَميمَةٍ
أَضَرَّت بِأَبدانٍ لَنا وَقُلوبِ

وَما خَيرُ عَيشاً لا يَزالُ مُفَجَّعاً
بِمَوتِ نَعيمٍ أَو فِراقِ حَبيبِ

إِذا شِئتُ راعَتني مُقيماً وَظاعِناً
مَصارِعُ شُبّانٍ لَدَيَّ وَشيبِ


بشار بن برد

الحمدان
07-27-2024, 05:53 PM
لا فَجعَ إِلّا كَما فُجِعتُ بِهِ
مِن فارِسٍ كانَ دونَنا حَدِبا

يا صَفَحهُ عَن جَوابِ جاهِلِنا
حِلماً وَيا عِزَّهُ إِذا غَلَبا

وَيا قِراهُ العَدُوَّ مُرهَفَةً
بيضاً وَيا لينَهُ إِذا صَحِبا

وَيا جَداهُ لِمَن أَلَمَّ بِهِ
يَوماً وَيا وَصلَهُ لِمَن قَرُبا

لَو نالَ خُلداً مِن قَبلِهِ أَحَدٌ
مَدَّت إِلى الخُلدِ كَفُّهُ سَبَبا


بشار بن برد

الحمدان
07-27-2024, 05:53 PM
كُلُّ اِمرِئٍ نَصبٌ لِحاجَتِهِ
وَعَلَيهِ يُحمَلُ أَو لَهُ نَصَبُه

فَاِربَع عَلى خُلُقٍ لَهُ خَطَرٌ
في الصالِحينَ يَفوزُ مُحتَسِبُه

عِيُّ الشَريفِ يَشينُ مَنصِبَهُ
وَتَرى الوَضيعَ يَزينُهُ أَدَبُه

وَحِراثَةُ التَقوى لِمُحتَرِثٍ
كَرَمُ المَعادِ وَما لَهُ حَسَبُه

وَتَنَقُّصُ المَولى مَوالِيَهُ
عارٌ يَكونُ بِوَجهِهِ نَدَبُه

وَإِذا نَسيبُكَ غُلَّ ساعِدُهُ
وَنَأى فَلَيسَ بِنافِعٍ نَسَبُه

وَمِنَ البَلاءَ أَخٌ جِنايَتُهُ
عَلَقٌ بِنا وَلِغَيرِنا نَشَبُه

خُذ مِن صَديقِكَ غَيرَ مُتعِبِهِ
إِنَّ الجَوادَ يَؤودُهُ تَعَبُه

وَاِستَغنِ بِالوَجَباتِ عَن ذَهَبٍ
لَم يَبقَ قَبلَكَ لِاِمرِئٍ ذَهَبُه

يَرِدُ الحَريصُ عَلى مَتالِفِهِ
وَاللَيثُ يَبعَثُ حَتفَهُ كَلَبُه


بشار بن برد

الحمدان
07-27-2024, 05:53 PM
غَدا سَلَفٌ فَأَصعَدَ بِالرَبابِ
وَحَنَّ وَما يَحِنُّ إِلى صِحابِ

دَعا عَبَراتِهِ شَجَنٌ تَوَلّى
وَشاماتٌ عَلى طَلَلٍ يَبابِ

وَأَظهَرَ صَفحَةً سُتِرَت وَأُخرى
مِنَ العَبَراتِ تَشهَدُ بِالتَبابِ

كَأَنَّ الدارَ حينَ خَلَت رُسومٌ
كَهَذا العَصبِ أَو بَعضِ الكِتابِ

إِذا ذُكِرَ الحِبابُ بِها أَضَرَّت
بِها عَينٌ تَضَرُّ عَلى الحِبابِ

دِيارُ الحَيِّ بِالرُكحِ اليَماني
خَرابٌ وَالدِيارُ إِلى خَرابِ

رَجَعنَ صَبابَةً وَبَعَثنَ شَوقاً
عَلى مُتَحَلَّبِ الشَأنَينِ صابِ

وَما يَبقى عَلى زَمَنٍ مُغيرٍ
عَدا حَدَثانُهُ عَدوَ الذِئابِ

وَدَهرُ المَرءِ مُنقَلِبٌ عَلَيهِ
فُنوناً وَالنَعيمُ إِلى اِنقِلابِ

وَكُلُّ أَخٍ سَيَذهَبُ عَن أَخيهِ
وَباقي ما تُحِبُّ إِلى ذَهابِ

وَلَمّا فارَقَتنا أُمُّ بَكرٍ
وَشَطَّت غُربَةً بَعدَ اِكتِئابِ

وَبِتُّ بِحاجَةٍ في الصَدرِ مِنها
تَحَرَّقُ نارُها بَينَ الحِجابِ

خَطَطتُ مِثالَها وَجَلَستُ أَشكو
إِلَيها ما لَقيتُ عَلى اِنتِحابِ

أُكَلِّمُ لَمحَةً في التُربِ مِنها
كَلامَ المُستَجيرِ مِنَ العَذابِ

كَأَنِّيَ عِندَها أَشكو إِلَيها
هُمومي وَالشِكاةُ إِلى التُرابِ

سَقى اللَهُ القِبابَ بِتَلِّ عَبدى
وَبِالشَرقينِ أَيّامَ القِبابِ

وَأَيّاماً لَنا قَصُرَت وَطابَت
عَلى فُرعانَ نائِمَةَ الكِلابِ

لَقَد شَطَّ المَزارُ فَبِتُّ صَبّاً
يُطالِعُني الهَوى مِن كُلِّ بابِ

وَعَهدي بِالفُراعِ وَأُمِّ بَكرٍ
ثَقالِ الرِدفِ طَيِّبَةِ الرُضابِ

مِنَ المُتَصَيِّداتِ بِكُلِّ نَبلٍ
تَسيلُ إِذا مَشَت سَيلَ الحُبابِ

مُصَوَّرَةٌ يَحارُ الطَرفُ فيها
كَأَنَّ حَديثَها سُكرُ الشَرابِ

لَيالِيَ لا أَعوجُ عَلى المُنادي
وَلا العُذّالِ مِن صَعَمِ الشَبابِ

وَقائِلَةٍ رَأَتني لا أُبالي
جُنوحَ العاذِلاتِ إِلى عِتابِ

مَلِلتَ عِتابَ أَغيَدَ كُلَّ يَومٍ
وَشَرٌّ ما دَعاكَ إِلى العِتابِ

إِذا بَعَثَ الجَوابُ عَلَيكَ حَرباً
فَما لَكَ لا تَكُفُّ عَنِ الجَوابِ

أَصونُ عَنِ اللِئامِ لُبابَ وُدّي
وَأَختَصُّ الأَكارِمَ بِاللُبابِ

وَأَيُّ فَتىً مِنَ البَوغاءِ يُغني
مَقامي في المُخاطَبِ وَالخِطابِ

وَتَجمَعُ دَعوَتي آثارَ قَومي
هُمُ الأُسدُ الخَوادِرُ تَحتَ غابِ

وُلاةُ العِزِّ وَالشَرَفِ المُعَلّى
يَرُدّونَ الفُضولَ عَلى المُصابِ

وَقَومٌ يُنكِرونَ سَحابَ قَومي
رَفَعنا فَوقَهُم غُرَّ السَحابِ

وَأَبراراً نَعودُ إِذا غَضِبنا
بِأَحلامٍ رَواجِحَ كَالهِضابِ

وَإِن نُسرِع بِمَرحَمَةٍ لِقَومٍ
فَلَسنا بِالسِراعِ إِلى العِقابِ

نُرَشِّحُ ظالِماً وَنَلُمُّ شَعثاً
وَنَرضى بِالثَناءِ مِنَ الثَوابِ

تَرانا حينَ تَختَلِفُ العَوالي
وَقَد لاذَ الأَذِلَّةُ بِالصِعابِ

نَقودُ كَتائِباً وَنَسوقُ أُخرى
كَأَنَّ زُهاءَهُنَّ سَوادُ لابِ

إِذا فَزَعَت بِلادُ بَني مَعَدٍّ
حَمَيناها بِأَغلِمَةٍ غِضابِ

وَكُلِّ مُتَوَّجٍ بِالشَيبِ يَغدو
طَويلَ الباعِ مُنتَجَعَ الجِنابِ

مِنَ المُتَضَمِّنينَ شَبا المَنايا
يَكونُ مَقيلُهُ ظِلَّ العُقابِ

إِذا حَسَرَ الشَبابُ فَمُت جَميلاً
فَما اللَذّاتُ إِلّا في الشَبابِ


بشار بن برد

الحمدان
07-27-2024, 05:53 PM
تَأَبَّدَت بُرقَةُ الرَوحاءِ فَاللَبَبُ
فَالمُحدِثاتُ بِحَوضى أَهلُها ذَهَبوا

فَأَصبَحَت رَوضَةُ المَكّاءِ خالِيَةً
فَماخِرُ الفَرعِ فَالغَرّافُ فَالكُثُبُ

فَأَجرَعُ الضَوعِ لا تُرعى مَسارِحُهُ
كُلُّ المَنازِلِ مَبثوثٌ بِها الكَأَبُ

كَأَنَّها بَعدَ ما جَرَّ العَفاءُ بِها
ذَيلاً مِنَ الصَيفِ لَم يُمدَد لَهُ طُنُبُ

كانَت مَعايا مِنَ الأَحبابِ فَاِنقَلَبَت
عَن عَهدِها بِهِمُ الأَيّامُ فَاِنقَلَبوا

أَقولُ إِذ وَدَّعوا نَجداً وَساكِنَهُ
وَحالَفوا غُربَةً بِالدارِ فَاِغتَرَبوا

لا غَروَ إِلّا حَمامٌ في مَساكِنِهِم
تَدعو هَديلاً فَيَستَغري بِهِ الطَرَبُ

سَقياً لِمَن ضَمَّ بَطنُ الخَيفِ إِنَّهُمُ
بانوا بِأَسماءَ تِلكَ الهَمُّ وَالأَرَبُ

أَئِنُّ مِنها إِلى الأَدنى إِذا ذُكِرَت
كَما يَئِنُّ إِلى عُوّادِهِ الوَصِبُ

بِجارَةِ البَيتِ عِمُّ النَفسِ مُحتَضَرٌ
إِذا خَلَوتُ وَماءُ العَينِ يَنسَكِبُ

أَنسى عَزائي وَلا أَنسى تَذَكُّرَها
كَأَنَّني مِن فُؤادي بَعدَها حَرِبُ

لا تَسقِني الكَأسَ إِن لَم أَبغِ رُؤيَتَها
بِالذاعِرِيَّةِ أَثنيها وَتَنسَلِبُ

تَطوي الفَلاةَ بِتَبغيلٍ إِذا جَعَلَت
رُؤوسُ أَعلامِها بِالآلِ تَعتَصِبُ

كَم دونَ أَسماءَ مِن تيهٍ مُلَمِّعَةٍ
وَمِن صَفاصِفَ مِنها القَهبُ وَالخَرِبُ

يَمشي النَعامُ بِها مَثنى وَمُجتَمِعاً
كَأَنَّها عُصَبٌ تَحدو بِها عُصَبُ

لا يَغفَلُ القَلبُ عَن لَيلى وَقَد غَفَلَت
عَمّا يُلاقي شَجٍ بِالحُبِّ مُغتَرِبُ

في كُلِّ يَومٍ لَهُ هَمٌّ يُطالِبُهُ
عِندَ المُلوكِ فَلا يُزري بِهِ الطَلَبُ

يا سُعدَ إِنّي عَداني عَن زِيارَتِكُم
تَقاذُفُ الهَمِّ وَالمَهرِيَّةُ النُجُبُ

في كُلِّ هَنّاقَةِ الأَضواءِ موحِشَةٍ
يَستَركِضُ الآلَ في مَجهولِها الحَدَبُ

كَأَنَّ في جانِبَيها مِن تَغَوُّلِها
بَيضاءُ تَحسِرُ أَحياناً وَتَنتَقِبُ

جَرداءُ حَرّاءُ مَخشِيٌّ مَتالِفُها
جَشَّمتُها العيسَ وَالحِرباءُ مُنتَصِبُ

عَشراً وَعَشراً إِلى عِشرينَ يَرقَبُها
ظَهرٌ وَيَخفِضُها في بَطنِهِ صَبَبُ

لَم يَبقَ مِنها عَلى التَأويبِ ضائِعَةً
وَرِحلَةِ اللَيلِ إِلّا الآلُ وَالعَصَبُ

وَرّادَةٌ كُلَّ طامِي الجَمِّ عَرمَضُهُ
في ظِلِّ عِقبانِهِ مُستَأسِدٌ نَشِبُ

وَسَبعَةٌ مِن بَني البَطّالِ قَيِّمُهُم
رِداؤُهُ اليَومَ فَوقَ الرِجلِ يَضطَرِبُ

جَلَّيتُ عَن عَينِهِ بِالشِعرِ أُنشِدُهُ
حَتّى اِستَجابَ بِها وَالصُبحُ مُقتَرِبُ

قالَ النُعَيمِيُّ لَمّا زاحَ باطِلُهُ
وَاِفتَضَّ خاتَمَ ما يَجني بِهِ التَعَبُ

ما أَنتَ إِن لَم تَكُن أَيماً فَقَد عَجِبَت
مِنكَ الرِفاقُ وَلي في فِعلِكِ العَجَبُ

تَهفو إِلى الصَيدِ إِن مَرَّت سَوانِحُهُ
بِساقِطِ الريشِ لَم يُخلِف لَهُ الزَغَبُ

إِن كُنتَ أَصبَحتَ صَقراً لا جَناحَ لَهُ
فَقَد تُهانُ بِكَ الكَروانُ وَالخَرَبُ

لِلَّهِ دَرُّكَ لَم تَسمو بِقادِمَةٍ
أَو يُنصِفُ الدَهرُ مَن يَلوي فَيَعتَقِبُ

إِلى سُلَيمانَ راحَت تَغتَدي حِزَقاً
وَالخَيرُ مُتَّبَعٌ وَالشَرُّ مُجتَنَبُ

تَزورُهُ مِن ذَوي الأَحسابِ آوِنَةً
وَخَيرُ مَن زُرتَ سُلطانٌ لَهُ حَسَبُ

أَغَرُّ أَبلَجُ تَكفينا مَشاهِدُهُ
في القاعِدينَ وَفي الهَيجا إِذا رَكِبوا

أَمسى سُلَيمانُ مَرؤوماً نُطيفُ بِهِ
كَما تُطيفُ بِبَيتِ القِبلَةِ العَرَبُ

تَرى عَلَيهِ جَلالاً مِن أُبُوَّتِهِ
وَنُصرَةً مِن يَدٍ تَندى وَتُنتَهَبُ

يَبدو لَكَ الخَيرُ فيهِ حينَ تُبصِرُهُ
كَما بَدا في ثَنايا الكاعِبِ الشَنَبُ

في هامَةٍ مِن قُرَيشٍ يُحدِقونَ بِها
تُجبى وَيُجبى إِلَيها المِسكُ وَالذَهَبُ

عالى سُلَيمانُ في عَلياءَ مُشرِفَةٍ
سَيفٌ وَرُمحٌ وَآباءٌ لَهُ نُجُبُ

يا نِعمَ مَن كانَ مِنهُم في مَحَلَّتِهِ
وَكانَ يَشرَبُ بِالماءِ الَّذي شَرِبوا

كانوا وَلا دينَ إِلّا السَيفُ مُلكُهُمُ
راسٍ وَأَيّامُهُم عادِيَّةٌ غُلُبُ

تَطولُ أَعمارُ قَومٍ في أَكُفِّهِمُ
حيناً وَتَقصُرُ أَحياناً إِذا غَضِبوا

العاقِدينَ المَنايا في مُسَوَّمَةٍ
تُزجى أَوائِلُها الاِيجافُ وَالخَبَبُ

بيضٌ حِدادٌ وَأَشرافٌ زَبانِيَةٌ
يَغدو عَلى مَن يُعادي الوَيلُ وَالحَرَبُ

أَقولُ لِلمُشتَكي دَهراً أَضَرَّ بِهِ
فيهِ اِبتِذالٌ وَفي أَنيابِهِ شُعَبُ

لا جارَ إِلّا سُلَيمانٌ وَأُسرَتُهُ
مِنَ العَدُوِّ وَمِن دَهرٍ بِهِ نَكَبُ

إِذا لَقيتَ أَبا أَيّوبَ في قَعَدٍ
أَو غازِياً فَوقَهُ الراياتُ تَضطَرِبُ

لاقَيتَ دُفّاعَ بَحرٍ لا يُضَعضِعُهُ
لِلمُشرِعينَ عَلى أَرجائِهِ شُرُبُ

فَاِشرَب هَنيئاً وَذَيِّل في صَنائِعِهِ
وَاِنعَم فَإِنَّ قُعودَ الناعِمِ اللَعِبُ

