المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هنا الشعر الفصيح ومايتعلق به


الصفحات : 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 [33] 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 100 101 102 103 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 114 115 116 117 118 119 120 121 122 123 124 125 126 127 128 129 130 131 132 133 134 135 136 137 138 139 140 141 142 143 144 145 146 147 148 149 150 151 152 153 154 155

الحمدان
07-09-2024, 03:07 PM
خذوا بدمي ذات الوشاح فإنني
رأيتُ بعيني في أناملها دمي

أغار عليها من أبيها وأمها
ومن خطوة المسواك إن دار في الفمِ

أغار على أعطافها من ثيابها
إذا ألبستها فوق جسم منعمِ

وأحسدأقداحا تقبلُ ثغرها
إذا أوضعتها موضع المزجِ في الفمِ

خذوا بدمي منها فإني قتيلها
فلا مقصدي ألا تقوتو تنعمي

ولا تقتلوها إن ظفرتم بقتلها
ولكن سلوها كيف حل لها دمي

وقولوا لها يا منية النفس إنني
قتيل الهوى والعشق لو كنتِ تعلمي

ولا تحسبوا أني قتلت بصارم
ولكن رمتني من رباها بأسهمِ

لها حكم لقمان وصورة يوسف
ونغمه داود وعفه مريمِ

ولي حزن يعقوب ووحشه يونس
وآلام أيوب وحسرة آدمِ

ولو قبل مبكاها بكيت صبابة
لكنت شفيت النفس قبل التندمِ

ولكن بكت قبلي فهيج لي البكاء
بكاها فكان الفضل للمتقدمِ

بكيت على من زين الحسن وجهها
وليس لها مثل بعرب وأعجمي

مدنية الألحاظ مكية الحشى
هلالية العينين طائية الفمِ

وممشوطة بالمسك قد فاح نشرها
بثغر كأن الدر فيه منظمِ

أشارت بطرف العين خيفة أهلها
إشارة محزونٍِ ولم تتكلمِ

فأيقنت أن الطرف قد قال مرحبا
وأهلا وسهلا بالحبيب المتيمِ

فوالله لولا الله والخوف والرجا
لعانقتها بين الحطيمِ وزمزمِ

وقبلتها تسعا وتسعين قبلة
براقة بالكفِ والخدِ والفمِ

ووسدتها زندي وقبلت ثغرها
وكانت حلالا لي ولو كنت محرمِ

ولما تلاقينا وجدت بنانها
مخضبه تحكي عصارة عندمِ

فقلت خضبت الكف بعدي هكذا
يكون جزاء المستهامِ المتيمِ

فقالت وأبدت في الحشى حر الجوى
مقاله من في القول لم يتبرمِ

وعيشك ما هذا خضاباً عرفتهُ
فلا تكُ بالبهتانِ والزور ظالمي

ولكنني لما رأيتك نائياً
وقد كنت كفي في الحياة ومعصمي

بكيت دما يوم النوى فمسحتهُ
بكفي فاحمرت بناني من دمي


يزيد بن معاوية
العصر الاموي

الحمدان
07-09-2024, 03:08 PM
يا ظلة الموج يطغى البحر منتفضاً
بها كأن جبل في البحر يقتلع

تظن زلزلة في الماء قد جلست
أو لا فزوبعة في الماء تضطجع

تقلقلت فاستطارت فانثنت فهوت
فأطبقت فارتمت كالرعب تندفع

على غريق بحبل الماء معتصم
والحبل في لمسات الكف ينقطع

له بقية روح في أصابعه
ينازع الموت فيها وهي تنتزع

بين الحياة وبين الموت مرتكس
يقيئه البحر أطواراً ويبتلع

أذاك أعظم هولاً في فجيعته
أم المحبون في أحبابهم فجعوا

يا لطف نفسي للعشاق تحسبهم
يوم النوى نزعت من قلبهم قطع

الحب قاتلهم بالصبر إن صبروا
والحب قاتلهم بالهم إن جزعوا

إن ودعوا ذاهباً لم تلق حزنهمو
من أنه سار بل من أنهم رجعوا

ربي متى تهب الأحزان مخترعاً
في هذه الأرض للنسيان يخترع


الرافعي

الحمدان
07-09-2024, 03:08 PM
كان لي قلب فيا عجبي
ليس في جنبي سوى أثره

ضاع مني فابحثوا تجدوا
في ابتسام الحسن أو نظره

ويحه قلباً أعيش على
صفوة عيشي على كدره

يرتقي كالنسر ثم ترى
مرتقاه عين منحدره

ههنا قلب وحامله
ميت الأمن على حذره

ذاب ذوب العطر مذ وقدت
للهوى نار على زهره

ضره ما كان منفعة
نفعه ما كان من ضرره

عابس كالليل ليس به
أمل إلا سنا قمره

وهنأ قلبه وصاحبه
قد بنا الدنيا على حجره

تقرص الآلام مهجته
مثل قرص الوحش من ظفره

والحديد الصلب تحسبه
صورة عمياء من صوره

لم يلن إلا بمطرقة
من قضاء اللَه أو قدره

وسؤال لا جواب له
أي ذين الحلو في ثمره

لو يبين الحلو خالقه
كيف يسقى المر من مطره


الرافعي

الحمدان
07-09-2024, 03:09 PM
وبي زهرة في جانب النيل قد نمت
فرف عليها إذ يروح وإذ يغدو

لطافته في طبعها الحب والرضا
وتياره في طبعها الهجر والصد

ويحكي وفاء النيل فيض وعودها
ويا شد ما ينحط من بعدها الوعد

وفي زمن تصفو علي كما صفا
وفي زمن ما من تكدرها بد

وواللَه ثم اللَه إن حلاوة
من النيل للعينين في فمها تبدو

وإني وإياها على ظمإ الهوى
أنا الفم هذا الهوى وهي الخد


الرافعي

الحمدان
07-09-2024, 03:10 PM
حيا وسلم ثم صافح تاركاً
يده على الكبد التي أدماها

وأتى ليعتذر الغزال ولجلجت
كلمات فيه ففي فمي أخفاها

ودنا ليغترق الهوى فتهالكت
أسراره فرمت به فرماها

قلب الحبيب متى تكلم لم تجد
كلماً ولكن أذرعاً وشفاها


الرافعي

الحمدان
07-09-2024, 03:10 PM
ألا يا نسيم الفجر سلم على فجري
فقد غاب في الليل الطويل من الهجر

تضيء الليالي بالنجوم وبدرها
وليل الجفا من غير نجم ولا بدر

وقفت وماذا أستطيع بوقفتي
حسيراً وأقدار الغرام بنا تجري

أدور بعيني نحو كل شعاعة
على الأفق في نجم أو الأرض في زهر

فيا ويح قلبي ماله حن كلما
تراءى له شبه انتسام على ثغر

متى يا حبيب القلب هجرك ينتهي
ومن أول الأيام فيه انتهى صبري

ألا يا نسيم الفجر إن جزت في الربى
خفيا كتسليم الحبيبة في سر

وقامت عذاراها للقياك تنثني
دلالاً وتيهاً في غلائلها الخضر

وفتح نوار الغصون جفونه
وفيها البقايا الناعسات من السحر

وأصبحت كالسلوى ترفرف نازلاً
سلاماً على قلب الغدير أو النهر

فجئني بسر الزهر والماء والندى
لعلي بها أطفي جوى الحب في صدري


الرافعي

الحمدان
07-09-2024, 03:11 PM
يا حبيباً إذا حننت إليه
حن في رقتي عليه حنيني

أنت شخصان في الفؤاد فشخص
عند ظني وآخر في يقيني

واحد كيف شئت أنت وثان
كيفما شئته أنا وظنوني

لا بهذا رحمتني أو بهذا
بل بعقلي عذبتني وجنوني

أملي فيك كالخيال على المرآة
كذب مصور للعيون

الرافعي

الحمدان
07-09-2024, 03:12 PM
مني السلامُ على من لو تصافحها
يد النسيم أحست غمز آلامي

مرت على الورد في الأكمام فارتعشت
أسى وقالت أهذا قلبه الدامي

وأبصرت غصناً ظمآن منطرحاً
فما رأت فيه إلا بعض أسقامي

وتسمع الطير صداحاً بأيكته
يشكو فتسمع في شكواه أنغامي

حقيقة الحب فيها ثم تظهر لي
كأنني عالق منها بأوهام

يا للعجيبة للمرآة أنظرها
ولا أراني فيها وهي قدامي

يا أخت شمس كلون الخد مشرقة
وأخت بدر كنور الوجه بسام

ما كنت مثلهما إلا لتبتسمي
على ليالي في حبي وأيامي


الرافعي

الحمدان
07-09-2024, 03:13 PM
يا ليل هيجت أشواقا أداريها
فسل بها البدر إن البدر يدريها

رأى حقيقة هذا الحس غامضة
فجاء يظهرها للناس تشبيها

في صورة من جمال البدر ننظرها
وننظر البدر يبدو صورة فيها

يأتي بملء سماء من محاسنه
لمهجتي وأراه ليس يكفيها

وراحة الخلد تأتي في أشعته
تبغي على الأرض من في الأرض يبغيها

وكم رسائلَ تلقيها السمالء به
للعاشقين فيأتيهم ويُلقيها

يقول للعاشق المهجور مبتسما
خذني خيالاً أتى ممن تسميها

وللذي أبعدته في مطارحها
يد النوى أنا من عينيك أدنيها

وللذي مضه يأس الهوى فسلا
أنظر إليّ ولا تترك تمنيها

أما أنا فأتاني البدرُ مزدهياً
وقال جئت بمعنى من معانيها

فقلت من خدها أم من لواحظها
أم من تدللها أم من تأبيها

أم من معاطفها أم من عواطفها
أم من مراشفها أم من مجانيها

أم من تفترها أم من تكسرها
أم من تلفتها أم من تثنيها

كن مثلها لي جذباً في دمي وهوى
او كن دلالا وكن سحراً وكن تيها

فقال وهو حزين ما استطعت سوى
أني خطفت ابتساماً لاح من فيها


مصطفى صادق الرافعي
مصر

الحمدان
07-09-2024, 03:15 PM
‏ولربّما تبكِي لانَّك عاجزٌ
فَاربأ بضعفكَ أن يشاهِدهُ الورىٰ

واذهبْ الىٰ الرّحْمَنِ أخبرهُ بمَا
بكَ قَدْ ألمَّ وكلّ ما لكَ قد جرىٰ

واخرجْ اليهِمْ ضاحكاً متبسمًا
وكأنَّ مثلكَ في السعادةِ لم يُرا

فالنّاس بينَ تقلبٍ وتغَيرٍ
والله ربّكَ لنْ ولم يتغيَّرا


......

الحمدان
07-09-2024, 03:20 PM
كَم تَطلُبونَ لنا عيباً فَيُعجِزُكُم
وَيَكرَهُ اللهُ ما تأتونَ والكَرَمُ

ما أبعدَ العيبَ وَالنقصانَ عن شَرَفي
أنا الثُّريا وذانِ الشيبُ والهَرَمُ

أنا الذي نظَر الأعمى إلى أدبي
وأسْمعَت كلماتي مَن بهِ صَمَمُ

أنامُ مِلْءَ جُفُوني عن شوارِدِها
ويَسْهَرُ الخلقُ جرَّاها وَيَختَصِمُ

إذا رأيتَ نيوبَ الليث بارزةً
فَلا تَظُنَّنَّ أنَّ اللَيثَ يبتَسِمُ

ومُرهَفٍ سِرتُ بين الجَحْفَلينِ بهِ
حتى ضَربتُ وموجُ الموتِ يَلتَطِمُ

الخيلُ والليلُ والبيداءُ تَعْرِفُني
والسيفُ والرمحُ والقرطاسُ والقَلمُ

يا أعدلَ الناسِ إلا في معامَلتي
فيكَ الخِصامُ وَأنتَ الخَصْمُ والحَكَمُ

بأي لفظٍ تَقولُ الشعرَ زِعْنِفَةٌ
تَجوزُ عندَك لا عُرْبٌ ولا عَجَمُ

سيَعلَمُ الجمعُ ممَّن ضمَّ مَجلسُنا
بأنَّني خيرُ مَن تسعى بهِ قَدَمُ


المتنبي

الحمدان
07-09-2024, 03:22 PM
‏كان بين سيف الدَّولة وأعدائه من الرُّوم رسائل ورسل فقال المتنبي عن عِزَّة العرب:

وما تنفعُ الخيلُ الكِرامُ ولا القَنا
إِذا لم يكن فوقَ الكرامِ كِرامُ

وكُلُّ أُناسٍ يتبَعونَ إِمامَهُم
وأَنتَ لِأهلِ المَكرُماتِ إِمامُ

تَنامُ لديكَ الرُّسْلُ أَمناً وغِبطَةً
وَأَجفانُ رَبِّ الرُسلِ ليسَ تَنامُ

وَشَرُّ الحِمامَينِ الزُؤامَينِ عيشَةٌ
يَذِلُّ الَّذي يَختارُها وَيُضامُ

وَرُبَّ جَوابٍ عن كتابٍ بَعَثتَهُ
وَعُنوانُهُ للناظرينَ قَتامُ

تَضيقُ بِهِ البَيداءُ من قبلِ نَشرِهِ
وما فُضَّ بِالبَيداءِ عنهُ خِتامُ

حُروفُ هِجاءِ النَّاسِ فيهِ ثَلاثَةٌ
جَوادٌ وَرُمحٌ ذابِلٌ وَحُسامُ

الحمدان
07-09-2024, 06:24 PM
‏قَلِيلٌ مَنْ يَدُومُ عَلَى الْوِدَادِ
‏فَلا تَحْفِلْ بِقُرْبٍ أَوْ بِعَادِ

‏إِذَا كَانَ التَّغَيُّرُ فِي اللَّيَالِي
‏فَكَيْفَ يَدُومُ وُدٌّ فِي فُؤَادِ؟

‏وَمَنْ لَكَ أَنْ تَرَى قَلْبَاً نَقِيَّاً
‏وَلَمَّا يَخْلُ قَلْبٌ مِنْ سَوَادِ

‏فَلا تَبْذُلْ هَوَاكَ إِلَى خَلِيلٍ
‏تَظُنُّ بِهِ الْوَفَاءَ وَلا تُعَادِ

‏وَكُنْ مُتَوَسِّطَاً فِي كُلِّ حَالٍ
‏لِتَأْمَنَ مَا تَخَافُ مِنَ الْعِنَادِ


......

الحمدان
07-09-2024, 06:25 PM
يا بْنَ مَنْ شادَ الْمَعالِي جُودُهُ
وَبَنى الْمَجْدَ فَأَعْلى ما بَنا

آمَنَ الأُمَّةَ فِي أَيّامِهِ
كُلَّ خَوْفٍ وَأَخافَ الزَّمَنا

كُلَّما يَمَّمَ عافٍ رَبْعَهُ
عَذُبَ الْمَنْهَلُ أَوْ ساغَ الْجنا

قَدْ نَحَتْ عَظْمِي خُطُوبٌ لَمْ تَزَلْ
تَأْكُلُ الأَحْرارَ أَكْلاً مُمعِنا

وَأَتَتْنِي بَعْدَها نازِلةٌ
أَنْزَلَتْ فِي ساحَتَيَّ الْمِحَنا

وَلأَنْتَ الْيَوْمَ أَوْلى أَنْ تَلِي
كَشْفَها يا بْنَ أَمِين الأُمَنا

فَانْتَهِزْها فُرْصَةً مُمْكِنَةً
قَلَّ ما يُوجَدُ مَجْدٌ مُمْكِنا


إبن الخياط

الحمدان
07-09-2024, 06:25 PM
مَحا الدَّهْرُ آثارَ الْكِرامِ فَلَمْ يَدَعْ
مِنَ الْبَأْسِ وَالْمَعْرُوفِ غَيْرَ رُسُومِ

وَأَصْبَحْتُ أَسْتَجْدِي الْبخِيلَ نَوالَهُ
وَأَحْمَدُ فِي اللَّزْباتِ كُلِّ ذَمِيمِ

سِوى أَنَّ مِنْ آلِ الزَّرافِيِّ مَعْشَراً
وَفَوْا لِيَ لَمّا خانَ كُلُّ حَمِيمِ

هُمُ جَبَرُوا عَظْمِي الْكَسِيرَ وَلاءَمُوا
عَلَى طُولِ صَدْعِ النّائِباتِ أَدِيمِي

مَتى خِفْتُ حالاً حالَ بَيْنِي وَبَيْنَها
تَخاطُرُهُمْ مِنْ بُزَّلٍ وَقُرُومِ

وَإِنَّكَ مِنْهُمْ يا عَلِيُّ لَناصِري
عَلَى كُلِّ خَطْبٍ لِلزَّمانِ عَظِيمِ


ابن الخياط

الحمدان
07-09-2024, 06:26 PM
يا مُفْلِتَ الظَّبْيَةِ الْغَنّاءِ مِنْ يَدِهِ
هَلاّ عَلِقْتَ بِها حُيِّيتَ مُقْتَنِصاً

ذُقِ الْمَلامَةَ مَحْقُوقاً فَما ظَلَمَتْ
كَأْسُ النَّدامَةِ إِنْ جُرِّعْتَها غُصَصا

قَدْ أَمْكَنَتْكَ فَما بادَرْتَ فُرْصَتَها
مَنْ شاوَرَ الْعَجْزَ لَمْ يَسْتَنْهِضِ الْفُرَصا

وَقَدْ تَحاماكَ فِيها حاذِقٌ دَرِبٌ
بِالصَّيْدِ لَوْلاكَ لَمْ يُحْجِمْ وَلا نَكَصا

إِنَّ اللَّبِيبَ إِذا ما عَنَّ مَطْلَبُهُ
أَهْوى إِلَيْهِ وَلَمْ يَنْظُرْ بِهِ الرُّخَصا


إبن الخياط

الحمدان
07-09-2024, 06:27 PM
صُرُوفُ الْمَنايا لَيْسَ يُودِي قَتِيلُها
وَدارُ الرَّزايا لا يَصِحُّ عَلِيلُها

مَنِيتُ بِها مُسْتَكْرَهاً فَاجْتويْتُها
كَما يَجْتَوِي دارَ الْهَوانِ نَزِيلُها

يُشَهِّي إِلَيَّ الْمَوْتَ عِلْمِي بِأَمْرِها
وَرُبَّ حَياةٍ لا يَسُرُّكَ طُولُها

وَأَكْدَرُ ما كانَتْ حَياةُ نُفُوسِها
إِذا ما صَفَتْ أَذْهانُها وَعُقُولُها

وَمَنْ ذا الّذِي يَحْلُو لهُ الْعَيْشُ بَعْدَما
رَأَتْ كُلُّ نَفْسٍ أَنَّ هذا سَبِيلُها

أَقِمْ مَأْتَماً قَدْ أُثْكِلَ الْفَضْلُ أَهْلَهُ
وَبَكّ الْمَعالِي قَدْ أَجَدَّ رَحِيلُها

إِذا أَنْتَ كَلَّفْتَ المَدامِعَ حَمْلَ ما
عَناكَ مِنَ الأَحْزانِ خَفَّ ثَقِيلُها

وَيا باكِيَ الْعلْياءِ دُونَكَ عَبْرَةً
مَلِيّاً بِإِسْعادِ الْخَلِيلِ هُمُولها

وَمُهْجَةَ مَحْزُونٍ تَخَوَّنَها الضَّنا
فَلَمْ يَبْقَ إِلاّ وَجْدُها وَغَلِيلُها

ألا بِالتُّقى وَالصّالِحاتِ مُفارِقٌ
طَوِيلٌ عَلَيْهِ بَثُّها وَعَوِيلُها

أَصابَ الرَّدى نَفْساً عَزِيزاً مُصابُها
كَرِيماً سَجاياها قَلِيلاً شُكُولُها

فَأَقْسَمْتُ ما رامَتْ مَنِيعَ حِجابِها الْ
مَنُونُ وَفي غَيْرِ الْكِرامِ ذُحُولُها

وَما زالَ ثَأْرُ الدَّهْرِ عِنْدَ مَعاشِرٍ
يَشِيمُ النَّدى أيْمانَهُمْ وَيُخِيلُها

فَمَنْ يَكُ مَدْفُوعاً عَنِ الْمَجْدِ قُوْمُهُ
فَإِنَّ قَبِيلَ الْمَكْرُماتِ قَبِيلُها

وَمَنْ يَكُ مَنْسِيَّ الْفِعالِ فَإِنَّهُ
مَدى الدَّهْرِ بِالذِّكْرِ الْجَمِيلِ كَفِيلُها

يَطِيبُ بِقَدْرِ الْفائِحاتِ نَسِيمُها
وَتَزْكُو الْفُرُوعُ الطَّيِّباتُ أُصُولُها

سَحابَةُ بِرٍّ آنَ مِنْها انْقِشاعُها
وَأَيْكَةُ مَجْدٍ حانَ مِنْها ذُبُولُها

أَوَدُّ لَها سُقْيا الْغَمامِ وَلَوْ أَشا
إِذاً كَشَفتْ صَوْبَ الْغَمامِ سُيُولُها

وَكَيْفَ أُحَيِّي ساكِنَ الْخُلْدِ بِالْحَيا
وَما ذُخِرَتْ إلاّ لَهُ سَلْسَبِيلُها

سَيشْرُفُ فِي دارِ الْحِسابِ مَقامُها
وَيَبْرُدُ فِي ظلِّ الْجِنانِ مَقِيلُها

نَلُوذُ بِأَسْبابِ الْعَزاءِ وَإِنَّهُ
لَيَقْبُحُ فِي حُكْمِ الْوَفاءِ جَمِيلُها

وَهَلْ يَنْفَعُ الْمَرْزِيَّ أَنْ طالَ عَتْبُهُ
عَلَى الدَّهْرِ وَالأَيّامُ صَعْبٌ ذَلُولُها

فَلا يَثْلِمَنَّ الْحُزْنُ قَلْبَكَ بَعْدَها
فَقِدْماً أَبادَ الْمُرْهَفاتِ فُلُولُها

وَماذا الَّذِي يَأْتِي بِهِ لَكَ قائلٌ
وَأَنْتَ قَؤُولُ الْمَكْرُماتِ فَعُولُها

إِذا ابْنُ عَلِيٍّ رامَ يَوْماً بَحِزْمِهِ
لِقاءَ خُطُوبِ الدَّهْرِ دَقَّ جَلِيلُها

وَما زِلْتَ مَمْلُوءًا مِنَ الْهِمَمِ الَّتي
تُقَصِّرُ أَيّامَ الرَّدى وَتُطِيلُها

يَنالُ مَدى الْمَجْدِ الْبَعِيدِ رَذِيُّها
وَيَقْطَعُ فِي حَدِّ الزَّمانِ كَلِيلُها

فَقَدْتَ فَلَمْ تَفْقَدْ عَزاكَ وَإِنَّما
يُضَيِّعُ مَأْثُورَ الأُمُورِ جَهُولُها

عَلَى أَنَّ مَنْ فارَقْتَ بِالأَمْسِ لا تَفِي
بِحَقٍّ لَهُ أغْزارُ دَمْعٍ تُسِيلُها

وَما عُذْرُها أَنْ لا يَشُقَّ مُصابُها
عَلَى الدِّينِ وَالدُّنْيا وَأَنْتَ سَلِيلُها


إبن الخياط

الحمدان
07-09-2024, 06:28 PM
مَنْ كانَ مِثْلَ أَبِي عَلِيٍّ فَلْيَنَلْ
أُفُقُ السَّماءِ بِهِمَّةٍ لَمْ تُخْفَضِ

أَغْنى وَقَدْ أَبْدى النَّدى وَأَعادَهُ
عَنْ أَنْ أَقُولَ لَهُ أَطَلْتَ فَأَعْرِضِ

ما كانَ فِيما نِلْتُ مِنْهُ بِواعِدٍ
فَأَقُولَ إِنَّ الْوَعْدَ غَيْرُ مُمَرِّضِ

سَبَقَتْ مَواهِبُهُ الْوُعُودَ وَرُبَّما
جادَ السَّحابُ وَبَرْقُهُ لَمْ يُومِضِ

وَقَفَ الْحُسَيْنُ عَلَى السَّماحِ غَرامَهُ
لَيْسَ الْمُحِبُّ عَنِ الْحَبِيبِ بِمُعْرِضِ

كَشّافُ كُلِّ عَظِيمَةٍ إِنْ تَدْعُهُ
لا تَدْعُهُ لِلْخَطْبِ ما لَمْ يُرْمِضِ

وَإِذا أَرَدْتَ إلى الْحُسِيْنِ صَنِيعَةً
فَاعْرِضْ لِفَضْلِ نَوالِهِ وَتَعرَّضِ

إِنَّ السُّؤالَ لَواقِعٌ مِنْهُ بِمَنْ
زِلَةِ النَّوالِ مِنَ الْمُقِلِّ الْمُنْفِضِ

وَلَهُ إِذا وَعَدَ الْجَمِيلَ مَكارِمٌ
لا يَقْتَضِيهِ بِغَيْرِهِنَّ الْمُقْتَضِي

مَحْضُ الْعَلاءِ صَرِيحُهُ فِي أُسْرَةٍ
جَمَحِيَّةِ النَّسَبِ الصَّرِيحِ الأَمْحَضِ

ضَربَ الْحِمامُ عَلَيْهِمُ فَتَقَوَّضُوا
وَبِناءُ ذاكَ الْمَجْدِ لَمْ يَتَقَوَّضِ

قَوْمٌ لَهُمْ شَرَفُ الْحَطِيمِ وَمُبْتَنى الْ
عِزِّ فِي الْبِطاحِ الأَعْرَضِ

يُحْيي الثَّنا مَوْتى الْكِرامِ وَرُبَّما
ماتَ اللَّئِيمُ وَرُوحُهُ لَمْ تُقْبَضِ

ماذا تَقُولُ لِمَنْ أَتاكَ مُصَرِّحاً
نِعَمُ تَعَرِّضُها لِكُلِّ مُعَرِّضِ

قَدْ كانَ خَيَّمَ صَرْفُ كُلِّ مَلِمَّةٍ
عِنْدِي فَقالَ لَهُ سَماحُكَ قَوِّضِ

وَلَحَظْتَنِي فَعَرَفْتَ مَوْضِعَ خَلَّتِي
نَظَرَ الطَّبِيبِ إلى الْعَلِيلِ الْمُمْرَضِ

وَنَظَرْتَ مِنْ تَحْتَ الْخُمُولِ تَطَلُّعِي
كَالْماءِ بُرْقِعَ وَجْهُهُ بِالْعَرْمَضِ

لَمّا رَأَيْتَ الدَّهْرَ يَقْصُرُ هِمَّتِي
عَنْ غايَةِ الأَمَلِ الْبَعِيدِ الْمَرْكَضِ

أَنْهَضْتَنِي وَالسَّهْمُ لَيْسَ بِصائِبٍ
غَرَضاً إِذا الرّامِي بِهِ لَمْ يُنْبِضِ

وَالْعَضْبُ لَيْسَ بِبَيِّنٍ تَأْثِيرُهُ
وَالأَثْرُ حَتّى يَنْتَضِيهِ الْمُنْتَضِي

وَعَلَيْكَ حَقٌّ رَفْعُ ما أَسَّسْتَهُ
فِي مَذْهَبِ الكَرَمِ الَّذِي لَمْ يُرْفَضِ

لا يَمْنَعَنَّكَ مِنْ يَدٍ والَيْتَها
أَنِّي بِشكْرِ صَنِيعهِا لَمْ أَنْهَضِ

إِنَّ الْغَمامَ إِذا تَرادَفَ وَبْلُهُ
أَبْقى أَنِيقَ الرَّوْضِ غَيْرَ مُرَوَّضِ

وَلَئِنْ بَقِيتُ لَتَسْمَعَنَّ غَرائِباً
يَقْضِي الزَّمانَ وفَضْلُها لَمْ يَنْقَضِ

يَظْمَا إِلَيْها الْمُنْعِمُونَ فَمَنْ يَرِدْ
يَرِدِ الثَّناءِ الْعَذْبَ غَيْرَ مُبَرَّضِ

هذا وَلَسْتُ بِبالِغٍ بَعْضَ الَّذِي
أَوْلَيْتَ ما لُبِسَ الظَّلامُ وَما نُضِي

أَقْرَضْتَنِي حُسْنَ الصَّنِيعِ تَبَرُّعاً
وَالْقَرْضَ أَفْضَلُ مِنْ جَزاءِ الْمُقْرِضِ

فَاعْذُرْ إِذا ما الدَّهْرُ أَخْمَدَ فِكْرَتِي
أَيُّ الْكِرامِ بَدَهْرِهِ لَمْ يَغْرَضِ

جاءَتْكَ تُنْذِرُ بِالتَّوالِي بَعْدَها
كَالفَجْرِ فِي صَدْرِ الصَّباحِ الأَبْيضِ

أَبَنِي أَبِي الْعَيْشِ الأَكارِمَ إِنَّنِي
لُوْ لاكُمْ لَرَضِيتُ ما لَمْ أَرْتَضِ

ما زِلْتُ أَعْتَرِضُ الْمَوارِدَ قامِحاً
حَتّى وَصَلْتُ إلى الْبُحُورِ الْفُيَّضِ


إبن الخياط

الحمدان
07-09-2024, 06:29 PM
رَأَيْتُكَ لَمّا شِمْتُ بَرْقَكَ خُلَّباً
وَما أَرَبِي في عارِضٍ لَيْسَ يُمْطِرُ

فَأَخْطَأَنِي مِنْكَ الَّذِي كُنْتُ أَرْتَجِي
وَأَدْرَكَنِي مِنْكَ الَّذِي كُنْتُ أَحْذَرُ

وَما ذاكَ عَنْ عُذْرٍ فأَسْلُوهُ مَطْلَباً
تَعَذَّرَ لَكِنْ حَظِّيَ الْمُتَعَذِّرُ

وَكَمْ مانِعٍ رِفْداً وَما كانَ مانِعاً
وَلكنْ أَبى ذاكَ الْقَضاءُ الْمُقَدَّرُ

وَقَدْ كانَ فِيما بَيْنَنا مِنْ مَوَدَّةٍ
وَمَعْرِفَةٍ مَعْرُوفُها لَيْسَ يُنْكَرُ

مِنَ الْحَقِّ ما يَقْضِي عَلَيْكَ بِأَنْ أُرى
لَدَيْكَ وَحَظِّي مِنْ نَوالِكَ أَوْفَرُ

وَما هِيَ إِلاّ حُرْمَةٌ لُوْ رَعَيْتَها
رَعَيْتَ فَتىً عَنْ شُكْرِها لا يُقَصِّرُ

كَرِيماً مَتى عاطَيْتَهُ كَأْسَ عِشْرَةٍ
تَعَلَّمْتَ مِنْ أَخْلاقِهِ كَيْفَ يُشْكَرُ


إبن الخياط

الحمدان
07-09-2024, 06:30 PM
وَيَعْتادُنِي ذِكْراكَ في كُلِّ حالَةٍ
فَتَشْتَفُّنِي حَتّى تُهَيِّجَ وَسْواسِي

وَأَشْتاقُكُمْ وَالْيَأْسُ بَيْنَ جَوانِحِي
وَأَبْرَحُ شَوْقٍ ما أَقامَ مَعَ ألْياسِ

وَلَوْلا الرَّدى ما كانَ بِالعَيْشِ وَصْمَةٌ
وَلَوْلا النَّوى ما كانَ بِالْحُبِّ مِنْ باسِ


ابن الخياط

الحمدان
07-09-2024, 06:30 PM
أَلا يا مُحْرِقِي بالنّارِ مَهْلاً
كَفانِي نارُ حُبلِّكَ وَاشْتِياقِي

فَما تَرَكَتْ وَحَقَّكَ فِي فُؤادِي
وَلا جَسَدِي مَكاناً لاِحْتِراقِ

فَها أَنا مِاثِلٌ كَرَمادِ عُودٍ
مَضى مَحْصُولُهُ والشَّخصُ باقِ

فَلوْ واصَلْتَنِي يَوْماً لأَوْدى
بِجِسْمِي مَسُّ جِسْمِكَ بِالْعِناقِ

تُحَرِّقُنِي بِنارِكَ مُؤْذِناً لِي
بما أَنا فِيكَ يَوْمَ الْبَيْنِ لاقِ

وَنِيرانُ الصَّبابَةِ بالغِاتٌ
مُرادَكَ فِيَّ مِنْ قَبْلِ الْفِراقِ


إبن الخياط

الحمدان
07-09-2024, 06:31 PM
أَمُعَذِّبِي بِالنّارِ سَلْ بِجَوانِحِي
عِنْدِي مِنَ الزَّفَراتِ ما يَكْفِينِي

لا تَبْغِ إِحْراقِي فإِنَّ مَدامِعِي
تُغْرِي بِنارِكَ ماءَها فَيَقِينِي

لُوْلاَ بَوادِرُها الْغزِارُ لأَوْشَكَتْ
وَهَوَاكَ نارُ هَواكَ أَنْ تُرْدِينِي

كَمْ وَقْعَةٍ لِلشَّوْقِ شُبَّ ضِرامُها
فَلَقِيتُ فِيها أَضْلُعِي بِجُفُونِي


إبن الخياط

الحمدان
07-09-2024, 06:31 PM
تَحَرّانِي الزَّمانُ بِكُلِّ خَطْبٍ
وَعانَدَنِي الْقَضاءُ بِغَيْرِ ذَنْبِ

كَأَنَّ الدَّهْرَ يُحْزِنُهُ سُرُورِي
أَوِ الأَيّامَ يُظْمِئُهُنَّ شُرْبِي

أَيا زَمَنَ اللِّئامِ إِلى مَ حَمْلاً
عَلَيَّ وَبَعْضُ ما حُمِّلْتُ حَسْبِي

أَما يَحْظَى الْكِرامُ لَدَيْكَ يُوْماً
فَأَرْكَبَ فِيكَ عَيْشاً غَيْرَ صَعْبِ

أَعُدْماً وَاغْتِراباً وَاكْتِئاباً
لَقَدْ أَغْرَيْتَ بِي يا دَهْرُ نَحْبِي

لَعَلَّ فَتىً حَمَيْتُ بِهِ حَياتِي
زماناً وَالخُطُوبُ يُرِدْنَ نَهْبِي

يُعِينُ كَما أَعانَ فَيَجْتَبِينِي
بِنُعْمى طالَما فَرَّجْنَ كَرْبِي

فَيُنْقِذَ مِنْ غَمارِ الْمَوْتِ نَفْسِي
وَيُطْلِقَ من إسار الهم قلبي

وكنت إذا عتبت على زمان
أزال سَماحُ نَصْرِ اللهِ عَتْبِي

أُؤَمِّلُهُ لِحادِثَةِ الليالِي
فَأُخْصِبُ وَالزَّمانُ زَمانُ جَدْبِ

وَكَيْفَ يَخِيبُ مَنْ أَلْقى عَصاهُ
بِساحَةِ مُغْرَمٍ بِالْجُودِ صَبِّ

وَما يَنْفَكُّ يَنْفَحُ كًلَّ يُوْمٍ
نَسِيمُ الْعَيْشِ مِنْ ذاكَ الْمَهَبِّ

يَرُدُّ هُبُوبُهُ كَرَماً وَجُوداً
رِياحَ الدَّهْرِ مِنْ سُودٍ وَنُكْبِ

خَلائِقُ منْ أَبِي الْمَجْدِ اسْتَطالَتْ
بِهِمَّةٍ فاخِرٍ لِلْمجْدِ تَرْبِ

حَلَتْ أَعْراقُهُ كَرَماً فَباتَتْ
تُتَيِّمُ كُلَّ ذِي أَمَلٍ وَتُصْبِي

مَكارِمُ طالَما رَوَّيْتُ صَدْرِي
بِها وَوَرَدْتُ مِنْها كُلَّ عَذْبِ

تَزِيدُ غَزارَةً وَصَفاءَ وِرْدِ
عَلى ما طالَ مِنْ رَشْفِي وَعَبِّي

وَأَلْبَسَنِي صَنائِعَ لا أُبالِي
إِذا سالَمْنَنِي مَنْ كانَ حَرْبِي

وَقَفْتُ بِها الثَّناءَ عَلَى كَرِيمٍ
يَرى كَسْبَ الْمَكارِمِ خَيْرَ كَسْبِ

فَتىً لَمْ يُدْعَ لِلْمَعْرُوفِ إِلاّ
وَنائِلُهُ لِداعِيهِ الْمُلَبِّي

فِداؤُكَ كُلُّ مَمْنُوعٍ جَداهُ
ضَنِينٍ بَلْ فِداؤُكَ كُلُّ نَدْبِ

فَكَمْ قَرَّبْتَ حَظِّي بَعْدَ نَأْيٍ
وَباعَدْتَ النَّوائِبَ بَعْد قُرْبٍ

إِذا ما كُنْتَ مِنْ عُشّاقِ حَمْدِي
أَدَلَّ وَزارَ مَجْدَكَ غَيْرَ غِبِّ

وَمِثْلُكَ حَلَّ بَذْلُ الْجُودِ مِنْهُ
مَحَلَّ هُوى الْحَبِيبِ مِنَ الْمُحِبِّ


إبن الخياط

الحمدان
07-09-2024, 06:32 PM
إِذا عَزَّ نَفْسِي عَنْ هَواكَ قُصُورُها
فَمِثْلُ النَّوى يَقْضِي عَلَيَّ يَسِيرُها

وَهَلْ غادَرَ الهِجْرانُ إِلاّ حُشاشَةً
لِنَفْسٍ بأَدْنى لَوْعَةٍ يَسْتَطِيرُها

هَوىً وَنَوىً يُسْتَقْبَحُ الصَّبْرُ فِيهِما
وَحَسْبُكَ مِنْ حالٍ يُذَمُّ صَبُورُها

وَقَدْ كُنْتُ أَرْجُو أَنْ تَماسَكَ مُهْجَتِي
وَأَنَّكَ مِنْ جَوْرِ الْفِراقِ مُجِيرُها

فَما كانَ إِلاَّ غِرَّةً ما رَجَوْتُهُ
أَلا شَرُّ ما أَرْدى النُّفُوسَ غُرُورُها

وإِنِّي لَرَهْنُ الشَّوْقِ وَالشَّمْلُ جامِعٌ
فَكَيْفَ إِذا حَثَّ الْحُداةَ مَسِيرُها

وَما زِلْتُ مِنْ أَسْرِ الْقَطِيعَةِ باكِياً
فَمَنْ لِي غَداةَ الْبَيْنِ أَنِّي أَسِيرُها

وَكُنْتُ أَرى أَنَّ الصُّدودَ مَنِيَّةٌ
يَكُونُ مَعَ اللَّيْلِ التَّمامِ حُضُورُها

فَلَمّا قضَى التَّفْرِيقُ بِالْبُعْدِ بَيْنَنا
وَجَدْتُ اللَّيالِي كَانَ حُلْواً مَرِيرُها

أَعُدُّ سُرُورِي أَنْ أَراكَ بِغِبْطَةٍ
وَأَنْفَسُ ما يُهْدِي لِنَفْسٍ سُرُورُها

كَفى حَزَناً أَنِّي أَبِيتُ مُعَذَّباً
بِنارِ هُمُومٍ لَيْسَ يَخْبُو سَعِيرُها

وَأَنَّ عَدُوِّي لا يُراعُ وَأَنَّنِي
أَبِيتُ سَخِينَ الْعَيْنِ وَهْوَ قَرِيرُها

تَعافُ النُّفُوسَ الْمُرَّ مِنْ وِرْدِ عَيْشِها
وَتَكْرَهُ حَتّى يَسْتَمِرَّ مَرِيرُها

وَلا والْقَوافِي السّائِراتِ إِذا غَلَتْ
بِحُكْمِ النَّدى عِنْدَ الْكِرامِ مُهُورُها

لَئِنْ أَنا لَمْ يَمْنَعْ حِمايَ انْتِصارُها
وَيَثْنِي أَذى الْعادِينَ عَنِّي نَكِيرُها

فَلا ظَلَّ يُوْماً مُصْحِباً لِي أَبِيُّها
وَلا باتَ لَيْلاً آنِساً بِي نَفُورُها

قَطَعْتُ صُدُورَ الْعُمْرِ لَمْ أَدْرِ لَذَّةً
وَغَفْلَةَ عَيْشٍ كَيْفَ كَانَ مُرُورُها

وَلَمّا رَمانِي الدَّهْرُ عُذْتُ بِدَوْلَةٍ
جَلا الْحادِثاتِ الْفادِحاتِ مُنِيرُها

وَكَيْفَ يَخافُ الدَّهْرُ رَبُّ مَحامِدٍ
غَدا كَرَمُ الْمَنْصُورِ وَهْوَ نَصِيرُها

إِلى عَضُدِ الْمُلْكِ امْتطَيْتُ غَرائِباً
مُحَرَّمَةٌ إِلاّ عَلّي ظُهُورُها

ِإلى مَلِكٍ تَعْنُو الْمُلُوكُ لِبَأْسِهِ
ويَقْصُرُ يَوْمَ الْفَخْرِ عَنْهُ فَخُورُها

أَعَمُّهُمُ غَيْثاً إِذا بَخِلَ الْحيَا
وَأَطْعَنُهُمْ وَالْخَيْلُ تُدْمى نُحُورُها

إِلى حَيْثُ تَلْقى الْجُودَ هَيْناً مَرامُهُ
لِباغِيهِ وَالْحاجاتِ سَهْلاً عَسِيرُها

لَدى مَلِكٍ ما انْفَكَّ مِنْ مَكْرُماتِهِ
مَوارِدُ يَصْفُو عَذْبُها وَنَمِيرُها

يَزِيدُ عَلَى غُوْلِ الطُّرُوقِ صَفاؤُها
وَيَنْمِي عَلَى طُولِ الْوُرُودِ غَزِيرُها

أَغَرُّ لَوَ أَنَّ الشَّمْسَ يَحْظَى جَبِينُها
بِبَهْجَتِهِ ما كَانَ يُكْسَفُ نُورُها

غَنِيٌّ الْعُلى مِنْ كُلِّ فَضْلٍ وَسُؤْدَدٍ
وَلكِنَّهُ مِنْ كُلِّ مِثْلٍ فَقِيرُها

يُعُدُّ الْمَنايا مُسْتَساغاً كَرِيههُا
وَبِيضَ الْعَطايا مُسْتَقَلاًّ كَثِيرُها

سَقى اللهُ أَيّامَ الْمُؤَيَّدِ ما سَقَتْ
حَوافِلُ مُزْنٍ لا يُغِبُّ مَطِيرُها

فَما نَقَلَتْ جَرْداءُ سابِحَةٌ لَهُ
شَبِيهاً وَلا وَجْناءُ يَقْلَقُ كُورُها

سَقى لهذِه الدُّنْيا مِنَ الْعَدْلِ رَيَّها
فَأَصْبَحَ لا يَخْشَى الذَّواءَ نَضِيرُها

وَهَبَّ لَهُ فِيها نَسِيمُ غَضارَةٍ
مِنَ الْعَيْشِ حَتّى عادَ بَرْداً هَجِيرُها

عَفُوٌّ فَما عايَنْتُ زَلَّةَ مُجْرِمٍ
لَدى عَفْوِهِ إِلاّ صَغِيراً كَبِيرُها

لَهُ الرَّأْيُ وَالْبَأسُ اللَّذانِ تَكَفَّلا
لأَعْدائِهِ أَوْحى حِمامٍ يُبِيرُها

سُيُوفٌ مِنَ التَّدْبِيرَ والْفَتْكِ لَمْ يَزَلْ
وَمُغْمَدُها فِي كَفِّهِ وَشَهِيرُها

رَأَى أَرْضَ صُورٍ نُهْبَةً لِمُغالِبٍ
يُنازِلُها يَوْماً وَيَوْماً يُغِيرُها

تداركها والنصر في صدر سيفه
أخو عز مات لا يخاف فتورها

هُمامٌ إِذا ما حَلَّ يَوْماً بِبَلْدَةٍ
فَخَنْدَقُها حَدُّ الْحُسام وَسُورُها

وَسُمْرٌ مِنَ الْخَطِّيِّ لا تَرِدُ الْوَغى
فَتُحْطَمَ إِلاّ فِي الصُّدُورِ صُدُورُها

أَرى أُمَراءِ الْمُلْكِ لِلْفَخْرِ غايَةً
وَأَنْتَ إِذا عُدَّ الْفَخارُ أَمِيرُها

وَما زِلْتَ تسْمُو لِلْعَلاءِ بِهِمَّةٍ
تَقِلُّ لَكَ الدُّنْيا بِها كيْفَ صُورُها

وَأَقْسِمُ لَوْ حاوَلْتَ قَدْرَكَ فِي الْعُلى
لَما آثَرَتْ عَنْكَ السَّماءَ بُدُورُها

وَإِنَّ بِلاداً أَنْتَ حائِطُ ثَغْرِها
بِسَيْفِكَ قَدْ عَزَّتْ وَعَزَّ نَظِيرُها

فَسَعْداً لأَمْلاكٍ عَلَيْكَ اعْتمِادُها
وَفَخْراً لأيّامٍ إِلَيْكَ مَصِيرُها

لَقَدْ عَطَّرَ الدُّنْيا ثَناؤُكَ فَانْثَنى
بِهِ ذا كَسادٍ مِسْكُها وَعَبِيرُها

فَتاهَتْ بِذِكْراهُ الْبِلادُ وَأَهُلُها
وَهَبَّتْ بِرَيّاهُ الصِّبا وَدَبُورُها

مَلأْتَ بِهِ الآفاقَ طِيباً مَتى دَعا
إِلى نَشْرِهِ الآَمالَ خَفَّ وَقُورُها

فَجِئتُكَ ذا نَفْسٍ يُقَيِّدُها الْجَوى
وَقَدْ كادَ حُسْنُ الظَّنِّ فِيكَ يُطِيرُها

رَمِيمٍ أُزَجِّيها إِلَيْكَ لَعَلَّهُ
يَكُونُ بِنُعْمى راحَتَيْكَ نُشُورُها

وَلَسْتُ بِشاكٍ مُدَّةَ الْخَطْبِ بَعْدَها
وَأَوَّلُ إِفْضائِي إِلَيْكَ أَخِيرُها


ابن الخياط

الحمدان
07-09-2024, 06:33 PM
أَتانِيَ أَنَّ الْمَجْدَ عَنِّي سائِلٌ
وَأَنَّ الْعُلى لَمْ يَعْدُنِي فِيكَ عَتْبُها

فَيَا فَخْرَ شَخْصٍ حَلَّ سِرَّكَ ذِكْرُهُ
وَيا سَعْدَ نَفْسٍ سَرَّ مِثْلَكَ قُرْبُها

وَلا عُذْرَ إلاّ أنَّ لُبّاً شَدَهْنَهُ
نَوائِبُ مَغْفُورٌ بِجُودِكَ ذَنْبُها

وَما كانَ لِي لُوْلاكَ بِالرَّيِّ مَنْزِلٌ
وَإِنْ شَعَفْتْ غَيْرِي وَتَيَّمَ حُبُّها

وَما هِي إِلاّ كَالْبِلادِ وإِنَّما
بِوَطْئِكَ فَلْيَفْخَرَ عَلَى الْمِسْكِ تُرْبُها


إبن الخياط

الحمدان
07-09-2024, 06:34 PM
ألا لَيْتَ شِعْرِي هَلْ أَبِيتَنَّ لَيْلَةً
يُرَوِّحُنِي بِالْغُوطَتَيْنِ نَسِيمُ

وَهَلْ يَجْمَعَنَّ الْكَأْسُ شَمْلِي بِفِتْيَةٍ
عَلَى الْعَيْشِ مِنْهُمُ نَضْرَةٌ وَنَعِيمُ


إبن الخياط

الحمدان
07-09-2024, 06:35 PM
هِيَ الدِّيارُ فَعُجْ فِي رَسْمِها الْعارِي
إِنْ كانَ يُغْنِكَ تَعْرِيجٌ عَلَى دارِ

إِنْ يَخْلُ طَرْفُكَ مِنْ سُكَانِها فَبِها
ما يَمْلأُ الْقَلْبَ مِنْ شَوْقٍ وَتَذْكارِ

يا عُمْرُو ما وَقْفَةٌ فِي رَسْمِ مَنْزِلَةٍ
أَثارَ شَوْقَكَ فِيها مَحْوُ آثارِ

أَنْكَرْتَ فِيها الْهَوى ثُمَّ اعْتَرَفْتَ بِهِ
وَما اعْتِرافُكَ إلاّ دَمْعُكَ الْجارِي

تَشْجُو الدِّيارُ وَما يَشْجُو أَخا كَمَدٍ
مِنَ الْهَوى مِثْلُ دارٍ ذاتِ إفْقارِ

يا حَبَّذا مَنْزِلٌ بالسَّفِحِ مِنْ إِضَمٍ
وَدِمْنَةٌ بِلوى خَبْتٍ وَتعِشْارِ

وَحَبَّذا أُصُلٌ يُمْسِي يَجَرُّ بِها
ذَيْلُ النَّسِيمِ عَلَى مَيْثاءِ مَعْطارِ

لُوْ كُنْتُ ناسِيَ عَهْدٍ مِنْ تَقادُمِهِ
نَسِيتُ فِيها لُباناتِي وَأَوْطارِي

أَيّامَ يَفْتِكُ فِيها غَيْرَ مُرْتَقَبٍ
طَبْيُ الْكِناسِ بِلَيْثِ الْغابَةِ الضّارِي

يَصْبُو إِليَّ وَيُصْبِي كُلِّ مُنْفَرِدٍ
بِالدَّلِّ وَالْحُسْنِ مِنْ بادٍ وَمِنْ قارِ

لا أُرْسِلُ اللَّحْظَ إلاّ كانَ مَوْقِعُهُ
عَلَى شُمُوسٍ مُنِيراتٍ وَأَقْمارِ

ما أَطْيَبَ الْعَيْشَ لَوْ أَنِّي وَفَدْتُ بِهِ
عَلَى شَبابٍ وَدَهْرٍ غَيْرِ غَدّارِ

اَلآنَ قَدْ هَجَرَتْ نَفْسِي غَوايَتَها
وَحانَ بَعْدَ حُلُولِ الشِّيْبِ إِقْصارِي

وَالْعَيْشُ ما صَحِبَ الْفِتْيانُ دَهْرَهُمُ
مُقَسَّمُ بَيْنَ إِحْلاءٍ وإِمْرارِ

يا مَنْ بِمُجْتُمُعِ الشَّطَّيْنِ إِنْ عَصَفَتْ
بِكُمْ رِياحِي فَقَدْ قَدَّمْتُ إِعْذارِي

لا تُنْكِرُنَّ رِحِيلِي عَنْ دِيارِكُمُ
لَيْسَ الْكَرِيمُ عَلَى ضَيْمِ بِصَبّارِ

يَأْبى لِيَ الضَّيْمَ فُرْسانُ الْخِلاجِ وَما
حَبَّرْتُ مِنْ غُرَرٍ تُهْدى وَأَشْعارِ

وَقَدْ غَدَوْتُ بِعِزِّ الدِّينِ مُعْتَصِماً
إِنَّ الْكِرامَ عَلَى الأَيّامِ أَنْصارِي

مَلْكٌ إِذا ذُكِرَتْ يُوْماً مَواهِبُهُ
أَثْرى الرَّجاءُ بِها مِنْ بَعْدِ إِقْتارِ

يُعْطِيكَ جُوداً عَلَى الإِقْلال تَحْسَبُهُ
وافاكَ عَنْ نَشَبٍ جَمٍّ وَإِكْثارِ

رَيّانُ مِنْ كَرَمٍ مَلآنُ مِنْ هِمَمٍ
كَأَنَّهُ السَّيْفُ بَيْنَ الْماءِ وَالنّارِ

لَيْسَ الْجَوادُ جُواداً ما جَرى مَثَلٌ
حَتّى يَكُونَ كَحَسّانِ بْنِ مِسْمارِ

الْواهِبُ الْخَيْل إِمّا جِئْتَ زائِرَهُ
أَقَلَّ سَرْجَكَ مِنْها كُلُّ طَيّارِ

اَلطّاعِنُ الطَّعْنَةَ الْفَوْهاءَ جائِشَةً
تَرُدُّ طاعِنَها عَنْها بِتَيارِ

يَكادُ يَنْفُذُ فِيها حِينَ يُنْفِذُها
لُوْلا عُبابُ دَمٍ مِنْ فُوْرِها جارِ

تَلْقى السِّنانَ بِها وَالسَّرْدَ تَحْسَبُهُ
ما ضَلَّ منْ فُتُلٍ فِيها وَمِسْبارِ

فِي كَفِّهِ سَيْفُ مِسْمارَ الَّذِي شَقِيَتْ
هامُ الْمُلُوكِ بِهِ أَيّامَ سِنْجارِ

لاَ يَأْمُلُ الرّزْقَ إلاّ مِنْ مَضارِبِهِ
فَرْسُ الْهُمامِ بِأَنْيابٍ وَأَظْفارِ

نِعْمَ الْمُناخُ لِشُعْثٍ فَوْتِ مَهْلَكَةٍ
أَرْماقِ مَسْغَبَةٍ أنْضاءِ أَسْفارِ

لا يَشْتَكُونَ لَدَيْهِ الْمَحْلَ فِي سَنَةٍ
يَشْكُو بِها السَّغَبَ الْمَقْرِيُّ وَالقَارِي

سَحابُ جُوْدٍ عَلَى الرّاجِينَ مُنْهَمِلٍ
وَبَحْرُ جُودٍ عَلَى الْعافِينَ زَخّارِ

إذا تَرَحَّلَ عَنْ دارٍ أَقامَ لَهُ
مِنَ الصَّنائِعِ فِيها خَيْرُ آثارِ

كَالْغَيْثِ أَقْلَعَ مَحْمُوداً وَخَلَّفَ ما
يُرْضِيكَ مِنْ زَهَرٍ غَضٍّ وَنُوّارِ

تَبْقى الذَّخائِرُ مِنْ فَضْلاتِ نائِلِهِ
كَأَنَّها غُدُرٌ مِنْ بَعْدِ أَمْطارِ

مُظَفَّرُ الْعَزْمِ ما تَأْلُو مُوَفَّقَةً
آراؤُهُ بَيْنَ إِيْرادٍ وَإِصْدارِ

سامٍ إلى الشَّرَفِ الْممْنُوعِ جانِبُهُ
نامٍ إِلى الْحَسَبِ الْعَارِي مِنَ الْعارِ

مُخَوَّلٌ فِي جَنابٍ يَيْتَ مَمْلَكَةٍ
عَزُّوا بِهِ وَأَذَلُّوا كُلَّ جَبّارِ

أَيّامَ كَلْبٌ لَها ما بَيْنَ جُوسِيَةٍ
وَبَيْنَ غَزَّةَ مِنْ رِيفٍ وَأَمْصارِ

يَقُودُها مِنْ سِنانٍ عَزْمُ مُتَّقِدٍ
أَمامَها كَسِنانِ الصَّعْدَةِ الْوارِي

تَرْمِي بأَعُيُنِها فِي كُلِّ داجِيةٍ
مِنْهُ إلى كَوْكَبٍ بِالسَّعْدِ سَيّارِ

يَبِيتُ كلُّ ثَقِيلِ الرُّمْحِ حامِلُه
فِي سَرْجِ كُلِّ خَفِيفِ اللِّبْدِ مِغْوارِ

مُجْدٌ تَأَثَّلَ فِي نَجْدٍ أَوائِلُهُ
وَشِيد بِالشّامِ مِنْهُ الطّارِفُ الطّارِي

يَا بْنَ الْكرِامِ الأُلى ما زالَ مَجْدُهُمُ
مُغْرىً بِقِلَّةِ أشْباهٍ وَأَنْظارِ

اَلْمانِعِينَ غَداةَ الْخَوْفِ جارهُمُ
وَالْحافِظِينَ بِغَيْبٍ حُرْمَةَ الْجَارِ

بِيضُ الْعَوارِفِ أَغْمارٌ إِذا وَهَبُوا
جُوداً وَلَيْسُوا إِذا عُدُّوا بِأَغْمارِ

لا يَصْحَبُ الدَّهْرُ مِنْهُمْ طُولَ ما ذُكِرُوا
إِلاّ الثَّناءُ وَإلاّ طِيبُ أَخْبارِ

إِنَّ الْعَشائِرَ مِنْ أَحْياءِ ذِي يَمَنٍ
لَمّا بَغَوْكَ جَرَوْا فِي غَيْرِ مِضْمارِ

أَصْحَرْتَ إِذْ مَدَّ بِالْمِدّانِ سَيْلُهُمُ
وَاللَّيْثُ لا يُتَّقى مِنْ غَيْرِ إِصْحارِ

سالُوا فَأَغْرَقَهُمْ قطر نضحت به
ما كل سبل على خيل بجرار

مالوا فقوم منهم كل مناظر
طَعْنٌ يُعَدِّلُ مِنْهُمْ كُلَّ جُوّارِ

حَتّى إِذا نَهَتِ الأُولى فَما انْتَفَعُوا
بِالنَّهْي وَالْبَغْيُ فِيهِمْ شَرُّ أَمّارِ

أَبَحْتَها وَحَمَيْتَ الشّامَ معْتقِداً
أَنْ لَيْسَ يَنْفَعُ إِلاّ كُلُّ ضَرّارِ

قَدْ نابَكَ الدَّهْرُ أَزْماناً بِغَيْرِهِمِ
فَظَلَّ يَغْمِزُ عُوداً غَيْرَ خُوّارِ

وَكَمْ أَبَتَّ عَلَى ثَأْرٍ ذَوِي ضَغَنٍ
وَلَمْ تَبِتْ قَطُّ مِنْ قُوْمٍ عَلَى ثارِ

إِنْ زُرْتُ دارَكَ عنْ شَوْقٍ فَمَجْدُكَ بِي
أَوْلى وَما كُلُّ مُشْتاقٍ بِزَوّارِ

لَيْسَ الْمُطِيقُونَ حِجَّ الْبَيْتِ ما تَرَكُوا
فَرِيضَةَ الْحَجِّ عَنْ زُهْدٍ بِأَبْرارِ

وَقَدْ أَتَيْتُكَ أَسْتَعْدِي عَلى زَمَنٍ
لا يَشْرَبُ الْحُرُّ فِيهِ غَيْرَ أَكْدارِ

مُوَكِّلُ الْجُوْرِ بِالأَحْرارِ يَقْصِدُهُمْ
كَأَنَّهُ عِنْدُهُمْ طَلاّبُ أَوْتارِ

وَالْحَمْدُ أَنْفَسُ مَذْخُورٍ تَفَوزُ بِهِ
فَخُذْ بِحظِّكَ مِنْ عُونِي وَأَبْكارِي

مِنَ الْقَوافِي الَّتِي ما زِلْتُ أُودِعُها
عُلالَةَ الرَّكْبِ مِنْ غادٍ وَمِنْ سارِ

إِنَّ السِّماحَةَ َأُولاها وَآخِرَها
فِي كَفِّ كُلِّ يَمانٍ يَا بْنَ مِسْمارِ

لا تَسْقِنِي بسِوى جَدْوى يَدَيْكَ فَما
يُرْوِي مِنَ السُّحْبِ إِلاّ كُلُّ مِدْرارِ

وَلَسْتُ أَوَّلَ راج قادَهُ أَمَلٌ
قَدْ راحَ مِنْكَ عَلَى شَقْراءَ


ابن الخياط

الحمدان
07-09-2024, 06:36 PM
خُذا مِنْ صَبا نَجْدٍ أَماناً لِقَلْبِهِ
فَقَدْ كادَ رَيّاها يَطِيرُ بِلُبِّهِ

وَإِيَاكُما ذاكَ النَّسِيمَ فَإِنَّهُ
إِذا هَبَّ كانَ الْوَجْدُ أَيْسَرُ خَطْبِهِ

خَلِيلَيَّ لَوْ أَحْبَبْتُما لَعلِمْتُما
مَحَلَّ الْهَوى مِنْ مُغْرَمِ الْقَلْبِ صَبِّهِ

تَذَكَّرَ وَالذِّكْرى تُشُوقُ وَذُو الْهَوى
يَتُوقُ وَمَنْ يَعْلَقْ بِهِ الْحُبُّ يُصْبِهِ

غَرامٌ عَلَى يَأْسِ الْهَوى وَرَجائِهِ
وَشَوْقٌ عَلى بُعْدِ الْمَزارِ وَقُرْبِهِ

وَفِي الرَّكْبِ مَطْوِيُّ الضُّلُوعِ عَلَى جَوىً
مَتى يَدْعُهُ داعِي الْغَرامِ يُلَبِّهِ

إِذا خطَرْتَ مِنْ جانِبِ الرَّمْلِ نَفْحَةٌ
تَضَمَّنَ مِنْها داءَهُ دُونَ صَحْبِهِ

وَمُحْتَجِبٍ بَيْنَ الأَسِنَّةِ مُعْرِضٍ
وَفِي الْقَلْبِ مِنْ إِعْراضِهِ مِثْلُ حُجْبِهِ

أَغارُ إِذا آنَسْتُ فِي الْحَيِّ أَنَّةً
حِذاراً وَخَوْفاً أَنْ تَكُونَ لِحُبِّهِ

وَيَوْمَ الرِّضى وَالصَّبُّ يَحْمِلُ سُخْطَهُ
بِقَلْبٍ ضَعِيفٍ عَنْ تَحَمُّلِ عَتْبِهِ

جَلالِيَ بَرّاقَ الثَّنايا شَتِيتَها
وَحلأنِي عَنْ بارِدِ الْوِرْدِ عَذْبِهِ

كَأَنِّيَ لَمْ أَقْصُرْ بِهِ اللَّيْلَ زائِراً
تَحُولُ يَدِي بَيْنَ الْمِهادِ وَجَنْبِهِ

وَلا ذُقْتُ أمْناً مِنْ سَرارِ حُجُولِهِ
وَلا ارْتَعْتُ خَوْفاً مِنْ نَمِيمَةِ حَقْبِهِ

فَيا لَسَقامِي مِنْ هَوى مُتَجَنِّبٍ
بَكى عاذِلاهُ رَحْمَةً لِمُحِبِّهِ

وَمِنْ ساعَةٍ لِلْبَيْنِ غَيْرِ حَمِيدَةٍ
سَمَحْتُ بِطَلِّ الدَّمْعِ فِيها وَسَكْبِهِ

