هنا الشعر الفصيح ومايتعلق به

[الحمدان]

إذا ذكر القضاة وهم شيوخ
تخيرت الشباب على الشيوخ

ومن لم يرضَ لم أصفعه إلاّ
بحضرة سيدي القاضي التنوخي

.....

[الحمدان]

ولو أنَّ أَهْلَ العِلْمِ صَانُوهُ صَانَهُمْ
ولو عَظَّمُوهُ فـي النُّفُوسِ لَعُظِّمَا

ولكِنْ أَهَانُوهُ فَهَانَ وَدَنَّسُوا
مُحَيَّاهُ بِالأطْمَاعِ حَتَّى تَجَهَّمَا

.....

[الحمدان]

يقولون لي فيك انقباضٌ وإنما
رأوا رجلاً عن موقفِ الذلِّ أحجما

أرى الناسَ من داناهُمُ هان عندهم
ومن أكرَمته عزةُ النفسِ أكرِما

.....

[الحمدان]

إذا قيلَ هذا مَنهلٌ قلتُ قد أرى
ولكنَّ نفسَ الحرِّ تَحتَملَ الظَّمَا

أُنزِّهها عن بَعضِ ما لا يشينُها
مخافةَ أقوال العدا فيم أو لما

.....

[الحمدان]

وإني إذا ما فاتني الأمرُ لم أبت
أقلِّبُ فكري إثره مُتَنَدِّما

ولكنه إن جاء عَفواً قبلتُه
وإن مَالَ لم أُتبعهُ هَلاِّ وليتَما

.....

[الحمدان]

وكم نعمة كانت على الُحرِّ نقمَةً
وكم مغنمٍ يَعتَده الحرُّ مَغرَما

ولم أبتذل في خدمة العلمِ مُهجَتي
لأَخدمَ من لاقيتُ لكن لأُخدما

أأشقى به غَرساً وأجنيه ذِلةً
إذن فاتباعُ الجهلِ قد كان أَحزَما

.....

[الحمدان]

ولو أن أهل العلمِ صانوه صانَهُم
ولو عَظَّمُوه في النفوسِ لَعُظِّما

ولكن أهانوه فهانو ودَنَّسُوا
مُحَيَّاه بالأطماعِ حتى تَجهَّما

فإن قُلتَ جَدُّ العلم كابٍ فإنما
كبا حين لم يحرس حماه وأُسلما

.....

[الحمدان]

وما كلُّ برقٍ لاحَ لي يستفزُّني
ولا كلُّ من في الأرضِ أرضاه مُنْعِمَا

ولكن إذا ما اضطرني الضُّرُّ لم أَبتِ
أُقلبُ فكري مُنجداً ثم مُتهما

إلى أن أرى ما لا أغَصُّ بذِكره
إذا قلتُ قد أسدى إليَّ وأنعما

.....

[الحمدان]

إذا زادت الأيامُ فينا تَحامُلاً
وحيفاً على الأحرار زاد تكَرُّما

.....

[الحمدان]

وإذا ما عددتُ أيام عمري
قلتُ للشَّيب مرحباً بالظَّلوم

.....

[الحمدان]

سأَبعدُ عنكمُ وأَروضُ نفسي
وأنظر كيف صَبري واعتزامي

فإمَّا أن يُفارقني هواكم
وإما أن يُواصلَني حِمامي

ولي إلفانِ من شَوقٍ ودَمعِ
يُعينان السَّهَادَ على مَنامِي

أقولُ إذا الجنوبُ جَرَت بليلٍ
على حيِّ وساكنها سلامي

.....

[الحمدان]

وأرى المديحَ إذا عداك نقيصةً
فأعافُهُ ولو أنه في حَاتمِ

فإذا امتَدحتُ سواكَ قال الشِّعر لي
لم تَرعَ حقّي إذ أَبَحتَ مَحَارمي

.....

[الحمدان]

يهدي إلى العلماء من أَنفاسهِ
ما شئتَ من علمٍ وليسَ بعالم

ويشيعُ أسرار القلوب إذا جَرَي
يَنثو السرائرَ عن لسانِ كاتم

.....

[الحمدان]

من عاذري من زمنٍ ظالم
ليس بمستحي ولا راحم

تفعلُ بالأحرار أحداثُه
فِعلَ الهوى الدَّنفِ الهائمِ

كأنما أصبحَ يرميهمُ
عن جَفنِ مولاي أبي القاسم

.....

[الحمدان]

كم من صديقٍ يروق عيني
بالشكل والحسن واللباقه

ليس له في الجميل رأيٌ
ولا بفعل القبيح طاقه

كأنه في القميص يمشي
فالموذج السوق في رقاقه

.....

[الحمدان]

مَا كُلُّ نَفْسٍ نَسْتَطِيْعُ فِرَاقِهَا
‏فَفِرَاقُ مَنْ سَكَنَ الفُؤَاد مَمَاتُ

‏فَإِذَا صَمَتْنَا وَالحَبيْبُ مُهَاجِرٌ
‏بَعْضُ الشُعُوْرِ تَخُوْنُهُ الكَلِماتُ

‏فَالصَمْتُ لَا يَعْنِيْ الِرضَا لَكِنَّنَا
‏مَوْتَى فَهَلْ يَتَحَدَّثُ الأَمْوَاتْ

.....

[الحمدان]

وما أدراكَ أني لا أحنُّ
وأني من لظى شوقي أُجَنُّ

وأني ليسَ يُضنيني حنيني
وطيفُكَ في خيالي لا يَعِنُّ

تمنيتُ اللقاء وكان ظني
بأن تأتي الحياةُ بما أظنُّ

فخانتني الحياةُ وتاهَ دربي
وظلَّ القلبُ في صدري يئنُّ

.....

[الحمدان]

لمّا التقيتك أحيا الحُبُّ أورِدتي
‏وأيقظ النبض في روحي وأحياها

‏كأنّ دُنيايَ أهدتني سعادتها
‏فما أرقّ وما أحلى هداياها

‏فيا لبهجةِ عينٍ أنت ساكِنها
‏ويا لفرحةِ رُوحٍ أنت دُنياها

‏فأنت ألطف إحساسٍ جرى بدَمي
‏وأنتَ أجملُ أقداري وأحلاها

.....

[الحمدان]

قاسٍ عليّ وما عهدتُكَ قاسيا
لمّا طَوَيتَ سنينَ حُبِّكَ ناسيا

وتركتني وحدي أكفكفُ أدمعي
وأرى الّذي أهْواهُ شخصاً ثانيا

يا مَنْ بَنَيتَ الحُبَّ أَوَّلَ مَرَّةٍ
حَطَّمْتَ بالأفعالِ حُبّاً غاليا

المتنبي

[الحمدان]

صَبِي جَمالِك رُوحًا فَوْق قافيَتيْ
يَا قُبلَة الشِّعْر فِي الماضي وَفِي اَلآتِي

كُلُّ اِتِّجاه إِلى عيْنيْك يَأخُذني
مِن أَيْن أُعبِّر يَا كُل اِتِّجاهاتي

ضَيعَت ذَاتِي كأنِّي لَم أَكُن أحدًا
حَتَّى وجدتْك مِعْراجًا إِلى ذَاتِي

وقبْل لُقْياك لَم أَعثُر على اِمرأَة
تَلوُّن الأرْض أَلوَان السَّمواتِ

خُرَافَة العشْق أن نَحيَا بِلَا وجعٍ
ونحْن نَعشَق تَصدِيق الخرافاتِ

.....

[الحمدان]

لو كُنتَ تَعرِفُ مَا بقَلبي مِن هَوىً
‏لعَذَرتَني في العِشق قبلَ عِـتابي

‏لو ذُقتَ طَعمَ الحُبِّ يَومًا مِثلـما
‏ذُقتُ الهَوى لفـهمتَ سِـرَّ عَـذابي

‏آو كُـنتَ تَشعرُ بِالَّـذي أشـعـرُ بِـهِ
‏لرَأَيتَ عُـذري في ذُبولِ شَبـابي

.....

[الحمدان]

‏يَبُثُّ أَحزانَهُ لِلنَجمِ مُمتَثِلاً
وَلِلنُجومِ قُلوبٌ ما تُواسيها

فَيا لَهُ مِن شَجٍ قَد راحَ مُشتَكِياً
إِلى شَجٍ مِن هُمومٍ لَيسَ يَدريها

هذي النُفوسُ إِذا حانَت مَنِيَّتِها
فَفي عُيونِكَ سِحرٌ سَوفَ يُحييها

.....

[الحمدان]

‏وإذا نظرت إلى السماءِ مُناجياً
‏ ورجوت ربّك أن يُحقق مأملك

‏فرأيت مالم ترتجيِه مع الدعا
‏ وظننت أنّ الحُزن أطفأ مشعلك

‏لا تجزعنّ من الحياةِ وضيقها
‏ حاشاهُ رحمن السما أن يخذُلك

‏ولو اطّلعت على الغيوبِ ولُطفِها
‏ لعلمت أن الخير فيم اختار لك

.....

[الحمدان]

يا صبرُ قل لي هل أنا أيوبُ
أم أنني في لوعتي يعقوبُ

أفنيتُ دهرا في انتظار أحبتي
فمتى الحبيبُ إلى الحبيبِ يؤوبُ

ما كنتُ أحسبُ أنْ تفِرَّ بلابلي
أو أنّ شمسي في الصباح تغيبُ

ولقد سألتُ الساكبين دموعهم
أتذوبُ مِنْ نارِ الدموعِ قلوبُ

فالشوكُ في دربِ الأحبةِ ليّنٌ
والمرُّ مِن أجل الحبيبِ يطيبُ

وهنت عظامي في انتظار أحبتي
وعدا على كل السواد مشيبُ

يا ليلُ إني موقنٌ ما أظلمَتْ
فهناك فجرٌ يا ظلامُ قريبُ

الصبرُ في عُرْفِ العباد مرارةٌ
لكنّ صبرَ العارفين طبيبُ

يا مَنْ يلومُ على التذكّرِ والجوى
أيُلامُ في ذكرِ الحبيبِ حبيبُ

.....

[الحمدان]

أيا بعيدًا وَقَد قُرِّبت مِن قلبَي
‏والنَّاسُ تأكُلنيَ عَدَلاً وإيلامًا

‏قالوُا جُنِنتَّ إذَا احبَبت مُبتعِدًا
‏أُجِيبُ أعشَقهُ لَو كانَ اوُهامًا

‏احيَا بقُرِبكَ يَامن لَستُ المِسُه
‏إلابِحُلمٍ وقد أبليتُ أحلامًا

‏أنا وأنت مَتى الأيامُ تَجمعُنا
‏إني كَبْرتُ بِهذا البُعدِ اعوَامًا

.....

[الحمدان]

تَعِبْتَ مِنَ الأشعارِ واللَّيْلُ شاهِدُ
وفِكْرُكَ لَمْ يَهْدَا وقَلْبُكَ ساهِدُ

فَحَتَّامَ هَذا شِعْرُكَ الهَمُّ والأَسَى
وحِبْرُكَ أخَّاذٌ ودَمْعُكَ وارِدُ

تُفَتِّشُ عَن خِلٍّ يُخَفِّفُ لَوعَةً
ورَبْعٍ بِلا وَجْدٍ فَحِسُّكَ بارِدُ

تَجَاوَزَ رَبِّيْ عَنْ سَلامَةِ خاطِرٍ
يُؤَمِّلُ بِالشُّطَّارِ والظَّنُّ حائِدُ

أَلَا لَيتَ شِعْرِيْ هَلْ أُنادِمُ مَعشَرَاً
يَصُونونَ عَهدِيْ فَالفِراقُ مَواعِدُ

أَوَ اَنَّ دِيَارَ الوُدِّ ما انْفَكَّ أهْلُها
يَعُودونَ لَوْ بِالطَّيفِ فَالشَّوقُ كائِدُ

يُسامِرُنِيْ دَوْماً مَعَ الطَّيرِ إذْ شَدَا
يُسائِلُ مَن يَحْظَى بِدَمْعٍ؟ يُساعِدُ

وقَد كُنتُ قَبْلَ اليَومِ جَلْداً عَلَى النَّوَى
ولَكِنَّ غَدْراتِ المُوالِينَ تَزدادُ

فَلا تَحسَبُوا أنِّيْ طَلَبْتُ مَفَارِقاً
ولَكِنَّها الأقدارُ حَتْماً تُباعِدُ

.....

[الحمدان]

سروري أن تبقى بِخَيرٍ وَنِعمة
وَإِنِّي مِنَ الدُّنْيا بِذَلِكَ قَانِعُ

فما الحب إن ضاعَفْتُهُ لَكَ بَاطِل
ولا الدمع إن أفنيتُهُ فيكَ ضائع

.....

[الحمدان]

لمَّا دَنَتْ ساعَةُ التَوديعِ قلتُ لَهُ
والدمْعُ اكتِمُه طَورًا وَيفْضَحُني

يا مَنْ يَعُزُّ عَلينا أنْ نفارقَهُ
يا ليتَ مَعرفَتي إِياكَ لم تَكُنِ

.....

[الحمدان]

ألَا يا صبحُ بشِّر كل قلبٍ
‏عَلاهُ الهمُّ واسودّت سماؤه

‏بأن الكربَ ليلٌ يقتفِيهِ
‏صباحٌ يملأُ الدُّنيا بهاؤه

.....

[الحمدان]

أَقولُ في إِثرِهِم وَالعَينُ دامِيَةٌ
‏وَالدَمعُ مُنهَمِرٌ مِنها وَمُنهَمِلُ

‏ما عَوَّدوني أَحِبّائي مُقاطَعَةً
‏بَل عَوَّدوني إِذا قاطَعتُهُم وَصَلوا

.....

[الحمدان]

لا أَذكُرُ الدَهرَ يَومًا مِنكَ أَبهَجَني
وَالدَهرُ يَبعَثُ مِنّي الحُزنَ وَالعِبَرا

طَرفي يُحَسِّنُ لي شَخصًا أَضَرَّ بِهِ
كَأَنَّ طَرفي عَدوّي كُلَّما نَظَرَا

البحتري

[الحمدان]

قُل لقَلبك أنَّني أحبَبتُهُ
فلَعلَّ صَوت الحُب يَبلغُ مَسمَعكْ

رِفقًا بحَالي إن قَلبي مُوجَعٌ
وشِفَاؤُه في أن يَراكَ ويَسمَعكْ

مهما أبتعدت عن الفؤادِ فإنني
مستوطنٌ رغم المسافةِ أضلُعَكْ

إن كنت قررت الرحيلَ تذكر
أنّي تركتُ الناسَ كي أبقى مَعَك

.....