الهاشِمِيُّ اِبنُ داودٍ تَدارَكَنا
وَما لَنا عِندَهُ نُعمى وَلا نَسَبُ

أَحيا لَنا العَيشَ حَتّى اِهتَزَّ ناضِرُهُ
وَجارَنا فَاِنجَلَت عَنّا بِهِ الكُرَبُ

لَيثٌ لَدى الحَربِ يُذكيها وَيُخمِدُها
وَلا تَرى مِثلَ ما يُعطي وَما يَهَبُ

صَعباً مِراراً وَتاراتٍ نُوافِقُهُ
سَهلاً عَلَيهِ رِواقُ المُلكِ وَاللَجِبُ

رَكّابُ هَولٍ وَأَعوادٍ لِمَملَكَةٍ
ضَرّابُ أَسبابِ هَمٍّ حينَ يَلتَهِبُ

ساقي الحَجيجِ أَبوهُ الخَيرُ قَد عَلِمَت
عُليا قُرَيشٍ لَهُ الغاياتُ وَالقَصَبُ

وافى حُنَيناً بِأَسيافٍ وَمُقرَبَةٍ
شُعثِ النَواصي بَراها القَودُ وَالخَبَبُ

يُعطي العِدى عَن رَسولِ اللَهِ مُهجَتَهُ
حَتّى اِرتَدى زَينَها وَالسَيفُ مُختَضِبُ

وَكانَ داودُ طَوداً يُستَظَلُّ بِهِ
وَفي عَلِيٍّ لِأَعداءِ الهُدى هَرَبُ

وَالفَضلُ عِندَ اِبنِ عَبّاسٍ تُعَدُّ لَهُ
في دَعوَةِ الدينِ آثارٌ وَمُحتَسَبُ

قُل لِلمُباهي سُلَيماناً وَأُسرَتَهُ
هَيهاتَ لَيسَ كَعودِ النَبعَةِ الغَرَبُ

رَشِّح أَباكَ لِأُخرى مِن صَنائِعِهِ
وَاِعرِف لِقَومٍ بِرَأسٍ دونَهُ أَشَبُ

أَبناءُ أَملاكِ مَن صَلّى لِقِبلَتِنا
فَكُلُّهُم مَلِكٌ بِالتاجِ مُعتَصِبُ

دَمُ النَبِيِّ مَشوبٌ في دِمائِهِمُ
كَما يُخالِطُ ماءَ المُزنَةِ الضَرَبُ

لَو مُلِّكَ الشَمسَ قَومٌ قَبلَهُم مَلَكوا
شَمسَ النَهارِ وَبَدرَ اللَيلِ لا كَذِبُ

أَعطاهُمُ اللَهُ ما لَم يُعطِ غَيرَهُمُ
فَهُم مُلوكٌ لِأَعداءِ النُهى رُكَبُ

لا يَحدَبونَ عَلى مالٍ بِمَبخَلَةٍ
إِذا اللِئامُ عَلى أَموالِهِم حَدَبوا

لَولا فُضولُ سُلَيمانٍ وَنائِلُهُ
لَم يَدرِ طالِبُ عُرفٍ أَينَ يَنشَعِبُ

يَنتابُهُ الأَقرَبُ الساعي بِذِمَّتِهِ
إِذا الزَمانُ كَبا وَالخابِطُ الجُنُبُ

كَم مِن يَتيمٍ ضَعيفِ الطَرفِ لَيسَ لَهُ
إِلّا تَناوُلُ كَفَّي ذي الغِنى أَشَبُ

آخى لَهُ عَروُهُ الأَثرى فَنالَ بِهِ
رَواحَ آخَرَ مَعقودٍ لَهُ سَبَبُ

بِنائِلٍ سَبِطٍ لا مَنَّ يُردِفُهُ
إِذا مَعاشِرُ مَنّوا الفَضلَ وَاِحتَسَبوا

يا اِبنَ الأَكارِمِ آباءً وَمَأثَرَةً
مِنكَ الوَفاءُ وَمِنكَ النائِلُ الرَغَبُ

في الحَيِّ لي دَردَقٌ شُعثٌ شَقيتُ بِهِم
لا يَكسِبونَ وَما عِندي لَهُم نَشَبُ

عَزَّ المَضاعُ عَلَيهِم بَعدَ وَجبَتِهِم
فَما تَرى في أُناسٍ عَيشُهُم وَجَبُ


بشار بن برد

الحمدان
07-27-2024, 05:54 PM
ذَهَبتَ وَلَم تُلمِم بِبَيتِ الحَبائِبِ
وَلَم تَشفِ قَلباً مِن طِلابِ الكَواعِبِ

نَعَم إِنَّ في الإِبعادِ لِلقَلبِ رَاحَةً
إِذا غُلِبَ المَجهودُ مِن كُلِّ طالِبِ

وَإِنّي لَصَرّافٌ لِقَلبي عَنِ الهَوى
وَإِن حَنَّ تَحنانَ المَخاضِ الضَوارِبِ

تَكَلَّفَني مِن حُبِّ عَبدَةَ زَفرَةٌ
وَفي زَفَراتِ الحُبِّ كَربٌ لِكارِبِ

وَلِلحُبِّ حُمّى تَعتَريني بِزَفرَةٍ
لَها في عِظامي نافِضٌ بَعدَ صالِبِ

فَوَيلي مِنَ الحُمّى وَوَيلي مِنَ الهَوى
لِأَيِّهِما أَبغي دَواءَ الطَبائِبِ

لَقَد شَرِقَت عَيني بِعَبدَةَ غادِياً
وَدَبَّت لِقَتلي مِن هَواها عَقارِبي

فَوَاللَهِ ما أَدري أَبي مِن طِلابِها
جُنونٌ أَم اِستَحدَثتُ إِحدى العَجائِبِ

إِذا ذُكِرَت دارَ الهَوى بِمَسامِعي
كَما دارَت الصَهباءُ في رَأسِ شارِبِ

هِيَ الروحُ مِن نَفسي وَلِلعَينِ قُرَّةٌ
فِداءٌ لَها نَفسي وَعَيني وَحاجِبي

فَإِن يَكُ عَنّي وَجهُها اليَومَ غائِباً
فَلَيسَ فُؤادي مِن هَواها بِغائِبِ


بشار بن برد

الحمدان
07-27-2024, 05:54 PM
يا خَليلاً نَبا بِنا في المَشيبِ
لَم يُعرِّج عَلى مَشارِ الطَبيبِ

لَيسَ مَن قابَلَ الأُمورَ وَحيداً
بِحَليمٍ فيها وَلا بِمُصيبِ

إِنَّ البَغيضَ إِلَينا لا نُطالِبُهُ
يَتَجَلّى عَن باطِلٍ مَكذوبِ

فَاِستَشِر ناصِحاً أَريباً فَإِنَّ
الحَظَّ في طاعَةِ النَصيحِ الأَريَبِ

قَد يُصيبُ الفَتى أَطاعَ أَخاهُ
وَمُطيعُ النِساءِ غَيرُ مُصيبِ

وَكِعابٍ مِن آلِ سَعدِ بنِ بَكرٍ
رَعَمَتني جُفونُها في المَغيبِ

وَتَقولُ اِتَّقَيتَ فينا أُناساً
لَم أَكُن أَتَّقيهُمُ في العُروبِ

لا وَمَن سَبَّحَ الحَجيجُ لَهُ ما
كانَ ظَنّي اِتِّقاءَ عَينِ الرَقيبِ

غَيرَ أَنَّ الإِمامَ أَمسَكَني عَنكِ
فَقولي في ذَنبِهِ لا ذُنوبي

إِنَّ قَلبي مِثلُ الجَناحِ إِلى مَن
باتَ يَدعو وَأَنتَ غَيرُ مُجيبِ

لَو يَطيرُ الفَتى لَطِرتُ مِنَ الشَوقِ
مُنيباً إِلى الحَبيبِ المُنيبِ

لَو أُلاقي مَن يَحمِلُ الشَوقَ عَنّي
رُحتُ بَينَ الصَبا وَبَينَ الجَنوبِ

فَبَكَت بِكيَةَ الحَزينِ وَقالَت
كُلُّ عَيشٍ مُوَدَّعٌ عَن قَريبِ

كُنتَ نَفسي الفِدا فَبِنتَ فَقيداً
اِرعَ وُدّي نَعِمتَ غَيرَ مُريبِ

لَو سَأَلتَ العُلّامَ عَنّي لَقالوا
تُب إِلى اللَهِ مِن جَفاءِ الحَبيبِ

غَلَبَتني نَفسي عَلَيكَ وَإِن كُنتَ
مَساكاً في ظِلِّ مُلكٍ قَشيبِ

كَيفَ أَرجو يَوماً كَيَومي عَلى الرَس
وَأَيّامِنا بِحَقفِ الكَثيبِ

إِذ نَسوقُ المُنى وَنَغتَبِقُ الراحَ
وَيَأتي الهَوى عَلى تَغييبِ

قَدَرانا مِثلَ اليَدَينِ تَلَقّى
هَذِهِ هَذِهِ بِوُدٍّ وَطيبِ

تَتَعاطى جيداً وَتَلمِسُ حُقّاً
حينَ نَخلو نَراهُما غَيرَ حوبِ

فَاِنقَضى ذَلِكَ الزَمانُ وَأَبقى
زَمَناً راعَنا بِأَمرٍ عَجيبِ

فَعَلَيكَ السَلامُ خَيَّمتَ في المُلكِ
وَغودِرتُ كَالمُصابِ الغَريبِ


بشار بن برد

الحمدان
07-27-2024, 05:54 PM
يا طيبَ عَبدَةَ وَيلي مِنكَ يا طيبي
قَطَّعتَ قَلبي بِشَوقٍ غَيرَ تَعتيبِ

قُل لِلَّتي نَفسُها نَفسي وَما شَعَرَت
مُنّي عَلَيَّ بِنَومٍ مِنكِ مَوهوبِ

إِنَّ الرَسولَ الَّذي أَرسَلتِ غادَرَني
بِغُلَّةٍ مِثلِ حَرِّ النارِ مَشبوبِ

أُساوِرُ اللَيلَ تَحتَ الهَمِّ مُجتَنِحاً
مِن طولِ صَفحِكِ عَنّي في أَعاجيبِ

كَأَنَّ بي مِنكِ طَبّاً لا يُفارِقُني
وَإِن غَدَوتُ صَحيحاً غَيرَ مَطبوبِ

لقَد ذَكَرتُكِ وَالفَوقانُ يَأخُذُني
وَما نَسيتُكِ بَينَ الكَأسِ وَالكوبِ

وَقائِلٍ إِذ رَأى شَوقي وَصَفحَكُمُ
دَعها فَما لَكَ مِنها غَيرُ تَنصيبِ

لا شَيءَ أَبعَدُ مِمّا لَستَ نائِلَهُ
إِنَّ البَخيلَ بَعيدٌ غَيرُ مَقروبِ

فَقُلتُ كَلّا سَيَجزي مَن لَهُ كَرَمٌ
شَوقاً بِشَوقٍ وَتَقريباً بِتَقريبِ

يَهُزُّني الناسُ مِن واشٍ وَمُنتَصِحٍ
وَاللَيثُ يُفرَسُ بَينَ الكَلبِ وَالذيبِ

لا خَيرَ في العَيشِ إِن لَم تُقضَ حاجَتُنا
مِمّا نُحِبُّ عَلى رَغمِ الأَقاريبِ

يَزيدُ في الداءِ مَن تُقلى زِيارَتُهُ
إِذا اِلتَقَينا وَشافٍ كُلُّ مَحبوبِ

يا عَبدَ حَتّامَ لا أَلقاكِ خالِيَةً
وَلا أَنامُ لَقَد طَوَّلتِ تَعذيبي

أَهدَيتِ لي الطيبَ في رَيحانِ ساحِرَةٍ
يا عَبدَ ريقُكِ أَشهى لي مِنَ الطيبِ

أَهدي لَنا شُربَةً مِنهُ نَعيشُ بِها
إِن كُنتِ مُهدِيَةً رَوحاً لِمَكروبِ

إِنَّ البَغيضَ إِلَينا لا نُطالِبُهُ
ذاكَ الهَوى وَحَبيبٌ كُلُّ مَطلوبِ

أَمّا النِساءُ فَإِنّي لا أَعيجُ بِها
قَد صُمتُ عَنها بِنَحبٍ مِنكِ مَنحوبِ

أَنتِ الَّتي تَشتَفي عَيني بِرُؤيَتِها
وَهُنَّ عِندي كَماءٍ غَيرَ مَشروبِ

وَفي المُحِبّينَ صَبُّ لا شِفاءَ لَهُ
دونَ الرِضى بَينَ مَرشوفٍ وَمَصبوبِ

إِنّي وَإِن كُنتُ حَمّالاً أُجاوِرُهُ
صَرّامُ حَبلِ التَمَنّي بِالأَكاذيبِ

لا يَخرُجُ الحَمدُ مِنّي قَبلَ تَجرُبَةٍ
وَلا أَكونُ أُجاجاً بَعدَ تَجريبِ


بشار بن برد

الحمدان
07-27-2024, 05:54 PM
يا طَيبَ سِيّانَ عِندي أَنتِ وَالطيبُ
كِلاكُما طَيِّبُ الأَنفاسِ مَحبوبُ

لَو قَد لَقيتُكِ خَلفَ العَينِ خالِيَةً
أَصلَحتِ مِنّي الَّذي لا يُصلِحُ الطيبُ

لَو كُنتِ غَيرَ فَتاةٍ كُنتِ لُؤلُؤَةً
غالى بِها مَلِكٌ بِالتاجِ مَعصوبُ

يا طَيبَ جودي بِنَيلٍ مِنكِ نَأمُلُهُ
وَأَطمِعينا فَما في مَطمَعِ حوبُ

لِلَّهِ طَيبَةُ لا تُبقي عَلى رَجُلٍ
بِقَلبِهِ هاجِسٌ كَالنارِ مَشبوبُ

أُساوِرُ الهَمَّ تَحتَ اللَيلِ مُجتَنِحاً
قَد شَفَّني قَمَرٌ في السِترِ مَحجوبُ

يَغشانيَ المَوتُ مِن وَجدٍ لَها دَيَماً
وَالشَوقُ تَأخُذُني مِنهُ أَهاضيبُ

لِلقَلبِ راعٍ إِلَيها لا يُفارِقُهُ
وَفي الضَميرِ مِنَ الحُبِّ الأَعاجيبُ

لَهفانَ قَد يَشتَهي رَوحاً يَعيشُ بِهِ
بادي الصَبابَةِ وَالهِجرانُ تَعذيبُ


بشار بن برد

الحمدان
07-27-2024, 05:55 PM
أَلا حَيِّ ذا البَيتَ الَّذي لَستُ ناظِراً
إِلى أَهلِهِ إِلّا بَكَيتُ إِلى صَحبي

أَزورُ سِواهُ وَالهَوى عِندَ أَهلِهِ
إِذا ما اِستَخَفَّتني تَباريحُ مِن حُبّي

وَإِن نالَ مِنّي الشَوقُ واجَهتُ بابَها
بِإِنسانِ عَينٍ ما يُفيقُ مِنَ السَكبِ

كَما يَنظُرُ الصادي أَطالَ بِمَنهَلٍ
فَحَلَّأَهُ الوُرّادُ عَن بارِدٍ عَذبِ

تَصُدُّ إِذا ما الناسُ كانَت عُيونُهُم
عَلَينا وَكُنّا لِلمُشيرينَ كَالنَصبِ

عَلى مُضمَرٍ بَينَ الحَشا مِن حَديثِنا
مَخافَةَ أَن تَسعى بِنا جارَةُ الجَنبِ

يُفَنِّدُني عَبدُ العَزيزِ بِأَنَّني
صَبَوتُ إِلى الذَلفاءِ حينَ صَباتِربي

وَما ذَنبُ مَقدورٍ عَلَيهِ شَقاؤُهُ
مِنَ الحُبِّ عِندَ اللَهِ في سابِقِ الكُتبِ

لَقَد أُعجِبَت نَفسي بِها فَتَبَدَّلَت
فَيا جَهدَ نَفسي قادَها لِلشَقا عُجبي

وَإِنّي لَأَخشى أَن تَقودَ مَنِيَّتي
مَوَدَّتُها وَالخَطبُ يَنمي إِلى الخَطبِ

إِذا قُلتُ يَصفو مِن عُبَيدَةَ مَشرَبٌ
لِحَرّانَ صادٍ كَدَّرَت في غَدٍ شِربي

وَقَد كُنتُ ذا لُبٍّ صَحيحٍ فَأَصبَحَت
عُبَيدَةُ بِالهِجرانِ قَد أَمرَضَت لُبّي

وَلَستُ بِأَحيا مِن جَميلِ اِبنِ مُعَمَرِ
وَعُروَةَ إِن لَم يَشفِ مِن حُبِّها رَبّي