أَلا لَيْتَ أَنِّي لَمْ تَحُلْ بَيْنَ حاجِرٍ
وَبَيْنِي ذُرى أَعْلامِ رَضْوى وَهَضْبِهِ

وَلَيْتَ الرِّياحَ الرّائِحاتِ خَوالِصٌ
إِلَيَّ وَلَوْ لاقَيْنَ قَلْبِي بِكَرْبِهِ

أَهِيمُ إِلى ماءٍ بِبُرْقَةِ عاقِلٍ
ظَمِئْتُ عَلَى طُولِ الْوُرُودِ بِشُرْبِهِ

وَأسْتافُ حُرَّ الرَّمْلِ شَوْقاً إِلى اللِّوى
وَقَدْ أَوْدَعَتْنِي السُّقْمَ قُضْبانُ كثْبِهِ

وَلَسْتُ عَلَى وَجْدِي بِأَوَّلِ عاشِقٍ
أَصابَتْ سِهامُ الْحُبِّ حَبَّةَ قَلْبِهِ

صَبَرْتُ عَلَى وَعْكِ الزَّمانِ وَقَدْ أُرى
خَبِيراً بِداءِ الحادِثاتِ وَطِبِّهِ

وَأَعْرَضْتُ عَنْ غُرِّ الْقَوافِي وَمَنْطِقِي
مَلِيءٌ لِمُرْتادِ الْكَلامِ بِخِصْبِهِ

وَما عَزَّ نِي لَوْ شِئْتُ مَلْكٌ مُهَذَبُ
يَرى أَنَّ صَوْنَ الْحَمْدِ عَنْهُ كَسَبِّهِ

لَقَدْ طالَما هَوَّمْتُ فِي سِنَةِ الْكَرى
وَلا بُدَّ لِي مِنْ يَقْظَةِ الْمُتَنَبِّهِ

سأَلْقى بِعَضْبِ الدَّوْلَةِ الدَّهْرَ واثِقاً
بِأَمْضى شَباً مِنْ باتِرِ الْحَدِّ عَضْبِهِ

وَأَسْمُو عَنِ الآمالِ هَمَّاً وَهِمَّةً
سُمُوَّ جَمالِ الْمُلْكِ عَنْ كُلِّ مُشْبِهِ

هُوَ الْملْكُ يَدْعُو الْمُرْمِلِينَ سَماحُهُ
إِلى واسِعٍ باعَ الْمَكارِمِ رَحْبِهِ

يُعَنَّفُ مَنْ لَمْ يَأْتِهِ يَوْمَ جُودِهِ
وَيُعْذَرُ مَنْ لَمْ يَلْقَهُ يَوْمَ حَرْبِهِ

كَأَنِّي إِذا حَيَّيْتَهُ بِصِفاتِهِ
أَمُتُّ إِلى بَدْرِ السَّماءِ بِشُهْبِهِ

هُوَ السَّيْفُ يُغْشِي ناظِراً عِنْدَ سَلِّهِ
بِهاءً وَيُرْضِي فاتِكاً يَوْمَ ضَرْبِهِ

يَرُوقُ جَمالاً أَوْ يَرُوعُ مَهابَةً
كَصَفْحِ الْحُسامِ الْمَشْرَفِيِّ وَغَرْبِهِ

هُمامٌ إِذا أَجْرى لِغايَةِ سُؤْدُدٍ
أَضَلَّكَ عَنْ شَدِّ الْجَوادِ وَخَبِّهِ

تَخَطّى إِلَيْها وادِعاً وَكَأَنَّهُ
تَمَطّى عَلَى جُرْدِ الرِّهانِ وَقُبِّهِ

وَما أَبَقٌ إِلا حَياً مُتَهَلِّلٌ
إِذا جادَ لَمْ تُقْلِعْ مَواطِرُ سُحْبِهِ

أَغَرُّ غِياثٌ لِلأَنامِ وَعِصْمَةٌ
يُعاشُ بِنُعْماهُ ويُحْمى بِذَبِّهِ

يَقُولُونَ تِرْبٌ لِلْغَمامِ وإِنَّما
رَجاءُ الْغَمامِ أَنْ يُعَدَّ كَتِرْبِهِ

فَتىً لَمْ يَبِتْ وَالْمَجْدُ مِنْ غَيْرِ هَمِّهِ
وَلَمْ يَحْتَرِفْ وَالْحَمْدُ مِنْ غِيْرِ كَسْبِهِ

وَلَمْ يُرَ يَوْماً راجِياً غَيْرَ سَيْفِهِ
وَلَمْ يُرَ يَوْماً خائِفاً غَيْرَ رَبِّهِ

تَنَزَّهَ عَنْ نَيْلِ الْغِنى بِضَراعَةٍ
وَلَيْسَ طَعامُ اللَّيْثِ إِلاّ بِغَصْبِهِ

أَلا رُبَّ باغٍ كانَ حاسِمَ فَقْرِهِ
وَباغٍ عَلَيْهِ كانَ قاصِمَ صُلْبِهِ

وَيَومِ فَخارٍ قَدْ حَوى خَصْلَ مَجْدِهِ
وَأَعْداؤُهُ فِيما ادَّعاهُ كَحِزْبِهِ

هُوَ السَّيْفُ لا تَلْقاهُ إِلاّ مُؤَهَّلاً
لإيجابِ عِزٍّ قاهِرٍ أَوْ لِسَلْبِهِ

مِنَ الْقَوْمِ راضَوا الدَّهْرَ وَالدَّهْرُ جامِحٌ
فَراضُوهُ حَتى سَكَّنُوا حَدَّ شَغْبِهِ

بِحارٌ إِذا أَنْحَتْ لَوازِبُ مَحْلِهِ
جِبالٌ إِذا هَبَّتْ زَعازِعُ نُكْبِهِ

إِذا وَهَبُوا جادَ الْغَمامُ بِصَوْبِهِ
وَإِن غَضِبُوا جاءَ الْعَرِينُ بِغُلْبِهِ

إِذا ما وَرَدْتَ اْعِزَّ يَوْماً بِنَصْرِهِمْ
أَمَلَّكَ مِنْ رَشْفِ النَّمِيرِ وَعَبِّهِ

أَجابَكَ خَطِّيُّ الْوَشِيجِ بِلُدْنِهِ
وَلَبّاكَ هِنْدِيُّ الْحَدِيدِ بِقُضْبِهِ

أُعِيدَ لَهُمْ مَجْدٌ عَلَى الدَّهْرِ بَعْدَما
مَضى بِقَبِيلِ الْمَجْدِ مِنْهُمْ وَشَعْبِهِ

بِأرْوَعَ لا تَعْيا لَدَيْهِ بِمَطْلَبٍ
سِوى شَكْلِهِ فِي الْعالَمِينَ وَضَرْبِهِ

تُرَوِّضُ قَبْلَ الرَّوْضِ أَخْلاقُهُ الثَّرى
وَتَبْعَثُ قَبْلَ السُّكْرِ سُكْراً لِشَرْبِهِ

وَتَفْخُرُ دارٌ حَلَّها بِمٌقامِهِ
وَتَشْرُفُ أَرْضٌ مَرَّ فِيها بِرَكْبِهِ

وَلَمّا دَعَتْهُ عَنْ دِمَشْقَ عَزِيمَةٌ
أَبى أَنْ يُخِلَّ الْبَدْرُ فِيها بِقُطْبِهِ

تَرَحَّلَ عَنْها فَهْيَ كاسِفَةٌ لَهُ
وَعادَ إِلَيْها فَهْيَ مُشْرِقَةٌ بِهِ

وَإِنَّ مَحَلاً أُوطِئَتْهُ جِيادُهُ
لَحَقَ عَلَى الأَفْواهِ تَقْبِيلُ تُرْبِهِ

رَأَيْتُكَ بَيْنَ الْحَزْمِ وَالْجُودِ قائِماً
مَقامَ فَتى الْمَجْدِ الصَّمِيمِ وَنَدْبِهِ

فَمِنْ غِبِّ رَأْيٍ لا تُساءُ بِوِرْدِهِ
وَمِنْ وِرْدِ جُودٍ لا تُسَرُّ بِغِبِّهِ

وَلَمّا اسْتَطالَ الخَطْبُِ قَصَّرْتَ باعَهُ
فَعادَ وَجِدُّ الدَّهْرِ فِيهِ كَلَعِبِه

وَما كانَ إِلاّ الْعَرَّ دَبَّ دَبِيبُهُ
فَأَمَّنْتَ أَنْ تُعْدى الصِّحاحُ بِجُرْبِهِ

وَصَدْعاً مِنَ الْمُلْكِ اسْتَغاثَ بِكَ الْوَرى
إِلَيْهِ فَما أَرْجَأْتَ فِي لَمِّ شِعْبِهِ

فَغاضَ أَتِيٌّ كُنْتَ خائِضَ غَمْرِهِ
وَأَصْحَبَ خَطْبٌ كُنْتَ رائِضَ صَعْبِهِ

حُبِيتَ حَياءً فِي سَماحٍ كَأَنَّهُ
رَبِيعٌ يَزِينُ النَّوْرُ ناضِرَ عُشْبِهِ

وَأَكْثَرْتَ حُسّادَ الْعُفاةِ بِنائِلٍ
مَتى ما يُغِرْ يَوْماً عَلى الْحَمْدِ يَسْبِهِ

مَناقِبُ يُنْسِيكَ الْقَدِيمَ حَدِيثُها
وَيَخْجَلُ صَدْرُ الدَّهْرِ فِيها بِعُقْبِهِ

لَئِنْ خَصَّ مِنْكَ الْفَخْرُ ساداتِ فُرْسِهِ
لَقَدْ عَمَّ مِنْكَ الْجُودُ سائِرَ عُرْبِهِ

إِذا ما هَزَزْتُ الدَّهْرَ بِاسْمِكَ مادَحاً
تَتَثّنّى تَثَنِّي ناضِرِ الْعُودِ رَطْبِهِ

وَإِنَّ زَماناً أَنْتَ مِنْ حَسَناتِهِ
حَقِيقٌ بِأَنْ يَخْتالَ مِنْ فَرطِ عُجْبِهِ

مَضى زَمَنٌ قَدْ كانَ بالْبٌعْدِ مُذْنِباً
وَحَسْبِي بِهذا الْقُرْبِ عُذْراً لِذَنْبِهِ

وَما كُنْتُ بَعْدَ الْبَيْنِ إِلاّ كَمُصْرِمٍ
تَذَكَّرَ عَهْدَ الرَّوْضِ أَيامَ جَدْبِهِ

وَعِنْدِي عَلَى الْعِلاّتِ دَرُّ قَرائِحٍ
حَوى زُبَدَ الأَشْعارِ ما خِضُ وَطْبِهِ

وَمَيْدانُ فِكْرٍ لا يُحازُ لَهُ مَدىً
وَلا يَبْلُغُ الإِسْهابُ غايَةَ سَهْبِهِ

يُصَرِّفُ فِيهِ الْقَوْلَ فارِسُ مَنْطِقٍ
بَصِيرٌ بِإِرْخاءِ الْعِنانِ وَجَذْبِهِ

وَغَرّاءُ مَيَّزْتُ الطَّوِيلَ بِخَفْضِها
فَطالَ عَلَى رَفْعِ الْكَلامِ وَنَصْبِهِ

مِنَ الزُّهْرِ لا يُلْفَيْنَ إِلاّ كَواكباً
طَوالِعَ فِي شَرْقِ الزَّمانِ وَغَرْبِهِ

حَوالِيَ مِنْ حُرِّ الثَّناءِ وَدُرِّهِ
كَواسِيَ مِنْ وَشْيِ الْقَرِيضِ وَعصْبِهِ

خَطَبْتَ فَلَمْ يَحجُبْكَ عَنْها وَلِيُّها
إِذا رُدَّ عَنْها خاطِبٌ غَيْرَ خِطْبِهِ

ذَخَرْتُ لَكَ الْمَدْحُ الشَّرِيفَ وَإِنَّما
عَلَى قَدْرِ فَضْلِ الزَّنْدِ قِيمَةُ قُلْبِهِ

فَجُدْهُ بِصَوْنٍ عَنْ سِواكَ وَحَسْبُهُ
مِنَ الصَّوْنِ أَنْ تُغْرِي السَّماحَ بِنَهْبِهِ


ابن الخياط
العصر المملوكي

الحمدان
07-09-2024, 06:37 PM
أنا مشغول بليلي
عن جميع الكون جمله

فإذا ما قيل من ذا
قل هو الصب الموله

أخذته الراح حتى
لم تبق فيه فضله

راح أنس راح قدس
ليست اراح المضله

نسمات القرب هبت
من ربوع العامرية

أطربت روحي وسري
حين أهدت لي التحية

وسرت في الكون منها
نفحات عنبرية

فار وعني من حديثي
إن تكن يا سعد أهله

إنه سر شريف
ليس للأغيار يذكر

إنه معنى لطيف
عن جميع الناس يستر

غير عن عبد تقي
صوفي صافي محرر

ذي شريقة وحيقيقة
جمع الفرع وأصله

أين أرباب المثاني
والعلوم اللدنيه

أين أصحاب المعاني
والنفوس العلويه

أنا أدعو من دعاني
هكذا حكم القضيه

في خصوص لأعموم
علة من بعد نهله


إبن علوي الحداد

الحمدان
07-09-2024, 06:37 PM
هواكم بقلبي والفؤاد مقيم
وشوقي إليكم مقعد ومقيم

وأنتم لروحي روحها ونعيمها
فياحبذا روح لها ونعيم

إذا ما دنوتم فالحياة لذيذة
وفي العيش خير والزمان سليم

ومهما بعدتم سادتي وجفوتم
فقلبي وجسمي واله وسقيم

وأحسن عيش ليس فيه وجودكم
وإن كن ملك الأرض فهو ذميم

وكل سرور قد خلا عن وصلكم
فما هو إلا ترحة وغموم

فمنوا وجوداً باللقا وتعطفوا
وعودوا فإني فاقد وعديم

لمن تدعوني سادتي وأحبتي
لكل لئيم لا يزال يلوم

أما ترحموا ذلي وضعفي وغربتي
وأنتم كرام والكريم رحيم

رعى اللَه أياماً خلت في ربوعكم
بعيش هنيء لم تشبه هموم

وكنا وكنتم والزمان مساعد
وما ثم إلا مؤنس ونديم

فهل لليالي الماضيات بعودة
وإلّا فإني للحياة سئوم

أأبقى كذا بين الأباعد ليس لي
أنيس حقيقي الوداد كتوم

أسامره فيكم بأخبار حبكم
وفي بحر أسرار الوجود نعوم

وقد كان بالوادي وبالربع والحمى
رجال مصابيح الوجود نجوم

لهم من شراب القوم شرب ومن
حديث نجد حديثٌ طيب وقويم

وكنت بهم وافي الجناحين سا
كن الفؤاد ويحيا إذ تهب نسيم

فأعدمني الدهر الخئون وجودهم
وما الدهر إلا خائن وظلوم

وأصبحت من بعد الأحبة مفرداً
وحيداً ومحزون الفؤاد كظيم

فآه وآهٍ كم دموعٍ أسيلها
عليهم وما إلا الإله يدوم

فأحمده سبحانه جل ذكره
عليم وحي قادر وقديم


ابن علوي الحداد

الحمدان
07-09-2024, 06:38 PM
إن القناعة كنز ليس بالفاني
فاغنم هديت أخي عيشها الفاني

وعش قنوعاً بلا حرص ولا طمع
تعش حميداً رفيع القدر والشاني

ليس الغنى كثير المال يخزنه
لحادث الدهر أو للوارث الشاني

يجمع المال من حل ومن شبه
وليس ينفق في بر وإحسان

يشقى بأمواله قبل الممات كما
يشفي بها آخراً في عمره الثاني

إن الغنى غني النفس قانعها
موفر الحظ من زهد وإيمان

بر كريم سخي النفس ينفق ما
حوت يداه من الدنيا بأيقان

منور القلب يخشى اللَه يعبده
ويتقيه بأسرار وإعلان

مؤيد راسخ في العلم متبع
أثر الرسول بإخلاص وإحسان


إبن علوي الحداد

الحمدان
07-09-2024, 06:38 PM
سقى اللَه بشاراً بوابل رحمةٍ
يجود عليها بالصباح وبالمسا

مرابع أحباب الفؤاد ومن لهم
به صدق ود في سرائره أرسى

وحياهم الرحمن بالعفو والرضا
وأولاهم الإحسان والقرب والأنسا

فثم أحيبابي وأهلي وسادتي
وأشياخنا المحسنون لنا غرسا

غرائس مجد في حقائق نسبة
مطهرة سدنا بها الغير والجنسا

ولا تنس ما بين القبور بزنبل
لقبر بقلبي ذكره قط لا ينسى

تضمن إلفاً صالحاً ومباركاً
فأكرم به قبراً وأكرم به رمسا

دفنت به من فيه روحي وراحتي
فعاد أغض العيش من بعده يبسا

فيا رحمة الرحمن زوريه وأحللي
على قبره حتى تطيب له نفسا

وحييه عنا بالسلام وروحي
بروح الرضا والقرب معناه والحسا

وقولي له أنا على العهد والوفا
وإن الفنا قد عمم الجن والإنسا

ومن ذا الذي يرجو البقا بعد أحمد
نبي الهدى من نوره يخجل الشمسا


أبن علوي الحداد

الحمدان
07-09-2024, 06:39 PM
دع الناس يا قلبي يقولون ما بدا
لهم واتثق بالله رب الخلائق

ولا ترتجي في النفع والضر غيره
تبارك من رب كريم وخالق

فليس لمخلوق من الأمر ها هنا
ولا ثم شيء فاعتمد قول صادق

هو الرب لا رب سواه وكلهم
عبيد وتحت الحكم من غير فارق

نعم بعضهم ممن يجب ويرتضي
لطاعته والبعض عاص ومارق

بتوفيقه صار المطيع يطيعه
وخالف بالعصيان كل مفارق

فسل ربك التوفيق والعفو والرضا
وكوناً مع أهل الهدى والحقائق

رجال إلى الرحمن ساروا بهمة
على الصدق والإخلاص من غير عائق

فنالوا الذي كل المطالب دونه
فلِلَه من عيش كريمٍ ورائق

دنو وتقريب وأنس بحضرة
مقدسة في منتهى كل سائق

فآهٍ على عيش الأحبة كم أسا
عليه وكم دمع على الخد دافق


ابن علوي الحداد
العصر العثماني

الحمدان
07-09-2024, 06:40 PM
هي هكذا الدنيا كأدوار الفلك
‏فيها التأرجح بين نورٍ أو حلَك

‏بينا يرى الانسان فيها مالكاً
‏حتى يفارقها المليك وما ملَك

‏حتى المشاعر مثلنا في حالها
‏تفنى ويبقى بعدها ما حالَ لك


جابر العثواني

الحمدان
07-09-2024, 09:39 PM
أنا التارك الأوطان والنازح الذي
تنبع ركب العشق في زي قائف

وما زلت اطوي نفنفا بعد نفنف
كأني مخلوق لطي النفانف

فلا تعذلوني ان رأيتم كتابتي
بكل مكان حله كل طائف

لعل الذي باينت عيشي لبينه
وافنيت فيه تالدي قبل طارفي

تكلفه الايام ارضا حللتها
الا انما الايام طرق التكالف

فيملى عليّ الدهر ما قد كتبته
فيعطف نحوي غصن تلك المعاطف


النحاس

الحمدان
07-09-2024, 09:39 PM
غرست لكم في المدح ما اخضر عوده
والقت اليه الزهر عقدا من الزهر

وصارت عيون المشفقين قلائداً
عليه وعين الحقد تنظر عن شزر

وقلت ستندي بالثمار اناملي
فما كان الا ان قبضت على جمر

وعدت كما عاد لميء مذما
اغص بسكري وهو يحسب من وزري

وما ساء حظاً كالذي اجتلب الهوى
واسلمه محض الوداد إلى الهجر


النحاس

الحمدان
07-09-2024, 09:40 PM
كحل بعينيك ام ضرب من الكحل
ورد بخديك ام صبغ من الخجل

قضيب بان اذا ما مال ميله
دعص من الرمل ام ضرب من الرمل

يفتر عن سمط در في عقيق فم
عذب المراشف ممنوع من القبل

اقسمت ما روضة بالنيربين اذا
سحت عليها شؤون العارض الهطل

شقت شقايقها ايدي الربيع وقد
ماست حداثقها كالشارب الثمل

يوما بأحسن من ورد الخدود على
بان القدود ولا من نرجس المقل

وقائل وشموس الراح قد افلت
فينا وشمس مدير الراح لم تقل

هذا هو الحب لولا كثرة الرقيا
ولذة العيش لولا سرعة الأجل


النحاس

الحمدان
07-09-2024, 09:41 PM
نهن على حين ارتقيت اللياليا
وقدت الأماني حافلات كما هيا

وكم مدة حتى استدريت ضرعها
وكم قلق حتى اطمأنيت راضيا

حمدنا لك اللّه ارتياحا لفضله
كثيرا واكثرنا هناك التهانيا

وباللّه قل لي بعد ذا الحظ كله
اهنيك جهدي ام اعزى الاعاديا

هم ابصروا من غرسك الغصن مثمرا
وما كان من غرس لهم صار فاويا

فهبت سموم من لظى نظراتهم
إليه فكان اللّه إذ ذاك واقيا

على ابنك عين اللّه من كل حاسد
وليس يبيج اللّه ما كان حاميا

ولا زلت تاج العارفين إلى العلا
كما شئت او شاءت مساعيك راقيا

ولا عصفت ريح بما انت غارس
ولا صدع التفريق ما كنت بانيا


النحاس

الحمدان
07-09-2024, 09:42 PM
سقم بطرفك قد اقضى الى بدني
حتى تبدل من عيني بالوسن

عدمت نظرة عين غادرت جسدي
لولا التأوه للعواد لم يبن

من لي بربة هجر نبل مقلتها
لم تحم منها طلاب الزغف والجنن

زارت فلم ار ليلاً قبل طلتعتها
شمس النهار بدت في حندس الدجن

أنانبي الهوى هذا القضيب اتى
يمشي الي وهذا الظبي كلمني

يا عاذلي لك ان زار الكرى مقلي
على ادخال هذا النصح في اذني

لا انشني عن طريق الحب ذا ملل
ما دام باق تثني ذلك الغصن

لا جاورت هممي هام السها شرفا
ولا نهلن بحار الفضل من فطن

ولا انتنت دون عزمي يوم معركة
تحث العجاجة جبنا سطوة الزمن

ان طال حملى عبء الذل في بلد
تطاول الأكم فيه قمة القنن

لأتركن النضا جرزاً وكان بها
شذوب ذي وله بالمجد مفتتن

لا يخبط السوط منها غير مقتبل
يحسمها نحو طيب الحوض والعطن

مثل القسى كلالا ما رمت قدما
الا واشفقت ان تكبو على التفن

تهاجر النوم في وقت الكرى مقلى
كأنما الطرف جسمى والكرى وطنى

اخشى رداها فتبدى لي صلابتها
كأنما حدثت في اسم ابي الحسن


النحاس

الحمدان
07-09-2024, 09:43 PM
قل لمن رام ان يدانيك مجدا
اقصر اقصر اطلت يا مغرور

نحن بيت لنا التقدم بالفضل
على رغم من له التأخير

كل فرد منا له كل عصر
فلك المجد بالتهاني بدور

نحن بيت لنا نصيب من
النصر وحظ على العدا موفور

نحن ما بين ناصر وأبي
النصر ويكفيك والدي منصور

قدوة العلم زبدة الحلم صدر
تعالى يا خمصيه الصدور

كان نجم الهدى وها انا والناس
تراني شهابه المستنير

انا كيد العدا وكوكب اقبالي
على ظلمة الحسود ينير

كم عدو كالوحش ينفر من
حيث يراني وقلبه مذعور

هممي مستبدة وفخاري
كلساني بين العدا مشهور

قسما ان حاسديك لا موات
وما يلبسون فهي القبور

فاقتطفنا انت زهرة الحظ وانعم
حيث باع الحياة منهم قصير

وابق واستبق نعمة اللّه بالش
كر تزدها فقد يزاد الشكور

واسرح الطرف في برود مديح
لم يحكها غيري وانت خبير

لك فصلتها فجاءت على
العيد كما شئتها وشاء المرور

والذي حثني هو الود والاخ
لاص لا المذق والحطام اليمير

انا أولى بان تصون ودادي
مثلما بالمديح انت جدير

رب مدح يزهى به الغير كالحلي
معارا يزهي به المستعير

هان من أم بالمديح اناساً
يستوى الشعر عندهم والشعير

همم رثة والسنة غلف
وايد اكفهن صخور

ضاع شعري بين الكرام كما ضاع
سفاها بين المرأة البخور

من محبي دهري اللئيم ام الحظ
المنافي ام الحبيب النفور

كيف ارجو الخلاص بين ثلاث
ويد الكل في قفاي تجور


النحاس

الحمدان
07-09-2024, 09:43 PM
خذ العفو وأمر بالذي أنت أهله
فتحت يديد الامر والنهى كله

ولا تنس أضيافاً على جودك رتموا
وإن كان معروفا فأنا محله

تبصر بنا وازرع جميلك عندنا
فزرعك فينا لا يضيع مغله

أنا الكوكب السيار في كل بلدة
تراعيه أعيان العلا وتجله

تطوف على سمع البلاد قصائدي
ويخدمني سهل الكلام وجزله

أنا ابن الذين استوثقوا صهوة العلا
ودربهم وبل السخاء وطله

نرى الذي في شكوى الزمان لغيرنا
ولو سكنت في حبة القلب نبله

ولا خير في فضل الفتى بين قومه
إذا لم يوازي صدمة الدهر فضله

وإني لصبار لدى كل صدمة
وكل حسام ليس تدريه فابله

اضاع دنى الاصل فضلي ولم يضع
ويكفي سخيف العقل في الناس جهل

ويا رب باغ سل سيفا وجاءني
فكان بسيف سله قتله

وكلنا جزاء الغادرين لغدرهم
وكل امرىء منا سيجزيه فعله

فلا تشمت اليوم العدا بمصابنا
لعل غدا يأتي لهم فيه مثله

هو الدهر يمسى المرء في ليل أمنه
وقبل انشقاق الفجر يدهيه ختله

وما جرب الايام والدهر وارعوى
من الناس الاكل من تم عقله

لعمري لقد صاحبت دهري وأهله
فلم أر إلّا ما أرى وأملّه

سوى حضرة الآغا رعى الّله قدره
ودام به في قلعة الطور عدله

فاحمدت منه أحمدا لا اذمه
وحملت منه نائلا لا اقله

نزلنا فحيانا وحيت رجاله
وكاد يحيينا من الطور اثله

فاسفر كل عن أصالة غرسه
وفعل الفتىينبي اذا غاب اصله

ساذكرهم في كل ارض حللتها
وذكر الفتى للحشر يمتد حبله

امنا به الاعداء من كل جانب
ولولاه لم تسلك من البر سبله

فلا زال كهف الخائفين جنابه
ولا زال مجموعاً كما شاء شمله


النحاس

الحمدان
07-09-2024, 09:44 PM
أتى البرء يقفو اثر ما صنع السقم
كما بالغنى من ذي الغنى ينتفى العدم

دجا الخطب حتى كاد ان يستشظنا
وضاق خناق الصبر واتسع الوهم

وبت وبتنا فيك والدمع حارس
لاعيننا من ان يلم بها الحلم

نردد انفاسا إلى واسع العطا
إلى كاشف الجلى الى من له الحكم

فما كان الا ليلتان اغبتا
إلى أن أنار اللطف وانقشع الغم

وعالجك الطب الالهي عاجلا
وصحت بك الاحباب واندمل الكلم

ليست شفاء قد من صحة العدا
فحال إلى أجساد اعدائك السقم

لك الغنم من برء ومن كبتك العدا
على كل حال مثلما لهم الغرم

ابي اللّه الا ان يكون لك البقا
وشانيك الا ان يكون له الرغم

وعلمك الا ان يكون مجسدا
فأنت لسان العلم ما نطق العلم

وما الويل كل الويل الا لحاسد
عرانين مجد كلها في العلا شم

ذوي صاحب الغار الاولى انت منهم
ذوى الصدق ان قالوا ذوي العزم ان هموا

عصابة ترب المصطفى انجم الهدى
عليكم سلام اللّه ما نجم النجم

دعوا خصمكم يكفيه في يوم بعثه
بان اله العالمين له خصم

ودونك من محض الفصاحة زبدة
بمسمع ارباب المذاق لها طعم

ممسحة الاعطاف آلى وشاحها
يهديه الا من سواعدك الضم

ثنائية الفتح الغريب بعثتها
وفي كل داء من تلاوتها حسم

فهنيك بالنعى وتخبر انه
إذا اشتد هم سوف بنفرج الهم

وتذكرك العهد الذي كان بيننا
ومثلك ماضي العزم ان نقض العزم

ومثلك لا بألى ومثلك لا يني
ولا يتخطى نحو افعاله الذم


النحاس

الحمدان
07-09-2024, 09:44 PM
لم يبق وجدي لحسن الصبر وجدانا
ولا لقلب سلاه الدمع سلوانا

اصبحت أغزر نوحا من مطوقة الوادي
واكثر اشواقا واشجانا

خلية البال ان ناحت فعن طرب
لا كالذي راح بالبلبال ملآنا

تبيت تحضن من تهوى ويحضنها
وبت شوقا لمن اهواه سهرانا

سقيا لا يامنا اللاتي مضت بمسرات
وعوضت عنها اليوم احزانا

سقياً لها من دموعي دائما فلقد
بقصر الغيث في سقياه احيانا

حيث النوائب لا تخشى غوائلها
حيث الحبيب متى ما رضته لانا

حيث المحاسن روض والمنى زهر
تجنيه كف الاماني منه ريانا

حيث اقتطاف ثمار كلها قبل
لما هصرنا القدود الهيف اغصانا

وجلنار الخدود الحمر حيث بدا
هل كان غير نود البيض رمانا

للّه صب له قلب بهم ابدا
متيم لا يزال الدهر ولهانا

شوقا لورد لمى تلك المباسم ما
ينفك مهما سقاه الدمع ظمآنا

اضحى يلذّ له ذكر العذيب بها
وان تثنى قوام يذكر البانا

فخلني يا خلي البال في شغل
ولا تلم في الهوى يا صاح سكرانا

ولا تكلف فؤادي كتم نار هوى
لبنى فليس فؤاد الصب صوانا

اخفيته مثل ما اخفى الضنى جسدي
وعبرتي صيرت اخفاه اعلانا

يزيد اخفاؤه اظهاره أبداً
كفضل اقضى قضاة العصر مولانا

الحاكم الحاسم الشرعي ذي الهمم اللا
تي استقاه اليها الدهر اذعانا

العالم العامل الحبر المدقق وال
هجر المدفق ايضاحا وتبيانا

صدر الشريعة كنز الجود قلدنا
النعمي بفضل عن النعمان اغنانا

نهاية القوم لم تلحق بدايته
ولو مشى ورجال القوم فرسانا

تدفقت راحتاه مثل فكرته
فابهر الناس معروفا وعرفانا

واحسن الرأي اذ عمت مواهبه
فلم يزل موليا حسنى واحسانا

بحر من الجود قد ما جت مكارمه
فيه فوافرحتا لو بت غرقانا

لي البشارة در النظم ينظمني
في سلك خدامه هل كنت مرجانا

لي الهناء باني في مدائحه
طلت النجوم مع التقصير ايقانا

هذا الذي عز ان تحصى مناقبه
وفي المدى كل شيء عنده هانا

هذا الذي جل في الفيحاء مقدمه
الشريف كالغيث احياها واحيانا

هذا الذي رحم اللّه العباد به
وهكذا لن يزال اللّه رحمانا

هذا الذي مدحه قد زاد مادحه
فخرا فها حسن قد صار حسانا

يا من جعلنا ثناه ذخرنا ابدا
فعطر الارج الشحري ارجانا

ومن اذا تليت اوصافه تركت
عطف اللبيب بغير الخير نشوانا

اليكها بنت فكر طالما خطبت
وما سمحت بها صوتا واحصانا

بلقيس نظم وعرش الدر مسكنها
فهل ارى كفؤها الا سليمانا

لا استحثك في حق عليك لها
انا الذي نام ان تيهت يقظانا

واسلم ودم في سرور دائم وعلا
وابلغ من العزا وطاراً واوطانا

ما رجعت شجوها الورقا معربة
عنه وما رددت في الدوح الحانا


النحاس

الحمدان
07-09-2024, 09:45 PM
أبثك ما عندي فهل أنت سامع
وادعوك للجلى فهل أنت دافع

هززتك عضبا لا يرى الفل حده
وما كل عضب هزه المرء قاطع

وقد طال عهدي باكرام ولم أجد
سواك فتى تثنى عليه الاصابع

أمير له في كل أرض بحلها
حديث لاعلام المكارم رافع

أمير زكت احسابه واصوله
وطيب زكاء الفرع للأصل تابع

أبوه الذي للّه قد كان سعيه
واخلاقه منها العلا والتواضع

فجاء على مضماره غير خاسر
وفاق الا للّه ما هو صانع

ولما استهلت بالنجابة ذاته
واغذته من در الكمال المراضع

رأته المعالي فاصطفته لنفسها
خليلاً يحامي دونها ويمانع

فصار اسمه الوضاح في الناس مصطفى
وضاءت به الاحساب وهي سواطع

فدى لاميري كل من بات حاسداً
وقلبٌ شناه لاحوته الاضالع

احبك يا عز الكرام وكيف لا
وعندي للاحسان منك تتابع

واضرع في حبي اليك وما انا
لغيرك انساناً من الناس ضارع

وقد جاء شهر الصوم والكيس فارغ
وداري ولم أحلف يمينا بلاقع

فخذني لغرس الجود تستثمر الثنا
فنحن اناس للكرام مزارع

بنا الحمد يبقى مثل ما الذم يتقى
وكل مصون ما خلا الحمد ضائع

ودونكها في جبهة المجد غرة
عليها رواق من مديحك لامع

تشيع من دهم السطور بمنقب
اليك برغم الحاسدين تسارع

نثرت عليها من مديحك رونقاً
كما نثرت وسط السماء الطوالع

من الفتح بكران بدت تسحر النبي
وتومي إليها بالسجود المسامع

فعش ابدا غوثا وغيثا ودم وصم
وأفطر بحال فوق ما انت طامع

عدوك مخذول وجارك في حمى
ونجمك مسعود وعبثك يانع


النحاس

الحمدان
07-09-2024, 09:46 PM
نظروا لغايتك التي لم تلحق
فتحققوا ان العلا للسبق

طلبوا العلا وسعوا ولكن فقتهم
واتيت من طرق لها لم تطرق

شابوا وما لحقوا الغبار فشأنهم
ما كان غير غبار شيب المفرق

باخيك او بك اشرقت سبل
العلا وتبسمت بالبارق المتألق

من للعلا بمحمد وباحمد
حتى تدل بمنظر وبمنطق

لا يبعد الاخوان كل فرقد
لكن كلا مشرق في مشرق

وهما كما ضاءت يجمعهما العلا
ستضىء بالصبحين جبهة جلق

امحمد وكلاكما من دوحة
تدلى بفرع في المعالي معرق

حسنت عشق المجد حتى سامه
من كل ذي عشق ومن لم يعشق

لكن تفاوتت الحظوظ فعاشق
رزق الوصال وآخر لم يرزق

اني لا عذل حاسديك لانهم
يترقبون وقوع ما لم يخلق

تعب الذي في الأرض اصبح طاويا
للفرقدين حشا الحسود المحنق

لا تخشهم فالدهر ان تنقم بهم
ينقم وان تعطف برفق يرفق

واذا وجدت من العناية سلما
فامدد خطاك وثق بربك وارنق

واسلم على خدع الحظوظ موفقا
ليدوم من عاداك غير موفق


النحاس

الحمدان
07-09-2024, 09:46 PM
مساعيك فرع النجم عنها يفرع
فحسب العدا ما يصنعون وتصنع

اسروا الفلى لكن بمقدار ان رأبوا
بشاشتك الاولى فهشوا واقلعوا

نسوا ان خلا فيك ان خاطب الدجا
لا وشك عن بشر الصباح يقطع

طلعت بوجه شاهق البغى دونه
بثل وعرنين الضلال يجدع

وعدت تجر الذيل كل بنائه
إليك وكل واقف يتخضع

وعرضك موفور ووفرك دونه
كتدبير حساد الامير مضيع

وكم صدمات قام مجدك دونها
يحامى وجبار السموات يدفع

وحالك في الجلى كحالك قبلها
وقيت الردى من اروى لا يروع

فخار كافق ليس يخفى ضياؤه
وشمس الضحى من ذلك الافق تطالع

توقف سامي الفكر عن غورك الذي
لدى شأوه سيارة الافق تطلع

إذا أجدبت أرض دعتك فعمها
سحاب ندى عن مثله تتقشع

كأن لديك المال يمسى ودائعا
إذا ما بقي حتى عليها يوزع

على وجهك البسام منا تحية
تقيم مع النعمى وان سرت تنبع

عرينك مأمون وشيلك في حمى
وغصنك مياد وواديك مروع


النحاس

الحمدان
07-09-2024, 09:47 PM
ألذ الهوى ما طال فيه التجنب
واحلاه ما فيه الأحبة تعتب

وما بعد دار من حبيب مذمما
إذا لم يجد فيه مناه المؤنب

وما القلب ان سيم القلاق اطباعه
بقلبي وان غال القلوب التقلب

قضى الحظ الا ان اكون مبعدا
والقى الذي لاقى المحب المعذب

ليست الصبا بردا قشيبا بروقني
فما بال قلبي من عذارى الشيب

أسالم من أحبته وهو واحد
فيرجع اعداء لحربي بؤلب

وما انا ممن قلبه عند غيره
فتبكي عليه الشامتون وتندب

ويعى عن الأمر الذي فيه رشده
ويجهد في عقبى الامور وينصب

ولكن لي نفس الوقور وعفة ال
قدير وقلبي في المهمات قلب

لي النظرة الاولى الى قلب صاحبي
تريني خفايا لا يراها المجرب

واحتمل المكروه ممن يلمني
ولم الوجد الود عمن ينكب

نصلت من الايام وهي قشيبة
وعفت لذيذ العيش والعيش طيب

فما كل معسول اللمى يستفزني
ولا كل مطلوب لدي محبب

ولا مسمعي روض بصوج بالهجا
ولا بندى مدح ينير ويعشب

فيا ليت شعري كم أداري الذي قسا
واكسوه ثوب المنو والعذر يسلب

جدير لمثلي ان توطن بلدة
ولم ير فيها من يجب ويصحب

توطن متن البصيلات فإنها ال
مآرب ان يوما تعطل مطلب

إذا أنا لم أدفع عن النفس ضيمها
فلا انجاب عنها من دجا الضيم غيهب

ولا وطئت خد الفيافي ركائبي
ولا سال حزن بالمطي وسبسب

وقائلة راشوا لهجوك اسهما
فحتام فيهم بالمدائح تطنب

رويدك لا يدرون ما انت صا
نع فخل سبيل المدح فالهجو اقرب

فقلت وعرف الحلم بعبق من فمي
بعفة نفس للمكارم تنسب

هبيني امر أيرضى المثالب خطة
بأي لسان يا ابنة القوم اثلب

وما لي لسان غيرما بمدائح الأ
جل ابن شاهين يلذ ويعذب

فتى جاوز العلياء في الفضل يافعاً
ومن دونها ضلد كهول وشيب

وقمصه المجد المؤثل حلة
مدى الدهر اذيال المفاخر تسحب

فقلد جيد الدهر منه فرائدا
تعد اذا عد الفخار وتحسب

همام له ان اشكل البحث قولة
تخر لها الاسماع طوعاً وتطرب

يمزق شمل المشكلات لوقتها
اذا شيم من فيه الحسام المذرب

توقد حتى ليس يحفو ذكاؤه
وكاد وحاشا فكره يتلهب

وفاه باعجاز القريض كأنما
له ملك يملى عليه فيكتب

بربناسنا العرفان برق ابتسامه
وبرق كثير في المعارف خلب

لك العذر يا من لج فيك ته فضله
من تنجلى للعيهن عنقاء مغرب

فتى وأبوه في المكارم والندى
على حده والفرع للأصل يجذب

فمن مثل شاهين ومن مثل أحمد
إذا ما ادعى فخرا انزار وبعرب

إذا السؤدد الوضاح في افق العلا
له في سماء المجد شرق ومغرب

أعبذك من قوم قذى العين شخصهم
كأنهم جاؤوا ليرضوا ويغضبوا

اذا ما اقتضاني للمذمة فعلهم
نهاني عفافي والحجا والتأدب

عرفتك فيهم وامتدحتك دونهم
وما غيرك المعنى والقول مسهب

ولو قلته جهلا لنعماك كافراً
عصتني القوافي والقريض المهذب

لمن تكشف الاثمار فضل قناعها
فيبدو له منها السناء المحجب

وهل لاخي الآداب غيرك قبلة
فيفزع طوعا نحوه ويصوب

وغيرك هل في حلبة الشعر سابق
تقاد له غر القوافي وتجنب

وما هي الا الزاهرات فلو بدت
لقامت مقام الزهر والزهر غيب

شهود على ما انكرته حق اسدي
وللحاسدين الويل كم ذا تكذب

فلا زلت ممدوحا ولا زلت مادحا
يجيد فنون السحر فيك فيغرب

ويهنيك عود المجد عود أتى الندى
أبيك الذي للّه يأتي ويذهب

ويسعى على ام القرى سعي طائع
وقل الذي في طاعة اللّه يرغب

ويرجع والغفران جند ركابه
يحليه منه مخذم ومكعب

كذا كان قدما طالما جاور الوغى
وشيعه جيش من النصر أغلب

بقيت وابقى اللّه مثواك عنده
ومثواكما عند الاله مقرب

وما برح الحساد صرعى وكلهم
على مثل ما في قلبه يتقلب


النحاس

الحمدان
07-09-2024, 09:48 PM
رأى اللوم من كل الجهات فراعه
فلا تنكروا اعراضه وامتناعه

ولا تسألوني عن فؤادي فإنني
علمت بقينا انه قد اضاعه

له اللّه ظبيا كل شيء بروعه
وباليت لي شيئا يزيل ارتياعه

وبالبته لو كان من أول الهوى
اطاع عذولي واكتفينا نزاعه

فما رادنا بالسوء الا لسانه
وما خرب الدنيا سوى ما اشاعه

اشاع الذي اغرى بنا السن العدا
وطير عن وجه التغالي قناعه

واصبح من أهوى على فيه قفلة
يكتم خوف الشامتين انفجاعه

وإلى على ان لا اقيم بارضه
وأحرمني يوم الفراق وداعه

فرحت وسيري خطوة والتفاتة
إلى فائت منه ارجى ارتجاعه

ذرعت الفلا شرقا وغرباً لاجله
وصبرت اخفاف المطيّ ذراعه

فلم يبق بر ما طويت بساطه
ولم يبق بحر ما رفعت شراعه

كأني ضمير كنت في خاطر النوى
احس به وأشي السرى فأذاعه

اخلاي من دار الهوى زارها الحيا
ومد إليها صالح الغيث باعه

بعيشكم عوجوا على من أضاعني
وحيوه عني ثم حبوا رباعه

وقولوا فلان أوحشتنا نكاته
وما كان أحلى شعره وابتداعه

فتى كان كالبنيان حولك واقفا
فليتك بالحسنى طلبت اندفاعه

أبحت العدا سمعا فلا كانت العدا
متى وجدوا خرقا احبوا اتساعه

فكنت كذي عبد هو الرجل والعصا
تجنى بلا ذنب عليه فباعه

لكل هوى واش فإن ضعضع الهوى
فلا تلم الواشي ولم من أطاعه

إذا كنت تسقى الشهد ممن تحبه
فدع كل ذي عذل يبيع فقاعه

وقولوا رأينا من حمدت افتراقه
ولم ترنا من لم تذم اجتماعه

وأين الذي كالسيف حدا وجوهرا
لمن رام يبلو ضره وانتفاعه

وما كنتما الا براعا وكاتبا
فمل والقى في التراب براعه

فإن اطرق الغضبان او خط في الثرى
فقولوا فقد القى اليكم سماعه

عسى يذكر المشتاق في طي رقعة
فحسب الأماني ان تروني رقاعه

قرب كتاب كان اشهى من اللقا
إذا ضمه المهجور أطفى التياعه

وباللّه كفوا ان تمادى فإنه
رقيق حواشي الطبع أخشى انصداعه

وإياكم تعصوا هواه إذا قسا
فما حبه من كان يأبى اتباعه

وباللّه كفوا عن حديثي فإنه
ملول وأخشى ان تثير واصداعه

ولا تجلبوا ذكري له بحياتكم
فإن حبيبي لا أحب صداعه

وان نصب الشكوى علي فسابقوا
وقولوا نعم نشكو إليك طاعه

وان تنظروا في وجهه شاهد الفلا
فخلوا اتباعي واستنخير واتباعه

وان رام سبي فاحدثوا لي معائباً
وسباً بليغاً تحسنون اختراعه

ولا تختشوا إثماً فإني اجزتكم
إذا كان من أهواه يهوى استماعه

وميلوا إلىم ا مال لو كان واشيا
وخلوا له اوضاعه واختراعه

وهنوا رقيبي بالرقاد فطالما
جعلت على جمر السهاد اضطجاعه

ولا تحسدوا ود ابن يومين عنده
فإن حبيبي تعلمون خداعه

ودوروا على حكم الغرام فإنه
قضى لظياء ان تهين سباعه

ضعيف الهوى من باتي شكو زمانه
واضعف منه من يرجى اصطناعه

ولو علم المشتاق عقبي اتصاله
لآثر بين العاشقين انقطاعه

ومن طلب الاحباب حرصا على البقا
فما رام بين الناس الا ضياعه

وكل اتحاد للهوى فيه سورة
ولم يكسب المخمور الا صداعه


النحاس

الحمدان
07-09-2024, 09:48 PM
لا تبدِ لمن تحبه ما أبدي
واصبر فلعل الصبر يوماً يجدي

اظهار محبتي لمن اعشقه
كانت سبباً لطول عمر الصدّ


النحاس

الحمدان
07-09-2024, 09:50 PM
أعيون رمت بقلبي النبالا
ام ظباء الجفون تبغى القتالا

ام قدود سمر تنادي النزالا
طاعنات لمن يروم الوصالا

ام ظباء بحاجر وزرود
تصرع الاسدام تصيد الرجالا

ام بدور طوالع مسفرات
ام شموس ليلا ترينا الهلالا

ام هم في الجمال ولدان عدن
ام يزيدون نضرة وجمالا

يوسف الحسن عد بوصل وأنجز
ان قلبي لا يستطيع المطالا

يا حبيبي اعد ليالي قرب
قد تقضت وخل عنك الدلالا

ليت شعري لما تباعدت عني
أدلالا يكون ذا ام ملالا

ام وشى عندك الوشاة بكذب
فلذا البعد كان منك وطالا

لم يكن بيننا سوى نسبة الحب
بصدق الفؤاد ليس المقالا


النحاس

الحمدان
07-09-2024, 09:50 PM
فدى لعينيك دون الناس عينائي
وكل عضو فداه كل اعضائي

تود لو كان مودوعا بأنفسنا
ما تشتكيه بيع منك رمداء

نظارة لكتاب اللّه قد ملئت
خوف المعاد باشفاق واغضاء

وانت لا عن حجاب كنت ناظرنا
فارفع حجابك وانظر للاحباء


النحاس

الحمدان
07-09-2024, 09:51 PM
لي بعد بينك لوعة المفؤد
وحشا السليب وعبرة المعمود

كنا نريدك ان تكون واننا
جيران ظل فنائك الممدود

فصرمتنا لاعن لقا وتوادد
وهجرتنا لا عن قلا وصدود

فلأرثينك بالدموع وان يكن
دمع الشجي عليك غير مفيد

ولا صحبن الليل بعدك شاهدا
واريه كيف يكون قدح زنودي

واصبر عينا في هواك سخينة
وقفا على العبرات والتسهيد

نصبت لك الايام أي حبائل
فاستوقعتك وكنت أي شديد

ولكم نسجت عليك من برد الدعا
درعا يقيك فكان غير سديد

طوبى لمرقدك المنير فانه
ملآن من شمس الضحى بعمود

أسفي علىغصن تقاضاه الردى
وهلال سعد في الثرى ملحود

ومحلق للمجد قبل بلوغه
القى اليه المجد بالاقليد

ومهند ما سل في طلب العلا
حتى تغمد في الثرى بغمود

بعدا لطارقة الهموم فانها
ضيف يقطع خيط كل وريد

تغشى اذا غشيت بدا لا تنثني
الا بوسطى كل عقد فريد

يا ذا السعادة والذي لرحيله الشهد
اء قد ملأت عراص البيد

شمس السعادة وجتك فلا تجد
عن ظل عفو الخالق المعبود

طشت لغيبتك الشموع واقفرت
تلك الربوع من الظباء الغيد

عهدي بمصرك مصر كل محاسن
واليوم مصر الحزن والتعديد

لم يبق فيها ممن يلوح هلاله
ممن عهدت سوى الليالي السود

ملأت قلوبهم الغضا فكأنها
أكوار عيس نزل ووفود

يا نبوة الايام او يا جفوة الأح
باب قد اعجمتما لي عودي

اوردتماني موردا فصددت عن
بين الوديد وفجعة المودود

لا زلت اقترع المصائب صابرا
حتى انفردت لها وقل عديدي

ان تبعثا نحوي الخطوب فانها
كالسرد معروضا على داود

كرا عليّ فإن صبري صارم
من دونه يتقد كل حديد

فسقى الذي غصب الحياة من الرضا
غراء ذات بوارق ورعود

ما استعبرت عين لفقد حبيبها
او حن حاد للنقا وزرود

وسقى اباه الصبر كاسا مترعا
ممزوجة بجلاوة التوحيد


النحاس

الحمدان
07-09-2024, 09:52 PM
ته ما استطعت فغيرك المملول
يا من به كل الانام عذول

أما هواك فآخذ بقلوبنا
فكأنه الآيات والتنزيل

ولنا بخدك آية لا تنحني
حسنا كما للصبح فيه دليل

فكأن وردا أو كأن بنفسجا
يمسى ويصبح بالحيا مطلول

وبكاس ياقوت الشفاء مدامة
صحبته من صرف الجدان شمول

في حفظ نجلا وبن حد ظباهما
كل النفوس به دم مطلول

آجالنا فيه الفرتد كأنه
المرآة شكلا وهو فيه شكول

صنم لبست الغي فيه وبزتي
أثواب هافيتي ضنى ونحول

عجبا أحل دمي وما جنس الدما
من شأنه التحريم والتحليل

يجنى فارضي وهو ممتنع الرضى
فكأنني بجناية معفول

سلب الحياة وملني متفرا
وثناه عني كاشح وعذول

لا يستميل الود غصن قوامه
فكما يميل اليك عنك يميل

يهوى التصابي والدلال برده
وبرده خط العذار كفيل

في كل يوم لي اليه صبابة
ورسائل ووسائل ورسول

وأميل نحو محدثي لحديثه
فكأنه ماء وفي غليل
فالقلب صب ان دنا مذهول

والصب قلب ان نأى متبول
والعقل شيء لا لديه ولا معي

والسمع باب بعده مقفول
أذكى نواه السهد فاحترق الكرى

فرماده بمدامعي مجبول
فلذاك دمعي كالجماد مجسد

من مقلة قرحي عليه تسيل
أنا والنهار عليه أن عز اللقا

طرف ولكن بالقذى مكحول
والليل حجب مثلها دون المنى

يفنى المحب وذيلها مسدول
والداء اقتله الرقيب وانه

في الحب كالحرمان فيه دخيل
جهل الغرام وحازكن نتيجة

ياليت مثلي في هواك جهول
أوليت عشقي وهو اخطر علة

لو ان عاذلنا بها معلول
أوليت من نصر الوشة وملني

لا ذبت عشقا فيه وهو ملول
افنيت ايام الشهيبة حسرة

وبلاه لا ضم ولا تقبيل
وكأنما الايام لم تسمح لنا

فأبى يطوق ساعدي تليل
وكأن للايام عهدا عندنا

وكأنني وحدي به المسؤل
وتعذر المأمول اوجب قصدنا

قاضي القضاة فعنده المأمول
المصدر العافين قبل ورودهم

غرقى كأن براحتيه سيول
والمفرغ السحر الحلال قوافيا

تزدان منه الغادة العطبول
قاض بسوق له الغريم غريمه

حقدا ويرجع عنه وهو خليل
يقضي فيرضي الجانبين فراسة

فكأنما اوحى له التخييل
وفد الشريعة روضة زهيت به

والروض ان وفد الغمام خضيل
وعلى الحقيقة فالشريعة محرم

ولها الجناب المولوي بعول
يا من تقاد له الفضائل عسكرا

والجهل جيش دونها مقتول
حزت المحامد والمناصب يافعاً

وسعى لبابك شيب وكهول
تمتاز في الفضلاء قدرا مثلما

يمتاز دون الفاضل المفضول
ان باحثوك فبحث قدرك مشكل

ما غير مولانا له التأويل
او شبهوك فصبح فضلك شاهد

ان ليس بوجد للصباح مثيل
انثت عليك المشكلات وعقدها

من قيد ألسنة الورى محلول
وسللت عزمك فالعلا صمصامة

يرتد عنها الدهر وهو كليل
فاغمده حظي ما استطعت فأنه

جفن لعضب ليس فيه فلول
أنت الكريم وجد مثلي عاثر

فاقل عثاري فالكريم مقيل
انا من اباح له النجوم قوافيا

طبع له ماضي الغرار صقيل
انا بدر آفاق القريض من الصبا

وشموس فضلى في البلاد تجول
انا وارث الكلمات عن هاروميها

ولديك منه شواهد وعدول
انا من رأيت الناس ثم رأيته

فامتاز عن ماء الحياة النيل
فانقده نقدك للرجال فإنه

الا بريز لكن جللته وحول
ولقد اجلك ان تكون ولم أكن

في موقف للشعر فيه دخول
والعشق حزن لا يجاب وانما

مثلي له كل الحزون سهول
ركب المنايا اينقا ورمى بها

في مهمه فيه الغدو قفول
لا يترك اللذات وهي مذلة

ومتى تعز النفس وهو ذليل
خشن الثياب واروع في حليها

فاعجب لليث والثياب الغل
مل الزمان وكل من أملته

ان لم يفدك صنيعه مملول
ينحك في طمريه مثل الدر في

الأصداف لكن في الثرى مبذول
وكفى بمثلي ان بين ضلوعه

نفسا لها مرقى النفوس نزول

ولئن تكن شقت جيوب ملابسي
لتجر لي في العاشقين ذيول

لا يعلم العضب الثمين نجاده
ما لم يكن من غمده مسلول

واليكها غراء ملء فم المنى
جاءتك في حلل العفاف تذيل

في منعة عن ان تماشي ظلها
الاطماع او يقتادها التطفيل

تشتاق رؤيتها العيون كأنها
رقم الخدود محبب وجميل

ومقالها عند الكرام كأنه
عتب الحبيب على الرضى محمول

فاستجلها زهرا علاك سماؤها
والبدر أنت فلا لقيك افول

اما وسؤددك المجسد فضله
قسما ومجدك فيه وهو اثيل

ما كنت لولا انت اهل قائلا
شعراً وإني ان ترد لفؤول

فالمجد انت وكلهم لك طالب
والفضل انت وما عداك فضول


النحاس

الحمدان
07-09-2024, 09:53 PM
تذكر السفح فانهلت سوافحه
وليس يخفاك ما تخفى جوانحه

صدع الهوى يا عذولي غير ملتثم
يدريه بالبان من اشجاه صادحه

هي المنازل أشجاناً خلقن لنا
فلا يزيد على المشجون ناصحه

سقى العقيق من الساري الملك بما
شاء العقيق وشاءته صحاصحه

حتى تخب بابناء الرجاء له
في سندس لا ترى ابنا طلائحه

تؤم من طيبة النجاء طيب ثرى
لا تشتكي السقم اجفانٌ نصافحه

فثم قبر من الأملاك في زجل
وثم عرف من الفردوس فائحه

وثم اشرف مبعوث وأكرم من
تكفلت بغنى الراجي منائحه

قالوا حمدت السرى فامدحه قلت لهم
تحصى النجوم ولا تحصى مدائحه

وما أقول إذا ما جئت امدح من
جبريل خادمه واللّه مادحه

مدح الكرام رشاء لاستماحتهم
وليس يعوزُ بحر عم طافحه

ثق بالنبي وقف قدام حضرته
واسأل فمهما ترمهُ فهو مانحه

يا أكرم الخلق فاعذر شاعراً وقفت
عن درك أوصافك العليا قرائحه

صفر اليدين غريب الدار منكسراً
أتاك والذنب أعنى الظهر فادحه

يهوى النجاة ولم يسلف له عملاً
بسر يوم يسر المرء صالحه

يا ويله يوم يأتي للحساب غداً
ان لم يكن بك مولاه يسامحه

عسى بقربك ان تنفى رعونته
وتستحيل إلى الحسنى قبائحه

وما أحثك في حق الجوار له
وكيف أوضح معنى منك واضحه

وإنما طالب الحاجات ذو قلق
كل على من به تقضى مصالحه

فاستدن من هو بالاعتاب منطرح
غير الاسى ما له خلّ يطارحه

فالفتح بالباب لا تخفى علاقته
لا سيما باب جود انت فاتحه

وكيف لا يأمن الاغلاق في حرم
لا يحرم الجود غاديه ورائحه

عليك أزكى صلاة كلما ختمت
بالمسك عادت بتسليم فواتحه

ما امتد للصبح باع الشرق فاعتنقا
أو حنّ نحو لقاء الإلف نازحه

والآل والصحب ما روض الدجا ابتسمت
ثغوره فاستعارتها مصابحه


ابن النحاس

الحمدان
07-09-2024, 09:53 PM
وكنت قرير العين ليلة وصلهم
وقد صرت من يوم الفراق سحينها

اعني بدمع يا خليلي على البكا
فان شؤون العين قل معينها


ابن النحاس

الحمدان
07-09-2024, 09:54 PM
للّه يوم قد غنمنا به
بفتية ايامهم تغتنم

نجوم عرفان بها يهتدي
إذا بدت غابت نجوم الظلم

والروض قد البسنا عطره
وثغره قابلنا وابستم

فحيثما درت فنجم بدا
وحيثما ملت فعطر نسم

لم أدراي الزهر ابهى سنا
اشمله ام شملنا المنتظم

كأنما بهجة انواره
آثار شمس الدين شيخ الحرم


ابن النحاس الحلبي
العصر العثماني

الحمدان
07-09-2024, 09:56 PM
تخاصمنا ومافي ذاكَ عيبٌ
‏وإنْ أذنبتُ عن ذنبي أتوبُ

‏دعينا مِنْ أحاديثِ الأغاني
‏وشِعرٍ قالهُ يومًا كذوبُ

‏وكُفي اللومَ عني، ليسَ فينا
‏حبيبٌ لا يُخاصِمُهُ حبيبُ


......

الحمدان
07-09-2024, 10:00 PM
ﻣﺎﺫﺍ ﺃﻗﻮﻝ ﻭﻧﺒﺾُ ﺭﻭﺣﻲَ ﻣُﻠﻬَﺐُ
ﻭﺍﻟـﻘـﻠـﺐُ ﻋَـﻦ ﻣُﺘﻊِ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓِ ﻣُﻐﻴّﺐُ

ﻳـﺎ ﻟـﻴﺖَ ﻣﻦ ﺃﻫﻮﻯ ﻳُﺤِﺲُّ ﺑﺄﻥّ ﺑﻲ
ﺷـﻮﻗًــﺎ ﺇﻟـﻴـﻪِ ﻭﻟــﻮﻋــﺔً ﻻ ﺗـﻜـﺬﺏُ

ﻓـﻠـﻄـﺎﻟـﻤـﺎ ﻟـﻤّـﺤـﺖُ ﺩﻭﻥَ ﻧـﺘـﻴﺠﺔٍ
ﻓـﺄﻟـﻮﻡُ ﻧـﻔـﺴﻲ ﻭﺍﻟﺸﻌﻮﺭُ ﻣُـﺨﻴّـﺐُ

ﻣـﺎ ﺍﻟـﺬﻧـﺐُ ﺫﻧـﺒـﻲ ﺣﻴﻨﻤﺎ ﺃﺩﻣـﻨﺘُﻪُ
ﻓـﺎﻟـﺤـﺐُّ ﻳﻌﺒﺚُ ﺑﺎﻟﻘﻠﻮﺏِ ﻭﻳﺬﻫﺐُ

ﻗــﺪَﺭﻱ ﺑــﺄﻥ ﺃﺣـﻴـﺎ ﺑـﻘـﻠـﺐٍ ﺣﺎﺋـﺮٍ
ﻏــﺾٍ ﻋـﻠـﻰ ﺟـﻤـﺮِ ﺍﻟـﻬﻮﻯ ﻳﺘﻘﻠّﺐُ


......

الحمدان
07-09-2024, 10:03 PM
‌‏ماذا جنيتُ لكي تمل وصالي؟
إني سألتك هل تجيب سؤالي!

حاولتُ أن ألقى لهجرك حجة
فوقعت بين حقيقةٍ، وخيالي

كنتُ القريب وكنتَ أنت مقربي
يوم الوفاق وبهجة الإقبالي

فغدوتُ أشبهَ بالخصيم لخصمه
عجبًا إذًا لتقلب الأحوالِ

ياصاحبًا سكن الملالُ فؤادهُ
أسمعتَ مني سيءَ الأقوالِ؟

‏أنا ما طلبتك أن تعود لصحبتي
بعد القطيعة، أو ترق لحالي

فأنا بغيركَ كامل متكملٌ
وكذاك أنتَ على أتم كمالِ

لا أنتَ لي نقص ولا أنا سالب
منكَ الكمال فعش عزيزًا غالي

فاقطع وصالك ما استطعت، وعش على
هجري فإني لا أراك تبالي!

‏هي قصة بدأت بحبٍ صادق
وتنوعت يوما بكل جمالِ

فقضت ظروف الدهر أن تمضي بها
وبنا لأسوء منتهى ومآلي

أنا لن أجادلك الوفاء فما مضى
قد يستحال رجوعه، بجدالِ!