[الحمدان]

لك الحمد يامولاي ماذا أسطّرُ
وذكرك للأرواح مسكٌ وعنبر

لك الحمد أن أهديت قلبي لتوبةٍ
من الذنب عن فعل القبيح وتستر

تجليت بالأسحار لمن بات قلبه
منيبًا وأواهًا وعيناه تقطرُ

.....

[الحمدان]

وإذا رُزِقتَ بمَنْ يُحبُّكَ صَادقًا
‏حَافظْ عَليهِ فَمِثلُهُ لا يُوجَدُ

‏يَكفِيكَ قَلبٌ واحِدٌ عَنْ أمَّةٍ
‏تَحظَى بهِ بعدَ العَناءِ وتَسْعدُ

.....

[الحمدان]

ملكٌ أنا لو تصبحين حبيبتي
اغزو الشموسَ مراكبًا وخيولا

لا تخجلي مني فهذهِ فرصتي
لأكون بين العاشقين رسولا

.....

[الحمدان]

سألتها قُبلةً ففُزتُ بها
بعد امتناعٍ وشدّة التعب

فقُلتُ بالله يا معذّبتي
جودي بأخرى أقضي بها أربي

فابتسمت ثم أرسلت مثلا
يعرفه العجم ليس بالكذب

لا تُعطينّ الصبي واحدة
يطلبُ أخرى بأعنف الطلب

.....

[الحمدان]

كَواكِبُ الليلِ قَد لاحَت لِنَاظِرها
وبدرُ وجهكِ عنَّي اليوم مفقودُ

فَـهل تُراني أرى من برقه خبرًا
‏أم أنَّ قلبـي بِالأوهـامِ موعودُ

.....

[الحمدان]

أو نلتقي بعد الوفاءِ كأننا
‏ غرباءُ لم نحفظ عهوداً بيننا

‏يا من وهبتُكِ كل شيء إنني
‏ما زلتُ بالعهد المقدسِ مؤمنا

‏فإذا انتهت أيامُنا فتذكري
‏أن الذي يهواكِ في الدنيا أنا

.....

[الحمدان]

أَمْشِي وَحِيدًا فِي دُرُوبٍ صَامِتٍ
كَأَنّـنِي حُلُمٌ تَكَسَّرَ وَاخْتَفَى

مَا لِلرِّفَاقِ نَسُوا الْمَوَدَّةَ كُلَّهَا
وَتَرَكُوا الْقَلْبَ الْحَزِينَ وَمَا اكْتَفَى

إِنِّي أُحَاوِرُ ظِلَّ نَفْسِي دَائِمًا
وَأَسِيرُ نَحْوَ الصَّمْتِ حَافِيَ مُرْهَفَا

.....

[الحمدان]

مَتى يَشتَفي مِنكَ الفُؤادُ المُعَذَّبُ
وَسَهمُ المَنايا مِن وِصالِكِ أَقرَبُ

فَبُعدٌ وَوَجدٌ وَاِشتِياقٌ وَرَجفَةٌ
فَلا أَنتِ تُدنيني وَلا أَنا أَقرَبُ

كَعُصفورَةٍ في كَفِّ طِفلٍ يَزُمُّها
تَذوقُ حِياضَ المَوتِ وَالطِفلُ يَلعَبُ

فَلا الطِفلُ ذو عَقلٍ يَرِقُّ لِما بِها
وَلا الطَيرُ ذو ريشٍ يَطيرُ فَيَذهَبُ

وَلي أَلفُ وَجهٍ قَد عَرَفتُ طَريقَهُ
وَلَكِن بِلا قَلبٍ إِلى أَينَ أَذهَبُ

قيس بن الملوح

[الحمدان]

أَموتُ وَلا تَدري وَأَنتَ قَتَلتَني
فَلا أَنا أُبديها وَلا أَنتَ تَعلَمُ

لِساني وَقَلبي يَكتُمانِ هَواكُمُ
وَلَكِنَّ دَمعي بِالهَوى يَتَكَلَّمُ

وَلَو لَم يَبُح دَمعي بِمَكنونِ حُبُّكُم
تَكَلَّمَ جِسمٌ بِالنُحولِ يُتَرجِمُ

.....

[الحمدان]

أشتاقُ روحكَ أن تجيءَ جواري
وتلفَّ روحي في ندى النوّارِ

وأنام في حضنِ النسيمِ بلهفتي
وأدور فيكَ بغابةِ الأقمارِ

فصباحكَ الورديِّ كحّلَ مُقلتي
في لونهِ فتزاحَمتْ أزهاري

أنا واحةُ الطِّيبِ البريءِ يشمُّني
مَن كـان يسكنُ عتمتي ونهاري

.....

[الحمدان]

أضللتَ عهدَك أم غفلتَ عن المُنى
أم كنتَ توهِمُني بألفِ خِلالِ

يا من ظننتُك في الدُجى قِنديلاً،ط
فإذا بك الظلماءُ في أقبالي

كم كنتُ أُؤثِركَ الرُّؤى وأُقِيمُها
أهدابُ قلبي فوقَها مِثلالي

ونسجتُ من حُلمي غطاءَ مودّتي
فمزقتَه بيديْكَ دونَ مِثالِ

ووهبتُ من ذاتي صفاءَ جوانحي
فجحدتَ حتى طيفَها المتعالي

ألمحتَني في خافقيكَ زَمانَنا
أم كنتَ تمزحُ تحتَ سترِ خيالِ

ما كنتُ أطلبُ في هواكَ مقابِلاً
يكفينيَ الصدقُ الجميلُ الحالي

لكنكَ اخترتَ الفُتورَ وسُقمَهُ
وأدرْتَ ظهركَ عن صدى آمالي

يا من نطقتَ بحبِّنا مُترنّماً
ثم ارتكبتَ الصمتَ كالأثقالِ

قد كنتُ أحسبُ أن قلبَكَ نازفٌ
فإذا بهِ حجرٌ بغيرِ زوالِ

.....

[الحمدان]

وتَغَيِّرَت مِنكَ الطَّباعُ ولَمْ تَعْدُ
تحنو عليَّ وَبِي تُحِس وتُشعُرُ

أنكرت ما بيني وبينك في الهوى
أو مِثْلَ ما بيني وبينك يُنكر

.....

[الحمدان]

إنّي أنا البحرُ والرُّبّانُ مَن رَكِبوا
سيولَدونَ غَداً أو يكبرونَ غَدا

سيزرعونَ بأرضِ الشامِ غَيْمتَهم
ويَقرؤونَ وُجوهَ السّادةِ الشُّهَدا

ويَقرؤون: هُنا كانوا، هُنا هَتَفوا
هُنا أُريقوا دَماً كَي يُزْهِروا بَردى

لا شيءَ يُشْبِهُ مَوتاً باذِخاً عَطِراً
لا شيءَ يُقلِقُ طاغوتاً كَأنْ تَلِدا

هذي السّلاسلُ لم يُضرَبْ لها زَرَدٌ
لو كانَ في الأرضِ مَن لا يَقْبَلُ الزَّرَدا

واللهِ ما حُمِدَ المولى بمثلِ دَمٍ
يُراقُ حَتّى تُرى حُرّاً ولا عُبِدا

.....

[الحمدان]

وأبحثُ عنّي رويدًا رويدًا
ويغلقُ دوني سبيلُ التمنّي

ولازلتُ جَلدًا أخوضُ الحياةَ
وكم كان سهلًا سبيلُ التجنّي

فأُجرحُ يومًا وأَفرحُ يومًا
وأُكسرُ يومًا ويومًا أغنّي

وكانت أغانيّ لحنًا خفيّا
رسائلَ حبٍّ إليّ ومنّي

.....

[الحمدان]

تنسَّمْتُ خَفْقًا في جُفونِ تجرَّدِي
فأنكرَهُ سِرُّ الزَّوالِ المُذابا

وخُضتُ على أهدابِ وهميَ فُلوَةً
تُعاقِرُ في دَهماءِ رؤيايَ بابا

تجافَتْ يدايَ المُشتهى فتوغَّلتْ
بأعماقِ ما لم يُستَشفَّ ارتيابا

أسائلُ فَتقَ الغَيبِ عن فتنةِ الصدى
فلا يَرشَفُ الإيماضُ غيرَ التِهابَا

تَعمّدتُ إرهاقيَ حتى إذا اعتلى
عُسَيْلُ الظِّلالِ استبقتُ احتجابا

فلم تبقَ منّي غيرُ أصداءِ نَفْسِها
تُذبذبُ أنفاسيَ في مَنحَنى غابا

وشَكَّلتُ من سُهدِ التماهي ملامحًا
رأيتُ بها مَن لا يُرى إذ غابا

كأني أُبَخِّرُ في فُؤادي طِلْسِمًا
يُوشِّحُ عينيَّ سُهادًا مُذابا

تَجَلّتْ فغابتْ لا لتَهوينِي ولكنْ
لِتَترُكني فِيّ بلايَ غِيابا

وخلَّتْ يديّ وما خلَّفتْ في دمي
سوى أثرٍ يُتلى ولا يُستتابا

.....

[الحمدان]

طرفٌ يراعي النَّجم وهو مؤرَّقُ
وجوًى تكادُ به الجوانح تُحْرَقُ

ومع الذين أودّهم لي في الدُّجى
عتب يرقّ وعبرة تترقرق

.....

[الحمدان]

وَتَسهَرُ اللَّيلَ الطَّوِيلَ جَمِيلَتي
والسُّهدُ في تِلكَ العُيُونِ يُقِيمُ

يا نَومُ لا تَهجُرْ سَوَادَ عُيُونِها
فعُيونُها للعَاشِقِينَ نَعِيمُ

.....

[الحمدان]

يَا مَنْ لِقَاؤُكَ كَالْبَدْرِ إِذَا ابْتَسَمَا
وَثَغْرُكَ الْعَذْبُ كَالْأَنْهَارِ إِذَا انْسَجَمَا

قَبَّلْتُ شَفَتَيْكَ فَازْدَادَ الْهَوَى وَهَجًا
كَالنَّارِ تَشْتَعِلُ فِي الْأَضْلَاعِ وَالْحُلُمَا

فِي لَحْظَةِ الْقُبْلَةِ الْأُولَى تَنَاهَى هَوَايَ
وَصَارَ قَلْبِي بِحُبِّكَ دَوْمًا مُغْتَرِمَا

يَا مَنْ قُبَلُكَ تَسْقِي الرُّوحَ مِنْ ظَمَئٍ
فَتُصْبِحُ النَّفْسُ فِي دُنْيَاكَ مُنْسَجِمَا

أَقْسَمْتُ بِالرَّبِّ رَبِّ الْعَرْشِ ذِي شَرَفٍ
مَا ذُقْتُ قَبْلَكَ فِي الْأَحْلَاسِ مُبْتَسَمَا

.....

[الحمدان]

تأتينَ مثلَ المستحيل تفرّداً
‏ تتواضعين لهن وأنتِ مُحالُ

‏ ما كان إلا أن تكون أنوثتكْ
‏ شمسٌ وكلّ الأخريات ظلالُ

.....

[الحمدان]

أيَا مَن غـابَ عن عيني ولكن
‏أقامَ مخيِّمـا في رَبعِ قلبـي

‏عَهِدتُك زائري من غيرِ وعدٍ
‏فكيف هَجَرتَني مِن غيرِ ذنبِ

‏فإنْ تَكُ راضيا بدَوامِ سُخْطي
‏وإن تكُ واجدًا رَوْحًا بكَرْبي

‏فحسبي أنّني برضاك راضٍ
‏وحسبي أن أبيتَ وأنتَ حَسبي

.....

[الحمدان]

أتراهُ في ندم يلومُ فؤادَه
أم أن بعدي عن يديه يهونْ

ما صانٌ قلبي حينَ كُنتُ جوارهُ
أتظنهُ عِنْدَ الفِرَاقِ يَصُوَنْ

.....

[الحمدان]

خُذْنِي إِلَيْكَ إِذَا أَرَدْتَ بَقَاءَنَا
أَمَّا الْفِرَاقَ فَمَا أَقُولُ لَامْنَعْكَ

أَبَقَيْتَنِي رَغْمَ إِنْتِظَارِكَ خَائِبًاً
وَأَنَا الَّذِي لَا شَيْءُ مِنِّي أُوجِعَكَ

حَسْبِي بِأَنَّكَ إِنْ أَرَدْتَ تَكَلُّمًاً
اسْكُتُ صَرَخَاتِ الْعِتَابِ لَاسْمَعَكَ

أُبْقِيكَ فِي عَيْنِي كَأَنَّكَ وَاقِفًاً
فِي طَرَفِهَا حَتَّى أَخَافَ لَادْمَعَكَ

.....

[الحمدان]

يا مَن له حلمٌ يعيش لأجلهِ
والدربُ صعبٌ والنهاية تُقلق

أوكل أمورك للذي رفع السما
ولمن به كُلِّ الرجاءِ يُعلّق

ودع الغيوبَ لِلُطفه فلربما
تُمسي وتُصبح والرجاء مُحقق

سبحانه

[الحمدان]

يا رِحلَةَ العُمرِ هَل ضَلَّت مَسالِكُنا
أم نَحنُ في دَربِ الأيّامِ نَرتَحِلُ

كَم قَد قَطَعنا فِجاجاً في مَسيرَتِنا
وَالدَربُ يَمتَدُّ لا يَدري بِهِ الأمَلُ

.....

[الحمدان]

هوَّن عليك الأمرَ لا تَعبَأَ بِهِ
إن الصعابَ تهونُ بالتهوين

أمسٌ مضى واليومُ يسهلُ بالرضا
وغدٌ ببطنِ الغيبِ مثلُ جنين

لا تيأسنَّ من الزمانِ وأهلهِ
وتقلْ مقالة قانطٍ وحزين

فعليكَ بذرِ الحبِّ لا قطف الجنى
والله للساعينَ خيرُ معين

سبحانه

[الحمدان]

يا نائمَ الليلِ رُوحي فيكَ ساهرةٌ
‏فقل متى يلتقي باللهِ طَيفانا

‏لوِ الرؤى تَطرُقُ اليقظانَ ما دَمعَت
‏عيني ولا بِتُّ أرعى النجمَ حيرانا

‏طال الغيابُ ولا وعدٌ تجودُ بهِ
‏راضٍ أنا لو بوعدِ الوصلِ بُهتانا

‏ليت المسافاتِ تُطوَى في جوانحِنا
‏طيَّ الصحائفِ حتى نلتقي الآنا

.....