تَعُدُّ قَليلاً ما لَقيتُ مِنَ الهَوى
وَحَسبي بِما لاقيتُ مِن حُبِّها حَسبي

إِذا عَلِمَت شَوقي إِلَيها تَثاقَلَت
تَثاقُلَ أُخرى بانَ مِن شِعبِها شِعبي

فَلَو كانَ لي ذَنبٌ إِلَيها عَذَرتُها
بِهَجري وَلَكِن قَلَّ في حُبِّها ذَنبي

وَقَد مَنَعَت مِنّي زِيارَتَها الَّتي
إِذا كَرُبَت نَفسي شَفَيتُ بِها كَربي

فَأَصبَحتُ مُشتاقاً أُكَفكِفُ عَبرَةً
كَذي العَتبِ مَهجوراً وَلَيسَ بِذي عَتبِ

كَأَنَّ فُؤادي حينَ يَذكُرَ بَينَها
مَريضٌ وَما بِي مِن سَقامٍ وَلا طَبِّ

أُحاذِرُ بُعدَ الدارِ وَالقُربُ شاعِفٌ
فَلا أَنا مَغبوطٌ بِبُعدٍ وَلا قُربِ


بشار بن برد

الحمدان
07-27-2024, 05:55 PM
طَرِبَ الحَمامُ فَهاجَ لي طَرَبا
وَبِما يَكونُ تَذَكُّري نَصَبا

إِذ لامَني عَمروٌ فَقُلتُ لَهُ
غُلِبَ العَزاءُ وَرُبَّما غَلَبا

إِنَّ الحَبيبَ فَلا أُكافِئُهُ
بَعَثَ الخَيالَ عَلَيَّ وَاِحتَجَبا

فَاِعذِر أَخاكَ وَدَع مَلامَتَهُ
إِنَّ المَلامَ يَزيدُهُ تَعَبا

لا تَنهَبَن عِرضي لِتَقسِمَهُ
ما كانَ عِرضُ أَخيكَ مُنتَهَبا

وَاِنحُ الغَداةَ عَلى مُقابِلِهِم
لِخَليلَكَ المَشغوفِ إِن طَلَبا

الطُرقُ مُقبِلَةٌ وَمُدبِرَةٌ
هَوِّن عَلَيكَ لِأَيِّها رَكَبا

لَولا الحَمامُ وَطَيفُ جارِيَةٍ
ما شَفَّني حُبٌّ وَلا كَرَبا

إِنَّ الَّتي راحَت مَوَدَّتُها
رَغماً عَلَيَّ فَبِتُّ مُكتَئِبا

حَوراءُ لَو وَهَبَ الإِلَهُ لَنا
مِنها الصَفاءَ لَحَلَّ ما وَهَبا

خُلِقَت مُباعِدَةً مُقارِبَةً
حَرباً وَتَمَّت صورَةً عَجَبا

في السّابِرِيِّ وَفي قَلائِدِها
مُنقادُها عَسِرٌ وَإِن قَرُبا

كَالشَمسِ إِن بَرَقَت مَجاسِدُها
تَحكي لَنا الياقوتَ وَالذَهَبا

أَطوي الشَكاةَ وَلا تُصَدِّقُني
وَإِذا اِشتَكَيتُ تَقولُ لي كَذَبا

عَسُرَت خَلائِقُها عَلى رَجُلٍ
لَعِبَ الهَوى بِفُؤادِهِ لَعِبا

وَلَقَد لَطَفتُ لَها بِجارِيَةٍ
رَوَتِ القَريضَ وَخالَطَت أَدَبا

قالَت لَها أَصبَحتِ لاهِيَةً
عَمَّن يَراكِ لِحَتفِهِ سَبَبا

لَو مُتِّ ماتَ وَلَو لَطُفتِ لَهُ
لَرَأى هَواكِ لِقَلبِهِ طَرَبا

تَأتيكِ نازِحَةً مَناسِبُهُ
وَيَحوطُ غَيبَكُمُ وَإِن غَضِبا

وَإِذا رُفِعتِ إِلى مَخيلَتِهِ
مَطَرَت عَلَيكِ سَماؤُهُ ذَهَبا

ذَهَبَ الهَوى بِفُؤادِهِ عَبَثاً
وَأَفادَهُ مِن قَلبِهِ جَرَبا

فَاِرثي لَهُ مِمّا تَضَمَّنَهُ
مِن حَرِّ حُبِّكُمُ فَقَد نَشِبا

قالَت عُبَيدَةُ قَد وَفَيتُ لَهُ
بِالوِدِّ حَتّى مَلَّ فَاِنقَلَبا

وَصَغا إِلى أُخرى يُراقِبُها
فينا وَكُنتُ أَحَقَّ مَن رَقَبا

قولي لَهُ ذَر مِن زِيارَتِها
لِلِقائِنا إِن جِئتَ مُرتَقِبا

وَاِجهَد يَمينَكَ لا تُخالِفني
فيما هَويتُ وَكانَ لي أَرَبا

وَإِذا بَكَيتَ فَلا عَدِمتَ شِفاً
وَأَكَلتَ لَحمَكَ جِنَّةً كَلَبا

سَأَلَت لِأَعتُبَها وَأَطلُبَها
مِمّا تَخافُ فَقُلتُ قَد وَجَبا

وَلَقيتُها كَالخَمرِ صافِيَةً
حَلَّت لِشارِبِها وَما شَرِبا


بشار بن برد

الحمدان
07-27-2024, 05:56 PM
أَلا قُل لِتِلكَ المالِكِيَّةِ أَصحِبي
وَإِلّا فَمَنّينا لِقاءَكِ وَاِكذِبي

عِدينا فَإِنَّ النَفسَ تُخدَعُ بِالمُنى
وَقَلبُ الفَتى كَالطائِرِ المُتَقَلِّبِ

وَقَد تَأمَني مَن لا يَزالُ مُباعِداً
عَلى قُربِ مَن يَدنو بِسَهلٍ وَمَرحَبِ

فَإِنَّكَ لَو تَجفوكَ أُمٌّ قَريبَةٌ
تَجافَيتَ عَنها لِلبَعيدِ المُقَرِّبِ

إِذا يَئِسَت نَفسُ اِمرِىءٍ مِن قَريبَةٍ
تُبَدَّلَ أُخرى مَركَباً بَعدَ مَركَبِ

فَلا تُمسِكيني بِالهَوانِ فَإِنَّني
عَنِ الهوَنِ ظَعّانٌ لِقَصدِ المُلَحَّبِ

حَبَستُ عَلَيكَ النَفسَ حَولَينِ لا أَرى
نَوالاً وَلا وَعداً بِنَيلٍ مُعَقَّبِ

وَما كُنتُ لَو شَمَّرتُ أَوَّلَ ظاعِنٍ
بِرَحلِيَ عَن جَدبٍ إِلى غَيرِ مُجدِبِ

وَلَكِنَّني أُغضي جُفوناً عَلى القَذا
وَأَحفَظُ ما حَمَّلتَني في المُغَيَّبِ

وَأَنتِ بِما قَرَّبتِني وَاِصطَفَيتِني
خَلاءٌ وَقَد باعَدتِني بُعدَ مُذنِبِ

كَقائِلَةٍ إِنَّ الحِمارَ فَنَحِّهِ
عَنِ القَتِّ أَهلُ السِمسِمِ المُتَهَذِّبِ

وَما الحُبُّ إِلّا صَبوَةٌ ثُمَّ دَنوَةٌ
إِذا لَم يَكُن كانَ الهَوى رَوغَ ثَعلَبِ


بشار بن برد

الحمدان
07-27-2024, 05:56 PM
خَفِّض عَلى عَقِبِ الزَمانِ العاقِبِ
لَيسَ النَجاحُ مَعَ الحَريصِ الناصِبِ

تَأتي المُقيمَ وَما سَعى حاجاتُهُ
عَدَدَ الحَصى وَيَخيبُ سَعيُ الخائِبِ

فَاِترُك مُشاغَبَةَ الحَبيبِ إِذا أَبى
لَيسَ المُحِبُّ عَلى الحَبيبِ بِشاغِبِ

غَلَبَتكَ أُمُّ مُحَمَّدٍ بِدَلالِها
وَالمُلكُ يُمهَدُ لِلأَعَزِّ الغالِبِ

واهاً بِأُمِّ مُحَمَّدٍ وَرَسولِها
وَرُقادِ قَيِّمِها وَسُكرِ الحاجِبِ

لَم أَنسَ قَولَتَها أَراكَ مُشَيَّعاً
عَبِثَ اليَدَينِ مُوَلَّعاً كَالشارِبِ

أَحسِن صَحابَتَنا فَإِنَّكَ مُدرِكٌ
بَعضَ اللُبانَةِ بِاِصطِناعِ الصاحِبِ

وَإِذا جَفَوتَ قَطَعتُ عَنكَ مَنافِعي
وَالدَرُّ يَقطَعُهُ جَفاءُ الحالِبِ

لِلَّهِ دَرُّ مَجالِسٍ نُغِّصتَها
بَينَ الجُنَينَةِ وَالخَليجِ الناكِبِ

أَينَ الَّذينَ تَزورُ كُلَّ عَشِيَّةٍ
يَأتيكَ آدِبُهُم وَإِن لَم تَأدُبِ

ذَهَبوا وَأَمسى ما تَذَكَّرُ مِنهُمُ
هَيهاتَ مَن قَد ماتَ لَيسَ بِذاهِبِ

مَنَعَتكَ أُمُّ مُحَمَّدٍ مَعروفَها
إِلّا الخَيالَ وَبِئسَ حَظُّ الغائِبِ

نَزَلَت عَلى بَرَدى وَأَنتَ مُجاوِرٌ
حَفرَ البُصَيرَةِ كَالغَريبِ العاتِبِ

لا تَشتَهي طُرَفَ النَعيمِ وَتَشتَهي
طَيَّ البِلادِ بِأَرحَبِيٍّ شاحِبِ

وَإِذا أَرَدتَ طِلاعَ أُمِّ مُحَمَّدٍ
غَلَبَ القَضاءُ وَشُؤمُ عَبدِ الواهِبِ

عِلَلُ النِساءِ إِذا اِعتَلَلنَ كَثيرَةٌ
وَسَماحُهُنَّ مِنَ العَجيبِ العاجِبِ

فَاِصبِر عَلى زَمَنٍ نَبا بِكَ رَيبُهُ
لَيسَ السُرورُ لَنا بِحَتمٍ واجِبِ

وَلَقَد أَزورُ عَلى الهَوى وَيَزورُني
قَمَرُ المَجَرَّةِ في مَجاسِدِ كاعِبِ

أَيّامَ أَتَّبِعُ الصِبا وَيَقودُني
صَوتُ المَزاهِرِ وَاليَراعِ القاصِبِ

سَقياً لِأُمِّ مُحَمَّدٍ سَقياً لَها
إِذ نَحنُ في لَعِبِ الشَبابِ اللاعِبِ

بَيضاءَ صافِيَةَ الأَديمِ تَرَعرَعَت
في جِلدِ لُؤلُؤَةٍ وَعِفَّةِ راهِبِ

فَإِذا اِمتَرَيتَ لَبونَ أُمِّ مُحَمَّدٍ
رَجَعَت يَمينُكَ بِالحِلابِ الخائِبِ

فَاِرجِع كَما رَجَعَ الكَريمُ وَلا تَكُن
كَمُقارِفٍ ذَنباً وَلَيسَ بِتائِبِ

وَرَضيتَ مِن طولِ الرَجاءِ بِيَأسِهِ
وَاليَأسُ أَمثَلُ مِن عِداتِ الكاذِبِ


بشار بن برد

الحمدان
07-27-2024, 05:56 PM
عَدِمتُكَ عاجِلاً يا قَلبُ قَلباً
أَتَجعَلُ مَن هَويتَ عَلَيكَ رَبّا

بِأَيِّ مَشورَةٍ وَبِأَيِّ رَأيٍ
تُمَلِّكُها وَلا تَسقيكَ عَذبا

تَحِنُّ صَبابَةً في كُلِّ يَومٍ
إِلى حُبّى وَقَد كَرَبَتكَ كَربا

وَتَهتَجِرُ النِساءَ إِلى هَواها
كَأَنَّكَ ضامِنٌ مِنهُنَّ نَحبا

أَمِن رَيحانَةٍ حَسُنَت وَطابَت
تَبيتُ مُرَوَّعاً وَتَظَلُّ صَبّا

تَروعُ مِنَ الصِحابِ وَتَبتَغيها
مَعَ الوَسواسِ مُنفَرِداً مُكِبّا

كَأَنَّكَ لا تَرى حَسَناً سِواها
وَلا تَلقى لَها في الناسِ ضَربا

وَكَم مِن غَمرَةٍ وَجَوازِ فَينٍ
خَلَوتَ بِهِ فَهَل تَزدادُ قُربا

بَكَيتَ مِنَ الهَوى وَهَواكَ طِفلٌ
فَوَيلَكَ ثُمَّ وَيلَكَ حينَ شَبّا

إِذا أَصبَحتَ صَبَّحَكَ التَصابي
وَأَطرابٌ تُصَبُّ عَلَيكَ صَبّا

وَتُمسي وَالمَساءُ عَلَيكَ مُرٌّ
يُقَلِّبُكَ الهَوى جَنباً فَجَنبا

أَظُنُّكَ مِن حِذارِ البَينِ يَوماً
بِداءِ الحُبِّ سَوفَ تَموتُ رُعبا

أَتُظهِرُ رَهبَةً وَتُسِرُّ رَغباً
لَقَد عَذَّبتَني رَغباً وَرَهبا

فَما لَكَ في مَوَدَّتِها نَصيبٌ
سِوى عِدَةٍ فَخُذ بِيَدَيكَ تُربا

إِذا وُدٌّ جَفا وَأَرَبَّ وُدٌّ
فَجانِب مَن جَفاكَ لِمَن أَرَبّا

وَدَع شَغبَ البَخيلِ إِذا تَمادى
فَإِنَّ لَهُ مَعَ المَعروفِ شَغبا

وَقالَت لا تَزالُ عَلَيَّ عَينٌ
أُراقِبُ قَيِّماً وَأَخافُ كَلبا

لَقَد خَبَّت عَلَيكَ وَأَنتَ ساهٍ
فَكُن خِبّاً إِذا لاقَيتَ خِبّا

وَلا تَغرُركَ مَوعِدَةٌ لِحُبّى
فَإِنَّ عِداتِها أَنزَلنَ جَدبا

أَلا يا قَلبُ هَل لَكَ في التَعَزّي
فَقَد عَذَّبتَني وَلَقيتُ حَسبا

وَما أَصبَحتَ تَأمُلُ مِن صَديقٍ
يَعُدُّ عَلَيكَ طولَ الحُبِّ ذَنبا

كَأَنَّكَ قَد قَتَلتَ لَهُ قَتيلاً
بِحُبِّكَ أَو جَنَيتَ عَلَيهِ حَربا

رَأَيتُ القَلبَ لا يَأتي بَغيضاً
وَيُؤثِرُ بِالزِيارَةِ مَن أَحَبّا


بشار بن برد

الحمدان
07-27-2024, 05:57 PM
يا مالِكَ الناسِ في مَسيرِهِمُ
وَفي المُقامِ المُطيرِ مِن رَهَبِه