‏لو أن فيكَ من الوفاءِ بقيةً
لذكرتَ أياماً مضت وليالي

ووهبتني أسمى خصالِك مثلما
أنا قد وهبتُك من جميلِ خصالي

كم قُلت أنك خيرُ من عاشرتُهم
فأتيت أنت مخيبًا آماليَ


......

الحمدان
07-09-2024, 10:05 PM
هجرت احبتي طوعا لأني
رأيت قلوبهم تهوى فراقي

واشتاق للقائهم كثيرا غير أني
وضعت كرامتي فوق اشتياقي

وارغب وصلهم دوما لكن
طريق الذل لا تهواه ساقي


احمد شوقي

الحمدان
07-09-2024, 10:07 PM
‏لكِ في فؤادي بَيعةٌ أبديةٌ
أُخِذَتْ على عشقٍ بغير قيودِ

وإلى حديث الملتقى حِنِّيَّةٌ
فاقت حنان الأمِّ للمولودِ

إن غبتِ فالأعذارُ تسبق بعضها
مختومةٌ صدقا بغير شهودِ

وإذا حضرتِ تُكفكفينَ مدامعي
فلأنتِ أهلٌ للهوى والجودِ

أنت الحبيبة والصديقة والمُنَى
فتدلَّلي يا آخر العنقودِ


......

الحمدان
07-09-2024, 10:15 PM
وضِيئةُ الوجهِ لا بدرٌ يُشابهُني
‏مُحمرَّة الثَّغرِ لا وردٌ يُدانِيني

‏بيضَاءُ حمراءُ لا وصف يُطابقُني
‏كأنَّي الشَّمس قَد مالت خطاوِيها


......

الحمدان
07-09-2024, 10:32 PM
وَبُقعَةٍ مِن أَحسَنِ البِقاعِ

يُبَشِّرُ الرائِدُ فيها الراعي

بِالخَصبِ وَالمَرتَعِ وَالوَساعِ

كَأَنَّما يَستُرُ وَجهَ القاعِ

مِن سائِرِ الأَلوانِ وَالأَنواعِ

مانَسَجَ الرومُ لِذي الكِلاعِ

مِن صَنعَةِ الخالِقِ لا الصُنّاعِ

وَالماءُ مُنحَطٌّ مِنَ التِلاعِ

كَما تُسَلُّ البيضُ لِلقِراعِ

وَغَرَّدَ القُمرِيَّ لِلسِماعِ

وَرَقَصَ الماءُ عَلى الإيقاعِ

وَنُشِرَ البَهارُ في البِقاعِ

كَأَنَّهُ القُسورَ في الأَسباعِ


ابو فراس الحمداني

الحمدان
07-09-2024, 10:32 PM
كَيفَ أَرجو الصَلاحَ مِن أَمرِ قَومٍ
ضَيَّعوا الحَزمَ فيهِ أَيُّ ضَياعِ

فَمُطاعُ المَقالِ غَيرُ سَديدٍ
وَسَديدُ المَقالِ غَيرُ مُطاعِ


ابو فراس الحمداني

الحمدان
07-09-2024, 10:33 PM
مَحَلُّكَ الجَوزاءُ بَل أَرفَعُ
وَصَدرُكَ الدَهناءُ بَل أَوسَعُ

وَقَلبُكَ الرَحبُ الَّذي لَم يَزَل
لِلجِدِّ وَالهَزلِ بِهِ مَوضِعُ

رَفِّه بِقَرعِ العودِ سَمعاً غَدا
قَرعُ العَوالي جُلَّ مايُسمَعُ


ابو فراس الحمداني

الحمدان
07-09-2024, 10:34 PM
لَئِن جَمَعَتنا غَدوَةً أَرضُ بالِسٍ
فَإِنَّ لَها عِندي يَداً لا أُضيعُها

أَحَبُّ بِلادِ اللَهِ أَرضٌ تَحُلُّها
إِلَيَّ وَدارٌ تَحتَويكَ رُبوعُها

أَفي كُلِّ يَومٍ رِحلَةٌ بَعدَ رِحلَةٍ
تَجَرَّعُ نَفسي حَسرَةً وَتَروعُها

فَلي أَبَداً قَلبٌ كَثيرٌ نِزاعُهُ
وَلي أَبَداً نَفسٌ قَليلٌ نُزوعُها

لَحى اللَهُ قَلباً لايَهيمُ صَبابَةً
إِلَيكَ وَعَيناً لاتَفيضُ دُموعُها


ابو فراس الحمداني

الحمدان
07-09-2024, 10:34 PM
سَقى ثَرى حَلَبٍ ما دُمتَ ساكِنَها
يا بَدرُ غَيثانِ مُنهَلٌّ وَمُنبَجِسُ

أَسيرُ عَنها وَقَلبي في المَقامِ بِها
كَأَنَّ مُهري لِثُقلِ السَيرِ مُحتَبَسُ

هَذا وَلَولا الَّذي في قَلبِ صاحِبِهِ
مِنَ البَلابِلِ لَم يَقلَق بِهِ فَرَسُ

كَأَنَّما الأَرضُ وَالبُلدانُ موحِشَةٌ
وَرَبعُها دونَهُنَّ العامِرُ الأَنِسُ

مِثلُ الحَصاةِ الَّتي يُرمى بِها أَبَداً
إِلى السَماءِ فَتَرقى ثُمَّ تَنعَكِسُ


ابو فراس الحمداني

الحمدان
07-09-2024, 10:35 PM
وَما كُنتُ أَخشى أَن أَبيتَ وَبَينَنا
خَليجانِ وَالدَربُ الأَشَمُّ وَآلِسُ

وَلا أَنَّني أَستَصحِبُ الصَبرَ ساعَةً
وَلي عَنكَ مَنّاعٌ وَدونَكَ حابِسُ

يُنافِسُني فيكَ الزَمانُ وَأَهلُهُ
وَكُلُّ زَمانٍ لي عَلَيكَ مُنافِسُ

شَرَيتُكَ مِن دَهري بِذي الناسِ كُلِّهُم
فَلا أَنا مَبخوسٌ وَلا الدَهرُ باخِسُ

وَمَلَّكتُكَ النَفسَ النَفيسَةَ طائِعاً
وَتُبذَلُ لِلمَولى النُفوسُ النَفائِسُ

تَشَوَّقَني الأَهلُ الكِرامُ وَأَوحَشَت
مَواكِبُ بَعدي عِندَهُم وَمَجالِسُ

وَرُبَّتَما زانَ الأَماجِدَ ماجِدٌ
وَرُبَّتَما زانَ الفَوارِسَ فارِسُ

رَفَعتُ عَلى الحُسّادِ نَفسي وَهَل هُمُ
وَما جَمَعوا لَو شِئتُ إِلّا فَرائِسُ

أَيُدرِكُ ما أَدرَكتُ إِلّا اِبنُ هِمَّةٍ
يُمارِسُ في كَسبِ العُلا ما أُمارِسُ

يَضيقُ مَكاني عَن سِوايَ لِأَنَّني
عَلى قِمَّةِ المَجدِ المُؤَثَّلِ جالِسُ

سَبَقتُ وَقَومي بِالمَكارِمِ وَالعُلا
وَإِن رَغِمَت مِن آخَرينَ المَعاطِسُ


ابو فراس الحمداني

الحمدان
07-09-2024, 10:36 PM
لِمَن أُعاتِبُ مالي أَينَ يُذهَبُ بي
قَد صَرَّحَ الدَهرُ لي بِالمَنعِ وَالياسِ

أَبغي الوَفاءَ بِدَهرٍ لا وَفاءَ لَهُ
كَأَنَّني جاهِلٌ بِالدَهرِ وَالناسِ


ابو فراس الحمداني

الحمدان
07-09-2024, 10:37 PM
المَرءُ رَهنُ مَصائِبٍ لاتَنقَضي
حَتّى يُوارى جِسمُهُ في رَمسِهِ

فَمُؤَجَّلٌ يَلقى الرَدى في أَهلِهِ
وَمُعَجَّلٌ يَلقى الرَدى في نَفسِهِ


ابو فراس الحمداني

الحمدان
07-09-2024, 10:37 PM
وَيَدٍ يَراها الدَهرُ غَيرَ ذَميمَةٍ
تَمحو إِساءَتَهُ إِلَيَّ وَتَغفِرُ

أَهدَت إِلَيَّ مَوَدَّةً مِن صاحِبٍ
تَزكو المَوَدَّةُ في ثَراهُ وَتُثمِرُ

عَلِقَت يَدي مِنهُ بِعِلقِ مَضَنَّةٍ
مِمّا يُصانُ عَلى الزَمانِ وَيُدخَرُ

إِنّي عَلَيكَ أَبا حُصَينٍ عاتِبٌ
وَالحُرُّ يَحتَمِلُ الصَديقَ وَيَصبِرُ

وَإِذا وَجَدتُ عَلى الصَديقِ شَكَوتُهُ
سِرّاً إِلَيهِ وَفي المَحافِلِ أَشكُرُ

ما بالُ شِعري لاتَرُدُّ جَوابَهُ
سَحبانُ عِندَكَ باقِلٌ لا أَعذُرُ


ابو فراس الحمداني

الحمدان
07-09-2024, 10:38 PM
يامَن يَلومُ عَلى هَواهُ جَهالَةً
اِنظُر إِلى تِلكَ السَوالِفِ وَاِعذُرِ

حَسُنَت وَطابَ نَسيمُها فَكَأَنَّها
مِسكٌ تَساقَطَ فَوقَ وَردٍ أَحمَرِ


ابو فراس الحمداني

الحمدان
07-09-2024, 10:51 PM
يا عامُ قد سامحتُ فاحملْ ما مضى
وارحلْ بهِ لعوالمِ النسيانِ

سامحتُ آلامي وسامحتُ الأسى
وعلَوْتُ عن بُغْضٍ وعن أضغانِ

......

الحمدان
07-09-2024, 11:25 PM
جَمَعتَ مِنَ الدُنيا وَحُزتَ وَمُنّيتا
وَما لَكَ إِلّا ما وَهَبتَ وَأَمضَيتا

وَما لَكَ مِمّا يَأكُلُ الناسُ غَيرُ ما
أَكَلتَ مِنَ المالِ الحَلالِ فَأَفنَيتا

وَما لَكَ إِلّا كُلُّ شَيءٍ جَعَلتَهُ
أَمامَكَ لا شَيءٌ لِغَيرِكَ بَقَّيتا

وَما لَكَ مِمّا يَلبَسُ الناسُ غَيرَ ما
كَسَوتَ وَإِلّا ما لَبِستَ فَأَبلَيتا

وَما أَنتَ إِلّا في مَتاعٍ وَبُلغَةٍ
كَأَنَّكَ قَد فارَقتَها وَتَخَلَّيتا

فَلا تَغبِطَنَّ الحَيَّ في طولِ عُمرِهِ
بِشَيءٍ تَرى إِلّا بِما تَغبِطُ المَيتا

أَلا أَيُّهَذا المُستَهينُ بِنَفسِهِ
أَراكَ وَقَد ضَيَّعتَها وَتَناسَيتا

إِذا ما غُبِنتَ الفَضلَ في الدينِ لَم تُبَل
وَإِن كانَ في الدُنيا قَطَبتَ وَبالَيتا

وَإِن كانَ شَيءٌ تَشتَهِهِ رَأَيتَهُ
وَإِن كانَ ما لا تَشتَهِهِ تَعامَيتا

لَهِجتَ بِأَنواعِ الأَباطيلِ غِرَّةً
وَأَدنَيتَ أَقواماً عَلَيها وَأَقصَيتا

وَجَمَّعتَ ما لا يَنبَغي لَكَ جَمعُهُ
وَقَصَّرتَ عَمّا يَنبَغي وَتَوانَيتا

وَصَغَّرتَ في الدُنيا مَساكِنَ أَهلِها
فَباهَيتَ فيها بِالبِناءِ وَعالَيتا

وَأَلقَيتَ جِلبابَ الحَيا عَنكَ ضِلَّةً
فَأَصبَحتَ مُختالاً فَخوراً وَأَمسَيتا

وَجاهَرتَ حَتّى لَم تَرِع عَن مُحَرَّمٍ
وَلَم تَقتَصِد فيما أَخَذتَ وَأَعطَيتا

وَنافَستَ في الأَموالِ مِن غَيرِ حِلِّها
وَأَسرَفتَ في إِنفاقِها وَتَعَدَّيتا

وَأَجلَيتَ عَنكَ الغُمضَ في كُلِّ حيلَةٍ
تَلَطَّفتَ في الدُنيا بِها وَتَأَنَّيتا

تَمَنّى المُنى حَتّى إِذاما بَلَغتَها
سَمَوتَ إِلى ما فَوقَها فَتَمَنَّيتا

أَيا صاحِبَ الأَبياتِ قَد نُجِّدَت لَهُ
سَتُبدَلُ مِنها عاجِلاً غَيرَها بَيتا

لَكَ الحَمدُ يا ذا المَنِّ شُكراً خَلَقتَنا
فَسَوَّيتَنا فيمَن خَلَقتَ وَسَوَّيتا

وَكَم مِن بَلايا نازِلاتٍ بِغَيرِنا
فَسَلَّمتَنا يا رَبِّ مِنها وَعافَيتا

أَيا رَبِّ مِنّا الضَعفُ إِن لَم تُقَوِّنا
عَلى شُكرِ ما أَبلَيتَ مِنكَ وَأَولَيتا

أَيا رَبِّ نَحنُ الفائِزونَ غَداً لَئِن
تَوَلَّيتَنا يا رَبِّ فيمَن تَوَلَّيتا

أَيا مَن هُوَ المَعروفُ مِن غَيرِ رُؤيَةٍ
تَبارَكتَ يا مَن لا يُرى وَتَعالَيتا


ابو العتاهية

الحمدان
07-09-2024, 11:25 PM
أَلَيسَ قَريباً كُلُّ ما هُوَ آتِ
فَما لي وَما لِلشَكِّ وَالشُبُهاتِ

أُنافِسُ في طيبِ الطَعامِ وَكُلُّهُ
سَواءٌ إِذا ما جاوَزَ اللَهَواتِ

وَأَسعى لِما فَوقَ الكَفافِ وَكُلَّما
تَرَفَّعتُ فيهِ ازدَدتُ في الحَسَراتِ

وَأَطمَعُ في المَحيا وَعَيشِيَ إِنَّما
مَسالِكُهُ مَوصولَةٌ بِمَماتِ

وَلِلمَوتِ داعٍ مُسمِعٌ غَيرَ أَنَّني
أَرى الناسَ عَن داعيهِ في غَفَلاتِ

فَلِلَّهِ عَقلي إِنَّ عَقلي لَناقِصٌ
وَلَو تَمَّ عَقلي لَاغتَنَمتُ حَياتي

وَلِلَّهِ نَفسي إِنَّها لَبَخيلَةٌ
عَلَيَّ بِما جادَت بِهِ لَأُلاتِ


ابو العتاهية

الحمدان
07-09-2024, 11:26 PM
إِلى كَم إِذا ما غِبتُ تُرجى سَلامَتي
وَقَد قَعَدَت بي الحادِثاتُ وَقامَتِ

وَعُمِّمتُ مِن نَسجِ القَتيرِ عِمامَةً
رُقومُ البِلى مَرقومَةٌ في عِمامَتي

وَكُنتُ أَرى لي في الشَبابِ عَلامَةً
فَصِرتُ وَإِنّي مُنكِرٌ لِعَلامَتي

وَما هِيَ إِلّا أَوبَةٌ بَعدَ غَيبَةٍ
إِلى الغَيبَةِ القُصوى فَثَمَّ قِيامَتي

كَأَنّي بِنَفسي حَسرَةً وَنَدامَةً
تَقَطَّعُ إِذ لَم تُغنِ عَنّي نَدامَتي

مُنى النَفسِ مِمّا يوطِئُ المَرءَ عَشوَةً
إِذا النَفسُ جالَت حَولَهُنَّ وَحامَتِ

وَمَن أَوطَأَتهُ نَفسُهُ حاجَةً فَقَد
أَساءَت إِلَيهِ نَفسُهُ وَأَلامَتِ

أَما وَالَّذي نَفسي لَهُ لَو صَدَقتُها
لَرَدَّدتُ تَوبيخي لَها وَمَلامَتي

فَلِلَّهِ نَفسٌ أَوطَأَتني مِنَ العَشا
حُزوناً وَلَو قَوَّمتُها لَاستَقامَتِ

وَلِلَّهِ يَومٌ أَيُّ يَومِ فَظاعَةٍ
وَأَفظَعُ مِنهُ بَعدُ يَومُ قِيامَتي

وَلِلَّهِ أَهلي إِذ حَبَوني بِحُفرَةٍ
وَهُم بِهَواني يَطلُبونَ كَرامَتي

وَلِلَّهِ دُنيا لا تَزالُ تَرُدُّني
أَباطيلُها في الجَهلِ بَعدَ استِقامَتي

وَلِلَّهِ أَصحابُ المَلاعِبِ لَو صَفَت
لَهُم لَذَّةُ الدُنيا بِهِنَّ وَدامَتِ

وَلِلَّهِ عَينٌ أَيقَنَت أَنَّ جَنَّةً
وَناراً يَقينٌ صادِقٌ ثُمَّ نامَتِ


ابو العتاهية

الحمدان
07-09-2024, 11:26 PM
أَشرِب فُؤادَكَ بِغضَةَ اللَذّاتِ
وَاِذكُر حُلولَ مَنازِلِ الأَمواتِ

لا تُلهِيَنَّكَ عَن مَعادِكَ لَذَّةٌ
تَفنى وَتورِثُ دائِمَ الحَسَراتِ

إِنَّ السَعيدَ غَداً زَهيدٌ قانِعٌ
عَبدَ الإِلَهِ بِأَحسَنِ الإِخباتِ

أَقِمِ الصَلاةَ لِوَقتِها بِطُهورِها
وَمِنَ الضَلالِ تَفاوُتُ الميقاتِ

وَإِذا اِتَّسَعتَ بِرِزقِ رَبِّكَ فَاِجعَلَن
مِنهُ الأَجَلَّ لِأَوجُهِ الصَدَقاتِ

في الأَقرَبينَ وَفي الأَباعِدِ تارَةً
إِنَّ الزَكاةَ قَرينَةُ الصَلَواتِ

وَاِرعَ الجِوارَ لِأَهلِهِ مُتَبَرِّعاً
بِقَضاءِ ما طَلَبوا مِنَ الحاجاتِ

وَاِخفِض جَناحَكَ إِن رُزِقتَ تَسَلُّطاً
وَاِرغَب بِنَفسِكَ عَن هَنٍ وَهَناتِ


ابو العتاهية

الحمدان
07-09-2024, 11:27 PM
أُحِبُّ مِنَ الإِخوانِ كُلَّ مُؤاتِ
وَفِيٍّ يَغُضُّ الطَرفَ عَن عَثَراتي

يُوافِقُني في كُلِّ خَيرٍ أُريدُهُ
وَيَحفَظُني حَيّاً وَبَعدَ وَفاتي

وَمَن لي بِهَذا لَيتَ أَنّي أَصَبتُهُ
فَقاسَمتُهُ مالي مِنَ الحَسَناتِ

تَصَفَّحتُ إِخواني فَكانَ أَقَلُّهُم
عَلى كَثرَةِ الإِخوانِ أَهلَ ثِقاتِ


ابو العتاهية

الحمدان
07-09-2024, 11:27 PM
أَلَحَّت مُقيماتٌ عَلَينا مُلِحّاتُ
لَيالٍ وَأَيّامٌ بِنا مُستَحَثّاتُ

نَحِنُّ مِنَ الدُنيا إِلى كُلِّ لَذَّةٍ
وَلَكِنَّ آفاتِ الزَمانِ كَثيراتُ

وَكَم مِن مُلوكٍ شَيَّدوا وَتَحَصَّنوا
فَما سَبَقوا الأَيّامَ شَيئاً وَلا فاتوا

وَكَم مِن أُناسٍ قَد رَأَينا بِغِبطَةٍ
وَلَكِنَّهُم مِن بَعدِ غِبطَتِهِم ماتوا

لَقَد أَغفَلَ الأَحياءُ حَتّى كَأَنَّهُم
بِما أَغفَلوا مِن طاعَةِ اللَهِ أَمواتُ

أَلا رُبَّما غَرَّ ابنَ آدَمَ أَنَّهُ
لَهُ مُدَّةٌ تَخفى عَلَيهِ وَميقاتُ

وَكُلُّ بَني الدُنيا يُعَلِّلُ نَفسَهُ
بِمَرِّ شُهورٍ وَهيَ لِلعُمرِ آفاتُ

أَخي أَنَّ أَملاكاً تَوافَوا إِلى البِلى
وَكانَت لَهُم في مُدَّةِ العَيشِ آياتُ

أَلَم تَرَ إِذ رُصَّت عَلَيهِم جَنادِلٌ
لَهُم تَحتَها لُبثٌ طَويلٌ مُقيماتُ

دَعِ الشَرَ وَاِبغِ الخَيرَ في مُستَقَرِّهِ
فَلِلخَيرِ عاداتٌ وَلِلشَرِ عاداتُ

وَما لَكَ مِن دُنياكَ مالٌ تَعُدُّهُ
عَلى غَيرِ ما تُعيهِ مِنها وَتَقتاتُ


ابو العتاهية

الحمدان
07-09-2024, 11:28 PM
مَن يَعِش يَكبَر وَمَن يَكبَر يَمُت
وَالمَنايا لا تُبالي ما أَتَت

كَم وَكَم قَد دَرَجَت مِن قَبلِنا
مِن قُرونٍ وَقُرونٍ قَد مَضَت

أَيُّها المَغرورُ ما هَذا الصِبا
لَو نَهَيتَ النَفسَ عَنهُ لَاِنتَهَت

أَنَسيتَ المَوتَ جَهلاً وَالبِلى
فَسَلَت نَفسُكَ عَنهُ وَلَهَت

نَحنُ في دارِ بَلاءٍ وَأَذىً
وَشَقاءٍ وَعَناءٍ وَعَنَت

مَنزِلٌ ما يَثبُتُ المَرءُ بِهِ
سالِماً إِلّا قَليلاً إِن ثَبَت

بَينَما الإِنسانُ في الدُنيا لَهُ
حَرَكاتٌ مُسرِعاتٌ إِذ خَفَت

أَبَتِ الدُنيا عَلى سُكّانِها
في البِلى وَالنَقصِ إِلّا ما أَتَت

إِنَّما الدُنيا مَتاعُ بُلغَةٍ
كَيفَما زَجَّيتَ في الدُنيا زَجَت

رَحِمَ اللَهُ امرَأً أَنصَفَ مِن
نَفسِهِ إِذ قالَ خَيراً أَو صَمَت


ابو العتاهية

الحمدان
07-09-2024, 11:30 PM
كَأَنَّني بِالدِيارِ قَد خَرِبَت
وَبِالدُموعِ الغِزارِ قَد سُكِبَت

فَضَحتِ لا بَل جَرَحتِ وَاِجتَحتِ
يا دُنيا رِجالاً عَلَيكِ قَد كَلِبَت

المَوتُ حَقٌّ وَالدارُ فانِيَةٌ
وَكُلُّ نَفسٍ تُجزى بِما كَسَبَت

يا لَكَ مِن جيفَةٍ مُعَفَّنَةٍ
أَيُّ اِمتِناعٍ لَها إِذا طُلِبَت

ظَلَّت عَلَيها الغُواةُ عاكِفَةً
وَما تُبالي الغُواةُ ما رَكِبَت

هِيَ الَّتي لَم تَزَل مُنَغَّصَةً
لا دَرَّ دَرُّ الدُنيا إِذا اِحتُلِبَت

وَالناسُ في غَفلَةٍ وَقَد حَلَّتِ
الآجالُ في وَقتِها وَقَد قَرُبَت

ما كُلُّ ذي حاجَةٍ بِمُدرِكِها
كَم مِن يَدٍ لا تَنالُ ما طَلَبَت

في اناسِ مَن تَسهُلُ المَطالِبُ
أَحياناً عَلَيهِ وَرُبَّما صَعُبَت

وَشِرَّةُ النَفسِ رُبَّما جَمَحَت
وَشَهوَةُ النَفسِ رُبَّما غَلَبَت

مَن لَم يَسَعهُ الكَفافُ مُقتَنِعاً
ضاقَت عَلَيهِ الدُنيا بِما رَحُبَت

وَبَينَما المَرءُ تَستَقيمُ لَهُ الدُنيا
عَلى ما اِشتَهى إِذِ اِنقَلَبَت

ما كَذَّبَتني عَينٌ رَأَيتُ بِها
الأَمواتَ وَالعَينُ رُبَّما كَذَبَت

وَأَيُّ عَيشٍ وَالعَيشُ مُنقَطِعٌ
وَأَيُّ طَعمٍ لِلَذَّةٍ ذَهَبَت

وَيحَ عُقولِ المُستَعصِمينَ بِدارِ
الذُلِّ في أَيِّ مَنشَبٍ نَشِبَت

مَن يَبرِمُ الإِنتِقاضَ مِنها وَمَن
يُخمِدُ نيرانَها إِذا اِلتَهَبَت

وَمَن يُعَزّيهِ مِن مَصائِبِها
وَمَن يُقيلُ الدُنيا إِذا نَكَبَت

يا رُبَّ عَينٍ لِلشَرِّ جالِبَةٍ
فَتِلكَ عَينٌ تَشقى بِما جَلَبَت


ابو العتاهية

الحمدان
07-09-2024, 11:31 PM
لِمَ لا نُبادِرُ ما نَراهُ يَفوتُ
إِذ نَحنُ نَعلَمُ أَنَّنا سَنَموتُ

مَن لَم يُوالِ اللَهَ وَالرُسُلَ الَّتي
نَصَحَت لَهُ فَوَلِيُّهُ الطاغوتُ

عُلَماؤُنا مِنّا يَرونَ عَجائِباً
وَهُمُ عَلى ما يُبصِرونَ سُكوتُ

تَفنيهُمُ الدُنيا بِوَشكِ زَوالِها
فَجَميعُهُم بِغُرورِها مَبهوتُ

وَبِحَسبِ مَن يَسمو إِلى الشَهَواتِ
ما يَكفيهِ مِن شَهَواتِهِ وَيَقوتُ

يا بَرزَخَ المَوتى الَّذي نَزَلوا بِهِ
فَهُمُ رُقودٌ في ثَراهُ خُفوتُ

كَم فيكَ مِمَّن كانَ يوصَلُ حَبلُهُ
قَد صارَ بَعدُ وَحَبلُهُ مَبتوتُ


ابو العتاهية

الحمدان
07-09-2024, 11:31 PM
اِصبِر عَلى نُوَبِ الزَمانِ
وَرَيبِهِ وَتَقَلُّبِه

لا تَجزَعَنَّ فَمَن تَعَتتَبَ
دامَ وَصلُ تَعَتُّبِه

شَرَفُ الفَتى طَلَبُ الكَفافِ
بِعِفَّةٍ في مَكسَبِه

يَرضى بِقَسمٍ مَليكِهِ
مُتَجَمِّلاً في مَطلَبِه


ابو العتاهية

الحمدان
07-09-2024, 11:32 PM
إِيّاكَ وَالبَغيَ وَالبُهتانَ وَالغيبَة
وَالشَكَّ وَالشِركَ وَالطُغيانَ وَالريبَه

ما زادَكَ السِنُّ مِن مِثقالِ خَردَلَةٍ
إِلّا تَقَرَّبَ مِنكَ المَوتُ تَقريبَه

فَما بَقاؤكَ وَالأَيّامُ مُسرِعَةٌ
تَصعيدَةً فيكَ أَحياناً وَتَصويبَه

وَإِنَّ لِلدَهرِ لَو يُحصى تَقَلُّبُهُ
في كُلِّ طَرفَةِ عَينٍ مِنكَ تَقليبَه


ابو العتاهية

الحمدان
07-09-2024, 11:33 PM
كُلٌّ إِلى الرَحمَنِ مُنقَلَبُه
وَالخَلقُ ما لا يَنقَضي عَجَبُه

سُبحانَ مَن جَلَّ اِسمُهُ وَعَلا
وَدَنا وَوارَت عَينَهُ حُجُبُه

وَلَرُبَّ غادِيَةٍ وَرائِحَةٍ
لَم يُنجِ مِنها هارِباً هَرَبُه

وَلَرُبَّ ذي نَشَبٍ تَكَنَّفَهُ
حُبُّ الحَياةِ وَغَرَّهُ نَشَبُه

قَد صارَ مِمّا كانَ يَملِكُهُ
صِفراً وَصارَ لِغَيرِهِ سَلَبُه

يا صاحِبَ الدُنيا المُحِبَ لَها
أَنتَ الَّذي لا يَنقَضي تَعَبُه

أَصلَحتَ داراً هَمُّها أَشِبٌّ
جَمُّ الفُروعِ كَثيرَةٌ شَعَبُه

إِنَّ اِستَهانَتَها بِمَن صَرَعَت
لَبِقَدرِ مَن تَسمو بِهِ رُتَبُه

وَإِنِ اِستَوَت لِلنَملِ أَجنِحَةٌ
حَتّى يَطيرَ فَقَد دَنا عَطَبُه

إِنّي حَلَبتُ الدَهرَ أَشطُرَهُ
فَرَأَيتُهُ لَم يَصفُ لي حَلَبُه

فَتَوَقَّ دَهرَكَ ما اِستَطَعتَ وَلا
تَغرُركَ فِضَّتُهُ وَلا ذَهَبُه

كَرَمُ الفَتى التَقوى وَقُرَّتُهُ
مَحضُ اليَقينِ وَدينُهُ حَسَبُه

حِلمُ الفَتى مِمّا يُزَيِّنُهُ
وَتَمامُ حِليَةِ فَضلِهِ أَدَبُه

وَالأَرضُ طَيِّبَةٌ وَكُلُّ بَني
حَوّاءَ فيها واحِدٌ نَسَبُه

إيتِ الأُمورَ وَأَنتَ تُبصِرُها
لا تَأتِ ما لَم تَدرِ ما سَبَبُه


ابو العتاهية
العصر العباسي

الحمدان
07-09-2024, 11:34 PM
نُنافِسُ في الدُنيا وَنَحنُ نَعيبُها
لَقَد حَذَّرَتناها لَعَمري خُطوبُها

وَما نَحسَبُ الصاعاتِ تُقطَعُ مُدَّةً
عَلى أَنَّها فينا سَريعٌ دَبيبُها

وَإِنّي لَمِمَّن يَكرَهُ المَوتَ وَالبِلى
وَيُعجِبُني رَوحُ الحَياةِ وَطيبُها

فَحَتّى مَتى حَتّى مَتى وَإِلى مَتى
يَدومُ طُلوعُ الشَمسِ ثُمَّ غُروبُها

أَيا هادِمَ اللَذاتِ ما مِنكَ مَهرَبٌ
تُحاذِرُ نَفسي مِنكَ ما سَيُصيبُها

كَأَنّي بِرَهطي يَحمِلونَ جَنازَتي
إِلى حُفرَةٍ يُحثى عَلَيَّ كَثيبُها

فَكَم ثَمَّ مِن مُستَرجِعٍ مُتَوَجِّعٍ
وَباكِيَةٍ يَعلو عَلَيَّ نَحيبُها

وَداعِيَةٍ حَرّى تُنادي وَإِنَّني
لَفي غَفلَةٍ عَن صَوتِها ما أُجيبُها

رَأَيتُ المَنايا قُسِّمَت بَينَ أَنفُسٍ
وَنَفسي سَيَأتي بَعدَهُنَّ نَصيبُها


ابو العتاهية

الحمدان
07-09-2024, 11:34 PM
المَرءُ يَطلُبُ وَالمَنِيَّةُ تَطلُبُه
وَيَدُ الزَمانِ تُديرُهُ وَتُقَلِّبُه

لَيسَ الحَريصُ بِزائِدٍ في رِزقِهِ
اللَهُ يَقسِمُهُ لَهُ وَيُسَبِّبُه

لا تَغضَبَنَّ عَلى الزَمانِ فَإِنَّ مَن
يُرضي الزَمانُ أَقَلُّ مِمَّن يُغضِبُه

أَيُّ اِمرِئٍ إِلّا عَلَيهِ مِنَ البِلى
في كُلِّ ناحِيَةٍ رَقيبٌ يَرقَبُه

المَوتُ حَوضٌ لا مَحالَةَ دونَهُ
مُرٌّ مَذاقَتُهُ كَريهٌ مَشرَبُه

وَتَرى الفَتى سَلِسَ الحَديثِ بِذِكرِهِ
وَسطَ النَدِيِّ كَأَنَّهُ لا يَرهَبُه

وَأَسَرُّ ما يُلقى الفَتى في نَفسِهِ
يَبتَزُّهُ نابُ الزَمانِ وَمَخلَبُه

وَلَرُبُّ مُلهِيَةٍ لِصاحِبِ لَذَّةٍ
أَلفَيتُها تَبكي عَلَيهِ وَتَندُبُه

مَن كانَتِ الدُنيا مِنَ كبَرِ هَمِّهِ
نَصَبَت لَهُ مِن حُبِّها ما يُتعِبُه

فَاِصبِر عَلى الدُنيا وَطولِ غُمومِها
ما كُلُّ مَن فيها يَرى ما يُعجِبُه

ما زالَتِ الأَيّامُ تَلعَبُ بِالفَتى
طَوراً تُخَوِّلُهُ وَطَوراً تَسلُبُه

مَن لَم يَزَل مُتَعَجِّباً مِن كُلِّ ما
تَأتي بِهِ الأَيّامُ طالَ تَعَجُّبُه


ابو العتاهية

الحمدان
07-10-2024, 01:43 PM
في حُبِّ "إربـــدَ" طابَ الشعرُ والغزلُ
ولأرضِ "إربـــدَ" صارَ القلبُ يرتحلُ

قوّلوا "لإربـــدَ" أنَّ العُمرَ أجَمَلهُ
عشناهُ فيها فطـابَ العيشُ والأملُ

ويومَ طفنا مع الدنُيا سكـنتِ بِنَا
كنتِ الرفيـقَ يُجارينا كما الظلُ

ويومَ نرجـعُ أنتِ القِبـلة ُالأولىْ
ولها نحجُّ وفي المحرابِ نبتهلُ

إنّا تركناكِ جبنا الأرضَ واشتعلت
فينا المواجعُ واشتاقت لكِ المقلُ

فالـأرضُ تعشـقُ أبنـاءً لـهـا انتسبوا
سيانَ تعشقُ مَن ظلوا ومن رحلوا

يا هذهِ الأرضُ لن ننساكِ ثانيةً
وعداً علينا ونحن الوعدَ نمتثلُ

فلاْ المـطـاراتُ تحلو دون تذكرةٍ
فيها الإيابُ لأرضٍ مُرّهُا عَسَلُ

يا "أربدُ" الشماءُ يا أرضاً تنادينا
التلُ نادى ونادى السهلُ والجبلُ

أنتِ الحضارةُ والتاريخُ مُذْ وجدا
والوحي أنتِ وأبناءٌ لكِ الرُسلُ

يا سهلَ "إربدَ" يا "حورانَ" يا وطناً
فـيكَ الحياةُ وفيـكَ يُـلاقنـْا الأجـلُ

هذا هو العهد نحفظهُ "لإربـِدنّا"
لن نُخلِفَ العهدَ والأنفاسُ تتصلُ


بقلم: د. عبدالناصر هياجنه

الحمدان
07-10-2024, 02:12 PM
مرحبا يا أيها الأرقُ
فُرِشتْ أُنساً لكَ الحَدَقُ

لكَ من عينيَّ منطلقٌ
إذ عُيونُ الناس تنطبِق

لكَ زادٌ عنديَ القلقُ
واليراعُ النِّضوُ والورقُ

الجواهري

الحمدان
07-10-2024, 02:13 PM
‏يا لهفَ نفسي على شيئين لو جُمِعا
‏عندي لكنتُ إذًا مِنْ أسعدِ البشرِ
‏كفافُ عيشٍ يقيني ذلَّ مسألةٍ

‏وخدمةُ العلمِ حتى ينقضي عُمُري


......

الحمدان
07-10-2024, 02:15 PM
سأترك وصلكم عزا وشرفاً
‏ لخسة سائر الشركاء فيهِ

‏إذا وقع الذباب عـلى طعامًا
‏رفـعـت يـدي ونفسي تشتهيـهِ

‏وتجتنبُ الأسـود ورد مــاءً
‏إذا كـان الكلاب يلغنَ فيـهِ

‏إذا شرب الأسد من خلف كلباً
‏فذاك الأسد لا خير فيهِ

‏ويرتجع الكريم خميص بطـناً
‏ولا يرضى مساهمة السفيهِ


......

الحمدان
07-10-2024, 02:17 PM
‏أوَليس من يعطي ويمنعُ رحمةً
‏لو لم يكُن شرًا أكان ليمنعك

‏أوَما رعاك إذ المراكب أُغرقت
‏والحبلُ مُدَّ إذ التجنّي أوقعك

‏أولم يجفِّف كل ما عانيتَهُ
‏وظننتَ أنك لن تعود فأرجعك

‏الآن تأسى إذْ وقعتَ مجددً
‏والله يحنو بالسقوط ليرفعك


......

الحمدان
07-10-2024, 02:20 PM
‏تمهلْ ‏ما الذي تعني: "تمهلْ"؟
‏وقلبكِ مسرع الخطوات يرحلْ!

‏سأمضي.. ‏ربما في البعد ندنو
‏فبعض الحب حين البعد أجملْ

‏هنا في الركنِ ‏أحلامي يتامى
‏كحقلِ سنابلٍ والعمر منجلْ

‏وأثوابٌ، وأمشاطٌ، وعطرٌ
‏بها أوصيكِ خيرًا حين تسألْ

‏لها قولي وداريها كطفلٍ:
‏بأن غرامنا جرحٌ مؤجلْ


......

الحمدان
07-10-2024, 02:20 PM
ضَلالٌ مارَأَيتُ مِنَ الضَلالِ
مُعاتَبَةُ الكَريمِ عَلى النَوالِ

وَإِنَّ مَسامِعي عَن كُلِّ عَذلٍ
لَفي شُغلٍ بِحَمدٍ أَو سُؤالِ

وَلا وَاللَهِ مابَخِلَت يَميني
وَلا أَصبَحتُ أَشقاكُم بِمالي

وَلا أُمسي يُحَكَّمُ فيهِ بَعدي
قَليلُ الحَمدِ مَذمومَ الفِعالِ

وَلَكِنّي سَأُفنيهِ وَأَقني
ذَخائِرَ مِن ثَوابٍ أَو جَمالِ

وَلِلوُرّاثِ إِرثُ أَبي وَجَدّي
جِيادُ الخَيلِ وَالأَسَلِ الطِوالِ

وَما تَجني سَراةُ بَني أَبينا
سِوى ثَمَراتِ أَطرافِ العَوالي

مَمالِكُنا مَكاسِبُنا إِذا ما
تَوارَثَها رِجالٌ عَن رِجالِ

إِذا لَم تُمسِ لي نارٌ فَإِنّي
أَبيتُ لِنارِ غَيري غَيرَ صالِ

أَوَينا بَينَ أَطنابِ الأَعادي
إِلى بَلَدٍ مِنَ النُصّارِ خالِ

نَمُدُّ بُيوتُنا في كُلِّ فَجٍّ
بِهِ بَينَ الأَراقِمِ وَالصِلالِ

نَعافُ قُطونَهُ وَنَمَلُّ مِنهُ
وَيَمنَعُنا الإِباءُ مِنَ الزِيالِ

مَخافَةَ أَن يُقالَ بِكُلِّ أَرضٍ
بَنو حَمدانَ كَفّوا عَن قِتالِ

أَسَيفَ الدَولَةِ المَأمولَ إِنّي
عَنِ الدُنيا إِذا ماعِشتَ سالِ

وَمَن وَرَدَ المَهالِكَ لَم تَرُعهُ
رَزايا الدَهرِ في أَهلٍ وَمالِ

إِذا قُضِيَ الحِمامُ عَلَيَّ يَوماً
فَفي نَصرِ الهُدى بِيَدِ الضَلالِ

إِذا مالَم تَخُنكَ يَدٌ وَقَلبٌ
فَلَيسَ عَلَيكَ خائِنَةُ اللَيالي

وَأَنتَ أَشَدُّ هَذا الناسِ بَأساً
وَأَصبَرُهُم عَلى نُوَبِ القِتالِ

وَأَهجَمُهُم عَلى جَيشٍ كَثيفٍ
وَأَغوَرُهُم عَلى حَيٍّ حِلالِ

ضَرَبتَ فَلَم تَدَع لِلسَيفِ حَدّاً
وَجُلتَ بِحَيثُ ضاقَ عَنِ المَجالِ

فَقُلتَ وَقَد أَظَلَّ المَوتُ صَبراً
وَإِنَّ الصَبرَ عِندَ سِواكَ غالِ

أَلا هَل مُنكِرٌ يا اِبنَي نِزارٍ
مَقامي يَومَ ذَلِكَ أَو مَقالي

أَلَم أَثبُت لَها وَالخَيلُ فَوضى
بِحَيثُ تَخِفُّ أَحلامُ الرِجالِ

تَرَكتُ ذَوابِلَ المُرّانِ فيها
مُخَضَّبَةً مُحَطَّمَةَ الأَعالي

وَعُدتُ أَجَرُّ رُمحي عَن مَقامٍ
تُحَدِّثُ عَنهُ رَبّاتُ الحِجالِ

فَقائِلَةٍ تَقولُ أَبا فِراسٍ
أُعيذُ عُلاكَ مِن عَينِ الكَمالِ

وَقائِلَةٍ تَقولُ جُزيتَ خَيراً
لَقَد حامَيتَ عَن حَرَمَ المَعالي

وَمُهري لايَمَسُّ الأَرضَ زَهواً
كَأَنَّ تُرابَها قُطبُ النِبالِ

كَأَنَّ الخَيلَ تَعرِفُ مَن عَلَيها
فَفي بَعضٍ عَلى بَعضٍ تُعالي

عَلَينا أَن نُعاوِدَ كُلَّ يَومٍ
رَخيصٍ عِندَهُ المُهَجُ الغَوالي

فَإِن عِشنا ذَخَرناها لِأُخرى
وَإِن مُتنا فَمَوتاتُ الرِجالِ


ابو فراس الحمداني

الحمدان
07-10-2024, 03:31 PM
ما العُمرُ ماطالَت بِهِ الدُهورُ
العُمرُ ماتَمَّ بِهِ السُرورُ

أَيّامُ عِزّي وَنَفاذِ أَمري
هِيَ الَّتي أَحسِبُها مِن عُمري

ما أَجوَرَ الدَهرَ عَلى بَنيهِ
وَأَغدَرَ الدَهرَ بِمَن يُصفيهِ

لَو شِئتُ مِمّا قَد قَلَلنَ جِدّاً
عَدَدتُ أَيّامَ السُرورِ عَدّا

أَنعَمتُ يَوماً مَرَّ لي بِالشامِ
أَلَذَّ ما مَرَّ مِنَ الأَيّامِ

دَعَوتُ بِالصَقّارِ ذاتَ يَومِ
عِندَ اِنتِباهي سَحَراً مِن نَومي

قُلتُ لَهُ اِختَر سَبعَةً كِبارا
كُلٌّ نَجيبٌ يَرِدُ الغُبارا

يَكونُ لِلأَرنَبِ مِنها اِثنانِ
وَخَمسَةٌ تُفرَدُ لِلغِزلانِ

وَاِجعَل كِلابَ الصَيدِ نَوبَتَينِ
تُرسِلُ مِنها اِثنَينِ بَعدَ اِثنَينِ

وَلا تُؤَخِّر أَكلُبَ العِراضِ
فَهُنَّ حَتفٌ لِلظِباءِ قاضِ

ثُمَّ تَقَدَّمتُ إِلى الفَهّادِ
وَالبازِيارينَ بِالاِستِعدادِ

وَقُلتُ إِنَّ خَمسَةً لَتُقنِعُ
وَالزُرَّقانِ الفَرخُ وَالمُلَمَّعُ

وَأَنتَ ياطَبّاخُ لاتَباطا
عَجِّل لَنا اللَبّاتِ وَالأَوساطا

وَيا شَرابِيَّ المُصَفَّياتِ
تَكونُ بِالراحِ مُيَسَّراتِ

بِاللَهِ لا تَستَصحِبوا ثَقيلاً
وَاِجتَنِبوا الكَثرَةَ وَالفُضولا

رُدّوا فُلاناً وَخُذوا فُلانا
وَضَمِّنوني صَيدَكُم ضَمانا

فَاِختَرتُ لَمّا وَقَفوا طَويلاً
عِشرينَ أَو فَوَيقَها قَليلا

عِصابَةٌ أَكرِم بِها عِصابَه
مَعروفَةٌ بِالفَضلِ وَالنَجابَه

ثُمَّ قَصَدنا صَيدَ عَينِ قاصِرِ
مَظِنَّةَ الصَيدِ لِكُلِّ خابِرِ

جِئناهُ وَالشَمسُ قُبَيلَ المَغرِبِ
تَختالُ في ثَوبِ الأَصيلِ المُذهَبِ

وَأَخَذَ الدُرّاجُ في الصِياحِ
مُكتَنِفاً مِن سائِرِ النَواحي

في غَفلَةٍ عَنّا وَفي ضَلالِ
وَنَحنُ قَد زُرناهُ بِالآجالِ

يَطرَبُ لِلصُبحِ وَلَيسَ يَدري
أَنَّ المَنايا في طُلوعِ الفَجرِ

حَتّى إِذا أَحسَستُ بِالصَباحِ
نادَيتُهُم حَيَّ عَلى الفَلاحِ

نَحنُ نُصَلّي وَالبُزاةُ تُخرَجُ
مُجَرَّداتٍ وَالخُيولُ تُسرَجُ

فَقُلتُ لِلفَهّادِ فَاِمضِ وَاِنفَرِد
وَصِح بِنا إِن عَنَّ ظَبيٌ وَاِجتَهِد

فَلَم يَزَل غَيرَ بَعيدٍ عَنّا
إِلَيهِ يَمضي ما يَفِرُّ مِنّا

وَسِرتُ في صَفٍّ مِنَ الرِجالِ
كَأَنَّما نَزحَفُ لِلقِتالِ

فَما اِستَوَينا كُلُّنا حَتّى وَقَف
غُلَيِّمٌ كانَ قَريباً مِن شَرَف

ثُمَّ أَتاني عَجِلاً قالَ السَبَق
فَقُلتُ إِن كانَ العِيانُ قَد صَدَق

سِرتُ إِلَيهِ فَأَراني جاثِمَه
ظَنَنتُها يَقظى وَكانَت نائِمَه

ثُمَّ أَخَذتُ نَبلَةً كانَت مَعي
وَدُرتُ دَورَينِ وَلَم أُوَسَّعِ

حَتّى تَمَكَّنتُ فَلَم أُخطِ الطَلَب
لِكُلِّ حَتفٍ سَبَبٌ مِنَ السَبَب

وَضَجَّتِ الكِلابُ في المَقاوِدِ
تَطلُبُها وَهيَ بِجُهدٍ جاهِدِ

وَصِحتُ بِالأُسودِ كَالخُطّافِ
لَيسَ بِأَبيَضٍ وَلا غِطرافِ

ثُمَّ دَعَوتُ القَومَ هَذا بازي
فَأَيُّكُم يَنشَطُ لِلبِرازِ

فَقالَ مِنهُم رَشَأٌ أَنا أَنا
وَلَو دَرى مابِيَدي لَأَذعَنا

فَقُلتُ قابِلني وَراءَ النَهرِ
أَنتَ لِشَطرٍ وَأَنا لِشَطرِ

طارَت لَهُ دُراجَةٌ فَأَرسَلا
أَحسَنَ فيها بازُهُ وَأَجمَلا

عَلَّقَها فَعَطعَطوا وَصاحوا
وَالصَيدُ مِن آلَتِهِ الصِياحُ

فَقُلتُ ماهَذا الصِياحُ وَالقَلَق
أَكُلُّ هَذا فَرَحٌ بِذا الطَلَق

فَقالَ إِنَّ الكَلبَ يُشوي البازا
قَد حَرَزَ الكَلبُ فَجُز وَجازا

فَلَم يَزَل يَزعَقُ يامَولائي
وَهوَ كَمِثلِ النارِ في الحَلفاءِ

طارَت فَأَرسَلتُ فَكانَت سَلوى
حَلَّت بِها قَبلَ العُلوِّ البَلوى

فَما رَفَعتُ البازَ حَتّى طارا
آخَرُ عوداً يُحسِنُ الفِرارا

أَسوَدُ صَيّاحٌ كَريمٌ كُرَّزُ
مُطَرَّزٌ مُكَحَّلٌ مُلَزَّزُ

عَلَيهِ أَلوانٌ مِنَ الثِيابِ
مِن حُلَلِ الديباجِ وَالعُنّابي

فَلَم يَزَل يَعلو وَبازي يَسفُلُ
يُحرِزُ فَضلَ السَبقِ لَيسَ يَغفُلُ

يَرقُبُهُ مِن تَحتِهِ بِعَينِهِ
وَإِنَّما يَرقُبُهُ لِحينِهِ

حَتّى إِذا قارَبَ فيما يَحسَبُ
مَعقِلَهُ وَالمَوتُ مِنهُ أَقرَبُ

أَرخى لَهُ بِنَبجِهِ رِجلَيهِ
وَالمَوتُ قَد سابَقَهُ إِلَيهِ

صِحتُ وَصاحَ القَومُ بِالتَكبيرِ
وَغَيرُنا يُضمِرُ في الصُدورِ

ثُمَّ تَصايَحنا فَطارَت واحِدَه
شَيطانَةٌ مِنَ الطُيورِ مارِدَه

مِن قُرُبٍ فَأَرسَلوا إِلَيها
وَلَم تَزَل أَعيُنُهُم عَلَيها

فَلَم يُعَلِّق بازُهُ وَأَدّى
مِن بَعدِ ماقارَبَها وَشَدّا

صِحتُ أَهَذا البازُ أَم دَجاجَه
لَيتَ جَناحَيهِ عَلى دُرّاجَه

فَاِحمَرَّتِ الأَوجُهُ وَالعُيونُ
وَقالَ هَذا مَوضُعٌ مَلعونُ

إِن لَزَّها البازُ أَصابَت نَبجاً
أَو سَقَطَت لَم تَلقَ إِلّا مَدرَجا

أَعدِل بِنا لِلنَبَّجِ الخَفيفِ
وَالمَوضِعِ المُنفَرِدِ المَكشوفِ

فَقُلتُ هَذي حُجَّةٌ ضَعيفَه
وَغِرَّةٌ ظاهِرَةٌ مَعروفَه

نَحنُ جَميعاً في مَكانٍ واحِدِ
فَلا تُعَلِّل بِالكَلامِ البارِدِ

قُصَّ جَناحَيهِ يَكُن في الدارِ
مَعَ الدَباسي وَمَعَ القَماري

وَاِعمَد إِلى جُلجُلِهِ البَديعِ
فَاِجعَلهُ في عَنزٍ مِنَ القَطيعِ

حَتّى إِذا أَبصَرتُهُ وَقَد خَجِل
قُلتُ أَراهُ فارِهاً عَلى الحَجَل

دَعهُ وَهَذا البازُ فَاِطَّرِد بِهِ
تَفادِياً مِن غَمِّهِ وَعَتبِهِ

وَقُلتُ لِلخَيلِ الَّتي حَولَينا
تَشاهَدوا كُلُّكُمُ عَلَينا

بِأَنَّهُ عارِيَةٌ مَضمونَه
يُقيمُ فيها جاهَهُ وَدينَه

جِئتُ بِبازٍ حَسَنٍ مُبَهرَجِ
دونَ العُقابِ وَفُوَيقَ الزُمَّجِ

زَينٍ لِرائيهِ وَفَوقَ الزَينِ
يَنظُرُ مِن نارَينِ في غارَينِ

كَأَنَّ فَوقَ صَدرِهِ وَالهادي
آثارَ مَشيِ الذَرِّ في الرَمادِ

ذي مِنسَرٍ فَخمٍ وَعَينٍ غائِرَه
وَفَخِذٍ مِلءَ اليَمينِ وافِرَه

ضَخمٍ قَريبِ الدَستَبانِ جِدّا
يَلقى الَّذي يَحمِلُ مِنهُ كَدّا

وَراحَةٍ تَغمُرُ كَفّي سَبطَه
زادَ عَلى قَدرِ البُزاةِ بَسطَه

سُرَّ وَقالَ هاتِ قُلتُ مَهلا
اِحلِف عَلى الرَدِّ فَقالَ كَلّا

أَمّا يَميني فَهيَ عِندي غالِيَه
وَكَلمَتي مِثلُ يَميني وافِيَه

قُلتُ فَخُذهُ هِبَةً بِقُبلَه
فَصَدَّ عَنّي وَعَلَتهُ خَجلَه

فَلَم أَزَل أَمسَحُهُ حَتّى اِنبَسَط
وَهَشَّ لِلصَيدِ قَليلاً وَنَشَط

صِحتُ بِهِ اِركَب فَاِستَقَلَّ عَن يَدي
مُبادِراً أَسرَعَ مِن قَولِ قَدِ

وَضَمَّ ساقَيهِ وَقالَ قَد حَصَل
قُلتُ لَهُ الغَدرَةُ مِن شَرِّ العَمل

سِرتُ وَسارَ الغادِرُ العَيّارُ
لَيسَ لِطَيرٍ مَعَنا مَطارُ

ثُمَّ عَدَلنا نَحوَ نَهرِ الوادي
وَالطَيرُ فيهِ عَدَدُ الجَرادِ

أَدَرتُ شاهينَينِ في مَكانِ
لِكَثرَةِ الصَيدِ مَعَ الإِمكانِ

دارا عَلَينا دَورَةً وَحَلَّقا
كِلاهُما حَتّى إِذا تَعَلَّقا

تَوازَيا وَاِطَّرَدا اِطِّرادا
كَالفارِسَينِ اِلتَقَيا أَو كادا

ثَمَّتَ شَدّا فَأَصابا أَربَعا
ثَلاثَةً خُضراً وَطَيراً أَبقَعا

ثُمَّ ذَبَحناها وَخَلَّصناهُما
وَأَمكَنَ الصَيدُ فَأَرسَلناهُما

فَجَدَّلا خَمساً مِنَ الطُيورِ
فَزادَني الرَحمَنُ في سُروري

أَربَعَةٌ مِنها أَنيسِيّانِ
وَطائِراً يُعرَفُ بِالبَيضاني

خَيلٌ نُناجيهِنَّ كَيفَ شينا
طَيِّعَةٌ وَلَجمُها أَيدينا

وَهيَ إِذا ما اِستَصعَبَت لِلقادَه
صَرَّفَها الجوعُ عَلى الإِرادَه

وَكُلَّما شُدَّ عَلَيها في طَلَق
تَساقَطَت مابَينَنا مِنَ الفَرَق

حَتّى أَخَذنا ما أَرَدنا مِنها
ثُمَّ اِنصَرَفنا راغِبينَ عَنها

إِلى كَراكِيَّ بِقُربِ النَهرِ
عَشراً نَراها أَو فُوَيقَ العَشرِ

لَمّا رَآها البازُ مِن بُعدٍ لَصَق
وَحَدَّدَ الطَرفَ إِلَيها وَذَرَق

فَقُلتُ قَد صادَ وَرَبِّ الكَعبَه
وَنَحنُ في وادٍ بِقُربِ جَنبَه

فَدارَ حَتّى أَمكَنَت ثُمَّ نَزَل
فَحَطَّ مِنها أَفرُعاً مِثلَ الجَمَل

ما اِنحَطَّ إِلّا وَأَنا إِلَيهِ
مُمَكِّناً رِجلَيَّ مِن رِجلَيهِ

جَلَستُ كَي أُشبِعَهُ إِذا هِيَه
قَد سَقَطَت مِن عَن يَمينِ الرابِيَه

فَشَلتُهُ أَرغَبُ في الزِيادَه
وَتِلكَ لِلطَرادِ شَرُّ عادَه

لَم أَجزِهِ بِأَحسَنِ البَلاءِ
أَطَعتُ حِرصي وَعَصَيتُ دائي

فَلَم أَزَل أَختِلُها وَتُختَتَل
وَإِنَّما نَختِلُها إِلى أَجَل

عَمَدتُ مِنها لِكَبيرٍ مُفرَدِ
يَمشي بِعُنقٍ كَالرَشاءِ المُحصَدِ

طارَ وَما طارَ لِيَأتيهِ القَدَر
وَهَل لِما قَد حانَ سَمعٌ أَو بَصَر

حَتّى إِذا جَدَّلَهُ كَالعَندَلِ
أَيقَنتُ أَنَّ العَظمَ غَيرُ الفَصلِ

ذاكَ عَلى ما نِلتُ مِنهُ أَمرُ
عَثَرتُ فيهِ وَأَقالَ الدَهرُ

خَيرٌ مِنَ النَجاحِ لِلإِنسانِ
إِصابَةُ الرَأيِ مَعَ الحِرمانِ

صِحتُ إِلى الطَبّاخِ ماذا تَنتَظِر
إِنزِل عَنِ المَهرِ وَهاتِ ما حَضَر

جاءَ بِأَوساطٍ وَجُردِ تاجِ
مِن حَجَلِ الصَيدِ وَمِن دُرّاجِ

فَما تَنازَلنا عَنِ الخُيولِ
يَمنَعُنا الحِرصُ عَنِ النُزولِ

وَجيءَ بِالكَأسِ وَبِالشَرابِ
فَقُلتُ وَفِّرها عَلى أَصحابي

أَشبَعَني اليَومَ وَرَوّاني الفَرَح
فَقَد كَفاني فيهِ قِسطٌ وَقَدَح

ثُمَّ عَدَلنا نَطلُبُ الصَحراءَ
نَلتَمِسُ الوُحوشَ وَالظِباءَ

عَنَّ لَنا سِربٌ بِبَطنِ الوادي
يَقدُمُهُ أَقرَنُ عَبلُ الهادي

قَد صَدَرَت عَن مَنهَلٍ رَوِيِّ
مِن غُبَرِ الوَسمِيِّ وَالوَلِيِّ

لَيسَ بِمَطروقٍ وَلا بَكِيِّ
وَمَرتَعٍ مُقتَبِلٍ جَنِيِّ

رَعَينَ فيهِ غَيرَ مَذعوراتِ
لُعاعَ وادٍ وافِرِ النَباتِ

مَرَّ عَلَيهِ غَدِقُ السَحابِ
بِواكِفٍ مُتَّصِلِ الرَبابِ

لَمّا رَآنا مالَ بِالأَعناقِ
نَظرَةَ لاصَبٍّ وَلا مُشتاقِ

مازالَ في خَفضٍ وَحُسنِ حالِ
حَتّى أَصابَتهُ بِنا اللَيالي

سِربٌ حَماهُ الدَهرُ ما حَماهُ
لَمّا رَآنا اِرتَدَّ ما أَعطاهُ

بادَرتُ بِالصَقّارِ وَالفَهّادِ
حَتّى سَبَقناهُ إِلى الميعادِ

فَجَدَّلَ الفَهدُ الكَبيرَ الأَقرَنا
شَدَّ عَلى مَذبَحِهِ وَاِستَبطَنا

وَجَدَّلَ الآخَرُ عَنزاً حائِلاً
رَعَت حِمى الغَورَينِ حَولاً كامِلا

ثُمَّ رَمَيناهُنَّ بِالصُقورِ
فَجِئنَها بِالقَدَرِ المَقدورِ

أَفرَدنَ مِنها في القَراحِ واحِدَه
قَد ثَقُلَت بِالخَصرِ وَهيَ جاهِدَه

مَرَّت بِنا وَالصَقرُ في قَذالِها
يُؤذِنُها بِسَيِّئٍ مِن حالِها

ثُمَّ ثَناها وَأَتاها الكَلبُ
هُما عَلَيها وَالزَمانُ إِلبُ

فَلَم نَزَل نَصيدُها وَنَصرَعُ
حَتّى تَبَقّى في القَطيعِ أَربَعُ

ثُمَّ عَدَلنا عَدلَةً إِلى الجَبَل
إِلى الأَراوي وَالكِباشِوَالحَجَل

فَلَم نَزَل بِالخَيلِ وَالكِلابِ
نَجزُرُها جَزراً إِلى الأَغبابِ

ثُمَّ اِنصَرَفنا وَالبِغالُ موقَرَه
في لَيلَةٍ مِثلِ الصَباحِ مُسفِرَه

حَتّى أَتَينا رَحَلنا بِلَيلٍ
وَقَد سُبِقنا بِجِيادِ الخَيلِ

ثُمَّ نَزَلنا وَطَرَحنا الصَيدا
حَتّى عَدَدنا مِئَةً وَزَيدا

فَلَم نَزَل نَقلي وَنَشوي وَنَصُب
حَتّى طَلَبنا صاحِياً فَلَم نُصِب

شُرباً كَما عَنَّ مِنَ الزِقاقِ
بِغَيرِ تَرتيبٍ وَغَيرِ ساقِ

فَلَم نَزَل سَبعَ لَيالٍ عَدَدا
أَسعَدَ مَن راحَ وَأَحظى مَن غَدا


أبو فراس الحمداني

الحمدان
07-10-2024, 03:32 PM
خَفِّض عَلَيكَ وَلا تَبِت قَلِقَ الحَشا
مِمّا يَكونُ وَعَلَّهُ وَعَساهُ

فَالدَهرُ أَقصَرُ مُدَّةً مِمّا تَرى
وَعَساكَ أَن تُكفى الَّذي تَخشاهُ


ابو فراس الحمداني

الحمدان
07-10-2024, 03:33 PM
إِذا كانَ مِنّا واحِدٌ في قَبيلَةٍ
عَلاها وَإِن ضاقَ الخِناقُ حَماها

وَما اِشتَوَرَت إِلّا وَأَصبَحَ شَيخَها
وَلا أَحرَبَت إِلّا وَكانَ فَتاها

وَلا ضُرِبَت بَينَ القِبابِ قِبابُهُ
وَأَصبَحَ مَأوى الطارِقينَ سِواها


ابو فراس الحمداني

الحمدان
07-10-2024, 03:33 PM
لَقَد عَلِمَت سُراةُ الحَيِّ أَنّا
لَنا الجَبَلُ المُمَنَّعُ جانِباهُ