[الحمدان]

إِنّي أَقولُ لِنَفسي وَهيَ ضَيِّقَةٌ
وَقَد أَناخَ عَلَيها الدَهرُ بِالعَجَبِ

صَبرًا عَلى شِدَّةِ الأَيامِ إِنَّ لَها
عُقبى وَما الصَبرُ إِلّا عِندَ ذي الحَسَبِ

سَيفتَحُ اللَهُ عَن قُربٍ بِنافِعَةٍ
فيها لِمِثلِكِ راحاتٌ مِن التَعَبِ

علي بن ابي طالب رضي الله عنه

[الحمدان]

سَقاني الوَعدُ كأساً من سرابِهِ
وخلّفني طريحًا في غيابي

تغنّت بالعهودِ قلوبُ ناسٍ
فما صدقُ القلوبِ سوى عذابي

وثقتُ بمن إذا ناديتُ قالوا
هو المأوى وهو غيمٌ في صِحابي

فخانَ النبضُ نبضي ثم ولّى
كأنّي ما وجدتُ بقلبِ بابِه

فما أقسى الخذولَ إذا أتانا
بثوبِ الودّ يطعنُ في شبابي

.....

[الحمدان]

ما عادَ يُجدِي فِي الحَياةِ عِتابُ
‏فَالقَلبُ مُضنىً والشُعورُ مُصابُ
‏
وسِنينُ عُمرِي قَد ترنّحَ خَطْوُها
‏تَمضِي وفِي طرَفِ الطريقِ سَرابُ
‏
مِن أينَ تَأتِي راحَتِي فمَشاعِري
‏ظَمأى، وحَولِي سُدّتِ الأبوابُ
‏
إنّي بَذلتُ الحُبَّ نَبضًا طاهِرًا
‏أسَفِي عَلى مَن خَيّبوهُ وَخابُوا

.....

[الحمدان]

الصبح مثل البصير نورا
والليل في صورة الضرير

فليت شعري بأي رأيٍ
يختار أعمى على بصير

.....

[الحمدان]

لا تدعني لصبوحٍ
إن الغبوق حبيبي

الليل لون شبابي
والصبح لون مشيبي

.....

[الحمدان]

سيدي حشمتي عليك حرامٌ
وبحكم الكريم تقضي الكرامُ

وأرى مذ ملكتني أن مثلي
أبداً لا تفيدك الأيامُ

خادمٌ ناصحٌ وعبدٌ محب
وصديقٌ وصاحبٌ وغلامُ

خمسة قد جمعتهم لك وحدي
لمعاني اختصاصهم والسلام

.....

[الحمدان]

سمعتم قط أعجب من ضريرٍ
يقدر أن يجور على بصير

ولو شاء الوزير ولم يزل لي
صلاحي في مشيئات الوزير

لألزمه العصا يمشي عليها
وعلمه القران على القبور

.....

[الحمدان]

فديت من مر في الرصافة بي
فقلت يا سيدي فلم يُجب

واصفر غيظاً علي وامتزجت
صفرةُ ذاك اللجين بالذهب

.....

[الحمدان]

أنا الفداء لعينٍ بعض أسهمها
مشكوكةٌ بين أحشائي وفي كبدي

فيها سقامُ فتورٍ لا خفاء به
تُجدد السقم في قلبي جسدي

كانت تعل فؤادي وهي سالمة
فكيف بي وهو يشكو علة الرمد

.....

[الحمدان]

لا تَعذلُوُا الكافِي على فِعلِه
فُعذرُهُ يَقضِي على عاذلِيه

ولا تَظُنُّوهُ دَخِيلاً ولا
تَكَلَّفَ الَمدَّ ولا يَدَّعِيه

فإنَّهُ ظَنٌّ بهِ وارِثٌ
لِعِلمِهِ عن جَدِّهِ أَو أَبِيه

وهكذا عادتُه فافطَنُوا
يَقُودُ في السِّرِّ على مَن يَلِيه

.....

[الحمدان]

وَمَا كَيِّسٌ في النَّاسِ يُحْمَدُ رَأْيُهُ
فَيُوجَدُ إِلاَّ وَهْوَ في الحُبِّ أَحْمَقُ

وَما مِنْ فَتىً مَا ذاقَ بُؤْسَ مَعيشَةٍ
مِنَ الدَّهْرِ إِلاَّ ذَاقَها حِينَ يَعْشِقُ

.....

[الحمدان]

إِنَّ الغَنيَّ إِذا تَكَلَّمَ كَاذِباً
قَالوا صَدَقْتَ وَما نَطَقْتَ مُحالا

وَإِذا الفقيرُ أَصابَ قالوا لَمْ تُصِبْ
وَكَذَبْتَ يا هذا وَقُلْتَ ضلالا

إِنَّ الدَّراهِمَ فِي المَواطِنِ كُلّها
تَكْسُو الرِّجَالَ مَهابَةً وجَلالا

.....

[الحمدان]

أعصر شبيبتي قف لي قليلاً
أناشدك المودة أن تحولا

فديتك يا شبابي أنت ما لي
أراك مكلكلاً نضواً عليلا

تولى حسنك المفقود عني
وحول رحله إلا قليلاً

وقالوا الشيب يكسبه جلالاً
معاذ الله بل خطباً جليلاً

.....

[الحمدان]

قم يا غلام فهاتها في كأسها
كالجلنارة في جنى نسرين

أو ما رأيت هلال شهرك قد بدا
في الأفق مثل شعيرة السكين

.....

[الحمدان]

زارني في دجا الظلام البهيم
قمر بات مؤنسي ونديمي

بحديث كأنه عودة الصحة
في الجسم بعد يأس السقيم

تتلقى القلوب منه قبولا
كتلقي المخمور برد النسيم

.....

[الحمدان]

لامت قبلك يا أخي لا باخلا
بالنفس عنك ولا تمت قبلي

وبقيت لي وبقيت فيك ممتعا
بالبر والنعماء والفضل

حتى إذا قصد الحمام لنا
من بعد عمر وارد الحبل

متنا جميعا لا يؤخر واحد
عن واحد لمرارة الثكل

وكفاك من نفسي شهيد ناطق
يا صاح إنك عندها مثلي

.....

[الحمدان]

لك في السفرجل منظر تحظى به
وتفوز منه بشمه ومذاقه

هو كالحبيب سعدت منه بحسنه
متأملا وبلثمه وعناقه

يحكي لك الذهب المصفى لونه
وتزيد بهجته على إشراقه

فالشكل من أعلاه يحكي شكله
ثدي الكعاب إلى مدار نطاقه

والشكل من سفلاه يحكي سرّة
من شادن يزهى على عشاقه

.....

[الحمدان]

إجعل جليسك دفترا في نشره
للميت من حكم العلوم نثور

ومفيد آداب ومؤنس وحشة
وإذا انفردت فصاحب وسمير

.....

[الحمدان]

قضيب من الريحان شاكل لونه
إذا ما بدا للعين لون الزبرجد

تشبهته لما بدا متجعدا
عذارا تبدى في سوالف أغيد

.....

[الحمدان]

غذيت به طفلا وإن رمت تركه
تأبى وأغرتني به ألفة المهد

على أنني أقضي الحقوق بنية
وأبذل في رعي الذمام لهم جهدي

ويخدمهم قلبي وسري ومنطقي
فأبلغ أقصى غاية القرب في بعدي

.....

[الحمدان]

عرض المشيب لعارضي فزادني
ذلا وزاد ذوي المحاسن تيها

وأرتني المرآة يوما صورتي
فطفقت أبصق للسماجة فيها

.....

[الحمدان]

ومبثوثة في كل شرق ومغرب
لها أمهات بالعراق قواطن

يحرك أنفاس الرياح حراكها
كأن نسيم الريح فيهن كامن

.....

[الحمدان]

يا من تلوَّن في الطِّباع أما ترى
ورقَ الغصونِ إذاتلوَّنَ يسقطُ

.....

[الحمدان]

ثَلَاثٌ يَعِزُّ الصَّبْرُ عِنْدَ حُلُولِهَا
وَيَذْهَلُ عَنْهَا عَقْلُ كُلِّ لَبِيبِ

خُرُوجُ اضْطِرَارٍ مِنْ بِلَادٍ يُحِبُّهَا
وَفُرْقَةُ إِخْوَانٍ وَفَقْدُ حَبِيبِ

.....

[الحمدان]

‏هَوِّن عَلَيكَ فَكُلُّهُ مَكتُوبُ
قَدَرٌ عَلَينَا لَيسَ مِنهُ هُرُوبُ

رَامٍ رَمَى فَأصَابَ قَلبَكَ سَهمُهُ
ولَكَم أُصِيبَت بِالسِّهَامِ قُلُوبُ

وعَجِبتُ مِن زَمَنِي إلى أن لَم يَعُد
عِندِي مِنَ الزَّمَنِ العَجِيبِ عَجِيبُ

.....

[الحمدان]

هَلَّا تَذَكَّرْتَ يَوْماً أَنْتَ مُدْرِكُهُ
يَوْماً سَتُخْرِجُ فِيهِ كُلَّ أَنْفَاسِ

يَوْمَ الرَّحِيلِ عَنِ الدُّنْيَا وَزِينَتِهَا
يَوْمَ الْوَدَاعِ شَدِيدَ الْبَطْشِ وَالْبَاسِ

وَيَوْمَ وَضْعِكَ فِي الْقَبْرِ الْمُخِيفِ وَقَدْ
رَدُّوا التُّرَابَ بِأَيْدِيهِمْ وَبِالْفَاسِ

وَيَوْمَ يَبْعَثُنَا وَالْأَرْضُ هَائِجَةٌ
وَالشَّمْسُ مُحْرِقَةٌ تَدْنُو مِنَ الرَّاسِ

وَالنَّاسُ فِي مُنْتَهَى جُوعٍ وَفِي ظَمَإٍ
وَفِي شَقَاءٍ وَفِي هَمٍّ وَإِفْلَاسِ

يَفِرُّ كُلُّ امْرِئٍ مِنْ غَيْرِهِ فَرَقاً
هَلْ أَنْتَ ذَاكِرُ هَذَا الْيَوْمِ أَمْ نَاسِي

.....

[الحمدان]

إِنِّي امرؤٌ مِنِّي السّماحةُ والنَّدى
والبَأْسُ أَخْلاقٌ أَصَبْتُ لُبَابَها

وأنا الرّبيعُ لِمَنْ يَحُلُّ بِسَاحتي
أَسَدٌ إذا ما الحربُ أَبْدَتْ نَابَها

وإذا لَقِيتُ كَتِيبةً طَاعَنْتُها
وَسَلَبْتُها يومَ اللِّقاءِ عُقَابَها

فاذهبْ فأنت نَعَامةٌ مَذْعُورةٌ
وَدَعِ الرِّجالَ قِتالهَا وسِبابَها

.....

[الحمدان]

لا تشْتَكِ الهَمَّ إنَّ الله يُذهبُهُ
فكم تغشَّى وربُّ الكون جلَّاهُ

ما فات مات فلا تندم عليه وقُلْ
رضيتُ والخيرُ فيما اختارهُ اللهُ

.....

[الحمدان]

لكَ الحمدُ كمْ تُعطي العبَادَ كثيرا
وكمْ جاءكَ المُضنَى الذليلُ كسيرا

فعادَ وقد أهديْتَهُ منك فَرْحةً
كأني به بعد الشقاء أميرا

إلهٌ كريمٌ لمْ نزلْ عند بابِهِ
وما خابَ مَن للهِ جاء فقيرا

فحاجاتُهُ تُقضى ولو طال صبرُهُ
فعقباهُ للبشرى وبات قريرا

سبحانه

[الحمدان]

‏عَلَىظ° ثِقَةٍ بِوَعْدِ اللهِ عِشْنَا
بِلَا يَأْسٍ وَمَا زِلْنَا نَعِيْشُ

تَجِيْشُ قُلُوْبُنَا حُزْناً وَلَـظ°كِنْ
بِذِكْرِ اللهِ يَهْدَأُ مَا يَجِيْشُ

وَمَا غَيْرُ الدُّعَاءِ إِذَا عَجَزْنَا
فَإِنَّ سِهَامَهُ لَيْسَتْ تَطِيْشُ

.....

[الحمدان]

‏وَمَا البَذْلُ يُفني المَالَ قَبلَ فَنَائِهِ
وَ لَا البُخْلُ في مَالِ الشَّحيح يَزيدُ

فَلَا تَلتَمِسْ مَالًا بِعَيْشٍ مُقَتَّرٍ
لِكُلِّ غَدٍ رِزْقٌ يَعودُ جَديْدُ

أَلَم تَرَ أنَّ المَالَ غَادٍ وَ رَائِحٌ
وأنَّ الذي يُعطيكَ ليسَ يَبِيدُ

.....

[الحمدان]

أكرمْ فُؤَادَكَ بالرَّحيلِ إِذا بَدا
أنَّ اقْتِرابكَ وابتعادكَ واحدُ

البُعْـدُ شَـيءٌ مُـؤْلِـمٌ لَـكِنَّـهُ
حَقٌّ وكَم يضنيكَ قلبٌ جَاحِدُ

.....

[الحمدان]

إنَّا إذا كثُرَتْ يوماً دراهِمُنا
ظلَّتْ إلى سُبُل الخيراتِ تَستَبِقُ

لا يألَفُ الدَّرهمُ المنقوشُ صُرَّتَنا
لكنْ يَمُرُّ عليها وهو مُنطلِقُ

.....

[الحمدان]

سقطَ الثقيل من السفينةِ في الدُّجَى
فـبـكـى الرفـاقُ لفقدِهِ وتَـرَحّـموا

حـتى إذا طـلـعَ الـنـهـارُ أتـتْ بـهِ
نـحـوَ السـفـيـنةِ مـوجةٌ تـتـقـدمُ

قـالتْ خـذوهُ كـما أتانيَ سـالـمًا
لـمْ أبـتـلـعْـهُ لأنــهُ لا يُــهــضـــمُ

احمد شوقي

[الحمدان]

زَرَعَ المعلمُ في الصُّفوفِ نَخيلا
يُعطِي وَيثمرُ عَالِماً وَجَليلا

مَا انفكَّ يَسقي كلَّ يومٍ غَرسَهُ
وَيدلِّلُ الأزهارَ والإكليلا

فَنَمَتْ مِن الفعلِ الجَميلِ حَضارةٌ
بَل أصبَحَ البلدُ البَسيطُ جَمِيلا

.....