لا تَخشَ غَدري وَلا مُخالَفَتي
كُلُّ اِمرِىءٍ راجِعٌ إِلى حَسَبِه

كَشَفتَ عَن مَرتَعٍ دُجُنَّتَهُ
عَوداً وَكُنتَ الطَبيبَ مِن وَصَبِه

وَلَستَ بِالحازِمِ الجَليلِ إِذا اِغ
تَرَّ وَلا بِالمُغتَرِّ في نَسَبِه

وَرُبَّما رابَني النَذيرُ فَعَم
مَيتُ رَجاءَ الأَصَمِّ عَن رِيَبِه

عِندي مِنَ الشُبهَةِ البَيانُ وما
تَطلُبُ إِلّا البَيانَ مِن حَلَبِه

إِن كُنتَ تَنوي بِهِ الهَلاكَ فَما
تَعرِفُ رَأسَ الهَلاكِ مِن ذَنَبِه

وَإِن يُدافِع بِكَ الخُطوبَ فَما
دافَعتَ خَطباً بِمِثلِهِ مَلَبِه

سَيفُكَ لا تَنثَني مَضارِبُهُ
يَهتَزُّ مِن مائِهِ وَفي شُطَبِه

تَرنو إِلَيهِ العَروسُ عائِذَةً
فَلا يَمَلُّ الحَدّابُ مِن عَجَبِه

يَصدُقُ في دينِهِ وَمَوعِدِهِ
نَعَم وَيُعطى النَدى عَلى كَذِبِه

لِلَهِ ما راحَ في جَوانِحِهِ
مِن لُؤلُؤٍ لا يُنامُ عَن طَلَبِه

يَخرُجنَ مِن فيهِ لِلنَديِّ كَما
يَخرُجُ ضَوءُ السِراجِ مِن لَهَبِه

زَورُ مُلوكٍ عَلَيهِ أُبَّهَةٌ
تَعرِفُ مِن شِعرِهِ وَمِن خُطَبِه

يَقومُ بِالقَومِ يَومَ جِئتَهُمُ
وَلا يَخيبُ الرُوّادُ في سَبَبِه

مُؤَبَّدُ البَيتِ وَالقَرارَةِ وَال
تَلعَةِ في عُجمِهِ وَفي عَرَبِه

لَو قامَ بِالحادِثِ العَظيمِ لَما
عَيَّ بِعُمرانِهِ وَلا خَرِبِه

لا يَعبُدُ المالَ حينَ يَجمَعُهُ
وَلا يُصَلّي لِلبَيتِ مِن صُلُبِه

تِلعابَةٌ تَعكِفُ النِساءُ بِهِ
يَأخُذنَ مِن جِدِّهِ وَمِن لَعِبِه

يَزدَحِمُ الناسُ كُلَّ شارِقَةٍ
بِبابِهِ مُشرِعينَ في أَدَبِه

شابَ وَقَد كانَ في شَبيبَتِهِ
شَهماً يَبولُ الرِئبالُ مِن غَضَبِه

حَتّى إِذا دَرَّتِ الدَرورُ لَهُ
وَرَغَّثَتهُ الرُواةُ في نَسَبِه

قَضى الإِمامُ المَهدِيُّ طَعنَتَهُ
عَن رَأسِ أُخرى كانَت عَلى أَرَبِه

فَالحَمدُ لِلّهِ لا أُساعِفُ بِال
لَهوِ وَلا أَنتَهي بِمُكتئِبهِ


بشار بن برد

الحمدان
07-27-2024, 05:57 PM
يا دارُ بَينَ الفَرعِ وَالجِنابِ
عَفا عَلَيها عُقَبُ الأَعقابِ

قَد ذَهَبَت وَالعَيشُ لِلذَهابِ
لَمّا عَرَفناها عَلى الخَرابِ

نادَيتُ هَل أَسمَعُ مِن جَوابِ
وَما بِدارِ الحَيِّ مِن كَرّابِ

إِلّا مَطايا المِرجَلِ الصَخّابِ
وَمَلعَبُ الأَحبابِ وَالأَحبابِ

في سامِرٍ صابٍ إِلى التَصابي
كانَت بِها سَلمى مَعَ الرَبابِ

فَاِنقَلَبَت وَالدَهرُ ذو اِنقِلابِ
ما أَقرَبَ العامِرَ مِن خَرابِ

وَقَد أَراهُنَّ عَلى المَثابِ
يَلهونَ في مُستَأسِدٍ عُجابِ

سَهلِ المَجاري طَيِّبِ التُرابِ
نَورٌ يُغَنّيهِ رُغا الذُبابِ

في ناضِرٍ جَعدِ الثَرى كُبابِ
يَلقى اِلتِهابَ الشَمسِ بِاِلتِهابِ

مِثلَ المُصَلّي الساجِدِ التَوّابِ
أَيّامَ يَبرُقنَ مِنَ القِبابِ

حورَ العُيونِ نُزَّهَ الأَحبابِ
مِثلَ الدُمى أَو كَمَها العَذابِ

فَهُنَّ أَترابٌ إِلى أَترابِ
يَمشينَ زوراً عَن مَدى الحِرابِ

في ظِلِّ عَيشٍ مُترَعِ الحِلابِ
فَاِبكِ الصِبا في طَلَلٍ يَبابِ

بَل عَدِّهِ لِلمَشهَدِ الجَوّابِ
وَصاحِبٍ يُدعى أَبا اللَبلابِ

قُلتُ لَهُ والنُصحُ لِلصِحابِ
لاتَخذُلِ الهاتِفَ تضحتَ الهابِ

وَاِنبِض إِذا حارَبتَ غَيرَ نابِ
يا عُقبَ يا ذا القُحَمِ الرِغابِ

وَالنائِلِ المَبسوطِ لَلمُنتابِ
في الشَرَفِ الموفِي عَلى السَحابِ

بَينَ رِواقِ المُلكِ وَالحِجابِ
مِثلَ الهُمامِ في ظِلالِ الغابِ

أَصبَحتَ مِن قَحطانَ في النِصابِ
وَفي النِصابِ السِرِّ وَاللُبابِ

مِن نَفَرٍ مُوَطَّاءِ الأَعقابِ
يُربى عَلى القَومِ بِفَضلِ الرابي

وَأَنتَ شَغّابٌ عَلى الشَغّابِ
لِلخُطَّةِ الفَقماءِ آبٍ آبِ

مِن ذي حُروبٍ ثاقِبِ الشِهابِ
إِذا غَدَت مُفتَرَّةً عَن نابِ

وَعَسكَرٍ مِثلِ الدُجى دَبّابِ
يَعصِفُ بِالشيبِ وَبِالشَبابِ

جُندٍ كَأُسدِ الغابَةِ الصِعابِ
صَبَّحتَهُ وَالشَمسُ في الجِلبابِ

بِغارَةٍ تَحتَ الشَفا أَسرابِ
بِالمَوتِ وَالحُرسِيَّةِ الغِضابِ

كَالجِنِّ ضَرّابينَ لِلرِقابِ
دَأبَ اِمرِئٍ لِلوَجَلى رَكّابِ

لا رَعِشِ القَلبِ وَلا هَيّابِ
جَوّابِ أَهوالٍ عَلى جَوّابِ

يُزجي لِواءً كَجَناحِ الطابِ
في جَحفَلٍ جَمٍّ كَعَرضِ اللابِ

حَتّى اِستَباحوا عَسكَرَ الكَذّابِ
بِالطَعنِ بَعدَ الطَعنِ وَالضِرابِ

ثُمَّتَ آبوا أَكرَمَ المَآبِ
نِعمَ لِزازُ المُترَفِ المُرتابِ

وَنِعمَ جارُ العُيَّلِ السِغابِ
يَهوونَ في المُحمَرَّةِ الغِلابِ

رَحبُ الفَناءِ مُمرِغُ الجِنابِ
يَلقاكَ ذو الغُصَّةِ لِلشَرابِ

بَلجَ المُحَيّا مُحصَدَ الأَسبابِ
يَجري عَلى العِلّاتِ غَيرَ كابِ

مُستَفزِعاً جَريَ ذَوي الأَحسابِ
ما أَحسَنَ الجودَ عَلى الأَربابِ

وَأَقبَحَ المَطلَ عَلى الوَهّابِ
أَبطَأتُ عَن أَصهارِيَ الحِبابِ

وَالشُهدُ مِنّا وَلقَةُ الغُرابِ
وَأَنا مِن عَبدَةَ في عَذابِ

قَد وَعَدَت وَالوَعدُ كَالكِتابِ
فَأَنتَ لِلأَدنَينَ وَالجِنابِ

كَالأُمِّ لا تَجفو عَلى العِتابِ
فَأَمضِها مِن بَحرِكَ العُبابِ

بِالنَجنَجِيّاتِ مَعَ الثِيابِ
فَداكَ كُلُّ مَلِقٍ خَيّابِ

داني المُنى ناءٍ عَنِ الطُلّابِ
إِنّي مِنَ الحَبسِ عَلى اِكتِئابِ

فَاِحسِم تَبَيّاً أَو تَنيلُ ما بي
وَلا يَكُن حَظّي اِنتِظارَ البابِ


بشار بن برد

الحمدان
07-27-2024, 05:57 PM
إِنَّ الطَبيبَ بِطِبِّهِ وَدَوائِهِ
لا يَستَطيعُ دِفاعَ مَقدورٍ أَتى

ما لِلطَبيبِ يَموتُ بِالداءِ الَّذي
قَد كانَ يُبري مِثلَهُ فيما مَضى

إِلّا لِأَنَّ الخَلقَ يَحكُمُ فيهُمُ
مَن لا يُرَدُّ وَلا يُجاوَزُ ما قَضى


بشار بن برد

الحمدان
07-27-2024, 05:57 PM
ذَهَبَ الدَهرُ بِسِمطٍ وَبَرا
وَجَرى دَمعِيَ سَحّاً في الرِدا

وَتَأَيَّيتُ لِيَومٍ لاحِقٍ
وَمَضى في المَوتِ إِخوانُ الصَفا

فَفُؤادي كَجَناحَي طائِرٍ
مِن غَدٍ لا بُدَّ مِن مُرِّ القَضا

وَمِنَ القَومِ إِذا ناسَمتُهُم
مَلِكٌ في الأَخذِ عَبدٌ في العَطا

يَسأَلُ الناسَ وَلا يُعطيهُمُ
هَمُّهُ هاتِ وَلَم يَشعُر بِها

وَأَخٍ ذي نيقَةٍ يَسأَلُني
عَن خَليطَيَّ وَلَيسا بِسَوا

قُلتُ خِنزيرٌ وَكَلبٌ حارِسٌ
ذاكَ كَالناسِ وَهَذا ذو نِدا

فَخُذِ الكَلبَ عَلى ما عِندَهُ
يُرعِبُ اللِصَّ وَيُقعي بِالفِنا

قَلَّ مَن طابَ لَهُ آباؤُهُ
وَعَلى أُمّاتِهِ حُسنُ الثَنا

اِدنُ مِنّي تَلقَني ذا مِرَّةٍ
ناصِحَ الجَيبِ كَريماً في الإِخا

ما أَراكَ الدَهرَ إِلّا شاخِصاً
دائِبَ الرِحلَةِ في غَيرِ غَنا

فَدَعِ الدُنيا وَعِش في ظِلِّها
طَلَبُ الدُنيا مِنَ الداءِ العَيا

رُبَّما جاءَ مُقيماً رِزقُهُ
وَسَعى ساعٍ وَأَخطا في الرَجا

وَفَناءُ المَرءِ مِن آفاتِهِ
قَلَّ مَن يَسلَمُ مِن عِيِّ الفَنا

وَأَرى الناسَ يَرَوني أَسَداً
فَيَقولونَ بِقَصدٍ وَهُدى

فَاِرضَ بِالقِسمَةِ مِن قَسّامِها
يُعدِمُ المَرءُ وَيَغدو ذا ثَرا

أَيُّها العاني لِيُكفى رِزقَهُ
هانَ ما يَكفيكَ مِن طولِ العَنا

تَرجِعُ النَفسُ إِذا وَقَّرتَها
وَدَواءُ الهَمِّ مِن خَمرٍ وَما

وَالدَعيُّ اِبنُ خُلَيقٍ عَجَبٌ
حُرِمَ المِسواكَ إِلّا مِن وَرا


بشار بن برد
العصر العباسي

الحمدان
07-27-2024, 09:47 PM
تَنافَسَ قَومٌ عَلى رُتبَةٍ
كَأَنَّ الزَمانَ يُديمُ الرُتَب

وَدُنياكَ غُرَّ بِها جاهِلٌ
فَتَبَّت عَلى كُلِّ حالٍ وَتَبّ

وَكَم مِن بَعيرٍ قَضى دَهرَهُ
بِشَدِّ البِطانِ وَعَضِّ القَتَب

وَآخَرَ في مَرتَعٍ هامِلٍ
تَظالَعَ مِن أَشَرٍ أَو عَتَب

وَلي عَمَلٌ كَجَناحِ الغُرابِ
أَو جِنحِ لَيلٍ إِذا مارَتَب

فَإِن كانَ يَكتُبُهُ كاتِبٌ
فَقَد سَوَّدَ الصُبحَ مِمّا كَتَب


ابو علاء المعري

الحمدان
07-27-2024, 09:48 PM
أَلَم تَرَ لِلدُنيا وَسوءِ صَنيعِها
وَلَيسَ سِوى وَجهِ المُهَيمِنِ ثابِتُ

تَخالَفَ بِرساها فَبِرسٌ بِهامَةٍ
أُقِرَّ وَبِرسٌ يُذهِبُ القُرَّ نابِتُ

مُصَلٍّ وَدَهرِيٌّ وَغاوٍ وَناسِكٌ
وَأَزهَرُ مَكبوتٌ وَأَسوَدُ كابِتُ

أَيَنَحَلُّ سَبتٌ يَعقِدُ الحَظَّ يَوُمهُ
فَيَنجَحَ ساعٍ أَم هُوَ الدَهرُ سابِتُ


ابو علاء المعري

الحمدان
07-27-2024, 09:48 PM
فَوَيحَهُم بِئسَ ما رَبّوا وَما حَضَنوا
فَهيَ الخَديعَةُ وَالأَضغانُ وَالحَسَدُ

وَكُلُّنا في مَساعيهِ أَبو لَهبٍ
وَعِرسُهُم لَم يَقَع في جَيدِها مَسَدُ

وَما الدَنيُّ ذِراعُ الخَودِ نُمرُقُه
مِثلَ السَنيِّ ذِراعَ الجِسرِ يَتَّسِدُ

وَالجِسمُ لِلرَوحِ مِثلُ الرَبعِ تَسكُنُهُ
وَما تُقيمُ إِذا ما خُرِّبَ الجَسَدُ

وَهَكَذا كانَ أَهلُ الأَرضِ مُذ فُطِروا
فَلا يَظُنُّ جَهولٌ أَنَّهُم فَسَدوا

ما أَنتَ وَالرَوضَ تَلقى مِن غَمائِمِهِ
فيهِ المَفارِشُ لِلثاوَينَ وَالوَسَدُ

كَأَنَّما شُبَّ في أَقطارِهِ قُطُرٌ
بِالغَيثِ أَن بالَ فيهِ الثَورُ وَالأَسَدُ

أَهلُ البَسيطَةِ في هَمٍّ حَياتُهُمُ
وَلا يُفارِقُ أَهلَ النَجدَةِ النَجَدُ


ابو علاء المعري

الحمدان
07-27-2024, 09:48 PM
أَمثالُنا كانَ جُملٌ قَبلَنا فَمَضوا
وَمِثلُ رُزءٍ وَجَدنا حِسَّهُ وَجَدوا

وَالمَجدُ لِلَّهِ لا خَلقٌ يُشارِكُهُ
وَآلُ حَوّاءَ ما طابوا وَلا مَجَدوا

أَمّا إِلى كُلِّ شَرٍّ عَنَّ فَاِنتَبَهوا
بَل لَم يَناموا وَلَكِن عَن تُقاً هَجَدوا

وَالناسُ يَطغَونَ في دُنياهُمُ أَشَراً
لَولا المَخافَةُ ما زَكّوا وَلا سَجِدوا

في كُلِّ أَمرِكَ تَقليدٌ رَضيتَ بِهِ
حَتّى مَقالُكَ رَبِّيَ واحِدٌ أَحَدُ


ابو علاء المعري

الحمدان
07-27-2024, 09:49 PM
وَما تَبَقّي سِهامَ المَرءِ كَثرَتُها
فَاِقضِ الحَياةَ وَأَنتَ الصارِمُ الفَردُ