يَفيءُ الراغِبونَ إِلى ذُراهُ
وَيَأوي الخائِفونَ إِلى حِماهُ


ابو فراس الحمداني

الحمدان
07-10-2024, 03:34 PM
يامَن رَجَعتُ عَلى كُرهٍ لِطاعَتِهِ
قَد خالَفَ القَلبُ لَمّا طاوَعَ البَدَنُ

وَكُلُّ ماشِئتَ مِن أَمرٍ رَضيتُ بِهِ
وَكُلُّ ما اِختَرتَهُ عِندي هُوَ الحَسَنُ

وَكُلَّما سَرَّني أَو ساءَني سَبَبٌ
فَأَنتَ فيهِ عَلَيَّ الدَهرَ مُؤتَمَنُ


ابو فراس الحمداني

الحمدان
07-10-2024, 03:34 PM
وَإِنّي لَأَنوي هَجرُهُ فَيَرُدُّني
هَوىً بَينَ أَثناءِ الضُلوعِ دَفينُ

فَيَغلُظُ قَلبي ساعَةً ثُمَّ أَنثَني
وَأَقسو عَلَيهِ تارَةً وَأَلينُ

وَقَد كانَ لي عَن وِدِّهِ كُلُّ مَذهَبٍ
وَلَكِنَّ مِثلي بِالإِخاءِ ضَنينُ

وَلا غَروَ أَن أَعنو لَهُ بَعدَ عِزَّةٍ
فَقَدرِيَ في عِزِّ الحَبيبِ يَهونُ


أبو فراس الحمداني

الحمدان
07-10-2024, 03:35 PM
ماكُنتُ مُذ كُنتُ إِلّا طَوعَ خُلّاني
لَيسَت مُؤاخَذَةُ الإِخوانِ مِن شاني

يَجني الخَليلُ فَأَستَحلي جِنايَتَهُ
حَتّى أَدُلُّ عَلى عَفوي وَإِحساني

وَيُتبِعُ الذَنبَ ذَنباً حينَ يَعرِفُني
عَمداً وَأُتبِعُ غُفراناً بِغُفرانِ

يَجني عَلَيَّ وَأَحنو صافِحاً أَبَداً
لاشَيءَ أَحسَنُ مِن حانٍ عَلى جانِ


ابو فراس الحمداني

الحمدان
07-10-2024, 03:35 PM
الحُرُّ يَصبِرُ ما أَطاقَ تَصَبُّراً
في كُلِّ آوِنَةٍ وَكُلِّ زَمانِ

وَيَرى مُساعَدَةَ الكِرامِ مُروءَةً
ماسالَمَتهُ نَوائِبُ الحَدَثانِ

وَيَذوبُ بِالكِتمانِ إِلّا أَنَّهُ
أَحوالُهُ تُنبي عَنِ الكِتمانِ

فَإِذا تَكَشَّفَ وَاِضمَحَلَّت حالُهُ
أَلفَيتَهُ يَشكو بِكُلِّ لِسانِ

وَإِذا نَبا بي مَنزِلٌ فارَقتُهُ
وَاللَهُ يَلطُفُ بي بِكُلِّ مَكانِ


ابو فراس الحمداني

الحمدان
07-10-2024, 03:36 PM
لِمِثلِها يَستَعِدُّ البَأسُ وَالكَرَمُ
وَفي نَظائِرِها تُستَنفَذُ النِعَمُ

هِيَ الرِئاسَةُ لاتُقنى جَواهِرُها
حَتّى يُخاضَ إِلَيها المَوتُ وَالعَدَمُ

تَقاعَسَ الناسُ عَنها فَاِنتَدَبتَ لَها
كَالسَيفِ لانَكَلٌ فيهِ وَلا سَأَمُ

مازالَ يَجحَدُها قَومٌ وَيُنكِرُها
حَتّى أَقَرّوا وَفي آنافِهِم رَغَمُ

شُكراً فَقَد وَفَتِ الأَيّامُ ماوَعَدَت
أَقَرَّ مُمتَنِعٍ وَاِنقادَ مُعتَصِمِ

وَما الرِئاسَةُ إِلّا ما تُقِرُّ بِهِ
شَمسُ المُلوكِ وَتَعنو تَحتَهُ الأُمَمُ

مَغارِمُ المَجدِ يَعتَدُّ المُلوكُ بِها
مَغانِماً في العُلا في طَيِّها نِعَمُ

هَذي شُيوخُ بَني حَمدانَ قاطِبَةً
لاذوا بِدارِكَ عِندَ الخَوفِ وَاِعتَصَموا

حَلّوا بِأَكرَمِ مَن حَلَّ العِبادُ بِهِ
بِحَيثُ حَلَّ النَدى وَاِستَوثَقَ الكَرَمُ

فَكُنتُ مِنهُم وَإِن أَصبَحتَ سَيِّدَهُم
تَواضُعُ المُلكِ في أَصحابِهِ عِظَمُ

شَيخوخَةٌ سَبَقَت لافَضلَ يَتبَعُها
وَلَيسَ يَفضُلُ فينا الفاضِلُ الهَرِمُ

وَلَم يُفَضِّل عَقيلاً في وِلادَتِهِ
عَلى عَلِيٍّ أَخيهِ السِنُّ وَالقِدَمُ

وَكَيفَ يَفضُلُ مَن أَزرى بِهِ بَخَلٌ
وَقَعدَةُ اليَدِ وَالرُجلَينِ وَالصَمَمُ

لا تُنكِروا يا بَنيهِ ما أَقولُ فَلَن
تُنسى التِراتُ وَلا إِن حالَ شَيخُكُمُ

كادَت مَخازيهِ تُرديهِ فَأَنقَذَهُ
مِنها بِحُسنِ دِفاعٍ عَنهُ عَمُّكُمُ

أَستَودِعُ اللَهَ قَوماً لا أُفَسِّرُهُم
الظالِمينَ وَلَو شِئنا لَما ظَلَموا

القائِلينَ وَنُغضي عَن جَوابِهِمُ
وَالجائِرينَ وَنَرضى بِالَّذي حَكَموا

إِنّي عَلى كُلِّ حالٍ لَستُ أَذكُرُهُم
إِلّا وَلِلشَوقِ دَمعي واكِفٌ سَجِمُ

الأَنفُسُ اِجتَمَعَت يَوماً أَوِ اِفتَرَقَت
إِذا تَأَمَّلتَ نَفسٌ وَالدِماءُ دَمُ

رَعاهُمُ اللَهُ ماناحَت مُطَوَّقَةٌ
وَحاطَهُم أَبَداً ما أَروَقَ السَلَمُ


ابو فراس الحمداني

الحمدان
07-10-2024, 03:37 PM
يَقولونَ لاتَخرُق بِحِلمِكَ هَيبَةً
وَأَحسَنُ شَيءٍ زَيَّنَ الهَيبَةَ الحِلمُ

فَلا تَترُكَنَّ العَفوَ عَن كُلِّ زَلَّةٍ
فَما العَفوُ مَذمومٌ وَإِن عَظُمَ الجُرمُ


ابو فراس الحمداني

الحمدان
07-10-2024, 03:37 PM
عُلوجَ بَني كَعبٍ بِأَيِّ مَشيئَةٍ
تَرومونَ ياحُمرَ الأُنوفِ مَرامي

نَفَيتُكُمُ مِن جانِبِ الشامِ عَنوَةً
بِتَدبيرِ كَهلٍ في طِعانِ غُلامِ

وَفِتيانِ صِدقٍ مِن غَطاريفِ وائِلٍ
خِفافِ اللِحى شُمِّ الأُنوفِ كِرامِ


ابو فراس الحمداني

الحمدان
07-10-2024, 03:38 PM
أَيا سافِراً وَرِداءُ الخَجَل
مُقيمٌ بِوَجنَتِهِ لَم يَزَل

بِعَيشِكَ رُدَّ عَلَيكَ اللَثامَ
أَخافُ عَلَيكَ جِراحَ المُقَل

فَما حَقُّ حُسنِكَ أَن يُجتَلى
وَلا حَقُّ وَجهِكَ أَن يُبتَذَل

أَمِنتُ عَلَيكَ صُروفَ الزَمانِ
كَما قَد أَمِنَت عَلَيَّ المَلَل


ابو فراس الحمداني

الحمدان
07-10-2024, 03:38 PM
يا مَن أَتانا بِظَهرِ الغَيبِ قَولُهُمُ
لَو شِئتُ غاظَتكُمُ مِنّا الأَقاويلُ

لَكِن أَرى أَنَّ في الأَقوالِ مَنقَصَةً
مالَم تُسَدَّ الأَقاويلُ الأَفاعيلُ


ابو فراس الحمداني

الحمدان
07-10-2024, 03:39 PM
إِذا كانَ فَضلي لا أُسَوَّغُ نَفعُهُ
فَأَفضَلُ مِنهُ أَن أَرى غَيرَ فاضِلِ

وَمِن أَضيَغَ الأَشياءِ مُهجَةُ عاقِلٍ
يَجوزُ عَلى حَوبائِها حُكمُ جاهِلِ


ابو فراس الحمداني

الحمدان
07-10-2024, 03:39 PM
العُذرُ مِنكَ عَلى الحالاتِ مَقبولُ
وَالعَتبُ مِنكَ عَلى العِلّاتِ مَحمولُ

لَولا اِشتِياقِيَ لَم أَقلَق لِبُعدِكُمُ
وَلا غَدا في زَماني بَعدُكُم طولُ

وَكُلُّ مُنتَظِرٍ إِلّاكَ مُحتَقَرٌ
وَكُلُّ شَيءٍ سِوى لُقياكَ مَملولُ


ابو فراس الحمداني

الحمدان
07-10-2024, 03:40 PM
أَقولُ وَقَد ناحَت بِقُربي حَمامَةٌ
أَيا جارَتا هَل تَشعُرينَ بِحالي

مَعاذَ الهَوى ماذُقتِ طارِقَةَ النَوى
وَلا خَطَرَت مِنكِ الهُمومُ بِبالِ

أَتَحمِلُ مَحزونَ الفُؤادِ قَوادِمٌ
عَلى غُصُنٍ نائي المَسافَةِ عالِ

أَيا جارَتا ما أَنصَفَ الدَهرُ بَينَنا
تَعالِي أُقاسِمكِ الهُمومَ تَعالِي

تَعالَي تَرَي روحاً لَدَيَّ ضَعيفَةً
تَرَدَّدُ في جِسمٍ يُعَذِّبُ بالِ

أَيَضحَكُ مَأسورٌ وَتَبكي طَليقَةٌ
وَيَسكُتُ مَحزونٌ وَيَندِبُ سالِ

لَقَد كُنتُ أَولى مِنكِ بِالدَمعِ مُقلَةً
وَلَكِنَّ دَمعي في الحَوادِثِ غالِ


ابو فراس الحمداني

الحمدان
07-10-2024, 03:40 PM
أُرَوِّحُ القَلبَ بِبَعضِ الهَزلِ
تَجاهُلاً مِنّي بِغَيرِ جَهلِ

أَمزَحُ فيهِ مَزحَ أَهلِ الفَضلِ
وَالمَزحُ أَحياناً جَلاءُ العَقلِ


ابو فراس الحمداني

الحمدان
07-10-2024, 03:41 PM
مُصابي جَليلٌ وَالعَزاءُ جَميلُ
وَظَنّي بِأَنَّ اللَهَ سَوفَ يُديلُ

جِراحٌ تَحاماها الأُساةُ مَخوفَةٌ
وَسُقمانِ بادٍ مِنهُما وَدَخيلُ

وَأَسرٌ أُقاسيهِ وَلَيلٌ نُجومُهُ
أَرى كُلَّ شَيءٍ غَيرَهُنَّ يَزولُ

تَطولُ بِيَ الساعاتُ وَهيَ قَصيرَةٌ
وَفي كُلِّ دَهرٍ لايَسُرُّكَ طولُ

تَناسانِيَ الأَصحابُ إِلّا عُصَيبَةً
سَتَلحَقُ بِالأُخرى غَداً وَتَحولُ

وَمَن ذا الَّذي يَبقى عَلى العَهدِ إِنَّهُم
وَإِن كَثُرَت دَعواهُمُ لَقَليلُ

أُقَلِّبُ طَرفي لا أَرى غَيرَ صاحِبٍ
يَميلُ مَعَ النَعماءِ حَيثُ تَميلُ

وَصِرنا نَرى أَنَّ المُتارِكَ مُحسِنٌ
وَأَنَّ صَديقاً لايُضِرُّ خَليلُ

أَكُلُّ خَليلٍ هَكَذا غَيرُ مُنصِفٍ
وَكُلُّ زَمانٍ بِالكِرامِ بَخيلُ

نَعَم دَعَتِ الدُنيا إِلى الغَدرِ دَعوَةً
أَجابَ إِلَيها عالِمٌ وَجَهولُ

وَفارَقَ عَمروُ بنُ الزُبَيرِ شَقيقُهُ
وَخَلّى أَميرَ المُؤمِنينَ عَقيلُ

فَيا حَسرَتا مَن لي بِخِلٍّ مُوافِقٍ
أَقولُ بِشَجوي مَرَّةً وَيَقولُ

وَإِنَّ وَراءَ السَترِ أُمّاً بُكاؤُها
عَلَيَّ وَإِن طالَ الزَمانُ طَويلُ

فَيا أُمَّتا لاتَعدَمي الصَبرَ إِنَّهُ
إِلى الخَيرِ وَالنُجحِ القَريبِ رَسولُ

وَيا أُمَّتا لاتُخطِئي الأَجرَ إِنَّهُ
عَلى قَدَرِ الصَبرِ الجَميلِ جَزيلُ

أَما لَكِ في ذاتِ النِطاقَينِ أُسوَةٌ
بِمَكَّةَ وَالحَربُ العَوانُ تَجولُ

أَرادَ اِبنُها أَخذَ الأَمانِ فَلَم تُجِب
وَتَعلَمُ عِلماً أَنَّهُ لَقَتيلُ

تَأَسّي كَفاكِ اللَهُ ما تَحذَرينَهُ
فَقَد غالَ هَذا الناسُ قَبلَكِ غولُ

وَكوني كَما كانَت بِأُحدٍ صَفِيَّةٌ
وَلَم يُشفَ مِنها بِالبُكاءِ غَليلُ

وَلَو رَدَّ يَوماً حَمزَةَ الخَيرِ حُزنُها
إِذاً ما عَلَتها رَنَّةٌ وَعَويلُ

لَقيتُ نُجومَ الأُفقِ وَهيَ صَوارِمٌ
وَخُضتُ سَوادَ اللَيلِ وَهوَ خُيولُ

وَلَم أَرعَ لِلنَفسِ الكَريمَةِ خِلَّةً
عَشِيَّةَ لَم يَعطِف عَلَيَّ خَليلُ

وَلَكِن لَقيتُ المَوتَ حَتّى تَرَكتُها
وَفيها وَفي حَدِّ الحُسامِ فُلولُ

وَمَن لَم يُوَقِّ اللَهُ فَهوَ مُمَزَّقٌ
وَمَن لَم يُعِزِّ اللَهُ فَهوَ ذَليلُ

وَما لَم يُرِدهُ اللَهُ في الأَمرِ كُلِّهِ
فَلَيسَ لِمَخلوقٍ إِلَيهِ سَبيلُ


ابو فراس الحمداني

الحمدان
07-10-2024, 03:42 PM
قُل لِأَحبابِنا الجُفاةِ رُوَيداً
دَرِّجونا عَلى اِحتِمالِ المَلالِ

إِنَّ ذاكَ الصُدودَ مِن غَيرِ جُرمٍ
لَم يَدَع فِيَّ مَطمَعاً بِالوِصالِ

أَحسِنوا في فِعالِكُم أَو أَسيؤوا
لاعَدِمناكُمُ عَلى كُلِّ حالِ


ابو فراس الحمداني

الحمدان
07-10-2024, 03:42 PM
الفِكرُ فيكَ مُقَصِّرُ الآمالِ
وَالحِرصُ بَعدَكَ غايَةُ الجُهّالِ

لَو كانَ يَخلُدُ بِالفَضائِلِ فاضِلٌ
وُصِلَت لَكَ الآجالُ بِالآجالِ

أَو كُنتَ تُفدى لَاِفتَدَتكَ سَراتُنا
بِنَفائِسِ الأَرواحِ وَالأَموالِ

أَو كانَ يُدفَعُ عَنكَ بَأسٌ أَقبَلَت
شَرعاً تَكَدَّسُ بِالقَنا العَسّالِ

أَعزِز عَلى ساداتِ قَومِكَ أَن تُرى
فَوقَ الفِراشِ مُقَلَّبَ الأَوصالِ

وَالسُمرُ عِندَكَ لَم تُدَقَّ صُدورُها
وَالخَيلُ واقِفَةٌ عَلى الأَطوالِ

وَالسابِغاتُ مَصونَةٌ لَم تُبتَذَل
وَالبيضُ سالِمَةٌ مَعَ الأَبطالِ

وَإِذا المَنِيَّةُ أَقبَلَت لَم يَثنِها
حِرصُ الحَريصِ وَحيلَةُ المُحتالِ

ما لِلخُطوبِ وَما لِأَحداثِ الرَدى
أَعجَلنَ جابِرَ غايَةَ الإِعجالِ

لَمّا تَسَربَلَ بِالفَضائِلِ وَاِرتَدى
بُردَ العُلا وَاِعتَمَّ بِالإِقبالِ

وَتَشاهَدَت صَيدُ المُلوكِ بِفَضلِهِ
وَأَرى المَكارِمَ مِن مَكانٍ عالِ

أَأَبا المُرَجّى غَيرُ حُزنِيَ دارِسٌ
أَبَداً عَلَيكَ وَغَيرُ قَلبِيَ سالِ

لازِلتَ مَغدُوَّ الثَرى مَطروقَهُ
بِسَحابَةٍ مَجرورَةِ الأَذيالِ

وَحُجِبنَ عَنكَ السَيِّئاتُ وَلَم يَزَل
لَكَ صاحِبٌ مِن صالِحِ الأَعمالِ


ابو فراس الحمداني

الحمدان
07-10-2024, 03:43 PM
الدَهرُ يَومانِ ذا ثَبتٌ وَذا زَلَلُ
وَالعَيشُ طَعمانِ ذا صابٌ وَذا عَسَلُ

كَذا الزَمانُ فَما في نِعمَةٍ بَطَرٌ
لِلعارِفينَ وَلا في نِقمَةٍ فَشَلُ

سَعادَةُ المَرءِ في السَرّاءِ إِن رَجَحَت
وَالعَدلُ أَن يَتَساوى الهَمُّ وَالجَدَلُ

وَما الهُمومُ وَإِن حاذَرتَ ثابِتَةٌ
وَلا السُرورُ وَإِن أَمَّلتَ يَتَّصِلُ

فَما الأَسى لِهُمومٍ لابَقاءَ لَها
وَما السُرورُ بِنُعمى سَوفَ تَنتَقِلُ

لَكِنَّ في الناسِ مَغروراً بِنِعمَتِهِ
ما جائَهُ اليَأسُ حَتّى جائَهُ الأَجَلُ


ابو فراس الحمداني

الحمدان
07-10-2024, 03:43 PM
أَفِرُّ مِنَ السوءِ لا أَفعَلُه
وَمِن مَوقِفِ الضَيمِ لا أَقبَلُه

وَقُربى القَرابَةِ أَرعى لَها
وَفَضلُ أَخي الفَضلِ لا أَجهَلُه

وَأَبذُلُ عَدلِيَ لِلأَضعَفينَ
وَلِلشامِخِ الأَنفِ لا أَبذُلُه

وَأَحسَنُ ماكُنتَ بُقيا إِذا
أَنالَني اللَهُ ما آمُلُه

وَقَد عَلِمَ الحَيُّ حَيَّ الضِبابِ
وَأَصدَقُ قيلِ الفَتى أَفضَلُه

بِأَنّي كَفَفتُ وَأَنّي عَفَفتُ
وَإِن كَرِهَ الجَيشُ ما أَفعَلُه

وَقَد أُرهِقَ الحَيُّ مِن خَلفِهِ
وَأوقِفَ خَوفَ الرَدى أَوَّلُه

فَعادَت عُدَيٌّ بِأَحقادِها
وَقَد عَقَلَ الأَمرَ مَن يَعقِلُه


ابو فراس الحمداني

الحمدان
07-10-2024, 03:44 PM
قَد ضَجَّ جَيشُكَ مِن طولِ القِتالِ بِهِ
وَقَد شَكَتكَ إِلَينا الخَيلُ وَالإِبِلُ

وَقَد دَرى الرومُ مُذ جاوَرتَ أَرضَهُمُ
أَن لَيسَ يَعصِمُهُم سَهلٌ وَلا جَبَلُ

في كُلِّ يَومٍ تَزورُ الثَغرَ لاضَجَرٌ
يَثنيكَ عَنهُ وَلا شُغلٌ وَلا مَلَلُ

فَالنَفسُ جاهِدَةٌ وَالعَينُ ساهِدَةٌ
وَالجَيشُ مُنهَمِكٌ وَالمالُ مُبتَذَلُ

تَوَهَّمَتكَ كِلابٌ غَيرَ قاصِدِها
وَقَد تَكَنَّفَكَ الأَعداءُ وَالشُغُلُ

حَتّى رَأَوكَ أَمامَ الجَيشِ تَقدُمُهُ
وَقَد طَلَعتَ عَلَيهِم دونَ ما أَمِلوا

فَاِستَقبَلوكَ بِفُرسانٍ أَسِنَّتُها
سودُ البَراقِعِ وَالأَكوارُ وَالكِلَلُ

فَكُنتَ أَكرَمَ مَسؤولٍ وَأَفضَلَهُ
إِذا وَهَبتَ فَلا مَنٌّ وَلا بُخُلُ


ابو فراس الحمداني

الحمدان
07-10-2024, 03:44 PM
وَيَقولُ فِيَّ الحاسِدونَ تَكَذُّباً
وَيُقالُ في المَحسودِ مالا يَفعَلُ

يَتَطَلَّبونَ إِساءَتي لاذِمَّتي
إِنَّ الحَسودَ بِما يَسوءُ مُوَكَّلُ


ابو فراس الحمداني

الحمدان
07-10-2024, 03:45 PM
نَعَم تِلكَ بَينَ الوادِيَينِ الخَمايِلُ
وَذَلِكَ شاءٌ دونَهُنَّ وَجامِلُ

فَما كُنتُ إِذ بانوا بِنَفسِكَ فاعِلاً
فَدونَكَ مُت إِنَّ الخَليطَ لَزائِلُ

كَأَنَّ اِبنَةَ القَيسِيِّ في أَخَواتِها
خَذولٌ تُراعيها الظِباءُ الخَواذِلُ

قُشَيرِيَّةٌ قَترِيَّةٌ بَدَوِيَّةٌ
لَها بَينَ أَثناءِ الضُلوعِ مَنازِلُ

وَهَبتُ سُلُوّي ثُمَّ جِئتُ أَرومُهُ
وَمِن دونِ مارُمتُ القَنا وَالقَنابِلُ

هَوانا غَريبٌ شُزَّبُ الخَيلِ وَالقَنا
لَنا كُتُبٌ وَالباتِراتُ رَسائِلُ

أَغَرنَ عَلى قَلبي بِخَيلٍ مِنَ الهَوى
فَطارَدَ عَنهُنَّ الغَزالُ المُغازِلُ

بِأَسهُمِ لَفظٍ لَم تُرَكَّب نِصالُها
وَأَسيافِ لَحظٍ ماجَلَتها الصَياقِلُ

وَقائِعُ قَتلى الحُبِّ فيها كَثيرَةٌ
وَلَم يَشتَهِر سَيفٌ وَلا هُزَّ ذابِلُ

أَرامِيَتي كُلَّ السِهامِ مُصيبَةٌ
وَأَنتِ لِيَ الرامي وَكُلّي مَقاتِلُ

وَإِنّي لَمِقدامٌ وَعِندَكِ هائِبٌ
وَفي الحَيِّ سَحبانٌ وَعِندَكِ باقِلُ

يَضِلُّ عَليَّ القَولُ إِن زُرتُ دارَها
وَيَعزُبُ عَنّي وَجهُ ما أَنا فاعِلُ

وَحُجَّتُها العُليا عَلى كُلِّ حالَةٍ
فَباطِلُها حَقٌّ وَحَقِّيَ باطِلُ

تُطالِبُني بيضُ الصَوارِمِ وَالقَنا
بِما وَعَدَت جَدَّيَّ فِيَّ المَخايِلُ

وَلا ذَنبَ لي إِنَّ الفُؤادَ لَصارِمٌ
وَإِنَّ الحُسامَ المَشرَفِيِّ لَفاصِلُ

وَإِنَّ الحِصانَ الوالِقِيَّ لَضامِرٌ
وَإِنَّ الأَصَمَّ السَمهَرِيَّ لَعاسِلُ

وَلَكِنَّ دَهراً دافَعَتني خُطوبُهُ
كَما دَفَعَ الدَينَ الغَريمُ المُماطِلُ

وَأَخلافُ أَيّامٍ إِذا ما اِنتَجَعتُها
حَلَبتُ بَكِيّاتٍ وَهُنَّ حَوافِلُ

وَلَو نيلَتِ الدُنيا بِفَضلٍ مَنَحتُها
فَضائِلَ تَحويها وَتَبقى فَضائِلُ

وَلَكِنَّها الأَيّامُ تَجري بِما جَرَت
فَيَسفُلُ أَعلاها وَيَعلو الأَسافِلُ

لَقَد قَلَّ أَن تَلقى مِنَ الناسِ مُجمَلاً
وَأَخشى قَريباً أَن يَقِلَّ المُجامِلُ

وَلَستُ بِجَهمِ الوَجهِ في وَجهِ صاحِبي
وَلا قائِلٍ لِلضَيفِ هَل أَنتَ راحِلُ

وَلَكِن قِراهُ ما تَشَهّى وَرِفدُهُ
وَلَو سَأَلَ الأَعمارَ ماهُوَ سائِلُ

يَنالُ اِختِيارَ الصَفحِ عَن كُلِّ مُذنِبٍ
لَهُ عِندَنا مالا تُنالُ الوَسائِلُ

لَنا عَقِبُ الأَمرِ الَّذي في صُدورِهِ
تَطاوَلُ أَعناقُ العِدى وَالكَواهِلُ

أَصاغِرُنا في المَكرُماتِ أَكابِرٌ
أَواخِرُنا في المَأثُراتِ أَوائِلُ

إِذا صُلتُ يَوماً لَم أَجِد لي مُصاوِلاً
وَإِن قُلتُ قَولاً لَم أَجِد مَن يُقاوِلُ


ابو فراس الحمداني

الحمدان
07-10-2024, 03:46 PM
إِباءٌ إِباءُ البَكرِ غَيرُ مُذَلَّلِ
وَعَزمٌ كَحَدِّ السَيفِ غَيرُ مُفَلَّلِ

أَأُغضي عَلى الأَمرِ الَّذي لا أُريدُهُ
وَلَمّا يَقُم بِالعُذرِ رُمحي وَمُنصِلي

أَبى اللَهُ وَالمَهرُ المَنيعِيَّ وَالقَنا
وَأَبيَضُ وَقّاعٌ عَلى كُلِّ مَفصِلِ

وَفِتيانُ صِدقٍ مِن غَطاريفَ وائِلٍ
إِذا قيلَ رَكبُ المَوتِ قالوا لَهُ اِنزِلِ

يَسوسُهُمُ بِالخَيرِ وَالشَرِّ ماجِدٌ
جَرورٌ لِأَذيالِ الخَميسِ المُذَيَّلِ

لَهُ بَطشُ قاسٍ تَحتَهُ قَلبُ راحِمٍ
وَمَنعُ بَخيلٍ تَحتَهُ بَذلُ مُفضِلِ

وَعَزمَةُ خَرّاجٍ مِنَ الضَيمِ فاتِكٍ
وَفِيٍّ أَبِيٍّ يَأخُذُ الأَمرَ مِن عَلِ

عَزوفٌ أَنوفٌ لَيسَ يَقرَعُ سِنَّهُ
جَريءٌ مَتى يَعزِم عَلى الأَمرِ يَفعَلِ

شَديدٌ عَلى طَيِّ المَنازِلِ صَبرُهُ
إِذا هُوَ لَم يَظفَر بِأَكرَمِ مَنزِلِ

بِكُلِّ مُحَلّاةِ السَراةِ بِضَيغَمٍ
وَكُلِّ مُعَلّاةِ الرَحالِ بِأَحدَلِ

كَأَنَّ أَعالي رَأسِها وَسَنامِها
مَنارَةُ قَسّيسٍ قُبالَةَ هَيكَلِ

سَرَيتُ بِها مِن ساحِلِ البَحرِ أَغتَدي
عَلى كَفرِطابٍ صَوبُها لَم يُحَوَّلِ

وَقَدَّمتُ نُذري أَن يَقولوا غَدَرتَنا
وَأَقبَلتُ لَم أُرهِق وَلَم أَتَحَيَّلِ

إِلى عَرَبٍ لاتَختَشي غَلبَ غالِبٍ
ذُؤابَةِ حَيِّ عامِرٍ وَالمُحَجَّلِ

تَواصَت بِمُرِّ الصَبرِ دونَ حَريمِها
فَلَمّا رَأَتنا أَجفَلَت كُلَّ مُجفَلِ

فَبَينَ قَتيلٍ بِالدِماءِ مُضَرَّجٌ
وَبَينَ أَسيرٍ في الحَديدِ مُكَبَّلِ

فَلَمّا أَطَعتُ الجَهلَ وَالغَيظَ ساعَةً
دَعَوتُ بِحِلمي أَيُّها الحِلمُ أَقبِلِ

بُنَيّاتُ عَمّي هُنَّ لَيسَ يَرينَني
بُعَيدَ التَجافي أَو قَليلَ التَفَضُّلِ

شَفيعُ النِزارِيّاتِ غَيرُ مُخَيِّبٍ
وَداعي النِزارِيّاتِ غَيرُ مُخَذَّلِ

رَدَدتُ بِرَغمِ الجَيشِ ماحازَ كُلَّهُ
وَكَلَّفتُ مالي غُرمَ كُلِّ مُضَلِّلِ

فَأَصبَحتُ في الأَعداءِ أَيُّ مُمَدِّحٍ
وَإِن كُنتُ في الأَصحابِ أَيُّ مُعَذَّلِ

مَضى فارِسُ الحَيَّينِ زَيدُ بنُ مَنعَةٍ
وَمَن يَدنُ مِن نارِ الوَقيعَةِ يَصطَلِ

وَقَرما بَني البَنّا تَميمَ اِبنِ غالِبٍ
هُمامانِ طَعّانانِ في كُلِّ جَحفَلِ

وَلَو لَم تَفُتني سَورَةُ الحَربِ فيهِما
جَرَيتُ عَلى رَسمٍ مِنَ الصَفحِ أَوَّلِ

وَعُدتُ كَريمَ البَطشِ وَالعَفوُ ظافِراً
أُحَدِّثُ عَن يَومٍ أَغَرَّ مُحَجَّلِ


ابو فراس الحمداني

الحمدان
07-10-2024, 03:46 PM
أَيا عَجَباً لِأَمرِ بَني قُشَيرٍ
أَراعونا وَقالوا القَومُ قُلُّ

وَكانوا الكُثرَ يَومَئِذٍ وَلَكِن
كَثُرنا إِذ تَعارَكنا وَقَلّوا

وَقالَ الهامُ لِلأَجسادِ هَذا
يُفَرِّقُ بَينَنا إِن لَم تُوَلّوا

فَوَلَّوا لِلقَنا وَالبيضِ فيهِم
وَفي جيرانِهِم نَهلٌ وَعَلُّ

وَرُحنا بِالقَلائِعِ كُلُّ نَهدٍ
مُطِلٍّ فَوقَهُ نَهدٌ مُطِلُّ


ابو فراس الحمداني

الحمدان
07-10-2024, 03:47 PM
ضَلالٌ مارَأَيتُ مِنَ الضَلالِ
مُعاتَبَةُ الكَريمِ عَلى النَوالِ

وَإِنَّ مَسامِعي عَن كُلِّ عَذلٍ
لَفي شُغلٍ بِحَمدٍ أَو سُؤالِ

وَلا وَاللَهِ مابَخِلَت يَميني
وَلا أَصبَحتُ أَشقاكُم بِمالي

وَلا أُمسي يُحَكَّمُ فيهِ بَعدي
قَليلُ الحَمدِ مَذمومَ الفِعالِ

وَلَكِنّي سَأُفنيهِ وَأَقني
ذَخائِرَ مِن ثَوابٍ أَو جَمالِ

وَلِلوُرّاثِ إِرثُ أَبي وَجَدّي
جِيادُ الخَيلِ وَالأَسَلِ الطِوالِ

وَما تَجني سَراةُ بَني أَبينا
سِوى ثَمَراتِ أَطرافِ العَوالي

مَمالِكُنا مَكاسِبُنا إِذا ما
تَوارَثَها رِجالٌ عَن رِجالِ

إِذا لَم تُمسِ لي نارٌ فَإِنّي
أَبيتُ لِنارِ غَيري غَيرَ صالِ

أَوَينا بَينَ أَطنابِ الأَعادي
إِلى بَلَدٍ مِنَ النُصّارِ خالِ

نَمُدُّ بُيوتُنا في كُلِّ فَجٍّ
بِهِ بَينَ الأَراقِمِ وَالصِلالِ

نَعافُ قُطونَهُ وَنَمَلُّ مِنهُ
وَيَمنَعُنا الإِباءُ مِنَ الزِيالِ

مَخافَةَ أَن يُقالَ بِكُلِّ أَرضٍ
بَنو حَمدانَ كَفّوا عَن قِتالِ

أَسَيفَ الدَولَةِ المَأمولَ إِنّي
عَنِ الدُنيا إِذا ماعِشتَ سالِ

وَمَن وَرَدَ المَهالِكَ لَم تَرُعهُ
رَزايا الدَهرِ في أَهلٍ وَمالِ

إِذا قُضِيَ الحِمامُ عَلَيَّ يَوماً
فَفي نَصرِ الهُدى بِيَدِ الضَلالِ

إِذا مالَم تَخُنكَ يَدٌ وَقَلبٌ
فَلَيسَ عَلَيكَ خائِنَةُ اللَيالي

وَأَنتَ أَشَدُّ هَذا الناسِ بَأساً
وَأَصبَرُهُم عَلى نُوَبِ القِتالِ

وَأَهجَمُهُم عَلى جَيشٍ كَثيفٍ
وَأَغوَرُهُم عَلى حَيٍّ حِلالِ

ضَرَبتَ فَلَم تَدَع لِلسَيفِ حَدّاً
وَجُلتَ بِحَيثُ ضاقَ عَنِ المَجالِ

فَقُلتَ وَقَد أَظَلَّ المَوتُ صَبراً
وَإِنَّ الصَبرَ عِندَ سِواكَ غالِ

أَلا هَل مُنكِرٌ يا اِبنَي نِزارٍ
مَقامي يَومَ ذَلِكَ أَو مَقالي

أَلَم أَثبُت لَها وَالخَيلُ فَوضى
بِحَيثُ تَخِفُّ أَحلامُ الرِجالِ

تَرَكتُ ذَوابِلَ المُرّانِ فيها
مُخَضَّبَةً مُحَطَّمَةَ الأَعالي

وَعُدتُ أَجَرُّ رُمحي عَن مَقامٍ
تُحَدِّثُ عَنهُ رَبّاتُ الحِجالِ

فَقائِلَةٍ تَقولُ أَبا فِراسٍ
أُعيذُ عُلاكَ مِن عَينِ الكَمالِ

وَقائِلَةٍ تَقولُ جُزيتَ خَيراً
لَقَد حامَيتَ عَن حَرَمَ المَعالي

وَمُهري لايَمَسُّ الأَرضَ زَهواً
كَأَنَّ تُرابَها قُطبُ النِبالِ

كَأَنَّ الخَيلَ تَعرِفُ مَن عَلَيها
فَفي بَعضٍ عَلى بَعضٍ تُعالي

عَلَينا أَن نُعاوِدَ كُلَّ يَومٍ
رَخيصٍ عِندَهُ المُهَجُ الغَوالي

فَإِن عِشنا ذَخَرناها لِأُخرى
وَإِن مُتنا فَمَوتاتُ الرِجالِ


ابو فراس الحمداني

الحمدان
07-10-2024, 06:17 PM
في داخلي يا ربُّ لهفةُ يوسفٍ
يدعوكَ غـوثاً حين أظلمَ جُــبُّهُ

وبداخلي أيـوبُ يغـزلُ صـبرَهُ
مُذْ مسَّني ضُرُّ الزمـانِ وكَرْبُـهُ

ربّـي .. أعِـنْ قَلبي وقوِّ جوارِحي
فالعفـو دأبُـكَ.. والخطيئةُ دأبُـهُ

والعبدُ لا كهـفٌ يلـوذُ بدفئـهِ
عندَ اقترافِ الذنبِ .. إلا ربُّـهُ

.....

الحمدان
07-10-2024, 06:18 PM
ألزمتُ نفسي بالتغافُلِ دائماً
‏ردّ الإساءة بالإساءةِ يهدمُ

‏ماكان حبُّ الإنتقام طريقتي
‏كانت ردودي بالّتي هِيَ أكرمُ

......

الحمدان
07-10-2024, 08:07 PM
لَم يَقضِ زَيدُكُم مِن وَصلِكُم وَطَرَه
وَلا قَضى لَيلُهُ مِن قُربِكُم سَحَرَه

يا صارِفي القَلبِ إِلّا عَن مَحَبَّتِهِم
وَسالِبي الطَرفِ إِلّا عَنهُمُ نَظرَه

جَعَلتُكُم خَبَري في الحُبِّ مُبتَدِئاً
وَكُلُّ مَعرِفَةٍ لِيَ في الهَوى نَكِرَه

وَبِتُّمُ اللَيلَ في أَمنٍ وَفي دَعَةٍ
وَلَيسَ عِندَكُمُ عِلمٌ بِمَن سَهِرَه

فَكَم غَرَستُ وَفائي في مَحَبَّتِكُم
فَما جَنَيتُ لِغَرسٍ فيكُمُ ثَمَرَه

وَلَم أَنَل مِنكُمُ شَيئاً سِوى تُهَمٍ
تُقالُ مَشروحَةً فينا وَمُختَصَرَه

لِلَّهِ لَيلَةَ بِتنا وَالرَقيبُ بِها
ناءٍ فَلا عَينَهُ نَخشى وَلا أَثَرَه

غَرّاءَ ما اِسوَدَّ مِنها أَن جَعَلتُ لَها
عَيباً سِوى مُقلَةٍ كَحلاءَ أَو شَعرَه

بِتنا بِها حَيثُ لا رَوعٌ يُخامِرُنا
وَنفحَةُ الراحِ وَالرَيحانِ مُختَمِرَه

لَم يَكسِرِ النَومُ عَينَي عَن مَحاسِنِها
حَتّى اِنثَنَيتُ وَعَينُ النَجمِ مُنكَسِرَه

مازِلتُ أَشرَبُها شَمساً مُشَعشَعَةً
في الكَأسِ حَتّى بَدَت في الشَرقِ مُنتَشِرَه

مُدامَةٌ تُقرِئُ الأَعشى إِذا بَرَزَت
نَقشَ الدَنانيرِ وَالظَلماءُ مُعتَكَرَه

عَذراءُ ما راحَ ذو هَمٍّ لِخِطبَتِها
إِلّا أَتَتهُ صُروفُ الدَهرِ مُعتَذِرَه

باتَت تُناوِلُنيها كَفُّ غانِيَّةٍ
تُخالُ مِن لَحظِها وَالخَدِّ مُعتَصَرَه

قَوِيَّةُ العَزمِ في إِتلافِ عاشِقِها
ضَعيفَةُ الخَصرِ وَالأَلحاظِ وَالبَشَرَه

تَجلو الكُؤوسَ عَلى لَألاءِ غُرَّتِها
وَتَنشُرُ الراحُ مِنها نَكهَةً عَطِرَه

وَبَينَنا مِن أَحاديثٍ مُزَخرَفَةٍ
ما يُخجِلُ الرَوضَةَ الغَنّاءَ وَالحَبَرَه


بهاء الدين زهير

الحمدان
07-10-2024, 08:08 PM
أَيا مَن إِذا ما رَآهُ الوَرى
لِما عَرَفوا مُنهُ قالوا مَعاذا

أَراكَ تَلوذُ عَلى فائِتٍ
وَلَستُ أَرى لَكَ فيهِ مَلاذا

طَلَبتَ الجَميعَ فَفاتَ الجَميعُ
فَمِن سوءِ رَأيِكَ لاذا وَلا ذا


بهاء الدين زهير

الحمدان
07-10-2024, 08:08 PM
عَفا اللَهُ عَنكُم أَينَ ذاكَ التَوَدُّدُ
وَأَينَ جَميلٌ مِنكُمُ كُنتُ أَعهَدُ

بِما بَينَنا لاتَنقُضوا العَهدَ بَينَنا
فَيَسمَعَ واشٍ أَو يَقولَ مُفَنِّدُ

وَيا أَيُّها الأَحبابُ ماذا أَرى بِكُم
وَإِنّي بِحَمدِ اللَهِ أَهدى وَأَرشَدُ

تَعالَوا نُخَلِّ العَتبَ عَنّا وَنَصطَلِح
وَعودوا بِنا لِلوَصلِ وَالعَودُ أَحمَدُ

وَلا تُخدِشوا بِالعَتبِ وَجهَ مَحَبَّةٍ
لَهُ بَهجَةٌ أَنوارُها تَتَوَقَّدُ

وَلا نَتَحَمَّل مِنَّةَ الرُسلِ بَينَنا
وَلا غُرَرَ الكُتبِ الَّتي تَتَرَدَّدُ

إِذا ما تَعاتَبنا وَعُدنا إِلى الرِضى
فَذَلِكَ وُدٌّ بَينَنا يَتَجَدَّدُ

عَتَبتُم عَلَينا وَاِعتَذَرنا إِلَيكُمُ
وَقُلتُم وَقُلنا وَالهَوى يَتَأَكَّدُ

عَتَبتُم فَلَم نَعلَم لِطيبِ حَديثِكُم
أَذَلِكَ عَتبٌ أَم رِضاً وَتَوَدُّدُ

وَقَد كانَ ذاكَ العَتبُ عَن فَرطِ غَيرَةٍ
وَيا طيبَ عَتبٍ بِالمَحَبَّةِ يَشهَدُ

وَبِتنا كَما نَهوى حَبيبَينِ بَينَنا
عِتابٌ كَما اِنحَلَّ الجُمانُ المُنَضَّدُ

وَأَضحى نَسيمُ الرَوضِ يَروي حَديثِنا
فَيا رَبُّ لا تُسمَع وُشاةٌ وَحُسَّدُ


بهاء الدين زهير

الحمدان
07-10-2024, 08:09 PM
إِلى كَم أُداري أَلفَ واشٍ وَحاسِدِ
فَمَن مُرشِدي مَن مُنجِدي مَن مُساعِدي

وَلَو كانَ بَعضُ الناسِ لي مِنهُ جانِبٌ
وَعَيشِكَ لَم أَحفِل بِكُلِّ مُعانِدِ

إِذا كُنتَ يا روحي بِعَهدِيَ لا تَفي
فَمَن ذا الَّذي يَرجو وَفاءَ مَعاهِدي

أَظُنُّ فُؤادي شَوقُهُ غَيرُ زائِدٍ
وَأَحسَبُ جَفني نَومُهُ غَيرُ عائِدِ

أَبى اللَهُ إِلّا أَن أَهيمَ صَبابَةً
بِحِفظِ عُهودٍ أَو بِذِكرِ مَعاهِدِ

وَكَم مَورِدٍ لي في الهَوى قَد وَرَدتُهُ
وَضَيَّعتُ عُمري في اِزدِحامِ المَوارِدِ

وَما لِيَ مَن أَشتاقُهُ غَيرُ واحِدٍ
فَلا كانَتِ الدُنيا إِذا غابَ واحِدي

أَأَحبابَنا أَينَ الَّذي كانَ بَينَنا
وَأَينَ الَّذي أَسلَفتُمُ مِن مَواعِدِ

جَعَلتُكُمُ حَظّي مِنَ الناسِ كُلُّهُمُ
وَأَعرَضتُ عَن زَيدٍ وَعَمرٍ وَخالِدِ

فَلا تُرضِخوا وُدّاً عَلَيكُم عَرَضتُهُ
فَيا رُبَّ مَعروضٍ وَلَيسَ بِكاسِدِ

وَحَقِّكُمُ عِندي لَهُ أَلفُ طالِبٍ
وَأَلفُ زَبونٍ يَشتَريهِ بِزائِدِ

يَقولونَ لي أَنتَ الَّذي سارَ ذِكرُهُ
فَمِن صادِرٍ يُثني عَلَيهِ وَوارِدِ

هَبوني كَما قَد تَزعَمونَ أَنا الَّذي
فَأَينَ صِلاتي مِنكُمُ وَعَوائِدي

وَقَد كُنتُمُ عَوني عَلى كُلِّ حادِثٍ
وَذُخري الَّذي أَعدَدتُهُ لِلشَدائِدِ

رَجَوتُكُمُ أَن تَنصُروا فَخَذَلتُمُ
عَلى أَنَّكُم سَيفي وَكَفّي وَساعِدي

فَعَلتُم وَقُلتُم وَاِستَطَلتُم وَجُرتُمُ
وَلَستُ عَليكُم في الجَميعِ بِواجِدِ

فَجازَيتُمُ تِلكَ المَوَدَّةِ بِالقِلى
وَذاكَ التَداني مِنكُمُ بِالتَباعُدِ

إِذا كانَ هَذا في الأَقارِبِ فِعلَكُم
فَماذا الَّذي أَبقَيتُمُ لِلأَباعِدِ


بهاء الدين زهير

الحمدان
07-10-2024, 08:10 PM
لَنا صَديقٌ سَيِّئٌ فِعلُهُ
لَيسَ لَهُ في الناسِ مِن حامِدِ

لَو كانَ في الدُنيا لَهُ قيمَةٌ
بِعناهُ بِالناقِصِ وَالزائِدِ

أَخلاقُهُ تَحكي الطَريقَ الَّتي
مِنَ السُوَيداءِ إِلى آمِدِ


بهاء الدين زهير

الحمدان
07-10-2024, 08:10 PM
قَد طالَ في الوَعدِ الأَمَد
وَالحُرُّ يُنجِزُ ماوَعَد

وَوَعَدتَني يَومَ الخَميسِ
فَلا الخَميسُ وَلا الأَحَد

وَإِذا اِقتَضَيتُكَ لَم تَزِد
عَن قَولِ إي وَاللَهِ غَد

فَأَعُدُّ أَيّاماً تَمُرُّ
وَقَد ضَجِرتُ مِنَ العَدَد

وَتَقولُ أَوصَيتَ الخَطيبِ
فَهَل نَفَوهُ مِنَ البَلَد

وَإِذا اِتَّكَلتَ عَلى الخَطيبِ
فَما اِتَّكَلتَ عَلى أَحَد


بهاء الدين زهير

الحمدان
07-10-2024, 08:11 PM
وَجاهِلٍ يَدَّعي في العِلمِ فَلسَفَةً
قَد راحَ يَكفُرُ بِالرَحمَنِ تَقليدا

وَقالَ أَعرِفُ مَعقولاً فَقُلتُ لَهُ
عَنَّيتَ نَفسَكَ مَعقوّلاً وَمَعقودا

مِن أَينَ أَنتَ وَهَذا الشَيءَ تَذكُرُهُ
أَراكَ تَقرَعُ باباً عَنكَ مَسدودا

فَقالَ إِنَّ كَلامي لَسَتَ تَفهَمَهُ
فَقُلتُ لَستُ سُلَيمانَ اِبنَ داوُدا


بهاء الدين زهير

الحمدان
07-10-2024, 08:11 PM
حَدِّثوا عَن طولِ لَيلٍ بِتُّهُ
هَل رَأَيتُم هَل سَمِعتُم هَل عُهِد

لا رَعاهُ اللَهُ ما أَطوَلَهُ
تَحبَلَُ المَرأَةُ فيهِ وَتَلِد

لَيسَ ما أَشكوهُ مِنهُ واحِداً
كُلُّ شَيءٍ مَرَّ بي فيهِ نَكِد


بهاء الدين زهير

الحمدان
07-10-2024, 08:12 PM
يا غائِبينَ عَنِ العِيانِ
لَقَد حَضَرتُم في الفُؤادِ

وَحَياتِكُم ما حُلتُ عَمما
تَعهَدونَ مِنَ الوَدادِ

عِندي لَكُم ذاكَ الغَرامُ
وَقَد تَزايَدَ بِالبُعادِ

فَمَتى يُبَلِّغُني الزَمانُ
بِقُربِكُم يَوماً مُرادي


بهاء الدين زهير

الحمدان
07-10-2024, 08:13 PM
يُبَشِّرُني مِنكَ الرَسولُ بِزَورَةٍ
فَإِن صَحَّ هَذا إِنَّني لَسَعيدُ

وَلَستُ إِخالُ الدَهرَ يَسخو بِهَذِهِ
أَلا إِنَّها مِن فِعلِهِ لَبَعيدُ

فَيا أَيُّها المَولى الَّذي أَنا عَبدُهُ
لَقَد زادَ بي شَوقٌ إِلَيكَ شَديدُ

مَتى تَتَمَلّى مِنكَ عَيني بِنَظرَةٍ
وَحَقِّكَ ذاكَ اليَومُ عِندِيَ عيدُ


بهاء الدين زهير

الحمدان
07-10-2024, 08:13 PM
تُرى هَل عَلِمتُم ما لَقيتُ مِنَ البُعدِ
لَقَد جَلَّ ما أُخفيهِ مِنكُم وَما أُبدي

فِراقٌ وَوَجدٌ وَاِشتِياقٌ وَلَوعَةٌ
تَعَدَّدَتِ البَلوى عَلى واحِدٍ فَردِ

رَعى اللَهُ أَيّاماً تَقَضَّت بِقُربِكُم
كَأَنّي بِها قَد كُنتُ في جَنَّةِ الخُلدِ

هَبوني امرَأً قَد كُنتُ بِالبَينِ جاهِلاً
أَما كانَ فيكُم مَن هَداني إِلى الرُشدِ

وَكُنتُ لَكُم عَبداً وَلِلعَبدِ حُرمَةٌ
فَما بالُكُم ضَيَّعتُمُ حُرمَةَ العَبدِ

وَما بالُ كُتبي لا يُرَدُّ جَوابُها
فَهَل أُكرِمَت أَن لا تُقابَلَ بِالرَدِّ

فَأَينَ حَلاواتُ الرَسائِلِ بَينَنا
وَأَينَ أَماراتُ المَحَبَّةِ وَالوُدِّ

وَما لِيَ ذَنبٌ يَستَحِقُّ عُقوبَةً
وَيا لَيتَها كانَت بِشَيءٍ سِوى الصَدِّ

وَيا لَيتَ عِندي كُلَّ يَومٍ رَسولَكُم
فَأُسكِنَهُ عَيني وَأُفرِشَهُ خَدّي

وَإِنّي لَأَرعاكُم عَلى كُلِّ حالَةٍ
وَحَقِّكُمُ أَنتُم أَعَزُّ الوَرى عِندي

عَليكُم سَلامُ اللَهِ وَالبُعدُ بَينَنا
وَبِالرَغمِ مِنّي أَن أُسَلِّمَ مِن بُعدِ


بهاء الدين زهير
العصر المملوكي

الحمدان
07-10-2024, 08:14 PM
يا أيها المُتعالي عن مَعونتنا
غِنىً بما فيه من ذهن ومن أدبِ

لو استعنتَ بنفسٍ غيرِ أنفُسنا
أو غيرِ نفسك قابلناك بالغضبِ

لكن غَنيتَ بنفسٍ لا كِفاءَ لها
في النظم والنثر من شعر ومن خطبِ

ولا ملامَ على مُرتادِ مصلحةٍ
باع اللُّجينَ بضعفَيهِ من الذهبِ

فاعذِرْ على حسنِ ما ابتعت الخيارَ به
كما عذرناك يا ابن المجد والحسبِ

عُذراً بعذر وإلا رُحتَ مُحتقِباً
لوماً بلوم ولومي شرُّ مُحتقَبِ

وهاك دَرْجَكَ إنّا نابذون به
كما نَبذتَ بما قلناه من كَثَبِ


ابن الرومي

الحمدان
07-10-2024, 08:14 PM
أخالدُ أخطأت وجهَ الصواب
ولم تأت أَيْريَ من بابِهِ

خَرُقْتَ فجمَّشْتَهُ بالهجاء
وأُنْسِيتَ كثرةَ خطَّابِهِ

فلو كنتَ غازَلْتَهُ بالنَّسيبِ
أصْبحتَ أنجح طلابِهِ

كَبِنْتِكَ حين تَأتَّتْ له
فأضحتْ رئيسةَ أصحابِهِ

عدمْتُك شيخاً أخا حُنْكةٍ
يحاول أمراً فَيَعْيَا بِهِ

وتطلبهُ غادةٌ كاعبٌ
فَتُحكم من أمْر أسبابِهِ


ابن الرومي

الحمدان
07-10-2024, 08:15 PM
أما يستديمُ المرءُ نعمةَ ربّهِ
بإكرامِ أحرارِ الرجالِ ببابِهِ

ويعلم أنَّ الحمدَ والذمَّ للفتى
حذيَّتُهُ في إذنه وحجابِهِ

عجبتُ لمن لَم يَنوِ خَيراً لزائرٍ
ولا بذلَ ما يبغيه من غَلْقِ بابِهِ

وأعجبُ من هذا إباحَةُ عرضهِ
بصَوْن خَسيسَيْ طُعمهِ وشرابِهِ


ابن الرومي

الحمدان
07-10-2024, 08:15 PM
أحِبَّايَ كم لي نحوكم من تحيّةٍ
أحَمِّلُها هبَّاتِ كُلِّ جَنوبِ

فلا تتركوا ردَّ السلام إذا جرتْ
شمالٌ على نائي المحلِّ غريبِ

غريبٌ له نفسانِ نفسٌ بواسطٍ
ونفسٌ بسامرَّا بكفِّ حبيبِ

تقسّمتِ الأَسقامُ أعضاءَ جسمِهِ
ففي كلّ عضوٍ مَألفٌ لكئيبِ

وليس بشافيهِ من الجَهْد والضّنى
سوى شَرْبةٍ من ريق غيرِ مُثيبِ

وشَمِّ جنِيِّ الوردِ من وجناتهِ
وأخذٍ لهُ من قُربهِ بنصيبِ


ابن الرومي

الحمدان
07-10-2024, 08:16 PM
إذا جئتُ أشكو ما بقلبي من الأسى
إلى مؤنسي أبدى القلى وتغضَّبا

وأظهر لي بعد الوصالِ تجنِّياً
فأصبرُ خوفاً منهُ أن يتجنَّبا

وأكتُمُه وجدي وأُجملُ صبوتي
وأخضع كي يرضى وإن كان مذنبا

وفي القلبِ نارٌ من تخوُّف غدرِهِ
تزيدُ على مرّ الليالي تلهُّبا


ابن الرومي

الحمدان
07-10-2024, 08:17 PM
وفي أربعٍ منّي خَلَتْ منك أربعٌ
فلستُ بدارٍ أيَّها هاجَ لي كربي

أوجهُك في عيني أم الريقُ في فمي
أم النطقُ في سَمعي أم الحب في قلبي


ابن الرومي

الحمدان
07-10-2024, 10:14 PM
ألا أبْلِغْ أبا سُفْيانَ عَنّي
فأنْتَ مُجَوَّفٌ نَخِبٌ هَوَاءُ

وأن سيوفنا تركتك عبدًا
وعبد الدار سادتها الإماء

كَأنّ سَبِيئَةً مِنْ بَيْتِ رَأسٍ
تُعفيِّها الرّوَامِسُ والسّمَاءُ

هجوتَ محمدًا فأجبتُ عنهُ
وعندَ اللهِ في ذاكَ الجزاءُ

أتَهْجُوهُ وَلَسْتَ لَهُ بكُفْءٍ
فَشَرُّكُما لِخَيْرِكُمَا الفِداءُ

هجوتَ مباركاً برًا حنيفًا
أمينَ اللهِ شيمتهُ الوفاءُ

فَمَنْ يَهْجُو رَسُولَ اللَّهِ مِنْكُمْ
ويمدحهُ وينصرهُ سواءُ

فَإنّ أبي وَوَالِدَهُ وَعِرْضي
لعرضِ محمدٍ منكمْ وقاءُ


حسان بن ثابت

الحمدان
07-10-2024, 10:14 PM
تَصَدَّعَتِ الجَعراءُ إِذ صاحَ دارِسٌ
وَلَم يَصبِروا عِندَ السُيوفِ الصَوارِمِ

جَزى اللَهُ قَيساً عَن عَدِيٍّ مَلامَةً
وَخَصَّ بِها الأَدنَينَ أَهلَ المَلاوِمِ

هُمُ قَتَلوا مَولاهُمُ وَأَميرَهُم
وَلَم يَصبِروا لِلمَوتِ عِندَ المَلاحِمِ


الفرزدق

الحمدان
07-10-2024, 10:15 PM
وَإِنَّ تَميماً مِنكَ حَيثُ تَوَجَّهَت
عَلى السِلمِ أَو سَلِّ السُيوفِ خِصامُها

هُمُ الإِخوَةُ الأَدنَونَ وَالكاهِلُ الَّذي
بِهِ مُضَرٌ عِندَ الكِظاظِ اِزدِحامُها

هِشامٌ خِيارُ اللَهِ لِلناسِ وَالَّذي
بِهِ يَنجَلي عَن كُلِّ أَرضٍ ظَلامُها

وَأَنتَ لِهَذا الناسِ بَعدَ نَبِيِّهِم
سَماءٌ يُرَجّى لِلمُحولِ غَمامُها

وَأَنتَ الَّذي تَلوي الجُنودُ رُؤوسَها
إِلَيكَ وَلِلأَيتامِ أَنتَ طَعامُها

إِلَيكَ اِنتَهى الحاجاتُ وَاِنقَطَعَ المُنى
وَمَعروفُها في راحَتَيكَ تَمامُها


الفرزدق

الحمدان
07-10-2024, 10:16 PM
إِنَّ الَّذينَ اِستَحَلّوا كُلَّ فاحِشَةٍ
مِنَ المَحارِمِ بَعدَ النَقضِ لِلذِمَمِ

قَومٍ أَتَوا مِن سَجِستانٍ عَلى عَجَلٍ
مُنافِقونَ بِلا حِلٍّ وَلا حَرَمِ

ما كانَ فيهِم وَقَد هُمَّت أُمورُهُمُ
مَن يُستَجارُ عَلى الإِسلامِ وَالحُرَمِ

يَستَفتِحونَ بِمَن لَم تَسمُ سورَتُهُ
بَينَ الطَوالِعِ بِالأَيدي إِلى الكَرَمِ


الفرزدق .. العصر الاموي

الحمدان
07-10-2024, 10:47 PM
أَبى الهَمُّ إِلا أَن يَكُونَ مَعِي مَعِي
وَيَبقَى سَميري فِي مَسِيري وَمَضجَعِي

وَإِنِّي لأَرضى الهَمَّ إِذ كانَ داعِياً
إِلَى سَعيِ مَرضِيِّ الفِعالِ سَمَيدَعِي

وكم هِمَّةٍ لَو تَحمِلُ الشُّمُّ بَعضَها
لَعادَت بِحالِ الخاشِعِ المُتَصَدِّعِ

أَو البَحرُ تَيّاراً لعَادَت سَفِينُهُ
رَواكِدَ فِي وَجهٍ مِنَ الأَرضِ بَلقَعِ

تَحَمَّلتُها حَتّى لَوِ اسطَعتُ كَتمَها
عَنِ القَلبِ لَم يَشعُر بِها بَينَ أَضلُعِي

نَزاهَةُ أَخلاقٍ وَغَيرَةُ ماجِدٍ
عَلى السِّرِّ أَن يُبدى إِلَى غَيرِ أَلمَعِي

يَقُولُونَ أَوحَشتَ البلادَ وَأَهلَها
وَرَوَّعتَها بالبَينِ كُلَّ مُرَوَّعِ

وَلَو عَلِمُوا مَن ذا تُشَدُّ لِقَصدِهِ
مَطايايَ قالُوا قَد أَصَبتَ فأَسرعِ

أَلَيسَ إِلَى خَيرِ المُلوكِ وَفَخرِهِم
وَمُحِيي لنا شخص النَدى بَعدَ ما نُعِي

إِلى مَلِكٍ يُنمَى لآلِ خَلِيفَةٍ
سُراةٌ لَهُم فِي المَجدِ أَشرَفُ مَوضِعِ

تُراثُهُمُ الفِعلُ الجَميلُ وَهِمَّةٌ
يَذِلُّ وَيَخزَى عِندَها كُلُّ مُدَّعِ

أُسُودٌ إِذا خاضُوا الغِمَارَ وَإِنَّهُم
بدُورٌ إِذا حَلُّوا الصُّدُورَ بِمَجمَعِ

إِذا الناسُ باعُوا واشتَروا في حُطامِهِم
عَلوا فاشتَروا حمداً عَلى كُلِّ مَسمَعِ

وَإِن غَيرُهُمُ باهَى بِكُلِّ سَفاهةٍ
وَسابَقَ في مَيدانِها غَيرُ مُقلِعِ

تَباهَوا بِأَحلامٍ ثِقَالٍ وسابَقُوا
إِلَى أَدَبٍ كالعَنبَرِ المُتَضَوِّعِ

بِآدابِهِم يَرتَاضُ كُلُّ مُهَذَّبٍ
وَعِندَ نَداهُم يَنتَهِي كُلُّ مَطمَعِ

وَلا سِيَّما عِيسَى الهُمامُ الَّذي بِهِ
أَوَالٌ تَناهَت فِي العُلا وَالتَّرَفُّعِ

تَطاوَلَتِ الشِّعرَى عُلُوّاً وَرِفعَةً
وَباهَت بِهِ فَخراً عَلَى كُلِّ مَوضِعِ

هُوَ الجَبَلُ الرَّاسِي وَقاراً وَهَيبَةً
وَحَزماً وَعَزماً مَع سِياسَةِ أَلمَعِي