[الحمدان]

‏‎قُم للمعلمِ وفّهِ التبجيلا
كاد المعلمُ أن يكونَ رسولا

أعَلِمتَ أشرفَ او أجل من الذي
يبني ويُنشئُ أنفساً وعقولا

اليوم العالمي للمعلم

[الحمدان]

‏أُحبهمْ فأُعاني في مَحبَّتهِمْ
ولا أُطيقُ لهمْ ما عِشتُ هجرانا

يا هذه الحال كم أرقتِني زَمنًا
حتى تَمنَّيْتُ هذا الحُبَّ ما كانا

إذا سجا الليلُ قام الوَجْدُ مُنتبِهًا
لِيَشحنَ القلبَ أشواقًا وأشجانا

.....

[الحمدان]

‏‎هل يُرجعُ الأحبابَ دَمعُ عيُوننَا
أو تُرجعُ الأشواقُ من تركونَا

لو كان يُجدي الدمعُ ما جفّتْ لنا
عينٌ ولا عرفَ الفؤادُ سكونَا

نبكي على ذكرى ليالٍ قد خلتْ
كانتْ تُنسّينا الأسى وشجونَا

.....

[الحمدان]

غازَلتُها ومَدحتُها وهَجَوتُها
وقَصائدي فيها تَكَسَّرَ وَزنُها

فَعَرَفتُ أنَّ شعُورَها مُتَبَلِّدٌ
وازدادَ مِن فَرطِ البَلادَةِ وَزنُها
😃

[الحمدان]

‏على قدرِ أهلِ العزمِ تأتي العزائمُ
وتأتي على قدرِ الكرامِ المكارمُ

وتعظمُ في عينِ الصغيرِ صغارها
وتصغر في عينِ العظيمِ العظائمُ

المتنبي

[الحمدان]

فراقُكِ كان أوَّلَ عهدِ دمعي
وآخِرَ عهدِ عيني بالرُّقادِ

[الحمدان]

وبيت خلا من كل خير فناؤه
وضاق علينا وهو رحب المساكن

كأنا مع الجدران في جنباته
دمى في انقطاع الرزق لا في المحاسن

.....

[الحمدان]

أعاتب فيك الدهر إذ بان جهله
ولولاك لم أهد العتاب لجاهل

رمى منك أبهى حلية بسهامه
فلو لم تطش أبدى لنا خد عاطل

فإن شغلت يسراك ألام سقطة
لما شغلت يمناك عن فيض نائل

.....

[الحمدان]

وحاطب ليل في القريض زجرته
وقلت له قول النصيح المجامل

إذا لم تفز بالدر من قعر زاخر
يداك فلا تحفل بحصباء ساحل

فإني رأيت الشعر عارا على الفتى
إذا لم يفق في الحسن زهر الخمائل

.....

[الحمدان]

ألست ترى الظلام وقد تولى
وعنقود الثريا قد تدلى

فدونك قهوة لم يبق منها
تقادم عهدها إلا الأقلا

بزلنا دنها والليل داج
فصيرت الدجا شمسا وظلا

.....

[الحمدان]

إذا انتضى السيف عمرو واستقل به
أقب من صنعة النجار مجدول

وزق فرخ زجاج فوه في فمه
وجسمه بصليف القرن موصول

رأيت أبيض مصقولا به قصر
يهزه بطل في باعه طول

.....

[الحمدان]

وَلي صَاحِبٌ نَحْسٌ على كُلِّ صَاحِبِ
هو الدّاءُ أَعْيا أَنْ يُصيبَ دَواءَ

أَخَفُّ الوَرى عَقْلاً وأَثْقَلُ طَلْعَةً
وأَفْحَمُ إِلاَّ أَنْ يَقولَ خَطاءَ

.....

[الحمدان]

من يحتمل ثقل من يأتيه معتفياً
لم يتَّجه نحوه ذمٌ ولم يُعَبِ

ومن علت في اكتساب المجد همتهُ
ولم يساعده جَدٌّ بات في تعبِ

.....

[الحمدان]

من يحتمل ثقل من يأتيه معتفياً
لم يتَّجه نحوه ذمٌ ولم يُعَبِ

ومن علت في اكتساب المجد همتهُ
ولم يساعده جَدٌّ بات في تعبِ

.....

[الحمدان]

لَها جيدُ ظَبيٍ واهتِزازُ يراعةٍ
وعَينا مَهاةٍ واعتِدالُ قَضيبِ

وَلَفظةُ مَنّاعٍ ولَحظَةُ باذلٍ
وعتبُ بَريءٍ واغتيابُ مُريبِ

وإيماضُ ذي جِدٍّ وإعراضُ هازلٍ
وسَورَةُ ذي طيشٍ وعطفُ لبيبِ

.....

[الحمدان]

وَأَنا الَّذي عَلِمتُ مِن طَلَبِ الغِنى
كَيفَ الطَريقُ إِلى الغِنى بِرَجائِهِ

فَظَلِلتُ مَخصوصاً بِحَمدِ عُفاتِهِ
وَغَدَوتُ مَمدوحاً بِشُكرِ عَطائِهِ

وَأَفَدتُ قَدماً مُعجِزات فَضائِلي
مِن نورِ فَطنَتِهِ وَنارِ ذَكائِهِ

فَإِذا نَطَقتُ نَطَقتُ مِن أَلفاظِهِ
وَإِذا وَهَبتُ وَهَبتُ مِن نُعمائِهِ

.....

[الحمدان]

وَقَوراءَ كَالفُلكِ المُستَديرِ
تَروقُ العُيون بِلَألائِها

حَبَتها البِحارُ بِأَموجِها
وَسُحُبُ السَماءِ بِأَنوائِها

كَأَنَّ تَدَفُّقَ تَيّارِها
يَداكَ تَفيضُ بِنُعمائِها

وَجودُكَ أَغزَرُ مِن جَريِها
وَخُلقُكَ أَعذَبُ مِن مائِها

.....

[الحمدان]

أَفادَت بِكَ الأَيّامُ فَرطَ تَجارِبٍ
كَأَنَّكَ في فَرقِ الزَمانِ مَشيبُ

وُكُلُّ بَعيدٍ قَرَّبَ الحَينَ نَحوُهُ
سَلاهِبُكَ الجُردُ الجِيادُ قَريبُ

تَباشَرُ أَقطارَ البِلادِ كَأَنَّها
رِياحٌ لَها في الخافِقينَ هُبوبُ

تَماشى بِفِتيانٍ كَأَنَّ جُسومَهُم
لِخِفَّتِها فَوقَ السُروجِ قُلوبُ

وَتَملَأُ ما بَينَ الفَضائينَ عِثيراً
مُثاراً بِوَجهِ الشَمسِ مِنهُ شَحوبُ

وَما يُدرِكُ العَلياءَ إِلّا مُهَذَّبٌ
يُصابُ عَلى مِقدارِهِ وَيُصيبُ

فَلا تَصطَفِ الإِخوانَ قَبلَ اِختِبارِهم
فَما كُلُّ خِلٍّ تَصطَفيهِ نَجيبُ

.....

[الحمدان]

وَلَئِن يُعادي عاقِلاً خَير لَهُ
مِن أَن يَكون لَهُ صَديق أَحمَق

فَاِربَأ بِنَفسِكَ أَن تصادِق اِحمَقاً
إِن الصديقَ عَلى الصَديقِ مُصدق

.....

[الحمدان]

فَأَكثَر مِن تَلقى يسرك قَولَه
وَلكِن قَليل من يسرك فعله

وَقد كانَ حُسن الظَنِّ بَعضُ مَذاهِبي
فَأَدبني هذا الزَمانُ وَأَهلُهُ

.....

[الحمدان]

من يُخبِرُك بِشَتمِ عَن أَخ
فَهوَ الشاتِم لا من شَتَمَك

ذاكَ شَيءٌ لم يُواجِهك بِهِ
إِنَّما اللَومُ عَلى مَن أَعلَمَك

إِن ذا اللُؤمِ اِذا أَكرَمتَهُ
حَسب الإِكرامِ حقاً لزمك

كَيفَ لَم يَنصُركَ إِن كانَ أَخاً
ذا حِفاظ عِندَ من ظَلَمَك

فَأَهنهُ إِنَّهُ من لُؤمِهِ
إِن تَرده بِهوانِ أَكرَمَك

.....

[الحمدان]

إِنَّ النُفوسَ عَلى البَقاءِ حَريصَة
وَلها وَإِن كَرهته يَوم طالِح

وَالدَهر يُضحك بَالفَتى مُستَهزِئاً
وَلَهُ خِلال الضِحك وَجه كالِح

.....

[الحمدان]

بَلَوت أَمور الناسِ سبعينَ حجة
وَخَربت صرف الدَهرِ في العُسرِ وَاليُسرِ

فَلَم أَر بَعدَ الدينِ خَيراً مِنَ الغِنى
وَلم أَر بَعدَ الكُفرِ شراً مِنَ الفَقرِ

.....

[الحمدان]

اِذا كُنت في حاجَة مرسِلا
فَاِرسِل حَكيماً وَلا توصِه

وَإِن بابَ امر عَلَيكَ التَقوى
فَشاوِر لَبيباً وَلا تَعصه

وَإِن ناصِح مِنكَ يَوماً دَنا
فَلا تَنَأ عَنهُ وَلا تَقصه

وَذو الحَقِّ لا تَنقصن حقَّهُ
فَإِن القَطيعَة في نُقصِهِ

وَلا تَدكر الدَهر في مَجلِس
حَديثاً اِذا اِنتَ لَم تَحصه

وَنص الحَديثِ الى أَهلِهِ
فَإِنَّ الأَمانَةَ في نَصه

فَكَم مِن فَتى عازِب لبه
وَقَد تَعجب العَين من شَخصِه

وَآخر تَحسَبه أَنوكاً
وَيَأتيكَ بِالأَمرِ من نَصه

.....

[الحمدان]

اِذا ما أَهَنت النَفسَ لَم تَلقَ مُكرماً
لَها بَعد اِذ عَرضتها لهوان

اِذا ما لَقيتُ الناسَ بِالجَهلِ وَالخَنا
فَأَيقَن بِذل من يَد وَلِسان

لَعمرك ما أَدى امرؤ حق صاحِب
اِذا كانَ لا يَرعاهُ في الحَدَثان

وَلا أَدرك الحاجاتِ مِثلُ مثابِر
وَلا عاف عَنها النَجح مِثل ثَوان

.....

[الحمدان]

عاص الهَوى إِن الهَوى مركب
يَصعب بَعد اللينِ مِنهُ الذَليل

إِن يَجلب اليَوم الهَوى لذَّة
فَفي غَد مِنهُ البُكا وَالعَويل

ما بَينَ ما تَحمد فيهِ وَما
يَدعو إِلَيكَ الذم إِلا القَليل

.....

[الحمدان]

وَيَمنَعُني التَكَلُّمُ في كَثير
أَقول لِما يَكونَ مِن الجَوابِ

وَمن خشي الجَواب أَقُل نَطقاً
وَإِن كانَ المقدم في الصَوابِ

.....

[الحمدان]

لا تَنطُقَن بِمَقالَة في مَجلِس
تَخشى عَواقِبُها وَكُن ذا مصدق

وَاِحفَظ لِسانَكَ أَن تَقولَ فَتَبتَلى
إِن البَلاءَ موكل بِالمَنطِق

.....

[الحمدان]

وَإِن لِسانُ المَرءِ مِفتاح قَلبِه
اِذا هوَ أَبدى ما يَجن مِن الغَم

.....

[الحمدان]

وَلَلصَّمتِ خير مِن كَلام بِمَأثَم
فَكُن صامِتاً تَسلَم وَإِن قُلتَ فَاِعدل

.....

[الحمدان]

أَطل الصَمت فَإِن الصَمتَ حلم
وَإِذا قُمتَ فَبِالحَقِّ فَقُم

.....

[الحمدان]

وَإِذا أَعلَنت أَمراً حسناً
فَليَكُن أَحسَن مِنهُ ما تَسر

فَمسر الخَير موسوم بِهِ
وَمسر الشَر مَوسوم بِشر

.....

[الحمدان]

لا بد مِن إِتيانِ ما حم في غَد
وَإِن قَريباً كل ما هو آت

.....

[الحمدان]

وَاِشكُر فَإِن الشُكرَ من
حَقٍّ عَلى الإِنسانِ واجِب

لا تَرج مِن لا يَشكر
النعمى وَيَصبِر في العَواقِب

.....

[الحمدان]

لا تَرضى لِلأَخوان غَير الَّذي
تَرضى بِهِ إِن نابَ أَمر جَليل

.....

[الحمدان]

وَلا تَسم الناسَ مِنكَ الَّذي
اِذا هو نالَكَ لم تَصطَبِر

وَمن يَرضى لِلنّاسِ من نَفسِهِ
بِما هُوَ راض لَها لا يحر

.....

[الحمدان]

وَصافَ اِذا صافَيت بِالوُدِّ خالِصاً
تَجد مِثل ما أَخلَصتَ عِند ذَوي الرد

.....

[الحمدان]

غَصب المِسكينُ زَوجَته
فَجرت عَيناهُ من درره

ما قَضى المِسكينُ من وَطر
لا وَلا المعشار من وَطره

عُذت بِاللَهِ اللَطيف بنا
أَن يَكونَ الجور مِن قَدرِه

.....

[الحمدان]

يا أيُّها الدارس عِلماً ألا
تَلتَمس العون عَلى دَرسِه

لَن تَبلُغ الفرع الَّذي رُمته
إِلّا بِبَحث مِنكَ عَن رأسه

فَاِسمَع لِأَمثال اِذا أنشدَت
ذَكرت الحزم وَلَم تَنسَه

.....

[الحمدان]

نُراعِ اِذا الجَنائِز قابَلَتنا
وَنَلهو حينَ تَخفى ذاهِبات

كَرَوعَة ثلة لمغار سبع
فَلما غابَ عادَت راتِعات

.....

[الحمدان]

بَني عَلَيك بِتَقوى الإِله
فَإِن العَواقِبَ لِلمُتَّقي

وَإِنَّكَ ما تَأت من وَجهة
تَجِد بابَه غَير مُستَغلق

عَدوك ذو العَقلِ اِبقى عَلَيك
مِن الصاحِب الجاهِل الأخرَق

وَذو العَقلِ يَأتي جَميل الاِمور
وَيَعمَد لِلأَرشد الاِوفَق

.....