وَالشَيبُ شابوا عَلى جَهلٍ وَمَنقِصَةٍ
وَالمُردُ في كُلِّ أَمرٍ باطِلٍ مَرَدوا

وَالعَيشُ كَالماءِ تَغشاهُ حَوائِمُنا
فَصادِرونَ وَقَومٌ إِثرَهُم وَرَدوا

وَمَدُّ وَقتِيَ مِثلُ القِصرِ غايَتُهُ
وَفي الهَلاكِ تَساوى الدُرُّ وَالبَرَدُ

يا رُبَّ أَفواهِ غيدٍ أُملِأَت شَنَباً
ثُمَّ اِستَحالَ فَفي أَوطانِهِ الدَرَدُ

يَغدوا عَلى دِرعِهِ الزَرّادُ يُحكِمُها
وَهَل يُنَجّيهِ مِمّا قُدِّرَالزَرَدُ

عَجِبتُ لِلمُدنِفِ المُشفي عَلى تَلَفٍ
وَمَن يُحَدِّثُ عَنهُ بِالرَدى خَلَدوا


ابو علاء المعري

الحمدان
07-27-2024, 09:49 PM
فَهَل بِلادٌ يُعَرّي المَوتُ ساكِنَها
فَيُبتَغى في الثُرَيّا ذَلِكَ البَلَدُ

يَشقى الوَليدُ وَيَشقى والِداهُ بِهِ
وَفازَ مَن لَم يُوَلِّه عَقلَهُ وَلَدُ

أَِذا تَلَبَّسَ بِالشُجعانِ جَنبَهُمُ
وَبِالكِرامِ أَسَرُّ الضَنِّ أَو صَلَدوا

عَظمٌ وَنَحضٌ تَبَنّى مِنهُما طَلَلٌ
كَأَنَّها الأَرضُ مِنها السَهلُ وَالجَلَدُ


ابو علاء المعري

الحمدان
07-27-2024, 09:49 PM
وَالشُحُّ غَريباً عِندَ أَنفُسِنا
بَلِ الغَريبُ وَإِن لَم يُرحَمِ الجودُ

بَقَيتُ حَتّى كَسا الخَدَّينِ جَونُهُما
ثُمَّ اِستَحالَ وَمَسَّ الجِسمَ تَخديدُ

ابو علاء المعري

الحمدان
07-27-2024, 09:49 PM
بَلَوتُ مِن هَذِهِ الدُنيا وَساكِنِها
عَجائِباً وَاِنتِهاءُ الثَوبِ تَقديدُ

رُدّي كَلامَكِ ما أَملَلتِ مُستَمِعاً
وَهَل يُمَلُّ مِنَ الأَنفاسِ تَرديدُ

هاجَت بُكايَ أَغانيُّ القِيانِ بِها
كَأَنَّها مِن ذَواتِ الثُكلِ تَعديدِ

وَالناسُ في الأَرضِ أَجناسٌ مُقَلَّدَةٌ
كَالهَديِّ قُلِّدَ لَم يَذعَرهُ تَهديدُ

قالوا فَلَمّا أَحالوا أَظهَروا لَدَداً
فَالقَولُ مَينٌ وَفي الأَصواتِ تَنديدُ

ضَلّوا عَنِ الرُشدِ مِنهُم جاحِدٌ جَحِدٌ
أَو مَن يَحُدُّ وَهَل لِلَّهِ تَحديدُ

لَفظٌ يُبَدَّدُ مِن شَرخٍ وَمُكتَهِلٍ
وَالمالُ يُجَمَعُ لَم يَدرُكُهُ تَبديدُ

رَمَوا فَأَشوَوا وَلَم يُثبِت قِياسُهُمُ
شَيئاً سِوى أَنَّ رَميَ المَوتِ تَسديدُ

ما سَيِّدٌ غَيرُ رِعديدٍ عَلِمتُ بِهِ
كَأَنَّما الحَتفُ إِن لاقاهُ رِعديدُ

وَالخَيرُ يَجلُبُ شَرّاً وَالذُبابُ دَعا
إِلى الجَنى إِنَّهُ في الطَعمِ قِنديدُ

وَخِلتُ أَنِيَ حَرفُ الوَقفِ سَكَّنَهُ
وَقتٌ وَأَدرَكَهُ في ذاكَ تَشديدُ

وَأَشرَفُ الناسِ في أَعلى مَراتِبِهِ
مِثلُ الصَديدِ وَلَكِن قيلَ صِنديدُ

ما كِبرُهُ وَثَقيلُ اللَحنِ يَمنَعُهُ
مِن سُرعَةِ الفَهمِ تَرسيلٌ وَتَمديدُ


ابو علاء المعري

الحمدان
07-27-2024, 09:50 PM
أَمّا الصَحابِ فَقَد مَرّوا وَما عادوا
وَبَينَنا بِلِقاءِ المَوتِ ميعادُ

سِرٌّ قَديمٌ وَأَمرٌ غَيرُ مُتَّضِحٍ
فَهَل عَلى كَشفِنا لِلحَقِّ إِسعادُ

سيرانِ ضِدّانِ مِن رَوحٍ وَمِن جَسَدٍ
هَذا هُبوطٌ وَهَذا فيهِ إِصعادُ

أَخذُ المَنايا سِوانا وَهِيَ تارِكَةٌ
قَبيلَنا عَظَّةٌ مِنها وَإِبعادُ

تَوَقَّعوا السَيلَ أَوفى عارِضٌ وَلَهُ
في العَينِ بَرقٌ وَفي الأَسماعِ إِرعادُ


ابو علاء المعري

الحمدان
07-27-2024, 09:50 PM
المُلكُ لِلَّهِ لا نَنفَكُّ في تَعَبٍ
حَتّى تَزايَلَ أَرواحٌ وَأَجسادُ

وَلا يُرى حَيوانٌ لا يَكونُ لَهُ
فَوقَ البَسيطَةِ أَعداءٌ وَحُسّادُ

وَما أُؤَمِّلُ عِندَ الدَهرِ مَصلَحَةً
وَإِنَّما هُوَ إِتلافٌ وَإِفسادُ

وَلا أُسَرُّ إِذا ما أُسرَتي خَمَلوا
وَهَل أَمِنتُ عَليهُمُ إِن هُمُ سادوا

وَالناسُ مِثلَ ضِراءِ الصَيدِ إِن غَفِلَت
عَن شَأنِها فَلَها بِالطَبعِ إِيسادُ

إِذا الأَصاغِرُ لاقَتها أَكابِرُها
فَتِلكَ في الشَرِّ أَشبالٌ وَآسادُ


ابو علاء المعري

الحمدان
07-27-2024, 09:50 PM
الناسُ لِلأَرضِ أَتباعٌ إِذا بَخِلَت
ضَنّوا وَإِن هِيَ جادَت مَرَّةً جادوا

تَماجَدَ القَومُ وَالأَلبابُ مُخبِرَةٌ
أَن لَيسَ في هَذِهِ الأَجيالِ أَمجادُ

وَالمُلكُ لِلَّهِ وَالدُنِّيا بِها غِيَرٌ
خَيرٌ وَشَرٌّ وَإِعدامٌ وَإِنجادُ

وَالناسُ شُتّى وَلَم يَجمَعُهُمُ غَرَضٌ
شَدٌّ وَحَلٌّ وَإِتِهامٌ وَإِنجادُ

يا لَيلُ ضِدّانِ قَومٌ في الدُجى سُهُرٌ
تَهَجَّدوكَ وَقَومٌ فيكَ هُجّادُ

أَنجُد أَخاكَ عَلى خَيرٍ يَهُمُّ بِهِ
فَالمُؤمِنونَ لَدى الخَيراتِ أَنجادُ


ابو علاء المعري

الحمدان
07-27-2024, 09:51 PM
يُحَرِّقُ نَفسَهُ الهِندِيُّ خَوفاً
وَيَقصُرُ دونَ ما صَنَعَ الجِهادُ

وَما فِعلَتُهُ عُبّادُ النَصارى
وَلا شَرعِيَّةٌ صَبَأوا وَهادوا

يُقَرِّبُ جَسمَهُ لِلنارِ عَمداً
وَذَلِكَ مِنهُ دينٌ وَاِجتِهادُ

وَمَوتُ المَرءِ نَومٌ طالَ جِدّاً
عَلَيهِ وَكُلُّ عيشَتِهِ سُهادُ

نُوَدَّعُ بِالصَلاةِ وَداعَ يَأسٍ
وَنُترَكُ في التُرابِ فَلا نُهادُ

أَهالُ مِنَ الثَرى وَالأَرضُ أُمٌّ
وَأُمُّكَ حِجرُها نِعَمَ المِهادُ

إِذا الرَوحُ اللَطيفَةُ زايَلَتني
فَلا هَطَلَت عَلى الرِمَمِ العِهادُ


ابو علاء المعري

الحمدان
07-27-2024, 09:51 PM
تَفَوَّهَ دَهرُكُم عَجَباً فَأُصغوا
إِلى ما ظَلَّ يُخبِرُ يا شُهودُ

إِذا اِفتَكَرَ الَّذينَ لَهُم عُقولٌ
رَأَوا نَبَأً يَحُقُّ لَهُ السُهودُ

غَدا أَهلُ الشَرائِعِ في اِختِلافٍ
تُقَضُّ بِهِ المَضاجِعُ وَالمُهودُ

فَقَد كَذَبَت عالى عيسى النَصارى
كَما كَذَبَت عَلى موسى اليَهودُ

وَلَم تَستَحدِثُ الأَيّامُ خُلُقاً
وَلا حالَت مِنَ الزَمَنِ العُهودُ


ابو علاء المعري

الحمدان
07-27-2024, 09:51 PM
إِذا بَلَغَ الوَليدُ لَدَيكَ عَشراً
فَلا يَدخُل عَلى الحُرَمِ الوَليدُ

فَإِن خالَفتَني وَأَضَعتَ نُصحي
فَأَنتَ وَإِن رُزِقتَ حِجاً بَليدُ

أَلا إِنَّ النِساءَ حِبالُ غَيٍّ
بِهِنَّ يُضَيَّعُ الشَرَفُ التَليدُ


ابو علاء المعري

الحمدان
07-27-2024, 09:52 PM
تَعالى اللَهُ ما تَلقى المَطايا
مِنَ الإِنسانِ وَالدُنيا تَصيدُ

إِذا سَلِمَت فَنَصٌّ في المَوامي
فَواصَدَ ما بِهِ فَنِيَ القَصيدُ

وَما يَنفَكُّ في السَنَواتِ مِنها
حَليبٌ أَو نَحيرٌ أَو فَصيدُ

أَتُجزى الخَيرَ صَيدٌ مِن رِكابٍ
كَما تُجزى مِنَ الأَملاكِ صيدُ

أَم الإِلغاءُ يَشمَلُها فَتُضحي
كَأَنَّ سَوامَها زَرعٌ حَصيدُ

وَكَيفَ وَرَبُّها في الحُكمِ عَدلٌ
وَدُنياها لِخالِقِها وَصيدُ


ابو علاء المعري

الحمدان
07-27-2024, 09:52 PM
لا كانَتِ الدُنيا فَلَيسَ يَسُرُّني
أَنّي خَليفَتُها وَلا مَحمودُها

وَجَهِلتُ أَمري غَيرَ أَنّي سالِكٌ
طُرقاً وَخَتها عادُها وَثَمودُها

زَعَموا بِأَنَّ الهَضبَ سَوفَ يُذيبُه
قَدَرٌ وَيَحدُثُ لِلبِحارِ جُمودُها

وَتَشاجَروا في قُبَّةِ الفَلَكِ الَّتي
مازالَ يَعظُمُ في النُفوسِ عَمودَها

فَيَقولُ ناسٌ سَوفَ يُدرِكُها الرَدى
وَيَمينُ قَومٌ لا يَجوزُ هُمودُها

أَتُدالُ يَوماً فِضَّةٌ مِن فِضَّةٍ
فَيَصيرُ مِثلَ سَبيكَةٍ جُلمودُها

إِن فَرَّقَت شُهُبَ الثَرَيّا نَكبَةٌ
فَلِجُذوَةِ المِرّيخِ حُقَّ خُمودُها

وَإِذا سُيوفِ الهِندِ أَدرَكَها البِلى
فَمِنَ العَجائِبِ أَن تَدومَ غُمودُها


ابو علاء المعري

الحمدان
07-27-2024, 09:52 PM
أَنا صائِمٌ طولَ الحَياةِ وَإِنَّما
فِطري الحِمامُ وَيَومَ ذاكَ أُعَيِّدُ

لَونانِ مِن لَيلٍ وَصُبحٍ لَوَّنا
شَعري وَأَضعَفَني الزَمانُ الأَيِّدُ

وَالناسِ كَالأَشعارِ يَنطِقُ دَهرُهُم
بِهُم فَمُطلِقُ مَعشَرٍ وَمِقَيِّدُ

قالوا فُلانٌ جَيِّدٌ لِصَديقِهِ
لا يَكذِبوا مافي البَريَّةِ جَيِّدُ

فَأَميرُهُم نالَ الإِمارَةَ بِالخَنى
وَتَقيُّهُم بِصَلاتِهِ مُتَصَيِّدُ

كُن مَن تَشاءُ مُهَجَّناً أَو خالِصاً
وَإِذا رُزِقتَ غِناً فَأَنتَ السَيِّدُ

وَاِصمُت فَما كُثِرَ الكَلامُ مِن اِمرِئٍ
إِلّا وَظُنَّ بِأَنَّهُ مُتَزَيِّدُ


ابو علاء المعري

الحمدان
07-27-2024, 09:52 PM
اللَهُ أَكبَرُ ما اِشتَرَيتُ بِضاعَةً
إِلّا وَأَدرَكَ سوقَها الإِكسادُ

بدَنٌ بِلا بَدَنٍ يَعيشُ وَكَم طَوى
جَسَدٌ سَنيهِ وَما عَلَيهِ جِسادُ

أَضحَت تَظُنُّ بِكَ الدِيانَةَ وَالغِنى
وَالعِلمَ فَاِهتاجَت لَكَ الحُسّادُ

وَلَقَد صَفِرتَ مِنَ الثَلاثِ كَأَنَّما
أَدَمٌ حَواكَ مِنَ الخُلوِّ مَسادُ

شَغيلَ السَعادَةَ عَنكَ أَهلُ مَمالِكٍ
رُزِقوا الَّذي حُرِمَ الكِرامُ وَسادوا

رَقَدوا وَلَم تَرقُد وَنالوا ما اِبتَغوا
وَعَجِزتَ عَنهُ وَلِلكَيانِ فَسادُ

وَمِنَ المَعاشِرِ مَن يَظَلُّ كَأَنَّهُ
ضَمِنُ الفُؤادَ يَسادُ حينَ يَسادُ

خَمِدَت خَواطِرُ مِنهُمُ وَتَكاثَفَت
أَرواحُهُم فَكَأَنَّها أَجسادُ

مُهِّدَت لَهُم فُرشٌ وَباتَ لَدَيهُمُ
وُسُدٌ وَبِتَّ وَما لَدَيكَ وِسادُ

مَن يُؤتَ حَظّاً يَبتَهِج وَيَكُن لَهُ
عِزٌّ فَتَرهَبَ ضَأنَه الآسادُ

وَلَو اِدَّعى ظَبيُّ الفَلاةِ وَلائَهُ
لَعَداهُ مِن قُنّاصِهِ الإيسادُ


ابو علاء المعري

الحمدان
07-27-2024, 09:53 PM
صاحِ ما تَضحَكُ البُروقُ شَماتاً
بِحِمامٍ وَلا تُبَكّي الرُعودُ

يا مَحَلّي عَلَيكَ مِنّي سَلامٌ
سَوفَ أَمضي وَيُنجِزُ المَوعودُ

لَيتَ شَعري عَمَّن يَحُلُّكَ بَعدي
أَقيامٌ لِصالِحٍ أَم قَعودُ

أَيُرَجَّونَ أَن أَعودَ إِلَيهِم
لا تُرَجّوا فَإِنَّني لا أَعودُ

وَلِجِسمي إِلى التُرابِ هُبوطٌ
وَلِرَوحي إِلى الهَواءِ صُعودُ

وَعَلى حالِها تَدومُ اللَيالي
فَنَحوسٌ لِمَعشَرٍ أَو سَعودُ


ابو علاء المعري

الحمدان
07-27-2024, 09:53 PM
سَلوا مَعشَرَ المَوتى الَّذي جاءَ وافِداً
إِلَيكُم يَخبَر فَهوَ أَقرَبُكُم عَهدا