تُذَكِّرُنا أَوصافُهُ حِلمَ أَحنَفٍ
وَبأسَ كُلَيبٍ فِي جَلالَةِ تُبَّعِ

بَنُوهُ لَدَيهِ كَالبُدُورِ كَوامِلاً
مَتى تَرَهُم عَينٌ تَذِلّ وَتَخشَعِ

أَقُولُ وَقَد مَتَّعتُ قَلبِي بِذِكرِهِم
يُنازِعُ هَمِّي هِمَّتِي وَتَمَنُّعِي

متَى لثَمَت أَقدامُنا تُربَ دارِهِم
أَيا هِمَّتي زِيدِي وَيا هَمُّ أَقلعِ

أَبَا حَمَدٍ أَلقَى بِنَا الشَّوقُ إِنَّنا
رَأَينَاكَ فَرداً فِي الفَضائِلِ أَجمَعِ

أَبا حَمَدٍ لَولاكَ لَم يَبقَ مُرشِدٌ
إِلَى شِيَمِ السَّادَاتِ مِن كُلِّ أَروَعِ

رَأَيناكَ حُرّاً هامِعَ الجُودِ كلِّهِ
وَحُبُّ الجَوادِ الشَّهمِ شِيمَةُ مَن يَعِي


عبدالعزيز العلجي

الحمدان
07-10-2024, 10:48 PM
لَقد طالَ لُبثِي بالحِمى لم أُكَلّمِ
وَعِيلَ اصطِبارِي في الهَوى وَتَكَتُّمِي

وفي ذلكَ المَغنى فتاةٌ كريمَةٌ
إِلى خَيرِ أَصلٍ في العَشِيرَةِ تَنتَمي

هِيَ الشَّمسُ في نُورٍ وَرِفعَةِ مَنصبٍ
وَتَفقِدُ مِنها الشَّمسُ حُسنَ التَبَسُّمِ

وَتَسقِي بِعَينَيها وَرِقَّةِ لَفظِها
عَتيقَةَ خَمرٍ لا تُدارُ عَلى فَمِ

وَتِلكَ الَّتي لا تُمسِكُ العَينُ دَمعَها
عَلى فائِتٍ مِن عَهدِها المُتَقَدِّمِ

وَقد طالَما أَرجُو الليالي تَرُدُّ لِي
مَعاهِدَ أُنسٍ طالَ مِنها تَنَعُّمِي

أَأَشكُو الليالي أَم نِكايَةَ قَومِنا
فَليسَ أذاها مِن أَذاهُم بأعظَمِ

ولمّا رَأَينا قومَنا وَسُراتنا
سِراعاً إِلى غِرّاتِنا بالتَهَجُّمِ

وَأَيقَنَ أَصحابِي بِأَنَّ مُقامَنا
عَلى مِثلِ هَذا مَحضُ عَجزٍ مُوَهَّمِ

وَبالبَصرَةِ الفَيحاءِ قَومٌ نَعُدُّهُم
لَنا مَعقِلاً نأوِي إِلَيهِ وَنَحتَمِي

رَحَلنا عَلى مُستَحسَنَاتٍ سَوابِقٍ
مَطايا وَأَلواحِ السّفينِ المُنَظَّمِ

فَجِئنا إِلى أَكنافِ قَومٍ أَعِزَّةٍ
مَتى جاءَ نادِيهِم أَخُو البُؤسِ يَنعَمِ

فَرُوعُ الهُداةِ الغُرِّ مِن آل هاشمٍ
فهل مِثلُ هذا الأَصلِ أَصلٌ لِمنتَمي

بِهِم يَستَقِرُّ المُلكُ إن خَفَّ عَرشُهُ
فأَعظِم بِهِم لِلمُلكِ طَوداً وَأَكرِمِ

وَهُم لِفُرُوعِ المجدِ أَصلٌ مُؤَثَّلٌ
وَإِنعامُهُم جَارٍ عَلى كُلِّ مُنعِمِ

أَتيناهُمُ كَي نَستَجِيرَ وَنَحتَمِي
لِوَقعٍ عَظيمٍ هائِلِ الخَطبِ مُؤلِمِ

فقابَلَنا مِنهُم بَشيرٌ وَنَجدَةٌ
هُمامٌ أَبى في المَجدِ غيرَ التَقَدُّمِ

تَصاغَرَ ما جِئنا لَهُ وهوَ لَم يَكُن
صَغِيراً لدى غيرِ الهُمامِ المُفَخَّمِ

وَلِم لا يُهِينَنَّ العَظائِمَ سَيِّدٌ
كرِيمٌ نماهُ أَكرَمٌ بَعدَ أَكرَمِ

أَخُو هِمَّةٍ تَأبى الفَواضِلَ مَغنَماً
وَلكن تَرى العَلياءَ أَكبَرَ مَغنَمِ

يكادُ يَذُوبُ الخَصمُ مِن هَيبَةٍ لَهُ
إِذا ما جَلا مِن غَيرَةٍ عَينَ أَرقَمِ

وَيَذهَبُ هَمُّ الوَفدِ مِن نُورِ وَجهِهِ
لِما راقَ فيهِ مِن حَياً وَتَكَرُّمِ

أَقَرَّ الأَعادِي بَعدَ جَهدٍ بِأَنَّهُ
فَريدٌ فَعَضُّوا أصبعَ المُتَنَدِّمِ

بآرائِهِ تَلقى الأُمُورُ نَجاحَها
ويَبشِرُ وَجهُ المُلكِ بَعدَ التَجَهُّمِ

وَمُذ شَكَتِ الأَحساءُ عِندَ إِمامها
وكانَ لَهُ عَطفٌ عَلى كُلِّ مُسلِمِ

خليفَةُ دِينِ اللَّهِ فِينا وَظِلُّهُ
عَلَى مُنجِدٍ في أَيِّ أَرضٍ وَمُتهِمِ

تَدارَكَها مِنهُ بِأَشهَمَ باسِلٍ
هُمامٍ لأَخطارِ العُلا ذِي تَجَشُّمِ

فأَصبَحَ وادِيها خَصِيباً وَوَجهُها
صَبيحاً وَمَن فيها بِبالٍ مُنَعَّمِ

أَيا طالِبَ الفَضلِ الَّذي كُنتَ نِلتَهُ
بِسَعي أَغَرٍّ لَم يَكُن بِمُذَمَّمِ

هَنيئاً لَكَ القَدرُ الجَليلُ لأَنَّهُ
أَتى عَن أَميرِ المُؤمِنينَ بأنعُمِ

رضاهُ وَأَعطاهُ السِيادَةَ أَهلها
وَإِن لم يُقَدِّم غيرَ قَرمٍ مُقَدَّمِ

فَإِن يُعطِكِ السُلطانُ رُتبَةَ سَيِّدٍ
تَدُوسُ عَلى هامِ الثُّرَيّا بِمَنسِمِ

فلم يُعطِها إِلا حقيقاً مُسَوَّداً
بفِعلٍ كريمٍ أَو بِجَدٍّ مُكَرَّمِ

فكم لَكَ مِن جَدٍّ كَريمٍ وَمِن أَبٍ
تَمَنَّى البرايا مَسَّ نَعلَيهِ بِالفَمِ

أَقَرَّ البَرايا أَنَّ إِدراكَ فَضلِكُم
مُحَالٌ فلم يَخطُر وَلَو بِالتَوَهُّمِ

وَمَن ذا يُساوي أَهلَ بَيتِ نُبُوَّةٍ
شَهِدنا ثَناهُم بِالكِتابِ المُعَظَّمِ

وَلِي فِيكَ حُبٌّ صادِقٌ لَستُ أَبتَغِي
عليهِ جَزاءً غيرَ قُربِكَ فاعلَمِ

وَفِيمَن سِواكُم لا أُحَبِّرُ مِدحَةً
أَبَت ذاكَ آبائِي وَيَأبَى تَكَرُّمِي

وَفِيكُم إِذا أَنشَدتُ شَرَّفتُ مَنطِقي
وَشَرَّفتُ أَقلامِي وَكَفِّي وَمِعصَمِي


عبدالعزيز العلجي

الحمدان
07-10-2024, 10:49 PM
دِيارُ لِوا نَجدٍ أَتاها سُعُودُها
وعادَ لَها بالأَروَعِ الشَّهمِ عِيدُها

هُمامٌ أَتى الأحساءَ وهيَ مَريضَةٌ
يُظَنُّ بِها أَنَّ الشِّفا لا يَعُودُها

فَعادَ شِفاها مُذ أَتاها وَأصبحَت
مُنعَّمَةً يَربَدُّ غَيظاً حَسُودُها

وَصارَت شَياطِينُ اللوَى مِن مَخافَةٍ
أَجَلُّ مُناها أَن تُزادُ قُيُودُها

فَنَشكُرُ بعدَ اللَّهِ قَرماً مُتَوَّجاً
أَيادِيه بادٍ كلَّ يَومٍ جَديدُها

إِمام الهُدى عبدَ الحَميدِ الَّذي بِهِ
وَصَولَتِهِ الكُفَّارُ بادَت جُنُودُها

خَليفَةَ دِينِ اللَّهِ أَيَّانَ يَمَّمَت
عَساكِرُهُ باللَّهِ تَعلُو حُدُودُها

إماماً يُوالِي أُمَّةً أَحمَدِيَّةً
ظِلالاً تَقِيها أَو غِياثاً يَجُودُها

وقَد خَصَّنا بابنِ الأكارِمِ طالِبٍ
يَذُبُّ العِدا عن أَرضِنا وَيَذُودُها

أَيا هاشِمِيَّ الأَصلِ من خيرِ عِترَةٍ
هُمُ الصِّيدُ ساداتُ الوَرى وَأُسُودُها

رَمَى بِكَ سُلطانُ البَرايا مُهِمَّةً
عَلَى غيرِكَ اشتَدَّت فَهَانَ شَدِيدُها

وَما الأَكرَمُونَ استَكثَرُوهُ مِنَ العُلا
قلِيلٌ إِذا يُنمى إليكُم وجُودُها

ومَن ذا يُضاهِي عِترَةً هاشِمِيَّةً
عَلِيٌّ وَسِبطاهُ الكِرامُ جُدُودُها

ويا طالِبَ العَليا وَقد ظَفِرَت بِها
يَدٌ مِنكَ صِدقاً وَعدُها وَوَعِيدُها

رَجَوناكَ تَكسُو المُلكَ عِزّاً وَبَهجَةً
ومِثلُكَ مَن يُرجى لِجُلّى يُفِيدُها

فإِنَّ ضِعافَ الحلمِ حَطُّوا سَماءهُ
عَلَى الأَرضِ حَتى نالَ مِنهُ قُرُودُها

وَلَيسَ يَحُوطُ المُلكَ إِلأ مُسَوَّدٌ
أَخُو عَزَماتٍ لَيسَ تَنبُو حُدودُها

أَبِيٌّ فلم تَظفَر عِداهُ بِرِقَّةٍ
ولا أَلزَمَتهُ خُطَّةً لا يُرِيدُها

وهذِي بُيوتُ المَجدِ سَهلٌ بِناؤُها
عَليكَ وَشُمُّ العِزِّ سَهل صُعُودُها

وَإِن كانَ أَهلُ البيتِ ما شَيَّدُوا العُلا
فَأَيُّ رِجالِ العالَمِينَ يَشِيدُها

فَجَرِّد سُيوفَ البَأسِ واجعَل غِمادَها
لِئاماً طَغَى مِن طُولِ أَمنٍ عَنِيدُها

قَبائِلُ سُوءٍ بالإِهانَةِ عُوِّدُوا
وَقَد طالَ عَن لُقيا الهَوانِ عُهُودُها

وَغَرَّهُمُ الإِكرامُ مِنكَ وهكَذا
يَجورُ بإِكرامِ الكِرامِ عَبيدُها

وَظَنُّوا بأَنَّ المُلكَ لَيسَ لِرَعيِهِ
أُسُودٌ ولا يَحوِي رِجالاً تَسُودُها

فَهانَ مُوَلَّى الحُكمِ فيهِم وَقَدرُهُ
وَلَم يَحتَرِمهُ وَغدُها وَرَشِيدُها

وقادُوا إِليهِ كلَّ يَومٍ بَلِيَّةً
قَوافِلَ تَسبيها وَقَتلَى تَقُودُها

وَمِن عَسكَرِ السُلطانِ خَمسِينَ غادَروا
عَلى وَهَدَاتِ الرَّملِ يَجرِي صَدِيدُها

وما رَدَّهُم عَهدٌ وَثِيقٌ ولا يَدٌ
عَلَيهِم مِنَ الإِنعامِ يُرجَى مَزِيدُها

وقَد خَتمَ الإِحسانُ فيهِم لَوَ اَنَّهُ
يَهُونُ بِهِ طُغيانُهُم وَجُحُودُها

فَلا بُدَّ فيهِم مِن عَظِيمِ نِكايَةٍ
تَذُوبُ احتِراقاً مِن لَظاها كُبُودُها

سَحابَةِ جُندٍ صَبَّحَتهُم بِصيحَةٍ
وَهُم وَبَنوها عادُها وَثَمُودُها

ولا تَرضَ مِنهُم باليَسِير تَعَطُّفاً
وَعَفواً فَإِنَّ العَفوَ مِمّا يَزيدُها

وَأَجِّج بِهَذِي الدارِ ناراً عَظيمَةً
مِن الحَربِ أَشلاءُ الأَعادِي وَقُودُها

وَأَخِّر جَبَانَ القلبِ إِنَّ لِرَأيهِ
مَناهِجَ سُوداً تُفسِدُ المُلكَ سُودُها

وَجازِ جَميعَ الناسِ إِلا مُجَرِّباً
لهُ هِمَّةٌ ما لانَ في الحَربِ عُودُها

وَذا نَجدَةٍ آراؤُهُ وَحُسامُهُ
سَواءٌ عَلى حَوضِ المَنايا وُرُودُها

وَأَشرَفُ إرسالِ المُلوكِ إِلى العِدا
خَمِيسٌ تَكَدَّى مِن مَجارِيهِ بِيدُها

فإِن كُنتَ حَقّاً مُرسِلاً فكتائِباً
يَرُوعُ الأَعادي بأسُها وحَديدُها

وَخُذ ما بأَيديهِم وَأَجرِ دِماءَهُم
فيا طالَما أَجرَى الدِّماءَ شَديدُها

وَأَبقِ لَهم مِنهُم مَواعِظَ يَنتَهي
بِها عَن فَسادٍ كَهلُها وَوَليدُها

وَأَنتَ لكَ الرَّأيُ السَّديدُ وهِمَّةٌ
مَوارِدُها تَأبَى عَلى مَن يُرِيدُها

وَأَنتَ سَحابٌ مُمطِرٌ غيرَ أَنَّهُ
غِياثٌ عَلى قَومٍ وَقَومٍ تُبيدُها

لَنا مِنكَ كَفٌّ أَهلَكَت كُلَّ ظالِمٍ
وَكَفٌّ يُداوِي مُشتَكِي الضُّرِّ جُودُها

وَبِالحالِ هَذي الدارُ تَشكُوكَ ضَعفَها
لَعلَّكَ بالرِّفقِ العَمِيمِ تَقُودُها

فَعَطفاً عَلَيها يا ابنَ هاشِمٍ إنَّها
لَها قَدَمٌ بالحقِّ قامَت شُهُودُها

فَهُم لِرسُولِ اللَّهِ سارُوا مَحَبَّةً
وَذَلِكَ قَبلَ العُربِ تَأتِي وُفُودُها

فأكرَمَ مَثوَاهُم لَدَيهِ وَوافَقُوا
بِطَيبَةَ أُولى جُمعَةٍ حانَ عِيدُها

وَأَوَّلُ دارٍ بَعدَ طَيبَةَ شُيِّدَت
مَنابِرُها فيها وَشاعَت حُدُودُها

وَفيها هُداةٌ كلَّما حانَ لَيلُهُم
تَقاسَمَهُ تَسبيحُها وَسُجُودُها

وَمن عُلَماءِ الشَّرعِ فيها جَهابِذٌ
تَصَدَّت لِطُلابِ العُلُومِ تُفِيدُها

وَمُنذُ شُهُورٍ لازَمَتها حَوادِثٌ
أَقَلُّ نَصِيبٍ من أَذاها يُبيدُها

وَقَبلَ وُقُوعِ الحادِثاتِ فلَم تزَل
قلِيلَةُ يُسرٍ وَالقَليلُ يُؤُودُها

وَثَمَّ لَها شَكوى سِوى الضَّعفِ وَالعدا
وَجَدوَاكَ بحرٌ لَم يَخِب مُستَزِيدُها

وَإِنَّا لَنَرجُو أَن تكونَ لها أَباً
وَيَعلُو بِمَسعاكَ الحَمِيدِ سُعُودُها

وَذِي بِنتُ فِكرٍ أَورَدَتها مَحَبَّةٌ
وَعَزَّ عَلى غَيرِ الكَريمِ وُرُودُها

وَلَستُ كَمَن قالَ القَريضَ تَعَرُّضاً
لدُنيا سَيَبلى جَدُّها وَجَدِيدُها

وَلَكِنَّني أَهوى فَتىً دَأبُهُ العُلا
وَأَنتَ الذي تَسعى لَها وَتَرُودُها


عبدالعزيز العلجي

الحمدان
07-10-2024, 10:49 PM
أَيا سَيِّداً مازالَ يُولِي جَمِيلَهُ
وَمِن فَضلِهِ أَن خَصَّنِي مِنهُ بِالتُحَف

سَلَكتَ مِنَ الإِحسانِ بِي كلَّ وجهَةٍ
سِوى خَصلَةٍ كَمَّلتَها الآنَ بالظَرَف

تَنازَلتَ إِحساناً بِها وَتَفَضُّلا
كَما هِي عاداتُ الكِرامِ ذَوِي الشَرَف

فَزِن بِقَبُولٍ ما بِها من طَرافَةٍ
فَلا زالَ لِي مِن بَحرِ عَلياكَ مُغتَرَف


عبدالعزيز العلجي

الحمدان
07-10-2024, 10:50 PM
أَيَا فاضِلاً فَضلُهُ بينَ الأَنامِ جَلِي
كَنارِ لَيلٍ عَلى عالٍ مِنَ الجَبَلِ

أَهدَيتَ نَظماً مَليحاً في تَناسُقِهِ
أَغنَت نَضارَتُهُ عن أَمثَلِ الحُلَلِ

ما كانَ أَشهَى عِتاباً فيهِ دَلَّ عَلى
إِخلاصِ وُدٍّ عظيمٍ غيرِ مُنتَحَلِ

فاعلَم هُدِيتَ بأَنِّي ما قَصَدتُ جَفاً
فإِنَّكُم قُرَّةُ الأَلبابِ والمُقَلِ

لكِنَّما قَدَرٌ مَع حاجَةٍ عَرَضَت
وَعَزمِ عَودٍ لَكُم يا غايَةَ الأَمَلِ

وَالقَلبُ عِندَكَ مَأنُوسٌ وَمُغتَبِطٌ
بكلِّ وَصفٍ لكُم بين الأَنامِ جَلِي

لا زِلتَ يا صاحِبي مُستَرشَداً لِهُدى
وَمُستَعاناً عَلى ما حادِثٍ جَلَلِ


عبدالعزيز العلجي

الحمدان
07-10-2024, 10:50 PM
دَعِ الناسَ إِنَّ الناسَ تُوسِي وَتُؤلِمُ
وَرَبُّكَ يَقضِي ما يَشاءُ وَيَحكُمُ

يَرى عَبدُهُ إِحسانَهُ مُتَنَوِّعاً
شَهِيّاً ولا يَشهَى وَرَبُّكَ أَعلَمُ

فكَم حالَةٍ بالعَبدِ ظُنَّت خَسارَةً
فلَمَّا تَعَدَّتهُ إِذا هِيَ مَغنَمُ

وَلاحِظ كِراماً سالِفِينَ هُمُ هُمُ
عَلى فَضلِهِم في الناسِ رِيعُوا وَأُولِمُوا

عَلى أَنَّ بعضَ الصالِحِينَ مُفَضِّلٌ
خِلافَ هَواهُ حُكمُهُ وَمُقَدِّمُ

ولِلَّهِ أَلطافٌ بِطَيِّ قَضائِهِ
أَخو الفَهمِ في أَسرارِها يَتَفَهَّمُ

فمُوسى بِقَذفِ اليَمِّ تَمَّ عُلُوُّهُ
تَرَقَّى إِلى أَعلَى الذُّرا وَهوَ مُكرَمُ

وَيُوسُفُ بعدَ الجُبِّ وَالسِجنِ حِقبَةً
حَوَى المُلكَ وَهوَ المُستَفادُ المُعَظَّمُ

وبِالصَّبرِ وَالتَّقوى تَنالُ هِباتِهِ
وَأَتقَى الوَرى عِندَ المُهَيمِنِ أَكرَمُ

فعبد العَزيزِ بنَ الفَتَى عُمَرَ الذي
إِلى آلِ عَكّاسٍ نَماهُ المُتَرجِمُ

عَهِدناكَ ذا فَهمٍ ذَكِيٍّ وَذا حِجاً
وَأَنتَ بِحَمدِ اللَّهِ حَبرٌ مُقَدَّمُ

فَلا تَكتَرِث مِمّا قَضى اللَّهُ إِنَّهُ
هُوَ الذُّخرُ وَالباغِي سِوى اللَّه يُعدِمُ


عبدالعزيز العلجي

الحمدان
07-10-2024, 10:51 PM
أَيا نَجلَ إِبراهيمَ تَطلُبُ وَاعِظاً
ولا وَعظَ كالقُرآنِ وَالسُنَّةِ الغَرّا

تَدَبَّر كِتابَ اللَّهِ عِندَ تَهَجُّدٍ
وَلا سيَّما وَالناسُ في نَومِهِم سَكرَى

يُلاقِكَ مِن مَولاكَ أَكبَرُ وَاعِظٍ
عَلى قَلبِكَ المُشتَاقِ أَنوارُهُ تَترَى

وَأَقبِل عَلى الفِقهِ المُعَظَّمِ قَدرُهُ
هُوَ المَنهَجُ المأمُونُ وَالحُجَّةُ الكُبرَى

تَكُن نافِعاً لِلمُسلِمينَ وَحَيثُما
تَحِلُّ عَلى قَومٍ تَكُن فيهِمُ صَدرا

وَلا تُضِعِ الأَوقاتَ في غَيرِ صالحٍ
فَمن ضَيَّعَ الأوقاتَ نالَ بِها خُسرا

فَعُمرُ الفَتَى ما عاشَ مَزرَعُ سَعيِهِ
فَمَن لَم يُراعِ الوقتَ لا يَعمُرُ الأُخرى

وَلا تَصحَبَنَّ الناسَ إِلا بِحالَةٍ
تُصِيبُ حَلالَ الرِّزقِ أَو تَكسِبُ الأَجرا

وَفي كُلِّ عَقدٍ أَنتَ مُجريهِ فابنِهِ
عَلَى الشَّرعِ حَتَّى لا تُصِيبَ بِهِ وِزرا

وَلا تَتَخِذ مِن دُونِ رَبِّكَ مَقصِداً
فَإِنَّ إِليهِ العِزَّ وَالفَتحَ وَالنَّصرا


عبدالعزيز العلجي

الحمدان
07-10-2024, 10:52 PM
وَلَقَد عَجِبنا وَالعَجائِبُ جَمَّةٌ
مِن فِريَةٍ جاءَت عَنِ الرَّيحانِي

زَعَمَ الجَهُوُلُ بأَنَّ إِخفاءَ النِّسا
مِن مُوجِباتِ الذَّمِّ وَالنُّقصانِ

فَإِذاً أَقُولُ مُخاطِباً هَذا الَّذي
يَروِي خُرافاتٍ عَنِ الشَّيطانِ

وَأصُونُ آياتِ الكِتابِ وَقَدرَها
مِن أَن أُجِيبَ بِها ذَوِي الطُّغيانِ

لَكِن بِمَعقُول أَتَى عَن فِطرَةٍ
قَد نُوِّرَت بِالشَّرعِ وَالبُرهانِ

إِنَّ النِّساءَ مَواضِعٌ لِوَدائِعٍ
نُطَفٍ تَكُونُ لأَشرَفِ الأَكوانِ

فَإِذا بَرَزنَ وَخالَطَت مَن تَشتَهِي
ضَاعَت لَدَيها نِسبَةُ الإِنسانِ

فَافهَم لِحِكمَةِ مُحسِنٍ صُنعَ الوَرَى
لا ما تَقُولُ بِجَهلِكَ الفَتّانِ

وَاسمَع مِثالاً واعتَبِر فَلَرُبَّما
أَبدَى المِثالُ غَرائِبَ الإِحسانِ

نُلفيكَ إِن أَودَعتَ حَصبا لُؤلؤاً
تَختِم عَلَيها خِيفَةً مِن جانِ

أَتُضاعُ كُلُّ كَريمَةٍ في قَومِها
وَيُصانُ ذَيَّاكَ الحَقِيرُ الداني

ما كانَ أَشبَهَ جَهلَكُم بِطِباعِكُم
وَطِباعُكُم وَعُلُومُكُم سِيّانِ

أَنتُم خَفافِيشٌ وَجُعلانٌ عَلَى
طِيبِ الرَّوائحِ أَو سَنا النِّيرانِ

فَعَلى الظَّلامِ مَسِيرُكُم وَحَياتُكُم
تَنمُو عَلَى الأَقذارِ والأَنتانِ


عبدالعزيز العلجي

الحمدان
07-10-2024, 10:52 PM
كذا الرُزءُ إِذ أَودَى فَتَى العِلمِ والذِّكرَى
فَهَل حِينَ عَزَّ الصَّبرُ مِن بائِعٍ صَبرا

عَهِدتُ اصطِباري في الحُروبِ أَخاوفاً
فإِذ خانَنِي ذا اليَومَ أَوسَعتُهُ عُذرا

وَما لِيَ لم أُوسِعهُ عُذراً وَقَد مَضَى
أَبُو الفَضلِ في الدُنيا إِلى مَنزِلِ الأُخرى

هُوَ الشَّيخُ إبراهِيمُ شَمسُ بِلادِنا
ضُحَى المُهتَدي فيها وَبَدرٌ لِمَن أَسرى

تَنَكَّرَتِ الأَحساءُ يَومَ وفاتِهِ
فسُكّانُها حَيرَى وَأَرجاؤُها غَبرا

إِمامٌ إذا فَخَّمتُهُ شَهِدَت لَهُ
أَياديهِ فِينا وَالمَعالي التي تُدرى

وَأَهلُ العُقولِ الراجِحاتِ مِنَ الوَرى
وَكلُّ حَليمٍ يَشتَري المَجدَ إِذ يُشرى

فَلِلَّه حَبرٌ حِينَ تُجلَى صِفاتُهُ
تأَرَّجَتِ الآفاقُ مِن نَشرِها عِطرا

مَواعِظُهُ فَوقَ القُلُوبِ زَواهِرٌ
تَراءى عَلى أَرجائِها أَنجُماً زُهرا

مَوَاعِظُ حَبرٍ عَن كِتاب إِلهِهِ
وَعَن سُنَّةِ المُختارِ يَنشُرُها نَشرا

فآراؤُهُ حَزمٌ وَسِيرَتُهُ هُدىً
وَأَلفاظُهُ نُور وَرُؤيَتُهُ ذِكرَى

حَلِيمٌ وَلَكِن حِينَ لَم يلقَ مُنكَراً
فإِن يَلقَهُ أَلفَيتَهُ ضَيغماً بَحرا

مَواقِفُهُ في نُصرَةِ الدِّينِ جَمَّةٌ
فِخامٌ فَسَل مَن قَد أَحاطَ بِهِ خُبرا

عَلى أَنَّهُ مِن آلِ بَيتٍ تَعَوَّدُوا
إِذا أُمَّةٌ مِنهُم خَلَت سارَتِ الأُخرى

فَسَل سالِفَ الأَيامِ عَن سالِفِيهِمُ
تَرَى منهُمُ الساداتِ مِن نَسلِهِم تَترَى

وفِينا بِحَمدِ اللَّهِ منهُم جَهابِذٌ
حُماةٌ هُداةٌ لا تَمَلُّ وَلا تَكرَى

مَعاليهِمُ في سَابِقِ الدَّهرِ غُرَّةٌ
تُجَمِّلُ مِنهُم كلَّ آوِنَةٍ عَصرا

جَمالُ وجُوهٍ مَع فَصاحَةِ أَلسُنٍ
وكِبرُ نُفُوسٍ عَن مُلابَسَةِ الصُّغرى

مَخائِلُهُم تُنبيكَ قَبلَ اختِبارِهم
عَلى أَنَّهُم أَهلُ العُقُولِ ولا فَخرا

هُمُ جَمَعُوا عِلماً وحِلماً وعِفَّةً
سِماحُ أَكُفٍّ لا تُلِمُّ بِهم عَورَا

فَقُل لِلكِرامِ الغُرِّ آلِ مُبارَكٍ
لَقَد كنتُمُ في كلِّ نادٍ عَلا صَدرا

بِخِدمَتِكُم شَرعَ الإِلهِ وَمَن يَقُم
بِخِدمَةِ شَرعِ اللَّه سادَ الوَرى طُرّا

فأَبدُوا مَزِيداً من تَنافُسِكُم بِهِ
وَجِدُّوا لهُ حِفظاً وَجِدُّوا لهُ إِقرا

أَلا واجعَلُوا التَقوى السَّبيلَ إِلى المُنى
فلَيسَ إِليهِ غيرُ تَقوى الفَتى مَجرى

هِيَ العَيشُ في الدُّنيا هِيَ النُورُ وَالهُدى
هي الأمنُ يَومَ النَّشرِ والفَوزُ والسَّرا

وَراعُوا خِلالاً كُنَّ في مَكرُماتِكُم
لكُم سَلِمَت فيها السَعادَةُ والبُشرى

حَقارَةُ دُنياكُمُ وَحِفظُ اجتِماعِكُم
وَرَعيكُمُ الشُورى مَتى تُبرِمُوا أَمرا

وَإِعطاءُ أهلِ السِّنِّ مِنكُم حُقُوقَهُم
بِطاعَتِهِم أَمراً وَتَعظِيمِهِم قَدرا

فَهَذِي وَصايا العاقِلينَ وهذِهِ
تِجارَةُ أَهلِ الفَضلِ أَنتُم بِها أَحرى


عبدالعزيز العلجي

الحمدان
07-10-2024, 10:53 PM
دَعِ الناسَ إِنَّ الناسَ تُوسِي وَتُؤلِمُ
وَرَبُّكَ يَقضِي ما يَشاءُ وَيَحكُمُ

يَرى عَبدُهُ إِحسانَهُ مُتَنَوِّعاً
شَهِيّاً ولا يَشهَى وَرَبُّكَ أَعلَمُ

فكَم حالَةٍ بالعَبدِ ظُنَّت خَسارَةً
فلَمَّا تَعَدَّتهُ إِذا هِيَ مَغنَمُ

وَلاحِظ كِراماً سالِفِينَ هُمُ هُمُ
عَلى فَضلِهِم في الناسِ رِيعُوا وَأُولِمُوا

عَلى أَنَّ بعضَ الصالِحِينَ مُفَضِّلٌ
خِلافَ هَواهُ حُكمُهُ وَمُقَدِّمُ

ولِلَّهِ أَلطافٌ بِطَيِّ قَضائِهِ
أَخو الفَهمِ في أَسرارِها يَتَفَهَّمُ

فمُوسى بِقَذفِ اليَمِّ تَمَّ عُلُوُّهُ
تَرَقَّى إِلى أَعلَى الذُّرا وَهوَ مُكرَمُ

وَيُوسُفُ بعدَ الجُبِّ وَالسِجنِ حِقبَةً
حَوَى المُلكَ وَهوَ المُستَفادُ المُعَظَّمُ

وبِالصَّبرِ وَالتَّقوى تَنالُ هِباتِهِ
وَأَتقَى الوَرى عِندَ المُهَيمِنِ أَكرَمُ

فعبد العَزيزِ بنَ الفَتَى عُمَرَ الذي
إِلى آلِ عَكّاسٍ نَماهُ المُتَرجِمُ

عَهِدناكَ ذا فَهمٍ ذَكِيٍّ وَذا حِجاً
وَأَنتَ بِحَمدِ اللَّهِ حَبرٌ مُقَدَّمُ

فَلا تَكتَرِث مِمّا قَضى اللَّهُ إِنَّهُ
هُوَ الذُّخرُ وَالباغِي سِوى اللَّه يُعدِمُ


عبدالعزيز العلجي
السعودية

الحمدان
07-10-2024, 10:57 PM
‏فإذا هلَلْتَ فأنتَ أكملُ ما أرى
‏وإذا احتجبْتَ فأنتَ عنديَ كاملُ

‏يا مَنْ لَهُ كُتبَ الهوى ولأجلِهِ
‏أدمنتُ موتاً ما حوتْهُ جنادلُ

‏أشكو إليكَ الحبَّ فارْحَمْ عاشقاً
‏إنْ ماتَ مقتولاً فأنتَ القاتِلُ

......

الحمدان
07-10-2024, 11:17 PM
فأنت وحدَك مَن بالحُبِّ يسكُنني
وأنت أجمل ما ضمَّتهُ أقداري

وأنت أروعُ خلقِ اللهِ في نظري
وأنت عشقي بإعلاني وإسراري

أراك شمساً وأفلاكي تطوفُ بها
طافت بحُبِك يا دُنيايَ أقماري

واللهِ لستُ أرى إلّاك مُنفرداً
كالبدرِ مُكتملاً أشغلت أنظاري

......

الحمدان
07-10-2024, 11:18 PM
سأترك وصلكم عزا وشرفاً
‏ لخسة سائر الشركاء فيهِ

‏إذا وقع الذباب عـلى طعامًا
‏رفـعـت يـدي ونفسي تشتهيـهِ

‏وتجتنبُ الأسـود ورد مــاءً
‏إذا كـان الكلاب يلغنَ فيـهِ

‏إذا شرب الأسد من خلف كلباً
‏فذاك الأسد لا خير فيهِ

‏ويرتجع الكريم خميص بطـناً
‏ولا يرضى مساهمة السفيهِ

......

الحمدان
07-11-2024, 02:23 PM
النيل تحملُ سبطَ إسماعيلاَ
أرأيتَ نيلاً جاء يحمل نيلاً؟

لو كانت الأملاكُ تحدو مركبًا
لرأيتَ بين حُداتها جبريلا

سارت، فغضَّ البحر من غُلَوائه
ومشى كما يمشي الجوادَ ذلولا

هبَّت عواصفُه؛ فكنَّ حيالها
رهْوًا، كما هبَّ النسيم عليلا

ما لاطمت أمواجهُ جنباتِها
بل أوسعتْ جنباتِها تقبيلا

لو أنَّ زاحفة تفُوهُ، لكبَّرت
نينانُهُ، ولهللت تهليلا

يا بحرُ، فوقك درةٌ، هيهات أن
تلقى لها في حويتَ مثيلا!

أولت تعرف فيه مَن أجدادُه
قطعوك عرضًا بالسفين وطولا؟

فلطالما مَلأُوا المياهَ مراكبًا
ولطالما مَلأوا السهول خيولا

عرفتْهم الأيام إن هم حاربوا
أسْدًا وإن ساسوا الأمورَ عدولا

أشرقْ بنورك في البلاد، فإِنما
صبرُ البلاد على فراقك عيلا

الشعب يا فاروق صادٍ، نيلهُ
من يوم بعدك لا يبلُّ غليلا

ما كان يسعده التجلد ساعةً
لو لم يكن بكَ قلبه مأهولا

ما غبتَ عن بصر البلاد وسمعها
يومًا، ولا بعدت ركابُك ميلا

كانت تطالع ما تقول فتنتشي
طربًا. وإنَّ من الكلام شَمولا

وترى على القرطاس رَسْمَك زاهيًا
غضًا، فيمسي طرفُها مكحولا

قد كنت أنت حديثها، وسكوتَها
حتى غدا بك وقتها مشغولا

زرتَ الممالك داعيًا، فكشفت عن
أمجاد مصر حجابَها المسدولا

أنعم بشعب أَنت عنوان له!
وكفى بعنوان الكتاب دليلا!

تمشي الممالكُ في ركابك أينما
تمشي، وتحني هامها تبجيلا

سمعوا بمجد الأقدمين، وأبصروا
بعيونهم للأقدمين سليلا

كي يعلموا أن الكنانةَ أمةٌ
طابت فروعًا في الورى وأصُولا

إنا لفي زمن يفيض دعايةً
كادت تدقّ به الشعوب طبولا

هم يعلنون عن الشعوب كأنها
سلع، ونرضى بالسكوت خمولا

من راح ينشر للبلاد دعاية
فكأنما يبني لها أسطولا

وَليَ الأمورَ بمصرَ أصيدُ، يافعٌ
بذَّ الأوائلَ فتيةً وكهولا

جاشت بصدري يوم قُلِّد عرشَهُ
ذكرى فراعنة القرون الأولى

ما أبهجَ الأكليل فوق جبينه!
هذا الجبين يزين الإكليلا!

هذا هو الفاروقُ، أشرقَ وجههُ
فسل الغزالة: هل تريد أفولا؟

أفديه من ملك أغرَّ، وراءه
شعبٌ يرتِّلُ حمده ترتيلا

يعنو لطلعته، ويهتف باسمه
ويكاد يتلو قولَه إنجيلا

ملِكٌ تواضعهُ يزين جلالَه
ليس الغشومُ المستبدُّ جليلا

يرنو إليه الطرْف غيرَ منكس
والبدر يظهر من سناه خجولا

يقضي لبُانته اليتيم ببابه
ويرى الفقير دعاءَهُ مقبولا

لا تحصِ أعمارَ الملوك؛ فإنني
أجد الملوك: مداركًا، وعقولا

أنا لا أقول: اليومَ أدركَ رشدَه
فعليه كان بطبعه مجبولا

إنا عهدنا الرشدَ فيه سجيةً
ما كان في يوم عليه دخيلا

ما ضر غرسًا طاب قَبلَ أوانه
أن كان حراً في النبات أصيلا؟

قد كان «ذو القرنين» مثلَك يافعًا
وأراكما تتشابهان ميولا

هيهات! أنت أجل منه حضارةً
وأعزُّ أوطانًا، وأكرم جيلا

فاروقُ، تلك عناية الله التي
قد حقَّقتْ في عهدك المأمولا

إن الكنانة ظنَّتِ استقلالها
حُلمًا، فكنتَ لحلمها تأويلا

وهي المشاكل كلها وجدتْ لها
في عهدك الزاهي السعيد حلولا

عهد قصير، غير أن غضونه
قد صرْنَ في تاريخَ مصر حجولا

لو حاكت التيجانُ تاجَك، لم يجد
يومًا إليها الثائرون سبيلا

ليت الذينَ وَلُوا العروشَ جميعهم
كانوا على حكم الشعوب نزولا

أسِّس على الدستور ملكَك، وابنِهِ
تبلغْ به الشُّمَّ الرواسيَ طولا

كم ثلَّ الاستبدادُ عرشًا بعدما
أجرى حواليْه الدماءَ سيولا

فاروقُ، يفديك الحمى بشبابه
وكهوله، وأرى الفداء قليلا

أصبحت في مرح الشباب ولهوِه
عن خير شعب في الورى مسئولا

حمل الشبابُ يراعَهُ وكتابهُ
وحملت عبثًا كالجبال ثقيلا

أوْلَتكَ مصرُ قيادَها فأعِدْ لها
مجدًا بناه الأقدمون؛ أثيلا

إن الكنانة بايعتك، فكن لها
ظلاً كما كان الجدود ظليلا

وهبَتْ لعرشك ما لها، ودماءها
إن شئت تلق كليهما مبذولا

فاملأ بلادك حكمةً، ومعارفًا
واجعل بلادك في المناعة غيلا

لن يستقيم لشعبٍ استقلالُهُ
يومًا إذا حملَ السلاحَ كليلا

أين المدافع كالرعود دويُّها
والخيلُ تصهل بالجنود صهيلا؟

يا رُبَّ طائرة سمعت أزيزها
فحسبته في مِسمعيَّ هديلا

فانهض بمصرَ وجيشِها، حتى يرى
شبحُ المنية طيفَها فيميلا

واكبح جماحَ الطامعين، وقل لهم:
لا تطمعوا في أخت عرزائيلا

أني اتجهت، وجدت خلفك أمةً
ورأيت ربك بالنجاح كفيلا


محمود غنيم

الحمدان
07-11-2024, 02:24 PM
خالدٌ في كلِّ عصر خالدُ
ذِكرُهُ لحنٌ على كلِّ لسانْ

قائدٌ لم يَدْنُ منهُ قائدُ
سابَقَ النجم اسمُهُ في الدَّوَرَانْ

قائِدٌ أرخَص في الله الحياةْ
وتحدَّى الموْتَ مرفوعَ الجبين

كلَّمَا سَارَ إلى غَزْوِ عداهْ
حالفَتْ رايتُهُ النَّصر المبينْ

وَأتَى في غزوِه بالعَجَبِ
سائلُوا كسرى به والموبِذَانْ

سائلوا التاريخَ، يَصْدُقْ في الخَبَرْ
أيُّ عرشٍ تحتَ سيفِ اللهِ لانْ

كان كالطَّوْدِ ثباتًا فاندَثَرْ
وغَدَا أَقْصُوصَةً في الكُتُب

عَرَفَ القْيصرُ سيفَ ابنِ الوليدْ
وهْوَ ربُّ التاج ربُّ الصَّولجانْ

سائلوا «اليَرْمُوك»: كم شابَ وليد
من بنِي الرومِ وكم فرَّ جبانْ

فزعًا مِنْ سَيْفِهِ المُخْتَضِبِ؟
صاغَهُ اللهُ كما صاغ البشَرْ

خالدٌ كُوِّنَ من ماءٍ وطينْ
لم يكنْ يحمِلُ قلبًا من حَجَرْ

بل بإيمانٍ تحلَّى ويقينْ
قوةُ الإيمانِ سرُّ الغَلبِ

فارسٌ لم يدْر معنى الانهزامْ
معَهُ سيفان: هنديٌّ، ودينْ

شاهرٌ إحدى يديه بِالحسامْ
وكتابٌ في اليد الأخرى مبينْ

وكِلاَ السيفين ماضي المضْرِب
نصَرَ اللهَ بعزم لا يلينْ

وتحدَّى الشِّركَ سيفُ ابنِ الوليدْ
إنْ يفُزُ في الحرب، فالنصرُ المبينْ

أو يُمتْ، فهْو لدى الله شهيدْ
فاز في جنته بالأرَبِ

بطلٌ ما رامَ أسبابَ النجاةْ
في وغّي، أو خافَ من وقْع حُسامْ

طَلبَ الموتَ، فَوَاتَتْهُ الحياةْ
كلَّما خَاض الوغى يبغي الحِمامْ

فر منه، ممعنًا في الهربِ
مات في مضْجَعه الليثُ، فقالْ

كيف أقضِي بسوى حدِّ السِّلاحْ؟
أخَطأ الموتُ بميدان القتالْ

ذلك الجسمَ الذي أعيا الجراحْ
بعد أن جدَّ له في الطَّلب

خالدٌ في كلِّ عصرٍ خالدُ
ذكره لحنٌ على كلِّ لسانْ

قائد لم يَدْنُ منه قائدُ
سابَقَ النجمَ اسمُهُ في الدَّوَرَانْ


محمود غنيم

الحمدان
07-11-2024, 02:25 PM
وأَصبرُ في الحياة على هُمُوم
تَضيقُ ببعضها ذرْعُ الحليم

طريقيَ كلُّه صخرٌ، وإني
لأَعثر بالحصاة على الأديم

وكم خِلٍّ حميم لم أزُرهُ
وبي شوقٌ إِلى الخِلِّ الحميم

ولوْ أنِّي استطعت وَصَلْتُ أهْلي
وصحبي، بل سَعَيْتُ إلى خُصُومي

ألَمْ تسرَنِي أخا ظَلْعٍ إذا ما
مشيتُ، وكنت أعدي من ظَلِيم؟

كأَنِّي من أسَايَ على شبابي
أُمثِّل مِشْيَةَ الطفل الفطيم

حملت عصاي مُتَّكَأً، وكانت
لمحْضِ الزَّهوِ في الزمن القديم

وما كانت لتَجبُرَ ضعفَ ساقي
ولو كانت عصا موسى الكَلِيم

وهل تُغْنِي عصًا من عُود نَبْعٍ
إذا ما السَّاقُ كانت من هَشِيم؟

ورُبَّ مُجَامل لي عِنْد سَيْرِي
أُحسُّ بطعنه ليَ في الصميم

آنَفُ أَن يَمُدَّ إِلَّى حُرٌّ
يَدًا، وأضِيقُ بالقلب الرحيم!

وأفزع حين تُبْدِلُني حَنَانًا
بحبٍّ ربَّةُ الوجه الوسيم

وأَسمع إِن دَعَتْنِي الغِيدُ عَمًّا
هزيمَ الرَّعْدِ في الصوت الرخيم

فإِن تَكُ ساقِيَ اعتلَّتْ، فما إن
مَشتْ إلا على نَهْج قويم

وحَسْبي أَنَّ سَاقِيَ وَهْيَ تشكو
سَعَت بي بين زَمْزَمَ والحَطيم

وحسبي أن يصيبَ الدَّاءُ جسمي
وتَسْلَمَ منه أخلاقي وَخيمي

وَإِنْ تقصر خُطَايَ، فرُبَّ خطْوٍ
قصيرٍ نمَّ عن خُلُق كريم

أما يمشي عبادُ الله هَوْنًا
كما في آية الذِّكْرِ الحكيم؟

أما تَعْدُو الأَرانبُ والهُوَيْنَا
تُمَثِّلُ مِشْيَة الأسد الشتيم؟

وليس العيبُ في ساقي ورُسْغي
لعمرُ أبيك، بل شَيْبِي غَريمي

إذا ما الرأُسُ شاب، فكلُّ طبٍّ
يضاعِفُ علَّة العضو السَّقيم

تزيد مفاصلي الإِبَرُ التهابا
كأنَّ المصلَ يُصْنَع من سموم

وقالوا: الشيب حَزْمٌ، قلت كلاَّ
سليمُ العقل في الجسم السليم

ومن شَغَفِي بلون سَوَاد شَعْرِي
أَلِفْتُ السُّهد في الليل البهيم

ولم أر مثل داءِ الشَّيْب أعْيا
أُناسًا يَصعَدون إلى النجوم

يئستُ من الوَرَى، وَوَثِقْتُ فيمن
يُعِيدُ الرُّوحَ في العظم الرَّمِيم

قضيت العمر أَمْقُتُ كلَّ ضعفٍ
فكيف مُنيتُ بالضعف المُقِيم

كفاني أَنَّني قد عشتُ حتى
سمعتُ هَزِيجَ غِرْبان، وبوم

وأني صِرتُ مطمعَ كلِّ عَادٍ
قليلِ الحَوْلِ ذي خدٍّ لطيم

وليس يرى الكريمُ أشدَّ وقعًا
عليهِ من معاداة اللئيم

وإنَّ الحرَّ تأبَى نَعْلُه أنْ
تصافحُ هامةَ العبد الزنيم

فلا يُنْكرْ أَخلائي سُكُوتي
ولا يعجبْ خصومي من وجومي

وأقبحُ ما تراه العين خَلْقٌ
دميمٌ نَمَّ عن خُلُقٍ ذميم

وسِرْحانٌ يقلِّدُ ليْث غابٍ
وقِرْدٌ يدَّعي لَفَتَاتِ ريم

وذُو قَلَمٍ تجِلُّ الفَأسُ عَنْهُ
يفاخرُ بالنَّثِير وبالنَّظيم

وبعض الناس ذُو وَجْهٍ صَفِيقٍ
ينافس بَرْدهُ بَرْدَ الحُسُوم

وبعض الناسِ عند الرَّجْمِ أولى
بِهِ من كل شَيْطَان رجيم

أقِيمي، أوْ فَرِيمي، يَا حَياتي
سواءٌ: أَنْ تُقيمي، أو تَرِيمي

إذا ما عِشْتِ في جِيل جديد
فإنَّكِ فيه أشْبَهُ باليتيم

وحسبكِ أن تَرَىْ حَدَثًا غَريرًا
إليك بنظرة شزْراءَ يُومي

إذا شابَتْ نواصي اللَّيْثِ، هَمَّتْ
فريستُه عليهِ بالهُجوم

قَلَبْنَا الموت وهْو على قِلانَا
له يشفى من الدَّاءِ العَقيم

إذا ما الطِّبُّ أفلس، كان طِبًّا
لِمَا استعصى عليه من الكُلُوم

لعمرك، قد يكون الموت أحْنَى
على الأَحياء من أُمٍّ رءُوم

ولم أر مثلَ طيف الموتِ ضيفًا
يُلِمُّ بساحة الحُرِّ المَضِيم


محمود غنيم

الحمدان
07-11-2024, 02:25 PM
كسوتُ الناس خزًا من ثنائي
وبتُّ من البلى أرفو كسائي

فوالهفي على أبيات شعر
أشيِّدها ولكنْ في الهواء!

أأنشئ كلَّ يوم ألفَ بيت
وأسكن بعد ذلك بالكراء؟

فلو طاب المقام ببيت شعر
إذًا لأقمتُ في أعلى بناء

إذًا لملأت شط النيل دُورًا
فلم تر فيه شبرًا من فضاء

وآويْتُ الأرامل واليتامى
ولم أتركْ شريدًا بالعراء

ولم أُوقع على السكان حَجزًا
ولو عَجَزَ الجميع عن الأداء

إذًا لملكت أحياءً بمصرٍ
تناطح دورها هام السماء

أطوف بهنَّ دارًا بعد دارٍ
فصيفي هاهنا، وهنا شتائي

ولكن لا مُقامَ ببيت شعر
يطيب، ولو بناه أبو العلاء

ألا، من يشتري أبياتَ شعري
بكوخ شِيدَ من طينِ وماء؟

فليس الطينُ أكرم من فؤادي
وليس الماء أغلى من دمائي


محمود غنيم

الحمدان
07-11-2024, 02:26 PM
وقفتُ أسائلها: ما لَها؟
وأبكى على البُعد أطلالَها!

سألتُ الرُّسومَ، كأن الرُّسومَ
تجيبُ على البعد سُؤَّالهَا

ودونَ «أجاديرُ»، خطبٌ يُصِمُّ
وَيشْغَلُ طارقُهُ بالَها

«أجاديرُ»، هل حان يومُ النَّشورِ
وزُلزِلَت الأَرضُ زِلزالَها؟

وهل بعثَ اللهُ مَنْ في القبورِ
وأخرجت الأَرضُ أثقالَها؟

عروسُ المدائنِ ماذا دهاها
بليلٍ فمزَّق أوصالها؟

وأرَّق بالهمِّ أسْحارها
وجلَّلَ بالغيم آصالَها؟

تفزَّعَت الشُّهْبُ في الأفق حينَ
رأتْ في «أجادير» ما هالَها

تهاوَتْ منازلُها مُعولاتٍ
فرَدَّدتُ البيدُ إعوالَها

ولم يُفلتِ الموتُ شُبَّانَها
ولم يُعتق الموتُ كُهَّالَها

ولم يرْهبُ الموْتُ شُبَّانَها
ولم يُعتق الموتُ كُهَّالَها

ولم يرْهبُ الموْتُ أسْدَ الشَّرَى
فغال الأسودَ وأشبالَها

ولم يرحمِ الموتُ ذاتَ سُوارٍ
قضتْ وهْيَ تحضنُ أطفالَها

تَوَدُّ لوَ أنَّ رسولَ المنايا
ترفَّقَ بالطفل واغتالَها

تباركتَ ربِّي! بَرأتَ النفوسَ
وقدَّرتَ في الغيبَ آجالَها

وكم لك في الكون من حكمةٍ
عن العقل أحكمْتَ أقفالَها

حنانيكَ ربِّي! تفَشَّي الدَّمارُ
على الأرض واجتاحَ نُزَّالَها!

تشقَّقَتْ الأرضُ عن جِنِّها
وساقتْ إلى الإنس أغوالَها

وصبَّتْ عليها السَّماءُ شواظًا
من النَّار تطلُبَ إشعالَها

«أجاديرُ» راع الوجودَ أساها
ونالَ العروبةَ ما نالَها!

إلاَ في سبيل العروبةِ بانٍ
يُقوِّمُ بالفنِّ ميَّالَها!

وكفُّ طبيبٍ تكُفُّ دماءَ
بنيها، وتحِقنُ سيَّالَها!

ومالٌ يجودُ به أريَحيٌّ
على أسرة فقَدَتْ مالَها!

فآلُ «أجادير» إخوانُنا
بأرواحِنا نفتدِي آلهًا

يقينُ بنيها على حالِهِ
وإنْ غيَّر الدهرُ أحوالها

لنا كاهلٌ حينَ تُلقى الخطوبُ
عليه ترَى فيه حمَّالَها

إذا الشرقُ طافَتْ به محنةٌ
فكم عَرَكَ الشرقُ أمثالَها

شعوبٌ صحَت بعد طول الكرى
تُعبِّئُ للمجد أبطالها

وتَنزعُ عن جيدِها طوقَها
وتقذِفُ في البحرِ أغْلالَها

ومِنْ مقْتِها للقيود تكاد ال
فتاةُ تحطِّمُ خَلخَالَها

لقد أقسَمَتْ أمَمُ الشرق ألاَّ
تهادِنَ من رام إذلالَها

فصار السلاحُ سوارَ الفتاةِ
ولَهوَ الضَّبيِّ إذا ما لَها

وكم أمَّةٍ ظنَّتْ الشرقَ مَرْعًى
خصيبًا فخيَّبَ آمالَها

حَدتْها إليه أمانٍ عراضٌ
فعادتْ تُلَمْلِمُ أذيَالَها


محمود غنيم

الحمدان
07-11-2024, 02:27 PM
قالوا: المعلمُ. قلت: لَستُ أُغالي
إن قُلتُ: هذا صانِعُ الأَجيالِ

إن قلتُ: صوَّرها، وأَبَدَعَ خَلْقَهَا
لم يُغضِب الرَّحمنَ صِدقُ مقالِي

نُورُ المعلّمِ نفحةٌ قدسِيَّةٌ
من نُورِ وَجْه الخَالِق المُتعالي

وصَداهُ من صَوْت الإله، كأنَّهُ
إن رَاحَ يُطلِقُه أَذانُ بِلالِ

صَنَع الصواريخَ المُبِيدةَ غيرُهُ
وعلى يَدَيْه يتم صُنعُ رِجالِ

أبدًا يُبشِّر بالسَّلام، وليس مَنْ
بَيْنِي السَّلام كقَاطِع الآجالِ

جُنْدِيُّكِ المَجهولُ يا مِصْرُ الذي
لا فِي البُكورِ يَنِي، ولا الآصَال

في ساعة الجُلَّي يَجِئُ مَشَمِّرًا
وَيَغِيبُ ساعَ قِسْمةِ الأَنْفالِ

كم أَغَفلُوه، فما تَراءَى شاكِيًا
أو باكِيًا من عِلّة الإغفالِ

حَسْبُ المعلِّم: راحةٌ نَفْسِيَّةٌ
تغنيه إذْ يَشْكُو من الإِقلالِ

ما بَعْدَ تَقويمِ النُفوسِ سَعادةٌ
أو بعد مَحْوِ جَهالةِ الجُهَّالِ

ما ضَرَّه عِرْضٌ سلِيمٌ فوقَه
ثَوبٌ رخِيصٌ، أو قَمِيصٌ بَالِي

كَمْ مكثِرٍ ما نَالَ من إكثارِهِ
إِلا ازْديَادَ الهَمِّ والبَلْبالِ

فِيمَ الشّراءُ الجَمُّ؟ ليس لمَيِّتٍ
كفنٌ به جَيْبٌ لحِفْظِ المَالِ

ولقد قَضيتُ العُمرَ أطْبَع فِتْيَتِي
طَبْعًا على كَرَمٍ، وحُسْنِ خِلالِ

كم كُنتُ أحبُوهم بَعْطِفي دائِمًا
لا فرقَ بَيْنَهُمُو وبَيْن عِيالِي

حَسْبِي فَخارًا: أن أقدِّم للحِمَى
من فِتْيَتِي بَطَلاً من الأبطالِ

يا رُبَّ أروعَ ماجدٍ صادَفْتُه
فسألتُ عنه، فَكانَ من أنجالِي

أمْسَى يُبادِلُني الوفاءَ بِمِثْلِهِ
إن الجَمِيلَ يُكالُ بالمِكْيالِ

كانوا تَلامِذَتِي، فَصَارُوا إخْوَتي
وأعزَّ أصحابِي، وأَكرمَ آلِي

أنَّى اتجهتُ، وجدتُهم بِيَ أحْدَقُوا
«مِنْ عَنْ يَمِينِي تارةً وشِمالِي»

يا مُنْصِفي العُمَّال، هلاَّ زِنْتُمُو
باسْمِ المُعَلّم صَفحة العُمَّالِ

هو عاملٌ، بل راهِبٌ مُتَبَتُلٌ
صُوَرُ العِبادة جَمَّةُ الأَشكالِ

يا رُبَّ دَرْسٍ واحدٍ أربَى عَلَي
تَسْبِيح أَيَّامٍ، وذِكْر لَيالِي

وَلَرُبَّمَا نَسِيَ المُعَلِّم نَفْسَهُ
وَجَنَي عليه جهِادُه المُتَوالِي

ولقد يَنامُ وكُتْبُه من حَوْلِهِ
فكأَنه مِنْهُنَّ بين تِلالِ

وَبَبِيتُ يَهْدِي بالدَرُوسِ، كأَنَّه
في الفَصْل بين إجابةٍ وسُؤال

أو نازِلٌ بجَزِيرةٍ، أو سابحٌ
في البحر بين الرَّأسِ والشَّلاَل

أو غارِقٌ مع خالدٍ أو طارقٍ
في الحَرْب بين صَوارمٍ وعوالي

أو منْشِدٌ للنَّشْءِ شِعْرَ حماسةٍ
أَو نادِبٌ طَلَلاً من الأَطْلالِ

أو بَيْن أهرامٍ، وبَيْن دَوائرٍ
مَجْهُولةِ الأحْجامِ والأطْوالِ

أو بين أفعالٍ صَحاحٍ ما شَكَت
عِللاً، ومُعْتلٍّ من الأَفْعالِ

ناد المعُلّم قبل آسادِ الشَّرَى
يا ابنَ العرين، ويا أبَا الأشْبال

رَسَنُ الشَّبيبَة في يَدَيْك، وإنَّها
حَبلُ الرَّجَاءِ، ومَعْقِدُ الآمالِ

قَدِّرْ خُطاَكَ؛ فأنتَ وحدَك قُدْوةً
للنَّشْءِ في الأقوالِ والأعمالِ

لَيْسَ المدرِّسُ ناجحًا في دَرْسِه
ما لم يكُن للنَّشْءِ خَيرَ مِثالِ

لو قدَّر اللهُ الكمالَ لغَيْرِه
قُلْنَا له: استَمْسِك بكُل كَمالِ

ما حلَّ من عبَثٍ لَغْيرِك، فَهْو في
شَرْع الوَرَىْ لك أنتَ غَيْرُ حَلالِ

النَّاسُ تَصفَح عن سِواكَ؛ وإنَّما
يَزِنُون ذَنْبَك أنتَ بالمِثْقالِ

أقسمتُ، ما جَارُوا عَلَيْك؛ وإنَّما
وضَعُوك منهم مَوْضِعَ الإِجْلالِ

لا تَشْكُ من عَنَتِ الحَياةِ، فإِنَّما
شَكْوَى العَزِيز بِدَايَةُ الإذْلاَلِ

أوَ مَا نَظَرتُ إلى المهندسِ كادِحًا
في القَيْظِ بين جَنادِلٍ ورِمالِ

وإلى الطَّبِيبِ يَعِيش طِيلَةَ عُمْرِه
ما بين حَشْرَجَةٍ؛ وبَيْن سُعالِ

ولرُبّ قاض تَنْقَضِي أيامُه
في صُحْبَة السَّفَّاكِ والنَّشَّالِ

وتعيشُ أنتَ مع المَلائِك ناعمًا
في الخُلْد بَيْن أَرائكٍ وظِلالِ

خدَعَتْك نفسُك إن ظَنَنْتَ سِوَاكَ مِنْ
شَتَّى الطَّوائِفِ مُستَريحَ البَالِ

الكُلُّ شَاكٍ حَظَّه، مُتَبَرِّمٌ
هَيْهَاتَ أن يَرضَى الأنامُ بحالِ

والحُرُّ مَنْ حَمَل الحَياةَ بمَنْكِبٍ
كالطّوْدِ لا يَشْكُو من الأثْقالِ

يأيُها الجُنْدُ الأُلَى ما زَيَّنُوا
صَدْرَ الجِهاد بأنْجُمِ وهِلالِ

هلاّ قَبِلْتُم نُصحَ خِدْنٍ سابقٍ
لم يَسلُ شِكَّتَه، ولَيْسَ بِسالِ

إن كان أعياهُ النِّضالُ، فرُوحُه
وشُعورُه مَعَكم بكُلّ مجال

رَبُّوا الشَّبابَ على الفَضيلة إنَّها
هي زَينُ مُزْدَانٍ، وحِلْيَةُ حَالِ

ما الدِّينُ خَصْمٌ للحَضَارة؛ بل هُمَا
صِنْوانٍ، بل جَسَدَان في سِرْبالِ

قُولُوا لهم: إن الصَّلاةَ رياضَةٌ
ووقايةٌ من فِتنَةٍ وضَلالِ

قُولُوا لَهُم: إنَّ الحَنِيفَةَ وَحْدَهَا
كَانت ذَخيرةَ فَاتِحيِن أوَالِي

«اللهُ أكبرُ» طَلْقةٌ ذَرِّيَّةٌ
مَلَكَ الوُجُودَ بها رُعاة جمال

ما حَقَّق الأهدافَ إلاّ أُمَّةٌ
رَسَخَتْ عَقِدَتُها رُسُوخَ جِبالِ

وإذا أُصِيْبَ الشَّعْبُ في إيمانِه
فانْدُبْه في نَوْحٍ، وفي إعوالِ

وإذا هو انحَلَّت عُرى أَخْلاقِه
لم تُجْدِ فيه حِيلةُ المُحْتالِ

ما طاف طائِفُ الانْحِلالِ بأُمَّةٍ
إلا وآذَنَ نَجْمُها بِزَوالِ

حُلُّوا لنا عُقَدَ الشَّبابِ جمِيعَها
فَلَطَالَمَا استعْصَت على الحلاَّلِ

غُوصُوا بأغْوار الشبِيِبَة، وانْفُذُوا
من كُلّ بَابٍ مُحْكَم الأقْفالِ

فإذا عرفْتُمْ أين يَكمُن دَاؤها
فاستأصِلُوه أيَّما استِئْصالِ

أنتُم إذا عَجَزَ الطَّبِيبُ أُساتُها
من كلّ داءٍ في النُّفوس عُضالِ

لا تَيْئَسُوا من بُرْءِ ذي سَقَمٍ، وإن
طالَ العِلاجُ عليه أيَّ مَطالِ

كان الصُّعودُ إلى السَّماء خُرافةً
كُبْرَى، فَصارَ اليوم غَيرَ مُحالِ

واستَأنِسوا الأطفال في حَلقَاتِكُم
بِبَراءةٍ كبَراءةِ الأطْفالِ

بِحَنانِ وَالدِةٍ، ورِقَةِ وَالدٍ
ومَحَبَّةِ الأعْمام والأخْوالِ

وأحقُّ مَنْ ساسَ الصِّغارَ مُحَنكٌ
صَقَلَتَهُ دُورُ العِلْم أيَّ صِقالِ

يا وَاقِفين على السَّلام جُهُودَهُم
قُودُوا الصُّفوفَ بِعَزْم هانيِبَال

دِيسَ العَرينُ؛ فأغمدُوا أقلامكم
وتَقَلَّدُوا بأسِنَّة ونِصالِ

ومنَ البليَّةَ: أنّ جَوَّ السّلْم لا
يَصْفُو بِغَيْر مَعارِكٍ وقِتالِ

العِلم عُنوانُ السَّلامِ، وإنَّما
هُمْ أفسَدُوه بسُوءِ الاسْتِعْمالِ

أنتُم لعَمْرِي مُشْعِلُو الثَّوراتِ في
قَلْبِ الحِمَى، وبُناةُ الاسْتِقْلاَلِ

وأعزُّ ما مَلَكَ الحِمَى من ثَوْرَةٍ
ومُحَارِبُو الفَوْضَى والاسْتِغَلالِ

ومُحَطِّمُو الأغلالِ عن سَاقِ الحِمَى
من بعد ما وَرِمَتَ من الأَغْلالِ

ومُوَحِّدو شَمْلِ العُرُوبة، وَهْوَ مِنْ
طُولِ الشِّقاق مُمزَّقُ الأوْصالِ

والنازِلُونَ إلى مَيادين الوَغَى
كالأُسْدِ حين تَقُولُ مِصْرُ: «نَزالِ»