[الحمدان]

قُل لِلَّذي لَست أَدري مِن تَلونه
أَناصح أَم علي غش يُداجيني

إِنّي لِاَكثر مِمّا سَمتني عَجباً
يَد تشح وَاِخرى مِنك تَأسوني

تَغتابَني عِندَ اِقوام وَتَمدحني
في آخَرينَ وَكل عَنكَ يَأتيني

هذان أَمران شَت البون بَينَهُما
فَاِكفُف لِسانَك عَن ذمي وَتزيني

.....

[الحمدان]

لَيسَ الصَديق بِمَن تَخشى غَوائِلُه
وَلا العَدو عَلى حال بِمَأمون

أَرضى عَن المَرءِ ما أَصفى مودتَّه
وَلَيسَ شَيء مَع البَغضاءِ يُرضيني

يا صاح لَو كَرِهت كَفي مُنادَمتي
لَقلت إِذ كَرهت كَفي لَها بِبني

لا اِبتَغي وَصل من لا يَبتَغي صِلتي
وَلا اِبالي حَبيباً لا يُبالبني

.....

[الحمدان]

لَم تَخل أَفعالُنا اللاتي نَذل بِها
إِحدى ثَلاث خِصال في مَعانيها

إِما تَفرد مَولانا بصنعتها
فَاللَومُ يَسقُط عَنا حينَ نَأتيها

اِو كانَ يَشكُرُنا فَاللَومُ يَلحَقه
إِن كانَ يَلحقنا من لائِم فيها

أَو لَم يَكُن لِإِلهي في جنايَتِها
صُنع فَما الصُنعُ إِلا ذَنب جانيها

.....

[الحمدان]

العلم زين وَتَشريف لِصاحِبِه
فَاِصلَب هَديت فَنون العِلم وَالادبا

كَم سيد بَطل آباؤُه نَجب
كانا رُؤوساً فَأَمسى بَعدَهُم ذَنبا

وَمُقرِف خامِل الآباء ذي ادب
نَل المَعالي وَالآداب وَالرُتبا

لِلعِلمِ كنز وَذُخر لا تعادِله
نِعم القَرين اِذا ما عاقِل صحبا

اضحى عَزيزاً عَزيز القَدرِ مُشتَهِراً
في كُل مَنزِلَة قد حَل مُحتَجِبا

.....

[الحمدان]

اِنّي لِأعرض عَن أشياء أسمعها
حَتّى يَظن رِجال أَن بي حمقا

اِخشى جَواب سَفيه لا حياء لهُ
فَسَل يَظن رِجال أَنَّهُ صدقا

.....

[الحمدان]

شر الاِخلاء مَن يَسعى لِنَرضيه
وَلا يَزال عَلَيك الدَهر غَضبانا

.....

[الحمدان]

إِلى اللَهِ اِشكو إِنَّهُ مَوضع الشَكوى
وَفي يَدِهِ كَشف المَضرة وَالبَلوى

خَرَجنا من الدُنيا وَنَحنُ مِن اِهلِها
فَلَسنا مِن الاِحياءِ فيها وَلا المَوتى

اِذا دَخَل السجانُ يَوماً لِحاجَة
عَجبنا وَقُلنا جاءَ هذا من الدُنيا

وَنَفرح بِالرُؤيا فَجل حَديثُنا
اِذا نَحنُ اِصبَحنا الحَديث عَن الرُؤيا

فَإِن حَسَنت لَم تَأَتِ عَجل وَأَبطَأَت
وَإِن قَبَحتَ لَم تَحتَبِس وَأَتَت عَجلى

طَوى دونَنا الأَخبارُ سِجن مُمنَع
لَهُ حارِس تَهدا العُيونُ لا يَهدا

قَبرُنا وَلم نَدفن فَنَحن بِمَعزَل
من الناسِ وَلا نَخشى فَنَغشى وَلا نَغشى

.....

[الحمدان]

فَو حق من سَمك السَماء بِقُدرة
وَالأَرضُ صير لِلعِبادِ مهادا

إِن المصر عَلى الذنوبِ لَهالِك
صَدَقت قَولي اِو اِرَدت عِنادا

.....

[الحمدان]

إِن اللَبيبَ الَّذي يَرضى بِعيشَتِه
لا من يَظل عَلى ما فاتَ مُكتَئِبا

لا تَحقِرَنَّ من الأَقوامِ مُحتَقِراً
كل اِمرىءِ سَوف يُجزى بِالَّذي اِكتَسَبا

لا تَفش سِرّاً إِلى غَيرِ اللَبيبِ وَلا
الخَرق المشيع لهُ يَوماً اِذا غَضِبا

.....

[الحمدان]

شر الاِخلاءِ من كانَت مَوَدَّته
مَع الزَمانِ اِذا ما خافَ اِو رِغِبا

اِذا وَتَرت اِمرءاً فَاِحذَر عَداوَته
من يَزرَع الشَوكَ لا يَحصُد بِهِ عِنبا

إِن العَدو وَإِن اَبدى مُسالَمَة
اِذا رَأى مِنكَ يَوماً فُرصَة وَثَب

.....

[الحمدان]

لا أَخونُ الخَليلَ في السِرِّ حَتّى
يَنقُل البَحر في الغَرابيل نَقلا

اِو تُمورُ الجِبالِ مور سَحاب
مُثقِلاتِ وَعت من الماءِ حَملا

.....

[الحمدان]

وَاِذا طَلَبت العِلمَ فَاِعلَم اِنَّهُ
حَمل فَاِبصِر اِي شَيء تَحمل

فَإِذا عَلِمتَ بِأَنَّهُ مُتَفاضِل
فَاِشغَل فُؤادَكَ بِالَّذي هُوَ اِفضَل

.....

[الحمدان]

رب سِر كتمتهُ فَكَأَنّي
اِخرس اِو ثَنى لِساني عَقل

وَلَو أَنّي اِظهَرتُ لِلنّاسِ ديني
لَم يَكُن لي في غَيرِ حَبسي أَكل

.....

[الحمدان]

اِذا ما خَلَوت الدَهر يَوماً فَلا تَقُل
خَلَوت وَلكِن قُل عَلي رَقيب

فَلا تَحسَبَنَّ اللَهَ يَغفَل ساعَة
وَلا أَن ما يَخفى عَلَيهِ يَغيبُ

.....

[الحمدان]

تجافى مرفقاي عن الوِسادِ
كأن به مَنابِتَ لِلقَتادِ

فيا من يشتري أرقا بنوم
فَيَسلُبَ عينه ثَوبَ الرُقاد

تطاول بي سُهادُ الليل حتى
رست عيناي في بَحر السُهادِ

وباتت تُمطِرُ العبرات عَيني
وَعينُ الدَمعِ تَنبُعُ من فُؤادي

فلو أن الرُقادَ يُباعُ بَيعا
لأغليت الرُقادَ عَلى العباد

.....

[الحمدان]

طِيبي فلسطينُ الأبيةُ واسلمي
واستبشري وعدُ الطهارةِ آتي

سيعودُ مسجدُكِ الحزينُ مُكَبِّرًا
وتطولُ فيهِ خواشعُ الصَّلَواتِ

صَلّتْ عليكِ ملائكُ الرحمنِ يا
قدسيّةَ الحُرُماتِ والرَّحَماتِ

د. فواز اللعبون

[الحمدان]

إنِّي وإن كان جمع المال يعجبني
فليس يعدل عندي صحَّة الجسد

في المال زينٌ وفي الأولاد مكرمةٌ
والسُّقم ينسيك ذكر المال والولد

بشار بن برد

[الحمدان]

قَد يَنفَعُ الاِدب الاِطفال في صغر
وَلَيسَ يَنفَعُ بَعد الكَثرَةُ الأَدَب

إِنَّ الغُصونُ إِذا قَوَّمتَها اِعتَدَلَت
وَلا يَلينُ اِذا قَوَّمتَهُ الخَشب

.....

[الحمدان]

أَلا إِنَّ بَعض الظَنَّ إِثمٌ فَلا تَكُن
ظَنوناً لِما فيهِ عَلَيكَ أَثام

وَإِن ظَنونَ المَرءِ مِثل سَحائِب
لَوامِع مِنها ماطِر وَجهام

.....

[الحمدان]

لا تَيأَسَنَّ من اِنفِراجِ شَديدَة
قَد تَنجَلي الغَمَراتِ وَهيَ شَدائِد

كَم كُربَة اِقسَمَت اِن لَن تَنقَضي
زالَت وَفَرجُها الجَليلُ الواحِد

.....

[الحمدان]

اِذا كُنت لا تَرجى بِدَفع ملمة
وَلم يَكُ لِلمَعروفِ عِندَكَ موضِع

وَلا اِنتَ ذو جاه يعاش بِجاهِهِ
وَلا اِنتَ يَوم البَعث لِلنّاسِ تشفع

فَعيشك في الدُنيا وَمَوتك واحِد
وَعود خلال من حَياتِكَ اِنفَع

.....

[الحمدان]

فَأَكثِر من تَلقى يسرك قَولَه
وَلكِن قَليل من يَسرك فِعله

وَقد كانَ حُسن الظَنِّ بَعض مَذاهِبي
فَأَدبني هذا الزَمانُ وَأَهله

.....

[الحمدان]

فَسائِل إِن مُنيَت بِأَمر شك
فَإِن الشَكَّ يَقتُلُه اليَقينُ

.....

[الحمدان]

أَيُّها اللائِمي عَلى نكد الدَهرِ
لِكُلِّ من البَلاءِ نَصيبُ

قَد يُلامُ البَريءُ من غَير ذَنب
وَتغطى من المَسيءِ الذُنوبُ

وَيَحولُ الأَحوالُ بِالمَرءِ وَالدَهر
لَهُ في صُروفِهِ تَقليبُ

.....

[الحمدان]

عَزاءُكُ أَيُّها العَين السَكوب
وَدَمعُك اِنَّها نوب تَنوبُ

وَكنت كَريمَتي وَسراج وَجهي
وَكانَت لي بِكَ الدُنيا تَطيبُ

فَإِن أَكُ قَد ثَكَلتكُ في حَياتي
وَفارَقَني بِكَ الأَلفُ الحَبيبُ

فَكُل قَرينَة لا بُدَّ يَوماً
سَيَشعَب الفَها عَنها شَعوب

.....

[الحمدان]

عَلى الدُنيا السَلامُ فَما لِشَيخ
ضَرير العَينِ في الدُنيا نَصيبُ

يَموتُ المَرءُ وَهو يَعد حَيّاً
وَيخلف ظنهُ الامَل الكَذوبُ

يَمنيني الطَبيبُ شفاء عَيني
وَما غَير الإِلهِ لَها طَبيبُ

اِذا ما ماتَ بَعضُكَ فَابك بَعضاً
فَان البَعضَ من بَعض قَريبُ

.....

[الحمدان]

وَلَيسَ بِعَجز المَرءِ إِخطاؤُهُ الغِنى
وَلا بِاِحتِيالِ اِدرك المالُ كاسِبُه

وَلكِنَّهُ قَبض الإِله وَبَسطُه
فَلا ذا يُجاريه وَلا ذا يُغالِبُه

اِذا كَمل الرَحمن لِلمَرءِ عَقلُهُ
فَقَد كَمَلت أَخلاقُهُ وَمَناقِبُه

.....

[الحمدان]

المَرءُ يَجمَعُ وَالزَمانُ يُفرق
وَيَظل يَرقع وَالخطوب تمزق

وَلَأن يُعادي عاقِلاً خَير لَهُ
مِن أَن يَكون لَهُ صَديق أَحمَق

فَاِربَأ بِنَفسِكَ أَن تصادِق احْمَقاً
إِن الصديقَ عَلى الصَديقِ مُصَدِّق

وَزن الكَلامِ اِذا نَطَقت فَإِنَّما
يُبدي عُقول ذَوي العُقولِ المنطِق

.....

[الحمدان]

ما الناسُ إِلّا عامِلانِ فَعامِل
قَد ماتَ مِن عَطَش واخر يَغرَق

وَإِذا اِمرُؤ لَسَعَتهُ أَفعى مَرَّة
تَرَكَتهُ حينَ يَجر حَبل يفرق

وَالناسُ في طَلَبِ المَعاشِ وَإِنَّما
بِالجِد يُرزَقُ مِنهُم مَن يُرزَق

لَو يُرزَقونَ الناسَ حسب عُقولُهُم
أَلفيت أكثَر من تَرى يَتَصَدَّق

لكِنَّهُ فَضل المَليكِ عَلَيهِم
هذا عَلَيهِ موسِع وَمضيق

.....

[الحمدان]

إِن الأَريبَ اِذا تفكر لَم يَكد
يَخفى عَلَيهِ مِن الاِمورِ الأَوفَق

فَهناكَ تَشعب ما تَفاقَم صدقه
وَيداكَ ترتق كل اِمر يَفتق

وَاِذا اِستَشَرت ذَوي العُقولِ فَخَيرُهُم
عِند المَشورَةِ من يَحن وَيشفق

لَو سارَ الف مدجَج في حاجَة
لَم يَقضِها إِلّا الَّذي يَترفق

إِن التَرَفُّق لِلمُقيمِ موافق
وَاِذا يُسافِر فَالتَرَفُّق أَوفَق

.....

[الحمدان]

أَنِستُ بِوِحدَتي وَلَزِمتُ بَيتي
فَنم العز لي وَنَما السُرور

وَأَديني الزَمان فَلَيتَ أَنّي
هَجَرت فَلا أُزار وَلا أَزور

وَلَست بِقائِل ما دُمت حَيّاً
أسار الجند أَم نَزل الأَميرُ

وَمن يَكُ جاهِلاً بِرِجال دَهر
فَإِنّي عالم بِهِم خَبيرُ

كَأَنَّهُم اِذا فَكرت فيهِم
ذئاب اِو كِلاب اِو حَمير

.....

[الحمدان]

لا يُعجِبَنَّك مِن يَصونُ ثِيابَه
حذر الغُبارِ وَعرضه مَبذول

وَلَرُبَّما اِفتَقَر الفَتى فَرَأَيتَه
دنس الثِياب وَعرضه مَغسول

.....

[الحمدان]

الدار جَنَّة عَدن إِن عَملت بِما
يَرضي الإِله وَإِن فَرطت فَالنار

هُما محلان ما لِلنَّاسِ غَيرُهما
فَاِنظُر لِنَفسِكَ ماذا اِنتَ مُختار

.....