يُحَدِّثُكُم أَنَّ البِلادَ مُقيمَةٌ
عَلى ما عَهِدتُم ذَلِكَ الهَضبَ وَالوَهدا

وَلَم تَفتاءِ الدُنِّيا تَغُرُّ خَليلِها
وَتُبَدِّلُهُ مِن غَمضِ أَجفانِها سَهَدا

تُريهُ الدُجى في هَيئَةِ النورِ خِدعَةً
وَتُطعِمُهُ صاباً فَيَحسِبُهُ شَهَدا

وَقَد حَمَلَتهُ فَوقَ نَعشٍ وَطالَما
سَرى فَوقَ عَنسٍ أَو عَلا فَرَساً نَهِدا

وَلَم تَتَّرِك مِن حيلَةٍ لِتَغُرُّهُ
وَلم يُبقِ في إِخلاصِهِ حُبُّها جُهدا


ابو علاء المعري

الحمدان
07-27-2024, 09:53 PM
أَلا تَرحَمُ الأَشياخَ لَمّا تَأَوَّدوا
يَقولونَ قَد كُنّا الغَرانِقَةَ المُردا

تَرَدّوا بِخُضرٍ مِن حَديدٍ وَأَقبَلوا
عَلى الخَيلِ تَردي وَهيَ مِن فَوقِها تَردى

وَجاؤوا بِها سَومَ الجَرادِ مُغيرَةً
يَقودونَ لِلمَوتِ المُطَهَّمَةَ الجُردا

تَرى الهِمَّ لا شَيءٌ سِوى الأَكلَ هَمَّهُ
لَهُ جَسَدٌ ما اِسطاعَ حَرّاً وَلا بَردا

يُقِلُّ العَصا مُستَثقِلَ الطِمرِ بَعدَما
عَلا فَرَساً وَاِجتابَ ماذيَّةً سَردا

وَلا تَترُكُ الأَيّامُ مَرداً لِظَبيَّةٍ
مِنَ الأُدمِ تَختارُ الكِباثَ وَلا المَرادا

وَلَم يُلفِ مِنها فارِدُ القُمرِ مَخلَصاً
وَقَد بَلَغَت أَحداثُها القَمَرا الفَردا

وَجَدنا دُرَيداً مِن هَوازِنَ لَم يَجِد
صُروفَ اللَيالي حِنَ تَأكُلُهُ دُردا

رَعَت قَبلُ نِبتاً جَدَّ عَدنانَ وَاِعتَرَت
إِياداً فَأَبلَت مِن قَبائِلِها بُردا

يُخَوَّفُ بِالذِئبِ المُسِنُّ وَقَد مَضى
لَهُ زَمَنٌ لا يَرهَبُ الأَسَدَ الوَردا

نَزَلنا بِدارٍ كَالضُيوفِ وَلَم نُرِد
بَراحاً لَها حَتّى أَجَدَّت لَنا طَردا


ابو علاء المعري

الحمدان
07-27-2024, 09:54 PM
أَرى حَيوانَ الأَرضِ غَيرَ أَنيسِها
إِذا اِقتاتَ لَم يَفرَح بِظُلمٍ وَلا جَدا

أَتَعلَمُ أُسدُ الغيلِ بَعدَ اِفتِراسِها
تُحاوِلُ دُرّاً أَو تُحاوِلُ عَسجَدا

وَما اِتَّخَذَ الأَبرادَ سِرحانُ قَفرَةٍ
وَلا شَبَّ ناراً أَينَ غارَ وَأَنجَدا

وَأَضعَفُ مَن تَلقاهُ مِن آلِ آدَمٍ
إِذا ما شَتا يَبغي وَقوداً وَبُرجُدا

وَأُنصِفُهُم ما هابَتِ الوَحشُ سُبَّةً
وَلا وَقَعَت مِن خَشيَةِ اللَهِ سُجَّدا


ابو علاء المعري

الحمدان
07-27-2024, 09:54 PM
الخَيرُ كَالعَرفَجِ المَمطورِ ضَرَّمَهُ
راعٍ يَإِطُّ وَلَمّا أَن ذَكا خَمَدا

وَالشَرُّ كَالنارِ شُبَّت لَيلَها بِغَضاً
يَأتي عَلى جَمرِها دَهرٌ وَما هَمَدا

أَما تَرى شَجَرَ الإِثمارِ مُتعَبَةً
لَم تُجنِ حَتّى أَذاقَت غارِساً كَمَدا

وَالشاكُ في كُلِّ أَرضٍ حانَ مَنبِتُهُ
بِالطَبعِ لا الغَمَرَ يَستَسقي وَلا الثَمَدا

لا تَشكُرَنَّ الَّذي يُوَلّيكَ عارِفَةً
حَتّى يَكونَ لِما أَولاكَ مُعتَمِدا

وَلا تُشَيمَن حُساماً كَي تَريقَ دَماً
كَفاكَ سَيفٌ لِهَذا الدَهرِ ما غُمِدا

وَشاعَ في الناسِ قَولٌ لَستُ أَعهَدُهُ
وَذاكَ أَنَّ رِجالاً ذامَتِ الصَمِدا

أَيُحمَدُ المَرءُ لَم يَهمُم بِمَكرُمَةٍ
يَوماً وَيُترَكُ مَولى العُرفِ ما حُمِدا


ابو علاء المعري

الحمدان
07-27-2024, 09:54 PM
قَد سائَها العُقمُ لا ضَمَّت وَلا وَلَدَت
وَذاكَ خَيرٌ لَها لَو أُعطِيَت رَشَدا

ما يَأخُذُ المَوتُ مِن نَفسٍ لِمُنفَرِدٍ
شَيئاً سِواها إِذا ما اِغتالَ وَاِحتَشَدا

وَمُنشِدُ الخَيرِ لا تُصغي لَهُ أُذُنٌ
قَد ضَلَّ مُذ كانَتِ الدُنِّيا فَما نُشِدا


ابو علاء المعري

الحمدان
07-27-2024, 09:55 PM
مَن عاشَ تِسعينَ حَولاً فَهوَ مُغتَرِبٌ
قَد زايَلَ الأَهلَ إِلّا مَعشَراً جُدُدا

وَشاهَدَ الناسَ مِن كَهلٍ وَمُقتَبِلٍ
وَدالِفِ الخَطوِ لا يُحصي لَهُم عَدَدا


ابو علاء المعري

الحمدان
07-27-2024, 09:55 PM
الصَدرُ بَيتٌ إِذا ما السِرُّ زايَلَهُ
فما يَكُنُّ بِبَيتٍ بَعدَهُ أَبَدا

فَاِحفَظ ضَميرَكَ عَن خِلٍّ تُجانِسُهُ
فَكَم خَفِيٍّ شَفاهُ ماكِرٌ فَبَدا

وَلِلحَقودِ عَلاماتٌ يَبِنُّ بِها
كَما رَأَيتَ بِشَدقِ الهادِرِ الزَبَدا

يَستَحسِنُ المَرءُ دُنياهُ فَتُقلَتُه
وَالعَينُ تَستَحسِنُ الهِندِيَّ وَالرُبَدا

فَاِزجُر هَواكَ وَحاذِر أَن تُطاوِعَهُ
فَإِنَّهُ لَغَويٌّ طالَما عُبِدا


ابو علاء المعري

الحمدان
07-27-2024, 09:55 PM
قَضاءُ اللَهِ يَبتَعِثُ المَنايا
فَيُهلِكنَ الأَساوِدَ وَالأُسودا

فَعيشا مُفضِلَينِ أَوِ اِستَميحا
وَسودا مَعشَراً أَو لا تَسودا

فَما بَهَجَ الصَديقَ الدَهرُ إِلّا
وَكَرَّ فَسَرَّ ذا الضَغنِ الحَسودا

يُسَيِّرُ بيضَهُ وَالسَودَ حَتّى
يُبيدَ بِرَغمِها بيضاً وَسودا


ابو علاء المعري

الحمدان
07-27-2024, 09:56 PM
يا صاعِ لَستُ أُريدُ صاعَ مَكيلَةٍ
فَأَضيفَهُ لَكِن أَرَخَّمُ صاعِدا

لا تَدنُوَنَّ مِنَ الشُرورِ وَأَهلِها
فَتَكونَ مِن أَهلِ العُلى مُتَباعِدا

فَالمَرءُ يَقعُدُ بِالمَكارِمِ قائِماً
وَيَقومُ في طَلَبِ المَعالي قاعِدا

خَيرُ المَواهِبِ ما أَتاكَ مُيَسَّراً
غَيرَ المُرازِحِ بِالمِطالِ مَواعِدا

وَالغَيثُ أَهنَأُ ما تَراهُ عَطيَّةً
ما لَم يَحُثُّ بَوارِقاً وَرَواعِدا

خَمسٌ بِراحَتِها تُعانُ وَراحَةٌ
بِأَشاجِعٍ تَدعو لِأَيدٍ ساعِدا

عَونٌ لَهُ عَونٌ إِلى أَن يَبلُغَ الخَ
لّاقَ جَلَّ مُظاهِراً وَمُساعِدا


ابو علاء المعري

الحمدان
07-27-2024, 09:56 PM
يَستَأسِدُ النَبتُ الغضيضُ فَلا تَلُم
رَجُلاً مَتى أَبصَرتَهُ مُستَأسِدا

وَإِذا حُسِدتَ فَإِنَّ شُكرَ فَضيلَةٍ
أَن لا تُؤاخِذَ في الإِساءَةِ حاسِدا

وَمِنَ الرَزيَّةِ رَن تَبيتَ مُكَلَّفاً
إِصلاحَ مَن صَحِبَ الغَريزَةَ فاسِدا

وَالدَينُ مَتجَرُ مَيِّتٍ فَلِذالِكَ لا
تُلفيهِ في الأَحياءِ إِلّا كاسِدا


ابو علاء المعري

الحمدان
07-27-2024, 09:57 PM
كَأنَّما العالَمُ ضَأنٌ غَدَت
لِلرَعيِ وَالمَوتُ أَبو جَعدَه

فَهادِجٌ حامِلُ عُكّازَةٍ
وَفارِسٌ مُعتَقِلٌ صُعدَه

وَآخَرٌ يُدرِكُ مَن قَبلُهُ
وَيَترُكُ الدُنِّيا لِمَن بَعدَه

عَيشٌ كَما تَعهَدُ لا مُخلِفٌ
وَعيدَهُ بَل مُخلِفٌ وَعدَه

هَل يَأمَنُ البِرجيسُ في عِزِّهِ
مِن قَدَرٍ يُعدِمُهُ سَعدَه

كَأَنَّما النَجمُ لِخَوفِ الرَدى
تَأخُذُهُ مِن فَرَقٍ رِعدَه

كَم لِاِبنٍ في الأَرضِ لَم يُدَكَّر
لُبَناهُ مُذ بانَ وَلا دَعدَه

أُحاذِرُ السَيلَ وَمَن لي بِمُن
جاةٍ إِذا أَسمَعَني رَعدَه

وَالوَقتُ لا يَفتَأُ في مَرِّهِ
مُقَرِّباً مِن أَجَلٍ بُعدَه

فَراقِبِ الخالِقَ بِالغَيبِ في
النِيامَةِ وَالقِيامَةِ وَالقَعدَه


ابو علاء المعري

الحمدان
07-27-2024, 09:57 PM
لَقَد غادَرَ العَيشُ هَذا السَوادَ
يُعاني مِنَ الدَهرِ بيضاً وَسودا

وَتَنعَكِسُ الحالُ حَتّى تَرى
ظِباءَ الأَراكِ يُخِفنَ الأُسودا

يُنَفَّقُ فِكري عَلَيَّ التُقى
وَيَأبى لَهُ الطَبعُ إِلّا كَسودا

يَسودُ الفَتى كارِهاً قَومَهُ
وَيَأمُرُهُ اللُبُّ أَن لا يَسودا

فَإِنَّ خُمولَكَ دِرعٌ عَلَيكَ
وُقيتَ بِها عائِباً أَو حَسودا


ابو علاء المعري

الحمدان
07-27-2024, 09:57 PM
حَوائِجُ نَفسي كَالغَواني قَصائِرٌ
وَحاجاتُ غَيري كَالنِساءِ الرَدائِد

إِذا أَغضَبَ الخَيلَ الشَكيمُ فَما لَها
عَلَيهِ اِقتِدارٌ غَيرَ أَزمِ الحَدائِدِ

وَما يَسبَحُ الإِنسانُ في لُجِّ غَمرَةٍ
مِنَ العِزِّ إِلّا بَعدَ خَوضِ الشَدائِدِ

وَما كَفَّ عَقلي أَن يُؤَمِّلَ بائِداً
مِنَ الأَمرِ إِنّي بائِدٌ وَاِبنُ بائِدِ

أَحيدُ فَتُشويني السِهامِ وَلَو رَمَت
قِسيُّ حِمامي لَم تَجِدُني بِحائِدِ

لَعَمرُكَ ما شامَ الغَمائِمَ شائِمي
وَلا طَلَبَ الرَوضَ السَحابيَّ رائِدِ

تُذادُ عَنِ الحَوضِ الغَرائِبُ ضِنَّةً
وَحَوضُ الرَدى ما دونَهُ كَفُّ ذائِدِ

وَكَيفَ أُرَجّي مِن زَمانٍ زِيادَةً
وَقَد حَذَفَ الأَصليَّ حَذفَ الزَوائِدِ

أَواكَ ضَنٍ فَاِهرَب مِنَ الأُنسِ طالَما
تَتَبَرَّمَ مُضَناً مِن حَديثِ العَوائِدِ

وَقَد يُخلَفُ الظَنَّ المُعيدُ إِصابَةً
كَما أَعوَنَ الدَجّالُ في آلِ صائِدِ

وَما أَعجَبَتني لِاِبنِ آدَمَ شيمَةٌ
عَلى كُلِّ حالٍ مِن مَسودٍ وَسائِدِ

وَتُسَليكَ عَن نَيلِ الفَوائِدِ ساعَةٌ
ثَنَت وَصفَ حَيٍّ بَعدَها كاسِمِ فائِدِ

وَما يَبلُغُ الأَحياءُ عَزّاً بِكَثرَةٍ
وَهَل لِحَصى المَعزاءِ قَدرُ الفَرائِدِ

لَهُ العَدَدُ الوافي وَلَكِن دَنَت لَهُ
فَما أَخَذَتهُ ناظِماتُ القَلائِدِ

تُقَسَّمُ أَطواقُ المَنايا وَلَم تَزَل
تَبُتُّ سُلوكاً مِن عُقودِ الخَرائِدِ

وَخالَفَ ناسٌ في السَجايا لِيُشهِروا
كَما جُعِلَ التَصريعُ خَتمَ القَصائِدِ


ابو علاء المعري

الحمدان
07-27-2024, 09:57 PM
لَقَد رَكَزوا الأَرماحَ غَيرَ حَميدَةٍ
فَبُعداً لِخَيلٍ في الوَغى لَم تُطارِدِ

تَداعَوا فَقالوا ناسِكٌ وَاِبنُ ناسِكٍ
وَما هُوَ إِلّا مارِدٌ وَاِبنُ مارِدِ

وَمازالَ عَرّافُ الكَواكِبِ ذاكِراً
إِماماً كَنَجمٍ في الدُجُنَّةِ فارِدِ

وَما يَجمَعُ الأَشتاتَ إِلّا مُهَذَّبٌ
مِنَ القَومِ يُحمى بارِداً فَوقَ بارِدِ

إِذا نالَ ما يَرجوهُ مِن زُحَلَ الَّذي
بَدا شُرَّهُ لَم يَبغِهِ مِن عُطارِدِ

وَإِن يَكُ في الدُنِّيا سَعودٌ فَإِنَّما
تَكونُ قَليلاً كَالشَذوذِ الشَوارِدِ

أَرى كَدراً عَمَّ المَوارِدَ كُلَّها
فَمُت أَو تَجَرَّع مِن خَبيثِ المَوارِدِ


ابو علاء المعري

الحمدان
07-27-2024, 09:58 PM
أَعَن واقِدٍ خَبَّرَتني وَاِبنُ جَمرَةٍ
وَآلِ شَهابِ خامِدٌ كُلُّ واقِدِ