والمُرخِصًون نفُوسَهم في حُبِّها
ولِمْصرَ يَرخُص كُلُّ شَيْءٍ غالِ

والكاتِبُون لها صَحَائِفَ مَجْدِها
يَوْمَ الكَرِيهَة بالدَّمِ السَّيَّال

وعلى يَدَيْكم سوفَ يَنْتَصِر الحِمَى
وتَعُودُ أمجادٌ لمِصْرَ خَوالِي

وتَذُوقَ ما ذَاقَ التَّتَارُ عِصَابَةٌ
هي في الشَّراسَةِ مَضْربُ الأمثالِ

ويُحَقِّقُ اللهُ الرجاءَ؛ فلا نَرَى
في القُدْس للصِّهْيَوْنِ طَيْفَ خَيالِ

واللهُ لا يَنْسَى كِنَانَتَهُ! وكَمْ
للهِ إمْهالٌ بِلاَ أهمالِ

حَمَل الأمانَة أنورٌ، ولأنْوَر
كَتِفَان تَضْطَلِعَان بالأحْمالِ

عرفَتْهُ مِصْرُ بَل العُروبَةُ كُلُّها
خَوَّاضَ أهوالٍ، وحِلْسَ نِضالِ

اليُمْنُ والإقبالُ من حُلَفَائِه
لا زَالَ حِلْفَ اليُمْنِ والإقبالِ

إن غاب عن مِصْرٍ جَمالٌ واحدٌ
فبِمِصْرَ يَوْمَ الرَّوْع ألفُ جَمالِ


محمود غنيم

الحمدان
07-11-2024, 02:28 PM
أيها الهادي إلى وادي الفناءِ
أملي المعسول في واديك طاحْ

شدت في وهميَ صرحًا من رجاءِ
فإذا صرحيَ تذروه الرياحْ

لكأني قمت أجتاح الجبالْ
أو تعلَّقتُ بأسباب القمرْ

أو طلبت النجم في وقت الزوالْ
وافتقدت الشمس في وقت السحرْ

لا، لعمري، أنا ما رمتُ محالا
غير أنَّ الناس في الدنيا طباعْ

كلفتني بسطة العيش ابتذالا
وأديمُ الوجه غالٍ لا يباع

ليس أغلى من إبائي في يديَّا
فليمدَّ الدهر للباقي يديهِ

أنا لا أطلب غير القوت شيئًا
وإذا ما عزَّ لا أبكي عليهِ

ما ألذَّ العيشَ في ظل الأملْ
فاسبحي، يا نفس، في جوِّ الخيالِ

لا تقولي: «ليس»، بل قولي: «لعلّ»
وتعالَيْ نئدُ اليأس، تعالي


محمود غنيم

الحمدان
07-11-2024, 02:28 PM
يا جيرةَ النيل، حيَّا الله مقدمكمْ
لسنا نعدُّكمو في مصرَ ضيفانا

لقد نزلتم برهط من عشيرتكم
وزرتمو بدلَ الأوطان أوطانا

لما نزلتُم على الفصحى بدارتها
كادت ترحِّبُ آساسًا وجدرانا

إنا نكرِّم في أشخاصكم وطنًا
لو صُوِّرتْ مصرُ عينًا كان إنسانا

النيل قد وحَّدَ الرحمنُ واديَهُ
ففيم نقْسِمُهُ: مصرًا وسودانا


محمود غنيم

الحمدان
07-11-2024, 02:29 PM
أفتَلَك عاقبتي وذاك مآلي؟
خُطُّوا المضاجِعَ، وادفِنوا آمالي

لا تخدعوني بالمنى وحديثها
قد كان ذلك في الزمان الخالي

ولقد برِمْتُ بمصرَ حين وجدتها
قبرَ النبوغ، ومسرح الجهَّال

بلدٌ تسربل بالحرير جهولُه
ومشى الأديب به بلا سربال

أبصرتُ باب الرزق فيه مفتحًا
وإلا عَليَّ، فمحكمُ الأقفال

إن شئت أن تحيا بمصرَ، فلا تكن
حيَّ الضمير، تعشْ خليَّ البال

واركع هناك أمام كل رياسة
وَلَوَ أنها خُلعت على تمثال

واظفَر بذي جاهٍ تعشْ في ظله
أو عش بلا جاه، ولا أموال

خلّ النعيم لمعشر خفضوا له
هاماتِهم، ما للنعيم ومالي

الله يعلم، لو أردت بلغته
لكنَّ ماء الوجه عنديَ غال


محمود غنيم

الحمدان
07-11-2024, 02:30 PM
دعِيني أَنْجُ من دنيا الهُمُوم
وفي ملكَوت عرشِ الله هِيمِي

دعي خُدَع المُنَى يا نفس؛ إِنِّي
أريد البحثَ عن عيشٍ كريم

لقد مَنَّيْتِني دهرًا طويلاً
فعُدتُ؛ وما حصدتُ سوى هَشيم

فأعْطيني مقادَك، واتْبَعيني
أقُدْكِ إلى الصِّرَاط المستقيم

ألا، يا نفسُ، لو تصفينَ يومًا
لكنتِ أرقَّ من مَرِّ النسيم

وطِرْتِ بخَافيَات من ضياء
ولم تمشي على ظَهْر الأديم

وكدتِ تُحَلِّقين مع الثُّريَّا
وتَتَّخِذِين بُرْجًا في السَّدِيم

وأدركتِ الذي لا تحتويه
بطونُ الكُتْبِ من شَتَّى العلوم

ولم تخْفَ الحقائُق عنكِ مهما
خَفِينَ عن المدارك والفُهُوم

ولم يصرفكِ عن أُخْرَاكِ شَيْءُ
وغيرَ رضاء ربِّكِ لم تَرُومي

ألا، يا نفسُ، وَيْحَكِ! لَسْتِ نفسي
إذا حاولت نَيْلاً من غريمي

فَسُلِّي الضّغْن من جَنَبَات صدري
وَرِقِّي للأَحبَّة والخُصوم

وكوني: من حَبَاب الماء، أو من
عَبِير الزَّهر، أو ألق النُّجوم

إذا ما الحَرْبُ حول الزَّاد قامتْ
فخَلِّي الزادَ ناحيةً، وصُومي

دَعينِي لا أعِشْ إلا بِرُوحي
فقد كُتِبَ الفناء على الجُسوم

أحِبِّي كلَّ حيّ؛ لا تخصِّي
بحبِّكِ كلَّ ذي وجه وَسيِم

مَتَى، يا نفسُ، لا تُبدِين زهوًا
بما أحرزت من حَطٍّ عظيم

متى ألقاك لا تُلْقِين بَالالما
يعرُوك من خَطْب جسيم

يكون الكونُ حولكِ مُكْفَهِرًا
وتبتسمين عن دُرٍّ نظيم

بربك، كم شربتِ كئوسَ راح
مُشَعْشَعَة، وأخرى من جحيم

فهل كان الأسى والبِشْرُ إلاَّ
كأطياف السَّحَائب والغُيوم

وكل لَذَاذَة تفني، وَيَبْقَى
متاعُ الخُلدِ في دار النعيم

إذا دَجَت الحوادث؛ فاستضيئي
بنور اللهِ في الليل البَهِيم

ودُومي إن أردت الله ذُخْرً
على التَّقْوى، وعنها لا تَرِيمي

ولا تُصْغي إلى همس الأماني
وإلا، عشْت في همٍّ مُقيم

وحسبُك سَلْسَلُ الفردْوس راحًا
وسِرْبُ الحور حَسْبُك من نديم

وأين الحورُ من نَدْمان سوء
وخمر الخلد من حَلَبِ الكروم

إلى الله اتَّجهتُ بكلِّ قلبي
وأسأَلُه العادة للُعمُوم

سألتُ الله للمُثْرى مزيدا
من النُّعْمى، ويُسْرًا للعديم
١
سألتُ الله يَمْحُو الدَّاءَ محْوً
فلا تقع العيونُ على سقيم

سألتُ الله للعَانِي انطلاقًا
وعطفَ أب وأُمٍّ لليتيم

سألتُ الله الدنيا سلاَمًا
يعيشُ الليثُ فيه مع الظَّلِيم

ولولا أنني أدْرَى بقدري
سألتُ الله في أهل الجحيم

وقلت له: أتُصْلي الناسَ نارًا
وقد سمَّيْتَ نفسَك بالرحيم


محمود غنيم

الحمدان
07-11-2024, 02:30 PM
تجلَّى على الأرضِ عدلُ السَّماء
يرفُّ بأجنحةِ من ضياء

ملاكٌ يمسُّ بكف الحنانِ
جبينَ الشقيّ؛ فيمحو الشقاء

ويخفضُ للضعفاء الجناحَ
ويعصفُ كالريح بالأقوياء

ألا إنما الناسُ من آدمٍ
وآدمُ كلُّ بنيه سواء

أصيغ امرؤٌ من نُضارٍ وطيبٍ
وصيغ امرؤ من تراب وماء

تباركتَ ربي! أأنت قسمت
عبادك بين ذئابٍ وشاء

أمِن بعض خلقك أنت صنعتَ
عبيدًا، ومن بعضهم أمراء

ودينُك دينُ المساواة وهْوَ
من الطبقات لعمري براء

سننت الشرائعَ من أجلها
وأرسلت من أجلها الأنبياء

أيبشَمُ بالزاد جوفٌ، وجوفٌ
يعُزُّ عليه فتاتُ الغذاء

ويكرُع قوم عتيق المُدامِ
وقومُ إلى كأس ماءٍ ظِماء

ويفترشُ الخَزَّ جنبٌ، وجنبٌ
إذا نام لم يلق إلا العراء

إذا الفقرُ كان جزاءَ الفقير
فما بال أطفاله الأبرياء

وما ذنبُ طفلٍ تَخُطُّ الحياةُ
له صفحةَ البؤس قبل اللقاء

وما فضل طفلٍ إذا ما استهلّ
تلقتهُ في المهد أيدي الإماء

وما شاد هذا صروح السلامِ
ولا اعتاد ذلك سفكَ الدماء

ولو ساد في الأرض عدلُ السماءِ
لعاش الأنام بها سعداء

لقد جلب الفقر حبُّ الغنى
وعجَّل بالموتِ حبُّ البقاء

وما ضنَّ بالدَّر ضرعُ السحاب
ولا شحَّ بطنُ الثرى بالنَّماء

ولا شكَت الأرض من حملها
ولا ضاق بالناس رحبُ الفضاء

ولكن تفشّى السُّعارُ، فكان
ضحيَّةَ هذا السُّعار الرخاء

تباركتَ يا بارئ الكائناتِ
لكَ الأرضُ تورثُها من تشاء

تحكَّم في أرضك المالكون
وشنُّوا الحروب على الأُجراء

فلما قضيتَ بردِّ الحقوق
إلى أهلها، أجهَشُوا بالبُكاء

لحُكمك هم أعلَنوا كارهين
ولو قدرُوا ناصَبُوك العداء

ألا أيُّها المالكون، كأنِّي
بكم تتحدَّون حُكم القضاء

وللهِ في العدل سرٌّ خفيٌّ
دعوني أُزلْ عنه بعضَ الخفاء

رضاءُ المكافح عنكم ثراءٌ
إذا فاتكم فأنتٌ من ثراء

ولن تأمنُوا شرَّهَ الجائعينَ
إذا السُّخطُ حلَّ محلَّ الرضاء

وكم أهلك المالُ من حَازهُ
إذا المالُ لم يقترن بالسخاء

دعُوا الأرض يملكُها الكادحون
فما خُلقت لسوى هؤلاء

هم استخرجوا التِّبر من بطنها
وعاشوا على ظهرها أُسراء

همو قطعٌ من ثراها تَدبُّ
عليها، وهُم صحبُها الأوفياء

مساكنُم هي طول الحياةِ
وأجداثُهم هي بعد الفناء

وشاطئهُم إذْ يحلُّ المصيفُ
ومدفؤهم إذ يحلُّ الشتاء

وديوانهم هي عند الصباحِ
ومضجعهم هي عند المساء

إذا ما غفوا فهْيَ نعم الوسادُ
ونعم الوِطاءُ، ونعم الغطاء

ومن تُربها يُنضجون الطعامَ
ومن عشبها يَنسجون الرداء

يعيشون، ليس لهم في سواها
ولا في سوى من دحاها رجاء

وإن أجهدت زراعًا أرضهُ
فأعيا، شفته بطيب الهواء

ولم يلتمس من سواها علاجًا
فكانت هي الداءَ وهْي الدواء

لأنعامها ودُّهُ صافيًا
ويا رُبَّ ودٍ بغير صفاء

وتهفو السَّوامُ إليه، كما
هفا الأصدقاء إلى الأصدقاء

ويقنعُ من عيشه بالكفاف
ويجزي عليه بحسن الثَّناء

ويدعو السماءَ لمن حرَّروهُ
فتفتحُ أبوابها للدعاء

أيا حارثَ الأرض، ما نُؤتَ يومًا
بما لو تحمَّله الطَّودُ ناء

صبرتَ على عنت الدهر دهرًا
طويلاً، فجُوزيتَ حُسن الجزاء

دعوتَ جمالاً، فلبَّى جمالٌ
ومن كجمالٍ يلبِّي النداء

إذا الضُّعفاء أهابوا به
يَهبُّ إلى نجدة الضعفاء

وتمضى به عزمةٌ من حديدٍ
تُفسِّرُ للسهم معنى المضاء

إذا ما مشى قُدمًا في الطريق
فلن يتلفَّتَ نحو الوراء


محمود غنيم

الحمدان
07-11-2024, 02:31 PM
مرَّ القطيعُ بأرض طاب منهلُها
وعُشبها، فاستقى من مائها، ورَعَى

فصاح راعيهِ: هيَّا، يا قطيع، بنا
نفلتْ من اللصِّ، إن اللصَّ قد طلعا

فقالَ كبشٌ له: ما الفرق بينكما؟
كلاكما يبتغي من لحمنا شِبَعا

دعنا له، وانج إن أحببتَ منفردًا
فلستَ أكثرَ زهدًا منه أو ورعا

نِعْم الفِرارُ الذي أقبلتَ تَنْشُدُه
لو كان ينقذِنا منه ومنك معًا


محمود غنيم

الحمدان
07-11-2024, 02:32 PM
الله أكبر! شعبٌ قام شاعرُه
يَشْدُو، فأَنْصَت الأيكِ طائرْه

شعبُ العروبة صان الله وحدتَه!
تُحصَى النجومُ، ولا تُحصَى مفاخرُه

إن خطَّ أو سوَّد التاريخُ سيرته
تهتزُّ من روعة الذكرى مشاعره

إن كان ماضيه بالأمجاد محتشدًا
فما تخلَّى عَنِ الأمجاد حاضره

كالكرم طاب جنيً في كف قاطعه
وزاد من طيبه في الدَّن عاصره

مجدُ العروبة مرهونٌ بوحدتها
والخُلْف أوله ضعفٌ، وآخره

هيهات ينهض شعب بعد كَبْوتِه
إلا إذا اتحَّدتْ قلبًا عناصره

والشعبُ وحدتهُ أقوى ذخائره
يوم الحقيقة إن عُدَّت ذخائره

هي السلاحُ بيمناه إذا خَمَدَتْ
نيران مِدْفعه، أو فُلَّ باتره

يا رُبَّ شعب شتيتِ الشمل منقسم
من ضعفه قُلِّمَتْ منه أظافرهُ

ما عاش يومًا وإن طال الزمان بهِ
بل دُورُه حين تأويه مقابره

له من الوطن المحتلِّ مغفرة
إذا أقام، وللمحتلِّ عامره

يعيش في داره عبدًا لآسره
الطفل زاجرهُ، والعبدُ آمرُه

من يرضَ بالعيش في ظل الهوان، فلا
آوتْه أرضٌ، ولا قرَّتْ نواظره

والمرء تُشقيه يمناه، وتُسْعدُه
وإن تكنْ بيد المولى مصايره

للعُرْب دين على التوحيد مرتكزٌ
إليه باطنُه يدعو، وظاهره

ما سرُّ قوته في غير وحدتهِ
على مبادئها قامَتْ شعائره

حَسْبُ ابن آمنةَ الزهراءِ معجزةً
شعبٌ على يده انضمَّتْ عشائره

مازال يَخْبِطُ في دَيْجُور فُرْقتهِ
حتى تألَّفَ بالإسلام نافره

تمَّت على نَغم القرآن وحدتهُ
كأنما سحَرَ الألباب ساحره

وطبَّق الكونَ طيْفٌ من مهابتهِ
وأوْغَلَتْ في نواحيه عساكره

إن يذكرِ العَرَبَ ارتاعَتْ قياصِرهُ
وبات يخفقُ من رُعْبٍ أكاسره

شعب من البيد ظهْرُ العِيسِ مَرْكَبُه
أطاعه الكونُ: باديه، وحاضره

البَرُّ من خيلهِ يَرْتَجُّ يابسُهُ
والبحر من سُفْنِه يهتَزُّ زاخره

قم سائل البحرَ بحرَ الرومِ: هلِ عَجبتْ
أمواجُه وفتى الصحراء عابره

مَنْ علَّم البدويَّ الماء يركبُهُ
فراح يَمْخُرُ لُجَّ البحر ما خره

ما كان يعرف إلا الماء منسكبًا
من الغمامِ إذا ما جاءَ ماطره

حتى إذا اشتَدَّ بالتوحِيدِ ساعِدُهُ
مَشَى على الماء تَعْلُوه دساكره

لولا معاقلِ قسطنطينَ، لانطَمَستْ
آثارُ دولتهِ، وانْفَضَّ سامرهْ

سَلِ العروبةَ في شَتَّى مرابعها
عن مَجْد أوَّلها: هل عاد داثره

إِنِّي لألمحُ في آفاقها ألقَاً
مِنْ فجرِ نهضتها لاحَتْ بشائره

إنْ صحَّ ظنيِّ، فإن النصرَ عن كثَب
من شعبها. لِمَ لا، والله ناصره

شعبٌ تخلَّص من أغلاله، ومَضَى
يجرُّ ذيلَ رداء الذُّلِّ آسره

ففي الكنانة: شعبٌ صان حَوْزتها
يوم القناةِ في الذُّؤْبَانِ كاسره

وفي الجزائر: شعبٌ شنَّ معركةً
على المظالمِ خاضَتْها حرائره

وفي الشآم: وئامٌ لا يزال على
رغم الحوادثِ ما انْبَتَّتْ أواصره

وعبرَ دِجلة شعبٌ قامَ قَوْمتِهُ ال
كُبْرى، وثار على الطُّغْيان ثائره

وحَوْلَ صنعاء: جيشٌ ثَلَّ قائدُهُ
عرشًا يُتاجرِ بِاسْمِ الدين تاجره

هي العروبةُ، عينُ الله تَكْلَؤُها
ما دَارَ في الفلك الدوَّارِ دائره

أبناءَ يَعْرُبَ، هذا اليومُ يومُكمو
يومٌ أغرُّ، صَبيحُ الوجهِ، ناضره

عَهْدُ السلاسل والأغلالِ قد ذهبت
أيامُه السُّودُ، وانجابتْ دَيَاجِره

بالله، لا تُنْسِكم أعْرَاسُ نصركمو
خصمًا عنيدًا، وأقوامًا تؤازره

على تُخومِكُمُو، يا قوم، عن كثب
خَصْمٌ أَلدُّ خَئُونُ العهد، تحاذِرُه

وكيف نأمَنُه والسُّمُّ في فمه
وليس يزحفُ إلا وَهْوَ فاغره

وكيف نأمن قومًا لا أمان لهم؟
إني أرى كيدَهم تبْدُو بوادره

نارُ العداوة يَصْلاها مُؤَجِّجُها
والجُبُّ يسقط في مَهْواه حافره

صَفُّوا سرائرَكم من كلِّ شائبة
تصفُو الحياةُ لمن تَصْفُو سرائره

لا تذكُرُوا خَطَأَ الماضي وحَوْبتَهُ
ما كان من خطإ فالله غافره

تُنسَى الذنوبُ مع القُرْبى وإن عَظُمت
إن الشَّفيقَ صغيراتٌ كبائره

إن الإخاء إذا ما الإخوةُ اختصموا
على الخصومة مُرْخَاةٌ ستائره

إن يلتئمْ شملُكُم، لاَنَ الحديدُ لكم
كما يُلينُ الحديدَ الصلبَ صاهرُه

إن تطلبوا المجدَ؛ فالصاروخُ مُنْطَلِقًا
ووَحدة الصَّفِّ، والشورى مصادره

كأنني ألْمَحُ التاريخَ، مُنْتَضِيًا
يراعَهُ، وبيمناه دفاتره

كما اطَّلعتُم على تاريخ غابرِكم
تاريخُكم في غدٍ تُتْلَى محاضره

جمالُ، تَمِّمْ لشعب الضادِ وحدتَهُ
فإنما هي حَبٌّ، أنت باذره

لا خصمَ للعُرْب مهما عَزَّ جانِبُه
إلا وأنت بعونِ اللهِ قاهره

ينام شعبُك في أمْن، وفي دعةٍ
وأنت وَحْدَك طولَ الليلِ، ساهره

أقسمتُ، ما عادت الأَهرامُ مفخرةً
للنيل، بل إن فَخْرَ النيل ناصره

سَيْفُ العروبة، سيفُ اللهِ أنْتَ، ولن
يُفَلَّ سيفٌ إلهُ العرشِ شاهره


محمود غنيم

الحمدان
07-11-2024, 02:33 PM
جزع الشرق، وأجرى أدْمُعَهْ
ليت شعري: أيُّ خطب رَوَّعه

لا تلوموه على تَذْرافها
فيلسوف الشرق خَلَّى موضعه

شيَّع الفجرَ لعمري باسمًا
والضحى في رأده من شَيَّعَه

كفِّنوا العقادَ في أسفاره
وادفنوا المِرْقَم والطِّرْس معه

لست أدري أشهابًا كان أَمْ
عَيْلَمَا أم راهِبًا في صومعة

عالم بل عالَمٌ في رجل
ليت شعري أيُّ قبر وسعه

سائلوا العلَّة هل أوْدَتْ به
رغم سبعين وخمس مسرعه

لا تقيسُوا بالليالي عمرَهُ
بل سلوا في أي شيء قطعه

لم يَسَلْهُ سائلٌ عن معضل
حَيَّر الأَفهام إلاَّ أقنعه

مَاله اليومَ طويلاً صمتُه
أي شيء عن جوابي منعه

صرَعَ الموتُ فتًى لم يستطع
خصمُه في حَلْبَة أن يصرعه

لستَ تدري أهو يَحْشُو طرْسه
أحْرفًا، أم هو يحثو مدْفعه

وسلاحاه يَرَاعٌ مُرْهَفٌ
ودليلٌ بَيِّنٌ، ما أنصعه

ذو يراع حين يأسو علَّةً
يزدري كلُّ طبيبٍ مبضعه

دولة الألفاظ في خدْمَته
إنْ دعا اللفظةَ جاءت طيِّعَه

نافذُ الطعنة إن شاكَ به
أضْلُعَ الجبَّارِ تقْصِفْ أضلعه

إن يسلطه على نجْم هَوَى
أو على أركان طوْد صَدَّعه

رُبَّ حقٍّ صانه أو بَائِس
ذاد عنه أو سَفيه رَدَعه

رب غِرٍّ رام منه لفْتةً
فرماهُ بالنُّعُوت المقذعة

نخلةٌ دَبَّتْ عليها نَمْلَةٌ
وَخضَمٌ فيه نَقَّتْ ضِفْدَعه

شتم الأعرجُ طوْدًا شامخًا
حينما أعجزه أن يطلعه

إن عرض الحر مرعًى مُخْصبٌ
يجد الوالغ فيه مرتعه

سائلوا ذئب الغضى في جحره
مَنْ على الأُسْدِ الضواري شجَّعه

ينزل الليث إلى ليث ولا
تجمع الليثَ بهرٍّ مَعْمَعَة

قلم العقاد سيفٌ باترٌ
لم يجردْهُ ابتغاءَ المنفعة

لم يجرعْهُ كُئوسَ الشَّهد بَلْ
كم كئوس من زُعَاف جَرَّعَه

العصاميُّ الذي يأبى سوى
كفِّه نحو العلا أن تدفعَه

العَيُوف النفس لو ألبسه
غيرُهُ ثوبَ خُلود خلعه

يَابِسٌ بل شَامِس؛ لم تستطع
رغبة أو رهبة أن تخضعه

لا تلوموه على أخلاقه
هكذا رَبُّ البَرَايا طَبَعَه

هكذا صوَّرهُ بارئهُ
وعلى مقلتهِ قَدْ صنعه

عاش في عصر الشفاعات فما
شقَّ إلا بِيَدَيْه مهْيَعَه

وهْو كم من نَابه أخْمَلَهُ
وأديبٍ من حضيض رفعه

لا يحط الدهرُ مَنْ يرفعُه
لا ولا يرفع قَدْرًا وضعه

يجد الأعداءُ فيه لدَدًا
والأخلاَّء صفاءً وَدَعَه

شامخُ الرأسِ إذا الرأسُ انحنى
أبغضُ الناس إليه الإمَّعَة

ليست العزة دينًا تبعَهْ
إنما العزَّةُ دينٌ شرَّعه

وتَقَاضَتْهُ المعالي حقْبَةً
ثمنَ العزة فقرًا أدقَعه

رُبَّ يوم عضه فيه الطوى
ورداء بيديه رَقَّعَه

في زمان أَلِفَ الذُّلَّ فمَنْ
رفع الهامةَ فيه جَوَّعَه

لاَثمُ الأعتاب فيه آمرٌ
والفتى الحرُّ به ما أضْيَعَه

حسبُه السِّجْن أواه تسعةً
وَهْو يشكو من سقام أو جعة

ونزول الماجدِ الحُرِّ به
من قديم سُنَّةٌ مُتَّبَعه

كاتِبٌ تلمح في أُسلوبه:
وجهَه بل يدَه بل أصبعَه

ذو بيان لم يقلِّده الحلَي
من رَأى الأُسلوب فَلاًّ سجعه

لم يُوَشَّعْ بجُمَان قولُه
بل بفكر فيه عمقٌ وشَّعَه

رُبَّ نثرٍ بَرْقعَتْهُ زينةٌ
هو زيفٌ حين يَنْضُو بُرْقُعَه

رب نظم ما له من هدَف
ليس يدري ناظموه موقعَه

ومن الشعرِ غثيث فاترٌ
تأنفُ الآذان من أن تسمعه

ماله من أبْحُر، أو تُرَع
أو عيون لست تدري مَنْبَعه

لفَّفَتْه عصبةٌ ما وردت
بحرَه بل وردت مُسْتنْقَعه

هل درى الشمَّاخُ في صحرائه
أن قومًا ألبسوه قُبَّعة

يا دعاةَ الشعر، ماذا قلتمو
أنا لا أسمع إلا جعجعة

أيها الذؤْبَان قد حَلَّ الشرى
واستْبِيحَت حرماتُ المسبعة

فأحلُّوا الشعر من أوزانه
واقطعوا كل لسان قطعه

عبقريُّ العبقريات قضى
فهْيَ من حُزْنِ عليه جزعه

إن بَكتْه العبقريات دَمًا
فَهْي من أوصافه منتزعه

خَالدٌ خلَّد أبطال الورى
أي معنى بهمُو قَدْ جمعه

ادفنوه بين دور العلم أو
بين دور الكُتْب خُطُّوا مضجعه

طلَّقَ الدُّنيا ثلاثًا، واصطفى
من بنات الفكر حُورًا أربعه

ما بني إلا بموسوعاتها
وتبناها فكانت منَعه

عاش كالنحل دَءُوبًا بينها
يَنْتَقَي من كُلِّ زَهْر أينعه

أغلبُ الظَّنِّ، لعمري أنها
خيرُ مَنْ صاحَبَه أو ودَّعه

مات عباسٌ! وتبقى أُمَمٌ
تجتني من بعده ما زرعه

مات عباس! جزاه ربه
رحمةً عن كلِّ معنىً أبدعه


محمود غنيم

الحمدان
07-11-2024, 02:34 PM
ذَوائبُ من بعد الظَّلامِ تضيءُ
لِتُعلِنَ: أن الموت سوف يَجِيءُ

فيزدادُ في الإحسان مَن كان مُحْسِنًا
ويُقْلِعُ عن سُوءِ الصنيع مُسِيء

ألا أيها الشَّيْبُ المُلِمُّ بلحْيَتِي
لك الويْلُ! إنِّي من سَنَاك بريء

ترى معجزات العلم تتْرى، فهَلْ أرى
شبابِيَ من بعد المَشِيبِ يضيء

دَعُوني من الطِّبِّ الحديث وكشفه
فإِني أغذُّ السَّير وَهْو بطيء

هو الطب أما في الجِرَاح فَمَا رِدٌ
وأمَّا أمام الشَّيْب فَهْو قمِيءُ


محمود غنيم

الحمدان
07-11-2024, 02:35 PM
ضجيعَ التراب، أطلتَ الرقودَا
عزيزٌ على الضاد ألا تعودَا!

بكتك، لعمري، عيونٌ شحاحٌ
تعوَّدنَ عند المصاب الجمودا

بكى النيل مَنْ كان في طهره
وكانت سجاياه أشهى ورودا

فتى شَيَّعته الوفود، فسارت
مناقبُهُ تتحدَّى الوفودا

ولو لم نُؤبِّنهُ نحن، لقامت
فألقت على كل سمع قصيدا

له سيرة كعبير الزهورِ
لوَ أن الزهورَ رُزقنَ الخلودا

نثرنا الورود على قبره
فقطَّرَ طيبُ ثراه الورودا

قضى، وهُو للكل خِلٌّ، ودود
وكان له الكلُّ خلا، ودودا

وعاش؛ فما عاش إلا كريمًا
ومات؛ فما مات إلا شهيدا

وأدَّى رسالتهُ في الحياة
ولولا الردى، لتوخى المزيدا

ومدُّوا له في زمان الجهادِ
ويأبى له الموتُ عمْرًا مديدا

فتى نال باللين ما لا يُنالُ
وللِّين بأسٌ يَفلُّ الحديدا

تراضُ الوحوشُ بألفاظه
وينقلبُ الجمرُ ماءً بَرودا

يسوس الأمورَ بمحضِ الأناةِ
فيطوي العدوَّ، ويُرْضي الحسودا

وما كان في الحلم إلا ابنَ هندٍ
وذو الحلم أخلقْ به أن يسودا

محمدُ، لو تُفتدَى بالشبابِ
بذلناه للموت فيك زهيدا

عهدتك مبتسمًا للحياةِ
ترى كلَّ يوم أظلَّلك عيدا

بوجهٍ طليق، كوجه الربيعٍ
إذا طاب نفحًا، وأورقَ عودا

ولم تَشْكُ من حادث الدهر يومًا
كأنكَ منه أَخذتَ العهودا

أَلا إن ذلك سرُّ اليقينِ
رُزقت اليقينَ، فَعِشْتَ سعيدا

سجدتَ لربك حين أطالتْ
جباهٌ لغير الإله السُّجُودا

أقدِّسُ فيك التقى والصلاحَ
أقدِّسُ فيك الخلاق الحميدا

عهدتك تدعو إلى الخُلْق دينًا
وتهتفُ بالصالحاتِ نشيدا

ورقَّتْ خِلالك مثلَ النسيم
فكانت على ما تقول شهيدا

عهدتك تعملُ خَلْفَ الستارِ
وتَبذلُ إثر الجهود الجهودا

تُهَيِّئُ للضاد مجدًا طريفًا
وتبعثُ للضاد مجدًا تليدا

تُشيد بها في سكون وصمت
وتدفع عنها الأذى إن أريدا

جهودٌ يحسُّ بهنَّ الجمادُ
وتنكر أن لهن وجودا

أبَا جابر، كلُّ حي يصيرُ
إلى حتفه، كارهًا، أو مُريدا

على الأرض ننمو نموَّ النباتِ
ويلقطنا الموتُ حَبّا حصيدا

سنسلُكُ يومًا سبيلَ الجدودِ
فلسنا بأسعدَ منهم جدودا

سألتُ عن الأرض: ماذا أقلت
فقالوا: مهودٌ تغذِّي لحودا

ولم أرَ كالموت داءً قديمًا
تخرَّم عادًا، وأفنى ثمودا

فما بالنا كلما مات ميْتٌ
شَرْبنا من الحزن لونًا جديدا

رأيتُ البكاءَ يعزي الحزينَ
ولكنه لا يردّ الفقيدا

لعمرُك، ما الموتُ إلا انطلاقٌ
فإن الحياةَ تفيضُ قيودا

علامَ تشكَّى الحياةَ زهيْرٌ
وأضجرَ طولُ البقاء لبيدا

أبا جابرٍ، شاهَ وجهُ الحياةِ
وصار الورى للحُطام عبيدا

فلا العيشُ أمسى يُعَضُّ عليه
ولا الموتُ أصبح خصمًا لدودا

وماذا تركت من الطيِّباتِ
تركتَ حروبًا تشيب الوليدا

تُروَى أديمَ الثرى بالنجيعِ
وتملأ سمعَ الزمان رعودا

حروب يسعِّرها الأشقياءُ
فتتخذُ الأبرياءُ وقودا

غدت تَصَهرُ الناس مثلَ الجليدِ
ولكنَّ في مصر شعبًا جليدا

إذا الأرض مادتْ بسكانها
فإن لنا وطنًا لن يميدا

أبا جابر، ما نسينا الوفاءَ
ولا علَّمتنا الحروبُ الجحودا

أشادتْ بذكرك «دارُ العلومِ»
فما كنتَ إلا فتاها الرشيدا

وواسطة العقد في نحرها
وإن كان باقيه درا نضيدا

لعمرُك، مازال للدار أهلٌ
ومازالت الغابُ تنمي الأسودا

لئن أنجبتكَ، فكم أنجبت
لمصر حصاةً، ورأيًا سديدًا

وأنفًا أشمَّ يزيد ارتفاعًا
إذا شمَّ بعضُ الأنوف الصعيدا

رجال بعصر الجهالة لاحوا
نجومًا تشقُّ ليالَي سودا

همو حملوا راية الضاد حتى
أعادوا لها جعفرا والرشيدا

إذا لمحت مصر آثارهم
تثنّت من التيه عِطفًا وجيدا

ولم تَرَ أخلصَ منهم رجالاً
وأنكر للذات منهم جنودا

إذا شبَّت الحرب، هبوا قيامًا
وإن قُسِّم الفيء، ظلوا قعودا

ولا يحسب الناس «دار العلوم»
بناءً على أرض مصر مشيدا

فإن لها بالعراق فصولاً
وإن لها في الحجاز حدودا

إذا رفعت في الكنانة بندًا
فقد رفعت في سواها بنودًا

مثابة أم اللغى، من بناها
بني للعروبة صرحًا وطيدا


محمود غنيم

الحمدان
07-11-2024, 02:36 PM
أخي، هذه الأرضُ ما شأنْهَا؟
يكادُ يُنَاجِيكَ بنيانُها!

تكادُ لفَرْطَ أسَاها تفيضُ
من الدَّمع لا الماءِ غدرانُها!

بِرَبِّك: هل فَقَدتْ أهلَهَا
فزادتْ على الأهل أحْزَانُها؟

لقد حلَّهَا غيرُ سُكَّانها
وعنها تَرَحَّلَ سُكَّانُها

على بابها صاح طَيْرٌ غريبٌ
فَنَاحَ على طْيره بَانُها!

إذا ذُكر العُرْبُ؛ حنَّتْ، وأنَّتْ
وراحَتْ تُلوِّحُ أغصانها!

وصاحت تُهيبُ بجيرانهَا
فهل سَمعَ الصَّوْتَ جيرانُها؟

فلَسْطِينُ، أرضُ العُرُبة عَيْنٌ
وأنتِ من العَيْن إِنْسَانُها

فلا غَمَضَتْ عنك عينُ فتَاكِ
ولا ذاقَت النَّوْمَ أجفانُها

إلى أن أُقَبِّل أرضَكِ سَبْعًا
فتهدأ نفسي وأشجانُها

فإن عشت، تخْمُدْ بقلبي حقودٌ
تَسَعَّرُ في القلب نيرانُها

وإن متُّ، لم تُنسنيكِ الجنانُ
وَحُورُ الجنَانِ وَولْدَانُها

وَخَلْفي لِثأري وثَأر بلادي
أُسُودُ الحُرُوب وفُرْسانُها

إذا صفَحَاتُ البطولةِ خُطَّتْ
فإِنَّ العروبةَ عُنْوَانُها

ودينُ العُروبةِ بعد الإِله
وبعد النَّبِيِّينَ أوطانُها

فلَسْطين: أرواحُنا الغالياتُ
ببابكِ تَرْخُصُ أَثْمَانُها

بلادِيَ ليست لغيري، ونَفْسِي
ونَفْسُ وَحِيدِيَ قُرْبَانُها!


محمود غنيم

الحمدان
07-11-2024, 02:36 PM
سلِ الشَّرقَ: هل صبحُهُ أسفَرَا؟
وهل ذادَ عن مقلتيه الكَرَى؟

وهل صار للشرق أُذْنٌ تعي؟
وهل صار للشرق عينٌ ترى؟

أرى في سماءِ العُروبة برقًا
إذا صحَّ ظنِّي به، أمطرَا

فعمّ الحواضرَ طوفانُهُ
وفاضَتْ شآبيبُه بالقرى

ويا رُبَّ غيثٍ يَبُلُّ الصدى
وغيثٍ، إذا ما هَمَى، دمَّرا

وكم نقمةٍ أعقبَتْ نعمةً
وكم مِعْوَلٍ هادمٍ عَمَّرَا

تنبَّهَ بعد الرُّقَاد أُناسٌ
تقلَّدَهم دهرُهم مدْبرَا

تقدّمَ كلُّ بطيءِ الخُطَا
وهُمْ وحدَهم رَجَعُوا القهقرى

تعبَّدهُم كلُّ شعبٍ ذليلٍ
وكان لهم أمسِ مُلْكُ الثَّرى

صحا الشرقُ بعد عميق السُّبَاتِ
أهابَ الأذانُ به، فانبرى

وجرّدَ للنصر إيمانَهُ
وما خاب شعبٌ به استنصرا

ولم أَرَ كالدِّين سيفًا لمنْ
أراد النضالَ، ولا مِغْفَرا

إذا سادَ في الأرض، جَبَّ الفسادَ
من الأرض، واستأصَلَ المُنكَرا

وما خاب شعبٌ بهَذِي السماءِ
قويُّ الصِّلاتِ، وثيقُ العُرَا

أوائلُكُم أيها المسلمون
بشرعةِ أحمدَ ساسوا الورى

وباسم الحنيفةِ سادوا؛ فكانَ
سواهم سُفوحًا، وكانوا الذُّرا

رأى منهم الناسُ ما لم يَرَوْ
هُ من عدلِ كسرى، ولا قيصرا

كتابكُمو أيها المسلمونَ
بمشكاتِهِ يهتدي مَنْ سَرى

به استمسك الأولون؛ فكانوا
أُسودًا، وكان حماهُمْ شَرى

فسيروا على نهجه مؤمنينَ
تَرُّوا من المجدِ ما أدبَرا

ومن تَمَّ بالله إيمانُهُ
رأى الصخْرَ في يده عِثْيَرا

إذا ما مشى فوقَ الشوك القَتاد
غدا تحته سندُسًا أخضرا

ولنْ ينفَعَ القومَ إِيمانُهُم
إذا كان إِيمانُهُم أبْتَرا

ومن خطَبَ المجدَ، شدّ الرِّحال
إليه، وخاضَ الدّمَ الأحمرَا


محمود غنيم
مصر

الحمدان
07-11-2024, 02:37 PM
هات الأعاجيب يا عصر الأعاجيبِ
فما تزيد على علمي وتجريبي

مالي وماليَ إلا قريتي سكن
موزعاً بين تشريق وتغريب

أدري بكل الذي في الأرض من حدثٍ
ولا أرى أحداً في الأرض يدري بي

وأفتدي الوطن الأغلى ويغفلني
قومي كأنيَ منهم غير محسوب

أكابد اليوم منهم ما تكبَّده
أمسِ ابنُ يعقوب من أبناء يعقوب

فليت لي من دمي أو أدمعي نُذُراً
إليهمُ بعد ما هانت مكاتيبي

وليت شعري مذاع في الأعاجم من
بعد الذي ضاع منه في الأعاريب

وليتني في ارتياد القطب أحمل ما
حملت في مصر من هم وتعذيب

وليتني من ضحاياه ولست أرى
نزاع شعب على أمرَيهِ مغلوب

أقدس النيل في قومي وفي وطني
وإن يكن من سواه اليوم مشروبي

وعنديَ البلسم الشافي جراحهم
من الحوادث من خلق ومن طيب

في ذمة الدهر والأقدار لي أمل
طلبته غير متبوع ومصحوب

وليس لي غير وجدان أزوده
مني بأطهر موروث ومكسوب

إني لأبحث بين القوم عن رجل
فلا أرى غير منقوص ومثلوب

أيحرس الشاة أصحاب لها اقتتلوا
وهم وَشَاتُهُمُ في قبضة الذيب

بأس الليالي عليهم صار أهون من
شحنائهم والأهاجي والأكاذيب

أغنى العداة عن الجند اطلاعهم
فينا على كل مستور ومحجوب

وإن رفقي بإخوان ليَ افترقوا
لمثل رفقي بمطعون ومضروب

وقد يهون على مثلي اختلافهمُ
لو لم يعد ضَغَناً بين الأصاحيب

سياستان رأيت الفرق بينهما
كالفرق ما بين تعمير وتخريب

وقد يشق على مثلي ويحزنه
لقاء رأي إليه غير محبوب

عرفت كل فريق في سياسته
ولم يجئ نبأ السودان والنوب

أين الجلاء فإني ما سمعت له
بين الأحاديث ذكراً والمطاليب

وأين ما كان يستهوي الغلاة به
أشياعهم من أهازيج وتطريب

أليس من نكد الدهر اضطرابهم
قبل الوغى بعد إعداد وتدريب

إن الجهاد بإيثار وتضحية
ليس الجهاد بتلقيب وتنصيب

مالاً وجاهاً أصابوا أمس أجرهم
من سائر الشعب أم أسلاب مسلوب

إن يذكروا النفي والتغريب تكرمة
فكم أثيبوا على نفيٍ وتغريب

كانوا ملائكة لو أنهم زهدوا
في متعة حين تخيير وترغيب

حرصٌ على الحق بالبرهان أم حذرٌ
على غنيمتهم بين المخاليب

أتلبث الفتنة الهوجاء عاصفة
بكل حزب إليها غير منسوب

وهل من الشعب من يبني رياسته
على ثرىً بدماءِ الشعب مخضوب

وكل من يتولى الحكم دونهم
جزاؤه كل تعريض وتثريب

قالوا خلافة سعد قلت مقدسة
ملء الميادين مني والمحاريب

ليست مبادئهُ وقفاً على أحدٍ
لكنها للمناجيدِ المناجيب

إن الرجال بتدبير وتبصرة
ليس الرجال بإكثارٍ وتغليب

فليتركوا الحكم للأولى به ولهم
في غيره كل تأهيل وترحيب

عرفتك ابنَ سليمانٍ كمعرفتي
للحق من بعد تعليم وتهذيب

على السماء غضابٌ أم عليك همُ
وأنت أهدى إلى ربٍّ ومربوب

لقد حرصتَ على ميثاقهم وأبوا
إلا المصارع من تلك الألاعيب

وإن مثلك يرجوه ويرهبه
في قومه كل مرجوٍّ ومرهوب

أنت الموفق في الميعاد ترقبه
مخيراً بين تبعيد وتقريب

وأنت أقوى على آت ومنتظر
بعد احتفاظ بمأخوذ وموهوب

وصاحبُ العرش راضٍ ما تدبره
والمصلحون من الشبان والشيب

وأنت أحفظ للدستور تنفذه
حرّاً بأفضل تفصيل وترتيب

وللقضية ما أنت الكفيل به
من الوسائل شتى والأساليب


احمد الكاشف
مصر

الحمدان
07-11-2024, 04:10 PM
أيها الملَّاحُ قمْ واطوِ الشراعا
لِمَ نطوي لُجَّةَ الليل سراعَا

جَدِّفِ الآن بنا في هينةٍ
وجهة الشاطئ سيرًا واتباعَا

فغدًا يا صاحبي تأخذنا
موجةُ الأيام قذفًا واندفاعَا

عبثًا تقفوا خُطى الماضي الذي
خِلْتَ أنَّ البحرَ واراهُ ابتلاعَا

لم يكنْ غيرَ أويقاتِ هوًى
وقفتْ عن دورةِ الدهر انقطاعَا

فَتَمَهَّلْ، تسعد الرُّوحُ بما
وهِمَتْ، أو تطربِ النفسُ سماعا

وَدَعِ الليلةَ تمضي، إنها
لم تكنْ أولَ ما ولَّى وضاعا

سوف يبدو الفجرُ في آثارها
ثم يمضي، ودواليكَ تباعا

هذه الأرضُ انتشتْ مما بها
فغفتْ تحلُم بالخلدِ خداعا

قد طواها الليلُ حتى أوشكتْ
من عميقِ الصمتِ فيه أن تُراعا

إنَّهُ الصمتُ الذي في طيِّه
أسفرَ المجهولُ، والمستورُ ذاعا

سَمِعَتْ فيه هُتافَ المنتهَى
من وراءِ الغيب يُقريها الوداعا

أيها الأحياءُ، غنوا واطربوا
وانهبوا من غفلات الدهرِ ساعا

آهِ، ما أروعَها من ليلةٍ
فاضَ في أرجائها السحرُ، وشاعَا

نَفَخَ الحبُّ بها من روحِه
ورَمَى عن سِرِّها الخافي القناعَا

وجلا من صُوَرِ الحسنِ لنا
عبقريًّا لَبِقَ الفنِّ صنَاعا

نفحاتٌ رَقَص البحرُ لها
وهفَا النجمُ خُفوقًا والتماعَا

وسَرَى من جانبِ الأرض صدًى
حَرَّكَ العُشْبَ حنانًا واليراعا

بَعَثَ الأحلامَ من هجعتِها
كسرايا الطير نُفِّرْنَ ارتياعا

قُمْنَ بالشاطئِ من وادي الهوى
بنشيد الحبِّ يهتفنَ ابتداعا

أيها الهاجرُ عزَّ الملتقى
وأذبتَ القلبَ صدًّا وامتناعا

أدركِ التائهَ في بحر الهوى
قبل أن يقتلَهُ الموجُ صراعا

وارعَ في الدنيا طريدًا شاردًا
عنه ضاقتْ رقعةُ الأرض اتساعا

ضلَّ في الليل سَراهُ، ومَضَى
لا يَرى في أفقٍ منه شعاعا

يجتوي اللافحَ من حرقته
وعذابٍ يشعلُ الرُّوحَ التياعا

والأسى الخالدَ من ماضٍ عفا
والهوى الثائرَ في قلبٍ تداعَى

فاجعلِ البحرَ أمانًا حوله
واملأ السهلَ سلامًا واليفاعَا

وامسحِ الآنَ على آلامه
بيدِ الرفقِ التي تمحو الدماعا

وَقُدِ الفلكَ إلى بَرِّ الرِّضَا
وانشُر الحبَّ على الفلك شراعا


محمود علي طه

الحمدان
07-11-2024, 04:10 PM
أخي، جاوزَ الظَّالمونَ المَدَى
فحقَّ الجهادُ، وحَقَّ الفِدا

أنتركهُمْ يَغْصِبونَ العُروبةَ
مجدَ الأُبوَّةِ والسؤددا؟

وليسوا بِغَيْرِ صليلِ السّيوفِ
يُجيبونَ صوتاً لنا أو صدى

فجرِّدْ حُسامَكَ من غِمْدِهِ
فليسَ لَهُ، بَعْدُ، أن يُغْمدا

أخي، أيُّها العربيُّ الأبيُّ
أرى اليومَ موعدَنَا لا الغَدَا

أخي، أقبلَ الشّرقُ في أُمَّةٍ
تردُّ الضَّلالَ وتُحيي الهُدى

أخي، إنّ في القدسِ أختاً لنا
أعَدَّ لها الذّابحونَ المُدى

صَبَرْنا على غَدْرِهِمْ قادرينَ
وكنّا لَهُمْ قَدَراً مُرصدا

طَلَعْنا عليهمْ طلوعَ المنونِ
فطاروا هَباءً، وصاروا سُدَى

أخي، قُمْ إلى قبلةِ المشرقَيْنِ
لنحمي الكنيسةَ والمسجدا

يسوعُ الشهيدُ على أرضها
يُعانقُ، في جيشهِ، أحمدا

أخي، قُمْ إليها نشقُّ الغمارَ
دماً قانياً ولظًى مُرْعِدا

أخي، ظمئتْ للقتالِ السيوفُ
فأوردْ شَبَاها الدّمَ المُصْعدا

أخي، إن جَرَى في ثراها دمي
وأطبقتُ فوْقَ حصاها اليدا

ونادى الحِمامُ وجُنَّ الحُسامُ
وشبَّ الضّرامُ بها موقدا

ففتِّشْ على مهجةٍ حُرَّةٍ
أبَتْ أن يَمُرَّ عليها العِدا

وَخُذْ رايةَ الحقِّ من قبضةٍ
جلاها الوَغَى، ونماها النَّدى

وَقَبِّل شهيداً على أرضها
دعا باسمها الله واستشهدا

فلسطينُ يفْدي حِماكِ الشّبابُ
وجلَّ الفدائيُّ والمُفتدى

فلسطينُ تحميكِ منا الصُّدورُ
فإمَّا الحياةُ وإمَّا الرَّدى


محمود علي طه

الحمدان
07-11-2024, 04:11 PM
يا قاهرَ الموتِ كمْ للنفسِ أسرارُ؟
ذَلَّ الحديدُ لها، واستخْذَتِ النَّارُ

وأشفَقَ البحرُ منها، وهو طاغيةٌ
عاتٍ على ضرباتِ الصَّخْرِ، جَبَّارُ

حواكَ أُحدوثةً مُثْلَى، وتضحيةً
لم تَحوِهَا سِيَرٌ، أو تروِ أخبارُ

رماكَ في جَنَبَاتِ اليمِّ مُحْتَرِبٌ
خافي المقاتلِ، عند الرَّوعِ فرَّارُ

ترصَّدتكَ مراميهِ ولو وَقَعَتْ
عليهِ عيناكَ لم تُنقِذْهُ أقدارُ

يَدِبُّ في مسبحِ الحيتانِ منسربًا
والغورُ داجٍ، وصدرُ البحرِ موَّارُ

كدودةِ الأرضِ نورُ الشمس يقتُلُهَا
وكم بها قُتِلَتْ في الروض أزهارُ

هوى بكَ الفُلْكُ إلَّا هامةً رُفِعَتْ
لها من المجدِ إعظامٌ وإكبارُ

واستقبلَ البحرُ صدرًا حين لامسَهُ
كادتْ عليهِ جبالُ الموجِ تنهارُ

وغابَ كلُّ مَشيدٍ، غَيرَ قُبَّعةٍ
ذكرى من الشَّرفِ العالي وتَذكارُ

ألقيتَها، فتلقَّى الموجُ مَعْقدَها
كما تَلَقَّى جبينَ الفاتحِ الغَارُ

ولو يُرَدُّ زمانُ المعجزاتِ بها
لانشقَّ بحرٌ لها، وارتدَّ تَيَّارُ

كأنَّها خطبةٌ راعَتْ مقاطعُها
لها العوالمُ سُمَّاعٌ ونُظَّارُ

تقولُ: لا كانَ لي ربٌّ ولا هتفتْ
بذكرِه الحربُ، إن لم يُؤخذِ الثارُ

يا ابنَ البحار وليدًا في مسابِحِهَا
ويافعًا يُؤثرُ الجُلَّى ويختارُ

ما عالَمُ الماءِ؟ يا ربَّانُ، صِفْهُ لَنَا
فما تحيطُ به في الوهم أفكارُ!

وما حياةُ الفتى فيهِ؟ أتسليةٌ
وراحةٌ؟ أم فُجاءاتٌ وأخطارُ؟

إذا السفينةُ في أمواجِهِ رَقَصَتْ
على أهازيجَ غَنَّاهُنَّ إعصارُ

وأشجَتِ السُّحْبَ موسيقاهُ، فاعتنقتْ
وأُسدِلَتْ من خدور الشُّهبِ أستارُ

وأنتَ ترنو وراءَ الأُفق مبتسمًا
كما رنا نازحٌ لاحتْ له الدارُ

غرقانَ في حُلُمٍ عَذْبٍ تُسَلْسِلُهُ
من ذروةِ الليل أنواءٌ وأمطارُ

يا عاشقَ البحر، حَدِّثْ عن مفاتَنِهِ
كم في ليالِيهِ للعشَّاقِ أسمارُ

ما ليلةُ الصيف فيه؟ ما روايتُها؟
فالصَّيفُ خمرٌ، وألحانٌ، وأشعارُ

إذا النسائمُ من آفاقِهِ انحدرَتْ
وَضَوَّأتْ من كُوَى الظَّلْمَاءِ أنوارُ

وأقبلتْ عارياتٍ من غلائلها
عرائسٌ من بناتِ الجنِّ أبكارُ

شُغْلُ الربابنةِ السَّارينَ من قِدَمٍ
تُجلَى بهنَّ عَشِيَّاتٌ وأسحارُ

يُتْرعْنَ كأْسَك من خمرٍ مُعَتَّقَةٍ
البحرُ كهفٌ لها، والدهرُ خمَّارُ

وأنت عنهنَّ مشغولٌ بجاريةٍ
كأَنَّ أجراسَها في الأُذْنِ قِيثارُ

صوتُ الحبيبةِ قد فاضتْ خوالجُها
ورَنَّحَتْها من الأشواقِ أسفارُ

وا لَهفَ قلبكَ لما انْدَكَّ شامِخُها
والنَّوءُ مصطرعٌ والموجُ هدَّارُ

بُوغِتَّ بالقدَرِ المكتوب فانسرَحَتْ
عيناكَ تقرأُ، والأمواجُ أسطارُ

نزلتما البحرَ قبرًا، حين ضمَّكما
رفَّتْ عليه من المَرْجان أشجارُ

نام الحبيبانِ في مثواهُ واتَّسدا
جنبًا لجنبٍ، فلا ذلٌّ ولا عارُ

مصارعٌ للفدائيين يعشقها
مستقلونَ وراءَ البحر أحرارُ

مَنيَّةٌ كحياةٍ، كلما ذُكِرَتْ
تجدَّدَتْ لك في الأجيالِ أعمارُ

هيَ الفخارُ لشعبٍ من خلائقهِ
خَلْقُ الرجالِ إِذَا هاجَتْهُ أخطارُ

له البحارُ بما احتازتْ شواطئُها
وما أجنَّتْهُ خُلجانٌ وأغوارُ

رواقُ مجدٍ على جدرانِهِ رُفِعَتْ
للخالدين أماثيلٌ وآثارُ

دخلتَ من بابِهِ، واجتزتَ ساحتَهُ
وسِرْتَ فيهِ على آثارِ من سارُوا

يتيهُ باسمِك في أقداسِهِ نُصُبٌ
رخامهُ الدهرُ، والتَّاريخُ حَفَّارُ


محمود علي طه

الحمدان
07-11-2024, 04:12 PM
إذا داعبَ الماءُ ظلَّ الشَّجرْ
وغازلَتِ السُّحْبُ ضوءَ القمرْ

وردَّدتِ الطير أنفاسَها
خوافقَ بين الندى والزَّهَرْ

وناحتْ مُطوَّقةٌ بالهوى
تناجي الهديل وتشكو القدرْ

ومرَّ على النهرِ ثغرُ النسيم
يُقَبِّلُ كلَّ شراعٍ عبرْ

وأطلعتِ الأرضُ من ليلها
مفاتنَ مختلفاتِ الصُّورْ

هنالك صفصافةٌ في الدُّجى
كأنَّ الظلامَ بها ما شعرْ

أخذتُ مكانيَ في ظلها
شريدَ الفؤادِ كئيبَ النظرْ

أمرُّ بعيني خلال السماء
وأُطرقُ مستغرقًا في الفِكَرْ

أطالعُ وجهك تحت النخيلِ
وأسمعُ صوتك عند النَّهَرْ

إلى أنْ يَمَلَّ الدجى وحشتي
وتشكو الكآبةُ مني الضجرْ

وتعجبُ من حيرتي الكائناتُ
وتُشفِقُ منِّي نجومُ السَّحرْ

فأمضي لأرجع مستشرفًا
لقاءَك في الموعد المنتظَرْ!!


محمود علي طه

الحمدان
07-11-2024, 04:12 PM
سَرَى القمرُ الوضَّاحُ بين الكواكبِ
يُفكِّرُ فيما تحتَهُ من غَيَاهِبِ

فناداهُ من وادي الخليِّينَ هاتفٌ
بصوتِ محبٍّ في الحياةِ مُقارِبِ

يقول لهُ: يا روعةَ الحسنِ والصِّبا
وأجملَ أحلامِ الليالي الكواعِبِ

أنا العاشقُ الوافي إذا جنَّني الدُّجى
وراعيكَ بين النيِّراتِ الثواقِبِ

ألا ليتني حُرٌّ كضوئِك أرتقِي
عوالمَكَ الملأى بشتَّى العجائِبِ

ويا ليتَ لي كنزَ ابتساماتِكَ التي
تُبعثرها في الكونِ من غير حاسِبِ

فأصغى إليهِ الضوءُ في صَفْوِ جذلانِ
وأضفى على الوادي شعاعَ حنانِ

وجاسَ خلال السُّحْبِ والماءِ والثرى
فلم يَرَ في أنحائها وجه إنسانِ

فصاحَ بهِ: يا صاحبي ضلَّ ناظري
فأين تُرى ألقاكَ أم كيف تلقانِي؟

فأوما له إني هنا تحت شُرفتي
وراءَ زجاجيها أخذتُ مكانِي

أبى البردُ أن أستقبلَ الليلَ قائمًا
وأن أنزلَ الوادي بحيث تراني

وحسبُ الهوى من عاشقٍ لك وامقٍ
تَزَوُّدُ عيني من سَنَا ضوئِكَ الحانِي!

فألقى عليه الضوءُ نظرةَ حائر
وأعرضَ عنهُ بابتسامةِ ساخرِ

وقال له: يا صاحبي قد جهلتَني
ويا رُبَّ شِعْرٍ ساقَهُ غيرُ شاعِرِ

أنا الموثَقُ المكدودُ طالتْ طريقُهُ
طريقُ أسيرٍ في رعايةِ آسِرِ

تجاذبُني طاحونةُ الشمس كلما
وقفتُ، وتمضي بي سِياطُ المقادِرِ

وما بسمتي إلَّا دموعٌ من اللَّظَى
قد التمعتْ في وجهِ سهمانَ حاسِرِ

فدعْ عنكَ يا أعجوبةَ الحبِّ عالمي
فقبلكَ لم يَلْقَ الأعاجيبَ ناظِرِي!

وأمعنَ في تفكيرِهِ القمرُ الزاهي
فمرَّ بأرضٍ ذات عُشْبٍ وأمواهِ

يناجيه منها عاشقٌ ذو ضراعَةٍ
مناجاةَ صوفيٍّ لِطَيْفِ إلَهِ

يقول له: يا مُشْهِدِي كلَّ ليلةٍ
جمالَ مُحَيَّا رائعِ الحسنِ تَيَّاهِ

شبيهٌ بهذا الضوءِ نورُ جبينِهِ
على أنَّهُ في الناسِ من غير أشبَاهِ

وترسُمُ لي الأشباحُ طيفَ خيالِهِ
فأدنو لضمٍّ أو للثمِ شِفَاهِ

تَمَنَّيْتُ لو وَسَّدْتُ خدَّك راحتي
وصدرُكَ خفَّاقٌ، وجفنُك ساهي

فرفَّ على الوادي الشعاعُ طروبا
وناداهُ من بين الظلالِ مُجيبَا

أزِحْ هذه الأغصانَ عنكَ لعلَّني
أصافحُ وجهًا، من هواكَ حبيبَا

فجاوَبهُ: يا قُرَّةَ العينِ إنني
قد اخترتُ من شطِّ الغدير كثيبَا

إذا أتعَبتْ عيني السماءُ تَطَلُّعَا
وخالستُ لحظًا للنجومِ مُرِيبَا

ففي صفَحات الماءِ نهزةُ عاشقٍ
يَراك على بُعْدِ المزار قريبَا

خلوتُ بهِ، أرعاك أوْفَى قسامةً
وأوفرَ من سحرِ الجمالِ نصيبا!