[الحمدان]

تَخير مِن الاِخوان كُل اِبن حرة
يَسرك عِندَ النائِباتِ بَلاؤُه

وَقارِن اِذا قارَنت حراً فَإِنَّما
يَزينُ وَيُزري بِالفَتى قُرناؤُه

حَبيباً وَفياً ذا حِفاظ بِغيبَة
وَبِالبِشرِ وَالحُسنى يَكونُ لِقاؤُه

اِريب اِذا شاوَرت في كُل مُشكل
اِديب يَسوء الحاسِدينَ بَقاؤُه

وَلَن يَهلك الاِنسان إِلا اِذا اِتى
مِن الأَمرِ ما لَم يَرضَهُ نصحاؤُه

تمسَّك بِهذا إِن ظَفَرت بِوُدِّه
فَيهنيكَ مِنهُ وده وَوَفاؤُه

.....

[الحمدان]

اِذا المَرءُ لَم يَصحَب صَديقاً مُوافِياً
عَلى ايِّ حال كانَ خابَ رَجاؤُه

حَياءُكَ فَاِحفَظه عَلَيكَ فَإِنَّما
يَدل عَلى فَضلِ الكَريم حَياؤُه

وَيظهر عَيب المَرءِ في الناسِ بخلُه
وَيَستُرُه عَنهُم جَميعاً سَخاؤُه

تَغط بِأَثوابِ السَخاءِ فَإِنَّني
اِرى كل عَيب وَالسَخاءُ غطاؤُه

.....

[الحمدان]

رَأَيتُ صَغير الاِمرِ تَنمي شُؤونَه
فَيَكبُر حَتّى لا يَحد وَيَعظُم

وَإِن عَناءاً أَن تَفهَم جاهِلا
فَيَحسَب جَهلا أَنَّهُ مِنكَ اِفهَم

مَتى يَبلُغ البُنيانُ يَوماً تَمامَه
اِذا كُنت تَبنيهِ وَغَيرك يَهدِم

.....

[الحمدان]

وَما الرِزقُ إِلّا قِسمَة بَين اِهلِه
فَلا يَعدم الأَرزاقِ مثر وَمُعدَم

وَلَن يَستَطيعُ الدَهر تَغيير خَلقِه
لَئيم وَلن يَستَطيعه مُتكرم

كَما إِن ماء المزن ما ذيق سائِغ
زلال وَماء البَحرِ يَلفِظُه الغَم

.....

[الحمدان]

قُلتُ غَداةَ السَبتِ إِذ قيلَ لي
إِنَّ الَّتي أَحبَبتَها شاكِيَه

يا أَيُّها القائِلُ ما تَشتَكي
قالَ بِها عَينٌ تُرى بادِيَه

فَقُلتُ عِندي إِن تَشَأ رُقيةٌ
لا تَقصِدُ العَينُ لَها ثانِيَه

قَرَأتُ حا ميمَ وَعوَّذتُها
بِالطورِ طَوراً ثُمَّ بِالغاشِيَه

يا رَبُّ فَاِسمَع وَاِستَجِب دَعوَتي
عَجِّل إِلى سَيِّدَتي العافِيَه

.....

[الحمدان]

يا قُرَّةَ العَينِ يا مَن لا أُسمّيهِ
يا مَن إِذا خَدِرَت رِجلي أُناديهِ

يا مَن أُصوِّرُ تِمثالاً لَهُ عَجَباً
إِذا خَلَوتُ بِهِ وَحدي أُناجيهِ

ريمٌ رَمى قاصِداً قَلبي بِمُقلَتِهِ
أَفديهِ مِن قاصِدٍ قَلبي وَأَحميهِ

يا حَبَّذا مَوطِني ما دامَ ساكِنُهُ
فَالقَلبُ مِنّي رَهينٌ في نَواحيهِ

.....

[الحمدان]

لَقَد جِئتُ الطَبيبَ لِسُقمِ نَفسي
لِيَشفيها الطَبيبُ فَما شَفاها

فَأُقسِمُ جاهِداً لَوَدِدتُ أَنّي
إِذا ما المَوتُ مُعتَمِداً أَتاها

بَدا بي قَبلَها فَلَقيتُ حَتفي
وَلَم أَسمَع مَقالَةَ مَن نَعاها

.....

[الحمدان]

يا وَيحَ مَن عَلِقَ الأَحِبَّةَ قَلبُهُ
حَتّى إِذا ظَفِروا بِهِ قَتَلوهُ

عَزّوا وَمالَ بهِ الهَوى فَأَذَلَّهُ
إِنَّ العَزيزَ عَلى الذَليلِ يَتيهُ

اُنظُر إِلى جَسَدٍ أَضَرَّ بِهِ الهَوى
لَولا تَقَلُّبُ طَرفِهِ دَفَنوهُ

مَن كانَ خِلواً مِن تَباريحِ الهَوى
فَأَنا الهَوى وَحَليفُهُ وَأَبوهُ

.....

[الحمدان]

يا غَريبَ الدارِ عَن وَطَنِه
مُفرَداً يَبكي عَلى شَجَنِه

شَفَّهُ ما شَفَّني فَبَكى
كُلُّنا يَبكي عَلى سَكَنِه

وَلَقَد زادَ الفُؤادَ شَجاً
طائِرٌ يَبكي عَلى فَنَنِه

كُلَّما جَدَّ البُكاءُ بِهِ
دَبَّتِ الأَسقامُ في بَدَنِه

.....

[الحمدان]

أَغيبُ عَنكِ بِوُدٍّ لا يُغَيِّرُهُ
نَأيُ المَحَلِّ وَلا صَرفٌ مِنَ الزَمَنِ

فَإِن أَعِش فَلَعَلَّ الدَهرَ يَجمَعُنا
وإِن أَمُت فَقَتيلُ الهَمِّ وَالحَزَنِ

قَد زَيَّنَ اللَهُ في عَينَيَّ ما صَنَعت
حَتّى أَرى حَسَناً ما لَيسَ بِالحَسَنِ

تَعتَلُّ بِالشُغلِ عَنّا ما تُكاتِبُنا
والشُغلُ لِلقَلبِ لَيسَ الشُغلُ لِلبَدَنِ

.....

[الحمدان]

قَد كُنتَ أَسلَكتَ الرَجاءَ سَبيلَهُ
وَأَقَمتَ مُنتَظِرَ الرَجاءِ زَمانا

لَو نِلتَها كانَت لِقَلبِكَ مَقنَعاً
مِن كُلِّ شَيءٍ كائِنٍ ما كانا

إِنَّ الَّتي كَتَبَت بِما كَتَبت بِهِ
تَرَكَت رَجاءَكَ واقِفاً حَيرانا

لَو كُنتَ مِنها واثِقاً بِمَوَدَّةٍ
لَهَوَيتَ ما تَأَتي بِهِ أَحيانا

.....

[الحمدان]

أَدَّبَني الدَهرُ بِخِذلانِ
أَنكَرتُهُ مِن بِعدِ عِرفانِ

وَصِرتُ فَرداً مِن خَليلي الَّذي
كانَت بِهِ تورِقُ أَغصاني

فَالحَمدُ لِلَّهِ عَلى ما قَضى
لَم تَدُمِ الدُنيا لِأِنسانِ

.....

[الحمدان]

أُمِرتُ بِكِتمانِ الَّذي لَو أَشَعتُهُ
فَأَظهَرتُهُ لَم يَعلَمِ الناسُ مَن أَعني

وَلَكِن سَأُخفي ما كَتَمتُ تَجَلُّداً
وَلَيسَ لِأَسرارِ المُحِبّينَ كَالدَفنِ

سَأَسكُتُ كَيلا يَعلَمَ الناسُ مَنطِقي
وَنَسلَمَ مِن أَهلِ الوِشايَةِ وَالظَنِّ

أَلا قَد جَنى طَرفي عَلَيَّ بَلِيَّةً
أَعوذُ بِكَ اللَهُمَّ مِن شَرِّ ما يَجني

.....

[الحمدان]

أَسَيِّدَتي هَل مِن سَبيلٍ لِنَظرةٍ
كَنَظرَتي الأولى وَإِن هِيَ لَم تُغنِ

وَكَيفَ تُجيبوني إِذا ما سَأَلتُكُم
وَلَيسَ لَكُم شَوقي وَلا عِندَكُم حُزني

وَإِنّي لَأَشقى الناسِ إِن دامَ ما أَرى
عَلى ما أَرى لا يَنقَضي أَبداً عَنّي

أَلا لَيتَ شِعري هَل أَموتُ بِغُصَّتي
وَلَم أَتَمَتَّع مِن حَديثِكِ في أَمنِ

.....

[الحمدان]

اليَومَ لِلناسِ عيدٌ يَفرَحونَ بِهِ
وَلَيسَ لي مِنهُ إِلّا الهَمُّ والحَزَنُ

إِذا تَلِفتُ اِشتِياقاً زادَني كَمَداً
أَلّا يَكونَ قَريباً مِنِّيَ السَكَنُ

فَمَن يَكُن قَرَّ عَيناً أَو رَجا فَرَجاً
وَلَذَّ أَو باتَ يَأوي عَينَهُ الوَسَنُ

فَلَستُ ذاكَ بِحَمدِ اللَهِ تَمنَعُني
مِنهُ ظَلومُ وَحَظٌّ عاقَهُ الزَمَنُ

.....

[الحمدان]

أَمسى الفُؤادُ بِهَذا المِصرِ مُرتَهَنا
فَما أُريدُ لِنَفسي غَيرَهُ وَطَنا

دَعِ الحِجازَ وَمَن أَمسى يَحُلُّ بِهِ
إِنَّ الفُؤادَ بِأَهلِ الغَورِ قَد فُتِنا

.....

[الحمدان]

وَمُستَكرِهٍ لِلحُبِّ في لُجَجِ الهَوى
يَموتُ وَيحيا عِندَ كُلِّ أَوانِ

يَموتُ إِذا آيَستَهُ مِن حَبيبِهِ
وَيَحيا إِذا حَرَّكتَهُ بِأَماني

.....

[الحمدان]

كانَ ما كُنتُ مُشفِقاً أَن يَكونا
أَحسَنَ اللَهُ صُحبَةَ الظاعِنينا

اِستَقَلّوا وَراءَهُم مَطلَعَ الشَمسِ
وَخَلّوا بَناتِ نَعشٍ يَمينا

فَاِستَهاموا قَلباً يَذوبُ مِن الشَوقِ
وَعَيناً تَبكي فَتُبكي العُيونا

.....

[الحمدان]

هَذا كِتابٌ بِدَمعِ عَيني
أَملاهُ قَلبي عَلى بَناني

إِلى حَبيبٍ كَنَيتُ عَنهُ
أَجَلَّ ذِكرَ اِسمِهِ لِساني

قَد كُنتُ أَطوي هَواهُ عِندي
مُذ كُنتُ في سالِفِ الزَمانِ

فَبُحتُ إِذ طالَ بي بَلائي
وَلَم يَكُن لي بِهِ يَدانِ

.....

[الحمدان]

سُبحانَ رَبِّ العُلا ما كانَ أَغفَلَني
عَمّا دَهَتني بِهِ الأَيّامُ وَالزَمَنُ

مَن لَم يَذُق فُرقَةَ الأَحبابِ ثُمَّ يَرى
آثارَهُم بَعدَهُم لَم يَدرِ ما الحَزَنُ

.....

[الحمدان]

أَظَلومُ لَمّا أَن مَلِلتِ وَحُلتِ عَن
عَهدِ المَوَدَّةِ قُلتِ كانَ وَكانا

وَهَجَرتِني هَجرَ اِمرِئٍ مُتَعَتِّبٍ
أَمسى رِضاهُ عَلى الهَوى غَضبانا

لَو كُنتِ حينَ مَلِلتِ وَصلي قُلتِ لي
أُكفُف فَلَستُ مُواصِلاً إِنسانا

لَخَزَنتُ وُدَّكِ في الفُؤادِ وَلَم أَزَل
لَكِ حافِظاً وَمَنَحتُكِ الهِجرانا

.....

[الحمدان]

بِكُلِّ طَريقٍ لي مِن الحُبِّ راصِدٌ
بِكَفَّيهِ سَيفٌ لِلهَوى وَسِنانُ

وَمَا لي عَنهُ مِن مَفَرٍّ وَإِنَّني
لَأَجبُنُ عَنهُ وَالمُحِبُّ جَبانُ

فَقَد صِرتُ بَينَ البابِ وَالدارِ لَيسَ لي
مَقامٌ وَلا لي إِن خَرَجتُ أَمانُ

وَما سُمتُ نَفسي الصَبرَ عَمَّن أُحِبُّهُ
وَلا خُنتُهُ فيمَن أَراه يُخانُ

.....

[الحمدان]

غَرَّني بَعدَكِ إِنسانُ
فَقَد بَدَت لي مِنكِ أَلوانُ

فَإِن تَغَيَّرتِ فَما حيلَتي
ما لي عَلى قَلبِكِ سُلطانُ

أَصبِرُ حَتّى يَذهَبَ المَوتُ بي
عَنكِ وَقَلبي مِنكِ مَلآنُ

إِنَّ الَّذي غَيَّرَهُم قادِرٌ
أَن يَرجِعوا لي كَالَّذي كانوا

.....

[الحمدان]

أَيا أَهلَ فَوزٍ أَلا تَسمَعونَ
أَلا تَنظُرونَ إِلى ما لَقينا

أَلا تَعجَبونَ لِفَوزِ المُني
تَميلُ وَتُصغي إِلى الكاشِحينا

وَلَو شِئتُ مِلتُ إِلى غَيرِها
إِلى مَن يَكونُ بِوُدّي ضَنينا

وَلَكِنَّني كُنتُ عاهَدتُها
عَلى أَن أَدومَ وأَن لا أَخونا

فَقَد عَجِبَ الناسُ مِن أَمرِنا
وَأَنساهُمُ قِصَصَ الأَوَّلينا

وَصِرنا حَديثاً لِمَن بَعدَنا
تُحَدِّثُ عَنّا القُرونُ القُرونا

.....

[الحمدان]

إِذا اِلتَقَينا شَكَونا ما نُكاتِمُهُ
في عِفَّةٍ وَحَديثٍ مِن هُنا وَهُنا

لَو تَسمَعُ الطَيرُ ما نَشكو عَكَفنَ بِنا
كَما عَكَفنَ بِداوُدَ الَّذي فُتِنا

فَما تَزالُ لَنا أَشياءُ نُحدِثُها
تَكونُ لِلناسِ فيما بَعدَنا سُنَنا

.....