وَما الناسُ إِلّا خائِفو اللَهَ وَحدَهُ
إِذا وَقَعَ التُمِيُّ في كَفِّ ناقِدِ

رَقَوا وَرَقَدنا فَاِعتَلوا هُوَيَّنا
وَتِلكَ المَراقي غَيرُ هَذي المَراقِدِ

فِراقُ دُرٍّ أَعطاكَ غَيرَ مُقَصِّرِ
نِظامَ الثُرَيّا أَو فَريدَ الفَراقِدِ

إِذا خَلَجَتني مِن حَياةٍ مَنيَّةٌ
فَلَستُ عَلى الباغي العَدُوِّ بِحاقِدِ

وَأَفرَقُ مِن يَومٍ تُصَمُّ غَواتُهُ
فَتَعولُ إِعوالَ النِساءِ الفَواقِدِ


ابو علاء المعري

الحمدان
07-27-2024, 09:58 PM
إِذا ما رَأَيتُم عُصبَةً هَجَرِيَّةً
فَمِن رَأيِها لِلناسِ هَجرُ المَساجِدِ

وَلِلدَهرِ سُرٌّ مُرقِدٌ كُلَّ ساهِرٍ
عَلى غِرَّةٍ أَو موقِظٌ كُلَّ هاجِدِ

يَقولونَ تَّأثيرُ القِرانِ مُغَيَّرٌ
مِنَ الدَينِ آثارَ السُراةَ الأَماجِدِ

مَتّى يَنزِلِ الأَمرُ السَماويُّ لا يُفِد
سِوى شَبَحٍ رُمحُ الكَميّ المَناجِدِ

وَإِن لَحِقَ الإِسلامَ خَطبٌ يُغَضُّهُ
فَما وَجَدَت مَثَلاً لَهُ نَفسُ واجِدِ

إِذا عَظَّموا كَيوانَ عَظَّمتُ واحِداً
يَكونُ لَهُ كَيوانُ أَوَّلَ ساجِدِ


ابو علاء المعري

الحمدان
07-27-2024, 09:58 PM
خُطوبٌ تَأَلَّت لا يَزالُ مُعَذَّباً
أَخوها وَحَلَّت كُلَّ كَفٍّ وَساعِدِ

وَما فَوقَ هَذي الأَرضِ إِلّا مُؤَهَّلٌ
لِهَمٍّ فَقارِب في الظُنونِ وَباعِدِ

إِذا جَلَّ خَطبٌ ساعَدَ المَرءَ ضِدَّهُ
وَلا خَيرَ في الإِخوانِ إِن لَم تُساعِدِ

وَقَد يَهجُرُ الحَتفُ القِيامَ إِلى الوَغى
وَيَطرُقُ أَبياتَ النِساءِ القَواعِدِ

فَإِن رُمتَ جوداً فَلِيَجِئ مِنكَ مُطلَقاً
وَأَكرِمهُ عَن تَقيُّدِهِ بِالمَواعِدِ

فَأَهنَأُ غَيمٍ جادَ في الأَرضِ نائِلاً
غَمامٌ سَقاها في صَموتِ الرَواعِدِ

وَإِنَّ المَنايا لا يَغِبُّ نُزولُها
فَتَخفِضَ أَربابَ الجُدودِ الصَواعِدِ


ابو علاء المعري

الحمدان
07-27-2024, 09:58 PM
يَكونُ الَّذي سَمّى مِنَ القَومِ خالِداً
كَذوباً لِأَنَّ المَرءَ لَيسَ بِخالِدِ

يُجالِدُ مَحرومٌ عَلى الأَمرِ فاتَهُ
وَأَحرَزَهُ بِالحَظِّ مَن لَم يُجالِدِ

أَرى كُلَّ مَولودٍ يُناسِبُ والِداً
وَما كُلَّ مَولودِ الأَنامِ بِوالِدِ

وَيَجري قَضاءٌ ما لَكُم عَنهُ حاجِزٌ
فَأَلقوا إِلى مَولاكُمُ بِالمَقالِدِ


ابو علاء المعري

الحمدان
07-27-2024, 09:59 PM
لَقَد ماتَ جَنِيُّ الصِبا مُنذُ بُرهَةٍ
وَتَأبى عِفارِيَ القَلبِ غَيرَ مَرودِ

أَمَرَّت وَأَمرَت أُمُّ دَفرٍ وَإِن حَلَت
فَكَم حَلَأَت قَوماً غَداةَ وَرودِ

شرِبتُ بُروداً لَم يَدَع نارَ غُلَّةٍ
وَعَن مَنكِبي أَلقَيتُ خَيرَ بُرودِ

فَإِنَ قتَيرَ الشَيبِ لَم يَحمِ جانِباً
فَكانَ بِعَكسٍ مِن قَتيرٍ سَرودِ

أَقيمي فَإِنّي لا رَقيمِيَ مُعجِبي
وَرودي فَإِنّي لا أَهَشُّ لِرُوَدِ

أَعَزُّ بَني الدُنِّيا بِغَيرِ مَذَلَّةٍ
مُبينُ وَجاً مِنها فَقيدُ شُرودِ

بِعَقّاقَةٍ أَهلَ العَقيقِ وَمَنعَجٍ
وَزَرادَةٍ بِالحَتفِ أَهلَ زَرودِ

فُرودُ السَواري وَالتَوائِمُ في الدُجى
تُقِرُّ لِرَبٍّ صاغَها بِفُرودِ


ابو علاء المعري

الحمدان
07-27-2024, 09:59 PM
إِذا المَرءُ لَم يَغلِب مِنَ الغَيظِ سَورَةً
فَلَيسَ وَإِن فَضَّ الصَفا بِشَديدِ

وَمَن جَمَعَ الضَرّاتِ يَطلُبُ لَذَّةً
فَقَد باتَ في الإِضرارِ غَيرَ سَديدِ

وَإِن يَلتَمِس أُخرى جَديداً لِحاجَةٍ
فَلا يَأمَنَن مِنها اِبتِغاءَ جَديدِ


ابو علاء المعري

الحمدان
07-27-2024, 09:59 PM
ما زالَتِ الروحُ قَبلَ اليَومِ في دَعَةٍ
حَتّى اِستَقَرَّت بِحُكمِ اللَهِ في الجَسَدِ

فَالآنَ تِلكَ وَهَذا مِن قَذىً وَأَذىً
لا يُخلِيانِكَ بَلهَ الغِلِّ وَالحَسَدِ

قالَ الدَنيُّ لِمالٍ كانَ سادَ بِهِ
لَأَكرِمَنَّكَ لَولا أَنتَ لَم أَسُدِ


ابو علاء المعري

الحمدان
07-27-2024, 10:00 PM
لا بُدَّ لِلروحِ أَن تَنأى عَنِ الجَسَدِ
فَلا تُخَيِّم عَلى الأَضغانِ وَالحَسَدِ

وَاِجعَل لِعَزمَتِكَ الظَلماءَ ناجِيَةً
نُجومُها كَعُلوبِ النِسعِ وَالمَسَدِ

فَهَل تُحاذِر مِن طَعنِ السِماكِ رَداً
أَم بِالهِلالِ تُوَقّى مَخلِبَ الأَسَدِ

مَن لا يُسئِد وَيَسنِد في حَنادِسِهِ
وَيُسدِ خَيراً إِلى العافينَ لا يَسُدِ

حَملُ المَدَجَّجِ تَركاً فَوقَ هامَتِهِ
أَشَفُّ لِلرَأسِ مِن وَضعٍ عَلى الوُسُدِ

وَضَربَةُ القِرنِ في الهَيجاءِ مُنتَصِراً
أَولى بِهِ مِن خِصامِ الجيرَةِ الفُسُدِ

وَمُغرَمٌ بِالمَخازي طّالِبٌ صَلَةً
مُغَرّى بِتَنفيقِ أَشعارٍ لَهُ كُسُدِ


ابو علاء المعري

الحمدان
07-27-2024, 10:00 PM
إِن كانَ قَلبُكَ فيهِ خَوفُ بارِئِهِ
فَلا تُجاوِز حِذارَ اللَهِ بِالحَسَدِ

هُما نَقيضانِ لا يَستَجمِعانِ بِهِ
وَالظَبيُ غَيرُ مُقيمٌ في ذَرا الأَسَدِ

وَالرَوحُ في حُبِّ دُنياها مُعَذَّبَةٌ
حَتّى يُقالُ لَها بِيني عَنِ الجَسَدِ

ما لا تُطيقُ هَلاكٌ حينَ تَحمِلُهُ
وَالدَرُّ يَهلِكُ دونَ النَظمِ في المَسَدِ


ابو علاء المعري

الحمدان
07-27-2024, 10:00 PM
نِعمَ الوِسادُ يَميني ما بَقيتُ لَها
وَإِن أُغَيَّب أُوَسِّدها فَأَتَّسِدِ

التُربُ جَدّي وَساعاتي رَكائِبُ لي
وَالعَيشُ سَيري وَمَوتي راحَةُ الجَسَدِ

العَينُ مِن أَرَقٍ وَالشَخصُ مِن قَلَقٍ
وَالقَلبُ مِن أَمَلٍ وَالنَفسُ مِن حَسَدِ

إِنبَه وَسُد فَهُما هَمٌّ تُكابِدُهُ
وَاِخمُل إِذا شِئتَ أَن تَحظى وَلا تَسدِ

وَاِجبُن أَو اِشجَع فَطُرُقُ المَوتِ واحِدَةٌ
وَالظَبيُّ فيهِنَّ مِثلُ السَيِّدِ وَالأَسَدِ

وَذاتُ عِقدٍ تُلاقي مِن أَذاً وَقَذاً
كَما تُلاقيهِ ذاتُ الحَطبِ وَالمَسَدِ


ابو علاء المعري

الحمدان
07-27-2024, 10:00 PM
قَد أَهبِطُ الرَودَةَ الزَهراءَ عارِيَةً
سَدّى لَها الغَيثُ نسجاً فَالنَباتُ سَدِ

تُمسي لشَقائِقُ فيها وَهيَ قانِيَةٌ
مِمّا سَقاها رُعافُ الجَديِ وَالأَسَدِ

يَغنى بَنو المُلكِ إِن حَلّوا بِساحَتِها
عَن الزَرابيّ وَالأَنماطِ وَالوَسُدِ

لا حِسٌّ لِلجِسمِ بَعدَ الرَوحِ نَعلَمُهُ
فَهَل تَحِسُّ إِذا بانَت عَنِ الجَسَدِ

وَالطَبعُ يَهوي إِلى ما شانَ يَطلُبُهُ
لَكِن يُجَرُّ إِلى ما زانَ بِالمَسَدِ

وَفي الغَرائِزِ أَخلاقٌ مُذَمَّمَةٌ
فَهَل نُلامُ عَلى النَكراءِ وَالحَسَدِ

أَهَكَذا كانَ أَهلُ الأَرضِ قَبلَكُمُ
أَم غَيَّروا بِسَجايا مِنهُمُ فُسُدِ


ابو علاء المعري

الحمدان
07-27-2024, 10:01 PM
ما الخَيرُ صَومٌ يَذوبُ الصائِمونَ لَهُ
وَلا صَلاةٌ وَلا صوفٌ عَلى الجَسَدِ

إِنّما هُوَ تَركُ الشَرِّ مُطَّرِحاً
وَنفضُكَ الصَدرَ مِن غِلٍّ وَمِن حَسَدِ

ما دامَتِ الوَحشُ وَالإِنعامُ خائِفَةً
فَرَساً فَما صَحَّ أَمرُ النُسكِ لِلأَسَدِ


ابو علاء المعري

الحمدان
07-27-2024, 10:01 PM
ما يُحسِنُ المَرءُ غَيرَ الغِشِّ وَالحَسَدِ
وَما أَخوكَ سِوى الضُرغامَةِ الأَسَدِ

لا خَيرَ في الناسِ إِن أَلقوا سِيادَتَهُم
إِلَيكَ طَوعاً فَخالِفهُم وَلا تَسُدِ

فَلَيسَ يَرضَونَ عَن والٍ وَلا مَلِكٍ
وَلَو أَتَوا بِالأَماني في قُوى مَسَدِ

جَاوُوا الفَخارَ بِأَموالٍ لَهُم نُفُقٍ
وَلَم يَجيئوا بِأَخلاقٍ لَهُم كُسُدِ

وَإِن تَكُن هَذِهِ الأَرواحُ خالِصَةً
فَهُنَّ يَفسُدنَ في أَرواحِنا الفُسُدِ

وَقَد رَأَينا كَثيراً بَينَنا جَسَدا
بِغَيرِ رَوحٍ فَهَل رَوحٌ بِلا جَسَدِ

تَطَهَّرَت بِنَبيذِ التَمرِ طائِفَةٌ
وَقَد أَجازوا طُهوراً بِالدَمِ الجَسَدِ

فَالحَمدُ لِلَّهِ ما نَفسي بِساميَّةٍ
وَلا بَناني عَلى أَيدي العُفاةِ سَدِ


ابو علاء المعري

الحمدان
07-27-2024, 10:01 PM
مَلَلتُ عَيشي فَعوجي يا مَنِيَّةُ بي
وَذُقتُ فَنِيَّه مِن بُؤسٍ وَمِن رَغدِ

غَدي سَيوجِدُ أَمسي لا يُنازِعُني
في ذاكَ خَلقٌ وَأَمسي لا يَصيرُ غَدي


ابو علاء المعري

الحمدان
07-27-2024, 10:01 PM
نَفسٌ قَدِ اِستَودَعتُ جِسماً إِلى أَمَدٍ
فَإِن تُفارِقهُ بِالمِقدارِ لا يَعُدِ

أَوعِد وَعِد سَوفَ يَأتي بَعدَنا زَمَنٌ
كَأَنَّنا فيهِ لَم نوعِد وَلَم نَعِدِ

تَصعّدَ الفِكرُ ثُمَّ اِرتَدَّ مُنحَدِراً
فَحارَ بَينَ هُبوطِ المَلِكِ وَالصَعَدِ

لَو تَسلَكُ الروحُ في الأَجبالِ عالِمَةً
كَعِلمِنا هَدَمَتها كِثرَةُ الرَعدِ


ابو علاء المعري

الحمدان
07-27-2024, 10:02 PM
أُصمُت وَإِن تَأبَ فَاِنطُق شَطرَ ما سَمِعَت
أُذُناكَ فَالفَمُ نِصفُ اِثنَينِ في العَدَدِ

وَاِجعَلهُ غايَةَ ما يَأتي اللِسانُ بِهِ
وَإِن تَجاوَزَ لَم يَقرُب مِنَ السَدَدِ

الناسُ أَجمَعُ مِن دُنياهُمُ خُلِقوا
فَما اِنتِقالَكَ مِن أَدٍّ إِلى أَدَدِ

بُعداً لَهُم مِن رِجالٍ لا حُلومَ لَهُم
يَمشونَ في الوَعثِ إِعراضاً عَنِ الجَدَدِ

وَدِدتُ أَنَّ إِلهي كانَ غادَرَني
وَمُدَّتي في يَدَيها أَقصَرُ المُدَدِ

تُخاصِمُ الحَظَّ في شَيءٍ يَجودُ بِهِ
وَراحَ خَصمُكَ مِنهُ بِيَّنَ اللَدَدِ


ابو علاء المعري

الحمدان
07-27-2024, 10:02 PM
إِذا غَدَوتَ عَنِ الأَوطانِ مُرتَحِلاً
فَضاهِ في البَينِ حذفَ الواوُ مَن يَعِدِ

كانَت فَبانَت وَما حَنَّت إِلى وَطَنٍ
وَعادَ غادٍ إِلى وَكرٍ وَلَم تَعُدِ

سَعِدَت إِن كُنتَ بَحراً فائِضاً بِجَداً
وَالبَحرُ لَيسَ بِمَحسوبٍ مِنَ السُعُدِ


ابو علاء المعري

الحمدان
07-27-2024, 10:02 PM
وَعَظتُ قَوماً فَلَم يُرعوا إِلى عِظَتي
مِثلَ اِمرِىءِ القَيسِ ناجي طائِرَ الوادي