فغاض ابتسامُ الضوءِ من فرط حيرةٍ
وصاحَ: نجيِّي أنتَ حقَّرتَ سيرتي

هو الكونُ مرآتي، ومجلَى مفاتني
وما لغديرٍ أن يُمثِّلَ صورتي

وما نَظَرَ العشَّاقُ إلَّا لعالَمِ
يُعَظِّمُ في المعشوقِ كلَّ صغيرةِ

أعيذُ الذي شبَّهتَني بجماله
أديمَ مُحيَّا مثل صمَّاء صخرَتي

أنا الفحمةُ البيضاءُ إن جنَّني الدُّجى
أنا الحمة السَّوداءُ، رأْدَ الظهيرةِ

فَدَعْ عالَم الأفلاك واقنعْ بلجَّةٍ
وغازلْ من الأسماك كلَّ غريرةِ!

وبينا يهيمُ الضوءُ في سُبُحاتِهِ
وقد غطَّ هذا الكونُ في سُخرياتِهِ

رأى شبحًا في قربِ نارٍ كأنما
يودِّعُ طيفًا غابَ عن نظراتِهِ

يمدُّ ذراعيه، ويُرسلُ صوتَه
بلوعةِ قلبٍ ذابَ في نبراتِهِ

إلى القمر الساري مُحَيَّاهُ شاخصٌ
كصاحبِ نُسْكٍ غارقٍ في صَلَاتِهِ

فحامَ عليه الضوءُ واستمهلَ الخُطَا
وأجرى سناهُ الطَلْقَ في قَسَمَاتِهِ

وصاحَ به: يا شَيخُ ما أنت قائلٌ
تكلَّمْ! فإنَّ الليلَ في أخرياتِهِ

فقالَ له: يا باعثَ الحبِّ والمنى
سِلمْتَ وحيَّتْكَ العوالمُ والدُّنى

شفيتَ جوى شيخٍ أحبَّك يافعًا
وعاش بهذا الحبِّ جذلانَ مُؤمنًا

وأفنيتُ عمري أرتقي عاليَ الذُّرا
إلى أنْ بلغتُ اليومَ مثوايَ ها هنا

وأوقدُ ناري كي تَراني وأنثني
لأطلقَ ألحاني، وأدعوكَ مَوْهِنَا

وقِيلَ: ضنينٌ لا يجودُ بوصله
فهأنذا ألقاك يا ضوءُ محسنَا

تساوتْ كلابٌ تنبح البدرَ ساريًا
ونُوَّامُ ليل أنكروا آيةَ السنَا!

فحدَّقَ فيه الضوءُ وارتدَّ مُغْضَبَا
وقال له: أفنيتَ في سُخفِكَ الصِّبا

ولمَّا تُرِحْ جفنًا من السهدِ مُتْعَبا
وسُخريةٌ بالنار، أن تتقرَّبَا

كأَنَّ شعاعي في جفونك قد خَبَا
ومن عَبَثٍ مثواكَ في هذه الرُّبا

على حين لم تبلغْ من النور مَرقبا
وما كنتَ إلَّا الواهمَ المترقِّبا

وثالثَ عشَّاقٍ بهمْ ضِقتُ مذهبَا
وكانوا لأمثال الخليِّين مَضْرِبَا

فوا أسفاه، ما كنتُ في الدهر مذنِبَا
فأُجْزَى بنجوى من تعشَّقَ أو صبَا

وساقَ على حبي الدليلَ المكذَّبا
سَلِ العاصيَ الهاوي من الخلدِ هل نبا

به الليلُ لمَّا آثرَ الأرضَ واجتبى؟
أأبصرَ قبلي في الدُّجنَّةِ كوكبا

أضاءَ له الدرْبَ السحيقَ المشعَّبا
وهلْ في سنا غيري تملَّى وشبَّبا

بحواءَ واهتاجَ اليراعَ المثقَّبا
حويتُهما روحًا طريدًا مُعذَّبَا

فذابَ حيائي منهما، وتَصَبَّبَا
وأورثني هذا الشحوبَ، وأَعْقَبَا

رأيتُ فمًا يدنو، ووجهًا تخضَّبَا
وصدرًا خفوقًا فوق صدرٍ تَوَثَّبَا

غرائزُ فيها الغَيُّ والنقصُ رُكِّبَا
تَلَمَّسُ في ضوئي الأثامَ المحَبَّبَا

فيا شيخُ دَعْ هذا الوشاحَ المذهَّبَا
تَرَ الحمأَ المسنونَ في الكأسِ ذُوِّبَا

طفا الراحُ فيه، والترابُ ترسَّبَا
وإنَّ كلابَ الأرضِ أشرفُ مَأْرَبَا

ينيرُ لها ضوئي الظلامَ لتجنبا
خُطَى اللصِّ يستارُ الطريقَ المحجَّبَا

فإن نَبَحَتْ ضوئي، تسمَّعتُ معجبا
بأرخمِ لحنٍ، رنَّ في الليلِ مطرِبا

تحيَّةَ مُثنٍ بي أهَلَّ مُرَحِّبَا
بني آدمٍ، إنْ لم يكن آدمُ الأَبَا

رجوتُ لكم من عالم الرجسِ مهرَبَا
وآثرتُكُم بالكلبِ جَدًّا مهذَّبَا

وأجملُ بالإنسان أنْ يَتَكَلَّبَا
ومالَ عن الأرضِ الشعاعُ وغرَّبَا

ووسوسَ في صدرِ الدُّجى فتألَّبَا

محمود علي طه

الحمدان
07-11-2024, 04:13 PM
عَبَرَتْ بي في صباحٍ باكرِ
فتنةَ العين وشُغْلَ الخاطرِ

شعرُها الأشقرُ فيه وردةٌ
لونُها من شهوات الشاعرِ

ورشيقاتُ الخُطَى في وقعها
مُنْبِئاتي بشبابٍ ساحرِ

وبعينيها رُؤًى حائرةٌ
بين أسرارِ مساءٍ غابرِ

صَوَّرَتْ من حاضر العيش ومن
أمسِها قِصَّةَ حُبٍّ عاثرِ

قلتُ، والفجرُ سَنَا ياقوتةٍ
لألأتْ خَلْفَ السحاب الماطرِ

هذه الساعةَ تسعى امرأةٌ
حين لم يخفقْ جناحُ الطائرِ

مَنْ تُراها؟ وإلى أين؟ ومِنْ
أيِّ خدرٍ طلعتْ أو سامرِ

تقطع الإفريزَ من ناحيتي
كأسيرٍ هاربٍ من آسرِ

تَتَّقِي الأعينَ أن تبصرها
وهي لا تأْلو التفاتَ الحائرِ

لا تبالي بَلَلَ الثوبِ، ولا
لفحةَ البردِ الشفيفِ الثائرِ

أو تبالي قدماها خاضتا
مسربَ الماءِ الدفوق الهامرِ

أنتِ، يا ساريةَ الفجر، اسمعي
دعوةَ الروح البريءِ الطاهرِ

مرَّ بي مثلُكِ لم يُشْعِرْنني
غيرَ إشفاقِ الحَفِيِّ الناصرِ

وأنا الشاعرُ، قلبي رحمةٌ
لفريساتِ القضاءِ الجائرِ

إنْ نأتْ دارُك، يا أختُ، فما
بَعُدَتْ دارُ الغريبِ العابرِ

شاطريني ذلك المأْوى، فما
أتقاضاك وفاءَ الشاكرِ

غرفةٌ، آلهةُ الفنِّ بها
تتَلقَّاكِ لقاءَ الظافرِ

وتُغنِّيكِ نشيدًا مِثْلَهُ
ما تَغَنَّتْ لحبيبٍ زائرِ

هاتِ كفَّيكِ ولا تضطربي
لا تخالَيْ ريبةً في ناظري

سوف يئويكِ جدارٌ ساخرٌ
من أباطيلِ الزمان الساخرِ

سوف يحويكِ فِراشٌ صامت
لكِ فيه همساتُ الذَّاكرِ

سوف يطويك سكونٌ لم يَشُبْ
صَفْوَهُ لغْوُ مُحبٍّ غادِرِ

وأناديكِ، وأستدني يدًا
لمستْ روحي، وهزَّتْ خاطرِي

وأحيِّيكِ، وأستْحيِي فمًا
حَقُّهُ قُبْلَةُ رَبٍّ غافِرِ!!


محمود علي طه

الحمدان
07-11-2024, 04:14 PM
حَبيبةُ قلبي نَأَتْ دَارُها
وَلَمْ تَنْأَ عَنِّي وَعَنْ نَاظرِي

أرَى وَجْهَهَا مُشْرِقًا بالجَمَالِ
يُطِلُّ من الشَّاطِئِ الآخَرِ

هُوَ النَّهْر يَفْصِلُ ما بَيْنَنَا
مُدِلًّا بتَمْسَاحِهِ الغَادِرِ

تَوَسَّدَ رَمْلَتَهُ شَاخِصًا
إليَّ وَمَا كُنْتُ بالخائِرِ

إليها عَلَى رَغْمِهِ فَلْأَخُضْ
غَوَارِبَ تيَّارِهِ الثائِرِ

إذَا ما تَقَاذَفَنِي مَوْجُهُ
وسَالَ علي بَدَني الضَّامِرِ

مَضَيْتُ كَأَنِّي عَلَى مائِهِ
أُنِيلُ الثَّرى قَدَمَيْ عَابِرِ

لَقَدْ حَالَ يَابِسَةً ماؤُهُ
بسلطَانِ هَذَا الهَوَى السَّاحِرِ

وصيَّرني سِحْرُ هَذَا الهَوَى
وبي قوةُ القَادرِ الظَّافِرِ

ألا إنَّ سُلْطَانَ هذي المياهِ
ليَعْنُو لِسُلْطانِهَا القاهِرِ


محمود علي طه

الحمدان
07-11-2024, 04:14 PM
ألَا ما لهذا الليلِ تَدْجَى جوانِبُهْ
على شَفَقٍ دامٍ تَلَظَّى ذوائِبُهْ؟!

وما ذلكَ الظِّلُّ المَخوف بأفقِهِ
يُطِلُّ فترتَدُّ ارتياعًا كواكِبُهْ؟!

أأيَّتُهَا الأرض انظري، وَيْكِ! واسمَعِي!
توثَّبَ فِيكِ الشَّرُّ حُمْرًا مخالِبُهْ

أرَى فِتْنَةً حَمْرَاءَ يَلْفِظُهَا الثَّرَى
دُخَانًا تُغَشِّي الكائناتِ سَحَائِبُهْ

وأشتمُّ من أنفاسها حَرَّ هَبْوَةٍ
كأنَّ هجيرَ الصَّيْفِ يلفَحُ حاصبُهْ

أرى قبضةَ الشيطانِ تستلُّ خِنجرًا
توَهَّجَ شَوْقًا للدماءِ مَضَارِبُهْ
تسلَّلَ يبغي مَقْتَلًا من «محمدٍ»

لقد خُيِّبَ البَاغي وَخَابَتْ مآرِبُهْ
تقدَّمْ سليلَ النارِ! ما البابُ موصَدٌ!

فَمَاذَا تَوَقَّاهُ، وَمَاذَا تُجَانِبُهْ
تأمَّلْ! فَهَلْ إلَّا فتًى في فراشِهِ

إِلى النورِ تَهْفُو في الظَّلَامِ ترائبُهْ؟!
يُسَائِلُكَ الأشياعُ زَاغَتْ عُيونُهُم

وأنتَ حَسيرٌ ضائعُ اللُّبِّ ذاهبُهْ:
تُرَانَا غَفَوْنَا أم تُرَى عَبَرَتْ بنا

نُفاثَةُ سِحْرٍ خدَّرَتْنَا غرائِبُهْ؟!
وما زال منا كلُّ أشوَسَ قابضًا

على سيفِهِ لم تَخْلُ منه رواجبُهْ
تُرَى كيفَ لم تُبصِرْ غريمَكَ ساريًا

وأين تُرى يَمضي؟ وتَمضي ركائبُهْ؟
تقدَّمْ، وجُسْ في الدار وَهْنًا فما ترى
لقد هَجَرَ الدارَ النبيُّ وصاحِبُهْ

يحثَّانِ في البَيداءِ راحلَتَيهما
إلى جَبَلٍ يُئوي الحقيقةَ جانبُهْ

فَقِفْ، وتنظَّرْ حائرًا نُصبَ غارِهِ
تَحدَّاكَ فيه ورْقُهُ وعناكِبُهْ

لتعلمَ أنَّ الحقَّ روحٌ وفكرةٌ
يذلُّ لها الطاغي وتَعْنُو قواضِبُهْ

فَطِرْ، أيها الشيطان، نارًا أو انطلق
دُخَانًا، فأخسِر بالذي أنت كاسبُهْ

خَسِئْتَ! ولو لم يَعْصِمِ الحقَّ ربُّه
طوى الأرضَ ليلٌ ما تزولُ غياهِبُهْ


علي محمود طه
مصر

الحمدان
07-11-2024, 05:34 PM
هَتّافَةَ الصُبحِ إِنَّ الفَجرَ قَد هَتَفا
وَالصُبحُ يَكشِفُ عَن لَأَلائِهِ السُجفا

وَالشَمسُ تُرسِلُ لِلدُنيا تَحِيَّتَها
وَتَبتَغي مِن ذُرى الأَشجارِ مُشتَرِفا

هذي الرُعاةُ تُغَنّي الصُبحَ في بَهَجٍ
وَالحَقلُ يَنشُرُ مِنهُ في الضُحى بَدَعا

قومي اِملَأي الصُبحَ صَوتاً مِنكِ يُبهِجُنا
يا فِتنَةَ الصُبحِ إِنَّ الصُبحَ قَد طَلَعا

قَد جُبتُ كُلَّ بِقاعِ القُطرِ مُغتَرِباً
مِن ثَغرِ دِمياطَ حَتّى سَفحِ أَسوانِ

عَلّي أَرى شَبَهاً يَحكيكِ في دَعَةٍ
أَو خِفَةٍ أَو جَمالٍ مِنكِ فَتّانِ

لَم أَلقَ غَيرَكِ يا جاموسَتي أَبَداً
وَحشاً عَلى القَريَةِ الحَسناءِ يَسبينا

مِن أَيِّ يَنبوعِ حُسنٍ تَستَقي وَهَجا
عَيناكِ هَل سِحرُ هاروتٍ بِوادينا

يا سِحرَ خَطوَكِ إِذا تَمشينَ تابِعَةً
في الصُبحِ أُمَّكِ نَحوَ الحَقلِ في مَرَحِ

تَتلو عَلَيكِ فَتاةُ الريفِ غِنوَتَها
وَتَعبُرُ القَنَواتَ الخُضرَ في مَرَحِ

إِذا سَمِعتُكَ طافَ الريفُ مُطرِداً
أَمامَ عَيني فَيَلقاني وَأَلقاهُ

أَرى الحُقولَ وَأَرعى الريفَ مِن أُمَمٍ
شَمسٌ وَظِلٌّ وَأَشجارٌ وَأَمواهُ

أَحرى بِزَهرِ الرُبا أَن يَغتَذي أُكُلاً
وَأَن يَكونَ عَلى الريحانِ مَرعاكِ

أَدعوكِ جاموسَتي لا أَنتِ صاحِبَتي
بَل أَنتِ فاتِنَتي يا حُسنَ مَرآكِ

عَلى حَليبِكِ غَذى الريفُ فِتيتَهُ
فَأَصبَحوا فيهِ أَبطالاً صَناديدا

مِن كُلِّ ذي هِمَةٍ بِالرَوعِ مُضطَّلِعٍ
حازَت حَصيدَتُهُ فَخراً وَتَمجيدا

لَو أَنَّ لي ريشَةً في الفَنِّ عالِيَةً
تَهتَزُّ بِالوَحيِ في جَوِّ التَصاويرِ

إِذَن رَسَمتُكِ في مُخضَلَةً أَبَدا
فَيَحاءُ تَضحينَ في ظِلَّ النَواعيرِ

أَو فَوقَ سَهلٍ مِنَ الأَهرامِ مُنبَطِحٍ
أَو في رُبا الخُلدِ في فُردوسِ ايزيسِ

تَرعينَ سائِمَةً تَمشينَ تائِهَةً
تَغدينَ ناعِسَةً في جَنبِ آبيسِ


محمد الهمشري

الحمدان
07-11-2024, 05:34 PM
إِذا اِسطَعتَ أَلا تَفقِدَ العَقلَ وَالحِجا
وَظَلتَ عَلى رُغمِ الحَوادِثِ حازِما

وَقَد ضَلَّ كُلُّ الناسِ حَولَكَ وَاِنتَفوا
عَلى كُلِّ ما قَد كانَ مِنكَ لَوائِما

إِذا أَنتَ قَد صَدَقَت نَفسَكَ بَينَما
ظُنونُ الوَرى تَرتابُ في ذلِكَ الصِدقِ

وَبِالرَغمِ مِن هَذي الشُكوكِ عَذَرتُهُم
وَقابَلتَ هذا الشَكَّ بِاللَينِ وَالرِفقِ

إِذا اِسطَعتَ أَن تَلقى اِنتِظارَكَ دائِماً
صَبوراً وَلَم تَملُل عَذابَ التَرَقُّبِ

إِذا اِسطَعتَ أَن تَبقى صَدوقاً مُكرَماً
إِذا كَذَّبَتكَ الناسُ لَم تَتَكَذَّبِ

إِذا بَغَضَتكَ الناسُ وَاِزدادَ ضِغنُهُم
عَلَيكَ فَلَم تَحقِد وَأَنتَ رَحيمُ

وَبِالرَغمِ لَم تَظهَر وَقوراً وَطيباً
فَإِنَّكَ في كُلِّ الأُمورِ عَليمُ

بُنَيَّ إِذا ما اِسطَعتَ أَن تَتَخَيَّلا
وَلَم تَكُ عَبداً يُكبِرُ الوَهمَ وَالحِلما

بُنَيَّ إِذا ما اِسطَعتَ أَن تَتَفَكَّرا
وَلَم تَجعَل الأَفكارَ مَقصِدُكَ الأَسمى

إِذا أَنتَ لاقَيتَ اِنتِصارَكَ هادِئاً
وَلَم تَتَذَمَّر في هَزيمَتِكَ الكُبرى

وَصاحَبتَ ذَينَ العاهِلَينِ كَما هُما
سَواسِيَةٌ لَم تَفتَقِد مَعَهُما أَمرا

إِذا اِسطَعتَ أَن تُصغي إِلى الحَقِّ قُلتَهُ
لِيُصبِحَ في هذا الوُجودِ ضِياءَ

يَحورُهُ الغَوغاءَ إِفكاً وَضُلَّةً
لِيَغدو شِباكاً توقِعُ البُسطاءَ

إِذا اِسطَعتَ أَن تَلقى الَّذي قَد بَنَيتَهُ
وَأَنفَقتَ فيهِ العُمرَ وَهوَ مُهدَمُ

وَعُدتَ إِلَيهِ مِن جَديدٍ تُقيمُهُ
بِمُعوَلِكَ البالي وَلا تَتَبَرَّمُ

بُنَيَّ إِذا جَمَّعتَ مالَكَ كُلَّهُ
وَكَوَّمتَ ما حَصَلتَهُ مِن مَكاسِبِ

وَغامَرتَ في أَمرٍ مَرومٍ مُخاطِراً
بِمالِكَ هذا كُلَّهُ غَيرَ حاسِبِ

وَلكِن خَسِرتَ القَدحَ خُسرانَ جاهِدٍ
فَعُدتَ لِتَبَنّي بادِئاً غَيرَ يائِسِ

وَلَم تَكُ بَكّاءً عَلى ما فَقَدتَهُ
وَلَم تَكُ شَكّاءً وَلَم تَتَنَفَّسِ

إِذا أَنتَ أَجهَدتَ الفُؤادَ مَعَ العِدا
لِتَمضي في مَسعاكَ وَالغُنمُ سانِحُ

وَقَد خارَتِ الأَعصابُ مِنكَ وَلَم تَعُد
بِها فَضلَةً تَطوي عَلَيها الجَوانِحُ

مَضيتَ بِقَلبٍ واهِنِ الخَفقِ خائِر
تَكُرَّ وَجِسمٌ كادَ يُصبِحُ هالِكا

وَلَم تَبقَ مِن هذي القُوى غَيرَ عَزمَةٍ
تَصيحُ أَلا سِر جاهِداً في نِضالِكا

إِذا أَنتَ خالَطتَ الجَماهيرَ صائِناً
فَضائِلَكَ العُليا فَلَم تَتَلَوَّثِ

إِذا أَنتَ سايَرتَ المُلوكَ مُحافِظاً
لِطابِعِكَ الشَعبِيِ كَالمُتَشَبِّثِ

إِذا اِسطَعتَ أَن تُقصي عَدُوُّكَ عَن أَذى
وَتَأمَنَ حَتّى صاحِباً لَكَ وافِيا

إِذا أَنتَ قَدَّرتَ الرِجالَ جَميعَهُم
وَلَم تَكُ في هذا الحِسابِ مُغالِياً

بُنَيَّ إِذا حاسَبتَ كُلَّ دَقيقَةٍ
مِنَ الوَقتِ تَمضي لَيسَ تَرحَمُ عاتيه

مَلَأتَ بِها كُلَّ الثَواني وَلَم تَكُن
لَتَترُكَها تَمضي سُدىً كُلَّ ثانِيَه

سَتَحكُمُ في الدُنيا بُنَيَّ جَميعُها
وَتُصبِحُ لِلدُنيا العَريضَةِ مالِكا

وَأَعظَمُ مِن هذَينِ شَأناً سَتَغتَدي
بِها رَجُلاً فَوقَ الرِجالِ لِذالِكا


محمد الهمشري

الحمدان
07-11-2024, 05:35 PM
غَداً يا خَيالي تَنتَهي ضَحِكاتُنا
وَآلامُنا تَفنى وَتَفنى المَشاعِرُ

وَتُسلِمُنا أَيدي الحَياةِ إِلى البِلى
وَيَحكُمُ فينا المَوتُ وَالمَوتُ جائِرُ

جَلَستُ عَلى الصَخرِ الوَحيدِ وَحيداً
وَأَرسَلتُ طَرفي في الفَضاءِ شَريدا

وَكَفكَفتُ دَمعاً لا يُكَفكَفُ غَربُهُ
وَواسَيتُ قَلباً في الضُلوعِ عَميدا

أَرى صَفحَةَ الآمالِ قَد ضاقَ أُفقُها
وَلاحَ عَلى اليَأسِ البَعيدِ مَديدا

لَقَد عِشتُ في دُنيا الخَيالِ مُعَذَّباً
فَيا لَيتَ شِعري هَل أَموتُ سَعيدا

كَأَنَّ حَياتي غُنوَةٌ بَدَوِيَّةٌ
شَدَّتها اللَيالي لِلقُرونِ بِلا مَعنى

كَأَنّي أَنا فيها شَجى نَغَماتِها
أَقامَت لَها ذِكرى تَحُفُّ بِها الأُذُنا

لَئِن فاتَني عَهدُ الشَبابِ وَلَهوُهُ
فَإِنّي بِعُمري لَستُ آبَهُ أَو أُعنى

فَرُبَّ هَواءٍ طافَ في اللَحنِ وَأَمَحّى
يُخَلَّدُ عَن ريحٍ مُعمِرَةٍ قَرنا

لَقَد كُنتُ في الدُنيا جَمالاً يَزينُها
بِما شادَهُ شِعري عَلى هَذِهِ الدُنيا

خَلَقتُ لِروحي سِحرَها لا لِغَيرِها
وَمِن أَجلِها أَقضي وَمِن أَجلِها أَحيا

إِذا ذَبُلَ النارِنجُ عاشَ عَبيرُهُ
وَكانَ لَهُ في الوَهمِ مِن نَفحِهِ مَحيا

وَيَخلُدُ بَعدَ البَدرِ في الفِكرِ رَونَقٌ
يُغَذّي خَيالي الشِعرَ وَالحُبَّ وَالوَحيا


محمد الهمشري

الحمدان
07-11-2024, 05:35 PM
أَيُّها التائِهُ خَفِّف مِن خُطاك
إِنَّ في القَبرِ فُؤاداً ما سَلاك

شَيَّعَ الأَحلامَ في رَقدَتِهِ
وَسَلا الكُلَّ وَلَم يَذكُر سِواك

وَإِذا نادَيتَهُ مِن قَبرِه
هَب في القَبرِ مُجيباً لِنِداك

لَيسَ يَبغي أَن يَرى الجَنَّةَ في
نَفخَةِ الصورِ وَلكِن أَن يَراك

وَضَريحي بَينَ أَشجارِ الأَراكِ
فَتَعالَ وَاِسقِهِ عَلّي أَراك

إِن تَخَذتَ اليَومَ غَيري في الهَوى
فَأَنا لِلآنَ لَم أَعشَق سِواك

هاتِفٌ في المَوتِ يَدعوني كَما
كانَ في الدُنيا إِلى وَكرِ هَواك


محمد الهمشري

الحمدان
07-11-2024, 05:36 PM
أَلَم تَرَ لِلحُبِّ كَيفَ اِنبَرى
يُصَوِّرُ في الكَونِ أَبهى الصُوَر

وَكَيفَ تَرَقرَقُ مِنهُ النَسيمُ
وَكَيفَ تَرَققَ مِنهُ القَمَر

وَكَيفَ تَهَذَّبَ مِنهُ الحَمامُ
وَلَم يُرَ في البومِ هذا الأَثَر


محمد الهمشري

الحمدان
07-11-2024, 05:37 PM
أَلَم تَرَ البَدرَ مُصفَرّاً بِهِ مَرَضٌ
كَأَنَّهُ أَنا يا دُنيايَ تَشبيها

صادَتهُ مِنكَ لِحاظٌ في سَماوَتِهِ
فَباتَ في لَوعَةٍ مِنها يُقاسيها

في الأَرضِ مِنها قُلوبُ الناسِ شاكِيَه
وَفي السَماءِ مَلاكُ اللَيلِ يَبكيها

أَم هَل تَرى نورَهُ كَالدَمعِ مُنسَكِباً
يَهمي عَلى وَجنَةِ الأَزهارِ يَرويها

يَبُثُّ أَحزانَهُ لِلنَجمِ مُمتَثِلاً
وَلِلنُجومِ قُلوبٌ ما تُواسيها

فَيا لَهُ مِن شَجٍ قَد راحَ مُشتَكِياً
إِلى شَجٍ مِن هُمومٍ لَيسَ يَدريها

هذي النُفوسُ إِذا حانَت مَنِيَّتِها
فَفي عُيونِكَ سِحرٌ سَوفَ يُحييها


محمد الهمشري

الحمدان
07-11-2024, 05:37 PM
أَيُّها المَشرِقُ في عَليائِهِ
حُسنُكَ العالي عَلى الدُنيا سَبانا

أَنتَ لَحنُ الحُبِّ في الأَرضِ تُغَنّي
ذلِكَ الطَيرُ بِضاحيهِ اِفتَتانا


محمد الهمشري

الحمدان
07-11-2024, 05:38 PM
مِنكِ الجَمالُ وَمِنّي الحُبُّ يا نَوَسا
فَعَلِّلي القَلبَ إِنَّ القَلبَ قَد يَئِسا

يا حَبَّذا نَسمَةُ مِن توحَة خَطَرَت
أَطالَتِ النَفسُ مِن أَسبابِها النَفَسا

أَضُمُّها ضَمَّ مُشتاقٍ بِهِ خَبَلٌ
قَد رامَ كَتمَ هَوى أَحبابِهِ فَنَسا

إِن تَسمَعي قَرعَ ناقوسٍ بِقَريَتِكُم
في مَطلَعِ الفَجرِ يَنعى اللَيلَ وَالغَلَسا

فَإِنَّهُ قَلبيَ المَنكودِ يَذكُركُم
فَهَل سَمِعتِ بِقَلبٍ قَد غَدا جَرَسا

وَإِن تَأَلَّقَ بَرقٌ في سَماوَتِكُم
فَإِنَّهُ مِن لَهيبِ القَلبِ قَد قَبَسا

الروحُ إِن ظَمِئَت يَوماً فَحاجَتُها
خَمرٌ سَماوِيَّةٌ فاحَت بِها قُدُسا

وَأَنتِ يا توحُ روحانِيَّةٌ خُلِقَت
لِكَي تُرينا عُلا الجَنّاتِ مُنعَكِسا

هذا جَمالُكِ يَدعوني لِأَعشَقَه
لكِنَّ ثَغرَكِ يا دُنيايَ ما نَبَسا

اللَهُ يَشهَدُ أَنّي حينَ أَذكُركُم
أُديلُ دَمعاً عَلى الخَدَّينِ مُحتَبِسا

عَسى نَسيمُ الصِبا يَسري فَيُسعِفُ بي
قَلباً يَموتُ حَزيناً في الغَرامِ عَسى

فَإِن بَعَثتِ لَنا مِن توحَةٍ خَبَراً
فَكَم يُحِبُّكِ هذا القَلبُ يا نَوسا


محمد الهمشري

الحمدان
07-11-2024, 05:39 PM
إيه يا شاعِري كَفاكَ مَقاما
ها هُنا فَالفَناءُ جَمُّ الضِفافِ

لَيسَ شَطُّ الأَعرافِ هذا وَلكِن
هُوَ رُكنٌ مِن شاطِىءِ الأَعرافِ

سَتَرى مَخبَأَ اللَيالي وَتَلقى
مَصرَعَ الوَقتِ في دُجاهُ الضافي

حَيثُ لا مَعلَمٌ هُنالِكَ يَهدي
لا وَلا فَوقَهُ يُصاخُ لِطافِ

فَسَرى فُلكُها يَشُقُّ الدَياجى
في ذَميلٍ مَسيرُهُ رَكّاضِ

يَمخَرُ المَوجَ وَالعُبابَ بِقَيدومٍ
كَريهٍ عَلى الرَدى خَوّاضِ

وَإِذا بي أَحَسُّ صَوتاً حَنوناً
طائِفاً في الرَدى بِأَرخَمِ جَرسِ

يَتَهادى عَلى السُكونِ رَخيما
وَيُناجي الأَرواحَ في مِثلِ هَمسِ

وَهِيَ في المَوتِ لا تَحِسُّ بِنَجوى
مِن غَناءِ وَلا تُصيخُ لِحِسِّ
سَكَنَت سَكنَةً يُعانِقُها الصَم

تُ وَأَسرى بِها فَناءٌ مُغسِيِّ
أَخَذَ الصَوتُ في اِزدِيادِ خُفوتٍ

وَسَجوٍ عَلى السُكونِ مَديدِ
مُستَديراً عَلى الفَضاءِ يُداني

طَرفُ هذا الفَضاءِ حَدَّ الوُجودِ
وَبَدا فَوقَ هامَةِ الأُفقِ نورٌ

ساطِعُ الجَوِّ خاطِفٌ مِن بَعيدِ
وَإِذا مَوكِبٌ يَتيهُ عَلَيهِ

مِثلُ قَصرٍ مِنَ الضِياءِ مَشيدِ
هُوَ رَكبُ الحَياةِ يَمشي حَثيثاً

مُستَخِفّاً إِلى ضَريحِ اللَيالي
فَهُوَ مَثوى الأَحقابِ بَعدَ تَمامٍ

وَمَقَرُّ الأَجيالِ بَعدَ اِكتِمالِ
قِف تَأَمَّل فُلكَ الحَياةِ عَلَيهِ

مَلَكٌ في وَضاءَةٍ وَجَلالِ
عَبقَرِيُّ الخَيالِ في سُندِسٍ خُضرٍ

يَغني في بَهرَةٍ وَاِختِيالِ
وَسَرَت خَلفَهُ زَوارِقُ شَتّى

تَتَراءى كَأَنَّها أَحلامُ
فَتَرى زَورَقَ الجَمالِ عَلَيهِ

مُسمِعاتٌ غِناؤُهُنَّ سَلامُ
وَتَرى زَورَقَ الشُرورِ عَلَيهِ

مُسمِعاتٌ غِناؤُهُنَّ سِقامُ
وَتَرى خَلفَها زَوارِقَ شَتّى

مُنشِئاتٍ وَكُلَّها آثامُ
جُبِلَت هذِهِ الياةُ عَلى الشرِّ
وَإِن كانَ نامِياً في الخَيرِ

وَأَرى الخَيرَ مِن ثِمارٍ ضِرارٍ
وَجَدَت خَصبَ أَرضِها في الشَرِّ

إِن هذا التُرابَ وَهوَ قَبيحٌ
فاحَ مِن روحِهِ أَريجُ الزَهرِ

لَيسَ هذا النَعيمُ غَيرَ شَقاءٍ
فَحَذارِ حَذارِ مِن أُمِّ دَفرِ

وَمَضى الرَكبُ في الرَدى وَتَلاشى
أَثَرُ الرَكبِ في ضَريحِ اللَيالي

فَكَأَنَّ الحَياةَ كانَت مَناماً
وَغُرورُ الحَياةِ طَيفُ خَيالِ


محمد الهمشري

الحمدان
07-11-2024, 05:39 PM
أَشرِقي كَالصُبحِ غَرّاءَ الجَبين
وَاِنشُري نورَكِ يَهدي العالَمين

وَاِطلُعي في لَيلِ حُزني كَوكَباً
تَعصِميني مِن ضَلالِ العاشِقين

وَاِطرَحي في قَفرِ عُمري زَهرَةً
عَلَّها تَنمو وَتَزكو بَعدَ حين

وَاِبسِمي تَبسُم لَنا بيضُ المُنى
وَاِضحَكي تَضحَك لَنا غُرُّ السِنين

ها هُوَ اللَيلُ كَما كانَ بَدا
يَحمِلُ الحُزنَ لِقَلبي وَالحَنين

هَيكَلُ الأَحزانِ في مَذبَحِهِ
قَرَّبَ العُشّاقَ قُربانَ العُيون

رَتَّل الشَمّاسُ فيهِ لَحنَهُ
وَصَدى تَرتيلَهُ هذي الشُجون

عِطرُهُ أَحزانُ أَزهارِ الرُبا
وَنَداهُ عَبَراتُ البائِسينَ

وَسَرِيِّ النَسمِ في أَحشائِهِ
مُهُجٌ ذابَت وَأَرواحٌ فَنين

كُلُّ شَيءٍ هانَ في شَرعِ الهَوى
يا مَلاكي وَالهَوى لَيسَ يَهون

لَم يَرَ اللَيلُ سِوى بِنتَ هَوىً
قَرَأَت ما سَتُعاني في الجَبين

لَبِسَت في بِدئِهِ ثَوبَ الهَوى
وَبِأُخراهُ ثِيابَ النادِمين

وَعَميدٌ باتَ مَطوِيَّ الحَشا
في سُكونِ اللَيلِ مَبحوحَ الأَنين

قامَ فيهِ مِثلَ طَيفٍ غابِرِ
وَكَأَنَّ اللَيلَ مِحرابُ القُرون

وَمُغَنٍّ غَلَبَ الحُزنَ عَلى
وَتَرِ اللَهوِ لَدَيهِ وَالمَجون

لَيسَ يَدري فِكرُهُ ما لَحنُهُ
وَهوَ رَجعُ السِحرِ في ماضٍ شُطون

وَأَليفٌ سامَرَ اللَيلَ عَلى
ذِكرِ عَهدٍ مِن عُهودِ الغائِبين

كُلُّهُم خَفَّ وَلَم تَبقَ سِوى
ذِكرَياتٍ أَرعَشَت أُفقَ الجُفون

أَيُّها اللَيلُ أَتَينا نَشتَكي
فَاِستَمِع شَكوى الحَزانى المُتعَبين

هدَّنا الحُزنُ وَأَضنانا الأَسى
وَبَرانا الوَجدُ في دُنيا الشُجون

قَد شَكَوناكَ وَجِئنا نَشتَكي
لَكَ شَيئاً في خَيالِ الذاهِلين

إِنَّني يا لَيلُ أَحكي غُنوَةً
فَنَيِت فيكَ عَلى مَرِّ السِنين

وَاِستَحالَت في البَلى قُبَّرَةً
تَتَغَنّى في دُجى وادي المَنون

إِنَّني يا لَيلُ أَحكي حُزمَةً
مِن شُعاعٍ في سَماءِ الحالِمين

ضَمَّها نَحوَكَ فِكرٌ هائِلٌ
أَزعَجَ الأَربابَ بَينَ الثائِرين

وَاِستَحالَت عِندَها مِن غَضَبٍ
زَهرَةً في عالَمٍ غَيرَ مُبين

تَنفَحُ المَوتَ وَتُدلي عودَها
نَحوَ أَشباحِ المَنايا العابِرين

إِنَّني عاطِفَةٌ قَد غالَها
مِنكَ فِكرٌ طَيِّهُ المَوتُ دَفين

حاوَلَت تَعرِفُ أَسرارَ الأَسى
مِنكَ يا لَيلُ وَأَسرارَ الأَنين

فَاِستَحالَت جَدوَلاً تَعبُرهُ
فَزَعاتُ المَوتِ لَيلاً في سَفين

هذِهِ أُغنِيَتي رَتَّلتُها
لَكِ يا دُنياي في دَيرِ السُكون

لَحنَها أَنتِ وَحُزني وَقعُها
وَنَذيرُ المَوتِ بَعضُ السامِعين

لا تَلومي ما بِها مِن حَزنٍ
إِنَّما الأَحزانُ موسيقى الحَزين

أَعذَبُ الأَلحانِ لَحنٌ أُفرِغَت
فيهِ أَناتُ الأَسى طَيَّ الحَنين

عانِقيني في الدُجى اِقتَرِبي
إِنَّني أَفزَعُ مِمّا تَفزَعين

قَرِّبي خَدَّكِ ضُمّيني إِلى
صَدرِكِ الحاني اِلثَمي هذا الجَبين

اِترُكيني فيكِ أَفنى مِثلَما
فَنِيَت في اللَهِ روحُ الناسِكين

إِنَّما نَحنُ كَركَبٍ ضَلَّ في
تيهِ صَحراءٍ بِقَومٍ تائِهين

قَد نَسينا كُلَّ ما كانَ لَنا
وَتَرَكنا في غَدٍ ما سَيَكون


محمد الهمشري

الحمدان
07-11-2024, 05:40 PM
علَّمتني الحياةُ أن أتلقّى
كلَّ ألوانها رضاً وقبولا

ورأيتُ الرِّضا يخفِّف أثقا
لي ويُلقي على المآسي سُدولا

والذي أُلهم الرِّضا لا تراهُ
أبدَ الدهر حاسداً أو عَذولا

أنا راضٍ بكل ما كتب الله
ومُزْجٍ إليه حَمْداً جَزيلا

أنا راضٍ بكل صِنفٍ من النا
سِ لئيماً ألفيتُه أو نبيلا

لستُ أخشى من اللئيم أذاه
لا، ولن أسألَ النبيلَ فتيلا

فسح الله في فؤادي فلا أر
ضى من الحبِّ والوداد بديلا

في فؤادي لكل ضيف مكان
فكُنِ الضيفَ مؤنساً أوثقيلا

ضلَّ من يحسب الرضا عن هَوان
أو يراه على النِّفاق دليلا

فالرضا نعمةٌ من الله لم يسعد
بها في العباد إلا القليلا

والرضا آيةُ البراءة والإيمان
بالله ناصراً ووكيلا

علمتني الحياةُ أنَّ لها طعمَين
مُراً، وسائغاً معسولا

فتعوَّدتُ حالَتَيْها قريراً
وألفتُ التغيير والتبديلا

أيها الناس كلُّنا شاربُ الكأ
سَين إنْ علقماً وإنْ سلسبيلا

نحن كالرّوض نُضْرة وذُبولا
نحن كالنَّجم مَطلعَاً وأُفولا

نحن كالريح ثورة وسكوناً
نحن كالمُزن مُمسكاً وهطولا

نحن كالظنِّ صادقاً وكذوباً
نحن كالحظِّ منصفاً وخذولا

قد تسرِّي الحياةُ عني فتبدي
سخرياتِ الورى قَبيلاً قَبيلا

فأراها مواعظاً ودروساً
ويراها سواي خَطْباً جليلا

أمعن الناس في مخادعة النّفـ
ـسِ وضلُّوا بصائراً وعقولا

عبدوا الجاه والنُّضار وعَيناً
من عيون المَهَا وخدّاً أسيلا

الأديب الضعيف جاهاً ومالاً
ليس إلا مثرثراً مخبولا

والعتلُّ القويُّ جاهاً ومالاً
هو أهدى هُدَى وأقومُ قيلا

وإذا غادة تجلّت عليهم
خشعوا أو تبتّلوا تبتيلا

وتَلوا سورة الهيام وغنّو
ها وعافوا القرآن والإنجيلا

لا يريدون آجلاً من ثواب الله
إنَّ الإنسان كان عجولا

فتنة عمّت المدينة والقر
يةَ لم تَعْفِ فتية أو كهولا

وإذا ما انبريتَ للوعظ قالوا
لستَ رباً ولا بُعثتَ رسولا

أرأيت الذي يكذِّب بالد
ين ولا يرهب الحساب الثقيلا

أكثرُ الناس يحكمون على النا
س وهيهات أن يكونوا عدولا

فلكم لقَّبوا البخيل كريماً
ولكم لقَّبوا الكريم بخيلا

ولكم أعطَوا الملحَّ فأغنَوا
ولكم أهملوا العفيفَ الخجولا

ربَّ عذراء حرّة وصموها
وبغيٍّ قد صوّروها بتولا

وقطيعِ اليدين ظلماً ولصٍ
أشبع الناس كفَّه تقبيلا

وسجينٍ صَبُّوا عليه نكالاً
وسجينٍ مدلّلٍ تدليلا

جُلُّ من قلَّد الفرنجة منا
قد أساء التقليد والتمثيلا

فأخذنا الخبيث منهم ولم
نقبسِ من الطيّبات إلا قليلا

يوم سنَّ الفرنج كذبةَ إبريلَ
غدا كل عُمْرنا إبريلا

نشروا الرجس مجملاً فنشرنا
هُ كتاباً مفصَّلاً تفصيلا

علمتني الحياة أنَّ الهوى سَيْلٌ
فمن ذا الذي يردُّ السيولا

ثم قالت: والخير في الكون باقٍ
بل أرى الخيرَ فيه أصلاً أصيلا

إنْ ترَ الشرَ مستفيضاً فهوِّن
لا يحبُّ الله اليئوس الملولا

ويطول الصراع بين النقيضَينِ
ويَطوي الزمانُ جيلاً فجيلا

وتظلُّ الأيام تعرض لونَيْ
ها على الناس بُكرةً وأصيلا

فذليلٌ بالأمس صار عزيزاً
وعزيزٌ بالأمس صار ذليلا

ولقد ينهض العليلُ سليماً
ولقد يسقطُ السليمُ عليلا

ربَّ جَوعانَ يشتهي فسحة العمرِ
وشبعانَ يستحثُّ الرحيلا

وتظلُّ الأرحامُ تدفع قابي
لاً فيُردي ببغيه هابيلا

ونشيد السلام يتلوه سفّا
حون سَنُّوا الخراب والتقتيلا

وحقوق الإنسان لوحة رسّا
مٍ أجاد التزوير والتضليلا

صورٌ ما سرحتُ بالعين فيها
وبفكري إلا خشيتُ الذهولا

قال صحبي: نراك تشكو جروحاً
أين لحن الرضا رخيماً جميلا

قلت أما جروح نفسي فقد عوَّ
دْتُها بَلسَمَ الرضا لتزولا

غيرَ أنَّ السكوتَ عن جرح قومي
ليس إلا التقاعسَ المرذولا

لستُ أرضى لأمة أنبتتني
خُلُقاً شائهاً وقَدْراً ضئيلا

لستُ أرضى تحاسداً أو شقاقاً
لستُ أرضى تخاذلاً أو خمولا

أنا أبغي لها الكرامة والمجدَ
وسيفاً على العدا مسلولا

علمتني الحياة أني إن عشتُ
لنفسي أعِشْ حقيراً هزيلا

علمتني الحياةُ أنيَ مهما
أتعلَّمْ فلا أزالُ جَهولا


محمد مصطفى حمام

الحمدان
07-11-2024, 05:41 PM
آنست نور الله جلَّ جلاله
ومشيت حيث مشي النبُّي وآله

وبلغت أحسن ما تمني مسلم
وأعزُّ ما يسمو إليه خيالُه

مُكِّنتُ من حظِّي فليس بشاغلي
إدباره عني ولا إقباله

من تختتم سفر الحياة برجعة
لله طاب ختامه ومآله

يا رب جاء إليك يسألك الهدي
عبد له عصيانه وضلاله

قد خال آفاق الحجاز تضيق عن
آثامه وبها تنوء جباله

هذا المنيب إلي عفوٍّ غافر
ما باله في روعه من حاله

ذكر الوعيد فزعزعت آماله
خوف الوعيد وزلزلت أوصاله

حتي إذا البيت المحَّرم ضمّهُ
قرَّت بلابله وأصلح باله

يا رب قد حققت لي أملي ومن
آواه بيتك لم تخب آماله

أنزلت في القلب اللهيف سكينة
لا روعه باق ولا زلزاله

يا من يحب التائبين دعاك من
صدق المتاب فهل يجاب سؤاله

المسلمون ودينهم في محنة
لم يخف حالهم عليك وحاله

وأراهم متفرقين كأنهم
جسم سوي مزقت أوصاله

وأراهم قد مكنوا لعدوهم
فتملكت أعناقهم أغلاله

صال العدو عليهمو متجبرا
واشتد فيهم بطشه ونكاله

وأخال منهم من يخون قبيله
ومن الخيانة جاهه أو ماله

وأخال من فساقهم من غره
إمهال رب العرش لا إهماله

وأخال منهم من يتوب لعلة
فإذا انقضت غلب المتاب ضلاله

يا رب ألهمنا صراطك تنصرف
عنا مآسي يومنا ووباله

يا من ينير الروح باهر نوره
ويزفُّ ألوان الجمال جماله



محمد مصطفى حمام

الحمدان
07-11-2024, 05:41 PM
ومن يُعدد زواجاً دون ملجئه
فقد أتى بضرارٍ أو أتى ضررا

ليس التعدد إلا رخصة فإذا
أسرفت فيها ركبت الحُمق والخطرا

من ينتقص حق أولاه لثانيةٍ
لم يلق من ربهِ عفواً إذا اعتذرا

وفي التعدد إن أدركت حكمته
برٌّ ورحمى وجبرٌ للذي كُسِرا

من للمطلقةِ الحسناء يعصمها
وللعوانسِ تفنى عمرها ضجرا

وللأرامل والأحزان تعصرها
والحزن يفتك بالأعواد إن عصرا

ومن لأمِّ اليتامى هل تفوتهمو
بالحدِّ معتصرا والقد مهتصرا

وما الغطاء لمن زلّت وساورها
من الفضيحةِ طيف يُرسل النذرا

وما السبيل إلى ذريةٍ نُجُبٍ
إن كنت زوج عقيمٍ حظها عثرا

هو التعدد كم آوى اليتيم وأشـ
ـباه اليتيم وكم واسى وكم سترا

هو الحلال الذي ينفي الحرام وكم
حمى من الفُحشِ أنثى أو حمى ذكرا

عدِّد إذا اسطعتَ، لكن عادلاً لبِقاً
لا تعطينّ الهوى سمعاً ولا بصرا

واحكم رعاياك بالحبِّ الصحيح تجد
مَغناك لا غَيرةٍ يشكو ولا غِيرا

لا تخشو الفقر كم من أسرةٍ شبعت
عزّاً ومالاً وفردٌ خابَ وافتقرا



محمد مصطفى حمام

الحمدان
07-11-2024, 05:42 PM
بك أستجير ومن يجير سواكا
فأجر ضعيفاً يحتمي بحماكا

إنّي ضعيف أستعين على قوى
ذنبي ومعصيتي ببعض قواكا

أذنبت يا ربي وآذتني ذنوب
مالها من غافر إلا كا

دنياي غرتني وعفوك غرني
ما حيلتي في هذه أو ذا كا

لو أن قلبي شك لم يك مؤمناً
بكريم عفوك ما غوى وعصاكا

يا مدرك الأبصار والأبصار لا
تدري له ولكنهه إدراكا

أتراك عين والعيون لها مدى
ما جاوزته ولا مدى لمداكا

إن لم تكن عيني تراك فإنني
في كل شيء أستبين عُلاكا

يا منبت الأزهار عاطرة الشذا
هذا الشذا الفواح نفح شذاكا

يا مرسل الأطيار تصدح في الربا
صدحاتها تسبيحة لعـلاكا

يا مجري الأنهار ما جريانها
إلا انفعالة قطرة لنداكا

رباه ها أنا ذا خلصت من الهوى
واستقبل القلب الخلي هواكا

وتركت أنسي بالحياة ولهوها
ولقيت كل الأنس في نجواكا

ونسيت حبي واعتزلت أحبتي
ونسيت نفسي خوف أن أنساكا

ذقت الهوا مراً ولم أذق الهوى
يا رب حلواً قبل أن أهواكا

أنا كنت يا ربي أسير غشاوة
رانت على قلبي فضل سناكا

واليوم يا ربي مسحت غشاوتي
وبدأت بالقلب البصير أراكا

يا غافر الذنب العظيم وقابلا
للتوب: قلب تائب ناجاكا

أترده وترد صادق توبتي
حاشاك ترفض تائباً حاشاك

يا رب جئتك نادماً أبكي على
ما قدمته يداي لا أتباكى

أنا لست أخشى من لقاء جهنم
وعذابها لكنني أخشاكا

أخشى من العرض الرهيب عليك يا
ربي وأخشى منك إذ ألقاكا

يا رب عدت إلى رحابك تائباً
مستسلماً مستمسكاً بعراكا

مالي وما للأغنياء وأنت يا
رب الغني ولا يحد غناكا

مالي وما للأقوياء وأنت يا
ربي ورب الناس ما أقواكا

مالي وأبواب الملوك وأنت من
خلق الملوك وقسم الأملاكا

إني أويت لكل مأوى في الحياة
فما رأيت أعز من مأواكا

وتلمست نفسي السبيل إلى النجاة
فلم تجد منجى سوى منجاكا

وبحثت عن سر السعادة جاهداً
فوجدت هذا السر في تقواكا

فليرض عني الناس أو فليسخطوا
أنا لم أعد أسعى لغير رضاكا

أدعوك يا ربي لتغفر حوبتي
وتعينني وتمدني بهداكا

فاقبل دعائي واستجب لرجاوتي
ما خاب يوماً من دعا ورجاكا

يا رب هذا العصر الحد عندما
سخرت يا ربي له دنياكا

علمته من علمك النوويَّ ما
علمته فإذا به عاداكا

ما كاد يطلق للعلا صاروخه
حتى أشاح بوجهه وقلاكا

واغتر حتى ظن أن الكون في
يمنى بني الانسان لا يمناكا

و ما درى الانسان أن جميع ما
وصلت إليه يداه من نعماكا

أو ما درى الانسان أنك لو أردت
لظلت الذرات في مخباكا

لو شئت ياربي هوى صاروخه
أو لو أردت لما أستطاع حراكا

يأيها الانسان مهلاً وائتئذ
واشكر لربك فضل ما أولاكا

واسجد لمولاك القدير فإنما
مستحدثات العلم من مولاكا

الله مازك دون سائر خلقه
وبنعمة العقل البصير حباكا

أفإن هداك بعلمه لعجيبة
تزور عنه وينثني عطفاكا

إن النواة ولكترنات التي
تجري يراها الله حين يراكا

ما كنت تقوى أن تفتت ذرة
منهن لولا الله الذي سواكا

كل العجائب صنعة العقل الذي
هو صنعة الله الذي سواكا

والعقل ليس بمدرك شيئاً اذا
مالله لم يكتب له الإدراكا

لله في الآفاق آيات لعل
أقلها هو ما إليه هداكا

ولعل ما في النفس من آياته
عجب عجاب لو ترى عيناكا

والكون مشحون بأسرار إذا
حاولت تفسيراً لها أعياكا

قل للطبيب تخطفته يد الردى
ياشافي الأمراض : من أرداكا

قل للمريض نجا وعوفي بعد ما
عجزت فنون الطب من عافاكا

قل للصحيح يموت لا من علة
من بالمنايا ياصحيح دهاكا

قل للبصير وكان يحذر حفرة
فهوى بها من ذا الذي أهواكا

بل سائل الأعمى خطا بين الزَّحام
بلا اصطدام : من يقود خطاكا

قل للجنين يعيش معزولاً بلا
راع ومرعى : مالذي يرعاكا

قل للوليد بكى وأجهش بالبكاء
لدى الولادة : مالذي أبكاكا

وإذا ترى الثعبان ينفث سمه
فاسأله : من ذا بالسموم حشاكا

وأسأله كيف تعيش ياثعبان أو
تحيا وهذا السم يملأ فاكا

وأسأل بطون النحل كيف تقاطرت
شهداً وقل للشهد من حلاَّكا

بل أسأل اللبن المصفى كان بين
دم وفرث مالذي صفاكا

وإذا رأيت الحي يخرج من حنايا
ميت فاسأله: من أحياكا

وإذا ترى ابن السودِ أبيضَ ناصعاً
فاسأله : مِنْ أين البياضُ أتاكا

وإذا ترى ابن البيضِ أسودَ فاحماً
فاسأله: منْ ذا بالسواد طلاكا

قل للنبات يجف بعد تعهد
ورعاية : من بالجفاف رماكا؟

وإذا رأيت النبت في الصحراء يربو
وحده فاسأله : من أرباكا

وإذا رأيت البدر يسري ناشرا
أنواره فاسأله : من أسراكا

وأسأل شعاع الشمس يدنو وهي أبعد
كلّ شيء مالذي أدناكا؟ط

قل للمرير من الثمار من الذي
بالمر من دون الثمار غذاكا

وإذا رأيت النخل مشقوق النوى
فاسأله : من يانخل شق نواكا

وإذا رأيت النار شب لهيبها
فاسأل لهيب النار: من أوراكا

وإذا ترى الجبل الأشم منا طحاً
قمم السحاب فسله من أرساكا

وإذا رأيت النهر بالعذب الزلال
جرى فسله؟ من الذي أجراكا

وإذا رأيت البحر بالملح الأجاج
طغى فسله: من الذي أطغاكا

وإذا رأيت الليل يغشى داجيا
فاسأله : من ياليل حاك دجاكا

وإذا رأيت الصبح يُسفر ضاحياً
فاسأله: من ياصبح صاغ ضحاكا

هذي عجائب طالما أخذت بها
عيناك وانفتحت بها أذناكا

والله في كل العجائب ماثل
إن لم تكن لتراه فهو يراكا

يا أيها الإنسان مهلا مالذي
بالله جل جلاله أغراكا

حاذر إذا تغزو الفضاء فربما
ثآر الفضاء لنفسه فغزاكا

اغز الفضاء ولا تكن مستعمرا
أو مستغلا باغيا سفاكا

إياك ان ترقى بالاستعمار في
حرم السموات العلا إياكا

إن السموات العلا حرم طهور
يحرق المستعمر الأفاكا

اغز الفضاء ودع كواكبه سوابح
إن في تعوبقهن هلاكا

إن الكواكب سوف يفسد أمرها
وتسيء عقباها إلى عقباكا

ولسوف تعلم أن في هذا قيام
الساعة الكبرى هنا وهناكا

أنا لا أثبط من جهود العلم أو
أنا في طريقك أغرس الأشواكا

لكنني لك ناصح فالعلم إن
أخطأت في تسخيره أفناكا

سخر نشاط العلم في حقل الرخاء
يصغ من الذهب النضار ثراكا

سخره يملأ بالسلام وبالتعاون
عالماً متناحراً سفاكا

وادفع به شر الحياة وسوءها
وامسح بنعمى نوره بؤساكا

العلم إحياء وإنشاء وليس
العلم تدميراً ولا إهلاكا

فإذا أردت العلم منحرفاً فما
أشقى الحياة به وما اشقاكا


ابراهيم بديوي

الحمدان
07-11-2024, 05:43 PM
رِفْقًا بقَلْبي كَفَاني مِنْكَ هِجْرَانَا
وَارْحَمْ فجَفْني يَبِيتُ الليلَ يقظانا

أتيتُ والحبُّ يدعوني ويدفعُني
والشَّوْقُ بين ضلوعي شبَّ نِيرَانَا

وجئتُ والدمع منهلٌّ ومنهمرٌ
ينسابُ من جفني المقروحِ طوفانا

فارحمْ دموعي لا تطردْ شفاعتَها
فالدمعُ يشفعُ للعُشَّاق أحيانَا

يسلو المحبُّون أحيانًا إذا يئسوا
وقد يئستُ فما حاولتُ سلوانَا

حُبِّي لِطَهَ عجيـبٌ في تصرُّفه
إن زاد يأي يزيدُ القلب تَحْنَانَا

يا سيِّدَ الخلقِ صِلْني واشْفِ لِي ظمئي
وَاسْألِ اللهَ لي عَفْوًا وغُفْرَانَا

هذي ذنوبي جلَّتْ لستُ أذكرُها
إلا استبدَّتْ بيَ الأحزانُ ألوانا

مولايَ يا خيرَ من تُرجى شفاعتُه
إذا شفعتَ فذنبي كلُّه هانَا

فاشفعْ فأنت شفيعُ الناسِ قاطبةً
ولم يُشَفِّعْ سِوَاكَ الله إنسانا

أعطاك ربُّك ما لم يعطه أحدًا
علمًا وحلمًا وإخلاصًا وإيمانَا

وأنت أعظمُ خلقِ اللهِ مكرمةً
وأنت أطهرُهُم حِسًّا ووجدانَا

أتيت والكونُ أعْمَى حائرٌ قَلِقٌ
والناسُ كانُوا به صُمًّا وعُمْيَانَا

فَشَاعَ نُورُكَ يجلُو كُلَّ مظلمـةٍ
وفاضَ هدْيُكَ يَهْدِي الإنسَ والجانا

أتيتَ والناسُ أجناسٌ مُمَزَّقةٌ
فاضتْ قلوبُهُمُ بَغْيًا وَعُدْوانَا

فَرُحْتَ تمحو فروقَ الجنسِ بينهمُ
حتَّى جعلتَهُمُ في اللَّهِ إخْوَانَا

أتيتَ والناسُ في أديانهم عجبٌ
حيرانُ قلَّد في الإشراكِ حيرانا

فقمتَ تدعو إِلَهًا واحدًا أحدًا
ربَّ السماء وربَّ الأرضِ رَحْمَانَا

دعوْتَهُمْ يَعْبُدُونَ الله فامتلئُوا
حقدًا وزادُوا على الكُفرانِ كُفرانَا

فلم يروِّعْكَ سيفُ الكفرِ مُنْصَلِتًا
ولَمْ يُخِفْكَ عَدُوُّ الله غَضْبَانَا

ومَدَّك الله بالآياتِ عاجلةً
فجاء يسعى إليك النصرُ عجْلانا

وأقبل الفتحُ وانسابتْ مواكبُهُ
ودانَ للهِ مَنْ لَوْلاكَ ما دانا

وآمنَ الناسُ بالرحمنِ وامـتثلوا
وعزَّ بالله والإسلامِ مَنْ هَانَا

أتيت والعَرَبُ البَادُونَ قد مَلَكُوا
أعِنَّةَ القولِ واقْتَادُوهُ فُرْسَانَا

إن ينظمـوا سحروا أو ينثروا بَهَرُوا
هُمُ الفِصَاحُ جَلَوْا قُسًّا وسَحْبَانا

فجاءك اللهُ بالقرآنِ معجزةً
تَحَدَّتِ اللُّسْنَ تجويدًا وإتقانا

قالوا: هي الشعر أين الشعر من سُوَرٍ
تَهْدِي الحياتَيْنِ: دنيانا وأخْرانا

تَجْري الحقائقُ في القرآنِ مُرْسَلَةً
والشعرُ يَجْرِي خَيَالاتٍ وأوزانا

قالوا: هي السحرُ أين السحرُ من غُرَرٍ
ضَاءتْ فكانتْ يواقيتًا وعِقْيَانَا

السحرُ يَجْري ضلالاتٍ مُزَوَّرةً
وتلك تَجْري هِداياتٍ وفُرْقَانَا

اللهُ أنْزَلَهَا بالحقِّ بيِّنةً
فبانَ منها جبينُ الْحَقِّ وازْدانا

واللهُ أنزلَهَا آيًا مفصَّلَةً
ففَصَّلَتْ لرؤوسِ القوْلِ تيجَانَا

مولاي جئتَ إلى الدنيا بمعجزةٍ
كانت وما برحتْ للحقِّ عُنْوَانَا

يا سيدي كلُّ شيءٍ كان يُعْوِزُهُ
مِيزانُهُ فأتى القُرْآنُ ميزانَا

موسى أتى بالعصا تنسابُ لاقفةً
ما خيَّلَ السِّحْرُ ثُعْبَانًا فثُعْبَانَا

وجاء عيسى يداوي كلَّ ذي سقمٍ
ويُرْجِعُ الميْتُ حيًّا مثلما كانَا

الْمُرْسَلُونَ أتى كُلٌّ بمعجزةٍ
كانت تَبينُ عن الدنيا إذَا بانا

وأنتَ جئتَ إلى الدنيا بباقيةٍ
حسناءَ كانت لعينِ الخلدِ إنسانا

نُقِلْتَ للمَلإِ الأعْلَى وما فتئتْ
تُحْيِي وتُنْشِئُ أجْيالاً وأزْمَانَا

مولاي يا سيدَ الدنيا وصفـوَتَها
أدْرِكْ فقد غرقت في الشرِّ دنيانا

عادَ الزمانُ إلى ما كان مُرْتَكَسًا
في الجاهليَّةِ خدَّاعًا وخَوَّانا

والناسُ أمْسَوْا كما أمسى زمانُهُمُ
صَرْعَى الرَّذَائِلِ أرْوَاحًا وأبْدَانا

قد عاوَدُوا الظلمَ واسْتحْلَوْا مَرَاتعَهُ
وباتَ عادلُهُمْ بالعَدْلِ غَصَّانَا

وعاقروا الخمرَ لم أنظرْ لمجتمعٍ
إلاَّ رأيتُ به سَكْرَى وسَكْرَانَا

وطفَّفُوا الكيْلَ إن كالوا وإن وزنُوا
رَأَيتَهُمْ مَلَئُوا الميزانَ خُسْرَانا

حتى الأماناتُ ما بالَوْا بِهَا فإذا
أَنْتَ ائتمنتَ أمينًا مِنْهُمُ خَانَا

مَوْلايَ إنَّا ارتكبْنَا كُلَّ معصيةٍ
حتَّى مَلأنَا كتابَ العُمْرِ عِصْيَانَا

إنا ارتكبْنَا خطايانا بلا خَجَلٍ
حتى لقد خجِلَتْ منَّا خطايانا

فاشفعْ لنا واسْأَلِ الرحمنَ مَغْفِرَةً
أنتَ الشفيعُ لدنيانا وأُخْرَانَا


ابراهيم بديوي

الحمدان
07-11-2024, 05:44 PM
أَتاني وارد يَدعو حَثيثا
فَفَضلت الرَحيل عَلى البَقاء

وَها أَنا سابح في بَحر فَيض
وَلا أَدري إِلى أَين اِنتِهائي

أَعزائي أَودعكم بِروحي
وَأَدعوكم إِلي صدق الإِخاء

وَأَرجو مِنكُم الإِخلاص دَوماً
وَأَوصيكُم بِتَقوى ذي العَطاء


احمد القوصي

الحمدان
07-11-2024, 05:45 PM
لَقَد هانَ نَفسي حالَ ضيقي وَشدَتي
فَكَيفَ خَلاصي أَوا قلة عَثرَتي

فَلَم أَرَ إِلا أَن أَقول وَسيلَتي
نَبى الهُدى أَرجو شَفاعتك الَّتي

إِذا ماتو إِلى الخَطب قُلت أَنالَها
فَكُن لي نَبي اللَه بِاللَهِ مُنجِداً

فَمن أَنتَ مَنجاه فَقَد نالَ سُؤسا
فَكَيفَ أَرى ضَيماً وَجاهَكَ لي هُدى

وَقَد جدبي وَجدي فَجئتك قاصِدا
وَأَشفَقت مِن ذَنبي عَسى أَن أَنالَها


احمد القوصي

الحمدان
07-11-2024, 06:26 PM
"وَكُلَّمَا زَادَ بِي شَوْقِي"أَقُولُ لَهَا:
يَاحِبّةُ الْقَلْبِ إِنّ الشَّوْقَ أَعيَانِيٌّ

اللَّهُ يَعْلَمُ أَنَّ الْحُبّ أَتْلَفَنِي
وَكَادَ يَفْتَكُ فِي أَعْمَاقِ شِرْيَانِيٍّ

قَدْ طَالَ بُعدُكِ عَنِّي يَا مُعَذّبَتِي
وَكَثرَةُ الْبُعدِ مَا كَانَت بِحُسبَانِي

بَيْنِي وَبَينَكِ مَا لَا شِعرَ يَذْكُرُهُ
أَيّ الْقَصِيدُ تَرَى يَكْفِي لِأَشجَانِي؟


......