[الحمدان]

أَمُدُّ عَيني إِلى الدُنيا وَزَهرَتِها
فَما تَرى العَينُ شَيئاً غَيرَها حَسَنا

سِرّي وَسِرُّكِ لَم يَعلَم بِهِ أَحَدٌ
إِلّا الإِلهُ وَإِلّا أَنتِ ثُمَّ أَنا

وَاللَهِ لَو كانَتِ الدُنيا بِأَجمَعِها
في راحَتي لَم أَجِد عِندي لَها ثَمَنا

وَلَستُ كَاِبنِ عَزيزٍ في مَوَدَّتِهِ
مَن باعَ بِالمُلكِ مَن يَهوى فَقَد غُبِنا

.....

[الحمدان]

خَلَوتُم بِأَنَواعِ السُرورِ هَناكُمُ
وَأَفرَدتُموني لِلصَبابَةِ وَالحَزَن

أَتَستَحسِنونَ الهَجرَ نَفسي فِداؤُكُم
أَلا كُلُّ ما اِستَحسَنتُمُ فَهُوَ الحَسَن

أَرى الحُبَّ حَلواً كَاِسمِهِ غَيرَ أَنَّهُ
مُنَغِّصُ لَذّاتٍ ثَقيلٌ عَلى البَدَن

وَعَذَّبتُموني بِالجَفاءِ وَإِنَّني
لَراضٍ بِما تَرضَون لي وَهُوَ الغَبَن

.....

[الحمدان]

مَرحَباً بِالأَحِبَّةِ القادِمينا
فَلَعَمري لَطالَ ما أَوحَشونا

إِنَّما أَذكُرُ الجِوارَ إِذا شَطّ
وا ليَخفى الهَوى عَلى العالَمينا

وَإِذا الدارُ مَرَّةً جَمَعَتنا
قُلتُ وَاحَسرَتا عَلى الظاعِنينا

وَالهَوى لَيسَ يَعلَمُهُ إِلّا اللَهُ
وَالناسُ يُكثِرونَ الظُنونا

.....

[الحمدان]

لَيسَ الحَبيبُ عَلى ما كُنتَ تَعهَدُهُ
قَد غَيَّرَ الدَهرُ ذاكَ الحُبَّ أَلوانا

فَلَن تَزالَ عَلَيهِ العَينُ باكِيَةً
وَلَن يَعودَ إِلى ما كانَ ما كانا

.....

[الحمدان]

أَيُّها العاتِبُ الَّذي يَتَجَنّى
كُلَّ يَومٍ لِيَصرِمَ الحَبلَ مِنّا

قَد عَرَفنا الَّذي تُريدُ بِهَذا
فَأتِ ما شِئتَ راشِداً ما تَعنّى

إِن تَكُن لَم تُرِد وِصالَ سِواها
فَلِماذا صَدَدتَ وَجهَكَ عَنّا

.....

[الحمدان]

كُنتِ أَنتِ الهَوى وَزَيَّنَكِ الحُبُّ
فَقَرّي عَيناً بِهِ وَاِطمَئِنّي

وَاِعلَمي أَنَّهُ مِنَ القَولِ حَقّاً
قِسمَةٌ خارَها لَكِ اللَهُ مِنّي

فَلَقَد نِلتِ في الفُؤادِ مَحَلاً
لَو تَمَنَّيتِ زادَ فَوقَ التَمنّي

.....

[الحمدان]

لا كانَ قَلبي حينَ يَعبا بِمَن
لَهُ لِسانانِ وَوَجهانِ

يَكذِبُني الحُبَّ وَحُبّي لَهُ
أَوَّلُ حُبٍّ ما لَهُ ثانِ

.....

[الحمدان]

دَعَتهُ بِالوَيلِ فَلَبّى لَها
مُستَملِحاً لِلوَيلِ مُستَحسِنا

وَصارَ لا تَدعو سِواها بِهِ
سِواهُ إِلّا قالَ لا بَل أَنا

.....

[الحمدان]

ما أُراني إِلّا سَأَهجُرُ مَن لَيسَ
يَراني أَقوى عَلى الهِجرانِ

مَلَّني واثِقاً بِحُسنِ وَفائي
ما أَضَرَّ الوَفاءَ بِالإِنسانِ

.....

[الحمدان]

لا لَومَ أَن غَضِبَت عَلَيكَ فَإِنَّها
سَمِعَت لَعَمرُكَ أَعظَمَ البُهتانِ

زَعَمَ الرَسولُ بِأَنَّني راوَدتُهُ
كَذَبَ الرَسولُ وَمُنزِلِ الفُرقانِ

ما كُنتُ أَجمعُ خَصلَتَين خِيانَةً
لَكُمُ وَبَيعَ كَرامَةٍ بِهَوانِ

عَطَفَ الأَحِبَّةُ كُلُّهُم وَكَأَنَّما
قَد وُكِّلَت بِتَعَلُّمِ الهِجرانِ

.....

[الحمدان]

وَآلَيتِ أَن لا تَكتُبي فَفَجَعتِني
بِأَكبَرِ شَيءٍ مِنكِ كانَ يَكونُ

فَأَحيي فَتىً قَد ماتَ هَمّاً وَكَفِّرِي
يَمينَكِ إِن كانَت عَلَيكِ يَمينُ

فَلَو أَنَّ ما أَشكو إِلَيكِ شَكوتُهُ
إِلى صَخرَةٍ كانَت لِذاكِ تَلينُ

وَفي القَلبِ ما لا يَنبَغي أَن أَبُثَّهُ
سِواكِ عَلى أَنَّ الرَسولَ أَمينُ

.....

[الحمدان]

وَراضي القَلبِ غَضبانِ اللِسانِ
لَهُ خُلقانِ ما يَتَشابَهانِ

يُسِرُّ مَوَدَّتي وَيُطيلُ غَيظي
وَيَمزُجُ لي الكَرامَةَ بِالهَوانِ

هَبي دَمعي لِعَيني إِنَّ دَمعي
مُطيعُكِ يا ظَلومُ وَقَد عَصاني

فَكَيفَ تَجِفُّ عَينا مُستَهامٍ
بِطولِ بُكاهُما تَتَبادَرانِ

.....

[الحمدان]

أَصبَحتُ أَطوَعَ خَلقِ اللَهِ كُلِّهِمُ
نَفساً لِأَكثَرِ خَلقِ اللَهِ عِصيانا

فَلا كِتابٌ فَدَتكِ النَفسُ يُضحِكُنا
فَقَد أَتانا كِتابٌ مِنكِ أَبكانا

.....

[الحمدان]

يا رَبُّ رُدُّ عَلَينا
مَن كانَ أُنساً وَزَينا

مَن لا نُسَرُّ بِعَيشٍ
حَتّى يُكونَ لَدَينا

يا مَن أُتيحُ لِقَلبي
هَواهُ شُؤماً وَحَينا

مازِلتُ مُذ غِبتَ عَنّي
مِن أَسخَنِ الناسِ عَينا

ما كانَ حَجُّكَ هَذا
إِلّا بَلاءً عَلَينا

.....

[الحمدان]

أَنا إِن لَم يُدافِعِ اللَهُ عَنّي
مَيِّتٌ مِن هَواكَ يا إِنسانُ

لَيتَني وَالمُنى قَليلٌ غَناها
عَن مُحِبٍ تَشُفُّهُ الأَحزانُ

مُتُّ مِن قَبلِ أَن أَراكَ وَأَن يَظهَرَ
لي مِنكَ سَيِّدي الهِجرانُ

.....

[الحمدان]

كانَ خُروجي مِن عِندِكُم قَدراً
وَحادِثاً مِن حَوادِثِ الزَمَنِ

مِن قَبلِ أَن أَعرِضَ الفِراقَ عَلى
قَلبي وَأَن اِستَعِدَّ لِلحَزَنِ

لا شَيءَ أَشفى فيما سَمِعتُ بِهِ
مِن سَكَنٍ يَشتَكي إِلى سَكَنِ

.....

[الحمدان]

خَبِّروني عَنِ الهَوى أَو سَلوني
نارُ قَلبي تَمُدُّ ماءَ جُفوني

تِلكَ نارٌ في القَلبِ أَوقَدَها الحُبُّ
فَباحَت بِالمُضمَرِ المُكنونِ

فَقَدَت عَينَيَ الحَبيبَ فَما أَخ
وَفَني أَن تَكونَ أَشقى العُيونِ

ذِكرُهُ لازِمٌ لِقَلبي وَلا عَهدَ
لِعَيني بِوَجهِهِ مُنذُ حينِ

.....

[الحمدان]

إِنّي أُجِلُّ ظَلوماً أَن يَكونَ لَها
بَينَ الجَواري إِذا قَوَّمتَها ثَمَنُ

وَما قَرَنتُ بِها في مَجلَسٍ حَسَناً
إِلّا بِحُسنِ ظَلومٍ يَقبُحُ الحَسَنُ

وَلَو يَسوقُ جَميعُ الناسِ ما مَلَكوا
لِنَظرَةٍ مِن ظَلومِ الحُسنِ ما غُبِنوا

وَلَو تَبَدَّت ظَلومٌ وَهيَ مُسفِرةٌ
تَحتَ الظَلامِ لِأَهلِ الأَرضِ لِاَفتُتِنوا

.....

[الحمدان]

أَشكو إِلى اللَهِ أَنَّ لي سَكَناً
أَبصَرتُهُ في المَنامِ غَضبانا

أَنا الفِدا وَالحِمى لَمُحتَجِبٍ
يُريدُ قَتلي ظُلماً وَعُدوانا

يَمنَعُني النَومَ بِالصُدودِ فَإِن
أَعتَبَ شَيئاً فَذاكَ أَحيانا

أَبصَرتُهُ مُعرِضاً فَيا عَجَبا
يَهجُرُني نائِماً وَيَقظانا

عَجِبتُ مِنهُ إِذ لَيسَ يَرحَمُني
وَلَستُ أَسلو لِكَونِ ما كانا

.....

[الحمدان]

طالَ لَيلي بِجانِبِ البُستانِ
مَع جَواري المَهدِيِّ وَالخَيزُرانِ

أَيُّها العاشِقونَ قوموا جَميعاً
نَشتَكي ما بِنا إِلى الرَحمَنِ

إِنَّ فَوزاً لَمّا أَتاها الجَواري
يَتَباكَينَني لِمَا قَد شَجاني

.....

[الحمدان]

أَتُراني جَزِعتُ مِمّا أُقاسي
إِنَّ هَذا عَلَيَّ مِمّا يَهونُ

وَحَوالَيَّ كَالتَماثيلِ أَبكارٌ
حِسانٌ مِثلُ الجَآذِرِ عينُ

خَفِراتٌ كَرائِمٌ يَتَهادَينَ
رُوَيداً كَأَنَّهُنَّ الغُصونُ

هُنَّ عِندي مِثلُ الشُسوعِ هَواناً
وَبِفَوزٍ قَلبي حَبيسٌ رَهينُ

.....

[الحمدان]

نُحِبُّ السَماعَ وَنَلتَذُّهُ
وَنَشرَبُ ما عِندَنا آمِنينا

وَفي تِلكَ نُنفِقُ أَموالَنا
وَنَشرَبُها أَبَداً ما بَقينا

نَظَلُّ الشُهورَ وَأَيّامَها
عَلى مِثلِ ذاكَ وَطولَ السِنينا

.....

[الحمدان]

سَقياً وَرَعياً لَمَن تَذكُّرُهُ
أَسهَرَ عَيني وَالناسُ هادونا

وَمَن بِوَجهي مَن حُبِّهُ عَلَمٌ
لَيسَ يَراهُ إِلّا المُحِبّونا

.....

[الحمدان]

أَأَبدى سَرائِرَكِ الظاعِنونا
أَقَرّوا عُيوناً وَأَبكَوا عُيونا

ظَلومُ أَيا مَن أَحَلَّ الفُؤادَ
شَوقاً وَأَجرى دُموعي هَتونا

أَلا لَيتَ شِعري عَلى نَأَيِكُم
أَناسونَ لِلعَهدِ أَم ذاكِرونا

فَلا لَومَ إِن ساءَ ظَنّي بِكُم
فَكُلُّ مُحبٍّ يُسيءُ الظُنونا

.....

[الحمدان]

أَظاعِنونَ فَنَبكي أَم مُقيمونا
إِنّا لَفي غَفلَةٍ عَمّا تُريدونا

أَنكَرتُ مَن وُدَّكُم ما كُنتُ أَعرِفُهُ
ما أَنتُمُ لي كَما كُنتُم تَكونونا

لا سَيءٌّ عِندَكُم يُغني وَلا حَسَنٌ
فَالمُحسِنونَ سَواءٌ وَالمُسيئونا

هَل تُنكِرون وُقوفي عِندَ دارِكُمُ
نِصفَ النَهارِ وَأَهلُ الدارِ هادونا

.....

[الحمدان]

نَشكو الظَماءَ وَما نَشكوه عَن عَطَشٍ
لَكِن لِغُلَّةِ قَلبٍ باتَ مَحزونا

إِن كانَ يَنفَعُكُم ما تَصنَعونَ بِنا
وَسَرَّكُم طولُ ما نَلقى فَزيدونا

.....

[الحمدان]

لَو كُنتُ أَشكو إِلى قَومٍ قَتَلتُ لَهُم
نَفساً لَظَلّوا لِما أَشكوهُ يَبكونا

وَأَنتُمُ أَهلَ وُدّي قَد شُغِفَتُ بَكُم
تَبلى عِظامي وَأَنتُم لا تُبالونا


.....

[الحمدان]

وَيحَ المُحِبّينَ ما أَشقى جُدودَهُمُ
إِن كانَ مِثلُ الَّذي بي بِالمُحِبّينا

يَشقونَ في هَذِهِ الدُنيا بِعِشقِهِمُ
لا يُدرِكونَ بِهِ دُنيا وَلا دينا

يَرِقُّ قَلبي لِأَهلِ العِشقِ أَنَّهُمُ
إِذا رَأَوني وَما أَلقى يَرِقّونا

.....

[الحمدان]

زادَكَ اللَهُ سُروراً إِنَّ مَن
كُنتَ مُشتاقاً إِلَيهِ قَد قَدِم

عِش قَريرَ العَينِ مَسروراً بِهِ
فَيَزيدُ اللَهُ بِالشُكرِ النِعَم

يا أَمينَ اللَهِ وَالساعي لَهُ
خَيرُ داعٍ قامَ في خَيرِ الأُمَم

حَبَّذا الأَرضُ الَّتي أُوطِنتَها
أَرضُ عِزٍّ وَجِهادٍ فَأَقِم

.....