أَرى الزَمانَ وَشيكاً مُبطِئاً وَلَهُ
حالٌ تُخالِفُ إيشاكي وَإِروادي

كَم جادَ قبلي حَضارٌ وَبادِيَةٌ
لِلوارِثينَ بِأَفراسٍ وَأَذوادِ

إِنَّ المَنايا أَرَتنا حُجَّةً شَرَحَت
فَضلَ العَطايا لِبَخّالٍ وَأَجوادِ

وَالعَفوَ آمُلُ مِن رَبّي إِذا حُضِرَت
نَفسي وَفارَقتُ عُوّادي لِأَعوادي


ابو علاء المعري

الحمدان
07-27-2024, 10:02 PM
دُنيايَ فيكَ هَوى نَفسي وَمهلِكُها
وَالماءُ يودي بِنَفسِ الوارِدِ الصادي

وَما قَصَدتُكِ مُختاراً فَتَعذُلَني
فيكِ العَواذِلُ إِن حاوَلتِ إِقصادي

وَالمَرءُ يَطلُبُ أَمراً ما يُبَيِّنُهُ
كَالحَرفِ يُلفَظُ بَينَ الزاي وَالصادِ

مَوتانِ هَذا بِوَرسٍ عُلَّ مَيِّتُهُ
وَآخَرَ زادَ عَن وَرسٍ بِفِرصادِ


ابو علاء المعري

الحمدان
07-27-2024, 10:03 PM
سَمَّيتَ نَجلَكَ مَسعوداً وَصادَفَهُ
رَيبُ الزَمانِ فَأَمسى غَيرَ مَسعودِ

عودي يَخافُ مِنَ الإِحراقِ صاحِبُهُ
إِن قالَ رَبّي لِأَجسامِ البِلى عودي

حاشا لِرَبِّكَ مِن إِخلافِ مَوعِدُه
وَإِنَّما الخُلفُ في قَولي وَمَوعودي


ابو علاء المعري

الحمدان
07-27-2024, 10:03 PM
مَحمودُنا اللَهُ وَالمَسعودُ خائِفُهُ
فَعَدِّ عَن ذِكرِ مَحمودٍ وَمَسعودِ

مَلكانِ لَو أَنَّني خُيِّرتُ مُلكَهُما
وَعود صَلبٍ أَشارَ العَقلُ بِالعودِ

القَبرُ لاريبَ مَنزولٌ فَما أَرَبي
إِلى إِرتِقاءِ رَفيعِ السَمكِ مَصعودِ

قوتي غَنايَ وَطِمري ساتِري وَتُقى
مَولايَ كَنزي وَوِردَ الموتِ مَوعودي

وَالنَفسُ أَمّارَةٌ بِالسوءِ ما اِجتَرَمَت
إِلّا وَسَيِّءِ طَبعي قائِلٌ عودي


ابو علاء المعري

الحمدان
07-27-2024, 10:03 PM
لا يُعجِبَنَّ الفَتى بِفَضلٍ
فَإِنَّهُ مُقتَضى بِوَعدِ

يَقولُ جاوَزتُ في المَعالي
آلَ سَعيدٍ وَآلَ سَعدِ

فَلَيسَ فَوقي وَلَيسَ مِثلي
وَلَيسَ قَبلي وَلَيسَ بَعدي

والِدُهُ خَصَّهُ بِعَدوى
مِن مَوتِهِ وَالحَمامُ يُعدي

أَودى بِفُرسانِ كُلِّ جيلٍ
مِن سَبِطٍ فيهِمُ وَجَعدِ

وَما ثَنى الحادِثاتُ مَعداً
مَن مِثلَ بِسطامَ وَاِبنَ مَعدي

يا زَينَباً حُلِّيَت وَدَعداً
كَم مَرَّ مِن زَينَبٍ وَدَعدِ

فَالحَمدُ لِلَّهِ قَلَّ خَيري
وَصارَ قُربي نَظيرَ بُعدي

وَقَد بَدا لي مِنَ المَنايا
بارِقَةٌ آذَنَت بِرَعدِ


ابو علاء المعري

الحمدان
07-27-2024, 10:03 PM
إِذا دَنَوتِ لِشامٍ أَو مَرَرتِ بِهِ
فَنَكِّبيهِ وَراءَ الظَهرِ أَو حيدي

قَد غَيَّرَ الدَهرُ مِنهُ بعدَ مُبتَهَجٍ
وَأَلحَدَ السَيفُ فيهِ بَعدَ تَوحيدِ


ابو علاء المعري

الحمدان
07-27-2024, 10:04 PM
تَعالى اللَهُ كَم مَلِكٍ مَهيبٍ
تَبَدَّلَ بَعدَ قَصرٍ ضيقَ لَحدِ

أُقِرُّ بِأَنَّ لي رَبّاً قَديراً
وَلا أَلقى بَدائِعَهُ بِجَحدِ

لَو اِنّي في عِدادِ الرَملِ صَحبي
لَأَودَعتُ الثَرى وَتُرِكتُ وَحدي


ابو علاء المعري

الحمدان
07-27-2024, 10:04 PM
بِوَحدانِيَّةِ العَلّامِ دِنّاً
فَذَرني أَقطَعُ الأَيّامَ وَحدي

سَأَلتُ عَنِ الحَقائِقِ كُلَّ يَومٍ
فَما أَلفَيتُ إِلّا حَرفَ جَحدِ

سِوى أَنّي أَزولُ بِغَيرِ شَكٍّ
فَفي أَيِّ البِلادِ يَكونُ لَحدي


ابو علاء المعري

الحمدان
07-27-2024, 10:04 PM
أَما عَرَفَ المُقيمُ بِأَرضِ مِصرٍ
وَميضَ بَوارِقٍ وَدَوِيَّ رَعدِ

وَرُبَّ غَمامَةٍ نَشَأَت فَزالَت
وَلَيسَ ثَرى مَحَلَّتِنا بِجَعدِ

إِذا رُزِقَ الفَتى في المَحلِ جَدّاً
رَعى ما شاءَ مِن ثَعدٍ وَمَعدِ

وَما نالَت خِلافَتَها قُرَيشُ
وَأَرغِمَ سَعدُها إِلّا بِسَعدِ

فَإِنَّ لِهَذِهِ الدُنِّيا طَريقاً
عَلَيهِ يَمُرُّ مَن قَبلي وَبَعدي

أَِذا وَعَدَتكَ خَيراً ما طَلَتهُ
وَهَل يُرجى لَها إِنجازُ وَعدِ

فَزَجِّ العَيشَ مِن صَفوٍ وَرَنقٍ
وَدَع شَجَنَيكَ مِن هِندٍ وَدَعدِ

وَلا تَجلِس إِلى أَهلِ الدَنايا
فَإِنَّ خَلائِقَ السُفَهاءِ تُعدي


ابو علاء المعري
العصر العباسي

الحمدان
07-28-2024, 12:23 AM
يَا لَيْتَ أَنَّ الشِّعْرَ بَيْتٌ وَاحِدٌ
لِأَقُولَ هَذَا البَيْتَ كَيْ أَرْتَاحا

لَكِنَّهُ نَزْفٌ طَوِيلٌ مَا لَهُ
حَدٌّ ،جِرَاحٌ تَسْتَثِيرُ جِرَاحا

هُوَ رِحْلَةُ القَلَقِ المُسَافِرِ فِيْ دَمِيْ
لَحْنًا سَمَاوِيَّ الرُّؤَى صَدَّاحا

هُوَ لَمْعَةُ الأَمَلِ المُلَفَّعِ بِالدُّجَى
مَنْ وَاكَبَ الأَحْزَانَ وَالأَفْرَاحا


سعيد يعقوب
الاردن

الحمدان
07-28-2024, 11:51 AM
طابَ الزَمانُ وَأَورَقَ الأَشجارُ
وَمَضى الشِتاءُ وَقَد أَتى آذارُ

وَكَسا الرَبيعُ الأَرضَ مِن أَنوارِهِ
وَشياً تَحارُ لِحُسنِهِ الأَبصارُ

فَاِنفِ الوِقارَ عَنِ المُجونِ بِقَهوَةٍ
حَمراءَ خالَطَ لَونَها إِقمارُ

فَاِستَنصِفِ الأَقدارَ مِن أَحداثِها
فَلَطالَما لَعِبَت بِكَ الأَقدارُ

مِن كَفِّ ذي غَنَجٍ كَأَنَّ جَبينَهُ
قَمَرٌ وَسائِرُ وَجهِهِ دينارُ

يُزهى بِعَينَي شادِنٍ وَجَبينُهُ
وَالخَصرُ فيهِ لِشِقوَتي زُنّارُ

يَسقيكَ كَأساً مِن عَصيرِ جُفونِهِ
وَتَدورُ أُخرى مِن يَدَيهِ عُقارُ

شَمطاءُ تَأبى أَن يَدوسَ أَديمَها
أَيدي الرِجالِ وَما بِها اِستِنكارُ

كَرخِيَّةٌ كَالروحِ دَبَّ بِشَربِها
حِلمٌ يُداخِلُهُ حَياً وَوِقارُ

في فِتيَةٍ فَطَموا الحَيا فَلِباسُهُم
حِلمٌ وَليسَ لِجَهلِهِم آثارُ


ابو نواس

الحمدان
07-28-2024, 11:52 AM
لَنا هَجمَةٌ لا يُدرِكُ الذِئبُ سَخلَها
وَلا راعَها نَزوُ الفِحالَةِ وَالخِطرُ

إِذا امتُحِنَت أَلوانُها مالَ سَفوُها
إِلى الجَوِّ إِلّا أَنَّ أَوبارَها خُضرُ

فَإِن قامَ فيها الحالِبونَ اتَّقَتهُمُ
بِنَجلاءِ ثُقبِ الجَوفِ دِرَّتُها الخَمرُ

مَسارِحُها الغَربِيُّ مِن نَهرِ صَرصَرٍ
فَقُطرَبُّلٌ فَالصالِحِيَّةُ فَالعَقرُ

تُراثُ أَنوشِروانَ كِسرى وَلَم تَكُن
مَواريثَ ما أَبقَت تَميمٌ وَلا بَكرُ

قَصَرتُ بِها لَيلي وَلَيلُ ابنِ حَورَةٍ
لَهُ حَسَبٌ زاكٍ وَلَيسَ لَهُ وَفرُ


ابو نواس

الحمدان
07-28-2024, 11:52 AM
إِنَّ مَعَ اليَومِ فَاِعلَمَنَّ غَداً
فَاِنظُر بِما يَنقَضي مَجيءُ غَدِه

ما اِرتَدَّ طَرفُ اِمرِئٍ بِلَذَّتِهِ
إِلّا وَشَيءٌ يَموتُ مِن جَسَدِه


ابو نواس

الحمدان
07-28-2024, 11:53 AM
إِذا ما شَكا ليمٌ إِلَيكَ مُصيبَةً
بِها قَلبُهُ وافي الهُمومِ عَميدُ

فَقُل مِثلَ ما قالَت بُثَينَةُ إِذ شَكا
جَميلٌ إِلَيها الحُبَّ وَهوَ شَديدُ

إِذا قُلتُ ما بي يا بُثَينَةُ قاتِلي
مِنَ الحُبِّ قالَت ثابِتٌ وَيَزيدُ


ابو نواس

الحمدان
07-28-2024, 11:53 AM
يا هاشِمُ اِبنُ حُدَيجٍ لَيسَ فَخرُكُمُ
بِقَتلِ صِهرِ رَسولِ اللَهِ بِالسَدَدِ

أَدرَجتُمُ في إِهابِ العَيرِ جُثَّتَهُ
فَبِئسَ ما قَدَّمَت أَيديكُمُ لِغَدِ

إِن تَقتُلوا اِبنَ أَبي بَكرٍ فَقَد قَتَلَت
حُجراً بِدارَةِ مَلحوبٍ بَنو أَسَدِ

وَطَرَّدوكُم إِلى الأَجبالِ مِن أَجَأٍ
طَردَ النَعامِ إِذا ما تاهَ في البَلَدِ

وَقَد أَصابَ شَراحيلاً أَبو حَنَشٍ
يَومَ الكِلابِ فَما دافَعتُمُ بِيَدِ

وَيَومَ قُلتُم لِزَيدٍ وَهوَ يَقتُلُكُم
قَتلَ الكِلابِ لَقَد أَبرَحتَ مِن وَلَدِ

وَكُلُّ كِندِيَّةٍ قالَت لِجارَتِها
وَالدَمعُ يَنهَلُّ مِن مَثنى وَمِن وَحِدِ

أَلهى اِمرَأَ القَيسِ تَشبيبٌ بِغانِيَةٍ
عَن ثَأرِهِ وَصِفاتُ النُؤيِ وَالوَتَدِ


ابو نواس

الحمدان
07-28-2024, 11:53 AM
وَدارٍ يُؤَدَّبُ فيها البُزاةُ
وَيُمتَحَنُ الفَهدُ وَالفَهدَه

وَصَلتُ عُراها إِلى بَلدَةٍ
بِها نَحَرَ الذابِحُ البَلدَه

إِذا اِغتامَها قَرِمُ المُعتَفينَ
طُروقاً غَدا رَهِمَ المِعدَه

وَلِيٌّ قَفا بَعدَ وَسمِيِّهِ
فَهَمُّكَ مِن كَمأَةٍ مَعدَه

وَصَيدٌ بَأَسفَعَ شاكي السِلاحِ
سَريعِ الإِغارَةِ وَالشَدَّه

وَزينٌ إِذا وَزَنَتهُ الأَكُفُّ
مُنتَصِبُ الزَورِ وَالقِعدَه

فَتيقُ النَسا أَنمَرُ الدَفَّتَينِ
خَفيفُ الخَميصَةِ وَاللِبدَه

يُقَلِّبُ طَرفاً طُحورَ القَذى
يُضيءُ بِمُقلَتِهِ خَدَّه

بِذي شَبَةٍ أَعرَفِ الحَوصَلاءِ
كَأَنَّكَ رَدَّيتَهُ بُردَه

فَلَمّا اِستَحالَ رَأى تِسعَةً
رِتاعاً وَواحِدَةٍ فَردَه

فَكَفكَفَ مُنتَصِبَ المَنكِبَينِ
لِفَرطِ الشَهامَةِ وَالنَجدَه

فَقُلنا لِسايِسِهِ ما تَرى
فَأَطلَقَهُ سَلِسَ العُقلَه

فَمَرَّ كَمَرِّ شِهابِ الظَلامِ
لِيَفعَلَ داهِيَةً إِدَّه

فَأَنحى لَهُ في صَميمِ القَذالِ
فَشَكَّ المُزَمِّرَ أَو قَدَّه

وَثَنّى لآلافِها الغادِراتِ
فَكَمَّلَ عَشراً بِها العِدَّه

قِفوا مَعشَرَ الراحِلينَ اِسمَعوا
أُنَبِّئكُمُ عَن بَني كِندَه

وَرَدنا عَلى هاشِمٍ مِصرَهُ
فَبارَت تِجارَتُنا عِندَه

وَأَلهاهُ ذو كَفَلٍ ناشِئٌ
شَديدُ الفَقارَةِ وَالبَلدَه

سِبَطرٌ يَميدُ إِذا ما مَشى
تَرى بَينَ رِجلَيهِ كَالصَعدَه

يَجوبُ بِهِ اللَيلَ ذا بِطنَةٍ
كَحَشوِ المُدَينِيَّةِ القَلِدَه

رَأَيتُكَ عِندَ حُضورِ الخِوانِ
شَديداً عَلى العَبدِ وَالعَبدَه

وَتَحتَدُّ حَتّى يَخافَ الجَليسُ
شَذاكَ عَلَيهِ مِنَ الحِدَّه

وَتَختُمُ ذاكَ بِفَخرٍ عَلَيهِ
بِكِندَةَ ...... عَلى كِندَه

فَإِنَّ حُدَيجاً لَهُ هِجرَةٌ
وَلَكِنَّها زَمَنَ الرِدَّه

وَما كانَ إيمانُكُم بِالرَسولِ
سِوى قَتلُكُم صِهرَهُ بَعدَه

تَعُدّونَها في مَساعيكُمُ
كَعَدِّ الأَهِلَّةِ مُعتَدَّه

وَما كانَ قاتِلُهُ في الرِجالِ
بِحَملٍ لِطُهرٍ وَلا رُشدَه

فَلَو شَهِدَتهُ قُرَيشُ البِطاحِ
لَما مَحَشَت نارُكُم جِلدَه


ابو نواس