الحمدان
07-11-2024, 06:33 PM
قال أبو عمرو بن العَلاء

«ما بَكت العربُ شيئاً ما بَكَت الشباب وما بلغت ما هو أهله».

قال صريع الغواني مسلم بن الوليد

واهاً لِأَيّامِ الصِّبا وزَمانِهِ
لَو كانَ أَسعَفَ بِالمُقامِ قَليلا

سَلْ عَيشَ دَهرٍ قَد مَضَت أَيّامُهُ
هَل يَستَطيعُ إِلى الرُّجوعِ سَبِيلا

لو عادَ آخِرُهُ كأَوَّلِ عهدِهِ
فيما مضى لَم أَشفِ منهُ غليلا

ولأهل الأندلس حظٌّ وافر في هذا الباب، كقول ابن حمديس

كيفَ لا أَبكي بهذا كلّهِ
وأنا الفاقدُ ريعانَ الشبابْ

صدَّت البِيضُ عن البِيضِ أما
كانَ ما بينَ الشبيهينِ انجذاب

أفلا أبكي شباباً فقْدُهُ
قلبَ الماءَ لظمآنٍ سراب

الحمدان
07-11-2024, 06:35 PM
يُحكى أن أبا محمد الوزير المهلّبي كان في شدّة عظيمةٍ من الضرورة والحاجة، وسافر وهو على تِلك الحالة، ولَقِيَ في سفرهِ شدّةً أعظم، فقال ارتجالاً :

ألا موتٌ يُباعُ فأشتريهِ
فهذا العيشُ ما لا خَيرَ فيهِ

ألا موتٌ لذيذُ الطعمِ يأتي
يُخَلِّصَنِي من العيشِ الكَريهِ

إذا أبصرتُ قبراً مِن بعيدٍ
وددتُ لو أنني ممّا يليهِ

الحمدان
07-11-2024, 06:36 PM
فَلَكَم تَعاديني وَأصرف هِمَتي
‏عَنكَ اِحتِقاراً لا لِخَوف جَزاء

‏وَلَكَم أَغضُّ الطَرف عَنكَ سَماحة
‏مِني فَما تَزداد غَير تَنائي

‏حَتّى بَدا لي أَن ذمك واجبٌ
‏في مَذهب السادات وَالفضلاء

......

الحمدان
07-11-2024, 06:57 PM
أغارُ عليها من أبيها وأمِها
إذا حدّثاها بالكلامِ المُغَمغَمِ

أغارُ عليها من أخيها وأختِها
ومن خُطوةِ المسواك إن دار في الفم

أغار على أعطافها من ثيابها
إذا ألبستها فوق جسم منْعم

وأحسَدُ أقداحًا تقبّل ثغرها
إذا أوضعتها موضعَ اللثمِ في الفمِ


......

الحمدان
07-11-2024, 07:36 PM
‏ولرُبَّ حاجاتٍ تعسّر نَيلُها
‏والخيرُ كلُّ الخيرِ في تعسيرِها

‏كُن واثقا باللهِ فيما قد قضى
‏واترُكْ أمورا قد دعاك لغيرِها

‏واجعلْ حياتَك كلَّها بيَدِ الذي
‏لولاه لن تقوى على تدبيرها

‏مَن يتّقِ الرحمنَ يَلقَ سعادةً
‏يعْيا لسانُ الخَلقِ عن تفسيرِها


جهاد جحا

الحمدان
07-11-2024, 07:40 PM
‏فإذا هلَلْتَ فأنتَ أكملُ ما أرى
‏وإذا احتجبْتَ فأنتَ عنديَ كاملُ

‏يا مَنْ لَهُ كُتبَ الهوى ولأجلِهِ
‏أدمنتُ موتاً ما حوتْهُ جنادلُ

‏أشكو إليكَ الحبَّ فارْحَمْ عاشقاً
‏إنْ ماتَ مقتولاً فأنتَ القاتِلُ

......

الحمدان
07-11-2024, 09:39 PM
إذَا امتَلأت كَفُ اللَّئيَمِ مِـنَ الغِنَى
تمَايلَ إعجَاباً وقَال أنا أنا

ولكن كَرِيمُ الأصلِ كَالغصن كُلَّمَـا
تحمل أثْمَاراً تواضع َوانْحَنىَ

......

الحمدان
07-11-2024, 09:42 PM
تعودُ لعينيكِ الصباحاتُ مثلما
يعودُ إلى خدَّيكِ وردُ الحدائق ِ

صباحٌ بلا عينيكِ يُشْبِـهُ ليلةً
مِنْ اليأس ِ مَرَّتْ في أحاسيس عاشق ِ

تحنُّ إلى كفيكِ كفِّي وتنتمي
لآخر ذكرى في احتضان ِ مُـفارِق

......

الحمدان
07-11-2024, 09:48 PM
‏يا غُصنَ بانٍ في الهوى مَن أطربك
أعلِمتَ ما معنى الغرام فأعجبك

مَن أوقد القنديل في جفنيك مَن
مَن عتّق الأشياء حتّى يكتبَك

كَم خُضتُ في ورديك معركةً وكم
آويتُ من جفنيك طيفاً قرًبك

يا غُصن بانٍ كم تعجّلتَ الهوى
لله ما أبهى الحروف ومَن سَبَك


......

الحمدان
07-11-2024, 10:14 PM
هانَتْ عليكِ مَدامِعي فهَجَرتِني،
وكَسَرتِ قلبًا.. ما أحَبَّ سِواكِ!

وأنا الَّذي لولاكِ ما ذُقتُ الهَوىٰ
يومًا، ولم أكُ عاشِقًا.. لولاكِ

الغزالي

الحمدان
07-11-2024, 10:15 PM
لَقَد ثَبَتَت في القَلبِ مِنكِ مَحَبَّةٌ
كَما ثَبَتَت في الراحَتَينِ الأَصابِعُ

وَلَو كانَ هَذا مَوضِعَ العَتبِ لَاِشتَفى
فُؤادي وَلَكِن لِلعِتابِ مَواضِعُ

وَأَنتِ الَّتي صَيَّرتِ جِسمي زُجاجَةٌ
تَنِمُّ عَلى ما تَحتَويهِ الأَضالِعُ

أَتَطمَعُ مِن لَيلى بِوَصلٍ وَإِنَّما
تُضَرِّبُ أَعناقَ الرِجالِ المَطامِعُ


قيس بن الملوح

الحمدان
07-11-2024, 10:17 PM
آباءُ سَيّدِ الوَرَى عَلَى الرُّتَبْ
هُوَ ابْنُ عَبدِاللهِ عبدِالمُطلِبْ

وهَاشمٍ عبدِ مَنافِ بنِ قُصَىْ
ابنِ كِلابٍ مُرةٍ كَعْبٍ لُؤَيْ

وغَالبٍ بنِ فِهرٍ بنِ مَالكْ
النَّضْرُ قُلْ كِنَانةٌ كَذَلِكْ

خُزَيْمَةٌ مُدْرِكَةٌ إلْيَـاسُ
وَمُضَـرٌ نِـزارُهُم قِيَـاسُ

ثُمّ مَعَدٌ بَعْدَهُ عَدْنَانُ
وَبَعْدَ ذَاكَ اخْتَلَفَ الأَعْيَانُ

......

الحمدان
07-11-2024, 10:19 PM
مَسيرٌ مَعَ الأَقدارِ ما فيهِ وَنيَةٌ
وَلا وَقعَةٌ بَعدَ اللُّغوبِ لِراكِبِ

وَمَن كانَتِ الأَيّامُ ظَهرًا لِرَحلِهِ
فَيا قُربَ ما بَينَ المَدى وَالرَكائِبِ

الشريف الرضي

اللغوب: التعب والإعياء
المدى: الغاية والمنتهى

الحمدان
07-11-2024, 10:21 PM
تعاليتَ من “فَلَـكٍ” قُطْـرُهُ
يَدُورُ على المِحْـوَرِ الأوْسَـعِ

فيابنَ البتـولِ وحَسْبِي بِهَا
ضَمَاناً على كُلِّ ما أَدَّعِـي

ويابنَ التي لم يَضَعْ مِثْلُها
كمِثْلِكِ حَمْـلاً ولم تُرْضِـعِ

ويابنَ البَطِيـنِ بلا بِطْنَـةٍ
ويابنَ الفتى الحاسـرِ الأنْـزَعِ

مالجواهري

الحمدان
07-11-2024, 10:23 PM
وَاللَهُ أَطفَأَ نارَ الحَربِ إِذ سُعِرَت
شَرقاً بِمُوقِدِها في الغَربِ داوُودِ

كَاللَيثِ بَل مِثلُهُ اللَيثُ الهَصورُ إِذا
غَنّى الحَديدُ غِناءً غَيرَ تَغريدِ

يَلقى المَنِيَّةَ في أَمثالِ عُدَّتِها
كَالسَيلِ يَقذِفُ جُلموداً بِجُلمودِ

تَجودُ بِالنَفسِ إِذ ضنَّ الجوادُ بِها
وَالجودُ بِالنَفسِ أَقصى غايَةِ الجودِ



مسلم بن الوليد

الحمدان
07-11-2024, 10:26 PM
وإنما الحُزنُ شيعيُّ الطِباع غلا
بهِ يُمازُ لِئامُ الناسُ والكرما

الا خليليَّ ما جئتُ القريضَ هواً
ولم أُسِله على الأعداءِ مُنتقِما

وما تطلبتُ فيهِ الأمنَ بعدَ غدٍ
لكنَّ غرامُ عليٍّ في حشايَ طما

......

الحمدان
07-11-2024, 10:27 PM
وَنَحنُ أُناسٌ لا تَوَسُّطَ عِندَنا
لنا الصّدرُ دونَ العالَمينَ أوِ القَبرُ

تهونُ عَلَينا في المَعالي نُفوسُنا
وَمَن خَطَبَ الحَسناءَ لَم يُغلِها المَهرُ

أَعَزُّ بَني الدُّنيا وأعلىٰ ذَوي العُلا
وَأكرَمُ مَن فَوقَ التُّرابِ ولا فَخرُ

أبو فراس الحمداني

الحمدان
07-11-2024, 10:28 PM
‏يَا حَامِلَ الهَمِّ لا تَحزُنْكَ عَاصِفةٌ
هبَّتْ عَلى قَلبِكَ المَوجُوعِ فَانهَدَمَا

سَيَبعَثُ اللهُ مِن آفَاقِ رَحمَتِهِ
لُطفًا يُرمِّمُ فِي جَنْبَيْكَ مَا هُدِمَا

......

الحمدان
07-11-2024, 10:29 PM
إن يُكدِ مطَّرفُ الإخاءِ فإننا
نغدو و نسري في إخاءٍ تالدِ

أو يختلفْ ماءُ الوصالِ فماؤنا
عذبٌ تحدّر من غمامٍ واحدِ

أو يفترقْ نسبٌ يؤلِّفْ بيننا
أدبٌ أقمناهُ مقامَ الوالدِ


أبو تمام

الحمدان
07-11-2024, 10:33 PM
ألا يا أهل نجدٍ كيف مكثي
‏بعيدًا عن هوا نجدٍ يطيبُ!؟

وكيف تقرّ لي عين بأرضٍ
‏وروحي في هوى نجد تذوبُ!

عفاف عطالله

الحمدان
07-11-2024, 10:38 PM
ونَـفـسَـكَ ذُمّ لا تذممْ سِواها
بِـعـيبٍ فهي أجدرُ مَنْ ذَممتا

فـلـو بكت الدِّما عيناك خوفًا
لِـذنـبـكَ لم أقلْ لك قد أمِنتا

ومَـنْ لـكَ بالأمانِ وأنت عَبدٌ
أُمِـرتَ فما ائتمرت ولا أطعتا

ثَقُلتَ من الذنوبِ ولست تَخشى
لِـجـهلكَ أن تَخِفَّ إذا وُزِنتا

وتُشفقُ للمُصرِ على المعاصي
وتَـرحَمُهُ ونفسكَ ما رحمتا

رجعتَ القهقرى وخَبطتَ عشوا
لعمركَ لو وصلتَ لما رَجعتا

ولـو وافـيتَ ربكَ دون ذنبٍ
ونـاقـشكَ الحِسابَ إذا هَلِكتا

ولـم يـظلمك في عملٍ ولكن
عـسـيـرٌ أن تقوم بما حملتا

ولو قد جئتَ يومَ الفَصْلِ فردًا
وأبـصـرتَ المنازلَ فيه شتى

لأعْـظـمـتَ الندامةَ فيه لهفًا
على ما في حياتك قد أضعتا

تَـفِـرُّ مـن الـهجيرِ وتتقيه
فـهـلًا عن جهنم قد فررتا

ولـسـت تطيق أهونها عذابًا
ولـو كـنـتَ الحديد بها لذُبتا



الألبيري

الحمدان
07-11-2024, 10:41 PM
بكتك الروح قبل العين شوقًا
‏يكاد له الحشا كمدًا يذوبُ

‏بربّكَ بعد أن جاوزتَ حدًا
‏من الهجران مالك لا تؤوبُ ؟!

عفاف عطالله


تؤوب: تعود

الحمدان
07-11-2024, 10:43 PM
أستغفر الله من عشقٍ برى جسدي
أشقى الفؤاد وأعيا بالأسى كبدي

هذي ذنوبي من الأشواق أحصدها
وذا جزائي وعقبى ما جنته يدي

عفاف عطالله

الحمدان
07-11-2024, 10:57 PM
‏وافرشْ بساطَ الحُبِّ حُبِّ محمَّدٍ
وانثُــر عليـــهِ قلائـــدَ الصَّلـــواتِ

فعَسـى بهـا الرَّحمـنُ جـلَّ جلالـهُ
يُدنيـكَ منــهُ علــى رُبــا الجنَّـاتِ

يا ربِّ صلِّ عليـهِ مـا دمـعٌ جـرَى
شوقًـــا إليـــه وبَلَّـــلَ الوجنـــاتِ

بقلمي

الحمدان
07-12-2024, 01:21 AM
قَذًىٰ بِعَينِكَ أم بالعَينِ عُوّارُ
أم ذَرّفَت إذ خَلَت من أهلها الدارُ

كأنّ عَينِي لذِكراهُ إذا خَطَرَت
فَيضٌ يَسيلُ عَلَىٰ الخَدّينِ مِدرارُ

تَبكي خُناسٌ عَلَىٰ صَخرٍ وَحُقّ لها
إذ رابَها الدهرُ إنّ الدهرَ ضَرّارُ


الخنساء

الحمدان
07-12-2024, 12:48 PM
‏عسى فرجٌ يأتي به اللهُ عاجلًا
‏يُسرُّ به الملهُوفُ إن غَمَّهُ اللَّهفُ

‏عسى نفحةٌ فردِيَّةٌ صمديَّةٌ
‏بها تنقضي الحاجاتُ والشَّملُ يُلتفُّ

......

الحمدان
07-12-2024, 12:50 PM
‏ولرُبَّ حاجاتٍ تعسّر نَيلُها
‏والخيرُ كلُّ الخيرِ في تعسيرِها

‏كُن واثقا باللهِ فيما قد قضى
‏واترُكْ أمورا قد دعاك لغيرِها

‏واجعلْ حياتَك كلَّها بيَدِ الذي
‏لولاه لن تقوى على تدبيرها

‏مَن يتّقِ الرحمنَ يَلقَ سعادةً
‏يعْيا لسانُ الخَلقِ عن تفسيرِها

......

الحمدان
07-12-2024, 02:43 PM
يريد الناس في الدنيا هناء
ويأبى أن يجود به الزمانُ

حياة حاربتهم منذ كانت
وجد حاربوهُ منذ كانوا

وآمال تغرهم عجاف
وأحداث تكذبها سمانُ

وكم من مستنيل ليس يُعطى
وكم من مستعين لا يعانُ

تكاثرت الهموم فلا يراع
يوفيها الشكاة ولا لسانُ

أماناً أيها الخصم المعادي
إذا دان العدى وجب الأمانُ

إن رغبوا إليك رغبت عنهم
لقد هانت رغائبهم وهانوا

يمني الناس بعضهم بخير
ألا كذبوا على بعض ومانوا

فما للخير في الدنيا أوان
ولا للخير في الأخرى أوان

ولكن الشباب لهُ جماح
ليليَ ثم يعقبهُ الحرانُ

يشد عنانهُ رأي جميع
زماناً ثم يسترخي العنان

وداعٍ جاء يدعوني لنصح
وقد وهت النهى ووهى البنان

تعبت من الكلام فليس يجدي
لبث النصح نظم أو بيانُ

وكانت ضلة ونزعت عنها
فها أنا لا أدين ولا أدانُ

وما أسفي على عهد تقضي
ولكن صنت عهداً لا يصان

ظلمت أمينه دهراً طويلاً
وكنت أظن أني لا أخان

ودار لا يزول القتل عنها
كان الحرب فيها مهرجان

أهاب بها اليراع فلم تجبهُ
وناداها فجاوبت السنانُ

تظل بها السواعد عاملات
يصرفها ضراب أو طعانُ

بكت عيني الشباب وحين جفت
مدامعها غدا يبكي الجنانُ

لعمرك مالذي نُصح مكان
ولا للنصح في الدنيا مكان

فدعني إن آمالي استكفّت
فلي شأن وأهل النصح شان


ولي الدين يكن

الحمدان
07-12-2024, 02:44 PM
تبدت مع الصبح لما تبدى
فأهدت إلي السلام وأهدى

تقابل في الأفق خداهما
فحييت خداً وقبلت خداً

لقد بدل الله بالبعد قرباً
فلا بدل الله بالقرب بعدا

تلظى اشتياقي بقلبي زماناً
ولكنه أصبح اليوم بردا

فلست بشاك ولست بباك
سأزداد شكراً وأزداد حمدا

أزائرتي بعد طول النوى
تلطفت جداً تعطفت جداً

نظرت لعهدي صدود ووصل
فأبليت عهداً وجددت عهدا

أعدت لهذا المكان صباه
فأصبح كالروض بل كان أندى

ويا طالما كنت أوليه صداً
ويا شد ما صرت أوليه ودا

وكنت أسميه قبل سعيراً
فأصبح عندي نعيماً وخلدا

تعالي فجسي بكفك كبدي
إذا كان ابقى لي الهجر كبدا

على أنني آمل رده
بوصلك لو شئت بالوصل ردا

خشيت السلو فغالبته
فزاد كلانا على البعد وجدا

وليس يضيع مثلي عهداً
وليس يضيع مثلك عهدا

يقوم الغرام على جانبيه
فأما يمل جانب منه هدا

هلمي أسر بك بين الرياض
فننظم فلا وننثر وردا

فهذا أوان هبوب الصبا
لنخمش خداً ونهصر قدا

ستشدو الطيور بألحانها
وأشدو بلحني وأني لأشدى

إذا نظرتك على الأيك غنت
تبدت مع الصبح لما تبدى


ولي الدين يكن

الحمدان
07-12-2024, 02:44 PM
لا تذكريني فإن الذكر يرجع لي
عادات وجدي في أيامي الأول

وعالجيني بيأس منك ينفعني
البرء باليأس ينسي السقم بالأمل

طاب التجافي فلا تأساك قسمته
إذا مللت فما يشكيك من مللي

لسائم الود أما ينصرم بدل
منه وليس لراعي الود من بدل

دعي ليالي أوطاني تطالبني
بها فلا تشغلي نفسي بلا شغل

وكفكفي الدمع هذا الدمع يفتنني
أشجى الشكايات عندي أدمع المقل

هي اللآلئ تطفو في المحاجر لا
تختار للسبح إلا موضع الكحل

لو لم أكن شاعراً أصبحت حاسداً
فلؤلؤ الدمع منه لؤلؤ الغزل


ولي الدين يكن

الحمدان
07-12-2024, 02:45 PM
يعلو بها الحسن ما يعلو وأتضع
قد ذل اهل الهوى يا رب ما صنعوا

اسعى لأرضيها والسعي يغضبها
فشرعة الهجر في الحالين لي شرع

حب سأتضي له بالدمع واجبه
هيهات لو كنت عيناً فيه أدمع

يا نازعين ووجدي غير منتزع
بالله عودوا فقد جار الألى نزعوا

لا تستذلوا عزيزاً من بني يكن
آباؤه أخضعوا الدنيا وما خضعوا

لم ينقطع في الهوى عني البكاء لكم
ليس البكاء عن الولهان ينقطع

أظل أنشد للأفلاك مظلمتي
والدهر يرثى لها والله يستمع

إني اخترعت المعاني في محاسنكم
كذاك أهل الهوى من قبلي اخترعوا

فلا سكت على عجز كمن سكتوا
ولا سجعت بمطروق كمن سجعوا

وهذه من بقايا الفكر واحدة
أظل أتبعها نوحي فيتبع

ما زلت أتبع قلبي في رضائكم
حتى استحال وقد أودى به الطمع

كذاك يصدع قلباً يأيه أسفاً
إن القلوب بطول اليأس تنصدع


ولي الدين يكن

الحمدان
07-12-2024, 02:46 PM
إن تندموا ليس يفيد الندم
قد قضي الأمر وجفّ القلم

الله خلاق الورى عادلٌ
فلا يلومَنْ غيره من ظلم

يا أمة يقتلها جهلها
جهلك لا يشبه جهل الأمم


ولي الدين يكن

الحمدان
07-12-2024, 02:47 PM
ديار الحمى حيث القنا والصوارم
تحييك من عيني الدموع السواجم

لقد طرقتك الحادثات فجأة
وأهلك في أمن وبأسك نائم

فبيناك والليلات فيك ولائم
إذا بك والأنهار فيك مآتم

لك الله لا تنفك عنك نوائح
ألم يبق في ذا الدوح إلا الحمائم

أدهرك ذا الوادي من الدم مترع
إذا أمسكت بالوبل عنه الغمائم

حلمنا بشيء وانتبهنا بضده
وما يجتبي من كاذب الحلم حالم

وكانت لجاجات فلما تيسرت
تزهد مشتاق وأقصر هائم

أقيم بناء بالعراء على شفا
ولم تقو آساس له ودعائم

فما ظن منه قائماً فهو مائل
ومن ظن منهم بانياً فهو هادم

وهل يتفع الأطلال تجديد عهدها
إذا درست آثارها والمعالم

لحى الله قوماً حملوك مغارماً
وراحوا وفي الأعناق منك مغانم

هم وعدوك العدل كي يظلموابه
أباً ظالماً لكن دهتك المظالم

ولا خير في ملك إذا جار شعبه
ولا خير في ملك إذا جار حاكم

وكيف أتقاء الخطب قد جل وقده
إذا بردت تحت الصدور العزائم

وأربعة مرت ولم تحل لامرىء
تهادت على الأقطار وهي سمائم

سعت بالنيوب العصل تنفث موتها
ولا عجب بعض السنين اراقم

تعوض يأساً من غدا وهو أمل
وشام يقيناً من سرى وهو واهم

ولما أباحوا حرمة الرأي للهوى
أهابت باطماع الغواة المآثم

فهبت هبوب الريح من كل جانب
تدافع عنها غيرها وتزاحم

فما تستطيب الحكم فيه مشارك
ولا تستلذ الغنم فيه مقاسم

ويمسي لديها طائع وهو خائف
ويضحي لديها آمر وهو واجم

وليس بمجد في الغواية ناصح
وليس بمجد في الصبابة لائم

وكيف يقر المجد في ظل دولة
وحامدها يحيى بها وهو ناقم

تداعوا لنصر والرجا عنك ذاهب
فهلا تداعوا والرجا لك قادم

وبت وبات الداهمون تعاضدوا
فإما تراخى داهم شد داهم

فلم أر خطباً مثل خطبك ناهضاً
يدافعه ملك كملكك جاثم

ولم أر مجداً مثل مجدك ناصعاً
يظله حظ كحظك قاتم

تطالعك الأقدار وهي عوابس
ويا طالما حيتك وهي بواسم

وترثي لبلواك المدائن رحمة
وقد حسدت فيك السرور العواصم

فيامن رأى تلك الفتوح التي خلت
تجرع أسى قد أعقبتها الهزائم

لإن كنت في شكران حالك جازماً
فما أنت في شكران ماضيك جارم

سنبكي لعهد عاره متجدد
ونأسى بعهد مجد متقادم

وفي الدمع والتأساء تخفيف لوعة
إذا أثقلها الكاربات الكواظم

ومعترك للموت أنت سماؤه
فنقع وأما أرضه فجماجم

تنازع فيه الضر خصمان أعزل
يدافع عن ملك وشاك يهاجم

تأخرت الأعلام عن مستقرها
وفر محاميها موقر المخاصم

تفزعت الآجام وهي شواهد
ضراغمها تسطو عليها الضراغم

نجاوبها من حولها في زئيرها
رعود لها في الخافقين زمازم

مدافع منها قسطل متراكب
بنادق منها عارض متراكم

وصائب حتف مستهل فواقع
وراجف روع مستطار فحائم

ووجه ردي في أوجه الكل ضاحك
ووجه رجا في أوجه البعض ساهم

كأن الوغى قد صار في أنفس الورى
هياماً فمن يقتل يمت وهو هائم

فما لهم غير الدماء مشارب
ولا لهم غير الرمام مطاعم

إذ آنسوا ضعفاً فكل محارب
وإن وجدوا بأساً فكل مسالم

وما خير سلم فوقه الشر عاصف
وموج المنايا تحته متلاطم

تشير أكف بالسلام خديعة
وتنزوا بأخرى للصدور الصوارم

وكم كان في هذي النفوس منافس
فلم يبق في هذي النفوس مساوم

ولم تبق في الدنيا لنفس فضائل
ولم تبق في الدنيا لطبع مكارم

هوت فرق كليسا عند أول صدمة
ولما يكن في قرق كليسا مصادم

أناف عليها جحفل متحامل
وطال عليها مأزق متلاحم

تقاعس عبد الله فيها عن العدى
ولم يلق عبد الله جيشاً يقاوم

وقد كان فيها سلة من ضراغم
فبادت وولت للنجاة النعائم

بدت تستغيث الهاربين من الردى
زيانب في أترافها وفواطم

سوافر في ذاك الدجى قد تبذلت
ترائب منها روعة ومعاصم

فليس لها عن مورد العار دافع
وليس لها من مصدر اليأس عاصم

أما كان في القوم المغيرين راحم
فقد قيل في القوم المغيرين راحم

أدرنة لا يبرح دعامك قائماً
فإن دعام الحرب تحتك قائم

عرمت عرام الدهر جاشت صروفه
وهل يستذل الدهر والدهر عارم

ألا إن هذا موسم المجد عائداً
ولا غرو للمجد الاثيل مواسم

يظل بنوك الباسلون بعزهم
وآناف اعداهم لديك رواغم

تبوأت بين الموت والهون موضعاً
اقرك فيه خطبك المتفاقم

فإن تشتهي موتاً يرق لك كأسه
وإن تسأمي هوناً فمثلك سائم

إذا نحن أعظمنا بلاءك روعة
فذاك بلاء أعظمته العظائم

فإن تسلمي تنسي رزينة هالك
وإن تهلكي لا يهنأ العيش سالم

شطلجة لا تنفك عنها خضارم
كذلك لا تنفك عنك خضارم

فيا عجباً للويل فيه مشاكل
ويا عجباً للويل منه ملائم

يا بلادي مالي لا ارى غير واطيء
ثراك ألما يبقى في الناس لائم

توالتك تيجان فشادت لك العلى
فلما أستتمت هدمتها العمائم

لإن كان في الأسلاف بينك غالب
فما كان في الأسلاف بينك حازم

لقد بان عنك الرأي مذبان كامل
وقد مات فبك البأس مذ مات ناظم

طغى الشرفي بعض النفوس ولم يزل
يرب إلى أن اعلن الشر كاتم

ألا جمح الغاوون فيك جماحهم
فهيهات تجدي بعد هذا الشكائم

تولوا سراعاً حين سلت بواتر
وعادوا سراعاً حين صلت دراهم

فجاؤا يسوسون الأنام سياسة
سدى لم تسسها قبل ذاك البهائم

فكم عالم صاحوا به أنت جاهل
وكم جاهل قالوا له أنت عالم

أقاموا وما فيهم عن الزور تائب
وظلوا وما فيهم على الختل نادم

عزيز علينا أن ذا الملك ذاهب
وأن الذي قد أذهب الملك دائم

صحا كل شعب فاسترد حقوقه
فياليت يصحو شعبك المتناوم

هو الشعب أفنى دهره وهو خادم
وليس له فيمن تولوه خادم

يقلب كم عهد لعهد على الأذى
إذا زال عنه غاشم جد غاشم

أعادينا حكمتم السيف بيننا
فجار وحكم السيف كالسيف صارم

فلا تطمعوا أن تهضمونا بهذه
فليس لحر في البرية هاضم


ولي الدين يكن

الحمدان
07-12-2024, 02:48 PM
ألا ما لسيدتي ناحبه
بروحي مدامعها الساكبه

يكاد على خدها الاحمرار
يبين لناظره لاهبهْ

وليست بمعرضة في دلال
ولكن أرى أنها غاضبة

ألا صدقت هذا العبرات
وقد كنت أحسبها كاذبة

لمن يذخر الودّ مسلوبهُ
إذا هو أرضى به سالبه

تمنيت لو كتبت ما بها
ولكنها لم تكن كاتبه

تفتش ليست ترى صاحباً
يقاسمها الحزن أو صاحبه

لقد غلب اليأس آمالها
وآمالها كانت الغالبه

أزيلي الحجاب عن الحسن يوماً
وقولي مللتُكَ يا حاجبه

فلا أنا منك ولا أنت مني
فرح ذاهباً إنني ذاهبه


ولي الدين يكن

الحمدان
07-12-2024, 02:49 PM
حتى م تبكي العين طال البكاء
أما لحزن بت فيه انقضاء

قد خنتني يا دهر قد خنتني
ما كنت أحجوك قليل الوفاء

إن أبد مالي يعيني سرده
أو أخفه يزدد بهذا الخفاء

ماتت أماني ولما أمت
أحيا إذن للياس لا للرجاء

أصبحت آبى كل ما أرتجي
هيهات ما مثل الاباء الرضا

كيف أعزي القلب عما مضى
ويل لقلب ما له من عزاء

ما زلت أدعو للهدى معشراً
ضلوا فلما يجد طول الدعاء

ضاع ندائي حين ناديتهم
لو لم أضع ما ضاع ذاك النداء

هذي رسوم قد محاها البلى
وذي رسوم قد علاها العفاء

فحيثما تسع تجد مأثماً
باك ومبكي وآبي البكاء

ليس صباح بصباح لهم
ولا مساء لهم بالمساء

في ذمة الله رجال قضوا
طال بهم تحت القبور الثواء

لا التاج ذاك التاج من بعدهم
ولا بهاء الملك ذاك البهاء

تشقي جراغان بسجينها
ويجتلي بيعته من يشاء

يا رب هذي كعبة شيدت
ركناً وهذا خاتم الأنبياء

اساءني بينهما ظالمي
وقد كفى بينهما أن أساء

أعدم قوماً بت أرثيهم
والهفي ماذا يفيد الرتاء

كانوا غيوثي حين لا غيث لي
كانوا نمائي حين ما لي نماء

أقول والطلم بآفاته
يحتث للملك مطايا الفناء

لا ييأس المكروب من فرجة
ولا عليل أبداً من شفاء

العدل سلطان شديد القوى
ينصره الله بجند القضاء


ولي الدين يكن

الحمدان
07-12-2024, 02:50 PM
لا الصبر ينفعه ولا الجزع
قلب يكاد شجاه يطلع

يا ليل هذا ساهر قلق
يرعى النجوم وقومه هجعوا

هل فيك ذو شجن يشاركني
أشكو له ما بي فيستمع

سرت الهموم فقمت أدفعها
وإذا هموم ليس تندفع

من بات تدمع عنيه أسفاً
فأنا فؤادي بات يدمع

أشفقت من دهري على أملي
واليوم أنظر كيف ينقطع

ويلي عليه وهو يخدعني
أدري حقيقته وأنخدع

يا شرق لج بك العداة هوى
يا شرق أغراهم بك الطمع

وبنوك قد طبعوا على خلق
وعلى سواه الناس قد طبعوا

عاشوا يؤلف بينهم وطن
فتفرقوا فيه وهم شيع

يتفرقون على مذاهبهم
وعلى الأخاء الناس تجتمع

جهلوا فأخضعهم تعصبهم
والله لو علموا لما خضعوا

أنذرتهم يوماً صوادعه
لو مست الأفلاك تنصدع

وأريتهم زمناً ألم بهم
يبري السهام لهم وينتزع

هنأتهم بالأمس إذ نهضوا
واليوم أرثيهم وقد وقعوا

أهديتهم ردي فما قبلوا
أخلصتهم نصحي فما اتبعوا

والشيء يرخص حين تبذله
والشيء يغلو حين يمتنع

ماذا على الأقدار لو نزعت
عن حربها فعداتها نزعوا

واسترجعت عهد الصفاء لهم
وإذا غشاء فذاك يرتجع

قد أجهدتهم وهي عارمة
وأظنها يوماً سترتدع

أبني بلادي قد مضت أمم
هذا طريقهم الذي اشترعوا

أنا حللنا في منازلهم
وقد انتجعنا حيثما انتجعوا

وإذا بطرنا مثلما بطروا
فلسوف نصرع مثلما صرعوا

إن تصبروا فلطالما صبروا
أو تجزعوا فلشد ما جزعوا

لم تعدنا حال لهم عرضت
فحياتهم وحياتنا شرع

أبداً نعيش على مغالبة
الدهر يخفضنا ونرتفع

ونراه يبتدع الخطوب لنا
حتى تفانت عنده البدع

لم ننتفع بتجارب سلفت
وإحال لسنا بعد ننتفع

أشياخنا يمشي بهم كلف
وشبابنا يجري بهم ولع

يتحاربون على فؤادهم
والحرب تأخذ ضعف ما تدع

ماذا لهم لله درهمو
الناس قد عفوا وهم جشعوا

إن القصور بهن مقتعد
مثل القبور بهن مضطجع

أبني المسيح وأحمد انتبهوا
ودعوا رجالاً منكم هجعوا

جاؤا الورى والأمر ملتئم
ثم انثنوا والأمر منصدع

لم يرض أحمد والمسيح بما
صنعوا فلا ترضوا بما صنعوا

أرواحكم من بعضها قطع
وجسومكم من بعضها بضع

لا تحسبن خلافكم ورعا
إن ائتلافكم هو الورع

الملك تعليه مدارسه
تلك المساجد فيه والبيع

ويحب تموز لعاشره
لا تذكر الآحاد والجمع

لمن الطلول كأن عرصتها
للموت منحرث ومزدرع

آياتها ورسومها درست
وخلابها مشتى ومرتبع

سكانها عن محلها نزعوا
ولطالما في خصبها رتعوا

أسلافهم في غابها أمنوا
وبنوهم في سوحها فزعوا

شمخ الزمان بهم وقد شمخوا
واليوم يخشع إذ هم خشعوا

قد زال عنها الصفو أجمعه
وانتاب فيها الأزلم الجذع

كم عاش في آجامها بطل
كالليث لا وان ولا ظلع

ثبت تجرد من مدارعه
يلفي الدجى درعاً فيدرع

يلقى الردى والبيض مصلتة
وأسنة الخطي تشترع

والخيل غضبي في أغتها
والنقع منطبق ومنقشع

تمشي اللواحظ منه في ملك
يسمو الجلال له فيتضع

حتام هذا الجهل مطرد
والى م ذا الجهل متبع

تمضي الجدود بنا فيدركها
من خلفها عجز فترتجع

وكأن ريب الدهر في يده
سيف على الأعناق يلتمع

ما يرتجي الأحرار من زمن
يزداد تيهاً كلما ضرعوا

أوفى على المضمار مرتقباً
يتسابقون به ويقترع

إن بلغوا غاياتهم هنئوا
أو قصروا من دونها فجعوا

هل تحت هذا الأفق من أمم
جرعت كؤوسهم التي جرعوا

أحشاؤهم حرى فما ابتردوا
وكبودهم ظمأى فما انتقعوا

إ نا لأقوام لنا همم
للمجد تدفعنا فنندفع

العمر أهون أن يضيق بنا
والموت للأحرار متسع


ولي الدين يكن

الحمدان
07-12-2024, 02:51 PM
أسير بدار الظلم أعياه آسره
أما من فتى من الناس حرٍّ يناصره

أفي الناس أحراراً وفيهم أحبة
فما لأخيهم لا يرى من يؤازره

عفاء على الزوراء بعد جميلها
إذا ربعه المعمور أخلق دائره

ألمّ به خطب من الجور فادح
كما انقضّ باز أقتم الريش كاسره

تنادوا به والضغن ملء قلوبهم
وقالوا وحيدٌ ما لنا لا نكاثره

فإن نكفه نُكف الشديد مراسه
وما بعده فينا عدو نحاذره

فطافوا به من خلفه وأمامه
كما طاف بعد المحل بالربع زائره

أحين هوى عبد الحميد بعرشه
وغبّره بالذمّ في الناس غابره

يقوم رجال يستعيدون عهده
وفينا نيازي قائم وعساكره

ألا قد بغت هذي العمائم بغيها
فدارت على القوم الكرام دوائره

ألا هل نرجي العدل والعدل دوننا
موارده محمية ومصادره

تجلى زماناً ثم لم تبتسم لنا
أوائله حتى استسرّت أواخره

بأيّ كتاب أم بأية سنة
يجازى على قول الصواب معاشره

بأي كتاب أم بأية سنة
يريدون طي الحق إن قام ناشره

سلام على الأوطان من بعد مأمل
ذوي وأرق الإقبال منه وثامره

سلام علىالدنيا سلام على الورى
سلام على العهد الذي قلّ شاكره

سنبكي على العيش الذي كان غرّنا
وقد ساء ماضيه وما سر حاضره

سقى الله أجداثاً علت شهداءها
بكل مُلث الودق نهمي مواطره

قضوا نحت أسوار الحصار حمّية
ولم تغن عن عبد الحميد دساكره

فإن يك بالدرويش قد زل جدّه
فهذا عبيد الله حلّق طائره

أقام على الأطلال كالبوم ناعياً
يبشر بالتخريب ساءت بشائره

فأما قضى فيكم جميل بحسرة
ستبقى عليكم شاهدات مآثره

وإن تحجبوا من فضله كلّ باهر
فليس ضياء الشمس يحجب باهره

أخي وفجاج الأرض بيني وبينه
أعيذك من هم تبيت تساوره

أعيذك م وجد يضيفك نازلاً
وأهوال ليل مظلم أنت ساهره

توقف في ظلمائه غير متجلٍ
كواكبه تسطو عليها دياجره

تشوّفك البيت الذي كنت بدره
لقد أظلمت حزناً عليك مقاصره

واصبح زاهي الروض بعدك ذاوياً
وناح على دوحاته لك طائره

فإن تظلموا فيكم جميلاً لغاية
فإن جميلاً ليس بغفل ثائره

وإن فريق الظلم إن طال ظلمه
سنمشي إليه بالسيوف نبادره


ولي الدين يكن

الحمدان
07-12-2024, 02:51 PM
هاجتك خالية القصور
وشجتك آفلة البدور

وذكرت سكان الحمى
ونسيت سكان القبور

وبكيت بالدمع الغزي
ر لباعث الدمع الغزير

ولواهب المال الكثير
وناهب المال الكثير

حامي الثغور الباسمات
مضيع آهلة الثغور

إن كان أخلى يلديزا
مخلي الخورنق والسدير

أو فاستسرت من سماها
أنجم بعد الظهور

فلتأهلن من بعدها
آلاف أطلال ودور

بعد النجوم ثوابت
والبعض دائمة المسير

ضائت عقود الملك ما
بين الترائب والنحور

والشيخ بات فؤاده
في أسر ولدان وحور

ما زال معتصر الخدود
هوى ومهتصر الخصور

وإذا انقضت ليلاته
وصلت بليلات الشعور

أهدى الفتور لقلبه
ما باللواحظ من فتور

واستنفرته عن الرعايا
كل آنسة نفور

تختال من حلل الصبابة
في الدمقس وفي الحرير

والجند عارية مناكبها
مقصمة الظهور

خمص البطون من الطوى
دقت فعادت كالسيور

إن الزمان يغر ثم
يذيق عاقبة الغرور

وعظتك واعظة الفتير
ورأيت منقلب الدهور

ومشى الزمان إليك بال
أحزان من بعد السرور

قد كنت ذا القصر الكبير
فصرت ذا البيت الصغير

وربيت في مجد الأمير
ولم تمت موت الأمير

لما سلبت الحكم قلت
الحكم لله القدير

هل كنت ترضى أولاً
ما قلت في الزمن الأخير

ورآك جندك ضارعاً
لهم ضراعات الأسير

لقد استجرت بمعشر
ما كنت فيهم بالمجير

أنذرت لكن لم تشأ
تصديق أقوال النذير

وأثرتها شعواء تدلف
تحت رايات المثير

ملمومة الأطراف تنزو
بالصدور إلى الصدور

تم التكافؤ تحتها
فسطا النظير على النظير

أسد هصور في الوغى
يسعى إلى أسد هصور

يا مسغب الأجناد قد
اشبعت ساغبة النسور

هي غارة لكنها
دارت على رأس المغير

من ذا استشرت لها ولم
تك في الزمان بمستشير

لقد استطرت بشر يومك
كل شر مستطير

وخترت يا عبد الحميد
وما استحيت من الختور

إن الخفور سجية
فاذهب فما لك من خفير

إن الثلاثين التي
مرت بنا مر العصور

وهبتك تجربة الأمور
فعشت في جهل الأمور

ورددت عارية الخلافة
بعد ذلك للمعير

من كان يدعوك الخبير
فلست عندي بالخبير

لله أجساد ثوت
بين الجنادل والصخور

باتت على خشن الثرى
من بعد مضجعها الوثير

كانت زهور شبيبة
لهفي على تلك الزهور

نضرت سنين ولم تذق
من لذة العيش النضير

سقيت مياه دمائها
والروض رقراق الغدير

كم خلفها من صبية
يتمت ومن شيخ كبير

يترقبون مآبها
إن المآب إلى النشور

وممنعات في الخدو
وتموت حزناً في الخدور

ترجو زيادة صبها
نبت الزيارة بالمزور

لم يُجدها نصح القبي
ل ولا تسلت بالعشير

أودى الردى بنصيرها
فغدت تعيش بلا نصير

فشكلتها بلسانها
والزن في طي الضمير

نوح الطيور يهجيها
فتنوح من نوح الطيور

لا بالعشي تفيق من
بث ولا عند البكور

لو أن للأيام السنة
لصاحت بالثبور

عجت رواحلها وقد
سئمت مواصلة الكرور

فترى شعوباً في أسى
وترى شعوباً في حبور

أبداً تدار كما يراد
وأمرها بيد المدير

من عاش يستحلي الشرور
يموت من تلك الشرور

لما أديل عن السرير
بكاه عبّاد السرير

نذروا النذور لعوده
هيهات يرجع بالنذور

أسفوا عليه وإنما
أسفوا على المال الدرير

والبعض بات جريره
فسما يتيه على جرير

طلبوا له عفو الغفور
وشذ عن عفو الغفور

قلص ظلالك راحلاً
ودع البرية في الهجير

ويح الربوع الدائرات
إلى م تبقى في دثور

ماذا نرى إحدى العواصم
أم نرى إحدى القفور

الأفق مغبر الصحي
فة والبرى خافي السطور

والملك بينهما يطل
على السباسب والبحور

كالشمس تبدو من وراء
السحب في اليوم المطير

وإذا تجلى وجهها
يزهو بنور فوق نور


ولي الدين يكن

الحمدان
07-12-2024, 02:52 PM
نادوا بألسنة الرثاء فأسمعوا
جهد الحزين تذكر وتوجع

يا ساهراً والليل يعثر بالكرى
عجباً هجعت وما عهدتك تهجع

بين المحابر والدفاتر مجلس
هو للمعارف والمعالي موضع

خسف الهلال به عشية تمه
من بعد ما قد كان منه يطلع

هو ضجعة ما أعقبتها نهضة
فقضى الضجيع كما أقض المضجع

لو أمهلتك لكي تودع معشراً
سبقت قلوبهم إليك تودع

إستودعوك مثابة مأمونة
لم يحسبوا فيها النفيس يضيع

وتطلبوك غداً فقابل جمعهم
هول الردى والمنزل المتخشع

ثم انثنوا واليأس ملء قلوبهم
هيهات من يمضي مضيك يرجع

زيدان فضلك ليس يحجبه الثرى
الفضل من تحت الجنادل يسطع

كالرديم الوهاج ألا إنه
أمضى شعاعاً في العيون وأبدع

ولك المآثر خالدات كلها
ذكراك من اثنائها تتضوع

كنت تضمنت الزمان وشرحه
فيها فصول كالوجود وأوسع

قصص وآداب وجمع معارف
وفعت بلادك للسهى وسترفع

أحييت ذكر السالفين أولي النهى
إن الكريم لمثله يتشيع

ليدم سليل شمائل حرة
يقتص إثرك للعلاء فيتبع

هو سلوة للثاكلين ومطمع
للآملين يدوم ذاك المطمع

إنا نسباً جله الدموع تحسراً
حتى تجف من العيون الأدمع

وتظل في الأكباد منا غلة
بالصبر ننقعها وليست تنقع


ولي الدين يكن

الحمدان
07-12-2024, 02:53 PM
قدم المدى وأرى الهوى يتجدد
ما اليوم يأتيني بما يأين غد

يا نظرة ما كنت أقصد شرها
أكذاك انت فكيف بي لو أقصد

ظرف الهوى ما بيننا وحلا به
هذا السهاد فخاب من لا يسهد

إن كنت تطلب شاهداً بمحبتي
فاسأل فؤادك إنه لي يشهد

طال البعاد وطوله لا ينقضي
فكأننا في كل يوم نبعد

أهفو إذا هتفت عليّ نسائم
من مصر أو أشفى علي الفرقد

ويزيد عن وجدي عليك تحسري
فأكاد لا أدري بأني موجد

وأصون صبري أن يبدده الأسى
أمد النوى لكنه يتبدد

من كان مثلك مفرداً في عصره
لا غرو أن يصبو إليه المفرد

يا من دعاني في المحبة أوحداً
لم لا ينال رضاك هذا الأوحد

تتوقد النيران بين جوانحي
ويسر قلبي أنها تتوقد

إني أبثك ما أجن على النوى
حتى كأنك ههنا لي مسعد

وإذا الدجى حكمت علي طباقه
وانحط فوق الأفق ظل أسود

أشكو إلى الرحمن فيك ظلامتي
والعرش دان والملائك سجد

خلق الغرام لنا ونحن له فهل
لسوى الغرام هنا وليد يولد

الدهر صب والطبيعة صبة
والعشق بينهما يشب ويخمد

أفروق لي كبد لديك عهدتها
لا تشتفي وقد أشتفت بك أكبد

أنا فيك مشتاق إليك ومن رأى
شوقاً إذا نفد الهوى لا ينفد

تدنيي مما به تقصينني
فاسر في الحالين مما أكمدُ

لا تجحدي ماضي الوفاء فإنهُ
قامت دلائلهُ بما لا يجحد

ما للحوادث جندت لي جندها
أمع الهدون لها تظل تجنّدُ

عاد لها أن لا تنام عن الوغى
والوقت سلم والعزائم هجّدُ

قد كنت ألقاها وسيفي مصلت
فاليوم ألقاها وسيفي مغمدُ

وإذا الفتى اضطربت جوانب عيشه
وبدا لهُ في الحظ وجه أربد

قامت متون الناقلات بأمره
وجرى بهِ فيما يريد الفرقدُ

والله لا أرضى الهوان من امرئ
والموت فيه لكل حر موردُ

هي همة هوجاء يبعث بعضها
بعضاً وتفتأ دهرها تتجدّدُ

يا مجد قومي لم أفدك زيادة
قد مُجّدوا في عصرهم ما مُجدوا

أعطيت مقودي الصبا فجرى به
وسواي في يده يكون المقودُ

فأطال تفنيدي عليه مفنّد
ولكل صب في صباه مفندُ

أرمي وترميني شبيهات المها
فسهامها تصمي وسهمي يصردُ

يا رب ما للغانيات ولامرئ
تفنى تجلّدُه إذا يتجلّدُ

وارحمتا لأُلي الهوى وارحمتا
كم شُرّدوا بيد الغرام بُدّدوا

همُ والحمائم أهل شأن واحد
إن غرّدت فوق الأراكة غرّدوا

يا من نأيت ولي حنين نحوه
أملي به للناشدات فتنشدُ

أأرى الزمان يعود يُبرد غلتي
بلقاك بعد اليوم أم لا يُبرد

هيهات ما للقائنا من موعدٍ
عزّ اللقاء وعزّ معه الموعدُ

قد كان يجهد في تفرقنا النوى
حتى استطاع فما له لا يجهدُ

إنا اقتسمنا الحمد فيما بيننا
فأنا محمده وأنت الأحمدُ

أبداً أجود بخلتي لك راضياً
وتجود إلا أن جودك أجودُ

هذا بناءٌ في الإخاء مشيدٌ
دام الإخاء ودام من هم شيّدوا

إني لأعهد فيك صون مودتي
يا ربّ صنها مثل ما أنا أعهد

عوّذ كمالك من عيون حُسّد
ترنو إلى أهل الكمال فتحسد

واستعبد الدنيا بعزم قاهر
قد ناله أسلافنا فاستعبدوا

فاليوم لا المرء النبيل معزّز
كلا ولا الرجل الأصيل مسوّدُ

الشرق أوشك أن يُهد بناؤهُ
إن الخطوب لنا بذاك تهدّد

كان الموطد قبل ذاك وإنما
ذهب الذين من المقاول وطدوا

لهفي على عيش حرمت بقاءهُ
ولي لعمري وهو عيش أرغد

أيام يلقاني ويلقاك الهوى
وله من الإخوين ثم تودّد

ونصول بالأقلام في الدّول التي
كبرت فلولا الله كادت تعبدُ

والعصر جافٍ والخطوب شديدة
والباب من دون السلامة موصدُ

تهنا زماناً في الشبيبة فانقضى
وسينقضي والخير أو نتزوّدُ

يا سيدي وأخي كفاني أن أرى
أن قد يهنئني أخ لي سيّدُ

هنأتني فلك الثناء من امرئ
لولاك لم يك بالسعادة يسعدُ

عوّدتني منك الوفا فشكرته
والمرء في الدنيا كما يتعودُ

فلتحي للعلياء نوراً ساطعاً
يفنى المدى وثناء فيك يخلّدُ


ولي الدين يكن

الحمدان
07-12-2024, 02:53 PM
قدم المدى وأرى الهوى يتجدد
ما اليوم يأتيني بما يأين غد

يا نظرة ما كنت أقصد شرها
أكذاك انت فكيف بي لو أقصد

ظرف الهوى ما بيننا وحلا به
هذا السهاد فخاب من لا يسهد

إن كنت تطلب شاهداً بمحبتي
فاسأل فؤادك إنه لي يشهد

طال البعاد وطوله لا ينقضي
فكأننا في كل يوم نبعد

أهفو إذا هتفت عليّ نسائم
من مصر أو أشفى علي الفرقد

ويزيد عن وجدي عليك تحسري
فأكاد لا أدري بأني موجد

وأصون صبري أن يبدده الأسى
أمد النوى لكنه يتبدد

من كان مثلك مفرداً في عصره
لا غرو أن يصبو إليه المفرد

يا من دعاني في المحبة أوحداً
لم لا ينال رضاك هذا الأوحد

تتوقد النيران بين جوانحي
ويسر قلبي أنها تتوقد

إني أبثك ما أجن على النوى
حتى كأنك ههنا لي مسعد

وإذا الدجى حكمت علي طباقه
وانحط فوق الأفق ظل أسود

أشكو إلى الرحمن فيك ظلامتي
والعرش دان والملائك سجد

خلق الغرام لنا ونحن له فهل
لسوى الغرام هنا وليد يولد

الدهر صب والطبيعة صبة
والعشق بينهما يشب ويخمد

أفروق لي كبد لديك عهدتها
لا تشتفي وقد أشتفت بك أكبد

أنا فيك مشتاق إليك ومن رأى
شوقاً إذا نفد الهوى لا ينفد

تدنيي مما به تقصينني
فاسر في الحالين مما أكمدُ

لا تجحدي ماضي الوفاء فإنهُ
قامت دلائلهُ بما لا يجحد

ما للحوادث جندت لي جندها
أمع الهدون لها تظل تجنّدُ

عاد لها أن لا تنام عن الوغى
والوقت سلم والعزائم هجّدُ

قد كنت ألقاها وسيفي مصلت
فاليوم ألقاها وسيفي مغمدُ

وإذا الفتى اضطربت جوانب عيشه
وبدا لهُ في الحظ وجه أربد

قامت متون الناقلات بأمره
وجرى بهِ فيما يريد الفرقدُ

والله لا أرضى الهوان من امرئ
والموت فيه لكل حر موردُ

هي همة هوجاء يبعث بعضها
بعضاً وتفتأ دهرها تتجدّدُ

يا مجد قومي لم أفدك زيادة
قد مُجّدوا في عصرهم ما مُجدوا

أعطيت مقودي الصبا فجرى به
وسواي في يده يكون المقودُ

فأطال تفنيدي عليه مفنّد
ولكل صب في صباه مفندُ

أرمي وترميني شبيهات المها
فسهامها تصمي وسهمي يصردُ

يا رب ما للغانيات ولامرئ
تفنى تجلّدُه إذا يتجلّدُ

وارحمتا لأُلي الهوى وارحمتا
كم شُرّدوا بيد الغرام بُدّدوا

همُ والحمائم أهل شأن واحد
إن غرّدت فوق الأراكة غرّدوا

يا من نأيت ولي حنين نحوه
أملي به للناشدات فتنشدُ

أأرى الزمان يعود يُبرد غلتي
بلقاك بعد اليوم أم لا يُبرد

هيهات ما للقائنا من موعدٍ
عزّ اللقاء وعزّ معه الموعدُ

قد كان يجهد في تفرقنا النوى
حتى استطاع فما له لا يجهدُ

إنا اقتسمنا الحمد فيما بيننا
فأنا محمده وأنت الأحمدُ

أبداً أجود بخلتي لك راضياً
وتجود إلا أن جودك أجودُ

هذا بناءٌ في الإخاء مشيدٌ
دام الإخاء ودام من هم شيّدوا

إني لأعهد فيك صون مودتي
يا ربّ صنها مثل ما أنا أعهد

عوّذ كمالك من عيون حُسّد
ترنو إلى أهل الكمال فتحسد

واستعبد الدنيا بعزم قاهر
قد ناله أسلافنا فاستعبدوا

فاليوم لا المرء النبيل معزّز
كلا ولا الرجل الأصيل مسوّدُ

الشرق أوشك أن يُهد بناؤهُ
إن الخطوب لنا بذاك تهدّد

كان الموطد قبل ذاك وإنما
ذهب الذين من المقاول وطدوا

لهفي على عيش حرمت بقاءهُ
ولي لعمري وهو عيش أرغد

أيام يلقاني ويلقاك الهوى
وله من الإخوين ثم تودّد

ونصول بالأقلام في الدّول التي
كبرت فلولا الله كادت تعبدُ

والعصر جافٍ والخطوب شديدة
والباب من دون السلامة موصدُ

تهنا زماناً في الشبيبة فانقضى
وسينقضي والخير أو نتزوّدُ

يا سيدي وأخي كفاني أن أرى
أن قد يهنئني أخ لي سيّدُ

هنأتني فلك الثناء من امرئ
لولاك لم يك بالسعادة يسعدُ

عوّدتني منك الوفا فشكرته
والمرء في الدنيا كما يتعودُ

فلتحي للعلياء نوراً ساطعاً
يفنى المدى وثناء فيك يخلّدُ


ولي الدين يكن

الحمدان
07-12-2024, 02:54 PM
خلافة قد مضى عنها خلائفها
من آل عثمان من سادوا ومن شادوا

أبقوا بها المجد للأخلاف بعدهمو
والمجد يبقيه للأخلاف أمجاد

حتى انتهت لأمير في تسلطه
يخشى مظالمه عاد وشداد

يا ويلنا إنما نبكي لنا وطناً
يبكيه في الترب آباءٌ وأجداد


ولي الدين يكن

الحمدان
07-12-2024, 02:55 PM
بالله من منا يصيب إذا اشتكى
قولي اصيب كما أقول أصيب

قومي نسائل في السماء نجومها
فلقد اسائل بعضها فتجيب

أرنو إلى الآفاق وهي جوامد
ونثور أشجاني لها فتذوب


ولي الدين يكن

الحمدان
07-12-2024, 02:55 PM
تنأى فديتك آمال مكذبة
لم تبق ذكراً ولا هيأت سلوانا

قد كان ما كان من قلبي ومن نظري
يا ليت ما كان قبل اليوم ما كانا


ولي الدين يكن

الحمدان
07-12-2024, 02:56 PM
في ليلة ليس بها كوكب
كأنما مشرقها مغرب

يمسي سواداً كل ما بينها
ففوقها وتحتها غيهب

لا يدرك الفكر بها مطلباً
فكل ما يطلبه يهرب

جاؤا بمظلوم إلى ظالم
قالوا له هذا هو المذنب

بكى وفي الدار بكور مثله
فكل من في داره ينحب

وقد رأينا حوله صبية
تندب حين أمهم تندب

قال اجعلوه مثل أترابه
من كان من مذهبه يذهب

وأقبل الصبح على أيم
وصبية ليس لديهم أب

يا بحر لو تنطق أخبرتنا
ما قال من غيبت إذ غيبوا


ولي الدين يكن

الحمدان
07-12-2024, 02:56 PM
هجرت الثرى وطلبت السماء
ولا غرو دأب العلي العلاء

فإن يرثك الناس في حزنهم
فإني لمصر اطيل الرثاء

بكتك وكم من ذكي بكت
لقد عودت مصر طول البكاء

وكانت تخاف عليك الفناء
فليست تخاف عليك الفناء

وإنك حي بطيب الثناء
كما كنت حيّاّ بطيب الثناء

على أن في مهج الفاضلين
عليك لواعج تأبى الشفاء

هم فقدوا معك زين الشباب
وهم عدموا معك صدق الإخاء

وفوا لك بالود بعد النوى
كذاك حزاء الوفي الوفاء

فما للمعارف عنك سلو
ولا للمعارف فيك عزاء

رحتك زماناً لأعبائها
فزلت وقد زال ذاك لرجاء

تظل تناديك في حزنها
وهيهات لست تجيب النداء

يعاد ولكن لغير تدان
فراق ولكن بعيد اللقاء

تجاوزت ملكاً قليل البقاء
ويممت ملكاً كثير البقاء

فمتعك الله فيه بخير
قصارى محبيك هذا الدعاء


ولي الدين يكن

الحمدان
07-12-2024, 02:57 PM
يا فتنة جعل الله القلوب لها
مسخرات تعالى الله باريك

لقد تنزهت عن شبه وعن مثل
فليس غيرك بين الناس يحكيك

إني لأرضى بموتي لو رضيت به
لكن أخاف فموتي سوف يبكيك


ولي الدين يكن