[الحمدان]

زَعَموا لي أَنَّها صارَت تُحَمُّ
اِبتَلى اللَهُ بِهَذا مَن زَعَم

اِشتَكَت أَكمَلَ ما كانَت كَما
يُكسَفُ البَدرُ إِذا ما قيلَ تَمّ

لَيتَ بي شَكواكِ يا سَيِّدَتي
وَلَكِ الأَجرُ وَإِن طالَ السَقَم

.....

[الحمدان]

أَناسِيَةٌ ما كانَ بَيني وَبينَها
وَقاطِعَةٌ حَبلَ الصَفاءِ ظَلومُ

تَعالَوا نُجَدِّد دارِسَ الوَصلِ بَينَنا
كِلانا عَلى طولِ الجَفاءِ مَلومُ

وَأَيُّ بَلاءٍ بِالمُقامِ لَدَيكُمُ
عَلى غَيرِ وَصلٍ إِنَّ ذا لَعَظيمُ

.....

[الحمدان]

بَكَت عَيني عَلى جِسمي
وَعَيني آفَةُ الجِسمِ

وَعَيني لَم تَزَل تَجني
بَلايا كُلُّها تَنمي

وَقادَتني لِإِنسانٍ
يَرى قَتلي مِنَ الغُنمِ

.....

[الحمدان]

لابُدَّ لِلعاشِقِ مِن وَقَفَةٍ
تَكونُ بَينَ الوَصلِ وَالصَرمِ

يَعتِبُ أَحياناً وَفي عَتبِهِ
يَهيجُ ما يُخفي مِنَ السُقمِ

إِشفاقُهُ داعٍ إِلى ظَنِّهِ
وَظَنُّهُ داعٍ إِلى الظُلمِ

حَتّى إِذا ما مَضَّهُ شَوقُهُ
راجَعَ مَن يَهوى عَلى رُغَمِ

.....

[الحمدان]

خُروجي بَعدَما أَبلَيتُ عُذراً
وَلَم أَجِدِ السَبيلَ إِلى المُقامِ

وَكانَت فُرقَةُ الأَحبابِ حَتماً
فَلا تُكثِر عَلَيَّ مِنَ المَلامِ

.....

[الحمدان]

أَيُبطِلُ إِحرامي كِتابٌ كَتَبتُهُ
إِلى أَهلِ وُدّي أَم عَلَيَّ بِهِ دَمُ

وَإِنّي لَأَلقى مُحرِماً مَن أُحِبُّهُ
فَأُعلي بِهِ طَرفي وَلا أَتَكَلَّمُ

وَلابَأَسَ أَن يَلقى المُحِبُّ حَبيبَهُ
فَيَشكو إِلَيهِ بَثَّهُ وَهُوَ مُحرِمُ

.....

[الحمدان]

بَشِّر مِنىً بِظَلومٍ أَن تَحُلَّ بِها
وَبَشِّرِ البَيتَ وَالأَركانَ وَالحَرَما

لَيَنزِلَنَّ بِها طيبٌ تَطيبُ بِهِ
تِلكَ البِقاعُ وَنورٌ يَكشِفُ الظُلَما

.....

[الحمدان]

أَخَذَ اللَهُ لِقَلبي مِن ظَلوم
قَسَمَتهُ فِرَقاً بَينَ الهُموم

إِنَّما يُبكى لِمثلي أَنَّني
مُبتَلىً أَشكو إِلى غَيرِ رَحيم

شامَني مَن كانَ يَسعى بَينَنا
وَلَقَد أَعهَدُهُ غَيرَ مَشوم

إِنَّما لاطَفتُهُ أَخدَعُهُ
قُلتُ كَي يَشفَعَ لي عِندَ ظَلوم

.....

[الحمدان]

إِنَّ الَّتي عَدَلَ الهَوى عَن قَلبِها
وَأَصابَ قَلبي سَيفُهُ لَم تَظلِمِ

وَظَهَرتُ مِنكِ عَلى الَّذي كاتَمتِني
فَسَكَتُّ عَنكِ كَأَنّي لَم أَعلَمِ

.....

[الحمدان]

إِنّي لَأَزدادُ ما بَقيتُ لَها
حُبّاً إِذا اِزدادَ عَهدُها قِدَما

يَملَأُ عَيني فَيضُ الدُموعِ وَلا
عُذرَ لِعَينٍ حَتّى تَفيضَ دَما

.....

[الحمدان]

يَسيرُ فَلا تَشييعَهُ أَستَطيعُهُ
حِذاراً وَلا اِستِقبالَهَ حِينَ يَقَدمُ

فَقَلبي إِذا ما سارَ حِلفُ صَبابَةٍ
وَقَلبي إِذا كانَ القُدومُ مُتَيَّمُ

.....

[الحمدان]

وَيلي بَليتُ مِنَ السِقامِ
وَنَفى الهَوى عَني مَنامي

إِنّي أَرى سَبَبَ الهَوى
سيُذيقُني مُرَّ الحِمامِ

يا لائِمي فيمَن هَويتُ
اَكفُف عَدَمتُكَ عَن مَلامي

مَن لامَ صَبّاً هائِماً
فَعَمي وَصَمَّ عَنِ الكَلامِ

.....

[الحمدان]

قَد كُنتُ أَعلَمُ يا ظَلومُ
بِأَنَّ وَصلَكِ لا يَدومُ

قَد كُنتُ أُغبَطُ فيكُمُ
حيناً وَأَمرُكِ مُستَقيمُ

حَتّى نَقَضتِ عُهودَنا
وَالعَهدُ يَنقُضُهُ الظَلومُ

هَل تَذكُرينَ حَديثَنا
وَاللَيلُ مُسوَدٌّ بَهيمُ

إِذ نَحنُ نَعصي في الهَوى
قَولَ الوُشاةِ وَمَن يَلومُ

.....

[الحمدان]

غَضِبتِ لِأَن جادَ الرُقادُ بِنَظرَةٍ
لَنا مِنكِ في الأَحلامِ وَالناسُ نُوَّمُ

وَلا ذَنبَ لي لَو كُنتُ أَعلَمُ لَم أَنَم
وَلَكِنَّني فيما بَقي سَوفَ أَعلَمُ

سَأَحجُبُ عَن عَيني الكَرى وَأَذودُهُ
بِذِكرِكِ فَاِرضَي لَستُ ما عِشتُ أَحلَمُ

.....

[الحمدان]

يا إِخوَتي إِنّي لَمَوضِعُ رَحمَةٍ
لَو أَنَّ مَن يُشكى إِلَيهِ رَحيمُ

لَزِمَت ظَلومُ خِلافَ أَمري كُلِّهِ
وَأَطاعَها قَلبٌ عَلَيَّ مَشومُ

وَتَغَيَّرَت عَمّا عَهِدتُ وَإِنَّهُ
حَدَثٌ عَلَيَّ مِنَ البَلاءِ عَظيمُ

مَلَّت ظَلومُ مَوَدَّتي وَتَخَلَّقَت
لَيتَ التَخَلُّقَ مِن ظَلومَ يَدومُ

.....

[الحمدان]

يَشكو إِلَيهِ مِن جَوىً لازِمِ

يا أَيُّها الجائِرُ في حُكمِهِ
هَلُمَّ إِن شِئتَ إِلى حاكِمِ

ما أَنتَ بِالمُحسِنِ فيما نَرى
مِنكَ وَلا وَصلُكَ بِالدائِمِ

أَبيتُ ليلي كُلَّهُ هائِماً
لَستُ بِيَقظانَ وَلا نائِمِ

جاوَزتَ في الجَورِ المَدى كُلَّهُ
يا حِبُّ لَو أَنصَفتَ لَم تَاثَمِ

.....

[الحمدان]

يا مُنزِلَ الغَيثِ وَالمُفَرَّجَ لِل
كَربِ وَيا ذا الإِفضالِ وَالنِعَمِ

عَجِّل شِفاها وَاِمنُن عَلَيَّ بِها
وَاِجعَل فِداها نَفسي مِنَ السَقَمِ

.....

[الحمدان]

أَيا هَمَّ نَفسي مِنَ العالَمينَ
وَمَن لَيسَ يَرعى لِوَصلي ذِماما

لِماذا تَكَرَّهتِ رَدَّ السلامِ
أَيُفسِدُ ذاكَ عَلَيكِ الصِياما

وَوَاللَهِ ما يَسَعُ المُسلِمينَ
في الدينِ أَن لا يَرُدّوا السَلاما

فَمَن كانَ أَفتاكِ حَتّى رَأَيتِ
قَتلي حَلالاً وَوَصلي حَراما

تَحَرَّجتِ أَن تَصِلي في الصِيامِ
تَقوى وَرُمتِ لَقَتلي مَراما

فَما تَبتَغينَ بِطولِ الصِيامِ
إِذا أَنتِ أَورَدتِ نَفسي الحِماما

.....

[الحمدان]

يا أَهلَ مَكَّةَ ما يَرى فُقَهاؤُكُم
في عاشِقٍ مُتَعاهِدٍ لِسَلامِ

أَتَرَونَ ذَلِكَ ضائِراً إِحرامَهُ
أَم لَيسَ ذاكَ بِضائِرِ الإِحرامِ

.....

[الحمدان]

تُحَدِّثُ عَنّا في الوُجوهِ عُيونُنا
وَنَحنُ سُكوتٌ وَالهَوى يَتَكَلَّمُ

وَنَغضَبُ أَحياناً وَنَرضى بِطَرفِنا
وَذَلِكَ فيما بَينَنا لَيسَ يُعلَمُ

إِذا ما اِتَّقَينا رَمقَةً مِن مُبَلِّغٍ
فَأَعيُنُنا عَنّا تُجيبُ وَتَفهَمُ

وَإِن عَرَّضَ الواشي صَفَحنا تَكَرُّماً
وَذو الوُدِّ عَن قَولِ العِدى يَتَكَرَّمُ

.....

[الحمدان]

تَحَمَّل عَظيمَ الذَنبِ مِمَّن تَحِبُّهُ
وَإِن كُنتَ مَظلوماً فَقُل أَنا ظالِمُ

فَإِنَّكَ إِلّا تَغفِرِ الذَنبَ في الهَوى
يُفارِقكَ مَن تَهوى وَأَنفُكَ راغِمُ

.....

[الحمدان]

بَكيتُ الدُموعَ حِذارَ الفِراقِ
وَقَبلَ الفِراقِ وَلا أَعلَمُ

فَلَو قَد تَوَلّى وَسارَ الحَبيبُ
لَكانَ مَكانَ دُموعي دَمُ

وَفي العِشقِ كَأسانِ مَسمومَتانِ
طَعمُهُما الصابُ وَالعَلقَمُ

فَإِحداهُما كَأسُ هَجرِ الحَبيبِ
وَكَأسُ الفِراقِ هيَ الصَيلَمُ

.....

[الحمدان]

قَد بِتَّ أَجفى الناسِ مُستَيقِظاً
وَأَوصَلَ الناسِ لَنا في المَنام

ظَلومُ يا مَن حُبُّها قاتِلي
وَتارِكي أُحدوثَةً في الأَنام

.....

[الحمدان]

يا نَظرَةً كانَت عَلَيكَ بَليَّةً
إِنّي إِخالُكَ بَعدَها لا تَسلَمُ

إِنَّ الظُنونَ بِمَن أُحِبُّ كَثيرةٌ
اللَهُ يَعلَمُ ما أُسِرُّ وَأَكتُمُ

إِن دامَ ما بي يا مُحَمَّدُ هَكَذا
فَلَأَهلَكَنَّ وَقاتِلي لا يَعلَمُ

إِنّي لَأَجتَنِبُ الزِيارَةَ جاهِداً
وَالشَوقُ بَينَ جَوانِحي يَتَضَرَّمُ

.....

[الحمدان]

شَأني وَشَأنُكَ فيما بَينَنا عَجَبٌ
تَدعى المَريضَ وَقَلبي صاحِبُ الأَلَمِ

نَفسي تَقيكَ مِنَ المَكروهِ طائِعَةً
ليَهنِكَ الوُدُّ وُدٌّ غَيرَ مُقتَسَمِ

أَقَمتَ بِالكُرهِ لِلشَكوى مُجاوِرَنا
وَلَو تَخَلَّصتَ مِن شَكواكَ لَم تُقِم

فَلَيتَكَ الدَهرَ لي جارٌ أُجاوِرُهُ
وَكانَ ما بِكَ بي مِن ذَلِكَ السَقَمِ

.....

[الحمدان]

بَكيتُ الدُموعَ حِذارَ الفِراقِ
وَقَبلَ الفِراقِ وَلا أَعلَمُ

فَلَو قَد تَوَلّى وَسارَ الحَبيبُ
لَكانَ مَكانَ دُموعي دَمُ

وَفي العِشقِ كَأسانِ مَسمومَتا
نِ طَعمُهُما الصابُ وَالعَلقَمُ

فَإِحداهُما كَأسُ هَجرِ الحَبيبِ
وَكَأسُ الفِراقِ هيَ الصَيلَمُ

.....

[الحمدان]

أَلا هَل إِلى شَمِّ الخُزامى وَنَظرَةٍ
إِلى قَرقَرى قَبلَ المَماتِ سَبيلُ

وَثَنّى فَغَنّى وَهوَ يَلمِسُ كَأَسَهُ
وَأَدمُعُهُ في وَجنَتَيهِ تَسيلُ

.....

[الحمدان]

لا تُصغِ لِلَّومَ إِنَّ اللَومَ تَضليلُ
وَاِشرَب فَفي الشُربِ لِلأَحزانِ تَحليلُ

فَقَد مَضى القَيظُ وَاحتُثَّت رَواحِلُهُ
وَطابَتِ الراحُ لمّا آلَ أَيلولُ

لَم يَبقَ في الأَرضِ نَبتٌ يَشتَكي مَرَهاً
إِلّا وَناظِرُهُ بِالطَلِّ مَكحولُ

.....

[الحمدان]

هَل إِلى نَظرَةٍ إِلَيكَ سَبيلُ
يُروَ مِنها الصَدى وَيُشفَ الغَليلُ

قالَ هَيهات دون ذلِكَ قُفلٌ
ضاعَ مِفتاحُهُ وَمَنعٌ طَويلُ

.....